عرض مشاركة واحدة
قديم 06-27-2020, 06:22 PM   #37
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي




البارت الثامن والعشرون








.
.
.
.
.
الشتات يعدم كيان الإنسان ويبدّل من حاله للأسوأ
اثره ثقيل وهفواته مؤذية وإن حاولت مقاومته قتلك بصعوبة عدم منطقيّته في التفكير
يحاول أن يطبّق بيديه على عينيك ليأخذ منك الكثير من الطاقة
ليأخذ جُهدك ومحولاتك في الخلاص منه
هكذا كان شعورها حينما شعرت بتلك الايادي التي تلتقفها
تسمع اسمها من قاع عميق
وتشعر بثقلٍ لا تتحمله على صدرها.....شعرت انّ الكون كله في لحظة هزمها حينما استمالها للظلام....وللغشاوة التي سيطرت على عينيها...
بينما تلك الرجفة التفت حول خلايا جسدها كلّه حتى انتابتها رعشة جعلت جسدها يتهاوى ضعفًا
استسلمت لكل هذا
وشدّت على عينيها .....ظنّت انها سترتاح حينما تُفقد عقلها تماما ولكن فقدتهُ بشكل جزئي....
فتحت عينها ببطء شديد
شعرت بدوران رأسها.....شعرت باليدين التي تشدان على جسدها لتُعطيه بعضًا من القوة .....
تسمع صوت انثوي ...متداخل مع صوت رجولي ....خائف....
نظرت إليه....ونظر إليها
بعد ان زفر بكلمة: الحمد لله
شدّت على جبينها بيديها تشعر بالصداع وحاولت النهوض
فقال: ساعديني نور...لازم تحممي حتى تخف الحرارة....
اقتربت صوفيا منها بأمر من ماكس...امسكتها من زندها لتشدها على جانبها الأيمن .....ساعدها ماكس في النهوض...
شعرت كأنها طفلة .....يُمسكان بها بلطف...وحنان....وربما شفقة على حالها...مشكت بخطى غير متوازنة......
فقال ماكس(مترجم): انتبهي صوفيا......انا سأنتظر هنا.....اجعليها تتحمم....
هزّت صوفيا رأسها ثم أغلقت باب الخلاء عليهما
وبقي ماكس يتجول ذهابًا وايابًا بالقرب من باب الخلاء
خائف عليها .....خائف من ان يتطور الأمر ...خائف من ان يكون غير قادر على ان يُسكت غضبها هذا ....مسح على شعره عدّت مرات ....ثم نظر للسقف
بحيرة !
.
.
.
.
.
اشتم هواء اثقل اعتاقه ....اثقل روحه......جنّبه النوايا الحسنة....وجعله يغوص في تساؤلات مخيفة....وصل الى هُنا مؤخرًا.....مُتعب...بل منهمك...من شدّت التفكير.....بالاثنين....بها وبأخيه....ذهب للفندق ......تحمم سريعًا....اتصل عليه....ليتقيا في نقطة الغضب....نقطة الشتم والحرب.....دعاه إلى الشقة التي شهدت على انهيارات متكررة بلُغة بالغة في الألم...خشي من ان يكون هناك فخ يوقف أنفاسه ونبضات قلبه...ولكن لم يهتم...كل شيء يهون أمام سعادة أخيه.....هو لم يتدخل في تلك الأوان....ولم يهتم....بل اجمدوا اهتمامه بإلزامه في السكوت عن الحق.....نسي الأمر...ولكن أخيه لم ينسى.....نساه وكأن تلك الفتاة ليست جزء من دمه هو ايضًا.....ليست منهم....وكأنها غريبة او دخيلة على عائلته.....سكت.....وغض البصر عن طرف هذا الموضوع الذي أذّى الكثير!....ولكن اليوم....لن يسكت...ولن يقف كالشيطان الاخرس والمتفرج......إن كان هناك فخ....عليه ان يفدي أخيه بروحه من اجل...أن يُسكت عذاب ضميره هو الآخر

طرق الباب وفي الآن نفسه سمع رنين هاتفه .....نظر للاسم ....
ثم وضع هاتفه على الصامت.....
وانفتح الباب.
.
.

