عرض مشاركة واحدة
قديم 04-15-2020, 12:38 AM   #6
ميار
كبار شخصيات


الصورة الرمزية ميار
ميار غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 178
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 المشاركات : 3,478 [ + ]
 التقييم :  6429
 SMS ~

- iris inside my veins
لوني المفضل : Gainsboro
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

مشاهدة أوسمتي









[14]#
-THE CRIMINAL IS ME !

\
EVERY THING IN THIS WORLD,
NO MATTER WHAT IT IS . . IS A KAY
TO LEAD FOR SOMETHING
. . IT COULD BE AN
ANSWER
OR IT COULD BE . . ANOTHER PAZZLE


-








أبتَغي مَعرِفَة ما الذي يحدُث . . ، إنّما ما الذي حدَث . . ؟! 2017. . ما قَبلِ ستِ
أعوام ، . . حادث إصطدام شاحنة أدّى لرحيلِ ألبِرتيون، الذي مِن المفترض أنّه
والدي ! . . أهو والدي . . ؟ لمَ عليّ التشكيك في هذا للمرّة الثالثَة على التوالي ؟
لما عليّ التشكيك في الحقائق ؟ حتّى الحقائق في عالم ما بعد يقظَتي تبدو كًمغَارَةٍ
مِن أوهَام . . ! عَقلي يأخذني لتفسيرات تُحيل رُقعَةٍ مِن ذكرياتي إلى كِذبة. جلست
في ذات المقهى المفتوح ، أخرجت مذكرة الجيب خاصّتي . اليوم نفسه ! أسدلَت
الشمس السّماء غِطاءً برتقاليّ . . ! لقد علمت مِن السجل الخاص بمواطنين
إنجلترا خلال مركز الشرطة ، أنّ والدي المدعو ألبِرتون فارق الحياة قبل ستّ
سنوات ،هذا ما كانَ مسجّل ضِمنَ بياناتِه . . ! الواحِد والعشرون مِن نوفمبَر ،
2023 ، الثالثة وخمس وعشرون عصراً ، إنتهى ! . . وضعَت القلَمْ في ذات
الصفحة وأغلقَت المُذكّرة.





