منتدى وندر لاند

منتدى وندر لاند (https://woonder-land.com/vb/index.php)
-   روايات مكتملة. (https://woonder-land.com/vb/forumdisplay.php?f=64)
-   -   براعم زهرة الكرز.. الجزء الأول (https://woonder-land.com/vb/showthread.php?t=432)

آدِيت~Edith 03-14-2020 07:21 PM

براعم زهرة الكرز.. الجزء الأول
 


[CENTER][B][COLOR=red]



وأخيرا.. وبعد تفكير عميق..

قررت أن أعود لاكمال روايتي العزيزة على قلبي
بعد أن قاومت بشدة عدم تغيير أي شيء بها حتى تنسيقها
سيتم انزال الفصول حسب ظروفي حتى اكمل حيث وصلت
وأبدأ بتتمتها

أرجو أن تحوز رضاكم وأن ألقى مايسعد ويبهج من حضوركم المشرف





كنسمات الصيف العابرة ...

كذرات القطن التي تمطرها السماء أيام الشتاء ..

كأوراق الخريف الملونة الزاهية ..

وكبراعم زهرة الربيع ...

كانت همساتهم .. ضحكاتهم .. ودموعهم

امتزجت مشكلة سيمفونية الحياة

بكل عذوبتها وقسوتها وبكل ماحوته مكوناتها الفريدة

اجتمع قلبيها واختلط دمهما .. لتبدأ قصتهما معها

تتحدى عواصف الشتاء وهجير الصيف وسطوة الزمن القاسي

فهل سينصفهما القدر ؟.. أم أنه سيخوض بهما وبنا عباب البحر

لنحارب أمواجه كي نصل لشاطيء الحياة ..


اليابان | أوساكا | 15- 5 - 1433م



تراقصت تلك البتلات الزهرية في الهواء على أنغامها الجميلة

والتي امتزجت عذوبتها بمشاعر اختلجت روحها النقية الصافية

بينما كفها الناعمة تمسح على وليدها الذي لايزال يرقد في أحشائها ...

ذلك القرص المشع الذي تصدر السماء أطلق العنان لخيوطه الذهبية

لتنعكس على عينيها البندقيتين وتزيد من بريقهما الأخاذ

وخصلات شعرها الأبنوسي تتراقص مع تلك النسمات العليلة التي انبعثت في الأرجاء

مضيفة على ذلك الجمال سحراً جديداً ...

نطق ثغرها بينما عيناها تطوفان تلك البقعة الواسعة تملأها الحقول المتنوعة الأشكال والأحجام :

|| أترى حبيبي .. هناك يعمل والدك وجدك .. وجميع من في قريتنا الصغيرة

يعمل بجد ليحصد خيرات الربيع ..

حينما تكبر .. ستعمل معهم ايضاً .. أليس كذلك ؟ ||

رسمت ابتسامتها الجميلة على شفتيها بينما القت بصرها على جنينها

وأخذت تقص له حكاياها الجميلة كعادتها .. وتروي أمنياتها ...

في الجانب الآخر ... كانت عيناه ترقبانها وتلك الابتسامة السعيدة لاتفارقه

ناداه ذلك الرجل العجوز بنبرة متذمرة : عد الى عملك وكفاك لهواً


التفت له بفزع ليقول بسرعة : آه بأمرك

عاد يعمل بسرعة من جديد .. ورغم ذلك ..

لم يتمكن من منع عيناه من الالتفات لزوجته الحبيبة بين الحين والآخر ليطمئن عليها

بينما كانت النسوة تثرثرن كعادتهن بينما يعملن بأحاديث شتى

ألقت احداهن بصرها نحوه لتتنهد بيأس وتقول بابتسامة عريضة :

يبدو أنه سيُوبخ للمرة العاشرة هذا اليوم .. لاينفك عن التحديق بها


أجابتها أخرى بينما تحمل تلك السلة الكبيرة المليئة بحبات البطاطا الطازجة :

لا أعلم مالذي يخشاه وهي تجلس على مقربة منا .. وكأنما تحيط بها الوحوش

ضحكت كلتاهما لتعودا للعمل من جديد وهما تتسامران



لم تكن احداهن لتمل من الثرثرة وقد أصبح ذلكما المسكينان مصدرا لتسليتهن

هبت الريح قوية لوهلة .. وحركت معها اأغصان الشجر

واذا بتلك الزهور الربيعية الزاهية تتناثر عليها بصورة بديعة

رفعت رأسها لتنظر لها بابتسامة سعيدة وقد مدت يدها علها تلتقط شيئاً منها

توقفت الرياح تدريجياً وقد سكنت الأصوات في تلك الفترة القصيرة

ليعود الجميع لضجيجهم من جديد وأحاديثهم التي لاتنتهي

بينما كانت تحدق بيدها بدهشة أتبعتها بابتسامتها الجميلة

لتضع زهرتي الكرز اللتان سقطتا بكفها في منديلها بسرعة

خبئت المنديل بجيب ثوبها ونهضت بثقل وهي تستند للشجرة

نظرت ناحية الحقول من جديد وألقت ببصرها على زوجها الذي كان بدوره ينظر لها

لتتلاقى عينيهما وكل يبتسم للآخر بسعادة وكأنما يحكي له عن أحواله في تلك اللحظة

فجأة .. انقبضت أحشائها وأحست بالألم يمزقها

أغمضت عينيها بقوة بينما تضع يدها على بطنها ..

لتئن بعدها محاولة كتمان تلك الآلام المفاجئة التي اعترتها

بينما كان ينظر لها بتساؤل وقلق .. وماان رآها تجثو على الأرض حتى القى بما في يده

وأسرع نحوها تتبعه نظراتهم القلقة لتقول احدى النساء : مالذي يجري ؟


أجابتها أخرى ببرود : أظنها مُشرفة على الولادة ..

نظرت لها بدهشة وتساؤل وهي تقول : وهل أتمت شهور حملها ؟

التفتت لها الأخرى من جديد نظراتها المعتادة لتقول بعد صمت قصير : أظن ذلك

واذا بصوته يقاطعهما : ليساعدني أحدكم .. آريا تلد !!

نظرت كلتاهما له بدهشة لتسرعا بعدها مع البقية ليقدموا يد العون




صوت خطواته قطع ذلك الصمت الذي ساد الأجواء

والقلق يجتاح صدره كما السهام توشك ان تخترق قلبه

بينما كانت عيناه ترقبان ذلك الباب بين الفينة والأخرى

تنفس الصعداء محاولاً الهدوء دونما فائدة

فصوت صراخها وأنينها يضج مسامعه فتضطرب دقات قلبه أكثر فأكثر

ومع كل لحظة تمر عليه يزداد ذلك الشعور المختلط المشوش بداخله

مضت ساعات وهو على هذه الحال حتى جائه صوت ذلك العجوز

محاولاً محو بعضٍ من ذلك القلق والخوف الذي تملكه

- لاتقلق ستكون بخير .. ليست أول امرأة تلد


أجابه بقلق شديد : أعلم هذا لكنه ابننا الأول كما أن جسدها ضعيف .. قلق عليها .. أخشى ...

قطع حديثه صوت بكاء الطفل الذي بدا لهما جلياً من تلك الغرفة

التفت الى الباب بسرعة ودقات قلبه تتسارع كما لو كان يجري لأميال

فتح الباب ليحاول الدخول لولا تلك المرأة السمينة التي اوقفته معارضة

- ماذا تريد .. لم ينته الأمر بعد


قالتها بحدة مخيفة ليقول لها معارضاً باستياء :

ماذا تقصدين لقد أنجبت ابني وأنا زوجها وأريد الاطمئنان عليها لايمكنكِ منعي

أجابته ببرود ونظراتٍ شرسة : لن تفعل فلم ينته الأمر بعد هيا اخرج اخرج

واخرجته لتغلق الباب خلفه بينما كان ينظر باستياء شديد

- هذا ليس عدلاً أنا زوجها .. لا يحق لهذه الشمطاء منعي

ربت العجوز على كتفه مواسياً ليستمر انتظارهما فترة أخرى بقي فيها بحال أشد مما مضى

فالحيرة التي اعترته والهواجس التي انتابته أرهقت قلبه وعقله

ليسمع صوت بكاء طفل من جديد ..

نظر بدهشة للغرفة دون ان يعي مايحدث ..وماهي الا لحيظات حتى خرجت تلك السيدة من جديد وهي تقول بانتصار : الآن بامكانك الدخول


أسرع نحو الغرفة دونما تفكير ليدخلها بلهفة

رمقته بنظراتها المتعبة ووجهها الشاحب بينما تزين شفتيها ابتسامتها الجميلة

وقد احتضنت رضيعتيها بحنان تسندها احدى السيدات معينة لها على الجلوس

اقترب والذهول يغلف تعابيره الهادئة ليقول دونما وعي : طفلان ؟!!

اومأت له بالايجاب ولما تزال تبتسم بسعادة رغم إعيائها لتقول بصوت متعب :

||فتاتان جميلتان ||


أجابها ولا يزال على حاله تلك : فتا..تان ؟!!

أومأت له بالايجاب مجددأ بسرور

كرر سؤاله من جديد عدة مرات ليبتسم بعدها بسعادة غامرة ويجلس أمامها وهو يتأملهما

ويقول بحب وحنان : مرحباً بكما .. مرحباً طفلتاي .. آريا أصبح لدينا ابنتان في مرة واحدة

ضحكت بلطف على مظهره الطفولي لتستلقي بعدها بتعب بمعونة من تلك السيدة

بينما أخذت أخرى الطفلتين ليقوموا بتجهيزهما وتحميمهما وعيناه لاتزالان ترقبهما بسرور

نظر بعدها لزوجته ليقول بحب وحنان بينما يمسك كفها :

- شكراً لكِ آريا .. قمتِ بعمل عظيم حقاً .. حمداً لله على سلامتكِ


نظرت له بذبول وابتسامة ممتنة بينما تغمض عينيها تدريجياً

لتغفو سريعاً وقد غلف الارهاق ملامح وجهها الجميل

غطاها جيداً ليقبل بعدها جبينها ويتأملها بارتياح ....


مرحباً بكل زوار روايتي الثانية او لنقل قصتي الجديدة ^^

أتمنى أن تحظى البداية على اعجابكم

وبالطبع أرحب بكل آرائكم - انتقاداتكم - ملاحظاتكم - توقعاتكم

وسأكون سعيدة وممتنة لردودكم المشجعة وانتقاداتكم البناءة

وأعتذر لعدم ترحيبي بالردود السطحية فلكم عانيت منها

وأنا كأيٍ منكم لاأزال مبتدئة وبحاجة للنصح واللإفادة

فحتماً لاأريد لأخطائي السابقة أن تتكرر

ففي روايتي الأولى لم اتطور الا في فصول متأخرة

لأن لاأحد وجهني الا متأخراً جداً

في النهاية اعتذر لثرثرتي فلن اكون أنا مالم أثرثر

خالص تحياااتي ^^


آدِيت~Edith 03-14-2020 07:31 PM

EDITH;5509683]


https://www5.0zz0.com/2012/12/09/14/805236104.png


باسمكِ اسميتهما

فهما زهرتاي الربيعيتان اللتان عطرتا وجودي وكياني

هما قطرتا الندى التي بللت فؤادي ووهبته حياة جديدة

هانا .. هارو .. زهرة الربيع

بل واندى الزهور ... أحبكما ياأجمل هدية منحتني السماء اياها


https://www5.0zz0.com/2012/12/09/14/894428845.png

صفحات ذلك الدفتر الزهري كانت تقلبها أناملها النحيلة البيضاء

بينما علت الابتسامة وجهها وهي تقلب ناظريها بين تلك السطور

" كانت أياماً جميلة بالفعل .. "

قالت ذلك واسندت رأسها لشجرة الأرز الضخمة معلية طرفها ليقابل عذوبة النسيم الذي حفها

واهزوجة الصيف تعزفها الشمس الدافئة للقرية الصغيرة

أغمضت جفنيها الحالمين لتبحر في أحلامها الوردية

وفي ذكرياتها التي لن تمحى أبداً من ذاكرتها


https://www5.0zz0.com/2012/12/09/14/142846841.png

أوساكا | 1435م

ريشة طائرنا تتراقص
وتغني الــــــحان الصيف
نامي بسلام يامـــــاما
ولتحلمي بهدايا الطيف


كانت تغني بصوتها الدافيء الحنون وهي تمسح على شعر تلك الطفلة الجميلة

والتي غفت في حجرها ببراءة ..

تأملتها بحب وقبلت جبينها ثم وضعتها على الفراش وغطتها بذلك الغطاء الدافيء

واذا بشخص يجلس بجانبها بسرعة مما افزعها فالتفتت باستياء

- عزيزي كدت توقظها .. افزعتني بحق

تجاهلها بينما كان يتأمل الطفلة وهو يحتضن الاخرى ليقول بتعجب :

ياااه اني محق حتى لونهما مختلف .. أي توأمٍ هذا ؟

نظرت له آرياكو بتساؤل : ماذا تقصد ؟ الا زلت تبحث عن الفرق بينهما ؟

اومأ لها بالايجاب بفخر وتربع واضعاً طفلته على فخده


بينما كانت الاخيرة تعبث بالقلم الذي علقه والدها بجيب قميصه


- انهما حقاً مختلفتان .. بل انني اكتشف كل يومٍ اختلافاً جديداً بينهما ..

انظري هانا تشبهكِ كثيراً بلون شعرها الحريري الداكن وبشرتها الناصعة البياض


وكذا لون عينيها البندقي .. وبهدوئها كذلك وطباعها المملة


قاطعته باستياء : اتقصد اني مملة ؟ !

اجابها ببرود : اممم اجل .. بينما حبيبتي الجميلة هارو

وضمها اليه بسعادة ليكمل : تشبهني كثيراً .. شعرها وان لم يكن حريرياً جداً كشقيقتها

الا ان لونه ساحر جذاب كلون شعري وعيناها ورغم انهما لاتشبها عيناي

الا انهما اقرب مني لكِ كما انهما اكثر اشراقاً وبهجة مثلي تماماً ..


نظرت له آرياكو بتذمر ثم نهضت وحملت سلة الملابس وخرجت من الغرفة

نظر لها مستدركاً ثم تبعها بسرعة بعد ان وضع هارو على الارض

وكانت قد امسكت بالقلم بسرعة قبل ان يقع .. تنهدت بارتياح وعادت تعبث به


- آه عزيزتي لم اقصد السوء صدقيني لاتغضبي ارجوكِ .. هيا ياكو الجميلة

اوه انظري زهرة بيضاء انها لكِ تفضلي ياحلوة ..

كانت تلك محاولاته الفاشلة لارضاءها بينما كانت قد التزمت الصمت قاطبة حاجبيها

أما في الغرفة فكانت تلك الصغيرة الشقية ترسم على الأرض بذلك القلم الأحمر


والابتسامة السعيدة شقت طريقها لثغرها ..


اخذت تزحف وهي تكمل الرسم وتدندن بلحن طفولي


حتى وصلت لشقيقتها التي كانت تنام بعمق


نظرت لها ملياً ثم ابتسمت ابتسامة عريضة وبدأت ترسم على جبينها ببراءة


https://www5.0zz0.com/2012/12/09/14/894428845.png

التفتت له باستياء وتذمر : ارحل ايها المتعجرف لاتحدثني ..

طالما انا لااعجبك أيها البريطاني فلما تزوجتني ؟!


اخذ يحك مؤخرة عنقه بتوتر ثم تبعها بينما كانت تعود للداخل بعد ان علقت الملابس لتجف على حبل الغسيل

- اميرتي حبيبتي الجميلة اقسم اني لم اقصد هذا .. مابكِ لما لاتحبين المزاح ..

صدقيني أنا متيم بكِ والا لما قد اتزوجك ها ؟

كنت امازحكِ .. أبداً لم اقصد اني افضل منكِ لست جميلاً البتة

كيف اكون جميلاً أمام سموكِ ايتها الساحرة المتألقة الـ...


قاطعتها بنظراتها الغاضبة المتذمرة : كفى كفى ايها الرجل السيء اغرب عن وجهي لااريد الحديث معك ..

دخلت الغرفة واغلقت الباب بانزعاج بينما تنهد بثقل :

تباً ياللساني المتمرد لما قلت هذا أمامها .. آه ياكو لن تنسى هذا أبداً هفف

واذا بصوتها يعلو وهي تصرخ على احدهم داخل الغرفة
ممتزجاً ببكاء الطفلة المسكينة ..

نظر بدهشة وتساؤل ثم اسرع نحو الغرفة ودخلها ليرى ذلك المنظر المضحك

ويغرق في نوبة من الضحك لم يوقفها سوى صوت آرياكو الغاضب

- بدلاً من الضحك خذ ابنتك من هنا افزعت المسكينة .. انظر ماذا فعلت ..

يالها من شقية متوحشة كوالدها تماماً ..


- حاضر حاضر تعالي حبيبتي الصغيرة

حمل هارو التي كانت تنظر لهم ببراءة كأن لم تفعل شيئاً وخرج بها بسرعة من الغرفة

بينما كانت المسكينة هانا تبكي وقد اخفت ملامحها الجميلة تلك الخربشات الطفولية الحمراء على وجهها

حملتها آرياكو لتبدأ بتحمميها وغسل وجهها الذي لم يزل ذلك الحبر الرديء عنه بسهولة

https://www5.0zz0.com/2012/12/09/14/894428845.png

حل المساء واجتمعت العائلة حول المائدة الأرضية الخشبية

وبدأوا بتناول العشاء والذي كان ارزاً مع الحساء

مدت يدها لتأخذ تلك القطعة الشهية من البطاطا من حساء شقيقتها

واذا بيد تضرب يدها وتبعدها ..

- هذا معيب لديكِ طبقكِ فلا تقربي طبق شقيقتك ..

هارو ببراءة وهي تمسح على يدها : ماما انا دائعة ( جائعة )

- وان يكن ؟.. شقيقتكِ أيضاً جائعة لايحق لكِ سرقة طعامها

تنهد باستياء وهو يضع طبقه على الطاولة ويقول محذراً : آريا .!

نظرت له ببرود لتكمل بعدها طعامها وتطعم معها هانا التي كانت تأكل بكل هدوء وهي تنظر لهم بتعجب بريء

حمل فلورانس هارو ليضعها بحجره ويبدأ باطعامها بحنان بينما يقول بهدوء :

لايجب ان تعاملي الطفلة بقسوة .. كما لاتنطقي هذه الكلمات الغبية أمامها ..

كيف ستعي طفلة مثلها السرقة ؟! كانت جائعة وحسب ..

عليكِ ايضاح الأمر لها برفق وحب وحنان .. كما اعتدت منكِ عزيزتي ..

لما اصبحتِ قاسية في الآونة الأخيرة ؟


نكست أرياكو طرفها بصمت .. فقد كانت تدرك ان مايقوله هو الصواب انما لم تملك الاجابة لسؤاله ذاك ..

اكتفت بالصمت وأكملت اطعام ابنتها حتى اذا ماانهوا العشاء بدأت بغسل الصحون بشرود

بينما كان فلورانس يلاعب طفلتيه بسعادة ومرح ..

نظرت نحوهما بحزن ثم عادت تكمل عملها والتساؤلات تحوم بذهنها وتسيطر عليه

بينما كلماته تتردد بلبها وتعصف به بقسوة

" أنا أم أنت ؟.. من منا بات يقسو على الآخر ..

مذ خرجتا لهذا العالم وأنت لاتلتفت لي حتى ..

أصبحت مجرد خادمة لديك ولدى ابنتيك ..

لم أعد أعجبك ولم تعد تطربني كالسابق بكلماتك الجميلة المحبة ..

ليت بامكاني قول هذا لك ..

ليت بامكاني ان اشكوك لنفسك علك تشعر بما اكتنزه من ألم بداخلي "


كادت تلك الدمعة الساخنة التي احتجزتها مقلتيها ان تفر منهما

لولا ان تنفست بعمق محاولة التماسك أكثر ..

شعرت به يقف بجوارها فأطرقت طرفها بسرعة نحو الصحون

وعاودت غسيلها مدعية اللامبالاة ..

بينما اخذ الصحن منها وبدأ بغسل الصحون معها .. ليهمس بعد فترة من الصمت :

ماخطبكِ ؟.. لازلتِ غاضبة مما قلته اليوم ؟

أومأت له بالنفي بينما خنقتها دموعها وهي تحاول جاهدة السيطرة عليها

شعر بذلك الثقل الذي يجتاحها لكنه لم يستطع الحديث أو المحاولة أكثر

فهو الآخر بات يشعر بصعوبة في التواصل معها .. ليس يعلم مالسبب ..

لذا اكتفى بالصمت حتى انهيا العمل وتوجهت هي لطفلتيها لتغير ملابسهما

وتعدهما للنوم بينما توجه هو للخارج ليتفقد المنزل قبل النوم

https://www5.0zz0.com/2012/12/09/14/894428845.png

- أنب ( أرنب )

- لا هذا دب


- بل انب


- دب


- انا اقول انب


- وانا اقول دب


نظرت كل منهما للاخرى بانزعاج وتحدٍ لتسرعا بعدها لوالدتهما

التي كانت تقشر البطاطا بهدوء وهي تجلس بجانب الباب المطل على الحديقة الخارجية

هارو : ماما ماما هذا دب ام انب ؟

اجابتها بشرود دون ان تنظر : لاأعلم اسألي والدكِ

نفخت هارو خديها بتذمر ثم قالت ببراءة : بابا أيس هنا ( ليس )

تنهدت آرياكو بانزعاج وهي تنظر لها : انه ارنب حسناً ؟ هيا اذهبا للعب بعيداً

هانا بسعادة : انب انب انا فزت

هارو : لا ماما تفهم لا انه دب

نظرت لها آرياكو بغضب : مالذي قلته للتو ؟ طال لسانكِ كثيراً بسبب دلال والدكِ

نظرت هارو لأمها ببراءة ثم اخرجت لسانها ونظرت له حتى احولت عيناها ثم قالت بتلعثم : إساني أيس طويل ( ليس )


تراجعت هانا بسرعة خوفاً من غضب والدتها التي همت بضرب هارووتأديبها

لولا ان ناداها صوته بغضب وقلق : آريا توقفي


اسرع وضم ابنته ونظر لها باستياء : هذه الحال لاتطاق .. كيف تسول لكِ نفسكِ ضرب طفلة صغيرة ؟

نظرت له بانزعاج وقالت بصوتها المخنوق : لاتشجعها على التمرد علي

اجابها بهدوء محاولاً تمالك غضبه : افهميني عزيزتي انها مجرد طفلة

اطرقت بطرفها وعادت تعمل وقلبها يعتصر حزناً وألماً وفراغاً لايمكن لشيء ان يملأه

واذا بها تجرح اصبعها .. تقاطرت دمائها الحمراء مع دموعها التي انهمرت مستسلمة على خديها

اسرع ليجلس بجانبها ويمسك بيدها بقلق : آه عزيزتي اانتِ بخير .. انتظري سأحضر الضمادة بسرعة ..

نهض مسرعاً ليحضر معدات العلاج البسيطة التي يملكها ليعود بجانبها ويبدأ بتضميد جرحها

بينما الطفلتان تراقبان ذلك ببراءة وخوف ..

قبل ظاهر كفها بحنان ماان انتهى ثم مسح على شعرها وهويقول مطمئناً : كل شيء بخير الآن ..

سامحيني آريا لم اقصد ازعاجكِ حقاً .. كنت سيئاً حينما قلت ماقلته بالأمس ..

ثقي انني احبكِ كثيراً .. كيف لا وانتِ من زينت حياتي ولونتها بأجمل الألوان ..

حبيبتي .. اغفري لزوجكِ الأبله .. رجاءاً ..


اومأت له بالنفي بخجل ومسحت دموعها : لست .. غاضبة

- بلا بلا اعلم انكِ غاضبة ياكو المدللة .. حسناً سأخرج معكم اليوم لنزهة جميلة ..

من أجل ماما الرائعة ..

آه حقاً هارو حبيبتي الحلوة هيا اعتذري من ماما ولاتتحدثي معها بطريقة سيئة مجدداً ..


هارو ببراءة : لم افعل

نظر لها والدها منبهاً ومحذراً فقالت بعد لحظة صمت وتفكير : حادر بابا .. آثفة ماما

ابتسمت آرياكو بحنان وضمتها لأحضانها ومسحت على شعرها بلطف

- حبيبتي الصغيرة .. وأنا اعتذر لأني صرخت بوجه طفلتي الجميلة

اجابتها الطفلة ببراءة ومرح : ماما ثامحتكِ

ابتسمت آريا ضاحكة وعانقتها بحب وهي تتأمل فلورانس الذي ابتسم بسعادة غامرة

انضمت لهم هانا بغيرة وعانقت ذراع والدتها .. فتعالت ضحكاتهم الجميلة السعيدة

لتملأ أرجاء ذلك المنزل الدافيء

فهل ستدوم سعادتهم تلك للأبد ؟

هنا ينتهي البارت

أرجو ان يكون قد حاز على رضاكم

من هنا سنبدأ بالواجب فاستعدوا

https://www5.0zz0.com/2012/12/09/14/639038834.png

- أريد رأيكم الصريح بالبارت + انتقادت + نصائح

- مين حبيتوا من الشخصيات وبالتحديد الطفلتين هع

طلعت من العربية الفصحى

وو كنت بزيد اسئلة بس راسي يدووووووووور

بكتفي بهذا القدر

https://www5.0zz0.com/2012/12/09/14/593151559.png
منزلي الصغير الدافيء

احتوى مشاعرنا وسعادتنا وشهد لحظاتنا كلها

ضحكاتنا ودموعنا .. فما تراه سيشهد ايضاً

وماتراه القدر يخفي لنا ؟!







آدِيت~Edith 03-14-2020 07:48 PM

EDITH;5530329]
https://www9.0zz0.com/2012/12/16/13/308067811.png






https://www9.0zz0.com/2012/12/16/13/127573841.png

أعيننا البريئة .. كانت تراها لعباً تحلق كما الطيور

وأعينهم .. كانت تراها وحوشاً توشك ان تلتهمنا نيرانها

فأينا على حق

وهل سيرحم الدهر طفولتنا ؟!



https://www9.0zz0.com/2012/12/16/13/446741518.png


توقفت عينيها على تلك السطور المعتمة

لاتزال تلك ذكرياتها .. لكن أي شبح مظلم أعتمها وأخفى ضيائها

وأي غادر ذاك الذي انتشل سعادتهم وسرق بسماتهم

اغلقت ذلك الدفتر الذي احتوى ذكرياتها

وأبحرت مجدداً في عميق ماضيها

وعيناها تجوبان تلك البقعة التي كانت في يومٍ ما

مزهرة يانعة خضراء

ولكن .. ماحالها اليوم ؟!

https://www9.0zz0.com/2012/12/16/13/312713328.png


أوساكا | 1438م



- Hi

- آي

- لا لا هكذا Hi

اجابته بكل براءة وهي تلعب بدميتها : آآآي

أومأ لها بالنفي ثم قال وهو يوجهها اليه :

انظري لي كيف أنطقها .. حسناً ؟ هكذا H..i

نظرت له وهي تحرك شفتيها كما يفعل ثم قالت ببرائتها المعهودة : آ..ي

تنهد بيأس ثم قال باصرار وهو يعتدل بجلوسه أمامها :

انظري صغيرتي سننتقل لكلمة أخرى قولي Hello

أخذت الفرشاة وبدأت بتسريح شعر دميتها وهي تقول بلا مبالاة : آلو

رمى نفسه للخلف بضجر ويأس : استسلم .. ماقصتها مع هذا الحرف اليوم ؟!

ضحكت آرياكو بلطف ثم اقتربت منهم ووضعت الطبق أمامهم وكان به حلوى الأرز الشهية

اسرعت الطفلتان لأخذ نصيبهما بسرعة وبدأتا تناولها بسعادة

هارو بمرح : بابا بابا انت قلت ان انا ذهبت المدرسة ستعطيني هدية صحيح ؟

اومأ لها بالايجاب وهو يعتدل جالساً : بكل تأكيد حلوتي الصغيرة

ابتسم بحب وحنان وهو يراقبها تثرثر وتحكي كل ماتشاهده وتراه

حتى وان كان بسيطاً لايستحق الذكر .. بينما هانا تتأمل والدها ببراءة

التفت لها بتساؤل : مالخطب صغيرتي ؟ اتريدين شيئاً ما ؟

ابتسمت ابتسامة عريضة واقتربت منه لتقول بدلال : بابا علمني مثل هارو

شد خدها بلطف وهو يقول :

هانا الغيور .. حسناً انما غداً أنا متعب الآن وسأخلد للنوم .. ليلة سعيدة أحبائي ..

هارو بمرح : ليلة سعيدة بابا الرائع

ابتسم بسرور وقبل خديها ثم بعثر شعر هانا وتوجه لغرفته تتبعه آرياكو

بينما كانت هانا تنظر له بحزن ..

اقتربت بعدها من المائدة وتركت قطعة الحلوى وهي تقول :

يجب ان لانأكل الحلوى قبل النوم

هارو : اجل لاتأكليها ذهبي للنوم أنا سأتناولها جميعها

نظرت لها بدهشة ثم نهضت وتوجهت للحمام لتغسل أسنانها وهي تفكر

https://www9.0zz0.com/2012/12/16/13/312713328.png

في الغرفة جلست آرياكو بعد ان جهزت فراش زوجها

وانتظرته حتى استتم اموره وجلس على الفراش ليستعد للنوم .. قالت بعد تردد :

عزيزي .. هل لي أن اتحدث معك قليلاً ؟

نظر لها بتساؤل وقال بينما يرتدي جواربه : مالخطب ؟

- الحقيقة .. كنت أريد سؤالك عن .. أجرك .. متى ستتلقاه ؟

نظر لها بدهشة ثم قال بهدوء : غداً .. لما ؟

ابتسمت باستبشار ثم قالت بسرعة : هذا جيد جداً

اردفت بابتسامة لطيفة :

اعتذر لأني أثقل كاهلك ولكن الفتاتان اكملتا الخامسة ..

ويجب ان نضمهما لمدرسة القرية .. ومابقي لدي من مال لن يكفي لذلك ..

وأعلم انك تعاني من ضائقة مالية لذلك لم ارغب بسؤالك من قبل .. لكن ..

لايمكنهما التأخر عن البقية أكثر .. سامحني ارجوك ..

قطب حاجبيه وقال باستياء :

مالذي تقولينه آريا .. !!

منذ متى وأنا أعتمد على امرأة في ادارة شؤون منزلي المادية ..

دعي الأمر لي ولاتنفقي قطعة واحدة من مالكِ ..

احتفظي به فحتماً ستحتاجيه في المستقبل ..

كما اني كنت احضر لهذا لذا لاتقلقي بشأن أي شيء..

ابتسمت بسعادة وامتنان : شكراً لك عزيزي .. أنت الأفضل حقاً .. محظوظة بك

ابتسم ضاحكاً واستلقى على الفراش وهو يقول بنعاس :

أعلم أعلم أنا الأفضل والأروع .. ليلة سعيدة زوجتي العزيزة ..

قالها وأغمض عينيه وسرعان مااستسلم للنوم بتعب .. ابتسمت بحنان وغطته جيداً

ثم خرجت لابنتيها لترى هارو تجلس بمفردها وهي تلتهم حلوى الأرز بشراهة

- آآه هارو !! يالكِ من طفلة نهمة

جلست بجانبها وأخذت الطبق الذي أصبح فارغاً لتغسله وهي تقول باستياء :

كيف لكِ ان تأكليها جميعها .. هذا ليس جيداً البتة ايتها الشقية .. يجب ان تهتمي بصحتكِ أكثر

ارتمت هارو على الارض وهي تقول بينما تحرك ساقيها في الهواء وتتدحرج على الأرض بمرح : أنا قوية ماما لن يحدث لي أي شيء صدقيني

استلقت على بطنها وهي تنظر لأمها وتسند وجهها لكفيها

انهت آرياكو عملها وجلست بجانب ابنتها بهدوء : أولاً لاتتصرفي كالفتية .. ولاتستلقي على الأرض هكذا كي لاتتسخ ملابسكِ ..

قاطعتها هارو ببرود : لكنها نظيفة ماما كيف ستوسخ ملابسي ؟

تنهدت آرياكو محاولة استجماع صبرها : هارو كفي عن هذا الآن واطيعيني .. كما انه موعد النوم هيا غيري ملابسكِ واغسلي اسنانكِ واخلدي للنوم

هارو بتململ : حاااضر

نهضت وتوجهت للغرفة بينما تنهدت آرياكو بعمق : ياالهي الرحمة .. هذه الطفلة الشقية ستقتلني يوماً ما بتصرفاتها اللامبالية

https://www9.0zz0.com/2012/12/16/13/312713328.png

حل الصباح وأشرقت الشمس الذهبية ناثرة ضيائها اللامتناهي لأفئدتهم

لكن دفئها لم يتمكن منن التغلب على تلك النسمات الباردة التي غلفت الأرجاء

وتلك الوريقات الملونة تناثرت وتراقصت مع الرياح بعد أن عصفت بها الرياح القوية

خرج من المنزل ممسكاً بتلكما اليدين الصغيرتين الدافئتين

وكل منهم يودع آرياكو التي شيعتهم الى الباب بابتسامتها المحبة الحانية

انحنى بعد ان سار خطواتٍ قليلة ليرتب وشاح كلٍ منهما ويدفئهما ثم نهض وأمسك يديهما من جديد

بينما كانت كل واحدة تسير معه بثقل اعياهما بسبب تلك الملابس الدافئة الثقيلة

واذا بصوت يدوي في الأرجاء ترتعش لوطئته الأفئدة

رمق السماء بطرفه ليرى تلك الطائرات الضخمة التي شقت عرض الفضاء

بينما صرخت الطفلتين بسعادة وهما تشيران لها : طائرة طائرة .. طائرة حربية

واخذتا تغنيا وهما تسرعان محاولتان اللحاق بتلك الطائرات وهما ترددان :

طائرة حربية طائرة طائرة حربية ..

استفاق من كوابيسه التي اعادت له للحيظات ذكريات لايمكن نسيانها

فهرع مسرعاً لابنتيه ليحتضنهما ويحملهما معهاً ويتوجه مسرعاً لمنزله

دخله واحكم اغلاق الباب بعد ان انزلهما وكلتاهما تحدق به بدهشة

بينما توجهت لهم آرياكو ماان سمعت تلك الضجة لتخرج حاملة المغرفة وهي تقول بتعجب :

مالخطب أرى انكم عدتم سريعاً ؟

التفت لها بصمت وتعابير وجهه الغامضة تخفي الكثير

توجه للداخل وهو يجر ابنتيه خلفه بينما هارو تقول بشقاوتها المعتادة : اريد ان ارى الطائرة بابا

نظر لها بحدة وحزم لأول مرة ليقول بنبرة محذرة مخيفة : لن يخرج أحد من المنزل.. واضح !!

وكالعادة لم تكن لتبالي لنظراته تلك رغم انها أربكتها لوهلة لتقول بعدها بالحاح :

بابا أريد ان ارى الطائرات ارجوك .. بابا .. بابااااا

لم يكن يبالي بالحاحها بل دخل الغرفة وجلس ووضعهما بحجره وضمهما بصمت

وكأنما يريد حمايتهما من ذكرياته التعيسة المخيفة ومن ذلك العالم الذي يخفي الكثير لهم

بينما آرياكو تتأمله بدهشة وقلق لكنها آثرت الصمت بعدما ادركت ماارق هدوئه وعكر سعادته

https://www9.0zz0.com/2012/12/16/13/312713328.png

مضى بعض الوقت وهو لايزال على تلك الحال حتى ملت الطفلتين ذلك

انما لم تتحرك احداهما خشية غضبه ..

دخلت آرياكو وقدمت لهم بعض الكستناء المشوي وهي تقول بابتسامة لطيفة :

احبائي مارأيكم ان نتناول الكستناء الساخن ليمنحنا بعض الدفء

صرخت الطفلتان بسعادة : ماما نحبك

اسرعتا نحوها وعانقتاها ثم جلستا بجانبها منتظرتان ان تقشرها لهم وتطعمهما

بينما ابتسمت بسعادة وقبلت خديهما وبدأت تقشيرها

وعينا فلورانس تراقبهما بينما لايزال بصمته

نظرت له آرياكو لتقول بحنان وهي تمد له حبة كستناءٍ مقشرة :

كل هذه عزيزي .. ولاتقلق .. سيكون كل شيء بخير

نظر لها ملياً ثم أخذها منها وتناولها بهدوء

ابتسمت برضاً وتابعت اطعامهم بسعادة

https://www9.0zz0.com/2012/12/16/13/312713328.png

تلك الحقول التي امتدت عبر مرأى البصر تحولت الوانها

واختفى رونقها رغم تلك الوريقات الملونة التي غطتها

سار نحو ذلك الرجل الذي اصطف العاملين في الحقل لتلقي اجورهم منه

وقف بانتظار دوره مترقباً وهو يتذكر ماخطط لشرائه ويفكر بعائلته وكيف ستستقبل تلك المفاجئة

حان دوره فوقف قبالة ذلك الرجل الياباني ذو الجسد النحيف والعينين الضيقتين أصلع الرأس

ابتسم فلورنس وهو ينظر له منتظراً أجره ... الا انه كان ينظر له بحدة وصرامة

تلاشت ابتسامته ونظر له بتساؤل وحيرة بينما نطق الرجل أخيراً بنبرة جافة :

خذ .. هذا اجرك ..

اخذ فلورنس تلك القطع النقدية القليلة ونظر لها بدهشة ثم قال بحيرة : فقط ؟! لكن لما ؟

اجابه بنبرته القاسية ذاتها :

الوضع يسوء في اليابان كما ترى والحالة المادية من سيء لأسوأ ..

وبالطبع لايمكن أن يكون أجر ابناء الوطن كغيرهم .. أم أنا مخطأ ؟

اتسعت عينا فلورنس بدهشة وانعقد لسانه ..

بينما تراجع ذلك الرجل ليعود ادراجه لرفاقه

واذا بأحدهم يهمس له بعد ان وقف بجواره :

أمثالهم يستحقون ان ينزل العذاب عليهم

نظر له بدهشة وتساؤل .. وكان احد زملائه من العاملين .. صيني المنشأ

ذو عينين ضيقتين جداً ووجه سمين نوعاً ما وشعر حريري أسود باهت

وملابس مهترئة قديمة كساها الغبار لوناً جديداً

- مالذي تقصده بما تقول ؟

كان ذاك ماقاله فلورنس وقد عصفت به رياح الحيرة وجعلته اسيرها

ليجيبه ذلك الغريب بنبرة متوعدة بينما عيناه تحملقان برئيسهم الذي جلس ينعم مع رفاقه بدافيء الشراب ولذيذ الطعام :


- لقد جعلوا منا اضحية يغتدون بافتراسها ..

لايهمه مقدار ماسيحل علينا من ألم ومعاناة ..

المهم هو اشباع بطونهم التي لاتشبع وارضاء قلوبهم الحاقدة

نظر له فلورنس ملياً ثم التفت الى حيث ينظر وهو يقول : لكن..

قاطعه وهو ينظر له بجدية :

اتقصد ان تبحث عن اعذارٍ لهم .. صدقني .. لقد بتنا كلينا على القارب ذاته ..

وغداً نمسي في اللحود تبكينا أهلنا وعيالنا

اردف وهو ينظر للسماء التي لوثها منظر تلك الطائرة التي ماانفكت تعصف الأجواء بصوتها المدوي منذ الصباح :

- انها متهجة لموطني .. لتقتل ابناء أرضي وشعبي ..

لتحرقهم وتسلبهم وتهدم منازلهم فوق رؤوسهم ..

وتعصف بأبنائهم فتتركهم رهناً للموت

ازدرى فلورنس ريقه وهو ينظر للسماء تصرعه تلك الذكريات القاتلة

ليقول باستسلام لكلمات رفيقه : ومالعمل ؟

ابتسم الآخر وهو يقول وعيناه تتقدان شراً وحقداً : نُحرقهم ونلتهمهم قبل ان يلتهمونا

https://www9.0zz0.com/2012/12/16/13/312713328.png

تلك الأضواء الحمراء اتقدت في عينيه وهو يتأمل الشرارات المتطايرة في الأجواء

وصراخ الناس قد على وكل يحاول اخماد تلك النيران المشتعلة في المخزن تفتك بكل شيء دونما رحمة

قبض على يده بقوة ودقات قلبه تتسارع بجنون ..

كيف لا .. وقد شهد لأول مرة كل تفاصيل تلك الحادثة المؤلمة .. لكنه لم يحرك ساكناً

بل كان طرفاً في تلك المعادلة الجائرة ...

وقف بجانبه وهو يبتسم بنصر وكأنما شفى غليل صدره قليلاً

- انظر فلورنس .. هاقد حققنا النصر .. سنرى مايمكنهم عمله الآن .. وسنرى من سينتصر في النهاية ..

انتهـــــــــــــــــى

https://www9.0zz0.com/2012/12/16/13/312713328.png




https://www9.0zz0.com/2012/12/16/13/513548960.png




https://www9.0zz0.com/2012/12/16/13/918809912.png

للحظات أتمنى أن اعود طفلة

لكي أرى الأشياء بعيني البريئة

وأعيش عالمي المميز الجميل الخالي من الأحقاد والظلم

لكن الحياة تجبرك على خوض تلك المتاهات المخيفة

وتحول بقسوتها الأطفال الى كهل

فكيف سنجتاز مغاراتها ؟

وسيظل السؤال ... هل ستنجو طفولتنا ؟

آدِيت~Edith 03-14-2020 08:37 PM

EDITH;5608618][ALIGN=CENTER]
https://www5.0zz0.com/2013/01/06/16/100802055.png

https://www5.0zz0.com/2013/01/06/16/963084599.png

أحياناً .. ومهما كان الدفء الذي يحيط بنا

فهو لايستطيع ان يذيب الجليد الذي يغلف قلوبنا

جليدٌ كونته حبات الثلج مع مرور السنين كلما واجهتنا المصاعب

https://www8.0zz0.com/2013/01/06/16/871484172.png


هذا الجليد ذاته هو ماتربع عرش قلبها ليتملكها

فلم تعد تستطيع الشعور بالدفء مهما كان مقدار دفء تلك الأشعة

والتي تسللت من النافذة معانقة اياها


وضعت يديها على عجلات كرسيها لتحركه نحو النافذة

لتتأمل الخارج مبحرة بذكرياتٍ أعادها الحاضر لها


لتصارع آلاماً لايمكنها تخطيها .. فيصبح الأمل الذي انتزعه القدر منها ..

