منتدى وندر لاند

منتدى وندر لاند (https://woonder-land.com/vb/index.php)
-   روايات مكتملة. (https://woonder-land.com/vb/forumdisplay.php?f=64)
-   -   زهرة أخر العمر (https://woonder-land.com/vb/showthread.php?t=1438)

JAN 05-10-2020 03:54 PM

زهرة أخر العمر
 
___




أبداع جديد أضعه بين أيديكم …
أتمـــــنـــى لـــكـــم وقــتـــاً ممتعـــــاً …



"زهــرة أخـــر العـــمــــر"
للكاتبة night beerez
المـــصــدر الأصلي " لم يتم ايجاده "

JAN 05-10-2020 03:55 PM

~* روابط الفصـــول*~





الفصل الأول

https://woonder-land.com/vb/showpost...27&postcount=3

الفصل الثاني

https://woonder-land.com/vb/showpost...28&postcount=4

الفصل الثالث

https://woonder-land.com/vb/showpost...30&postcount=5

الفصل الرايع

https://woonder-land.com/vb/showpost...31&postcount=6

الفصل الخامس

https://woonder-land.com/vb/showpost...32&postcount=7

الفصل السادس

https://woonder-land.com/vb/showpost...34&postcount=8

الفصل السابع

https://woonder-land.com/vb/showpost...36&postcount=9

الفصل الثامن

https://woonder-land.com/vb/showpost...7&postcount=10

الفصل التاسع

https://woonder-land.com/vb/showpost...9&postcount=11

الفصل العاشر

https://woonder-land.com/vb/showpost...2&postcount=12

الفصل الحادي عشر

https://woonder-land.com/vb/showpost...3&postcount=13


الفصل الثاني عشر

https://woonder-land.com/vb/showpost...4&postcount=14

الفصل الثالث عشر

https://woonder-land.com/vb/showpost...7&postcount=16

الفصل الرابع عشر

https://woonder-land.com/vb/showpost...8&postcount=17

الفصل الخامس عشر


https://woonder-land.com/vb/showpost...9&postcount=18

الفصل السادس عشر

https://woonder-land.com/vb/showpost...0&postcount=19

الفصل السابع عشر

https://woonder-land.com/vb/showpost...1&postcount=20




JAN 05-10-2020 04:01 PM

الأسفنجة الصفراء



" الاسفنجة الصفراء"..

" اوه يوهان....لاتبدو بأنك تستمع بوقتك!! ألا يمكنك الاسترخاء قليلاً حبيبي!! انها فقط حفلة عيد ميلاد الاولاد!!!"
تململ يوهان في مكانه...وقال بابتسامة خفيفة:" انني مستمتع حقاً جيني...فلا تشغلي بالك...!"
" لقد سألني عنك مارك وليزا طوال الوقت...انهما لا يرانك كثيراً...ويريدان التأكد من وجود خالهما الوحيد الذان يحبانه كثيراً في عيد ميلادهما!! وها أنت تجلس هنا بكل هدوء...ربما تفكر في مرضاك..أو في مؤتمر قمت بحضوره..او ندوة تفكر في مناقشتها!!"
ضحك يوهان طويلاً...مما أسعد جيني..فهو قلما يفعل ذلك!!
" لا تكوني سخيفة يا حبيبتي!! أنا لا أفكر بأي شيء مما ذكرت..! فاطمئني..والان لم لم أر هذان المحتالان منذ قدومي..أين يختفيان؟؟"
ضحكت جيني....:" أنت لا تعرف! انهما متحمسان جداً...لبدء فقرة الاسفنجة الصفراء...!! وهم يبحثان عنها منذ الآن....!!"
بدت ملامح الدهشة على وجه يوهان...:" الاسفنجة الصفراء؟؟ هل هي فقرة تعليم غسل الصحون؟؟"
ضحكت جيني أكثر:" أوه يوهان!! ماذا أقول...؟؟ انها أكثر افلام الكرتون انتشاراً في البلاد...والاولاد يحبونها كثيراً...أوه أخي!! أنت لا تعيش أبداً في هذا العالم...!! لست أدري كيف ستتزوج ويكون لك أولاد!!"
تبدلت ملامح يوهان فجأة....:" لا تبدأي الآن جيني!!"
جلست جيني الى جانب يوهان..وكأنها لم تقتنع بتحذير يوهان:" حقاً يوهان؟؟متى سيكون ذلك اليوم؟؟لقد أصبحت الآن في السادسة والثلاثين..وليس لديك عائلة...!! أتظن بأن والدي كانا ليفرحان بما أنت عليه ؟؟؟"
أجاب يوهان بنفاذ صبر:" جيني..! لا تقحمي والدينا في هذا الامر...كما أتمنى أن تنهي هذه المناقشة التي لا فائدة منها!!"
أيضاً لم تقتنع جيني:" ولكن قل لي...ألم تعجبك كاثرين؟؟ تلك الصهباء الفاتنة....ألا ترى كيف تنظر اليك؟؟؟؟ لم لا تعطها فرصة...انها جذابة وجميلة وطيبة القلب.....ومعجبة بك!! "
قال يوهان وهو يهب واقفاً:" أتساءل أين ذهب هذان الولدان!! ربما سأبحث عنهما بنفسي!!"
نهضت جيني وقد أعلنت الاستسلام:" حسناً..حسناً! لقد فهمت!! لن أتدخل بعد اليوم..! هل أنت راض الآن!!"
ابتسم يوهان وهو يعانق شقيقته الصغرى:" نعم...أنا كذلك أيتها العزيزة!!"
ابتسمت جيني وهي تنظر الى عيني يوهان المليئة بالحنان...فهي كل ما لديه في هذه الحياة!! يوهان والذي هو طبيب في مستشفى البلدة....ولديه عيادة خاصة به في مكان مرموق جداً من المدينة!! حرص أن تكون حياته كلها للمرضى, ولعائلة أخته فقط! كان يشعر بانه المسؤول عن جيني بعد وفاة والديه, وحتى بعد زواجها...وعامل أبناءها كما لو كانوا أبناءه...فأحبوه كثيراً وتعلقوا به...لقد كان مثلهم وقدوتهم في هذه الدنيا...! ومع هذا...لم يكن يستطيع يوهان أن يزورهم كثيراً....فقط في المناسبات الخاصة بالعائلة...وذلك بسبب زيادة ضغط العمل مابين المستشفى والعيادة, ولما كان يوهان طبيباً ماهراً ومحترفاً...رفع ذلك من أعداد المرضى الوافدين على عيادته وعلى المستشفى التي يعمل فيها... مما زاد من شهرته في عالم الطب..وذاع صيته في عالم الاغنياء والمشهورين....علماً بأن عائلته لم تكن أقل غنى أو نفوذ!!!
ولما كان لا يجد وقتاً للمواعدة والحفلات والتقاء الفتيات...خاصة في بداية مشواره المهني..., اعتاد العيش وحده...بدون أنثى....باستثناء مدبرة منزله بالطبع...والتي كانت امرأة لطيفة كبيرة في السن...تذكره كثيراً بوالدته....!!!
وقد فطنت جيني الى هذا الامر وأدركت أن شقيقها تسرقه الايام....وأنه لا يبدو راغباً في تأسيس أي عائلة....لهذا كثيراً ما حاولت دفعه لملاقاة الفتيات أو لجمعه باحداهن في بيتها وكأنها صدفة لاعلاقة لها بها....لكن الامور كانت دائماً تنتهي بعكس ما تشتهي!!
فلم يتعد الامر في كل مرة العلاقة العابرة.....وبرضى من الطرفين...مما يزيد من نفور وغرور يوهان....ومن يأس وحزن جيني!!!
كان يوهان يجبر كل النساء على الالتفات اليه أينما ذهب أو تحرك....لقد كان ذو شخصية مدمرة...مغرورة...باردة....لا تعرف المجاملات وخاصة للجنس الآخر!! كان جذاباً الى أبعد حد....!!
وبينما كان يحتضن التوأمين ويقدم لهما هدية عيد ميلادهما...علا صوت في المايكروفون...يقوم بتقديم فقرة الاسفنجة الصفراء.....ففتح كل من التوأمين عينيه...واتجها بسرعة الى حيث العرض...وهما يشدان يوهان...كانت ليزا تشده من يده...بينما مارك كان يشده من بنطاله...!!!
دهش يوهان من انجذاب الطفلين...لا بل جميع الاطفال المتواجدين في هذا الحفل الى الاسفنجة الصفراء!!! فأصبح لديه الفضول..ليرى بنفسه هذه الاسفنجة..وسبب تعلق الاطفال بها...!!!
وبعد قليل...فتحت الستائر...لتظهر الاسفنجة الصفراء أخيراً...وهي تمسك بالميكروفون وتغني للأولاد, الذين بدأوا يغنون معها ويرقصون واياها...وهم غير مصدقين بأن الاسفنجة الصفراء تقف أمامهم...!!!
نظر يوهان بفضول.....!! أطال النظر.....! ثم...لم يستطع ازاحة عينيه عن تلك الاسفنجة...بل عن ذلك الوجه الرائع الذي يظهر من فتحة دائرية في منتصف الاسفنجة!!
كانت ملامحها بريئة وطفولية الى أبعد حد...لكنها آسرة!!!! كانت تتحرك بالاسفنجة الكبيرة الصفراء وتغني بسعادة ونشاط...خاصة حينما ترى انفعال واستجابة الاطفال معها....كانت تهز رأسها بشقاوة وروعة...مع كلمات أغنيتها....مما يجعل خصلات شعرها الملتفة تتهدل على وجهها وهي تتحرك وترقص مع الاطفال...
"يا الهي!!! " قال لنفسه...
بدأ يوهان يستيقظ من أحلام يقظته على هز جيني لكتفه...,
" ما...ماذا؟؟ ماذا بكي؟؟؟؟" وهو ما يزال ينظر الى تلك الاسفنجة.....
قالت جيني بحنق:" يوهان؟؟ ما بك كأنك لا تسمعني.!.! "
أخيراً نظر اليها يوهان وحاول تمالك نفسه:" ماذا جيني...؟؟كنت أتابع فقرة الاسفنجة الصفراء!! فلقد أصابني أطفالك بالفضول لمعرفة ما يجذبهم!!"
ابتسمت جيني:" وهل أعجبتك أنت أيضاً؟؟"
عاد يوهان لشروده:" أوه..نعم!! أعجبتني كثيراً!!!"
استغربت جيني وعادت لتهز يوهان:" يوهان!!! مابك؟؟ ومن هي هذه التي أعجبتك!!"
قال وكأنما أفاق من أحلامه....:" عن ماذا تتكلمين الآن؟؟من هي هذه التي أعجبتني؟؟"
قالت بدهشة:" أنت قلت ذلك!"
قال يوهان بنبرة عدم تصديق:" أنا؟؟"
" لم أعد أفهمك أبداً يوهان!! على كل لقد انتهت تلك الفقرة الساحرة منذ دقائق...والاولاد ينتظرونك حتى يقوموا باطفاء الشموع!!!"
" أوه!! حسناً...حسناً....( وهو ينظر ناحية الاسفنجة....لقد هربت اذاً!!)..هيا بنا ؟؟!"
وبينما هما يسيران......" هل أصبحت أعياد الميلاد هذه الايام...تقوم على مثل هذه الافكار؟؟؟اسفنجة ناطقة؟؟لا أصدق!!" وهو يتبسم بسخرية....
" آه!! لم تعجبك اذاً! حسناً لا تحاول قول ذلك أبداً أمام أطفالي!! (وهي تضحك)..أو أطفال أي كان!!"
" ولماذا؟"
" ألم ترى بأم عينك كم هي مهمة ومحبوبة لدى جميع أطفال الحي!!"
قال يوهان باستغراب:" الاسفنجة!!"
ضحكت جيني طويلاً:" حسناً هم يحبون الاسفنجة..لكنهم يعشقون من هي بداخل الاسفنجة!!"
أطرق يوهان قليلاً وحاول اظهار اللامبالاة...." من تقصدين؟!"
" آه أخي!! رينيه!!! ومن غيرها!!"
آه...رينيه!! ما أجمله من اسم...!! انه يناسبها حقاً!!
أردفت جيني :"انها فتاة رائعة ومثالية...الجميع يحبها هنا...وهي تحي تقريباً معظم حفلات أعياد الميلاد!!."
"هل تعجبكي الى هذه الدرجة؟!"
أجابت جيني باستهجان:" ومن يمكنه أن لا يفعل ذلك؟! "
تساءل يوهان في نفسه:" أجل! من يمكنه أن لا يفعل ذلك!!!"
عادت جيني لايقاظه :" هيا بنا لاطفاء الشموع!!"
تابع السير الى جانب شقيقته..لكنه عقله كان ما زال يعمل ويفكر بتلك الاسفنجة الساحرة!!!


JAN 05-10-2020 04:05 PM

بدون مقدمات



الفصل الثاني
" بدون مقدمات!!"
أسرعت لتختبئ داخل غرفة جانبية في الحديقة كانت قد أرشدتها اليها جيني, لتبدل ثيابها بعد أن ركضت لفترة طويلة حتى لا يلحق بها الأولاد!! وحمدت الله على انشغالهم بتلك الكعكة اللذيذة.....
" آه..يا الهي!! الجو خانق هنا!!!"
بدأت تشد السوستة لفك البذلة الضخمة والخروج منها, ولكنها ببساطة...عالقة!!
" أوه..كلا!! لا يمكن هذا أبداً!!"
وهي تعود لتحاول من جديد....لكن..لا جدوى!!

" كيف سأخرج الآن من هذه الاسفنجة العملاقة!!"

" هل بإمكاني المساعدة؟؟"
جفلت رينيه والتفت بسرعة....آه! انه هو!! نفس الرجل المدمر الذي كاد يفقدني اتزاني على منصة العرض! هو ذاته!! ذات العيون الحادة....وذات الوجه الصارم....والشفاه المثيرة!! أه...!!لم ألحظ تلك الخطوط القاسية على جبينه وفكيه..!!!
يا الهي!! لابد أنه رياضي؟؟؟ اممم...لاشك!! ان عضلات صدره وأكتافه تقول ذلك!!
رفعت رأسها لتنظر اليه..لقد كان أطول منها قليلاً؟؟بل أكثر بقليل...!!!
" لقد علقت!!" وهي تلاحظ طيف ابتسامة....
بدت ملامحه أكثر رقة...:" هل تسمحين لي؟!" وهو يلتفت خلفها..ليفحص الامر عن كثب...
كانت رينيه متوترة الى أبعد حد....لكنها سمحت له بالطبع..., وبدأ بسحب السوستة...قائلاً
" سيكون مصير هذه السوستة الخراب.....أرجو أنكي تعلمين ذلك!!"
" آه...لا يهم أبداً....أريد الخروج وحسب...فالحر شديد هنا!!!"
" حسناً!!" وبنزعة خفيفة من أصابعه القوية....كان قد انتهى الامر...وتحررت رينيه...
" بامكانك الخروج الآن!!"
صاحت رينيه من الفرح والارتياح....ثم سحبت نفسها تدريجياً الى الخارج...كانت ترتدي بزة سوداء اللون ملاصقة لجسمها حتى يمكنها الحركة بحرية داخل الاسفنجة الكبيرة....
" أشكرك سيدي...جزيل الشكر!!" قالت ذلك وهي تمد يدها لتصافحه.....
تفحصها للحظة,.... بدا له من الوهلة الأولى...بانها ربما ما زالت تلميذة في سن الخامسة عشرة...لكن قوامها كان جميلاً الى أبعد حد...كانت بيضاء البشرة...ذات شعرأسود قصير ملتف يصل الى أكتافها...وعينين زرقاويين شديدتا الصفاء....تنذران بشقاوة وشيطنة صاحبتهما.....
رفع يده مصافحاً اياها.....وهو يضغط على أصابعها الرقيقة:" لا شكر على واجب...!!"
ابتسمت الفتاة...:"أنا رينيه..."
نظر اليها يوهان بتفحص..ثم أردف قائلاً" تشرفنا!!"
ولما انتظرت بمافيه الكفاية ليعرف عن نفسه....ولم يفعل!! أصابها الحنق....فسحبت يدها من راحته سريعاً.....وهي تهم بالمغادرة......
" أشكرك مجدداً! أرجو المعذرة...!"
هز كتفيه بلا مبالاة....والتفت ليذهب......., لكن رينيه لايمكن أن تسكت عن هذا...كيف بامكان هذا الشخص التعامل معها بكل هذا الغرور!!!!
عادت فنقرت ظهره باصبعها ....فالتفت مستغرباً....وما ان رآها...حتى اتسعت عيناه من الدهشة.....
" نعم؟ "
كان الغضب قد أخذ منها كل مأخذ...فاندفعت قائلة:" ربما لا يتوجب علي أن أقول ما سأقوله...! (توقفت فجأة وكأنها تراجع نفسها...لكن لسانها اللعين عاد للثرثرة)...
لكنك أكثر شخص متعجرف ومغرور رأيته في حياتي!!!( ثم ابتسمت براحة) طاب يومك سيدي!!!"
وهي تعود لرفع حقيبتها وتلتفت لتمضي في طريقها......تاركة اياه شارداً...متأملاً ما قالته للتو.....!هذه الاسفنجة الجذابة..قالت له...مالم يقله أي انسان طيلة حياته....قالت رأيها ببساطة وغادرت!!!
لم يستطع يوهان منع نفسه من الابتسام.....انها تحيره....وتثير فضوله الى أبعد حد!!!! وربما...ربما هذه المرة..سيلحق فضوله!!!
أما رينيه فبدت مرتاحة جداً, وما ان وصلت المنزل...حتى قبلت والدها..وصعدت لترتاح في غرفتها..... خلعت ثيابها وأخذت حماماً منعشاً...وما ان ارتمت على سريرها الناعم....حتى رن جرس الهاتف.....لم تجب....بعد أكثر من ثلاث رنات متواصلة...أخيراً توقف....ابتسمت رينيه لأنها ستنام أخيراً.....ولكن؟؟
" رينيه!!!! مكالمة ضرورية لكي حبيبتي!!!" علا صوت والدها من الطابق السفلي.....
" أوه! لا!!"...نهضت من سريرها......" حسناً أبي....!"
وما ان رفعت السماعة...." رينيه أيتها اللئيمة!!!"
" آه....جولي!! كان علي أن أعرف أنه أنتي....فمن غيركي بامكانه التمثيل على أبي المسكين...." مكالمة ضرورية"!! أيتها الماكرة!!!"
ضحكت جولي من اعماقها...:" سامحيني حبيبتي....ولكن كان علي أن أكلمكي....أعرف بأنكي متعبة من حفلة عيد الميلاد.....بالمناسبة كيف كانت؟؟؟"
" لا تبدلي الموضوع....قولي ماذا تريدين بسرعة..فأنا متعبة وأريد ان ارتاح قليلاً!!"
" لقد دعاني جيك للخروج الليلة...!"
" هذا عظيم!"
" وسوف...يحضر معه صديقه...بيتر...وهو يريد أن يدعوكي...ما رأيك؟"
" جولي؟؟؟ أنتي تعرفين أنني لا أستطيع!!"
" ولكن رينيه....فكري في الامر...لا يعقل أن تكرسي نفسك فقط للعمل والاهتمام بوالدك!!"
" لست أفعل هذا! تتكلمين وكأنكي لا تعرفين شيء!!!"
" حبيبتي لقد تغير الآن....وهو يتمنى لو يعتذر لكي عما بدر منه آخر مرة....أرجوكي رينيه....دعينا نستمتع بوقتنا..لقد مضى زمن على هذه القصة وآن لكي أن تنسي!!!"
" جولي!! أنا أكره بيتر...ولست مستعدة للخروج معه من أجلكي أو من أجل أي كان...انه شخص حقير ولا أظنه قد تغير قيد أنملة!! لا تغضبي مني صديقتي....جيك شخص ممتاز...وهو ليس كصديقه أبداً....ثم انني متعبة جداً من حفلة اليوم....لقد كانت مرهقة للأعصاب!!"
استحوذ على صوت جولي الفضول:" لماذا؟؟هل حصل شيء..؟؟ ما عدتي تخبرينني شيئاً أيتها المحتالة!! أم لم نعد أصدقاء!!"
" كيف تقولين ذلك؟؟تعرفين بأنكي صديقتي المفضلة مع أنكي..مجنونة بعض الشيء!!"وهي تضحك....
"رينيه!!!!!" صرخت جولي بحنق.....
" حسناً..حسناً! كل ما في الامر....هو أنني رأيت في الحفلة رجلاً!!(وصمتت قليلاً..ثم أردفت) آه يا جولي من ذلك الرجل!!! انه غريب..جذاب..غامض وقاسي!!!....باختصار..انه الرجل..الذي قد لا تجدينه الا في صفحات المجلات!!!"
وقبل أن تكمل..." آه...أيتها اللعينة!!! اذاً هذا هو سبب رفضك لبيتر....حسناً أخبريني ماذا حصل بينكما...وكيف هو؟؟؟ما اسمه ....وماذا يعمل؟؟!""
رفعت رينيه يدها الى رأسها:" جولي...جولي!!! سأكلمكي لاحقاً!! حينما تذهب الحمى عنكي...حسناً!!"
" لا رينيه!! لا تغلقي...انتظري...انتظ.."
وكانت قد وضعت السماعة الى مكانها....وعادت للنوم على سريرها المريح....
لكن ذكرى ذلك الرجل عادت لتطاردها.....تأففت والتفتت للناحية الاخرى..., لكن طيفه لم يفارقها......أمسكت وسادة صغيرة ودفنت رأسها تحتها...لكن ذلك لم ينفع أيضاً!!
ألقت بالوسادة بعنف وهي تشعر بالغضب من نفسها.....
" ياله من مغرور!!! لم يكلف نفسه عناء أخباري اسمه....!! لقد أشعرني بأنني تافهة كما لو كنت ألقي بنفسي عليه!!...ربما هذا طبيعي!! فشخصية آسرة كشخصيته...لابد وأنها اعتادت ذلك من كل النساء...."
ألقت بنفسها على سريرها وقالت بأسى....
" ولكنني لم أقصد ذلك! كنت فقط أريد أن أشكره....!! آه....أيها المجهول!! لكم تفقدني صوابي"
غضبت من نفسها...لأنها تفكر فيه....وهو بالتأكيد لا يذكرها حتى....أمسكت بغطاء سريرها ورفعته حتى غطت رأسها بأكمله.......


JAN 05-10-2020 04:06 PM

صدمة


الفصل الثالث
" صدفة!"
رفع رأسه عن وسادته وهو يسب ويشتم..., من الذي يوقظه في هذه الساعة المتأخرة! كان قد جافاه النوم لهذه الليلة بسبب تلك الاسفنجة المزعجة...!!!!
فرك شعره بعصبيه..وأجاب على الهاتف متأففاً.....: " نعم!"
" دكتور يوهان؟"
" نعم؟"
" دكتور من فضلك...هناك حالة مستعجلة في الطوارئ!!"
" حسناً..حسناً....ومانوع الحالة؟؟!"
" انه مريض في الخامسة والستين, يعاني ذبحة صدرية حادة..!! أنا آسفة دكتور...ولكنك قلت؟؟"
قال مقاطعاً:" لا تعتذري...أنا قادم حالاً!!"
نهض بسرعة, وبلمح البصر كان في طريقه الى المستشفى....., وماهي الا لحظات حتى كان في يمشي في الرواق المؤدي الى غرفة العناية الحثيثة....وما ان لمحه الطبيب المقيم حتى سارع للانضمام اليه....
" أشكرك دكتور يوهان على حضورك!!"
" أخبرني كيف حال المريض!!"
" آه..ليست جيدة أبداً! ان قلبه متعب....!ولم نستطع أخذ الكثير من المعلومات عنه!!"
"ولماذا؟ ألا يوجد من يرافقه!!"
" لا يوجد الا ابنته!!"
" حسناً؟؟؟وماذا تنتظرون!!"
" انها منهارة تماماً.....يخيل الي بأنها ستلحق بأبيها في أي لحظة....حالتها يرثى لها!! مسكينة...تبدو فتاة صغيرة!!!"
" لم أطلب منك تقريراً عن حالتها النفسية....بل عن والدها!! أين هي؟؟ سأكلمها!!"
" انها ملتصقة بزجاج الغرفة...وكأنها تخاف أن تفارق والدها عينيها..!!"
نظر الدكتور يوهان الى الطبيب الاشقر...., ما زال عوده طرياً ومتأثراً بكل ما يجري حوله...لا بد أن هذه الفتاة قد أثرت فيه فعلاً!!
لكن ما ان وصل الى الغرفة...حتى استطاع أن يفهم السبب الذي منع الطبيب الشاب من انهاء عمله....مع ابنة المريض! انها تلك الاسفنجة الجذابة التي لم تفارق أحلامه لهذه الليلة...وكما استحوذت على عقله في دقائق وهو الطبيب المخضرم الذي لا تهز أجمل أنثى شعره منه!...فلن يكون صعباً عليها فعل ذلك مع هذا الأشقر الهش!!!
صاح الطبيب الشاب:" ها هي!!"
التفتت رينيه...ومع أنها دهشت لرؤية هذا الوجه...في هذا المكان بالذات...الا أنها لم تكن في حالة تسمح لها بالتفكير...فنظرت الى يوهان ودموعها تهطل يغزارة على وجهها.....
أحس يوهان بوجع في صدر...! لا يمكنه رؤيتها هكذا حزينة!!
تقدم منها ومد يده مصافحاً:" أنا الطبيب المسؤول هنا...دكتور يوهان كيلمر!!"
صافحته وهي تقول على عجل:" اذاً أنت من ستشرف على علاج أبي؟"
هز رأسه بالايجاب.....قائلا:" لا تخافي! سنفعل كل ما بوسعنا!!"
لم تفهم معنى جملته...." كل ما بوسعنا؟؟؟" هل يعني ذلك بأن والدها على حافة الموت...
وقبل أن تفهم منه...كان قد دخل الى غرفة والدها...وانخرط في العمل مع الاطباء والممرضين.........
عادت تراقب بصمت ودموعها تنساب أكثر..وشفتاها تلهج بالدعاء...., أحست بيد تربت على كتفها....., لم يكن ذلك الا الطبيب الشاب.....
" لا تقلقي....سيكون بخير!! أنا متأكد من ذلك!!!"
ابتسمت له بامتنان....ثم عادت تراقب ذلك المجهول....وهو يعمل بهدوء وثقة لم ترها في أحد غيره!!
وبعد مضي ساعتين......خرج الدكتور يوهان....وقد بدت آثار التعب واضحة على وجهه...عاجلته رينيه بالسؤال
:" كيف حاله الآن يا دكتور..؟؟هل هو بخير؟؟"
رفع يوهان عينيه اليها...وقال بحنان:" اطمئني!!"
لكنها لم تطمئن:" اذاً هل سيعيش!؟؟قل لي...لا تخفي عني شيء!!" والدموع تنساب من عينيها......
بحث في جيبه عن منديل وناولها اياه....قائلاً:" وضعه مستقر الآن....ولنأمل أن لا يصاب بنوبة أخرى.!.لكن قلبه متعب كما تعلمين!!"
" ماذا؟؟متع...متع..." وشحبت فجأة....وبدأت تترنح...لكنه أمسكها وأسندها الى صدره...
" آنسة ثومسون؟؟؟ هل أنتي بخير!!!"
رفعت رأسها ونظرت اليه باعياء....:" أنا؟؟ أنا لم أكن أعرف!! لم يخبرني...!ولكن لماذا؟؟ أوه أبي....!!"
وانخرطت في بكاء مرير, رق قلبه لحالها....فأمسكها وسار بها الى مكتبه...فتح الباب...وأجلسها على الكرسي...ومن ثم جلس قبالتها......
" هل أنتي بخير؟؟؟ أتشعرين بدوار؟؟"
" لا ...لا أنا بخير...! ولكنني كنت أفكر ...كم كنت أنانية...ولم أدرك حتى مرض أبي!!"
ثم عادت للبكاء من جديد.....تناول منديلاً وقدمه لها...قائلاً: " هل يمكنكي التوقف عن البكاء للحظة؟ فعلينا أن نتحدث...قد يفيدنا ذلك في علاج والدك؟"
مسحت رينيه دموعها بسرعة وهي تبتلع غصتها...ثم نظرت اليه......تنتظر سؤاله.
اعتدل في جلسته..:" هذا أفضل! أتعنين بأن والدكي لم يطلعكي على مرضه أبداً!!"
أجابت رينيه بالنفي....عاد للسؤال:" ألم تلاحظي عليه أي أعراض ..؟؟أعني...هل كان يشعر بالتعب حينما يقوم بأنشطة معينة...؟؟"
أجابت وهي تهز رأسها بالنفي ودموعها تنساب بغزارة:" أنا....؟لا أدري...! لست أذكر..آه..يا الهي!! كم كنت أنانية!!كيف لم ألحظ ذلك!! كيف؟؟"
" أرجوك أن تهدأي!! يبدو أن والدكي قد أخفى عنكي الامر ليجنبكي الالم والعذاب....انه رجل عظيم!! ولكن لا تقسي على نفسك....لقد فعل ما ظن أنه يصب في مصلحتكي!!"
ثارت رينيه وزاد حنقها من والدها الذي آثر اخفاء أمر مرضه الشديد عنها....ولما لم تكن تستطيع ان تثور في وجهه.....توجهت الى اول شخص في وجهها....ألا وهو يوهان....
" يصب في مصلحتي؟؟؟ هل يصب في مصلحتي أن لا أعلم شيئاً عن حالته؟؟؟كنت ربما أفدتكم بشيء...أي شيء....ولكنني لا أعرف شيئاً!!! لا أعرف شيئاً عن مرض أبي الخطير!!!"
قال يوهان بهدوء:" اهدأي من فضلك....!"
زادت من صراخها:" وأنت أيها المتعجرف لا تطلب مني أن أهدأ!!! أنت بالذات لا يمكنك ذلك!! فأنت رجل...واثق من نفسك ومغرور تكتفي بوحدتك...ولاتحتاج لأحد...لأنك أفضل من جميع الناس....أليس كذلك؟؟ أما أنا؟؟؟( وعادت للبكاء..) أنا أحتاجه...أحتاج أبي....لم يعد لي غيره في هذه الدنيا...انه كل مافي حياتي!! ( عادت نبرة الصراخ) وهل كان يظن أن موته سيصب في مصلحتي؟ ربما...ربما كان يريد ان يرتاح من مسؤوليتي....ربما كنت أتعبه؟؟ ( وكأنها تحدث نفسها) أجل لقد كنت فتاة شقية على الدوام...., ربما أكون أنا سبب ما هو فيه!! آه يا الهي!!"
وهي تدفن وجهها بين يديها وتجهش بالبكاء.......
نهض يوهان من مكانه واقترب منها....كان يريد أن يخفف عنها..فهي تقسو على نفسها كثيراً هذه الطفلة البلهاء.....لابد أن أباها أخفى عنها مرضه...لأنه لم يشأ أن يرى التعاسة والحزن يغزوان قلبها البريء!! فها هو لم يعرفها الا منذ بضع ساعات...ولا يستطيع تحمل رؤيتها بهذا الحزن,,,وكل هذه الدموع!!! انها لم تخلق لتحزن...!هذه الفتاة الشقية.. لم تخلق الا لتفرح وتضحك!!
كان يوهان يريد أن يرفع يديها عن وجهها ليمسح دموعها..لكنها دفعت بنفسها اليه..ملقية رأسها على صدره...ومتمسكة بخصره بقوة.....! كانت ما تزال تجهش بالبكاء......
ارتبك يوهان من تصرف رينيه...."هذه الطفلة المجنونة!! ما آخر تصرفاتها العفوية هذه!!!" قال لنفسه, ..لكنه لم يستطع أن يلف ذراعيه حولها..لقد كان كالصنم....يقف بلا حراك...وقد ضاع نفسه....وجف حلقه....ماذا تفعل له هذه الفتاة؟؟؟ كيف تبدل حاله بهذا الشكل المخيف!!!
بلع ريقه بصعوبة....وهو يسحبها من صدره....قائلاً بجمود
" آنسة ثومسون!! اهدأي من فضلك....ولا داعي للانفعال!!"
أوه أيها الغبي!! لم لا تقول ذلك لنفسك!! لو كانت رينيه مدركة قليلاً لما يحدث حولها, لكشفت تصرفاتك منذ اللحظة الاولى!!
مسحت رينيه دموعها وقالت بحزن:" أنا آسفة دكتور يوهان!! لا بد أنني قد تجاوزت الحدود معك!!فأنت لست مضطراً لسماع كل ذلك مني!!"
تنفس يوهان الصعداء, فهي لم تكن تقصد عناقه....بل الانفجار العارم للكلمات وسخطها الواضح لعدم معرفتها بمرض والدها......
عاد للجلوس الى مكتبه.....:" لا تهتمي لذلك!! يحدث هذا معظم الوقت!!"
نظرت اليه نظرة ذات مغزى...ثم عادت لتقول وهي تتأهب للخروج:" سوف أذهب لأرى أبي...أشكرك مرة ثانية!!"
قال بتوتر:" لاداعي لأن تشكريني...فهذا عملي!"
نظرت اليه رينيه...وقبل أن تخرج عادت لتلتفت اليه...وهي تقول بحرج:" أنا..آسفة بشأن ما قلته...أعني بأنني لا أعرفك حتى أطلق عليك الاحكام المسبقة...أرجوك اعذرني! ليست تلك عادتي!!"
" أفهم ذلك!"
" حسناً! سأذهب الان...عن اذنك!"
.ثم خرجت بهدوء..وأغلقت الباب.....
وما ان فعلت...حتى ضرب يوهان المكتب بقبضة يده...بعصبية ظاهرة....وهولا يدري ما سبب ذلك.......
كانت رينيه تجلس بالقرب من والدها...وهي ممسكة يده..وتحدق فيه غير مصدقة لكل ما حدث!! والدها مريض جداً وقلبه متعب....وهل يعني هذا بأنه لن يعيش طويلاً؟؟!!
" أوه!! أبي!!" همست بصوت باكي......
لكنها أحست بضغط أصابع والدها..., رفعت عينيها الباكيتين اليه...فوجدت أنه استيقظ أخيراً وينظر اليها والتعب واضح على ملامح وجهه....
" صغيرتي رينيه..." قال بصوت ضعيف لا يكاد يسمع....
ابتسمت رينيه رغماً عنها والدموع ما تزال عالقة على جفونها....
" مرحباً أيها الرجل الوسيم!! كيف حالك الآن؟"
ابتسم والدها بضعف..:" أنا بخير حبيبتي....لا تقلقي علي!!"
" أنا متأكدة من هذا!! أنت فقط تحتاج الى بعض الدلال!!"
" رينيه يا صغيرتي.....سامحيني!!"
تمالكت رينيه دموعها..." أرجوك أبي أن لا تتكلم....فالكلام يتعبك!!"
" ليس قبل أن تسامحيني!! أعرف....بأنهم قد أخبروكي!!"
" أبي!! (وكأنها كانت تهم بقول شيء..لكنها عدلت عن ذلك في اللحظة الاخيرة..)...أرجوك أن ترتاح الآن....سنتحدث عن كل ذلك فيما بعد..., اتفقنا!"
وهي تلمس وجهه بيدها الناعمه..." اتفقنا!"
" حسناً..سأذهب الآن لأرى الطبيب ..فلربما ظهرت نتائج الفحوصات...نم الآن وسأراك في الصباح...!"
وهي تقبل جبينه وتهم بالمغادرة....., لكنها توقفت فجأة...وقالت له:" وأنا أسامحك!"
ابتسم والدها براحة...ومن ثم أغمض عينيه وكأنه كان ينتظر كلمتها تلك حتى ينام قرير العين..مرتاح البال....
نظرت اليه مرة أخيرة....ثم خرجت وأقفلت الباب بهدوء.....
لم تكن ستذهب لمعرفة نتائج الفحوصات كما ادعت أمام والدها, فهي تعرف نتائج الفحوصات جيداً...لكنها كانت تبحث عن حجة لكي تخرج من الغرفة....!! لم تستطع احتمال منظر والدها بهذا الشكل....لقد شعرت للحظة بأنها ستنهار......
عادت للنظر اليه من الزجاج...., لكنها أحست بتعب وضعف شديدين يغزوان جسدها....فركت صدغيها قليلاً...ثم اتجهت الى ماكينة صنع القهوة...فهي الحل الوحيد للصداع والاجهاد الذين تعانيهما.....
وبينما هي كذلك...أحست بطيف شخص يقف الى جانبها...., ولم يطل صمته.....
" هل أنتي بخير؟؟"
نظرت الى مصدر الصوت....., ثم أجابت بتعب وهي تسحب الكوب وترفعه الى فمها لترشف منه رشفة....:" أجل...أشكرك!!"
" أنتي بحاجة الى الراحة....!"
ابتسمت وهي تمشي الى جانبه..:" هذا يعني بأن مظهري مزري الى درجة كبيرة...أشكرك!!"
ابتسم رغماً عنه..فروح الدعابة لا تفارق هذه الصغيرة مهما أثقلت الاحزان كتفيها....
" هل من جديد؟؟؟" تساءلت بيأس....
هز رأسه بالنفي....., وحين وصلا باب غرفته...وبينما هما يحدقان فيه بصمت عبر الزجاج.......
" تبدين متعبة جداً...أقترح أن ترتاحي قليلاً!"
" لا أنا بخير!!" وهي ترشف أخر قطرة من قهوتها....ومن ثم تلقيها في سلة المهملات...
" لستي بخير...ولا تجادليني!! "
قالت وهي تفرك عينيها....:" لن أترك أبي وحده!!"
عاد للابتسام....فمنظرها كان يشبه طفلة صغيرة تأخرت عن موعد نومها.....
" لا لن تتركيه!! تعالي معي!"
" الى أين؟"
ولكنه لم يجب...بل سحبها من ذراعها...حتى وصل غرفة مكتبه....فتح الباب وطلب منها الدخول.....
" يمكنكي الراحة هنا!! فسأكون مشغولاً مع المرضى لبعض الوقت!!"
أحست رينيه بالحرج...لكنها متعبة جداً...بل هي تحس نفسها ستسقط مغشياً عليها....فقبلت اقتراحه على مضض....وهي تشكره باحراج....
ومما سهل عليها الامر بأنه لم ينتظر ليعرف رأيها..بل دفعها الى الداخل مغلقاً الباب خلفها...ثم اتجه الى مرضاه...
كان يهيم على وجه في ارجاء المستشفى...لم يكن لديه أي مرضى ليشرف عليهم, لقد أنهى عمله منذ فترة...لكنه أراد أن يظل الى جانبها من دون أن يشعرها بذلك...!!
حاول أن يشغل نفسه بأعمال ومهام لم تكن على قائمة أعمال هذا الاسبوع, لكنه أعلن استسلامه بعد مرور ساعة واحدة...فأطرق عائداً الى مكتبه..وقد أعياه التعب والاجهاد...كانت ليلة لا مثيل لها!!
فتح باب المكتب بحذر...خشية ايقاظ رينيه!! لكنها كانت في سبات عميق....دخل على مهل ثم أغلق الباب....وقف أمامها...يحدق بصمت....فيه هموم وتعب العالم كله....ومع هذا..لا يستطيع الا أن يقف مشدوهاً أمام تلك اللوحة الرائعة.....
كانت رينيه متكورة في أحد الكراسي....وهي تضع يديها تحت رأسها وتنام بطمئنينة وسلام!!
" لن أسامح نفسي ان أيقظتها!!"
ومع هذا اقترب منها وحملها بهدوء...فدفعت بذراعيها متشبثة بعنقه...ومسندة رأسها على كتفه...وهي تتمتم بصوت منخفض..:" أبي!!"
بدا له الامر كالحلم....فهاهو يضمها الى صدره...ويحس بأنفاسها الدافئة على عنقه...., أراد التخلص على الفور من هذا الاحساس الخطير......فحملها ومن ثم وضعها على سرير الفحص..راقبها للحظات وهي تنام بطمأنينة!! كان ينظر الى أصابعه التي امتدت رغماً عنه..وكأنها تخص شخصاً آخر....وقبل أن تلمس وجنتها الناعمة بلحظة...استدرك نفسه وسحبها سريعاً....!.أسدل عليها الستارة ليعطيها الخصوصية....ومن ثم اتجه الى مكتبه وجلس براحة...كان ينظر الى سقف الغرفة...لكن عينيه تحولتا تدريجياً الى تلك الزاوية التي تنام فيها رينيه...أحس بجفونه ثقيلة...وشيئاً فشيئاً...راح في نوم عميق.....