فتح الباب رجل...مرتديًا بدلته الرسمية السوداء....ذو بشرة حنطية ذات درجة مائلة للبياض قليلًا.....وعينين حادتين بقزحيتين ذات اللون العسلي الفاتح.....وشعر بني غامق قصير ومرتب .....
أشار له بعد ان شعر انّ الرجل يتفحصه واذن له بالدخول
ولكن أبا خالد تحدث بحده: انت أمير؟

فاضطرب مُراد بقول: امير ينتظرك داخل....

فدخل أبا خالد وهو يرمق مُراد بنظرات الشرار الدالة على عدم الرضى بكل شيء....

بينما أمير...جعل جولي تعود للشقة التي استأجراها بالقرب من شقة ايلاف الذي مكث فيها بعد خروج نور....

.
.
كان جالسًا في الصالة ينتظر مجيء أخ يوسف....
وكان مضطربًا
.
.
تقدم مُراد وأشار لأبا خالد بالتقدم
وسقطت عيني أبا خالد على رجل
هزيل.....ومن الواضح انه مُتعب....يهز برجله اليُسرى من شدّت توتره.....عينيه زائغتين قليلًا، هالات بنية تحُيط رُمادية اقدار ما حدث.....شعره الأشقر طويل...ومهمل.....يصل إلى اسفل اذنه.....يمسح عليه بشكل متكرر....ليخفف من ضغط الموضوع عليه.......بينما بشرته رغم بياضها إلا انها ومن الواضح شاحبة لتنم عن مرض او تعب ثقيل.....
.
.
انتبه لنظراته ووقوفه مطولًّا هناك
وقف......وخفق قلبه.....يُشبه يوسف قليلًا.....وقوفه هكذا ....وتحديقه له بهذا النحو ارجع ذاكرته الى ما قبل العشرون سنة......ارجعه لغضب يوسف وعصبيّته وزمجرته......اقشعر جسده ...
.
.
.
ثم بلل شفتيه: تفضل .....
وأشار إلى الكنبة المقابلة له....
.
.
أبا خالد.....بدأت شياطين الانس والجن تمر وتعبر وتركض أمام وجهه.....هذا هو الخائن....هذا هو المجرم...هذا هو الذنب الذي سعت وراؤه ديانا؟
يُقهره ان يقابله ......ان يُشاهده...ان يشاركه هذا المكان بسقف واحد....ولكن
زفر بضيق وهو يحاول ان يخمد هذه النيران ليفهم ما يريده ذلك الشيطان!
.
.
جلس
بينما مُراد سريعًا قال: راح اتركم لحالكم...
ثم خرج من الشقة بأكملها...فحان موعد عقد قران ايلاف وطارق....وعليه ان يعود لأخيه لتذليل العقبات لهم!
.
.
نظر إليه....وذلك ايضًا نظر إلى عينيه....
شدّ على كتفيه ....والآخر بدأ يهز برجليه اكثر....
لا يريد ان يبدأ بالكلام
لا يريد ان يشتمه الآن ويريه الغضب.....
اسند ظهره على الكنبة وتحدث بلا نفس: تكلم....شعندك؟
حاول ان يتمالك نفسه.....ان يصبح اكثر هدوء مهما كان
يريد حقًّا ان يعالج الأمور وان ينفذ وصيّت محبوبته
لم ينسى انها اوصته بأن يُخبر نور بالحقيقة ولم ينسى انها شددت بحروفها على عودتها للسعودية
يريد أن يشرح كل شيء ليزيل عن عاتقه هذا الحمل
فقال: نور...
قاطعه وكأنه يشتمه: قصدك نورة؟

تنفس أمير بضيق ....وفهم أنّ هذا اللقاء سيطول...وسيوجعه.....تيقّن انه عقابه ....من اجل ذنبه الذي استمر لهذا اليوم.....مسح على شعره من جديد...وشعر بألم جرحه وشد عليه قليلًا بيده ولم تخفى حركته على أبا خالد.....فعلم انه مصاب...او يعاني من مرض مزمن....

فخفف من حدته قليلًا ليقول: وش فيها؟
أمير تحدث بلهجة سعودية اكتسبها من نور ومن زوجته ديانا
: ضاعت .....
ثم اردف بشكل سريع لكي لا يقاطعه أبا خالد: عرفت كل شي.....عرفت اني خدعت ابوها يوسف....عرفت بانتحار أمها ...وعرفت اني مخبي بنتها....

