عرض مشاركة واحدة
قديم 06-27-2020, 06:19 PM   #36
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي




البارت السابع والعشرون
.
.
.
.







.
.
.
.
ما تفكّر به قد يحدث!
فلسفة عقلية
تُدخل في تفصيلات العقل الباطن وكيفية ترجمته لكل ما تفكّر به وتؤمن!

.
.
.
هل اثبت يوسف هذه النظرية ؟
هل حقًّا جذب إليه ما يفكّر به...
.
.
هو اصبح يُسرف في النظر إلى صورتها قبل خلوده إلى النوم
يحدثها سرًا يطلب منها السماح ألف مرة
قبل ان تغمض عيناه
يهمس لها حُبه الأبوي وعشقه قبل أن يخدر لسانه ويخضع للسكون
.
.
كانت مسيطرة عليه ، كانتقام لِم فعله بها طيلة هذه السنوات
شتت انتباهه من جديد وجعلته لا يفقه شيء مما يفعله في عمله
امرضت قلبه بسبب اشتياقه لها...وعصرّت بيديها عقله من شدّت تفكيره بها....
بالمختصر اصبحت تتردد في كوابيسه قبل أحلامه لتوقظ مارد الضمير الخامد بداخله
.
.
رجفت شفتيه....نظر للوجوه التي تبدّلت إلى خوف بالنظر إليه
حاول الوقوف على رجليه وهو يحاول لفظ اسم احقر مخلوق على وجه الأرض
تقدم لناحيته أبا خالد
وكذلك أبا سلطان والبقية
تحدث أبا سيف بخوف: يوسف شصاير؟
.
.
يوسف ترقرقت الدموع في عينيه
لماذا اتصل هو؟
هل ماتت نور لذلك اتصل
ماذا حدث من تطورات كي تجعله يتصل به ويتوصل إليه
والاهم كيف استطاع الوصول له
اسالة تدّق الرأس بالأفكار التشاؤمية
والسلبية.....جعلته يترجف .....ويتعرق جبينه ....ويتخطف القلق وجهه بشكل ملحوظ....هل اتاك الموت يا نور؟
هل اودّع السلام من بعدكِ؟
هل ابدأ بالنيّاح والعويل؟
هل اوبّخ الذات على ما فعلته بكِ؟
هل اصرخ في العالم انني ظالم؟
.
.
تقدم سعود: يبه.......مَن المتصل؟
بو خالد
خشي على أخيه .....على تصلّب شفتيه وعجزها على النطق....على منظر ارتجاف جسده......ودهشته المخيفة للقلوب...
سحب الهاتف من يده ....
واجلسه أبا سلطان على الكنبة
ليقول سيف: افتحوا النوافذ والباب
مشى قصي لفعل هذا الامر
فيوسف بدأ يتنفّس بصوت مسموع....ووجه مخنوق
اما أبا خالد رد على المتصل: الو مين معي؟

أمير سمع أصواتهم ....كصوت غريق في قيعان البحر ....وبالكاد يصل لمستمعي من هم على الشاطئ !
ولكن سمعه
واغمض عينيه...وبلل شفتيه...
تنفّس عدّت مرات ليُجرّأ نفسه بذكر اسمه لهذا الشخص الذي لا يدري من هو
يشعر انه يبذل جهد صعب عليه وثقيل
ولكن حان موعده
: معك أمير.....زوج ديانا......
أبا خالد نظر لأخيه كلمح البصر....ورآه يهمس وهو يشد على فخذيه
: نورة.....
ازدرد ريقه أبا خالد وخرج من المجلس
والتفتت عليه الأنظار
فقال عزام: خالي اهدأ.....
ناصر اخذ يفتح اول (الازارير) من ثوب ابيه وهو يقول: يبه لا تضغط على نفسك....تكفى يا الغالي.....

سيف بهدوء: بعدوا اشوي...عطوه مجال يتنفس....
.
.
.

أبا سيف خرج وقلبه يشدو الحانًا.....من الخوف
نظر لأبا خالد وهو يتحدث بكل غضب وعصبية وصراخ
: لك وجه تتصل بعد عشرين سنة من سواتك الشينة؟.....تبي تموّت اخوي انت...ما كفاك اللي سويته؟.....وش اللي خلاك تتصل....شصاير ؟......قتلتوا البنت؟...ضيعتوها؟...دمرتوها؟

أمير اغمض عينيه لتسقط دموعه تحت انظار مُراد الذي لم يعد بيده شيء يفعله
حقًّا هو دمرها وقتل روحها

تحدث بثبات وبداخله عواصف تأخذه يمنةً ويسرى!: خيي......نور عايشة....بس محتاجة إلكون.....بليز...خبّر يوسف بهيدا الشي....خليه يجي على أمريكا بأسرع وئت.......


صرخ أبا خالد: ألاعيبك هذي ما تمشي علي....اكيد عرفت انه يدوّر عليها....والحين تبيه يوقع في الحفرة اللي انت حفرتها له......

أبا سيف أشار له ان يهدأ
بينما امير قال: قلت لك........خليه يجي أمريكا.....نور بحاجتكم....امها انتحرت....وعرفت بكل شي........عرفت الحقيقة......مو قادر اسيطر على ولا شي!

أبا خالد صُعق من خبر انتحار والدتها .....عقد حاجبيه
وقبل ان يتسرّع في الرد
قال أبا سيف: كلمه بهدوء
هز رأسه ثم قال: برسل لك رقمي الحين........وبتصل عليك بعدها باي
ثم نظر للرقم .......ارسل رقمه .....وسريعًا دخل المجلس وتبعه أبا سيف
هنا وقف يوسف بعد ان استوعب كل شي
اقترب من أخيه
وبانهيار: بنتي غازي...بنتي؟....عايشة ولا ميتة؟

نظروا لوجه أبا خالد
ازدرد ريقه: عايشة....
أبا سلطان لم يتحدث ولم ينطق كلمة واحده لكي لا يزيد الامر سوء بأسالته
وكذلك الشباب
أبا ناصر بصرخة فقد فيها اتزانه : اجل ليه متصصصصصصصصصصصل هالكـ....
بو سيف اقترب منه: اهدأ يا بو ناصر.....البنت ما فيه إلا العافية .....
بو ناصر نزلت دموعه على خديه: تكذبون علي.....مستحيل يتصل علي عشان...
قاطعه أبا خالد: متصل عشان أمها انتحرت والبنت....عرفت بكل شي......ومنهاره......وواضح فاقد السيطرة على كل شي....
بو سلطان بحذر: يمكن يكذب ومسوي فخ....
سعود بحقد: ان شاء الله يلحقها هو بعد.......
ناصر رمق أخيه ليسكت....
بو خالد بعجز: مادري اذا صادق ولا لا.....انا لازم اسافر قبلكم اشوف الوضع......
بوناصر : لالا بسافر معك ماقدر انا اظل هنا ....ما اقدر...
بو خالد بحكمة: لا تستعجل يا خوي...
ثم نظر لخالد: خالد شوف لي الحجوزات.....ابيك تحجز لي الليلة.........على اقرب وقت ممكن....
خالد الضائع في حديثهم وتصرفاتهم: طيب...
ثم أشار لسعود: بلغي حجزك
سعود : عميييييي..
قاطعه بصيغة امر: هالامور ما يبي لها طيش.....اجلس عند امك واختك....
سعود كان سيتحدث ولكن عزام لكزه وهو يهمس: خلاص سعود صل على النبي...
سعود زفر ومسح على رأسه
فقال أبا ناصر: غازي.....احلف لي انها عايشة....احلف لي...

بو خالد اقترب من أخيه قبل رأسه ومسك كفي يده ليردف: اقسم لك بالله العظيم.......قال لي عايشة....ما فيها شي....بس من زود خوفي عليك.....ابي اروح اشيّك على الأوضاع قبل.....تطمن......تطمن يوسف....وشد حيلك.....تقوّى وانا خوك....
هز رأسه
بو سلطان نظر لقصي: قصي جيب ماي لخالك....
هز رأسه وذهب لناحية الطاولة لجلبه....

جسّار همز لناصر: نويصر علمنا بالسالفة صايرين مثل المجانين وقلوبنا بدأت تضرب شوط خوف....

لا يتغيّر أسلوبه حتى في المواقف الصعبة
ابتسم ناصر رغمًا عنه وأشار له وللبقية يخرجوا حتى سيف....

