عرض مشاركة واحدة
قديم 06-14-2020, 08:03 PM   #15
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي




البارت التاسع




.
.
.
لم ينم بسبب بكاء الطفل وحاجته للغذاء والتبديل
فاضطر بالأمس إعطاؤه لوالدته التي اخذته يمنةٍ ويسرى بالأسالة التي لا جواب لها
اخبرها أن زوجته ذهبت إلى بيت خاله لأنها متعبة ولكن لم تنطلي على والدته تلك الأكاذيب التي قالها ولكن رحمت حاله ووضعه واخذت الطفل من يده
واسكتته وارضعته من الحليب الصناعي وغيّرت ما تحته وبعد ان نام وضعته بغرفتها هي وزوجها
تساءل أبا سيف عن الأمر فقالت زوجته: بكرا نسال ولدك
لم يخرج من غرفته إلا للعمل وبعد انتهاؤه
ولأنه ليس هناك مناوبة له في هذا اليوم اتى باكرًا وحبس نفسه في الغرفة لا يُريد ان يسأله احد عمّ حدث بينهما
وابنه ما زال عند والدته
اخوانه عادوا من اشغالهم تناولوا وجبة الغداء وكلًّا منهم ذهب ليرتاح في غرفته
كيف يتصرف مع الأمر ، كيف؟!
يصعب عليه الأمر بينما هو مخطأ وليس لهُ الحق في التبرير والدفاع عن نفسه لأنه لا يجد كلمات في الواقع تبرؤه مما وقع على اكتافه من ذنب!
أخيرًا خرج من جناحه ونزل إلى الصالة رآه والده فتحدث: سيف تعااااااااال ....
اغمض عينيه ليمتص التعب الذي جثل على قلبه فجأة
ذهب لناحية والده ووالدته تُراقبه وتراقب تعابير وجهه وابنه في حضنها
أشار له والده: اجلس
جلس سيف وشبّك يديه ببعضها البعض
بو سيف : اللي عرفته زوجتك زعلانه......بس اللي ماني فاهمه كيف تركت ولدها عندك.....اغلب الأمهات همهم اعيالهم .....شصاير؟......وش اللي خلاها تروح بيت أهلها حتى ولدها ما خذته...
سيف بهدوء نظر لأبيه: يبه ما فيه زوجين خالين من المشاكل.....صارت بيني وبينها مشكلة.....بالأمس وطلبت تروح بيت أهلها وما رفضت وتركت عبد لله لأنها تعبانة....
بو سيف بتذكر: وليش ما جيت ملكة عمك......ليش ما تعوذت من ابليس وجبتها معك بدل جلستكم اللي مادري كيف صارت وتمشكلتوا مع بعض فيها....
سيف ...ما هو هذا الأمر الذي تسبب في خلق أكبر المشاكل بينهما!
تنهد بضيق: على العموم صار اللي صار...
ام سيف لم تحبذ التدخل الآن لأنه سيف غير متاح لحديثها الغير مقبول
سكتت وستأجله في ميعاد آخر
بو سيف بجدية: روح كلمها وراضها......ورجعها ببيتها يا سيف.....
سيف نهض بهدوء: إن شاء الله....
ثم نظر لوالدته: يمه ديري بالك على عبد لله....واضح ام عبد لله بتطوّل
ثم خرج ولم يترك مجال لوالده للحديث وعلى خروجه نزل قصي
والتفت إليهما وإلى وجههما الخالي من أي ردت فعل
سحب عبد لله من يد والدته وهو يقول: يا زين هالخشة......
ثم قبّل خده بلطف : سيف ما نزل؟
ام سيف بشتات ذهن: إلا .....وطلع.....
بو سيف نظر لأبنه: شكلك طالع...
قصي اعطى والدته عبدلله : بروح النادي.....يلا عن اذنكم
بو سيف نظر لزوجته: اتصلي على الجازي وسأليها وش فيها.......كلام ولدك ما عجبني .....
ام سيف ازدردت ريقها: لا تاكل هم بكلمها بس بنوّم عبود
بو سيف نهض: زين......انا طالع عندي كم شغلة أخلصها وارجع فمان الله
ام سيف : فمان الكريم
ما إن خرج حتى تمتمت: آه يا سيف ليكون قلت لها وهدمت بيتك بإيدينك
ثم نهضت متجه للدور العلوي لترضع الصغير!
.................................................. ........................
مشت لناحية (الشيبسات والشكولاتات) اخذت الأنواع التي تفضلها حاسبت ومن ثم خرجت من (البقالة) وكانت قريبة جدًا من العمارة التي تسكن فيها
مشت بخطى مطمئنة وهادئة ، الوقت يُشير إلى الساعة الرابعة عصرًا
الشارع ليس ممتلأ كثيرًا بالناس ولكن هناك مجموعة من الصغار التي تتراوح أعمارهم بين السابعة وحتى الثانية عشر من العمر
يلعبون كرة القدم في الواجهة الرملية بالقرب من (البقالة)
وهي تمشي احدهم ركل الكورة بقوة وأتت في منتصف رأسها تمامًا
صرخت متألمة وهي تشتمهم التفتت عليهم : عمى ان شاء الله وين عيونكم ......
أتى احدهم ذو العشر سنوات: في وجهنا يعني وين بالله
اتى الآخر ساحبًا الكرة من تحت قدميها : بالغلط جاتها(ركلها) اخوي عليك.....
مُهره استغفرت ثم ولّت بظهرها عنهما ، حقيقةً آلمتها الركلة ولكن تحاملت على نفسها واكملت الطريق إلى أن دخلت العمارة ومن ثم صعدت إلى شقتها وما إن وقفت امام الباب
أدركت فهاوتها واضطرب قلبها
دون شعور رفعت نقابها من على وجهها وصفقت على خديها: يا ويل حالي........صدق إني غبية كيف ما اخذت المفتاح....
ثم ضربت على جبهتها: والجوال....
سقط الكيس من يدها واخذت الحيرة تسيطر على تفكيرها كله
ولكن حاولت ان تتزن اعادت النقاب على وجهها سحبت الكيس من على الأرض
وتوجهّت للشقة الجانبية
وهي خائفة ضربت الباب بخفة وهي تطلب من الله ان يلطف بها
قصي لن يرحمها على خروجها دون استئذان
ولن يغفر لها خطيئتها وغباؤها في الآن نفسه
اتاها صوت انثوي تتساءل من الطارق
فأجابت: انا جارتك مُهره....
فتحت الباب وجعلتها تتفضل
مهره ما زال النقاب عليها
قالت لها: شيلي نقابك زوجي ما هو هنا....
ازاحت مهره النقاب عن وجهها حكت جبينها بتوتر
صافحتها: أنا مهره جارتك.....طلعت اشتري لي شغلة ونسيت مفتاح الشقة عن ما آخذه وجوالي بعد.....فاعذريني جيتك بوقت غير مناسب
صافحتها بحرارة وابتسمت في وجهها: حبيبتي ماله داعي للاعتذار.....والوقت مناسب تفضيل تفضلي جلسي ...
جلست مُهره ، ووضعت الكيس جانبًا
متوترة ولا تريد ان تتخيّل ردت فعل قصي
ذهبت الفتاة لجلب الماء
ثم أتت وناولتها الكأس وهي تقول: أنا اسمي فاطمة...
مُهره ارتشفت القليل : تشرفت....
فاطمة بهدوء: تشرفت بك أكثر......ما عمري شفتك بصراحة واضح انك ما تخرجين كثير....
مُهره بتورط: أي.....يعني احب الجلوس بالشقة اكثر.....وحدي اروح وارجع من المدرسة....
فاطمة بابتسامة ورحابة صدر: ما شاء الله عليك.....انا عكسك احب الطلعات مرا.....بس من بعد ما راح زوجي على الحد الجنوبي .....ما عدت اخرج كثير....
مُهره شعرت بالحرارة والاختناق لابد ان تعود للشقة قبل فوات الأوان فتحدثت : الله يرجعه لك سالم يا رب
فاطمة : آمين.....
مُهره باحراج: فاطمة مع ليش آخذ جوالك اتصل على زوجي بس....
فاطمة نهضت : اكيد حبيبتي...
سحبت هاتفها من على الطاولة ومدّته لمُهره
مُهره اخذته، وعندما أرادت الاتصال عليه تذكرت انها غير حافظة لرقمه
فازدردت ريقها
كيف تتصرف الأمر اصبح معقدًا اكثر
هل تتصل على عمها؟!
رفضت الفكرة تمامًا، لا تُريد أن توصل الأمور إلى هذه الدرجة
قطع عليها الأفكار ذلك الصغير حينما اتى إلى والدته
قالت مُهره: نسيت رقمه......
فاطمة حملت ابنها إلى حضنها : رقم زوجك؟
مُهره واجتمعت الدموع في عينيها: أي
فاطمة تطمئنها: مع ليش يمكن يرجع بالليل .....فتطلعين له وخلاص......وزوجي قلت لك ما هو هنا فاخذي راحتك ولو حابة تتصلين على احد ثاني من اهلك ما فيه مشكلة.....
ما لا تعرفينه حقيقة هذا الزواج ،
مُهره لتضيع توترها وخوفها: ببقى هنا للمغرب الله يعينك علي...

فاطمة : شدعوة....من الله انا ابي احد اتسلى معه.....بقوم اسوي شاي وقهوة ...ونجلس نتعرف على بعض اكثر....
نهضت فاطمة ووضعت ابنها على الكنب: حمودي حبيبي اجلس عاقل
مُهره نهضت وجلست بالقرب منه: ابنك؟
فاطمة وهي تجمع شعرها وتضعه جانبًا: أي اسمه أحمد....وعمره ثلاث سنوات
مُهره اخذت تلاطفه بالحديث ومن ثم قالت: الله يخليه لك
وذهبت فاطمة إلى المطبخ لتعمل الشاي والقهوة
وتضع في صحون التقديم المكسرات والحلويات
وكذلك (الفصفص)
مُهره اندمجت مع الصغير ولكن مرعوبة كثيرًا من فكرة قدوم قصي وهي في خارج الشقة ستنهي الأمر بعد قليل بعد ان تتصل على عمها

