ورده المودة |
03-01-2020 03:45 PM |
•~لأخطو نحوَ سطورِ الهوى~•
https://f.top4top.net/p_6731r41n0.jpg
هبات هواء تداعب روحها ، و همسات الواقع تتناغم بلحنها لتروي لها حكاية يومها...
حقا، هي ممتنة لنفسها التي رفعتها لقمم المكانة السامية...
انعطفت حيث تريد لينجلي عنها هم التأخير عن دوامها في الأسبوع الأول لها من تصديها للتعليم في هذه الكلية المرموقة...
وجهت وجهها يميناً و من ثم يسارا و بؤبؤيها الزرقاوان تحكي مخافتها ، هناك تهديد خطر لا تسلم منه يوميا...
ترجلت مغلقة باب سيارتها النيلية و بدأت تخطوا خطاها على وجل، و رغم كل احتياطاتها إلا أنها لم تسلم...
فذي هي تتزحلق من فوق تلك المادة اللزجة لتسقط جالسة فوق بقعة الوحل...
رصت على شفتيها و شدت على كفيها و هي تطلق صرختها التي تخللت جدران الكلية حتى الطابق الثاني ربما: سحقا لكم....
وجهت حدقتيها الواسعتان نحو زاوية صادة لتخاطب من تريد بتهديد مرعب لكل من يسمعه منها بالخاصة: أعلم أنكما مختبئان هناك ماكس و ديفيد ، صدقاني يتندمان على فعلتكما هذه...خاصة أنت ماكس....حسابك لدي ...
لم يجبها سوى الصمت ،فوقفت تدخل لحيث الغرفة التي تجتمع بها مع زملائها الذين رحبوا بها برحابة صدر ..
تخيل لحظة لقاءهم فقط تثير حماسها و تعيد نشاطها ..
إنها حقا شكلت معهم فريقاً من التآلف في مدّة بسيطة،و تلك نقطة في صالحها..
لاحظتها التي كانت تكاد تخرج من غرفة المعلمين الخاصة بهم،لتخرج شهقة تصدم من حولها و تشدهم للإنتباه لها فورا : إيييييه،ما الذي جرى لك ليفيان ؟!..
رفعت ليفيان كفها مشيرة بالنفي : لا شيء حقا، شقاوة ألئك الإثنان .. لقد وضعا خيطا دقيقا قرب بقعةٍ من الوحل لأسقط بها..
نهض من كان يرتب ملفاته على طاولته الزيتية التي تقابلهما مقطبا حاجبيه : تقصدين ماكس و ديفيد .. يكفي ، يتوجب علينا محادثة المدير بشأنهما .
رمشت تستوعب ما جره للغضب..لينطق بتلك اللهجة الناكرة لما يحصل فسارعت بردعه عما قد يسبب مشاكل لأخيها : لا بأس، أنا لدي طرقي لتأديبهما...لن يعدوا الأمر على خير...
نظر لها بإستخفاف و بدأ يستهزئ لوقفتها الواثقة : لنرى أيتها المعلمة المشاغبة.
أجابته بنظرة خاطفة مع ابتسامة شر لا تبشر بخير قبل أن تشير لها نينورتا بإتباعها : تعالي معي، لا يمكن أن تبقي هكذا عزيزتي.
~~
حاولت أن تظهر بشاشةً تعينها على كسب القلوب لتتوجه الأذهان نحو ما تنطق...
كبست زرَّ إظهار الشاشة اللمسية القابع في الجدار أمامها ، ثمَّ نطقت لأخيها الشارد بلعبته المجازية في زاوية الفصل : ماكس، هللاّ تركت لعبك لساعة الآن؟
لم يأبه حقاً ...بل ربما لم يسمعها ، فها هو يستمر بوجهٍ طفولي يتحرك تبعا لإنفعالاته مع اللعبة ...و كأنه طفل في السادسة من عمره...!
لم تترك إبتسامتها و لم ترتبك أو تغضب...
فهي فرصة إفراغ غضبها على متسبب الإزعاج لها طيلة الأربع و عشرون ساعة في الثلاث مائة و ستون يوما من سنتها..
خطت بوثوقٍ نحوه و نظرة التهديد تتوعد المزعج الآخر الذي يرمقها بشر...
و عندما وصلت المقعد الأخير ، مدت ذراعها نحو شحمة أذنه...لتجرَّها..!
أطلق صرخة تأوه نسبية و هو يرفع كفه نحو مصدر ألمه كردة فعلٍ فورية: تباً لك، ما الذي فعلته لك؟!
قالت و هي تضم على أسنانها المتراصة بترتيب : الدرس يبدأ من هنا، ما تعني كلمة لا ...