وحينما اصبحوا في الخارج قريب من المجلس
تحدث: ديانا خانة ابوي......وخذت بنتها بتلفيقها لكذبة طويلة عاش ابوي مرارتها...
سيف بجدية: شلون؟
قصي : الحيوانة......كيف كذا....وليش ما درينا من اول....
عزام : لحظة لحظة .......شلون اخذتها منه .....والاهم شلون هو تنازل عنها...
جسّار : الله لا يرحمها......جننت خالي ......
خالد : يعني عمي كشفها وقتها ولا كيف صار كذا...
بندر نظر لهم: هدوا اكلتوه بالاسئلة
بندر بانفعال: الكلـ.....خانته مع اللي داق على ابوي أمير.......
عزام بصدمة: عشان كذا....خالي انصصصدم.....حسبي الله عليه......
جسّار بانفعال: وعليها...
سيف: كمل ناصر
ناصر حك ارنبة انفه: شككوه انه نورة مو بنته.....وسوى تحاليل ....واخفوه عنه ....هذا اللي فهمته من ابوي.....
بندر بغضب وانفعال اطلق شتيمه قوية بحق ديانا....
فقال خالد بغضب: حسبي الله عليهم ...جنننوا الرجال....
عزام بجدية: ليت خالي دخلهم في سين وجيم.......ووقفهم وقتها عند حدهم...
جسّار اكمل: واضح خالي وقتها مو في وعيه من صدمته....
بندر: شي مو سهل...الخيانة مو سهله....الله يلوم اللي يلومه......
خالد نظر لناصر: والحين كيف عرف انها بنته....
ناصر هز اكتافه: تقدر تقول انبّه ضميره....بوقت متأخر....و
قاطعه سعود بغضب: أصلا واضح يفكر فيها طولة هالسنين ...بس يخبي علينا...والحين مع كبر سنه....ما قدر يتماسك اكثر....
عزام مسح على رأسه: حسبي الله عليهم.....
قصي بصدمة : وله وجه يتصل عليه يبي يجلطه الله ياخذه.....
سيف : ناصر....عمي.....لازم يداوم على علاجاته.......وتبعدونه عن أجواء الضغط رغم هالشي صار مستحيل .......والافضل انه ما يسافر......حالته الصحية ما تسمح...
سعود بقلق: ابوي ما راح يوافق.....
سيف بجدية: عارف.....بس وضعه اقولكم ....ما يطمن....
ناصر: مادري والله شسوي انا احس مختبص من هالسالفة.......
قصي اقترب منه وطبطب على ظهره: هونها وتهون...
عزام نظر لسيف: شلون يعني وضعه ما يسمح....
سيف نظر لأخيه: الجلطة اللي جاته قبل......لها آثار جانبية حتى لو طفيفة.....واخاف مع هالضغوطات....يـ...
قاطعه جسّار ليخفف عن البقية: لا ان شاء الله مو صاير له الا العافية...
عزام : تعالوا بس...صلوا على النبي...ودخلوا اجلسوا.....مو صاير الا كل خير...
خالد اقترب من ابن عمه ناصر وطبطب على كتفه
وكأنه يخبره
أن كل شيء سيصبح بخير اهدأ
.
.
.
لا يعلم إلى اين يأخذها......إلى اين يستقر بها....وضعها على المقعد الامامي ...وارجعه للخلف لتستند عليه
لم يسمع لها صوت بكاء....انهيار....كانت مستلقية تنظر للنافذة بعنينين جاحظتين.....تشد بقبضة يدها على ملابسها.....تتنهد بين الفينة والأخرى
ينظر إليها ...وهو يفكر إلى اين يذهب....تذكر منزل جدّته المتوفية .....لم يكن قريب منهما بل يحتاج للوصول إليه ساعة تقريبًا!
فسلك طريقه
ولكن أوقف سيارته جانبًا لشراء ماء
ثم عاد وقبل ان يحرك السيارة مدّه لنور
: take it
نظرت إليه ثم هزت برأسها انها لا تريد
لا يريد ان يزعجها اكثر....سمع رنين هاتفه ولكن لم يُجيب عليه
أما هي اغمضت عينيها ......تذكرت ملامح وجه والدتها
عقدت الحاجبين بطريقة تدّل على وجع قلبها.....تذكرت حديث والدتها
تذكرت رسمتها لها .....تذكرت كل شيء....حتى أنانيتها...
لماذا هربت؟
كانت تتساءل لماذا فعلت بها كل هذا
ازدردت ريقها.....بكت .....بصمت....ولكن بدموع ثقيلة.....
تشعر بالوحدة وبالخوف......تشعر بالخذلان ......تشعر انها الآن ادركت معناه الحقيقي.....خبر انتحار والدتها.....لخبط مشاعرها كليّا.......لو لم تنتحر وعلمت بالحقيقة لكان سامحتها
لأنها لم تتخلّى عنها بسهولة كما فعل يوسف
ولكن الآن لا تستطيع ان تسامحه على الكذبة ولا على هروبها؟!
لو كانت عزيزة حقًّا على يوسف
لتمسك بها......تشبث بيدها وهي تلوّح له
قبل خروجها من الغرفة ولكنه لم يفعل؟
لم يُبدي لها حُبه الأبوي في الصورة الأخيرة التي تذكرها
عاملها كطفلة غريبة عليه...ولكن لم تدرك وقتها هذا الامر
ادركته الآن وتجرعت مرارته....
زادت نبضات قلبها.....وزاد تعرّق جسدها......خائفة!
جميع من وثقت بهم ....هدموا هذه الثقة ....بقساوة....
بمن تثق؟ وبمن تُسند نفسها عليه؟
لا أحد

وهي لا تريد احد...تريد العيش بسلام دون وجوه منافقة ومخادعة ....لا تريدهم .....يكفي...ما تجرعته منهم.....

بينما ماكس كان ينظر لتقلب وجهها...وحالها.....وينظر لطريقه....
اغلق هاتفه بسبب الرنين المستمر.....
.
.

مُتعبة .....تشعر بالثقل.....بطنين صوت والدتها.......تشعر بيديها تطبق على جسدها...تحتضنها......تشعر بهمساتها......
انكمشت حول نفسها...وبكت بصوت وهي تكرر: خلاص وخري عني وخري
نظر إليها هنا ماكس بخوف: نور.....اهدي.....
نور فتحت عينها ونظرت إليه بعينين دامعتين: ليش خذت جوازي؟
ماكس سكت وركّز بطريقه وشد على مقود السيارة
أكملت بهذيان: ليش تكرهوني كلكم؟

تحدث وهو ينظر للأمام: ساعات لم نحب حدا....من كتر حُبنا لألوه ....نوجعوا بدون ما نحس.....
نور بكت بصوت ...تشهق ...تبكي....تهذي......تضرب على فخذيها وقلبها بوجع
وهو يستمع لها....وبعد وصولهم.....نزلا من السيارة .....نظر لكل المفاتيح المعلقة في المدلية
لا يعرف أي واحد منهم تابعًا لباب جدته....ولكن جربهم جميعًا إلى ان فتح الباب
وأشار لها بالدخول.....نظرت للبيت بطرازه القديم.....نظرت للغبار الذي يغطي الأرضية....للأثاث الذي وضع عليه غطاء ابيض.....
اغلق ماكس الباب.....ثم قال
: دخلي....
فتح الانوار......ورآها خافتة ....لا تنير ارجاء المكان كلها...ازاح الغطاء من على الكنبات
فاردف: راح جيب صوفيا تنظف المكان بكرا....
مشت ورمت بنفسها على الكنبة التي تشبّعت من الغبار ولكن لم تهتم نور
تحدثت بهذيان وعدم اتزان: ماكس...عندك شـ...
ذكرت اسم شراب مما حرمه الله
نظر إليها ماكس
فهم انها عادت للتخبط وعليه ان يراقب افعالها
تحدث وهو يزيح بقية الاغطية: من اسلمت ما اشرب...
هزت رأسها بتفهم دون وعي منها....
نهضت وهي تترنح يمين ويسار بسبب خوفها ورجفتها ....وتخبط مشاعرها.....
: بروح اشتري واجي...
وقبل ان ترفع قدم رجلها لتخطو خطوة واحده
امسك بزند يدها
ونظر لعينها: نور......الشراب ما راح يحل لك مشاكلك.....
نظرت لعينيه .....لثباته......لتحديقه بها بحدة نبرته وكأنه يوبخها....
سحبت يدها منه.....ثم ولّت بظهرها عنه
لتردف : مالك دخل فيني...

ومشت متوجّه للباب ولكن لحقها وامسك بها من جديد....
ولكن هُنا نور تجرّدت من صمودها......من هذيانها لتترجمه بهذه العواصف....
سحبت يدها منه........صرخت في وجهه......: قلت لك مالك دخل فيني ......وخر عني.....
فتحت جزء من الباب ولكن ماكس لا يريد من جنونها هذا الاستمرار حتى الغوص في وحل الخراب....ظنًا منها انه طريق سليم ...وطريق لنسيان....
سحبها من يدها بقوة ...ليبعدها عن الباب.....وبسبب ضعفها سقطت على الأرض اقفل الباب ووضعه في جيبه.....
ثم مشى من أمامها وكأنه لم يفعل شي....
يعلم انها سترد عليه ...هي الآن تراه منفذًا لِم بداخلها...
لا يوجد امير ولكن يوجد ماكس
لا توجد ديانا ولكن يوجد ماكس
لا مكان لوسف
ولكن هنا مكان ماكس!

ارتجف صوتها واخذ صدرها يهبط ويرتفع بشدة
تشعر بكرههم....وتشعر بكرهها لهم.......بكت بدموع ثقيلة ونهضت هنا سريعًا .....وجمد الدم في آخر أنفاسها!
شعرت بدوران شديد.....وغشاوة على عينيها مع لحظة مؤقتة من فقدان الرؤية ......وقفت مكانها....سكنت ......امام ضعفها....إلى ان أصبحت رؤية ماكس بالنسبة إليها واضحة
فذهبت لناحيته
وبلا مقدمات مدّت يدها على مخبأ الجاكيت الذي وضع بداخله المفتاح
ولكن امسك يدها سريعًا
واردف بهدوء: ما راح تشربين....