مجرد آلام متواصلة تحتجز أنفاسها شيئاً فشيئاً


حركت عينيها في تلك الغرفة علها تجد مايخفف من وطئة تلك المشاعر القاتلة التي اجتاحتها

حتى وقع طرفها على سلة ملئت بأدوات الخياطة على طاولة خشبية قديمة

اتجهت نحوها وكفاها المتعبتان تحركان ذلك المقعد الذي احتجز حريتها

حتى اذا ماوصلت مدت يدها لتلتقط المقص ذو المقبض الأسود بلون شعرها

بسرعة حركت أناملها متخللة خصلات شعرها الذي تخطى كتفيها

لترسم نصف ابتسامة على شفتيها سرعان مااتسعت وهي تقص شعرها

وسرعان ماتناثرت تلك الخصلاتٍ الحريرية على الأرض الخشبية وعلى حجرها


اختفت تلك الابتسامة تدريجياً بعدما أنزلت يدها وقد تخلصت من جزءٍ كبير من شعرها الجميل

لتتحول لشهقات حزينة وقد انسابت دموعها من مقلتيها

القت بالمقص على الأرض بقوة وضربت فخديها بقبضتيها وهي تصرخ بألم :

كل هذا كان بسببك .. بسببك أنت .. أكرهك .. أكرهك ولن أسامحك طوال حياتي


عادت للبكاء بصوت مرتفع وهي تصرخ بتلك الكلمات ..

وسرعان مافُتح الباب ليدخل ذلك العجوز ويتوجه نحوها بقلق شديد

ضمها اليه محاولاً تهدئتها وهي لاتزال تهذي بتلك الكلمات ..

حتى اذا ماهدأت قليلاً همست له بحزن دفين :


جدي .. بسببه حدث كل هذا لنا .. منذ ذلك اليوم .. تحطم كل شيء .. كل شيء

نظر لها بتعاطف ومسح على شعرها مواسياً

بينما هي .. أبحرت في ذكرياتها التعيسة .. لذلك اليوم


https://www5.0zz0.com/2013/01/06/16/993522305.png

لامست تلك الأداة المعدنية الحادة خصلاتها السوداء الحريرية

وسرعان ماتناثرت شعيراتها على القماش الأبيض

وضعت أناملها على ذقن تلك الصغيرة الجميلة لترفع رأسها قليلاً

وتبدأ بتنظيف وجهها ومن ثم تسريح شعرها القصير والذي لايتعدى حدود فكها

بينما كانت غرتها الكثيفة الحريرية تغطي حاجبيها الناعمين لتبدي جمال عينيها البندقيتان الهادئتان

حدقت بها مطولاً برضاً ثم قبلت خديها وقالت بحنان : كم أنتِ رائعة عزيزتي الصغيرة

أجابتها الطفلة بكل براءة : أأنا جميلة حقاً ماما ؟

اومأت لها بالايجاب واحتضنتها بها وهي تقول بصوتها الرخيم العذب : وهل في ذلك شك ياحلوتي

حدقت الطفلة بوالدتها هنيهة لتقول بتردد بعدها : لما .. بابا لايحبني اذاً ؟

اتسعت عينا آرياكو بدهشة لما قالته

وبجهدٍ حاولت اقناعها بكلماتها الحانية المحبة :

بلا حبيبتي الجميلة .. بابا يحبكِ لما تقولين هذا ؟


نكست هانا رأسها لوهلة ثم نظرت لأمها وهي تقول :

بابا دائماً يجلس مع هارو ويلعب معها ويعلمها


لكن أنا .. لايفعل الأمر ذاته معي .. وهو يقبل ويعانق هارو وأنا لا ..

كانت آرياكو تحدق بابنتها بحيرة وأسف وتعاطف فهي كذلك تلاحظ تفرقة فلورنس وتفضيله لهارو

مسحت على شعرها بحنان ثم قبلت جبينها وعانقتها وهي تقول بحب :

لا عزيزتي .. بابا يحبكِ .. ثقي بي .. أنتِ .. تتوهمين وحسب ..


- أتوهم ؟!

هذا ماقالته الطفلة بتعجب بريء ..

بينما آرياكو اومأت لها بالايجاب بحنان وحب ثم ضمتها لأحضانها من جديد


سارت نحوهما بتململ وهي تحمل دميتها لتقول بضجر : متى يأتي بابا ؟ أريد أن العب

آرياكو بهدوء : سيأتي قريباً .. هيا تعالي لأرتب شعركِ أنتِ الأخرى

نظرت هارو للمقص هنيهة ثم لوالدتها وأمسكت شعرها بسرعة وهي ترجعه للخلف : لاأريد .. لن أقص شعري

آرياكو باستياء : متى ستطيعيني دون تذمر .. هيا تعالي لأرتبه وأسرحه

نظرت لها الطفلة بتمرد وعناد : لن أقص شعري أريده طويلاً

تنفست آرياكو الصعداء في محاولة للحفاظ على هدوئها ثم قالت بنبرة آمرة :

هارو لاتثيري غضبي .. تعالي هيا ..
لن أقصره بل سأرتب أطرافه وحسب وأسرحه الى متى ستظلين هكذا
تسيرين بشعركِ المنكوش كما الفزاعة ..
من يراكِ سيظن أن لاأم لكِ لتهتم بكِ وسينعتني الجميع بالمهملة


هارو وهي تضع يديها خلف رأسها وتعبث بشعرها ببراءة :
أنا لست فزاعة وشعري جميل ومرتب ولااريد ان تقصيه او تسرحيه


قطبت آرياكو حاجبيها بغضب : أنتِ حقاً طفلة عنيدة .. دلال والدكِ أفسدكِ ولكن هل يستمع لي حتى

ظلت هارو تنظر لوالدتها بعناد وضجر واذا بصوت الباب يُفتح ..

نظرت للخلف وهي تصرخ : بابا!!

أسرعت نحوه وعانقت ساقه كما لو وجدت منقذها لتقول بسرعة : بابا بابا . ماما تقول أنا فزاعة وتريد أن تقص شعري

نظر لها بذبول كما لو كان لايعي ماتقول .. أبعدها عنه بلطف ثم أكمل طريقه للداخل بينما تبعته بسرعة لتحتمي به

- مساء الخير

قالها بهدوء غير اعتيادي .. أجابته آرياكو بقلق تخفيه : مساء الخير عزيزي .. أأنت بخير ؟

اومأ لها بالايجاب ثم قال بوهن : متعب قليلاً .. سأخلد للنوم لذا احرصي على ان لاتثير الطفلتين الضوضاء

قالها وتوجه للغرفة ودخلها دون انتظارٍ لاجابتها بينما علت الدهشة آرياكو والخيبة هارو التي كانت تنتظر والدها بشغف

أما هانا فقد غفت بهدوء في حجر والدتها ..

https://www5.0zz0.com/2013/01/06/16/993522305.png

جلس على فراشه وتدثر بغطائه الترابي العتيق ذو النقوش الباهتة .. وأخذ يستعيد أحداث ذلك اليوم العصيب

أكان حلماً .. أم انه واقع مر جديد حل عليه ليزيد من بؤسه ويحل نقمته عليه

ارتمى على الفراش وصورة الحريق الذي أضرمه ورفيقه منذ سويعاتٍ قليلة لاتفارق خياله

شعر برعشة غريبة تسري في جسده ودقات قلبه تتسارع كما لو كان الموت يقترب منه

دثر نفسه اكثر كأنما يحاول ان يحمي نفسه بذلك الغطاء من وطئة ماسيحل عليه لو علم أحدهم بالأمر

أيمكنه الثقة بشريكه ذاك حتى ؟ .. هو لايعلم لما فعل ذلك وكيف وثق به وكيف تصرف بما لايوافق طباعه وقوانينه التي وضعها لنفسه

تسائل مالذي يمكن لهم فعله بعدما أُحرقت المخازن بما فيها من حصاد لطالما شقى كل فردٍ بجنيه خلال عامٍ الأشهر السالفة

وقد كان واحداً منهم !! .. لكن .. هو لم يحظى على حقه بعد كل معاناته وعمله الجاد

انما لا ذنب للبقية ليعاقبوا بجرم شخص جائر طغى وتجبر فيهم

تنهد بثقل ليطرد تلك الأفكار التي لم يتمكن من اخراجها بتاتاً بل كانت تضيق عليه أكثر فأكثر

وأخذ يفكر بالغد .. كيف سيحل الصباح عليهم بعد مأساة هذه الليلة

عاد بذاكرته للحادثة من جديد وقد دب الرعب بأركان قلبه


https://www5.0zz0.com/2013/01/06/16/993522305.png

صوت المعول يضرب الأرض مخلفاً تلك الحفرة العميقة

والتي كانت مسكناً مجهولاً لذلك الجسد النحيف الذي ضرجته الدماء

بينما كان يشاهد كل ذلك بخوف وهو يحرس الطريق ويراقبه خوفاً من أن يراهما أحد فيكشف عن جريمتهما

وماان انتهى ذلك الشخص من دفن الجثة والحرص على اخفاء القبر كما لو لم يكن هناك

حتى التفت له بابتسامة انتصار خبيثة ملئت حقداً وشراً كما لو ان قلبه قد انتزع من جوفه فلم يعد يحتويه

وقال بنبرة واثقة لامبالية كما لو أنه اعتاد ارتكاب الجرائم بكل بساطة :
لقد انتهينا من هذا القذر .. واخيراً تحررنا فلورنس .. لقد حققنا النصر وانتقمنا لأنفسنا ولعائلتنا


بصوت مرتعش أجابه والخوف يعصف به :
ماكان يجب ان يصل الأمر لهذا الحد تشين .. سنُعدم حالما يُكشف أمرنا


رسم ابتسامة ساخرة على وجهه واقترب منه بعد ان رمى المعول على الأرض ليقول وعيناه تتقدان شراً

- ماذا ؟ البريطاني الشاب خائف ؟ خائف من الموت ياصغيري .. كم هذا مثير للشفقة ..
انت تعلم أن الأمر سيظل سراً مالم يفضحه أحدنا صحيح ؟ ..
الا ان اردت اخبارهم بما ارتكبناه " سوياً " فيكون مصيرك مصير هذا القذر اللعين ؟ هه بل وأفظع ..
فعائلتك بأكملها ستزول وتختفي كما لو لم تكن يوماً في الوجود


اتسعت عينا فلورانس بدهشة وقلبه يتسارع بخوف .. اهو يهدده الآن ؟

- أنا .. لم أفعل شيئاً مما فعلته أنت .. أنت من خطط وارتكب هذه الجرائم ..

والآن تهددني ؟! ظننت أمري يهمك كما كنت تدعي ..


ضحك ساخراً وابتعد حتى وقف أمام تلك الحقيبة رمادية اللون ليفتحها

ويخرج رزمة النقود المرصوفة بعناية فيها وأخذ يقلبها بين يديه بابتسامة خبيثة ..


أدار طرفه له وهو يجيبه بنبرة مخيفة :

لقد اشتركنا في هذا .. تلطخت يداك كما يداي بطريقة أو بأخرى ..

وان وقعت فلن أقع وحدي .. ستقع معي حتماً وفي قاع اكثر عمقاً من ذاك الذي سأقع فيه ..

كما انك ستخسر هذا النعيم .. هه الا تريدها .. بها ستعيش ملكاً أحقاً ستتخلى عنها ؟

ثم شم رزمة النقود بنصر ولثمها وعاد يعدها بينما فلورنس يتأمله بأسى وخوف شديدين

لقد وقع في الجحيم حقاً .. ولا شيء سيخرجه منه سالماً !


https://www5.0zz0.com/2013/01/06/16/993522305.png

تساقطت الأشعة الذهبية من النافذة الصغيرة منعكسة على الأرض الخشبية التي غطت تلك الغرفة الدافئة

بجدرانها العتيقة وبمظهرها الياباني التقليدي .. كما هو حال المنزل

ولذلك المنزل .. باب يُطل على الحديقة الخارجية البسيطة

ماان تفتحه حتى يلوح لك بعد ذلك الممر الصغير الذي ينتهي بدرجاتٍ ثلاث

كان هناك ذلك المزراب المنفرد التقليدي العتيق ينصب الماء منه في البحيرة الصغيرة المجاورة

متناثرة على صفحة مياهها وريقات الخريف الملونة

بجانبها شجرة ضخمة غير الخريف حلتها ويوشك الشتاء بقربه أن يختطف ماتبقى من رونقها

خطواتها الهادئة عبرت تلك الدرجات الخشبية القديمة مخلفة صوتاً لارتطام حذائها بها

جلست بعدها أمام المزراب ومدت يديها للماء المتساقط منه راسمةً على ثغرها ابتسامة جميلة مفعمة بالنشاط

شردت بأفكارها وهي تتأمل ذلك المنظر الجميل الساحر لتبحر في همومها من جديد

أطلقت تنهيدة مثقلة بالهموم ورفعت رأسها نحو السماء تتأملها

ثم أغمضت عينيها باسترخاء رغم تلك النسمات الباردة التي عانقت وجهها


واذا بها تسمع بالضجيج في الخارج يعلو ..!

نهضت من مكانها بهدوء والحيرة تغلفها حتى اذا مافتحت الباب الخارجي لمنزلها وأطلت على الخارج

وجدت تاتسو الطفل ذو العشرة أعوام يجري وهو يطرق الأبواب

وسرعان مايخرج صاحب المنزل فزعاً ومقصدهم وجهة واحدة .. !


ماان انهى حديثه مع الرجل حتى هم بطرق باب آخر لولا أن سارعت بندائه بقلق وحيرة :

تاتسو .. تعال هنا للحظة ياصغيري


التفت لها بعينيه السوداوين وسرعان ماتوجه نحوها وشعره الأسود الحريري تحركه النسمات الباردة

وقف أمامها ليقول بينما يحرك رجليه ويمسح ذراعيه بيديه عله يحظى على بعض الدفء : مالخطب عمتي آريا

أجابته بسرعة وهي تنظر لمصدر الضوضاء تارة وله تارة اخرى : مالذي يجري هنا بني ؟ مالخطب ؟ !

- لقد احترقت المخازن ليلة الأمس لذا سيدي كازومي يريد من جميع الفلاحين المثول عنده بأسرع مايمكن ..

بما فيهم عمي فلورنس بالطبع .. فإن كان مستيقظاً فأخبريه رجاءاً بالمثول بين يديه حالاً


اتسعت عيناها بدهشة عارمة وقلق شديد : المخازن !! احترقت !!

فجأة مرت الصور أمامها سريعة وقلبها يخفق بقوة مع كل صورة تظهر بلبها

كيف أن زوجها قد تأخر في تلك الليلة وكيف عاد ضجراً مكتئباً على غير عادته

وكيف احتجز نفسه في غرفته دون رغبة بالطعام أو الجلوس مع طفلتيه


لسبب ما .. اعتصر قلبها وشعرت بالريبة انما اكتفت بايمائة متفهمة أجابت بها تاتسو

والذي هم بالمغادرة لاكمال عمله لولا ان استوقفته هنهية وهي تنظر له بلطف


وسرعان ماخلعت وشاحها ولفته حول عنقه لتقول بحنان : قد يدفئك هذا قليلاً صغيري

ابتسم بخجل وامتنان ثم أومأ برأسه شاكراً وسرعان ماغادر ليكمل مهمته

بينما أطلقت آرياكو تنهيدة مثقلة محاولة افراغ ذلك الضيق الذي اعتراها فجأة

ساقت قدميها لغرفته ودخلت بهدوء وتأملت فراشه الذي لايزال يحتويه

اقتربت منه وجلست أمامه وبدأت تحركه بلطف : عزيزي استفق .. لقد حل الصباح

رفع الغطاء لوجهه وهو يقول بضجر : اتركيني ياامرأة .. متعب وأريد النوم

- عزيزي هناك أمر مهم رجاءاً استفق

عادت له ذكريات الأمس بينما لايزال على حاله

اعتدل جالساً بعد قليل وهو يبعد الغطاء عنه قائلاً بصوته الناعس : مالخطب ؟

أجابته بقلق : كازومي قد جمع الفلاحين معاً والعاملين في الحقل .. ويريدك ان تنضم لهم

اتسعت عيناه بدهشة وقلبه تتضطرب دقاته بخوف ..

قبض على الغطاء بقوة وقال بتردد بعد صمتِ قد طال : لما ؟


أجابته بحيرة : المخازن .. لقد احترقت كما سمعت .. لابد أن تاماكي بأوج غضبه الآن

ارتعش جسده ماان ذكرت اسمه وتسارقت دقات قلبه أكثر

بقي بصمته الذي زاد من حيرتها حتى ارتمى اخيراً على الفراش ودثر نفسه جيداً وهو يقول :

الجو .. بارد .. اخبريهم .. اني لااستطيع الذهاب .. اذهبي انتِ .. نيابة عني


نظرت له بدهشة تعصف بها التساؤلات والحيرة وظلت بصمتها تراجع اجابته تلك علها تجدي تفسيراً لها

حركت شفتيها لتتحدث لكن صوت الباب قاطعها بينما كان يُطرق بقوة

جلس فلورنس بسرعة بخوف لم يتمكن من اخفائه بينما صوبت ناظريها نحو الباب وسرعان مانهضت وخرجت من الغرفة متجهة نحوه

تنفست بعمق محاولة طرد الأفكار السيئة قدر ماتستطيع لتفتح الباب لترى مازاد من حيرتها ومخاوفها

فما عساه يكون


هنا ينتهي البارت


https://www5.0zz0.com/2013/01/06/16/479809488.png


1- من هو الطارق ومالذي يريد ؟

2- ماذا بانتظار هذه العائلة وبالتحديد فلورنس وهل سيتمكن من تخطي تلك الورطة التي اوقع نفسه بها ؟

3- هل ستعلم آرياكو بما جرى وان حدث فكيف ستتصرف ؟

4- رأيكم بالبارت - انتقاداتكم - تعليقاتكم


[/ALIGN

imaginary light 03-16-2020 05:26 PM


https://i.top4top.io/p_1596cojkp6.png


مرحبًا فلوري و2

ذات الأنامل الرّقراقة
يسرّني أن أكون أوّل من ترك ردًّا لاستقبال البراعم في بيتهم الجديد!

أسلوبك الشّفّاف الذي يجمع البساطة و التّمكّن ,هو أكثر ما يساعد على الاندماج بالأحداث,التي تأتي بترابط و ذكاء,عن طريق وصفٍ يغذي الخيال, و حوارات ممتعة حقيقيّة ,تجعل أصوات الشّخصيّات ترنّ في الأذن,و مشاعرها ترتسم ارتسامًا!

الشّخصيّات لديك مُفعَمة بالحياة, حقيقيّة الأبعاد
فلورنس و آريا ...كيف تغيّر ما بينهما رويدًا مع مجيء الطّفلتين و تراكم هموم الحياة,
فرغم بقاء الحبّ بينهما,صارت اليابانيّة الفاتنة في نظره تلك الزّوجة العصبيّة المزعجة نوعًا ما, و فارس الأحلام البريطاني لم يعد بنظرها سوى زوج تقليدي أناني بعض الشّيء...

هانا الهادئة التي تسمع الكلام و لا تتعب أمّها,كسرت قلبي كان بإمكان فلورنس أن يعيرها اهتمامًا أكثر , ما ح يموت لو علمها تقول "هالو"stop3

هارو الشّقيّة المرحة التي تأكل بنهم,يمكن لا إراديا عم تتفشّش لأن علاقتها بآريا تشبه علاقة هانا بفلورنس. متعاطفة انا مع البنتين لكن على الأقل آرياكو بذلت جهدها مع المشاكسة الصّغيرة,عكس فلورنس حسيته ما حاول كتير مع هانا.
قلبي مع آرياكو-كنت ولا زلت منزعجة من فلورنس , لكنّني أتفهّم الصّراعات الباطنيّة التي يعيشها.

و اعلمي أني أنتبه بصمت إلى تلك الومضات الآتية لتوصِل للقارئ تساؤلات عمّا لا تريديننا أن نعرفها بعد:cool:



فلوري
حبيت انك ما غيرت شي حتى انك جبت التصميم نفسه, كنت أفكّر بإدراج روايتي القديمة بلا تغييرات أيضًا, الآن تشجّعت أكثر و أكثر عندما رأيت روايتك هنا:cool:

سابقا حين قرأت ذهبيتك هذه,كان قد فات الأوان للمتابعة فصل بفصل هلأ فرصة للتعويض!
تابعي يا فتاة!متابعة معك دائمًاق5
سلاميو1















є v ɪ є 03-17-2020 12:30 AM




https://i.top4top.io/p_1596cojkp6.png
~*

السلام عليكم ورحمة الله فيونكه1heart2
فلوري اللطيفة، سعيدة اني ثاني رد على روايتك :ert-011:heart2
حبيت كونك نقلتيها بدون تغيير، بجد وتظل الذكريات فيها smile7heart2
حتى طقم الموضوع لطيف وحبيت كونه متجدد مع كل فصل جديد cute2heart2
طبعاً اختك في الله ذي كانت قارئة خفية للرواية، وما اتوقع حتى اني كملت قراءتها شبح2heart2
بس بعرف انك طيبة وكيوتة ولطيفة وراح تعذريني اكيد :ناميا:heart2
ومو مشكلة بتابع هنا أول بأول معك وبتحمس على الفصول اكيد :يب2:heart2
الوصف وطريقة كتابتك للأحداث جداً اعجبتني، وبعد وصفك لمشاعر الشخصيات cute9heart2
حبيت علاقة الثنائي آرياكو وفلورنس جداً، بس للأسف تكالبت عليهم هموم الدنيا حزين4
علاقة فلورنس ببنته هارو كانت بجد لطيفة لأبد حد لكن قهرني كيف انه ماوفق بين معاملته للطفلتين مصدوم6
الأطفال بيكونوا حساسين بهالأعمار ومع العمر لما يكبروا تظل هالأفكار راسخة داخلياً فيهم ص3
الأم آرياكو اعجبني اجتهادها في معاملة البنتين بالمثل، ويمكن لأن طبع هارو عنيد فتعاني معها أكثر :55:heart2
الطفلتيييييننن الكيوتات ان شاء الله بتكون لهم مواقف مع بعضهم كتوأم لأنهم بجد لطيفييينن cute7heart2
وبس والله هذا كل اللي عندي ماقدرت اتجاهل دعوة اللطيفة لايت سلام1heart2
بتمنى ترسلي لي روابط الفصول الجاية وبكون من المتفاعلين ان شاء الله كيوت6heart2
وبس اتمنى لك يوم سعيد ولطيف جداً :mad1:heart2heart2

شَمس. 03-18-2020 11:53 PM

<div align="center">
<b>https://i.top4top.io/p_1596cojkp6.png


@Assassin queen;


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيفك فلور عساك بخير ق3؟؟
ما شاء الله اسلوبك حلو و سلس و يوصل الفكره :ناميا:ق0
الفصل الاول كان هادئ و اجوائه لطيفة و حلوة و موترة بعد :0:،حبيت اهتمام فلورنس ب اريا و اهتمامها فيه هي بعد، كانت علاقتهم لطيفة ق2
في الفصل الثاني صار تغير كبير من جهة آريا و ما اكذب اذا قلت لك اني كرهتها او استنكرت تصرفها ان صح القول، غيرتها من اهتمام زوجها لاطفالها ليس لها مبرر من وجهة نظري و خصيصا انها كبيرة، و ما حبيت بعد تفكيرها، و لو ضعفت الام فالعائلة تدمرت كونها الاساس للعائلة و الركيزة التي تقوم عليها، و اللي لاحظته بالفصل الثاني مساعدته لها و مراعته لها عدا طبعا في بدايه الفصل و من حقها تزعل منه، و ما حبيت بعد تفرقتها بين بنتيها، بس يوم استدركت غلطها و رجعت الام الحانيه حبيتها مره و بشكل، و حبيت محاولاتها للاهتمام ب هارو :ناميا:ق0
لحد الان هي المفضلة :0:،حبيت بعد انك جبتي شخصياتهم طبيعية، اقصد مو ان هذا يغلب عليه البرود او هذا القسوة لا شخصية طبيعية المواقف تقرر تصرفاتهم ق0ق0، و كمان كونهم غير مثاليين مثل اظهار اغلاطهم و اخطائهم good2
الفصل الثالث كان الغلط من فلورنس و كون تفرقته واضحة بشكل و ما حاول مع هانا زي ما حاولت اريا مع هارو، و استنكرت فيه هالتصرف هو بعد، التفرقة بين الاطفال تسبب مشاعر و مشاكل هم في غنى عنها، و بدل ما يصحح غلطه وقع بورطه اكبر، بسبب شين قلب0، حزنت عليه و ما انكر، و ذاك اللي يوزع بعد غثيث و يرفع الضغط وش ذي العنصريه، هو اشتغل زيه زيكم، عل العموم حبيت حوار فلورنس مع شين مره ق3، حزنت على آريا ودي اعرف كيف بتتصرف لو عرفتقلب0
في الفصل الرابع اكثر شي جذبني هو جبن فلورنس و استنكرت تصرفه، و خلا زوجته تروح بداله و هو قعد ينتفض خوف!، صح اني متفهمه موقفه و خصيصا انه رب الاسرة و لازم يحافظ عليها و لو كشف و بالخطأ عن شين عيلته بيروحون عنه، اصلا بكلتا الحالتين خسرهم، لو كشفوه فبيعدم و لو كشف عن شين عيلته بيموتون قلب0، موقف صعب، اهني آريا لتحملها ق3
هارو و هانا التوأم الكيوت، واضح قدامهم احداث قاسية بس اتمنى انهم يقووا من نفسهم و خصيصا انهم بزمن الحرب هي السيدة، و الغلط اللي وقع فيه ابوهم بيسبب مشاكل لهم قلب0
مع اني اكره النوع الدرامي بس تحمست اعرف وش بيصير

آدِيت~Edith 04-03-2020 08:08 PM

واخيرا وبعد سنة ضوئية

مرحبا بك غاليتي لااايت...
ليس بمقدار سعادتي بقدومك وانارتك روايتي حتما
شرف لييي سموك بتشريفها

ردك مبهج يثلج الصدر استمتعت بقراءة تعليقاتك على الشخصيات
هانو وهارو هما أنا متفرقتان فقد كنت بطفولتي مزيجا منهما
إلا أن هارو كانت مخفية وهانا كانت ظاهرة
مما جعل الكل يظنني بريئة
ومع العلم هانا ليس مسالمة أبدا كما قد تعتقدون
أخشى أن تخيب آمالكم مستقبلا منها
كما قلت لك مسبقا.. الكبت يولد الانفجار

آرياكو دمرت هارو بانتقاداتها وتحكمها واستيائها الدائم
وفلورنس دمر هانا بتقصيره واهماله لها والتفريق بين الأختين


ربما واقعية شخصيات لأني عايشت بعض مواقفهم وأتقمص أدوارهم
أثناء الكتابة بمحاولة مني لعدم المبالغة بينهما
فمهما بلغ الحب لابد من وجود بعض المشاكل بعض سوء الفهم والخ

بالنسبة للتنسيق ترددت واقعا خصوصا أن بعض الفصول تصميمها قد اختفى
لذا قررت تجديد مااختفى والابقاء على تراثنا كما يقول وسام :er-14:


أجل تشجعي وضعيها قريبا فأنا أتحرق شوقا لمتابعة شيئ من روائعك
علني أقتبس من ضيائك شيئا يلهمني

سعيدة بحضورك لدرجة لاتوصف

شكرا لك ودمت يااغلى صديقة

آدِيت~Edith 04-03-2020 08:41 PM

Evie

اوووه ياجميلتي محرجة منك لتأخري الشديد رغم أن الفصول موجودة
انشغلت للغاية هذه الفترة

سعيدة بوجودك وكونك متابعة مسبقا للرواية
أهلا بك بكل وقت وحين
أنرت غاليتي

بالفعل علاقتهما ربما لأنها منذ البداية لم تكن على وفاق
أعني بسبب الفروق بينهما
هذا سيجعل المتاعب تطاردهما رغما عن حبهما لبعضهما
هارو وهانا أمامهما مطبات كثيرة فهل ياترى ستتجاوزانها

ربما القادم سيكون مؤلما شيئا ما
لكني حتما لن انسى أن أجعل للسعادة والمرح نصيبا منها
أرجو أن تظلي في الجوار فقريبا ستصل فصول ثلاثة أخرى

شكرا لانارتك عزيزتي ودمت بكل حب

آدِيت~Edith 04-03-2020 08:47 PM

Soleil~

رائعتي اهلا بك شرف لي انارتك روايتي المتواضعة
ااحبببت ردك المفصل لكل مفصل
احببته للغاية

معك حق كلاهما لم يكن صائبا وكم تكثر أخطائنا
ولكن العواقب التي قد لانترقبها ونظنها بسيطة
تخلف آثارا عميقة بالمستقبل

فلورنس حاول جاهدا العيش ببساطة وسعادة
ولكن المصائب كانت تأبى الا أن تقوده نحوها وتوقعه بلهيبها
وكذا آريا التي حاولت تخطي كل معتقداتها وانجرفت نحو الحب
الذي لاقته منه.. ماكان بيدها تخطي كل العقبات بسهولة
أمامها طريق شاق للغاية
وكذا الطفلتين اللتان ستترك أفعال والديهما اللا متعمدة
آثارا تحول شخصيتيهما بالمستقبل

كوني قريبة وباذن الله لن أخذلكم

شكرا لانارتك ولردك المفعم بالحيااااة

كل الود لك عزيزتي

آدِيت~Edith 04-03-2020 10:28 PM

https://a.top4top.io/p_1539vfyvg4.png


الظلمة في طريقها نحو النور
مستلة ذلك السيف الحاد لتقطع به كل خيط ذهبي يحاول الوصول
إلى قلوبنا المتلهفة له ، وكل ماحولنا ينبأ بالدمار القريب
لكن
هناك شمعة مضيئة صغيرة بداخلنا، زهرة تأبى الذبول
تعطر روحنا وتبث فيها الأمل
فهل سنقوى على خوض الصراع ومجابهته
أم أننا سنهار وستحل علينا

" لَعنَة الغُراب "


https://l.top4top.io/p_15395lj873.png

حركت شفتيها لتتحدث لكن صوت الباب قاطعها بينما
كان يُطرق بقوة
جلس فلورنس بسرعة وجلا دون أن يتمكن من اخفاء ذعره
بينما صوبت ناظريها نحو الباب بريبة..
وسرعان مانهضت وخرجت من الغرفة متجهة نحوه
تنفست بعمق محاولة طرد الأفكار السيئة قدر ماتستطيع لتفتح الباب
وإذا بها ترى مازاد من حيرتها ومخاوفها
فما عساه يكون ؟


https://j.top4top.io/p_1539hhtey1.png

حرك بصره متأملاً إياها من رأسها وحتى أخمص قدميها
نظراته المريبة تلك والإبتسامة المخيفة التي ارتسمت على شفتيه
جعلت قلبها ينتفض خوفاً
رفعت يدها لتلك الخصلات المتناثرة على وجهها وأبعدتها بتوتر واضح
بينما ازدادت ابتسامته اتساعاً بينما يقول بهمس : يالك من محظوظ أيها البريطاني .. لديك زوجة كالملاك
لم تنبس ببنت شفة مفكرة في كلماته الوقحة تلك
وماهي إلا هنيهة حتى رفعت طرفها له بحدة ونطقت أخيراً
بنبرة جافة : هل من خدمة تطلبها سيد تشوي ؟
ظل تشين يحدق اكتفى بصمت وعيناه لاتزالان تتأملانها حتى غلف الغضب قسماتها ..
وما إن همت بالحديث إذ بشخص يبعدها عن الباب ويتقدمها
- خيراً ؟
التفتت بسرعة ما إن سمعت نبرته تلك مدركة على الفور غضبه
وقد كان يحدق بتشين بنظرات حارقة كما لو كان يود قتله
اقتربت منه وأمسكت بذراعه هامسة له : عزيزي ..
قاطعها آمراً : جهزي ملابسي .. سأذهب وتشين الى الحقل
أومأت بالإيجاب وغادرت مسرعة وقلبها يضطرب بخوف شديد
بينما أعاد فلورنس ناظريه لتشين ونطق وهو يحاول السيطرة
على غضبه : ماذا كنت تفعل ؟
تشين بابتسامته الباردة الواثقة : لاشيء .. أتيت لمرافقتك للحقل .. خشيت أن تفضحنا إن ذهبت بمفردك ..
فلورنس بهدوء : لاتقلق .. لن ألقي بنفسي في الجحيم أبداً
أكمل محدثا نفسه" ولن أسلم نفسي وعائلتي لك بعدما أيقتنه
من دنائتك أيها الحقير
"
أشار الدخيل بعينيه السوداوين نحوها : زوجتك تنتظرك
التفت حيث كانت تقف آريا بارتباك وخوف تحاول إخفائهما
نظر لها فلورنس وقلبه يشتعل غضباً بصمت حالما أدرك نظرات
تشين الوقحة و الجريئة لها
توجه لها وأمسك يدها بعنف ثم أدخلها للغرفة ودخل معها
نظرت له بخوف ونكست رأسها على الفور وهي تضم يديها لبعضهما بارتباك شديد
أمسك ذراعها بقوة وقال بهمس غاضب : ماذا قال لكِ قبل أن آتيكما
ارتعش جسدها وظلت بصمتها بخوف وقد تحجرت الدموع بمقلتيها
هز ذراعها بعنف وهو يهمس بغضب أكبر : تحدثي
انهمرت دموعها وقالت بخوف : لا .. شيء .. سألني عنك .. و .. و..
- قولي الحقيقة !..

انسابت الدموع من مقلتيها بغزارة وقلبها يرتعش بشدة في جوفها
تنهد بعمق محاولاً السيطرة على نيران الغيرة التي اشتعلت
بقلبه وتوجه الى حيث وضعت الثياب ثم استبدل ملابسه
بسرعة توجه بعدها نحو الباب ورمقها بنظراتٍ غامضة
بينما كانت لاتزال منكسة طرفها ودموعها على وجنتيها
همس لها : لاتفتحي الباب قبل أن تسألي عمن خلفه في المرة القادمة .. فأنا حقاً .. أخشى عليكِ آريا
رفعت عينيها الباكيتان له وهي تنظر له نظراتٍ حائرة ..
ثم ابتسمت باطمئنان وأومأت ايجابا طائعة
- آسفة .. أعدك .. لن اكررها مجدداً
ربت على رأسها بهدوء وهو ينظر لها نظراتِ تخفي الكثي
نظراتٍ لم تفهم معناها لكنها آلمت قلبها بشدة واخترقته
كما لو أنها تنذرها .. بلعنة على وشك الحدوث
دلف بعدها إلى خارج الغرفة بينما هي لاتزال تتأمله بحيرة شديدة

https://j.top4top.io/p_1539hhtey1.png

مسحت عينها بكفها الصغيرة وهي تنهض من فراشها البارد وتوجهت
لخارج الغرفة حاملة دميتها المهترئة
نظرت لوالدتها التي كانت تقف أمام الموقد تطهو بشرود وقد غلف
القلق والخوف معالم وجهها
اقتربت منها بضع خطوات وقالت ببرائتها المعهودة :
- ماما أريد طعاماً .. جائعة
بدا وكأن آرياكو لاتسمعها فاقتربت أكثر وقالت بضجر وهي تشد
طرف ثوبها : ماماا جائعة
التفتت لها آرياكو باستياء :
- هارو !! كم مرة حذرتكِ من التصرف بهذه الطريقة الفظة؟!
نفخت هارو خديها باستياء طفولي :
- ماما ماذا فعلت الآن .. أنا جائعة وأنتِ لم تسمعيني حتى
استدارت لها قاطبة حاجبيها باستنكار ووضعت يديها على خصريها :
- لم أسمع ماقلته تواً .. أوليس كأنكِ تجاوزتِ حدودكِ أيتها الصغيرة
الشقية .. إنكِ حقاً بحاجة للتأديب ..

- تأديب !! .. كل هذا لأني جائعة ؟
هذا ماقالته هارو بتعجب وتذمر لتزيد من استياء آرياكو التي
نفذ صبرها فأمسكت بيدها بقوة وساقتها نحو الجدار
أوقفتها أمامه ونظرت لها بحزم وهي تقول :
ارفعي يديكِ وساقكِ ولاتبرحي مكانكِ وإلا ضربتكِ بالعصا
تنهدت الطفلة بيأس وضجر وقالت بتململ :
ماما .. أنا جائعة .. مالخطأ الذي فعلته الآن لتعاقبيني ؟
عقدت آرياكو يديها أمام صدرها وهي تنظر للطفلة باستنكار واستياء :
لاتعرفين بما أخطأتِ ؟ تعاملين والدتكِ كالخادمة ..
حتى أنكِ لم تلقي تحية الصباح علي .. إضافة إلى تلك النبرة الآمرة
التي تطلقينها وإجاباتكِ الغير مهذبة التي تنطقين بها
باستمرار حالما تحدثت .. أنتِ لاتعرفين معنى اللباقة حتى ..

كانت هارو تحرك قدميها بتململ وهي تلعب بدميتها متجاهلة
ماتقوله والدتها وإذا بجسدها يرتعش إثر تلك الصرخة الغاضبة التي
أطلقتها آرياكو : لاتتجاهليني حينما أحدثكِ ..
لقد ازدادت وقاحتك أيتها الطفلة المشاكسة

نظرت لها هارو بخوف بينما أمسكت آرياكو العصا وبدأت بضرب
هارو على ظاهر قدميها من الخلف فأخذت تصرخ وتبكي بشدة
مما جعل هانا الصغيرة تستيقظ اثر سماعها لصوتها وتخرج ناعسة
من غرفتها وحالما رأت غضب والدتها وعقابها اختئبت فوراً خلف
الباب وأطلت برأسها متعجبة خائفة

https://j.top4top.io/p_1539hhtey1.png

- كما أوصيتك فلورنس .. لاتبدي لهم أنك خائف أو مرتبك وإلا فُضح أمرنا
أومأ له فلورنس بالإيجاب وتوجها للحقل حيث كان يقف الفلاحين أمام نائب الرئيس " كازومي "
والذي انتظر حتى اكتمل عددهم فبدأ يقول بعد حديث مطول دار بينه
وبين كبار القرية
{اذاً .. تعلمون جميعاً لما اجتمعنا هنا .. يؤسفني قول هذا .. لقد احترقت المخازن بأكملها .. وسرقت الأموال ..

واختفى تاماكي ..المسؤول عن المخازن والحقول .. كل مااجتهدنا
لجنيه خلال هذا العام .. لقد احترق وأصبح رماداً ..إنها كارثة
حلت بقريتنا لم يسبق لها مثيل خلال الأعوام العشر السالفة ..
أشعر أن بالأمر مكيدة ما ..لكننا لم نتأكد من ذلك بعد ..
وحتى نعرف ونكتشف حقيقة هذه الحادثة الغريبة ..يجب أن نتعاون جميعاً لمساعدة القرية وتعويض ماخسرناه ..الشتاء على الأبواب
وبدون ما اذخرناه في المخازن لن نتمكن من سد احتياجاتنا ..
لذلك سنقوم بشراء الطعام من المدينة ..وحتماً ستكون أسعاره
باهظة للغاية . لذلك نأمل تعاونكم ومساعدتكم ..فكل مانفعله
ونبذله من جهود ستعود حتماً على القرية بالنفع قبل ان ننتفع
منها نحن }

أكمل كازومي خطبته تلك وبدأوا بجمع التبرعات والمساعدات
ممن يمكنه تقديمها ..بينما كان هناك أعين خفية تراقب مايحدث
مترقبة أي خيط قد يدلها على الفاعل ..متفرسة وجوه الفلاحين
تستسقي منهم أي بادرة تدلهم على هدفهم المنشود .. !
تنفس فلورنس بعمق وقلبه يأبى أن يهدأ من خفقانه المستبد .. وتقدم حالما حان دوره نحوه معاون كازومي والذي رمقه بنظرة آمرة
بمعنى أفرغ مابجيبك وقدم المساعدة للقريةرفع فلورنس رأسه
وبتردد قال : أعتذر .. لايمكنني المساعدة .. فمالدي من مال بالكاد
يكفي لسد احتياجات عائلتي

أجابه كازومي ساخراً : معك حق .. انه لايكفي لمساعدة قريتنا التي لاتنتمي إليها صحيح ؟.. إنما يكفي لتزويد جيوش العدو بما يحتاجون من مال وعتاد لقتالنا ..
نظر له فلورنس بدهشة مستنكراً مايقول بينما أكمل كازومي آمراً :
أفرغ جيبك أيها البريطاني القذر !
قبض فلورنس يده بقوة وهو ينظر لكازومي وذكرياته ترتسم في
عقله بينما قلبه يعتصر ألماً
- منذ متى وأنتم تعاملونني بهذه الطريقة كما لو كنت غريباً عنكم ؟!
.. لقد عشت هنا .. اليابان بمثابة موطني الثاني ..لكنكم جميعاً في
الآونة الأخيرة تنظرون لي باحتقار كما لو كنت المسؤول عن هذه
الحروب والمناوشات السياسية التي تدور بين زعمائنا وزعمائكم ..
ماشأني وماشأن عائلتي لنمسي ضحايا هذه الحرب الجائرة ؟!
أوتراني حملت سلاحاً لقتالكم ؟! هارو تنتظر منذ مدة طويلة الحلوى
التي وعدتها بها .. هانا تنتظر بلهفة موعد انضمامها وشقيقتها لبقية الأطفال .. لتكون تلميذة مثلهم .. وزوجتي .. لاتحلم بأكثر من حياة
هادئة تكفينا لنمضي قدماً سعداء ..نعيش حياة بسيطة رغيدة هانئة ..
لما تفعلون بنا هذا ؟

نظر له كازومي وهو يبتسم ابتسامة جانبية خبيثة وهمس له :
لن أتعجب ان كنت خلف مايجري في هذه القرية من كوارث .. سيد فلورنس .!
أشار بعدها لتشين بأن يتقدم وكان هذا الأخير ينظر لفلورنس بغضب
مكبوت هامساً بداخله :
" تباً لك فلورنس .. أقسم انك من سيفتضح أمرنا بسببه .. يجب أن أتخلص منك قريباً ..فأمثالك تقودهم شخصيتهم المسالمة الساذجة لقول
الحقائق المهلكة دائماً .. لن اتركك حتى ذلك الحين ..سيكون هذا اليوم
آخر يومٍ تمضيه بأحضان عائلتك
"

https://j.top4top.io/p_1539hhtey1.png

حل المساء واختفت الشمس خلف الأفق مخلفة تلك الظلمة الحالكة برحيلها ..بينما ظهر القمر من بين الغيوم راسماً بعض الضياء في العتمة ..
يختفي حيناً ويبدو حيناً آخر
فُتح الباب أخيراً منذراً بعودته للمنزل ..
لم يقل شيئاً واكتفى بأن خلع حذائه العتيق واجتاز عتبات المنزل
الصغيرة ليدخل بعدها الى غرفة المعيشة قلب ناظريه في أرجائها
حتى وقع بصره على آرياكو التي كانت تجلس أمام الطاولة الصغيرة
والتي احتوت على بعض الأطباق المغطاة .. وعلى جانبها كانت تجلس هانا بصمتها المعهود
اقترب نحوهما وقال بحيرة : مابكم ؟ إنها المرة الأولى التي يبدو
فيها المنزل بهذا الهدوء .. ثم أين هارو ؟

نظرت له آرياكو وعلى وجهها علامات البرود والاستياء : مرحباً بعودتك ..
كيف كان يومك ؟

أجابها وهو يجلس مطلقاً تنهيدة متعبة :
لاشيء جيد البتة .. ماذا حضرتي لنا من عشاء ؟
فتحت الغطاء لتكشف عن طبق الأرز مع الخضار وبجانبه إبريق الشاي
تنهد بضجر والتفت لها وهو يقول بسخط :
ودائماً هذا هو عشائنا ؟ سئمت هذا لما لاتقومي بطهي شيء آخر لنا
أجابته بهدوء : مثل ماذا ؟
- اللحم أو السمك أو الدجاج .. بيض أي شيء آخر مللت هذه الأطباق
أخذت طبقه وبدأت بملئه بالرز وهي تقول :
ومن أنّا أحضر لك هذا الطعام عزيزي .. تعلم أن هذا كل مانملكه
تنهد بعمق وهو يتذكر ماقاله كازومي له في الصباح وتمتم بغيظ :
لتأتي أيها الحقير وتشاهد حالنا هذه قبل أن تتفوه بتلك الترهات
نظرت له بتساؤل : أحدث أمر ما ؟
أجابها وهو يأخذ عيدان الطعام ويهم بالأكل :
بل قولي مالذي لم يحدث .. بت منبوذاً الآن لأنني بريطاني الأصل ..
وكأنني لم أتحمل العيش بهذه الحال التعسة طوال السنين الثمان الماضية

صمتت لوهلة ثم قالت وهي تنظر له بجدية :
نادم على زواجك بي والعيش هنا ؟!
نظر لعينيها ملياً بغضب مكبوت ثم قال وهو لايزال ينظر لهما :
لست متفرغاً لشجار آخر سيدة آرياكو
ابتسمت مصدرة صوتاً لضحكة قصيرة ساخرة :
هه .. يبدو أن رفيقك الجديد ذو تأثير عظيم ليغيرك بهذا الشكل
ترك فلورنس أعواد الطعام على المائدة وتنهد بعمق ثم نظر لها :
مالذي تريدين أن تصلي له الآن ؟
بقيت تنظر له بصمت وهدوء غاضب حتى التفتت بعد ثوانٍ لهانا
وأشارت لها بالعودة لغرفتها فاستجابت بسرعة طائعة ودخلت
الغرفة وأغلقت الباب ثم التفتت للخلف وأسرعت نحو شقيقتها التي
كانت مستلقية على الفراش
- هارو هارو .. بابا وماما غاضبان
نظرت لها هارو بوجهها الباكي المستاء :
سأخبر بابا عما فعلته بي أمي انظري .. هذا مؤلم
نظرت هانا لقدمي شقيقتها اللتان احمرتا وبدت آثار العصا واضحة
عليهما ثم قالت بخوف : مؤلم .. جداً ؟
اومأت هارو بالايجاب :
أكل هذا لأني أردت تناول الطعام ... أنا جائعة ..
أمي لاتحبني لقد حرمتني من الطعام طوال اليوم
هانا ببراءة : أنتِ السبب .. طريقتكِ في الحديث مع أمي سيئة وغير لبقة بتاتاً
هارو بغضب : بل أمي امرأة متوحشة وسيئة .. أبي أفضل منها بكثير
واذا بهما تسمعان صوت صراخ والدهما يعلو تبعه صوت والدتهما الغاضب
هانا بخوف : يتشاجران !!
اعتدلت هارو في جلوسها بقلق وتوجهت كلتاهما نحو الباب وفتحتاه
قليلاً وهما تراقبان مايحدث

https://j.top4top.io/p_1539hhtey1.png

قبل وقت قصير :


التفت لها ما إن دخلت الطفلة الغرفة وقال بغضب مكبوت :
إلاما تسعين آرياكو؟
أغمضت عينيها لبرهة محاولة تهدئة غضبها ثم فتحتهما والتفتت له من جديد : ماصلتك بالمدعو تشين ؟
رفع أحد حاجبيه مستنكراً ثم عقد ذراعيه أمام صدره وهو يقول
بنبرة ساخرة :
منذ متى وزوجتي الحبيبة تتدخل بشؤوني الخاصة وتختار أصدقائي أيضاً ؟
أجابته بثقة : منذ الآن .. طالما لايمكنك إيقاف نفسك عن الوقوع في الخطأ فسأفعل وسأوقفك قبل أن تلقي بنفسك وبنا إلى الهاوية
اتسعت عيناه بدهشة لما سمعه ثم عقد حاجبيه بغضب ونهض وهو يقول :
تماديتِ آريا .. تماديتِ كثيراً .. بعد كل ماأفعله وأعانيه لأجلكم هذا كل
ما ألقاه منكِ ؟!! ألا يكفي انني تحملت هذه الحياة العفنة والمعيشة
القاسية .. الاذلال والاهانات والجوع والتعب والمعاناة .. وقد كنت مدللاً
في عائلتي .. كنت أعيش مرفهاً والآن ماذا !!

