عرض مشاركة واحدة
قديم 05-01-2020, 02:04 AM   #22
آدِيت~Edith
https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at165286508456371.png


الصورة الرمزية آدِيت~Edith
آدِيت~Edith غير متواجد حالياً






الفصل الحادي عشر : وداعاً ياربيعي الأجمل " الجزء 1 "

السماء التي امتد مداها عبر هذا الكون الفسيح

كانت ترافق كلينا ترسل رسائلنا المحملة شوقاً وعتاباً وحنيناً

وزهور الكرز التي ذبلت كما ذكرياتنا الجميلة

رحلت كأنما لاتريد أن تشهد فراقنا

فأي مستقبلٍ ينتظرنا بعد هذا .. وماذا تحمل الأيام لنا أكثر




أوائل الشتاء بدت وهيمنت على الأرجاء بلونها الأبيض الذي كسا القرية خلال مساءٍ واحد !

سكون سيطر على تلك الظلمة الحالكة

وأنين قطعه ليكمل موسيقى الشتاء الحزينة



فتحت عينيها اللتان لم تذوقا طعم النوم والرخاء طوال اليومين السالفين

كابوس آخر يهاجمها كلما حاولت أن تغفو بسلام

حتى وجودهما بجانبها لم يستطع أن يزيل عن كاهلها همومها الثقيلة

نهضت من الفراش بحذر لكيلا توقظهما

وارتدت وشاحها البني ذو النقوش الحمراء الباهتة

دون أن تبالي بحبات القطن التي أمطرتها السماء في تلك الليلة الباردة العاصفة

خرجت من المنزل ووقفت أمام بابه تنتظر شيئاً ما .. شخصاً ما

كان ينقص ذلك المنزل منذ رحيله

ككل ليلة أخذت تنتظره دون يأس .. حتى تمكن البرد منها فأخذت تفرك ذراعيها بيديها وتعود أدراجها الى منزلها الدافيء

وقبل أن تدخل .. هذه المرة وجدت ما استوقفها وأقلق سكينتها

ذلك الطيف الصغير الذي كان يجلس قبالة باب منزله

وقد غطته الثلوج ورغم هذا لم يحرك ساكناً

هرولت نحوه بقلق وماان وقفت أمامه حتى انحنت عليه تتفقده وهي تبعد الثلج عن كتفيه وشعره
- تاتسو مالذي تفعله هنا .. آه ياالهي لاتبدو بخيرٍ البتة

غطته بسرعة بوشاحها بينما كان ينظر للأمام بجمود وقد تجمعت الدموع في عينيه

بدا في عالم آخر تماماً لايسمع شيئاً مما تقوله آرياكو

بينما كانت الأخيرة تحاول تدفئته قدر ماتستطيع

نظرت لباب المنزل ثم أسندت الفتى بسرعة وهي تقول بقلق : يجب أن ندخل .. ستموت لو بقيت هنا

نهضت محاولة رفعه معها لكنه أمسك ذراعها بقوة وقد انهمرت دموعه

نظرت له بدهشة بينما أومأ برأسه نفياً وهو لايزال ينظر للفراغ

ضم رأسه لساقيه بعدها وشرع في البكاء المرير بصمت ما زاد من حيرتها وقلقها

فما كان منها الا أن انحنت عليه وضمته بحنان محاولة التخفيف عنه


همساتهم بدت كالضجيج لأذنيه اللتان استفاقتا تواً

فتح عينيه الذابلتين شيئاً يسيراً ونظر نحو تلك المرأة التي بدت حزينة تتحدث مع جارتها بأسى : أرجو أن يكون بخير.. لابد أن الأمر كان قاسياً عليه

- لايزال طفلاً أي مستقبل ينتظر هذا المسكين

- مسكينة ساتوشي كانت سيدة رائعة عطوفة

- أنتِ محقة .. لكم من المؤلم أن ترحل بهذا العمر المبكر

منع أذنيه من سماع المزيد والألم قد بات يزداد بقلبه وهو يتذكر تفاصيل ذلك المساء المؤلم