JAN 05-10-2020 04:08 PM

من جديد



الفصل الرابع
" من جديد!!"
فتحت رينيه عينيها وهي تحس بألم شديد في رأسها, لكن ما ان نظرت الى سقف الغرفة..حتى عرفت بأنها ليست في غرفتها......., فنهضت على عجل...آه...ماهذه الستارة..أين أنا؟؟
انتعلت حذائها سريعاً ونهضت من مكانها..., فتحت الستارة بهدوء...لتجد أمامها يوهان وقد أسند رأسه الى الخلف وهو مستغرق في نوم عميق..., ابتسمت واقتربت منه قليلاً...أحنت رأسها الى الجنب وهي تتأمل ملامح وجهه القاسية....المتعبة!! كم تود لو أنها تتحسسها..., ومع أن الفكرة قد أجفلتها..الا أنها لم تمنعها عن ذلك....فامتدت أصابعها الرقيقة لتلمس خطوط التعب التي حفرت عميقاً على جانبي وجهه....وما ان فعلت ذلك..حتى رمش يوهان بعينيه قليلاً...فأبعدت أصابعها وقلبها يخفق بشدة....لكنها هدأت قليلاً...حينما أشاح وجهه الى الناحية الاخرى...وبدا وكأنه قد استغرق في النوم مجدداً...
فتنفست الصعداء....
التفتت لتخرج..ولكنها أحست بيد قوية تمسك معصمها....فذعرت وهي تعاود الالتفات...لتفاجئ بأن طبيبها المغرور يحدق بهابسخرية...وهو مايزال ممسكاً معصمها...
"أنا؟؟أنا؟؟....هل أيقظتك؟؟؟" تساءلت بتوتر وارتباك شديدين......
اعتدل في جلسته وهو يترك يدها....مما أزعجها...., وقال وهو يبعثر خصلات شعره الكثيفة...
" لا...لم أكن نائماً تماماً!! " ثم أردف وهو يعاود النظر اليها..:" هل نمتي جيداً؟؟"
" آه..أجل! أشكرك....لا أدري ما كان ليحصل لي لولا هذه الساعات القليلة التي نمتها!! أنت بطلي!!"
دفعته مرة أخرى للابتسام ......" أمازلتي تعيشين في عالم الابطال أيتها الصغيرة!!"
ومع أنها أحست بنبرة التكهم في صوته الا أنها رفضت أن تجعله ينجح في ذلك...فعادت للقول باسمة....
" ولم لا؟؟؟ فالابطال موجودون في كل مكان....وأنا حقاً أظنك أحدهم!!"
قال وهو ينهض...وقد بدا الحنق في صوته:" لست بطلاً أبداً....ما أنا الا مجرد طبيب...!! هيا الآن لنرى والدك!!"
قال ذلك وهو يشير لها بيده..., لم تدر لماذا هو متجهم ومكتئب هكذا؟؟ولماذا أغضبه أن يكون بطلها؟؟!! لقد كان مجرد تعبير منها...ولكنه أثر فيه بصورة سلبية بدرجة كبيرة كما هو واضح....ولكن لماذا؟؟؟
حملت حقيبتها وهي تدخل رأسها في حزامها بدون اكتراث....ثم فتحت الباب وخرجت...ولم تلحظ بان الطبيب يوهان قد أصبح بجانبها.....! وما ان وصلا غرفة والدها...حتى وجداه ما يزال نائماً....., فبدأ الدكتور يوهان بفحصه, وألقى نظرة على سجل المتابعة الخاص به....ثم توجه الى رينيه قائلاً
:" حالته ما تزال مستقرة..وهذا شيء حسن.., وان استمرت حالته على هذا المنوال...ربما يستطيع الخروج غداً أو بعد غد....على كل حال هذا سابق لأوانه...لننتظر ونرى..."
بدت الراحة على وجه رينيه...فابتسمت بسعادة..., مما أذاب كل الجليد في قلب يوهان, هي لا تعرف ماذا تفعل به ابتسامتها الرائعة! وهي لن تعرف أبداً..لأنه لا ينوي الافصاح عن اي شيء لها....! تباً....فهي تكاد تكون في عمر ابنته!!!
نفض عن رأسه هذه الافكار...., واعتذر منها لينصرف الى بيته...وهو يحث الخطى...حتى لا يضطر لملاقاتها أو لسماع صوتها!! وكلما أسرع مشيه ومغادرته للمستشفى كلما أسرع في اخراجها من حياته!!
لكن الطبيب الشاب المقيم استوقفه ليسأله عن بعض الملاحظات...ومع أنه استاء كثيراً لهذا , الا أنه لم يستطع رفض طلب هذا الطبيب المستجد...وماهي الا دقائق حتى انساق في الحديث الطبي عن حالات المرضى...واضعاً رينيه خلف ظهره!!
" أوه...أشكرك دكتور يوهان جزيل الشكر...وأنا آسف حقاً على تأخيرك!! لكنني كنت قد بدأت أجن مع هذا المريض....ولكنك حقاً أسعفتني....أنت حقاً بطلي!!"
بطلي؟؟ لماذا تتكرر هذه الكلمة على مسامعه كثيراً هذا اليوم؟ آه..رينيه!! عليه أن يسرع الآن...فاعتذر بسرعة من الطبيب الشاب...
" لا عليك...أراك لاحقاً!" وهو يدخل مسرعاً المصعد الكهربائي حتى ينزل الى المرآب...., لكن؟؟ ما ان انطلق بسيارته خارج المرآب...الا ولمحها هناك!! كان صوت في عقله يصرخ به " أكمل سيرك..ولاتلتفت للوراء...!!" عاود النظر اليها..كانت تركل عجل سيارتها بنفاذ صبر..
"آه..... تباً!...." قال ذلك متأففاً وهو يعود أدراجه اليها...., كانت قد فقدت الامل من سيارتها ذات الاطار المثقوب...
" تباً لكي أيتها الخردة!!!"
ثم اتجهت الى الرصيف لتوقف تاكسي..., لكنها فوجئت بسيارة سوداء رائعة تقف أمامها هي بالذات...
ومع أنها استغربت ذلك..الا أنها لم تكلف نفسها عناء النظر الى سائقها...فأشاحت بوجهها الى يمينها منتظرة ظهور تاكسي....
" آنسة ثومسون؟"
حسناً, لا يوجد الا شخص واحد يناديها بهذا الاسم وبهذه النبرة...نظرت بسرعة اليه...استغربت, ومع ذلك اقتربت من النافذة...
" أهلاً !!"
قال بجمود..:" اركبي...سأوصلكي!!"
لم تستطع اخفاء انزعاجها من الضيق الواضح في وجهه, فاعتذرت بأدب ..لكنه أصر على ذلك...بل انه قد هدد بحملها ووضعها عنوة في السيارة....
ضحكت من الفكرة..., " لا أظنك تفعل هذا!"
قال وقد بدأ يتحسن مزاجه:" أنتي لا تعرفينني بعد ياصغيرتي!!"
ضحكت رينيه..." حسناً..حسناً!! لاداع لذلك!!" قالت ذلك وهي تركب السيارة الى جانبه..., ومن ثم انطلق يوهان......
" أشكرك على تكبدك كل هذا العناء من أجلي...! فلم أكن سوا مصدر للازعاج لك منذ الامس!!!"
ظلت ملامح وجهه بنفس القساوة, ولكنه قال بتهذيب:" هذا واجبي آنسة ثومسون, وتأكدي بأن أي شخص آخر في مكاني, كان لفعل الشيء ذاته!!"
أصابها الحنق من كلماته القاسية, فآثرت السكوت....حتى تصل.....
" أليس هناك عنوان محدد؟؟ ...حيث تذهبين؟"
" أوه...آسفة!! لقد نسيت..." وقد أخذ منها الحرج كل مأخذ....فنظرت اليه...كان ينظر اليها ويبتسم بهدوء....ابتسمت هي الاخرى.....وأعطته العنوان.....
" أنتي تعيشين وحدك؟"
ابتسمت فهاهو أخيراً مهتم بالحديث معها..أو هكذا يبدو....:" أعيش مع أبي!! ليس لدي اخوة أو اخوات...."
" و...أمك؟"
" لقد توفيت وهي تقوم بانجابي!!"

" آه..أنا آسف حقاً!"
" لا تأسف!! فقد حدث ذلك منذ زمن بعيد!!"
" وماذا تفعلين في حياتك ....طبعاً الى جانب انتحالكي لشخصية الاسفنجة الصفراء!!" وهو يبتسم....
فابتسمت هي بدورها ثم قالت:" واذا قلت لك بأن انتحالي لشخصية الاسفنجة الصفراء كما تقول....هو كل ما افعله في حياتي فماذا سيكون رأيك؟"
قال باندهاش:" اذاً لابد أن ذلك....يعيد عليكي دخلاً جيداً!"
قالت بدون اكتراث:" ليس دائماً...ولكن هذا ما أحب عمله!!"
" أليست لديكي أحلام؟؟؟"
عادت للابتسام ثم قالت:" ومن منا ليس لديه أحلام!! ربما...أنت!"
قال بمكر:" ولم تظنين ذلك؟"
" أراهن بأنك قد حققت كل ما تريده...تبدو لي.....؟؟؟" ثم سكتت فجأة وكأنها استدركت نفسها....لكنه لم يتركها....
" كنتي تقولين؟؟؟ بأنني أبدو لكي؟؟؟؟؟"
قالت بارتباك والحمرة تعلو خدها:" حسناً....لا أظن بأن رجلاً مثلك.....قد يحتاج للأحلام...فأنت تبدو لي....كاملاً ...لا ينقصك شيء!!"
نظر اليها بدهشة...وكانت عيناه تومضان بشيء غريب...مما جعل رينيه تلعن نفسها على غبائها...واندفاعها لكنها عالجت الامر بحكمة
:" يبدو أن ذلك أرضى غرورك!!! أظن بأنه ينقصك القليل من التواضع!! "
" أترينني متكبراً؟؟؟؟؟صحيح...لقد سبق وقلتي لي ذلك....في حفلة التوأمين...ماذا كانت كلماتك بالضبط؟؟؟( هنا أصابها الاحراج والارتباك....)..آه أجل...أكبر متعجرف ومغرور رأيته في حياتي!! أليس كذلك؟!!!"
قالت في محاولة منها لتغيير الموضوع:" من أين تعرف السيد والسيدة بالتيمور؟؟؟"
" السيدة بالتيمور...تكون شقيقتي!!"
فتحت رينيه عينيها على اتساعهما وقالت بدهشة:" هذا لا يمكن!!!"
" وماهو الذي لا يمكن؟؟؟"
هاقد تورطت من جديد.....ألا يمكنها ابتلاع لسانها قليلاً...قليلاً فقط..حتى تحمي ماتبقى من ماء وجهها!!!
قالت بحرج:" كنت أعني بأنك لا تشبه السيدة جيني!!.."
ابتسم وقال بسخرية:" آه..الآن فهمت!! أنتي لاتقصدين بكلامك التشابه الخارجي وحسب!!....بل انتي تلمحين الى مدى تنافر شخصياتنا.....فجيني لطيفة..ورقيقة...ومحبوبة!! وأما أنا..؟؟ فلنسمع رأيكي ثانية؟؟"
ارتبكت أشد الارتباك..:" أنا آسفة..لم أقصد ذلك أبداً!"
قال بمكروفي عينيه وميض التسلية....خاصة حينما رأى الحمرة تعلو خديها..:" بل قصدتي ذلك بالضبط...لا تكوني جبانة الآن!! فشجاعتك اللامتناهية هي أول من أثار اهتمامي!!"
قالت وهي تنظر الى يديها المتكورتين في حضنها...وهي تحاول تجنب النظر الى عينيه:" أنا لست جبانة!!أنا فقط أحب مراعاة شعور الاخرين!!!"
" يالكي من ملاك صغير رقيق!!" قال بتهكم.....الا أنه كان يعني ذلك فعلاً.....
فقالت بتوتر:" هل يمكننا أن نغير الموضوع..من فضلك!!"
قال بابتسامة وهو يحاول منع نفسه من الانفجار ضحكاً:" كما تريدين...."
لكنه عاد ليقول بعد برهة...."هل ستعودين لاحقاً لرؤية والدكي؟"
" هذا مؤكد...كنت أريد فقط أن أعود الى البيت لأرتاح قليلاً وأبدل ثيابي ولأحمل بعض الحاجيات لأبي!!"
" بامكاني المرور لأخذك...ان..؟"
كانت تنظر اليه بدهشة....لم تتوقع منه هذا!!
" طالما سيارتك معطلة!!!"
" أوه!! هي ليست معطلة...بل عجلها مثقوب...سأعمل على استبداله...أرجوك لا تزعج نفسك!!"
وكانت قد وصلت بيتها...." ولكن شكراً جزيلاً لك على هذه البادرة اللطيفة!! وشكراً لك على ايصالي...لقد كنت عوناً كبيراً لي...!!"
قال بفتور:" على الرحب والسعة!"
كانت تهم بالنزول من السيارة, ولكنها توقفت فجأة والتفتت اليه...:" أتحب أن تتناول فنجاناً من القهوة..وربما بعض الفطائرالمحلاة!!"
قال بجمود:" كنت أرغب في ذلك....ولكنني متعب جداً!" وهو يتحاشى النظر في وجهها.....
كانت خيبة الامل جلية في صوتها....:" آه! آسفة...نسيت..بأنك كنت تعمل طوال الليل وتحتاج الى الراحة...اعذرني الآن!!"

نظر اليها..آلمته نبرة الحزن في صوتها....ولكنه يريد ان يبتعد وحسب!! وما ان أغلقت باب السيارة...حتى انطلق مسرعاً....ومبتعداً! وخلال ثوان كان قد اختفى عن الانظار!!!
هزت كتفيها بلا مبالاة...ودخلت المنزل....وهي تعد نفسها بنوم رائع على سريرها المريح لساعتين كاملتين قبل عودتها الى المستشفى.....
كان يطير كالمجنون في سيارته....., ماذا فعلت له هذه الفتاة ذات الاسفنجة!! آه..لو أنه لم يذهب الى عيد ميلاد التوأمين...لو أنه لم يرها وهي ترقص وتغني...وتضحك!!! والآن...ما السبيل الى ابعادها عن رأسه؟؟؟ انه بحاجة الى النوم.....نعم!! بعض النوم....كفيل بازاحتها عن أفكاره....ربما بعض القهوة أيضاً.....أو فطيرة محلاة!!
" اللعنة!!!" قالها بعصبية شديدة......,هاهي تعود لتغزو أفكاره من جديد....لماذا أصبحت حياته تتمحور حول كل ما تقوله وتفعله...لماذا لم يعد يفكر الا فيها وفي كلماتها وحركاتها!!
وقبل أن يطلق شتيمة أخرى....كان يقف على باب منزلها!!


JAN 05-10-2020 04:09 PM

كيف الخلاص



الفصل الخامس
" كيف الخلاص؟"
قرع الجرس أكثر من مرة....وقبل أن يلتفت ليغادر وهو يلعن نفسه على اندفاعه وتهوره للانسياق وراء رغبة حمقاء كهذه...., فتح الباب,,,,وأطل منه وجه رينيه الناعس الرائع الجمال..., تساءل يوهان ان كانت تشبه ضياء الشمس....أم ندى الصباح....أم زهرة برتقال يانعة!!
كانت تقف هناك مرتدية شورتاً قطنياً ذو لون وردي....وقميصاً أبيض واسع وبأكمام طويلة...لا تظهر يديها منها...كان واضحاً بأنه يخص أباها......
أما هو, فكان كالابله ينظر اليها غير مصدق....بدءاً من أقدامها الصغيرة الحافية.....وانتهاءاً بخصلات شعرها الملتفة اللامعة......
" أنا...أنا آسف..هل أيقظتكي ؟!"
كان هذا واضحاً تماماً......, كانت رينيه تفرك عينيها بيديها الاثنتين...وهي تحاول طرد شبح النعاس من عينيها...وما لبثت أن قالت....:" آه...دكتور يوهان؟ ظننت انك غادرت...!( ولكنها تنبهت فجأة وقالت بذعر)...هل حدث لأبي سوء؟؟!"
أحسنت صنعاً دكتور يوهان!! فلا يكفي أنك أيقظتها من نومها وهي التي لم تنم الا لساعات قليلة ليلة الامس...بل أيضاً تفزعها وتخيفها بظهورك المفاجئ كطبيب لوالدها!!
أي حماقة سترتكب بعد؟؟؟
سارع للقول:" لا لا..أبداً! لا تخافي.....انما؟!"
تشجع وقال بعصبية..:" " كنت أتساءل ان كانت دعوتك...ما تزال قائمة!!"
ابتسمت رينيه ابتسامة واسعة..., وهي تفتح الباب ليدخل..:" طبعاً! تفضل!!"
لكن يوهان سريعاً ما شعر بالذنب, فلا بد أنها متعبة ولم تقم بدعوته الا من باب المجاملة...
ولماذا لم يستطع التفكير في هذا قبلاً!!لماذا يستمر بوضع نفسه في المواقف الحرجة..الواحد تلو الآخر....كل هذا بسببها!! نعم...هذه الفتاة التي تقف أمامه!! هي من غيرت حياته..وقلبت عالمه رأساً على عقب.....
" ربما علي الذهاب....فأنتي لم ترتاحي..وسوف..."
لكنها قاطعته وهي تشده من ذراعه...." لا تكن سخيفاً!! بل أنا أرحب بك كثيراً! أرجوك تفضل!!!"
لم يملك الا أن ينساق تحت تأثير سحرها ولمستها, حتى بدأ يتساءل....هل هناك من يمكنه قول "لا" لهذا الوجه البريء....؟؟؟؟ لا لا يمكن ذلك...وبالتالي لا يمكنه هو كذلك!! هو استطاع التعامل مع اغواء وفتنة الكثير من النساء خلال حياته...ولكنه غير محصن أبداً لكل هذه الجاذبية والدلال....! لا...انه غير مستعد بعد للتعامل مع أمثال رينيه...وهل لها مثيل؟؟؟ انها فريدة من نوعها...فهو لم ير لها شبيهاً من قبل.....
استيقظ من صراعاته على صوتها الناعم وهي تسأله ان كان يحب الحليب والسكر مع قهوته...,
" نعم...من فضلك!!"
علا صوتها من المطبخ:" هذا ممتاز....أنت تشربها مثلي تماماً!!!"
مع أنه يشربها خالية من أي اضافات....ما الذي حصل له الآن؟؟؟انها تشل قدرته على التفكير......
تثاءبت ..ثم بدأت تمط ذراعيها وظهرها لتطرد الكسل عنها....لكن أجفلها صوت من خلفها.....
" هل أساعدك.....(وهو ينظر اليها مشدوهاً!ثم تابع) في شيء؟؟"
تنبهت رينيه لنظراته...فنظرت بسرعة الى نفسها..ثم اعتذرت قائلة..
" أوه... آسفة على مظهري...؟؟لكنني....شعرت بالوحدة...لم اعتد النوم بعيداً عن أبي........فقمت بارتداء قميصه...أعرف أن هذا طفولي وسخيف!!! ولكنني؟؟"
" بل هذا شيء جميل..وحساس!! كما أنني أنا الذي ظهرت فجأة عند باب منزلك فأرجو ان تعذريني!!"
" أرجوك لا تقل هذا!"
قالت وهي تتنقل أمام ناظريه وتسخن بعض الفطائر المحلاة التي قامت بتحضيرها مسبقاً...
" أتعلم..بأنني لم أذق شيئاً منذ ظهر الامس؟؟ ولولا ظهورك الآن...لما تذكرت أن آكل أي شيء!!!"
جلس يوهان على كرسي قريب...وهو يقول بنبرة لطيفة:" ألا يوجد هناك أحد من أقاربك..يمكنه مساعدتك خلال مرض ابيكي؟؟"
هزت رأسها بالنفي:" أخبرتك أنه لايوجد سواي وأبي!!"
قال وعقله على بعد ألاف الاميال:" فهمت!"
ابتسمت رينيه وهي تناوله طبق الفطائر المحلاة:" لا تضخم الامور....!! ها أنا سآكل الآن..والفضل يرجع لك!!! ألم أقل لك بأنك بطلي!!!"
نظر اليها يوهان طويلاً..مما أربكها ثم مالبث أن قال:" أنتي فتاة شجاعة ..وأنا واثق بأن السيد ثومسون فخور بكي!!"
ضحكت رينيه وعادت لها روحها المرحة:" أشعر من كلامك بأنني جندي يحارب في الصف الاول من الجيش....أو كأنني معاقة..أو مازلت طفلة تبلل نفسها...؟؟"
ضحك يوهان حتى بانت أسنانه البيضاء..كأنها حبات اللؤلؤ.....مما سلب رينيه عقلها كلياً...
" هل أخبركي أحدهم كم أنتي مجنونة آنسة ثومسون؟؟" وهو يحاول كتم ضحكاته...
" أتظن بأن هذا اكتشاف خاص بك دكتور يوهان؟؟؟يؤسفني أن أخبرك...بأنه لايوجد هناك من لا يعرف ذلك.....! كان الامر مربكاً في البداية..بالطبع لهم وليس لي......!!لكنني أظنهم اعتادوا أخيراً على ذلك!! ان أبي متمسك بضرورة دفع كل مدخراته للاحمق الذي ينوي ان يتزوجني.....مع أنه أحياناً كثيرة..يشك بأن هذا الشخص هو موجود حقاً!"
قال يوهان وهو ينظر اليها متأملاً والابتسامة ما تزال مرسومة على ثغره المثير....
" أظن بأن هناك الآلاف وليس واحداً...سيتمنون لو تنظري اليهم....أنستي!"
سرحت بكلماته....أحقاً ما يقوله؟؟؟أيقصد ذلك؟؟ أم يحاول رفع معنوياتها!! أم أنه يحاول أن يكون فقط مهذباً!!
نظرت اليه ورأت أن أسلم حل هو الدعابة...كعادتها!! فقالت:" أرأيت؟؟يتمنون لو أنظر اليهم...!! النظر وليس الزواج!!! أنت الاخر متفق مع أبي في هذا الامر!! لا أحد يفهمني في هذا العالم؟؟ربما...علي التوجه للمريخ!! ما رأيك؟؟؟"
عاد يوهان للضحك من جديد قائلاً:" سأفكر وأخبرك رأيي لاحقاً!! والآن...تعالي وكلي شيئاً أيتها الاسفنجة المزعجة!!!"
ضحكت رينيه من قلبها....وهي تقدم له قهوته....وتجلس أمامه لتناول قهوتها.....
كانت تتكلم وتتكلم....محاولة كسر الرتابة والجمود في تصرفات يوهان....مما دفعه للشرود والتأمل في قسمات وجهها....تارة يحدق بعينيها الجميلتين اللتين بلون الفيروز النقي....وتارة في خصلات شعرها المتناثرة بعدم ترتيب....ومرة أخرى تتركز نظراته على تلك الشفتين الحمراوين....انهما تجذبانه الى أبعد حد....وتغريانه الى أقصى درجة...!
لاحظت رينيه بأنه يحدق في شفتيها....أحست بالحرج الشديد...فقالت محاولة التهرب...
" هل أملأ لك فنجانك؟؟"
وكأنه صحى من غفلته:" اي...نعم..نعم!"
ابتسمت ونهضت لتحضر المزيد من القهوة...عاد للنظر اليها ...كيف تمشي وكيف تتحرك...كيف ترفع أكمام قميصها المتهدل....كيف تتكسر ثنيات شعرها على جبينها وجانبي وجهها الناعم.....
انه يحس برغبة عارمة في عناقها....أه..لكم سيكون ذلك جميلاً ورائعاً......! لطالما شعر بحاجته هذه منذ أول مرة رآها فيها!....وها هو الآن يحس بأن جسدها يدعوه لمعانقتها! هذه الساحرة رينيه تدعوه لفعل ذلك بكل جاذبية وفتنة دون أن تدري!!! وهذا ما يزيد عذابه!! انها تتصرف على سجيتها لكنها تدير عقله كما لو كان ما يزال فتى أرعن....كل ذرة في جسمه تصرخ فيه طالبة الرحمة للحرارة التي تحرقه...
لم يستطع التحمل أكثر...فنهض فجأة..مما أجفلها......
" أنا..علي الذهاب الآن....أشكرك على القهوة والفطائر....انها حقاً لذيذة!! وداعاً!!"
وبسرعة انسل من كرسيه متجهاً نحو الباب......ولكن قبل أن يخرج.....توقف عند الباب...التفت اليها..لاحظ علامات الدهشة والضيق بادية على وجهها....لكنه عاد ففتح الباب وأغلقه خلفه بكل هدوء!!!


JAN 05-10-2020 04:10 PM

رجل غامض


الفصل السادس
" رجل غامض!!"
هاهي رينيه تخرج والدها من المستشفى, لقد تحسن وأصبح بصحة جيدة..لكنها باتت تعرف الآن بأنه لن يعيش طويلاً...أو كما قال الاطباء, لن يتجاوز الخمس سنوات ان كان محظوظاً!!!
لهذا عليها أن تبدأ بالاعتناء بوالدها أكثر, وتهتم بنفسها أقل...هكذا فكرت وقررت في نفسها!
لكن الجيران والاصدقاء قرروا اقامة احتفال بسيط لعودة السيد مايكل الى المنزل بصحة جيدة.!
كان الاحتفال بسيطاً جداً اقتصر على ستة اشخاص فقط بالاضافة الى رينيه ووالدها, فدأبت رينيه الى اعداد بعض الاطباق البسيطة التي كانت تستمع بطبخها..وأعدت طبقاً لا مثيل له من الحلوى!! كل ذلك من أجل أبيها...!!!كانت تريد أن تفرحه بأي وسيلة وتخرجه من جو المرض والكآبة التي أصبحت ملازمة له!!
وما ان وصل الضيوف وبدأت جلسة السمر والمرح, حتى بدأت تتعالى أصوات ضحكات السيد مايكل شيئاً فشيئاً مما أسعد رينيه..وجعل الدموع تنهمر من عينيها!! ولم يقطع عليها تأملاتها الا صوت قرع الباب...فأسرعت لتفتح...وما ان فعلت حتى ذهلت....فوقفت ساكنة بدون أي كلمة....
أحس هو بالصدمة عقدت لسانها...فبادر قائلاً بجمود:" مرحباً آنسة ثومبسون!"
بدأت تفيق من الصدمة:" أه...أهلاً..أهلاً دكتور يوهان!! آسفة حقاً..لكنني؟؟أوه تفضل أرجوك!!!"
ابتسم بتوتر وهو يقدم لها باقة رائعة من الزهور....
" آه أشكرك..انها جميلة حقاً!!" وهي تتنشقها بسعادة...بينما كان هو يراقبها بصمت والبسمة لا تفارق وجهه...." انها لا تساوي شيئاً الى جانب جمالك!!" قال لنفسه.وهو ينظر لها من رأسها الى أخمص قدميها بافتتان....كانت ترتدي فستاناً قصيراً من الدانتيل الابيض ذو أكمام طويلة ضيقة...
وقامت بعقص خصلات شعرها المجنونة لتتهدل على جانبي وجهها بنعومة ودلال....لقد كانت كالملاك الساحر....
ابتسمت وقالت بنعومة:" تفضل أرجوك سيسعد أبي للقائك!"
تقدم ودخل...وهي تغلق الباب خلفه...وما ان ظهر في الصالة...حتى هتف السيد مايكل عالياً باسمه...
" أوه!! دكتور يوهان.....مرحباً بك...لكم أنا سعيد لأنك لبيت دعوتي!!"
نظرت رينيه الى والدها بدهشة, (لبيت دعوتي؟) لكنها صمتت حين لاحظت الابتسامة في وجه يوهان....
" أشكرك...كان هذا من دواعي سروري!!ولكن لا تقل لي الآن...بأنك أكلت من هذه الكعكة؟؟!!"
ضحك الجميع...بينما قال السيد مايكل معقباً:" أوه..أرجوك أن تنسى مهنتك للوقت الحاضر فأنت هنا بصفتك صديق!!!"
" هذا حسن! وبصفتي كذلك....أريد أن أطمئن عليك!!!"
سارعت السيدة ليديا الى الاجابة وهي تبتسم:" لا تقلق ايها الطبيب....فلقد منعناه بصعوبة!! ولكنه حتماً لم يذق منها شيئاً....أؤكد لك!!"
وفي هذه اللحظة كانت رينيه تقدم له طبقاً من الكعكة...وكوباً من العصير...
" شكراً لك!" قالها وعينيه لا تفارقان عينيها.....
ثم جلست الى جانبه....وهي ما زالت تفكر بسر العلاقة الغامضة بينه وبين أبيها! فهي لم تره أبداً مذ كان في بيتها...حتى انها توجهت الى مكتبه أكثر من مره لتشكره...ولكنه لم يكن أبداً متواجداً!!! أيضاً حينما ذهبت لتصطحب والدها من المستشفى لم تره!! وقد بدا لها آخر مرة كئيباً متوتراً...وغاضباً..وهي لا تدري من ماذا؟؟ والان بكل بساطة..يظهر أمام باب منزلها..بل ويجلس الى جانبها!!! كم هي عجيبة هذه الدنيا!!!
مرالوقت سريعاً....كانت سهرة ممتعة بحق للجميع....خاصة ليوهان الذي نادراً ما يستجيب للدعوات والسهرات التي يتلقاها...ولم يفهم لماذا قبل الدعوة هذه المرة!!
استأذن السيد مايكل للذهاب للراحة, وبدأ الضيوف بالانصراف واحداً تلو الآخر...حتى انتهى المطاف برينيه ويوهان وحدهما في الصالون......
لم يكن يشعر برغبة في المغادرة, ومع هذا وجد نفسه مجبراً على فعل ذلك....فقال وهو ينهض :" أظن بأنه علي الذهاب الآن!!"
قالت رينيه وهي تشعر برغبته تلك..والتي هي نفس رغبتها:" أ لديك عمل في المستشفى؟!"
أجاب بجمود:" لا! ولكن؟"
ابتسمت أكثر وقالت:" بامكاني اعداد القهوة ان رغبت؟!"
تردد قليلاً ثم قال..:" لا أريد ازعاجكي!"
فهزت رأسها نفياً وخصلات شعرها تهتز معها بدلال...:" أبداً! بل في الحقيقة ستسدي لي معروفاً ..فأنت ستحتسي قهوتك وتقوم بتسليتي...بينما أقوم أنا بغسل الصحون!"
فقطب جبينه وقال بحدة:" ألا يمكن لهذا أن ينتظر حتى الغد؟؟أنتي متعبة وكمية الصحون كبيرة!!"
ابتسمت رينيه لاهتمامه بها وأردفت:" لا استطيع تركها حتى الصباح فيصعب علي غسلها حينها وسأبذل جهداً مضاعفاً, ثم ان ذلك لن يستغرق وقتاً طويلاً...لكنني سأحضر القهوة أولاً! تفضل بالجلوس!!"
وهي تتجه الى المطبخ, لكنها جفلت حينما سمعت صوته خلفها...." في هذه الحال!!"
نظرت اليه...كان يرفع أكمام قميصه ويثنيها للأعلى...,
" ماذا تفعل؟" سألته رينيه بدهشة.....
أجاب وهو يقترب منها..:" سأساعدك! وسنشرب القهوة حينما ننتهي!!"
ضحكت رينيه...:" لا يمكنني أن أتخيلك وأنت ترتدي المريلة!!(وهي تكتم ضحكة).... وتقوم بغسل الصحون!!...." وحينما تشكلت الصورة في مخيلتها وعلى رأسه تظهر قبعة من القماش لتكمل صورة مدبرة المنزل!!.....انفجرت ضاحكة... مما أثلج صدر يوهان...فراحت الابتسامة ترتسم شيئاً فشيئاً على ثغره...
" ولم الدهشة؟"
اقتربت منه وأمسكت يديه لترفعهما من الحوض المليئ بالصابون والاواني....لكنها ما ان فعلت ذلك حتى توتر يوهان بشدة...فسحب يديه بسرعة...وهو يزمجر بغضب..فابتعدت مذعورة؟؟؟؟؟لم تفهم ماذا فعلت!!أما هو؟؟فتبدلت ملامحه وقست بشكل مخيف......والسبب ؟؟حركات رينيه الغبية والمثيرة....!!
أجفلت رينيه من تصرف يوهان..فبادرت معتذرة وهي تظن بأنه يكره لمستها....
" أنا؟...أنا آسفة حقاً...لم أقصد أن أزعجك...كنت فقط!"
لكنه قاطعها وهو يحاول الامساك بزمام الامور ثانية...:" اسمعي آنسة ثومسون!! سأقوم باسداء نصيحة اليكي..! عليكي أن تكفي عن التعامل مع الاخرين بهذه العفوية..؟؟لا تتصرف الشابات على هذا النحو؟؟؟"
قالت باستغراب:" وماذا فعلت...حتى أستحق كل هذا التوبيخ؟؟؟"
بدت ملامح الغضب على وجه يوهان...كيف يستطيع ان يشرح لها ذلك!! كيف يخبرها بأن لا تكون محببة هكذا؟ كيف يخبرها ان تتوقف عن لمسه حتى وان كان من غير قصد....اللعنة ! فهي لا تعرف ماذا فعلت به لمستها هذه...لقد أشعلت نيران صدره حتى ما عاد من السهل اخمادها او حتى السيطرة عليها!!!
كيف يخبرها...أنها تدفعه الى فعل اكثر الامور جنوناً في حياته! انها تدفعه الى خطر...كان قد تعامل معه قبلاً ورماه طي النسيان!!! انها تدفعه الى الانسياق وراء رغباته ومشاعره.....؟؟أيعقل هذا؟؟؟ كيف يرغب بطفلة؟ نعم...اللعنة على تلك البراءة...فهي ما تزال طفلة!!! وتتصرف على هذا النحو....دون ان تفكر في العواقب!!
على الاقل انه يجبر نفسه على التماسك....او هكذا يحاول ان يقنع نفسه...لكن؟؟؟لم يدر لم جالت في مخيلته صورة رينيه وهي ترمي بنفسها في أحضان شاب لعوب..مخادع!!لأو تقوم بامساك يده لسبب ما؟؟أتراه يقدر على امساك نفسه ومنعها من التهور مثلك يوهان؟؟؟ أم...سيينساق وراء شهواته ورغباته...مصطحباً رينيه معه.....لتدفع الثمن وحدها في نهاية المطاف!!!
رفع يده الى جبهته بعصبيه...وكأنه يريد ان يخنق تلك الافكار السوداء قبل خروجها الى حيز الضوء.....لا..لايمكن ان يسمح بذلك!!
أفاق على صوتها الرقيق:" أنا...آسفة ان كنت سببت لك اي ضيق...!أنا حقاً لم اقصد ذلك!"
أجاب بجمود:" انسي الامر.....هيا بنا نبدأ العمل..حتى أستطيع الذهاب..فقد تأخر الوقت!!"
لم تصدق رينيه أذنيها...ءالى هذه الدرجة هو مستعجل على تركها؟ وفيما بقاؤه اذن من البداية ان كان يكره رفقتها؟ دفعها ذلك للغضب وباتخاذ موقع الدفاع...فقالت بتلقائية....
" لست مضطراً دكتور يوهان للبقاء والمساعدة ان كنت في عجلة من أمرك! أخبرتك بأنني أستطيع تدبر الامر,,,فأرجوك لا تجعلني أعطلك!!"
" قلت بأنني سأساعدك....فهيا ولا تكثري الكلام!!"
ومع أنها أحست بحنق شديد اثر كلماته الاستفزازية..ونبرته الآمرة......إلا أنها اتجهت الى الحوض...وقالت بحدة..:" سأغسل الصحون ...وأنت تقوم بتجفيفها!!"
ابتسم رغماً عنه...ولكنه أخفى ذلك بمهارة....وقال بصوت هادئ:" يناسبني ذلك!"
" حسناً!"
وبدآ العمل ولم ينتهيا قبل مرور ساعة من الزمن....لكن يوهان لم يقبل بتناول القهوة بعد ذلك...وطلب من رينيه تأجيل الدعوة الى وقت آخر...وسيسعده أن يلبيها...
وبينما كانت تقف على عتبة الباب لتودعه....نظر اليها...وقد تسلل شعاع القمر الفضي ليضيء وجهها الناعم ويزيد بهاؤه...وأخذت نسائم الليل العليلة تداعب شعرها وتبعثره ..
وجد نفسه غير قادر على ازاحة عينيه عنها..مع انه يرغب بذلك بشدة...مما جعل الدم يندفع الى وجهها..فبدأت اكثر جمالاً ورونقاً.....
" أنا...لم أر في حياتي كلها...من هي تشبهكي! انكي تدفعين المرء الى عدم الاكتفاء من النظر اليكي!!"
نظرت رينيه اليه بحيره وقلبها يخفق بشدة....لكم يعذبها هذا الرجل..ويسيطر على تفكيرها...لكنه يتصرف بغرابة...ولن تستطيع التنبؤ أبداً بما يجول في خاطره.....
ومع هذا...ابتسمت بسعادة وقالت..:"سأقترح عليك شيئاً وارجو أن لا تخذلني؟"
أجاب بهزة من رأسه ليشجعها على الكلام....
" سأناديك..يوهان..وستناديني رينيه منذ الآن فصاعداً....أيمكننا ذلك؟!"
دهش منها...وظهر ذلك على وجهه...ومالبث أن قال بجفاء:" أرى بأنكي فتاة عنيدة...ولا تتقبلين النصح أبداً!؟ "
بهتت رينيه ..فهي لم تتوقع جواباً كهذا أبداً....
لكن يوهان أردف قائلاً:" لا يجدر بكي فعل كل ما يخطر في بالك!! لا يمكنك القيام بكل ماترغبين به دون التفكير في العواقب!! ...أنتي لست فتاة صغيرة!!"
أجابت بحنق:" أعرف ذلك! ولست أدري ما سبب حساسيتك المفرطة تجاه الاشياء..؟؟ان لم ترغب بنزع الالقاب حسناً فليكن لكنني لست بحاجة الى موعظة الآن!!!"
بدأت الآن علامات الاستهزاء ترتسم على وجهه وقال بمرار
:" موعظة؟ حسن هذا منطقي جداً نظراً الى الفارق العمري الكبير بيننا..فإنني حقاً أصلح لدور الواعظ..وماذا غير ذلك؟"
كادت رينيه أن تنهار..لقد اتجهت الامور الى عكس ما تريد..لم تقصد أبداً أن تلمح الى قضية العمر...لقد زادت الامور تعقيداً...وأحست بأنها في دوامة....فحاولت اصلاح ما تبقى...
" لا ..لا... يوهان...لم أكن أقصد ...!" قالت وهي تهز رأسها غير مصدقة لما يحدث....
لكنه قاطعها قائلاً:" دكتور يوهان من فضلك! وأرجو أن تدخلي المنزل الآن..فالجو بارد..والوقت متأخر...!!"
لكنها لم تنصع لأوامره بل اقتربت منه وأمسكت كم قميصه لتوقفه...:" أرجوك...توقف!"
التفت اليها وبريق الغضب يلمع في عينيه....:" قلت لكي ادخلي المنزل الآن...أيتها الصغيرة!"
وهو يدفعها باتجاه المنزل....
فصرخت بحنق:" أنا لست صغيرة! وأنت لست مسناً....فتوقف عن فعل ذلك!!"
نظر اليها بجمود:" أتوقف عن فعل ماذا؟!"
فرت الكلمات منها...انه يهزأ بها وبمشاعرها....انه يتعمد احراجها واذلالها!! انه يريدها ان تكرهه...وتبتعد عنه!!! ولكن هذا غير ممكن!! انه فارس أحلامها..الذي طالما حلمت به!! لن تدعه يتركها ....فهو لها....وهي له!! ولن تفهم غير هذا الكلام!!!
لكنه لما رآها على هذا الحال من الحيرة..التفت ليذهب....
" يوهان؟"
أوقفته نبرة صوتها الرقيق المتألم.....لم يستطع تجاهل ندائها لاسمه بهذه الطريقة....فتوقف
لكنه لم يلتفت اليها ولم يكلمها....وكأنه ينتظر ان تقول ما تريده...
لم تعرف رينيه ماذا تريد ان تقول...لكنها لم تشأ ان يتركها هكذا...بهذه الافكار في رأسه...
:" أرجوك...لا تذهب!"
" توقفي عن هذا!" وقد تملكه غضب شديد....لكنه لم يثنها عن المتابعة....
" أرجوك! ابق للحظة بعد!! " وقد انسابت دمعة على خدها........وهي تشعر بأن احلامها تتحطم أمامها!!!
التفت اليها وقد خارت قواه..وهو؟؟ أيستطيع مقاومتها؟؟؟كان يحاول جذب نفسه عنها بكل قوته...حاول وحاول!!لكنه ما ان رأى دمعها...حتى انهارت كل حصون الدفاع... اقترب منها حتى لم يعد يفصلهما شيء...وقال بغضب:" لم هذه الدموع الآن؟" وهو يمسحها بيده...لكنها أغمضت عينيها اثر لمسته لبشرتها مما أثار الاحاسيس والخيالات مرة أخرى ليوهان...
أحاط وجهها بيديه القويتين....ففتحت رينيه عينيها دهشة وقلبها يخفق بجنون.....
:" رينيه؟!...أيتها الاسفنجة المزعجة الجذابة!!! ليتني لم أذهب الى تلك الحفلة التي قلبت حياتي رأساً على عقب!!"
لم تصدق رينيه ماسمعته للتو....هل يمكن لهذا الرجل الجذاب الرائع بكل المقاييس أن..يحبها؟؟ لكنه لم يقل شيئاً عن الحب....اذاً ما معنى هذا؟؟ هي...قلبت حياته رأسهاً على عقب؟؟أهي مهمة عنده الى هذا الحد؟؟؟لقد نعتها بالاسفنجة الجذابة؟؟فهل يجدها كذلك؟؟ومع أن من الواضح بأن هذا الحال لا يعجبه...ولكن لماذا؟؟أتراه متزوج؟؟ام لديه خطيبة؟؟؟أو حتى صديقة؟؟؟"
كانت تنتظر قبلته والنظرة الى شفتيه المغريتين تحرق عينيها...وبدا لها للحظة بأنه على وشك تحقيق حلمها...لكن يبدو أن رشده قد عاد اليه في اللحظة الاخيرة فانتفض من هذا الموقف المحرج...وهو يدفعها عنه...ويقول بانزعاج واضح..
:" هذا سخف!! ولست مستعداً لتحطيم قلب مراهقة....لست من النوع الذي تتوقعينه يا صغيرتي...لن يعجبكي أبداً ما قد تعرفينه داخل هذا الرجل الذي يسحركي!! لن تحبي الظلمة ولا الثلج.....وهذا ما أنا عليه بالضبط!!!"
وهو يعود ليلتفت الى سيارته ...
لكنها صرخت بجنون..وقد تبددت أخر خيوط العقل في كلامها مع تصريحها الاخير..:" وما أدراك بأنني لن أحبها؟؟؟"
توقف قليلاً...وكأنه يفكر فيما قالته....واما هي فراح قلبها يدق بجنون.....لكنه هدأ...ولم يهدأ بالها حينما عاد لمتابعة طريقه الى سيارته بدون اكتراث...وماهي الا لحظات حتى غاب عن الانظار!!!