نظرت له بألم وحزن تخفيهما بينما أكمل بغضب :
انظري كيف أصبحت يداي .. يداي اللتان لم تمسا التراب يوماً أنهكتا
ثمان سنين في العمل والحفر واختلطتا بالقذارات والأسمدة واسودتا
بسبب أدوات الزراعة المتعبة الثقيلة ..برأيكِ كل هذا لمن ؟! ..
أليس لأجلكِ .. لأجلك ضحيت بكل شيء جميل عشت معه وتخليت عن
أحبتي وعائلتي .. لأمضي كل هذه السني أقاسي وأتحمل الآلام
والمعاناة وكل مالم أعتد على عمله يوماً .. وفي النهاية أنا من سيقودكم للهاوية صحيح ؟! كم هذا عظيم منكِ زوجتي الحبيبة ..
شكراً لثقتكِ .. شكراً لتقديركِ ..

قاطعته وهي تصرخ بحزن وأسى : فلورنس يكفي ..
انهمرت الدموع التي احتجزتها طويلاً بينما تقول :
" أعلم كل هذا .. أعلم كم أفنيت عمرك وضحيت لأجلي ..
أنا أحبك حقاً فلورنس .. أنت .. لست زوجي وحسب .. انك أول وأجمل حب عشت حياتي لأجله ..أنا حقاً خائفة من أن أفقدك ..
أشعر بأنك بت تبتعد عني أكثر فأكثر .. وكلما ازدادت المسافة بيننا ..
أشعر أني أوشك على خسارتك .. والهلاك قريب للغاية مني .. أرجوك
لاتتخلى عنا .. من أجلنا كن بخير.. أرجوك ..عدني أن يكون كل شيء
بخير وأطفأ هذه النيران التي أضرمتها بقلبي
"
أشاح بوجهه وهو يستمع لحديثها والحيرة تملأ قلبه .. واذا بعينيه تقعان
على تلكما الطفلتين اللتان تختبئا خلف الباب ، تنهد بعمق محاولاً
السيطرة على غضبه ولملم شتات نفسه ثم أشار لهما باالاقتراب نظرت
كل منهما للأخرى ثم سارتا بتردد نحو والدهما ..والذي ماان وصلا له
حتى عانقهما بحنان وأخذ يخلل أنامله بشعرهما
- هل تناولتما عشائكما صغيرتاي ؟
أجابته هارو باندفاع : لا بابا .. أنا لم أتناول طعام الافطار ولا الغذاء ولا العشاء .. جائعة
نظر لها بدهشة : ولما لم تفعلي ؟!!
نظرت لها هانا مشيرة بالنفي بقلق محاولة ردعها عن الحديث بينما لم تلتفت لها هارو وأكملت تقول باحتجاج
- ماما حرمتني من الطعام وضربتني بالعصا بشدة انظر لساقي
نظر فلورنس بقلق لساقها ولآثار العصا بها ومسح عليها بأنامله بدهشة :
ولما فعلت هذا بكِ ؟!
هارو بتذمر وشكوى : فقط لأني قلت .. أنني جائعة
نظرت لوالدها بخوف حالما شاهدت الغضب يعلو قسمات وجهه بينما ينهض التفت بعدها لآرياكو التي كانت تنظر لهارو متوعدة بغضب
واذا بكفه تعانق خدها بقوة راسمة أثراً واضحاً لصفعته التي خلفت ورائها جرحاً عميقاً بقلبها وصدمة كبيرة .. لم تكن لتتوقع حدوثها يوماً ما !!

https://j.top4top.io/p_1539hhtey1.png

خلصنا اخيراً احس انو البارت طويل كتير
بتمنى يعجبكم ياحلوين ^///^


https://j.top4top.io/p_1539hhtey1.png

الوَاجِب :

• تطورت علاقة الزوجين نحو الأسوأ فهل ستزداد الأوضاع بينهما سوءاً ..
أم لاتزال هناك بادرة أمل تلوح في الأفق لغدٍ أفضل ؟

• لاتزال الحادثة طي الكتمان .. والشكوك الآن تدور حول فلورنس الذي
لم يستطع كتمان غضبه ونقمته لما يحدث بينما تشين يهدد ويتوعد
بالخلاص منه .. فمالذي بانتظاره وهل سيقع حقاً في الهاوية كما تنبأت
له آرياكو ؟

• هارو تزداد عناداً وشقاوة وتسبب ثغرة أكبر بين والديها .. وهانا تفتقد
الشعور بحب والدها .. مالذي يخفيه الغد لهاتين الطفلتين .. ومالدور
اللتان ستلعبانه في الأحداث ؟



https://k.top4top.io/p_1539mwfwm2.png

وتستمر الحياة عناداً وتجبراً وقسوة حتى يكاد الماضي
أن يكون مجرد حلم جميل في ليلة قمرية عابرة
فهل سيتكرر هذا الحلم أم انه سيغدو حقيقة يوماً ما ؟


https://b.top4top.io/p_1539wmlux5.png

آدِيت~Edith 04-03-2020 11:48 PM

LIGN=CENTER]
[FONT=Simplified Arabic][SIZE=4][COLOR=black]
[FONT=Simplified Arabic][SIZE=4]
[FONT=Simplified Arabic][CENTER]https://www2.0zz0.com/2013/03/20/13/614583723.png
[B]


https://www2.0zz0.com/2013/03/20/13/206476783.png


في الماضي .. يحل المساء علينا فننتظره بلهفة وشوق


في الماضي .. كان ضوء القمر يجمعنا يرقب ابتسامتنا السعيدة وضحكاتنا المفعمة بالحياة


في الماضي .. كانت اليراعات تحوم حول مصابيحنا الصغيرة وتتراقص على نغماتنا
الساحرة


في الماضي ... كان المساء لنا .. ملكنا


حيث نمضي أجمل الأوقات معاً


عائلة سعيدة حارسها القمر

https://www2.0zz0.com/2013/03/20/13/447628997.png

أعين بريئة .. اتسعت بدهشة لذلك المشهد المهول


منظر لم يروه أو يألفوه مسبقاً


ضمت كل منهما يد الأخرى بخوف وحيرة وهما يترقبان تلك القنبلة التي توشك على
الانفجار


أما هو .. فتوقف مفكراً لوهلة .. متسائلاً حائراً في أمر نفسه


نظر ليده بذهول ثم لها وقد بدت واجمة تجسدت الصدمة في ملامحها جلية


تراجع بضع خطواتٍ للخلف


حتى قادته قدماه نحو المخرج بخطواتٍ مسرعة


هي .. التزمت الصمت ولا شي سواه


تملكها بعد أن توقعت كما توقع البقية أن تنفجر باكية


أو أن تعاتبه وتبدأ بالصراخ عليه وتأنيبه


لكنها صمتت ... كمرآة كسرت وتهشمت في لحظة واحدة


مر شريط ذكرياتها سريعاً في ذاكرتها


تلك الصفعة .. تعني لها الكثير


فحبيبها ذاك كان قد عاهد نفسه على ألا يمس شعرة منها بسوء


ابتسمت تلقائياً حالما تذكرت ذلك اليوم .. حينما أهداها زهرة الجوري الندية


وحينما أمطرها بكلماته المعسولة التي لطالما أخجلتها وأسعدتها في آنٍ واحد


حتى تشعر بأنها ملكة هذا العالم .. وحدها ولا سواها تشاركها مكانتها تلك


تنهدت بثقل كبير وقد اخفت ابتسامتها مجدداً خلف ستار الماضي


والدموع تحجرت بعينيها .. آملة أن تجد ولو بصيص أمل .. يعيدها للماضي الجميل


مسحت بأناملها ماتقاطر من دموعها ونهضت بهدوء وقد ادارت طرفها نحو ابنتيها


واللتان أرهقمها الانتظار فغفت كلاً منهما على الأخرى بمنظر طفولي جميل


ابتسمت بحنان واقتربت منهما معانقة اياهما كأنما تبحث عما فقدته بداخلهما ..

بأحضانهما الدافئة المفعمة بالحنان والبراءة النقية


ظلت على تلك الحال لفترة تعاتب نفسها وتلومها على مافعلته بصغيرتها ... وتراجع أخطائها


نعم .. أخطئت كثيراً .. انني استحق ماجرى لي .. كنت بحاجة حقاً لما يوقظني من غفلتي وجهلي


نظرت نحوهما مجدداً بندم وأسى .. ثم قبلت جبين كل منهما وحملت هانا لغرفتها


بينما أيقظت هارو بلطف وحب ... فتحت الأخيرة عينيها بنعاس وتعب وماان رأت أمها

حتى شهقت بفزع وأغمضت عينيها منتظرة العقاب


ابتسمت أرياكو باشفاق وأسف ثم عانقتها ومسحت على شعرها برفق


- تناولي طعامكِ حبيبتي قبل أن تخلدي للنوم


نظرت الطفلة لوالدتها بدهشة هنيهة .. ثم أومأت بالايجاب بسعادة وقبلت خد والدتها بمرح : ماما أحبكِ


قالتها وأسرعت للمائدة بعدها وبدأت تتناول الطعام بشراهة وأرياكو تتأملها بابتسامة هادئة محبة
https://www2.0zz0.com/2013/03/20/13/447628997.png

صوت حذائه العتيق يعانق تلك الحشائش الذابلة قطع سكون المساء


كان يسير على غير هدى .. ليس يعلم أين يقصد


توقف في منتصف ذلك الحقل الواسع وذكرياته هناك لا تنفك تهاجمه بشراسة مؤنبة اياها مازقة أحبال قلبه تعتصره بها


الضياع وحده هو ماتملكه في ذلك الوقت .. الشعو

ر بالوحدة .. الغربة .. الاختناق .. والنهـاية


لقد أنهى كل شيء جميل بعدما سيطر الانتقام على قلبه لفترة قصيرة !


جلس على الأرض بأسى وشد على الأعشاب بقبضته المتعبة


" مالذي جرى لك فلورنس .. لما غدوت هكذا .. أشعر انني أدور في دوامة لانهاية لها ..

كيف أصبحت بهذه الحال .. ولما غدوت .. وحيداً هكذا .. أم انني كنت كذلك دون أن أدرك .. أرياكو .. أنقذيني .. أشعر بالضياع حقاً "


رفع رأسه يراقب تلك السماء الحالكة السواد وقد ابتسم ساخراً بأسى :


حتى أنت هربت هذه الليلة أيها القمر .. ألا يمكنك مواساتي قليلاً .. مضى زمن مذ

اجتمعنا تحت سقفك .. متى سنفعل هذا مجدداً ؟ متى ؟


تنهد بثقل وهو ينكس رأسه ويتمتم بضياع : متى .. متى ؟


نهض بعدها وعاد يسير في طرقات القرية وحقولها كما لو كان جسداً خاوياً لاروح فيه


سيطرت عليه آلامه واستحوذت على كل بذرة أمل تملكت قلبه سابقاً


وفجأة .. وجد قدماه تقودانه نحو ذلك المنزل المعتم ... والذي لم يتصور أن يقصده يوماً ما ... ويطرق أبوابه

https://www2.0zz0.com/2013/03/20/13/447628997.png

ربتت على طفلتها بعدما دثرتها .. وماان غفت حتى بقيت قليلاً تتأملها بشرود


نهضت بعدها وعادت لغرفتها تتأمل فراش زوجها الخالي ..


جلست بجانبه ومسحت بكفها عليه بشوق


رغم أنه كان معها منذ سويعاتٍ قليلة .. الا انها اشتاقت لأن تشعر بوجوده كالماضي


وللحياة التي كانت تدب به فيبعثها لمن حوله بابتسامته المشرقة ومرحه وشقاوته

وتصرفاته الطفولية التي لطالما أحبتها


ابتسمت والحنين يمزقها ودموعها استسلمت وعانقت خديها


تنهدت بعمق ثم نهضت وهي تمسح دموعها وارتدت وشاحاً يدفئها .. ثم خرجت من منزلها بعدما ارتدت حذائها


سارت في الطرقات باحثة عن أي أثر له والخوف قد تسلل لقلبها واتخذ مكانه منه


مضى الوقت واليأس قد بدأ يتسلل لقلبها شيئاً فشيئاً ..

ولم يكن بامكانها الابتعاد أكثر عن المنزل وترك طفلتيها وحيدتين


عادت خائبة بقلق وأسى .. وجلست تنتظره امام عتبات منزلها العتيقة


آملة أن يعود سريعاً .. فيطفأ ذلك الجحيم الذي يحرق قلبها

https://www2.0zz0.com/2013/03/20/13/447628997.png

-
اوه .. انظروا من لدينا .. فلورنس ؟! وفي هذا الوقت من الليل ؟! عجباً ماذا حل بكِ .. هل طردتك جميلتك ؟!


أغمض فلورنس عينيه في محاولة ليستجمع هدوئه .. لايعلم حقاً لما قد لجأ لشخصٍ قذر كتشين ...


كل مايعرفه .. أن قلبه وقدماه قاداه الى هذا الطريق .. فتح عينيه قاطعاً حبل تلك الأفكار التي داهمته على حين غرة


وقال ببرود وهو يدخل : بل رأيتك في أسوأ كوابيسي .


ضحك تشين ساخراً وهو يغلق باب المنزل ... رمق فلورنس بنظرة تخفي الكثير بينما كان الأخير يخلع حذائه ويجتاز عتبات المنزل ...


ابتسم بمكر مجيباً له : شكراً لهذا الكابوس اذاً .. وأكمل مخاطباً نفسه :


" فقد جعل الأمور سهلة للغاية بقدومك بنفسك لي وفي مثل هذا الوقت .. هه أظنه يوم حظي "

https://www2.0zz0.com/2013/03/20/13/447628997.png

- اذاً فلورنس
لم تخبرني مالذي جرى معك لتأتيني بهذا الوقت


كان ذلك ماقاله تشين وهو يقدم طبق الطعام لفلورنس الذي كان شارد الذهن


أجابه وهو لايزال ينظر للفراغ متكئاً على الجدار وقد ارخى احدى ساقيه وأسند ذراعه للأخرى :
لاشيء .. سوى أنني أدركت مكاني الحقيقي في هذا العالم


- ههه ياه كم هذا مبكر .. اللتو تعرفه .. وماذا اكتشفت اذاً ؟


نظر له فلورنس بهدوء وقال وهو يمسك كأس الماء : اكتشفت أنني .. غريب عن هذا المكان .. أني لا انتمي له


ابتسم تشين برضاً دون أن يعقب على كلامه بينما ارتشف فلورنس بعض الماء وأعاد الكوب لمكانه


نهض بعدها وارتمى على الفراش الذي جهزه له تشين وتدثر جيداً وهو يقول : أريد النوم بعد اذنك .. سنتحدث غداً


تشين بابتسامة خبيثة : بكل سرور


نهض بعدها وخرج من الغرفة .. رمق فلورنس ذلك الباب بنظراتٍ تخفي الكثير


نظراتٍ صيرته وحشاً مخيفاً يخبأ في جعبته حيلاً خطرة لايمكن لأحدٍ التنبؤ بها


وخبأ ذلك الهدوء الذي يسبق العواصف المهلكة .. فمالذي يترقبه ويخطط له ؟!

https://www2.0zz0.com/2013/03/20/13/447628997.png

مرة أخرى .. تدلى عنقها وهي مغمضة العينين .. ففتحتهما بذبول ونعاس محاولة المقاومة


واعتدلت في جلوسها من جديد وهي ترمق بعينيها الناعستين فراشها الذي لازال بارداً
ارتدت وشاحها من جديد وسارت خطواتٍ نحو الباب


فتحته وسارت نحو الخارج .. ترقب ذلك الطريق الطويل ... منتظرة أن يمثل طيفه أمامها ولو للحظة


أفرغت بعضاً من ثقل قلبها بتنهيدة قوية ثم عادت للداخل وأغلقت الباب
وقفت هنيهة كما لو أنها تذكرت شيئاً ما ..


فأعادت فتح قفل الباب ونظرت له مجدداً بارتياح فهكذا سيتمكن زوجها من الدخول حتى لو سرقها النوم من عالمها


عادت لغرفتها وأنزلت الوشاح عن كتفيها ثم وضعته على الفراش .. وبقيت تفكر قليلاً بأسى


واذا بصوت باب غرفتها يفتح بهدوء ... التفتت وهي لاتزال مبحرة بأفكاره معتقدة أن ذلك الوافد هو احدى طفلتيها


واذا بها ترى ظلاً غريباً طويلاً ..


رفعت طرفها تدريجياً وعيناها تتسعان بدهشة .. حتى وقع بصرها على ذلك الرجل الذي كان يبتسم بخبث


ظلت تنظر له بذهول غير مصدقة مايجري .. كيف دخل لغرفتها .. كيف تمكن من فعل هذا ..


وكيف تجرأ على المجيء بكل وقاحة في هذا الوقت .. كيف لم يخشى أن يكون فلورنس في المنزل


هاجتمها كل تلك التساؤلات حتى كادت تتمنى الموت في تلك اللحظة واستغاثت به قائلة بصوت مختنق : فلورنس .. لما تركتني


بينما اقترب الآخر بخطواتٍ واثقة كما لو أنه يدرك تماماً أن زوجها لن يجيئها مهما حاولت


مما جعل الخوف يتملك قلبها أكثر فأكثر .. تراجعت للخلف في محاولة يائسة للهرب منه


بينما مد يده ليمسك يدها فأبعدتها بسرعة وهي تصرخ : اتركني وشأني اخرج من هنا اخر....


أغلق فمها بيده بسرعة بينما يده الاخرى تقبض على يدها بقوة .. وهمس بمكره المعهود : زوجكِ رحل للأبد .. أنتِ وعائلتكِ الآن ملكي .. آرياكو


بذهول كانت تطالعه غير مصدقة لما يجري .. وكأنما دخلت كابوساً فضيعاً


لحظات من الخوف والجزع .. لحظات كما الموت حلت عليها


سبقت تلك العاصفة التي هبت دونما رحمة تقتلع كل شيء حولها


فجأة .. تناثرت دماء لم تعرف مصدرها .. وسقط ذلك الرجل الذي كان للتو أمامها جثة بلا حراك


بينما هي لاتزال بذهولها لم تسكن بعد نبضات قلبها عن الهذيان


لاوقت للراحة أو للهدوء .. فذلك الشخص الذي أتى من العدم بدأ ينهال على عدوهت بضربات مخيفة جنونية


بذلك المعول القديم .. والذي غطته الدماء


لم تتمالك نفسها بعد ذلك المنظر البشع .. وتلك الاحداث المرعبة ... بدأ الدوار يداهمها بقسوة .. وسرعان ماخرت على الأرض بلا حراك


بينما بدأ يضحك بنصر بعدما أنهى ماخطط له في لحظات جنونية لم يكن فيها عقله ملكاً له


وتهاوى بعدها على الأرض وهو يلهث بتعب ويرمي مابيده وهو يتمتم :
اللعنة عليك تشين .. اللعنة عليك .. لقد قتلتك أخيراً .. أخيراً تخلصت من لعنتك أيها الغراب .. أخيراً تحررت .. تحررت من سجنك أيها الحقير ..


تلك القهقهات تحولت فجأة لشهقات أطلقها دونما ادراك ..


أسند رأسه لكلتا يديه وشرع في البكاء بحرقة صامتاً .. محاولاً اخفاء صوته مع سكون الليل


بينما ظهر القمر من بين الغيوم .. ليشهد على الجريمة الثانية ... في اوساكا ..


https://www2.0zz0.com/2013/03/20/13/658483082.png
هل سيكون هذا ماستشهده منذ اليوم


آلامنا ودموعنا


لست المسؤول عما يحدث


انه القدر داهمني بخناجره ليطعنني ويقتل ابتسامتي


ماذنبي ان كنت أحارب لأعيش


والعالم يرفضني


سامحني أيها القمر


ستكون منذ اليوم .. الشاهد الوحيد .. على انهياري !


https://www2.0zz0.com/2013/03/20/13/554859319.png



- جريمة أخرى تحدث .. وهذه المرة فلورنس هو من ارتكبها بمفرده أمام عيني زوجته .. فكيف سيحل الصباح على كليهما ؟


- خطر تشين قد زال .. ولكن لا يزال هناك ماهو أخطر .. كيف سيتجاوز فلورنس ماحل عليه وهل سيكتشف أهل القرية الأمر ؟


[B]- هانا وهارو .. بعيداً عن كل مايجري .. ولكن هل هذه هي الحقيقة ؟ وكيف سيكون مستقبل هاتين الطفلتين ؟
[/ALIGN][/]

آدِيت~Edith 04-04-2020 12:13 AM

https://www12.0zz0.com/2013/04/12/14/311456346.pnghttps://www12.0zz0.com/2013/04/12/15/312465834.png

امتزج ذلك الدخان الساخن من شرابها بالهواء الذي داعب خصلات شعرها القصير

وهي تحتوي الكأس بين يديها بينما عيناها تبحران في الماضي

متأملة أشجار الكرز التي غدت كئيبة مثلها تماماً

همس وهو يربت على يدها بحنان وعطف : أما آن لحزنكِ أن ينجلي ياصغيرتي ؟

أجابته وهي تكتم شهقاتها المتألمة : كيف أفعل .. والماضي يهاجمني بذكريات لطالما حاولت نسيانها .. لا أستطيع الا أن أراه المتهم الأول .. جعلني أعيش كابوساً لا نهاية له .. عذبها طويلاً .. جعلنا نعاني ... أنا أمقته .. أمقته بشدة .. الموت لـ...

قاطعها مؤنباً برفق : كلا .. لاتقولي هذا .. كان ذلك قدركم .. من يعلم قدر ماعاناه هو الآخر .. يبقى والدكِ بعد كل شيء .. لاتكرهيه هكذا .. فلابد أن هذا يؤلمها

انهمرت دموعها بحرقة من عينيها ماان ذكرها .. فقالت بصوت تخنقه العبرات : أحبته كثيراً .. من كل قلبها .. لم تنسه يوماً ..

عاد ينظر لها بعطف وصمت كأنما يستحثها على افراغ مابصدرها من ألم

لكنها توقفت عن الحديث واكتفت بأن أجهشت بالبكاء مجدداً

فما كان منه الا ان يحتويها بين ذراعيه وفي أحضانه



https://www12.0zz0.com/2013/04/12/15/292671026.png




صوت خطواته قطع الصمت وهو يغادر الغرفة

بينما رمقه الآخر بنظرات حاقدة شيطانية

كل منهما يخطط للأمر ذاته

انما .. من سينتصر ؟!

دخل غرفته وانتظر قليلاً حتى يأخذ المخدر الذي وضعه في الشراب مفعوله من جسده

ثم عاد للغرفة وتوجه نحو فراشه بحذر

كان يعلم بأنه لم يشرب الكثير

وبأن قدر ماتناوله لم يكن كافياً ليدخله ذلك السبات العميق

انما هو كافٍ لجعله لايقوى على المقاومة

بخفة وضع الوسادة فوق وجهه وضغط عليها بكل قوته

وكما توقع استفاق عدوه وبدأ يحاول المقاومة فزاد من ضغطه على الوسادة

همس بشر وحقد : لكم تمنيت تمزيق جسدك وقتلك بما تستحق أيها البريطاني .. يؤسفني انني مضطر لقتلك بسلاح سخيف كهذا .. حقاً هو أمر مؤسف

سكنت حركته تماماً فنهض تشين عنه بابتسامة انتصار

وقبل أن يخرج انحنى عليه ليتأكد من موته

فعلت ثغره ابتسامة مطمئنة وألقى الغطاء على وجه فلورنس الشاحب

هم بالمغادرة بينما يخطط لخطوته التالية

لكن كفاً متعبة أمسكت ساقه توقفه عن الحراك

التفت ليراه يفتح عينيه بذبول وهو يسعل مقاوماً بتحدٍ لمع بعينيه

ابعد ساقه عن قبضته بقوة وركله وهو يقول بحقد : لم تمت بعد .. يبدو أنك تفضل الطرق الأصعب ..

ابتسم الآخر ابتسامة شاحبة وخاطبه بثقة : أنا .. أم .. أنت ؟

تسائل بداخله عما يقصده ذاك الذي نعته بالمجنون

وهم بركله ثانية لكن الأخير ابتعد بعزم وهجم عليه وقد استعاد بعضاً من قوته

بدأ العراك بينهما لفترة .. عراك صامت عنيف نهايته هي الموت !

فلورنس والذي استنفذ طاقته ولم يعد بمقدوره الحراك أكثر ضعف عن القتال

مما أعطى خصمه الفرصة للنيل منه لينهيه تماماً

القى به بقوة على تلك المكتبة الخشبية الممتلئة بالتحف والصحون الفخارية

اصطدم بها فسقط جسده على الأرض بينما تساقطت الأواني عليه مخلفة جروح متفرقة بجسده المتعب

قطرات الدماء التي ملئت تلك البقعة وسكون جسده

أكدا له موته المحتم ..

تراجع للخلف فهذه المرة لايمكنه اخفاء جريمته

أسرع نحو غرفته ونظر يميناً وشمالاً محاولاً ايجاد خطة سريعة للهرب

اخذ حقيبة النقود المسروقة وخبئها بحرص تحت بعض الملابس التي أقحمها في الحقيبة

ثم هرول نحو الخارج وقبل ان يخرج تماماً القى نظرة أخيرة نحو فلورنس

ثم أكمل طريقه هارباً ..

عبر الجسر المجاور للحقل بخفة وهو ينظر يمنة ويسرى مختبئاً من أي ظل يلحظه

كان المكان المظلم خالياً حينها

لكن ما أذهله وأرعبه هو الطيف الذي توجه للحقل في مثل هذا الوقت

حتى اتضحت له الرؤية وبدت له .. بوجهها الذي كسى الخوف تفاصيله

بينما بدا أنها تبحث عن شيء مهم للغاية بحيث حرمها لذة الرقود في تلك الساعة

استدرك فوراً .. انها تبحث عن زوجها .. والذي قتله تواً

ابتسم بمكر وقد داهمته فكرة شريرة جديدة

انتهى دوره في هذه المكان على كل حال .. فلما لا يحظى عليها كذلك قبل الرحيل

هذا مادار في خلده قبل أن ينطلق خلفها ..

ويبدأ بخطة وحشية أخرى يستتم بها جرائمه التي بدأت في ازدياد

https://www12.0zz0.com/2013/04/12/15/623445161.png

بدأت الدماء تسيل من جسده بينما عدوه غادر تاركاً اياه يموت ببطء

لوهلة هاجمته كوابيس مخيفة وهو معلق بين الموت والحياة

عاد به شريط الذكريات سريعاً لكل الأيام الماضية التي عاشها

والده واخوته .. عائلته وقصره الكبير الفاخر وحياته المرفهة

حبيبته التي غدت زوجته وطفلتيه الوحيدتين الصغيرتين

منزله العتيق وحياته الهادئة الريفية

التحول الفضيع بعالمه .. أجل تقلبات مستمرة تداهمه بتحولها المستمر

هل يفارق كل هذا الآن

هل يتركهم خلفه جميعاً

وحدهم !!

صورة ارتسمت أمامه فجأة ... لايعلم لما داهمته .. لكنها حتماً انبئته بالخطر القادم

" آريا حبيبته مع ذلك المعتوه تشين .. تقف أمام الباب .. يهمس لها"

حدسه كرجلٍ وكزوج .. بأن هذا الشخص .. يحاول فعل أمر خاطيء دنيء

تحركت أصابعه المرتعشة آنذاك

أحكم قبضته تدريجياً وفتح عينيه بذبول

رغم كل ماألم به.. نظر للأمام بعزم وقوة .. يجب أن ينقذها .. لايمكنه أن يرحل هكذا

تاركاً اياها طعماً بين يدي عدوه

رفع يده لذلك الجرح النازف برأسه

و نهض بمحاولة يائسة للتوازن

استرخى قليلاً ريثما يستعيد بعض قوته

ثم نظر للخارج وسار من جديد يستند على أقرب حائط يراه

خرج من المنزل الموحش تاركاً بصماتٍ من دمائه في كل مكان يسير فيه

سار نحو منزله .. ودقات قلبه تتسارع شيئاً فشيئاً .. وغضبه كذلك بازدياد كلما اقترب أكثر

وحقاً .. صدقت توقعاته .. نحو خصمه الذي حفظه تماماً

هاهي ذي حقيبته بجوار باب منزله الخلفي .. في ذلك الممر المؤدي الى

- غرفتي!! .. غرفتي أيها الحقير القذر !! .. انها حتماً نهايتك .. تشين اللعين ..

فجأة .. شعر بقوة أربعين رجلاً تتسلل الى داخله

متجاهلاً كل آلامه وجروحه .. نظر حوله باحثاً عن سلاح يشفي غليله

هو ذا .. ذات السلاح الذي دفن به ضحيته السابقة ..

لا يوجد ماهو أكثر ملائمة لقتله به .. واطفاء نيران غضبه المتأججة بداخله

أمسكه مصبغاً مقبضه بالدماء التي ملئت كفيه

ودخل الغرفة يجره خلفه ...

وهاقد لاح غريمه له يقف أمام فتاته .. زوجته .. أمام كبريائه ورجولته

لم ينتظر منه أن يتقدم أكثر .. لم يتهمل أن يشاهد ماسيحدث

بل ان قوة اخرى تسللت لأعماقه ليبدأ هجومه ذاك بلا تفكير

بلا سيطرة من عقله

لحظات كانت كالجنون ..

انتهت بعاصفة قوية تلاها سكون .!

سكون مخيف قاتل ..

ونور القمر .. كان الوحيد الذي أضاء تلك البقعة

عله يجد بصيص أمل لذلك المنزل الذي فقد السعادة والرخاء

انتهت ضحكاته المنتصرة بشهقاته المتألمة .. بأنينه ونحيبه الصامت

عادت الآلام لجسده لتهاجمه بعنف ..

أسند يديه على الأرض وشعر بنفسه يهوي

تماسك قليلاً حالما تذكرها .. مالذي جرى لها الآن

لقد شهدت كل ماحدث .. أجل كانت هنا ..

رفع طرفه نحوها بسرعة ليراها ملقاة على الأرض بلا حراك

زحف نحوها ومد يده المتعبة لوجهها الشاحب

همس بدفء وخوف : آريا .. حبيبتي .. استفيقي .. أأنتِ .. بخير ؟

جلس بجانبها ووضع رأسها بحجره وأخذ يحاول ايقاظها وقد تملكه الذعر

بعد لحظات من الصمت الثقيل فتحت عينيها المتعبتين الباكيتين

نظرت له والدماء تغطيه .. كادت نبضات قلبها ان تتوقف

انعقد لسانها حتى شعرت أن لاقدرة لها على الحديث

بينما همس مطمئناً : انتِ بخير .. حمداً لله

علت شفتيه ابتسامة متعبة .. لكنها حوت الكثير

ابتسامة حقيقية غابت عنها لفترة فلم تعد تلحظها

بدا القلق واضحاً على قسمات وجهه المرهق

ماان استعادت تلك المشاعر وعرفته ..دمعت عيناها بأسى

وأخذت تبكي بأحضانه مفرغة آلامها وخوفها

ربت على ظهرها مطمئناً اياها .. وهمس بحب : كل شيء .. بخير .. لاتخافي .. أنا معكِ .. أميرتي

أميرتي !!

تردد صدى تلك الكلمة بأعماقها مراراً

تلك الكلمة التي لم يقلها منذ فترة طويلة .. كم كانت بحاجة لها حقاً


لتستعيده مجدداً .. وتستعيد روحها معه ..

كل مافعلته حينها .. انها زادت من عناقها له واغمضت عينيها باطمئنان

فتحت عينيها على اثر تأوهه الذي حاول جاهداً أن لايبديه

ابتعدت عنه بهلع ونظرت لوجهه .. الدماء كانت تغطيه

لم تكن دماء تشين وحسب

بدا الخوف جلياً عليها بينما همست وهي تضع يديها على خديه : مالذي .. جرى لك .. ماكل هذا .. رباه .. مالذي حدث لك

انهمرت دموعها دون مقاومة بينما همس لها هو الآخر : لا تقلقي .. بخير .. أنا .. بخير

مددته على الفراش القريب بسرعة دون أن تنسى أن تلزم الحذر بذلك كي لاتؤلمه أكثر

كان عليها الآن أن تستجمع قواها فلديها الكثير من العمل


بدأت بمداواة جراحه ودموعها لاتنفك عن الانهمار بينما همس بتعب : هناك .. ماهو أكثر أهمية .. مني ..

نظرت له بدهشة واستنكار بينما أكمل يقول بجدية : ماحدث .. الليلة .. لايجب أن يعلمه .. أحد سوانا

استدركت مايعنيه فنظرت صوب جثة تشين المشوهة وفزع قلبها من جديد

ادارت بصرها له مختنقة بآلامها وحزنها وعاتبته بهمس : لما .. فعلت هذا ؟

نظر لعينيها بحنان وقال وهو يضم يدها بيده : سنتحدث عن كل شيء لاحقاً .. ثقي بي وحسب .. أعلم ماتعانيه الآن .. وآسف .. آسف حقاً لذلك .. ولو أن الأسف وحده لن يكفي أنا أعلم .. انما .. أنا بحاجة لكِ الآن .. لقوتكِ .. استعيديها لأجلنا .. لأجل ان .. تنقذينا آريا .. تعرفين مايجب فعله .. صحيح ؟

كانت تستمع له وهي تبكي بصمت وألم .. هذه المهمة هي الأصعب .. هي بحاجة الآن

لأكثر من القوة .. بحاجة للشجاعة والصبر .. كيف لها ان تمتلك كل هذا

لكنها الآن .. الوحيدة القادرة على فعل ذلك .. هي المكلفة بحماية عائلتها في هذه اللحظة

نهضت بعزم ومسحت دموعها .. نظرت للدماء وللجثة .. شعرت بالضعف مجدداً يتسلل لقلبها فقالت بألم : لايمكن .. لايمكن أرجوك

نظر لها بأسف .. فهي مهمة صعبة بالفعل على أن تقوم بها وحدها

نهض من فراشه بثقل محاولاً التماسك فأسرعت نحوه وأسندته : لايمكنك الحراك أكثر .. لا أريد ان افقدك

همس لها بابتسامة دافئة
وهو يضع يده على خدها : ولن أدعكِ تعانين كل هذا بمفردكِ .. لا أريد أن افقدكِ أيضاً

ابتسم كليهما رغم تلك الآلام التي اجتاحت قلبيهما قبل جسديهما

وبعد لحظاتٍ من الصمت بدءا العمل على دفن الجثة

- أين سندفنه .. ان حفرنا في الخارج قد يرانا أحدهم

- لذا سندفنه هنا !

- ماذا تقول ؟!! في غرفتنا !

- أجل .. لا حل آخر .. سندفنه في القبو

قال ذلك ورفع الغطاء الخشبي الموجود في زاوية غرفتهم ذات الطراز التقليدي

ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تراه يبدأ برفع الجثة المخيفة المضرجة بالدماء

أشار لها بمساعدته فسارت نحوه بتردد وقد تسلل الرعب لقلبها

قررت أن لاتنظر بينما تمسك بساقيه وترفعه مع فلورنس

وبعد وقت عصيب استتموا دفنه بتلك الغرفة الصغيرة أسفل غرفتهم

خرجوا منها وأغلقوها باحكام ..

نظر فلورنس لآريا التي كانت ترتعش كطائر مبلل

اعتنقها وأخذ يحاول أن يبث الاطمئنان بقلبها

نظرت له وقد تجمعت الدموع بمقلتيها بينما هي تحتجزها في محاولة لاظهار أنها بخير

وقالت بصوت مرتعش : لنكمل .. قبل .. أن تشرق الشمس

أومأ لها بالايجاب وهو ينظر لها آسفاً

ثم بدءا بمسح بقع الدماء وغسلها بحذر كي لايسمعهم أحد

بدلوا الشراشف وملابسهم الملطخة بالدماء .. والقوها في القبو كذلك

وحتى آثار الدماء خارج المنزل .. حاولوا جاهدين اخفاء مايقارب منزلهم منها

لتبدو كما لو أنها تنتهي عند الجسر مبتدئة بمنزل تشين

https://www12.0zz0.com/2013/04/12/15/623445161.png

كانت تلكما العينان البندقيتان الخائفتان ترقبان السقف بشرود

الرعب الذي تملك قلبها وأيقظها من أحلامها الوردية

صوت تسلل لأذنيها أجفلها وأشعرها بالظلمة تحيط بها

بهمس مرتعش خاطبت شقيقتها وهي تحركها بخوف : هارو .. هارو

بينما كانت الأخيرة في سباتها العميق وقد بللت الوسادة بلعابها

نظرت هانا للغرفة الموحشة ثم عادت تهز شقيقتها من تحت الغطاء وهي تقول وعينيها على وشك الامطار :

هارو أرجوكِ .. استيقظي هارو

برجاء والحاح ظلت تناديها حتى استفاقت بضجر وقالت بصوت مبحوح اتضح عليه النعاس :

ماذا تريدين .. مزعجة انتي

أجابتها هانا بسرعة كما لو كانت تطلب منها النجدة : المنزل مخيف .. خائفة جداً

نظرت لها هارو باستسخاف واستدارت مواجهة لها بظهرها

- انتِ طفلة حقاً هانا

دمعت عينا تلك الصغيرة وهي تعود لتهز شقيقتها قائلة بخوف : أريد أن أذهب للحمام

- اذهبي .. ماشأني أنا ؟

- لكني خائفة

- هفف .. هانا اغربي عن وجهي أنا نعسة

هكذا أجابتها هارو قبل ان تدثر وجهها بالغطاء وتعود لسباتها من جديد

نظرت هانا للغرفة المظلمة وقلبها الصغير يرتعش خوفاً

لم تحتمل أكثر فنهضت وهي تغلق عينيها وأسرعت خطاها حتى وصلت للباب

فتحته وخرجت بسرعة من الغرفة .. حيث لاح بصيص من نور القمر أضاء باحة المنزل الداخلية الصغيرة

وجهت بصرها ناحية الحمام وأسرعت نحوه

فجأة .. استوفقها ذلك الصوت المرعب من جديد

صوت أنين مفزع.. أعاد الهلع والذعر لقلبها

نظرت نحوه فوجدته يصدر من غرفة والديها

اعتراها القلق لوهلة .. وبتردد أجبرت نفسها على الذهاب الى هناك

متناسية حاجتها الملحة للحمام ..