يُعاندها.....وهي في حالة هيجان....يُعاندها وهي في اشد حاجتها لتفريغ غضبها
دفعته بقوة ولكن لم تأثر به دفعتها ثم صرخت هنا وبكت في الآن نفسه.....تشعر انّ الكون كله ضدها.....تشعر انّ ايادي كُثر تمتد على عنقها لتخقنها
تريد والدها.....تريد والدتها رغم ما فعلته بها...تريد ان تحضنها....تهمس لها
(سويت كل شي عشاني احبك)
تريد ان تصدّق الكذبة ......من اجل ان ينزاح عن قلبها هذا الثقل
تريد ان تعود للوراء
تعود قبل ان ترى بهاء الدين الكاذب.....تريد ان تُمحي من ذاكرتها آلامًا عدّة
أهمها آلام الوحدة والولادة!
تريد ان تعود لغرفتها البسيطة....في مدينة الرياض في ذلك الحي....الذي احتفظ ببقاياها ....الذي يصرخ بطفولتها العَذبة بسبب تعامل والدها لها بكل حنيّة وأبويّة مثالية .....
صرخت لكل هذه الذكريات.....صرخت وبكت ....بانهيار ......
الحُب.......الذي عاشته......العشق الذي لا مس اطراف قلبها.....النظرات التي اشعلت نيران الهُيام في خلايا عقلها.....جميعها كذب....جميعها خداع....
الاحتضان......الطبطبة على الجِراح.....الهمسات الابوية.......وقبلات الأمومة......بُنيت على كذبة...تجرعّتها لمدة الواحد والعشرون سنة!......عاشت في تذبذب ديني...اجتماعي...معنوي بسبب كذبة......كذبة واحدة.....باعدت بينها وبين موطنها الأصلي آلافا من الاميال!.....باعدت بين قلوب احبتها بكل براءة .....كيف تعيش؟ كيف تستمر في العيش الآن....

انانية البُعد وقصته استمرت وخُتمت بانتحار عنيف......ركلت الطاولة الخشبية.....فقدت اتزانها....
كُل شيء بدأ يتدفق أمام عينيها
صراخ والدتها
الدم الخارج من تحتها...
ضرب يوسف لها...
اخيرًا
حصة ووضع يديها على عينها لتمنعها من رؤية الباقي
صرخت بوجع وهي تضرب على قلبها

لا تتوقف الذكريات تستمر في لحظة الضعف والانهيار....تستمر لتفلق قلوب عديدة
تذكرت حبها .....الحُب الذي عاشته بصدق...حتى انها سلمّت روحها وجسدها له!
الحُب الذي اخرجها من الظلمات الى النور
ظلمات الضياع إلى نور السكينة والهدوء
تذكرت همساته
:احبج هواية نور
تذكرت لمساته الحانية لتخفيف جراحاتها وهي تعاتب الجميع وقتها
تذكرت احتضانه...تذكرت نظراته التي تستمد منهما قوتها....
لم تتحمل هذا التدفق من الذكريات
ضربت على الأرضية بوجع
عاشت طيلة حياتها في كذبة........كذبة ادّت بها إلى الكثير من الاوجاع....كذبة جعلتها تلد طفلة صغيرة .....تريد ان تحتضنها ولكن خائفة من ان تقترب فتحرقها!
كذبة جعلتها تقترف الكثير من الخطايا عنادًا لديانا
كذبة جعلت ظهرها منحنيًا ......لفروقات ...كثيرة ....
فروقات التفكير.....والعادات والتقاليد.....والتعاليم الدينية.....
هذا الكون اظلم ......معتم.....ومخيف...تريد الهروب منه....تريد النجاة من هذه الذكريات ...ومن عتمة المكان...صرخت ....وهي تضرب برأسها على الجدار ......
بينما ماكس...دمعت عينيه....يريد منها ان تبكي...ان تفرغ ما بداخلها ألا تكتم اوجاعها لكي لا يزداد الامر سوء
ترك لها المجال...ولكن خشي عليها حينما رآها تؤذي نفسها دون وعي منها
اقترب منها وحاول ان يُمسك يديها بحركاتها العشوائية
بينما هي كانت تعيش في مرحلة استرجاع شريط حياتها بصورة توضّح لها سذاجتها بتفكيرها السوداوي
تشعر بالسذاجة والخداع انها قبلت ان تعيش كل هذا
رغم انها في الواقع لم تتقبله وفعلت الكثير من اجل تغييره ولكن لم تستطع
ضربت بيدها على قلبها وهي تتذكر حبها
وخضوعها لبهاء
هذا الامر حقيقةً يوجعها بشدّه لأنه قرارها الوحيد الذي اتخذته هي وبالأخير اصبح قرار خاطئ
تشعر بكرهها لنفسها حينما جعلته يقترب منها ويهدم جميع الحدود معها
تذكرت نبرة ابنتها....لمساتها على ساقيها......فحركتهما بسرعه وكأنها تريد ان تبعدها
ولاحظها ماكس هنا وعقد حاجبيه
كانت مغمضة لعينها تبكي بجنون
لا تريد ان تعيش سندرا او كما اسماها والدها بـ رتيل ما عاشته
لا تريد ان تعيش قصة مشابه لها....لا تريد ان تكون سببًا في اوجاعها......لا تريد منها ان تحبها واو تكرهها ...لا تريد كل هذا
ولكن صوت سندرا يتكرر
: ماما......ماما.......ماما....ماما...
وضعت يديها على آذانيها تخبئها
اخذت تتخيّل صوتها على صورة عتاب لتردف لها
: ليش حاولتي تموتيني؟!
بدأت تتخيّل انّ ابنتها تلومها على محاولاتها في اجهاضها...في الخلاص منها....في ضربها وهي في بطنها...في...
.
.
تذكرت تلك الحادثة جيّدًا وهي في غرفتها قبل ان تُحتجز في المستشفى....قبل ست سنوات...من الآن .....
حالها آنذاك يشابه حالها الآن....كانت تعتصر آلمًا ووجعًا
تبكي لماذا بهاء الدين (مُراد) فعل بها كل هذا
هو احبها
اهداها الحياة
لماذا الآن تخلّى عنها بهذه الصورة البشعة ؟
أقفلت الباب على نفسها ونظرت لبعثرت المكان .....الناجم عن انهيارها وضعت يديها على بطنها ...تتحسس النتيجة التي آلت بها لهذا الجنون .....اخذت شهرين ......وهي تسكن بداخلها سندرا .......شهرين من البكاء....المستمر....والنحيب المزعج.....شهرين من حاولات التخلّص منها......
نظرت للسكين التي بيدها.....تسمع صراخ الجميع ...تسمع طرق الباب عليها
تسمع والدتها ديانا تكرر: بنتي نور....بليييييييييز افتحي الباب....نور......نور......

كانت مستمرة في التحديق للسكين......دموعها تنساب بلا توقف...عقلها....يترجم حديثه الأخير إلى أمور كُثر عجزت عن تفسيراتها...
وضعت السكين على معصم يديها.......
زادت الضربات على الباب
وزادت نبضات قلبها.....
سمعت ديانا تحدث امير الذي دخل للشقة للتو
تصرخ: نور راح تموّت حالها......
ركل امير الباب
اما هي سريعًا ما جرحت يدها.....
نظرت للجرح.....ثم لأرجاء الغرفة......فتاة....مراهقة....مبعثر كيانها...كرهت الحياة....فكرّت بالانتحار مرارًا وتكرارًا ولكن لأوّل مرة تجرؤ على فعله الآن....خافت عندما رأت الدم
جثلت على ركبتيها...بكت....صرخت......
امير ما زال يركل الباب
الى ان انفتح على مصرعيه ليضج المكان بصوت والدتها: نوووووووووووووووووووووووووووووووووووووور
.
.
.
هي من فكرّت اولّا بالهروب....هي من فعلتها قبل ان تفعلها ديانا...ولكن لا تجرؤ على ان تُسهب في هذه الاحداث ولكن ماذا حدث لها الآن....بدأت تتذكرها بأدق التفاصيل.....
كانت تبكي منهارة ...تنظر لمكان الجرح الذي بهت لونه.......
هزها ماكس يريدها ان تفيق على نفسها.....
كانت تصرخ من أعماق قلبها وهي تضرب على بطنها.....
شد على يديها وثبتهما على بطنها ليمنعها من الحركة

سكنت هنا...وهي تنظر لزاوية من زوايا المكان....دموعها عالقة على طرف رموشها.....
شعرها الطويل تبعثر على اكتافها ......ليعزيها على هذه الذكريات....
شفتيها ترتجفان بخوف......جفني عينها لا يتحركان ثابتان.....
حرارة جسدها ارتفعت .....
ماكس اقترب اكثر منها...مسح على خدها
كسرت خاطره.......خاف عليها ان تجن
كرر: اهدي....نور.....تسمعيني.....اهدي.....
تنفسها مضرب....افكارها مشتتة....عينيها لا تتحركان.....صوت ديانا يضج في خلايا عقلها
صورة الدم تتدفق امام عينيها...
تداخلت الذكريات في بعضها
لتتذكر
بشكل سريع......قبلتها الأولى......مشاعرها الصادقة...احتضانها للحياة من جديد
صوت بهاء
: انسي نور انا معاج ....مستحيل اتركج لحالج.....نامي.....نامي...