إنّه مشهد مقتطف مِن كونٍ أخّاذ . . ! حيثُ السَّماءُ تشتدّ فِتنَة فوقَ الزّجاجِ الذي
غدا كـاللؤُلُؤ ،كلّما تدلّى ضوء النهار و استقبَل مشَارِفَ الغروبِ . . ! في ذلك
الوقت على غيرِ العادَة ،غابَ عَن المكَان و أجبَر نفسه على الخضوعِ لموسيقاه
المٌدمّرة ، رُغم ذلك لَم تَخرَس مخاوِفه عَن قرعِ طبولها ! كانت الصفائح المعدنيّة
في ذراعِه متّقدة بالحرارة حيناً،ومستقرّة في حين آخر، . .
" أخشى أن تفقد عصبك السمعيّ في غضون أشهر معدودة . . ! "
أشَارَ له أحد الأطبَاء وهوَ مار بالصدفة ، كانَ قد انتبه لخروجِ الأصوات العالية مِن
جهازه . . !
لم يسمعه إثنا عشَر ، بدا منهمكاً في التركيز لأعلى الزجاج. . !هو لا يحبّ القِيامَ
بهذا الفعلِ الذي يصفه بالتأمّل المُكتَئِب لهواةِ الإنعزاليّة . . ! كـ أربَعة عشّر
المُناقض لحيويتّه ! أخرجَ علبة إسطوانيّة لدواءٍ كِيميائيّ ليلقي نظرة عليها ، . .
" لو لَم أكن حارس المراقبة الليليّة لَما استطعت العثور على مواقع أجهزة المراقبة
. . !"
" ما هذا ؟"
أفزعه تدّخل ذاك الصوت الطفوليّ فأسرع بدسّها في جيبه . . !
" هل أنتِ شبح ؟! "
وخزته بإمتعَاض وسؤم !
" في أحلامك ! . . سأكون شبح لأفزعك فقَط ، إنّها هوايتي المفضلّة
هذه الأيام . . !"
" عذراً ولكن هناك ما يسمّى بالمساحة الشخصيّة ! "
ردَّ بِسُخرية مع ابتسامة اضطراب بسبب خّشيته مِن أن تكشفه .
خبّئت روزيآن كفيها داخل جيب زيّها الرّسمي للمهام،وتأوَّهَت مكتبئة،
" الوضع يصبح ممّلاً مع انشغال الأغلبية في قضيّة كرِستان"
أعَادَ الدوَاء بِحركَة خاطِفة لمخبئه،. .
" صحيح . .! الأوامِر تبَدو متجَمِّدة ، لابدّ أنَّ الرئيس الدوق يتلوّى بنيران
الغضَب"
" أعلمُ مَا الذي تخفيه . . " إرتجلت بِثقَة.
حملَق بشكّ " لستِ بتِلكَ الفِطنَة !"
لم يرَى غيرِ براثِن بسمَة وعيونِ ماكرة تقتربُ مِنه ! " هُنا . . ! "
وهُوَ تَرَاجَعَ خطوتينِ للخَلف ، كانَ الروِاق معبراً لِحركة القانطين الغير متفانية ،
وأُحيلَ ضجيجُ الحركَة إلى محيط لِصوتيهِما .
هزّت أنامِلها وكأنّ بحوزتِها لفَافة وهميّة ، . . " أما زِلت تدّخن في الخفاء ؟"
حينها استدرك شكوكها وانفجر يضحك " حمقاء ! "
"أعطني واحدة"
" لا يمكن . . محرّم علينا التدخين كمَا تَعلمِين ، ليسَ خوفاً عليكِ بالطبّع وإنّما
لا أريد إدخال نفسي في المتاعِب إن اكتشفوا أمرَك . . ! "
قاطعته بِثقة " لن يكتشفوا . . أعدك ، والآن أعطني واحدة . . ! "
فردَت يدَها إليه .
" أنتِ لستِ جيّدة في الكذِب ! "
" أرجوك . . ! " توسّلَتْ .
لكنّه أصرّ على رفضِه ، فأخذَت بالتملّص وهو مشدّد على موقفه،ساخراً مِنها،كان
الأمر مُمتعاً له للحظات،حتى اصطدم كتفه بعنف !
انتبه جانباً لتدخل خمسَة عشَر بينهما وتقطَع الحديث!حتّى تابعَت سيرهَا مُبتعدَة.
هوَت إسطوانَة الدواء مِن جيبه على السطّح وأحدثت صوتَ ارتطام . . !
" تشِه ! " قالتها ثلاثَة عشَر بإنزعاج بعدَ أن استسلمَت مِنه،واستدارت مُهروِلَة،
" فآنِي ! أنظري لدانسي الأخرَق أنّه يرفض إعطائي لفافة تبَغ ! "
بدت كالدميّة بينَ ذراعيّ خمسةَ عشَر، أحاطتهَا بطفوليّه،كانَت أصغر مِنها حجمَاً،
ما جعلَ يدآن الأولى تَصِل لبدايات حوضِها.توقفّت فَآنْرِييتَآ وأنزلت عيونها إليها
بهدُوء. لم تَلبِث قبل أن تشيح النظر إلى العلبة الملقية،حتّى إلتقطها دآنسي بعيداً