وكانت هنا الصاعقة الكُبرى التي نزلت على رأسه لتفلقه إلى نصفين
ابنتها؟
هل تزوجت
ولكن يعلم انها صغيرة ...متى ؟...وأين....ومن يكون زوجها؟
عقد حاجبيه وتقدم قليلًا لطرف الكنبة : بنتها؟
ثم قال: هي تزوجت؟

أمير لا يعلم كيف يسرد عليه ملخّص حياة نور ويفهمه كل شيء في غمضة عين...لا يريد ان يصدمه ولا يريد أن يجعل الامر يطول .....ليأخذ من طاقته الشيء الكبير

فقال دون ان ينظر إليه : نور....عاشت بتذبذب...كبير....معنوي ونفسي...وحتى ديني...
فهم أبا خالد انّ امير بدأ بسرد ملخّص حياة ابنت أخيه
فسكت وهو يشّد على كفي يديه بغضب
: ما كانت متقبلة ببداية الامر العيشة بدون يوسف...بس حاولت أنا وامها....نشتت انتباهها عن الامر...وقدرنا...لكن نور...دخلت في مرحلة عصيان وكأنها تنتقم منا .....وضيّعت نفسها....في وهم حب...وتزوّجت دون علم أمها.....و...
قاطعه أبا خالد هنا بضياع : كيف؟
امير سكت هنا
شتم نفسه كيف يلفظ الكلمات كيف؟
: لم تزوجت كان عمرها سطعش سنة....
أبا خالد جن هنا وظنّ ان الزواج غير مصدّق وربما ابنتها تكون
غير شرعية ....تضخمت عليه الاسالة وبدأت نبرته تنخفض علامةً لصدمته وخوفه من الأجوبة
: اللي اعرفه فيه نظام ما يز...
قاطعه أمير بضعف: زوجها زوّر عمرها وكبّرها للسن القانوني......
نهض هنا أبا خالد ...شعر بالاختناق....نظر للشقة بغضب مسح على وجهه عدّت مرات...شد على قبضة يديه.....تنهد ...ثم بلل شفتيه..
فاكمل أمير ويده اليُسرى ترتجف: فجأة زوجها تركها....وعاشت في مرحلة اكتئاب حاد.......وبعد تقريبا شهر عرفنا انها حامل....وحاولت بعدها تجهض الجنين.....وحاولت الانتحار....


حدّق في أمير....وشفتيه ترتجفان بشدّة.....أيعقل هذا ما حدث لها في سن السادسة عشر من عمرها؟
يا ترى ماذا حدث بعد؟

ماذا تجرّعت ....هذا التخلّي جعلها تغوص في أعماق البحار....جعلها تغرق بلا حدود....دون ان تجد طوق نجاة لها لأنها هي من ارادت هذا الغرق....هي من ارادت الانغماس في شخصية سوداوية غير محبة للحياة من اجل الانتقام من والدتها ولكن اذّت نفسها بهذه الأفعال والأمور التي ادّت بِها إلى معانٍ كثيرة غير محببة للإنسان!

ازدرد ريقه ....وبغضب اردف: جايبني هنا عشان تقول لي وش سويتوا ببنت اخوي يا المجرم؟

أمير نهض وأشار له: بو خالد.......انا ندمان على كل شي....ومجبور أوضح إلكم .....شو صار حتى تتفهموا ....نور....نور .....مو متل ما تفكر....نور
وبثقل قال: مو مثل نورة.....
.
.
.
انقض هنا أبا خالد على امير امسكه من ياقة بدلته....شعر بالوجع من ناحية الإصابة ...شعر بالاختناق كلما شد أبا خالد ببدلته بالقرب من عُنقه.....مشى أبا خالد وهو يشد على امير الى ان اسقطه على الكنبة ....
تحدث: بعدتها عن ابوها.....تسببتوا فيها......والحين جاي تقول لي ندمان؟....ندمااااااااااااااااااااان هاااااااا....

أمير حاول ان يُهدأ أبا خالد ....هذا لم يشرح له الباقي ....ماذا لو شرح له ماذا سيفعل؟

حاول ان يصمد امام جرح قلبه...شد على يدين أبا خالد وابعدهما عنه بقوة.....ثم اخذ يتنفس بعمق
ثم تحدث بنفس متسارع: اسمعني .....حبيت ديانا أي...مانكر.....استغليت يوسف....وضعفه مانكر...بس عمري ما فكرت أأذي نور....نور مثل بنتي...لكن



قاطعه أبا خالد بعد ان الكمه على وجهه
غاضبًا: اسكت....اسكت .........انت دمرت اخوي مو بس استغليته.....خليته يعيش عذاب الضمير باسكات.....خايف.....وش مهدده فيه انتي وش مهدده فيه؟......هددته تسجنه؟.....تقلب عليه السالفة.....تخليه يكمل عمره في السجن؟......كل هذا حب...؟...كل هذا حب .....الله ياخذك....الله ياخذك.....فرّقت بين البنت وابوها...ودمّرت انسان......متشفق على شوفة بنته....