نامت عن ظنونه.....وغفت عن خبث تفكيره.....
احترقت نور بآخر ذكرى لها
مع ابيها في الغرفة قبل ان تأخذها والدتها منه
وهي تلوّح له تودعه
هذا الوداع الذي استمر إلى عشرون سنة
هذا الوداع الذي كتب لها ان تتجرّع أمور كثر...
هذا الوداع الذي مزّقها إلى أشلاء.....هذا الوداع الذي ظنّته مؤقتًا .....
تداخلت صور في ذاكرتها .......لترجف قلبها وجسدها
يوسف....حصة...ناصر.....اخيها الصغير....جدها ....جدتها.....افراد من عائلتها نست أسمائهم......
هزها ماكس يريد منها ان تستعيد وعيها ......ترك يديها لتسقطا على حجرها بلا مقاومة ......
خشي عليها هنا......امسك وجهها بيديه.....حدّق في يعيناه اللتان تنظران للماضي......نظر للمعة الحزن
تحدث: نور.....انا معاك......لا تخافي......
سمعتها بنبرة بهاء
كررها هذه الجملة عليها طوال زواجهما
نظرت لعينيه......تنفست بضيق......شعرت انها ستفقد وعيها....ولكن شدّت بيديها سريعًا على طرف جاكيت ماكس....
تعلّقت في اطراف آمال الحياة.......
وهي ترتجف.....بكت
وهي تردف له: خدعوني.....خدعوني...كلهم....كلهم...

ازدرد ريقه.......لا يدري كيف يخفف عنها.....ولكن كل ما فعله ...احتضنها دون ان تبادله هذا الاحتضان......
بكت في حضنه....واستمر هذيانها....إلى ان حملها...ووضعها على الكنبة ....وجعلها تستلقي عليه ...ولكن نور استلقت على جانبها الأيمن ...وانكشمت حول نفسها....
اغمضت عينيها....ابتعد ماكس يبحث عن لحاف يغطيها به ووجد.....ثم عاد ووضعه على جسدها الذي يرتعش....
ثم جلس على الأرض بالقرب منها
مسح على شعرها بهدوء واخذ يطبطب على كتفها....
فتح هاتفه بنفس اللحظة وانهالت عليه الرسائل
ولكن لم يقرئها ارسل لمراد
(طمن امير نور بخير)
ثم اغلق هاتفه من جديد
لا يلوم نور على هذه الانهيارات ولا يستطيع لوم امير على ما فعله بالماضي.....
مسح على شعره بهدوء...ثم نظر إلى وجهها
.
.
.

.

تنظر له .....تشعر بالحرج منه بسبب ما حدث...تشعر بالخوف ولكن متيقنة من حبه لها....غير قادرة على ان تجعل نظراتها ثابتة عليه.....ان تحدثه بطلاقة مثلما يفعل......تشعر انّ ما حدث لها جعلها تبني حواجز وحصون مشيّدة بينها وبينه رغم انها تحبه....ولكن حتى حينما يحاول ان يُمسك يدها تشعر بلذعه مخيفة في فؤادها فتسحبها بهدوء.....ازدرد ريقها
وهي تردف: ليش خطبتني؟

كان يرى التغيرات التي طرأت عليها....يرى كيف بدأت تهتم لتخبأت شعرها....من مرأى عينه....ينظر لتحذرها من ان يُمسك يدها....رأى خوفها وحبها منه ولكن لن يلومها ابدًا على كل هذا
ما مرت به صعبًا
: لأني احبج....
اشاحت بنظرها عنه......هل هذا الحُب الذي سيغذيها لنسيان ما حدث؟ هل هذا الحُب الذي شعر به قيس ليلى......وهذى به عنتر لعبلة؟
هزت رأسها
ليكمل بهدوء: قررتي تتحجبين؟
ايلاف لا تدري......ولكن لا تريد ان يرى احدًا شعرها.....وربما....اتخذت القرار الصائب في حياتها
وهي تهز رأسها بنعم
فقال: لايق عليج وايد....
ابتسمت له .....وهي تفكر.....ليت لم يحدث لها ما حدث....ليت .
قاطعها وهو يقول: بكرا راح نملج......ايلاف سمعيني زين....
ثم اخذ صوته يلين: انا ما خطبتج عشان شفقة ولا غيره.....انا نيّتي هذي من زمان ......بس جات بوقت .....
قاطعته وهي تنظر إليه بعينين دامعتين: كان ودي ....
قاطعها وهو يُمسح دموعها : عارف
ابتعدت عنه بشكل ملحوظ
فقال: آسف.....
نهض : راح امرج الصبح....
وقبل ان يخرج قالت: ما كلمتك نور؟
التفت عليها: لا.....ليش هي ما جاتج ؟
هزت رأسها بلا
فقال: يمكنها مشغولة ......لا تحاتينها....
ايلاف اردفت: ان شاء الله.....تصبح على خير
طارق بهدوء: وانتي من اهله
ثم خرج
.
.
.
وهو يفكر بحالها هذا؟
.
.
.

ايلاف تحتاج الى طبيب نفسي هذا ما دار في عقله
ولكن لن يجعلها تخضع له....حركاتها...ترددها في الحديث....خوفها من لمساته......تجنبها للنظر إليه
علامات لا تبشره بأي خير......ولكن لم يضغط عليها....ولن يجبرها على ما لا تريده....سيحاول أن يقف معها إلى ان يُمحي ما حدث من ذاكرتها.....فمن الصعب نسيان أمر....أخذ منك الكثير
وهذا الامر اخذ منها
الثقة واستبدلها بالتردد
وانتزع منها الطمأنينة ليحل محلها الاضطراب
التشتت يشع منها ....بوضوح.....ووجود والديها في هذا الحال مهم ولكن ماذا يقول؟
حقًّا جورج ظلمها ودلال قتلتها مُنذ ان ولدتها!
زفر بضيق على هذا الحال
وشدد الحراسة عليها ثم خرج
.
.
.
.
اضطرت للذهاب إلى منزل كرهته وحمل بين طياته مُعاناة طويلة
ولكن شعورها بالتعب وبالخوف من ان يحدث لها شي اجبرها على القدوم هنا
فأخبارها قصي : روحي بيت عمك .......هذي الأيام ماقدر اجيك......
مُهره بتساءل: ليش؟
قصي بهدوء: عمي بو ناصر تعب من جديد....وتعرفين كل العيلة في حالة استنفار.....
مُهره بتفهم: تمام
.
.
وهنا اتصلت بعمها والذي من الواضح انّ قصي حدّثه قبلها آتاها اخذت ما تحتاجه ووضعته في حقيبة متوسطة الحجم
ثم ذهبت معه
وها هي الآن أمام باب منزله تحدّق به...تذكرت أوّل قدومها إليه ....يتيمة وضعيفة......خائفة من المستجدات التي ستطرأ على حياتها.....عانت فيه لفترة ولكن الآن تحمد لله على كل شيء...
دخلت مع عمها الذي قال: تفضلي يا بنتي....
مشت معه ولم تزيح الغطاء عن وجهها.....رأتها زوجة عمها واستقبلتها .....بتعامل لم تعتاد ان يخرج منها ولكن غضّت بصرها عن هذا الطرف....وجاملتها
إلى ان حملت الخادمة اغراضها واوصلتها للغرفة
أغلقت الغرفة عليها نظرت لأرجائها.....تذكرت أمور كُثر....بكائها ضربها...خوفها.....تنهدت بعدها بضيق ثم أرسلت
لقصي
(قصي حبيبي.....بظل ثلاثة أيام بس وبرجع....احس بيتهم يخنقني)
.
.
.
في تمام الساعة الثامنة والنصف ليلًا مازالوا في منزل أبا خالد ....انتشر الخبر للنساء ....خبر اتصال امير.....اخذت أجواء الاضطراب تظهر عليهم.....بينما نوف اخذت شيخة لتتساءل عن الامر وشيخة لم تقصر في سرده عليها بينما الجازي لم تنصدم كثيرًا
بسبب ما اخبرها به والدها
نهضت مستأذنة اخذت ابنها لتغير ما تحته
وأغلقت عليها الغرفة
اخذت تعيد الحسابات من جديد في عقلها
تريد الطلاق ولكن لا تريد أن يؤذي هذا القرار ابنها.....لا تريد يومًا أن يلومها على هذا القرار....خائفة ان يُصبح حاله مثل....
لم تستطع أن تكمل هزّت رأسها وهي تقول
: لالا الفرق كبير

هي مؤمنة بأن نورة ستلوم عمها بأشد الالفاظ.....وربما الأفعال.....
الطلاق....بوجود الأبناء صعب
في اتخاذه كقرار نهائي!
والآن هي بدأت تُدرك هذا الأمر
ولكن العيش مع سيف بالنسبة إليها مستحيلًا
هو لم يقصّر ابدًا في جرح انوثتها....وجرح قلبها...
بدأت تحتار وتختلف موازين تفكيرها...
وخائفة من ان تُلام في المستقبل القادم
وهي لا قدرة لها على تخيّل ابنها عبد لله يأتي ويلومها يومًا على قرار اتخذته ظنًا منها مناسبًا....
ازدردت ريقها واحتضنت ابنها
لتردف: قولي......شالحل؟
.
.
.
.
نوف ضربت على فخذ شيخة: جب....جب...شالكلام اللي تقولينه....عمي يوسف يحبكم ....وخاف عليكم....وتستاهلين الكف اللي جاك من خالتي......
شيخة مسحت دموعها سريعًا: يعني انتي واقفة معاه...ضد نورة...
نوف بغضب وعصبية: قسم بالله تفكيرك تفكير بزر عمره ثلاث سنين....شنو معاه وضده......اللي صار اكبر مني ومنك....واكبر من الواحد انه يستوعبه .......لو صدق ما يغليها ما طاح مريض ...بسبب هالشي يا شيخوه....لا تزيدينها على ابوك......هجدي...