عن الأنظار . . ! لَم تعلّق على ما رأته.
وضعَت يدها على كتف روزيَآن . . " إنّها ممنوعة رُوزْ . . لا يجدُر بكِ إتبّاع أفعَال
دانسِي الصيبيانيّة . . فكمَا تعلمين لقد كانَ مجرماً مطلوباً . . ! "
ضحكت بمُتعَة هازئة " معكِ حقّ . . الأمر فقط أنّي أقوم بالتدخين عندما أستاء جداً
أو عند توقف المهَام ! "
" ماذا! . . من المجرِم المطلوب؟ هل تتحدثين عَن نفسك ؟! " صاحَ إثنَى عشَر.
مالت شفتيها " أوه . . لا مشكلة عندي بتسميتي بهذا إطلاقاً . . أفضل من أن أنكُر
هويّتي . . كَما تعلم نحن كلّنا ندفَع الموجَ في القارِب نفسِه،أليسَ كذلك ؟ "
رفعت روزيَآن رأسها لتهتزّ خصلها الحلزونيّة الشقرآء ! " فآنِي . . كم أحب
مقولاتكِ الأثيرَة ! "
دآنسي بإستصغار " مِن الجميل أن يعترِفَ المرءُ بحقيقتِه المُظلِمَة . . ! "
وأطال النظر فيها ،حيث أنبلجَت أحداقه في بسمة صفرآء.
أرسلَت ثلاثَة عشَر شرارة إنزعاجٍ له " إلّا مُعلمتي . . ماضيها مُظلمٌ بشكلٍ فاتِن !"
ضحكت المعنية بصوتٍ مرتفع ، ونظرَت لها شَريكتٌها بتسليَة . إستندَ دانسي لحائطٍ
قريب غيرَ مُكتَرِث ووضعَ لاصق نيُوكَتين ْ فوقَ ذراعه البشريّة مُذعناً لتأثيرِها،وشردَ
مجدَّداً طَرِباً معَ شياطينه الموسيِقيّة،وكأنَّه كانَ أكبر مِن أن يخوضَ
الأحاديثَ مطوّلاً . . !!
" بالمناسبَة ، أين كنتِ ستذهبينْ . . ؟ "
" تَدريبي المُعتَاد "
" أنتِ تقومين بهذا كلّ يوم . . أنتِ قوية ولا تحتاجينَ للتدريباتْ . . ! أبقي معَي
لنلعَب ،أشعر بالضجر . . ! "
" لاحقاً روزْ ، كمَا أنكِ يجب أن لا تُهملي التَدرِيباتْ ، لقد أصبحتِ أقلّ لياقَة مِن
السابق ! "
حكّت رأسَها بخجَل " الأمرُ هو أنّي فقط لا أحب مراقبَة آذربيآن . . المُزعجَة!"
جاءت الكلمَة الأخيرة بصوتٍ مٌغايِر مِنها . . !
" لا تكترثي لَه ، قومِي بذلك لأجلِ حِمايَة نفسكِ مِن الأضرارْ"
ثمّ إنصرفَت بعد أن أزاحَت روزيآن المُتشَبِثَة بِها ، صاحت الأخيرَة بعد نيّفٍ مِن
الوقت،
" سحقاً ! لا أملك الرغبَة لأي تدريباتْ اليوم،ليتَ تِلك المحسنّة الهارِبَة كانت هُنا !
لقمنا باللّعبِ معاً ! "
كان إثنَى عشَر يُراقبها دونَ علامَات عليه،لَقد أخفضَ صوتَ الموسيقَى الصاخِبة
وأدّعى الإستماع إليها . إقتربَ مِنها وأمسَك ذراعها مثبّتاً لاصِقَ نيُوكَتين،اندهشَت
لِوهلَة ثمّ أذعنت النظرَ ناحيته.
" هذا سيَفي بالغرَضِ بدَل السجائِر ! "
" مَا الذي تستمع إليه ؟ "
" أتريدينَ التجربَة ؟ "
أومأت بإيجابْ ،فوضَع السّماعات السودآء مغطيّاً أذنيها الضَئيلتيْن بعَد أن خلعها
مِن رأسه،ثمّ نقرَ عدّة مرات على جهازِه الذّكي وقَام بتشغيلِ شيءٍ مَا .
اسهبَت روزيَآن في الإنصَاتْ ، ومرّت عدَة دقائق . . قليلٌ مِن الوقت وهما واقفِينْ .
. . ، إنفجرَت ضحكاً !
" إعتقدت أنّك تفضّل أغاني الروكْ على نحوٍ دائِم . . لكن مسرحيّة كوميديّة!؟. . "
أجابَ بإبتسام " أقوم بتشغيلها كلّما شعرتُ بالضيق،تُعيد لي بعضَ الأيّام الخوالي "
ثمّ تأمّل ملامحها تفصيلاً بحتاُ . . حيثُ عيونها الضاحِكة العسليّة المشوّبة بأجزاءٍ
ذهبيّة ،حتّى صرخَ الجهاز الإستشعاريّ الخاصّ بِهم برنين متقطّع،ثمّ وشيشْ،
" العمِيل المحسّن رقَم إثنى عشَر ، و العميلة المحسّنة رَقم ثلاثَة عشَر ، تم
إستدعائكما مِن قبلِ العالِم آذِربيآنْ "