أمير مسح الدم بيده
والنازف من انفه

تحدث: لازم تسمعني لتفهم كل شي.....ما اقدر ابرر لك ...افعالي في يوسف......لانه حبي كان...

قاطعه أبا خالد بصرخة: حب أنانية......ومجرّد من أي إنسانية ........
أمير أشار له وهو يشد على جرحه ويغمض عينيه بوجع: بو خالد......نور بحاجه لكم.......فهمتها اني غلطان بحقكم....وخسرتها في لحظة..........
ثم اقترب منه: نور...ماتبيني...وما تبي احد...حتى بنتها......ضاعت...تشوفني وتشوف يوسف بنفس النظرة ..........مو قادر اسيطر على ردات فعلها.....مو قادر.....
كان سيضربه ولكن تحدث أمير بتعب: بكفي......انا مصاوب هون
أشار بالقرب من قلبه: هـ الاصابة عقاب لي على اللي صار في نور........انا موجوع من كل شي......انا ما فيني قوة اواجهك ولا اواجه يوسف....بس مشان نور...ومصلحته راح ...
قاطعه أبا خالد وهو يضرب على الجدار بيده: شنو صار طوال هالسنين اللي راحت.....شنو صار؟
امير بنفس يُسمع: اجلس...اهدأ....وخليني اخبرك بكل شي.....ما فيني احكي وانتّا هيك.....ساعدني احكي ......
نظر إليه أبا خالد...نظر لأحمرار وجهه......ومحاولته في التنفس.....رأى ضعفه ....وارتجاف اطراف جسده.......جملته الأخيرة جعلت جسده يرتعش خوفًا من المعرفة والحقائق الذي سيسدل الستار عنها أمير
جلس على الكنبة مسح على رأسه عدّت مرات
تحدث امير بصعوبة وهو يجر أنفاسه بضعف: حاليا هي مطلقة......تطلقت.........وانا وديانا قلنا لها بنتك ماتت بعد الولادة
التفت سريعًا هنا أبا خالد
ليكمل أمير: لأنه حالتها النفسية جدًا مضطربة وما كانت رغبانه في البنت.......فقلنا هذا الحل الأفضل عشان نقدر نستعيد نور......وهذا اللي صار...خذت البنت وكّلت مربية وممرضة لها بدار الايتام...مرت ست سنين ......وعرفت نور......

ضرب أبا خالد على فخذه، ابعدوها عن قطعة وجزء لا يتجزأ منها كردت فعل لخوفهم؟
أيعقل؟
اكمل أمير: ومن الأشياء اللي لازم تعرفوها نور ...تذبذبت من الناحية الدينية وصارت ...تئول انها مسيحية ...لكن...
وقف هنا أبا خالد لا يريد ان يستمع لهذه الحقائق المُرّة
نهض وهو يشد على رأسه مكررا بهمس: يا رب....

أمير سكت للحظات ولكن هو مصّر على شرح كل شيء....وإن كان موجعًا.....شرح كل الأشياء التي استطاع ان يختصرها .....انتحار ديانا...مكوثهم في أكسفورد وسبب خروجهم بعد تزعزع الأمن هناك......حمايته لنور......تحدث عن مراد.....عن خدعته....لنور.....وعن ندمه الآن ومحاولته في المساعدة ....تحدث شارحًا كل شيء لكي لا يلومونها على الصورة التي لا يحبذانها.....يعلم العادات والتقاليد التي يعرفونها.....نور....تعدّتها....بل محتها من ذاكرتها.....وفعلت ما يُعاكسها تمامًا....هو خائف عليها منهم ...
خائف من ردّت فعلهم.....نور...بحاجة الى تصحيح في سلوكياتها وهذا من الصعب...فهي ليست طفلة ....بل شابة تبلغ من العمر واحدة وعشرون سنة....فمن الصعب التحكم فيها .....
ولكن يعلم هي بحاجة للاحتضان من جديد
بحاجة الى التوجيه....
بحاجة للعودة إلى اصلها ..سيتخلّى عن انانيته
سيتنازل عن كل شيء من أجل سعادتها ...حتى لو كانت مقرونة بعيشها بعيدة عنه....
وهذا الامر مُتعب
يعلم الآن هو خسرها
وعلى يوسف ان يربح بقبولها به
ولكن متيّقن انّ هذا الامر مستحيلًا!