JAN 05-10-2020 04:11 PM

طفلة مدللة



الفصل السابع
" طفلة مدللة!"
أمضت رينيه ليلة بائسة مريرة...ومع أنها استيقظت في وقت متأخر الا أن الصداع في رأسها كان شديداً....نفضت عنها الغطاء...ونهضت بكسل الى الحمام....وما ان نظرت الى نفسها في المرآة...حتى راعها منظرها....
" هذا جميل جداً!! ماذا سيقول أبي الآن؟أوه... !!!"
وهي تفتح الصنبور وتعدل درجة حرارة المياه...وبعد ان اغتسلت وارتدت ثيابها...
سرحت شعرها واضافت بعض الزينة لوجهها حتى تخفي آثار البكاء والسهر طيلة الليل...وتمحو الهالات السوداء تحت عينيها.....وظنت أنها نجحت....
اتجهت الى غرفة أبيها لكنه لم يكن هناك....نزلت الدرج وهي تنادي باسمه....لكنها سمعت صوتاً تعرفه جيداً ينبعث من غرفة الجلوس الى جانب صوت أبيها.....
نزلت بحذر...وما ان وصلت حتى تجمد الدم في عروقها....., لكنه ما ان لمحها حتى قال بصوت رقيق....
" صباح الخير يا انسة ثومسون.."
لكن رقته اللامتناهية بعد قسوته أمس أثارت فيها غضباً جارفاً..فقالت بقسوة كبيرة لم تعرفها في نفسها....
" ماذا تفعل هنا؟!"
" رينيه!!" ناداها والدها دهشاً....
لكنها لم تتوقف...فقد أعماها الغضب..:" لم أكن أعلم بأنك على هذا القدر من الوقاحة....لتعود الى هذا المنزل مرة أخرى!! اخرج حالاً!!" وهي تشير باصبعها الى الخارج.....
جن جنون السيد مايكل :" رينيه!!هل جننتي؟؟ما هذا الذي تقولينه؟؟"
استدارت رينيه الى ابيها قائلة:" أبي أنت لا تعرف شيئاً...تفضل دكتور.... يوهان خارجاً (وهي تشدد على دكتور) لا أريد أن اراك بعد اليوم!!"
" رينيه!!! يبدو لي أنني لم أحسن تربيتك!! لقد أخجلتني حقاً يا فتاة...!!"
قاطعته رينيه:" ولكن يا أبي؟"
قاطعها بدوره:" لا أريد أن أسمع منكي أية كلمة!! اصعدي حالاً الى غرفتك.....!!"
نظرت رينيه الى يوهان بحنق... ثم مالبثت أن أسرعت تصعد السلم الى غرفتها كل درجتين معاً.....وهي تكاد تنفجر!! فتحت الباب ثم أغلقته بعنف.....
تنهد السيد مايكل طويلاً:" لم أعد أفهم هذه الفتاة!! لم تكن أبداً بهذه الوقاحة....الجميع يحبها ويحترمها...وهي طيبة الى ابعد حد....!! آه يا الهي!!انها غلطتي ولاشك!! لقد أفسدتها بدلالي وحبي غير المحدود!! ولكن ماذا افعل؟؟ان كنت لها الاب والام والاخ والاخت وكل شيء؟؟؟كنت ارغب ان اعوضها عن كل ذلك!! كنت اظن بأنني أعوضها عن كل ماينقصها ولم أعلم أنني أفسدها وأجعلها انانية!!! آه يالهي!!! كيف ستحيا من بعدي!!"
وهنا تدخل يوهان محاولاً تهدئة السيد مايكل:" ارجوك ان تهدأ! هذا غير مفيد لصحتك!!"
قال السيد مايكل بعصبية وعلامات التعب اصبحت بادية على وجهه:" وأنت؟؟ألم اقل لك ان تترك نصائح الطبيب خارجاً؟؟؟؟"
ابتسم يوهان بهدوء وعاد للقول:" حسناً أنا اقول لك ذلك كصديق!! ولأنه ليس هناك من داع لكل ما تفعله بنفسك!"
" ألم ترى بعينك ماذا حدث منذ قليل؟؟؟أهذه هي ابنتي؟؟لست أصدق ما فعلته للتو!!لا يمكن أن تكون هذه رينيه!!"
" أنا متأكد من أن لديها اسبابها!!! هل تسمح لي بالصعود لأكلمها؟؟"
" آه دكتور يوهان....أخاف أن تزعجك بكلامها؟!!فحينما تكون غاضبة تصبح لاذعة اللسان حقاً!!"
ابتسم يوهان مرة أخرى وقال مطمئناً:" لا عليك! أنا أعرف كيف أتدبر أموري معها!"
قال وكأنه مغلوب على امره:" تفضل ان كنت تصر....ولكن لا تقل بأنني لم أحذرك!"
" لا تقلق!"
بينما كانت ملقية بنفسها على سريرها بشكل عكسي....وقد تقاطع ذراعيها ودفنت رأسها بينهما..وهي تبكي بحرقة...
دق الباب ....ولما لم تجب....فتح الباب ثم عاد للاغلاق......سمعت صوت خطوات تقترب منها..لكنها لم تتحرك...وأحست به يجلس بجانبها على سريرها...ويتحسس شعرها بحنان........
" أنا آسفة أبي عما حدث في الاسفل!! لم اقصد ان افعل ذلك!!لا أدري ماذا حصل لي!! صدقني ابي!!"
وهي تجهش بالبكاء من جديد......
" أصدقكي يا صغيرتي!"
رفعت رأسها بذعر وما ان رأته حتى صدمت فبدأت بمسح دموعها بعصبية وهمت بالوقوف...ولكنه جذبها من ذراعها....وأجلسها الى جانبه كانت ثائرة حانقة عليه..ومع هذا كان له تأثير المغناطيس عليها فأطاعت..لكنها ما لبثت ان قالت وهي تنظر اليه بحقد....
" ماذا...ماذا جئت تفعل هنا؟؟ألا يكفيك ما حدث في الاسفل؟؟؟هذه أول مرة يصرخ فيها ابي في وجهي...ويعنفني بهذا الشكل!! وكل هذا بسببك!!"
وهي تنهض من مكانها وتذرع الغرفة بخطواتها..ثم تعود وتقول له......" ألا يكفيك ما فعلته بي حتى الآن؟؟؟ألم تطلب مني تركك وشأنك؟؟؟ألم توضح بأنني طفلة صغيرة بلهاء..لا تصلح لشيء؟؟؟فماذا تريد مني الآن؟؟؟ ماذا تريد؟؟؟؟؟"وهي تبكي بحرقة.......
فما كان منه الا أن نهض من مكانه..واقترب منها..وهي لا تكف عن ذرف الدموع.....ثم ضمها اليه بحنان....قائلاً
" اهدأي....."
لكنها حاولت مقاومته وهاجت ثائرة....أيظنها لعبة بين يديه..؟؟؟انه يفعل بها مايحلو له...يتحكم بها كيف يشاء..وهي لن تسمح بذلك....
قالت صائحة:" دعني وشأني....اتركني ايها المغرور!!"
ولكنه لم يفعل....بل أخذ يمسح على شعرها بهدوء وحنان...كما لو كان والدها.....ومع كل مقاومتها ورفضها الا أنها رضخت في النهاية لارادته وهي خائرة القوى...فأسندت رأسها الى صدره وهي تلهث...وقلبها يخفق بشدة فقد أضناها التعب.....
قالت باعياء وعينيها شبه مغمضتين:" لست أفهمك! انك تحيرني!!!"
شعر يوهان بجسمها يثقل..ويترنح...فعرف في الحال..بأنها على وشك الاغماء...فمالبث ان حملها سريعاً بين ذراعيه...ووضعها بلطف على سريرها....
نادى بصوت خافت:" رينيه؟؟؟هل أنتي بخير؟؟"
كانت عينيها ترمشان بسرعة....وقالت وهي شبه نائمة:" أنا...متعبة!"
...رفع خصلة من شعرها الناعم الكثيف عن وجهها...."نامي يا صغيرتي...نامي وخلي عنكي كل الاحزان!"
نظر اليها نظرة اخيرة....ثم خرج وأغلق الباب خلفه....................
ولما استيقظت وكان ذلك بعد ساعة تقريباً.....نهضت من مكانها...وهي تشعر بالكسل والخمول...وماهي الا لحظات حتى عادت لها اخر الذكريات....صحيح؟؟لقد كان يوهان هنا...معها في غرفتها؟؟أم كانت تحلم...فما عادت تفرق بين الحلم والحقيقة؟؟؟؟ آخر ما تتذكره هو عناقه الحنون لها...وبعدها....فراغ أبيض!! لم لا تتذكر ماذا حدث بعد ذلك؟؟؟؟؟كيف انتهى بها الامر نائمة على سريرها؟؟؟؟هل يعقل أن يوهان كان في غرفتها...وهي بكل بساطة استسلمت للنوم؟؟؟أي جنون هذا..أو غباء؟؟؟
فتحت باب غرفتها..ونزلت للطابق السفلي....فوجدت والدها يقلب بمحطات التلفاز.....لكنه ما ان رآها حتى أطفأه..ونظر اليها عابساً......وكأنه كان ينتظرها!!
عرفت رينيه بأن هناك محاضرة أخلاقية...على وشك البدء...ولن تكون أبداً سهلة!!!!!
فسارعت الى الاعتذار...:
" أبي..!! أنا..." ولكنه قاطعها......
" سوف تقتلينني أيتها الفتاة قبل أواني....ما الذي حدث لكي هذا الصباح بحق السماء؟؟"
" أبي؟؟ أنا أعتذر...لم أقصد أن..."
وقاطعها ثانية..:" ليس أنا من عليكي الاعتذار اليه....بل هو ذاك الطبيب الشهم....الذي كلف نفسه عناء الاهتمام بنا.....حتى وان اضطر الى تحمل لسانك واهاناتك الطفولية....!!متى ستكبرين رينيه؟؟؟ها؟؟؟أخبريني بالله عليكي؟؟"
قالت رينيه بحنق:" أهو من طلب منك قول ذلك لي؟؟فأنا لا أصدق بأن الصدفة وحدها هي من دفعتكما الى استخدام نفس الكلمات ؟؟؟"
" اذاً هو على حق ولا شك!!! ولكنه لم يخرج حتى جعلني أعده بأن لا أوبخك ولا أزعجك أبداً!! "
قالت رينيه بحيرة:" هو قال ذلك؟؟؟؟"
أجاب السيد مايكل بحنق:" وهل سأكذب عليكي؟؟؟بل انه قال بأنكي فتاة طيبة...ومهذبة....لكنه يعزو سوء تصرفك اتجاهه..الى احساسك بالتعب والتوتر...جراء..مرضي!! فهل هذا صحيح؟؟؟"
" أوه..أبي!!"
نظر اليها السيد مايكل بتساؤل:" لا...ليس الامر كذلك أبداً!!هناك ما تخفينه رينيه؟؟لن تستطيعي الكذب على والدكي العجوز!!"
اقتربت رينيه من والدها....والدموع في عينيها.....وما ان لاحظ ذلك...حتى تنهد طويلاً..وفتح ذراعيه لها....
" آه يا صغيرتي.....لقد ظننت أن هذا اليوم لن يأتي أبداً!!" وهي تضع رأسها في حضنه وتعانقه باكية......
" متى حدث ذلك؟"
قالت من بين الدموع:" حدث ماذا؟"
" حبيبتي قلبي مريض حقاً..لكنه غير عاجز عن الاحساس...كما أنني لست أعمى..."
" أوه أبي!!" وهي تعود لنحيبها المحزن.....
" ألا يبادلكي المشاعر؟!" قالها بأسى...وهو يرى لوعة صغيرته الوحيدة على حبها الضائع...
" انه يراني صغيرة....!! لكنني أعلم بأنه يحبني!!"
" حسناً...حسناً هذا خبر جيد....سيدرك حاجته اليكي مع الوقت...وسترين!!"
رفعت رأسها الى ابيها وقد لاح في عينيها الدامعتين بريق أمل....." أتظن هذا يا أبي؟ أتظن بأنه ..يحبني!!"
قال بابتسامة حانية وهو يمسح دموعها:" ومن يمكنه أن لا يحب ملاكي الصغير!!"
" آه أبي....أنت تقول ذلك..لأنني ابنتك!!" وهي تنهض عن الارض وتمسح دموعها....
" هذا صحيح! ولكنني واثق كذلك بأنه يحبكي...فقط عليكي أن تكوني صبورة...حتى يكتشف ذلك بنفسه!!"
" لكنه طلب مني بالامس فقط أن أبتعد عنه!!"
" وفي الصباح كان على باب بيتك!!!"
بدأ عقل رينيه يعمل بسرعة...ثم قالت بدهشة :" أتعني أنه حضر اليوم من أجلي؟؟"
قال وهو ينهض ويتجه الى المطبخ:" هذا ما كنت أحاول قوله منذ الصباح!! والآن تعالي وحضري الفطور لأبيكي المسكين..فلم آكل شيئاً لشدة حيرتي من تصرفاتك!! .وامسحي هذه الدموع..فهي غالية علي....!!"
" أوه أبي...كم أحبك!!" وهي تبتسم بسعادة و تمسح اخر الدموع المنسابة على وجنتيها وتعانق أباها الذي لم يستطع أن يمنع دمعة صغيرة من الانسياب!
وبعد حديث مطول بين رينيه ووالدها اكتشفت أن يوهان كان يزور والدها يومياً اثناء اقامته في المستشفى وبأنه سأل عنها مرات عدة....وبأنهما أصبحا صديقين..لهذا قام والدها بدعوته الى السهرة اللطيفة التي كانت ليلة الامس...ومما أكد للسيد مايكل اهتمامه برينيه هو حضور يوهان وتلبيته للدعوة.!!!
ومما لاشك فيه...أن حديث والدها قد دفعها الى الاحساس بتأنيب الضمير ومع هذا لم ترد الاعتراف بخطأها...ان كان يحبها فسيأتي اليها...لقد قال لها كلاماً جارحاً أيضاً وعاملها بازدراء وتعالي...فلابد أن يعتذر اليها أولاً! لهذا لم تجد نفسها تمانع أبداً حينما عرضت عليها جولي الخروج هذه الليلة والاستمتاع كما الايام الماضية....وبما أنها ستكون سهرة فتيات فقط....ووالدها ألح عليها كثيراً في الذهاب خاصة بعد ملاحظته لمزاجها السيء هذه الفترة.....وافقت رينيه على ذلك..بعد أن تأكدت من بقاء السيدة ليديا و زوجها بوب برفقة والدها......

Sorry for being late...but iam really sick..( any way..here is the part...enjoy!!
وعلى فكرة لا أحل...أي شخص يقوم بنقل اي رواية من رواياتي بدون ذكر اسمي....ولن أسامحه أبداً..!!

JAN 05-10-2020 04:12 PM

مارد المصباح


الفصل الثامن
" مارد المصباح!"
ومما لاشك فيه...أن حديث والدها قد دفعها الى الاحساس بتأنيب الضمير ومع هذا لم ترد الاعتراف بخطأها...ان كان يحبها فسيأتي اليها...لقد قال لها كلاماً جارحاً أيضاً وعاملها بازدراء وتعالي...فلابد أن يعتذر اليها أولاً! لهذا لم تجد نفسها تمانع أبداً حينما عرضت عليها جولي الخروج هذه الليلة والاستمتاع كما الايام الماضية....وبما أنها ستكون سهرة فتيات فقط....ووالدها ألح عليها كثيراً في الذهاب خاصة بعد ملاحظته لمزاجها السيء هذه الفترة.....وافقت رينيه على ذلك..بعد أن تأكدت من بقاء السيدة ليديا و زوجها بوب برفقة والدها......
" آه جولي...لكم أنا محتاجة الى هذه السهرة الهادئة...!" قالت رينيه وهي تجلس على كرسيها في أحد المقاهي الهادئة البعيدة عن ازعاج وازدحام العاصمة.....
ابتسمت جولي وهي تجلس في الكرسي المواجه لها...:" هذا صحيح...كما أنها ليلة جميلة رائعة...ستنسيكي كل همومك!!!"
" أوه جولي!! لو أنكي تعلمين!!" قالت رينيه بتنهيدة.....
" اذاً أخبريني أيتها اللئيمة....ما آخر أخبارك مع هذا الطبيب الجليدي؟!"
ابتسمت رينيه رغماً عنها..." جولي! "
" حسناً..حسناً!!لم أقصد الاهانة....لكن اعلمي أنه لا يناسبك! انه يكبركي بكثير يا عزيزتي!!"
" أنا لا أهتم!! أترين؟ انني ربما...؟"
شهقت جولي:" لا!! لا تقولي ذلك!!!"
علت الحمرة وجنتي رينيه....فأردفت جولي :" ولكن هذا جنون رينيه؟؟؟الرجل لا يشعر بشي نحوك!! لم أعرفكي هكذا مندفعة في مشاعرك!!!"
قالت رينيه بسخط:" أنتي الآن تتحدثين مثله!! "
ضحكت جولي وقالت:" حسناً بامكاننا معالجة ذلك...سننسيكي اياه!!"
نظرت رينيه الى جولي بحيرة..:" سننسيكي اياه؟؟ من أنتم؟؟ثم من قال لكي بأنني أود نسيانه...جولي؟!!أشتم رائحة مؤامرة!!"
ابتسمت جولي بحرج...لكن قبل أن تنبس بكلمة....لمحت رينيه شابان وسيمان يدخلان المقهى ويتجهان نحوهما.....
تصاعد الغضب الى وجه رينيه...:" جولي!!!لقد خدعتني!! أخبرتكي أنني لا اريد رؤيته!!!"
حاولت جولي تهدئة رينيه ولكن عبثاً:" أرجوكي رينيه ....أعطه فرصة أخيرة...أنا متأكدة أنكي ستسامحينه....سينسيكي ذلك الطبيب المتحجر!!!"
حملقت رينيه بجولي بعينين غير مصدقتين:" آه...من فضلك..!لا تبدأي الآن بتلك المقارنة المقرفة!!! "
أردفت جولي بصوت خافت:" حسناً حسناً...لكن أرجوك ابقي لدقائق...دقائق فقط ونغادر معاً ....من فضلك رينيه...لا تحرجيني مع جيك!!"
صمتت رينيه وهي تنظر بشزر الى جولي...التي نهضت ترحب بجيك وبيتر....وماهي الا دقائق حتى كان بيتر يجلس الى جانب رينيه وجيك الى جانب جولي.......
تمالكت رينيه نفسها قليلاً...فهي لم ترغب باجتذاب الانظار اليها أو اثارة فضيحة...ستجلس قليلاً ثم تنسحب بهدوء....كما وعدتها جولي!!
لكن ما زاد الطين بلة....هو ذلك الشخص الذي دخل المقهى فجأة وبصحبته طفلين صغيرين..يطلبان الايس كريم.....
" حسناً..حسناً....سآخذ قهوة ونتجه الى بائع الايس كريم...اهدآ الآن!!" قال ذلك والبسمة تعلو وجهه.....فسحرت رينيه ووجدت نفسها تنظر بدون وعي اليه وتراقبه...حتى صحت من شرودها على هز ذراعها ...وهي تحس بأنفاس كريهة معبقة برائحة السجائر...فانزعجت كثيراً ونظرت.....فاذا بها ترى بيتر وقد أحاطها بذراعه ووجهه قريب جداً منها.....
" ماذا تفعل؟" وهي تنتفض منه......
قال وقد بدا الانزعاج على وجهه:" مابكي حبيبتي؟؟؟ كنت أسألكي بماذا تسرحين!! لم أنتي عصبية!!"
قالت بحدة:" أنا لست حبيبتك!!!" لكنها لاحظت أن صوتها كان مرتفعاً قليلاً..فنظرت باتجاه يوهان....حتى صعقت ...كان ينظر لها بعينين ضيقتين...مليئتين بالكره والغضب...ثم ما لبث أن جذب الطفلين وخرج مسرعاً..تاركاً الموظف ينادي عليه ليأخذ قهوته...!
" آه لا!!!" وهي تضع يديها على رأسها.......
" ما الأمر حبيبتي؟ لم أنتي عصبية هكذا اليوم؟؟ألم تشتاقي الي ولو قليلاً!!"
انتفضت رينيه بغضب...ونظرت لجولي التي كانت تراقب رينيه بعينين متوسلتين....ثم التفتت الى بيتر وقالت بصوت هادئ ممزوج بالغضب....:" أخبرتك أنني لست حبيبتك...ولم أشتق اليك أبداً...وان كنت عصبية المزاج...فذلك لأنني لا أطيق وجودك قربي...."
قالت ذلك وهي تهم بالنهوض...لكن بيتر أمسك ذراعها مجبراً اياها على الجلوس.....
مما دفع جيك للتدخل:" بيتر!!ليس هذا ما اتفقنا عليه!!أهكذا تثبت لرينيه مدى ندمك؟؟"
شعر بيتر بالاحراج.....فترك ذراع رينيه على مضض....وأما هي فكانت قد بدأت تغلي من الغضب كمرجل نار.......
بادر بيتر باحراج:" اعذريني رينيه!! لم أكن أقصد....لكنني أحبكي...أحبكي ومشتاق اليكي...وأنتي ترفضين حتى الاستماع الي!!فهل هذا عدل؟؟؟"
نظرت اليه رينيه...لم تشعر بانه تغير قيد أنملة....ولكنها من أجل جولي وجيك...ستنتظر قليلاً....لكنها لن ترجع اليه مهما قال او فعل...
قالت بتنهيدة:" حسناً....أنا أسمعك!"
انفرجت أسارير الجميع..باستثناء صاحبة الشأن....لم تعرف لم كانت تحس بانقباض قلبها؟؟؟ربما ما كان عليها اعادة التفكير في موضوع بيتر أو اعطاؤه اي امل!! ولكنها ستستمع فقط...وستقول له في نهاية الامر...انها لم تعد معجبة به!!!
ومما زاد من انزعاجها...هو مغادرة جولي وجيك الى طاولة أخرى....حتى يعطياهما الخصوصية......
ولما كانت رينيه تود ان تقتل جولي على فعلتها هذه...الا أنها رضخت للأمر الواقع....
وبدأ بيتر الكلام....وتلك الابتسامة الصفراء لا تفارقه.....كان يتكلم ويتكلم....ولم تكن رينيه تسمع شيئاً!! لقد كان عقلها في مكان ما....بعيد عن هنا....!!مع ذلك الشخص الذي ربما أساء الظن بها...ولكن كيف ستقول له بأن بيتر لا يعني لها شيئاً؟؟؟يالها من واهمة, ومغفلة كبيرة!!!
أتظن بأن يوهان يهتم لأمرها حتى يغضب ان رآها مع أحد الشبان؟؟ويغار عليها؟؟؟؟لقد جننتي رينيه حقاً!!!ولكن؟؟ماذا كانت تعني تلك النظرات الغاضبة الشيطانية؟؟؟إن لم يكن لهذا السبب..فلماذا اذاً؟؟؟؟؟
ولما تنبهت من شرودها....وجدت بيتر قد أصبح ملاصقاً لها....ويده القذره تعبث بخصلات شعرها...بينما كان فمه ملاصقاً لأذنها...وهو يهمس لها بكلمات قد تعجب اي فتاة...ولكنها بالتأكيد لن تعجبها هي......
انتفضت من هذا الموقف المقرف.....مما أثار غضب بيتر...فقال غاضباً:" وماذا الآن؟؟هل سنستمر طوال الليل نلعب لعبة القط والفأر؟؟؟؟لقد بدأ هذا الامر يبعث على السأم!!"
نظرت اليه رينيه وقالت بسخرية:" أتعلم؟هذه أول مرة تكون محقاً!! "
قالت ذلك ثم أمسكت حقيبتها ونهضت..لكن قبل ان تهم بالذهاب....أمسك بيتر يدها قائلاً بلهجة تهديد:" رينيه!! لن أقبل أن ترفضيني ثانية!"
نفضت يدها وقالت بغضب ظاهر:" لا تلمسني!"
وخرجت مغتاظة....ولكنه لم يتركها...
أمسك جيك ذراعه:" بيتر! هذا يكفي! اتركها وشأنها!!"
لكن بيتر ابتسم بمكر وقال مهدئاً جيك وجولي:" لا تقلقا....سيعود كلانا الى هنا...ولكن بعد أن نسوي أمورنا! انتظرانا!"
وخرج مسرعاً للحاق بها...كانت ما تزال تمشي على رصيف المقهى...وهي تبحث عن سيارة أجرة....لكن الحظ لم يحالفها....
" الى أين؟ لم ننته بعد؟"
التفتت بذعر...لتجد بيتر يقف خلفها وعلامات الشر ظاهرة على وجهه.....لكنها لم تشأ ان تجعله يلاحظ خوفها...فقالت بصوت حاولت ان تظهره عديم الاكتراث.....
" لقد انتهينا منذ زمن بيتر....فكف عن ملاحقتي!!"
وهنا جذبها من ذراعها بقوة اليه..." اتركني أيها الحقير...!!اتركني!!" وهي تضربه بيديها وترفسه بقدميها...ولكن دون جدوى....لقد كان أقوى منها......
" لن أترككي قبل أن نتفاهم يا حلوتي!!"
بدأ الخوف يغزو قلبها...." أنا أكرهك هل تفهم؟؟! لن نتفاهم أبداً....فاتركني بسلام!!"
قال وهو يمرر اصبعه على جانب وجهها...:" آه....هل حبيبتي خائفة الآن!!"
" اتركني...اتركني!!" وهي تحاول الافلات من قبضته....ونجحت فعلاً..ولكن ليس بقوتها...بل من الشبح الطويل الضخم...الذي بدا خلف بيتر...فألقاه أرضاً....
نظرت الى بيتر ..كان يتلوى من الالم.....والدم ينزف من فمه....وهو ينظر برعب الى يوهان........
جذبها يوهان من ذراعها وحمل حقيبتها وهو يهم بالابتعاد بها..لكنه توقف فجأة....واستدار قائلاً
:" ان فكرت بالاقتراب منها مرة أخرى.....سأحطم...؟؟! أتعلم؟ سأجعلها مفاجأة لك!!!"
ثم عاد للالتفات وهو يسحبها خلفه....وما ان وصلا سيارته حتى فتح لها الباب...فجلست وهي ما تزال ترتعد......أغلق الباب بحدة....وجلس خلف المقود....وانطلق مسرعاً بدون أن يتكلم أي كلمة......
نظرت اليه.....كانت خائفة من التكلم معه......لكنها تشجعت وقالت:" أش..أشكرك...لقد أنقذتني!"
نظر اليها بغضب مشوب بالاستهزاء.....ثم تابع سيره......
أصابها الحنق للتكبر والعجب الذي يصيبه..حسناً لقد أنقذها وهي مدينة له...لكن ماهي ضرورة هذا التكبر والاستعلاء؟؟؟ آثرت الصمت حتى لا تحرج نفسها أكثر.....
وما ان وصل بيتها....حتى توقف ونظره مسمر أمامه.....نظرت اليه..." أترغب في أن تتناول فنجان قهوة...؟؟سيكون أبي سعيداً بذلك!"
نظر اليها:" كل ما أرغبه هو أن تكفي عن توريط نفسكي بالمشاكل!! واهتمي بوالدك..بدلاً من ذلك!"
اتسعت عيناها غير مصدقة....كيف يجرؤ على اتهامها باهمال والدها ..والسعي وراء رغباتها والمشاكل ؟؟الى ماذا يلمح الآن....
قالت بغضب واضح" ولكن؟؟؟لم أطلب منك المساعدة!!! أنت من تدخلت!!"
نظر اليها باستهزاء:" كان يهم بسحبك الى أحد الزقاق...وحقاً بدوتي لي قوية ولا تقهرين..؟؟!! لكنني أتساءل لم لا زلت ترتجفين حتى الآن؟!!! "
كانت حقاً ما تزال ترتجف....لكنها لم تستطع اجابته...فقالت وهي تحاول فتح الباب الذي بدا عالقاً أو مغلقاً لسبب ما...." المرة القادمة ان رأيتني أقتل....لا تزعج نفسك بي!!حسناً؟"
نظر اليها بغضب:" انكي فتاة عنيدة....تستحقين الصفع على مؤخرتك كما الاطفال!!!"
" أنا كالاطفال؟؟؟حسناً..وماذا تكون أنت؟؟؟لم لا تعترف بأنك غاضب لأنك رأيتني مع بيتر؟؟؟؟"
تحرك عرق في فكه....ولكنه اكتفى بالنظر امامه والصمت......
شعرت رينيه بأنها انتصرت ولو قليلاً..فأكملت برقة:" ولكنه ليس صديقي ولا يهمني في شيء!!! حسناً لقد كان في السابق....لكنه؟؟اتضح لي بأنه ....؟"
نظراليها وقال بغضب:" هل آذاكي هذا الحقير؟؟؟"
ومع أن خوفه عليها أسعدها كثيراً لكنها قالت بحنق:" وهل تظنني عاجزة الى هذا الحد حتى أتركه يؤذيني؟؟؟لا ...كان على وشك فعل ذلك....لكنني تخلصت منه في الوقت المناسب!!"
تنهد طويلاً...ثم قال بتعب:" انكي متهورة الى أبعد حد.....حتى أنني لست آمن عليكي من نفسكي!!!"
ضحكت رغماً عنها.....فقال بعصبية:" أتجدين هذا مسلياً أيتها المجنونة؟؟؟؟ماهي آخر تصرفاتك هذه؟؟؟متى ستكفين عن جر نفسكي للمشاكل؟؟ "
قالت وهي ترفع يدها الى جبينها وتغلق عينيها.." هاقد عدنا من جديد!" ثم عادت للنظر اليه وقالت وهي تخرج من السيارة وتصفق الباب خلفها بشدة..." سأتوقف عن ذلك....حينما تتوقف عن التظاهر بأنك تمثال حجري!!!!"
كان يحاول بشتى الطرق السيطرة على قلبه الهائج.....لكن اتهامها الاخير...بدا وكأنه الشعرة التي قصمت ظهر البعير..!!.التفت اليها بغضب...فتبدلت ملامح وجهها المهتاجة فوراً الى القلق والارتياع..أتراها بالغت في اثارته؟؟هي لن تتعلم أبداً متى يتوجب عليها ان تصمت...وتمسك لسانها اللعين...لقد قال لها والدها دوماً بأن ذلك سيوقعها في ورطة كبيرة...في يوم ما..مماقد يعطيها الدرس الذي عجز هو عن تعليمها اياه!!.
بدا أن يوهان يفكر كثيراً حتى لا يتهور...!!....حسناً!!هي ليست بحاجة سوا لدرس صغير......حتى تقتنع وتكف عن مطاردته!!! هذا ما توصل اليه عقله بعد طول تفكير....لقد سئم من كبح عواطفه ومشاعره...فليطلق لها العنان مرة....!!كما أنه سئم افتتان هذه الفتاة المجنونة به.....عليه ان يدفعها لكرهه..علها تبتعد عنه وتفكر ملياً في المرة القادمة قبل التعلق بالرجل الخاطئ.
هل كان يظن بأنه يحميها من نفسها..؟؟؟جائز!!....انها متهورة وتحتاج الى بعض الردع!
وهل كان يظن بأنه يحميها من نفسه؟؟؟بل كان واثقاً من هذا! كان مقتنعاً بأنه بات غير قادر على التحكم بنفسه دائماً......, ببساطة...هو لم يعد يستطيع!!!!!
خرج من السيارة واتجه اليها.....ولما أصبح بالقرب منها بدت ملامحه اكثر استرخاءاً وأكثر استهزاءاً كذلك......أما هي...فكان قلبها يدق بلا رحمة.....
تحسس جانب وجهها الناعم بأصابعه الدافئة فابتلعت رينيه ريقها بصعوبة وأغمضت عينيها وبدا لها بأنها ستتوقف عن التنفس ......
ثم مرر اصبعه على شفتيها.....ولهيب الشوق يشتعل في عينيه......فتحت عينيها وقلبها يكاد يسقط تحت قدميها........
قال بصوت بارد كالثلج:" أواثقة أنتي من كلامك؟؟؟"
بالكاد خرج صوتها ....ومع ذلك....قالت بتحدي:" بالطبع أنا واثقة!"
بدا لها الآن أشبه بوحش....كاسر يستعد للانقضاض عليها في عتمة الليل....بدت عينيه..اكثر قسوة وتوحشاً....وبدا فمه الجذاب الآن...أكثر اثارة.
...فتراجعت خطوة الى الوراء....ولكنه أمسكها من ذراعيها بوحشية...وقال وعلى فمه ابتسامة شيطانية....
" كلا يا صغيرتي!!لم يعد هناك مجال للتراجع....!!!"
ثم عاد وهمس في أذنها باثارة وهي تشعر بأنفاسه الدافئة على عنقها..
:" ما كان عليكي ايقاظ المارد!!"
قال ذلك..ثم جذبها من ذراعيها بقسوة ...وضمها اليه بشدة....كادت تكسر عظامها....
أطلقت رينيه تأوهاً صغيراً...لكن يوهان لم يحفل بذلك...بل استمر في عناقه القاسي والمتطلب.....
" أرجوك يوهان..توقف!! أنت تؤلمني!!"
لكنه لم يفعل....حاولت مقاومته..ولكنها لم تزده الا عناداً واصراراً...فشدها اليه أكثر...ولما وجدت نفسها بلا حول ولا قوة....طفرت الدموع من عينيها وكأنها قطرات المطر....
ابتعد عنها فجأة...وحدق بوجهها بنظرات قاسية...وقال بوحشية:" أيعجبكي هذا؟؟أرأيتي كيف أن الدم الملتهب مازال يمشي في عروقي؟؟أيروقكي هذا المارد المتعطش...أم تفضلين تمثالكي الحجري؟؟أجيبيني الآن!!" وهو يهزها بشدة....
ازدادت دموع رينيه:" أنا..أكرهك!!" لم تكن تظن بأنها ستقول له ذلك في يوم من الايام...ولكن ما فعله بها..كان في غاية القسوة والوحشية...ولن تستطيع ان تغفر له ذلك أبداً!!
رقت ملامح وجهه قليلاً...لكنه استمر بذات النبرة الجافة:" وهذا ما كنت أظنه! هيا ادخلي الى البيت وأغلقي الباب!"
استمرت حالة الذهول والحزن..هي لا تصدق ان بامكانه أن يكون بهذه القسوة؟؟لا يمكن أن تكون قد أخطأت!!كانت تعلم بأن يوهان هو رجلها..وبأنه يحمل كل تلك الصفات النبيلة التي تتمناها في فارس احلامها...لا!!لا يمكن هذا!! لا يعقل ان تتحطم كل احلامها في لحظة!!! ..فظلت مسمرة في مكانها...لا تستطيع التصديق بأن الامر انتهى عند هذا الحد.....
فعاود القول بلهجة تهديد وبصوت اشبه الى الصراخ:" هل ستدخلين؟؟أم نقوم بانهاء ما بدأناه؟؟وبالمناسبة...سيكون ذلك في شقتي!!!"
جفلت من كلماته اللئيمة....فهرعت بسرعة الى المنزل....ودموعها لا تكف عن النزول...ولما أغلقت الباب.....
زفر زفرة طويلة.....وضع يديه في جيبيه...وهو يحدق الى السماء...ثم نظر الى القمر...
تذكر حبيبة قلبه...وضوء القمر الفضي يرسم عينها...ثم ابتسم بمرار....
لقد أرعبها حقاً...لقد كانت ترتجف بين ذراعيه..كورقة شجر في مهب الريح...بينما شحب وجهها الجميل..وتموجت عيناها الفيروزيتان بالدموع..وبدتا كالزجاج المكسور!!
لقد أخافها فعلاً وحقق غايته..ولكن؟؟ ماذا لو لم تكن هذه هي غايته؟؟؟؟؟
لقد قارب على فقدان عقله حينما ضمها بين ذراعيه....شعر بأنه حقق أغلى أمنياته..شعر بأنه ملك الدنيا ومافيها.....قام بذلك لتكرهه وقد نجح في ذلك....لكنه خسر نفسه وقلبه لها...بسبب حمقه...وغبائه...اذ ظن أنه قادر على معالجة امر طفلة.....!!
لقد كان مخطئاً..فقد تغلغلت هذه الطفلة في جميع مسام جلده....وجرت في جسمه مجرى الدم...فأنى له نسيانها؟؟؟؟
أطرق عائداً الى سيارته....
وماهي الا دقائق حتى غاب عن الانظار....