ثبّتَ الأسلاكَ الرفيعة في أماكِن متفرقة مِن البنية الضخمة . . ! وأوصلها بأجهزة
كهربائيّة مغايرَة في الشّكل ، كلّ جهازٍ مسؤول عَن عضو حيويّ ، الدماغ مرتبط
بإبرتين طويلتينْ تمّ إدخالهما مِن الجانب الأيسر والأيمَن في رأس الجسد
الغائِب،موصَّلتيْن بِأسلاكٍ أخرى إلى شاشةٍ أظهرَت موجات تَعلو وتنخفض، وتستقرّ
كلّ إنتهاء ثوانٍ .
شغلّ إيزو شاشَة أخرى لكنها ضخمَة ، ومثبّتة في الحائط الذي يقعُ خلفَ الكرسيّ
الذي حملَ الجسدَ ،لتظهَر خلفيّة الشاشَةٌ ملوّنة بالأحمَر الفاقِع المتذبذب .
صوت طفق الباب .
" إقتربي إلى هنا ، وقفي عند تلك الزاوية . . "
ورفعَ سبابته لمكانٍ في المختبَر يبعدُ عَنه وعَن الجسد ببضعةِ مترات،دونَ أن
يلتفتَ إليها . أذعنت فآنرييتآ لأمر طبيبها وانتصبَت دون حراك في البقعة المطلوبَة
كجنديّة آليّة.
" الذكريات ترتبط إرتباط وثيق بالبشَر . . ، ونقاط ضعفهم تَكمُن في داهليز سفليّة
وبعيدة لتلك الذكريَاتْ"
وأنهمكَ وهو يقوم بتوصيل كابسٍ معدنيّ دائريّ معَ آخر،ويضعه على الأرضَ
جانباً. لا ردَّ مِن العميلَة .
" عندما نريد إستهدافَ الجانِب الضعيف لأيّ شخص في هذا العالم ، مَا الذي علينا
فعله يا فآنرِييتَآ ؟ "
أجابَت ببرود مُتسَمّرة للأمام،
" إستهداف ذكرياتهم . . "
" أيّة ذكريات . . ؟ "
" المرتبطة بآلامِهم "
تفقّد جهاز مِن الأجهزة و أدارَ موجةُ ما . . ،
" أحسنتِ . "
وتَابع العمَل ، وبقيت هي دونَ أن تحرّك ساكن.
" مَهما اكتسَبَ البشَر مِن قوّة ، تبَقى أرواحُهم ضعيفَة أمامَ آلامِ ذكرياتِهِم . . "
كانَ الجِهاز الذي تفقّده مُثبّتٌ على عامودٍ حديديّ مَطليٍّ بالفِضَّة،وزِرٌ أحمرَ تحتَ
شاشَة الجِهاز الذي أظهرَ أرقام وإشارات لنبض القلب والضغط ، مدى إرتفاع
مـوجاتِ الدماغ . . ، ضغَط على الزِّر.
إرتجفَ الجسد . . ! كانَ مقيّداُ بأحزِمَة جلديّة سميكَة على المقعدِ الشبيهِ بسطحٍ
مائِلْ . . ! عادَ وعيٌ غريبٌ للجثّة ودون فتح العينينْ خرجَت صرخَاتْ،مِن بينها
انقطعَت الصورة التي باللّون الأحمر داخل الشاشَة وظهرَت مشاهد متحرّكة
غائِصـة في تشويش عالي، . . . طِفلَة تبتَسِم . . تُهروِل لأحضان شخص ، بدا أنّه
الشخص نفسه الذي يقبع تحت تأثيرِ الكهرباء . . !
الطِفلة تظهَر مرة أخرى بظَفِيرتَيْن و فُستان مُزركَش قصِير ، تتحرّك على
الأرجوحة، . . يتبدّل المشهد . . الصرخات تَعلو . . أوراق طبيّة على الشاشة،تتبلّل
الأوراق بالدموع ، المشهد ينقَطـعْ !
موجَات الدماغ تأخذ مُنحنيات جَامـا،ضغط الدم يتزايَد . . ،
يديرُ إيزو الموجَة لأقصاها،فسَال نزيف من أنف الجسد وارتفعَ الجفنان كاشِفاً عَن
شَرايينْ دمويّة رفيعة تكوّنت في بياض العينينْ.