وقفت خلف الباب تستمع .. وكما توقعت هاهو الصوت يعلو ويصبح أكثر وضوحاً

رفعت نفسها لتقف على أطراف قدميها وهي تمد يدها نحو المقبض

حركته لتفتح الباب بهدوء قليلاً

وفوراً لاح لها في زاوية الغرفة طيف مظلم مرعب

كان قد أعطاها ظهره المدمى ولم يبدو منه سوى شعره الكثيف الأسود الحريري

نظرت له ملياً غر مدركة لهويته .. كل ماشعرت به

دقات قلبها المتسارعة التي تكاد تخرج من جوفها

والتي تزايدت أكثر حالما حرك رأسه مستديراً لها لينظر بعينيه المخيفتين

أغلقت الباب فوراً حينها وقلبها يرتعش بشدة وكذا قدميها اللتان بالكاد أسعفتاها للركض عائدة نحو غرفتها

رمت نفسها فوراً تحت لحافها الأبيض وجسدها يرجف خوفاً

شعرت بها شقيقتها فنظرت صوبها بتململ وضجر : مزعجة أنتِ .. ماذا الآن ؟ بللتِ ملابسكِ ؟

سمعت بكاء شقيقتها الخائف وقد اقتربت منها أكثر وتعلقت بها وهي تتمتم : الحمام .. أريد .. الحمام

أجابتها ببرود : اذهبي مايمنعكِ ؟

نظرت لها بعينين ممتلئتين بالدموع وهي ترتعش : شبح بالمنزل .. مخيف جداً .. أريد أمي

بكت بشدة وهي تتعلق أكثر بشقيقتها التي كانت تحدق بها بتعجب

لم تر يوماً أختها بهذا القدر من الخوف .. هي لاتنكر أنها الأخرى بدأت تشعر بالخوف أيضاً

بعد فترة .. قررت أخيراً ايجاد حل للرعب الذي أورثتها اياه شقيقتها فلم تعد قادرة على البقاء في الغرفة

- هانا .. وجدتِ الشبح حقاً ؟

- ام .. أنا .. أنا .. رأيته

- مخيف ؟

- جداً

- كيف كان ؟

- لا أعرف .. شعره .. أسود .. فقط .. وعيناه .. مرعبتان

صمتت كلتاهما لوهلة حتى قالت هارو أخيراً بخوف

- هانا

- نعم

- لنذهب وننم مع أمي وأبي

- لكن الشبح هناك .. في غرفتهما

هكذا أجابت هانا بسرعة وخوف بينما قالت هارو بعد تفكير :

الأشباح لاتظهر ان كنا اثنتين .. وان كنا مع ماما وبابا لن يقترب منا

أقنعتها اجابت شقيقتها فأومأت بالايجاب بعد تفكير

نهضت كل منهما تمسك بيد الأخرى

وسارتا بحذر وهما تضيئان الأنوار في كل مكان تسيران فيه

حتى وصلتا للغرفة

وضعت هارو يدها على المقبض بينما الأخرى تمسك يد شقيقتها بقوة

فتحته بتردد شديد ودقات قلبيهما تكاد تسمع

فتح الباب .. وكان المكان هاديء تماماً

قالت هارو ببعض الاطمئنان : رأيتِ ؟ خاف منا

اجبرت هانا نفسها على رسم ابتسامة تخللها الخوف بينما تقول : نعم

واذا بهما تسمعان صوت الأنين خلفهما تماماً

صرخت كل منهما فزعاً وأسرعتا لفراش والديهما فدفنا نفسيهما بداخله بسرعة وهما تصرخان وتبكيان بهلع

https://www12.0zz0.com/2013/04/12/15/623445161.png


عادا للمنزل والشمس تبدي أوائل خيوطها

دخلا من الباب الخلفي كي لايلحظهما أحد فما هي الا دقائق حتى يبدأ الجميع بالاستيقاظ من سباتهم

همست له وهي تجتاز العتبات الخلفية وتفتح باب غرفتها : يجب ان تستحم الآن

أومأ لها بالايجاب بتعب شديد وقدماه بالكاد تحملاه على الوقوف

واذا بهما يفاجئان بطيف صغير على فراشهما ويسمعان أنيناً وبكاءاً أفزعهما

صمت كليهما بذهول وخوف

بعد لحظات من الهلع همست آريا بدهشة : لحظة .. انها .. هارو

توجهت لها مهرولة ثم انحنت عليها وهمست بقلق : مالخطب صغيرتي

نظرت لها الطفلة بعينيها المغرورقتان بالدموع ثم عانقتها بسرعة وشرعت بالبكاء

رمق فلورنس آرياكو التي كانت تنظر بدورها له بتساؤل وقلق

جلس بجانبها يضع يده على خاصرته بتعب : مالخطب حبيبتي هارو

قالت بين شهقاتها : خائفة

نظر كلاهما لبعضهما مجدداً ثم لها .. حينها همست آرياكو لها : من ماذا صغيرتي

أجابتها وهي لاتزال تخفي وجهها بأحضانها : رأينا .. شبحاً مخيفاً

- ر..أيتِ .. أنتِ ومن ؟!

- وهانا ..

- وأين هي الآن ؟

أشارت هارو الى الغطاء المكور بينما نظرت آريا الى حيث أشارت متوقعة وجود هانا تحته

نظرت لها بأسف ثم لفلورنس الذي بدا نادماً قلقاً

خاطبها بهمس : اتعتقدين انهما شاهدتا شيئاً

أجابته بحزن عميق وخوف : لا أعلم حقاً .. ستكون كارثة لو حدث .. أنا لهما تحمل ذلك

اعتنقت طفلتيها بأسى وفلورنس يتأملهم بحيرة

" كل مايجري بسببي .. دون أن ادرك .. ها أنا أقود عائلتي للهلاك .. ماذا عساي أن أفعل الآن ؟! "

ارتمى على الفراش وكذا فعلت آرياكو

وبينهما طفلتيهما يحاولان بث الأمان في قلبيهما الصغيرين

غنت آرياكو أهزوجتها الجميلة التي تعشقها صغيرتيها بلحن دافيء :

ساكورا ساكورا
مارس مشمش مشرق ساطع،
تمتد على تل وواد،
تزهر رشيقة وسلمية
مثل الحجاب الحريري لملاك
ساكورا ساكورا
كم أحب أن أراها
أزهار الكرز، أزهار الكرز،
غطت الريف،
بقدر ما يمكن أن نرى.
هل هو ضباب، أم سحب؟
عبق في شمس الصباح.
أزهار الكرز، أزهار الكرز،
الزهور في إزهار كامل.

بصوتها العذب الحاني .. جعلت أعينهم البريئة تغفو بسلام واطمئنان

ليس هما وحسب .. بل حتى فلورنس الذي أعيته تلك الليلة القاسية

غفى كطفل صغير ..وقد احتواهم بذراعه

وماهو الا وقت قصير حتى كان يهذي أثناء نومه كما لو كان يرى كابوساً

حاولت فهم شيء مما يقوله فلم تستطع الا ان تلتقط : سامحيني .. آريا .. سامحوني .. جميعاً

ابتسمت وعينها تقطر بدموع متألمة ..

وأكملت أهزوجتها بحنين وأسى :

عبر سماء الربيع،
بقدر ما يمكن أن نرى.
هل هو ضباب، أو سحب؟
عبق في الهواء.
حان الآن، إزهار الكرز
دعونا ننظر في الماضي!
في الماضي الجميل
هناك حين كنا
نرقب الحياة ونرقب الزهور
من بعدما ذبلت
لم تختفي ..
وستظل
تزهر من جديد
وسيعود الربيع من بعد الشتاء
سيعود الربيع ..







https://www12.0zz0.com/2013/04/12/15/140895031.png

يحل الخريف .. وبعده الشتاء

محملاً ببرودة تطغى على ماتملكه قلوبنا من دفء

نحن بحاجة لبعضنا البعض

بحاجة لأن تمد يداك قلبي بالقوة والدفء

كن بجانبي

ولاتفلت يدي أبداً

لكي يحل الربيع على قلبينا

كن معي

https://www12.0zz0.com/2013/04/12/15/102190425.png

احم احم اخيراً خلصنا

البارت كان طويــــــــــــــــــل مهيك

وللعلم أنا كنت مخططة لأحداث أكثر كلها تخص الصباح ومجهزة أحداث لنهاية هاليوم

بس لما اجيت اكتب وكالعادة طلعت أحداث ماتوقعت انها بالكتابة رح تحتل كل هالكم

الهائل من الأسطر .. المعذرة أطلت عليكم كتير

بتمنى يعجبكم البارت حاولت جاهدة أن لااخطيء مع العلم أني عم اكتب البارت والأنوار كلها مطفية بالليل كمان وأنا نفسي مرعوبة هيهيهيهي

عالعموم ننتقل للواجب نعست بدي نام هههههه

- رأيكم البارت - انتقادات - نصائح - أجمل مقطع - أسوأ مقطع

- فلورنس غدا مصاباً لايقوى على الحراك كثيراً .. هل سيتمكن من النجاة .. ومن مواجهة أهل القرية ؟!

- آريا وتلك الليلة العصيبة .. كيف ستواجه مشاعرها بعدها ؟

- الطفلتان شاهدتا شيئاً عجيباً .. فكيف سيؤثر ذلك على حياتهما .. وماتفسير ماحدث ؟

- عرفتم قبساتٍ من حياة فلورنس السابقة .. وحياته الحالية .. توقعاتكم حولها

- بات من الواضح أن معظم مداخلي تتعلق بهانا في المستقبل .. ماسر كراهيتها الشديدة لوالدها .. ومالذي سيفعله ليحدث بها هذا .. تخميناتكم وتوقعاتكم

والى اللقاء في فصل جديد

أعتذر للتأخير والاطالة

+

ملاحظة أخيرة بعرف بدي كم كف

أغنية الساكورا اللي قالتها آريا للمعلومة فقط

هي أغنية تقليدية شعبية مشهورة في اليابان

وهي تعبير لبلادهم وهي الأغنية الرئيسية لهم في الاجتماعات الدولية والمناسبات

مع بعض الاضافات التخريفية مني هع

والى اللقاء .. حفظكم الله

[/ALIGN][/]

imaginary light 04-06-2020 06:07 AM

مرحبا فلوري
كيف أنتِ؟:e-r_029:
وصلت بسرعة مو بالله؟ angle3


https://i.top4top.io/p_1596cojkp6.png
~
ياله من غراب منحوس- وقح- تعيس- شن ذاك
كيف يجرؤ ؟! منذ بداية الفصول الثلاثة هذه تفنّنتِ في جعلي أكرهه!
و حين تعلّق الأمر به كان قلبي طوال الوقت مع آريا و فلورنس

تسلم يده البطل-رغم استيائي الشّديد منه-لكن عراكه مع الغراب جعلني أحترمه. فبعد كلّ ما واجهه صمد ولحق بالغراب"مصرّة ع لاسمhttps://woonder-land.com/vb/images/s...w-g%20(67).gif"
ولقّنه الدرس الذي يستحقه أي غراب "يستمر الإصرار"تعيس مثله!

لكنّني طبعًا لم أحترم فلونس قبل كل ذلك,

حين كان منفجرًا بآريا مرة يمنّنها بحبّه لها,و مرة يصفعها
-و بعد أن كانت قد بكت و لانت تجاهه و هي تخبره أنّها تحبّه-
أفهم غضبه منها لعقوبتها القاسية إضافة إلى توتّره من الأساس

لكن مع ذلك لا داعي للضّرب!و على ذكر ذلك
استأت أيضًا من آريا "قضيناها استياء
هه5 "
فرغم أنّي أفهم أنّها تريد تأديب هارو,لكنّ الصّغيرة ببساطة لا تفهم
فعلا تظنّ أنّها عوقِبَت بس لأنها قالت جوعانه
ما بيكفي ضربتها كمان حرمتها الأكل
و في الآخر هانا لم تتركها لشأنها
و المسكينتان ارتعبتا من هذا الشبح...شين ؟؟


بكلّ الأحوال تناسى الزّوجان المشاكل التي زادت الهوّة في علاقتهما
فالجريمة الجديدة التي تورّط بها فلورنس هي الطّامة الكبرى.
كم حزنت على آريا حين كان يريدها أن تتولى امر الجثّة بمفردها
حقًّا فلورنس ؟!
بوقس1لا ألوم هانا فما فعلته و ستفعله...:rolleyes:
~
*تتنفّس بعمق
ماذا أقول؟
الإثارة و تصاعد الأحداث
تصوير المشاعر و الانفعالات و المجريات
كيف أوصلتِ لنا الغضب و الصّدمة و الحزن و الوَحشة
كيف تهادَتْ حروفك ناعمة قمريّة تارة,و تارةً أخرى تصلّبتْ دمويّة قاتِمة
ولم تنسَي إلى جانب كل ذلك إضفاء الأجواء اليابانية

من تصميم البيت و تلك الأهزوجة الحلوة
ف...ماذا أقول بعد؟!


تابعي لا تتأخّري أيتها السّاكورا الجميلةheart7

آدِيت~Edith 04-11-2020 01:27 PM

عزيزتي أميرة الحروف وسيدة الكلمات
مرحبا بك.. كنت سريعة وكنت متباطئة.. انتظرت مجيء، بعض الضيوف
ولكن لا أحد جاء وأتوقع أن اكتفي بك الآن
شكرا لكلماتك المفعنة حماسا كما ظ±ردت تماما
سعيدة لأني أوصلت لك هذه المشاعر بالفعل سعيدة وفخورة
تشين سيستمر مع الحكاية غرابا حل بشؤمه عليهم فدمر حياتهم
صير الظلام بين الزوجين.. وأمسى للأطفال عذابا وحرمانا
كوني قريبة فالتتمة قادمة.. قريبا جدا
شكرا مجددا لك لأنك لم تتخلي عن هذه العائلة.. وشهدتي آلامهم معهم

آدِيت~Edith 04-11-2020 03:08 PM

https://k.top4top.io/p_1562nxk486.png



https://g.top4top.io/p_1562icoc42.png

حينما تغدو الألوان مزدوجة الى حد الجنون

متضاربة بعضها البعض .. كما المشاعر

تسيطر عليها الظلمة تغشوها بغشاءٍ ضبابي باهت

محولة كل ألوان العالم

الى رمادي قاتم معتم


https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png
كانت الشمس قد تصدرت السماء ناشرة خيوطها الذهبية علها تبث بعض الدفء بتلك الأجواء
الخريفية الباردة ..


وكالعادة .. كانت الأوراق تتراقص على أنغامٍ عزفتها الرياح


فتتساقط حول الأشجار التي بدت مزدانة بألوانٍ شتى


عيونٌ .. أُغمضت لتوها وأخرى تفتحت وبدأت العمل الدؤوب


هدوء الريف تحول الى صخب في هذا الصباح ..


فقد حدث أمر جديد آخر أقض مضجعهم .. أمر مهول أنذرهم بالحرب القادمة !!


تسارعت الخطوات بالخارج جيئة وذهاباً والخوف والهلع قد سيطر على تلك القرية التي كانت هادئة مسالمة


لم تكن قد غفت بعد .. أنّا لها أن تغفو بعد كل ماجرى تلك الليلة


ظلت تفكر وتفكر علها تجد حلاً لتلك المصيبة التي حلت فوق رأسها


وعيناها لاتكادان تفارقان البقعة المشؤومة المخيفة


والتي غدت قبراً للصيني المخيف ..!


سمعت تلك الأصوات فلم تعد تقوى أكثر على الصبر ..


كان من الطبيعي أن تتوجه أصابع الاتهام لزوجها الآن والذي هو مغيب عنهم في مثل هذا الظرف الصعب


نهضت مسرعة من فراشها وارتدت وشاحها .. ثم خرجت ووقفت خلف الباب


فتحته بتردد وخوف ونظرت للخارج يجتاحها ذعر شديد ودقات قلبها تأبى السكون


عادت للداخل من جديد وهي تجوب المنزل ذهاباً واياباً بتوتر وقلق


وحينا ترقب فلورنس و الذي بدأ يستفيق وعلامات الاستياء بادية على وجهه


أسرعت نحوه ووقفت بجانب باب الغرفة وهي تقول بسرعة : سمعت ماسمعته .. لقد شاهدوا آثار الجريمة .. رباه ماذا نفعل الآن وهم لم يروك بينهم


نظر لها بنعاس وأذناه بالكاد تلتقطان منها بعض الكلمات التي يمكنه استيعابها بوضعه ذاك


ماان انهت حديثها حتى قال بانزعاج واشمئزاز : ابنتكِ .. خذيها


نظرت نحوه بتساؤل ودهشة لادراكها أنه لم يستمع لها


بينما نظر لها مجدداً وقال بنعاسٍ واضح : لقد بللت ملابسها وبللتني معها .. ياللقرف ..
أما كان بامكانها الذهاب للحمام قبلاً .. أو على الأقل النوم بجانبكِ لاجانبي ؟! سحقاً !


قال ذلك ونهض بتململ نحو الحمام .. مكملاً حديثه بينما يغلق الباب : جهزي ملابس مريحة لي .. وكذا بدلي الفراش .. أريد أن يكون كل شيء مهيأً حالما أخرج


قال ذلك بنبرة آمرة كمن نسى كل شيء قد حدث في تلك الليلة المشؤومة


وهي .. كانت تطالعه بذهول عقد لسانها عن الحديث .. وهي تتسائل بداخلها " أأحلم .. أم أنه حقاً لايهتم !"


تنهدت بثقل وتوجهت لطفلتها التي كان جسدها يرتعش بشدة بينما جبينها يتصبب عرقاً
نظرت لها بقلق ثم وضعت يدها على جبينها الساخن .. أدركت على الفور أن ما أفزعها هو السبب !


بألم وأسفٍ أيقظتها .. وبالكاد فتحت عينيها الذابلتين المرهقتين


- صغيرتي .. أأنتِ بخير


- ماما .. ماما .. لاتتركيني


قالت ذلك وقد دمعت عيناها لتبدأ البكاء بخوف بينما ضمتها آريا بحنان
أخذتها لغرفتها و حممتها وألبستها ملابس دافئة .. ثم أرقدتها على فراشها


- انتظري قليلاً .. سأعود لكِ ياحلوتي حسناً


أومأت الطفلة لها بالنفي بسرعة وهي تمسك يدها " لاتتركيني .. ماما "


نظرت لها بعطف وتفهم .. بينما تفكر بفلورنس وردة فعله حالما ينهي حمامه


زفرت بضيق وحيرة


" يبدو أنني وحدي من يؤرقها هذا الأمر .. أما هو فكل مايهمه فراشه وراحته .. لحظة .. هو الآخر متعب أنهكته جراحه "


كانت تلك الأفكار ومثلها تهاجمها بينما هي ترعى صغيرتها


في ذلك الوقت أطل من الحمام بضجر
" توقعت لقد انشغلت بصغيرتها المدللة ونسيتني .. هفف "


خرج وجهز ملابسه بنفسه .. مقلباً يديه في تلك الخزانة العتيقة والتي حوت ملابسه القديمة الرثة .. المصنوعة من أسوأ أنواع القماش


للحظاتٍ ارتسمت أمامه صورة لخزانة فاخرة بيضاء بزخارف ذهبية راقية


تذكر تلك الملابس الفاخرة الأنيقة الحريرية .. والتي كانت تتبدل بين الحين والآخر حتى لو لم يرتديها سوى لمرة واحدة فقط ..

تذكر ذلك الأثر المريح لها على جسده .. بخلاف هذه والتي كانت وبالتحديد في أوائل أيام معيشته الجديدة .. تخلف آثاراً مزعجة على جسده .. ناهيك عن ملمسها الخشن .. والذي لايمكنك أن تستشعر الراحة أبداً بسببه ..


انقطعت أفكاره أخيراً وهو ينهي أغلاق آخر زرٍ في قميصه


توجه بعدها لفراشه موقظاً الصغيرة الأخرى والتي استفاقت كعادتها بصعوبة


" هارو اذهبي لغرفتكِ .. والدتكِ وشقيقتكِ هناك "


بنعاسٍ أجابته " وأنت ؟ "


ابتسم بلطف ومسح على شعرها بحنان بينما يقول بعفوية مطلقة : أنا ؟! سأنام بالطبع .. أم أن مظهري لايوحي بذلك ؟


فكرت قليلاً ثم أجابت بدلال : اذاً هارو تنام مع بابا


اتسعت ابتسامته لاجابتها تلك وقبل خديها ثم أشار لها أن تنهض قائلاً : لنستبدل فراشنا أولاً فشقيقتكِ الكسول بللته


- بللته ؟!! هانا !! توقعت أن تفعل فقد كانت بحاجة للحمام ولم تفعل لأنها رأت الشبح


- آها .. على ذكر الشبح مالذي رأيتماه بالتحديد ؟


- رأينا ؟ لم نر لقد سمعنا ...


وقاطعها فجأة صوت الباب يطرق بشدة مما جعلها ترتعد بهلع


- الشبح بابا !


قالتها وهي تقفز في حجره معانقة اياه بخوف


بينما أخذ يربت عليها مطمئناً وهو يفكر بقلق بأمر الطارق


واذا به يرى آريا تقف أمام باب الغرفة محدقة به قلقة هي الاخرى كما لو كانت تفكر بما يفكر به


أشار لها باشارة فهمتها ثم أخفض رأسه لابنته هامساً : اذهبي مع ماما .. ولاتنطقي بأي شيء حسناً صغيرتي ؟


نظرت له بدهشة وتساؤل وحاولت الجدال لكن يد والدتها كانت الأسبق لتنتشلها من أحضان والدها وتخرجها من الغرفة


توجهت نحو الباب وهي تشير لها بالعودة لغرفتها ولكن الطفلة العنيدة أبت وتبعت والدتها بضجر محاولة فهم مايجري وقبل أن تبدأ بسؤالها المستاء كانت آريا قد فتحت الباب متظاهرة بالهدوء بينما خفقات قلبها تتسارع بقلق واضطراب


- صباح الخير


قالتها بنبرة متسائلة .. بينما أجابها الشاب هاديء الملامح تبدو عليه الحنكة والمكر


- صباح الخير .. لا أخال أن منزلاً لم يستمع للفوضى التي عمت القرية .. فأين السيد فلورنس لم يظهر بعد .. وقد حل الصباح ولا أظنه ممن يستلذون النوم خصوصاً بمثل هذه الأوضاع التي نمر بها ..


كان حديثه صريحا .. واضحا .. بلا مراوغة .. تحدث عن هدفه مباشرة .. هذا مافكرت به آريا وهي تعلم وتدرك شخصه الواثق... أجابته وقد حاولت قدر الامكان أن تبدو صادقة بتعابير ذاهلة قلقة


- سمعت أصواتكم منذ هذا الصباح ولم أكن على اطلاعٍ بما يجري .. ابنتي مريضة وزوجي غادر المنزل منذ صباح الأمس ...


قبل أن تكمل قاطعها متفاجئاً بريبة : ليس هنا ؟!


ارتبكت لوهلة بينما حاولت الحفاظ على هدوئها وقالت بأسى : أجل .. فقد نفذت مؤونتنا .. لقد قصد أبي عله يساعده ..


- آها .. هكذا اذاً ... حسناً الى اللقاء .. أرجو لابنتكِ السلامة


قال ذلك بنبرة غير مصدقة واستأذنها للخروج فأذنت له بلباقة


وما إن هم بالرحيل حتى سمع صوت الطفلة تقول محاولة أن يبدو حديثها همساً غير أن نبرتها المرتفعة المعتادة لم تكن تساعدها على ذلك : ماما لما كذبتِ ؟ بابا هنا صـ...
قاطعتها والدتها بنظرة محذرة متوعدة فالتزمت الصمت على الفور مطبقة فمها بكفيها الصغيرتين


لكن ذلك الشاب نظر نحوهما بريبة من جديد .. فلم تكن كذبة كتلك تنطلي عليه



https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png




عاد لمنزله باكراً وقد بدأت السماء تنذر بأمطار خريفية معتادة


بينما ترك الجميع متحلقين حول بقع الدماء المنتشرة هنا وهناك


والتي وبعد لحيظات قليلة .. بللتها الأمطار وغسلتها


أغلق الباب وخلع معطفه الممزق ..


توجه لغرفة قريبة .. الأنين وحده مايقطع سكونها


اقترب من الجسد النحيل المدثر بالغطاء على فراشٍ كان قبل أن يقدَم ويصفر أبيض اللون


جلس بجانبها ووضع يده على يدها المرتعشة


بينما عيناه السوداوان اللامعتان تتجولان بوجهها الشاحب وعيناها المغمضتان


التقط نفساً عميقاً سرعان ماأطلقه في محاولة لاستجماع صبره


نهض بعدها وغسل الصحون المتراكمة في الدلو القديم


يسكب الماء عليها ويحرك تلك القطعة القماشية الخشنة الممتزجة ببعض الصابون الرخيص


وحالما ينهي غسلها يضعها فوق الرف المهتريء المخصص لها


سمع صوت أنينها يعلو منبئاً باستيقاظها


توقف قليلاً وهو ينظر لها بعينيه الذابلتين .. وقد وجهت هي الأخرى نظراتها الحانية المتعبة نحوه


ابتسم تلك الابتسامة التي اعتاد على اظهارها فقط ليوهمها أنه بخير


ابتسامة ميتة قتلها الزمن .. لم تكن هي الأخرى تشعر بالحياة فيها


انما كانت مضطرة لاظهار أنها صدقته فبادلته بابتسامتها الحانية محاولة اخفاء ألمها وحزنها


عاد يغسل الصحون وهو يقول وقد غادرت ابتسامته من جديد


| ان كنتِ تتسائلين عما يحدث في الخارج .. فعلى مايبدو الأوضاع في أوساكا من سيء لأسوأ .. لا أعلم حقاً مالذي يمكننا تحمله بعد .. الأوضاع الداخلية السيئة .. أو العواصف التي توشك على الهجوم دون أن نستطيع أن نحمي أنفسنا منها .. قلة الطعام وتراكم الأعمال فوق ظهورنا .. و .. |


توقف وهو يفكر بينما لم تتغير تعابير وجهه الباردة وهي تنظر له مترقبة بقلق


استتم حديثه وهو يضع آخر صحنٍ على الرف :


| الحرب التي ستندلع قريباً .. جداً |


نظر لها وقد كانت تنظر له بخوف وتساؤل فأجابها كأنما فهم مابخلدها :


| انها رائحتها .. أشعر بها أمي .. لكني أتمنى من أعماق قلبي أن يكون هذا " وهماً
"|


جثا بجانبها وأمسك يدها وهو يقول بصوته الدافيء : | لايعنيني شيء مما يحدث في الخارج ولن يعنيني ... فقط .. حين تعودين لي .. ابذلي جهدكِ .. أرجوكِ |


قالها بنبرة صادقة لم يستطع فيها اخفاء حزنه العميق .. مما جعل دموعها تنهمر


بأسى لحاله .. وهو .. عاد لحقيقته للحظات حينما ارتمى بجانبها كمن يبحث عن


الأمان .. متجاهلاً رغبته بالبقاء صامداً كي لايقلقها .. فالشعور بالوحدة بدأ يفتك به


.. ليس هذا وحسب .. بل الخوف مما هو آت .. دفن رأسه بحجرها بينما هي لاتزال


عاجزة عن النطق والحراك .. عاجزة عن حمل ذلك العبء الكبير عن ابنها الصغير


والذي لم يتجاوز العاشرة من عمره .. أطلقت العنان لدموعها لتحكي ألمها ذاك ..


وتبوح بما لم يستطع لسانها البوح به ..



https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png

ساد صمت ثقيل مرعب على قلبيهما وذلك الرجل يحدق بهما بريبة


اجتازهما بلاتردد ودخل المنزل بسرعة يبحث في ارجائه عنه بينما رمقت آرياكو ابنتها بنظرة متوعدة مؤنبة وأسرعت بعدها خلفه لتخاطبه باستياء :


| ماذا تحسب نفسك فاعلاً كيف تدخل منزلي بهذا الشكل ولا رجل فيه .. هذه وقاحة وجريمة لاتغتفر |


قالت كلماتها الأخيرة وهي تقف أمامه لتمنعه من دخول غرفتها


بينما نظر لها ببرود غاضب : | لو كنتِ صادقة معي سيدة آرياكو ماكنت لأفعل هذا .. أنتِ تحمين هذا المجرم الأجنبي وبذلك ترتكبين جريمة أكبر بحق وطنكِ |


- |هه .. أجنبي .. انه زوجي أفهمت .. ز..و..ج..ي .. أم تحب أن أعيدها على مسامعك ياهذا .. أضف الى أن زوجي عانى من شكوكم وغدركم مايكفي هلا تركتموه وشأنه الآن .. حتى وان كان هنا فلن يرغب بلقائكم حتماً بعد مافعلتموه به .. خنتم ثقته بكم .. بل ثقتنا جميعاً .. ألقيتم بثمان سنين قضاها هنا باخلاص ووفاء فقط لأجل أمر حدث لاذنب له به ..|


التقطت أنفاسها بعد حديثها المتتابع ذاك والذي لم يحرك ساكناً بخصمها .. الذي حدق بها قليلاً حتى أنهت حديثها فابتسم باستخفاف وأبعدها بقوة عن الباب !


اختل توازنها فسقطت على الأرض بقوة متألمة .. نظرت نحوه بغضب وخوف في آن واحدمتكئة بيدها على الأرض ..

وسرعان مااستجمعت قواها وتبعته للداخل وهي تخطط للدفاع أكثر قبل أن يحدث ماتخشاه ..

وماان دخلت الغرفة وقد باعدت بين شفتيها تهم بالحديث .. حتى لزمت الصمت بذهول


وخصمها كان يقف في الغرفة قائلاً بنبرته الساخرة :| اذاً .. سيدة آرياكو .. ماهي خطتكِ التالية ؟ |



https://i.top4top.io/p_1562emye34.png


هنا ننتهي

مع خالص تحياتي وحبي ^^


آدِيت~Edith 04-11-2020 04:24 PM

https://k.top4top.io/p_1562nxk486.png



الفصل العاشر : المذكرة !



https://g.top4top.io/p_1562icoc42.png


كنت هناك .. في كل زاوية من حياتهم أعيش معاناتهم ومسراتهم

هي أنا في كل حين .. سجلت كل تواريخ ذكرياتهم

واليوم .. هاأنذا أحكي .. سطورهم التي خطتها أناملهم

جميعاً .. تخط ذكرى ذلك اليوم

والذي كان منشأ نقطة التحول في حياتهم !

https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png
يومٍ مظلم كان ذلك اليوم رغم أشعة الشمس التي أنارت المنزل لكنها لم تتمكن من قلوبنا الصغيرة

لسبب ما شعرت بالجحيم يحيط بنا .. بأن كارثة عظمى حلت علينا .. لكن أحداً لم يكن ليفسر لطفلة لم تتجاوز الخامسة كل ذلك

الحمى داهمتني ذلك اليوم .. لذا لا أذكر سوى الكوابيس التي هاجمتني مع كل غفوة قصيرة حاولت أن أهنأ بها بلا جدوى

هارو كانت تجلس بجواري تفكر تارة وتطل من باب غرفتنا تارة أخرى

عادت لي بعد أن أطالت النظر للخارج : أمي لم تذهب لاحضار الطعام لنا كما ادعت لقد عادت لغرفتها لسبب ما

نظرت ناحيتها وأنا أفكر بقلق أيمكن أنها قد خلت بنفسها لتبكي .. بدت كئيبة جداً وذلك الرجل المخيف قد آذاها كثيراً حسبما قالته هارو

أبي .. لما يفعل معنا كل هذا .. لما لم يحاول انقاذ أمي .. ولما هرب الآن فقط !

شيئاً فشيئاً .. تلك البقعة السوداء بقلبي تكبر أكثر فأكثر .. نحوه باتت الكراهية هي الرابط الوحيد بيننا .. أو لربما الخيبة وحسب حتى الآن .. لكنني أخشى حقاً أن أكرهه .. فقد خذلني حتى الآن .. بما فيه الكفاية .. الى أي قدر ستخذلني بعد .. أبي ؟


https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png
اختفاء أبي الغربي هو أكثر ماأذهلني وشل قدرتي على التفكير .. هذا اليوم

كان معي منذ فترة قصيرة وكنا نريد النوم حقاً .. ليلة الأمس كانت عصيبة بفضل كوابيس الجبانة هانا والتي أصابتني بعدوى الخوف ذاتها

ذلك الرجل الغريب الذي اقتحم منزلنا وحكى أموراً غريبة مشينة عن أبي

وأمي التي تبدو يائسة خائفة مكتئبة .. أظن أن والداي قاما بعملٍ ما

وكل منهما يحاول اخفائه جاهداً ..

التفت لهانا التي لاتزال في فراشها خائفة متعبة تنظر لي بشرود دون أن تجيبني مهما تحدثت

لست ألومها فما يحدث هذا اليوم غريب مخيف حقاً

هذا اليوم الطويل .. ألن ينتهي .. تعبت وأريد أن أمرح قليلاً

ألقيت بجسدي على الأرض ممتدة وأنا أصرخ بضجر : اشتقت للمرح حقاً أكره هذا اليوم

https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png
هل انتهى حقاً كل شيء .. كل ماحدث كان حقيقة

تلك الجثة الآن ترقد هناك في زاوية غرفتي .. لمجرد التفكير بها أشعر بالقشعريرة تسري بجسدي

لاوقت للتفكير أو الحزن .. طفلتاي هناك وحدهما .. لايمكن أن أستمر بالبكاء الذي لن يغير شيئاً من واقعنا المر

علي اصلاح مايمكنني اصلاحه الآن ... يجب أن أتحرك فلاوقت للحزن أو الضعف

غادر فلورنس .. لا أعلم ان كان قراري هذا صائباً .. لكنه أفضل من بقائه هنا على أي حال

توجهت الى حيث كان فراشنا وقمت بتنظيف المكان عل ذلك ينسيني بعضاً من ألمي

وماان انتهيت حتى غسلت وجهي مراراً وأنا أشعر بألم في عيني ّ

ماكان علي أن أبكي بذلك القدر

خرجت وبدأت اعداد طعام الإفطار الصحي البسيط الذي اعتدت طهيه

ثم توجهت لغرفتهما فلسببٍ ما باتت المكان الآمن الوحيد في هذا المنزل

وماان دخلت حتى توجهت أعينهم البريئة نحوي

الخوف والحزن كان من نصيب هانا .. والملل والاستياء والحيرة لهارو التي أسرعت نحوي دون أن تريح فضولها الذي يكاد يقتلها

- أين اختفى أبي فجأة ومن ذلك الرجل أمي .. مالذي يحدث لما لاتخبرينا ؟

انها تبدو حقاً أكبر من عمرها حين تتحدث بتلك الطريقة .. رغم كل تصرفاتها المتهورة المزعجة

قررت أن أكون كما عادتي صارمة .. ولكن يجب أن أتحلى بالصبر والهدوء هذه المرة

أشرت لها أن تجلس بجانبي ففعلت بتردد وكأنما فهمت ماأريد وسرعان ما أشارت بيدها بحركة بريئة أن أتوقف : قبل الحديث والتوبيخ سآكل .. جائعة جداً
وبالفعل بدأت بتناول الطعام دون تحفظ مما جعلني أبتسم ضاحكة هذه المرة دون استياء لتمردها المستمر .. لأول مرة بت أرى تصرفاتها تلك .. مختلفة ممتعة مضحكة .. وبريئة .. شخصيتها العفوية المتمردة لم تكن سيئة كما توقعت .. هي فقط تثبت شخصيتها بأريحية على عكس هانا .. والتي يقلقني حالها حقاً ..

لا أعلم مالسبب لكنني بدوت هادئة بالفعل هذا اليوم وحاولت قدر المستطاع أن أستمتع مع زهرتيّ الجميلتين .. وأحتضنهما بقدر الألم الذي اجتاحني .. شعرت أنهما الدواء السحري لكل همومي .. ومصدر قوتي بالفعل !


https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png
رغم كون كلماتها قاسية مؤلمة الا أنها كانت الخلاص من تلك المعمعة التي كنت سأعيشها هناك

لاأعلم لما لكني لست أشعر بالبؤس بل ان الابتسامة لاتنفك تشق طريقها لثغري بين الحين والآخر

أمري عجيب أليس كذلك .. حتى أنا لست أعي مايحدث معي

هناك كنت أشعر بالذنب والثقل في قلبي .. بألم فظيع .. بأن حياتي سوداء كئيبة وأنني خاطيء لايحق له النظر لأحدٍ أبداً

ولن أخفي أنني لا أشعر بالذنب في الواقع .. لكنني مجبر على أن أشعر به أمام آرياكو .. كي لا تحسبني دنيئاً حقيراً

حين أتسائل عن حقيقة علاقتنا أجدني أنظر لها كأم أو كمربية أكثر منها كحبيبة

تغيرت علاقتنا كثيراً .. في الماضي كانت مختلفة .. صارمة ولكنها مرحة .. لطيفة وخجولة .. كانت حقاً مختلفة

هي الآن قاسية صارمة شرسة كئيبة .. لسبب ما بت أشعر أني من يحتاج أن يبقى بعيداً عنها لفترة عل مشاعري هذه تتغير وتعود لما كانت عليه في الماضي الجميل

هذا اليوم .. لكم أتمنى أن ينتهي سريعاً فقد أتعبني بحق

على ذكر التعب .. أشعر حقاً بالإعياء ولا أعرف تماماً لما

آه كدت أنسى جروحي .. هي ذا مصدر إعيائي اذاً

الجو بارد وقد نسيت حتى حمل معطفي .. ياله من يومٍ سيء

توقفت قليلاً حيث كنت قد دخلت لتوي الغابة التي كانت قريبة من منزلي

وضعت حقيبتي أرضاً ومعها حقيبة تشين التي وجدتها أمام الباب الخلفي لمنزلي

لست أعلم حتى الآن مايجب علي فعله بها

فتحتها لأجد أنها تحوي تلك النقود المسروقة كما توقعت .. فما كان ليهرب خالي اليدين .. كم هو دنيء بالفعل

لوهلة سيطرت علي أفكار أعلم أنها ماكانت لتعجب آريا بل على العكس ستعنفني حينها وتغضب مني .. لكنني مجبر على تنفيذها

بابتسامة جانبية قلت : أجل أنا مجبر .. سامحيني زوجتي

وضعت النقود في حقيبتي وعليها ما أخذته من ملابسي

ورغم اشمئزازي من ذلك المعطف الا أني ارتديته عله يقيني من البرد

لابأس فموت تشين ذاك نافع أكثر مما توقعت

ألقيت ببقايا حقيبته أسفل التل .. هي ليست فكرة صائبة .. لكن أمامي لاحل سوى هذا !
سرت في الغابة أحمل كنزي الثمين وأنا أفكر بما علي فعله الآن

أولاً المشفى .. الطعام .. الملابس الجديدة .. آه المدرسة .. ستسعد صغيرتاي الحبيبتان بهذا .. والكثير الكثير من الأمور الممتعة .. ولكم رغبت بشراء دراجة هوائية أيضاً علها تريحني من السير هذه المسافات الطويلة

سرت أفكر بكل ماخططت له ولازلت حتى بلغ بي التعب أشده

شعرت بالحرارة قد بدأت تسري في جسدي رغم الرياح الباردة التي تحيطني

قررت أن أرتاح قليلاً هناك .. أعلى الجسر

وبالفعل توقفت مستنداً اليه وأنا أنظر لمياه النهر ذات الزرقة الصافية

لم أستطع الوقوف أكثر لذا أرخيت جسدي على الجسر الخشبي الصغير وأغمضت عيناي مطلقاً لأفكاري العنان

أفكاري التي أبحرت في الماضي .. كأنما تريد أن توقظني من سباتي العميق

وتعيدني لواقعي الذي حاولت جهدي لأهرب منه

ليس إهمالاً أو تقصيراً أو استهتاراً .. بل .. ربما لأني لم أعتد أن أقع في مشكلة عظمى كهذه بل لا أريد تصور ذلك حتى

الأمر مرهق للغاية مجرد التفكير به يدعوني للجنون واليأس

لو أن والدي يرى ماآل اليه وضعي الآن .. ستكون أكبر خسارة أواجهها

وقفت مجدداً وتلك الأفكار وأمثالها لاتزال تراودني محاولاً الهرب من واقعي المحتوم

بينما أنا أتأمل صفحة الماء البراقة التي أعادت لي ذكرى جميلة كانت قد اختبئت في احدى زوايا عقلي

https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png
- هيه يافتاة .. أيتها الجميلة لما لاتنظرين لي .. حسناً نظرة واحدة فقط .. لاتنظري اسمعيني صوتكِ فقط .. ألن تجيبيني أبداً

بنظرة غاضبة أجابتني مهددة : للمرة الأخيرة أحذرك .. كلمة أخرى وأقسم أني سأجمع أهل القرية حولك أيها الأجنبي الوقح

مررت أناملي بخصلات شعري الذهبية وأنا أقول بغرور : أوه كنت واثقاً أنكِ لن تتمكني من تجاهلي أكثر

بدا عليها الذهول لوهلة وسرعان مااعتراها الغضب من جديد : من تظن نفسك أيها الغبي .. ارحل من هنا فقد بدأت تثير اشمئزازي

قالتها واستدارت وقد تناثرت خصلات شعرها الأبنوسية الساحرة حالما هبت رياح قوية سرعان ماتوقفت

بتردد تركت السلة التي كانت بين يديها على الأرض ورفعت يدها لتلف شعرها دون أن تربطه بما يذكر بينما عيناها تحملقان حولها بارتباك ولأظنها كانت تبحث عن رباط شعرها الضائع والذي كان قد وقع بين يدي .. هو تذكار ثمين لذا قررت أن لا أعطيها اياه الآن

عاودت السير وقد تناثرت بعض خصلات شعرها من جديد حالما انحنت لتلتقط السلة

وأنا .. تهت حقاً بجمالها الفريد وشخصيتها الغريبة المسلية

مما جعلني أسرع خلفها في محاولة جديدة لارضائها والحصول على قلبها

ظلت تتجاهلني بينما كنت أمطرها بوابل من الكلمات المعسولة

لم أكن أعرف حقاً كيف يجب أن أعبر لها عن اعجابي لذا كنت أتصرف كأولئك الفتية الذين ألتقيهم في شوارع لندن

صدقاً .. لم أتخيل أني في يومٍ من الأيام سأتصرف بهذه الطريقة

لطالما كانت النساء من تطاردني في بريطانيا .. والآن أنا أطارد هذه القروية الحسناء دونما كلل .. ودون حسابٍ لمخاطر أفعالي تلك .. أوه لو أن والدي يراني الآن لاحتجزني في القصر في بريطانيا

يوماً بعد يوم بت أحاول مراراً التقرب منها بذات الطريقة

- حسناً اخبريني بما تطلبينه وسأفعله لكِ .. آه لاتحمليها فهي ثقيلة

كنت أقصد تلك السلة التي اعتادت أن تحملها كل يوم بعد أن تملئها بحبات الخضار الطازجة .. فقد كانت مهمتها كما أظن أخذها للمخزن وتقشيرها مع النسوة

اقتربت منها وحملتها بسرعة بينما كانت تنظر لي باستخفاف

- هه لا أظن أن حملها يلائمك أيها النبيل ..
وبحزم أردفت : أعطني

أخذتها بعدها وأكملت طريقها بينما نظرت لملابسي ملياً .. أيزعجها مظهري

وبسرعة التفت حولي لأرى كيف يبدو الشاب الريفي .. ابتسمت بعدها وخلعت معطفي الثمين وألقيته على الأرض .. وفتحت زرين من قميصي الأبيض الحريري ثم بعثرت شعري

توجهت بعدها لها مبتهجاً وأوقفتها لأحمل السلة منها

- الآن مظهري يلائم العمل صحيح ؟

نظرت لي بدهشة وبدا لي أن شبح ابتسامة ارتسم على شفتيها الكرزيتين

سرعان ماأخفت ابتسامتها وقالت بكبرياء : ميؤوس منك بالفعل .. اتبعني اذاً

سارت أمامي وأنا من خلفها أحمل السلة الثقيلة بنشاط .. لن أخفي أن ذلك الطريق كان مرهقاً وقد كانت الخضار تسقط بين الحين والآخر من تلك السلة المهترئة فأعيدها وأعاود السير الحثيث خلف تلك الجميلة التي لا أظن الا أنها كانت تتعمد ارهاقي بإطالة الطريق الذي حفظته عن ظهر قلب طيلة مدة ملاحقتي لها .. وحتماً لم أكن أجروء على التذمر كي لا أكون أضحوكة لها ..