**********

كعادته كان يغفو في أحضانها الدافئة

والتي بدأت تبرد شيئاً فشيئاً مما جعله يستفيق بقلق

ويدثرها بغطاءٍ ثقيل عله يدفئها .. غفى مجدداً بجوارها فالتعب قد أنهك قواه

ولكن السكون الذي حل بجسدها وأنفاسها الخامدة جعلا الرعب يدب بقلبه الصغير

- أمي .. أأنتِ بخير .. استفيقي أرجوكِ .. لايمكن ليس الآن .. وعدتني أن تكوني معي كيف سأكمل حياتي وحيداً كيف لكِ أن تهجريني .. ليس الآن أرجوكِ

دموعه المنهارة على صحن خديه وأنفاسه المتلاحقة كانت سبيله الوحيد للتنفيس عما بداخله من خوف

بينما كان يحاول جاهداً ايقاظ ذلك الجسد الخاوي والذي صار بلا حياة

خرج مسرعاً محاولاً ايجاد من ينجده من مصيبته تلك

لكن عقله الذي بدا يائساً وقدماه اللتان لم تتمكنا من حمله أكثر

ارتختا ليقع أمام باب منزله .. يائساَ وحيداً فقد الرغبة في الحياة

ذلك الشخص الذي من أجله ألزم نفسه أن يكون قوياً .. لقد رحل الآن

رحل وتركه يصارع عواصف قلبه قبل عواصف الشتاء

يواجه قسوة الحياة بمفرده .. وحيداً فقط !


- أيها الفتى أأنت بخير

استيقظ من شروده اثر ذلك الصوت الطفولي البريء

والتفت ليرى تلكما الصغيرتين تنظران اليه بقلق

بينما استدرك تواً أنه ينام على فراش و غطاء دافيء يدثره

أعادت تلك الجميلة الصغيرة سؤالها بفضول : مابك ؟ بما تفكر ؟ ومن أنت أظنني رأيتك من قبل صحيح ؟ أنت لاتعرفني أليس كذلك ؟ أنا مشهورة جداً ان لم تعرفني تكن أحمقاً

- هيي هارو الفتى مريض لايجب أن تتحدثي هكذا معه

- مريض ؟ انه بخير انظري يفتح عينيه أيضاً المريض لايفتح عينيه

- هارو الميت وحده من لايفتح عينيه

- لا المريض كذلك ياحمقاء

- كفا عن الجدال أمامه واخرجا من الغرفة

كلتاهما أجابتا معاً : هي بدأت أولاً

نظرت كلاً منهما للأخرى بتذمر واستياء بينما تنهدت آرياكو بيأس وهي تجلس بجوار تاتسو وتستبدل الخرقة البيضاء المبللة على جبينه

نهضت هارو بسرعة وهي تقول : ماما أنا سأفعل

بذات اللهفة قالت هانا : ماما سأحضر وسادة مريحة أفضل من هذه

ابتسمت آرياكو بحنان لهما ومالبثت أن قالت : مارأيكما بدلاً من هذا أن تحضرا الإفطار انه على الطاولة هناك

أجابتها كلتاهما بحماس : حاضر !

ثم أسرعتا وأحضرتاه معاً من على تلك الطاولة الصغيرة

بينما كان تاتسو يراقب كل ذلك بدهشة ارتسمت على ملامحه الهادئة

- ماما هل خرجت تلك الثرثارة اخيراً

- هذا معيب هارو إنها سيدة كبيرة وعليكِ احترامها

- دائماً تشد أذني وتؤلمني لما لاتعاقبيها

- ذلك لأنكِ تتطاولين عليها فاستحققتِ العقاب

- مامااّ

- عليكِ التزام الهدوء بحضرة المريض كي لاتتعبيه أكثر

صمتت مجبرة باستياء وقد نفخت خديها

بينما أسندت آرياكو تاتسو وعدلت من وضعيته

- والآن صغيري كل شيئاً من هذا الحساء .. هيا افتح فمك

أومأ لها بالنفي : شكراً .. لا أشعر بالجوع

بحنان أجابته وهي تقرب الملعقة والمنديل من فمه : هيا عزيزي يجب أن تأكل لتشفى ليس من الجيد أن تظل هكذا