عَادتْ الشّاشَة الضخمة للعَمل ، الطِفلة مستلقية على فراش الموت وتهذي بكلمات
قليلة . راقَب كلَّ شيءٍ بحذافيرِه ، حتّى خالَتْ فَآنْرِييتآ أنّه يراقِب ألَم الضحيّة أكثر
مِن تركيزه على الموجَات الحادّة . . ! أغلَق الزِّر ليتراجَع التيّار في السّكونْ
ويتجمد جسَد قائدِ العصَابَة على ثورةِ فزَع . . !
" هَل مرحَلةِ مَسحِ الذِّكرياتْ ضروريّة ؟ . . أعني أنتَ قادرٌ على وضعِه تحتَ
السيطرة عبرَ برمجَةِ دِماغه فحسب.
نظرَت لِظَهرِ عالِمها ذو الرِداء الأبيض،كانَ منشغل بتفقّد الأرقام على الشاشَة
وكأنّه لم يكن يستمع إليها .
لَم تشعُر بشيءٍ في بِداية الأمر،لكن سرعان ما عكّر الضباب صفو رؤيَتِها عِندما
استقبلت لكمَة قويّة ! تَمايلَت أقدَامُها كالخَاضِعة في حالةٍ مِن السُّكرْ،ثمَّ عدّلت
وقوفَها بسرعة ! شعرَت خمسةَ عشر بالحرارَة في زاويةِ شفتيها وتدفّقَ خطّ أحمر.
" كانَ معنَى كلماتِي يتساءَل عَن سبب وجود مسحٍ للذكريات قبلَ عمليّة
التحسين،لأنّي جاهلة بهذه الأمور العلميّة،وأطمح لمعرفة المزيد حتّى أتعلم مِنك . .
سيّدي !
انكَشَفَ لِهاثها عِند نهايَة كلّ مقطعٍ مِن حديثها . . !
اقتربَ مُمسكاً ذِقنها،بدَت مُرتعبَة قليلاً على نحوٍ لا يلائِم سجيّتها القويّة التي
تظهرها في الخارِج،ثمَ أخرَجَ منديلاً قماشيّ ومسح خطّ الدم.
"تأنيبُ الضّمير . . النـَّدَم . . هذه الصفات الإنسانيّة لا تدعيها تقتنصكِ مرة أخرى
. . ولو بمقدارٍ ضئيل جداً . . لَم أصنعكِ هكذا "
ردّدت بسرعة بإيجاب .
" هَل تعلمينَ أنَّ نِظامَ التحسين الحاليّ في القلعَة ركيكٌ إلى حدٍّ ما ؟"
هزّت رأسها مجدداً .
دفعها مِن ذراعها بعنف لتحملها أقدامُها للتقدّم إلى مكَان وقوفهِ السابِق،وأردّف هوَ
حديثه ، . .
"للسيطرَة على أدمِغتِهم علينَا السيطرَة على نِقاط ضِعفِهم ، نُقاط ضعفهم تَكمن في
ذكرياتهم،وللسيطرَة على الذكرياتْ علينا مسحها نهائيَّاً ، مادامت الذكريات مَوجودَة
سيكون للعقل ثغرة التعرّف على ماضيه. "
أذعنَت الإنصات وهي تزيحُ بقَايا اللّهاث وتطمره داخلها.
"نَحن نَخلقُ الآلات البَشَريّة التي لا تستطيع التمييزْ بينَ المشاعِر ، مشاعر الإنسان
دفينة في ذاكِرتَه ، لِهذا يجب علينا تَفريغ تِلك الذاكرة مِن جميع مخزوناتِها "
أشار للِجهاز ، . .
" شَغِّليه "
لم تتردّد فَآنْرِييتآ لوقتٍ أكثر،أنّ الزّمن القَصيِر الذي تستهلِكه في ذلكَ التردّد
والإضطِراب مَحسوب لغيرٍ صالحها ومُراقب بأعين تختبئ فيها معانٍ لا تمتدّ
للرحمة. . ! كبسّت على الزرّ وأمسك رأسها ليقومَ بتثبيته أمامَ مرأى الإهتزازاتْ
ودويّ الصّـراخ ،دلالةً على أمرِ المراقبَة مِنه .