JAN 05-10-2020 04:13 PM

رجل حياتي



الفصل التاسع
" رجل حياتي!"
كانت مستلقية على سريرها...تفكر في أحداث الليلة الماضية..وتشعر بأسى كبير...ولم يوقظها من أحزانها سوا صوت والدها...من أسفل الدرج....
" جولي هنا!"
استشاطت رينيه غضباً...أتقوى على المجيئ الى هنا..بعد كل ما فعلته؟؟؟لقد خانت صداقتها..وفضلت جيك عليها....ولكنها لم ترد ان تلفت نظر والدها الى شيء..فآثرت الصمت...وما ان قرع الباب....حتى نهضت لتفتح.....فأطل وجه جولي البائس...
نظرت اليها رينيه بغل...وتركتها واقفة على عتبة الباب....ولم تدعها للدخول....وعادت تستلقي على سريرها....
دخلت جولي وأغلقت الباب خلفها ثم جلست قبالة رينيه...وقالت بحرج وحزن....
" رينيه أرجوكي سامحيني....لم أكن أعرف أن هذا سيحدث!!"
لكن رينيه استمرت في تقليب صفحات مجلة قديمة....متظاهرة بالقراءة...ولم تجب....
بدأت الدموع تطفر من عيني جولي...واقتربت من رينيه قائلة بصوت حزين
: رينيه..أقسم لكي بأنني لم أقصد ذلك....وهل أرغب في ايذائك؟؟ألست صديقتك العزيزة؟؟ أيمكنني أن افعل ذلك ان شككت للحظة بأنه سيؤذيكي!! "
رق قلب رينيه فجلست على سريرها ونظرت الى جولي قائلة:" كفي عن البكاء!"
لكن جولي انفجرت باكية...مما دفع رينيه الى عناقها وتهدئتها.....فتشبثت جولي بها وهي تصيح...." سامحيني رينيه...أرجوكي...لم أستطع النوم ليلة البارحة...لم أكن أعرف أنه.."
قاطعتها رينيه:" اشش اهدأي أيتها البلهاء طبعاً أسامحكي فأنتي صديقتي المفضلة بل انتي بمثابة شقيقتي وتعرفين ذلك فلماذا كل هذا البكاء الآن؟؟؟ لقد غضبت منكي وحسب لأنكي لم تحترمي قراري!!"
رفعت جولي رأسها ونظرت الى رينيه قائلة:" أنتي محقة...لكنني آسفة..وكذلك جيك..طلب أن أنقل أسفه لكي...لم نكن نظن بأن بيتر قد ...؟"
" اهدأي الآن....لم يحدث شيء..لقد أنقذت في الوقت المناسب!!"
مسحت جولي دموعها بسرعة..وقالت مبتسمة:" صحيح!! من هو ذاك البطل؟؟"
ابتسمت رينيه وهي تتذكر ملامح يوهان...حتى تورد خديها:" انه..انه الطبيب المتحجر!!"
اتسعت عينا جولي من الدهشة:" ماذا؟ ولكن..أكان يطاردكي أم ماذا؟؟؟كيف عرف مكانكي؟؟"
أجابت رينيه بحيرة:" لقد دخل ليبتاع كوب قهوة مع طفلين......ولا أظن أنه كان يعلم عني شيئاً...الى أن بدأ بيتر حركاته المقرفة...فانتبه لوجودي...ولحظتها تمنيت لو انشقت الارض وابتلعتني....لقد نظر الي بطريقة؟؟؟لن أنسها مهما حييت....ثم انسل خارجاً والغضب يعمي عينيه...!!"
" ومن هما هذين الطفلين؟؟هل هما أولاده؟؟!"
" لا..لا ...فهما أبناء السيد والسيدة بالتيمور والتي هي شقيقته..لقد كنت في حفلة عيد ميلادهما مؤخراً...والتقيت يوهان هناك!!"
" ولكن رينيه؟؟كيف حصلتي عليه...؟؟انه جذاب..ورائع...آه..؟!!! انه رجل بمعنى الكلمة...الرجل التي قد تضحي الفتاة بحياتها لأجل لحظة الى جانبه...!!آه رينيه...انه ساحر وفاتن....!!"
نظرت اليها رينيه بدهشة:" هل ستقعين الآن صريعة هواه!!! ألم تقولي أنتي بأنه طبيب متحجر لا يملك أحاسيس؟؟؟"
" كان ذلك قبل أن أراه...! ولكن؟؟ كيف خلصكي من بيتر..وقد رأيته يخرج للتو مع الاطفال؟؟"
" لا أدري!! ربما اصطحب الطفلين للبيت..وعاد مسرعاً! المهم انه كان هناك وحده...وكان قد أوصلني بسيارته ولم يكن معه أحد!!"
" وتقولين بأنه لا يملك أحاسيس؟؟ "
عادت الدهشة الى رينيه:" ءأنا التي قلت ذلك أيتها المتلونة؟؟!"
" لقد عاد من أجلك أيتها الغبية...وبسرعة البرق!!!"
عاد عقل رينيه للتفكير لكنها عادت تقول بيأس:" لست أفهمه جولي! تصرفاته تفاجئني...لكن كلماته قاسية وجارحة الى أبعد حد!! لا أعرف ماذا أفعل معه!! انه لا يذهب من تفكيري....أحبه جولي...أحبه كثيراً...لكنني لست متأكدة أبداً من مشاعره نحوي!! أشعر بأنه يريد دفعي عنه بأي وسيلة....حتى..وان كان..؟؟التحرش بي؟"
صرخت جولي بذعر:" ماذا؟؟؟هل حاول التحرش بكي؟"
أطرقت رينيه..ثم عاد لتقول:" لقد نعته بالتمثال الحجري...(وهنا حاولت جولي ان تمنع نفسها من الضحك...)..فأراد أن يؤكد لي بأنه شيطان لعين متعطش للشهوة.....جولي كفي عن هذا....أتظنين ما أقوله مضحكاً؟؟؟"
وهنا انفجرت جولي من الضحك...: " آه يا عزيزتي....لقد استخدمتي كلمة ليست في محلها ابداً...لهذا نالك ما تستحقين!!"
" جولي ايتها الخبيثة!! ألم يكن هذا رأيك؟؟؟"
" وأنتي ايتها المجنونة؟؟تنساقين وراء كلماتي بدون تفكير؟؟؟أنا اعترف انني قلت ذلك...لكن بناءاً على كلامك ووصفك للموقف....وكان ذلك قبل أن أراه....وهذا كفيل بتغيير كل شيء عزيزتي!! آه رينيه حبيبتي....متى ستنضجين؟؟؟"
صرخت رينيه بحنق:" كرري ذلك مرة أخرى....وأقسم أنني سأقتلك!!"
ضحكت جولي..وقالت مهدأة...:" حسناً..حسناً لا تثوري!! فلنعد الى موضوعنا....والى طبيبك المتحجر...آه...أقصد..شيطانك المتعطش للدم....(وهي تبتسم رغماً عنها..)..ها؟ماذا حدث بعد ذلك؟؟ماذا فعل حتى يقنعك بذلك؟؟والافضل لكي أن لا تحذفي شيئاً رينيه..أريد التفاصيل المملة!!!"
أخبرتها رينيه بما حدث...ثم جلست على حافة النافذة...تحدق الى الشارع بوجوم.....
ثم قالت بأسى:" كان يريدني أن أكرهه جولي!! أعرف هذا...كان يدفعني لذلك...وكنت أشعر بذلك لحظتها....لكنني اكتشفت بأنني مخطئة!! أنا أحبه جولي...ولست أستطيع كرهه أبداً...أعرف بأنني غبية...ولكن ماذا أفعل ان كنت قد تعلقت به الى أبعد حد!!! أتعلمين؟؟ أتساءل رغماً عني......كيف حاله؟؟كل صباح....وكل مساء!!!..أتساءل...ماذا يفعل الآن؟؟ان لم يكن في المستشفى او العيادة بين مرضاه....فماذا يفعل اذاً؟؟؟هل هو جالس يقرأ الجريدة..او كتاباً علمياً؟؟ كيف يمضي وقت فراغه؟؟؟؟ومع من؟؟؟لابد من وجود أخريات؟؟!!ألا تظنين؟؟رجل كيوهان....أيعقل أن يمضي وقته بمفرده؟؟؟
آه جولي.....في قلبي أنين لا يسمعه أحد!! سأجن جولي...سأجن!!
لكن أكثر ما يؤلمني...هي ساعات الليل المظلمة....الباردة...!! لم يعد باستطاعتي النوم.....وكل هذا بسببه!!! أتعلمين...؟عندما تقعين في الحب...لايعود بامكانك النوم مجدداً.....لأن الحقيقة قد أصبحت أخيراً...أجمل الاحلام!!!
أصبحت كل الليالي موحشة....وأنا أتخيله راقداً في سريره الواسع وحده...لا..لا..بل أنا لا أظن بأنه يعيش كناسك!! هذا النوع لا يمكن أن ينام في سريره وحده....لابد أن النساء يتهافتن عليه....لقد رأيت ذلك جيداً في حفلة عيد ميلاد التوأمين!!
... ان لم يكن هذا هو الحب جولي؟؟؟فماذا هو؟؟ يا الهي!! ماذا يحدث لي؟؟هل بدأت أجن؟؟؟"
كانت جولي تستمتع الى صديقتها وهي تدرك ألمها....لكنها عادت تقول بمرح:" حسناً صديقتي...أؤكد لكي بأنكي لم تبدأي بالجنون....لأنكي مجنونة أصلاً منذ؟؟؟؟منذ أن عرفتكي!!"
نظرت اليها رينيه بحنق..ثم رمتها بوسادة ناعمة كانت تستند اليها....." أنتي لا تحتملين!!"
قالت جولي وهي تضحك:" لم أكمل بعد أيتها العاشقة!!"
أشاحت رينيه نظرها عنها قائلة بلا اكتراث:" ان كنتي ستستمرين بسخريتكي الرائعة..فلا تتعبي نفسكي!!"
" عزيزتي..أنا أفهمكي...وأفهم مشاعركي!! ولكنكي تعذبين نفسكي هكذا؟؟لايجب ان تفكري فيه كثيراً بهذا الشكل؟؟لأنه..ان لم يكن مقدراً لكما أن؟؟"
" لا تكملي جولي.... أرجوك...أنا أعرف هذا..لكنني لا اقوى على سماعه منكي !!"
حكت جولي رأسها وهي مستغرقة في التفكير, ثم لمعت عيناها وقالت بحماس:" لا يوجد الا حل واحد لمثل هذه الحالة!!!"
نظرت اليها رينيه كأنها تستنجد, فأردفت جولي:" الازعاج والاصرار!!!"
ظهرت الحيرة على وجه رينيه...." لم أفهم!!!"
اقتربت جولي من رينيه وعيناها تشعان بالحماس:" عليكي أن تظهري أمامه باستمرار...لا تتركي له فرصة ليضعك على الرف! أصري على زيارته وامضاء بعض الوقت معه.."
أطرقت رينيه:" ولكن؟؟ قد يرفضني....أو يطردني!! قد يسمعني مالا أطيق سماعه!! أو قد يحاول ان يرعبني مرة أخرى!!فما العمل؟؟!!"
" هو يرغب فقط في ارعابكي...لكنه لن يتمادى الى الحد الذي تخشينه..لهذا!! أثبتي له كم أنتي مندفعة في حبه..وبأنكي لا تخشين شيئاً الى جانبه..بل عالعكس...عليه ان يعرف كم أنتي تثقين به!!!"
" لا أعرف جولي؟؟"
أمسكت جولي يدها وقالت بحنان:" عزيزتي رينيه...هل يوهان هو رجل حياتكي؟"
ابتسمت رينيه وقالت وهي تتطلع الى الأفق:" آه!!انه هو!!...ولا أحد غيره!"
" اذاً عليكي أن تتحملي ضريبة حبه!! فهل أنتي مستعدة للقتال من أجله؟؟؟"
نظرت رينيه الى جولي وظهرت في عينيها علامات الاصرار والارادة:" أنا مستعدة!"
ابتسمت جولي:" اذاً سنعمل على البدء منذ الغد!!"
قالت رينيه وهي تشعر بالفرح العارم :" ماذا سنفعل غداً؟"
أجابت جولي بفخر ومكر:" ستقومين بالهجوم على الطبيب المتحجر...وعلى أرضه!"
صرخت رينيه:" ماذا؟؟"


JAN 05-10-2020 04:16 PM

الهـجوم



الفصل العاشر
" الهجوم!"
كان قد مر اسبوع منذ رآها لأخر مرة وأرعبها! لكم يشعر بالحاجة الى رؤيتها ولوحتى من بعيد! يمكنه ان يذهب لتفقد احوال السيد مايكل....ولكن لا لا!! لا يمكنه ان يراها مرة أخرى!! ربما كان هذا الافضل!! نعم...بالطبع..سيسهل هذا عليه نسيانها والعودة الى حياته من جديد..قبل ان تقتحمها تلك الاسفنجة!!
كان يراقب عاملة التنظيف وهي تمسح الغبار عن المكتب, وما ان أمسكت باسفنجه صفراء..حتى صرخ قائلاً:" هذا يكفي....اذهبي الآن..لا تنظفي المكتب وأنا موجود...هل هذا واضح سيدة ماكونهي؟! لا تنظيف وأنا موجود!!"
دهشت عاملة التنظيف من عصبية الدكتور يوهان, فقالت بحيرة:" كما تريد دكتور يوهان!!"
وهي تغادر حانقة.....
"أوه يا الهي!!! ماذا أصابني!!!"
وهو يضرب المكتب بيده بقوة....ثم ينهض بتعب وعصبية ويقف مواجهاً النافذة....ومراقباً المارة....
بالتأكيد كلهم سعداء! لاهموم لديهم!!على الاقل ليس كهمي؟! كم واحد منهم يعرف اسفنجة مميتة مثلي!! اسفنجة مميتة؟؟؟؟أوه لكم تبدو هذه الفكرة سخيفة....(وهو يضحك بمرار)..لم تستطع اجمل الجميلات التمكن مني...وها هي نهايتي على يد هذه الصغيرة!!! آه سحقاً....ليست الا مراهقة...ولن تتمكن مني أبداً...لم تخلق بعد من يمكنها ذلك!"
كان يحاول اقناع نفسه بهذا الكلام......لهذا لم يسمع صوت الطرق الخفيف على الباب..! ولما لم يجب...فتح الباب ثم عاد للاغلاق....
قال بضجر دون أن يلتفت:" ما الأمر الآن؟"
" مرحباً!"
وما ان سمع هذا الصوت..حتى التفت بسرعة....ومع أنه كاد ان يسرع ليأخذها بين ذراعيه ضارباً بتوعداته وخططه عرض الحائط....الا أنه تمالك نفسه وقال ببرود تام...أدهشه نفسه
" آنسة ثومسون! كيف أساعدك؟ هل مايكل بخير؟"
توقعت تلك النبرة المتجاهلة والباردة...فأكملت تقول بحرج:" انه بخير...أشكرك!ولكن؟؟كنت..؟"
نظر اليها ببرود:" أجل آنسة ثومسون؟؟أنا أسمعكي!!!"
خطت خطوتين ثم رفعت نظرها اليه...وقالت بتوتر بالغ...
" كنت...؟ كنت أتساءل ان...ان كان بامكاني أخذ ساعة من وقتك!!"
وانتظرت اجابته بترقب ولهفة..وقلق لم تعرفها في حياتها كلها......
ويبدو أنها أثارت اهتمامه...فنظر اليها متفحصاُ كأنه لم يفهم:" هل تريدين مني الاطمئنان على صحة والدك؟"
ابتلعت ريقها بصعوبة ثم أردفت:" لا...ليس على أبي....!! بل علي!!"
ظهر القلق في ملامحه لدقيقة:" لماذا؟ هل أنتي مريضة؟؟ هل يؤلمكي شيء؟؟ تعالي اجلسي هنا..لم تقفين بعيدة!!"
وهو يشدها من ذراعها ويجلسها أمامه...." لا..لا!! أرجوك لا تقلق...لست مريضة!! انما..."
بدا وكأن صبره قد نفد:" ماذا هناك رينيه؟؟؟"
كاد قلبها يثب من مكانه لفرحتها حينما سمعته يناديها باسمها الاول.....
" أريدك أن تأتي معي!"
قال بدهشة:" والى أين؟"
" انها مفاجأة!!!"
قال باستهزاء:" أحقاً؟؟اسمعي آنسة ثومسون...لا أملك الوقت لحركات المراهقة وألعاب الطفولة...أرجو أن لا تنسي أنني طبيب ولدي مرضى يحتاجونني...فإن كان والدكي بحاجة الي يمكنني زيارته للاطمئنان عليه..وان لم يكن لديك غير ذلك...فأرجو أن تعذريني الآن لأنني مشغول!!"
وهو ينهض ويلتفت الى النافذة....
أحست رينيه بالضعف والانهزام لدى سماعها لهذه الكلمات..كيف ظنت أنها قادرة على تنفيذ خطة جولي...؟؟؟ هي لم تعتد أن تضع نفسها في مثل هذه المواقف الحرجة...وللحظة..قررت أن تترك كل شيء...فهي لا تستطيع احتمال اهاناته المستمرة....لكنها عادت فتذكرت كلمة جولي:" هل هو رجل حياتك؟؟؟؟؟"
آه تباً!! لا أحد غيره....انه هو...هو رجل حياتي.....عرفت ذلك منذ أول مرة وقعت عيني عليه!!! حسناً....سأضيف بعض البهارات والتوابل على خطتنا لعلها تنجح!!!
فنهضت وهي تقول بأسى:" أنا آسفة لأنني أضعت وقتك الثمين....ولكنني كنت حقاً آمل أن تأتي معي لتفحص أبي....لقد بدا لي متعباً هذا الصباح...وأنا قلقة عليه...لكن؟؟ ان كنت مشغولاً ...ربما أجد من ينوب عنك.....ذلك الطبيب الاشقر ربما؟؟ما اسمه؟؟؟"
نظر يوهان الى رينيه بغضب كبير...لكنه قال بهدوء...:" لقد أخبرتكي بأنه يمكنني المجيئ والاطمئنان على مايكل..فلا حاجة بكي للبحث عن اي كان....الا ان كنتي ترغبين بالطبيب الاشقر لأمر آخر!!!!"
تساءلت ببراءة " أمر آخر؟؟؟ وماذا سأريد منه سوا الاطمئنان على صحة أبي؟؟؟أنا..لا أعرف عن ماذا تتحدث دكتور يوهان!! فأنا مازلت صغيرة...ولا أفهم تعقيدات الكبار!!"
ابتسم بسخرية:" أنا مسرور...لأنكي تفهمتي ذلك أخيراً!!!"
حاولت أن لا تظهر الفرحة على وجهها حتى لا تكشفها...فأردفت قائلة:" حسناً سأنتظرك في سيارتي لأنه لا يمكنني تركها هنا!!!"
" لا حاجة لذلك...اذهبي انتي وسألحق بكي!!"
قالت بغيظ:" بالمناسبة.....أنا لا أعض!!!"
أجاب ببرود:" سأتذكر هذا!!"
ظهر الحنق على وجهها..فحملت حقيبتها وخرجت والغضب يعميها.......وما كان من يوهان الا أن أطلق ضحكة حاول أن يحبسها طويلاً!
وبعد عشر دقائق ..ظهر يوهان وهو يحمل حقيبته الجلدية..متجهاً نحو المرآب...فنادت رينيه بصوت مرتفع...وما ان لمحها حتى عاد الغضب يتراقص في عينيه....فمشى نحوها واستعدت هي لعاصفة من الغضب.......
ولما وصل..." ألم أقل لكي أن تذهبي وأنا سألحقك؟؟؟ لم أنتي مثيرة للمشاكل هكذا؟؟؟"
" ماذا ؟؟؟ألا تحب أن يراك أحدهم معي؟؟؟" قالت بتحدي.....
" أنتي فتاة مجنونة!!!"
ضحكت بعفوية ثم فتحت باب سيارتها وهي ماتزال خلف المقود.... وقالت
:" اذاً أتخاف أن تركب مع هذه المجنونة؟؟؟"
زفر طويلاً ثم ألقى حقيبته في الخلف...وركب السيارة ثم نظر اليها......
" ما هي آخر حركاتك رينيه؟؟؟؟"
ابتسمت بسعادة.....وانطلقت بالسيارة.....لكنه استمر:" ما الذي يضحكك في كلامي؟"
قالت بنعومة:" لأنك ناديتني باسمي الاول!! وأنا أحب ذلك..!!"
ارتبك وقال بسرعة:" كان ذلك بدون قصد...!!"
أغاظ ذلك رينيه فاندفعت تقول بعصبية:" هكذا اذاً؟؟؟! حسناً....عندي لك مفاجأة!!!أتعرف أين نذهب؟؟؟لا..ليس عند والدي؟؟ بل لقد قمت باختطافك للتو!!!؟؟؟"
نظر اليها نظرة غير المصدق......وما ان نظرت الى وجهه حتى أكملت بغيظ:" أجل هذا صحيح!! لقد كذبت عليك....حتى يتسنى لي خطفك!!! ما رأيك الآن؟؟؟ هل أنا مجنونة كفاية أم لا؟؟؟!!"
بدأت ملامح وجهه بالاسترخاء....ثم بالابتسام....ثم لم يستطع أن يمنع تلك الضحكة من الافلات......وتتابعت بعدها الضحكات....
نظرت رينيه اليه....تلاشى غضبها شيئاً فشيئاً....لقد بدا وسيماً جداً..بل رائعاً وهو يضحك...لماذا لا يضحك دائماً؟؟انه يناسب وجهه كثيراً!!!
" هل الامر مضحك الى هذا الحد؟؟" تساءلت رينيه وهي تبتسم....
استرخى رأس يوهان على الكرسي خلفه...وقال وهو مغمض العينين......والبسمة ما تزال مرتسمة على وجهه....
" أنتي مليئة بالمفاجآت!!!"
ابتسمت رينيه أكثر..." وهل يعجبك هذا؟"
فتح عينيه ونظر اليها:" الى أين تنوين الوصول ؟؟"
عادت للنظر أمامها...وقالت بهدوء:" أظنك تعرف....! ولكنك ترفض التصديق!!!"
اعتدل في جلسته...:" ما تفعلينه لا طائل منه!!! بل سيعذبكي أكثر!! وهذا ما لا أريده!!"
قالت وهي توقف سيارتها....:" سنرى! والآن هيا يا رهينتي...امشي أمامي والا سأطلق عليك حبة زيتون من هذا الخبز الفرنسي اللذيذ!!"
ابتسم يوهان رغماً عنه وهو ينظر حوله...:" أين نحن؟؟"
قالت وهي تسحب ذراعه وتمسك بيدها الاخرى بسلة نزهات...:" اننا في المنتزه!!ألا ترى!! هيا بنا"
ترجل يوهان من السيارة....وأخذ ينظر حوله وهو يضع يديه في جيوبه..ثم نظر الى رينيه الى بدأت تسير أمامه...وهي تبحث عن بقعة ليجلسا عليها......
لم يستطع أن لا ينساق وراء رغباتها....لا يعرف كيف تجبره على ذلك...ولكنه يرى نفسه سعيداً ومتحمساً لهذه النزهة معها!!!
ولما وصل....كانت قد وضعت ملاءة بمربعات زرقاء على الارض وجلست عليها بعد أن خلعت حذائها....نظرت اليه...وقالت بعفوية.
" هيا اخلع حذائك أنت أيضاً!"
" ماذا؟"
" حتى تستطيع الاحساس بملمس العشب تحت قدميك....انه شعور رائع ومنعش..هيا ريثما أنتهي من تحضير الشطائر!!"
دهش يوهان..لكنه كان يشعر بحماس ودهشة لا مثيل لهما.....انه شعور جديد...لكنه هادئ ومريح!
فاقترب وجلس الى جانبها وخلع حذائه وجواربه كما طلبت منه......وهو لا يصدق بأنه قد فعل ذلك....
ابتسمت رينيه وهي تراه يفعل ذلك....ثم قدمت له طبق الشطائر وكوباً من عصير الليمون المنعش.....
بدآ بتناول وجبتهما وهما يشعران بالسلام والهدوء......" يبدو أنكي قد خططتي لكل شيء!"
" أليس هذا أفضل من جو المستشفى الخانق؟؟"
ابتسم يوهان وأردف قائلاً:" هذا صحيح! لكنني لاأستطيع الاعتياد على هذا!! تأتي أيام لا أستطيع فيها حتى الجلوس!!!"
تأملت رينيه يوهان ثم قالت:" عملك متعب جداً....لكنك بارع فيه!! أتمنى أحياناً لو أكون مريضة لديك!!"
ظهر العبوس على وجهه:" لا تقولي ذلك !!! لا أتمنى أبداً أن أراكي مريضة!!"
ابتسمت رينيه:" هل تخاف علي يوهان؟؟"
ظهر الارتباك على وجهه ثم أردف قائلاً:" كيف حال والدك؟"
أدركت رينيه أنه يغير الموضوع:" انه بخير....أتمنى أن يكون كذلك!"
شعر بنبرة الحزن في صوتها....فقال بعطف:" وهل أنتي بخير؟"
رفعت عينيها اليه فبدتا كشظايا البلور المكسور, لكنها قالت باسمة:" أجل أنا كذلك....كل ماهنالك....هو أنني !!اسمع..لا أريد أن أفسد نزهتنا هذه...لننسى الامر الآن...وهيا بنا نمشي قليلاً ما رأيك؟؟"
ابتسم موافقاً وهو ينهض ويمد يده اليها ليساعدها على النهوض...نظرت اليه غير مصدقة..لكنها سرعان ما ابتسمت واندمجا معاً كأنهما صديقان قديمان.....
كان يوهان يفكر فيها....المسكينة تتعذب وحدها بصمت وترزح تحت ضغوط وأعباء ثقيلة عليها....انها تخفي قلقها وخوفها على أبيها...وبقائها في هذا العالم وحدها!! لكم هي شجاعة هذه الصغيرة....والى جانب كل هذا...تستطيع الابتسام والضحك ونثر الهدوء والحب بكل بساطة على من هم حولها!!! حقاً....انها مليئة بالمفاجآت!!!!
أيقظت رينيه يوهان من شروده وهي تطلب منه الذهاب الى غرفة التصوير الفورية...كان يوهان قد وضع تزمته وقساوته جانباً هذا النهار....وكان يصعب على رينيه ان تصدق بأن هذا الشخص الذي يبادلها الضحك والاحاديث المشوقة..هو نفس الطبيب المتحجر على حد تعبير صديقتها جولي....ومع هذا كانت سعيدة جداً بهذا التغير الرائع...بل رغبت لو أن هذه النزهة لا تنتهي أبداً!
وما ان دخلا غرفة التصوير....حتى بدأت رينيه بعمل أشكال مضحكة في وجهها...وجاراها يوهان في ذلك....فأخذت تضحك بشدة....وكانت الكاميرا لا تتوقف عن التصوير أمامهما...
وأخيراً هدأت رينيه...وهي ترى يوهان ينظر اليها نظرة...غامضة..فيها بريق خطير....لكنه سرعان ما استدرك نفسه وقال بأن عليهما المغادرة....نظرت رينيه اليه وقد ارتسم الحزن على وجهها.....وقبل أن تنتزع رينيه شريطي الصور...كان يوهان قد أصبح في السيارة....!!!
عادت وملامح التأثر بادية عليها..جلست خلف المقود.وأغلقت الباب....التفتت الى يوهان..
" هل أنت غاضب؟؟"
كان وجه يوهان ينذر بالشر..لكنه اكتفى بالقول:" كلا...لكنني تأخرت عن عملي!!"
آثرت رينيه الصمت....هاقد عاد اذاً الى مزاجه الساخط الجاف.....ولكن لماذا؟؟؟ ماذا حدث فجأة؟؟؟ تحركت بالسيارة.....ولم يقولا اي شيء طوال الطريق....و لما وصلا المستشفى.....
لم يغادر يوهان السيارة كما توقعت...بل بدا وكأن كليهما يود ان يقول شيئاً...ولما طال الصمت...بادرت رينيه...
" آه تذكرت....لقد نسيت نسختك معي!" وهي تسحب شريط الصور من جيبها وتعطيه اياه....فأخذها بسرعة واحتفظ بها في جيب سترته الداخلية دون النظر اليها حتى..." أشكرك!"
وهو يهم بالخروج...لكن رينيه استوقفت ذراعه..:" يوهان؟؟ماذا حدث؟؟ لا أفهم!!"
رفع يدها عن ذراعه بهدوء...وكان ذلك كافياً لتنخرط في بكاء مرير..لكنها تمالكت نفسها....,بدا عليه التوتر وقال بعد أن سحب نفساً طويلاً وهو ينظر اليها..:" أنا لا أناسبكي..عليكي أن تفهمي هذا! نعم لقد استمتعت بنزهتي معك...لكن الامر لا يتعدى ذلك...."
" ولكن؟؟"
" رينيه أرجوكي! هذا يكفي....لا مزيد من حركات المراهقة....فلقد ضقت ذرعاً بها!!!"
قالت وهي تلملم دمعها:" أتعني أنك؟؟"
أردف وهو يحول عينيه عنها:" أعني..بأنني لا أريد رؤيتك مرة أخرى!!أرجو أن تفهمي ذلك!!"
لم تشعر باهانة أكبر من هذه في كل حياتها ومع هذا رفضت الظهور بالضعف أمامه..فتمالكت نفسها.....وهي تتحامل على نفسها لتبتسم...و لتتحاشى النظر اليه...
" حسناً لا بأس! (مع أن قلبها كان على وشك التوقف...!)..على كل...فلقد عدنا أنا وبيتر لبعضنا!!!"
نظر اليها بغضب وقسوة وقال بصوت متهدج:" ماذا قلتي؟؟؟"
نظرت اليه سريعاً...وحينما رأت مدى غضبه...شعرت بالقوة تجري مجدداً في اوصالها..فعادت تنظر أمامها وقالت ببرود:" انه مقارب لي في العمر...كما وأنه لم يتوقف عن حبي لحظة واحدة!! فماذا تريد الفتاة أكثر من هذا!!"
أمسكها من ذراعها بشدة آلمتها...وجذبها نحوه...وقال وقد بدا وجهه الآن مرعباً أكثر من ذي قبل....ومع ذلك..بدا وكأنه يفكر ويحاول انتقاء كلماته بحذر....خشية ان ينفجر!!!
" ألم يقم ذاك الوغد بإيذائكي؟؟ هل أنتي مجنونة؟؟؟لابد من الحديث مع والدك ليضع حداً لهذه السخرية!!"
" لا دخل لأحد بي!! انني حرة في كل ما أفعل...!!وان كنت سأرحل مع بيتر فهذا شأني وحدي!!"
لم يعد يستطيع يوهان تمالك نفسه...:" أهذا ما تريدينه؟؟؟حسناً...هيا اذهبي...ماذا تنتظرين!!ولكن اعلمي أن هذه ستكون الضربة القاضية لوالدك!! أفهمتي؟؟أمر كهذا كفيل بالقضاء عليه!!"
قال ذلك وهو يخرج من السيارة......وما ان اقفل الباب....حتى انطلقت رينيه بأقصى سرعة لديها....مما أثار جنون يوهان فنادى بصوت عال..." رينيه!!!!...رينيه أيتها المجنونة!!!" ولكن صوته ضاع في الهواء.....وكانت الامطار قد بدأت بالتساقط.....
" أه..يا الهي!!!"
وهو يسرع الى سيارته....
كانت دموعها تنهار بلا توقف....كيف ظنت أنه سيكون بامكانها تحمل كلماته واهاناته والاصرار على الظهور أمامه....كيف ظنت أنه بامكانها تنفيذ خطة جولي؟؟؟ كيف ظنت أن بامكانها أن تجعله يحبها ويتمسك بها؟؟!!
لقد كانت واهمة اذاً....انه متحجر حقاً...بارد وعديم الاحساس....ولكنها تحبه...تحبه...؟؟فكيف السبيل الى نسيانه.......
" آه يا الهي!!!"
وهي تضرب المقود بيدها بقوة......ودموعها تغطي عينيها....وتقود السيارة بسرعة جنونية...بينما الامطار تزيد غزارة وتغطي الزجاج الامامي لسيارتها..فلم تعد ترى شيئاً لذا توقفت على جانب الطريق....وأسندت رأسها على المقود....