أتت فاطمة بعد ربع ساعة وفي يدها صحن كبير وضعته على الطاولة ومن ثم ذهبت للمطبخ لإحضار دلة الشاي والقهوة
مُهره باحراج: كلفتي على نفسك...
فاطمة تسكب القهوة في الفنجان: حبيبتي ما فيها كلافه.....وزين نسيتي مفتاحك عشان اتعرف عليك
ضحكت مُهره بخفة على غباؤها في الواقع: ما اكذب عليك إني متوترة
فاطمة طبطبت على فخذها: مانتي في الشارع ......انتي في امان وزوجك اكيد بيجيك بالليل....
مُهره توهقت كيف تخبرها أنّها متزوجة بالسر ، ولا تراه يوميًا
ابتسمت مجاملة لها لتخفي خوفها
فأردفت فاطمة: بصراحة ما عمري فكرت اتعرف على الجارات .......لأنه بالاصل تو ناقلين لهالشقة وبعد رجوع زوجي باذن الله بننقل بشقة في بيت ابوه....اريّح له واصرف له....
مُهره بهدوء: ليش ما سكنتوا من البداية
فاطمة مدّت صحت البقلاوة لمُهره: لأنه ما بعد يبنون بيتهم الجديد من الأساس لأنهم كانوا ساكنين ببيت جد زوجي ولكن توفى والكل خذ نصيبه ...عاد.....تو خلص بيتهم من البَني....وزوجي اصر نتزوّج في ذيك الأوضاع....
مُهره اندمجت معها بالحديث: هو يصير لك.....
فاطمة بابتسامة: ولد خالتي.....
مُهره بشقاوة : تزوجتوا عن حب؟
ضحكت فاطمة بحرج: لا .....زواج تقليدي......بس بعد الزواج صرنا عشاق
مُهره ضحكت بخفة: هههههههه الله يهنيكم...
فاطمة ارتشفت القليل من القهوة: أي وأنتي؟
مُهره بتوتر : أنا ايش؟
فاطمة مبتسمة: شكلك صغير....وما يوحي انك مزوجه......
غمزة لها: شكلكم مزوجين عن حُب....
شعرت وكأن ماء بارد سُكِب عليها كيف تُجيبها
لن تنسى تحذيرات زوجها لها في الافشاء عن هذا الزواج والتحدث به
اكتفت بقول: انا مزوجة بالسر لظروف
شهقت هنا فاطمة حتى لفتت انظار ابنها لشكلها المذعور
كان ابنها جالسًا في وسطهما يلعب بلعبته بهدوء
: حرااااام....توك صغيرة وش حادك على الزواج هذا....
مُهره لتنهي المسألة: ظروف....ولله الحمد طحت في واحد كويّس
فاطمة بشفقة : بس معروف هالزواج هذا حقوق المرأة فيه ضعيفة ومسلوبة بعد......اهلك جبروك....يعني...
مُهره لا تريد أن تكثر الحديث ، فالأمر حقًّا بدأ يضايقها
نظرت للصغير مسحت على رأسه: نصيب......يا فاطمة .....وهذا نصيبي....
فاطمة بحرج: انا آسفة لو ...
قاطعتها وهي تحمل احمد وتقبله: لا عادي بس خلينا نغير الموضوع
فاطمة ابتسمت وهي تنظر لأبنها: صاير هادي لم شافك ....شكله مستحي....
مُهره قبلته مرة أخرى: فديت اللي يستحون....
ثم اخذت تلاعبه وتلاطفه....
وسرحت قليلًا تذكرت ، ماذا لو لم يأتي قصي اليوم لها هل ستتغيّب عن الاختبار؟!
اوه غدًا .....اول أيام المراجعة وهناك اختبار شهري أخير عليها ان تذاكره
نهضت كالمقروصة
حتى تساءلت فاطمة: مُهره حبيبتي وش فيك؟
مُهره بتوتر: فاطمة لازم ارجع الشقة ......علي اختبار بكرا....وما ادري زوجي اليوم يجي ولا....
فاطمة اشارت لها: اهدي ......طيب اتصلي على احد من اهلك ....الحين...
ستضطر بالاتصال بعمها اخذت الهاتف من يد فاطمة
اتصلت عليه وكان في سيارته للتو خرج من عمله وسيذهب إلى المنزل
نظر للاسم ابتسم: هلا وغلا باللي نستنا
مُهره بهدوء: هلا عمي...اخبارك
بو محمد: الحمد لله طمنيني عنك وعن زوجك
مُهره ابتعدت قليلًا عن فاطمة التي جلست تلاعب ابنها الصغير: بخير.....بس عمي انا في ورطة
بو محمد بخوف: وش فيك؟
مُهره: طلعت مضطرة عشان اشتري شي وبدون ما استأذن من قصي ونسيت عن ما آخذ مفتاح الشقة......وحتى جوالي مو معي ومو حافظة رقم قصي اتصل عليه قوله يجي.....
بو محمد بقلق: لا حول ولا قوة إلا بالله.....كيف كذا تطلعين بدون ما قولين له......حتى لو بقيتي شي كان قلتي لي وجبته لك......طيب الحين انتي وين؟
مُهره اجتمعت الدموع في عينيها: في بيت جارتي....تكفى عمي قوله يجي ابي اذاكر....
بو محمد بتفهم: طيب طيب.....بكلمه وانتي خلك عند جارتك..... مع السلامة
أغلقت الخط ثم ذهبت لناحية فاطمة التي قالت: ابتسمي موصاير إلا كل خير.....شفيك مكبره الموضوع هالاشياء عادي تصير....النسيان من عادة البشر محنا ملائكة ما ننسى شي....
ابتسمت مُهره هنا: وانتي الصادقة.....
فاطمة : تعالي بس ذوقي الكيكة .....من حضك سويتها اليوم ....
مُهره ابتسمت: والله شكلها يشهي
..........................................
بدأ بالتمارين وهاتفه وضعه بعيدًا عنه
حيث أنه كان في الحقيبة الرياضية
اخذ بما يقارب النصف ساعة من قدومه إلى هنا
نزل من على السير لسحب علبة الماء والتي كانت قريبة من الحقيبة
سحبها واخذ يشرب منها القليل
رنّ هاتفه ولكن بعدما أعادها إلى مكانها وذهب لناحية حمل الأثقال!
.............................................
اليوم قررت أن تخرج من قوقعة الكآبة ، قررت أن تكون اقوى لأنها وجدت حل لهذه الخطبة التي ستنتهي عمّ قريب
نزلت من غرفتها بعد أن اخذت غفوة طويلة بعد قدومها من المدرسة
نزت إلى الدور الأرضي وهي تجول بنظرها للأرجاء
كان الهدوء هو من يقعد بمقاعده في زوايا الصالة
هل ما زالوا في غفوتهم؟ ام ماذا؟!
ذهبت للمطبخ وهنا رأت والدتها تغسل الصحون بهدوء
خجلت من وضعها ولمقاطعتها لوالدتها منذ ذلك اليوم
حتى انها لم تعد تساعدها في الاعمال المنزلية
فاتجهت بجانبها وهي تردف: عنك يمه عنك...... أنا بكمل جلي الصحون
ام ناصر تهلل وجهها واستبشرت خيرًا عند رؤية ابنتها ويبدو انها في حالة جيدة ولكن ما زال وجهها شاحب ومائل للصفرة

فقالت: قبل اجلسي احط لك غداء انتي نمتي بدون ما تاكلين

شيخة ابتسمت في وجه والدتها: لا يمه مو مشتهية ......آكل بعدين

ثم تقدمت لناحية المغسلة لتكمل غسل الصحون
ثم طرأ على بالها سؤال بدافع الفضول والخوف ايضًا!
فالتفتت سريعًا على والدتها قبل ان تخرج من المطبخ: يمه....
التفتت والدتها عليها : هلا يمه....شفيك؟
تقدمت لناحيتها وهي متوترة: يمه......متى بيتقدمون لي رسمي....
حنّ قلبها على ابنتها
ومن قرار زوجها، وخائفة من هذا القرار
خائفة من ان تخسرها لذا
طبطبت على كتفيها: يمه اعتقد تعدوا هالرسميات ....قولي متى الملكة...؟!
انقبض قلبها من هذا الامر ولكن اخذت نفسًا عميقًا: طيب متى؟

ام ناصر ...حقيقةً لا تعلم ولكن ماذا تفعل بقرارات زوجها هذا
لذا اردفت: والله ما ادري عن ابوك....ما قال لي شي

شيخة ترقرقت الدموع في عينها مسكت يد والدتها وبرجاء: يمه طلبتك سأليه متى ما ابي انصدم .....
حضنت ابنتها لثوانٍ عدّة ثم تركتها وهي تكرر: إن شاء الله.....إن شاء الله
خرجت ذاهبة لغرفتهما
بينما شيخة حاولت ان تكون اقوى وألا تبكي أمام هذه القرارات
والتي كانت كالسيف النازل على رقبتها
ذهبت لإكمال غسل الصحون وتفريغ طاقتها السلبية
......................

بينما والدتها تشعر بالأسى على ابنتها لذا صعدت لغرفتها
وستتحدث من جديد مع زوجها لعلّه يُدرك ماذا يفعل لأبنته؟!
فبهذا القرار سيعدم وجودها لأنها رأت ضعف ابنتها وابنتها صلبة لا تنكسر بسهولة ولكن أبيها هو من كسرها الآن
أغلقت الباب
رأته جالسًا على طرف السرير يرتل آياتً من القرآن الكريم
تحدثت: يوسف....ابي اكلمك في موضوع
يوسف انهى قراءته ومن ثم قبّل القرآن واغلقه
نظر لزوجته : خير يا منيرة وش فيك؟
جلست بالقرب منه وبصوت حاني: طلبتك يا يوسف تسمعني وما تقاطعني ...اسمعني للأخير
وكأنه فهم بما ستحدثه وستقنعه به تنهد وهز رأسه
قائلًا: وش عندك يا منيرة
ام ناصر بأسى وبنبرة حزن: شيخة عرفت أنك جبرتها
بو ناصر بجدية الحديث: والمفروض انها تعرف من زمان .....
ام ناصر لمعت في عينها الدموع ، من شدّت خوفها على ابنتها: كنت خايفة عليها تنصدم

بو ناصر: وهذا هي انصدمت ....وحابسة نفسها في الغرفة....

ام ناصر بهدوء لكي يسمعها: يوسف.....شيخة بنتي الوحيدة......ما ابي اشوفها مكسورة.....والله أنها منكسرة نزلت تحت....وهي مستسلمة ....للأمر....حتى سألتني متى الملكة....خايفة تملك عليها في أي وقت.....تكفى يوسف.....خلها تقرر هي بنفسها هذا زواج مو لعبة.....
بو ناصر بنرفزة نهض، وكأنه صغير كي يُقال له هذا الحديث هو والدها وهو الأكبر سنًا منها وهو ادرى واعلم بمصلحتها
وزواجها من سلطان ليس به إلا كل خير
: اووووه منيرة....لا تعيدين علي هالموال....كلامك مثل ناصر....انا اشوف سلطان مناسب لها بغض النظر عن صداقتي مع ابوه....الولد ما ينعاب.....والله انه من زينة الشباب....رجال كفو والكل يشهد على صيته وطيب اصله...
نهضت وهي تقف أمامه: ما نختلف على شهامة الرجال وسمعته اللي واصله للعرب!.......بس يهمني راي بنتي....وتهمني سعادتها.....ما...
قاطعها بعصبية: سعادتها معه....بكرة تتقبله.....انتي اتركيها تستوعب الأمر وراح تتقبله ....
ام ناصر برجاء: يوسف....انا ما عندي إلا هالبنت ...ابي افرح فيها برضاها.....مو على احسابها....وش هالفرحة اللي كلها حزن وألم....روح شوف وجهها كيف صاير....وراح تفهمني يا يوسف...
بو ناصر اغمض عينيه ليمتص غضبه : لا تبالغين ......البنت مزعوجة من فكرت الزواج... بس...
ام ناصر بانفعال: مو من فكرت الزواج.....من فكرت اجبارك على الزواج...
بو ناصر بغضب واخذت عيناه تقدحان بشرر: منيرة اقصري الحكي وخليني ارتاح

ام ناصر بصوت شبه مرتفع: يوسف لا صير اناني......هذي بنتي الوحيدة......ما ابيك تبني سعادتك على حزنها وكآبتها
بو ناصر بصراخ: مثل ما هي بنتك تراها بنتي وما عندي غيرها!

ثم سكت هنا ليستوعب كلامه الأخير
ولم يفت عنها تلعثمه في قول (ما عندي غيرها!)
لذا اقتربت منه وابتسمت بسخرية وبقلب مقهور: ما عندك غيرها؟!......طيب ونورة ....

ما اقسى حديثها وما ابشعه ، كيف لها بكلمه أثارت نيران في جوفه
نيران يُصعب اطفاؤها ، زأر عليها كالأسد لتجاهل الذكريات التي توارت عليه بِلا رحمه
ما اقسى قلبك يا يوسف هل هان عليك ان تتجاهلها
والآن تحرق من هو أمامك ليصمت عن ذكراها!: نورة ماتت.......ماتت من عشرين سنة يا منيرة.....

ام ناصر لم تخف من صراخه ولا من تلوّن وشحوب وجهه
هي مقهورة على ابنتها وخائفة من ان تخسرها بسبب هذا القرار
فما زالت ابنتها صغيرة ولن تتحمل قرارات ابيها تعلم لن تتحمل ابدًا
واليوم بشكلها الضعيف والهزيل برهنت لوالدتها ذلك
: إذا انت تخليت عن بنتك نورة بهالسهولة فديانا ما تخلت عنها وانا بسوي زيها ما راح اتنازل في انك تكسر بنتي

اهتّز شيئًا ما بداخله اللعنة على الذكريات والاصوات التي توارت عليه فجأة لترعبه من ....من استيقاظ الضمير
ولكن نورة ليست....
قاطعة أفكاره: عيد حساباتك من جديد .....قرارك في تزويجها لسلطان وهي رافضته بشده غلط....... وراح تكسرها ...وتبني سعادتك من قربك لهالنسب على حساب نفسيتها وحتى صحتها....

هنا صحى للواقع وهو منفعل: جالسة تخلطين الحابل بالنابل وجيبين لي سيرة نورة عشان اضعف....وتثنيني عن هالزواج!بس
ثم رفع صوته اكثر: اسمعي يا بنت العم ما فيه وجه مقارنة بين نورة وشيخه.....وانا معتبر نورة ميته من زمان.......

ام ناصر بصرخة: وتبي تموّت شيخة معها ....برغم انه الثنتين عايشين
بو ناصر .....تلفت اعصابه ولم يعد قادرًا على السيطرة على تلك الذكريات التي تتوارى أمام عينيه .....كلمات زوجته قاسية
قاسية وجدًا....نسي ابنته نورة مُنذ عشرون سنة!
أو ربما يتناسى الألم الذي تجرّعه حينما علم أنها ليست ابنته كما اخبروه!
لم يكن تقبل الأمر سهلًا ...وإلى الآن يشعر بالتخبط وتسرعه في قراره وفي آخذها من احضانه!
ولكن يقسى على نفسه بتذكر خيانة والدتها المزعومة ديانا، لكي يُشيح بنظره عن تأنيب الضمير!
ولكن الآن وبلا سابق انظار بدأ
قلبه يضرب ألحانًا لا تعرف
ربما اشتياق.....خوف.....تأنيب ضمير....وربما ضيّاع.....
رفع يده لكي يضربها ولكن صحى من غيبوبة الذكريات

بقولها: اصحى على نفسك يا يوووووووووووووووسف........وإلا راح تخسرني!