شيخة مسحت انفها بالمنديل: أصلا هاجدة من زمان على قولتك.........وتذكرت أشياء خلتني استحي من ابوي....بس ابليس يجي ويوسوس لي.....و
قاطعتها نوف : عمي مصدوم وما زال مصدوم.......ديانا وأمير ما قصروا فيه ومن واجبنا نخفف عنه ما نزيد عليه ....
شيخة هزّت رأسها برضى
ثم سمعت رنين هاتفها
فرمقتها نوف: بندروه؟
شيخة نظرت لشاشة هاتفها
ابتسمت: أي...
نوف سحبت الهاتف منها ثم اجابت تحت صدمة شيخة التي تقول: يا حمـ....هاتيه .....
اجابت: هلابي يا العاشق.......
بندر أراد الاتصال على شيخة والاطمئنان عليها
خاصة انه فهم سبب حزنها في آخر مكالمة لها
عبس بوجهه: نويّف.......عطيني شيخة .....
نوف باستهبال: شيخوه في الحمام......اخليها تتصل عليك بعدين...
شيخة صرخت هنا بحماس: لاااااااااا كذاااااااابة...
نوف اشارت لها: اشششش فضحتينا ....
بندر ضحك بخفة : ههههه عطيني إياها لا اجي...
قاطعته وهي تحدق في شيخة: شبسوي يعني....
بندر بملل: مطولة؟
نوف : والله عجبني صوتك بالجوال
شيخة ضحكت
بينما بندر عصب للغاية: نويييييييييييييييييييييييييّف....
نوف : يممممممممممممه ما قلت شي...
ثم رمت الهاتف على شيخة وهي تقول: خذي كلمي وانا بروح اشوف عبادي....
أغلقت باب غرفتها على شيخة
التي قالت: هلا بندر...
بندر بجدية وبلا مقدمات: عشان كذا كنتي زعلانة ....وقولين كل شي ببان بعدين.؟
شيخة بهدوء: أي....
بندر : ان شاء الله كل شي بكون بخير.....
شيخة بجدية : الوضع صعب.......ابوي غلط غلطة كبيرة بحق نورة ...........ونورة ما راح تسامح ابوي...ولا راح تستقبله.....وهالشي بيزيد وضع ابوي سوء....
بندر بانفعال: فال الله ولا فالك......لا تفكرين كذا مهما كان هذا ابوها....باذن الله موصاير شي...
شيخة : أتمنى....بس خايفة والله يا بندر......
بندر مسح على رأسه بتوتر: اكيد البداية صعبة ....بس بعدين كل شي بلين.....
شيخة تنهدت: الله يعدي هالليام على خير...
بندر التفت على باب المجلس بحذر: الله يسمع منك.....والحين بسكر....اكلمك بوقت ثاني ...طيب؟
شيخة : تمام....
ثم اغلق الخط وهي اغلقته ثم خرجت
.
.
نوف نزلت للصالة لترى عبد لله ولكن اخبرتها ام ناصر انه مع والدته في الغرفة فصعدت لأختها
بعد ان طرقت الباب
ثم فتحته ....دلفت الباب...فرأت اختها تُلبس عبد لله ملابس جديد
بشرود
تقدمت لناحيتها: الجازي....شفيك؟
الجازي (انتقزت )ببداية الامر ثم قالت: هااا......لا ولا شي....بس صعدت اغيّر لعبد لله.....
نوف : متأكدة؟
الجازي نظرت اليها: أي....
وبتذكر : خذتي الابرة؟
نوف هزت رأسها ثم قالت: جوجو....ادري مو وقته بس....بسألك......متى راح تبدون إجراءات الطلاق؟
تعلم نوف.....أنّ القرار إلى الآن من ناحية الجازي فقط وسيف لم يقرر بعد
هل يتنازل ام لا....لذلك سألتها بطريقة غير مباشرة لتعرف المستجدّات من هذا الامر كله!
فإن سألتها بشكل مباشر ستقلب الجازي المكان رأسًا على عقب !
الجازي مدّت ابنها لنوف: بعد ما تخلص سالفة عمي يوسف....
نوف احتضنت عبد لله وببهوت
اردفت: يعني قررتوا؟....سيف اقتنع؟!
الجازي وهي تتوجّه للخلاء: بيقتنع....بيقتنع.....
نوف هنا زفرت باطمئنان علمت إلى الآن سيف لم يحزم الامر ليُنهيه
ثم تحدثت بصوت شبه عالي: باخذ عبود وبنزل......
ثم خرجت من الغرفة
بينما الجازي أسندت
ظهرها على الجدار ونظرت للهاتف الذي سحبته من على السرير دون ان تلحظ اختها...تنهدت عدّت مرات تشعر بالتخبّط....والحيرة بدأت تقتلها .....ولكن هيهات لن تسمح لهذا الأمر أن يطُول لتتأثر به لذا
اتصلت عليه
.
.
كان في المجلس يستمع للأحاديث ويشارك عمه في نشر الطمأنينة
سمع الرنين ونهض....وعندما نظر لاسمها خشي من انّ هناك امر سيء بالداخل!
فأجاب عندما اغلق بيده باب المجلس
: هلا الجازي....
الجازي بنبرة ثابتة: تعال عند مجلس النساء ....ابي اكلمك في موضوع مهم...
سيف مسح على وجهه : طيب...
ثم أغلقت الهاتف....
غسلت وجهها متوترة من الامر برمته، أخذ قلبها يضطرب......خائفة من قرارها...خائفة من النتائج......تشعر بالاختناق .....مسحت على وجهها...
ثم خرجت من غرفتها كلها....نزلت للدور السفلي
وسريعًا ما توجهت لباب المجلس الجانبي نظرت نوف وشيخة إليها ولكن سكتوا.....لكي لا يُثيرا الشكوك أمام البقيةّ!
أما هي دخلت واقفلته
وتوجهت للباب الآخر والذي يطل على وجهة المنزل...اغمضت عينيها تنفّست بعمق.....ثم
فتحته ورأته واقفًا ينتظرها
اشارت له: ادخل....
دخل وأغلقت الباب بهدوء
مشت وجلست قبل أن يجلس...بينما هو نظر إليها بتمعّن
خسرت وزن كثير...وجهها مصفر.....لا يبشّر بأي خير....يعلم انها تعاني من فقر الدم.....ولكن ايضًا يعلم انه عاد إلى المعدل الطبيعي.....هل الآن ساء حالها دون ان يخبروه؟
مشى بهدوء لناحيتها.....وقلبه بدأ ينبض حقًّا
ودومًا ما ينبض بجانبها ولكن كان يخرسه.....يوبخّه
والآن هو نادم على كل هذا....لأنه خسر قلبه وعقله معها!
.
.
نظر كيف تهز رجلها .....هذه الحركة تفعلها كثيرًا حينما تتوتر أو تخجل!
ازدرد ريقه

اشارت له ان يجلس بعد أن شعرت بوقوفه المطوّل وتحديقه بها
ثم اخذت نفسًا عميقًا وشتت ناظريها عنه : لازم نكلم....بهدوء سيف...ونحط النقاط على الاحرف....
سيف جلس عن يمينها يفصل بينه وبينها مسافة بسيطة
تكاد ان تلاحظ ولكن هي بعدت عنه مسافة يمكنك مشاهدتها وملاحظتها...حكّت ارنبة انفها بتوتر ...وتردد كبير...
: في ايش بالضبط؟
التفتت اليه بعد أن مسحت على جبينها بطرف اصابعها الطويلة ....لا تدري ماذا يحدث لها الآن.....حقًّا هي خائفة ولكن ....لا تدري مِمّن؟: سيف......عارفة الأوضاع الحين ....مو وقته......عشان تخليني أتكلم......والكل فحالة توتر وخوف على عمي....ومو من حقي أزيد عليهم الضغط من كل النواحي....بس من حقي اتفاهم معك....ونحل الموضوع بهدوء بدون أي ضغط ومشاكل....وبدون أي عناد!

سيف فهم ما ترمقه إليه ابتسم بسخرية .....بلل شفتيه......ثم نظر لعينيها وشرد فيهما .....كيف فرّط بهما كيف؟
زاد وجع قلبه....وزاد تشبثًّا بها!