ولكن سيحاول فعل كل الأمور الذي تستدعي لاستعادتها الى شخصيتها الحقيقية
سيحاول وإن كلّفه الأمر الكثير
.
.
.
انتهت قصة وحياة نور......وزادت كراهية أبا خالد لأمير.....وديانا....ومُراد......واخذ يلوم يوسف على تهاونه في الامر وتخليه عنها ...كان عليه ان يُحكّم عقله
ألا يتسرع .....فمهما كان هي ابنته وان شككوه فيها....كان عليه ان يتمسك بها كما تمسكت بها والدتها....
لن يعقد مقارنة بينه وبين ديانا...ولكن كان عليه ان يتمهّل....
كان عليه ان يكون اكثر حكمه......ولكن ....
مسح على رأسه.....لمعت الدموع في عيناه...
من الأفضل ألا يرى يوسف ابنته....فمن حديث أمير وسرد قصتها......من الأكيد ستؤلم يوسف...ولن تتقبل رؤياه
ها هي الآن مبتعدة عن الاحضان التي ربّتها.....واجتمعت معها تحت سقف واحد.....ابتعدت كـ المخبولة ...عنهم لتنجو ...وتظفر بالراحة
عليهم الابتعاد وإلا ستشتعل النيران وتحرق الكثير منهم
تحدث اخيرًا أمير: يوسف لازم يجي لهون....
أبا خالد التفت عليه وبحده: ما راح تستقبله ...ويمكن هنا اخوي يموت....من القهر....
أمير بتعب: لازم يتحمل ردات فعلها....ولا نور بضيع اكثر...
لم يرد عليه بأي كلمة يشعر بالاختناق من الجلوس معه....ولو جلس اكثر لن يتمالك نفسه ومن الممكن ان يقتله....
خرج من الشقة
.
.
.
.

وهو على علم ومعرفة ان اخبر يوسف بالحقائق......ستزيد حالته سوءًا.....ويعلم ان نهاه عن المجيء هنا ....سيصّر اكثر على لُقياها.....شتم والدتها سرًّا....وتساءل أي حب هذا الذي اضاعت فيه ابنتها؟ أي حُب.....ها هي تركت الحُب وتركت ابنتها ضائعة بلا هوية ...وبلا وطن...وروح.....ركب السيارة ...سحب هاتفه اتصل على أبا سيف
والذي اتصل عليه قبل أن يدخل الشقة ......لم يأخذ عشر ثوانٍ حتى به أجاب
.
.
.

: هلا بو خالد طمني....وش صار؟....قابلت أمير؟
بو خالد مسح على جبينه ونظر للمارة من خلال النافذة
: يوسف المفروض ما يشوف بنته...
أبا سيف عقد حاجبيه: ليش وش صاير فيها شي؟
بو خالد بتنهد: والله مادري كيف اقولك.....شي ما يستوعبه العقل......قابلة امير وقال لي عن حياتها كلها......لوصلت بتصل عليك افهمك......كل شي حاليا انا بالسيارة ....
بو سيف: طيب....انتظرك.....مع السلامة
اغلق الخط ...بينما تحدثت هنا زوجته
: شقالك اخوي؟....هاللي وجهك تغيّر؟
بو سيف : قابل امير.....وقال بتصل عليك اشوي وافهمك كل شي....بس نبرته خوفتني...
ام سيف بتنهد تقدمت لناحيته وجلست أمامه: كلنا خايفين ....يوسف مو على طبيعته........تغيّر..... وصحته يوم عن يوم تدّهور......
بو سيف طبطب على يدها: الله يجيب العواقب سليمة ....

همست : يارب..

ثم تذكر الامر الذي شغل باله كثيرًا....وجعله يتوتر أكثر....
احب ان يُخبرها بكل شيء بهدوء...لتتفهم الأمور.....ليجعلها تتقبل فيما بعد رأيه....هو خائف عليها ...وخائف منها ومن ردّت فعلها ....ولكن من الواضح امر يوسف وابنته سيطول....وعلى زوجته ان تتقبل الامر في اسرع وقت ممكن لتعطي مجالًا لقصي البقاء معها ......بشكل شبه مستقر!