( التاسعة و خمسٌ وأربعون ، ليلاً ، 2023 )

السُّحُب الرمادِيّة تجتمع مجـدّداُ . . ! ألازالت هُناك استمراريّة لبداية صقيع أم أنّه
انتصف في وقتِه . . ؟!
بدأت جولتي الليلية بعد دقّة برجِ الساعة على عقرب التاسِعة ! حيثُ ينخفض
معدّل الإزدِحام بين المحالِ التجارية ، وتلوحُ سيماه الوجوه البارِدة التي تجلبُ
ذلك الاحساس الوشيك . . المتسوِّلون ! . . أضطرب بغتة عند التفافة عيني
عليهم . . ولو كانت لثوانٍ ،. . أنني كائنٌ ضعيف أمام هذه المخلوقات
المتكدسة والغابرة ، استطيع سماع همسَات بعضهم في زقاق حالك مثلاً . .
تلك الهمسات الإشبه بالفحيحْ . . ! حيث مجموعة صغيرة تستند على الحائط
المتهالك ، فوق القذارة الفائضة من حاوية القمامة العامّة . . !
أعتقد بأنَّ الوقت قد حان للذهاب الى أقرب متجر لشراء طعامٍ ما . . !
أنّني بالكاد أُدخل الغِذاء لجسدي . . فقدتُّ بقايا شهيّتي بعدَ الحادِثة !
دفعت الباب بيدي، ودخلت إحدى المتاجِر التي كانت مفتوحة على مدار اليوم .
بدَى شِبه خاوي . . ليس بداخله الكثيرُ مِن الزبائن ، فالتَقطُّ أحدى السلال
الصغيرة وأتجهت الى ثلاجة زجاجاتِ الحليب ، فتحتُها لتلفحني بصفعة هواء
بارد لستُ مستعدة لها . . ! اقتنيتُ ثلاثَ زجاجات وأنا أرمق صورة البقرةِ
الضاحكة التي وضعت على الملطق الأعلاني ، ثم أغلقتها.
" هَل الحليبُ يجدي نفعاً معَ الكوابيس ؟ . . رأيتُ مجموعة أطفال يشربونه
بإستمتاع في إحدى الإعلانات التلفزيونيّة،ثمّ يضعون رؤوسهم فوقَ وسائدهم
ويغطّون في النومِ فوراً ، كانو يبتسمون أيضاً . . ! أظنّ أن الإبتسام دلالةَ
على خلوهم مِن الكوابيس . .!لابدّ أن هناك مادّة تمحيها إن كانَ الإعلان غير
كاذب ! "
كنت أتحدث بشرود حتّى انتبهت لأحدٍ يراقبني ، فكتفيت بتحريكِ بؤبؤ عيناي
لأرى سيّدة في نهاية العشريناتْ،تبحلق بغرابَة فيني. . ! يبدو أنّ كلاميّ
النفسيّ كانَ مرتفع بعض الشيء . . !
تظاهرَت بمواصلة تسوّقي ووضعت الزجاجَات في السلّة ، . .
" أعتقد بأنّي بحاجة إلى المزيد ! . ." سحبت مجموعة أخرى .
وأنا أعلّق السلة البلاستيكية في الكف الاخرى . . مشيت قليلاً ، لا أعلم هل
كان السبب هو إنحرافي ناحية الركن الخاص بمشتريات الجملة ، حيث
صناديق ورزم . . أمْ لأن اللاوعيّ اختطفَني في اللحظة الخاطئة ، وبدون أن
أدرك ، حيث تعثرت برزمة من زجاجات الجبنة ، ارتطمت ساقي بالجزء
الزجاجي العلوي من الرزمة ! ...