هُنا صحى على نفسه كما امرته ونظر ليده المعلّقة في الهواء
تسارعت أنفاسه وضاق الكون في عينه....نورة....لم تكن ابنه فقط....كانت بالنسبة إليه كل شيء.....ولكن دمرُّوا مكانتها في قلبه بكلماتهم القاسية وعجزه في اثبات العكس بسبب تجمدّه عن فعل الصواب.....احمرّت عيناه ....ولعن في سرّه ديانا.....ولعن خيانتها التي فلقت قلبه إلى نصفين......هو احبها ....لا بل عشقها....عشق أحاديثها......تصرفاتها العفوية.....عينيها.....الساحرتين .....تملكها بحبه.....وطعنته كارهته بخيانةٍ لا تُغتفر....واخذت منه ذكراها بشكوكٍ وظنون.....كيف تساهل في التنازل عنها؟.....بالضغط والإصرار وكثرت الحديث .....وإثارة الشك في قلبه.....جعلوه يتنازل عن أغلى ما يملك.....وها هو الآن ضعف في أوّل حديث عنها!
مسح على رأسه وولّ بظهره عنها تحدث بصوت اشبه للهمس: منيرة اتركيني بحالي......اتركيني.....اطلعي برا....

ام ناصر عندما رأت تغلبات وجهه ورجفة يديه خشيت أن يُصاب بانتكاسة جديدة ناجمة عن الضغط فمهما كان هو زوجها وأب ابناؤها وتخاف عليه كما تخاف على نفسها وعلى أولادها
ازدردت ريقها بخوف: يوسف......
قاطعها وهو يغمض عينيه: منيرة اطلعي برا.....اطلعي...
ترددت في تركه وهو على هذا الحال....ولكن في الأخير خرجت
وبقي هو في غرفته يُصارع الشكوك والظنون من جديد ويتجرّع لوعة الإشتياق لها
وهناك صوت آخر كريه ومؤلم بحقه
صوت تأنيب الضمير، والخوف من انه ظلم حقها في هذا القرار
ولكن ما بال حديثهم ......وثقتهم؟!
تنهد بضعف وجلس على طرف السرير
اردف: يارب الطف بي.....بجن....بجن من التفكير.....يا رب الطف بي...
.................................................. ....................
.
.
.
في بعض الحين نشعر بالألم دون سبب مقنع، ألم ينبهنا عن حدوث أمر مخيّب للآمال .....ليس سحرًا الامر غير متعلّق بالسحر
ولكن يعتبر ارتباطًا روحيًا خاصةً بمن نحبهم
ألم لا تستطيع لا الكلمات ولا الجمل ولا كل اللغات على وصفه
ولكن ربما يُشبه تلك الجروح الصغيرة والصغيرة جدًا
جرح صغير مرتبط بأخوته الجروح الأخرى مبطن بدم اسود فاسد متخثر على بعضه يربط بخيوطه الجروح الطويلة والضعيفة ببعضها في نقطةٍ ضيّقه يوّد كل جرح الخروج منها نازفًا دم طريًّا آخر ليلتصق ببعضه الآخر مسببًا ألمًا لا يوصف!
....
لم تستطع التركيز في قراءة الكتاب ، المكتبة هادئة ولكن قلبها مع هذا الشعور المخيف مع وصفه الذي يجلب القشعريرة للبدن يبدو المكان لها مزعجًا و
مؤذي لها....اغلقت الكتاب .....وسحبت هاتفها النقّال من حقيبتها اخذت تعبث به....تدخل مرةً في الانستغرام ...واخرى في سناب شات.....واخيرًا دخلت تويتر
ولكن الشعور نفسه باقٍ....تشعر بعدم الإرتياح.....وتشعر بالإضطراب والخوف.....يا للسخرية .....بدلًا من شعور الفرح والسعادة وربط الأماني في هذا اليوم والذي لم يكن بالنسبة إليها أي يوم
فهو يوم مولدها إلا شعور الخوف والاضطراب مسيطران عليها
نهضت وسحبت الكتاب من على الطاولة ، خرجت من المكتبة وذهبت إلى الكافتيريا....من سوء حضها إيلاف لديها محاضرة ....الآن وإلّا دعتها للإفطار خارجًا من الجامعة....
وكالعادة ما إن دخلت إلى المكان حتى التفتت الأنظار إليها، رغم انها غيّرت من طريقة لبسها ....وحتى تسريحة شعرها
أخذت تلبس ملابس مائلة للستر اكثر مما قبل!
وشعرها مفتولًا على راحة كتفيها بدلًا من رفعه وجمعه إما من الجهة اليُمنى او اليُسرى!
واضعة كحلًا اسود لبرز عدستي عينها المتغايرة بين اللون الأزرق سماوي للعين اليُمنى واللون الأخضر الفاتح للعين اليُسرى
لم ترتدي العدسات لتوحيد لونهما، متقبلة نفسها تمامًا
ولكن ما بال الناس لا يتقبلون شيئًا منها؟!
ولماذا يلقبونها بـ غريبة الأطوار!
تجاوزت الأنظار واتجهت لتشتري لها موكا لاتيه حار
سحبت الكوب وابتعدت عن الناس متجهة للخروج إلى الفناء ولكن
تصادفت هذه المرة مع
قال بمرح: هلا نور....اخبارج؟
ابتسمت له مجاملة ......فوضعها عبارة عن توتر في توتر ولا تعلم ممن؟: هلا طارق.....الحمد لله انا بخير انت كيفك؟
طارق بهدوء: الحمد لله
وبتوتر اطرق: إيلاف داومت اليوم؟
لمست في صوته نبرت الاهتمام ابتسمت عندما تذكرت أنّ إيلاف بدأت تميل له: أي ....عندها محاضرة الحين تخلص بعد ساعة....تقريبا....
طارق بعجل: اها.....يلا عن اذنج.....باقي خمس دقايق وتبدأ محاضرتي....
نور وضعت النظارات الشمسية على عينها: موفق

وخرجت ، وما زالت متحيّرة لِم يخالجها شعور القلق والألم.....هل هذا بسبب الوشوم .....طأطأت برأسها ورفعت جزء بسيط من بدلتها بعدما ذهبت إلى خلف المبنى الأساسي واسندت نفسها على الجدار
كان هناك في مكان الوشم ....احمرار بسيط.....لمسته.....لا يؤلم
مما هذا الألم إذًا؟!
تجاهلت اختلاجات ألم صدرها وذهبت إلى وجهة الفناء
واستلقت على الأرض الخضراء بعد ان وضعت بجانبها اشيائها
نظرت للسماء الغائمة......والتي تُعلن عن سقوط امطار كثيفة عمّا قريب
تنهدت بضيق.......وبدأت تتساءل
(هل عدتُ للتخبط من جديد؟)
اغمضت عينيها تُريد الهروب....في ضوضاء الطلبة والطالبات من حولها!
ولكن لم تستطع على كبح شعورها ......هل تخرج من الجامعة
هل تتغيّب عن آخر محاضرة لها؟!
ماذا يجب عليها ان تفعل؟
شعرت بقدوم احدهم ولم تُعيره أي اهتمام ولكن
شعرت بيد توضع على كتفها وتهمس: شسوين يا غبية؟
الصوت مألوف ،فتحت عينيها ببطء
وما إن رأتها حتى نهضت متسائلة: وش اللي طلعك من محاضرتك؟
جلست بالقرب منها وسحبت من جانبها الكوب
وهي ترتشف منه: الدكتور اختبرنا وطلعنا......
نور سحبت الكوب من يدها: جيبيه حقي....
سحبته الأخرى : يا بخيلة ....عطيني إيّاه خليني اصحصح.....
نور بنرفزة: إيلافوه....تركيه....
إيلاف بضحكه تركته: قسم بالله مثل اليهّال.....بس
وغمزة لها: عجبني استرخائج في هالزحمة....والازعاج
نور بمصداقية الحديث: متعمدة جالسة هنا عشان ما افكر ....
إيلاف باهتمام اردفت: ليش شنو صاير بعد؟
نور بحيرة شتت ناظريها عنها: لا بس احس إني مضايقة......
ثم اردفت بسخرية: إلا لقيتي صاحب الورقة...
إيلاف بحماس أخرجت الورقة من حقيبتها: لا........شكله بصير مثل سندريلا....بس بدل الجوتية ورقة.....
ضحكت نور هنا من قلب: هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه .......
ثم سحبت الورقة من يدها: هاتي هاتي .......خليني اشوف وش هالورقة....
إيلاف بلا مبالاة: شكلها مقدمة لبحث.....
نور نظرت للورقة للتصميم.....ولعنوان البحث ومن ثم إلى الاسم
وهنا
عارتها رجفة عارمة لجسدها، ونظرت لإيلاف بنظرات
النجدة!
هل يُعقل؟....لالا.......شهقت ....حتى إيلاف خافت وخشيت من تغير وجهها واحمراره
تحدثت بخوف: وجع اشفيج؟.....ويهج صار احمر....خذي نفسج....

نور نهضت هنا وازدردت ريقها وهي ما زالت ممسكة بالورقة تحدّق فيها بجنون تقرأ اسمه بصوت عالي: خالد غازي محمد الناصي...

ثم نظرت لوجه إيلاف : تدرين منو هذاااا؟؟؟؟؟؟تدددددرين ......
إيلاف هزّت رأسها بلا .....شدّت على كف يد نور المرتجف تحدثت : نور لا تخوفيني عليج باسم الله عليج ....وش فيج؟....منو هذا؟!

نور اجتمعت الدموع في عينيها وارتجفت شفتيها : هذااااا ...ووو.....وووولد عمي....

شهقت إيلاف ......حقيقةً اسم العائلة يبدو إليها مألوفًا ولكن لم تظنه أنه...
قاطعتها نور بشتات: ليش جاي هنا؟.....ليش......تتوقعين يدوّر علي....عشان ياخذوني من امي؟!

إيلاف مسكت اكتافها: اسم الله عليج نور.....هدي.......اكيد ياي يدرس بس.....لا تفكرين جذيه......لا تفكرين....

نور بدأت دموعها بالانسياب على خديها: ابي اروح البيت.......خذيني للبيت ايلاف تكفين...

إيلاف بتوتر وخوف على حال صديقتها: انزين.....بس هدي روحج .....
انحنت ايلاف لتلتقط حقيبة نور وحقيبتها وكتبهم ثم قالت: تعالي معاي....
خرجتا الاثنتان من الجامعة وايلاف أوقفت سيارة اجرة لتوصلهما إلى المكان المنشود
نور كانت في حالة هيجان غير معروف .....هيجان بالبكاء والخوف من أخذها من والدتها من قبل المزعوم خالد

.
.


والذي كان في شقته يُرتب أوراق البحث
وطبع ورقة أخرى عن تلك الضائعة
ثم نهض ليتصل على والده للإطمئنان على أوضاع اهله
وفعل ذلك وبعد السلام والسؤال.....توصل معه بالحديث إلى موضوع الجازي واخبره والده عمّ حدث بالأمس حتى قال : والله يابوك اختك الجازي....جاتنا بالأمس تبكي وتبي الطلاق واسالها ولا هي راضية تقول وش السبب والفالح سيف مثلها ما قال شي

اردف خالد : لا حول لله ولا قوة إلا بالله.........غريبة خبري امورهم زينة ....ولا قد شكت منه....
بو خالد بجدية واهمية الامر : وهذا اللي خايف منه.......أنها تكون مضيومة عنده ولأنه ولد عمتها ما تقول...
خالد بتهدأة الأمور: لا يبه لا تظن في سيف.....اشهد أنه رجال كفو.....بس لازم كل زوجين يصير بينهم مشاكل وانت ادرى بهالشي....
بو سيف .....ولأنه خالد الأقرب منه ....ويعتمد عليه تحدث بكل اريحية: حال الجازي ما يطمن يا خالد......
خالد ليطمئن ابيه : يبه هد من عمرك.....إن شاء الله أنا بكلمها وبحاول منها تتكلم.......ألزم ما علينا صحتك يبه......لا تحاتيها....بكلمها....
بو خالد لكي لا يطيل المكالمة : تمام.....ما أطول عليك ....وهالله هالله بالصلاة.....والدراسة و انا ابوك
خالد حكّ جبينه....انشغل حقيقةً بأمر اخته: لا توصي حريص.....مع السلامة
بو خالد اردف: حافظك ربي .....مع السلامة...
ثم اغلق الخط
واخذ يفكر خالد بجّل الأمر...ماذا حدث يا تُرى حتى ان الجازي تتخلّى عن طفلها.....
لم يتردد في الاتصال عليها ، ...اتصل مرة ومرتين وثالثة
كانت في دورة المياه .....ارشحت وجهها عدّت مرات بعد نوبة شديدة في البكاء
اشتاقت للصغير .......واخذت تحاتي امره ....فمن الطبيعي الآن هو جائع
يبحث عن ثدياها .....يبكي....يصرخ.....يريد رائحتها
حاولت التماسك وسمعت رنين هاتفها
وعندما نظرت للاسم مسحت بقايا دموعها
واردفت بصوت مخنوق: هلا بعزوتي....هلا بالغالي...