JAN 05-10-2020 04:17 PM

في عرين الاسد


الفصل الحادي عشر
" في عرين الاسد"
كان ما يزال يبحث عنها..ولم يعرف أين ذهبت....؟؟ ولما لم يجدها....اتجه على فوره الى منزلها..لكن رنين هاتفه المتواصل أزعجه...فأجاب بصوت اشبه للصراخ....
" دكتور يوهان..هناك حالة مستعجلة جداً..."
لكنه قاطعها قائلاً:" لا حالات اليوم....أنا مشغول!!"
فتحت عينيها بصعوبة اثر هز ذراعها بقوة...."امممممم؟!"
" هذه أكثر أعمالكي جنونية!!! أتنامين هنا؟؟؟؟"
لكنها لم ترفع رأسها...وهي ترى خيالاً طويلاً أمامها....لم تستطع تحديد ملامحه بالضبط...لكنها تعرفت الى الصوت سريعاً......
وفوراً أحست القلق في نبرة صوته حينما قال....:" هل أنتي بخير؟؟؟هل أصبتي بحادث؟؟"
وهو يرفع رأسها بين يديه...ويتفحصه..لوجود اي جروح....لكنه لم يجد شيئ!!!
نادى بحنان:" رينيه؟؟هل تسمعينني؟؟؟"
قالت وهي مغمضة عينيها باعياء:" أنا متعبة....متعبة..اتركني وحدي....اتركوني جميعاً وحدي!!!"
وهي ترتخي بين يديه وترجع برأسها الى الوراء......
هل ما تراه حقيقة؟ أم هو من نسج خيالها الرائع؟ لكنها ترى يوهان يحملها بين ذراعيه ويشدها الى صدره ان كان هذا حلماً؟ فهي تقسم بأنها تشم رائحة عطره الجذاب...وتحس بملمس قميصه الناعم...على وجنتها.....
ثم بدا لها وكأنه فارس نبيل يمتطي فرساً بيضاء ذهبية ثم يسرع لاختطافها من برجها العاجي الشاهق كانت تظهر كأميرة وقد استرسلت خصلات شعرها الفاحم الطويلة عبر نافذتها لتساعده على تسلق البرج العالي وما ان وصل اليها حتى أخذها بين ذراعيه وقبلها بشوق...قبلة الحياة!! لتصحو من نوم عميق أبدي....على يدي حبيبها وفارسها المغوار.....
تناول شفتيها من جديد وهو ينادي برغبة ولهفة:" حبيبتي رابونزيل!!"
" هاي! اسمي رينيه!!"
" هل سنتعرف من جديد؟؟؟حسناً سررت بلقائكي رينيه!"
ولكن فارسها ابتعد عنها فجأة....بعد ان نظر اليها بغرابة....ثم اندفع يهبط البرج...مستخدماً خصلات شعرها السميكة...ذهب كما حضر فجأة....لكنها اندفعت خلفه الى النافذة تصرخ..
" أين تذهب؟؟؟لا تتركني هنا وحيدة!!!"
" لا تخافي...لن أذهب الى اي مكان...ولن أترككي وحيدة!"
ولكنه كان يلوح لها من نافذتها مودعاً..وعلى ثغره ابتسامة ماكره.....
فقالت بغضب:" أهذا ما كنت تريده فقط؟؟قبلة؟؟!"
" حسناً....ليس هذا! ولكنني....لن أمانع أبداً!!"
انطلق فارسها بعيداً.....فوجدت نفسها تصرخ:" بإمكاني أن أكون رابونزيل...او الجميلة النائمة..او حتى ساندريلا!!"
" رابونزيل؟؟؟ آه يا صغيرتي....بدأتي تخيفينني حقاً....هيا اشربي هذا الدواء وستتحسنين!!"
وهو يرفع رأسها لتشرب الدواء....ثم عادت فأسندت رأسها الى الوسادة...وهي تشعر بالمرار في فمها...
" ما كان هذا؟؟؟ان طعمه مقرف!!"
" أعرف!!...ولكنه مفيد جداً....سأذهب لأحضر لكي الآن فنجاناً من القهوة الساخنة!!"
فتحت عينيها تدريجياً..حينما هزها للمرة الثانية....وقد تسربت رائحة القهوة اللذيذة الى أنفها بسهولة......وحينما نظرت..صرخت مرتعدة وهي تنهض فجأة.....
" ماذا..ماذا تفعل هنا؟؟؟"
" وأين يجب أن أكون سوا في منزلي؟؟؟"
اتسعت عيناها رعباً:" منزلك؟؟؟ولكن...؟؟ولكن...كيف..كيف جئت هنا؟؟ولماذا أنا في سريرك؟؟؟"
" اهدأي...ثم أن هذا ليس سريري!! غرفتي في الجهة المقابلة!!"
بدأت تفكر...وهي تحاول ان تفهم ما الذي حدث؟؟؟ فما كان منه الا أن ناولها فنجانها...قائلاً:" اشربي هذا سيفيدك...وسيهدأ أعصابك...."
أمسكته منه وهي تمتم هامسة:" أشكرك!"
جلس على كرسي قبالتها......:" هل تشعرين بتحسن؟؟"
" أجل..أشكرك...لكن؟؟"
قاطعها:" تريدين ان تعرفي كيف وصلتي الى هنا؟؟؟؟حسناً! بعد حديثنا الاخير اندفعتي تقودين السيارة بجنون وتهور - كعادتك لاشيء جديد في هذا!!(قال ذلك وكأنه يؤنبها ويلومها على طيشها)....- فلم استطع الا اللحاق بكي بسيارتي....ولكن بسبب سرعتك الفائقة....لم أتمكن من متابعتكي.....ولن تعرفي مقدار القلق والتعب الذين اصاباني.....حتى عثرت عليك على جانب الطريق.......في عتمة وبرودة الليل!!بعد ثلاث ساعات متواصلة من البحث!!!!"
رفعت خصلات شعرها التي تدلت على وجهها...:" آسفة ان كنت سببت لك القلق!!"
" أحقاً أنتي كذلك؟؟؟"
نظرت اليه وقالت بحدة:" نعم أنا كذلك!! ولكن ما اريد معرفته لماذا انا هنا الان؟؟؟؟"
اجاب بجفاء:" حينما وجدتك بدوتي متعبة للغاية وغير قادرة على الحركة....فكان لابد أن أوصلك الى البيت....لكنني خفت أن ينفعل والدك ويقلق حينما يراكي على هذا الحال!!فآثرت احضاركي الى هنا...!!أفهمتي الآن رابونزيل؟؟؟؟" وهو يبتسم باستهزاء...
" وما معنى هذا؟ لم تناديني برابونزيل؟؟" قالت بسخط.....
" كنت آمل أن تخبريني أنتي؟؟؟فلقد بدا حلماً رائعاً ومثيراً حقاً!!" قال بمكر.....
اصطبغ لون بشرتها بالحمرة.....ولم تعد تستطيع النظر الى وجهه ومع هذا تساءلت بضعف:"
هل؟؟؟هل كنت أتكلم خلال نومي؟؟؟"
ابتسم وقال بلهجة مسرحية...محاولاً تقليدها:" أستطيع أن أكون رابونزيل...أو الجميلة النائمة...أو حتى ساندريلا!!".......
وما ان رأى التعبير الساخط المثير للشفقة على وجهها..حتى انفجر ضاحكاً.......
" لست أرى أي شيء مضحك في هذا!!!" قالت بحنق وغضب كبيرين......
" لا...أبداً يا صغيرتي!!كل ما في الامر أنني لم أكن اظن بأن هناك من يزال يقرأ قصص الاميرات...والابطال!!"
صرخت محتجة:" لقد قرأتها عندما كنت طفلة صغيرة!!"
عاد للسخرية:" عندما كنتي؟؟؟وماذا أنتي الآن...بحق السماء؟؟؟"
انتفضت بشدة من سخريته اللاذعه..فتهضت من السرير...::" أريد العودة الى المنزل!!"
" لن أعيدكي حملاً على ذراعي يا صغيرتي.....فلا تتكلي على ذلك!!"
قالت بسخط أكبر:" لم أكن أجرؤ حتى على تخيل هذا!!!"
" اذاً....ستمشين حافية؟؟؟" بنفس نبرة التهكم التي أصبحت مألوفة لديها الآن......
نظرت الى قدميها آه تباً! انه يغيظها حقاً ولم تعرف كيف سيكون بامكانها اسكاته خاصة بعد حلمها المضحك المثير للاشمئزاز رابونزيل؟؟؟آه بالله عليها بماذا كانت تفكر؟؟؟حقاً عليها ان تكبر كما يقول الجميع!!!
فاندفعت ثائرة...تنتعل حذائها على عجل.......لكن رباط الحذاء أربكها على غير العادة....فلم تستطع ربطه.....فصرخت حانقة وهي تدق الارض بقدمها بعصبية:" تباً!!!تباً!!"
ضحك يوهان رغماً عنه....واقترب منها.....وهو يحاول تهدئتها......لكنه ما ان أصبح بالقرب منها حتى صرخت بحدة...
" ابتعد عني!! لاأريد أحد...ابتعدوا جميعاً عني!!" قالت ذلك وهي تعود للجلوس على السرير بارهاق.....
لكنه عاد فركع الى جانبها....وأمسك رباط حذائها وقام بربطه بكل سهولة.....نظرت اليه رينيه مشدوهة مما فعل.......
أمسك قدمها الصغيرة وكأنه يخاف ان تتهشم بين يديه....وأنزلها الى الارض...ثم نهض من مكانه وجذب رينيه من ذراعها لتقف أمامه.....ونظر الى عينيها المتسعتين.....
" لا تقسي على نفسك!"
كان العطف في صوته لافتاً..فوجدت نفسها تستغل ذلك وتتساءل بصدق..وكأنها مستعدة لتصديق الاجابة....فقط من يوهان...وفي لحظة الصدق هذه بالذات.....
" يوهان؟؟ هل أنا حقاً طفلة؟؟"
ارتبك يوهان..لكنه لمح الدموع في عينيها...فعرف أن هذه الفتاة تتعذب كثيراً....وبأنها ستصدقه الآن...أياً كان رأيه...اذاً هذه هي فرصته التي كان ينتظرها منذ فترة....ماعليه الا اقناع رينيه بما يريده!!
" وهل تكرهين ذلك؟؟تدفع معظم السيدات كل ما يملكن حتى يرجعن صغيرات في السن؟؟"
انتابتها نوبة حنق جديدة:" ولكنني سئمت!!سئمت من ذلك!! الكل ينعتني بالطفلة انها طفلة جميلة!!يا الهي ما أروع هذه الطفلة!!أوه كلا!! فهي ما زالت طفلة...!! هذه تصرفات فتاة غير ناضجة بل طفلة بلهاء خجولة الكل يستخدم نفس الكلمة...ولكن للتعبير عن اشياء مختلفة!! لا أريد أن أكون طفلة!!! لا أريد!!"
مد يده لتداعب خدها بحنان..فسالت أول دمعة رغماً عنها....لمسها بطرف اصبعه ..
نظرت اليه وكأنها غريق يتعلق بحبل النجاة وقالت بصوت يملأ المرار والأسى....
:" آه يوهان!!لم لا يمكنك أن؟؟"
تعلقت نظراته بنظراتها:" أن ماذا رينيه؟؟؟"
" أن؟ أن؟؟؟ أوه..لا أعرف!" قالت وهي تتخبط بيأس........
لمس ذقنها باصبعه...لتنظر اليه:"لكنني أعرف!!!"
وانحنى رأسه....فوق وجهها.....
وانسدل نور القمر عليهما...بعد أن انقشعت كل غيوم السماء.....وأصبحت ليلة صافية مقمرة..
رفع رأسه عنها ونظر اليها...وقد سقط شعاع القمر الفضي على وجهها..فزادها جمالاً وروعة....فتحت عينيها فجأة...بعد أن كانت تحاول السيطرة على ضربات قلبها المجنونة....
ولما رأته يحدق بها بهذه الصورة......شعرت بالخجل...وأحست بأن وجنتاها قد تضرجتا بالحمرة....فدست رأسها في صدره..كي تهرب من عينيه الاسرتين!!!
ضمها يوهان الى صدره بشوق....وهو لا يستطيع السيطرة على انفعالاته....لقد سلبته عقله قبلات رينيه المحمومة.....كانت بريئة ناعمة....ودافئة....جعلته يطمع في المزيد...مما أثار رعبه!!
جذبها من صدره بخشونة...فنظرت الى وجهه بدهشة وكأنها تتساءل لماذا.......لكن ما ان وقعت عيناه على شفتيها المثيرتين من جديد..حتى بدأ يفقد اصراره.....
قال وعينيه تتجولان....تارة على عينيها..وتارة على شفتيها,,,,:" لقد كنت الاول ....أليس كذلك رينيه؟؟"
احست رينيه بالحرج..لكن ذلك لم يمنعها من الاجابة:" هذا صحيح!!"
" لماذا؟؟؟" قالها بعذاب......
لم تفهم لماذا ماذا؟؟؟لماذا لم يكن هناك قبله؟؟؟ام لماذا هو بالذات؟؟لماذا سمحت له ان يكون الاول؟؟؟حسناً هذا واضح جداً...وعلى مايبدو أنه لم يفهم حتى الآن......
" أنا؟؟؟تركت لك الكلام على عيوني......لكن! أظنك لم تفهم!! ما فهمت أبداً!!!"
وكأنه عرف ماذا ستقول..فقاطعها وهو يرفع يده في وجهها..:" توقفي!! "
لكن كما هي العادة....ما ان تبدأ حتى يصبح صعباً عليها التوقف....:" يوهان!! أنا أريد أن أقول لك لماذا؟؟؟أوتظن بأنني أسمح لأي كان بأن يقبلني ويأخذني بين ذراعيه مثلما فعلت؟؟"
أشاح بوجهه عنها وهو يقول بجفاء:" ولم لا؟؟؟"
" لأنني أحبك!!" قالتها باندفاع ....
نظر اليها برعب....وقد اتسعت حدقتا عينيه أشد اتساع....وهو ينظر اليها غير مصدق...
لكنها تساءلت ان كانت قد أخطأت في اعلان ذلك الآن...أم لا؟؟حسناً..يظهر عليه التأثر ..لكنه لم يقل شيئاً.......
أخفض رأسه.....ثم قال بجمود:" سأوصلكي الى المنزل...حتى لا يقلق والدك عليك!"
لكنها قاطعته:" يوهان؟؟؟لقد...أخبرتك للتو...بأنني أحبك.!!! ألا يعني ذلك شيئاً لك؟؟"
أخذ نفساً عميقاً...ثم قال ببرود:" أتعنين أنكي لم تقولي ذلك من قبل لبيتر؟؟؟"
" بالطبع لا!!!" قالت مستنكرة رد فعله القاسي......
" كيف ذلك؟؟؟لقد قلتي لي سابقاً بأنكما قد عدتما معاً..وبأنكي سترحلين واياه؟؟؟أيعقل ان تفعلي هذا....دون عناق وقبل....وكلام معسول؟؟؟"
ظهر الالم على وجهها..:" لم يحدث هذا أبداً!!"
ولكنه كان بلا رحمة:" لا؟ ان لم يكن كذلك.....فهذا يعني أنكي كنتي تكذبين؟؟"
قالت بيأس:" لا.!..نعم!.......فقط كي أثير غيرتك!!!"
" حقاً؟؟وكيف أعرف..أنكي لا تكذبين الآن؟؟؟"
قالت بحزن:" لدي العديد من الصفات السيئة...لكن الكذب ليس منها...وأنت تعرف ذلك؟؟؟"
" وحينما ادعيتي بأن والدكي مريض...حتى تتحايلي لأخذي الى المنتزه!!ألم يكن ذلك كذباً أيضاً؟؟؟حقاً رينيه أنتي ممثلة بارعة....حتى أنني كدت أصدق كلماتك البريئة....ووجهك الملائكي!!!!"
لقد جرحتها كلماته كثيراً...وهذه ليست المرة الاولى......فقالت بكبرياء مجروحة...
" سأذهب الآن!!" وهي تحمل حقيبتها وتهم بالخروج.....
" انتظري سأوصلكي!!"
نظرت اليه بحقد وقالت باستهزاء:" لا تكلف نفسك عناء ذلك! وفر شفقتك فأنا لا أحتاجها!!"
" لا يتعد الامر شعوري بالمسؤولية أمام والدك...وان كنت أخذتك فسوف أعيدكي...كما أن سيارتك ماتزال على تلك الطريق....وسأرسل من يحضرها لكي في الصباح!!"
لم تجد بداً من المقاومة..فقالت بجفاء" لا بأس هذه المرة! ولكنها الاخيرة!!"
قال ببرود:" سنرى ذلك! " وكأنه يلمح الى كثرة ايقاع نفسها بالمشاكل...حتى تضطره دائماً الى تقديم المساعدة لها...!!!آه...لو كان بامكانها تحطيم غروره!!!!
نظرت اليه بحقد....وسارت واياه........وطوال المسافة من بيته الى بيتها...لم يتحدثا بأي كلمة.....
لكنها لما وصلت....خرجت بسرعة.....وأغلقت الباب خلفها ..حتى دون كلمة شكر.....
نظر خلفها ..ثم عاد فانطلق بسيارته.....................


JAN 05-10-2020 04:18 PM

مفاجأة غي متوقعة



الفصل الحادي عشر
"مفاجأة غير متوقعة!"
فتح باب غرفتها فجأة....ثم نزع الغطاء عن رأسها.....
" انهضي حالاً أيتها الكسولة!!"
تململت رينيه في مكانها وهي تحاول جذب الغطاء من جديد....:"دعيني وشأني...!"
عادت جولي لنفض الغطاء عنها......." كلا!! لن أدعكي وشأنكي....هذا يكفي الآن!!لا مزيد من الاعتكاف في هذه الغرفة!!"
وهي تفتح الستائر والنافذة..مما سمح لأشعة الشمس الدافئة بالدخول......
وهنا صرخت رينيه باستياء:" جولي!! هيا اخرجي خارجاً.....أريد النوم!! وان أردت الاعتكاف في غرفتي ..فهذا شأني وحدي!!"
قالت جولي بتحدي:" لا لن أذهب!! ولن أخرج حتى تنهضي معي....كما أنناسنذهب في نزهة!!"
" آه! ألا تفهمين؟؟؟قلت لا...لا..لا!!"
نهضت جولي وهي تعبث بخزانة رينيه...:" وأنا قلت بلى...بلى...بلى!! سأختار لكي شيئاً ترتدينه..ريثما تغتسلين...!!!هيا....!!"
صرخت رينيه بحنق:" آه!!!! لا أعرف كيف انتهى بي الامر الى مصادقتكي؟؟؟" وهي تنهض غاضبة من سريرها....وتتجه الى الحمام.....
ابتسمت جولي وقالت :" ولا أنا كذلك!!!"
*********
" كيف حال فتاتي المفضلتين؟؟؟"
أجابت جولي وهي تسحب ذراع رينيه خلفها....:" أوه...صباح الخير سيد مايكل...كيف حالك؟؟؟"
" بخير...أشكرك يا جولي....وكيف هما والداكي؟؟"
" انهما بخير ويبلغونك تحيتهم!"
" بلغيهم أيضاً تحياتي...!"
" سأفعل ! "
" ألا يوجد صباح الخير من حبيبتي الصغيرة؟؟؟؟"
اقتربت رينيه من والدها وهي ترسم ابتسامة كاذبة...:" صباح الخير أيها الوسيم!" وهي تعانقه وتقبله على وجنته......
" هل أنتي بخير يا صغيرتي؟؟لم نعد نتحدث كما في السابق؟؟ما بت أعرف عنك شيئاً...لكنني قلق عليكي!!!"
صمتت رينيه وهي لا تعرف ماذا تقول؟؟لكن جولي سارعت الى نجدتها.....
" لا تخف عليها سيد مايكل....أنا بجانبها....ثم أنك لا تريد أن تزعجك بكلامها الذي لا يتوقف!!! سأفعل ذلك عنك بكل سرور!!"
نظرت رينيه بشزر الى جولي وكأنها تحذرها من الاستمرار...ثم عادت فنظرت الى والدها بحنان وقالت:" لا شيء أبي....انه العمل فقط!! و؟؟؟سنتحدث حينما نرجع ..ما رأيك؟؟"
" هل ستخرجين؟؟؟"
سارعت جولي:" ان كنت لا تمانع سيد مايكل...فالجو مشمس وجميل جداً هذا الصباح..وذلك سيفيد رينيه كثيراً..اذا أنها لم تعد تخرج مؤخراً كثيراً....لقد كان العمل يأخذ كل وقتها!!"
نظرت رينيه بغل هذه المرة الى جولي لتتوقف....لكن والدها سارع الى دفعهما خارجاً قائلاً:
" أنتي محقة يا جولي!! هيا اذهبا واستمتعا.....وحينما تعودين يا فتاة...لا أريد رؤية هذا التجهم البادي على وجهك.....عيشي حياتك..واستمتعي بوقتك!! لاشيء يستحق كل هذا العناء!!!"
نظرت رينيه الى والدها...لقد كان يعرف تماماً عن ماذا يتحدث....فاكتفت أن اجابت بهزة من رأسها...ثم خرجت مع جولي......
وصلا الى مقهى فخم...ارتأت جولي أن تتناولا افطارهما فيه.....كنوع من التغيير.....
" ولكن يا جولي؟؟ألا ترين أنه فخم أكثر من الازم؟؟يمكننا التوجه الى اي كشك يبيع الفطائر!!"
" كشك؟؟؟؟اش!! حذار أن يسمعكي أحد!!! حقاً أنتي مفسدة للمتعة!!! اسمعي.....انا قد دعوتكي...ولكن لا تعتادي على هذا الامر...فلن أستطيع تحمل نفقات دعوة كهذه الا مرة في الشهر!!"
احتجت رينيه قائلة:" ليس هناك من داعي لصرف نقودكي من أجلي جولي...كما أنني لست جائعة!!"
" آه رينيه.....لا تفسدي الآن فرحتي!! انني اود أن أدلل نفسي من حين الى آخر...فما الضير من تناول وجبة لمرة واحدة بين علية القوم وأثرياؤهم؟؟؟"
ابتسمت رينيه..:" حسناً اذاً....سأشارككي الفاتورة..وهذا ما لا نقاش فيه....والا فسأترككي وأذهب!!"
" لكن رينيه...؟؟أنا أرغب في دعوتكي....هذه المرة فقط..أنتي تفسدين الامر برمته يا فتاة!!"
" حسناً..حسناً! هذه المرة فقط...ولكن لا تنعتيني بمفسدة المتعة....لا أريد أن يرتبط هذا اللقب بي.....مثل؟؟" وتوقفت فجأة....وقد بدا التوتر على وجهها.....
سارعت جولي...:" سنتناول الطعام أولاً....ثم سنتحدث!!والآن...ماذا ترغبين...أم تتركينني أنا أختار؟؟"
ابتسمت رينيه من شدة حماس جولي...:" لا مانع لدي!!"
" عظيم!" قالت جولي بابتسامة واسعة....وبعد عدة مشاورات....اتخذت جولي قرارها ..وكم كانت فرحتها حينما كانت تعمل على تبليغ النادل بماتريدانه...بينما رينيه كانت ستنفجر من الضحك.....
وما ان انتهت...حتى قالت رينيه معلقة:" أوووووه جولي....من يراكي يظن بأنكي متمرسة في هذا!! لقد خدعتني للحظة!!"
ابتسمت جولي بفخر..لكنها عادت تقول:" رينيه ايتها الشريرة....أنتي تسخرين مني...صحيح؟؟"
لم تستطع رينيه منع ضحكتها...:" يا لسرعة بديهتك؟؟!!"
" رينيه...!!".....لكن رينيه كانت قد أخذت بالضحك رغماً عنها......فأعادت جولي مناداتها..
" رينيه!!"
" حسناً..حسناً..ها أنا سأصمت!!"
وبعد برهة....وحينما التقت عينيها بعيني جولي الغاضبتين....حتى عادت للضحك من جديد...
" أووه...أنا آسفة جولي...لست أدري ماذا حصل لي اليوم!!!" وهي تمنع دموعها من النزول......
لكن غضب جولي تبخر في لحظة....حينما لمحت ذاك الرجل المدمر الذي يحدق في صديقتها..دون أن ترمش له عين.......
لكنه ما ان لمح نظرات جولي له..حتى اعاد انتباهه الى تلك الصهباء التي ترافقه.....
قالت رينيه بابتسامة وهي تمسح دموعها..:" أنا آسفة حبيبتي!! اعذريني حقاً...."
لكنها ما ان رأت وجه جولي المرتبك...حتى عادت للاعتذار..:" آه جولي...لن تغضبي مني الآن...كنت أمازحكي فقط!!"
لكن جولي لم يبدو وكأنها تسمعها....نظرت اليها رينيه باستغراب وقد تبخرت ابتسامتها...
" جولي؟؟هل أنتي بخير؟؟؟مابكي؟"
وكأن جولي استيقظت للتو من كابوس مزعج....فقالت بسرعة" لا..لاشيء!"
" مابكي؟؟ أنتي لستي طبيعية؟؟أيعقل أن تكوني قد غضبتي..لأن.."
فقاطعتها جولي بسرعة:" لاتكوني سخيفة!! "
" اذا!؟"
" آه رينيه....!!ربما كنتي محقة....وما كان يجب أن نأتي هنا!!"
والآن أصابتها الدهشة..:" ولكن لماذا؟ماذا حدث الآن!!"
أجابت جولي بارتباك...:" دعينا نغادر رينيه!!أرجوكي..!"
" اهدأي جولي..وأخبريني ماذا حدث فجأة؟؟؟"
لكن وجه جولي شحب فجأة....ثم قالت وهي تضع يدها على جبينها..:" أوه..يا الهي!!انه قادم!!"
اتسعت عينا رينيه دهشة:" من هو قادم؟؟؟ أهو بيتر؟؟" وهي تحاول الالتفات لترى...لكن جولي أمسكتها من يدها محذرة...
" لا...لا تنظري!!"
" ولماذا؟ ماذا هناك جولي..لقد أخفتني حقاً!!؟؟"
" صباح الخير آنسة ثومسون!"
جفلت رينيه...لدى سماعها هذا الصوت...وهذه العبارة بالذات....الآن عرفت ما سبب الهستيريا التي كانت تغزو صديقتها منذ قليل....رفعت عينيها الى جولي...بدا وكأنها تعتذر وقد بدا عليها الارتباك واضحاً.......
أخذت نفساً عميقاً...." صباح الخير دكتور يوهان!" وهي ترفع رأسها لتنظر اليه....أوه تباً! تباً كم يبدو وسيماً!! آه..لكم اشتقت اليك والى كل ملامح وجههك!!!"
كانت يدها ما تزال في يد جولي..التي ضغطت عليها بقوة لتوقظها مما هي فيه....هي ليست بحاجة الى مزيد من الاذلال.....
حينها تنبهت رينيه...وأنزلت رأسها فجأة..وهي ترفع يدها الى جبينها بحركة سريعة....
جاءها صوته ثانية.." هل أنتي بخير؟؟"
رفعت رأسها تلقائياً وقالت بابتسامة مصطنعة..:" طبعاً طبعاً....وأنت؟"
" بخير....كيف حال مايكل؟؟؟لم أره مجدداً...لم لا يزورني في عيادتي لأطمئن عليه؟؟"
" آه...هذا لطف منك! سأخبره بالطبع!"
" جيد!" وهو ينظر اليها متأملاً....فما كان من جولي..الا أن قالت..:" يمكن..يمكنك الانضمام الينا ان أحببت! أنت...ورفيقتك؟؟؟"
رفعت رينيه رأسها لتنظر الى جولي...وكأنها دهشت مما قالته.....
لكن يوهان بدا هادئاً وواثقاً من نفسه كعادته...فشكرها في أدب...:" أشكرك..ربما في مرة أخرى!! آنسة؟؟"
" جولي...جولي ماركس" قالت بابتسامة واسعة....
" تشرفنا آنسة ماركس!..عن اذنكما!!" وذهب فجأة كما جاء فجأة......
كانت رينيه لا زالت غير قادرة على التحكم في أعصابها.....
بادرت جولي تقول بأسف:" أنا آسفة رينيه...لم أعرف ماذا أفعل حينما رأيته؟؟؟لم أتخيل بأنه سيأتي ويلقي التحية!!يالثقته بنفسه...."
وهنا جاء طعامهما.....أمسكت رينيه فنجان قهوتها....وهي تحاول أن تكون هادئة...
" لا عليكي جولي....دعينا نستمتع بطعامنا..وبهذا الصباح!!"
ابتست جولي...وهي تشرع في تناول مايوجد على طبقها بسعادة وشهية كبيرة....
" أنتي محقة صديقتي....فما هي فرص تكرار هذا النهار؟؟؟؟"
ابتسمت رينيه..لكن عقلها كان ما لايزال يعمل مع ذاك المغرور....والمرأة التي ترافقه!!من تكون...وكيف تبدو؟؟؟كان عليها أن تعرف!! لكنها لا تستطيع رؤيتهما من مكانها...عليها ان تلتفت أولاً...وهي لن تفعل بنفسها ذلك....لن تقوم باذلال نفسها أكثر!!لكن ؟؟ما العمل؟؟
تساءلت فجأة:" جولي؟؟هل غادرا؟؟"
" من تقصدين؟" تساءلت جولي ببراءة....
" يوهان ورفيقته...من برأيك؟"
قالت جولي معاتبه:" كنت أعرف أنكي لن تتركي ذلك!!"
" جولي! أنا بحاجة الى رؤيتها! أريد أن أعرف...كيف...كيف تبدو؟"
" أتريدينني أن أصفها لكي!؟؟"
" نعم!!أوه...كلا...مالذي يحصل لي؟؟لقد أصبحت مستحوذة حقاً!!أوه صديقتي..ماذا يحدث لي؟؟"
تنهدت جولي وهي تمسك بيد رينيه وتشد عليها بعطف:" حبيبتي...لا شيء يحدث لكي...سوا أنكي واقعة في الحب!! وليس في هذا أي خطأ!!الا أن الخطأ في الشخص نفسه!!"
رفعت رينيه عينيه الدامعتين اليها...:" وماذا أفعل الآن جولي!! آه...لو تعرفين كم أتعذب!! أنا التي تحبه الاكثر.....أحظى منه بالأقل؟؟يا الهي..كم هذا مؤلم!!!"
" أعرف حبيبتي...أعرف!! اسمعي..دعينا نذهب من هنا! لقد كانت فكرة سيئة منذ البداية!!"
" لا حبيبتي....أعرف بأنكي كنتي تطمحين الى اخراجي مما أنا فيه!! لكن حظي العاثر يسبقني اينما ذهبت!!لذا لاتضعي اللوم على نفسك!أنا حقاً ممتنة لوجودكي معي جولي!!"
ابتسمت جولي وقد فاضت مشاعرها,,:" اسمعي...ان استمريتي بهذا الكلام...فسيفتح صنبور الماء عندي ولن يقفل حتى يستهلك كل مناديل هذا المقهى الفاخر....فهل أنتي مستعدة لمثل هذه الفضيحة؟؟؟؟"
ابتسمت رينيه ابتسامة واسعة:" كلا...كلا!!أنا أعتذر أيتها الصديقة الوفية!!سوف أكف عن مدحكي في الحال!!"
" هذا أفضل!" ضحكتا ونهضتا لتغادرا...لكن رينيه لم تستطع منع عينيها من التوجه حيث يجلس...هو ورفيقته....نظرت اليها وهي تضحك بنعومة...ورقة....وقد بدا مأخوذاً بحديثها..الى أن التقت عيناه بعيني رينيه....بدا وكأنه يقول لها شيئاً ما...لكنها ليست محترفة في لغة العيون....فأطرقت بسرعة وخرجت وهي تتمنى ان لا تلاحظ جولي الدمعة التي انسابت على وجنتها!!!
ظلتا تتجولان أمام واجهات المحال التجارية دون ان تشتريا شيئاً......
" لا أصدق هذا؟؟ يالهذه الاسعار؟؟؟ أيعقل أن تكون تنورة قصيرة...لا يتجاوز طولها الشبرين؟؟بهذا الثمن المرتفع!!؟؟لا أصدق!!"
" يمكنكي شراؤها الشهر القادم!!"
" ولكن رينيه....انها تعجبني كثيراً!! سيصعق جيك حين يراني أرتديها!! أووه...ربما لن أجدها الشهر المقبل....ربما علي أن أشتريها!!ما رأيكي صديقتي؟؟؟"
رفعت رينيه كتفيها بلا مبالاة:" ان كانت تعجبكي الى هذه الدرجة...فاشتريها!!"
ابتسمت...:" آه صديقتي العزيزة....من لدي غيركي ليشجعني على الامور التي لن أقوى على فعلها وحدي!! انكي رفيقة السوء المثالية!! ولهذا أحبكي!!!"
ضحكتا سوياً....وذهبت جولي لشراء تنورتها من احدى المحلات التي سبق وتجولتا فيها...لكن رينيه آثرت البقاء وانتظارها على كرسي خشبي جانبي..ريثما تحضر....كانت ترغب بلحظات تختلي فيها قليلاً مع نفسها........ولكن؟؟؟أيمكن ذلك؟؟؟؟
" لم أظن أنني قد أجدكي هنا!"
رفعت رأسها لتنظر باستغراب.......وما ان رأته حتى أخذ قلبها يدق بعنف....وتسارعت أنفاسها...ومع هذا حاولت السيطرة على انفعالاتها بقدر الامكان..قائلة...
" ماذا تفعل هنا؟ كنت أظنك تستمتع بوقتك مع رفيقتك!!" قالتها بألم ...مع أنها حاولت ان تبدو غير مكترثة......
" أتسمحين لي بالجلوس الى جانبك؟؟"
" تفضل! فهذا كرسي عام...وليس حكراً على أحد!!" محاولة عدم الاكتراث.....
ابتسم وجلس الى جانبها....ثم قال وهو ينظر اليها...:" صديقتكي لطيفة!!"
هزت رأسها مؤكدة..:" بالفعل!! هي الشقيقة التي لم تنجبها أمي!!"
" انها محظوظة ان كنتي تحبينها الى هذه الدرجة!!"
نظرت اليه مستغربة...فلمحت في عينيه بريق اللهفة والاشتياق....ماذا الآن؟؟؟ما الذي يحاول فعله؟؟حينما يلتقطها ثم يعود فيرميها!!؟؟
أبعدت نظرها عنه للحظة....وقبل أن تنطق..قال ما أثار دهشتها..حتى عجز لسانها عن النطق.....
" هل أنتي مشغولة ليلة الغد؟؟"
هزت رأسها نافية..وهي مستغربة من سؤاله.......
"كنت أتساءل ان كنتي مهتمة بحضور حفل خيري ..؟؟"
" أتعني...برفقتك؟؟؟"
ابتسم من رد فعلها..:" هذا طبيعي! ان كنت أنا من قام بدعوتكي؟؟!"
شعرت أنها ستطير من الفرح...ولكن كما صعدت الى قمة السماء بسرعة...هوت الى الارض بسرعة أكبر.......
" وماذا عن رفيقتك الصهباء؟؟؟اليست متفرغة؟؟"
ابتسم ثم عاد يقول بسخرية:" لنقل..بأنني طلبت منكي أولاً!! فما هو قولك؟؟"
أطرقت ولم تعرف ماذا تقول....كانت الموافقة على طرف لسانها....لكن عقلها ظل يصرخ ويصرخ منبهاً اياها..الى ضرورة عدم الانسياق وراء هذا الشيطان مرة أخرى.....
لكنه لم يدع لها وقتاً لتقرر...فنهض وهو يقول:" عظيم! سآتي لاصطحابكي في تمام السابعة والنصف...بلغي تحياتي لوالدكي!!"
وهو يهم بالانصراف....." آه!!!!" كادت ان تصرخ......لم يقرر عنها؟؟؟ولم يفترض بكل غرور انها ستوافق على الذهاب برفقته..بعد كل ما فعله معها؟؟؟! ومع هذا!! هي سعيدة!! سعيدة جداً!!!
ولما وصلت جولي...كانت ثورة رينيه قد خمدت.....وقد استكانت مشاعرها وهدأت...
وما ان لمحت جولي...حتى صاحت بها....." أتعلمين ماذا؟؟؟علي أن أشتري فستان سهرة رائع!!!"
فتحت جولي عينيها على اتساعهما...:" حبيبتي رينيه....هل أصبتي بالحمى!!" وهي تضع يدها على جبهة رينيه...
نزعت رينيه يد جولي عن جبينها...وأردفت قائلة:" لا..انني بخير....ولكن يجب ان تساعدينني على اختيار فستان يظهرني ناضجة!!أريد أن أكون امرأة حقيقية جولي...لمرة واحدة في حياتي....أريد أن أكون امرأة مرغوبة من كل الرجال....وليس الفتيان!!!أتفهمينني؟؟"
لا...لم تكن جولي تفهمها أبداً! لكن رينيه سحبتها من ذراعها.....وهي تضحك....:" تعالي يا صديقتي العزيزة...سأخبركي كل شيء!!لكن هيا بنا الآن!!!"