أخيراً توقفت ووجدتها تتحدث مع بعض النسوة .. وحالاً وضعت السلة على الأرض والتقطت أنفاسي المرهقة .. كم هذا متعب بالفعل .. لم أعتد على حمل شيء منذ طفولتي والآن أنا مجبر على حمل سلة ثقيلة للغاية

التقطت أذناي بعضاً من حديثهن فبقيت أستمع وقد استندت الى الشجرة القريبة

- أوه أرى أنه لم ييئس بعد ولايزال يرافقكِ

بضيق أجابت : أجل انه عنيد جداً ان ظل على هذه الحال سأخبر والدي

بقلق هتفت احدى النساء : لا يافتاة لاتفعلي .. سمعت أنه من عائلة بريطانية ثرية جداً .. وله مكانة رفيعة .. لايمكننا حتى الاقتراب منه فلو فعلنا قد تنشب حرب نحن في غنى عنها

بحيرة قالت وهي تحدق بي بينما تظاهرت فوراً بأني أنظر لمكانٍ آخر

- أعجب لما جائوا الى هنا خصوصاً بعد الأوضاع الصعبة التي مرت اليابان بها

- معكِ حق .. لربما كانوا يبحثون عن مخلفات الحرب أو أن الأمر يتعلق بأمورٍ سياسية ما

- من يعلم .. ربما أنتن على حق .. حسناً سأذهب الآن قبل أن أتأخر .. لا أظنه سيلاحقني مجدداً بعد ماسأفعله اليوم

بفضول قالت النسوة

- وماذا ستفعلي آريا

- كوني حذرة رجاءاً أخشى أن يؤذوكِ

- أنتِ جريئة بالفعل آرياكو

ابتسمت هي بثقة مجيبة : لاتقلقوا .. كل ما أخطط له .. هو جعله يعمل حتى الانهيار .. لن يصمد طويلاً وسيستسلم هذا العنيد حتماً .. الى اللقاء الآن

نظرت نحوي حينها بمكر أخافني في الواقع .. لكني آثرت التصرف بشكل طبيعي .. وبطريقة ما ازداد عنادي واصراري حينها

لحقت بها وقد تعمدت ارهاقي كما سمعتها تخطط .. لكنني بقيت صامداً ولاأعلم كيف تسلل هذا الكم الهائل من القوة لجسدي .. فرغم اني رجل الا أني مدلل للغاية

أخيراً استسلمت هي وتوقفت في مكان تربعت شجرة الكرز الضخمة فيه

وزهورها العطرة تناثرت في الأرجاء بشكل بديع للغاية

التفتت لي وهي تبعد شعرها عن وجهها بأناملها

وماإن هدأت الرياح حتى قالت بحيرة : وبعد .. ألن تمل أو تكل ؟ أنت أغرب شابٍ التقيته على الاطلاق

ابتسمت وأنا أضع السلة أرضاً ثم رفعت رأسي لها وأنا أهتف بغروري المعتاد : لم تري شيئاً بعد .. فخر لي أن أكون الأغرب والأعجب أميرتي !

- متعجرف

هكذا قالت ببرود وقد أشاحت بوجهها لتخفي خجلها الذي بدا جلياً بتورد خديها

أردفت باستنكار : تقول أميرة ؟! بهذه الثياب .. أنت غريب الأطوار حقاً

أجبتها بعفوية : الأميرة الحقيقية ليست بحاجة لتاجٍ أو ملابس فاخرة .. بالنسبة لي .. أنتِ هي الأميرة الحقيقية .. آريا

ازداد احمرار خديها بينما أبعدت عينيها عني بسرعة وهي تتمتم بتلعثم : سخيف

ورغم أن الأجواء باتت تعجبني إلا أني أردت قطعها بشيءٍ من المرح لذا قلت وأنا أجلس على الأرض : في الواقع أنا مرهق للغاية كم أنتِ شريرة .. صدقاً لم أتوقع أنني خارق هكذا تحملت أكثر مما ظننت

وبالفعل ابتسمت ابتسامة جميلة تبعتها بضحكات ناعمة رقيقة .. خرجت من أعماق قلبها .. لكم كنت سعيداً حينها .. انها تضحك معي .. جعلني هذا ابتسم ابتسامة عريضة وسرعان ماضحكت أنا الآخر بسرور كبير

https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png
ابتسمت تلقائياً وأنا أعود من تلك الذكرى .. وأطلقت تنهيدة متعبة

لكم أشتاق لتلك الأيام .. اشتاق لنفسي التي فقدتها .. ولآريا التي أحببتها

ولحياتي الهادئة الجميلة .. وكذا لعائلتي التي تركتها خلفي

**********

- لايمكن لقد أحببتها وقررت الارتباط بها !

- مالذي تهذي به .. بقروية !! أتعي ماتقول !!!

استدرت لأنظر لعينيه بجد وحزمٍ وعناد : أجل بكامل قواي العقلية والجسدية .. أحببت آرياكو ولايهمني ان كانت قروية أم مريخية .. قلبي ينبض لهذه الفتاة ولاشأن لأحد بهذا .. سأفعل ماأريد فقط يكفيك تحكماً بحياتي

بصفعة ألجم لساني وقد التفت لي بغضب شديد .. ليست المرة الأولى التي أعلن فيها تمردي على ذلك السيد المتعجرف .. المدعو بأبي .. لكنني أعترف أني بهذه المرة فقت توقعاته كلها .. وأن ماسأقوم به سيحط من مكانته التي يتباهى بها دوماً وسيجعله يشعر بالخسارة .. هذا مافكرت به حينها فنسيت خسارتي أنا والتي كانت أكبر بكثير من خسارته التي سُعدت بها في الماضي

التفت له بكبرياء وأنا أضع يدي على خدي وسرعان ماابتسمت وأنا أخفضها وأضعها في جيب بنطالي

- شكراً لردك العظيم كلاود

تلك هي عادتي السيئة .. فوالدي كان بالنسبة لي خصمي لا أبي .. ولطالما كنت معتاداً على مناداته باسمه باستثناء حين نكون خارج المنزل أو بحضرة أشخاصٍ ذوي سلطة

استدرت لأخرج من الغرفة لكنه صرخ بي غاضباً بكلمات صممت أذني عن سماعها فهي حتماً لن تسرني .. وفي الخارج كانت أمي تقف بقلق وبجانبها جيلبرت الذي بدا هادئاً بارداً كعادته

صرخت بي حالما رأتني : مالذي أسمعه منك قل أنها مجرد مزحة سخيفة منك .. أنت لاتجروء على فعل هذا بي أليس كذلك

في تلك اللحظة شعرت أن علي أن أصر أكثر .. فحالما أتذكر هذه الفتاة العجيبة والتي كانت الوحيدة التي رفضتني واشترطت الصدق التام في علاقتنا إن أردتها .. فلم يكن بيدي سوى أن أحارب لأثبت لها كم أنا جاد بشأنها .. شعرت أنني سأكبر لو فعلت هذا سأصبح مختلفاً وسأغير نظرتهم السخيفة عني بأني طفل مدلل لايُعتمد عليه

باصرار قلت : أجل أمي .. لن يمنعني أحد من هذا سأتزوجها شئتم أم أبيتم

- كيف تفعل هذا بنا .. قل أنك لست جاداً .. جيلبرت تحدث

أشاح الأخير وجهه بلامبالاة بينما أنا تجاهلت والدتي ومشيت نحو الخارج متجاهلاً توسلاتها وسخطها واستيائها .. والدي حينها لم يصدر صوتاً ولم يتبعني كما ظننت .. لم يحتجزني أو يعاقبني أو يتخذ اجراءاً صارماً بشأني على عكس ماتوقعته !


مما جعلني أهرب بسرعة من ذلك القصر بعد أن أمرت خادمي بتجهيز حقيبتي وسيارتي ..

خرجت من قصري الفاخر الكبير وأنا أشعر بنشوة الانتصار .. كان شعوراً فريداً بحق .. تلك الفتاة .. فعلت بي أكثر مما توقعت حقاً !

لم أعرف أين علي أن أكون الآن .. فهاأنا أمام القرية التي اعتدت زيارتها كونها الأقرب من قصرنا والأكثر جمالاً بطبيعتها الخلابة فقد كانت الحقول تملأ أرجائها .. والغابة تحيط بها من الناحيتين الشمالية والغربية ..

أما من الجهة الجنوبية حيث أتيت كان ذلك الريف الممتد على مرأى البصر والذي يقودني لقصرنا التقليدي بحكم المنطقة التي نسكن فيها حالياً

والجهة الشرقية هناك قرية أخرى تبعد أمتاراً قليلة فقط .. ولأنها أكثر بعداً عن الريف .. فطبيعتها كانت أقل من هذه المنطقة المزدهرة

استنشقت الهواء بسعادة وأنا أشعر بطعم الحرية العذب يتغلغل لأعماقي فيحييها

ورأساً توجهت الى منزلها وقد طلبت من خادمي أن ينتظرني في حدود القرية كي لاأسبب الازعاج لهؤلاءِ البسطاء

في طريقي كنت أشعر بأن هذه القرية هي الأجمل .. وأن الحياة كفلاحٍ بسيط تبدو ممتعة جداً .. شعرت أنني سأعيش هناك مغامرة مثيرة للغاية ومسلية .. تجاهلت كل ماتركته وراء ظهري .. وفكرت بالمستقبل فقط!

رتبت ملابسي وشعري ثم طرقت ذلك الباب الخشبي طرقاتٍ خفيفة

وماهي الا فترة قصيرة حتى فُتح وظهرت حسنائي من خلفه بثوبها الترابي البسيط وشعرها الأبنوسي الذي جعلت منه ظفيرة طويلة أرختها على كتفها بينما خصلاتٌ متمردة تناثرت برشاقة على وجهها المشرق الجميل ..

عيناها البندقيتان كانتا ترمقانني بتعجب طفيف .. وسرعان ما رسمت نصف ابتسامة على شفتيها وهي تقول خجلة متعجبة : مرحباً

كانت اللحظات الأجمل في حياتي .. حيث الطريق الى حياة جديدة

ابتسمت بسرور لا يضاهيه شيء ولم أعقب على حديثها فرؤيتها أنستني كل الكلمات التي جهزتها للقائها

بخجل ابتعدت مفسحة الطريق لي للعبور الى الداخل

وقد ظهر من خلفها والدها الذي لم أنتبه لوجوده مبكراً .. مما جعلني أرتبك بشدة وأخفي ابتسامتي خلف توتري الذي طغى على ملامحي

بينما قال بصرامته ورزانته المعتادة : مرحباً بك سيد كلوديا .. هل من مساعدة أقدمها لك

دهشت حينها فليست تلك عادته بل كان دائماً يلتزم بعادات وتقاليد بلاده ويدخلني منزله لنجتمع حول المائدة ونحتسي الشاي قبل الشروع في الحديث

لكن الآن هاهو يطلب أن أفصح عن سبب قدومي دون أي مقدمات

أربكني هذا أكثر وزاد من حدة توتري .. فهو مذ علم بحبي لآريا أصبح يبعدها عني

وغدا صارماً معي حتى بعد تغير آريا نحوي والتي أصبحت أكثر رقة ولطفاً وانسجاماً

أعاد سؤاله بنبرته الصارمة المعهودة والرزينة في الوقت ذاته : هل لي أن أخدمك بشيء سيد كلوديا

ازدريت ريقي وأجبت بتردد : أحب .. أن نتحدث في الداخل .. بعد اذنك

قلت تلك الكلمات وانا احاول استجماع شجاعتي التي خبت مذ رأيته

لم يرفض رغم أني لحظت ذلك في عينيه فخشيت أن يغلق الباب في وجهي .. الا أن تقاليدهم تلك أنقذتني

دخلت من خلفه وقد انتبهت الى ان آرياكو دخلت غرفة قريبة أظنها غرفتها

جلست أمامه بطريقة علمتني اياها آريا .. مؤلمة للغاية ومرهقة .. لكنها تقاليدهم التي علي الالتزام بها

بقيت صامتاً انتظر أن يتحدث .. انما بقي صامتاً كأنما يرتب أفكاره

حتى نطق أخيراً بهدوء وقد بدا أنه استعاد هدوئه : حسناً .. أعتذر لقلة تهذيبي انما أنت تعلم لما .. آرياكو ليست ابنتي وحسب .. انها تحمل ذكرى زوجتي الراحلة بكل تفاصيلها .. تلك الامانة التي تركتها بين يدي .. ملاكي الصغير الذي يحق لي أن أخفيه بعيداً عن أيدي الطامعين وأحميه بضراوة .. مثلك .. يجب أن يبقى بعيداً كل البعد عنها .. لا أريد لصغيرتي الوحيدة أن تتأذى بأي شكل من الأشكال

بقدر ماتفهمت موقفه .. بقدر ماكان حديثه ذاك قاسياً جداً

فأنا الذي تركت كل شيء لتوي وتخليت عن ماضي وحياتي الهادئة .. أصبحت ممن يجب أن يبقى بعيداً عنها !

ذلك جارح بحق .. لم أصمت ودافعت عن نفسي ومشاعري القوية آنذاك

- سيدي أقدر مشاعرك جيداً وخوفك ففتاة مثل آرياكو

- الآنسة سوزيريكو لو سمحت

هكذا قاطعني بحدة فعاودني الارتباك لوهلة لكني أكملت دفاعي عن كرامتي

- فتاة .. مثل الآنسة سوزيريكو ثمينة ويحق لك أن تقلق عليها هكذا بل وأكثر .. لذا .. كانت تستحق أن أتخلى عن كل شيء لأجلها .. لأجل محاولة للحصول على قلبها .. سيدي .. أنا حقاً أريد أن أعيش معها .. أريد أن نكون عائلة واحدة

بريبة قاطعني : لا أخالك جاداً بهذا الأمر

- بل أنا كذلك .. ثق بي

قلتها وأنا ابتسم ابتسامة حالمة أستعيد معها ذكريات لقائنا الأول حين كنت في السيارة التي قادتنا نحو قصرنا الجديد مروراً بتلك الحقول الواسعة التي كانت آريا تعمل فيها بجد .. العرق يتصبب من جبينها وشعرها الأبنوسي قد تدلت ضفيرته على كتفها بينما هي تغسل الخضار أمام النهر .. وقد انعكس شعاع الشمس الذهبي على عينيها البندقيتين المميزتين .. فأعطتها رونقاً خاصاً .. حينها اضطرب قلبي وكأنه ينبؤني أن هذه الفتاة .. هي من ستضرم نيرانها به قريباً جداً

رغبتي العظيمة في اكتشاف شخصيتها الصعبة المميزة ومعرفة الرابط بيننا وفي الوقت ذاته ازعاجها .. جعلتني دون أن أدرك .. متيماً بها

قطع شرودي بذكرياتي صوته الهاديء الذي كان مريحاً حينها : رغم ذلك ليس من الجيد أن تتخلى عن أسرتك لأجل فتاة أياً كانت

بابتسامة سعيدة اجبته وقد التمست الرضا بحديثه اخيرا

- لاتقلق بهذا الشأن .. حياتي معهم سيئة بما يكفي لأتخلى عنها وأنبذها خلفي .. أحب عائلتي .. لكنها تئدني كل يومٍ بتسلطها وجبروتها .. أريد أن أحلق بحرية وأن أعيش العالم كما أريد أنا لا كما يريد أبي .. أريد أن أبني عالمي الخاص .. مع شريكتي التي يختارها قلبي لاتلك التي يختارها أبواي لترضيهما بينما أعاني طيلة عمري لأجلهما فقط .. مهما يكن هي حياتي أيضاً

أومأ مجيباً كأنما يفكر بعمق في كلماتي ويستعيدها بذهنه

أجابني بعد قليلٍ من الصمت : لازلت قلقاً من نتائج هذا الارتباط .. لأصدقك القول لست واثقاً بعد .. انه الوقت المناسب على أقل تقدير .. أظننا نحتاج مهلة نراجع فيها هذا الأمر

أومات مجيباً بتفهم : سأكون في الجوار فقد قررت المبيت في أحضان هذه القرية لكي أعتاد عليها .. مهما كان قرارك والآنسة سوزوريكو .. سأظل أحاول وأحاول دون يأس .. انه قراري الخاص الأول .. وسأجاهد لكي أحقق ماأصبو اليها .. شكراً لتفهمك واستماعكِ لي سيدي

احنيت رأسي وجزءاً من جسدي له احتراماً كما تعلمت من آريا التي لقنتني أشهر تقاليدهم وعاداتهم وخرجت بعد أن ودعته بلباقة

مرت الأيام وأنا أنتظر ذلك الخبر الذي سيغير حياتي .. بينما لاشيء بتاتاً فقد كانت الأوضاع هادئة فيما عدا عائلتي التي حاولت جاهدة ارجاعي لعقلي كما يقولون ..بينما كنت أشعر أنني لم أكن بكامل قواي العقلية سوى في ذلك الوقت .. انهار والدي بعد أسبوع من الحادثة .. وعلمت أنه أصيب بانهيار عصبي .. حالته باتت مستقرة وحاولت زيارته مراتٍ عديدة لكنه وماان استفاق ماكان يقبل برؤيتي الا إن قبلت بتغيير رأيي الذي لم يتمكن أحد طوال تلك الفترة بتغييره

كنت أعيش في تلك الفترة في أحد منازل القرية الصغيرة والذي استأجرت غرفة فيه لأسكن فيها كي أعتاد على الحياة الهادئة في قريتي المسالمة

كان المنزل لرجل عجوز يعيش مع زوجته السمينة المزعجة والتي كانت تنتقدني في كل حين .. فهي على عكس زوجها الهاديء المتزن متوحشة بدينة حمقاء .. لكني تعلمت الكثير منهما حقاً .. كما انضممت للعمل في الحقل كفلاح بسيط .. وبالطبع أخفقت مراراً وتكراراً

لكن الحياة كانت ممتعة بقدر صعوبتها .. لذيذة بكل قسوتها

.. التقيت آرياكو مراراً .. في بعض الأحيان كانت تبدو شاردة حزينة
وفي اخرى بدت مبتهجة متفائلة .. وحالما تتقابل عينيها .. ألمح الخجل والقلق الذي لم أفهم مغزاه حتى ذلك اليوم

حين رفضتني بعد أسبوع ونصف من طلبي ذاك .. بهدوء وبكل احترام قالت
" أعتذر .. لايمكنني أن أكون لك .. فلا زالت المسافة بيننا .. كما بين السماء والآرض !"

وبالرغم من حرصها على ألا تجرحني .. الا أن رفضها كان كفيلاً بتعذيبي طويلاً وجرحي بعمق .. أنا الذي لم ترفضني فتاة مسبقاً وماكنت أتخيل أن يحدث ذلك يوماً ما

انما .. كان ذلك دافعاً لي لأبذل المزيد من الجهد

هكذا .. عشت لعامين طويلين مرهقين .. وقد عادت عائلتي قبلها لبريطانيا بعدما أعلنت أني لن أنتمي لها مجدداً !

تجاهلت كل ذلك وبذلت جهدي لأستشعر الحرية وأعيشها بكل تفاصيلها

وفعلاً جهودي تلك لم تضع سداً .. وأخيراً وفي ذلك اليوم الربيعي المزهر

حيث أينعت زهور الكرز وتناثرت في الأرجاء تماماً ككل لقاء حقيقي يجمعني بها

قالت بصوتها العذب محركة مشاعري التي لم تنم أو تهدأ طوال ذلكما العامين

" إن كان عرضك لايزال قائماً .. فأنا الآن مستعدة لقبوله بكل جوارحي "

أيام قليلة سبقت ذلك الزواج التقليدي الغريب الفريد والذي كنت خلاله الأكثر سروراً وبهجة

حياتي البسيطة التي بنتيها معها كانت الأجمل على الاطلاق

رائحة منزلنا العتيق الخشبي الذي بنيناه بأنفسنا بمساعدة من أهل القرية

لا تزال تداعب مشاعري ..


على التل القريب من الغابة حيث نطل على تلك القرية الصغيرة الهادئة الجميلة

وحين دخلناه لأول مرة .. تلك الذكرى كانت الأكثر تميزاً

****************
- تفضلي أميرتي الجميلة .. منزلكِ يرحب بكِ

دخلت تعلوها تلك الابتسامة الرائعة وعيناها تجوبان أرجاء منزلنا الهاديء ذو الأثاث التقليدي البسيط

تلك الطاولة الأرضية الناعمة مع وسادتين بلونٍ أحمر مع نقوشٍ سوداء جميلة حاكتها آرياكو بعناية

وعلى المنضدة تمثال صغير لسموراي يحمل سيفه الطويل ويرفعه تأهباً للقتال

على الجدار أمام الطاولة كان هناك لوحة رُسمت عليها صورة تذكارية لأجمل يومٍ في حياة كلينا

حين توجنا عريسين .. بتلك الملابس التقليدية الغريبة وأؤلئك الأشخاص اللطفاء الذين تعرفت عليهم هنا في عالمي الجديد

في الجدار المقابل كانت هناك لوحة أخرى جميلة وهادئة لأزهار الكرز التي لطالما أحببناها

- ربما من الأفضل أن نأخذ صورتنا التذكارية لغرفة النوم أم مارأيك عزيزي

كان ذلك ماقالته آريا بسعادة وحماس بدا جلياً على قسمات وجهها المشرقة

فأجبتها بايمائة موافقاً وأسرعنا لتغيير مكانها وترتيب ماتبقى من حاجياتنا في منزلنا الصغير الهاديء

أمضينا ليلة دافئة في أحضان حديقة منزلنا الصغيرة والبسيطة والتي حرصت آرياكو على تخصيص جزء من المنزل لها وان كان بسيطاً .. فلطالما كانت تحلم بامتلاك حديقة جميلة تزرع فيها مالذ وطاب من الثمار والزهور

كانت بحق من أجمل الليالي التي أمضيناها في منزلنا قبل أن نرزق بتوأمنا المميز .. زهرتاي الجميلتان .. هانا .. هارو

https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png


رغم أنه لم يمضِ من الوقت سوى سويعاتٍ قليلة .. الا أني وبعدما استعدت كل هذه الذكريات بت أشعر بحنين فضيع لهم وكأني رحلت عنهم منذ أمدٍ بعيد

بقدر ذلك الحنين .. كان الألم الذي اجتاحني مجدداً بعدما حاولت الهروب منه

هاهو يعاودني لأتذكر أن حياتي .. بعد كل هذه المصاعب

لن تعود كما كانت أبداً


https://i.top4top.io/p_1562emye34.png
https://j.top4top.io/p_1562l2rq05.png

imaginary light 04-13-2020 02:34 AM

https://i.top4top.io/p_1596cojkp6.png

مرحبًا حبيبتي
كيفك؟ق5
أخيرًا جهازي البايخ مشي حاله
كانت فيه مشكلة و لم يسمح لي بالمجيء سوى الآن


المهم إلى الفصلين...


نامت عيون و أُخرى ساهرة محتارة
كيف تتستّر على الجريمة...كيف ستكون العواقب

فلورنس يظنّ أنّ من حقّه أن يتضايق من هانا؟!
ثمّ هو ركّز ع هالشغلة
هناك جثّة في البيت-هو القاتل -ورّط معه زوجته
ثم يجرؤ أن يبربر على غلطة طفلة تسبّب هو بها أساسًا
و فوق كلّ هذا يتأمّر
stop3

سعيدة جدًّا أنّ آريا أهملته و التهت بطفلتها

الآن بدأ يرى كلّ العيوب و يقارن بحياته السّابقة
الآن يلوم آريا على تغييرها و كأنه لم يتسبّب بشيء
:rolleyes:

مؤسف كيف أنّه كان يلاحقها و كل الظروف الصّعبة كانت تهون من أجلها
و الآن صار يراها امرأة متعبة انتقاديّة بعد أن كانت حبيبته الحسناء
و شريكة حياته ...
غبي!
هكذا بلا أدنى تفكير هرب و تركها في الواجهة
متورّطة وحدها أمام ذلك الزّائر اللمّاح البارد
الذي يضع النّقاط على الحروف دون أي موارَبة
و المخلوقة المشاكسة هارو لم تستطِع إبقاء فمها مغلقًا قليلًا!

الآن باتَ واضحًا أنّه المجرم و أنّها حاولت حمايته و..."خيانة وطنها"؟ف3

هذا الزّائر الكَريه يحاول تهويل الوضع -أكثر ممّا هو مَهول على أية حال
~
كلّ يغنّي على ليلاه...
هانا و خذلان أبيها المستمرّ لها ,هارو و تساؤلاتها عن كلّ ما يجري,
آريا و المحافظة على ما تستطيعه-تأثرت بها و هي تخفي حطامها
و تحاول أن تكون طبيعية من أجل صغيرتيها
عظيمة!
و أخيرًا فلورنس مع ضياعه و ذكرياته
"هي الآن قاسية صارمة شرسة كئيبة .."
^أوووه أتساءل من السّبب:rolleyes:
"لوهلة سيطرت علي أفكار أعلم أنها ماكانت لتعجب آريا بل على العكس ستعنفني حينها وتغضب مني "
لا؟وهل يريدها أن تصفق له مثلاstop3

الحقيقة ازعجني بكل فكرة تخطر له ,ممّا قبل ذكرياته الجميلة الشّاعريّة
التي تلقي الضّوء على بداية التّعارف و الحبheart7
غرقت هناك في الأجواء اليابانيّة البسيطة الأصيلة
أحببت التّدرُّج في بدايتهما معًا ,و كيف كانت شخصيّة آريا ,
أعجبني كيف علّمته عاداتهم ,و أنّه لم ييأس من المحاولة الاولى.
شخصيّة الأب رائعة أحببته بحكمته و حنانه و سيطرته.

بقدر ذلك الحنين .. كان الألم الذي اجتاحني مجدداً بعدما حاولت الهروب منه
هاهو يعاودني لأتذكر أن حياتي .. بعد كل هذه المصاعب
لن تعود كما كانت أبداً

^
ياله من واقع محزن
~
غاليتي
أحبّ استخدامكِ للمفردات بدراية و بعيدًا عن التّشنّج
أسلوبك مريح جدًّا في القراءة ...لا أعتقدني سأملّ من إخبارك بهذا:cool:
تخيلت كل شيء...
التعب و المحبة و بؤس الحال في مشهد الفتى اللطيف مع أمه ,
شعر آريا المتطاير و رباطه في يد فلورنس,انفعال أمه في وجهه

زهور الكرز, تمثال السّاموراي ...

كل شيء مرّ أمامي صورًا تجلّت في حروفك المتقَنة

مَن لَم يقرأ لكِ فاته الكثير !
يسرّني حقًّا أنّك مستمرّة
معك أنا دائمًا
:44:

آدِيت~Edith 04-17-2020 12:36 PM











التقطت أنفاسها بعد حديثها المتتابع ذاك والذي لم يحرك ساكناً بخصمها .. الذي حدق بها قليلاً حتى أنهت حديثها فابتسم باستخفاف وأبعدها بقوة عن الباب !

اختل توازنها فسقطت على الأرض بقوة متألمة .. نظرت نحوه بغضب وخوف في آن واحد متكئة بيدها على الأرض ..

وسرعان مااستجمعت قواها وتبعته للداخل وهي تخطط للدفاع أكثر قبل أن يحدث ماتخشاه ..

وماان دخلت الغرفة وقد باعدت بين شفتيها تهم بالحديث .. حتى لزمت الصمت بذهول

وخصمها كان يقف في الغرفة قائلاً بنبرته الساخرة :| اذاً .. سيدة آرياكو .. ماهي خطتكِ التالية ؟ |


سار على العشب الندي بقدمين حافيتين وعيناه تبحران بالمدى اللا متناهي أمامه


ذلك الحقل الواسع والنهر المتفرع تتخلله حجيرات صغيرة وبراعم قد نمت لتوها وأخرى أزهرت


نظر لصفحة الماء التي كانت قد انعكست عليها الغيوم الصافية كما لو كانت جزءاً من ذلك النهر


اقترب أكثر وجلس آذنا لساقيه بمعانقة المياه الباردة


علها تطفيء بعضاً مما بداخله من لهبٍ حارق


أطلق تنهيدة مثقلة بالهموم .. ونظر لتلك المذكرة بين يديه


تردد كثيراً قبل أن يفتحها .. ويبدأ بقراءة سطورها


والتي جذبته بسحرها وجعلت الذهول والفضول يجتاحانه ويسيطران عليه " تماماً "!




دون أن تدرك ارتسمت ابتسامة ارتياح على شفتيها مما جعله ينظر لها بريبة أكبر


أخفت ابتسامتها بسرعة وهي تشيح برأسها بارتباك علها تداري موقفها الصعب


قالت بتردد محاولة تشتيت أفكاره : صغيرتي اذهبي لتهتمي بشقيقتك ريثما آتيها


هارو بتذمر وعناد : لن أفعل قبل أن أفهم مايجري هنا


عقد القروي يديه أمام صدره وهو ينظر لهما بدونية واحتقار

- لعبكِ مفضوحة تماماً آرياكو ألا يكفي هذا القدر من الخداع .. لاتستحقري ذاتكِ أكثر من هذا .. ولاتضيعي وقتي الثمين


نظرت له باستياء شديد : أوكأنك تماديت ياهذا .. تغاضيت عن مناداتكِ لي باسمي الأول والآن تفعل هذا مجدداً بلا خجل وبلا حواجز أو رسميات حتى ؟! دخولك منزلي وغرفتي ولا رجل هنا لا أحد سواي وسوى طفلتاي .. واتهامك لزوجي بأمور لا أعرف ماهيتها حتى ..تواقحك واصرارك على أننا من أخطأ بينما الخطأ هو أنت في الواقع .. عم سأتغاضى بعد ؟


- ههه الكذب لايلائمكِ صغيرتي .. كفاكِ نحن كبار ونفهم جيداً بعضنا البعض .. أم أنكِ نسيتِ كم قضينا من طفولتنا معاً .. سوياً .. لدرجة أني حفظتكِ عن ظهر قلب .. يكفي فقط النظر لعينيكِ لمعرفة كل مايجول بداخلكِ .. لاتحاولي الكذب على آرتشي .. آريا


- آرتشي ؟!


قالت ذلك بذهول وهي تستعيد ذكريات الماضي سريعاً في ذهنها




نظراتٍ تتفحصها عن كثب خلف تلك النظارات الثخينة


اقتربت بعدها منها وهي تهتف بغيظ : آخر ماتوقعته أن تكوني أنتِ السارقة سوزيركو " لقب آرياكو "


نكست الأخيرة رأسها وقد اغرورقت عيناها بالدموع ويديها تقبضان على الثوب بقوة


والصمت .. كان عدوها


بينما شدت تلك العجوز أذنها بعنف وهي تصرخ : حتى وان كنتِ أنتِ فعقابكِ لن يختلف عن سواكِ .. سأريكِ كيف يكون سخطي على من يستغلني ويسرق شيئاً مني


ساقتها نحو الخارج تشدها بغضب ولسانها يمطرها بالشتائم وماان همت بفتح الباب حتى وقف أحد الأطفال بابتسامة باردة واثقة وهو يقول : معلمتي .. لحظة من فضلكِ


توقفت ونظرت نحوه بغيظ : مالخطب أنت الآخر ؟


ابتسم مجدداً وقال بنبرته المتزنة الواثقة : آرياكو ليست الفاعل معلمتي .. ثقي بما أقول


- ها .. لقد اعترفت بنفسها لذا أفضل أن تلتزم الصمت يافتى ..


قاطعها بذات الابتسامة التي لم تفارقه للحظة : أنا على ثقة تامة بذلك معلمتي .. فكلنا يعلم أن آرياكو حينما تصمت .. فهي صادقة حتماً .. وحينما تصرخ وتدافع عن نفسها .. حينها فقط نعلم أنها اخطأت أو تعلم على الأقل من يكون الفاعل !


رفعت آرياكو رأسها وهي تحدق بدهشة بذلك الفتى الغريب والذي أدرك بها مالم تلحظه بتاتاً


ومالبثت أن سمعت بعض التلاميذ يؤيدون ماقال حتى استسلمت السيدة تيشيمي وأعلنت برائتها أخيراً


ابتسمت وهي تردد بداخلها بينما تحدق به بامتنان |سأتذكر دائماً مافعلته لأجلي " آرتشي "|




كانت لاتزال تنظر له وتتفحص ملامحه التي تغيرت كثيراً .. لكن ابتسامته ونظراته الواثقة لم تتغير


كانت فقط .. خارج نطاق ذاكرتها حتى أعطاها الاذن بالتذكر


انه ذلك الشخص الذي يفهمها ويعرفها أكثر من نفسها حتى .. وأكثر من فلورنس والذي لايمكنه فهم مايجول بداخلها معظم الأحيان


كان ذلك ماتخاطب نفسها به وقد أدركت أنها وقعت بين أنياب خصمٍ لايُقهر


كيف تداري موقفها الآن وماذا تفعل .. وقبل أن تتحرر من أفكارها وجدت يده تقبض على شعرها الأبنوسي بقوة بينما يقول بمكر وهو يسمع آهاتها وتأوهها ويديها تحاولان ابعاده : |واثق أنه هنا .. يختبيء في مكانٍ ما .. لا أريد حقاً اجهاد نفسي بالبحث عنه .. فإن كان كما تزعمين يحبكِ .. سيأتي لتحريركِ من قبضتي |


نظرت له بألم ودموعها تنحدر من عينيها بينما تخاطب نفسها كما لو كان من الممكن أن توصل حديثها لزوجها | مهما حدث أرجوك لاتخرج .. سينتهي كل شيء حينها .. ستموت فلورنس وستنهار عائلتي .. لاتظهر مهما كان ماسيحدث |


أغمضت عينيها بقوة متحملة ألم قبضته ونظراته المخيفة


- | اوه هكذا لا يبدو الأمر نافعاً .. عليكِ أن تصرخي ليسمعكِ جيداً أينما كان .. أفهمتِ صغيرتي ؟ |


قالها وابتعد قليلاً وهو يبحث عن شيء ما سرعان ماوجده


أخذ تلك العصا المسندة على الجدار بجانب الخزانة ونظر لها ملياً ثم التفت لآرياكو بابتسامة ماكرة خبيثة


بينما اتسعت عيناها بذهول .. وهارو التي كانت تنظر لهما دون أن تفهم مايحدث


أدركت سوء ذلك الموقف وخطورته .. وأنه لابد من التحرك


أسرعت نحوه وتشبثت بساقه وهي تصرخ : ماما لن تلمسها ياوحش .. سأعضك لو فعلت ماذا تريد منا ؟ سأخبر بابا بكل مافعلته سيضربك ويقتلك


نظر لها باستخفاف وقال وهو يبعدها : هه فليفعل ان استطاع


واذا بها تعض ساقه بينما تحركت آرياكو سريعاً محاولة الخروج علها تجد من يساعدها


لكنه كان المسيطر والأقوى .. أبعد الطفلة بعنف ثم توجه نحو آرياكو


أوقفها بينما كانت تهم بالخروج من الغرفة وأغلق الباب بسرعة ثم التفت لها


- لن تهربي قبل أن تسلمي زوجكِ المجرم لي .. آريا


سمعت صوت بكاء طفلتها فأسرعت نحوها وعانقتها وهي تقول بغضب عارم بينما تتراجع خطواتٍ للخلف حتى أراحت جسدها وطفلتها على الأرض مستندة لزاوية الغرفة : أنت حقير وغد .. أقسم أنك ستنال عقابك قريباً .. الماضي تغير وأنا لم أعد تلك الطفلة التي تعرفها والتي تستخدم تلك الأساليب الفاشلة .. انما حين تتخلص من عنادك وتدرك الحقيقة .. ستندم أشد الندم وسيكون الوقت قد فات للعفو عنك


- ههه أتهدديني الآن .. موقفكِ هو الأضعف .. ثقي بي .. أنا فقط أفعل مايتوجب علي فعله .. وما أُمرت أن أفعل .. سأقبض على ذلك الوغد .. مهما كان الثمن .. وان اضطررت لضرب فتاة .. ففي النهاية ، انها مصلحة القرية


قال ذلك وهو يرفع العصا وسرعان ما عانقت جسد آرياكو التي ضمت طفلتها أكثر مخفية ألمها وهي تحميها كي لاتصيبها العصا


وهناك .. في مكان قريب جداً ، حيث تلك الجثة النتنة


كان جسدٌ آخر تتسارع نبضاته بغضب وحقد لامثيل له .. بحيرة وألم شديدين


هي هناك .. تدافع عنه وتحمي عائلته ، بينما يختبيء كما الفأر


رفع يده مستسلماً لذلك الغطاء الخشبي في الأعلى


تردد لوهلة واستعاد يده بينما يسمع صوت العصا ترتطم بجسدها النحيل


وصوت بكاء طفلته يعلو بينما لا أحد هناك لمساعدتهما


| لقد تمكن ذلك الوغد من هزيمتي .. سامحيني آريا لكل ماتسببت به لكم .. حان الوقت لأستسلم ! |





في جانب آخر من هذا العالم


بزاوية معاكسة تماماً .. حيث الشمس تربعت عرش السماء وبدت أوائل خيوط المساء كأنما توشك خجلة على اعلان ظهورها بعد سويعاتٍ قليلة


كان يجلس على المقعد خلف مكتبه ينفخ الدخان من فمه كلما أبعد غليونه الفاخر عن شفتيه


متفحصاً بعينيه الرماديتين تلك المكتبة الضخمة أمامه .. دون أن ينظر في الواقع لمحتوياتها


بل كانت نظراته أعمق بكثير .. كانت تبحر في مكان لاوجود له بتلك البقعة


قطع تأملاته وتفكيره العميق طرقاتٍ مألوفة على باب مكتبه .. أدرك على الفور منها هوية الطارق


- ادخلي سمانثا


فتح الباب وأطلت امرأة في بداية عقدها الرابع بشعرها الأشقر المموج


وعيناها البحريتان العميقتان تحيطهما أهدابها البنية الكثيفة


دون أن تتمكن من اخفاء تعابير القلق التي أبدتها قسمات وجهها الشاحب


والذي لم يقوى الزمن على رسم أي تجاعيد عليه ..


بل بدا للناظر أنها لازالت تتمتع بسني الصبا وجمال الفتوة


حركت شفتاها الحمراوان ناطقة بصوتها الرخيم الممتزج بأسى عميق : أيمكنني الحديث معك قليلاً


تنهد بعمق وهو يضع غليونه في المكان المخصص ويرفع يده الأخرى مبعداً تلك الخصلات الرمادية لتعود لمكانها


ونظراته القاسية الصلبة مع صوته القوي يعطي انطباعاً واضحاً عن شخصيته المهيبة


شخصية .. لايمكن تجاهلها بتاتاً


صرح وهو يشير للمقعد الجلدي الفاخر أمام مكتبه : اجلسي عزيزتي .. ظننتكِ تستلذين بقيلولتكِ كما العادة ..


جلست والحزن يسيطر عليها والتفتت له سريعاً وهي تقول برجاء : كيف استلذ بالنوم والكوابيس لما تزال تهاجمني كلما غفوت


بدا عليه الضجر كأنما هو موضوع يكره الحديث به فأجاب بغيظ : ألم أطلب منكِ نسيان هذا الأمر .. كيف تذكرينه الآن بعد كل هذه السنين وبعد كل مافعله بكِ وبنا جميعاً !


- عزيزي أرجوك ترفق به ولا تقاطعني مجدداً أرجوك نحن بحاجة للحديث بالأمر .. فكر جيداً هي الرابحة هنا .. تهنأ به بينما نحن نتعذب لفراقه وبعده


قاطعها بسخط : أنتِ وحدكِ من يعاني لبعد ذلك الناكر للجميل أما أنا فلا


أكملت وهي تمسك يده وتنظر له برجاء : أرجوك فكر جيداً بالأمر .. منذ يومين والكوابيس لاتفارقني واثقة أن هناك خطب ما .. أعرف ابني جيداً ربما مل الآن من تلك الحياة البائسة .. ألا تفكر كيف يعيش هناك .. وكم يقاسي ويعاني ازاء تلك المعيشة الصعبة


- هو أراد هذا


- أعلم جيداً لكننا عاقبناه بما يكفي .. أرجوك لاتفعل هذا .. يكفيك تعذيباً له ولي


- هو لم يبالي ان كان هنا أو هناك


- تعرفه مكابر لايمكنه الاعتراف بما في داخله هو يفتقدنا كثيراً .. لكنه مجبر على التظاهر كي يقنعنا بأنه قادر على اتخاذ قراراته .. ابني وقد حفظته عن ظهر قلب .. لابد أنه يعاني هناك بصمت .. منتظراً أن تفخر به لكونه أصبح رجلاً يعتمد عليه .. منتظراً أن تعترف به وتعتمد عليه وتثق به .. فكر بالأمر أرجوك لو حدث مكروه له لا أحد منا سيسامحك .. أنت السبب في حرماننا من ابني الحبيب الصغير .. لا...