لم تخفيه نبرتها ....نبرة تنّم عن البكاء والضعف: هلا فيك زود يا ام عبد لله....طمنيني عنك.....كيف حالك؟
حاولت ألا تبكي ألا تبيّن له سوء حالها فأردفت: اشكر الله ....انت طمني عنك....وعن دراستك
خالد نظر إلى زخات المطر....من خلال النافذة: الحمد لله.....بخير......الجازي...
الجازي مسحت انفها بالمنديل تحاول السيطرة على رجفة صوتها المخنوق: سم.....
خالد : حلّفتك بالله تقولين لي وش صاير بينك وبين سيف؟
الجازي قوّست شفتيها تمنع نفسها عن البكاء
من اخبره ؟هل سيف نفسه من اخبره ام والدها؟!
ولكن من المؤكد والدها سيف لن يخبره قاتله عن جريمته!
هذا ما دار في عقلها: مشكلة ......
خالد جلس على الكنبة : وهالمشكلة ما تنحل إلا بالطلاق؟!
الجازي بضعف بكت: لأني تعبت ياخوي.....تعبت .....
خالد تنهد بضيق على حالها: اشرحي لي وش هالمشكلة اللي خلتك حتى عبود ما تاخذينه معك....
بكت اكثر على اسم ابنها فهي اشتاقت له وكثيرًا
اردفت خالد: الله الله......واضح سيف مزعلك كثير........الجازي...تكفين ....لا تخبين علي....وش مسوي فيك ....حتى لو هو ولد عمتي والله لو غالط عليك لا اخليه يندم....
الجازي هدأت قليلًا: خلك بدراستك ما ابي اهمك....

خالد : افاااااا......الجازي....ابوي...يحاتيك........وما هوب مطمن...يبقى يعرف.......وش السالفة لأنه حتى زوجك ما قاله شي....
الجازي بضعف: مو مهم تعرفون السالفة المهم أنه انا اخلص منها....
خالد مال صوته للعصبية: جالسة تقولين لي لغز....
الجازي انتبهت انّ هناك رقم آخر يتصل بها
فقالت: خالد.....صدقني قرار الطلاق ما جا عبث.....بس ماقدر اقولك إياه...
خالد بغضب ونبرة صارمة: طيب ليش؟
الجازي بضيق: من غير ليش....والحين بسكر لأنه معي خط ثاني...
خالد :طيب طيب يا الجازي راح اتصل عليك ......بعد ثلاث ساعات...
الجازي : طيب... مع السلامة...
ثم اجابت على الخط الآخر
وكان منصدمًا من ردها عليه ظنّ أنها لن تجيبه
ولكن حاول ان يكون هادئًا: الجازي نزلي.....انا تحت افتحي لي الباب.....خلينا نتفاهم....
الجازي بقهر: نتفاهم على ايش بالضبط؟.....هاااا.......نتفاهم على ايش؟
سيف نزل من السيارة وبدأ بقرع الجرس: اشوفك بالمجلس....باي
.
.

ثم اغلق الخط في وجهها ولم يترك لها مجالًا
للرفض شتمته ثم نهضت واغلقت على نفسها الباب
سيجعلها تتصرف كالمراهقات مرغمة!
وهذا ما لا تُريده .....لأنها ستعذب فؤاد والدها واخيها بندر وكذلك المسكينة والتي تحملت الكثير نوف...
تأففت...
وجلست على طرف سريرها تنتظر مناداتهم للذهاب إليه!
...
.
.
.
أما هو ادخله بندر إلى مجلس الرجال وجلس بجانبه وبعد السؤال عن الحال تحدث: سيف .....شصاير؟......الجازي ما جفّت عينها عن البكي.....وما وقف لسانها وهي تترجى ابوي من انك تطلقها....شصاير؟.....حتى ولدها تركته عندك ...

سيف.....توتر.....لا يجرؤ على قول الحقيقة......فالجميع سيبدأ بالسخرية به....والاستهزاء بمشاعره ايضًا........وسيأدون تصرفات الجازي لناحيته ، وهو يستحق كل هذا!
حكّ جبينه ونظر لبندر برجاء: تكفى بندر نادها لي ابي أتكلم معها
بندر بهدوء: مو قبل تقول لي وش صار بينكم؟
كان سيتحدث ، ولكن فاجأهم دخول أبا خالد والذي علم بقدوم سيف من ابنته نوف التي رأته من خلال النافذة عندما فتحت له الخادمة
نهض سيف.....ويشعر أنّ القصاص سيبدأ الآن
سلّم على خاله ثم قال بو خالد بحده: اجلس وفهمني وش صاير؟

عمّ السكون ....وتبادل نظرات الحيرة والشتات.....شعر أنه بدأ يحلّق في اسقف مشيدّة تمنعه من التحرر من هذا المكان المحشور بالاسألة؟
هل يخبره لأنه خائن لها بقلبه.....لهذا تطلب الطلاق....ام يخبره انها تطلبه لأنها لم ترى منه سوى القساوة في التعامل معها....والشدة والشكوك القليلة التي نتجت من الخوف ...من انها تعلم بما يُخفيه عنها.....
تحدث تحت انظار بندر الذي ينتظر خروج الاحرف من فاهه لكي يعاقبه
وخاله الذي يُريد ان ينصف الأمر بينهما!
: يا خال........انا ابي أتكلم معها......ابي اتفاهم معها.....

بو خالد باصرار وانفعال: ما راح اخليك تشوفها إلا لم تقول لي وش مشكلتكم ؟

سيف شتت ناظريه عنهما وبنبرة انكسار: انا زعلتها ....يا خال وجيت الحين أراضيها....
بندر نظر لأبيه لا يستطيع ان يتكلم وينهار بعصبيته أمام ابيه الذي حتمًا سيخرسه ، يُريد أن يستفسر بأي طريقة تم زعلها منه؟!
اردف الخال: زعلتها ؟......تكلم بوضوح يا سيف...
سيف برجاء ووجه متعب: تكفى يا خال لا تضغط علي خلها تجي نتكلم مع بعض.....
نهض أبا خالد منفعلًا: هي تسكت و انت تسكت واثنينكم مصيرين ما تقولون شي....بس....ما ردي بعرف......بس بتركم على جنانكم الحين.....عشان اشوف آخرتها معاكم
نظر لبندر: روح ناد لها....هذا إذا نزلت لك....
ثم خرج
ونهض بندر للخروج ولكن تبعه سيف برجاء: تكفى بندر اقنعها تنزل عشان نخلص من هالمشكلة تكفى.....
بندر طبطب على يد سيف: بحاول معها....عن اذنك
ثم جلس سيف على الكنبة وهو يشتم نفسه ، وأنانيته
وأخذ يرجو الله ان ييسر أمورهما
..............
بينما بندر صعد متجهًا لغرفتها طرق الباب متحدثًا: الجازي......الجازي....اعرف انك جالسة شفتك قبل كذا في غرفة نوف....افتحي الباب....سيف يبي يتكلم معك.....
نوف أتت بجانب اخيها
نظرت له ثم وضعت يدها على مقبض الباب حاولت فتحه
تساءل بندر: مقفول؟
هزت نوف رأسها بالإيجاب
ثم تحدثت بهدوء: الجازي....انزلي اسمعي وش يقول لك......اسمعي له حتى لو ما تبين تغيرين قرارك
بندر نهرها هنا: شقولين انتي....مجنونة....تشجعينها على الطلاق....
نوف همست له لكي لا يتسلل صوتها لأختها التي كانت تبكي بلا صوت على السرير: والله يستاهل....الله لا يسامحه
بندر بشك: هي قالت لك وش صاير بينهم
نوف طرقت الباب متجاهلة اخيها بقول: ولا راح أقول
استشاط غيظًا بندر هنا واخذ يهدد : لا قولين بس ابوي بطلّع منك الكلام غصبن عنك.....
نوف كشّت على وجه اخيها ثم قالت: الجازي فتحي تكفين.....نزلي عشان عبد لله.....ترا ماله ذنب......سمعي له عشانه أبو عبد لله موعشانه سيف......يلا الجازي فتحي.....
بندر بحيرة همس لأخته: هو ضاربها؟
نوف تحدثت وهي تنظر لعينيه: يا ريت.....كان اهون عليها ....
بندر تحدث ما بين اسنانه: لا تجنيني نويف قولي وش مسوي لها...
لم تجيبه وطرقت الباب بقوة: الجازي..........ترا كذا انتي تعاندين نفسك......ما تعاندينه هو....صيري قوية ونزلي له واثبتي له أنه هو الغلطان مو انتي....
بندر سحب اخته هنا بعنف وشدها من زندها وهو منفعل وبصوت مسموع لمسامع الجازي: أي .....شيطيها.....وشجعيها على خبالك............
نوف بتأوّه: يا غبي اترك يدي....آي......عورررتني...بندروه...اترك...
سمعت الجازي تأوهات اختها وحديث بندر
فنهضت مسرعة من على السرير مسحت دموعها وفتحت الباب وسحبت اختها نوف لجانبها: بندر الزم حدك ولا تمد يدك عليها مرة ثانية ولا بقول لأبوي...
بندر بعصبية: لا تسمعين لها لأنه راح تخرب بيتك.......
الجازي نظرت لنوف المنزعجة من اخيها ثم اردفت: ما قالت شي خطأ....كل كلامها صحيح يا بندر...
بندر بجنون: الجازي....قبل لا تنزلين قولي لي وش مسوي فيك هالكـ.....ترا صدق بديت افقد عقلي....
الجازي نظرت لهما وهي تقول: انا بنزل له....عن اذنكم...
ثم اختفت عن انظارهما
ومات قهرًا بندر من تجاهلها ونظر لنوف فاردفت مسرعة: لا تحاول تعرف مني...شيء لأني مانيب متكلمممة أبد
ثم اتجهت لغرفتها واغلقت عليها الباب
هنا مشى بخطواته لغرفته وشتم نوف بداخله على عنادها!
...........
كان ينتظرها بفارغ الصبر، ....متوتر...يهز برجليه ومشبك أصابع يديه ببعضها البعض رفع رأسه عندما شعر بأحدهما دخل واغلق الباب
رآها واقفة....وجهها محمر وجفن عينيها منتفخين دلالةً على بكاء مطوّل.....كتفت يديها واردفت: وش عندك يا سيف....
سيف نهض واتجه بالقرب منها: اجلسي وخلينا نتفاهم.....
الجازي نظرت لعينيه وبحده: وش نتفاهم عليه بالضبط......اذا على إجراءات الطلاق راح اجلس؟
سيف وبدأ صبره ينفذ: الجازي .....تكفييييييين جلسي....
وسحبها من زندها واجبرها على الجلوس حتى بها تحدثت بكره: قسم بالله ما قد شفت اوقح منك.....اترك يدي...
تركها وتحدث سريعًا: ادري اني غلطان....وغلطت بحقك كثير.....بس كل شي صاير غصب عني......غصب عني يا الجازي......
الجازي بانفعال: وانا وش ذنبي هاااا وش ذنبي تعاقبني بشي مالي دخل فيه..
سيف أشار لها: خليني أتكلم......
تكتفت هنا الجازي وشتت ناظريها عنه
تحدث: البنت الحين خلاص تزوجت..........
الجازي بعصبية : بس انت ما زلت تحبها....وجرّحت فيني لين قلت بس.....لأنك مو قادر تنساها.....وجيت امس واعترفت لي بوجع قلبك اللي تسببت فيه هي....
وقفت وأشارت له بانفعال: تخيلني انا اللي قلت لك نفس الكلام اللي قلته لي أمس....اكيييييييييد راح تطلقني لأنك راح تعتبرني خاينة......
سيف وقف وتحدث بغضب: الجازي ......غزل مو من نصيبي....ابد....
الجازي قاطعته باستهزاء: وتوك تقتنع...بهالشي....ولا توك تستوعب انك هدمت هدوء حياتك معي...
سيف اغمض عينيه ثم فتحهما ماسكًا بأكتافها: الجازي....انا آسف على كل شي.....آسف على صدي....على عصبيتي اللي مالها مبرر.....على قساوة كلامي وافعالي معك....
الجازي هزّت رأسها يمنةً ويسرى: طلقني سيف....كل شي انتهى....ما في شي يربطني فيك غير عبدلله....لا انا احبك ولا انت تحبي!!.....ليش تحاول ترجعني لك....إذا على تربية عبد لله خلاص جيبه لي ....اربيه إلى ان يكبر...ولو تبي تاخذه مني ما راح ارفض.....لأنه مابي شي يذكرني فيك ما بي....ابي أعيش حرة.....ابي أعيش...اني انسانه....يكفي ....عشت سنتين معك ....وانا احس بالنقص والتهمّش....خلني أعيش .....يكفي انك شتتني....عشان حبك......اللي مادري ليه ما وفيت له بالزواج...