JAN 05-10-2020 04:20 PM

امرأة لليلة واحدة


الفصل الثاني عشر
" امرأة لليلة واحدة"
حينما عادتا للمنزل بعد جولة شاقة في المحال التجارية....فوجئت رينيه بوالدها يخبرها بأن يوهان قد قام بمهاتفته والاطمئنان عليه...وطلب الاذن منه على اصطحاب رينيه الى سهرة الغد!!!!
" يطلب الاذن من والدكي؟؟؟؟ما بال هذا الطبيب؟؟كأنه يعيش في عصر آخر!!الذي يراه بصحبة تلك الحمراء....لا يصدق أبداً...تصرفه هذا!!!"
" لايهمني ماتقولين!! ولكنني أرى تصرفه هذا في غاية الرقة والنبل!!!ثم كفي عن مضايقتي وأسرعي قليلاً..فلم يعد هناك وقت طويل يفصلنا عن السابعة والنصف!! لا أريد أن أتأخر!"
" حسناً...هاقد انتهينا!!!"
نهضت رينيه من مكانها لتقف وتتجول أمام جولي بحركة استعراضية واضعة احدى يديها على خصرها...قائلة:" ها؟؟ما رأيكي؟ "
أطلقت جولي تصفيرة حادة...ثقبت أذن رينيه......" رائعة!! فاتنة!!! أؤكد لكي...بأن شيطانكي العنيد....سينهار هذه الليلة وسيقدم لكي قلبه على طبق من فضة!! أنا واثقة!!!"
ضحكت رينيه من قلبها وهي تنظر الى المرآه.....حقاً بدت فاتنة ومغرية....وأكبر من عمرها بسنوات....وهذا ما كانت تريده!!!
كانت ترتدي فستاناً طويلاً بدون حمالات من قماش حريري أبيض مموج باللونين الفيروزي والذهبي...يضيق عند الركبتين ثم ينسدل بنعومة....لبرز جمال جسمها الرشيق...وأنوثة صارخة لم تتعرف اليها رينيه قبل الآن!!!
أما شعرها فقد عمدت جولي الى تسريحه باحدى تلك التسريحات العصرية المثيرة....فقامت بعقص جميع خصلات شعرها على شكل تموجات رقيقة ثم جمعتها كلها الى جانب واحد..بعد أن قامت برفعها الى الاعلى بدبوس ذهبي ولم تنس ترك خصلة حائرة وحيدة لتتدلى على جانب وجهها الايسر...
وأما زينتها فكانت الاكثر اثارة.......
حيث أنها تعمدت التركيز على رموشها السوداء الطويلة لتبدو أكثر غزارة وكثافة...وأضافت ظل العيون على جفنيها بشكل يبرز زرقة عينيها الرائعتين...فبدتا مغريتين الى ابعد حد.....
أما أحمر الشفاه...فاكتفت بوضع لون كريمي ذو لمعة طبيعية خفيفة.....
لقد بدت أشبه بعارضة أزياء مثيرة...خرجت للتو من احدى مجلات الموضة......
لقد أصبحت أخيراً تلك المرأة المغرية الناضجة التي تمنتها....ولكن؟ يبقى رأي يوهان...هو الفيصل؟؟فهل ستعجبه هكذا؟؟!!
غادرت جولي على عجل وهي تتمنى لرينيه وقتاً سعيداً...وتشير لها من خلف ظهر السيد مايكل...بإشارة الهاتف وهي تتوعد!! ضحكت رينيه وهي تحرك شفاهها بدون أي صوت..."مجنونة!"...
ولم تمض دقائق حتى قرع الجرس وظهر يوهان وأخذ يتكلم مع السيد مايكل لبرهة وصمت فجأة حينما تهادت تلك الحسناء أمامه ....
نظر السيد مايكل خلفه...ابتسم قائلاً:" هاقد أتت جميلتي الصغيرة!!"
اقتربت رينيه بحياء..خاصة وهي تلمح نظرات يوهان التي تكاد تلتهمها...." مرحباً.."
تمالك يوهان نفسه...وقال برسمية:" أهلاً...هل أنتي جاهزة؟"
أجابت بهز رأسها.....
" اذاً هيا بنا..! لا تقلق مايكل سأعيدها قبل الثانية عشرة!!"
نظرت اليه بحنق ولوم....تجاهل نظراتها وهو يحاول اخفاء ابتسامته....
ابتسم السيد مايكل قائلاً:" حافظ عليها يوهان.....وأعدها سالمة!!"
قاطعته رينيه باحراج:" أبي!!! (وهي تقول بصوت أشبه بالهمس)..أنت تحرجني!!كما أنني لست طفلة!!"
" ومم الحرج الآن؟؟ألأنني أوصي يوهان عليكي؟؟آه حبيبتي..أي نوع من الآباء سأكون اذاً ان لم أفعل ذلك!! ثم أنني أعرف كم أنتي مندفعة...ألا تذكرين حينما..."
قاطعته رينيه بقبلة سريعة على جانب وجهه..:" حسناً..حسناً أبي..نحن مضطرون للذهاب الآن....لا تطل السهر...وكما قال يوهان....لن أتأخر!!"
ضحك السيد مايكل:" حسناً...استمتعي بوقتك!"
كان يوهان يستمع لهذا الحوار الشيق وهو يبتسم ... لكنه قال أخيراً بعد أن خرجت رينيه من الباب...:" لا تقلق...سأحافظ عليها...!! عمت مساءاً!"
ودعه السيد مايكل بابتسامة....وظل واقفاً على الباب حتى تواريا عن الانظار.....
قالت رينيه بحرج:" أعتذر عن تصرفات أبي....فهو دائم القلق علي!! ولكنه لا يعني ما يقول!!"
قال يوهان بدون ان يلتفت اليها:" ولم الاعتذار؟ أنا لا أجد أي شيء غريب فيما يفعله مايكل...!!بل يعجبني ذلك جداً...."
تسائلت رينيه بدون اكتراث:" حقاً؟ لم لا يفاجأني ذلك؟" وهي تشيح بوجهها الى النافذة...
اختلس نظرة اليها..ثم ابتسم...وقال فجأة:" في الحقيقة....لو كان لدي ابنة شيطانة..مثيرة للمشاكل....وفاتنة!! لفعلت أكثر من هذا!!!"
اكتست وجنتيها بالحمرة....وأطرقت صامتة وهي لا تعرف ماذا تقول.....
اتسعت ابتسامته أكثر......لكنه أخذ يحدق فيها بملء عينيه....وأحست هي بذلك...فنظرت اليه فجأة..وقالت بتوتر
" أهناك خطب ما في مظهري؟"
أجاب بهدوء:" أبداً!"
" اذاً لماذا تنظر الي هكذا؟"
شعرت فجأة بأن ثقتها بنفسها تنهار...أيعقل بأن مظهرها لا يعجبه؟؟؟ولكنه لم يعلق بأي كلمة!! حتى وان كانت لا تعجبه فمن الذوق أن يقول ولو كلمة مجاملة! فهل ستجلده بالسوط ان كذب وقال كم هي جميلة!! آه...كل هذا التعب ذهب سدى!! ستضحك جولي منها كثيراً....تلك المجنونة!!
بدأت تتخيل صورة جولي وهي مستلقية على ظهرها وتمسك بطنها من شدة الضحك....فهذه هي عادتها!!
كان جبينها مقطباً...وهي سارحة برد فعل جولي حينما ستخبرها بذلك!!! لكنها استيقظت على كلمات هزت كيانها وزلزلته.......
" ما بال الاسفنجة الجذابة اليوم؟ أكل شيء على ما يرام!!"
تنبهت من شرودها...:" أوه...أجل..بالطبع! "
" وهذه التقطيبة التي تكسو وجهك الرقيق!! ما السبيل الى ازاحتها؟؟؟"
نظرت اليه دهشة....ثم عاد الاحمرار الى وجنتيها الناعمتين......
" آه...صغيرتي رينيه!! مازلتي تحمرين خجلاً!!! مع أنكي اليوم....تبدين كشيطانة فاتنة...يتساقط الرجال صرعى هواها!!"
توقفت تقريباً عن التنفس وحاولت جمع شتات نفسها قبل أن تجيب لكن يبدو أنه لاحظ ذلك فقال برقة:" اهدأي رينيه ألا يمكن للمرء التكلم معكي دون انفعال؟ تتصرفين وكأنكي لم تسمعي ذلك قبلاً!"
هي سمعت ذلك وأكثر من ذلك قبلاً....وكثيراً أيضاً.....لطالما تهافت عليها الفتيان وكانت بمثابة الحلم لهم..بجمالها وبراءتها وطيبة قلبها...لكن كل ذلك لم يكن يعنيها....هي كانت تحاول امضاء وقت ممتع مع رفقائها...ولكن ليس أكثر من الصداقة....
كانت تجدهم مملين...تافهين....ويفتقرون للخبرة...
كانت دوماً تحلم بفارس أحلامها...كرجل ناضج...ذو خبرة...ودراية....يعرف كيف يدللها ويحبها...ويجعلها تعيش معه أجمل قصة حب في هذا القرن!!!
هي كانت تنتظر شخصاً مثل يوهان....لكن أحلامها لم تكتمل...فيوهان لا يبدو مهتماً بها كثيراً! هي تلحظ أحياناً الرغبة في عينيه....لكن هذا ليس ما تريده! انها تريد الحب!!!
لا يعرف يوهان..كم هي تحبه.....وكم يسعدها ويذيبها حينما تسمعه يتحدث عن جمالها وفتنتها بهذا الشكل.....حينما تسمع ذلك...من حبيبها!!!! ولكن؟ كيف له أن يفهم شيئاً...لم يمر به!!
تمالكت أعصابها قليلاً وقالت بشيء من الكبرياء:" من قال اني منفعلة؟؟أنني فقط استمع اليك!"
تبسم ضاحكاً من قولها...:" ليست هذه عادتك أبداً!!"
نظرت اليه....يا الهي!! كم يأسرني ويجعلني أذوب معه.....لو أنه فقط...يبادلني المشاعر!!منذ أن رأيته...وأنا أشعر بأن مقعده محجوز في قلبي..بل هو كذلك منذ الازل!!! يا الهي!! كيف أبتعد عنه؟؟وروحي مشبعة بعشقه!!أوه...يوهان!! يا معذبي القاسي....ألا تكفيك كلمة...لا حياة بدونك؟؟؟
وقطع عليها تخيلاتها توقف السيارة....فقالت بانزعاج:" هل وصلنا؟"
كان قد خرج...فأدركت أنها تكلم نفسها!!قال وهو يفتح لها باب السيارة:" تفضلي آنستي!!"
هبطت وهي تحاول الابتسام....وتأبطت ذراعه..وولجا الى الداخل.......وهناك ..قامت بخلع الشال المرافق لفستانها....وناولته لعامل المعاطف....وما ان عادت لتتأبط ذراع يوهان...حتى وجدته ينظر اليها بشوق..ورغبة كبيرتين....لكنه نزع عينيه فجأة عنها...وهو يشدها من ذراعها..قائلاً بتوتر:" هيا بنا!"
وماهي الا لحظات حتى تعرفت رينيه على جميع أصدقاء يوهان وشلته من العلماء والاطباء ورجال الاعمال الذين يختلط بهم يوهان انه عالم مختلف تماماً عن عالمها!! كما أن ذلك جعلها تشعر بحجم الهوة بينها وبينه....هي ليست من عالمه....ولا من محيطه!! فردة القرط الواحد الذي ترتديه أقل سيدات هذا الحفل ثراءاً يساوي كل ما تملكه هي ووالدها بمرات....
فكيف لها أن تضاهيهن؟؟!أطرقت صامتة وهي تشعر بأنها أخطأت بقدومها الى هنا....
لاحظ يوهان الكآبة والحزن اللذين سكنا عيني رينيه فجأة....لكنه لم يعرف لذلك سبباً!
وما هي الا لحظات...حتى اقتربت سيدة رائعة ترافق رجلاً وسيماً رزيناً...وعانقت يوهان بشدة...وهي تختلس النظرات الى رفيقته الجميلة....لم تكن هذه السيدة سوا جيني شقيقة يوهان!!!
" جيني! لم أعرف بحضوركي!!"
" أوه يوهان! أنسيت بأننا نحضر هذا الاحتفال كل عام!!بل مايثير حيرتي...هو حضورك أنت هذه المرة؟؟؟لطالما كنت تعتذر وتتغيب متحججاً بالمرضى....هل لهذا علاقة برفيقتك الفاتنة؟؟؟ألن تعرفنا عليها؟؟" قالت وهي تتطلع بشوق الى رينيه....
بدا على يوهان الارتباك قليلاً..لكنه أخفى ذلك بمهارة وهو يجذب رينيه من ذراعها..ويضع ذراعه على خصرها برقة...قائلاً:" لا أظن بأن هناك حاجة للتعارف جيني...فأنتما تعرفان بعضيكما!! كيف حالك ريتشارد؟؟"
وهو يصافح زوج شقيقته...., شعرت رينيه بالحرج كذلك...لكنها مدت يدها وهي تقول برقة..
" كيف حالكي سيدة بالتيمور؟؟"
حينها اتسعت عينا جيني وقالت بابتسامة غير مصدقة..:" يا الهي! من؟؟رينيه؟؟؟كيف حالكي يا عزيزتي؟؟" وهي تتجاهل يدها الممدودة...وتقترب معانقة اياها...مما أدهش رينيه...
" كيف حالكي يا عزيزتي؟؟وكيف هو والدكي؟؟لقد سمعت بأنه متعب؟؟!"
" أه..بخير..أشكركي كثيراً على سؤالك!"
"أوه..ريتشارد...ألا تذكر رينيه؟؟؟انها فتاة الاسفنجة الصفراء...؟؟في حفل التوأمين؟؟"
" أوه!! أجل..أجل!! لكنها كانت تبدو أصغر سناً!!"
بدا التوتر في فك يوهان.....وشعرت رينيه بذلك...حتى جيني...فوكزت ريتشارد بذراعها..وحاولت تلطيف الجو....
" آه..عزيزتي رينيه..مايقصد ريتشارد قوله...هو أنكي تبدين مختلفة هذه الليلة....انكي رائعة الجمال يا عزيزيتي....واثقة بأنكي قد سمعتي هذا من شخص آخر هذه الليلة!!"
وهي تنظر بمكر الى يوهان...مما جعل الحمرة تصعد الى وجه رينيه لكنها قالت بابتسامة عذبة..
" أشكركما حقاً..أنتي والسيد بالتيمور....انه لحقاً من دواعي سروري أن ألتقيكما مجدداً!!"
" نادنا جيني وريتشارد عزيزتي..لا داع للالقاب..!!"
" أوه...حسناً...ان كنتي تحبين ذلك!!على عكس بعض الناس!!" قالت بمكر...وهي ترفع نظرها الى الاعلى....
ضحكت جيني وهي تراقب رينيه...وقد لاحظت الامتعاض على وجه يوهان...
" هذه هي عادته!! ولكن لا تقولي بأن ذلك مستمر حتى الآن؟؟؟"
تكلم يوهان أخيراً:" هل يمكنكما التوقف عن الحديث عني..وكأنني غير موجود؟؟؟"
ضحكت اثنتاهما.....وتكلم ريتشارد مرة أخرى...لينشر الفوضى من جديد.....
" آه!..اذاً لهذا السبب قام يوهان بأخذ شريط الفيديو..الخاص بحفلة التوأمين!!؟؟ أه أيها الماكر!!"
لكن جيني تشنجت فجأة...ولم يكن حال يوهان بأحسن منها......وكزت ريتشارد بشدة وهي تبتسم وتقول معتذرة:" أظن بأن علينا الذهاب الآن...سررت بلقائك رينيه!!"
" وأنا كذلك!!" وهي تحاول ان تخفي ابتسامتها......
قال ريتشارد بحيرة...وهو لا يدري ماذا حصل:" حسناً..سررت بلقائكم....بالاذن!!" وجذبته جيني بسرعة ليختفيا عن الانظار.....
كانت مازالت ملامح الحنق ظاهرة على يوهان....لكن رينيه كانت تتبسم بخبث وهي تحدق اليه..منتظرة انفجاره في أي لحظة....
لاحظ هو نظراتها تلك......فقال أخيراً ولم يستطع ان يمنع نفسه من الابتسام...مما أدهشها...!!لم يكن هذا ماتوقعته...ماذا حدث له الليلة؟؟ ماذا يخطط؟؟؟
" حسناً!!قولي كل ما لديكي مرة واحدة!! ولننته!"
قالت ببراءة واضحة:" أنا؟؟وماذا لدي لأقول....! كل ما هنالك....أنني كنت أفكر..في شخص...اتهمني مرة بالكذب!!واتضح لي اليوم....بأنه لم يكن أفضل حالاً مني!!!"
قال بضحكة سلبتها عقلها:"تقنياً..أنا لم أكذب!!فأنتي لم تسأليني شيئاً عن ذلك...فكيف أكون كاذباً؟؟؟"
" آه...الآن ستبدأ بتحليلاتك ونظرياتك!.....لم لا تستطيع الاعتراف..بكل بساطة؟؟؟" قالت رينيه بحنق....
جذبها من ذراعها اليه وقال وهو ينظر لها نظرات عميقة..." أعترف بماذا؟رنييه؟"
سرحت في عينيه الدافئتين.....لم يبدو اليوم مختلفاً؟؟وكأنهما عاشقان منذ الأزل...ولم يفرقهما الزمان ولا الايام....! لم يتصرف هكذا؟؟؟كم هو سهل عليه التلاعب بمشاعرها بهذه الطريقة!!ما كان يجب عليها الحضور..وما كان يجب عليها الموافقة على رؤيته ثانية...! انها تلمح في عينيه الرغبة..كما هو الحال دائماً...لكن هناك شيئاً آخر...يظهر في لمعان عينيه...لكن ماهو؟؟؟؟؟
أيريد أن يغويها؟؟؟حتى يستطيع الحصول عليها؟؟؟أتراه نسي بأنها تلك الصغيرة التي حرمها على نفسه....ولم يعد يرى سوا هذه الشيطانة الفاتنة أمامه؟؟؟هل سيتصرف معها الآن..كما يتصرف مع أي حسناء يلتقيها في حفله وتعجبه..ويرغب منها ما يرغبه اي رجل اخر؟؟؟؟هل أصبح الان ..يراها هكذا؟؟؟
عادت للوجوم....
" لاشيء أبداً!"
وما ان جلس الجميع للعشاء....حتى بادرها يوهان بصوت هادئ:" ألا يعجبكي الحفل؟"
رفعت رأسها فجأة عن طبقها الذي كانت تقلب محتوياته دون أن تتناول منه شيئاً...ثم قالت وهي ترسم ابتسامة مزيفة..." انه حفل جميل!"
" ما الامر اذاً؟؟ولم كل هذا الحزن؟"
ارتبكت وتوترت ولم يخف عليه ذلك...لكنها قالت مدافعه:" أي حزن؟؟على العكس انني فرحة جداً بوجودي هنا..."
عاد وانتصب ظهره وهو ما يزال ينظر اليها غير مصدقاً.........وبعد العشاء....شرب الجميع القهوة....ثم بدأوا بالرقص......كنوع من الترفيه......حيث أن معظم رواد ومدعوي الحفل قلما ما تسنح لهم فرصة حضور او تلبية حفل.....لذا استغلوا هذه الفرصة للسمر والاستمتاع......
تلقت رينيه أكثر من دعوة للرقص....كما حاول الالتصاق بها أكثر من رجل....لكن يوهان كان بالمرصاد.....كان يقف الى جانبها وكأنه حارسها.....حتى دفعها أخيراً للانفجار....
" أنا أستمتع حقاً يوهان!! فبينما الجميع يرقصون...تقوم أنت بصد كل الدعوات الموجهة الي...وفي نفس الوقت لا تقدم أي تعويض!!"
نظر اليها محدقاً...ثم قال بهدوء:" أترغبين بالرقص؟"
نظرت اليه غير مصدقة والغضب بتأجج في عينيها:" وهل في هذا عيب؟؟؟نعم..أرغب كثيراً في الرقص!وكنت ستعرف ذلك..لو أنك تنازلت وسألتني بدلاً من رفضك عني!!"
ابتسم برقة وقال بهدوء أثار أعصابها:" اذاً أستمحيكي عذراً آنستي! واسمحي لي بأن أكون الاول!!"
قالت في سرها بألم.." كنت دائماً الاول!!"
اصطحبها الى قاعة الرقص...وما ان جذبها اليه..ومع وجود مسافة فاصلة بينهما..الا أنها شعرت بالنيران تتأجج داخلها.....لقد كانت قريبة جداً منه!! وكان هذا كافياً لاحراقها شوقاً ورغبة.....
" أنتي راقصة ماهرة!!"
ابتسمت بحرج قائلة:" ليس كثيراً!! ولكن وجود مرافق ماهر مثلك...يساعد الشيء الكثير!!"
ابتسم يوهان:" ودبلوماسية أيضاً!!"
ضحكت رغماً عنها....." أخبرتك أنني أحب مراعاة مشاعر الاخرين........!!ومع هذا..لست راقصاً سيئاً!!"
بدت عينيه أكثر عمقاً وتأملاً وقال بصوت جذاب :" وفاتنة الى أبعد حد!"
نظرت اليه....ومع أن قوله جعل قلبها يرفرف بسعادة ...الى أنها تذكرت ما عزمت عليه منذ قليل...فقالت باسمة..
" أتقصد بأن تنكري لهذه الليلة....قد راقك؟"
قال مستفهماً:" تنكركي؟"
قالت بتصميم ظاهر في عينيها...:" أقصد...مظهر الشيطانة المغرية....!! أنت تعرف أنني لست كذلك!! في الواقع...(وهي تبتسم باستهزاء)...أنت الوحيد الذي يعرف حقيقتي هنا!!"
نظر اليها يوهان باستغراب...لكنه مالبث أن قال بسخرية:" وماذا يعني هذا الآن؟؟ ألست سعيدة بكونك أصبحتي أخيراً المرأة التي تسلب العقول وتخلب الالباب!!! ألم تسأمي كون الجميع يراكي طفلة؟؟ هل سمعت ذلك منكي...أم أنني كنت أحلم؟؟!"
قالت بحنق:" صحيح..قلت هذا!! ولكنني نادمة الآن....على الاقل بعد ما رأيته الليلة!"
ابتسم يوهان بانتصار..اذ أنه قد بدأ بانتزاع سبب انزعاجها وضيقها منذ بداية الحفل....
" وهل رأيتي ما لم يعجبكي؟؟"
هزت رأسها نافية...وهي تطرق صامتة.....لكنها عادت للنظر اليه بعينيها الرائعتين وتلك النظرة البريئة...التي بات يعرفها جيداً...لأنها تقوده الى حافة الجنون.....
" أريد أن أعرف يوهان...لماذا دعوتني الليلة؟؟"
" هل هذا ما يضايقكي؟"
قالت بتوتر:" أووه يوهان! أنت تفهم قصدي....فلم المراوغة!!"
قال بنبرة جادة:" لم أعتد على المراوغة يا صغيرتي!"
ومع أن نداؤه لها بصغيرتي استفزها...الا أنها تابعت باصرار:" اذاً؟؟ كنت أظن بأنك لا تحب رفقتي!! لا...بل أنت صرحت بذلك فعلاً!!"
" أنتي تخلطين الامور! أنا لم أقل أنني لا أحب رفقتك!! بل لا أحب تصرفاتك وطريقة تفكيرك....الا انني أجد بعد تفكير....بأنها ربما....تكون هي سبب جاذبيتك!!"
رفعت رأسها اليه..رأته يحدق بها من جديد بتلك النظرة المغرية المحمومة......حاولت الكلام..لكنه وضع اصبعه على شفتيها المغريتين...وهو ينظر اليهما بحرقة....قائلاً:" اش...لا مزيد من الكلام!"
وهو يقربها منه أكثر...لينسجما في رقص رائع ومثير....وكأن الصالة لا تحوي غيرهما.....استفاقت رينيه أخيراً عندما توقفت الموسيقى.....فجذبت نفسها من بين ذراعي يوهان...وهي تشعر بالاحراج.....
لكنه همس لها برقة:" هل ترغبين بالمغادرة؟"
هزت رأسها بالايجاب...ابتسم وهو يحيط خصرها بذراعه...كأنه يخاف أن تهرب منه....بينما نظر الجميع اليهما باعجاب...كانت تلك الصغيرة ملفتة للنظر...خاصة وان يوهان يبدو متعلقاً بها..وهو الذي لا يظهر مع فتاة واحدة..في أكثر من مناسبة!!!
ركبا السيارة......لكنه لم يوصلها الى بيتها....توقف فجأة...على جانب شارع مطل على البحر...
قالت دهشة:" لماذا توقفنا؟"
قال وهو ينظر اليها نظرته المميتة ويمد يده لها..." هل تسمحين؟"
لم تستطع المقاومة فانساقت وراء سحره..وكأنها تحت تأثير تعويذة ما......خرجا من السيارة ووقفا ينظران الى البحر الهائج....يخترق سكون الليل....والقمر يطل عليهما..ليكمل الصورة! صورة العاشقان!!!
تساءلت لتقطع توتر هذه اللحظة:" هل..زرت أبي مؤخراً!!"
لم يكن هذا مايرغب في التكلم به...لكنه أجاب بهدوء:" لا...لكنني كلمته بالامس..وطلبت منه الحضور الى العيادة للاطمئنان عليه!!"
" أوه...أشكرك...كنت.."
لكنه جذبها فجأة اليه....ضاماً اياها بشدة الى صدره....فسقط شالها عن كتفيها....مما أثار جنونه..فاندفع يتحسس أكتافها وظهرها ويضمها اليه أكثر....
لم تعد رينيه تستطيع السيطرة على انفعالاتها....فرأت نفسها تدفع بيديها خلف عنقه وتبادله عناقه المحموم.....لكن بعد برهة..تسللت اليها فكرة أليمة...رفضت التفكير بها وحاولت أن تستمتع بهذه القبلات المسروقة تحت ضوء القمر مع حبيبها العنيد....
لكنها عادت تتراقص أمام ناظريها بشدة...مما جعل رينيه تجفل فجأة...وتدفع يوهان بيديها بعيداً عنها.....
استغرب يوهان تصرفها...فعاد وأمسكها من ذراعها ليجذبها اليه..لكنها انتفضت وقالت " لا"
نظر اليها بحيرة..."لا؟؟"
ابتعدت عنه...والدموع تلوح في عينيها.....وأشاحت بوجهها عنه وهي تحدق في البحر..وقد لفت ذراعيها حولها كأنها تعانق نفسها...من برد الليل...وبرد المشاعر!!


JAN 05-10-2020 04:23 PM



زفر يوهان طويلاً وهو يمسح شعره بيده بتوتر بالغ.....لم يفهم ماذا حدث فجأة؟؟لقد كانت رائعة..دافئة....شيطانة ساحرة بين ذراعيه!! فماذا حدث لها الآن!!!
اقترب منها وحاول لمس ذراعها...لكنها ابتعدت قليلاً...مما جعله يدرك بأنها لا ترغب بلمسته...فسحب يده بمرار......وقال وهو يعقد ذراعيه على صدره....بصوت لا يخلو من العصبية.....
" وماذا يجري الآن بحق السماء؟؟"
نظرت اليه بشزر وقالت :" ألا تعرف ماذا يجري الآن؟؟؟؟"
قال بغضب:" لا ...لا أعرف!! وأنتظرمنكي توضيحاً؟؟"
عادت تنظر أمامها وهي تهز رأسها باستنكار ثم قالت بسخرية والدموع تترقرق في عينيها الحزينتين..
" ماذا أعني لك يوهان؟؟؟"
تفاجأ من سؤالها غير المتوقع.....فحاول أن يخرج باجابة منطقية لكنه فشل في ذلك...اذ أنها لمست وتراً حساساً في أعماق أعماقه.......
لكنها فسرت ذلك وكأن شكها كان في محله...فالتفتت بابتسامة تحمل السخرية والالم...وقالت وقد انسابت دمعه على وجنتها....
" لقد كنت محقة اذاً!"
بدأ يتنبه الى ما تفكر فيه...فقال بهدوء ممزوج بالغضب:" أنتي لا تعرفين عم تتكلمين!"
فقالت بصوت أشبه للصراخ:" بل أنا أعرف كل شيء...حضرة الطبيب المحترم...يوهان كيلمر!! أعرف بأنك تعتبرني دمية بين يديك...!!!دمية غبية اعترفت لك بحبها....فلم يمنعك ذلك من التلهي بها حتى تمل وتشبع فضولك منها!!!"
كان الغضب يظهر في عينيه اللتين بدتا كالرصاص:" اصمتي!!"
صرخت:" لا...لن أصمت!!! تطلب مني أن أبتعد عنك...وتتفنن في اذلالي....ثم تأتي بعد حين..لتصحبني الى حفلة مقتصرة فقط على أفراد المجتمع المخملي....لتريني كم أنا حقيرة وبعيدة عن عالمك ..وأي بعد؟؟؟؟
......وتأتي الآن...لتمثل دور العاشق تحت ضوء القمر!!"
كان كلامها بمثابة الصدمة ليوهان..الذي أطرق صامتاً..وكأنه ترك الكلام لها...., لكنها كانت قد انساقت في احدى نوبات الغضب التي تجتاحها حينما يستفزها أحدهم...فلم تستطع الاكتفاء بما قالته......
فتابعت بشراسه:" قل لي...لم تفعل ذلك؟؟؟لم؟؟هل أبي من طلب منك هذا؟؟أخبرني! هل ....هل قال لك شيء عني؟!!"
" لا دخل لمايكل بالأمر!" كان هذا هو رده الوحيد.......
فوجدت نفسها على حافة الجنون....لم لايقول شيئاً!! لم لا يدافع عن نفسه؟؟لم لا ينفي كل ماقالته!!؟؟هي تريده أن يفعل ذلك.....!!هي غبية وحمقاء....تريده وتحبه!...ولو كذب عليها الآن...لصدقته!!ولكنه صامت!! أهذا يعني.....بأنها محقة؟؟؟؟
قالت بأسى ودموعها معلقة بجفنيها:" أنت لا تملك حتى ذرة احساس...لتدافع عن نفسك!"
نظر اليها نظرة متجمدة....خالية من اي مشاعر...وقال بصوت بعث البرودة في أوصالها
" لست بحاجة الى ذلك!"
نظرت اليه غير مصدقة....أهذا هو كل ما لديه ليقوله؟؟؟؟ماذا يعني هذا؟؟لا..لا يمكنها أن تصدق بأن جميع اتهاماتها له صحيحة!! لم لم ينفيها اذن؟؟لم لم يأخذها بين ذراعيه ثانية ويخبرها بأنها حلم حياته!! لم لم يخبرها بأنها حبيبته وبأن كل ماقالته..هو حصاد أفكارها الحمقاء..ولا يمت للواقع بصلة؟؟؟
لكن شيئاً من ذلك لم يحدث.....
وأمام نظرة الصدمة التي ارتسمت على وجهها....لم تشعر به..الا وهو ينحني ويلتقط شالها...ويقترب منها ليلفه حول أكتافها....وهو ينظر الى عينيها بجمود...ويقول
:" أنا الذي كنت مخطئاً...."
وهو ينسحب بهدوء....الى سيارته.....
أخذت تفكر...ماذا يعني بهذا؟؟؟أتراها أخطات في حقه؟؟لقد لمحت نظرة ألم في عينيه للحظة...لكنها سرعان ما تلاشت وحل البرود محلها.....لم كل هذا الغموض حوله؟؟لم لا يصارحها بما يريده....ولو لمرة!!!
قطع عليها أفكارها صوت نفير سيارته....مزعجاً هدوء المكان...فمسحت دموعها بسرعة...ومشت وهي ترفع رأسها بكبرياء....وركبت السيارة....وما ان أغلقت الباب حتى انطلق سريعاً ...كأنه يسابق الريح!!
ولما وصل الى منزلها....ظل يحدق أمامه...منتظراً نزولها...همت بالنزول...لكنها عادت ونظرت اليه قائلة...
" تصبح على خير!"
لكنه لم يجب...وكأنه لا يسمعها....أصابها الحنق...فخرجت من سيارته مسرعة...وما ان فعلت حتى انطلق هو الآخر..من دون أن يلتفت اليها مرة واحدة....عدلت هندامها ومسحت وجهها جيداً من آثار الدموع حتى لا يقلق والدها عليها ان كان ما يزال مستيقظاً....
فتحت الباب بمفتاحها..ودخلت بهدوء....وما ان رأت والدها يجلس في الصالة...حتى رسمت ابتسامة واهية....تخفي وراءها الكثير من المرار....واستعدت لسيل الاسئلة التي جلس والدها يفكر فيها طوال الليل.....
نظرت الى السماء....رأت القمر يطل عليها بأشعته الفضية....فتذكرت ما كان منذ لحظات بينها وبين حبيبها....أطرقت بصمت وأغلقت الباب....
لم تستطع رينيه النوم طوال الليل, وهي تفكر بكل ما حدث!! لقد اعتذرت من والدها حينما رأته ينتظرها...وتحججت بأنها متعبة ولن تستطيع الكلام الآن, لكنها وعدته أن تخبره كل شيء في الصباح!
وماذا لدبها لتخبره في الصباح؟؟أتحدثه عن شجارهما المذل..وكيف افترقا؟؟؟أم تقول له كيف كان يوهان يلهو بها طيلة هذا الوقت!! أتخبر والدها كم كانت مخطئة بكل ما يتعلق به..وبأنها لم تحسن الاختيار....للمرة الألف!!!!
ومما زاد الطين بلة, هو حضور جولي في الصباح الباكر..., لكنها ما ان لمحت النظرة التي كست وجه رينيه حتى صمتت وابتلعت جميع أسئلتها أمام السيد مايكل..وأرجأتها حتى تصبحا على انفراد......
بدأت تصف جو الحفل, والشخصيات التي التقتها هناك....ووالدها يستمع اليها بفرح هو وجولي على مائدة الافطار....وأسهبت في الوصف!! حتى سألها والدها عن يوهان..وان كانا قد قضيا وقتاً ممتعاً معاً.....
رسمت ابتسامة مصطنعة كاذبة على وجهها لم تكشفها سوا جولي....وراحت تقص على والدها كيف اعتنى بها ومنع الرجال من مراقصتها...وكيف أنه استأثر بذلك دون سواه!
ابتسمت عيني والدها بحنان.....قائلاً:" كنت أعرف ذلك!! هذا الماكر تقتله الغيرة!! وهل بإمكانه فعل غير ذلك...والى جانبه فتاة بارعة الجمال والرقة كحبيبتي؟!"
"أبي!! أنت تبالغ؟!"
قال وهو ينهض:" لا لست كذلك....! لا تقومي بالانتقاص من نفسك حبيبتي...فكم هو محظوظ من يحصل على قلب صغيرتي الجميلة!"
قالت مداعبة:" لم يكن هذا رأيك سابقاً؟؟"
ضحك:" هذا صحيح! ولكن ذلك لا يتعارض مع كونه محظوظ!! سأذهب للتريض قليلاَ...تناولا الفطور...فإن طبقيكما لم يمسا!!!"
وخرج......
نظرت رينيه الى جولي..التي كانت ترمقها بنظرات غير مفهومة...ارتبكت ثم أشاحت بوجهها عنها وهي تقول في محاولة لتغيير الموضوع...
" لم لا تأكلين جولي؟؟أم أن جيك أخبركي كم أنتي بدينة....فتقومين الآن باتباع حمية أخرى!!"
لكن جولي لم تضحك أو حتى تبتسم بل قالت بنظرات متفحصة:" لم تجر الامور على مايرام...؟!؟"
ابتسمت رينيه بارتباك:" عن ماذا تتحدثين؟؟أية أمور؟"
" رينيه....لا داعي الآن لكل هذا....أنا أعرفك جيداً!! وأنتي لست سعيدة!!"
أطرقت رينيه صامتة...لا تعرف ماذا تقول!!
" اذاً ما كل هذا الهراء الذي كنت تقصينه على والدك منذ قليل؟؟؟ أتظنين بأنه يرغب في أن تكذبي عليه؟؟؟"
" أه جولي....ليس الامر سهلاً!!"
ربتت جولي على يدها..وقالت بحنان:" أعرف حبيبتي....., أنا آسفة....والآن...هل تخبريني بما حدث؟؟..سحقاً للشيطان...كنت أظن بأنه سيفقد عقله..حينما يراكي بهذا الجمال!!"
" وهذا ما حدث!!"
فتحت جولي عينيها على اتساعهما:" ماذا؟؟ ولكن...كيف تقولين أن....؟أتعلمين؟؟ قصي علي كل شيء....والآن!!"
تنهدت رينيه وأخبرت جولي بما حدث....
" هذا شيء محير حقاً!!! لكنني مازلت أرى بأنكي مخطئة!! ما كان عليك اتهامه بهذا الشكل!!"
" آه جولي....لقد سئمت!! سئمت من تلاعبه بي....ان كان يحبني...فعليه اخباري وحسب..!! لم كل هذا الغموض؟؟لم يفعل بي هذا؟؟؟تباً لا أستحق أن يعاملني بهذا الشكل!!لا أستحق هذا منه....وكل ذنبي...أنني .....أحبه!! وسلمته مفتاح قلبي!! لا يحق له أن يحطمه ويهرسه كما يشاء...لمجرد أنني وهبته اياه!!!! من يظن نفسه...هذا الطبيب متحجر القلب؟؟؟"
" اهدأي حبيبتي..." وقد بدأت دموع رينيه بالانسياب.......لكنها مسحتها سريعاً وقالت بتصميم.....
" جولي!! لقد قررت وانتهى الامر.......سأنساه!!!"