ليردف: ما زلتي تبين الطلاق؟

الجازي هزّت رأسها بهدوء
وقلبها يعزف ألحانًا من القلق والخوف!

سيف اكمل: وقلبي من يداويه بعد بُعدك يا الجازي؟

الجازي اغمضت عينيها بقوة ثم قالت وهي تنظر إليه بهدوء تحاول ألا تغضب ففي غضبها نهاية لنقاش لم يبدأ اصلًا!
وحالها يُكفي في أن يُخرس غضبها هذا !

: رجاءً سيف.....لا تدّخل العاطفة في نقاشنا...اتركنا نتناقش بعقل ومنطقية......
سيف بنرفزة: وانتي برأيك العقل والمنطق يقول نطلّق؟
الجازي بللت شفتيها: أي....
سيف ضرب على فخذيه ثم نهض وأشار لها: الجازززززي كيف صرتي بهالقساوة قولي لي كيف؟........بالله عليك......الطلاق حل يعني.....وبينا ولد........الجازي اذا مانتي شايفة حبي......ناظري في ولدنا........لا تخلينه يعيش شي بإمكانك تمنعين حدوثه...
وقفت هي الأخرى ومازالت تحاول ان
تصبح الطرف الهادئ من هذا النقاش....تفرّك بكف يديها .....محاولةً الصمود أمام قرارها الأخير!

: شفت حبك اللي يمكن صادق....وشفت ندمك......وشفت تمسكك فيني.....بس بعد ايش يا سيف؟....بعد ايش؟

ثم اقتربت منه بتردد ثم نظرت لعينيه اللتان تُحدقان بها: عارفة يمكن بنظرتك تشوفني مفخمة الأمور...ومكبرتها........بس اقسم لك بالله يا سيف......اللي صار عجزت انساه.....ياكلني كل ليلة....ويحرقني هنا....
وأشارت لقلبها بأصبعٍ يرتجف

ازدرد ريقه بينما هي أكملت: انا ما احبك ولا اكرهك سيف......

وبتردد أكبر قالت: أصلا سامحتك.......رغم اللخبطة اللي سببتها لي سامحتك ........اتركني بهالجرح......لأنه عمره ما راح يشفى......اتركني سيف....بهدوء...بدون مشاكل......باتفاق بينا.....وبرضى......
سيف اقترب منها امسكها من اكتافها: الجازي....اقسم بالله احبك.....ومتندم على كل شي سويته لك........والله العظيم ماقدر على فراقك.....
الجازي ابتعدت بهدوء عنه وشتت ناظريها عن ضعفه! : يا بو عبد لله بتقدر....متأكدة......راح تقدر...
سيف لمعة في عينيه الدموع: عطيني فرصة.....
الجازي بنبرة خانقة وهي تهز رأسها تمنع أي سيطرة تمنعها من هذا القرار الصعب : عطيتك فرص....مو فرصة وحده ....وانت ولا استغليت ولا وحده منها........خلاص.....ما عندي القدرة اني اجبر نفسي على شي انا متوجعة منه مرا من الداخل
وأشارت من جديد لقلبها
ولكن هذه المرة وهي تضربه بخفة بقبضة يدها اليُسرى!
سيف نظر للسقف يداري دموعه من السقوط
وهو يردف: الله لا يسامحني......الله لا يسامحني...

الجازي مسحت دموعها التي انسابت سريعًا ، اخذت نفسًا عميقًا تسرب لمسامعه!....مشت خطوة إلى الأمام تريد الاقتراب منه ....ثم عادت لمكانها بشكل متردد.....

وتحدثت بهدوء وهي تنظر لدبلتها : قلت لك لا تدخلنا في العاطفة .......لأنك راح توجعني وتوجع نفسك يا سيف.....

سيف مسح على وجهه اقترب منها لم يُمنع نفسه من الاقتراب: اوعدك........وعد مني.....يا الجازي....ما بشوفين مني إلا اللي يسرك...تكفين فكري.....
الجازي نظرت له بانكسار وهي تحرّك الدبلة حول اصبعها بعبث وحيرة : مليت وانا افكر يا سيف.....مليت.....واللي يصير الحين صاير يضغط على قراراتي وانا مابي اماطل.......ولا ابي اضغط على احد......عشان كذا قلت لك نتفق بينا إلى ان تنتهي مشكلة عمي...وبعدها تبدأ بإجراءات الطلاق....

سيف نظر إليها ....ولرجفتها......نظر إلى عينيها اللتين تشتتهما عنه.....لعبثها بالخاتم......
لا شيء يقف بصفه.....ابعدها عنه وهو يريدها ولكن ....اراد حبها ولم يصرّح به قط.......تمسك بحب وهمي.....ووفاء لا فائدة منه ....على حساب تهميشها....ولكن نتيجة كل افعاله .....قاتلة لقلبه الآن!

تحدث بصعوبة: يوم ابعدك عني.......احس كأني جالس اطعن نفسي بخنجر هنا
وأشار لقلبه
ثم قال: بس شسوي يا الجازي....امي اظلمتني.....اظلمت قراراتي......فهمت اني ما احب غزل......وكنت بس ابي اوفي لها الوعود.....بس امي شتتني لم حطتك قدامي....وخلتني احبك بدون ماحس......يمكن تقولين علي.....مشتت.....ما يعرف قراراته......مريض نفسي....بس صدقيني...انا وقتها مادري شلون فكرت .....و....ضميري كان ياكلني....اني علّقتها فيني وتركتها وهالشي خلاني اعاملك بذيك الطريقة اللي خلتني اخسرك فيها......ما كنت عارف كيف اصرّف يا الجازي....امي حرفيا احرقتني......ما تركت لي عقل يفكر ....بطريقة...
الجازي بدفاع قاطعته : عمتي مالها شغل ......انت بإمكانك....انصفتني وانصفتها بكلمة وحدة......بإمكانك يا سيف.....ما وافقت تزوجني.......ونهّيت الأمر كله...

سيف هز رأسه بندم لتكمل: وحتى لو ما كان عندك خيار ثاني .....بإمكانك قلت لي كل شي ببداية زواجنا عشان اعرف حدودي......بس انت يا سيف...أناني.....سكت.....قربت مني.....وكأنك جالس تعطيني إشارة على الرضا بالحياة معك....صدقت مثل الغبية......ونفضت الخوف من قلبي.....وعطيت نفسي فرصة اتقبلك....وبعدتني.....وعلى هذا الحال....كنت أحاول .....احاول اتكيّف مع مزاجك......فكرك...طريقتك معاي ....بس
وبنبرة خالجها الضعف: كان هالشي يقتلني يحطمني.....يشككني بنفسي.....وكرّهني فيك وفيني.....وهم حاولت أعيش معاك....وصرت على هذا الحال تقرّبني وتبعدني على مزاجك وكيفك........ومن بعدها صرت ما اثق فيك.......وصرت أخاف منك يا سيف.....يكفي اللي هدمته فيني.....يكفي....ويكفي اني اضغط على نفسي وأقول اني سامحتك......احاول ما اوجعك يا سيف....إلا انك توجعني وتطعني على قلبي مليون مرة.......

اقتربت منه نظرت لعينيه: ما اقدر أعيش معاك تحت سقف واحد.....والله العظيم ما قدر يا سيف....وصدقني الطلاق مو سهل علي.....ومو شي سهل اني اتحمله....بس مو قادرة .....اتقبل فكرة اني اكمل معاك مو قادرة ابد.....

سيف عض على شفتيه ، توجعه صراحتها.....تفلق قلبه وتسرّع من نبضات الندم....علم أنه هو من عجنها على هذا النحو.....هو من ابعدها عنه.....تنهد!

أكملت: مو همي الحين اني أقول هالكلام عشان اوجعك يا سيف.....الله يشهد.....مابي اوجعك......كل همي نتفق بهدوء......بس انت دخلتنا بهالطريق......

مسكت كفّي يده...بيديها المرتجفتين: بتنساني سيف....والله بتنساني......وانا بساعدك انك تنساني......بس احترم قراري...وقدّر العشرة اللي عشتها معك مهما كانت.....

همس لها وهو يشد على يدها: صايرة حيل قاسية ........صايرة اقوى مني ....عجزان استميل قلبك لي.....واضح اني خسرتك يا الجازي....خسرتك وانتي ربحتي...
شدت على يديه وكأنها تريد ان تقويه من قوتها
وتسكّن من رجفات يديها....وقلقها!