لم تجد منه غير نظرات الحقد و الإشمئزاز ، فتركته موجهةً سؤالها العامة من طلابها: حسناً، من يشرح لي..ما تعني كلمة -لا-؟
تجلت الحيرة مرسومة على الملامح و الهمسات بدت تعلوا بتساؤل...فما مغزى هذا السؤال؟!!
و هل كلماتها لأخيها المشاغب كانت تستهدفهم معه؟!
ثوانٍ من الصمت قادتها لتتنهد بقلة حيلة...
ثم تقول آمرة حولها الجالسون : كلٌّ يكتب على لوحته الإجابة، مهما كانت بسيطة و سخيفة ..أنا أريدها.
استجاب الطلاب لطلبها الذي لم يعرف له أساساً في فترة دراسة الأدب الكتابي و بسطوا الأكف بعد دعس الأزرار المتواجدة يسار مقاعدهم القهوائية على اللوحات اللمسية المائلة للزرقة الباهتة بغرض تعرف شاشة المعلومات على بصماتهم التي حجزت مكان معلومات الأذهان لأصحابها ...
كتبوا الأحرف لتظهر الكلمات كضوءٍ نير و ليفيان عادت لمكانها مظاهرة لوحتها هي الأخرى ..تلك اللوحة التي تصلها معلومات كل مقعد و بجانب الإجابة اسم الطالب ...
الإجابات تعددت ...
لا ، تعني النفي...
لا، تعني الإعتراض...
لا، تعني العدم ...
كانت تتمعن في الإجابات مع توضيحها حتى شقت إبتسامة
و هي ترى توصلها لإجابةٍ تراها المبتغى ...
لا ، تعني كلَّ شيءٍ بلا شيء ...!
رفعت رأسها مشيرة بسبابتها لصاحب الإجابة المكتسب برداء الغموض الهادئ: كارلوس ، أخبرني لم أجبت بهذه الإجابة ؟
خلخل أنامله بشعره الباذنجاني الفوضوي عكس طبعه : حسنا، لا لوحدها لا تعني غير لا ...
لكن عالمها يشمل قرائن توسع آفاقها...
كان جلياًّ تساؤل الأعين المنتصبة على المجيب ذاك ...
دوماً ما كان يفاجئهم بأجوبته الغريبة رغم مظهره اللامبالي و منظره غير المرتب...
و بين تلك النظرات لم تغفل ليفيان عن تهاون المزعجين بغية إثارة غضبها ...
كانت تقول بنفسها شيء واحد تكرره...
((ستريان...))
و سارعت بتطبيق ما بذهنها ...
فهذه المرة دور الآخر بالبداية...
مررت سبابتها على اللوح الظاهر أمامها و أمام الطلاب أجمع لتظهر جملتان بسيطتان...
-لا أريد-
-لا ينبغي عليك فعل هذا -
ثم صدح صوتها عالياً بنبرة جازمةٍ آمرة: ديفيد، أخبرني ما الفرق بين الجملتين ؟
بدى استهتاره واضحا و هو يشبك أصابعه خلف خصلاته الذهبية مجيباً بلهجةٍ خاوية من الإحترام و التنظيم: امممممممم...لم لا تسألي نفسك ليفيان، واضح...الأولى، لا أريد ...
و الثانية ، لا ينبغي عليك فعل هذا...
حوَّل خطابه لزملائه الذين عالجوا الموقف بالصمت: ...أليس ما أقول صحيحاً؟
كسرت لحظة انتصاره و الإبتسامة الضامنة بوقوف من أثر كلمتها اللحظة ...كلمة واحدة تصف أفضل ما يجب الآن...
" غبي."
شعرت بنجاح إصابتها مشاعره فها هو وجهه أيدى حمرة الغيظ و بانت شفتيه تفتح ليطلق عنان حروفه المهاجمة ...
إلّا أنها أوقفته بسبابتها: لا تنس كاميرات المراقبة عزيزي المشاغب ديفيد ، ستكون بمشكلة إن أظهرت حماقةً ما هنا .
تمتم بامتعاض بشتائمه الخفية عن المسامع ، لتنتقل هي لعملها جديّاً بنظرة أوحت الجو الدراسي الذي تهدف له: أليس لدى أحدكم فكرة عن الفوارق الظاهرة هنا .. ؟
رفع العديد أصابعهم بغية الإجابة ، و هي اختارت من ترى التزلزل ببؤبؤيها الكرزيتين : كرستينا ..أجيبي .