صمت حينها مفكراً .. ومالبثت أن قال بهدوء وأسى : ماذا حدث .. لأمي ؟

ارتسم الحزن على ملامحها بينما تعيد بهدوء الملعقة لطبق الحساء

وبعد برهة أجابته : آسفة لما حل لها .. انما عليك أن تكون قوياً لأجلها

- ماذا حدث لأمي ؟

قالها وقد علا صوته بينما تجمعت الدموع بعينيه مجدداً

نظرت آرياكو له بدهشة سرعان مااختفت مع تعابيرٍ أكثر حزناً وحيرة

ربتت على يده وهي تقول : انها ترقد بسلام الآن في مكانها المناسب

أبعد يدها بقوة وقد انهمرت دموعه بحرقة

حاول النهوض لكن الدوار عاوده حتى كاد يسقط لولا أمسكته آرياكو وأعادته للفراش

- رجاءاً لاتفعل بنفسك هذا .. لن يسرها أن تكون بهذه الحال .. أرجوك كن بخير لأجلها

صمت وقد استدار مواجهاً لها بظهره بينما كان يبكي بصمت وحرقة

غطته بهدوء وأسفٍ ثم نهضت وهي تشير لطفلتيها بالخروج معها

ففعلتا طائعتين والقلق قد غزا وجههما الطفولي .. بينما ألقت هانا بنظرة عميقة له قبل أن تخرج تماماً .. وكأنما كانت ترغب بالحديث معه .. لكنها لم تكن لتجروء على فعل ذلك .. فما كان منها الا إن تبعتهما بصمت





في مكان آخر .. حيث كانت السماء قد هدأت أخيراً وبزغت بعض خيوط شمسها الذهبية محاولة بث قليل من الدفء لتلك البقعة الهادئة

فتح عيناه المثقلتين إثر نومٍ عميق لايعلم كم كان مقداره

نظر حوله فوجد أنه ينام على فراش تقليدي مريح أبيضٌ ذو زخارف ذهبية اللون أنيقة المظهر

بدا منظر تلك الغرفة الجميلة المرتبة بعناية غريباً عليه .. فقد اعتاد النوم في غرفته العتيقة ذات الأثاث البسيط

رغم الاختلاف الكبير بين المكانين .. الا أن تلك الغرفة أيقظت الحنين بداخله

الحنين لقصره الكبير في بريطانيا .. لكم اشتاق للنوم بهذا القدر وبطمئنينة كتلك التي شعر بها حالما استفاق

ابتسم بلا شعور وقد أعاد رأسه للوسادة .. وذكرياته لم تفارقه للحظة .. ذكريات امتزجت بين ماضيه العتيق في بريطانيا .. وبين سنيه الثمانية في اليابان

بين عالميه المختلفين والبعيدين كل البعد عن بعضهما !

أيقظه من بحر أفكاره صوت الباب الذي فتح وأطلت منه فتاة جميلة ببشرة بيضاء موردة .. وشعر طويل أسود حريري ربطته بشريط ذهبي أنيق

وعيناها السوداوان تتلئلئان مع الشمس التي أطلت خجلة من نوافذ تلك الغرفة

بابتسامة خاطبته : استفقت أخيراً أيها الغريب ؟

اعتدل جالساً وهو يبتسم بلطف : أجل .. أعتذر لازعاجكم ..نمت طويلاً أليس كذلك؟

اقتربت منه وهي تضع الأغطية التي كانت تحملها بجانب الفراش

- لاتقل هذا .. كان من دواعي سرورنا استضافتك .. كما أنه واجبنا

ابتسم دون أن يعقب على حديثها بينما أردفت بنبرتها المريحة : استبدل ملابسك ريثما أبدل الأغطية والفراش .. آه حقاً كيف تشعر الآن ؟