وبهدوء نظرت لعينيه: سيف ....ما فيه شي اسمه ربح وخسارة........بس في شي اسمه قسمه ونصيب.....
ضحك بسخرية ودمعت عينيه.......ازدرد ريقه وسحب كفيه من كفيها...
ادار ظهره لها....ووضع يده على وجهه ليمسح الدموع ....آلامه حديثها......اوجعته ......ادرك حجمه.....وقدره عندها....ادرك أنه لا شيء بنظرها....ادرك انه اطفأ ذلك النور من الحُب قبل أن يقوى......هزمته......هزمته حقًّا
أتت بمقابل وجهه
مسكت يده من جديد وهي تزدرد ريقها: سيف......لا تضعف كذا......
سيف شد على شفتيه لثوانٍ عدّه ثم قال وهو يحدّق في عينيها: انتي اضعفتيني يا الجازي.....مو جاية تصدقين اللي أقوله...
الجازي هي ضعيفة ايضًا.....ليس أمام حبه....ليس امام مشاعرها..... لأنه ما تشعر به.....طبيعي كونها عاشت معه لفترة طويلة....ولكن تجزم انها لا تحبه ولا تكرهه!
لا يهون عليها ان تراه على هذا الحال.....ببداية مشكلتهما جلَّا ما تريد رؤيته ......وجعه.......ندمه......اما الآن بعد ان استعادت منطقية التفكير
لا تريد كل هذا كل ما تريده الاتفاق والانتهاء من هذا الامر
بهدوء ....تريد أن ينتشلها برضاه بهذا القرار قبل أن تعصف بها الظروف .....وتجعل الأمر اكثر تعقيدًا...!
الجازي بنبرة : آسفة.....يا سيف.....
سيفالتفت سريعًا لناحية اليمين وعقد حاجبيه بوجع وهو يشد على يدها بقوة : لا توجعيني اكثر .....لا توجعيني اكثر....
ثم ابتعد عنها وجلس على طرف الكنبة ...علمت بحديثها تزيد جرح قلبه......وتزيد من ندمه
...ارتجفت شفتيها ......ضعفت ونزلت دموعها على خديها
هو الآن يُبكيها......ويبكي حبه وعشقه لها...ولكن بعد ماذا؟
حقيقةً...لا تحبذ ان ترى رجلًا يبكي وها هو يبكي ....أمامها....على خسرانها......
هل ادرك انه وصل إلى نهاية الطريق......إلى الطريق المسدود
مسح دموعه اخذ يتنفس بعمق....ينظر لها وهي تفرك بيديها
لا يريد أن يزيدها حزنًا.....
اقتربت منه ولكن اشار لها بيده يصدّها لا يريد أن تزيده همًّا بهذا القرب لا يريد أن تشعره بحقارة افعاله السابقة
لا يريد منها ان تشعره انه كان انانيًا وظالمًا لنظرته لأمر غزل!
لا يريد

وقف من جديد
تحدث بعد ان سحب لرئتيه هواء عميق ليهدّأ به عواصفه
ثم قال: عبد لله بعيش.....مثل ما قلتي......بتردد عليه اشوفه .....واطمئن عليه......
ثم اقترب منها ونظرت إليه ببهوت وثبات
اكمل: إجراءات الطلاق ببدأ فيها بعد ما تخلص سالفة عمي....
ازدردت ريقها .....ورمشت بعينيها ....عدّت مرات....غير مستوعبة انه رضخ لقرارها....كتمت أنفاسها سريعًا حينما
انحنى ليقبّل جبينها ......ارتجفت هنا......ونظرت لعينيه وزفرت الهواء ببطء وضيق....لم يترك لها مجالًا سيف للابتعاد ....طوّق وجهها بيديه .....وداهمها
يقبّل ارنبة انفها وخديها .....اغمضت عنيها لا تريد أن تضعف امام مشاعر مؤقته!
ثم همس
في اذنها ....بينما هي تذكرت انتقامها .....منه عندما قبلّته وابتعدت خشيت من ان يوجع قلبها الآن.....خشيت ان يحرقها ويزداد كرها لنفسها آلافًا من المرات.....شعرت انها الآن تحت تخدير وقع هذا الخبر.....وتحت تأثير قُربه......وتحت تأثير خوفها وقلقها...لذلك لم تستطع ان تتحرك....وتبتعد عنه.....لم تستطع الهروب من تحت عينيه واخفاء لخبطة مشاعرها!
ولكن قطع هذه الظنون حينما همس: تكفين سامحيني يا الجازي تكفين ......
.....ارتجفت وشعرت انها ستتراجع عن الامر .....بكت بدموع.....وعلمت انه خضع لأمر الطلاق بشكل نهائي.....باغتها
باحتضان ....شديد....لدرجه اوجعها ولكن لم تقل شيء....وبادرته بالاحتضان
وبكت.......احتضانه لها اشعل في قلبها نيران .....شعرت وكأنه طفل يودّع والدته...شعرت بخوفه من ان يفقدها......شعرت باضطراب أنفاسه وهو يحاول ان يكتم فيها شهقات تحمد لله على عدم إخراجها وإلا ضعفت!
حقًّا...هي عاجزة....من ان تتنازل وتجرّب نفسها بالعيش معه ......عاجزة وخائفة من ما هو قادم.....هي لا تثق به.....وهو لا يلومها على عدم ثقتها تلك ....فهي ناتجة عن أفعال....دمرّت قلبها وحطمته من ان يحتفظ باسمه!

ازدردت ريقها عدّت مرات......ارتجفت ما بين احضانه....ان لم تكن تحبه في الواقع اعتادت على وجوده في حياتها....ولكن لا تريد أن تصبح اسيرته ....وتظلم نفسها معه....وتجبرها على ما تريده.....وقع الطلاق لن يكون سهلًا عليها.....ولكن ستعتاد.....
ابتعد عنها...نظر لعينيها.....
حقيقةً كانت مبعثرة.......انعدم تركيزها في هذه اللحظات القصيرة ....رفع كفيها حضنهما بكفيه .....قبلهما ثم اشتم رائحتهما......وهي تنظر له....دون وعي.....ولكن
ارتجفت شفتيها وهو يضع يده على قلبها وهو يردف بصعوبة: خليه يسامحني .....لأني اوجعته كثير...
دمعت عيونها كثيرًا
ثم ابتعد عنها لمسافة
وبهدوء قال: انتي طالق....
الكلمة موجعة
وإن لم تكن تريده
سيبقى للكلمة اثر
جعل قلبها يخفق......جعل روحها ترتجف.....بردًا رغم حرارة المكان......بللت شفتيها...اشاحت بنظرها عنه تريد ان تستوعب.....أنه طلقها الآن......اقترب منها من جديد ولم تستطع ردعه رغم انها لا تريد منه ان يقترب .......لأنه حقيقةً هدمها....وخائفة من ان تطلب منه إعادة بناؤها من جديد.....تبعثرت ....تشتت...تساءلت بلا صوت هل قرارها صائب؟ ولكن لم تستطع ان تجيب فاجئها بقُبّلته على جبينها من جديد..
ثم اردف قبل ان يفتح الباب: ما يهون علي فراقك يا ام عبد لله.......لكن.......
وشد على شفتيه لا يريد ان يطيل الحديث ويزعجها اكثر مما هي مزعوجة من كلمة (انتي طالق)
: فمان الله....
ثم فتح الباب وخرج
اما هي بقيت تنظر لأرجاء المكان......الآن تحررت..........بكت......الكلمة صعبة....صعبة من ان تتقبلها حتى وهي تريدها......ازدردت ريقها.....اشتمت رائحة عطره العالقة بها .....وبكت وهي تشد على فمها بيدها ....ثم ..مشت خطوتين وشعرت انها ستسقط....ولكن شدّت على نفسها ...حاولت ألا تنهار... مسحت دموعها سريعًا ...فخرجت من المجلس....هاربة من المكان الذي شهد على اضطراب مخيف وقلق بالنسبة إليها....وشهد على لقاؤهما الأخير...
.
.
.