JAN 05-10-2020 04:24 PM

ليلة دافئة



مرحباً أعزائي....
كيف حالكم؟؟؟؟؟؟
اممممم...أجل..قمت بتحضير مفاجأة لكم هذا المساء.....
فهذه النسائم الليلية الحالمة...ورائحة القهوة المسائية بجانبي....وغناء هيلين سيغارا الشجي.....
كل ذلك....دفعني لتقديم هذا الفصل الجديد.....آملة أن ينال اعجابكم....
عطلة نهاية أسبوع ممتعة......تحياتي....^^
الفصل الثالث عشر.....
" ليلة دافئة..."
مرت الايام...والاسابيع والاشهر....وهي تكابد ذكراه!! كم كانت واهمة وغبية....حينما ظنت نفسها قادرة على نسيانه...لقد كانت تتعلق به أكثر فأكثر.....تمنت لو أنها استطاعت أن تراه....وقد طاوعت رغبتها هذه في لحظة جنون...فذهبت الى عيادته وسألت عنه..لكنها عرفت بأنه قد سافر لحضور مؤتمر في الخارج...ولن يعود قريباً......
أحست حينها بأنها جسد بدون حياة.......وحينما كان والدها يسألها عنه....كانت تجيبه بأنه مسافر في عمل....ولن يحضر قريباً!!ومع أنه شعر بأن هناك خطباً ما بينهما....الا أنه لم يعبر عن شعوره ذاك..ولا حتى بكلمة أمام رينيه....لأنه كان يشعر بأنها تتعذب وحدها...حتى لا تجعله يشعر بأي شيء.....
صغيرته الحبيبة..ترزح تحت كل هذا الالم ولوعة الحب....ومع هذا تحاول أن تري والدها بأن كل شيء على مايرام..وبأن حياتها مثالية ووردية الى أبعد حد!!!!
وفي أحد الايام...حضرالسيد بوب واقترح على رينيه ووالدها الذهاب معهما في رحلة علاج طبيعية....ستفيد السيد مايكل كثيراً....ولما كانت رينيه مرتبطة بالعديد من حفلات أعياد الميلاد..ولن تستطيع الذهاب....رفض السيد مايكل أيضاً الذهاب...فهو لا يستطيع ترك رينيه وحدها...خاصة بعد كل ماحدث معها..!!!
ولكن؟؟؟أيمكنه أن ينتصر على رينيه!!؟؟ كما هو الحال دوماً...وبالاخص حينما سمعت رينيه بأن ذلك سيفيد والدها.....حاولت مرات ومرات مع والدها..حتى أقنعته في آخر المطاف بالذهاب...وحتى تطمئنه أخبرته بأنها ستمكث عند جولي الفترة التي يتغيبها والدها....كما قامت بتأليف قائمة بالاماكن التي سترتادها بصحبة جولي وعدد من الاصدقاء...لتثبت لوالدها بأنها ستقضي وقتاً ممتعاً فيذهب وهو مطمئن عليها....وهذا ماحدث بالفعل!!!
استيقظت رينيه صباح اليوم التالي...وهي تحس بكآبة شديدة....لقد غادر والدها بالامس...لكنها لم تقم بابلاغ جولي بعد....لأنها كانت ترغب بالاختلاء بنفسها لأيام...لا تخشى فيها البكاء ولا الحزن..ولا اظهار الزوابع الباردة التي تعصف بأحاسيسها وعواطفها!!
ما بال هذا الشتاء الذي لا يريد أن ينتهي؟!!! كانت ترغب بأطلاق العنان لمشاعرها المحطمة..دون أن تقلق على والدها!!
انقضت ثلاثة ايام..وهي على نفس الحال....حتى انها اعتذرت عن بعض الحفلات...فهي لم تكن في مزاج يسمح لها أبداً بالرقص والغناء والضحك!! بل ان كل ذلك يذكرها بشيطانها الجذاب...!!
نهضت فجأة من على الاريكة...وصرخت قائلة:" هذا يكفي!!"
لكن رياح اليأس عادت تهب من جديد...سارقة كل أمل لها في الحياة!!! " آه يالهي!!!" انهارت على الاريكة مجدداً.....ولم تصحو الا في صباح اليوم التالي.....
نهضت بكسل....واعياء...وصعدت الى غرفتها...استحمت و بدلت ثيابها....تناولت فنجاناً من القهوة..وقطعة خبز محمص.....ومع أن مذاقها كان كالخشب في فمها..الا أنها تناولتها كلها حتى لايحدث وتسقط من الاعياء...!!!
فتحت باب البيت وأقفلته وراءها بعنف......وظلت تمشي وتمشي...وهي لا تعرف الى أين؟؟؟ كان صباحاً جميلاً..والجو منعشاً...والشارع مليئ بالمارة......كل هذه الحيوية والنشاط التي تملأ الطرقات.....وكل هذا اليأس والاحباط والحزن الذي يملأ نفسها..ويسكن قلبها....!! تساءلت كيف كانت تحيا بسعادة...قبل ذلك اليوم المشأووم الذي التقت فيه عيناها بعينيه؟؟؟
" ربما أحتاج الى بعض التدليل!!"
تذكرت صديقتها جولي....فأمسكت هاتفها وشرعت تحاول مكالمتها....لكنها تذكرت بأن جولي الآن ستكون في عملها..كموظفة في المصرف! أعادت الهاتف الى حقيبتها واتجهت الى ذلك المقهى الرائع...الذي صحبتها جولي اليه...والتقت فيه بيوهان..ورفيقته الصهباء!!
أغمضت عينيها بشدة ثم عادت لتفتحهما وهي تهز رأسها..وكانها تمحوه من خيالها...ولكن أنى لها ذلك؟؟؟؟
دخلت واختارت طاولة قرب النافذة...لتراقب المارة..كما يحلو لها أن تفعل دائماً!!! جاءها النادل....ليأخذ طلبها..لكن ما ان لمح وجهها حتى قال بتعاطف..." صباح سيء..ها؟؟"
استغربت رينيه...لكنها ابتسمت وقالت..:" لست أعرف حقاً!"
ابتسم وقال:" فتاة رائعة مثلك....لا يجب أن تكون بهذا الحزن!!"
دهشت أكثر...هل ذلك واضح على وجهها الى هذا الحد؟؟؟ لكنه قاطع أفكارها.." بماذا ترغب الجميلة؟؟"
ابتسمت..فهو كان يحاول رفع معنوياتها بكلامه الرقيق ذاك...فقالت بابتسامة رائعة:" أتعلم ماذا؟؟؟ أرغب بالايس كريم!!"
فتح عينيه دهشة وهو يبتسم رغماً عنه:" الايس كريم؟؟ الآن؟؟"
ابتسمت قائلة:" وما المانع؟؟كوباً كبيراً من الايس كريم...واحرص على أن يكون منوع النكهات..لكن أكثر من الفريز..فأنا أعشقه!!( كان النادل يستمع اليها غير مصدق...وهو يعقد ذراعيه على صدره..ويبتسم بدهشة) ..و بعضاً من سائل الشوكولاه الاسود اللذيذ على الوجه....أه!! ولا تنسى أن تضع بعض شرائح البسكويت..., أشكرك!"
قالتها وهي تبتسم بفرح.....
" حسناً جداً.....كوباً كبيراً من الايس كريم الملون....للحسناء الغريبة!"
وابتعد وهو يضحك على هذا الطلب الغريب منذ الساعة الثامنة صباحاً......وهي أيضاً أخذت بالابتسام!! أن هذا النادل لن يعرف أبداً..كيف بدل مزاجها..وجعلها تشعر بالراحة قليلاً.....لكنها ستشكره قبل مغادرتها للمكان!!
كان جالساً هناك...في زاوية المقهى..يرتشف فنجان قهوته المر...الذي يشبه حبيبته....في اللذة والمرارة...والادمان!
لقد اعتزل العالم والناس....أصبحت الايام متشابهة ومريرة وبطيئة.....ولم يكن يشغل باله عنها سوا مرضاه..فشرع في العمل...وهو يكاد يقتل نفسه....حتى دفعه طبيب زميل له..بأخذ راحة لمدة اسبوع....فلقد بدا التعب والوهن باديان على وجهه....ومع انه كان عنيداً لايسمع الكلام بسهولة..الا انه رضخ في نهاية الامر..حينما لاحظ فقدانه التركيز....اكثر من مرة خلال يومين....فأخذ باقتراح زميله..وبدأت عطلته منذ يومين.....
وكل صباح يأتي...الى هذا المقهى....يعيش معه ذكريات قليلة مع صغيرته ...كل يوم يطلب فنجاناً من القهوة بدون سكر....ويسحب شريط صور من جيبه....وينظر الى تلك التي تدمي قلبه وعقله وروحه.....
لم يكن ذلك سوا نسخته من شريط الصور الذي التقطه في نزهته مع رينيه!!
حدق في الصور طويلاً.....استرجع تلك اللحظات التي بدت وكأنها حلم....كان الفرح والسعادة يشعان من عيني رينيه الفيروزيتين.....بل لقد فوجئ حينما رأى نفسه يضحك بهذا الشكل..لم يعرف نفسه....ءالى هذه الدرجة ينسى نفسه معها....ويكون سعيداً كما لو أنه طفل؟؟؟!!!
استرعى انتباهه الصورة الاخيرة في الشريط....وهي تظهر ملامح وجهه القاسية...وهو يشيح بنظره بعيداً.....بينما ظهر وجه رينيه الحزين وهي تنظر بصمت الى حبها الضائع!!
كيف لم يرى تلك النظرة العاشقة المتألمة......؟؟؟
" آه.... رينيه!!!"
هذا هو حاله كل يوم....في الصباح يعيش ذكرياته مع فنجان قهوة..وشريط صور...
وفي المساء....مع شريط الفيديو الخاص بحفل التوأمين...يراها ..وهي ترقص وتغني..وتلعب!!!
عادت به الذاكرة الى حديثه مع جيني....حينما كلمته لآخر مرة...قبل سفرها هي وعائلتها الى فرنسا..في رحلة استجمامية.....ولكنها قبل ذلك..أحبت الاطمئنان على شقيقها الاكبر..وهي تشعر بأنه يمر بأزمة معقدة لأول مرة في حياته...وكانت تعلم بأن رينيه هي السبب...كما كانت واثقة...بأن شقيقها هذه المرة قد وقع في الحب أخيراً....فهذه هي أول مرة تراه يعاني بعد امرأة.......
" يوهان؟؟لم لا تصطحب رينيه وتذهبا معنا الى فرنسا؟؟سوف نقضي وقتاً ممتعاً!"
" لقد انفصلنا!"
" ماذا؟؟"
" كما سمعتي...!!ألم تعتادي على ذلك؟؟بحق السماء جيني...أنتي تعرفينني..وتعرفين بأنني طائر متنقل يحب الحرية!!"
" لكن رينيه مختلفة!! وأنت تعرف ذلك...فلا تحاول خداعي!!"
" لا أحد مختلف!!النساء كلهن متشابهات....وأنا لن أسلم نفسي لأي منهن!!"
" يوهان؟؟؟"
" جيني..كفي من فضلك...فأنا أعاني صداعاً رهيباً منذ يومين..وأنتي تزيدينه بأسئلتك والحاحك المزعج!"
"ءالى هذه الدرجة..تحبها؟؟"
" هل جننتي؟؟من هي هذه التي احبها؟؟؟قلت لكي ..أنا لا أحب.."
قاطعته:" بل تحبها..وكفاك كذباً علي!! "
صمت......لم يعرف ماذا يقول....وهل هو يحبها فقط؟؟؟بل هو يعشقها...ومجنون بها...وماعاد يعيش الآن...الا على ذكراها....ولكن من الافضل أن يحتفظ بكل ذلك لنفسه!!
" ما المشكلة اذاً؟؟؟ ربما هي التي...؟"
" لا جيني....هي لا تحب أحداً....(كان يود ان يقول "غيري"..لكنه صمت...وهي فهمت ماكان سيقوله!!)
" اذاً ماذا يوهان؟؟لم تحرم نفسك السعادة؟؟؟"
" لم جيني؟؟؟(قال بصوت اشبه بالصراخ)..لم؟؟؟أنتي أيضاً تسألينني لم؟؟؟"
" هذا يعني بأن رينيه قد سألتك أيضاً؟؟مما يعني أنها تحبك؟!!أليس هذا صحيحاً؟؟"
زفر يوهان زفرة طويلة.....وهو يمسك رأسه بين يديه....
" لا أحتمل رؤيتها هكذا جيني!! لكم يقتلني أن أراها تتعذب بسببي....!"
عرفت جيني الآن بأن شقيقها العزيز يعشق هذه الفتاة ويذوب في هواها....ولكن ما يمنعه عنها؟؟؟؟كانت تخشى أن يكون ما تفكر فيه صحيحاً..فتساءلت بحذر...
" أتظنها صغيرة بالنسبة اليك؟؟؟"
بدا التوتر واضحاً في صوته..:" يسعدني بأنكي قد بدأتي تفهمين أخيراً!!"
" ولكنك ما تزال شاباً يوهان....والنساء يتهافتن عليك اينما رأينك...فلم تعقد الامور؟"
" جيني ..لا تبدأي!!"
" ثم أن ...ثماني عشرة سنة...ليست بالفارق الكبير!!"
قال بغضب:" لا...ليست بالفارق الكبير......!!هل تريدين أن تصيبيني بالجنون؟؟لو أنني تزوجت في الثامنة عشرة...لكانت ابنتي الان في مثل عمرها!!!سحقاً جيني..كفي عن قول التفاهات...فماعدت أستطيع التحمل!!"
صرخت جيني بيأس:" أنت تحبها!! وهي تحبك....وهذا مايهم يوهان!!لا أهمية لأي شيء آخر!!"
"أنتي لم تكفي يوماً عن قراءة تلك الروايات الرومانسية السخيفة....وهذا مايجعلك ترين الامور بهذه البساطة!!"
أصابها الحنق من تيبس رأسه وعناد...فقالت بغية اثارة حنقه وعصبيته لعله يتحرك...
" حسن جداً يا شقيقي.....افعل ما تراه مناسباً..وبالمناسبة....لا تقلق ولا تعذب نفسك بما يخص رينيه...فهي لن تتعب في ايجاد الشخص المناسب الذي يحبها..ويعشقها..ويجعلها تنسى أمرك...وأمر حبك!!" وأغلقت السماعة بغضب......
يا الهي!! هذه اللئيمة..قالت له ما كاد يقتله......نعم!!فالغيرة تقتله...أيعقل؟؟أيعقل أن تنسى رينيه أمره..وتقع في حب شاب آخر!!؟؟ حسناً..ألم يكن هذا هو مبتغاه؟؟ألم يكن هذا مايريده؟؟فلم اذاً استمر بدفعها عنه؟؟لكنه يوم الحفلة..أراد أن يعاملها بطريقة مختلفة...أراد أن يشعرها بأنه يهتم بأمرها..وبأن بامكانه ان يحبها ويعشقها ويدللها كما كانت ترغب...لكن الامسية انتهت على غير ماتوقع!! لقد اتهمته بأشياء عديدة....جعلته يدرك مدى فداحة الخطأ الذي كان على وشك القيام به!!سيظل كل شيء عائقاً بينهما!!مهما تناسيا الامر...ببساطة..هي لم تكن يوماً له!!منذ أن رآها....كان يعرف بأنها كالحلم في حياته...وبأنها ستبدل فيها الكثير....وتقلب فيها الكثير.....ولكنها أيضاً لن تكون له!
كان يعرف بأن الامر لن ينتهي على خير...ومع هذا...كان يجد نفسه دائماً في طريقها..بل ويبحث عنها!!! والآن....أيلومها ان شككت بمشاعره وتصرفاته؟؟وهو الذي كان دوماً متقلباً..متناقضاً...لا يعرف ماذا يريد منها!فتارة يدفعها عنه ويثور في وجهها...وتارة يجد نفسه أمام باب بيتها....وهو يأمل فقط بنظرة الى وجهها الملائكي!!
كان يعيش مع احزانه وبقايا روحه المتهالكة.....ولم يلحظها وهي تدخل حياته من جديد...وتجلس على طاولة ليست ببعيدة منه....تحدق هي الاخرى في المارة بحزن...وتشكو آلامها وأحزان وحدتها!!
رفع رأسه ليرتشف رشفة من قهوته....فإذا به يلاحظ النادل على المائدة القريبة..كيف ينظر بدهشة واعجاب الى تلك الفتاة التي ستعطيه طلبها!!
آه لكم هو بائس هذا النادل!! انه يحاول مع تلك الفتاة...وهو لايعرف مانهاية هذا العشق؟؟فإما سيؤذي قلبها أو يؤذي قلبه..وفي كلا الحالتين سيؤذي نفسه...خاصة ان كانت فتاته..تشبه فتاتي!!ان كانت فتاته...حسناء..مجنونة..مثيرة للمشاكل وملهبة للعواطف...مثل حبيبتي!!
خاصة وان كانت فتاته....هي....؟؟
" رينيه!!!" قال بصوت متهدج ...غاضب......
وما قطع عليها سكينتها..وصفاء بالها.....هو ذاك المارد الذي وقف الى جانبها فجأة....كان ينثر شحنات زائدة في الجو حوله مضفياً المزيد من الاثارة والرهبة الى وجوده.....ولما لم ترفع رأسها وكأنها تخشى أن يكون ما تتوقعه حقيقة....جلس بعصبية الى جانبها...وقال بصوت يقطر غضباً وحنقاً.....
" أرى بأنكي لا تضيعين الوقت!!! ماذا كنت تملئين رأس ذلك النادل المسكين..حتى كان ينظر اليكي بكل هذا الانجذاب والسحر وكأنه فقد عقله؟؟؟"
رفعت رأسها تنظر اليه....هالتها ملامح وجهه المتعبة والجذابة التي تعشقها.....أهذا هو حبيبها؟؟؟ لم يبدو هزيلاً هكذا.......و..غاضباً؟؟؟ مهلاً لحظة!! ماذا كان يقول عن ذلك النادل....وعنها؟؟؟؟؟
لكن غضبه زاد...فأمسكها من ذراعها...وهو يجبرها على النهوض.....قائلاً" هيا بنا!" حمل حقيبتها...وخرج مصطحباً اياها..بعد أن رمى بورقة نقدية على مائدتها....وجذبها خلفه...وهي كالمنومة مغناطيسياً....و لم تصحو..حتى رأت نفسها تمشي الى جواره في المنتزه.......
" أين أنا؟؟؟"
كان صوته قد رق قليلاً:" كنت بدأت أظن بأنكي في غيبوبة ؟؟؟"
نظرت اليه...:" أنت؟؟؟ كيف؟؟وأنا...؟؟ماذا تفعل هنا؟؟ولم أنا معك؟؟"
نظر اليها باستغراب..ثم قال بعينين ضيقتين:" ماذا؟؟هل أنتي غاضبة لأنني انتزعتكي من نادلك العاشق؟؟؟"
عادت الدهشة تكسو وجهها:" نادل؟؟أي نادل..؟؟ " لكنها تذكرت....فعادت للنظر اليه...
" ألست خارج المدينة؟؟؟"
أطرق ثم قال وهو ينظر أمامه:" كنت كذلك....لكنني عدت!" لكن لمعت عينيه وكأنه تذكر أمراً فجأة...:" ولكن؟؟كيف عرفتي؟؟"
قالت بدون تفكير:" أخبرتني سكرتيرتك!" ثم مالبثت أن استدركت نفسها فعضت شفتها السفلى على غبائها واندفاعها....وبالاخص حينما رأت تلك الابتسامة تكسو ثغره الجذاب...
حاولت تصحيح الموقف:" كنت ...كنت قد ذهبت مرة للسؤال عنك....لأن والدي كان متعباً...فأخبرتني السكرتيرة بأنك مسافر!"
قالتها وهي تحول نظرها عنه حتى لا يكتشف كذبها...
" فهمت! وكيف أصبح الآن؟؟"
" انه بخير! أشكرك!"
" وهل أنتي بخير؟؟" قال بلهجة حنونة وصوت دافئ...اقشعر له بدنها..لكنها ابتسمت بعصبية قائلة:" بالطبع...أنا في أحسن حال!!"
دقق النظر اليها حتى كادت تقع مغشياً عليها من حدة نظراته....." لاتبدين كذلك!!"
ارتبكت فعادت لاتخاذ موقع الهجوم..:" وماذا تريد مني الآن؟؟؟ولم سحبتني خلفك وكأنني شاة...ودون أن تسمع رأيي؟"
" من هو ذاك الشاب؟ وماذا يعني لكي؟"
دهشت من سؤاله:" أي شاب؟؟"
" لا تراوغي الآن رينيه....! ذاك النادل في المطعم.!!عن أي شيء كنتما تتحدثان..حتى بدا مسحوراً بهذا الشكل؟!!"
قالت بدهشة:" أنا لا أراوغ...وأنا لا أعرف عن أي شيء تتحدث!!"
قال بنفاذ صبر:" ولم أنتي غاضبة اذاً من خروجكي من المقهى؟؟ان لم يكن من أجل ذلك النادل؟؟؟فلم؟"
بدأ الحنق يصيبها:" لأنني لا أحب أن أساق هكذا..كما سبق وأخبرتك...., كما أنني كنت على وشك الاستمتاع بوجبة لذيذة....لولا اقتحامك لخلوتي!!"
ابتسم....." حسناً...اذا كان الامر كذلك..فاقبلي اعتذاري.....وأنا مصر على تعويض تلك الوجبة اللذيذة.....هل تقبلين الافطار معي؟؟"
" لا..شكراً! لقد تناولت فطوري!!"
" اذاً...لنتناول فنجاناً ساخناً من القهوة......فالجو بارد هذا الصباح!!"
نظرت اليه بتحدي..ثم قالت:" لا....سأتناول الايس كريم!!"
فتح يوهان عينيه على اتساعهما دهشة:" لا يمكن أن تكوني جادة!!!"
" بلى..أنا جادة جداً.....وكنت على وشك تناول ألذ طبق ايس كريم في العالم......وبما أنك المسؤول عن ذلك...فسيكون عليك التعويض!!!" قالت بعناد....
" لكن الجو بارد!! لا أظنها فكرة حسنة!!"
" قلت الايس كريم....!!! ستحضره لي أم آتي به بنفسي؟؟" قالت بتهديد.....
" لن تتناولي الايس كريم أبداً أيتها الشابة في هذا الجو الممرض! اختاري شيئاً آخر!"
زادت عصبيتها فراحت تدق الارض بقدمها في حنق قائلة:" وأنا قلت الايس كريم..يعني الايس كريم....!"
نظر اليها...ثم ابتسم فجأة على منظرها......لكم تشبه الاطفال غاليته الصغيرة.....
فقال أخيراً:" حسناً...اهدأي!!!..منذ متى أنتي عصبية بهذا الشكل؟"
نظرت اليه بحنق:" أووه...لاأعرف منذ متى!!"
تنبه الى نبرة اللوم في صوتها..فقال بهدوء:" تفضلي..من هنا!!"
وبعد أن تناولت كوباً كبيراً فيه كل المواصفات التي طلبتها....شعرت بألم خفيف في حلقها...ولاحظ يوهان ذلك.....
" هل أنتي بخير؟؟"
" أنا بأحسن حال!!"
" ..لا أعتقد هذا!"
نظرت اليه وقالت باستخفاف:" لا أصدق!! لا تقل الآن بأن صحتي تهمك!!"
جذبها من ذراعها اليه وهو يقول بنفاد صبر:" ولم لا؟؟"
نظرت اليه...ثم أصابها سعال مفاجئ.....
" أيتها الحمقاء الصغيرة!! تباً لعنادك!! هيا الى البيت...ولا أريد سماع اي كلمة أخرى ..."
اكتفت بالصمت...ولم تعلق!!
ولما وصلا...ترجل من السيارة حتى يفتح لها الباب وكان يريد أن يلقي التحية على مايكل...فأخبرته بأن والدها في اجازة.....
وظهر القلق فجأة على وجهه......" ولكن ماذا ان حصل لكي مكروه؟؟"
" أنا بخير...فلا تبدأ نصائح الطبيب من فضلك....ثم ان جولي ستأتي لاحقاً...فلا مبرر لقلقك....ان كنت حقاً كذلك!!"
أثارته نبرة السخرية التي تحدثه بها منذ أن رأته.....فلجم لسانه عما كان يود قوله في آخر لحظة...وبدا حانقاً وغاضباً بشدة....فلم يزد شيئاً...بل التفت وغادر على الفور.......وهو يصفق الباب خلفه بشدة....
نظرت اليه وقد أراحت يديها على زجاج النافذة.....نظرت اليه وهو يغادر...لكم يؤلمها ذلك!! لكم يعذبها هذا الانسان....لماذا يصر على الظهور والاختفاء فجأة؟؟وهي؟؟هي الغبية التي تتعلق بشخص مثير للأعصاب كيوهان؟؟ انه يربكها ...في حضوره وغيابه!!فما العمل؟؟؟
أراحت رأسها المنهك على يديها..وأغمضت عينيها بألم.."تركتني للذبول....وقد كنت فاتنة جداً بك!! آه يوهان....سأهرب منك! نعم..سأهرب منك...لأنني أحتاجك...وأعلم بأنك لن تكون..بجانبي أبداً!"
انسابت دمعتين سخيتين على وجنتيها......., لكنها ما ان سمعت صوت رنين الهاتف حتى مسحتها بسرعة وأسرعت تجيب..آملة أن يكون والدها..فلقد اشتاقت اليه!! وفعلاً كان هو يريد الاطمئنان عليها...ومع أنها حاولت قدر الامكان أن تبدو سعيدة وفرحة....الا أن مايكل لم يخدعه ذلك....فعلق بأنه سيعود قبل نهاية الرحلة المقررة لأنه مشتاق اليها كثيراً...ومع أن رينيه عارضت بشدة...الا أنه كان قد عزم أمره..وانتهى الامر....حسناً, في النهاية هي لم ترث عنادها من الخارج!!!
خلعت سترتها ورمتها جانباً.....ثم ألقت بنفسها على الاريكة....أريكة حزنها!!هكذا سمتها..وقررت التخلص منها فور تخلصها من هذا الضعف الذي يجتاحها!!! وماهي الا دقائق حتى غطت في نوم عميق......
توالت الكوابيس والاحلام المزعجة عليها...وكلما ظنت نفسها استيقظت من حلم مزعج..وجدت نفسها دخلت في الاخر.....لكنها استيقظت في نهاية المطاف..على صوت قرع عنيف على الباب......

يتبع........


JAN 05-10-2020 04:25 PM


مرحباً جميعاً...
عذراً على التأخير....والآن سأتابع من حيث توقفنا لأخر مرة...وأعرف بأن هذا الفصل قصيرة..لكن النهاية قريبة...وأعدكم بفصول طويلة!! تحياتي.....
توالت الكوابيس والاحلام المزعجة عليها...وكلما ظنت نفسها استيقظت من حلم مزعج..وجدت نفسها دخلت في الاخر.....لكنها استيقظت في نهاية المطاف..على صوت قرع عنيف على الباب......
فتحت عينيها بذعر.....وهي تشعر بالخوف...والتعب....حاولت جذب نفسها لتقف..لكن قواها كانت خائرة....حاولت من جديد ونجحت...ولما وصلت الباب....الذي كاد أن يتحطم جراء هذا الطرق العنيف.....فتحت قليلاً...لكنه مالبث أن دفع الباب بقوة...فارتدت الى الحائط...ومع أن ملامحه كانت كالشيطان لشدة غضبه....الا أنه حينما رأى ما فعله بها...حتى هرع اليها كالمجنون.....والقلق والذعر يسريان في أوصاله.....
:" أوه ..يا الهي....ماذا فعلت؟" قال ذلك وهو يمسك بها..لكنها ما ان ضربت في الحائط..حتى وقعت مغشياً عليها.....
انهار يوهان الى جانبها.....وهو يهتف باسمها ويتحسس شعرها ووجهها...أدرك حينها أنها تعاني حمى شديدة.....هذه العنيدة!! لقد حذرها....ولكنها كعادتها..لا تنصاع الا لرغباتها!!
حملها..وتوجه بها نحو الاريكة....ووضعها بهدوء..كانت تهذي وتتكلم كثيراً أثناء نومها...بكلمات غير مفهومة...أو مترابطة!!
هرع الى المطبخ..ليحضر لها الكمادات الباردة...علها تخفض من حرارتها المرتفعة قليلاً...
وما ان وضع الفوطة الباردة بماء مثلج على رأسها..حتى صرخت وهي ترتجف بشدة...وتحاول رميها...
لكن يوهان أسرع يمسك ذراعيها وهو يهمس لها بكلمات حنونة..مهدئة....استجابت لها على الفور...فهدأت واستكانت..وتركته يعمل.....
وبعد مضي بعض الوقت....فتحت عينيها بثقل وارهاق...حتى وجدت نفسها مستلقية على الاريكة...وقد وضع أسفل رأسها العديد من الوسائد لراحتها..كما وجدت نفسها مغطاة بدثار صوفي...وتلك الكمادات ما تزال على جبهتها.....استغربت!! هل عاد والدها؟؟أم أنها لا زالت تحلم!!
ولم تكد تكمل جملتها حتى فتح الباب..ودخل هو منه...محملاً بالعديد من الاكياس...ولما نظر اليها ورآها مستيقظة...بش وجهه فجأة....قائلاً:" اذاً استيقظتي أخيراً!!"
حاولت رفع رأسها..لكنه نهرها بشدة....فعادت الى الاستلقاء..وهي تنظر بدهشة اليه....
أدخل الاكياس في المطبخ...ثم عاد لها وهو يحمل بعض الادوية......
" بعد ان تتناولي هذه الاقراص...ستكونين أحسن حالاً!!أعدك!!" وهو يبتسم ليخفف عنها...هو يعرف بأنها مندهشة ومتوترة لوجوده...ورؤيته لها على هذا الحال من الضعف...
" كيف عرفت بأنني مريضة؟" قالت باستغراب.....
" أذكر بأنني قلت لك ذلك هذا الصباح!! ولكن كيف سيكون بامكانك أن تخضعي لأوامري!! مع أنكي تعلمين بأنني محق!!!"
أشاحت بوجهها..:" لم يكن عليك ازعاج نفسك بي..أستطيع الاعتناء بنفسي!!"
" حقاً؟....أظن بأن جولي ستعتني بك!! أستغرب..كيف ستفعل ذلك....وهي غير موجودة!!"
أطرقت رينيه..ثم قالت بحنق:" هذا شأني وحدي!!"
نظر اليها يوهان مطولاً ثم قال:" أنتي لم تخبريها..أليس كذلك؟؟"
" قلت لك هذا شأني وحدي!! ولست بحاجة اليك أو لغيرك!!أنا لست فتاة صغيرة...يمكنني الاعتناء بنفسي!!"
قال مهدئاً وهو يلمس وجنتها بأصابعه الدافئة:" لم يكن هذا ما قصدته...ولكن الانسان حينما يمرض..يحتاج الى من يعتني به...بغض النظر ان كان صغيراً أم كبيراً!! ألا تظنين هذا؟؟"
كانت قد استكانت على لمساته...فهدأت وأغلقت عينيها....لكنها ما ان سمعت ما قال..حتى قفز السؤال الى فمها ونطقت به لاشعورياً
:" وأنت؟ من يعتني بك حينما تمرض؟؟ أم أنك لا تمرض..لأنك طبيب؟!!"
ضحك يوهان على تعليقها الطفولي..لكنه عاد ليقول:" كل الناس تمرض عزيزتي....حتى الاطباء...وهناك أيضاً من يعتني بي!! فلا تقلقي علي!!والآن هيا لتناول الدواء...!"
نظرت اليه متفحصة....وتناولت الدواء...ثم عادت تستلقي وهي تحدق به......توتر فكه من نظراتها...فنهض قائلاً:" لقد أحضرت بيتزا ساخنة ولذيذة....كنت أرغب في تحضير شيء بيتي مميز...ولكنني لا أعرف الطهو....لذا أرجو أن تعذريني!"
هذه اول مرة تبتسم فيها بصدق منذ وقت طويل...مما أثلج صدره...
" لا تهتم! فأنا أحب البيتزا!!"
ابتسم هو الآخر...وذهب لاحضارها.....
كانا يأكلان معاً ويتحدثان..يضحكان تارة...وتارة أخرى تأخذهما المواضيع الجدية...كانا منسجمين جداً..وكأنهما صديقان قريبان..أو....عاشقان متيمان!!!
" والآن..عليكي الراحة! حتى تتحسني بسرعة..وتعودي لطبيعتك!!"
" حسناً...!" وهي تعود للاستلقاء من جديد.....
" أليس من الافضل أن تنامي في غرفتك!!"
" أنا لا أنام في غرفتي.....منذ أن غادر أبي!! تروقني هذه الاريكة كثيراً!" أجل فهي الشاهدة على عذاباتها وأحزانها التي لا تنتهي....
" ولكن..ان كنتي ستنامين على الاريكة....فأين سأنام أنا؟؟؟"
توقف قلب رينيه تقريباً....ماذا؟؟سينام هنا؟؟في بيتها....وتحت سقف واحد معها!!
تداركت نفسها قائلة:" لا تزعج نفسك بي...أرجوك أن تذهب وترتاح...فقد أتعبتك بمافيه الكفاية لهذه الليلة!!"
" هل أعتبر هذا طرداً مهذباً؟؟"
نفت بسرعة:" لا.لا...ولكنني لا أريد أن أزعجك أكثر!"
" حسناً...أنتي لا تزعجينني أبداً..بل سأنزعج حقاً حينما أضطر كل ساعة لمهاتفتك والاطمئنان عليك!! "
" ولكن؟؟"
" اهدأي الآن....واتركي كل شيء لي!! حسناً؟؟"
لم تعرف ماذا تقول...لكنه اقترب منها وحملها بدون سابق انذار..وتوجه بها الى غرفتها...وما ان وضعها على سريرها....حتى نظر اليها نظرة طويلة....كادت تفضح مشاعرها....تلمس خصلات شعرها التي يعشقها....ثم قال برقة...." تصبحين على خير..رينيه!"
قالت بنفس متقطع:" تصبح على خير..يوهان!"
وخرج وأغلق الباب خلفه بهدوء......زفرت براحة...ثم مالبثت أن نهضت لتبدل ثيابها وتغتسل..استعداداً لنوم عميق ومريح...!