سيف عندما اردفت كلمتها الأخيرة تلك احنى رأسه بطريقة منكسرة قائلًا: المفروض ما اقولك هالكلام.....بس انتي تحديني عليه
الجازي ابتسمت بسخرية وابتعدت عنه
سيف: بنتي عمي غزل...انصابت بسرطان الثدي ....وانتشاره كان سريع ...امي رفضت آخذها وهي على هالحال...وانا اصريت آخذها......بس هي تصدّت بوجهي والشي اللي خلاها تقتنع انه غزل صدق مو من نصيبي لم انصابت في رحمها واستأصلوه.....امي استقلت سكوتي وضعفي وقتها وخطبتك لي بدون علمي....
الجازي...انطعنت من جديد على تصريحه بعبارة(كنت مجبور عليك)...ولكن بكلمات أخرى واخف وطئًا تحدثت برجفة شفتيها: تعرف من الضحية في هالزواج اللي انت انجبرت عليه...؟

سكت هنا.....لأنه يعرف اجابت سؤالها
أكملت وهي تشير له: لا انت....ولا غزل....الضحية انا....واكبر ضحية بينا حنا الاثنين عبد لله....
بكت بدموع وصوت بالكاد يخرج : والله لو قايل لي بداية زواجنا انك مو مقتنع في زواجك مني....كان انسحبت بهدوء وكان وضعي ووضعك افضل من الحين ......سيف انت مو بس كسرتني...انت جرحتني....خيّبت ظني.....حاولت احبك....وأخليك اول حب بحاتي وانت كنت تبعدني...عشانك متولّع في بنت عمك....ما عطيتني الفرصة ابدّل حبك .....واخليك تحبني ولا عطيتني فرصة احبك....فليش نرجع لبعض....؟...دام اللي بينا.....تأدية واجب واشويّة احترام!

سيف اقترب منها وامسك بكفي يدها: آآآسف على كل شي.......الجازي......عطيني فرصة
صرخت في وجهه باكية ومنهارة: عطيتك فرصة
وأشارت باصابع يديها : سنتين.....سنتين عشان تغيّر اسلوبك وجلافتك معي....ما شفت منك غير التهميش....ما شفت منك غير القهر...
نفضت يدها من يده واشتد بكائها: يوم اللي قلت خلاص بليّن قلبك وراح أبادر أنا في تغيرك تصدني.......يوم اللي احس انه قلبي بدأ ينبض باسمك تنهرني......يوم احس اني بحاجة لك...وابي دفا حضنك......تنسحب مني....وتطلع من الشقة بكبرها......انا عطيتك فرصة بدون اعرف سبب صرفاتك.....لي
ثم صرخت حتى تسلل صوتها لخارج المجلس: سنتين وانا احس بالنقص بسبب نفورك مني......صرت ادقق على نفسي بكل شي.....قلت يمكن فيني شي خطأ ما يجذبك لي.....ويوم قلت خلاص اصطلح الحال بينا.......عاقبتني بعبد لله وابتعدت اكثر من قبل عني.....على أني صرت في اشد الحاجة لك....

سيف ضايقه عتابها....يخنقه....اشعره بحقارته.....لم يتوقع يومًا انها ستعاني بسبب ما فعله! كان يظن انها طيّبة القلب ستسامحه سريعًا ولن تنجرح ولكنه اخطأ لأنها وبكل بساطة هي ليست بجماد حتى يتوقع منها هذا الشيء الغير منطقي!
أكملت وهي تشهق: حتى بولادتي.....كنت خايفة......ماعندي احد اشكي له خوفي من الولادة من الآلام اللي تجيني بين فترات الحمل....أمي مو موجودة عشان استفسر منها....وانا أخاف ابحث بنفسي...واستحي من اسال خالتي ام ناصر ...ولا من عمتي اللي هي امك...تدري شنو اللي يضحك ؟

نظر إليها بعينين مترقرقتين بالدموع

فاكملت: كنت التجأ لنوف وانا عارفة هي راح تجاوبني بس بعد ما تبحث........حتى يمكن اللي تقوله لي غلط.....لأنه مو كل شي في النت صحيح.....بس كنت ارتاح لها......وهي تطمني رغم انه المفروض ما تعرف أشياء وهي بهالسن الصغير ولكن بسبتي حتى غرفة الولادة دخلت.....عشان تهديني.....وانا كنت ابيك انت......توقف على راسي...تهديني تمسح دمعي تقول لي أنا بجنبك لا تخافين....كسرتني سييييف....كسرتني حيل.....الله يخليك اترك لي مجال أعيش بعيد عن سلطتك .......وتخبطك في مشاعرك......
سيف .......كيف يتحدث.......اخذته يمنةً ويسرى بحقائق افعاله...الشنيعة....يشعر ببهوت حُب غزل من قلبه الآن......يشعر ببهوت حبه من عينيه امام تلك المسكينة.....انهياره بالأمس بحب ليس من حقه ايقظه ولكن بعنف تلك الصفعة !.....هذا الانهيار ايقظه على بُعد جديد....هل الآن استيقظ.....او اقتنع تمامًا بحياته الجديدة دون غزل
يبدو أنه لديه إعاقة ذهنية في استيعاب الأمور متأخرًا وما يحدث الآن عقوبة له على تأخر فهمه لهذا الحُب
أهذا هو الوفاء المطلوب؟....هل كان وفيًا بشكل مفرط لحب كان من الواضح لن ولم يتوّج بالأرتباط الروحي ولا بالرباط المقدّس
هل هذا الوفاء المذموم؟
لِم عقبه برود.....وخوف من فقدان الجازي؟!
لِم يصّر على بقاؤها رغم انها طلبت التحرر منه والذهاب لحبه
تمسكه بها ليس بسبب ارتباط غزل بغيره لا....هو ادرك شيء....شيء غريب ليس حُب....ولكن شيء يصرخ عليه بأن يتمسك بها...
هل هي العُشرة أم التعاطف أم الشفقة؟
لا يدري....
اقترب منها وابتعدت هي مشيره إليه وهي تشهق ببكاء عنيف وموحش
ومخيف بالنسبة إليه: لا تقرّب....ما نيب بحاجة لقربك الحين.......كل اللي احتاجه بُعدك يا سيف....بعدك.....
سيف نزلت دموعه على خده وتحدث : تكفين لا تكونين قاسية علي......الجازي...والله لأعوضك عن كل شي بس اعطني فرصة....
الجازي مسحت دموعها بعنف: عطيتك منّي عمر .......ما ابي اعطيك عمري كله.........طلقني يا سيف......لا تتعبني معك أكثر!
سيف بانكسار وبصوت اشبه للهمس: صعبة علي.....
الجازي بتفهم اردفت وعيناها تهطلان بالدمع: خلاص انا برفع قضية خلع....
ثم توجهت للباب للخروج والتفت عليه: جيب لي عبدلله.....
وبنبرة انكسار : عجزت انام وهو مو جنبي.....جيبه لي تكفى...
ثم اختفت ......وبقيَ ينظر للمكان الذي احتفظ بسرابها
تحجرّت الدموع في عينيه، أي ألم تسببَ لها في تجرعه
وأي ثقلٍ تركهُ على صدرها ليتكأ عليه لفترة او ربما إلى مدى الحياة!
ألهذه الدرجة كان أنانيًا في الاحتفاظ بحبه القديم
بحب ........عصي في ان يستقيم ليكتمل نموّه
حتمًا هو خسر الاثنتين
أحدهما خسرها دون أن يقرر لذلك
والأخرى خسرها بسبب قراره على ذكرى الأولى!

أي حياة هذه التي يعيشها تخبّط في معاجم ألّا معرفة
سالت دموعه على خديه بعد أن ادرك حجم القهر الذي كبتته في قلبها طيلة السنتين التي قضتها معه
هو مُدرك أنها كانت تبكي على وسادتها ولكن لم يدرك حجم الألم الذي سببهُ لها وأنتج ضعفًا في ثقتها بنفسها
وفي عدم اتزان مشاعرها اتجاهه
وولّد بداخلها رغبه عظيمة في التخلّص منه وكأنها كانت تنتظر هذا الأمر من زمنٍ بعيد....
استيقظ على ضعفه مسح دموعه سريعًا ومشى للخروج
بقل حيلة من التصرّف بشكل صحيح معها!
اخرج هاتفه اتصل على أخيه وبدأ يقود سيارته مبتعدًا عن منزل خاله

......................

كان للتو خرج من الخلاء بعد انتهاؤه من الاستحمام لافًا منشفته لتستقر على خصره وماسكًا بالأخرى منشغلًا في تجفيف شعره
سمع رنين الهاتف .....نشّف كفي يديه عن الماء
ثم أجاب: هلا سيف
سيف بضيق وبصوت مخنوق: جسّار انت وين؟
جسّار قوّس حاجبيه : بالبيت....
سيف بثقل تحدّث: اسمع خل امي تجهز لك عبد لله......وتحط له ملابسه واغراضه في شنطته الصغيرة اللي على الكومدينة قول لها الحين تجهزه.......ووده لأمه....
جسّار أدرك أنّ الجازي علمت بكل شيء.......علمت بمشاعر أخيه ناحية غزل
وانهدم عيش الزوجيّة بينهما اردف: سيف وش صار؟
سيف بلل شفتيه كان يقود بسرعة جنونية يُريد بها الهروب من الواقع
ومن كل شيء افسد عليه لذّة العيش بسلام
: لا تسألني عن شي يا جسّار.....لا تسألني وسو اللي قلت لك عليه...
جسّار هز رأسه بتفهم: طيب طيب.....
.................................................. ........
اغلق سيف في وجه أخيه الذي خشي عليه من أن يحدث له مكروه فصوته لا يُبشّر بخير
ولكن لم يطل التفكير والتحليل توجّه لدولابه اخرج ملابس مناسبه له
ارتداها على عجل وذهب لتنفيذ ما امره أخيه به!
.................................................. ................

في ظلام الواقع ينتصر النور!
مُجبرك على إدراك ما يحدث في جوانب الشيء التي تخافه
مؤلم شعور الفقد للأبد والذي يعني الفُراق
استيقظ من نوبة الانهيار ......من الصراع الداخلي في معرفة الأسباب التي أدّت بها للهاوية
نظر لسقف الغرفة لدقائق طويلة ربما تجاوزت النصف ساعة من استيقاظه!
اظلمت دنياه على خبر موتها، وتجرّع مرارة الفقد مرّةً أخرى ولكن بطريقة أقسى من الماضي
فراق أبدي ليس منه رجعة
عليه ان يعتاد عليه قبل ان يُصاب بالكآبة ونحن مجبولون على تقبله
للاستمرار في العيش!
سيخرج من هنا.....لرؤية ما تبقى منها من نور!
مزع الانبوب من يده حتى طشّ الدم منها ولكن شدّ بيده عليه ونهض متوجعًا منه
سحب منديلًا رآه على تلك الطاولة والتي كانت على مقربةٍ من السرير قليلًا، مسح الدم به
واخطى خطواته لناحية الباب خرج من الغرفة
ومشى بلا خارطة تدله على الطريق الصحيح
مشى وفي قلبه جمرة غضب لا تُطفى
وعينين محمرتين للغاية
ودموع تأبى الخروج لتطفأ نيران الخوف من العيش دونها
رآه الطبيب فتوجّه إليه يرجوه بالعودة إلى الغرفة فحالته لا تسر الناظرين
ولكنه أبى واكمل طريقه لناحية سيارته
ركب السيارة ، اغلق الباب
واسند جبينه على المقود واغمض عينيه
لماذا بعد وفات ما نحبهم تتوارى علينا الذكريات التي تجمعنا معهم
حتى بنا نتذكرهم في كل مكان
وكأنها تنهرنا عن النسيان، وكأننا في ذاك الحال قادرين على نسيانهم أو تجاهلهم!
أخذ بما يقارب العشر دقائق وهو على هذا الحال ينظر للفراغ
ويتذكر صوتها
همسها
لمساتها
حضنها الدافئ
وقبلاتها الحانية
ليس قادر على مواساة حُزنه
على تضميد جرحه العميق
وعلى احتضانه من الضيّاع!
بكى، واخذ يلوم نفسه بحديث مزعج ، اصبح مصدر التفاتًا للأنظار وهو منهار باكيًا على المقود في سيارته
المارة أصبحوا يتساءلون بينهم وبين انفسهم ما بال الرجل يبكي؟
هل فقد عزيز؟
أم خانته حبيبته؟
شعر بخدر غريب ، يُريد التمكّن منه ولكن لم يسمح له
رفع نفسه ليسند ظهره للوراء سحب لرئتيه هواء عميق ومسح دموعه
همس لنفسه: امير .....نور بحاجتك....قوي نفسك....

وما هي إلا خمس دقائق حتى بدأ بالقيادة متجهًا لشقتهم !