. . . . سقطة خاطفة !!

انقطع صوتُ جهاز الماسِح الضوئي للمشتريات . . !! مؤكد البائع أوقف آليّة
حسابه في المنتصف . . ! ، أشعر حقاً بأعين محدقة بغرابة قليلاً ، أظنُّ بأنه
الجزء السيء من الموقف !
الجزء عندما أكون محطةً للكشف عما حدث لي . ولكنني أخطأت في توقعي
البديهي. . !! حيث ما حصل بعد ذلك أسميته حقاً . . الأشد سوءً !
وإن لم يتوقف سيكون فظيعاً علي . . !!
الخطان المتناقضان يظهرَآن على حوافّ الأشياء للمرّة الثانية ! وقت غير صائب
مطلقاً . . ! تردّد صوت البائع على مقربة مني ، وكأنّي أنصت إلى موجات
صوته الذي كان يبعد مسافة ما . . .
" هَل مِن خطبِ ما يا آنسِة . . ؟ "
في حين أنني لم أدري بعد حالة سلّتي ، أما زلت ممسكة بها ؟ ..
هل أسقطتها؟ لم أسمع صوت ارتطامها قبل هذا .. ،كل ما أشعر به هو ألم
الإرتطام في ساقي .. والخطّان المشوشان اللذان يحدثانِ حرقاً في أحداقي . .
!! . . ماذا عساي أن أفعل . . ؟!! عليّ أن أتصرف بطبيعية، عليّ أن أعيد
التمثيل !! . . وبإتقان بحت . . !!
لَا ، شُكراً " "
ببرود . . . كلمة واحدة ستنهي كل هذا ، ولكنها لن تنهي ذلك التردد اللعين !!
. . . لمَ هذا النوع من الاوقات ؟! كل التساؤلات المشوّشة . . وأنا أقف مرّة
أخرى وأمسك السلّة ، لم أشعر بأنه كان يوجد في قبالتي حذائين يحدّقان بي
كما ظننت !!
رفعت بصري لأستكشِف . . ، لا أظنه البائع . . !، صوت الجهاز قد عاد وكأنه
لم يتوقف . . !
ارتفع تردد اللوّنان ! . . لا استطيع الوصف بدقة . . الّلون اللّيلكيّ ، القبعة
القطنية المصاحبة لمعطفٍ شتويّ ، وتلك العبارة التي نُطِقَت صمّاء !! . . لم
أسمع شيئاً منه . . ،

تَمتمتُ بِهذَيَآنْ . . " آرْثـ. . "
وتحت وقع ارتطام المطر الذي بدأ في الخارِج، وكأنّ المطر تسلل من خلال
سقف المتجر وأخذ يتقاطر. . . المشهد يُمطِر ولكن بصوت الهطولِ الخارجي
. . ،
كان واضعاً كفّه الأولى في جيبِ المعطف ، أما الثانية مفرودة في الهواء . . ،
وبهيئة الترّيث للإمساك بشيءٍ ما ! الكفّ الأولى ،الثانية . . وانجرفت مع
خطاي بسرعة وثقل السلّة التي شعرت به في آخر لحظة قبل أن أضعها فوق
طاولة الحساب ، وببرود أخرج البُطاقَة بعد أن أسمع المبلغ . . . ،
استلم الكيس ، صراع صامت داخلي ضد هدوئيّ السطحيّ . . . ولكن عبثاً لن
أسمح لأكثر من ذلك الاضطراب الخفي بالتجلّي . . . !!
أدفع الباب . . ، وأتحرّر . . !!





صوت المطر . . ، الطريق مبلل جداً ، . . خاوي . . ! عدا هرولة سريعة في
الجهة المقابلة للرصيف ، رجل أربعينيّ يحكم إمساك جريدة فوق رأسه
ويتخطى بقعة الماء . . !!
لاحَت سيارة أجرة تبتعد بأضوائها الصفراء . . ، مواء قطة متسولة في
الزقاق المظلم . . رائحة المطر المركّزة. . أين كنت يا ترى قبل سويعات ؟
عقرب الساعة الضائع عندي . . انكست برأسي فلامست خصل غرّتي المبللة
وجنتاي الدافئتين . . ، خصلي الباردة هَا هي ترتوي من مَاء السّماء . . !