قالت ذلك وهي تضع يدها على جبينه ثم تتنهد بارتياح : جيد تبدو بحال أفضل

بتعجبٍ أجابها : لما مالذي حدث لي ؟

ابتسمت ضاحكة بمرح : أنت لاتتذكر شيئاً على مايبدو .. توقعت أن تُدهش حالما تجد أنك في منزل غريب ٍ عنك

بدت الحيرة عليه بينما يقول بتردد : أولست من جاء الى هنا ؟ أقصد ألم آتي وأطلب المبيت لليلة معكم ؟

أومأت بالنفي وهي تنهض وتبدأ بترتيب الفراش الجديد

- لقد وجدك أبي وقد كنت بحال يرثى لها تنام في العراء .. كان من الجنون أن تفعل هذا .. كما أنك مصاب ومن الخطر أن تبقى في الخارج هكذا !

- آه .. هكذا اذاً

- ام هكذا .. انما أين وجهتك أيها السيد ؟

- آه كنت أريد الذهاب الى منزل عمي يفترض أنه في هذه المنطقة

بتعجب قالت : عمك ؟ شقيق والدك ؟ لما قد يسكن هنا ؟

- آه لا انه والد زوجتي

- زوجتك ؟! متزوج ؟ وزوجتك تعيش هنا ؟

نظر لها بتساؤل : لما يبدو هذا غريباً .. أليس من الواضح أني متزوج

بنفي أجابته وهي تضع الغطاء على الفراش الجديد بعد أن استلقى عليه

- في الواقع تبدو أصغر من أن تكون زوجاً .. كما أن من الواضح أنك أجنبي الأصل فمن الغريب أن تعيش هنا و تترك بلادك أنت وزوجتك .. وهل تقبلت هي هذا الوضع ؟

- زوجتي يابانية الأصل .. أحببنا بعضنا البعض وتزوجنا هل من مشكلة في ذلك ؟

أومأت بالنفي بحيرة وقد بدأت ترتب الفراش القديم وهي تقول : أتمنى لكما السعادة .. بقدر ماهو غريب أمركما .. الا أنها قصة تثير فضولي

التفتت اليه مبتسمة بمرح : أحضرنا حقيبتك كذلك .. بدل ملابسك بأخرى دافئة ونادني بعدها لأحضر الافطار لك

بكسل قال وهو يدثر نفسه : الجو بارد أحضريها لي رجاءاً

قطبت حاجبيها باستنكار : رجل مدلل

توجهت بعدها لحقيبته وفتحتها بهدوء .. مدت يدها والتقطت تلك البدلة الخريفية الدافئة

وماان رفعتها حتى تناثرت أوراق نقدية قد التصقت بها مما جعلها تجثم ذاهلة اثر ذلك المشهد .. وما البث فلورنس أن استدرك الموقف الذي أجفله لثوانٍ لم يتمكن فيها من استيعاب ماحدث

أسرع بعدها نحوها وخاطبها مهدداً بنظراتٍ مخيفة شيطانية وهو يمسك يدها بقوة : إن تفوهتِ بأي كلمة فمصيركِ سيكون الموت !!






- هذا جيد لقد تناولت كمية مناسبة حقاً .. أحسنت أنا فخورة بك حقاً

بهدوء قال دون أن يبدي أية مشاعر : شكراً لاهتمامكِ سيدتي

نهض بعدها وسط ذهول آرياكو وطفلتيها

- آه الى أين تاتسو ؟ لاتزال مريضاً !

أومأ لها بالنفي : لاتقلقي .. اعتدت هذا .. أنا بحال أفضل الآن .. يجب أن أعود لمنزلي

نظرت لعينيه الذابلتين بأسفٍ شديد : عزيزي هذا منزلك كذلك .. كم سأكون سعيدة لو عشت بيننا

- هذا مستحيل .. لدي منزلي و .. لايمكنني العيش في مكان آخر

قالها وأشاح بوجهه بألم .. بينما حاولت آرياكو ألا تظهر تعاطفها وأن تخاطبه بعفوية بعيداً عن مشاعر الشفقة