بينما هي نوّت النهوض والخروج من الغرفة ولكن قال
: نجلا اجلسي ابي اكلمك في موضوع....مهم....
ام سيف نظرت إلى زوجها : خير اللهم اجعله خير....
بو سيف بدأ يتوتّر اكثر: خير خير....بس بسألك...وش رايك بخطيبة قصي؟
ام سيف ابتسمت وتهلل وجهها: اشهد انها بنت اخلاق......ورزانة......ما هيب نفس بنات هالجيل الطايش رغم انها منهم...... جزى الله من رباها الجنة ان شاء الله .....

بو سيف تطمئن هنا قليلًا ثم قال: اجل سمعيني للأخير......

نظرت إليه بشك

ثم قال : نجلا ......
وبتردد شد على كفي يديها: نجلا وقصي مزوجين بالسر.....

نزل عليها الخبر كالصاعقة التي تهدم الكيان....اقشعر جسدها.....ورمشت بعينيها بعدم استيعاب للأمر......نطقت بكل سرعة ونبرة مخيفة: ايييييييييييييييييش؟

ثم اخذت تنظر لزوجها ....وهي تسترجع الاحداث...تأخره عن المنزل......طلب زوجها في ان تكون الملكة ...سريعًا.....ان يكون كل شي سريع ..ولكن مع فرحها خضعت لكل شيء......دون أن تدقق في الأمور ....شعرت لوهلة بالاستغفال

نهضت وهي تقول بكل عصبية : وانت تدري وسااااااااااااكت؟...وراضي بعد..

نهض هنا وأشار لها: نجلا اهدي وخليني اشرح لك كل شي....

ام سيف بغضب: وش تشرح انت وولدك مستغفليني طولة هالفترة.......
وبتفكير: وحتى أهلها ....مستغفليني....اخطب...وانتظر الرد....وتعالي اشتري ذهب....وحددي موعد الملكة.....ظافر جنيت يومنك تطاوع ولدك في هالخبال.....ياخذ لي وحده رضت على نفسها بالمسيار ما ندري و...
قاطعها بحدّة صوته: نجلا.....صوتك لا يعلى علي........انا فهمت من قصي وعمها السالفة....البنت شريفة.........وما عليها كلام......العيب في ولدك....اللي استغل طيبة عمها.......وتزوجها....بالسر......بس زين عرف ...اللي جالس يسويه ظلم لها...وهي توها بنت عمرها سبعطعش سنة........

مسحت ام سيف على رأسها ....بحنق.....اشارت له بغضب: وليش ما خليته يطلقها.....ليش دبسته فيها؟.......وهو يومه يبي العرس...ليش ما قال لي......
تحدث أبا سيف : الولد خذ قرار طايش....وزين انه صلحه....

ام سيف ضربت على فخذيها بقهر: وش صلّح وش صلّح يا ظافر.....كاذبين علي وعلى الكل.....زواج طبيعي....وهم مزوجين !!!.......وانا قول وين يروح ويتأخر....بالليل......غلط عليك ...شجعته ياخذها.....
بو سيف خرج عن طوره: قلت لك....عايلة السامي والنعم فيهم كلهم......عمها شرح لي كل شي......غير كذا ....زوجته حامل ...

شعرت بوقوع مصيبة أخرى على رأسها.....نظرت لزوجها.....وبقهر قالت: بععععععععد؟

كانت ستخرج ولكن سحب يدها زوجها وهو يقول: وش بيفرق الحين ....انتي شفتي البنت كيف.....اخلاق......خلينا نخلص من هالموضوع......ساعديني ...لا زيديني ضيم وقهر فيه.....

نفضت يدها منه وبعصبية: لاخذتوا بشوري...ولا سمعتوا كلمتي....بس تقولون لي سوي وفعلي...وش شايفيني....ها.......

بو سيف تعوذ من الشيطان الرجيم وتنهد بالاستغفار
ثم قال: يا مره......الولد خلاص يبيها واقتنع فيها...مانبي فضايح ......
لم تستمع له خرجت وهي غضبه وتصرخ: قصصصصصصصصصصصي......قصييييييييييييي......