متسوّلٌ شارِد يَتمايَل ببلاهَة ،
" كيفَ للأميراتِ أن يتجوّلنَ في هذا الوقت المتأخرِ،وفي هذا البرد . . !؟"
حدجته بإشمئزازْ وتراجعت،لكنّ كتفي علِقت عن الحركة !
"مهلاً . . كيفَ لأميرة صغيرة أن تغادِر في هذا الشارع لِوحدها. . "
"إبتعد " أفلتُّ كَتفي بقوّة . . !
" أخبرتكِ كيف ؟ "
تفحصته فرأيتُ علاماتٍ مريبَة على وجهه الأشعثْ،جَزِمت أنّه يتعاطى شيئاً
مِن الممنوعات ! . . رفعت قبعة معطفي وهممت بالخطو لكنّه توقّف أمامي .
.!
" مهلاً ، أعطيني إذاً بعض المال ! "
" لا "
إقتربَ هامّاً بإمساكي فضربت الهواء بيدي العارية محاولةً إبعاده ، لكنّه كان
يحاولُ الإقتراب أكثر دونَ خوف.
غابت أنفاسي مِن الخوف،وشددت على رجلي لأدفعها في الهواء ! إستمر
بملاحقتي وإنسحبت ياقتي مِن قِبله . . !
" أمسكتك !"
سقط الكيس وتصادمت الزجاجات لتتكسّر وينسكب الحليب مختلطاً
بالمطر!صرخت بقوّة!كان الشارع مهجوراً عن الحركة،لم أعلم وقتها ما
أحسست به . . شيء يشبه رغبة المجرمين في القـتل . . !
تفتّتت العدسات اللاصِقة إلى شظايا صغيرة ،وإنفجرت أشلاء لحم بشريّة على
وجهي ورأسي ، حينها سكنتّ عن النطق والصراخ كالجماد. . !
أدرت رأسي كالمذعورة حتى وقعتُ على زجاج أحد المحال المغلقَة ، ظهرَت عيناي
بلونٍ إرجوانيّ وكأنُّ سحراً يتمايل بعميقِها . . !
لَم أيقن عندها إلى أين قادتني رجلي ، ربّما كان النزل الذي بدا المأوى الوحيد عَن
الشوارع الماطِرة . . !
تباطئتُ عن الركض وسقطّ على الأسفلت المبلل ! كانت الأوجاع تدبّ في عنقي ،
ضربت كفّي خلف عنقي وكأنّي أحاول إخماد ذلك الوجع،لكنّه استمر في التزايد .




عندما فتحت باب غرفتي تذكّرت وقتها أنّي أخذت أداة حادّة مِن القلعة . . ! مقص
نسيتُ أمره ولكنّي خبّئته بحرصٍ في أحد جيوبي.
فتّشت الأدراج حتى عثرت عليه بجوار الهاتف المجهول ، إلتقطته وحاولت طعنَ
عنقي مِن الوراء ! لم أملك رغبات عدا رغبة أكيدة واحدة ، وهي توقيف ذلك
الوجع المميت الذي خلت أنّه شلّ رأسي عن الحراك . . ! طعنَة مباغتة!! . .
اصطدم َ الطّرف الجارِح بجسمٍ صلب . . !!





طفقَ أنطوآن ببابِ مكتبه وانقضّ على الخزانَة مُخرجاً سبب الصوتِ المرتفع
للرنين الذي إتخذَ صوت إنذار . . ! كانَ يعلم أنّ هذه اللحظة ستأتي آجلاً أم عاجِلاُ
لكنّه لم يتمكن من تحديد وقتها ليتّخذ الإحتياطات قبل وقوعها ، ذلك الجهاز
الموصّل بها،إن تدّمر فأنّ ذلك يعني موت محتـّم . . !
وبعجلة كبيرة مسَح على حاسوبه المحمول اللوحيّ،وأدخل عدّة رموز،كانَت الأرقام
عالية وظهرت رسالة تفيد بتضرّر إلكترونيّ . .!
ضغطَ على أيقونة شبيهة لجرسِ إنذار ، لتتلّقى سيروليتْ صعقاً بلا صوت ويهوي
المقصّ قبلَ أن تقع معه مغشيّة .

أغمضَ أنطوآن عينيه مقطّباً جبينه،خلع نظارته الأنيقة ووضعها على طرف المكتب
ثمّ ألقى نفسه على الكرسيّ . . !
تأمّل السقف،ويبدو أنّ الإشارات عادت للأرقام الطبيعيّة في حاسوبه المُلقى جانباً .
" سيورليتْ . . عقلكِ لازالَ محطّة مجهولة أناضِل لإكتشافها ، . .للأسَف لن
تصمدي طويلاً بعد هذه المرّة ! "
ابتسَم .






،،


... TO BE CONTINUED












 
 توقيع : ميار




AMBITION RECHARGES MY WINGS
BLOG#NOTE#ART#NOVEL#

التعديل الأخير تم بواسطة ميار ; 04-15-2020 الساعة 05:38 AM

رد مع اقتباس