قاطعها بغيظ : هذا يكفي سامنثا


رفعت يدها تمسح بأناملها دموعها التي تقاطرت من عينيها


وتمتمت بين شهقاتها : لن أسامحك اذا ما تأذى ابني .. لن أعيش معك بعدها أبداً


وانتحبت باكية وقد دفنت وجهها بين كفيها


ورغم قسوته وصلابته لم يستطع الا أن يستسلم ويضعف أمام دموعها مرغماً


نهض من مقعده وتوجه اليها يحاول تهدئتها دون أن يتحدث


حتى نطق أخيراً بترددٍ وامتعاض : سأفكر بالأمر .. اهدأي الآن وأنا أعدكِ بأن يكون كل شيء على مايرام


أبعدت كفيها عن وجهها وتشبثت به وهي تنظر له بعينين اغرورقتا بالدموع


- أحقاً .. أحقاً ستفعل .. حمداً لله .. شكراً لك عزيزي شكراً لك


تنهد بضجر وهو يشيح بوجهه منهزماً بينما رسمت ابتسامة رضا على شفتيها


ونهضت بفخر بعدما نجحت أخيراً باقناعه بطريقة لم يسبق لها أن اتخذتها


فقد كانت دائماً ترى أن بكائها سيجعلها تبدو ضعيفة ولربما يمقتها بعدها فهي دائماً تفكر أن الرجل يكره المرأة البكاءة


لكنها قررت أن تغير طريقتها غير النافعة تلك باقناعه فكلما زادت عناداً ازداد هو الآخر


ولم تكن لتجدي أياً من طرقها تلك .. حتى قررت استعمال هذا السلاح الذي وصفته لها صديقتها المقربة .. وحقاً كان ناجحاً جداً


فذلك الرجل الصلب سرعان مااستسلم أمام دموعها وانصاع لأوامرها


" لو كنت أعرف أن بكائي سيجعله يرضخ لي لكنت فعلت هذا منذ ثمان سنوات .. حقاً كنت غبية للغاية .. فلورنس صغيري الحبيب ماتراك تفعل الآن "


أغلقت باب غرفتها واستندت عليه تفكر للحظة وتتذكر أيامهما معاً


رفعت طرفها لتعانق عيناها تلك الصورة المعلقة في جدار غرفتها


لطفل بدا في العاشرة من عمره بشعر ذهبي حريري مموج الأطراف


وعينان بلون الأفق تزدحم السحب فيه وتتخلله زرقة داكنة ساحرة


وابتسامة بريئة شقية .. أضافت لمظهره عذوبة وجمالاً خاصاً


بتلك الشخصية الفريدة المشاكسة ..


ابتسمت وهي تقف أمام اللوحة ودموعها عادت لتنهمر دونما حواجز


فالشوق .. سلب قدرات تلك المرأة الحديدية .. وجعلها تلقي بكل دروعها بعيداً


وتطلق لقلبها العنان كي يبوح بكل أسراره .!




تسلق ذلك السلم القصير المؤدي للأعلى .. الى غرفته حيث هما


وضع يده على باطن الغطاء الخشبي السميك


ورفعه ليفتحه بعزم .. لكن !


كان أثقل من أن يتمكن من رفعه .. فكرت جيداً


واختارت أن تحميه حتى اللحظة الأخيرة


كانت تجلس هناك أعلى الغطاء الخشبي تحسباً لأي خطر قد يداهمها ويكشف زوجها


أخذ يحاول فتحه دونما جدوى .. وقبل أن يصرخ ليعلن عن مكانه سمع صوتها جلياً


- انها هانا .. آه طفلتي دعني أذهب لها أيها الوغد .. الفتاة محمومة


- ليس قبل أن تنطقي .. في الواقع أعجب حقاً كيف لايزال صامداً بينما أنتِ تعانين هنا .. هه أظنكِ عرفتِ مشاعره نحوكِ جيداً الآن


قطبت حاجبيها وهي تنظر له بغضب : قلت لك زوجي ليس هنا .. ولن تذهب من هنا دونما عقابٍ بعد كل مافعلت


صك أسنانه بغيظ بينما نهضت وأمسكت بيد هارو وهي تتجه مسرعة الى حيث طفلتها التي كانت تصرخ وتبكي بخوف وهي تطرق الباب


فتحته وعانقتها بسرعة مع شقيقتها وهي تحاول تهدئتهما والتخفيف عنهما


بينما نظر نحوهما بحقد مستسلماً


ألقى بالعصا وتوجه ناحيتها بهدوء .. نظر لها ملياً بينما كانت لاتزال تحاول تهدئة طفلتيها


وماان أدركت نظراته حتى حدقت به بغضب كلبوة ثائرة


- أقسم أنك ستنال عقابك لاخافتك طفلتي ودخولك منزلي واهانتي .. ان كنتم تزعمون أن زوجي ارتكب جريمة ما .. فأنتم الآن ارتكبتم حقاً ماهو أفضع .. ولن يمر هذا أبداً دون عقاب


صمت لوهلة حتى أنهت حديثها فقال ببرود : ربما تستطيعين خداع أهل القرية بهذه الكلمات أما أنا فلا .. سأكشف ماتخفونه من أسرار آرياكو


نهضت وتوجهت نحو الباب الخارجي ففتحته وأشارت له بالخروج وهي تقول بحنق شديد :


اخرج من منزلي .. اخرج أو سأصرخ بأعلى صوتي وسأجمع أهل القرية حولك ليروا مافعلته


- هه ولما لا تفعلي


قالها بنبرة ساخرة وهو يتوجه نحوها


وقبل أن يخرج انحنى بجانبها هامساً : لازلتِ لاتستطيعين الكذب آريا


ضحك بعدها ساخراً وخرج من المنزل تاركاً اياها تصارع آلام قلبها المريرة


الحيرة والخوف والضياع .. الوحدة والألم


أغلقت الباب خلفه بقوة وأسندت رأسها له مطلقة العنان لدموعها ومشاعرها الحقيقية بالانفجار


أخذت تبكي بحرقة وسرعان ماانضمت لها طفلتيها ترتميان بأحضانها وهما ترتعشان بخوف


بينما كان فلورنس يسمع نحيبهم بأسى


خرج من القبو وسار بخطواتٍ مترددة نحو الباب


وقف بجانبه ينظر الى عائلته الصغيرة .. والتي كانت في تلك اللحظات بأمس الحاجة لوجوده


رفعت آرياكو طرفها المبلل بالدموع ونظرت نحوه بعتاب آلم قلبه الجريح


وسرعان ما أخفضت رأسها هامسة لطفلتيها :

" انتظراني في الغرفة .. سأحضر الافطار لكما وأعود سريعاً .. ارتاحا جيداً حبيبتاي "


أبت كلتاهما ذلك فحاولت اقناعهما جاهدة حتى وافقتا أخيراً .. وعادتا للغرفة بينما اختبأ فلورنس بسرعة خلف الباب


وما إن أغلقتا الباب خلفهما حتى أبعدت آريا ناظريها عنهما وحدقت بباب غرفتها ملياً


ملأت رئتيها بالهواء ثم زفرته ببطء .. وفتحت عينيها وهي تتجه نحو الغرفة


دخلتها بهدوء والتفتت الى حيث كان يقف فلورنس شارداً خائباً بائساً


نظر نحوها بألم دفين وعيناه تحاولان التعبير عما يختزنه من كلمات اعتذار عجز على لسانه النطق بها


بعد لحظات قضاها كليهما في خطابٍ صامت بين عتاب واعتذار


نطق أخيراً وهو يقترب منها ويضع يده على عنقها بحزن : آلمكِ ؟


أومأت بالنفي وهي تبعد يده موضحة : كان يخدعك وحسب .. ماكان ليرتكب جريمة كتلك بهذه السهولة .. فذلك سيعرضه للعقاب والمسائلة .. انه يفكر جيداً قبل أن يفعل


أكملت وهي تنظر لعينيه بعتاب قاسٍ : ليس كالبعض هنا .. لقد أوقعتنا في الهاوية حقاً .. ألم أكن صادقة


وقبل أن يبرر أردفت وهي تقاوم دموعها المحرقة : لم أتعرض لاهانة كهذه في حياتي .. حرمة منزلي .. مكانتي التي كنت أملكها حينما كنت ابنة أبي .. سمعتي .. مستقبل أطفالي .. أتعلم كم آذيتنا جميعاً بفعلتك .. ولازلت لاأعرف ماتخفيه حتى الآن .. لما لاتخبرني بتتمة القصة ؟ لما ..


قاطعها بألم : يكفي آريا .. حقاً ما أواجهه الآن يكفي .. ما أعانيه أضعاف ماتعانيه أنتِ .. كذلك أنا لم أعتد القتل يوماً لم أعتد شيئاً مما أفعله الآن ولم أكن معتاداً أبداً على ماعايشته من أحداث طيلة مكوثي في اليابان .. تحملت كل ذلك لأجلكم .. أعلم أن هذا قاسٍ وصعب .. لكن .. ألا يمكنكِ تحمله لأجلي ؟ لأجل عائلتكِ ؟


أجابته والألم يمزقها ممتزجاً بغضب لم تتمكن من السيطرة عليه : لقد تحملت كثيراً وتسترت على جريمتك النكراء وخالفت كل معتقداتي لأجل عائلتي فقط .. بل لأجل طفلتاي وحسب .. لا لأجلك .. لتعلم هذا


استدارت بعدها وهي تقول متتمة حديثها بينما لايزال بصمته وحيرته وألمه وأنامله تتخلل خصلات شعره بعنفٍ وحيرة مطلقاً التنهيدة تلو الأخرى عله يخفف من وطأة مشاعره المضطربة جراء كلماتها القاسية التي حار كيف يتصرف ازائها :

والآن .. اخرج من هنا .. كما كان كلينا يدعي .. لنكمل الكذبة ولترحل الى حيث أبي .. أنتظر منك أن تخبره بكل شيء عله يجد حلاً لهذه المصيبة .. ويفضل أن لا أراك لفترة .. علني أهنأ ببعض الهدوء والطمأنينة .. وكذا طفلتاي


- إن كان هذا مايريحكِ .. فسأفعل


قالها فلورنس باستسلام وهو يتأملها بأسى


توجه بعدها لخزانته وأخرج بعض ملابسه ليدخلها بحقيبة صغيرة عتيقة


حملها بعدها والتفت من جديد لآريا التي لاتزال حيثما كانت دون أن تنظر له


اقترب منها بتردد ومد يده لتلامس خصلات شعرها هامساً بمشاعره الصادقة المتألمة : أعلم أن هذا لايكفي .. لكني لاأملك سوى أن أعتذر .. صدقاً .. أرجو أن لا أعود أبداً .. عل هذا يريحكم وينهي هذا الكابوس .. الحق معكِ .. دون أن أدرك أوقعتكم في الهاوية معي .. انما ثقي أني لن أسمح لأحد بايذائكم .. سأبذل جهدي لأنهي هذا الأمر بسلام ولو تطلب حياتي


اقترب أكثر وهو يكمل : أعدكِ .. أميرتي


قبل خدها بلطف ثم ابتعد وهو يتأمل دموعها التي انسابت من عينيها بينما هي تحاول السيطرة على مشاعرها كي تعاقبه


سار مبتعداً وهو ينظر لها بين الحين والآخر متأملاً أن تتعانق عيناهما ولو للحظة


حتى خرج من الباب الخلفي حيث يمكنه الهرب دون أن يبصره أحد


ألقى بنظرة أخيرة عليها مودعاً .. والحزن قد تربع عرش قلبه


وغادر بعدها بصمت تودعه الرياح التي ماانفكت تعصف بالأجواء ما إن توقفت الأمطار


نظرت أخيراً نحو تلك البقعة التي كانت تحتويه منذ لحظاتٍ فقط


وبكت من أعماق قلبها وهي تحاول كتم شهقاتها بيدها


حينها أدركت فقط .. أن حياتها لن تعود أبداً كم كانت


وأن لعنة الغراب قد حلت عليهم حقاً !




الحب لايطعم جائعاً


لطالما أسمع هذه المقولة


ولربما كانت حقاً صادقة


فذلك الحب الذي جمعنا يوماً


لم يقوى على اسعادنا وجعلنا نعيش بسلام !






مرحباً بكم في نهاية الفصل


كان طويلاً بحق صحيح ^^ هيهيهي ياويله اللي يحكي قصير


- بدت لكم صور من حياة فلورنس .. ورغم أن عائلته لم يظهر منها سوى شخصان .. الا أني أريد أن تعطوني انطباعكم الأول عنها وعن شخصيتهما وتوقعاتكم حولها


- آرياكو وقعت بين أنياب خصمٍ لايرحم .. فكيف ستتخلص منه وتتغلب عليه ؟


- يرحل فلورنس وتبقى آرياكو وحيدة تصارع مشاعر لايمكنها فهمها .. فأيها ستتغلب .. حبها .. أو خوفها من المستقبل ؟


- توقعاتكم حول وجهة فلورنس وماسيفعل خلال رحلته ؟


- رأيكم بالفصل - طوله - انتقادات - نصائح - ملاحظات


في أمان الله ^^


تمنياتي لكم بمتابعة ممتعة وشكراً لكل من أنار الرواية بحضوره :wardah:



imaginary light 04-19-2020 10:52 PM


https://i.top4top.io/p_1596cojkp6.png
مرحبًا مبدعتي الخارِقة
أخيرا أتيتو1ق5



لندخل فورًا لأحداث الفصل!

و إذًا فلورنس كان هناك في القبو طيلة الوقت
يستمع -ضاغطًا على نفسه-إلى كلّ ما دار بين عائلته و آرتشي...

آرتشي ذلك الدّاهية!
ذكاؤه يعجبني و في نفس الوقت تمنّيت أن يخرج له فلورنس

و ينزل فيه ضرب:يب:
يتصرّف بكلّ ثقة و حرّيّة, و أبدًا ليس بحياديّة بل هو يكره فلورنس بشكل شخصيّ, و اللطيف أنّه يفهم آريا و متابع لها على ما يبدو
بينما هي مو كتير سائلة:cool:

على كلّ لَم تجدِ طرقه نفعًا
تمنّيت العكس كان ذلك وشيكًا!لكن هيه,كانت القصّة لتأخذ منحى آخر

لو خرج فلورنس وواجهه
و لما كانت آريا لترمي على فلورنس بوابل من اللّوم
و معها كلّ الحق طبعًا.كلامها كان مؤثّرًا للغايةcute9
~
في بريطانيا
الأب المتصلّب القاسي و قد رقّ أمام دموع الأم

الي ما عاد فيها تتحمّل بعد ابنها
سمانثا هذه داهية أُخرى,
لديها كبرياؤها و لا تحبّ مواقف الضّعف
لكنّ هدفها احتاج المرونة فبها و كان.
كزوج و زوجة شعرته الطّرف الأفضل
كأب و أم ؟تبدو هي الطّرف الأفضل
و لكن كلاهما أنانيّ بشكل أو بآخَر

يعني فلورنس مو جايب أنانيته من برا:rolleyes:
فبعد كلّ ما حصل يعتبر أنّه يعاني أكثر من آريا
بس كل الأذى الذي تعرّضت له المرأة كان بسببه

بينما لم يكن لها ذنب في معاناته هو,
لذا -كان معها حق لما قرّرت يروح لعند أبوها
إنما ليتها لم تخبره بكونها لا تريد أن تراه لفترة-رغم أني أفهمها -

لكنّها تسرّعت هو أيضًا لديه هموم كبيرة و كان حقًّا يريد أن يحميها و طفلتيه
بس الكاتبة الشّريرة الرّائعة ما سمحتله شو بده يساوي طيب؟

فذلك الحب الذي جمعنا يوماً
لم يقوى على اسعادنا وجعلنا نعيش بسلام !

^
جميل ما تخطّينه في صفحة الروح
أنتظرك غاليتيق1






آدِيت~Edith 05-01-2020 01:02 AM

مرحباااااا
واخيرا جئتك ياغالية وقريبا ستنتهي الفصول الاخيرة من الجزء الاول
ردك كالعادة يحميني عالبارت تصد قي ههههههه
بحب شوف حدا هيك عم يتعايش مع الاحداث بتفاعل

فلورنس اخذ من امه كثير بس كمان اله شخصيته الخاصة اللي تخليه افضل
بس مثل ماحكيتي ماخذ من اهله الانانية هههههه
كوني على مقربة
شاكرة لك جميل تفاعلك وردودك الصادقة المحبة
سعيدة جدا بوجودك وتشجيعك
انت متابعة راقية من الدرجة الاولى

آدِيت~Edith 05-01-2020 02:04 AM

https://k.top4top.io/p_1562nxk486.png



الفصل الحادي عشر : وداعاً ياربيعي الأجمل " الجزء 1 "
https://g.top4top.io/p_1562icoc42.png
السماء التي امتد مداها عبر هذا الكون الفسيح

كانت ترافق كلينا ترسل رسائلنا المحملة شوقاً وعتاباً وحنيناً

وزهور الكرز التي ذبلت كما ذكرياتنا الجميلة

رحلت كأنما لاتريد أن تشهد فراقنا

فأي مستقبلٍ ينتظرنا بعد هذا .. وماذا تحمل الأيام لنا أكثر


https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png

أوائل الشتاء بدت وهيمنت على الأرجاء بلونها الأبيض الذي كسا القرية خلال مساءٍ واحد !

سكون سيطر على تلك الظلمة الحالكة

وأنين قطعه ليكمل موسيقى الشتاء الحزينة


https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png
فتحت عينيها اللتان لم تذوقا طعم النوم والرخاء طوال اليومين السالفين

كابوس آخر يهاجمها كلما حاولت أن تغفو بسلام

حتى وجودهما بجانبها لم يستطع أن يزيل عن كاهلها همومها الثقيلة

نهضت من الفراش بحذر لكيلا توقظهما

وارتدت وشاحها البني ذو النقوش الحمراء الباهتة

دون أن تبالي بحبات القطن التي أمطرتها السماء في تلك الليلة الباردة العاصفة

خرجت من المنزل ووقفت أمام بابه تنتظر شيئاً ما .. شخصاً ما

كان ينقص ذلك المنزل منذ رحيله

ككل ليلة أخذت تنتظره دون يأس .. حتى تمكن البرد منها فأخذت تفرك ذراعيها بيديها وتعود أدراجها الى منزلها الدافيء

وقبل أن تدخل .. هذه المرة وجدت ما استوقفها وأقلق سكينتها

ذلك الطيف الصغير الذي كان يجلس قبالة باب منزله

وقد غطته الثلوج ورغم هذا لم يحرك ساكناً

هرولت نحوه بقلق وماان وقفت أمامه حتى انحنت عليه تتفقده وهي تبعد الثلج عن كتفيه وشعره
- تاتسو مالذي تفعله هنا .. آه ياالهي لاتبدو بخيرٍ البتة

غطته بسرعة بوشاحها بينما كان ينظر للأمام بجمود وقد تجمعت الدموع في عينيه

بدا في عالم آخر تماماً لايسمع شيئاً مما تقوله آرياكو

بينما كانت الأخيرة تحاول تدفئته قدر ماتستطيع

نظرت لباب المنزل ثم أسندت الفتى بسرعة وهي تقول بقلق : يجب أن ندخل .. ستموت لو بقيت هنا

نهضت محاولة رفعه معها لكنه أمسك ذراعها بقوة وقد انهمرت دموعه

نظرت له بدهشة بينما أومأ برأسه نفياً وهو لايزال ينظر للفراغ

ضم رأسه لساقيه بعدها وشرع في البكاء المرير بصمت ما زاد من حيرتها وقلقها

فما كان منها الا أن انحنت عليه وضمته بحنان محاولة التخفيف عنه

https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png
همساتهم بدت كالضجيج لأذنيه اللتان استفاقتا تواً

فتح عينيه الذابلتين شيئاً يسيراً ونظر نحو تلك المرأة التي بدت حزينة تتحدث مع جارتها بأسى : أرجو أن يكون بخير.. لابد أن الأمر كان قاسياً عليه

- لايزال طفلاً أي مستقبل ينتظر هذا المسكين

- مسكينة ساتوشي كانت سيدة رائعة عطوفة

- أنتِ محقة .. لكم من المؤلم أن ترحل بهذا العمر المبكر

منع أذنيه من سماع المزيد والألم قد بات يزداد بقلبه وهو يتذكر تفاصيل ذلك المساء المؤلم

**********

كعادته كان يغفو في أحضانها الدافئة

والتي بدأت تبرد شيئاً فشيئاً مما جعله يستفيق بقلق

ويدثرها بغطاءٍ ثقيل عله يدفئها .. غفى مجدداً بجوارها فالتعب قد أنهك قواه

ولكن السكون الذي حل بجسدها وأنفاسها الخامدة جعلا الرعب يدب بقلبه الصغير

- أمي .. أأنتِ بخير .. استفيقي أرجوكِ .. لايمكن ليس الآن .. وعدتني أن تكوني معي كيف سأكمل حياتي وحيداً كيف لكِ أن تهجريني .. ليس الآن أرجوكِ

دموعه المنهارة على صحن خديه وأنفاسه المتلاحقة كانت سبيله الوحيد للتنفيس عما بداخله من خوف

بينما كان يحاول جاهداً ايقاظ ذلك الجسد الخاوي والذي صار بلا حياة

خرج مسرعاً محاولاً ايجاد من ينجده من مصيبته تلك

لكن عقله الذي بدا يائساً وقدماه اللتان لم تتمكنا من حمله أكثر

ارتختا ليقع أمام باب منزله .. يائساَ وحيداً فقد الرغبة في الحياة

ذلك الشخص الذي من أجله ألزم نفسه أن يكون قوياً .. لقد رحل الآن

رحل وتركه يصارع عواصف قلبه قبل عواصف الشتاء

يواجه قسوة الحياة بمفرده .. وحيداً فقط !

https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png
- أيها الفتى أأنت بخير

استيقظ من شروده اثر ذلك الصوت الطفولي البريء

والتفت ليرى تلكما الصغيرتين تنظران اليه بقلق

بينما استدرك تواً أنه ينام على فراش و غطاء دافيء يدثره

أعادت تلك الجميلة الصغيرة سؤالها بفضول : مابك ؟ بما تفكر ؟ ومن أنت أظنني رأيتك من قبل صحيح ؟ أنت لاتعرفني أليس كذلك ؟ أنا مشهورة جداً ان لم تعرفني تكن أحمقاً

- هيي هارو الفتى مريض لايجب أن تتحدثي هكذا معه

- مريض ؟ انه بخير انظري يفتح عينيه أيضاً المريض لايفتح عينيه

- هارو الميت وحده من لايفتح عينيه

- لا المريض كذلك ياحمقاء

- كفا عن الجدال أمامه واخرجا من الغرفة

كلتاهما أجابتا معاً : هي بدأت أولاً

نظرت كلاً منهما للأخرى بتذمر واستياء بينما تنهدت آرياكو بيأس وهي تجلس بجوار تاتسو وتستبدل الخرقة البيضاء المبللة على جبينه

نهضت هارو بسرعة وهي تقول : ماما أنا سأفعل

بذات اللهفة قالت هانا : ماما سأحضر وسادة مريحة أفضل من هذه

ابتسمت آرياكو بحنان لهما ومالبثت أن قالت : مارأيكما بدلاً من هذا أن تحضرا الإفطار انه على الطاولة هناك

أجابتها كلتاهما بحماس : حاضر !

ثم أسرعتا وأحضرتاه معاً من على تلك الطاولة الصغيرة

بينما كان تاتسو يراقب كل ذلك بدهشة ارتسمت على ملامحه الهادئة

- ماما هل خرجت تلك الثرثارة اخيراً

- هذا معيب هارو إنها سيدة كبيرة وعليكِ احترامها

- دائماً تشد أذني وتؤلمني لما لاتعاقبيها

- ذلك لأنكِ تتطاولين عليها فاستحققتِ العقاب

- مامااّ

- عليكِ التزام الهدوء بحضرة المريض كي لاتتعبيه أكثر

صمتت مجبرة باستياء وقد نفخت خديها

بينما أسندت آرياكو تاتسو وعدلت من وضعيته

- والآن صغيري كل شيئاً من هذا الحساء .. هيا افتح فمك

أومأ لها بالنفي : شكراً .. لا أشعر بالجوع

بحنان أجابته وهي تقرب الملعقة والمنديل من فمه : هيا عزيزي يجب أن تأكل لتشفى ليس من الجيد أن تظل هكذا

صمت حينها مفكراً .. ومالبثت أن قال بهدوء وأسى : ماذا حدث .. لأمي ؟

ارتسم الحزن على ملامحها بينما تعيد بهدوء الملعقة لطبق الحساء

وبعد برهة أجابته : آسفة لما حل لها .. انما عليك أن تكون قوياً لأجلها

- ماذا حدث لأمي ؟

قالها وقد علا صوته بينما تجمعت الدموع بعينيه مجدداً

نظرت آرياكو له بدهشة سرعان مااختفت مع تعابيرٍ أكثر حزناً وحيرة

ربتت على يده وهي تقول : انها ترقد بسلام الآن في مكانها المناسب

أبعد يدها بقوة وقد انهمرت دموعه بحرقة

حاول النهوض لكن الدوار عاوده حتى كاد يسقط لولا أمسكته آرياكو وأعادته للفراش

- رجاءاً لاتفعل بنفسك هذا .. لن يسرها أن تكون بهذه الحال .. أرجوك كن بخير لأجلها

صمت وقد استدار مواجهاً لها بظهره بينما كان يبكي بصمت وحرقة

غطته بهدوء وأسفٍ ثم نهضت وهي تشير لطفلتيها بالخروج معها

ففعلتا طائعتين والقلق قد غزا وجههما الطفولي .. بينما ألقت هانا بنظرة عميقة له قبل أن تخرج تماماً .. وكأنما كانت ترغب بالحديث معه .. لكنها لم تكن لتجروء على فعل ذلك .. فما كان منها الا إن تبعتهما بصمت

https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png



في مكان آخر .. حيث كانت السماء قد هدأت أخيراً وبزغت بعض خيوط شمسها الذهبية محاولة بث قليل من الدفء لتلك البقعة الهادئة

فتح عيناه المثقلتين إثر نومٍ عميق لايعلم كم كان مقداره

نظر حوله فوجد أنه ينام على فراش تقليدي مريح أبيضٌ ذو زخارف ذهبية اللون أنيقة المظهر

بدا منظر تلك الغرفة الجميلة المرتبة بعناية غريباً عليه .. فقد اعتاد النوم في غرفته العتيقة ذات الأثاث البسيط

رغم الاختلاف الكبير بين المكانين .. الا أن تلك الغرفة أيقظت الحنين بداخله

الحنين لقصره الكبير في بريطانيا .. لكم اشتاق للنوم بهذا القدر وبطمئنينة كتلك التي شعر بها حالما استفاق

ابتسم بلا شعور وقد أعاد رأسه للوسادة .. وذكرياته لم تفارقه للحظة .. ذكريات امتزجت بين ماضيه العتيق في بريطانيا .. وبين سنيه الثمانية في اليابان

بين عالميه المختلفين والبعيدين كل البعد عن بعضهما !

أيقظه من بحر أفكاره صوت الباب الذي فتح وأطلت منه فتاة جميلة ببشرة بيضاء موردة .. وشعر طويل أسود حريري ربطته بشريط ذهبي أنيق

وعيناها السوداوان تتلئلئان مع الشمس التي أطلت خجلة من نوافذ تلك الغرفة

بابتسامة خاطبته : استفقت أخيراً أيها الغريب ؟

اعتدل جالساً وهو يبتسم بلطف : أجل .. أعتذر لازعاجكم ..نمت طويلاً أليس كذلك؟

اقتربت منه وهي تضع الأغطية التي كانت تحملها بجانب الفراش

- لاتقل هذا .. كان من دواعي سرورنا استضافتك .. كما أنه واجبنا

ابتسم دون أن يعقب على حديثها بينما أردفت بنبرتها المريحة : استبدل ملابسك ريثما أبدل الأغطية والفراش .. آه حقاً كيف تشعر الآن ؟

قالت ذلك وهي تضع يدها على جبينه ثم تتنهد بارتياح : جيد تبدو بحال أفضل

بتعجبٍ أجابها : لما مالذي حدث لي ؟

ابتسمت ضاحكة بمرح : أنت لاتتذكر شيئاً على مايبدو .. توقعت أن تُدهش حالما تجد أنك في منزل غريب ٍ عنك

بدت الحيرة عليه بينما يقول بتردد : أولست من جاء الى هنا ؟ أقصد ألم آتي وأطلب المبيت لليلة معكم ؟

أومأت بالنفي وهي تنهض وتبدأ بترتيب الفراش الجديد

- لقد وجدك أبي وقد كنت بحال يرثى لها تنام في العراء .. كان من الجنون أن تفعل هذا .. كما أنك مصاب ومن الخطر أن تبقى في الخارج هكذا !

- آه .. هكذا اذاً

- ام هكذا .. انما أين وجهتك أيها السيد ؟

- آه كنت أريد الذهاب الى منزل عمي يفترض أنه في هذه المنطقة

بتعجب قالت : عمك ؟ شقيق والدك ؟ لما قد يسكن هنا ؟

- آه لا انه والد زوجتي

- زوجتك ؟! متزوج ؟ وزوجتك تعيش هنا ؟

نظر لها بتساؤل : لما يبدو هذا غريباً .. أليس من الواضح أني متزوج

بنفي أجابته وهي تضع الغطاء على الفراش الجديد بعد أن استلقى عليه

- في الواقع تبدو أصغر من أن تكون زوجاً .. كما أن من الواضح أنك أجنبي الأصل فمن الغريب أن تعيش هنا و تترك بلادك أنت وزوجتك .. وهل تقبلت هي هذا الوضع ؟

- زوجتي يابانية الأصل .. أحببنا بعضنا البعض وتزوجنا هل من مشكلة في ذلك ؟

أومأت بالنفي بحيرة وقد بدأت ترتب الفراش القديم وهي تقول : أتمنى لكما السعادة .. بقدر ماهو غريب أمركما .. الا أنها قصة تثير فضولي

التفتت اليه مبتسمة بمرح : أحضرنا حقيبتك كذلك .. بدل ملابسك بأخرى دافئة ونادني بعدها لأحضر الافطار لك

بكسل قال وهو يدثر نفسه : الجو بارد أحضريها لي رجاءاً

قطبت حاجبيها باستنكار : رجل مدلل

توجهت بعدها لحقيبته وفتحتها بهدوء .. مدت يدها والتقطت تلك البدلة الخريفية الدافئة

وماان رفعتها حتى تناثرت أوراق نقدية قد التصقت بها مما جعلها تجثم ذاهلة اثر ذلك المشهد .. وما البث فلورنس أن استدرك الموقف الذي أجفله لثوانٍ لم يتمكن فيها من استيعاب ماحدث

أسرع بعدها نحوها وخاطبها مهدداً بنظراتٍ مخيفة شيطانية وهو يمسك يدها بقوة : إن تفوهتِ بأي كلمة فمصيركِ سيكون الموت !!


https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png



- هذا جيد لقد تناولت كمية مناسبة حقاً .. أحسنت أنا فخورة بك حقاً

بهدوء قال دون أن يبدي أية مشاعر : شكراً لاهتمامكِ سيدتي

نهض بعدها وسط ذهول آرياكو وطفلتيها

- آه الى أين تاتسو ؟ لاتزال مريضاً !

أومأ لها بالنفي : لاتقلقي .. اعتدت هذا .. أنا بحال أفضل الآن .. يجب أن أعود لمنزلي

نظرت لعينيه الذابلتين بأسفٍ شديد : عزيزي هذا منزلك كذلك .. كم سأكون سعيدة لو عشت بيننا

- هذا مستحيل .. لدي منزلي و .. لايمكنني العيش في مكان آخر

قالها وأشاح بوجهه بألم .. بينما حاولت آرياكو ألا تظهر تعاطفها وأن تخاطبه بعفوية بعيداً عن مشاعر الشفقة

- حسناً أتفهم هذا .. انما ألا ترى أن من الخاطيء بقائك هناك بمفردك .. فلورنس مسافر هذه الأيام لما لاتكن رجلنا حتى حين عودته .. منزلك فارغ وبقائك فيه لن يجلب لك سوى التعاسة .. أضف الى ذلك أنك حينما تحتاج شيئاً ما لن تجد معك من يساندك

- عشت هكذا دائماً ولم أكن بحاجة أيٍ كان .. أمي حتى رغم وجودها معي ماكانت قادرة على الحراك أو فعل شيءٍ ما من أجلي أنا لست بحاجةٍ لأحد

بابتسامة متفهمة أجابته : لكن وجودها كان يكفي لتشعر بالدفء والأمان .. أليس كذلك

نظر لها بذهول سرعان ماتبدل لحزنٍ عميق .. تمتم بعدها بأسى : لكنها رحلت .. كان وجودها سيكفيني حتى لو لم تكن قادرة على فعل شيء .. رحلت وتركتني وحدي لترتاح وحدها لأمت لن يهتم أحد بذلك .. لاشيء يربطني بهذا العالم بعد اليوم

أغمض عينيه بشدة عله يحتجز دموعه بمقلتيه وقد قبض يديه بشدة

بينما امتدت يد آريا لتلامس كفه بحنان وهي تهمس بلطف : أفهم كم كان هذا قاسياً ..انما ثق أنها لم تتركك وحيداً ولن تفعل .. جسدها فقط ارتحل لمكانه المناسب .. وروحها لاتزال هنا .. في قلبك .. ترعاك وتحرسك أينما ذهبت

ضمته بأحضانها وأخذت تمسح على شعره وهي تكمل وسط ذهوله وخجله :حينما رحلت أمي .. شعرت بأن العالم قد ضاق كثيراً ولم يعد لي مكان فيه .. تمنيت الموت كثيراً خصوصاً بعد رحيل أخي وانضمامه للجيش .. والدي كان الوحيد الذي تبقى لي .. لم أكن أملك الأصدقاء .. منزوية تماماً عن العالم كنت .. لكني وجدت عالمي هناك .. مع أبي .. والذي جعلني أستكشفه بكل تفاصيله الممتعة وروائعه التي أيقظتني من يأسي .. حينها .. أردت فقط أن أعيش لأكتشف كل الجوانب الخفية له .. أن أقدم مايمكنني تقديمه للطبيعة المحيطة بي .. والتي ألهمتني الكثير .. شعرت بالقوة تتسلل الى داخلي .. وأدركت .. أنه حتى لو فقدنا من نحب .. سيظل هناك من يحبنا ويحتاج وجودنا معه .. تاتسو .. ابتسم للحياة .. فلا زال هناك من يعني له وجودك الكثير

أبعدته قليلاً عنها وهي تبتسم ابتسامة دافئة مشرقة بثت الطمئنينة بقلبه بينما اكتسى خديه بالحمرة وقد نكس طرفيه خجلاً

- اذاً أيها الصغير الوسيم ماذا تريد أن تفعل الآن ؟

بتردد أجاب : المنزل .. سأذهب له

- آآه يالك من عنيد بعد كل هذا لا شيء تغير

ابتسم ضاحكاً بلطف وهو ينظر لها بامتنان برق في عينه السوداوين اللطيفتين

- شكراً لكل شيء سيدة آريا .. لن أنسى معروفكِ هذا أبداً .. وأعدكِ أني سأكون بخير .. سأبذل جهدي لأعيش كما أستحق

اتسعت ابتسامتها وقد ترقرقت الدموع في عينيها : حمداً لله .. يسعدني حقاً سماع هذا منك .. أشعر بالاطمئنان هكذا .. انتبه لنفسك رجاءاً

أومأ لها بالايجاب وغادر وهو يودعهم بابتسامة مشرقة متفائلة

بينما صرخت هارو وهي تتبعه : لاتنسى أن تأتي للعب معي كل يوم تاسيو

- تاتسو

- حسناً تاسيو أنا أيضاً سآتي لزيارتك كل يوم

ابتسم لها بلطف : بكل سرور .. سأرحب بكِ دائماً

- آه أتعرف الآن من أنا هل حفظت اسمي

وضع يده على رأسها وهو يبتسم بهدوء : هارو .. وشقيقتكِ هي هانا

قال ذلك وهو ينظر لهانا التي وقفت بعيداً عنهم قليلاً بخجل بدا جلياً على وجهها البريء

- أهناك خطب ما هانا ؟

أومأت بالنفي بخجل وسرعان ماهرولت نحو منزلها لتختبأ خلف والدتها

بدت عليه الدهشة لوهلة ثم ابتسم بهدوء : تبدو شقيقتكِ خجولة للغاية

- من ؟ هانا ؟ انها أكبر طفلة في هذا العالم .. طفلة مدللة

- ها .. كيف تكون أكبر طفلة ؟ ثم أولستما توأمتين اذاً هي ليست الطفلة الوحيدة هنا

- لا أنا لست طفلة أنا أكبر منها بكثير

- وكم هو الفرق بينكما ؟

- خمسة عشر دقيقة تخيل !

- آه هذا كثير حقاً

قالها ممازحاً بابتسامة جميلة ارتسمت على شفتيه بينما يسير لمنزله ترافقه هارو التي لم تكف عن أحاديثها التي بدت له شيقة ممتعة


https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png
نظراتها الخائفة المترقبة كانت تطالعه بذهول أجفلها بينما قال هامساً بتحذير وهو يضغط على يدها : لم تري شيئاً

رددت خلفه بخوف شديد : لم .. أر ... شيئاً

أخذ ملابسه من يدها وأدخلها في الحقيبة بسرعة

ثم التفت يميناً يساراً ونظر مجدداً لها : أخرجيني بسرعة من هنا

أومأت ايجاباً ويدها على قلبها ثم سارت تتقدمه مرتعبة

تبعها ولم يكن بأحسن حالٍ منها اذ كان الخوف والهواجس يسيطران عليه

أخرجته دون أن يلحظهم أحدٌ من سكان المنزل

وقبل أن يخرج قالت له بتردد : ماذا أقول لو سألني عنك أبي

نظر لها بهدوء مفكراً ... ومالبث أن أجاب : أخبريه أنكِ لم تريني حينما غادرت

- لكن .. أنا لم أفهم لما تصرفت بهذه الطريقة حتى الآن

وضع يده على فمها وقال محذراً من جديد : إياكِ وذكر هذا الأمر لأيٍ كان فهمتِ

أومأت ايجاباً بحيرة وخوف وسرعان ماجرى بعيداً عن ذلك المكان

أخذ يركض بأقصى مايستطيع متجاهلاً الألم الذي داهمه بجسده إثر الجروح التي لم تشفى بعد

بين الحشود الغفيرة في تلك أسواق القرية سار يزاحمهم ليبتعد قدر مايستطيع عن ذلك المنزل

حتى توقف أخيراً وهو يلهث بتعب في أحد الأزقة

تنفس الصعداء وجلس يحتضن حقيبته وهو يفكر بأسى

" تباً .. يالحماقتي .. ماكانت لتعرف شيئاً لو أني لم اخف لو أني تصرفت بطريقة أخرى .. لو أنني ... آه تباً لي يالي من جبان .. لاأستطيع الهرب من وحشك تشين .. أيها اللعين لما أدخلتني الى عالمك المظلم .. كيف لي أن أهرب الآن وأتخلص من كل هذا .. أريد أن أعيش بسعادة لقد اكتفيت من كل هذا حقاً "

تنهد بثقل ونهض من جديد ينظر حوله عله يجد المخرج الذي يخلصه

واذا بصوت خطواتٍ تقترب منه !!

التفت بسرعة ليفاجيء بذلك الشخص الذي ماتوقع أن يصادفه في ذلك المكان أبداً

لتبدأ معمعة جديدة في كيانه .. تحسباً للمستقبل المخيف الذي ينتظره !

https://i.top4top.io/p_1562emye34.png
https://j.top4top.io/p_1562l2rq05.png

آدِيت~Edith 05-01-2020 01:50 PM

]

.















.
الفصل الثاني عشر : وداعاً ياربيعي الأجمل 2

- حتى لقاءٍ آخر .. أرجو أن يكون ذلك الطفل الذي يسكنك .. قد كبر

- لاشأن لك بي اتركني و شأني أيها المغرور المتخلف

- يسرني أن أكون كذلك بالنسبة لك .. أخي الطفل

- ارحل أنت مثلهم تماماً أكرهك جيلبرت



https://www5.0zz0.com/2013/07/23/01/147368610.png

- يبدو أنك لم تكبر بعد .. كما ظننت .. أخي الصغير .. غير أن كل هذه السنين غيرت هيئتك المدللة تماماً

اقترب خطواتٍ من ذلك المتصنم مكانه بذهول ومشاعر امتزجت مشكلة خليطاً بركانياً قد ينفجر بأي لحظة في كيانه

ربت على رأسه موقظاً اياه من حربٍ خاضها عنيفة مع ذكرياته وكبريائه

هامساً بابتسامته التي لاتزال كما رسمت مذكرته صافية غامضة

- لقد أصبحت نحيفاً وشاحباً حقاً

- لما .. أنت هنا ؟

سؤال نطق به لسانه بعد أن تحرر من سطوة مشاعره القاتلة التي كادت تسجنه طويلاً لولا أن قاوم لتحرير نفسه منها .. فجائه الجواب .. مؤلماً بائساً يثبت له كم أنه فشل رغم كل ماكان يصبو اليه .. أن كبريائه تحطم أكثر مما كان يتوقع !!

- لأعيدك إلى أرض الوطن .. الى حيث تنتمي .. أخي الطفل

- ماذا لو رفضت ؟

- لاأظنك بوضعٍ يسمح لك بالعناد أكثر .. أعرف جيداً كم تعاني هنا . وكم تنتظر الخلاص كهدية معجزة من السماء .. وهاقد أتتك الفرصة فلا تضيعها

- لاتتصنع معرفتي أكثر مني أنت لاتفقه شيئاً بي لاأحد منكم يفهمني

صرخ بذلك محاولاً تكذيب تلكما العينين العسليتين الصادقتين اللتان تغلبتا عليه ببضع كلمات

وأكمل في محاولة عقيمة لاكمال دوره المسرحي الذي ماعاد يتقنه

- ثم كيف أذن سمو كلاود بأن يعود اليه الخائن التافه الذي حط من قدره

بابتسامة معهودة أجاب : بفضل جهود سمو والدتك !

- لاتكن وقحاً .. هي أمٌ لكلينا .. سئمت تكرارك لهذه الكلمة هل لك أن تخبرني لما هي بالتحديد تعاملها هكذا ؟؟ ثم لما لم تستيقظ أمومتها الا الآن لما لم تستيقظ قبل ثمان سنوات لما لم تشعر بي وأنا ابنها لما لم تحاول حمايتي وتحقيق أبسط أمنياتي لما تحاول أن تبدو أماً الآن هذا لايناسبها البتة ليس بعد أن وافقت على طردي ليس بعد أن رمتني كالكلب الضال إلى حيث لا أنتمي !!

ضحكة مستمتعة سبقت قوله ملتفتاً لشقيقه بكل بساطة ومرح :تبدو متعباً .. أنت تهذي بالكثير المتناقض وهذا يمتعني حقاً .. تارة تعترف بأنك تريد الخلاص و بأن هذا ليس عالمك .. وتارة تنكر وتتجاهل رغباتك في محاولة لإثبات أنك قوي .. وأن كبريائك ذو حضور سامي .. سمو الأمير الطفل !

- لاتنادني بالطفل توقف عن هذا أيها الأخ المتعجرف السخيف الـ...

توقف واضعاً يده على رأسه بتعبٍ وكأنما كان يوشك على السقوط لولا أن اتكأ على الجدار بيده الأخرى محاولاً الحفاظ على قواه مستيقظة

- متعب جداً على مايبدو .. اسمح لي أن أصطحبك معي لبعضك الوقت علك ترتاح وتفرغ بعدها مابداخلك .. حتى لو أردت ضربي وأعلم أنك تريد هذا .. ستفعل حالما تأخذ قسطاً كافياً من الراحة

لم يجب واكتفى بنظرة مستاءة متذمرة رغم الارهاق الذي طغى ملامح وجهه الشاحب

وسرعان ما أسند جيلبرت شقيقه الذي قال بصوتٍ متعب متحشرج : حقيبتي

- آه حسناً سأحملها

أمسكها وأرخى حزامها على كتفه بينما كتفه الآخر يحمل ذلك الأشقر متجهم الوجه

سار معه حتى وصل الى فندقٍ شعبي قريب قررا الاقامة فيه

وماان استرخى جسده المتعب على الفراش والتمس دفئه حتى تدثر جيداً طالباً المزيد من الدفء ليغفو بتعبٍ وارهاق..