كان الطريق طويل، والاشتياق عنيف
يُصعب عليه أن يتركها لوحدها في المستشفى دون أن يرافقها
يُصعب عليه أن يتركها في ظلمة الغرفة الباردة لوحدها
يُصعب عليه نسيانها؟!
وكل الأشياء أصبحت تصدر صريرًا من الاحزان
لتزيد همه لا تنقصه!
حاول التركيز في الطريق بدلًا من ان يفكّر بها
ولكن تذكر رسالتها ورجائها في إخبار نور عن كل شيء؟
وهذا الامر ثقيل عليه وليس من السهل تنفيذه
آه
خرجت من جوفه بوجع عميق، وندم أعمق!
وصل....ركن سيارته ....كيف سيخبرها؟
كيف؟!

ولكن قبل أن يتقدم للعمارة
........
هي كانت في وسط سريرها للتو خرجت من عندها إيلاف التي خشيت عليها من انهيارها المفاجأ بسبب وجود ابن عمها
اطمانت على حالها وبعد ان هدأت خرجت عائدة للجامعة
لا تستطيع ألا تحضر محاضرتها الأخرى وإلا سيصلها حرام من هذه المادة التي كثُر بها الغياب!

كانت تفكر كثيرًا ......هل بدأت خطتهم في أخذها من أحضان والدتها
لن تنكر تاقت روحها لرؤية والدها وللوطن الذي لفظ قلبها بعنف على صخرٍ متلوّن في طباعه القاسية!
هو لا يُريدها ....اخبرها أمير....لا يأبى لها
هل هذا من محض الصدف أن يتواجد ابن غازي هُنا، تخشى من أن يعرف شكلها وهي لا تعرفه
ويباغتها في اختطاف عنيد ....ليبعدها عن أحضان والدتها
ولا تدري أنّ الموت خطفها من احضانها منذُ ساعات طويلة؟!
كانت طفولتها معه جميلة.....جميلة لدرجة مؤلمة بعد فراقها عنه
لن تنسى نظراته لها حينما سحبتها والدتها من يدها أمام عينه
واخرجتها من الجناح الخاص بهم
كان ينظر لها .......تعلم نظراته تلك تصرخ لها للبقاء هنا
ولكن هي كانت تُريد الاثنان معًا!
اخبرتها والدتها أنها ستعود إليه ولن يتأخرا
ومرّ عشرون سنة عفوًا اليوم أكملت (الواحدة والعشرون سنة)
من خروجها من تلك الغرفة ........ومن تلك اللحظة الوداعية التي
عجزت ان تتخطاها
لم يحتضنها......فقط يحدّق في عينيها التي كرهتهما بعد مجيئها إلى هنا
والتي كان يتغنى بها طربًا لمغايرة لونهما، ودومًا ما كان يتغزّل بجمالهما!

حتى انقلبت الأمور وأصبحت محط للسخرية والتنمّر الغير منتهي
لا تذكر سوى ابتسامتها له لتبادله تلك النظرات
مودّعه إيّاه ببراءة وحسن نيّة بعيدة كل البعد عن الخبث

: باي بابا......راح اشتري لك آيس كريم وحنا راجعين!

تذكر هنّا تغيّرت نظراته وتقوّست شفتيه
واشاح بنظره عنها محركًا رأسه موافقًا على حديثها
وكأنه يقول (سأنتظرك)
لم تعلم انها غير مرغوبة في تلك اللحظات الوداعية وربما كانت مرغوبة وبشدة!

ولكن طيف الخيانة .... ربما......طوّقهُ بيديه ليمنعه من حضنها !

نزلت دموعها لتسقط على جانبيّ رأسها
لماذا تتذكره الآن......
السقف لو كان لهُ لسانًا لنطق صارخًا بها
انسيه كما نساكِ
هل والدتها فعلت المستحيل لحضن حبها
هل فعلت الصوّاب لتصبح في أرق عشقها مع ذلك الأشقر؟
هل كان حُضنهُ أكثر دفئًا من يوسف؟
لِم انجبتها إذًا....
نهضت من تلك الذكريات التي احرقتها من كثرة تراود الأسئلة في بالها....
اهتزّ جسدها بعنف وبكت دموع بِلا صوت









اليوم ....وفي يوم مولدي الواحد والعشرون.....تُثار الذكريات
بطريقة أقسى من السنوات الماضية.....هذه السنة
مختلفة.....مختلفة تمامًا فهناك غيمة لا اعرف لونها ربما سوداء
وربما بيضاء كالقطن......او كـ حلوة المارشملو الذي
احبه
.....إما ستمطر عليّ رحمة ودفئ وإما ستمطر عليّ حجارًا
وسموم!.......هنا....ولي أوّل مرة تحت السماء نفسها والأرض
ذاتها........بعد السنين الغابرة والمؤلمة اجتمع بلا وجود مع أفراد
عائلة الناصي!......هل سأراه.....وهل سيعرفني؟......هل
سيخبرني باشتياق أبي لي......هل سيبخرني بغفران والدي لخيانة
أمي؟....هل .....سيأخذني من أحضان ديانا الدافئة والانانية
؟!.....هل سيهمس لي......أنّ الكون كُله اظلم في عينَي عائلة
الناصي بعد رحيلي؟!.....ضياع....... كل سنة في هذا اليوم اشعر
بالضيّاع فيه.......اشعر بالخوف......اخاف من اكبر اكث
ر ....اخاف ان يتغيّر شكلي لدرجة لا يعرفني أبي فيها.....ه
و يكرهني وأنا......لا اكرهه ولا احبه......لأنه ظن
بي!......وتركني في مشقّات الطريق.....واختلاف الناس
واجناسهم!......كبرت......بعد أن خسرت الكثير.......خسرت
الآمال في ُلقياه بعد اعتراف أمير لي بالحقيقة.....فهو كما قال لي
لا يظن إنني ابنته وبتّ الشكّ بالأمر!.....كم من الدمع سقط على
خديّ.....وكم من الأوجاع واصناف الألم تذوّقت....هل هُناك المزيد ؟للتذوّق!











.
.
نظرت للنافذة ........وما زالت تحدّث نفسها......تجبرها على النسيان مُنذ واحد وعشرون سنة!
بكت والمطر أخذ يشتّد في الهطول .....واصبحت قطراته تزيّن نافذتها وتُعزيها دون شعور؟!
سمعت اغلاق الباب الرئيسي
لا تريد ان ترى والدتها ولا حتى امير
لا تريد منهما ان يحتفلا بها كل سنة بالإجبار!
لا تريد....
تريد أن تبقى لوحدها هنا......منعزلة عن العالم تجول بخواطرها وافكارها لناحية ذلك البلد......والذي حفظ بين طياته القليل من ذكرياته معها
فهي عاشت فيه فقط لفترة لم تتجاوز العشر سنوات حتّى ولكن تشعر بالانتماء إليه، تشعر أنّ ترابه جزءًا منها
وبعد مرور ثلاثة عشر من عيشها هُنا لم تحظى بهذا الشعور
تشعر انها دخيلة على هذه الأرض، وإنها لا تنتمي لجذور ارضه أبدًا
مهما حاولت في زرع جزء منها فيه ، رفضها
حتى تيبّس جسدها ولم يعد قابل للمحاولة في اثبات جذوره مرةً أخرى !
مسحت دموعها التي هطلت كالمطر على خديها
ضِيقتها .....إذًا بسبب وجود شخص من عائلتها......هي لم تخف فقط في فكرة اخذها من أحضان والدتها
لا
بل باغتها اشتياق مفاجأ رغم ما سمعته عنه من افواههما إلا إنها اشتاقت!
ارتعد قلبها مع صوت الرّعد وفتح الباب عليها
واقتحام مشاعرها المتأججة بغتة
.......................................

جرّ بخطواته لناحية بابها يُريد التأكد هل عادت من الجامعة ام لا
وانصدم .....لمنظرها ولبعثرة شعرها وشحوب وجهها
ودموعها المتناثرة على خديها

رأى احمرار واضح بالقرب من كتفها .......فكانت ترتدي بدلة بلا اكمال فقط سيور ضعيفة بلون الأسود ملتصقة بجسدها لدرجة التفصيل وإظهار التقاسيم الأنثوية!

وكان جاكيتها مرميًا على الأرض بإهمال وحقيبتها موضوعة على السرير
فهم حالتها ......فهي منهارة ولكن مِمّن؟
هل شعرت بوالدتها؟
ما بال كتفها محمر ......هل تعرّض لها أحد؟!
خشي عليها من تلك الفكرة وأتى بالقرب منها واشاحت بنظرها عنه
تحدث أمير بلهجة سعودية مكسرة قليلًا: نور........شو صاير؟

نور جلست على طرف السرير طأطأت برأسها قليلًا لا تريده
لا تريد قربه، ولا حتى نظراته واهتمامه
تريد ان تختلي بنفسها هذا كل ما تريده
ولكن أتى بالقرب منها تحدث بأهمية: وش فيه........ كتفك......
نور رفعت رأسها مسحت دمعها

وجهّت ناظريها ناحية النافذة: شلت الوشم.....عشان كذا صار مَحمر....

أمير تنهد براحة ، لإبطالها من فكرة التعدي والإيذاء
تحدثت بهدوء: وين أمي؟

سكت أمير، وخفق قلبه بشدّة
عندما طال سكوته تحدثت بسخرية: إذا ناوي تسوي حفلة انت ويّاها عشان يوم ميلادي الواحد والعشرين ...كنسلوا الفكرة من الحين......لأنه ما راح احضرها!

هل حقًا اليوم مولدها، في ضجيج موت محبوبته نسى التواريخ والساعات والأيّام في غضون ساعات قليلة وجدًا؟!

هل سيكون يوم مولدها ......فيما بعد يوم لا يُستحق الذكر......!
هل ستكره هذا اليوم بعد أن يخبرها عن موت والدتها
اللعنة ...باتت الأمور تتصعب عليه

شعرت بحيرته وتردده في الكلام، واخيرًا حدّقت في وجهه المحمر ....وبعض خصلات شعره ساقطة على جبينه وملتصقة به....
كانت به رعشة يحاول السيطرة عليها ولكن باتت أكثر وضوحًا لتصرفه هذا حتى أدركت أنه يخفي امرًا
فالتفتت عليه بكامل جسدها

تحدثت وقلبها يقرع طبولًا من الخوف: بابا امير.....أنت تعبان؟!

حدّق في عينها.......لوجهها ......ورسم حاجبيها التي تُشبه رسم حاجبي والدتها......نظر لسواد شعرها....يحاول ان يجد فيها ما فقده!
ورآه يجري في دمها ......كيف سيتحدث؟
نور مسكت كف يده وبعينين محمرتين وبيد مرتجفتين : بابا امير....صاير شي؟

أمير .....لمس في صوتها تلك النبرة التي تشبه نبرة والدتها حينما تسأله عنه حاله !

فأشاح بوجه عنها سريعًا لا يريد أن يبكي أمام عينيها
مسح على رأسه وابعد الخصلات المتذمرّة من على وجهه

نور وقفت هنا واخذ تنفسها يتسارع: أمييييييييييييير قول ...... شصاير؟.....ما عمري شفتك بهالضعف......
وبنرة خوف وذعر: امي فيها شي؟....ديانااااااااااااااااااااا فيها شي؟

نهض أمير...وامسكها من اكتافها العارية محاولًا تهدئتها......فحسّت هنا بشيء غريب .....ككهرباء حزينة صعقت قلبها بسوط عميق من معاني الألم!

ازدردت ريقها اقتربت منه اكثر وامسكت به من ياقة بدلته الرسمية : أمييييييييير....
حدّقت في عينيه اللامعتين بالدموع والمحاطتين بالاحمرار الناتج عن البكاء
ما زال يرتجف .....من هذا الخبر....وتسللت رجفاته إلى جسدها الضعيف واخذت ترجف بذعر!
صرخت في وجهه: ديانااااااااااا وين؟

قُربها منه.........انفاسها المتسارعة....رجفاتها.......كثرت اسألتها......هزها له بشكل عنيف.........جعلت منه شخصًا ضعيفًا
كيف سيخبرها انّ حبه بات ميتًا بعد هذا اليوم؟

خارت قواه وجثل على ركبتيه ساقطًا بلا حول ولا قوة أمام رجليها
فشعرت أن الكون كله اهتّز بوجع لسقوطه على الأرض بهذا الضعف
وفهمت الإشارة
واستوعبت كل شيء
ولكن تريد أن يبرهن لِم يدور في عقلها حتى فيما بعد لا تتعلّق في آمال مستحيلة
وأحلام مرعبة !

جثلت الأخرى على ركبتيها نظرت لوجهه ولدموعه المنسابة على خديه
كانت ستتحدث ولكن باغتها باحتضان ....هو بحاجة إليه......بحاجة إلى هذا الحضن....خاصةً منها....لعله يهدّا اشتياقه واضطراب أنفاسه المشتاقه لها.....كيف سيتحمل بُعدها عنه وهو الذي لم يتحمله لبعض ساعات !