كانوا جالسون في الصالة ومن ضمنهم سيف....سمعوا صوت والدتهم
والتفت عزام: شفيها تصارخ؟
نهض قصي راكضًا ليتقدم للدرج ولكن هي سبقته بالنزول وخلفها زوجها
تحدثت بعصبية وهي تشير له: يومك تبي العرس....ليش ما جيتني...وقلت...يمه خطبي لي بدل.....زواج المسيار هذا.......

جميعهم سكتوا ونظروا إلى غضب والدتهم.....

همس جسّار: ليش ابوي قال لها؟

سيف نظر لقصي وجموده

بينما تحدث أبا سيف: نجلا.....قلت لك...صار اللي صار...وهذا اختياره وراضي فيه....حنا علينا التقبل......ونلملم الموضوع.......

التفتت عليه: وش تلملم فيه؟
ثم التفتت على ابنها: انا تستغفلني كذا يا قصي؟...انا....

قصي بتردد: يمه....

قاطعته: جب ولا كلمة.......وطلقها.....والله .....ما راح اسمح لكم تسوون عر...
قاطعها زوجها: نجلااااااااااااااااا.........انا قلت أقول لك....عشان تتفهمين قراري بعدها........مو تزيدين الوضع تعقيد اكثر ما هو متعقد.......

ام سيف التفت على زوجها: وش قراره بعده؟

بو سيف نزل واقترب من أبناؤه: تعرفين سالفة اخوك.....يوسف ونورة...مطولة .....وزوجة ولدك حامل......وما نبي نطول بالشهور.....ويطلع كلام عليها.......فقلنا نسوي لهم حفلة بسيطة ويجيبها هنا ونخلص....

ام سيف بقهر: الله ...الله عليك...حل حلو....

ثم صرخت في وجه ابنها: والله ما تطب رجلها في هالبيت ......
قصي بنرفزة: يمه........انتي شفتيها.....ورضيتي فيها....وش غيّر يومنك عرفتي اني أصلا مزوجها.....

ام سيف بعصبية: انت استغفلتني انت وابوك....ولا حسبت لي حساب...
وبغضب: ومنو هذي اللي ترضى على نفسها تزوج مسيار غير...

قصي قاطعها وهو يشد على قبضة يديه ومغمض لعينيه: ما فيه اشرررررررررررررف من مُهره يمه.........

سكتت هنا والدته ونظرت إليه ونظرت إلى زوجها ثم قالت
: اطلع برا .........
سيف هنا تدخل : يمه...
اشارت له: انت لا تدّخل...

أبا سيف قال: ماحد بيطلع برا يا نجلا....

جسّار خاف من ان تسوء الامور فقال : قصي تعال ...لم تهدأ

قصي سحب كتفه من أخيه وهو يقول لأمه: يمه انتي راضية عليها الحين شصار؟......اي تزوجتها......تزوجتها ......عشان ماحد يدّخل فيني بعدها وحدد لي منو آخذ.......خذتها عشان لا اصير مثل سسسسسسسيف.......

عزام هنا تحدث بحده: قصييييييييييييييييي....

أبا سيف عقد حاجبيه
بينما نجلا ضمت شفتيها وانتقلت عيناها على سيف الذي يقف بجانب قصي ويحدّق فيه كالمصدوم

قصي قال: انا ما حبيت مُهره.......ولا خذتها عشان احبها...خذتها .....عنّد لأفكارك يا يمه.....بالاخير حسيت نفسي ....اغرق.....وبغلط........بس الحمد لله صحيت على نفسي......

بو سيف بعدم فهم: شقول انت؟

جسّار نظر لأبيه ثم قصي: قصي قلت لك امش....
قصي : راح اطلع يا يمه....راح اطلع.......بس خاطري ....خاطري يجي يوم وتتقبلين فيه قراراتنا .....بدل ما تفرضين قرارك علينا......

ثم مشى لناحية الباب وخرج

بو سيف نظر لزوجته: شقصده ولدك؟

ام سيف صُعقت من تفكير ابنها.....سكتت حتى الاحرف جمدّت في فاهها نظرت لسيف وعينيها غارقتين بالدموع....
تحدث سيف: يبه ما يقصد شي......ولدك هذا هو ما تغير لا عصب قال .....
قاطعه هنا بتذكر: متى الجازي بترجع....
عزام فهم سياسة ابيه هنا وخشي على والدته فقال: يمه تعالي....
ازدردت ريقها ومسحت على وجهها
ليردف سيف: الحين خلنا في قصي....انا والجازي حطونا على جنب....
بو سيف شعر انّ هناك امر ولكن لا يريد ان يطيل الوقوف معهم...فأبا خالد من المؤكد اتصل عليه الآن
لن يخلط الحابل بالنابل

ولكن أشار لهم بتهديد: اقسم بالله......لو سويتوا شي من وراي من الآن.....حسابكم عسير عندي.......