بلغت كريستينا ريقها و حاولت قتل جماح التردد و الخجل الذي يعيق مسيرة نجاحها ، و قد بترته بصوتها الرقيق الشواطئ: الجملة الأولى ، لا كانت ترمي لعدم رضا المتكلم و اعتراضه على ما يراد منه ...بينما الثانية تجلَّت بها لهجة النصح و إبداء الرأي في خطأ العمل الذي يحتويه المقابل ...
لمعت حدقتي الشابة فرحاً بثمرة مقصدها : برافو عزيزتي ...
الخطاب و المبتغى قد اختلف و بأن لنا واضحا بعد وضع ما يوضح المقصد...
فكلا الجملتين ، قد نكتفي في الموقف بقول لا و ينتهي الأمر...
لكن ككاتب ، ذلك أكبر خطأ...
أتمت حروف الشرح و هي تكتب نقاطها الأساسية : ...في الكتابة ، القارئ لا بد أن يرى ...
الضمائر
- أنا-أنت- هو- هي- نحن- أنتم-أنتما-
التوضيح
-يتشعب منه :
المكان ، الزمان، الموقف، و ما يلازم قوة الحبكة عامة--
التفسير
- يحوي المشاعر و التفكير الباطني و الذكريات و أسلوب السرد الأدبي ..-
توقفت لدى نقطعها الأخيرة مديرة ظهرها لهم : الآن، سؤالي يحتاج جوابا مباشرا..ماهو الأسلوب الأدبي ؟!
" هو ما يجعل القصة و الرواية تظهر رونقها لتجذب القراء"
هذا كان جواب رالف المتحمس كعادته للأسئلة الصريحة و الأساسية ...
لكن ليفيان خيبته بالإيماء له أنه مخطئ ثم العودة للنظر لمجيبٍ آخر...
"هو ما يشمل القوة و عكس المشاعر ..."
صرحت بكلمة واحدة : خطأ ماري.
لم تطل المكث بعد هذا ..
بل أرادت إبداء الصواب و عدم تضييع لحظة أخرى من وقتها المخصص ...
لكنها تفاجأت بمخترق اللحظات الحاسمة ربما ناطقاً بجهورية واثقا من صحة ما يعرف: هو ما يشمل الأسس البلاغية و النحو و الصرف ...
كان ذاك أخيها ...
الذي قدم ما بذهنه طواعية و هذا أمرٌ نادر...
لكنها تركته بعد أن أشارت لصحة حديثه مرفقة بإبتسامةٍ أخوية
وعادت تكتب بالقلم اللمسي على اللوحة أمثلة موضحة أكثر الصور التي تكون على الأكمل و الأتم...
_ شد على أصابعه و هو يردد عدم قبوله بما يقال له من أمرٍ يعيق نجاحه : لا أريد، إنه مستقبلي أنا...
_كان الأب معارضاً لما يبديه ابنه من تصلب في الرأي على أمرٍ سيأخذه لقاع الخسران عكس ما يتوقع: لا ينبغي عليك فعل هذا بني، الرسم ليس إلا هواية لن تنفعك ...خذ سبيلاً يعين لحظاتك القادمة و يرفع شأنك.
هنا ، تبين التفسير الكامل ...
لـ -لا- ...
خرجت بعد ساعتان من العمل الذي انهكها و جعلها تمرر يدها على عروق عنقها المتشددة ...
حقا، هي تود ان تعرف سر تعرقها رغم عدم حركتها الكثيرة و الجواب كامن دون سؤال...
إنها ملابس الرياضة المغلقة هذه في حرارة ذلك الفصل ...
لاحظت ذاك المبتسم بوقار على بعد أمتار ، هي حقاً تشعر أنها طفلة عند النظر لرزانته التي طغت تصرفاته رغم أن خصلاته الكستنائية خير دليلٍ على أنه لا يكبرها بالكثير..و بالوقت نفسه تشعر بالحياة بتصرفاته الشبابية التي تظهر عليه فجأة و دون سابق إنذار..!
اقتربت منه مسدلة ذراعيها براحة منطلقة بمحادثةٍ لن تطول : لقد انتقمت بلطف هذه المرة.
قهقه قليلاً لما سمعه من هذه الشابة الشقية التي منذ أن وقع نظره عليها لم يعرف السكون جدران هذه الكلية بحق ثمَّ ربت على كتفها بكفه اليسرى نتيجة كونه أعسر : جيد ليفيان ، يجب أن تعلمينني كورساً في التعامل مع المشاغبين فأنت الأولى كالعادة ...
رفعت سبابتها دلالة النصر بحزم: بالتأكيد..
-الرجاء عدم الرد-
https://a.top4top.net/p_673x73kk2.jpg
|
|