بينما جلس الآخر بجواره يتأمله بابتسامة هادئة غامضة

https://www5.0zz0.com/2013/07/23/01/605609735.png


صوت الباب القديم كان عالياً حالما فتحته مما جعل جسدها يرتعش خوفاً

وبالفعل ماكانت تخشاه او بالأحرى من كانت تخشاه قد ظهر أمامها غاضباً يلوح الشر في محياه

مبررة قالت بسرعة : كنت سآتي لكنه ماإن دخل المنزل بدا تعيساً .. لذا قلت أني سأرفه عنه

لم تلحظ تغييراً في ملامحها المتجهمة لذا ماكان منها إلا أن تطرق برأسها وهي تعبث بأصابعها بتوتر واضح .. واذا بضحكاتها الناعمة تداعب أسماعها مما جعلها ترفع طرفها نحوها بسرعة مذهولة بينما نظرت الأخرى لها بحنو وربتت على رأسها قائلة بابتسامة جميلة : ألهذه الدرجة أبدو مخيفة

بخجل قالت : حين تغضبين .. نعم مخيفة جداً

بدت الدهشة عليها حالما تغيرت ابتسامة والدتها تلك إلى البؤس وعيناها شاردتان للبعيد

وبينما هي في تعجبها وتساؤلها إذ انحنت آرياكو معانقة إياها بحنين وأسى

كأنما تعوض في ذلك حرمانها من ذلك الشخص .. الذي ورثت طفلتها جل طباعه وتصرفاته

بتعجب وحيرة ظلت تراقبها وهي تصب الطعام في الأطباق .. وعيون أخرى كانت تراقبها هي .. التفتت بضجر بعدما ملت ذلك قائلة لها : مابكِ هانا أنتِ تربكينني لما تحدقين بي هكذا ؟

ببراءة أجابت : ولما تحدقين بأمي هكذا ؟

عقدت حاجبيها باستنكار : هي أمي كذلك أراقبها كيفما يحلو لي

- وأنتِ أختي يحق لي مراقبتكِ كيفما يحلو لي

هزت رأسها بالنفي بتملل وعادت تراقب والدتها فحل الصمت قليلاً على كلتيهما .. حتى قطعته هانا بتردد قائلة : ماذا فعلتِ هناك ؟ لقد اطلتِ المكوث عنده

- آها هذا مايشغل ذهنكِ الصغير اذاً .. هه لتحترقي غيظاً لعبنا كثيراً

نظرت نحوها بصمت بينما اتضح البؤس والاستياء على وجهها الطفولي وكأنما ترغب بسماع المزيد رغم معرفتها أنه سيزعجها .. وذلك ماحث هارو على استكمال لعبتها الاستفزازية فجلست متكئة على الطاولة وجلست هانا على اثرها ..

استقبلت كلٌ منهما الأخرى وقد بدأ الفضول يسيطر على هانا التي مااستطاعت اخفائه بينما قالت هارو باستمتاع : حين وصلنا للمنزل وجدته مبتئساً كان الوضع مزعجاً في البداية فقد بقي صامتاً يتأمل كل شيء بينما جلست أراقبه .. حتى خطرت لي فكرة !

اقتربت منها هانا بحركة لا ارادية وقد قطبت حاجبيها وأغلقت فمها بإحكام بينما قبضتيها الصغيرتين تشدان على ثوبها الزهري مما جعل هارو تدهش بدئاً بفضول شقيقتها الذي اشتعل فجأة لكنها آثرت الإستمتاع قدر الامكان بذلك واستفزازها فأكملت قائلة :

قررت أن نلعب لعبة .. اكتشف حقيقة هانا الغبية !

- ها .. ماهذه أيضاً ولما أنا ؟

قالت ذلك ببؤس وأسى فانفجرت هارو ضاحكة وهي تقول بين ضحكاتها : قلت .. له قصتكِ .. مع الشبح ههه .. وكيف .. بللتِ فراشكِ ههه

توقفت عن الضحك فجأة بدهشة حالما رأت دموع شقيقتها تجتمع في عينيها .. وسرعان ماانهمرت بغزارة بينما نهضت وأسرعت خارجة من المنزل وسط ذهول هارو وحيرتها !

- كنت أمازحها فقط لما تأخذ الأمر بهذه الجدية ؟!

قاطع أفكارها صوت والدتها التي قالت بينما تحكم إغلاق العلبة : هارو هانا تعاليا وأوصلا هذا الى تاتسو

نهضت وتوجهت لوالدتها بسرعة : سأحمله أنا وآخذه اليه

- تستطيعين هذا ؟

- أجل ليس ثقيلاً

- حسناً انما لاتتأخري كعادتكِ

- حاضر ماما

أسرعت نحو الخارج وارتدت حذائها وقبل أن تخرج من الباب جائها صوت والدتها المتسائل : أين شقيقتكِ هارو ؟

أجابتها بينما ترتدي معطفها وتحمل علبة الغذاء مجدداً : ربما في الحديقة .. الى اللقاء

قالت ذلك وأسرعت الى منزل تاتسو قبل أن تبدأ والدتها في استجوابها المعتاد


فتح عينيه بعد غفوة قصيرة لم ترحمه الكوابيس فيها ليهنأ بقليلها

ذلك الشيء البارد الذي لامس جبينه الساخن أشعره بالراحة قليلاً فآثر البقاء مغمض العينين مستشعراً تلك البرودة المريحة

بعد حين بدأت تلك البرودة تقل شيئاً فشيئاً مما جعله يقطب حاجبيه باستياء وتعب .. ففتح عينيه مجبراً واذا به يرى يداً تمتد لتستبدل الكمادات من على جبينه بأخرى باردة

نظر نحوه بذبول متأملاً تقاسيم وجهه التي لم تتغير كثيراً خلال سنواتٍ ثمانٍ فارقه فيها

بنية جسده النحيلة ووجهه ذو التقاسيم الهادئة المشعة بهالةٍ تبعث الاطمئنان

عيناه العسليتان الناعستان وشعره الكستنائي الناعم الذي انسدل على كتفيه

لاحت على شفتيه ابتسامة هادئة قصيرة : لما تتأملني هكذا .. أتغيرت كثيراً ؟

بتساؤل وتعب قال : منذ متى وأنت تطيل شعرك ؟

- ههه .. لم أطله كثيراً .. كان هذا منذ ستة أعوامٍ فقط .. ألايبدو مناسباً ؟

- هو يناسبك في الواقع .. طوله يبدو جيداً لاتطله أكثر ولاتقصره أيضاُ

ابتسم مجدداً بينما يأخذ كوب القهوة من على الطاولة : لاتقلق فكلما ناهز طوله أعلى كتفيّ فالمقص جاهز لايقافه

نظر له بدهشة : تفعل ذلك بنفسك ؟

بابتسامة حانية أجابه : أجل .. في الآونة الأخيرة وحسب

لم يفهم ماقصده بجملته الأخيرة إنما آثر الصمت والتفكير بعدها بأمور شتى

كبريائه ألح عليه أن لايعترف ! وإلا فإن شوقه لهم كاد يطغى على عناده

وبالتحديد شوقه لشقيقه المتعجرف سليط اللسان

- لا أحب صمتك .. ربما لأني لم أعتده .. ولكني فعلاً مشتاق لحديثك فلورنس

نظر نحو شقيقه الذي تفوه للتو بكلمات بدت صادقة حقيقية تنبع من أعماقه .. أبهذا القدر اشتاق له .. لما كان يحسبه يكرهه اذاً .. بل لايزال يرى هذا

- سؤال لطالما هاجمني كلما فكرت بك

- هم ؟! وأي سؤالٍ هذا .. ماأعرفه أنك لاتنتظر الإذن لتسألني

- بأي قدرٍ تكرهني .. جيلبرت!

بدا عليه الذهول والاستنكار لسؤاله الغريب .. وبعد صمتٍ وتفكير حاول خلاله استعادة تلك الأفكار الجنونية التي طرأت على عقله : لما تعتقد أني أكرهك ؟ أمرك عجيب حقاً !

- لما يجب أن أعتقد أنك تحبني .. حين غادرت لم تحاول منعي أبداً .. وفي كل مرة تحدث فيها مشكلة ما تنسحب بكل هدوء دائماً .. لطالما سمعت والدينا يوبخانك وحالما تروني يصمت الجميع وتبتسم لي تلك الابتسامة الحمقاء التي تظن أنك ستخدعني بها .. خلفها وخلف نظراتك تلك كنت أرى الكثير من الكراهية .. رغبة بتمزيقي أو ربما .. بأن أختفي للأبد !

-

ظل صامتاً بدهشة وحيرة عقدت لسانه وعقله ..

حاول استرجاع ماقاله في ذهنه مراراً لكي يجد الجواب المناسب .. ومالبث أن ابتسم ساخراً وقد رفع رأسه إليه بنظراتٍ غامضة : رغم كل محاولاتي لإخفائه فقد كنت تراه اذاً ..ياللسخرية .. يبدو أن أخي الطفل أذكى مماظننت .. أجل أنا أكرهك ولازلت لاأفهم كيف عرفت هذا .. أكرهك أكثر مما تتصور أيها الطفل المدلل .. الكل يحبك ويمقتني ويراك الأفضل ويعاملني كالخادم الشخصي لك .. كل شيء يعود لك وحدك وكأنني لا أنتمي لهذه العائلة .. حتى الهوية ! .. بريطاني حقيقي كامل تشعر بالوطن يسري في عروقك وأنا ماذا ؟ لست أشعر بالانتماء لموطني حتى .. أكرهك وأتمنى دائماً لو أنك لم تولد .. حينها فقط كنت سأكون الأول بكل شيء !

تنفس بعمق حالما أنهى حديثه وألقى بنظراتٍ باردة خالية من المشاعر نحو شقيقه الذي كان يطالعه بذهول وانكسار .. وسرعان ماارتدى قناع الكبرياء مجيباً اياه : كل هذا ؟ فقت توقعاتي كلها حقاً .. رغم أني لم أفهم معظم حديثك الا أنني أخيراً عرفت سبب كراهيتك لي .. وتأكدت من حقيقة مشاعرك نحوي .. كي لاأعيش واهماً أكثر !

صمت ثقيل قطعه جيلبرت بتنهيدة مستاءة التفت بعدها له وضربه على جبينه ثم نهض يقول متهكماً : أخٌ غبي .. أنت لاتفهم شيئاً .. ولاأعلم حقاً لما استنتجت أني أكرهك .. كيف تصدق أموراً غبية كهذه .. كف عن التفكير بهذه الطريقة الساذجة لما أكرهك أيها الطفل الأبله

أضاف بابتسامة وهو يملأ كوباً آخر بالقهوة الساخنة : لاأحد يحبك مثلي أخي الطفل المدلل .. أرح عقلك المتحجر قليلاً فعلى مايبدو لم تستعد وعيك تماماً بعد

قالها وخرج من الغرفة تاركاً فلورنس تعصف الحيرة به والحرب بين الحقيقة والكذب تشد أوزارها في عقله


- مرحباً مجدداً تايسو

- آه مرحباً بكِ هارو .. عدتِ مبكراً .. أيضاً اسمي تاتسو عليكِ حفظ اسمي جيداً

بلا مبالاة دخلت وخلعت حذائها لترتدي الآخر الخاص بالمنزل والذي كان كبيراً على قدميها الصغيرتين .. أسرعت للداخل وجلست أمام المائدة الخشبية الصغيرة القديمة ونفضت الغبار عنها ثم وضعت علبة الغذاء عليها وبدأت برصف أجزائها بسرعة

- هيا أسرع دعنا نأكل أنا جائعة

بتعجب كان ينظر لها وماان جلس أمامها حتى وجدها قد بدأت تأكل بشراهة غير آبهة به .. أخذ أعواد الطعام الخشبية وبدأ يأكل بهدوء حيناً ويراقبها بتعجبٍ حيناً آخر .. ومامضى الا القليل من الوقت حتى التهمت كل شيء بينما تناول تاتسو القليل وقضى بقية الوقت في مراقبتها ..

- أنتِ مدهشة .. تأكلين الكثير إنما لاتسرعي فقد يضر هذا بصحتكِ

مسحت فمها بكم ثوبها وقد اتسخ وجهها بتلك الصلصة الحمراء الممتزجة مع حبات الأرز وسرعان مابدأت تحتسي الشاي الذي وضعه أمامها

- رويدكِ هارو

- لاتقلق مابك ليست المرة الأولى التي أتناول فيها طعاماً لكنك محظوظ ماما صنعت لك أطباقاً شهية لاتصنعها لنا في العادة سوى يوماً واحداً كل أسبوع

عادت تحتسي الشاي تارة وتلعق ماتبقى في الأطباق تارة أخرى ودهشته كانت تزداد مع مراقبته لحركاتها الفوضوية ومالبثت أن التهمت حتى البقايا الصغيرة وارتمت على الأرض باسترخاء

- شبعت كان طعاماً شهياً

اعتدلت بعدها وأخذت تلملم أجزاء علبة الطعام وترصفها فوق بعضها البعض ثم وضعتها بكيسها ونهضت وهي تقول : الى اللقاء الآن أراك حالما يحين موعد العشاء

ودون انتظارٍ لجوابه ابتعدت متجهة الى الباب الخارجي وسط نظراته الذاهلة المتعجبة

واستبدلت حذائها وخرجت ببرود كأن لم تفعل شيئاً !!

- طفلة غريبة الأطوار !

قال ذلك وهو لايزال يحملق حيث غادرت بذهول شديد ثم تنهد بعمق ورفع كتفيه بحيرة


- لقد عدت

قالت ذلك وهي تدلف لداخل المنزل مغلقة الباب خلفها .. بدا المنزل هادئاً جداً إنما ذلك لم يكن ليقلق فتاة بطباعها اللامبالية ..

دخلت ووضعت العلبة على الطاولة واذا بها ترى أطباق الطعام كما هي مرصوفة عليها دون أن يُأكل منها شيء !

نظرت لذلك بتعجب ثم التفتت حولها بتساؤل : أين ذهبت أمي وهانا ياترى ؟

بلا مبالاة رفعت الغطاء عن الطبق : إنه يوم حظي

اتسعت ابتسامتها وعادت تأكل وتلتهم ما أمامها واذا بباب المنزل يفتح بقوة مما جعل جسدها يرتعش فزعاً !

التفتت خلفها لترى والدتها تدخل بسرعة والقلق يغلف تعابير وجهها ومن خلفها كان تاتسو بملامحه الهادئة ممتزجة بقلق خفي : هارو !!

هكذا نادت والدتها ومالبثت أن أسرعت لتجلس امامها وتضع يديها على كتفيها وهي تقول بخوف : هارو أين شقيقتكِ أتعرفين شيئاً ؟ أخبريني أتعرفين أين ذهبت وتخفين ذلك عني ؟

بتعجب أجابت : لا كانت هنا .. آه

فجأة استعادت ذاكرتها صوراً لماحدث منذ نصف ساعة !

وكيف أن شقيقتها غادرت غاضبة حزينة بعدما صدقت مزحتها تلك

بدا عليها التوتر والخوف فهي لاتستطيع اخبار والدتها بما جرى وبالتحديد بحضور تاتسو

فآثرت الصمت مما جعل آرياكو تصيح بوجهها غضباً و خوفاً : تحدثي هارو أين شقيقتكِ ؟

نظرت نحو تاتسو ملياً برجاءٍ أن ينقذها بينما ظل صامتاً يستحثها بنظراته على الكلام

فقالت بترددٍ وهي تنظر لوالدتها : لن .. تغضبي ؟

- قلت لكِ تحدثي ماذا حدث لشقيقتكِ أين هانا ؟؟

قالت ذلك صارخة بغضب امتزج بخوفها الذي بدأ بالازدياد مما جعل الصغيرة ترتعش خوفاً وتوتراً .. أجابت بعد قليلٍ من الصمت بذعر : تشا..جرنا.. أنا لم أقصد .. كنت .. أمازحها فقط .. هي صدقت .. وخرجت .. غاضبة

بدا أن قلق آرياكو قد ازداد وقد بقيت تفكر بخوف ٍ لثوانٍ قليلة ثم نهضت مسرعة وهي تقول : تاتسو ابق معها سأكمل بحثي .. لست مطمئنة أشعر أن مكروهاً أصابها

- أود البحث معكِ رجاءاً

قال ذلك وقد اعتراه القلق هو الآخر فأومأت ايجاباً بتردد .. أما هارو فقد نكست رأسها بتذمر وأسى وما إن خرجت والدتها حتى توجه تاتسو لها وأمسك بيدها : هارو يجب أن تساعديني .. أنتِ حتماً أكثر من يعرف هانا ويستطيع تخمين أين يمكن أن تكون .. سترافقيني حسناً ؟

نظرت له بقلق وحزن : أنا لم أقصد .. كنت أمازحها فقط .. لكنها غبية تصدق كل شيء

وضع يده على رأسها وربت عليه بينما يبتسم ابتسامة دافئة جميلة

- أفهم هذا .. أنتِ كذلك قلقة عليها صحيح .. هو ليس خطئكِ وليس خطأ هانا .. لذا كل ماعلينا الآن هو ايجادها والاعتذار حسناً ؟

- لكن لما أعتذر إن لم أكن مخطئة ؟

- ليس خطئكِ أنها اختفت فلم تتعمدي ذلك ولم تعرفي أنها قد تحزن مما ستتفوهين به .. لكن الآن وقد عرفتِ توجب عليكِ الإعتذار وعدم تكرار هذا .. حسناً ؟

أومأت إيجاباً باقتناع ثم نهضت معه : اذاً لنسرع بايجادها

ابتسم بلطف وأمسك يدها ثم خرجا سوياً ليبحثا عنها .. مبتدئين بحثهم بالجسر


السماء قد أظلمت قبل أن يحل المساء .. فتلك الغيوم تراكمت مجدداً متأهبة لعاصفة ثلجية جديدة ..

وقف يطالع السماء من خلف النافذة الأبنوسية ذات الستائر البيضاء

حرك أنامله لتلامس سطحها المبلل بذرات الثلج المتراكمة على الوجه الخارجي منها

بشرود كان يطالع ذلك البياض الممتزج بسواد الخشب الأبنوسي المشابه للون شعر من سكنت عقله وكل أفكاره

ابتسم دون إدراكٍ بحنين اعتصر لبه .. حتى قاطع خلوته بنفسه صوت الباب الذي فُتح ليطل منه ذلك الشاب ذو الابتسامة الملائكية التي لطالما أغاضته

نظر له قليلاً وسرعان ماأعاد ناظريه نحو النافذة وماخلفها

بينما اقترب الآخر منه وهو يحمل طبقاً من الطعام وضعه على الطاولة القريبة

- ألن تأكل شيئاً .. تعال وتناول طعام العشاء أخي .. أنت لم تأكل مايذكر منذ الصباح

- لست جائعاً

- كف عن هذا الآن .. هيا تعال وكل شيئاً

صمت وكأنما مل الحديث معه فتنهد الآخر بعمق ووضع يده على كتفه وما إن هم أن يتحدث حتى ضربت كف شقيقه يده مبعدة إياه عن ذراعها بينما ينظر له بغضب : قلت لك لاأريد شيئاً هلا بقيت بعيداً عني .. عد من حيث أتيت وأخبرهم أني لن أرافقك لأي مكان

قالها وعاد لفراشه بانزعاج بينما انتظر جيلبرت أن يهدأ شقيقه قليلاً ثم ابتسم مجدداً وتبعه حتى جلس بجواره .. أطلق تنهيدة عميقة ثم وضع يده على يد فلورنس وخاطبه بتفهم

- أعلم كم هذا صعب .. فأنت ستخلف ورائك أكثر الأشخاص أهمية .. وماكنت لأؤيدك على هذا مهما كان من طلب ذلك مني ولو كنت أنت حتى ! .. لكني أطلب ذلك منك الآن بجدية بغض النظر عما يريده والداك .. لأن مخاطر بقائك هنا أكثر بكثير من رحيلك .. ستجلب المصائب لعائلتك إن ظللت معهم فجريمتك ليست سهلة البتة !

نظر له بدهشة وخوف وقد تسارعت دقات قلبه بجنون .. تمتم بصعوبة : كيف .. عرفت ؟

بابتسامته ذاتها أجابه : عيناي لم تتخليا عن حراسة أخي الصغير ولو للحظة !

ازدرى ريقه وقال بعد تردد : وهل .. يعلم ..

قاطعه مطمئناً : لاأحد يعلم بالأمر سواي .. اطمئن لم ولن أخبر أحداً

- تكذب .. انها فرصتك للتخلص مني

- لما تعتقد أني أكرهك .. فلورنس هذا يكفي كف عن التفكير بي بهذه الطريقة أنت أخي أم أنك ستحرمني التفكير بهذا حتى ؟!

نظر له بحيرة وقلق : في كل مرة يثير حديثك بي الريبة ورغم هذا أنت لاتجيبني عن أيٍ من تساؤلاتي .. كيف لي أن أثق بأخٍ لاأعرف عنه سوى سطورٍ كتبت بهويته ؟!

ابتسم بشحوب مجيباً اياه : ليس مهماً أن تعرف عني ماهو أكثر .. المهم أن تثق بي .. أخي

تنهد فلورنس بحيرة وأسى وعاد ينظر للفراغ مفكراً ..

حل الصمت طويلاً ليعشعش في تلك الغرفة الباردة قلوب سكانها

حتى انقطع أخيراً حينما قال فلورنس : اذاً .. ماهو الحل الذي أوجدته لي ؟

نظر جيلبرت نحوه بهدوء وأسف : ستعود لبريطانيا .. بعد أن تسوي الأمور هنا

نظر نحوه بألم : وعائلتي ؟

بابتسامة هادئة متفهمة : سيكون ذلك قاسياً .. إنما عليك أن تضحي لأجلهم .. فرحيل قد لايطول .. أفضل من الرحيل للأبد .. ان ظللت فعقابك الموت .. لن تظل القضية طي النسيان طويلا وستكشف يوماً ما .. لكن هناك .. ستضمن لهم حياتاً أفضل وأكثر أماناً ان اتبعت خطتي جيداً بحذافيرها !

بألم أكبر : لا أستطيع .. آرياكو .. هارو وهانا .. جميعهم كيف أتخلى عنهم .. كنت أحلم بالكثير .. كيف أمضي حياتي بعيداً عنهم .. أنت لم تجرب هذا الشعور أخي .. انها عائلتي الحقيقية .. بنيتها بنفسي حتى منزلي ذاك صنعته بيديّ كيف أترك كل شيء

بدا على جيلبرت ألم وأسى عميق لم يستطع اخفائه .. واكتفى بأن أجبر نفسه على الابتسام بينما يقول بهدوء وهو يربت على كف شقيقه : أفهم ماتشعر به .. صدقني إني أفهمك

أرخى فلورنس رأسه على كتف شقيقه وقد تجمعت الدموع في عينيه بينما كان يتمتم باختناق : أحبهم .. أحبهم كثيراً .. لا أستطيع .. كيف لك أن تفهمني وأنت لم تجرب الحب حتى .. لم تجرب معنى أن تكون أباً !

رفع جيلبرت يده ليمسح على شعر شقيقه ويربت عليه مواسياً رغم ماكان يصارع من ألم : أفهم هذا .. لكنها تضحية لابد منها .. أعدك بأن أعيدك لهم مجدداً .. أعدك .. أخي الطفل


الفصل القادم " الجزء الأخير من

وداعاً ياربيعي الأجمل "

ونهاية الجزء الأول من براعم زهرة الكرز

المرحلة الأولى من حياتهم .. ستنتهي فكيف ستغدو نهاية فصولهم الأخيرة

وكيف ستبدأ حياتهم الجديدة

والتي ستبدأ مع تفتح أوائل براعم الكرز

مجدداً ستنمو بحلة جديدة "

يتبـــــــــــع





وبالطبع لن ننسى المهمات أو التحقيق XD




- جيلبرت في دخول غريب وشخصية غامضة تحير فلورنس .. ماهي أسراره وماحقيقته ومالذي يخفيه خلف قناعه الملائكي

- فلورنس في صراع بين خيارين أحلاهما مر .. فعلاما سيستقر وماسيكون مستقبله ؟

- تختفي هانا وتبدأ مشكلة جديدة تقض مضجع آرياكو .. مامصيرها وماذا تخفي هي الأخرى خلف مشاعرها الخفية ؟

- تاتسو وهارو .. صداقة هل يكتب لها البقاء ؟

- وأخيراً .. رأيكم في البارت + نصائحكم التي لاغنى لي عنها

https://www5.0zz0.com/2013/07/23/01/605609735.png

مقتطفات للفصل القادم والأخير من الجزء الأول

- إن ماتت هانا سأكون السبب صحيح .. وستكرهني أمي

- لاأحد يحبني !

- فلورنس كيف تختفي حينما أحتاج وجودك .. اشتقت لك .. أنا أفتقدك بشدة

- لقد بتِ مصدر ازعاجٍ كبير .. أريحيني من وجودكِ الدائم بقربي

- لاأستطيع فعل هذا .. إنه أكثر مما أستطيع تحمله

- لن أسمح لك بالعودة قبل أن تغدو رجلاً

- لما تقولين هذا .. لطالما أحببتكِ .. لكني أبٌ سيء .. لايستطيع أن يعبر عن مشاعره لطفلته

- أنت كاذب أنا أكرهك

- خذني معك اذاً

- انه السبب أليس كذلك الموت له هو من أراد تفريقنا

- وداعاً .. ياربيعي الأجمل !

هووه المقتطفات كتير وهون نخلص

افتقدت في الآونة الأخيرة الكثير من المتابعين

بتمنى شوفكم هالمرة من كل قلبي


أفتقد اطلالتكم المفرحة حقاً

يالله اتمنى لكم متابعة ممتعة

سلام ^^

.


.
[/]

آدِيت~Edith 05-01-2020 01:52 PM

.












.
[color=rgb(139, 0, 0)]
https://www5.0zz0.com/2013/11/09/18/625582500.png

رحلة الحياة طويـــــلة بكل ماتحويه الكلمة من معنى

تحمل في طياتها العديد من المفاجئات والأسرار

منها ماقد يبهجنا .. وكثير ماقد يصدمنا يؤلمنا يكسرنا ويهشم بقايا أحلامنا

ويظل الأمل رغم ذلك كله

يفرض نفسه على كل تلك الصعوبات ليحولها الى نور يتغلغل بالظلمة فيحيي البسيطة

في لحظات كان اليأس حاكمها فتمردت عليه

لهذا السبب فقط .. ظللت أحمل الأمل في قلبي

آملة أن ينير قلبي المظلم

ويعيد الحياة بعروقي التي ماعادت تنبض منذ فراقهم

https://www5.0zz0.com/2013/11/09/18/638440993.png

https://www5.0zz0.com/2013/11/09/18/466997700.png


براعــم زهرة الكـــرز

الفصل الأخيــــــر \ الجزء الأول

" وداعاً ياربيعي الأجمل "


أين أنا

وقد وأدتني الذكريات

وساقتني لمتاهات القبور المظلمة

حيث الوحدة والظلمة

حيث لاوقت للحنين

فقط .. تلك الحرية المستحيلة

ستخرجني من مقبرتي

https://www5.0zz0.com/2013/11/09/18/638440993.png

سارت تثقلها أعباء الحياة .. حائرة تائهة
عيناها تسافران بين الحقول والسهول .. وقلبها يصارع الوحشة والغربة
ودونما ادراكٍ لسانها كان يتمتم بضياع
" أين أجدها .. رباه ساعدني .. فلورنس طفلتنا فقدتها .. أين أنتِ صغيرتي "



دارت حول نفسها ببطء تنظر حولها بعدما يئست البحث

من أين تبدأ وأين تنتهي ..؟!

جلست على الأرض بجسد متعب أنهكته الصعاب ودموعها متحجرة بمقلتيها

تبحث عن السبيل للخلاص .. الخلاص من حاضرها الذي يأبى أن يرحمها

بينما قلبها يهتف وقد غلفته الوحدة وهاجمه الحين
" فلورنس كيف تختفي حينما أحتاج وجودك .. اشتقت لك .. أنا أفتقدك بشدة "

صوبت ناظريها نحو السماء ترسل دعواتٍ صادقة علها تخلصها من محنتها

وقد تحررت دموعها وعادت تبحر على وجنتيها كما لو كانت قد اعتادت ذلك

فبات البكاء .. مؤنسها !

https://www5.0zz0.com/2013/11/09/18/638440993.png

- هانا تحب النهر دائماً تأتيه .. وكذا الينبوع الدافيء هناك
- حسناً لنبحث ونرى
- ام
قالت ذلك بخوف وتبعته بينما كان يبحث بجد عن أي أثر لها دونما جدوى
وكأنما هي ابرة ضائعة بكومةٍ من القش

أسرعت ماإن شاهدت بعض الرجال يسيرون قريباً منهم لتسأل بلهفة وقلق : عمي عمي هل رأيت شقيقتي هانا ؟

نظر نحوها ذلك العجوز بنظراتٍ حانية بينما يفكر : كيف تبدو ؟

- لها شعر قصير وهي قصيرة وبلهاء
- ليس هكذا هارو
قال ذلك تاتسو مؤنباً بلطف وسرعان مالتفت للعجوز يصفها بهدوء :
عيناها بندقيتان صغيرتان ذات بشرة موردة وشعر قصير ترتدي ثوباً زهرياً

أخذ العجوز يفكر قليلاً حتى قال وكأنما تذكر شيئاً ما : أظنني رأيتها .. انها ابنة فلورنس صحيح ؟ كانت تسير بمحاذاة النهر منذ نصف ساعة أظن

صرخت هارو بانفعال : رأيت قلت لك انها تحب النهر

ابتسم بهدوء وهو يومأ ايجاباً : شكراً لك سيدي

أسرع كلاً منهما لبدأ البحث بعدما شكرا العجوز بلباقة

آملان أنها لم تبتعد أكثر بعد !

بينما كانت هارو تهتف وهي تسرع خلف تاتسو: إن ماتت هانا سأكون السبب صحيح .. وستكرهني أمي

التفت لها تاتسو وقد رفع حاجبيه متعجباً : لما تتفوهين بمثل هذه الحماقات ؟

أجابت بطريقتها الدرامية : ماذا لو أنها شعرت باليأس لأنني كذبت وظنت أني افتضحتها حين بللت ملابسها ثم ذهبت للنهر لتغرق نفسها لذلك لم نجدها بجانب النهر هي ألقت بنفسها في داخله صحيح هانا ماتت أليس كذلك .. آه أختي المسكينة ماتت بسببي بسببي أنا وأمي ستكرهني وأبي ليس هنا ليحميني

لحظاتٍ حاول فيها استيعاب ماقالت الا أنها بدأت تبكي وتصرخ بتحسر وندم

- أأنتِ جادة ؟ خيالية للغاية أنتِ
تنهد بعمق حالما أدرك أنها لاتسمعه واقترب منها مربتاً على رأسها

- كفى .. لن يحدث لها شيء ثقي بي .. هانا بخير انها تلعب لعبة الاختباء وحسب
نظرت له بسرعة قائلة بين شهقاتها : أصحيح هذا ؟

أومأ لها بالايجاب بثقة فتنهدت بارتياح : إن كان الأمر هكذا فسأضربها

ابتسم ضاحكاً وأعقب بلطف : فلنجدها أولاً اذاً

بعزم هتفت وهي تسبقه بخطواتٍ واسعة : سأبدأ أنا

بينما شيعتها نظراته الهادئة وابتسامته تزين شفتيه ثم تبعها بسرعة


https://www13.0zz0.com/2013/11/09/18/266988366.png


[/color]

آدِيت~Edith 05-01-2020 01:53 PM



دموعٌ لامست ذلك العشب الندي .. وشهقاتٌ اخترقت سكون الطبيعة

صوتٌ جذب ذلك القروي لتلك البقعة الصغيرة .. ليكشف طفلةً اختبئت فيها خلف شجرة أرْزٍ ضخمة

اقترب منها خطواتٍ ينظر بحيرة وتساؤل .. وسرعان ماعرفها ماإن وقف أمامها

- مالذي تفعلينه هنا ياصغيرة ؟

بفزع نظرت له وهي تعيد ظهرها للخلف محاولة الهرب الا أنه أمسك كتفيها برفق مطمئناً

- لن أؤذيكِ صغيرتي .. أولستِ ابنة آرياكو ؟ لما تختبين هنا ؟

ظلت تبكي بلا انقطاع وقد غطت عينيها بكفيها فتنهد بيأس ضجراً

- ألا تملين البكاء ؟

بصوت متقطع متحشرجٍ قالت : لا أحد .. يحبني

حدق بها ملياً مستفهماً متسائلاً .. وانحنى ليتخذ مكانه بجوارها جالساً

- مشكلة مع أمكِ ؟

أومأت بالنفي ولما تزال تبكي فأعاد السؤال مستخدماً متهماً آخر : اذاً شقيقتكِ ؟

أومأت مجدداً بالنفي ثم أنزلت كفيها وأسدلتهما على ثوبها وهي منكسة طرفها محاولة أن تستوقف دموعها

بينما هدأ ليستمع لها فهاهي ذا تجد الخلاص أخيراً لتبث مابداخلها لذلك الغريب الذي لن يفتضحها

https://www5.0zz0.com/2013/11/09/18/638440993.png


-امم هذا الطبق يبدو مألوفاً .. أستطيع تمييز السمك فيه

- إنه السوشيمي .. وهناك أنواع أخرى منه ... يزداد سعره ارتفاعاً بحسب جودة السمك المستخدم فيه وحجمه

سرد تلك المعلومات بفتور وهو يمسك أعواد الطعام وينظر لطبقه الذي لم يأكل منه شيئاً بعد

بينما همهم الآخر بفهم وهو يتذوق لقمة أخرى من ذلك الطبق الغريب عنه

وماإن ابتلعها حتى التفت لشقيقه مجدداً وهو يقول : يجب أن تأكل لتشفى سريعاً فلا وقت نملكه لنضيعه

جحده بنظرةٍ ساخطة وهم بالنهوض لولا أن أمسك جيلبرت يده بسرعة

- كف عن هذه التصرفات الطفولية .. أوكأنني أتحدث من أجلك ؟

- لم أطلب منك الاهتمام بي

- أظننا اتفقنا على كل شيء لما تكابر الآن وتتذمر ؟

- هذا يكفي .. أرجوك أنا بحاجة لأن أبقى بمفردي

- وكم من الوقت ستحتاج لهذا ؟ ظللت صامتاً بمفردك لوقتٍ طويل .. مالفائدة التي جنيتها من ذلك

- يكفي يكفي

صرخ بذلك غاضباً وقد أبعد يده وسار نحو النافذة ليفتحها بقوة ويفرغ ثقل قلبه بتنهيدة قوية عميقة

ثم اتكأ بيديه على سور النافذة متأملاً السماء المتلبدة المظلمة

بينما نظر جيلبرت نحوه يائساً حائراً يبحث عن طريقة تمكنه من اقناع شقيقه العنيد

هيمن الصمت على الأرجاء لفترة حتى أنهى جيلبرت طبقه ونهض بهدوء متجهاً صوب أخيه

والذي ماان شعر بدنوه حتى مسح تلك القطرات التي بللت وجنتيه

- اوه رباه .. أتبكي ؟

أشاح بوجهه للناحية الأخرى فاقترب منه أكثر ونظر له ملياً بصمت

واذا به يباغته بلكمة توقعه أرضاً بينما هو في ذهولٍ شديد

والآخر استكمل صارخاً به :

أتعلم ؟! لو كنت مكانها لما وافقت على طفل مثلك ليكون رباً لعائلتي

لما ائتمنته على صغاري ولما سلمته نفسي .. تبكي ؟!

بدلاً من أن تبحث عن حلٍ جذري لمشكلتك أنت تبكي و تكتئب وحسب

لن أظل أربت على رأسك وأخفف أوجاعك التي بنيتها بنفسك

ولن يتمكن أحدهم من محو جروح صنعتها بسكينك

إن كنت رجلاً وإن كنت متعلقاً بهم الى هذا الحد اذهب واصرخ بالجميع أنك القاتل

اعترف وأخبرهم بأسبابك وتحمل نتائج أفعالك الطائشة ولحظات جنونك !

ظل فلورنس مطأطأً برأسه ويده على موضع الصفعة يستمع بصمت بينما أكمل جيلبرت بحدة :

كنت أحمقاً حين أضعت وقتي من أجل شخصٍ لايستحق ..
كل ماينتظره هو ان يجيئه الخلاص على طبقٍ من ذهب دون أن يبذل أدني مجهود ..
الحياة ليست هكذا ولم تكن يوماً هكذا .. إن لم تسعى لإسعاد نفسك فلا حق لأحدٍ بفعل ذلك نيابة عنك

توجه للباب فاتحاً اياه وقبل أن يخرج أدار طرفه لشقيقه ليقول : حينما تقرر ماتريد فعله أخبرني ..
سأكون في الغرفة المجاورة .. مساء الغد سأعود لبريطانيا لذا قرر بسرعة ماإذا كنت ستلحق بي أو ستبقى


استدار بعدها خارجاً مغلقاً الباب من خلفه بينما ظل فلورنس بصمته يفكر بذلك القرار المصيري
الذي سيقلب حياته رأساً على عقب!

https://www13.0zz0.com/2013/11/09/18/266988366.png


]

آدِيت~Edith 05-01-2020 01:57 PM



https://k.top4top.io/p_1562nxk486.png



ساعات مضت منذ بدأت رحلة البحث عنها .. وهاهي الرياح تنذر بعاصفة ثلجية وشيكة

لكن ذلك لم يثبط من عزيمتها .. بل زادها اصراراً على ايجاد طفلتها الضائعة .. والخوف في قلبها قد استقر تضيق معه أنفاسها المتعبة .. شيئاً فشيئاً !

ظل ارتسم أمام مرأى عينيها أجبرها على رفعهما لتنظر لذلك الماثل أمامها بنظراته التي تخفي الكثير مما يخيفها ويقلقها .. مع ابتسامةٍ حوت من الغموض المهيب مايزيد من ثقلها وضيقها .. " ليس ذا وقتك أنت أيضاً فما ألم بي يكفيني "

ذلك ماخاطبت نفسها به بضيق شديد دون أن تنبس أمامه ببنت شفة ..

فابتدأ الحديث قائلاً بنبرته الواثقة : تبدين في مأزق شديد .. أيمكنني المساعدة ؟


بضيق وتعب تنحت عن المسار الذي كانت ستقصده دون أن تجيب

فأسرع يقف أمامها وهو يقول : لاتحاولي تجاهلي فكل ماأنا راغب به مساعدتكِ آري



- صدقني لاطاقة أملكها لأضيعها معك .. دعني وشأني آرتشي

- قلت لكِ أني أريد مساعدتكِ فلما لاتصدقيني .. انني أعلم ماتبحثين عنه وأعرف مكانه أيضاً


رفعت عينيها المنتفختين لكثرة البكاء وقد علتهما نظراتٍ حائرة : صدقاً لاوقت لدي أضيعه .. إن كنت تعبث معي فكف عن هذا أرجوك


وضع يده بجيب بنطاله وقال بابتسامة انتصار : صغيرتكِ الجميلة ترقد في مكانٍ دافيء يريحها بعد معاناةٍ طويلة لهذا اليوم

صمتت قليلاً تستعيد ماقاله وسرعان ماهتفت بلهفة : أهي بخير ؟! أهي معك حقاً .. حمداً لله .. أرجوك خذني لها طمئني أهي بخير حقاً ؟!!

برضاً قال : أظنها بخير لكن هذه الطفلة بحاجة لرعاية أكبر على مايبدو .. إنها تعاني من ثغرة عاطفية كبيرة .. يجدر بكِ اختيار أبٍ أفضل لها .. ومسكنٍ هاديء آمنٍ أكثر من منزلكم المليء بالــ ... أشباح !


قال ذلك بمكر وعيناه تخفيان الكثير من الحقائق التي تخشاها ..

تسارعت نبضات قلبها وقد اتسعت عيناها وهي تفكر فيما قد تكون صغيرتها أبدته لهذا الشخص الخطر !

فبقيت صامتة جاثمة مكانها بينما كان ينظر لها مستمتعاً بما حقق وبما أهداه اياه القدر!!



https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png



طرقاتٍ ثلاث سمعها قبل أن يُفتح الباب بهدوء أعقبه دخول ذلك الشاب بتعابير خجلة آسفة وحائرة ..

نظر له هنيهة ثم مالبث أن أشاح بوجهه وعاود احتساء قهوته المفضلة


بينما اقترب الأول ناحيته وجلس بجواره وقد أطبق الصمت لبعضٍ من الوقت ..

بتردد قطعه قائلاً وهو لايزال يسبل طرفه : أفهم جيداً ماتريد أن تخبرني به .. وأدرك حجم حماقاتي وأخطائي .. أحاول حقاً التفكير بالأمر لكني وماإن أتمكن من تقبله وبصعوبة حتى تراودني أفكار كثيرة تخيفني .. أشعر بالعجز حقاً .. لو تخليت عنهم الآن كيف ستكون حياتهم وهل سيحبني أطفالي ؟ زوجتي كذلك .. ستفقد ثقتها بي .. سأتخلى عنهم في أكثر الظروف صعوبة وقسوة .. لاأستطيع فعل هذا .. إنه أكثر مما أستطيع تحمله أخي .. تفهمني أرجوك


ظل الآخر بصمت يحرك الكوب في يده وهو ينظر للفراغ ومالبث أن أفرغ مابصدره من ضيق واستياء بتنهيدة عميقة ..


التفت بعدها لشقيقه قائلاً : يظل أن تقدم على شيء ما أفضل من أن لاتحرك ساكناً وتتكل على القدر ليعالج مشكلاتك التي لن تحل سوى إن بذلت جهدك لحلها وقبلت بالتضحية .. فكر معي جيداً حتى إن ظللت هنا مالذي ستكون قادراً على فعله سوى جلب العار لهم .. حين تسجن سيكون لقب طفلتيك ابن القاتل .. هذا أقل ماسيحدث .. إنما إن تمكنت من إقناع والديك باحتواء عائلتك الصغيرة فستؤمن لها الحياة السعيدة حتماً وإن طال الوقت فأنت ستعود لهم لترفع رؤوسهم وتعوضهم عن أيام الشقاء والحرمان .. استمع لي أخي .. أتيت الى هنا ولا نية لي بالعودة سوى معك .. كما لا أنوي إعادتك لهم الا حين تغدو رجلاً .. رجلاً بكل ماتحويه الكلمة من معنى ..