اشتمّ رائحتها في ابنتها.......اعتصرها في حضنه ليخفف من وجع قلبه
خدرت نور هنا.....وتوقفت عن التفكير......تلقّت الصدمة ولكن ما زالت مصرّة على سماعها

همست له : وينها؟

شدها إليه واغمض عينيه لا يريد منها هذا الانهيار لا يريد منها هذا الضعف
حكّمها ما بين يديه لكي لا تثور بجنون ما سيقوله

همس لها : عند ربنا!

شعرت ببرود أطرافها فجأة ، واشتدّت جميع خلايا جسدها وبدأت محاولاتها في الصعود للأعلى .....للقمة....للاشيء....
تصلّب جسدها ما بين يديه....وخرجت شهقة من فاهها
فتحت عينيها على آخرهما بذعر شديد من فكرة الفراق!
هل تركتها كما تركها والدها يوسف؟!

هل تركتها كما تركها هو بِلا قُبل الوداع والحضن الطويل
كيف حدث هذا الامر؟،، كيف تخطفها الموت سريعًا؟ هي ما زالت شابة كيف لها أن تموت؟

وهل الموت محدود على فئة عمرية يا نور؟!

تريد أن تصرخ.....ولكن فجأة تشنّج فمها على حركة الصراخ بِلا صوت....
صدمه.....طنين....وانين مختلط بينها وبين ذلك العاشق الذي يبحث عن محبوبته في حضنها!

شدّت على رقبته ودفنت وجهها في صدره.....تريد الاختباء
التلاشي....الهروب....من الواقع.....من الحقيقة المخيفة.....من الوحوش الكاسرة التي ستنهشها بعد الآن....
اشتدّت رجفات جسدها ولم تعد تصدر صوتًا يدل على بكائها
وما زال جسدها متصلبًا ويشتد اكثر
شعر امير بتصلب جسدها خشي عليها : نور
كانت مغمضة لعينيها ، هي الآن ترى وجهها الباسم فقط
لا تريد أن تفتح عينيها حتى لا تتلاشى صورتها من أمامها
وتموت بحسرتها على رؤياها!
همست باللاواعي: ديانا....
كان يخيّل إليها صورتها ، وهي مبتسمة مادّة يديها إليها
تريد أن تأخذها ......
امير بخوف اسندها على يده ......ضرب على خديها ببطء: نوررررررر......فتحي عيونك....
ثقل غريب اجتاح رأسها، خفقان......وتنفس سريع.....رجفات لا إرادية .....كنبضات القلب....او كـ....
الاحتضار.....
شهق ووضعها على الأرض وابعد عنها كل الأشياء التي تُعيق جسدها عن الحركة اللاإرادية!

هل نوبة تشنج.....أو صرع او ماذا يحدث؟!

مسك خديها صرخ: نور.....دخيل الله فتحي عيونك

تريد الهروب........الاختفاء في أحضان السراب........إلى النوم العميق.....إلى الاوجاع الغير معروفة.....إلى الوطن المنشود....تريد ان تمسك بطرف الحُب الضائع......الحُب الطائش......بالحُب الآمن....بالعشق الدائم التي كانت تراه في عينيه....تُريد ان تُعيد ارتباطهما ببعضهما البعض......قبل ثمان سنوات وقبل مجيئها بسنة من هذا الزواج وقبل أن تكمل والدتها سن العشرون في ذلك الوقت.....ستعقد العُقدة ......ستشدها بيدها لتمنعها من الانفلات.....ستمسك بيد ....يوسف....وستجمعها بيد ديانا......ستستيقظ من هذا الحلم العنيف.......وسترى نفسها على سريرها الوردي....نائمة على ارض الوطن.....في السعودية.....في صيفها الحار.......في منطقة الرياض......في (حارّة )جمعتها وجمعت اخاها ناصر .....ولأخاها الصغير التي لم تعد قادرة على تذكره!....للضحكات الساخرة من جدتها......ولتوبيخ جدها هل مازالا عائشَين؟......لابتسامة ديانا ليوسف.....بعد قوله (بنتك قوية علي).....لكل الذكريات .......للحياة دون حُب ديانا لأمير....دون الضياع في هفوات حُب مراهقة أدى بها إلى الإنجاب دون خداع حُب تسلية للهروب من الواقع.....دون كره وتنمّر المجتمع من حولها.....تريد الهروب فقط.......والنوم العميق
صرخ هنا أمير ولم يعد قادر على السيطرة على ردات فعله المنصدمة
سمع رنين هاتفه .......يُريد المساعدة ....يُريد الهروب.......
سحبه من مخبأ ثوبه بيدين مرتجفتين

تحدث بخوف: نورررررررر ......نوررررررررررر.....بنتي.....بنتي.........بتمو ت......بتلحق.......ديااااانـ......

سقط الهاتف من يده وبسبب نوبة الهلع وشدّت البكاء سقط على صدرها مغشيًا عليه
وبقيا الاثنان ممدين على الأرض بِلا حول ولا قوة
احداهما يتحرك بطريقة غريبة تشبه التشنجات وجفنين يتحركان ببطء يُعاند رغبتهما في رؤية النور!
والآخر ممّد بعد تعب شديد وانهيار عاطفي خبيث تمكن منه في لحظة هو كان يجب ان يكون فيها قويًا!
.................................................. ............
لم يتبقى إلا يوم واحد على رؤيته ، والخلاص منه اتصل من اجل يحدد مكانًا ووقتًا مناسبا لرؤيته في الغد
والذي يكون أجلَه!
فقد تحدث مع إحدى القتلة المأجورين واتفقا معه على الاجر المحدد لإنهاء حياة امير
ولكن ما سمعه كان عجبًا، من الواضح امير في حال يُرثى لها
صوته حزين.....باكٍ....متخبط....خائف....بل مذعور
ماذا يعني (تلحق ديانا)
فكّر فيها مطولًا........باحثًا عن معنى لهذا الحديث المثير للشك
ثم شهق ووقف هنا ......متوجهًا إلى مكتب أخي راكضًا
دخل ووجهه مخطوفًا مما دار في عقله
جورج بعصبية وكانت بالقرب منه فتاة المانية ذات جمال طفولي مخبأ وراء خبث مموس لا يهمها سوى المال!

ابعدها عنه سريعًا : يبعت لك ستين حمّي على هالدخلة
مُراد بسخرية: حتى وأنت في الشغل ...

ثم اردف بألمانية مُشيرًا لها أن تخرج واخرج من جيبه مال ورماه عليها
التقطت المال كالكلبة الباحثة عن الطعام في قمامة الشوارع
ثم خرجت!
جورج بعصبية نهض وأشار لأخيه: شو بدك.......بدي يوم واحد ما شوفك فيه........بدي اخلص من اخوّتك؟

مُراد نظر لأخيه ولحاله ولبعثرت ملابسه
اشمئز لا يدري لماذا؟ : ما تقدر .....اسمعني....أظن ديانا بعد مكالمتك لها انتحرت...
جورج بصدمة: شووووو؟
مُراد بجدية: الاوضاع كلمالها وتصعب علينا......أريد اسافر هسه لبريطانيا...
جورج حكّ جبينه : وكيف عرفت؟
مراد فتح الدرج الجانبي من مكتب أخيه سحب مبلغ من المال امام مرآ عين أخيه: اتصلت على امير....عالمود اأتفق ويّاه على مكان و وكـَت (وقت)مناسب حتى بكرا تكون المواجهة بس رد عليّ منهار ويبجي...

جورج حدّق في أخيه مطولًّا
واكمل: واظن نور بتلحق أمها

هنا صرخ جورج: مشان هيك بدك تروح....بدك تنقذ حبيبة قلبك...
مُراد لم يجيب على أخيه اخذ المال صرخ على أحدى الحراس لتجهيز طيارتهما الخاصة للسفر إلى ذنبه العميق!
...........................................
دخل المنزل ، لم ينظر لهاتفه وعندما نظر رأى انّ شاحنه قد نفذ
دخل وكانت الأصوات جميعها مرتفعة بين التساؤلات والتداخلات الجانبية
همس: السلام عليكم....
الجميع حدقوا به، البعض رد السلام والآخر اكمل بعد سلامة التوبيخ
لم يرى والده....فكانت والدته هي من كانت توبّخ سيف
تحدثت منفعلة: هذا هي حتى ولدك خذته.....يعني ما عاد لها رجعة.....كيف تبيني اطالع بوجه اخوي.....كيف تبيني ابرر له فعلتك الشينة........كيف تقول لزوجتك انه قلبك ما يمله غير غزل.....مجنون انت ولا جنييييييييت وخلااااااااص ما عاد لك عقل يفكر......ويحلل....ويفهم......هذا جزاتي .....هذا جزاتي انا.....انا الغلطانة.....كان المفروض....اخليك تعيش على سراب حبك يا وفي....
ثم ضربت على كتفه بقوة قائلة: حسبي الله ونعم الوكيل.....حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا سيف...
قصي نظر إلى وجه سيف....و جسّار ومن ثم عزام
كانت وجوههم باردة ، بينما وجه سيف محمر.....
ووقوفه بهذا الشكل والذي لا يدل إلا على الانكسار دعاه للخوف
تحدث بخوف: شصاير بعد؟........احد مات....
سيف نظر إليه بضعف وبنبرة سخرية: الجازي مصرّة على الطلاق....
قصي سكت
عزام بلل شفتيه وليخفف عن أخيه قال: اتركها بيت أهلها ......لين تهدأ وتكلم معها من جديد

سيف بنبرة قهر: البنت مجروحة.....مجروحة مني كثير....آثاريني قاسي......قاسي وانا ما نيب حاس على نفسي......الجازي تكرهني....وعمرها ما حبتني....عمرها ما حبتني...

ثم تركهم وصعد إلى جناحه

جسّار بانفعال: قلعته هو جابها لنفسه.......أجل فيه رجال بعقله يقول لها هالكلام.......وش مفكرها صخر ما يحس....

قصي أتى بالقرب منهم وجلس على الكنبة: يعني اعترف لها انه يحب غزل

عزام بخيبة: أي.....بس من ورا تريلات(يعني بطريقة غير مباشرة) وهي فهمتها على الطاير

ضحك بسخرية جسّار: اخوك مسوي نفسه روميو.....والفارس المغوار.....اللي لازم يوفي....خذ الحين حالته حاله وتو يحس على نفسه انه قاسي....وانه االلي في نفسه ما هو إلا عناد عشان أمي زوّجته من الجازي بدون ما تطق له خبر

قصي هز راسه بتأييد: هو عاند نفسه ما عاند امي.....وامي غلطانه يوم خطبتها له بدون ما تشاوره

عزام بجدية: الخبل خيّرته بين كذا بنت بالعيلة ومن ضمنها هي....وصارت تلمح له عنها كثير كلنا فهمنا إلا هو يعني ولا كان يتغيبا علينا؟

قصي بدفاع: لا كان في صدمة على اللي صار في غزل....وامي ما قصرت استغلت وضعه

جسّار اسند ظهره على الكنبة : طييييير يا شيخ.........والله لو انه ما خذ غزل ....لا كانت حياتهم ....اخس من كذا.....قال يحبها قال....
قصي بصوت شبه مرتفع: اكيد يحبها ولا ما كان ترك شغلة لفترة.......وسافر وترك البلد......وأمي ما مسكته إلا بسالفة هالزواج.....ولا كان هو لا هو متزوج ولا هو عايش بينكم......

جسّار ابتسمت بسخرية: أي برر له....مو انت بعد رابط سالفة زواجك بسالفته .......وجالس تبرر له كأنك تبرر لنفسك

قصي بصوت جهوري: وشدخللللل؟!
عزام بصوت عال: تذابحوا بعد......الحمد لله والشكر.....هجدوا بس......ولا تكبرون المواضيع ....ودخلون كل شي ببعضه.....شوفوا كيف امي منهارة....

قصي نظر لأخيه : امي حاسة بالذنب على بنت اخوها.....هي اللي تسببت بكل هالاشياء...

جسّار بانفعال: حلوووو!؟ والله.........حط اللوم انت واخوك على امي.....وهالتبن اللي صعد فوق ما عنده عقل.....ما يفهم كيف يتصرف بدون لا يظلم ويجبّر....ولا فاهم الرجولة بشكل ثاني....

صرخ هنا عزام : جسّار.....احترم اخوك مهما كان هو الأكبر فينا.....وسيف ماله حمل على كلامكم.....لو ينزل ويسمعكم الحين.....بزيد حالته أسوأ من كذا.......هو غلط....ما قلنا شي.....والبنت من حقها تختار الحياة اللي تبيها بس اخوك من صدم من اللي قالت له....

قصي مسح على رأسه مستغفرًا ثم اردف: هو قال وش قالت له؟

عزام : لا......بس واضح......عطته كلام من العيار الثقيل ما شوف حالته....