JAN 05-10-2020 04:26 PM

حينما يذوب الثلج



الفصل الرابع عشر
" حينما يذوب الثلج!!"

نهضت مذعورة...وهي تسمع صوت دوي الرعد...ولمعان البرق يضيئ غرفتها للحظة ثم يعود الظلام من جديد.....
شعرت بالخوف.....لكنها كانت تحاول تهدئة نفسها..:" لا تخافي ايتها البلهاء!!مجرد رعد وبرق...وأمطار غزيرة..أنتي لستي صغيرة!!" لكنها ما كادت تكمل جملتها حتى قصف الرعد من جديد...فقفزت مذعورة من سريرها وهي تصرخ.....فتحت باب غرفتها وهمت بالخروج...لكن ذلك بدا مخيفاً ومعتماً أكثر من غرفتها...فعادت وأغلقت الباب..وهي ترتعد...وكلما دوى الرعد أطلقت صرخة ذعر....ثم انهارت الى جانب باب غرفتها وجلست القرفصاء....وهي تدفن رأسها في حضنها...و تدعو أن تنتهي هذه العاصفة قريباً!
وفجأة فتح الباب على مصرعه..فصرخت بخوف أكبر....خاصة حينما رأت ذاك الشبح الضخم الذي يسد باب الغرفة.....لكنه اقترب منها وهبط الى جانبها..و قال بصوت حنون..
" يا الهي...رينيه؟؟ماذا حدث ؟؟"
وما ان رأته وسمعت صوته حتى قفزت معانقة اياه بذعر....التفت ذراعيه حولها تلقائياً.......قائلاً بهدوء :" اهدأي يا صغيرتي!!مابكي؟ ء أنتي خائفة من العاصفة؟؟"
هزت رأسها موافقة..." لا تخافي....أنا معكي!!" تشبثت فيه أكثر.....أهي من تتصرف بهذا الشكل؟؟أم هو عقلها الباطن الذي يرفض التخلي عنه!!؟؟
نهض عن الارض وهو يشدها معه...نادى بصوت حنون:" اهدأي يا صغيرتي..فأنا هنا!"
كانت مازالت متشبثة به...لكنها رفعت رأسها قليلاً لتنظر اليه...وما ان فعلت حتى نست خوفها وقلقها..تاهت مع نظراته الساحرة....المتعلقة بشفتيها....استدركت كم هي قريبة منه...بل هي في الحقيقة بين ذراعيه...وهي التي تضمه وتشده اليها.....أحست بالاحراج..والارتباك...
ماذا كانت تفعل بحق السماء؟؟وماذا سيقول عنها الآن؟؟؟؟
بدأت بالاعتذار..وهي تحاول سحب نفسها منه....لكن ذراعيه رفضتا تحريرها....بل جذبتاها من خصرها اليه بتملك,...وعانقها عناقاً محموماً دافئاً......
لم تقاوم رينيه....بل استمتعت بكل لحظة...ربما كل هذا لا يحدث...وهي تعيش فقط احدى أحلامها...اذاً فلتستمتع في الاحلام قليلاً..طالما الحقيقة مريرة كالعلقم!!!
تحسست ذراعاه ظهرها المكشوف...وكتفيها البضتين....وكان كل ذلك يزيده جنوناً!! شعر وكأن به مس أو سحر من هذه الفتاة....وكل ماحوله....لم يساعده على التخلص من ذلك...فانساق وراء أحلامه هو الآخر....هو ماعاد واثقاً من أي شيء بعد الآن....سوا في روعة هذه اللحظة..مع اسفنجته الجذابة...التي قلبت موازين حياته....وجعلته كالمجنون بها!!
رفع وجهه تدريجياً حتى أصبح ملاصقاً لوجهها....وأنفاسها الحارة تلفح وجهه...فتزيده رغبة وشوقاً اليها......هتف بصوت هامس جذاب:" رينيه!"
نظرت اليه بحياء....فالتقت أعينهما أخيراً.....وحل الصمت لفترة...لكن يوهان بدا نافذ الصبر من كل تلك القيود التي تكبله في علاقته مع رينيه.....كان يعلم بأنه هذه الليلة...حر طليق من كل الاوهام التي ملأ بها رأسه.....ورأس حبيبته...ومع أنه يعرف..بأنه مع اشراقة شمس الغد...سيكون عليه التعامل مع الكوارث الناجمة عن جنونه لهذه الليلة....ولكن ذلك لم يعد يهمه...!
قال أخيراً..وهو يمسك وجهها بين يديه.:" حبيبتي رينيه....! ( أطرق قليلاً..ثم تابع)..أعرف بأنكي لستي لي....ولكني أحبكي.....وشوقي اليكي يقتلني...كرامتي تمنعني..وبرائتكي تمنعني!!..وكأن كل شيء يحول بيني وبينك...كل شيء حبيبتي....كل شيء...!"
وهو يسند جبهته على جبهتها وقد بدا منهاراً مرهق الروح والجسد!!...ولم تمضي ثانية..حتى أحس بدموعها تنهمر على وجنتيها بغزارة.....نظر اليها.....
" أوه حبيبتي....أرجوكي لا.....!لا تعذبيني!!" وهو يمسح دموعها بشفتيه.....
قالت من بين الدموع...وقد ارتسمت ابتسامة واسعة على وجهها الحزين....
" أنت تحبني يوهان؟ تحبني أنا؟؟؟"
نظر اليها متأملاً:" بحق السماء..أما زلتي تجهلين ذلك؟؟كيف لاأحبكي....وأنتي التناقض الجذاب بعينه!! الملاك الشيطان!!! البراءة الفاتنة!!لم أر في حياتي من هي تبكي وتضحك في نفس الوقت....وذلك يجعلكي رائعة الجمال!! آه رينيه...أنتي لا تملكين أي فكرة ..عما تفعلينه بي..أليس كذلك؟!!"
قالت ببراءة الاطفال:" لم أفعل شيئاً يوهان...سوى حبك! أحبك يوهان..أحبك!!"
أغمض عينيه من فرط الانفعال....:" آه رينيه...!! أرجوكي لا تفعلي هذا بي..؟؟؟ "
أطرقت رينيه...لا تعرف ماذا تقول....هل ستستجدي حبه الآن؟؟لكنه اعترف بأنه يحبها..اذاً؟ أين هي المشكلة؟؟
نظر اليها ..عرف بأن التساؤلات تدور في رأسها الجميل وتحيرها....لمست أصابعه وجنتها الناعمة....نظرت اليه بعطف وحب....وحيرة......
" رينيه..لا تنظري الي هكذا!! لا أستطيع!!قلت لا أستطيع!! أنا أكبركي بكثير.....أنا لا أصلح لكي!!افهمي أرجوكي!!"
" أفهم أنني أحبك!"
نظر اليها وقد بدأت حصونه بالتهاوي...." ليست الحياة مبنية على الحب فقط...هناك أشياء أخرى أكثر أهمية!!"
قالت باصرار:" حقاً؟؟؟ اممممم....أحبك أيضاً!!"
أحس بأنه سينهار...فقال بعصبية ليداري موقفه الضعيف:" كفي عن تكرار هذه الكلمة!!"
" أحبك...أحبك..أحبك...حتى آخر العمر!!"
نظر اليها بوله...وقد انهارت كل حصونه...جذبها من خصرها بذراعه اليه...بينما انسلت يده الاخرى في شعرها ليقربها أكثر.....وحدث ما كان يحاول منعه....منذ أول الليل......
قبلها بنهم ولهفة..ولوعة.....قبلها كما لو كان يمنع نفسه عنها منذ أول الدهر....قبلها كما كان يفعل في أحلامه......
رفع رأسه عنها لينظر في عينيها من جديد....قائلاً بصوت يرتجف من فرط التأثر....
" ماعدت قادراً على التحمل رينيه.....تجعلينني أفتقدعقلي بشدة...لكثرة هلوستي بكي,....أحبكي يا صغيرتي..أحبكي بشدة!!...بل أنا مجنون بكي...!! كنت دائماً أخاف عليكي مني....ولكن الان؟؟....اعلمي حبيبتي...بأنه لم يعد هناك مفر....لن أدعكي تتركيني أبداً!! أبداً حبيبتي...."
تنهدت بعمق..بعد طول انتظار....وهي لا تكاد تصدق ماتسمع..." آه يوهان!!! قل لي بأنني لا أحلم! اقرصني يوهان...لأتأكد من ذلك!!"
ابتسم يوهان...لكنه قال بمكر:" عندي طريقة أفضل!!"
وهو يعود ليضمها بين ذراعيه بلهفة واشتياق.....ويتناول شفتيها من جديد...لكنه أحس بأنها تنهار بين ذراعيه...فما كان منه الا أن رفعها وحملها الى سريرها.....كانت تبتسم بلا وعي...وتهذي بكلمات كثيرة.....تعبر عن روحها العاشقة.....
كانت نوبة حمى جديدة...قد اجتاحتها بعد كل هذا الهذيان والجنون الذي عاشت فيها لبرهة مع يوهان.......فهل تأتي الشمس...لتنسف كل الاحلام والوعود بينهما!!!!!؟؟؟؟


JAN 05-10-2020 04:28 PM

أكان حلماً


الفصل الأخير....
"أكان حلماً؟؟؟"
كانت الابتسامة ماتزال مرسومة على وجهها الفاتن......داعبت خيوط الصباح عينيها الناعستين.....فحركتهما ببطئ وهي لاتريد الاستيقاظ من حلمها الوردي....لكن ذكرى الليلة السابقة تسلل الى ذاكرتها....فقفزت في سريرها فجأة..وقلبها يخفق بشدة لفرط الغرام!!
كانت تشعر بأن جسدها مليئ بالطاقة وينبض بالحيوية والعافية....وكل هذا بفضل يوهان..الذي رد لها روحها..حينما أخبرها بأنه يحبها........
تنهض مسرعة من سريرها....تغتسل وتبدل ثيابها وتظهر في أحلى حلة....تفتح باب غرفتها وتهبط السلالم سريعاً.....عجباً!!لايوجد أحد في الصالة...واريكة البؤس فارغة....مما يعني أن يوهان قد نهض مبكراً!!لكنها ابتسمت فجأة...ربما هو يحضر لي الفطور....
اتجهت بسرعة الى المطبخ..وهي تهم بقول أحلى عبارات الشوق والحب لحبيبها....دخلت المطبخ وهي تقول:" صباح الخير يا......" وتوقفت فجأة....حينما التفت اليها والدها.....
" آه حبيبتي...اذاً استيقظتي أخيراً......"
وهو يقترب منها معانقاً...فعانقته والدهشة ماتزال مرسومة على وجهها...." أوه أبي!! لقد عدت!"
نظر اليها باستغراب...:" ألا يسركي ذلك؟؟؟"
استدركت نفسها وابتسمت وهي تعانقه من جديد:" كيف تقول ذلك؟؟بل اشتقت اليك كثيراً..كثيراً!! كيف كانت رحلتك؟"
بدا عليه الاطمئنان لعودة رينيه الى طبيعتها...كما بدت في أحسن حال..وان كان يجهل السبب
" سأحدثكي عن كل شيء أثناء الفطور!!"
" حسناً"
وعلى مائدة الافطار..كان والدها يقص عليها كل ماحدث معه...وممايبدو فقد استمتع كثيراً برحلته بل واستفاد منها كذلك....فهي لم تر وجهه أكثر صحة من الان!! ومع أنها كانت تحاول أن تركز اهتمامها مع حديث والدها...الا أن السؤال يقفز رغماً عنها الى عقلها....
" أين ذهب يوهان؟؟هل غادر قبل حضور والدها؟؟؟هل غادر في اليلة السابقة..؟؟أم كان كل هذا حلماً!! فهي لا ترى أي شيء من اثار الليلة السابقة يدل على وجوده!!!
" لابد أنني قد جننت!!"
" حبيبتي ...هل تكلمين نفسكي؟؟؟" تساءل والدها بدهشة....
" أوه..عذراً أبي...لقد شردت لبرهة!! أكمل...وماذا عن تلك الينابيع الحارة؟؟؟هل هي حقاً كما يصفها الناس؟؟"
" أوه..عزيزيتي ...بل هي أفضل!! أتعلمين ...."
واستمر الحديث بينهما حتى شعر السيد مايكل بالنعاس..فصعد ليرتاح قليلاً....في هذه الاثناء...ارتدت رينيه معطفها....وخرجت لتتأكد من كل ماحدث لها قبل أن تفقد الذرة الاخيرة المتبقية من عقلها......
توجهت الى عيادته....فلم تجده....سألت عنه في المستشفى...أيضاً لم يكن هناك!! أين ذهب اذا؟؟؟
كانت تشعر بالضيق...فلم تجد نفسها الا وتتجه الى منزل جولي.....ومع أنها كانت غاضبة منها لأنها لم تتصل بها منذ 3 أيام...ولكنها حين عرفت بأن جولي كانت مريضة هي الاخرى عذرتها..بل لامت نفسها لأنها لم تكلمها الاخرى......
" هل تشعرين بتحسن؟؟؟" تساءلت رينيه..وهي تنظر الى جولي الراقدة بارهاق في فراشها....
" قليلاً!!ولكن من الجيد أنكي لازلتي تذكرينني!!" قالت بعتب....
" جولي لا تغضبي مني....فقد كنت مريضة الاخرى....وحينما تحسنت...جسدياً...حضرت لزيارتك!"
وبينما تمسح أنفها بمنديل..قالت وهي تنظر بتساؤل:" جسدياً؟؟؟وماذا يعني هذا؟؟"
نهضت رينيه من جانب جولي....وقالت وهي تتجه الى النافذة:" لأن عقلي على وشك الانهيار.....!"
نظرت الى جولي وقالت:" لقد جننت يا صديقتي!!!"
" تعالي حدثيني بكل شيء...فأنا لا أفهم منكي شيئاً!! تتحدثين بالالغاز!!"
هزت رينيه رأسها بيأس وهي تعود للنظر الى النافذة.....
" أنا نفسي..لست افهم شيئاً!! ولكنني سأخبركي..منذ؟؟منذ بدأت هلوستي!!"
وقالت لها كل شيء.......
" رينيه...لا تغضبي مني....ولكن؟ ءأنتي متأكدة من أن ماقلته لم يكن حلماً؟"
قالت بانفعال:" أنا واثقة..؟!..أنا..شبه واثقة تقريباً جولي!! "
كررت من وراءها:" شبه واثقة....وتقريباً؟؟بربكي رينيه؟؟أتستمعين الى ما تقولينه؟؟؟"
قالت بتوتر وهي تحرك يديها في الهواء بعصبية:" لا أعرف جولي...لم أعد أعرف شيئاً...لكنني مازلت أتذكر لمسة يديه....مازال طعم قبلاته الرائعة على شفتي....رائحته عالقة في أنفاسي....لايمكن! لايمكن أن يكون كل هذا حلماً!! لقد...لقد قال لي كم يحبني جولي...أخيراً اعترف بذلك....وأخبرني كم أفقده صوابه!! (وهي تبتسم...وتحاول تذكر كلماته بدقة)..لقد قال شيئاً عن تناقضاتي ...والتي يعشقها!! لقد...؟لقد..استغرب كيف أنني لم أحس بحبه العارم نحوي حتى الآن؟؟؟ لا جولي.....لاتقولي لي بأن كل ذلك كان حلماً!!لايمكن هذا! لا يمكن!"
" حبيبتي....أنت كنتي محمومة وقتها....ألم تقولي ذلك؟؟"
" لا..بلى! أعني أنني كنت كذلك....لكنني لم أفقد عقلي بعد!!"
" رينيه....كم أتمنى لو كان كل هذا حقيقي..لكن؟"
قاطعتها رينيه بألم:" أتقولين بأن كل هذا من نسج خيالي؟؟؟أنتي لا تصدقينني اذاً؟"
" رينيه استمعي الى نفسك بالله عليكي!! لقد كنتي محمومة وتهذين....ولشدة تعلقك بهذا الشيطان الذي يظهر بأنه لا يملك احساس.....بتي تتخيلين أحلاماً عاطفية معه....كلنا نعاني من ذلك في فترة اضطراب مشاعرنا!!وبالاخص حينما يصاحب ذلك حمى مزعجة!!"
تمالكت رينيه دموعها..وأشاحت بوجهها عن جولي...لكن جولي تابعت
" أوه رينيه..لا تغضبي مني....لكنني لاأريد أن تعيشي في وهم!! والا..كيف تفسرين عدم وجود أثر له في الصباح؟؟؟؟ها؟؟؟أين ذهب؟؟ولم يترك لكي اي عنوان؟؟لا في المستشفى أو في العيادة؟؟؟"
أطرقت رينيه بيأس:" أظن بأنكي محقة يا صديقتي....ربما هو خيالي الواسع ثانية!!"
" حبيبتي...لا تحزني!! ان كان يجعلكي تعانين كل هذا...فهو بالتأكيد..لايستحقكي!! وستعثرين على الرجل المناسب يوماً ما....انتظري وسترين!"
نظرت رينيه الى جولي وقالت بألم:" لقد عثرت عليه جولي....لكنه هو لم يعثر علي!!!"
وانسحبت حزينة.....بعد أن وعدت جولي ان تعود لزيارتها........
تمشت في الشوارع لفترة.....لماذا يحدث لها هذا؟؟؟؟أيعقل بأنها جنت...فلم تعد تميز بين الحلم والحقيقة؟؟؟لكنها ...شبه واثقة بأن يوهان كان معها ليلة الامس....ولكن ماقالته جولي...منطقي بالفعل!! ولابد أن هذا هو الواقع.....
ربما عليها ان تبتعد قليلاً عن هنا....ربما ان ابتعدت, خرج هذا اللئيم من تفكيرها الى الابد....
ستقترح على والدها ان يرحلا من هنا..بمجرد ان تراه.......عادت الى المنزل وهي اثقة بأنها قد وجدت الحل لكل مشاكلها..بالرغم من أن ذلك سيحطم قلبها كلياً....ولكنها لن تموت بالتأكيد......
فتحت الباب ...دخلت...ثم أغلقته...., خلعت معطفها وقامت بتعليقه خلف الباب....دخلت الى الصالة وهي ماتزال تفكر كيف ستفاتح والدها بالامر....لكنها وجدته جالساً براحة على اريكة الاحزان.....وفي يده فنجان قهوة....وكم كانت فرحته حينما رآها....
" آه حبيبتي...كنت بدأت أقلق عليكي....أين كنتي؟"
اقتربت منه مهدئة...:" ولم القلق أيها الوسيم؟؟كنت أزور جولي..فقد كانت مريضة وذهبت للاطمئنان عليها!!"
" أوه المسكينة؟؟وكيف هي الآن؟؟"
" انها بخير!!"
" وهل أنتي بخير؟؟؟" تساءل والدها حينما رأى الوجوم يغزو وجهها...هذا بديهي..فقد مرت ذكرى حديثها مع جولي...عن حبيبها السراب...على بالها!!فكان لا بد من هذا الوجوم والبؤس الذين ظهرا في عينيها......
لكنها رفعت رأسها لتنفي ذلك...وهي ترسم ابتسامة مصطنعة على وجهها...لكن الزمن توقف فجأة....وكذلك توقفت جميع مشاعرها وجميع أفكارها وأحزانها وأفراحها..وكل مايشغل بالها...بل توقف عقلها وتوقف جسدها وكأنها في غيبوبة....لم يكن هناك ما يعمل...سوا قلبها الملتهب..وتنفسها الذي قارب على الانقطاع....
توقف كل العالم لديها....حينما دخل ذلك الجذاب اللعين...من غرفة المطبخ حاملاً بيده فنجان قهوة له....وتظهر على وجهه ابتسامة اشفاق..أو عطف!! هل عادت لأحلامها من جديد؟؟؟هل باتت تراه في كل مكان وفي كل لحظة من حياتها؟؟؟هل غزا عالم الحقيقة..كما سرق عالم أحلامها؟؟؟؟حسناً...لقد جنت بالتأكيد....لم يعد هناك شك!!
لم تتبدل نظراتها الا حينما امتدت أصابعه الى وجنتها الشاحبة...سمعت من بعيد... وكأنه قادم من بئر....صوتاً يسألها..." هل انتي بخير حبيبتي؟؟"
حبيبتي؟؟؟حسناً...مازالت تحلم اذاً!!اذ أن هذا لم يكن صوت والدها...بل هو صوت حبيبها يوهان...أجل...هي مازالت تحلم!!ولكن حباً بالله....لم تعد تستطيع تحمل كل هذا...ان كان عقلها ماعاد قادراً على التمييز...فلا بد أن تلجأ لطبيب نفسي أوشيء من هذا القبيل! نعم...ستخبر والدها..حال تعود تفكر بمنطقية...وتختفي هذه الكوابيس....ستخبره بأن يأخذها الى أحد المراكز العلاجية.....وستشفى بالتأكيد من مرضها بيوهان....أجل..ستشفى ولاشك! ولن تعود لرؤية هذه الاحلام المزعجة ثانية...!
بدا الصوت الآن أقرب من ذي قبل...وبدأت تشعر بيده تهزها..طالبة منها الاستفاقة من أحلام اليقظة...:" رينيه؟؟هل تنامين وعينيك مفتوحتين؟؟؟لقد بدأتي تثيرين قلق والدك أيتها المشاكسة!!"
رددت ببطء:" وا..لد..ي؟؟"
التفتت حولها ولما رأت والدها...اقتربت منه وعلامات القلق بادية على وجهها...:" أبي؟؟هل أنتي بخير؟؟؟"
تنهد طويلاً ثم قال:" الحمدلله..لقد بدأت أظن بأنكي فقدتي النطق....لقد أخفتني حقاً ياصغيرتي..فلاتفعلي ذلك ثانية!!"
" أظن بأنكي بحاجة هذا الفنجان أكثر مني..تفضلي!" وهو يناولها الفنجان ويجلس الى جانبها......
كانت يدها ترتعش حينما تناولت الفنجان...فأخذه عنها ووضعه أمامها على المنضدة....ثم أمسك يديها الصغيرتين بين راحتيه وقال برقة....
" والآن؟ ماسبب هذه النظرات المريعة؟؟؟"...حقاً..بدت كأرنب مذعور....
" أنا؟؟..انا؟؟ هل أنت هنا حقاً؟؟؟"
تفاجأ من سؤالها وابتسم..:" بالطبع أنا هنا..وأين سأكون؟؟؟"
" ولكن؟؟؟"
نهض السيد مايكل مستأذناً:" أظن بأن لديكما ما تتحدثان به..فاعذراني الآن!!" وهو يغادر....
نظرت الى يوهان بدهشة:" اذاً أبي يراك؟؟"
لكن دهشة يوهان كانت أكثر:" مابكي رينيه؟؟بالطبع يراني...وهل أنا غير مرئي؟؟"
" لقد بدأت أظن ذلك!!" قالت وعينيها تنظران في لاشيء...مما دل يوهان أنها ساهمة وشاردة في أمر ما.....
هزها من كتفيها وهو يقول:" رينيه حبيبتي ماذا حصل لكي؟؟أنتي لستي طبيعية؟؟"
نظرت اليه بلوم وقالت:" أظن بأنني بدأت أفقد عقلي يوهان...فهل هذا طبيعي؟؟؟لا..بالطبع لا!!اذاً لست طبيعية!!"
" ولماذا حبيبتي؟؟؟ما الذي حدث؟؟ألم نتفق بالامس على كل شيء؟؟"
" اتفقنا! نعم...ولكن ما ان فتحت عيني هذا الصباح...حتى بدا كل شيء كالخيال!! لقد..بدأت أشك بأنني كنت أهذي وأنا محمومة....وبأن شيئاً لم يحدث بيننا! بل أنني أشك بأنني حقاً أجلس معك الان..ونتحدث عن هذا!..لم أعد أعرف ىشيئاً! لقد أفقدتني عقلي يوهان....لقد جننت...وأنا التي كنت أتساءل كيف يجن الناس من الحب!!!ها قد عرفت الآن!!"
ضحك يوهان من قلبه..على سذاجة حبيبته .....وقد بدأ يفهم كل شيء...من لحظة دخولها ورؤيته وحتى هذه اللحظة....نهض من مكانه وسحبها لتقف في مواجهته......وهو يجذبها اليه...
" يا حمقائي الصغيرة.....لم تغمض لي عين...منذ ما حدث بيننا ليلة الامس....فحالما تفجرت مشاعري...لم أستطع التظاهر وكأن شيئاً لم يحدث....كنت خائفاً أن أندم على كل شيء ما ان يطل الصباح....لكنني كنت مخطئاً!!فلم أستطع الانتظار حتى تسلل أول خيط شمس..لأنطلق.. كي أنفذ كل ماقد خططت له أثناء مراقبتك وأنتي نائمة....."
" مم..ماذا؟؟كنت تراقبني وأنا نائمة؟؟؟"
هز رأسه بالايجاب....." حينما انهرتي بين ذراعي...كنتي قد دفعتي بي كذلك.. نحو الانهيار....لقد ازدادت رغبتي بكي....وازددت تعطشاً لعشقكي وحبكي....وتعلقكي بي!! فلم استطع المغادرة...حينما كنت تستلقين هناك على سريرك...كالملاك...الفاتن....تحترقين بنار الحمى...ونار العشق....! كنت تهذين بكلام...لطالما رغبت في سماعه منكي....وأكثر مازاد عذابي ونيراني...أنكي قلتي كل ذلك....بصوت عذب مثير....فتح أبواب الجحيم علي....فوجدتني أتمسك بشعرة رقيقة....حتى لا أنجرف خلف مشاعري!! ....وما ان بدأت الحمى بالزوال....واستقر نومك....وتوقف هذيانك....حتى انسحبت بسرعة....فقد برد جسدك...وبردت عواطفك الآن...وأنتي تنامين بسلام....ولم تكن لديكي أدنى فكرة...عن الحمى التي اجتاحتني..وعصفت بمشاعري...لم يكن لديكي فكرة..عن النيران التي أشعلتها في جسدي!!حتى أصبحت كالبركان...المتوقع انفجاره في أي لحظة..!!
.كان علي أن أبتعد...وابتعدت....!"
كانت رينيه مبهورة بكل مايقول...فلم تستطع حتى ان تقاطعه...لكنها ابتلعت ريقها أخيراً وتساءلت بقلق:" ولكنني سألت عنك في العيادة والمستشفى..فأين كنت اذاً؟ ثم كيف يعقل بأنك غادرت وأبي وصل باكراً....ولم تريا بعضيكما؟؟؟"
قبل طرف أنفها..." لقد التقيت والدكي قبل مغادرتي..وأخبرته كل شيء!!وبامكانكي أن تسأليه!!"
فتحت عينيها من الدهشة:" هذا لايمكن..لو كان حدث ذلك...لأخبرني أبي!"
لكن وجه والدها أطل فجأة من المطبخ وهو يقول:" أنتي لم تسأليني حبيبتي...ثم ان الامر كان يستحق تلك النظرة التي رأيتها على وجهك..لحظة رؤيتك يوهان!!"
عرفا الآن..بأن السيد مايكل كان يسترق السمع.....
" أبي!!"
ضحك يوهان..لكنه تساءل بتسلية:" اذن لم تخبرها مايكل؟؟؟"
هز السيد مايكل كتفيه بعدم اكتراث وهو يقول:" هيه...أنتما تلعبان معاً طوال الوقت ألعاب المراهقين....فلم لا يكون لي نصيباً من اللعب أيضاً! طبعاً...فالتسلية لكم....ووجع القلب والهم لي...لست أدري أي جيل هذا الذي...." ودخل المطبخ وهو مازال يتذمر منهما.....
ضحك يوهان من كل قلبه...بينما اكتفت رينيه بابتسامة وهي ماتزال غير مصدقة لهذه المؤامرة بين والدها وحبيبها.....
" حسناً..أرى بأنكي لازلتي..غير مصدقة!! ربما يساعدك هذا على التصديق!!" قال ذلك وهو يسحب من جيبه اسفنجة صفراء.....ويقدمها لرينيه.....
نظرت رينيه الى الاسفنجة ..ثم عادت للنظر الى يوهان وهي لا تفهم..." هل يفترض بهذه الاسفنجة مساعدتي على تصديقك؟"
قال وهو مايزال يحدق بعينيها بطريقته الجذابه التي تعشقها...." أجل!" وهو يقلب الاسفنجة....فترى رينيه خاتماً الماسياً رائعاً...مثبتاً في وسط الاسفنجة.....
" رينيه مايكل ثومسون......هل تقبلين بي زوجاً لكي؟" كانت السعادة لا تقدر على وجه رينيه....لكنها ما ان سمعت طلب يوهان..حتى انقبضت أساريرها قليلاً....وفجأة لاحظت بانهما ليسا وحديهما...بل أن والدها كان يسجل تلك اللحظة على شريط فيديو.......
" آه...أبي!! ماذا تفعل؟؟؟"
أشار والدها بيده وكأن الامر لا يعنيها... وقال بصوت هامس" اش..ستفسدين الأمر....هيا ارجعا الى ما أنتما فيه!!"
نظرت الى يوهان.....الذي أحس بامتعاضها...وكذلك والدها..للحظة رفع رأسه عن الة التصوير...وكأنه يتوقع رفضها..فملامحها لم تكن مفهومة.....
" هل هذا مشهد من فيلم الكبرياء والتعالي؟؟؟ بالله عليك يوهان؟ ضقت ذرعاً بكل هذا الجمود!!"
حينها ظهرت تلك النظرة الشيطانية على وجه يوهان....والتي كانت ترعبها...ولكنها الآن...تعشقها وتريدها أكثر من أي شيء آخر.....فتح زري قميصه العلوي بعد أن نزع ربطة العنق التي كانت تخنقه...خلع سترة بذلته الانيقة وألقى بها جانباً.....فرك خصلات شعره المسرحة بأناقة..وبعثرها حتى بدا أصغر سناً وأكثر جاذبية....اتسعت ابتسامة رينيه شيئاً فشيئاً...بينما لوى السيد مايكل شفته للاسفل...وقال بصوت خافت...التقطته الكاميرا.." كنت أعرف بأنها ستدفعه للجنون!"
نزع الخاتم الرائع من الاسفنجة وقام بدسه في اصبعها دون أي اعتراض منها...ثم جذبها نحوه بقوة...وقال بتملك....:" ستتزوجينني رغماً عنكي أيتها الاسفنجة المزعجة...الفاتنة...وستنجبين لي أطفالاً بمثل جمالكي وجنونك!! وسأحبكي وأرعاكي....ان لم يكن لآخر الحياة....فحتى آخر حياتي...!!فما قولك الآن؟"
غمرت كلماته قلبها....نظرت باتجاه والدها.....كان يراقبها وهو مايزال يصور كل ماحدث....نظر اليها نظرة عميقة حنونة...مليئة بالدموع......ابتسمت هي الاخرى ولاحت دموعها كذلك في عينيها الفيروزيتين....وهي ترى والدها يهز لها رأسه..علامة موافقته....
اتسعت ابتسامتها حتى تحولت الى ضحكة....ضحكة رائعة دفعت يوهان للذوبان.....
قالت أخيراً:" اذا كان الامر كذلك......فلا بأس!" وهي تضحك.... أخذها يوهان بين ذراعيه وضمها اليه بشوق ولهفة كبيرين.........وهنا ابتسم والدها وقال بمكر:" حسناً..انتهى وقت التصوير!" وهو يغادر وقد أخذت منه السعادة كل مأخذ...هاقد اطمأن على حبيبته الصغيرة...مع رجل رائع يحبها ويخاف عليها....والاجمل من كل ذلك..أنها تحبه وتعشقه...
فماذا يريد أكثر من ذلك؟
" أعشق ضحكتك! أتعرفين؟؟؟لطالما عشقتها,,وأفقدتني عقلي!!؟؟وأظن بانه من المسموح الآن أن افقد عقلي!!"
وهو يلمس عنقها بأصابعه الدافئة....ويقترب من شفتيها ولهيب الرغبة في عينيه......
لكن رنين الهاتف أيقظهما من هذه اللحظات الحالمة.....حاولت رينيه سحب نفسها من يوهان...لكنه جذبها أكثر اليه قائلاً:" دعيه يرن..فما سنفعله أهم!"
ابتسمت رينيه وهي تراوغ ثم تجذب نفسها عنه:" سيكون هناك متسع من الوقت....ثم أنني سأعذبك كما عذبتني بالضبط!!أم تظن بأنني نسيت كل قسوتك!!" وهي تتجه الى الهاتف وترفع السماعة....
" سنرى ذلك" وهو يسرع كالفهد ليقف خلفها ويجذبها من خصرها اليه...بينما يستريح رأسه على كتفها...ضحكت بسعادة على حركاته المجنونة.....لكنها سمعت صوتاً يناديها في الهاتف...
فصرخت قائلة:" جولي!! لم يكن حلماً.....ويوهان الى جانبي الآن....ونحن سنتزوج...أتسمعين سنتزوج؟؟وهاهو الخاتم في يدي...!!؟؟"
قالت جولي بصوت يبدو عليه الحيرة....." هل عدتي لهذيانك؟؟"
ابتسمت رينيه بسعادة بينما كان يوهان يقبل خصلات شعرها الناعمة... حتى لامست شفاهه عنقها الناعم البض الذي يشبه عنق الاوزة.....وأثاره ذلك...مما جعله يسهب في تقبيله.....
كانت رينيه تضحك بينما تحاول جعل يوهان يتوقف.... لكنه لم يفعل...بل زادته كلماتها اصراراً....مما دفعها للضحك....ودفع جولي للجنون.....فاندفعت تصرخ عبر الهاتف....
" رينيه؟؟؟أيتها المحتالة.......أطالبكي فوراً باخباري كل شيء....كل شيء!!! أدق التفاصيل....ولن تنسي أن تخبريني..ماذا يفعل الى جانبكي..حتى يدفعكي الى الضحك بهستيرية بهذا الشكل!!!"
عادت رينيه الى الضحك.....لقد تبدلت حياتها فجأة واصبحت وردية وسعيدة...ومليئة بالفرح...والحب!!!
نظرت الى يوهان.....كان الشوق..والعشق باديان في جميع ملامح وجهه.....قالت وهي تنظر اليه بهيام...:" ليس الآن جولي....ليس الآن!" وتغلق السماعة تحت احتجاج وحنق جولي....لكنها لم تكن تكترث الآن بغضبها...فهي ستتفهم ذلك....كان كل مايهمها...هو هذا الرجل الذي سلبها روحها وعقلها وقلبها.......اقتربت منه...وألقت بذراعيها حول عنقه....
" يوهان؟؟؟"
لمس شفتيها باصبعه قائلا:" لن تقولي شيئاً!! بل أنا من سيقول...وستسمعين كلامي منذ الآن فصاعداً..بدون اي نقاش!!مفهوم؟؟"
" كلا!!لن أفعل!!"
" أتتحدييني أيتها الصغيرة؟؟؟"
" أجل أنا أفعل ذلك بكل سرور!!"
" اذاً...عليكي تحمل النتائج!!"
وهو يعود ليقربها منه..وهي ماتزال تضحك....ويقبلها على كل وجهها.....صرخت بشكل طفولي:" يوهان!!هذا لا يجوز!! ثم انك تحرجني أمام والدي...!!فتوقف عن هذا فوراً!!"
نظر اليها بحب:" أتعلمين كم كنت أحلم بحياتنا معاً؟؟؟؟لن تلومينني ان فعلت هذا بل وأكثر.....لقد دفعتني للجنون يا اسفنجتي الغالية....وحان وقت سداد الدين!!"
"يوهان؟؟"
" ماذا؟؟"
" هل حقاً قمت بأخذ شريط حفل ميلاد التوأمين..من أجلي؟؟؟"
ابتسم...ثم قال:" هذا ما كان يصبرني حبيبتي....تسجيل الفيديو...وشريط صورنا..أتذكرين؟"
" طبعاً أذكر!!حينما اختطفتك!!!"
ضحك يوهان من كل قلبه....ثم عاد ليقول:" ألديكي فكرة كم مرة شاهدت ذلك التسجيل؟؟؟"
هزت رأسها بالنفي..وكانت ماتزال غير مصدقة لكل ما يقوله يوهان....
" مرات ومرات عديدة....! حتى أنني حفظت رقصتك وكلمات أغنيتك عن ظهر قلب...أتودين رؤية ذلك؟؟؟"
ضحكت رينيه من كل قلبها....." !! مجنون!!"
أذابته ضحكتها من جديد....." رينيه يا اسفنجتي الجذابة؟؟؟
نظرت اليه رينيه وقد بدأت ابتسامتها بالتلاشي.....تابع :" أحبك جداً!"
ابتسمت بسعادة..اقتربت منه ووقفت على رؤوس أصابعها..وقبلته على ذقنه الخشن...قائلة:" أحبك أكثر!"
اتسعت عينيه دهشة...من تصرفها الرقيق...أمسكها من كتفيها:" رينيه أيتها الساحرة! سنتزوج غداً..غداً, ولن أبدل رأيي...فلم أعد قادراً أيتها الصغيرة...لن أتحمل أكثر!"
أطل وجه السيد مايكل مرة أخرى قائلاً بسعادة:" معك حق...ولم الانتظار؟"
التفتا كليهما للخلف...وحينما رأيا السيد مايكل تبادلا النظرات... ثم انفجرا بالضحك....
انتهى

Night Breez
نسيم الليل



الساعة الآن 09:16 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
هذا الموقع يستخدم منتجات Weblanca.com
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

Security team