التفت له بعدها منتظراً أن يدلو برأيه بينما بقي الآخر صامتاً يفكر .. حتى أطلق فاه أخيراً ليقول بنبرة مترددة قلقة : حسناً .. أعدك أني لن أكرر مافعلت مجدداً

أومأ له بالايجاب برضاً : اذاً مساء الغد نعود
بلهفة قال : لا رجاءاً .. أمهلني بعض الوقت لأسوي أموري هنا
- أمور ؟! وأية أمورٍ هذه
أجاب بنبرة عميقة تخفي الكثير من الحنين والأسى : أمور عالقة فقط .. أحتاج لحلها وتسويتها قبل الرحيل


- وكم من الوقت يكفيك ؟
- أسبوع فقط .. لاأطالبك بأكثر منه


أومأ له بالايجاب بتفهم : حسناً .. ابذل جهدك خلاله اذاً .. رغم أنه وقت كافٍ لاثارة الكثير من المشاكل أيضاً ولكني أدرك كم أنت بحاجة له .. خذ وقتك وعد لي حالما تقرر الرحيل فلن أغير مكاني


- شكراً لك جيلبرت

مدعٍ الغرور قال وهو ينهض ويسكب له المزيد من قهوته التي لاينفك عن احتسائها كل

حين : يحق لك شكري فأنت ترهقني كثيراً .. إنما ماذا أفعل كوني الأكبر والأكثر تميزاً

يجب علي تحملك .. ليكن الله بعوني

ابتسم فلورنس ابتسامة جانبية خافتة سرعان ماأبحر بعدها مفكراً في ماينتظره من متاعب


https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png


خيوط الشمس تسللت من تلك النافذة العتيقة منعكسة على كوب الشاي المتلألأ اثرها


وقد وضع لتوه على الطاولة ذات الأرجل القصيرة التي توسطت غرفةً تقليدية دافئة


- اشربي هذا عله يعيد لكِ بعض الهدوء آري


صمتت وهي تفكر بما حل ويحل عليها وماتتوقعه من متاعب تزيد من ثقل كاهلها


حتى ارتعش جسدها فجأة اثر يده التي لامست كفها فصرخت بلا وعي وهي تبعدها : لاتلمسني


بابتسامته المعهودة قال مستنكراً : مابالكِ لست أريد ايذائكِ فلما كل هذا الخوف ..

كنتِ ترتعشين وقد رحلتِ لعالم آخر حيث لايمكنكِ سماعي فأردت ايقاظكِ وحسب!

اهدئي كل شيء بخير .. صدقيني أنا لاأعض ولن آكلكِ فلا أحب اللحوم البشرية



أشاحت بطرفها بصمت وهي تضم يدها لقلبها ومالبثت أن التفتت له


وهي تقول محاولة السيطرة على نفسها كي تبدو هادئة قدر الامكان رغم صوتها


المرتعش : قلت أنها هنا فلما لاتنادها وتدعنا نذهب مالذي تريده منا آرتشي ؟


- اممم مالذي أريد ياترى .. ربما فصل عظامكم عن لحمكم وطهيها وتناولها ووو


قالها وهو ينظر لها مضيقاً عينيه فإذا بها تهتف بنفاذ صبر : كفى مزاحاً وسخرية انني بعجلة من أمري طفلتي الأخرى لاتزال تبحث عن شقيقتها مع تاتسو رجاءاً أعطني ابنتي أكن لك شاكرة


أعاد ظهره للخلف مستنداً للأرض بباطن كفيه : فقط لو أعطيتك الطفلة ستكونين شاكرة ؟ آه يالكِ من قاسية ألا يكفي أنني آويتها وأنقذتها من البرد والخوف والجوع والتعب واستمعت لسخافاتها لفترة طويلة وخففت عنها .. ياه كم أنا عظيم بالفعل .. بالمقابل لم أحظى حتى على كلمة شكر واحدة منكِ .. لست أنتظر شكراً بل على الأقل استمعي لي كما استمعت لابنتكِ الثرثارة


نظرت له بطرف عينها بحدة ثم أشاحت طرفها وهي تقول بسخط : لاحديث بيننا أم نسيت ماحدث آخر مرة في منزلي .. أولست زوجة مجرم فلما تريد الحديث معي


قالت جملتها الأخيرة وهي تنظر له بغضب وجدية فقال وهو يضع يديه على الطاولة


ويتقدم قليلاً ليقابلها بنظراتٍ جادة غلفها الهدوء : بل هناك الكثير لنتحدث عنه .. كقصة الشبح مثلاً ؟ ذاك الذي ظهر فجراً بينما لاأحد في المنزل سوى طفلتين خائفتين وشبح مجهول يختبيء في .. زاوية الغرفة ! القصة غبية .. لكن ماأثار حيرتي هو .. أين يمكن أن يكون الأبوان قد ذهبا في وقتٍ متأخرٍ كذاك ؟أمر غريب صحيح ؟


كانت تستمع له محاولة السيطرة على تعابير وجهها لتبقى هادئة بينما بركاناً كان يتفجر


كل حين في قلبها .. قالت بعد صمتٍ محاولة أن تبدو طبيعية : إلاما تلمح ؟


رفع كتفيه بأن لايعلم بينما أردف بنظراته الماكرة : كنت أتسائل فقط إن كان هذا يعني

شيئاً لكِ .. أذكر أنني في صباح ذلك اليوم وفدت لمنزلكم فسألتكِ عن فلورنس ولكنكِ أجبتني بأنه لم يكن هناك .. لكن لطفلتكِ رأي آخر على مايبدو


تنهدت بعمق وهي تشتم في داخلها تلك اللحظة التي أهملت فيها الطفلتين فتسببت بكل


هذه الدوامة لنفسها . نظرت له بعدها بنفاذ صبر : لاشأن لي بما تصدقه .. فلا أظن أحداً

غيرك سيختلق هذه الحماقات .. أضف الى أنني لست مجبرة على اقناعك لتفهم وتفسر الأمور كما شئت .. أحضر طفلتي ودعني أذهب


وقبل أن يجيب أكملت ساخرة : صدقاً .. لم أتوقع أن يصل بك اليأس والحقد لاستجواب طفلة كانت محمومة في ذاك المساء لدرجة أنها لم تتمكن من تذكر ملامح الشخص الذي آذى والدتها .. أعجب لما تكره زوجي العزيز بهذا القدر وتصر على الصاق التهمة به


كل علامات الانتصار تلاشت ليحل على وجهه حقد وغضب دفين اثر حديثها حاول

السيطرة عليهما قدر الامكان كي لايظهرا ..


ومالبث أن قال مهدداً وهو ينهض : حذارِ أن تعبثي معي آرياكو .. كل مايخفيه منزلكم سأكشف حقيقته يوماً ما .. ليس هناك مايجعلني أحقد على ذلك النكرة لكنني أشفق عليكِ حقاً لثقتكِ الغبية به .. ستدركي كم أنكِ مخطئة باختياركِ قريباً .. قريباً جداً عزيزتي

خرج من الغرفة بعدها بينما بقيت آرياكو تفكر وهي تنظر للفراغ بصلابة وقوة ..

هي تشعر بالنصر حقاً ولكن الطريق مازالت طويلة لترتاح وتطمئن ..

فالغراب لايزال يحوم حول سقف منزلها ولن يريحه سوى أن يراه مدمراً

لحظاتٍ قصيرة انقضت بدخوله الغرفة وعلامات الغضب والحقد تغلف ملامحه

ويده تمسك يد الطفلة الناعسة المتعبة والتي ماان رأت والدتها حتى انهمرت دموعها

مجدداً وهي تهتف بين شهقاتها : أمي !!

وسرعان ماارتمت بأحضانها تفرغ خوفها وحزنها وتشكو بدموعها تلك اللحظات المريرة

التي قضتها حالما ظلت طريقها .. لم تقل الأم شيئاً رغم ماكان مكبوتاً بداخلها من عتاب

واستياء ورغبة في تأنيب طفلتها التي وضعتها بموقف لاتحسد عليه البتة ..

لكنها تماسكت وقررت أن لاتضغط عليها أكثر ..

فماهو جلي جداً أن طفلتها تمر بوضعٍ صعب للغاية لايستهان به

وأي خطأ منها سيزيد الأمور سوءاً وحسب ..

لذا قررت احتضانها بحب وحنان ونهضت وهي ممسكة بيدها مغادرة المنزل

دون أن تنبس ببنت شفة .. وقبل أن تخرج كلياً توقف هنيهة واستدارت له لتقول بهدوء

: شكراً لاهتمامك بها .. ذا دينٌ علي ماحييت وسأوفيه يوماً ما

انحنت بعدها باحترام شاكرة وغادرت بعدها بينما كتم غيضه

الذي ازداد لسبب لم يفهمه .. كل ماكان يشعر به أن شيئاً بداخله يتحطم

مخلفاً الكثير من الآلام التي لاتزيده سوى قسوة وحقداً !



https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png

- غبية هانا أقلقتنا لما فعلتِ هذا كدت أموت خوفاً

قالت ذلك هارو بعتاب وتذمر بينما ظلت هانا مسبلة الطرف شاردة الذهن ..

- يكفي هذا لليوم يافتيات اذهبا للنوم الآن وسنتحدث بشأن ماحدث غداً ..

أنتظر أن تفكرا بخطئكما جيداً وبقدر ماسببتما من متاعب .. هيا الى الغرفة

لم تجب أياً منهما واتجهتا بسرعة الى فراشهما قبل أن يتحول مزاجها من سيء لأسوأ

وماان أغلقتا الباب خلفهما حتى قالت بهدوء مخاطبة تاتسو الذي جلس أمامها باحترام :

شكراً لكل شيء تاتسو .. انني أتعبك كثيراً معي صغيري

أجابها بابتسامته الهادئة اللطيفة : لم أقم بما يذكر . انه واجبي أنتِ من يهتم بي سيدتي وأنا مدين لكِ بالكثير ..

- لست مديناً لي بشيء .. أفضل أن تنظر لي كأمٍ وإن لم أستحق هذه المكانة بحياتك.. لقد أحببتك بحق وأنتظر أن توافق يوماً ما على الانضمام لعائلتي الصغيرة

قالت ذلك وبعثرت شعره بيدها وهي تبتسم فابتسم هو الآخر بخجل وأومأ بالايجاب ..

وسرعان مااستأذنها ليغادر لمنزله وتعود لتخلو بأفكارها ومشاكلها التي لاتجد لها حلاً

https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png

حل الصباح على القرية الهادئة وبدأت أوراق الكرز تتساقط وقد جفت وبهتت ألوانها الجميلة

بينما الأجواء تزداد برودة كلما دنا الشتاء ..

أمسكت بالغطاء لتغطي وجهها طالبة المزيد من الدفء بينما أخذت الأخرى تهزها بعنف وهي تقول : استيقظي هانا استيقظي هناك مفاجئة كبيرة

فتحت الأخيرة عينيها بثقل دون أن تبعد الغطاء عنها وظلت بصمتها بينما أردفت الأخرى بمرح : لقد عاد أبي !

اتسعت عينا هانا بدهشة وقد تسارعت دقات قلبها لسبب تجهله ..

أهو خوفها منه أم عدم رغبتها بلقائه .. أو لربما كان الشوق ..

وهو أكثر مااستبعدته من خيارات

ألحت عليها بضجر : هيا انهضي انه يريد رؤيتنا اشتاق لنا كثيراً ألم تشتاقي لرؤيته

اعتدلت بجلوسها وهي تنظر للفراغ بشرود وشقيقتها تشدها بلهفة لتساعدها على النهوض


https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png


لاحت على وجهها ابتسامة سعيدة لم تستطع اخفائها تملكها شوق كبير لذلك الماثل أمامها والشحوب قد طغى على قسمات وجهه الحسنة ..


نطقت وهي ترتمي بأحضانه : حمداً لله على سلامتك .. افتقدناك كثيراً


لم تسمع اجابته فابتعدت وهي تتفحصه قلقه : كيف هي جروحك الآن أأنت بخير كيف قضيت أيامك الماضية


بعتاب صوب ناظريه نحوها والصمت حديثه الوحيد مما جعلها تسبل طرفها


وتقول وقد غلف صوتها الندم : كنت غاضبة يومها .. شعرت أنه يجب معاقبتك .. انما ادركت أني ماكنت أعاقب سوى نفسي .. شعرت بالضياع بدونك حقاً
أردفت وهي تنظر لعينيه وقد بللت الدموع أهدابها : ظللت أفكر بك طوال الوقت .. كيف تعيش وأين تغفو عيناك وهل تأكل جيداً و ... كيف استطعت تركك جريحاً متعباً
عادت تعانقه وهي تغمض عينيها بألم : كم كنت قاسية حينها .. لم أستشعر الراحة طوال فترة غيابك .. فلورنس سامحني


رفع يديه ليريحهما على ظهرها وهو يفكر بصمت ومشاعره تختنق بداخله ..


" أسامحكِ ؟ من يجب عليه الاعتذار وطلب السماح ؟ أنت .. أم أنا ؟؟ "


نظر نحوها والكلمات قد توقفت دون أن تتمكن من أن تعلن عن نفسها ..


واذا بصوت باب الغرفة يفتح خارجة منه تلك الطفلة بابتسامتها العريضة المبتهجة


وهي تمسك يد شقيقتها التي كانت تنظر نحوه بتعابير غامضة المكنون ..


ابتسم بحزن وهو يمد يده ليضم صغيرتيه بشوق كبير ولهفة بينما كانت هارو تهتف

بسرور : علمت أنك ستعود أبي اشتقنا لك كثيراً لما غادرت بدوني وأين ذهبت ؟ لماذا فعلت هذا بي أنا غاضبة

- رويداً رويداً ستهلكين أباكِ بحديثك المتواصل

بابتسامة قال وهو ينظر لها : لابأس .. اشتقت لها ولحديثها حقاً

ضم صغيرته بحنان وهي بادلته بعناقٍ قويٍ بينما انسحبت هانا عائدة لغرفتها بصمت


https://j.top4top.io/p_1562l2rq05.png



آدِيت~Edith 05-01-2020 01:58 PM


https://k.top4top.io/p_1562nxk486.png



أغلقت الخزانة بعدما رصفت فيها آخر ماوجدته في الحقيبة من ملابس ثم التفتت له بابتسامتها الجميلة بينما كان شارد الذهن يحدق في البعيد وقد جلس أمام الحديقة الصغيرة المطلة عليها غرفته
جلست بجواره تتأمل السماء الغائمة معه بهدوء وصمت .. ومالبثت أن قالت بينا هي لاتزال في تأملها : أعلم أنه ليس بالوقت الملائم .. لكن هناك ماأود الحديث معك بشأنه إن لم تكن متعباً بالطبع
التفت لها بهدوء وقال بعد هنيهة : مالخطب ؟
أمسكت يده ووضعتها بحجرها وقالت بينما تمسح عليها بيدها الأخرى : حدث الكثير أثناء غيابك .. توفيت جارتنا والدة تاتسو أنت تعرفها صحيح .. تلك السيدة المسكينة المريضة
أومأ ايجاباً بأسف : وماذا حدث للصغير ؟
- عرضت عليه العيش معنا إنما رفض لكنه يجيء الينا بين الحين والآخر والفتاتان تستمتعان برفقته كثيراً ولاسيما هارو
- آها هذا جيد .. سأحاول التحدث معه اذاً عله يستمع مني سيكون مؤنساً لكِ حتماً
ابتسمت دون أن تعقب ومالبثت أن قالت وهي تنظر له :
- هناك أمر آخر عزيزي .. انه يخص هانا
التفت لها متسائلاً فأردفت وقد أشاحت طرفيها كأنما تستعيد صورة ما في ذاكرتها
ثم مالبثت أن استدارت له وهي تقول بأسف : انها تشعر بألم كبير .. بالوحدة وبأنك .. لاتحبها لكونها سيئة أو قبيحة .. بدأت بانتقاص ذاتها لشدة حيرتها وحزنها لبعدك عنها
نظر لها مستنكراً وهو يفكر بحديثها : ولما قد تفكر بهذه الطريقة ؟
- أفضل أن تتحدث معها بنفسك عزيزي .. والا فإنها ستلجأ لسوانا وهذا ليس بالأمر الجيد أبداً
أومأ لها بالايجاب بعد تفكير قصير ونهض قائلاً : اذاً سأذهب لأحادثها الآن
ابتسمت ممتنة بسرور : حسنٌ ماتفعل .. شكراً لك فلورنس
ضيق عينيه بتذمر : ولما الشكر ؟ هي ابنتي كذلك
ثم ابتسم بهدوء وهو يضع يده على رأسها مبعثراً شعرها بشقاوة .. واتجه بعدها خارج الغرفة بينما كانت آرياكو تبتسم بسرور وهي ترتب شعرها



https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png



على احدى العتبات الخلفية المطلة على الحديقة الصغيرة .. كانت تجلس غارقة بأفكارها ويداها تعبثان بدمية صغيرة مهترئة ..
نظر لها ملياً ومالبث أن جلس بجوارها وهو يقول بمرح بينما عيناه مصوبتان نحو الأوراق المتساقطة : ياله من منظر خريفي بديع .. حينما يحل الشتاء ستغدو هذه الأشجار عارية تماماً ..
أضاف وهو ينظر لعينيها الصغيرتان المتسعتان قليلاً بدهشة : لكنه سيلبسها أخرى .. بيضاء كحلة العروس .. لكل فصل محاسنه كما له مساوئه صحيح
بعدم استدراك وجدت نفسها تومأ ايجاباً والدهشة لاتزال تعتريها .. فوالدها الآن يتحدث لها وهو بالقرب منها حديثاً جميلاً لطالما تمنت أن يقصه عليها كما يفعل مع شقيقتها .. انما بدت متحفظة واكتفت بتلك الايمائة عن سواها وقد أخفضت بطرفها من جديد للعبتها تلاعب شعرها بأناملها الصغيرة
نظر لها ملياً بحيرة .. فلسبب ما التعامل معها مختلف تماماً عن هارو المرحة والمنطلقة والثرثارة .. هي تصعب الأمور عليه وحسب وتبني حاجزاً بينهما لايمكنه بخبرته الضئيلة أن يتخطاه بسهولة .. حاول مجدداً وهو يزيد من قربها منه بعناق لطيف وقد أحاطها بذراعه
- تشعرين بالبرد صغيرتي ؟
ازدادت دهشتها واحمر خديها خجلاً .. ومرة اخرى اكتفت بالايماء ايجاباً لسؤاله
فقرر هذه المرة أن يخوض بأعماقها قسراً !
أدارها اليه ووضع يديه على خديها المحمرين الجميلين وقد تناثرت خصلات شعرها السوداء القصيرة على يديه وتحتهما بينما قال بابتسامة أبوية حانية :
حبيبتي هانا .. لما لاتتحدثين مع والدكِ ؟ أراكِ تنطلقين بالحديث مع ماما وتقصين لها أجمل القصص فلما لاتحدثيني أنا كذلك ؟
لم تستطع أن تخفض رأسها فنكست طرفها دون أن تنبس ببنت شفة .. تنهد بعمق وقال وهو يضعها بحجرها : حبيبة بابا تحدثي هيا أنا لي أن أفهمكِ وأنتِ صامتة هكذا ؟؟ غاضبة مني ؟
صمتت وهي تفكر بكلامه ولم تعقب فأردف وقد ضيق عينيه : ناقمة علي ؟
أيضاً لم تتحدث فقال بجدية : وتظنين أني لاأحبكِ وأنك قبيحة ومختلفة عن شقيقتك ؟
زمت شفتيها وكأنها تمنع نفسها من البكاء وقد افتضحت مشاعرها وصب الملح على جرحها ..
- لاحظ تلكما الدمعتين المتلئلئتين بعينيها فسارع لاحتضانها بأسف : صغيرتي المشاكسة أنا لكِ أن تفكري هكذا ها ؟ لطالما أحببتكِ .. لكني أبٌ سيء .. لايستطيع أن يعبر عن مشاعره لطفلته .. هانا أنتِ وهارو ووالدتكما كل حياتي الآن .. أنتم العائلة الحقيقية التي أمتلكها .. ولكم أحلم أن نعيش برخاءٍ وسعادة .. أحلم وأتمنى دائماً لو أن بامكاني تحقيق أحلامكم الصغيرة وجلكم الأكثر سعادة في هذا العالم .. انما ماذا عساي أن أفعل ؟
أكمل وهو يختنق بألمه ودموعه : ماذا أفعل وأنا أب عاجز سيء .. كل مايستطيع انجازه هو الفشل .. الفشل وحسب
نظرت له بحزن وعانقته وهي تتمتم بصعوبة : أبي .. آسفة .. أنا .. أحبك
بادلها العناق بكل مشاعره المكبوتة المختنقة بداخله
فما سيخلفه وراء ظهره .. هي حياة حقيقية ستغدو سراباً ووهماً عما قريب
وما يترقبه الآن .. هو حياة كاملة جديدة لايعرف منها سوى .. ماضٍ



https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png
يومٌ يتلوه آخر
والشتاء يزداد دنواً ورياحه العاتية تعصف بالقلوب ..
اختفى منذ الصباح دون أن يخبر أحداً عن وجهته .. بينما استفاقت وبدأت تجهز بعض الطعام الساخن عله يدفئهم قليلاً
وحول الطاولة الصغيرة تحلقت العائلة مع تاتسو الذي انضم لهم كما عادته كل صباح
باحثين عن الدفء في ذلك الموقد الصغير الذي وضعوه على الطاولة أمامهم وعليه ابريق الشاي تحيطه الكستناء من كل جانب ورائحة شوائها تفوح في الأرجاء
مدت يدها الصغيرة ووضعت واحدة من حلوى الخطمي بجانب قطعة كستناء فأفزعها صوت والدتها تنهرها : مالذي تفعلينه هارو ستحترقي أعطني
بتذمر أجابت : لكني أريد أن اجرب ذلك بنفسي
- لاحقاً ياصغيرتي حين تكبرين
- ياه هذا بعيد جداً
حل الصمت مجدداً حتى نطقت هارو مجدداً : لكن أين ذهب أبي منذ الصباح الباكر ؟
أجابتها أرياكو وهي تقلب الكستناء : لاأعلم لكنه حتماً لن يتأخر .. أظن أن لديه عملاً ما
واذا بهانا تهتف بسعادة : هاقد أتى بابا
قالت ذلك بعدما سمعت صوت الباب الخارجي يُفتح لكن أحداً لم يتحرك من مكانه فالجو البارد أجثمهم في مكانهم وأقدامهم تتدفأ تحت الطاولة
اقترب منهم وهو يبتسم بهدوء وسرعان ماانضم لهم وأدخل هو الآخر ساقيه تحت الطاولة بينما يديه تتدفئان بمايصدره الموقد من حرارة
- صباح الخير جميعاً .. ياله من صباحٍ بارد اسكبي لي بعض الشاي حبيبتي
ابتسمت آرياكو وبدأت بملأ كوبه بالشاي وكذا أكواب البقية بينما أضافت لكل من هانا وهارو الحليب لكأسيهما فبدأوا باحتسائه بسعادة وتبادل الأحاديث الجميلة التي بعثت الدفء في أحضان الصقيع



https://j.top4top.io/p_1562l2rq05.png

آدِيت~Edith 05-01-2020 01:59 PM


https://k.top4top.io/p_1562nxk486.png



تعالت صرخاته هاتفه بهم : ياأهل القرية أسرعوا وانظروا ماذا وجدت .. ياأهل القرية !!

وماهي الاهنيهة حتى اجتمع الكثيرين حول تلك البقعة بفضول وحيرة وقلق

واذا برجل يقف أمام منزل تشين وهو يشير للحقيبة الممتئلة مالاً وبجانبه ثلاثة بدا أنهم كانوا معه

تفرق الجميع ليفسحوا لكبيرهم الذي جاء مع مستشاريه ليتفقد الأمر وبعد تأمل ومشاورات قال بحيرة :انها مكتملة .. اذا من سرق أموال المخازن هو تشين ؟ ولكن من قتله وأعاد المال ؟ وأين اختفى تاماكي اذاً مالذي يجري ويحدث في هذه القرية بحق السماء ؟!

بدأ الجميع يتهامسون بحيرة وتساؤل بينما كان آرتشي ينظر لتلك النقود وقد سافر بأفكاره للبعيد محتفظاً بها جميعها لنفسه .. ومالبث أن قال : المهم أنها عادت سالمة مكتملة .. هكذا ستكون أمور القرية بخير في الشتاء ولن نقلق بشأن أي شيء .. لاتقلق كازومي فسأظل أبحث عن الفاعل وسأجده حتى وإن كان آخر عملٍ لي في حياتي .. ولكن لنبدأ بما هو أهم الآن

أومأ مجيباً وقد أعجبته تلك الفكرة وأخذوا المال لمكانٍ آمن حيث المسؤول الخاص عنه

وهاهي البهجة تعم القرية أخيراً بعدما اطمئنوا على مستقبلهم .. ولكن تلك الهمهمات والشائعات والأحاديث التي لاتنقضي .. ظلت تملأ الأجواء

- لابد انه تاماكي اذاً سرق النقود وقتل تشين

- من يعلم لربما تعاون كليهما على السرقة ثم تشاجرا من أجل المال

- ياالهي كان حسن الخلق فكيف له أن يفعل هذا ويصاحب شخصاً أجنبياً كتشين

- ولكن لما أعاد المال برأيكم

- لربما ندم لاحقاً

- من يعلم ربما

استمرت تلك الأحاديث لأيامٍ وأيام ولن ينهيها سوى ظهور الحقيقة التي يترقبها الجميع

الحل لذلك اللغز الغامض لتلك الحادثة الغريبة !

https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png

-صباح الخير أحبتي لدي مفاجئة مذهلة لكم من يريد رؤيتها معي

نظروا نحوه ولاتزال الحال كما هي في كل صباح يتحلقون حول الطاولة والموقد دون حراك

بدا الكسل عليهم جميعاً وقد نطقت هارو أولاً : بابا الجو بارد لنؤجلها الى حين موعد ظهور الشمس عل الجو يصبح أكثر دفئاً

بضجر قال : يالكم من كسالى تبدون كالدببة هكذا هيا انهضوا .. آريا حبيبتي هيا تعالي وأحضري الصغار ستسرون بها حتماً

لم تجد بداً من أن تنصاع لزوجها فنهضت وهي تسحب ردائها وارتدته بسرعة وهي ترتعش

ثم أخذت معاطفهم وبدأت تلبسهم واحداً تلو الآخر حتى تاتسو الذي بدا خجلاً من ذلك

ونهضوا مثقلين مرغمين واتجهوا نحو الخارج مع فلورنس الذي بدا سعيداً للغاية

https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png


- د .. راجة ؟!

- أحقاً ما أراه عزيزي ؟ أليست .. دراجة ؟

أجاب بابتسامة : حقاً انها دراجة جميلة مريحة تكفي لطفلتي الحبيبتين ولشخص ثالث أيضاً من أجل أن .. يقلهما للمدرسة .. مثلاً

قالها بابتسامة ومكر وهو يراقب تعابيرهم الذاهلة المتعجبة والتي تأبى تصديق ماتراه

- انتظر قليلاً رويداً علي فلورنس .. مدرسة .. ودراجة ؟؟! أفهمني مالذي يجري ؟
انحنى وضم طفلتيه لحجره وقد كانت هارو لتوها تمد يدها لتتفحص الدراجة بينما قال بمرح وسرور :
أجل لقد أنهيتها أخيراً .. اجرائات دخولهما للمدرسة وهذه هدية لقبولهما اشتريتها في طريق عودتي .. سنحتاجها فالمدرسة تبعد الكثير عن هنا .. فكرت بأن أضم تاتسو معهم كذلك لكنه أبى وطلب أن يتم تعليمه في المنزل لكي يتسنى له العمل وكسب قوته ؟؟ فاستجبت لهذا العنيد مرغماً
قالها وابتسم وهو ينظر لتاتسو الذي اطرق بطرفه خجلاً بينما قالت آرياكو باستنكار :
ومن أيت أتيت بكل هذا المال ؟
استشعر الاتهام الموجه له بنبرتها تلك فسارع يدافع عن نفسه : أقسم أني لم أسرقها
أردف وهو يطرق بطرفه : والدي .. أرسلها لي
خفق قلبها ماان ذكر والده وسرعان ماتناهت لذاكرتها صورة ذلك الرجل المتسلط المهيب والذي لم تره سوى مرة واحدة كفتها عن غيرها .. تلك الهالة المريبة به جعلت الخوف يتسلل لقلبها ويعتصره بشدة
اكتفت بذلك القدر ودخلت بينما طفلتاه وتاتسو يجربان الدراجة الجديدة بسعادة ويمطرانه بالتساؤلات البريئة
https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png
في المساء كان الجميع يتسامرون حول الطاولة عدا فلورنس الذي خلا بنفسه في المطبخ.. وماهي الا فترة قصيرة حتى تسللت لأنوفهم تلك الرائحة الشهية لطعامٍ لم يألفوه من قبل
توجهت أنظارهم نحو المطبخ بتساؤل
هارو : مالذي يطهوه والدي ياترى رائحته شهية
هانا : أظنه يطهو لنا شيئاً مميزاً
آرياكو بقلق : فلورنس هل أنت بحاجة للمساعدة ؟
أجابها وهو يدخل بصينية الطعام : لا لقد أنهيت عملي وبقي أن تتذوقوه
رصف الأطباق على الطاولة بسعاة وحماس والكل ينظر لها بذهول
تمتم تاتسو بغير تصديق : لحم !
بينما هتفت هارو : ماكل هذه الأطباق العجيبة يبدو كالحلم
هانا : هكذا هو شكل اللحم اذاً لكن كيف طعمه ؟
أجابها بابتسامة وهو يقرب لقمة منه لفمها : تذوقي واحكمي طهوت لكم المعكرونة والحساء بالطريقة البريطانية وكذلك السلطة وبانتظاركم كعك شهي ستحبوه حتماً
آرياكو بنظرة غامضة : ومن أنى لك كل هذا .. حتى لو حصلت على بعض المال لاتبالغ بانفاقه فلورنس .. الحياة لاتقتصر على الملذات وحسب
أجابها بابتسامته المعهودة : كلي عزيزتي ولاتقلقي حيال شيء .. رجاءاً .. دعينا نستمتع قليلاً
نظرت للطعام وهي لاتعلم لما قد تلك الغصة بحلقها ولما كان قلبها يخفق قلقاً وخوفاً باستمرار
تلك الليلة امتلأت بطونهم وباتوا سعداء مستمتعين بتلك الملابس الدافئة التي اهداها لهم والدهم وتلك الأغطية والفرش الجديدة حتى لتاتسو .. كانت ليلة كالحلم
- كما لو أن المارد حقق أحلامي
- محقة هارو كان هذا رائعاً أبي يحبنا كثيراً
- أجل قلتها لكِ مرارا ولم تصدقيني
ابتسمت بخجل وغطت نفسها بغطائها الجديد الزهري : ليلة سعيدة
- ليلة سعيدة اختي البلهاء
قالتها واستدارت وهي تغطي نفسها كذلك لتغفو كلاً منهما بسلام ورخاء
https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png
اليابان : الثالثة فجراً \ أوساكا
فتحت عينيها المثقلتين ومدت يدها متفحصة مكانه بنعاس .. واذا به خالٍ منه
اعتدلت جالسة بفزع وادارت وجهها تبحث عنه في أرجاء الغرفة .. واذا به يهم بالخروج لتوه وهو يحمل حقيبة صغيرة حمل فيها بعض حاجياته فعلمت سبب خوفها الدائم وذعرها
لم يأتي ذكر والده عبثاً .. فهاهو الكابوس الذي خافته ثمان سنين يتحقق .. وهاهو يرحل أمام عينيها
نهضت فزعة دون أن تكترث لذلك الجو العاصف شديد البرودة وخرجت خلفه بقدمين حافيتين ممسكة بذراعه بشدة : فلورنس مالذي تفعله
أدار طرفه المتألم الآسف لها واختنق بكل تلك الكلمات التي ازدحمت في عقله مكتفياً بابعاد يدها واكمال طريقه بصمت .. لكنها لم تستسلم وأسرعت خلفه لتتشبث بملابسه وهي تهتف ودموعها تنهمر بغزارة : لاتفعل هذا بي لاتتركنا أرجوك ماذا سأقول لطفلتيك بل .. كيف سأعيش وأنت بعيد عني وأنت لست معي لاتقتلني فلورنس أرجوك أنا أحبك أحبك سأحتمل الحياة القاسية سأحمل عبأ تلك الجريمة عنك ولكن لاتتركني أتوسل اليك
شرعت بالبكاء بهستيرية بينما هو ينظر لها بألم شديد وأسف وسرعان ماأسقط حقيبته واستدار لها يعانقها بقوة : آريا .. حبيبتي أرجوكِ لاتصعبي الأمر علي أكثر .. كوني سعيدة رجاءاً .. لايمكنني التراجع .. رغماً عني صدقيني رغماً عني
وضعت يديها على كتفيه ونظرت له وهي تصرخ بحقد : انه هو أليس كذلك .. الموت له هو من أراد تفريقنا .. أرجوك ابق معي وتجاهله الموت له الموت له
وضع يديه على خديها وقال وهو ينظر لها بجدية : آريا .. الأمر أكبر من قدرات كلينا .. يجب أن نضحي لتعيش طفلتينا حياة أفضل منا .. بقائي هنا لن يظل مستقراً كما سلف من الأيام فهناك مؤامرات تحاك في الخفاء .. ولن يلبثوا كثيراً حتى يكتشفوا الحقيقة .. لاأريد أن أكون السبب في ضياعهم ودمارهم
أومأت بالنفي بلا اقتناع وعاد تصرخ بألم : ان كان ولابد فخذني معك هناك الكثير من الخيارات أمامك لنهرب جميعنا .. لنهرب ونعش بعيداً حياة آمنة
- لن يحدث لن يحدث
قالها بيأس وتعب .. نظر لها بأسى عميق وصمت ثم تركها وحمل حقيبته مجدداً وسط نظراتها الذاهلة
- فلورنس

- رجاءاً آريا .. لنستسلم وحسب .. لاحل آخر أمامنا .. من يعلم ماقد يخبئه

المستقبل..لاأطلب منكم مسامحتي .. كل ماأطلبه هو أن تعيشوا بسعادة وسلام .. عديني بهذا

صمتت وهي تنظر له بعتاب ولما تزال بذهولها

بينما بادلها بنظراتٍ ملئوها الاعتذار والندم

قبل جبينها طويلاً ثم ابتعد وهو يهمس لها : وداعاً .. ياربيعي الأجمل


https://f.top4top.io/p_1562hjkfq1.png

وقفت ترقب السماء من على تلك التلة وهي تغوص بذكرياتها التي لاتنتهي ..

وابتسمت ساخرة وهي تتمتم : صدقتك حينها .. كم كنت غبية ..

حين همست لي بتلك الكلمات حسبتك أباً عظيماً .. تحبني بحق ..

ولن تتخلى عنا مهما حدث .. ولكن ماذا ؟

ببساطة .. رحلت

رحلت تاركاً لنا مال والدك .. كل ماكان يفقه في هذا العالم .. وأنت .. غدوت نسخة

مطابقة له وبات المال هو مصدر السعادة بالنسبة لك .. يالك من أبٍ عظيم

صرخت وهي تفرغ مابداخلها من حقد دفين كأنما هو أمامها : لاتنطق بالترهات مجدداً

ولاتتلاعب بمشاعري .. ليس لأني طفلة خدعتني وتظاهرت بأنك الأب المثالي

لترحل الى الجحيم .. أيها الكاذب .. أنا اكرهــــــــك

أكرهـــــــــــك .. أيها الوحش .. أكرهك


قالتها وقد انهارت باكية وهي تضرب على كرسيها اللعين ..

والذي احتجز بقايا حريتها المكلومة ..

من هنا انتهت تلك المحطة المؤلمة

لتبدأ أخرى .. تخفي بطياتها الكثير ..

فمالذي ينتظرهم أكثر ؟!


https://i.top4top.io/p_1562emye34.png



واخيراً انهيت الجزء الأول من روايتي طبعا
معلوم المقطع الاخير مستقبلي يعني يخص الجزء الثاني
بس عودتكم ادمج بين الجزئين و الحقيقة كاملة وهوية هالبنت
هي والاحداث واللي صار بالمستقبل كله بتعرفوه بالجزء الثاني باذن الله ان قدر الله
انتهت فصولهم الأولى وتنتظركم الفصول الأكثر اثارة وحماساً


كانت تلك البداية فقط ..
كل تلك الفصول كانت تمهيدية وحسب لفحوى القصة الحقيقي
أرجو أن تكونوا قد استمتعتم معنا وراقتكم سطورهم وحياتهم وأحداثها
ان أحببتم القصة واقتادكم الحماس والفضول لمعرفة التتمة

أكملت لكم باذن الله الرواية
لايوجد واجب هذه المرة
فقط أفرغوا مابمكنوناتكم من آراء وتعليقات وتوقعات مستقبلية
حول الشخصية العاجزة التي أذكرها في المقتطفات دائماً
مستقبل آرياكو ومالحدث الذي سيجري لها ؟
فلورنس وماسيجري معه في رحلته وهل سيعود ؟
هارو ومستقبلها المجهول
هانا والتي اتوقع ان الجميع عرف ماسيؤول مصيرها اليه
وتاتسو المسكين الذي أراد الاحتواء بعائلة محبة تنسيه همومه
فوجد انه وقع في شباك عائلة اكثر بؤسا .. المسكين كم ارثي لحاله
واخيراً ماسيحل بالقرية وهل سيكشف اللغز
وان كان نعم فما سيكون مصير تلك العائلة المشؤومة

هذا كل شيء وأحب حقاً ان اسمع آرائكم وتوقعاتكم
استمتعت برفقتكم كثيراً واستمتعت بكتابة روايتي المفضلة واظهارها للنور
وأكثر المحطات التي راقتني حينما كانو يتدفئون ويأكلون الكستناء فقد كنت انا الاخرى
جالسة في جو شتوي رائع وجسدي يرتعش لشدة البرد وقد شعرت بالكسل حتى من
التقاط معطفي ليدفئني والذي كان في الغرفة المجاورة
كم احب الشتاء

اترككم الآن ... وفي أمان الله


https://j.top4top.io/p_1562l2rq05.png

imaginary light 05-06-2020 07:47 AM


https://i.top4top.io/p_1596cojkp6.png


مرحبًا جميلتيق6
فرغت من القراءة البارحة ولم أستطع الرد سوى اليوم
فأستميحك عذرًا على تأخُّريو5
~
وداعاً ياربيعي الأجمل

^
هنا يتجلّى الحزن أنيقًا كأنتِ!

صغيري الجميل تاتسو
ماتت أمه و تركته وحيدًا -رغم حنان آريا الرّائعة -لكنّه لم يغادر منزله
كوفاء للمخلوقة التي لا يمكن أن تعوَّض
و إن كانت مريضة,و إن تحمّل مسؤوليّتها منذ صغره
يبقى وجودها أمانًا سلبه منه الموت

أخي الطّفل فلورنس:rolleyes:
تبًّا له!هذا أولًا
كأنه أقسم ألا يجعلني أتعاطف معه!
أغلب مواقفه تجعلني ممتعضة

عنده مواقف حلوة ,لكنّها كالسّراب لأنّه كان قد انتوى الرّحيل
لحدّ الآن ليس رجلًا مسؤولًا
كلّ ما أخبر به هانا عن سوء أبوّته صحيح.
يحطّم القلوب خلفه حيثما سار
أكثر من آذاها هي هاناكان الأفضل لو لَم يتحدّث إليها

لكان وقع رحيله أخفّ عليها ربّما

جلبرت
ياله من غامض,حقيقته مبهمة, ردود أفعاله غير متوقّعة
واضح أنّه كان يراقب كلّ شيء و اقتحم الشّاشة في الوقت المناسب له
سأكتفي بهذا القدر من الكلام عنه

آرتشي
لديه دراسته الصّامتة و مراقبته الحادّة هو الآخر
يجمع المُستمسكات و يحتفظ بها لنفسه
لمَ يا ترى؟أيمكن أن يكون أمر صمته متعلّقًا بالمشاعر؟
بكلّ الأحوال لا تروقني أساليبه

هانا/هارو
كلّ ما تعلّق بهما ممتع
من الحوارات للحركات للمواقف
لردود الأفعال تجاه بعض أو تجاه الآخرين
كلها كانت تجعلني أريد رؤيتهما أكثر و أكثر
هانا لاتزال تكسر قلبي
أشعر مع هارو أيضًا لكنّها ليست هشّة كأختها


تبًّا لفلورنس و لجلبرت معًا اي؟ماذا فعلا بالطّفلتين البريئتين؟!
و بآريا الرّبيع الأجمل!ستقاسي الذّبول و الألم
كسرها فلورنس!ألومه أكثر من جلبرت ع فكرة,فهو الأب و الزّوج
وهو الذي كان يجب أن يتحلى بالقوّة و الفطنة

و لا يستمر بالنّواح على ماضيه,و يفهم مع من هو حقًّا يتعامل

هل أقسو عليه؟... يستاهل قسوتي هه0
قد أغيّر رأيي به لو نضج مستقبلًا و أصلح كلّ ما أفسده
علمًا أنّ موقفه الأخير مع آري
و "كرسي العجلات"ذاك
يجعلانني غير متفائلة كثيرًا من ناحيته
على كلّ حال
"براعم زهرة الكرز" ماهي إلّا تمهيد نحو جوهر الرواية
في الجزء الثاني لا بدّ أن تُحلّ الأمور المعلّقة و تتّضِح النّوايا
و نرى كيف ستكون الحياة مع آريا و صغيرتيها
و مالذي سيواجهه فلورنس

بانتظارك لتحكي يا شهرزاد
بدفء كلماتك ,بإتقان وصفك,و توصلي الأحداث و الأفكار بسلاستك المعتادة
كوب3
دمتِ سلسبيل عطاء
ق5
سلامي

آدِيت~Edith 05-13-2020 12:34 AM

اهلا بك من جديد غاليتي
أطلت عليك الغياااب جدا
رغم اني اعدت قراءة ردك المبهر عشرات المرات
اقول واكرر دائما
لااشبع من قراوة ردك المفعم بالجمال والحياة
انه يجعل من روايتي بأكملها لاشيء حقا
بلاغتك تسحرني حتى وانت تتحدثين بكامل عفويتك

تاتسو أكثر من احب بروايتي في الواقع
سيصارع امورا كثيرة ربما تجعلك تنتقديه لاحقا ولااعلم قد تكون لك نظرة مختلفة لست اعلم متحمسة لرأيك حول القادم

فلورني بدأت اخاف عليه وعليك منه
فالقادم سيصيره عدوك علىمايبدو
هانا وهارو والصراع الذي سيقودهما لمستقبل
يخفي الكثييير من التغييرات الجذرية
واريا
حتى الان افكر بتغيير مصيرها الذي ربما تكرهوني لاختياره
اترك الامر للمستقبل لتحكمو

جيلبرت شخص سيصيبكم بالجنون كما انا
فهو متناقض مزدوج الشخصية
لايستطيع اخفاء شره وخيره
اما ارتشي فحقده وحبه يصنعان المستحيل

متحمسة لوضع الفصل الثاني
وشكرا غاية الشكر لك
لأنك ظللت تشجعيني وامسكت بيدي حتى نهاية هذا الجزء
وكنت معي ولم تتخلي عني
شكري لك لايمكنني احصائه
دمت لي يااروع متابعة
أحبك من القلب


الساعة الآن 07:25 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
هذا الموقع يستخدم منتجات Weblanca.com
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

Security team