- حسناً أتفهم هذا .. انما ألا ترى أن من الخاطيء بقائك هناك بمفردك .. فلورنس مسافر هذه الأيام لما لاتكن رجلنا حتى حين عودته .. منزلك فارغ وبقائك فيه لن يجلب لك سوى التعاسة .. أضف الى ذلك أنك حينما تحتاج شيئاً ما لن تجد معك من يساندك

- عشت هكذا دائماً ولم أكن بحاجة أيٍ كان .. أمي حتى رغم وجودها معي ماكانت قادرة على الحراك أو فعل شيءٍ ما من أجلي أنا لست بحاجةٍ لأحد

بابتسامة متفهمة أجابته : لكن وجودها كان يكفي لتشعر بالدفء والأمان .. أليس كذلك

نظر لها بذهول سرعان ماتبدل لحزنٍ عميق .. تمتم بعدها بأسى : لكنها رحلت .. كان وجودها سيكفيني حتى لو لم تكن قادرة على فعل شيء .. رحلت وتركتني وحدي لترتاح وحدها لأمت لن يهتم أحد بذلك .. لاشيء يربطني بهذا العالم بعد اليوم

أغمض عينيه بشدة عله يحتجز دموعه بمقلتيه وقد قبض يديه بشدة

بينما امتدت يد آريا لتلامس كفه بحنان وهي تهمس بلطف : أفهم كم كان هذا قاسياً ..انما ثق أنها لم تتركك وحيداً ولن تفعل .. جسدها فقط ارتحل لمكانه المناسب .. وروحها لاتزال هنا .. في قلبك .. ترعاك وتحرسك أينما ذهبت

ضمته بأحضانها وأخذت تمسح على شعره وهي تكمل وسط ذهوله وخجله :حينما رحلت أمي .. شعرت بأن العالم قد ضاق كثيراً ولم يعد لي مكان فيه .. تمنيت الموت كثيراً خصوصاً بعد رحيل أخي وانضمامه للجيش .. والدي كان الوحيد الذي تبقى لي .. لم أكن أملك الأصدقاء .. منزوية تماماً عن العالم كنت .. لكني وجدت عالمي هناك .. مع أبي .. والذي جعلني أستكشفه بكل تفاصيله الممتعة وروائعه التي أيقظتني من يأسي .. حينها .. أردت فقط أن أعيش لأكتشف كل الجوانب الخفية له .. أن أقدم مايمكنني تقديمه للطبيعة المحيطة بي .. والتي ألهمتني الكثير .. شعرت بالقوة تتسلل الى داخلي .. وأدركت .. أنه حتى لو فقدنا من نحب .. سيظل هناك من يحبنا ويحتاج وجودنا معه .. تاتسو .. ابتسم للحياة .. فلا زال هناك من يعني له وجودك الكثير

أبعدته قليلاً عنها وهي تبتسم ابتسامة دافئة مشرقة بثت الطمئنينة بقلبه بينما اكتسى خديه بالحمرة وقد نكس طرفيه خجلاً

- اذاً أيها الصغير الوسيم ماذا تريد أن تفعل الآن ؟

بتردد أجاب : المنزل .. سأذهب له

- آآه يالك من عنيد بعد كل هذا لا شيء تغير

ابتسم ضاحكاً بلطف وهو ينظر لها بامتنان برق في عينه السوداوين اللطيفتين

- شكراً لكل شيء سيدة آريا .. لن أنسى معروفكِ هذا أبداً .. وأعدكِ أني سأكون بخير .. سأبذل جهدي لأعيش كما أستحق

اتسعت ابتسامتها وقد ترقرقت الدموع في عينيها : حمداً لله .. يسعدني حقاً سماع هذا منك .. أشعر بالاطمئنان هكذا .. انتبه لنفسك رجاءاً

أومأ لها بالايجاب وغادر وهو يودعهم بابتسامة مشرقة متفائلة

بينما صرخت هارو وهي تتبعه : لاتنسى أن تأتي للعب معي كل يوم تاسيو

- تاتسو

- حسناً تاسيو أنا أيضاً سآتي لزيارتك كل يوم

ابتسم لها بلطف : بكل سرور .. سأرحب بكِ دائماً

- آه أتعرف الآن من أنا هل حفظت اسمي

وضع يده على رأسها وهو يبتسم بهدوء : هارو .. وشقيقتكِ هي هانا

قال ذلك وهو ينظر لهانا التي وقفت بعيداً عنهم قليلاً بخجل بدا جلياً على وجهها البريء