جسّار متحامل على أخيه: والله زين ما تسوي فيه......وزين انها متحملته........
ثم اطرق : وربي كنت اظنه ......حكيم...وبيعقلها مع البنت .....وبينسى غزل....بس طلع حتى لم جاب عبدلله....متعلّق فيها !

قصي نهض هنا: اكثر متضرر بهالسالفة هي الجازي....والله يعينها ....
ثم همّ بالصعود لغرفته ولكن اطرق جسّار: وانت ما فكرت بحل لهالبلوة اللي أنت فيها....

قصي لينهي النقاش: انا هالبلوة اللي فيها على قلوتك دامك أنت بعيد عنها ما راح تكبر

عزام تدخل بشكل سريع: شوف اخوك واتعض.....ولا تظلم البنت....
قصي بجدية: طلاقي منها ظلم بحقها.....يا عزام.....

جسّار نهض وبعصبية : يعني ناوي تعلن الزواج....

قصي : مادري.....بخلي هالشي للأيام ....

صعد على انفعال جسّار الذي بدأ بالصراخ: اقسم بالله ذول عايشين بوهم.........أنانيين......ما يحبون إلا انفسهم.....والباقي بالطقاق

عزام تنهد: جسّار قصر صوتك لا يعلى ....والله إن سمعت امي لتنجلد.....واترك عنك قصي....وما ظنتي هو صغير......خلها يعيش قراره وذوق مرارته!

وبطفش: لأني جد ملييييت.....من اني اعطي نصايح ولا احد يسمع ......فتركه لا تتعب حلقك ...ولا صوتك......

ثم خرج من المنزل وبقي جسّار يأكل بنفسه بحديث مطوّل مع الجدران!
.................................................. ................

ما زالت متوترة ، تعلم أن الامر لن يمر مرور الكرام على قصي
اتصلت على عمها واتضح أنه اتصل عليه ولكن لم يجيبه

أخبرها بانه آتي لأخذها إلى بيته ولكن رفضة لأنها تعلم لو فعلت هذا الأمر ستزيد الامر سوءًا لذا طلبته
أن يُعطيها رقم قصي وسجلته بورقة
وستتصل عليه بعد صلاة المغرب
شعرت بالخجل من فاطمة لأنها أطالت بالجلوس عندها، نظرت إلى الصغير النائم على الكنبة بهدوء وابتسمت
هل سيكون لها أطفال يومًا؟
طردت الفكرة من عقلها سريعًا ، هي اصلًا طفلة
وطبيعة زواجهما يرفض إنجاب الأطفال!
نظرت لهاتف فاطمة ترددت في أخذه والاتصال عليه
أتت على حين فجأة فاطمة وبيدها سجادة قائلة: مُهره حبيبتي ما باقي شي ويأذن لو حابة تدخلي الحمام .....تتوضي وهذي السجادة....عشان تصلي عليها

مُهره سحبت السجادة من يدها: مشكورة فطوم والله منحرجة منك مرا
فاطمة طبطبت على كتف مُهره: ماله داعي الاحراج حبيبتي......صدق اتصلتي على زوجك...
مُهره بتوتر: لا قلت بعد الصلاة بتصل
فاطمة : تمام
ثم ذهبت لناحية الصغير حملته ما بين يديها ، ثم دخلت به إلى غرفتها وهي تقول: واضح ولدي بخرّب نومه وبخليني اسهر الليالي معه

مُهره وضعت عباءتها على الكنبة مُنذ ان أتت لم تزيحها عن جسدها ابدًا ابتسمت: جلسيه بعد ما تصلين ....
فاطمة اردفت بصوت هادئ : وان شاء الله يتقبل يجلس عاد....
مُهره تنهدت ودخلت إلى الخلاء أقفلت الباب عليها
ماذا سيفعل بها ؟
هل سيعاقبها ، هل سيضربها ام يعتدي عليها؟!
لا تدري نفضت تلك الأفكار وارشحت وجهها عدّت مرات
خائفة من ردّت فعله
استغفرت بداخلها وسمعت صوت ارتفاع الأذان
فاطمأنت وبعد ان توضأت خرجت
وبدأت تشرع في الصلاة بعد أن ارتدت عباءتها وحجابها
وكذلك فاطمة اخذت تصلي في غرفتها تحت الإنارة الخافتة
بعد مرور ما يقارب ا الخمس او سبع دقائق فرغت من الصلاة اخذت تدعو الله ان يحنن قلب قصي عليها ولا يقسي عليها بعقابه
نهضت وجلست على الكنبة القت نظره سريعة على الحاجات التي شرأتها من (البقالة) كانت ستشاركها مع فاطمة ولكن فاطمة رفضت وقالت: خليهم لك ......وتسلي فيهم بعدين وخليك باللي أنا حطيته....

ابتسمت لها، حقيقةً ارتاحت لتلك الفتاة المرحة ......ومن الواضح أنها اجتماعية درجة أولى .....وتتقبل الناس بسرعة
حيث انها اخذت تلقي عليها بعض المواقف المضحكة التي حدثت لها في المراهقة وبداية زواجها بابًا للتغيير من توتر مُهره واخذت مهره تنسجم معها ، وحدثتها عن طفولتها
وتناست قصي وما قد يحدث لها فيما بعد!
سحبت الهاتف من على الطاولة تحدثت
بصوت شبه عالٍ: فاطمة بستخدم جوالك...
اتاها صوت فاطمة وهي تدخل الحمام: تمام ....حبيبتي.....خذي راحتك
اتصلت.....وكان للتو افرغ من الصلاة ......وركب سيارته بعد أن خرج من المسجد رأى الرقم دون اسم وتجاهله
وبدأ بالقيادة
فازدادت نبضات قلبها تريد ان يجيبها قبل فوات الأوان
اتصلت مرة أخرى ...
لم يجيب عليها إلا في الاتصال الخامس!
يا الله ما اقسى هذا الشعور التي خالجها
عندما سمعت صوته يقول: نعم......
ازدادت اضطرابات أنفاسها، وخشيت من صوته الرسمي
تحدث: الو......مين معي؟
تعرّق جبينها ووضعت يدها على قلبها تريد أن تهدأ عواصفها
فقالت: الووو......أنننننا.....مممُهره....
تعجب قصي وقوّس حاجبيه نظر للرقم للتأكد
وتأكد أنه ليس رقمها!
لذا تحدث بصوت غاضب: مهره؟........وش هالرقم اللي تتصلين علي منه؟!..........رقم مَن؟

مُهره اجتمعت الدموع في عينيها ولأنها لا تريد إطالة الأمر قالت: قصي انا في ورطة....
هنا ضرب (بريك) قوي وكاد يصطدم بالسيارة التي أمامه شتمها بصوت مسموع: وش مسوية من مصيبة يا ام المصايب!؟

مُهره نهضت وجسدها بدأ يرجف تحدثت بتردد: طلللعت البقالة اشتري لي شيبسات....ونسيت عن ما خذ مفتاح الشقة وجوالي
سكت هنا قصي وبدأ يقود سيارته متجهًا للحي التي تسكن فيه
شتمها مرةً أخرى ولعنها قائلا: يا الغبية.........وش هالغباء وليش تطلعين حسبي الله.....
ثم سكت ...ليردف بعدها صارخًا: الله ياخذك وافتكككككككك منك....وينك الحين فيه؟
مُهره ظهرت منها شهقة خوف منه: هأأأأأ......في شقة جارتنا.....أم أحمد....

قصي ضرب بيده على المقوّد وصرخ : أجلي بكاك لين اجي عشان اعلمك كيف تبكين.........يا غبيييييية....

ثم اغلق الخط في وجهها واخذت تبكي بلا صوت ، خائفة مِن عقابه ....آه.....خرجت منها ببطء ...ضائعة تشعر بفقد الأمان وهي كانت تجده ما بين يديه رغم قساوة عينيه .....وحديثه والآن لم يعد هناك امان في حضنه ....اصبح قاسي....قاسي لدرجة أصبحت لا تعرفه .....هل سيشفع حديثه معها بالأمس ويخفف وطء العقوبة عليها هل سيغفر لها؟!

سمعت صوت باب الحمام يغلق مسحت دموعها سريعًا والتفتت قائلة: فطوم زوجي راح يجي....

فاطمة بحنان: قلت لك موصاير شي والحين بيجي بيعتب عليك بس....وبعدها أمورك تمام.....لا تخافين
مُهره اخذت نفس عميق وابتسمت وهي تخفي خوفها وبكائها
ورجفاتها حتى
.................................................. ..............
مُنذ ان خرج وقلبها ينزف قهرًا منه ، لماذا وافقت عليه؟! لم تتذكر انها نطقت موافقة ولكن اصحبت خجلة لدرجة ظنوا انها موافقة عليه
ولكن الواقع هل هي كانت موافقة عليه؟!
هي لم ترفضه ولم توافق عليه
فكرة الزواج منه او من غيره كانت مقبولة لديها
وغير مهمة
ربما هذا يتعبر تناقض بين القبول والاهتمام ولكن هكذا كانت تشعر لناحية الزواج بشكل عام
الجميع شجعها على الموافقة عليه لأنه ابن عمتها ، ورجل طيب ذو خلق ودين
وبه الصفات التي تتمناها كل فتاة
ولديه وظيفة رائعة وإنسانية
ولكن ماذا حدث بعدها؟!
تشعر بنزف آخر نزف مؤلم في اسفل بطنها.......غير النزف التي تنزفه من قلبها
هل حان ميعادها الآن؟
يبدو انها تقدمت أيامها ...دخلت الخلاء.....ازاحت من على جسدها الملابس لم تستطع الاستحمام فالألم شلّ حركتها فجأة لذا ارشحت وجهها بماء دافىء فقط لتمنع نفسها من شعور الإغماء!
لفّت على نفسها المنشفة ثم خرجت
توجهّت لدولابها أخرجت ملبسًا بعشوائية ارتدته وهي تتأوّه ثم
استلقت على السرير
واخذت تتلوّى ألمًا من بطنها
لِم هذا النزف؟
يشبه نزيفها في بداية الولادة!

هل من سوء نفسيتها ولا سوء تغذيتها في الأوان الأخيرة لا تعرف؟!
حاولت أن تشد من ازر نفسها
مشت وهي تترنّح يمينًا ويسارًا
كانت ترتدي جلابية سوداء ذات اكمام طويلة ولكن بقماش خفيف مناسب لفصل الصيف.......ارتدت هذا اللون الكئيب ليغطي نزفها وألمها وحتى خذلانها!
فجأة قلبها بدأ يخفق ، وبدأت شفتيها ترجفان
هي تشعر بالبرد والحر في الوقت نفسه!
ما تحدثت به اليوم كان صعبًا ، وما اخبرت به سيف كان قاسيًا عليها لذا هي تدفع ضريبة مشاعرها وقولها الآن

نزلت إلى الدور الأرضي سمعت صوت والدها يحدّث بندر بخصوصها وبخصوص زوجها
فابتسمت بسخرية على حالها كادت تسقط ولكن مسكت بأسوار عتبات الدرج
وانحنت للأمام من شدّت الألم ولكن لن تتهاون في قرارها ولن تتنازل عنه
نزلت ورأتها نوف التي خرجت من المطبخ وهي تحمل بين يديها عبد لله : الجازي....شفيك باسم الله عليك.....محتاجة شي؟
الجازي نظرت إلى اختها ببرود ثم بحلقّت بعينيها في عين طفلها وسريعًا اشاحت بنظرها عنه لا تريده ان يذكرها بوجه ابيه!
خافت هنا نوف من أنّ الجازي فقدت عقلها حقًّا واصابها الجنون !
تقدمت لناحية والدها واخيها
تحدثت برجفة صوتها: يييبه.....
بندر نظر إلى اخته وإلى شحوبها المفاجأ
ووالدها نظر إليها بحنية: ما ودك تبردين قلبي وقولين وش صاير بينكم؟
نظرت إليه بعجز، ينتظر منها املًا في ان تكون المشكلة التي بينهما بسيطة ولكن هي اكبر مما يظنون
تحدثت بتعب والتقلصات بدأت تزداد اخذت نفس عميق: يبه ابي اخلع .....ٍسيف
نوف توتر من ردت فعل ابيها وبندر الذي نهض
تحدث والدها: نننننننننعمممممممم جنيتي يا الجازي ما عاد لك عقل؟
الجازي كانت ستتحدث ولكن شعرت بدوران في رأسها
ودارت عينها كالمغشي عليه وطاحت على الأرض
وصرخت نوف بخوف وهي تشد على الصغير لكي لا يسقط من يديها: الجااااااااااااااااااااااااااازيييييييييييي
.................................................. .............
انتهى
.....................


اتمنى لكم قراءة ممتعة

ولا تبخلون علي من تفاعلكم وتقييمكم


والبارت الجاي إن شاء الله بكون يوم الأثنين





 

رد مع اقتباس