تركت باب المجلس مفتوحًا ثم ركضت لناحية الدرج
تحت انظار الجميع
كان وجهها محمر.....صدرها يرتفع وينخفض...بشدة...تركض
ونوف نهضت
وام ناصر تحدثت: الجازي....
ام سيف بخوف: الجازي علامك؟
شيخة التفتت على نوف سحبت عبد لله من يدها
ثم همست: روحي شوفيها...
هزت نوف رأسها ثم ركضت على عتبات الدرج
بينما الجازي وصلت لغرفتها أغلقت الباب اقفلته
واسندت نفسها عليه بكت وهي تُكَمكم فمها لتمنع الشهقات
لماذا تبكي هكذا؟
هي لا تريده ؟
إذًا لماذا؟
شعرت بالاضطراب......وقع الكلمة ليس هيّن....ربما سيلومها عبد لله حينما يكبر...ربما ....ظلمت سيف دون ان تُعطيه فرصةً للتغيّر...وإن بقيت دون طلاق .....كانت تجزن انها ستظلم نفسها...
سمعت طرق نوف على الباب
فنهضت سريعًا....مبتعدة عن الباب رمت نفسها على السرير
خبأت وجهها بالوسادة....عضّت عليها تريد ان تتخلّص من هذه الدموع....والرجفات.....تريد ان تستعيد عقلها ووعيها....ولكن بلا جدوى
أضاءت شاشة هاتفها معلنه
وصول رسالة جديدة لها
سحبته سريعًا
ثم قرأت
( آسف)
لماذا يكرر اسفه...لماذا يحاول يعبث بها من جديد؟
رمت هاتفها بعيدًا عنها ثم بكت
ونوف تكرر: الجازي....فتحي الباب...
سمعت هنا رنين هاتفها ....فشدّت على اسنانها
وكتمت بداخلها صرخة كادت تخرج وتفضح الامر للجميع
ولكن اخذت نفسًا عميقًا مسحت دموعها
نظرت لهاتفها وكان والدها من يتصل
بللت شفتيها ثم عضّت عليهما
حاولت ان تهدأ ثم اجابت عليه
ليقول: الجازي خذي لي طريق...بدخل ......عشان بروح للغرفة .....
الجازي نهضت اخيرًا رأت لها مخرجًا يشتت تفكيرها مما حدث لها
: طيب...
اغلق والدها الهاتف وهي فتحت الباب لتنظر نوف لوجهها المحمر
فقالت: شصار؟
الجازي لا تريد التحدث رمشت مرتين ثم قالت: ولا شي....بنزل ابوي يبي يدخل ...بروح أقول لخالتي وعمتي يدخلون مجلس النساء
وكانت ستعبر ولكن نوف مسكت يدها: الجازي...
الجازي دون تلتف: نوف...مالي خلق ....حنّه ورنّة....
ثم نزلت للدور السفلي.....
رأت خالتها وعمتها وشيخة التي تنظر لوجهها المحمر....
تحدثت: عمتي خالتي...اذا ما عليكم امر ادخلوا مجلس النساء هو مفتوح....عشان ابوي بيدخل....
ام سيف نظرت لوجهها: طيب....بس قولي لي وش فيك يا بنتي....
ام ناصر بهدوء: ولا عشان ابوك بسافر.....
الجازي بعدم فهم: بسافر؟
شيخة : أي......بندر قال لنوف....انه بيمشي للمطار الساعة عشر.....عشان سالفة ا..
قاطعتها الجازي وهي تتنهد: أي أي.....عرفت .....طيب انا بروح اشوفه....
نهضوا وانتقلوا لمجلس النساء
بينما الجازي خرجت .....للوجهة نظرت لأبيها القادم لناحيتها
فقالت: صدق بسافر يبه؟
تمعّن في وجهها ولم تخفيه نبرة صوتها قال: أي .....
ثم اقترب منها: فيك شي الجازي؟
على هذا النحو من الوقوف....ومن الصدمات ...التي لا تعتبر صدمات في الأصل.....فبالأخير حدث ما تريده ولكن .....الكلام ليس مثل الفعل....فأثر الفعل اشد من الكلام ...
خرج سيف من المجلس يريد الاختلاء بنفسه....يشعر بالتعب....بالألم ...بالخسارة ...بينما هو خارج
وقعت عينه على عمه وهو يتجّه إلى الجازي.....
نظر إليها ونظرت إليه ....
ثم اختفى
فقال اباها مكررا: الجازي وش فيك؟
الجازي حكّت جبينها وبشتات: تبيني اجهّز شنطتك....
أبا خالد لا يريد ان يضغط عليها بالأسئلة فقال: يا ليت...
دخلت إلى الداخل قبله ......تشعر انها ستسقط على الأرض في أي لحظة .....ولكن تحاول مقاومة هذا الشعور....ركضت على عتبات الدرج.....تشعر بـالـ رهبة من تلك الكلمة ...ورهبة ما حدث لم يكن الشيء السهل!.....وشعورها بصدق سيف....يخيف قلبها.......كما انها تشعر بخفة وهي تركض على الدرج.....رغم رجفتها كانت تزداد لا تخف.....رغم دموعها جفت سريعًا.....ولكن هناك شيء عالق بقلبها وعقلها.....هناك ثقل آخر لم تعرف مصدره .....وفي الواقع تفكيرها...مشيها.....حركاتها....ردة فعلها...لا ارادية....وهذا الامر لا يُطمئن ....فهي مشتتة بشكل كبير....ومصدومة!
.
.
.
في اليوم الذي يلي ....هذه العواصف.....هذه الزلال.....والحقائق المكروهة....
جلست من النوم....تنظر للسقف بتحديق ممل....وبخوف......قلبها مضطرب.....تشعر بالبرد.....وتقشعر جسدها...من نسماته......سمعت طرق حذاء احدهم
فسمعت صوت انثوي يقول بهدوء
(مترجم): سيدي استيقظت الآنسة!
مسح على شعره ثم نهض وترك الجريدة على الطاولة
سحب هاتفه سريعًا
ليرسل(طمّن امير هي بخير....ولا تجون إلنا اليوم)
توجّه إليها ...سقطت عينه عليها كانت مستلقية على ظهرها تحدّق للسقف بعينين محمرتين ...وجاحظتين من كثرت البكاء
لم تنم طوال الليل...وهو لم ينم....كانت كالطفل الصغير....تجلس تصرخ تبكي...يُطبطب عليها ....يحاول التخفيف عنها.....إلى ان تعود للنوم.....بقي طوال الليل يُراقب تقلباتها .....ويحاول التخفيف عنها.....
اقترب وأشار إلى صوفيا لتقدم الطاولة لوضع الإفطار
جلس على طرف الكنبة : نور....ئومي أكلي إلك كم لقمة.....

سمعت صوته كذبذبات غير واضحة.....كموجات عالية التردد ومزعجة للمسامع.....ازدردت ريقها.....تشعر بجفاف حلقها......ارتجف جسدها واستلقت على يمينها....لتحتضن اللّحاف....واشتدّت رجفتها.....

فهم انها مرضت ......واستسلمت لوجع جديد.....وجع جسدي ....مختلط بوجعها النفسي المعنوي .....مّد يده بتردد...إلى أن وضعها على كتفها .....وانتقلت إليه رجفاتها...
تحدث: نور .....ئومي تروشي....حتى تخف الحرارة....

ماكس في هذه الأوان والاحداث اصبح تعامله مع مُراد ....ونور.....بشكل اكبر مما كان لذلك تحسنت لهجته ولغته العربية.....رغم انّ اليكسا ....كانت من أصول عربية ولكن لا تتحدث معه مطولًا بلغتها......اما الآن اختلط كثيرًا بأشخاص يتحدثون اللغة العربية وهذا الامر جعله يكتسب مفرداتها بشكل كبير!


............
نور اغمضت عينيها ...تشعر بالبرد......بوجع عظامها....تشد على اسنانها بقوة.......تشعر انّ المكان بدأ يضيق عليها......
أتت صوفيا ووضعت صينية الطعام على الطاولة المقابلة لها...
اقترب ماكس ليساعدها على الجلوس...
وكانت كالجماد....تحركه بلا ردت فعل....فقط جسد يرتجف.....ويرتعش....بردًا ....وفي الحقيقة خوفًا من الحقائق...عقلها شارد....نفسها غير منتظم.....وعينيها مشتتين...

وضع ماكس يده على جبينها وشعر انها تشتعل نارًا وسريعًا ما ابعد عنها اللحاف الذي تشد به على جسدها.......ونهض وهو يقول.....
: نور لازم تتحممي....
ثم انحنى عليها.....لينهضها من مكانها بصعوبة .....واسندها على جانبه الأيمن....
تحدث : صوفيا....

أتت إليه وحدثها بان تدخل مع نور للخلاء وتحممها...
فهزت رأسها بطاعة أمره..

ثم نظر لوجهه نور وسكونها ....وعدم تحدثها وشرودها
شد على كف يدها ....لا رد.....بالكلام ولا بالأفعال....
كانت ترتعش...وتحدّق للاشيء....خشي عليها في الواقع
تحرك للأمام خطوة واحدة
وساعدها على ان تتقدم معه
مشت خطوة واحدة.....وذهنها شارد...
للأصوات التي تسمعها في عقلها وللصور التي تتكرر عليها
ديانا
امير
يوسف
حصة
مراد
سندرا
ناصر
جدتها
جدها
أناس نسيت أسمائهم
حارة صغيرة
غرفة دافئة
حضن اشتاقت إليه لسنوات طويلة
وهمسات لعنتها آلافًا من المرات
تعبت من هذه الأصوات والصور المدمجة ببعضها البعض
تعبت من كل شيء...
مشت خطوتين للأمام.....وتبعها مراد وارخى من مسكته....وبشكل غير متوقع
ضرب ساقها بطرف الطاولة الخشبية وسقطت الصينية على الأرض لتحدث ضجة قوية في المكان
وشد ماكس على خصرها ليمنعها من التقدم والسقوط على الزجاج الذي انتشر على الارض
نظر إلى وجهها: نور......انتي بخير؟
لا تعرف الرد....ولا تعرف ماهية سؤاله؟
بالأمس ودّت لو شربت القليل لتفقد عقلها
ولكن ها هي الآن فقدت عقلها تمامًا مع هذه الأصوات والصور
تشعر انها ثملة...لسانها ثقل....جسدها ثقيل...
طنين في رأسها....اطراف جسدها ترتجف بلا توقف...
تحاول الصمود ولكن ...لا تستطيع....السيطرة..
ارتفع صدرها وهبط علامةً على عدم انتظام نفسها.....
نظرت لعيني ماكس....
هزت رأسها دون ان تعي ماهية ما قاله...
تقدم بها لناحية الخلاء بصعوبة....
أوصى صوفيا ان تمسك بها جيّدًا، وان تنتبه عليها .....
ولكن لم تصل ايادي صوفيا إليها وإلا نور وقعت والتقفها ماكس بيديه
وهو يردف بخوف: نوووووووووووور!
.
.
.

انتهى





 

رد مع اقتباس