- أهناك خطب ما هانا ؟

أومأت بالنفي بخجل وسرعان ماهرولت نحو منزلها لتختبأ خلف والدتها

بدت عليه الدهشة لوهلة ثم ابتسم بهدوء : تبدو شقيقتكِ خجولة للغاية

- من ؟ هانا ؟ انها أكبر طفلة في هذا العالم .. طفلة مدللة

- ها .. كيف تكون أكبر طفلة ؟ ثم أولستما توأمتين اذاً هي ليست الطفلة الوحيدة هنا

- لا أنا لست طفلة أنا أكبر منها بكثير

- وكم هو الفرق بينكما ؟

- خمسة عشر دقيقة تخيل !

- آه هذا كثير حقاً

قالها ممازحاً بابتسامة جميلة ارتسمت على شفتيه بينما يسير لمنزله ترافقه هارو التي لم تكف عن أحاديثها التي بدت له شيقة ممتعة



نظراتها الخائفة المترقبة كانت تطالعه بذهول أجفلها بينما قال هامساً بتحذير وهو يضغط على يدها : لم تري شيئاً

رددت خلفه بخوف شديد : لم .. أر ... شيئاً

أخذ ملابسه من يدها وأدخلها في الحقيبة بسرعة

ثم التفت يميناً يساراً ونظر مجدداً لها : أخرجيني بسرعة من هنا

أومأت ايجاباً ويدها على قلبها ثم سارت تتقدمه مرتعبة

تبعها ولم يكن بأحسن حالٍ منها اذ كان الخوف والهواجس يسيطران عليه

أخرجته دون أن يلحظهم أحدٌ من سكان المنزل

وقبل أن يخرج قالت له بتردد : ماذا أقول لو سألني عنك أبي

نظر لها بهدوء مفكراً ... ومالبث أن أجاب : أخبريه أنكِ لم تريني حينما غادرت

- لكن .. أنا لم أفهم لما تصرفت بهذه الطريقة حتى الآن

وضع يده على فمها وقال محذراً من جديد : إياكِ وذكر هذا الأمر لأيٍ كان فهمتِ

أومأت ايجاباً بحيرة وخوف وسرعان ماجرى بعيداً عن ذلك المكان

أخذ يركض بأقصى مايستطيع متجاهلاً الألم الذي داهمه بجسده إثر الجروح التي لم تشفى بعد

بين الحشود الغفيرة في تلك أسواق القرية سار يزاحمهم ليبتعد قدر مايستطيع عن ذلك المنزل

حتى توقف أخيراً وهو يلهث بتعب في أحد الأزقة

تنفس الصعداء وجلس يحتضن حقيبته وهو يفكر بأسى

" تباً .. يالحماقتي .. ماكانت لتعرف شيئاً لو أني لم اخف لو أني تصرفت بطريقة أخرى .. لو أنني ... آه تباً لي يالي من جبان .. لاأستطيع الهرب من وحشك تشين .. أيها اللعين لما أدخلتني الى عالمك المظلم .. كيف لي أن أهرب الآن وأتخلص من كل هذا .. أريد أن أعيش بسعادة لقد اكتفيت من كل هذا حقاً "

تنهد بثقل ونهض من جديد ينظر حوله عله يجد المخرج الذي يخلصه

واذا بصوت خطواتٍ تقترب منه !!

التفت بسرعة ليفاجيء بذلك الشخص الذي ماتوقع أن يصادفه في ذلك المكان أبداً

لتبدأ معمعة جديدة في كيانه .. تحسباً للمستقبل المخيف الذي ينتظره !




 
 توقيع : آدِيت~Edith

مواضيع : آدِيت~Edith


التعديل الأخير تم بواسطة آدِيت~Edith ; 05-03-2020 الساعة 10:30 AM

رد مع اقتباس