ثم قال لسيف: وانت يا سيف.......انا شايل نفسي من سالفتك عشان مصلحتك بس واضح...لا انت ولا اخوانك...تعرفون مصلحتكم ....كأنكم بزران...انتوا تغلطون وانا اصحح من وراكم هالاغلاط....وامكم تاخذين بالصيحة والصراخ...وتلومني.....بس اخلص من سالفة يوسف....التفت عليك....

ثم صعد لغرفته
بينما ام سيف نظرت لسيف الذي مسح على رأسه
ثم تحدث بنرفزة : اتصل على خوك...
جسّار بجدية: تركه عنك....خله بس تهجد شياطينه بيرجع....
بينما عزام اجبر والدته على الجلوس
وطبطب على ظهرها
بينما دموعها انسابت على خديها
فقال : يمه لا إلا دموعك....ما عاش من ينزّلها....
عضت على شفتيها ونظرت لسيف...شعر بها سيف.....وفهم هذه النظرات فاقترب منها وامسك كفّي يديها وقبلهما
: يمه لا تحطين كلام هالبزر براسك......
ام سيف : كلامه صح يا يمه......
سيف بوجع: لا يمه مو صح....هدي نفسك بس....
جسّار ذهب لناحية المطبخ لجلب الماء
فقالت والدته : اسفه يا يمه.......لو ظلمتك...
سيف قبل جبينها : يمه...شالكلام.......اهدي الحين ....ولا تفكرين لا بكلام قصي...ولا بغيره...
عزام نظر اليها: يعني ما تعرفين قصي.....يمه.....
ام سيف نهضت عند قدوم جسّار وهي تقول: اتصلوا عليه خلوه يرجع.......
جسّار اقترب منها: يمه شربي لو اشوي...
ام سيف هدأت ...وسكنت عواصفها بعد ضربة قصي بالحديث عليها...
تنهدت: مابي......بروح ارتاح...
ثم توجّهت لعتبات الدرج
جسّار بهمس: ما كان المفروض ابوي يعلمها...
عزام : ما علمها إلا على شان الأوضاع ....
سيف شد على جبينه: اتصلوا على هالخبل...
جسّار جلس بالقرب منها: ما راح يرد عليك....عطوه طاف....ولهدا بيجي....
عزام طبطب على كتف أخيه: وانت لا تحط في خاطرك ......من كلامه........
سيف شبّك أصابع يديه مع بعضهما البعض: امي اللي بتحطم مو انا....
جسّار نظر اليه
ثم قال بعد ان نهض: اتصلوا عليه لا تنسون...
عزام : وانت وين رايح...
سيف: المستشفى....عن اذنكم
ثم صعد لجناحه
جسّار بغضب: حقيقي قصي جاب العيد في الأولي والتالي....
عزام بهدوء: دايم يجيب العيد.....مانكر امي كلامها غلط....بس هو بدل ما يخمد النار...زادها.....
جسّار : ها ما زلت مصر على الزواج؟
عزام ضحك: هههههههههههههه لا لا...بعّد بعيد.....هوّنا...
جسّار : هههههههههههههههههههههه تعقّد الولد......
عزام : مو وقته الحين بعدين ...الاوضاع حيل شابه ضو....

جسّار: ولا بعد سالفة خالي ....والكل صاير ....كبريت....
عزام هز برأسه: الله يسر الأمور....
.
.
.
.
حُرقة بقلبه واحراج
كان يتخيّل ردّت فعلها ولكن ليست على هذا النحو من عدم القبول المبالغ فيه!
ظن انها ستحرقه ولكن ليست بهذه الطريقة
ويعلم جيّدًا أنّ ردّه عليها ، احرق فؤادها...
ولكن حقًّا هو لا يعلم كيف انصاع وراء هذا التهوّر، هذا الطيش
حتى به ....قررّ ان يقترن بتلك الضعيفة .....حتى به شوّه براءتها...وسلب روحها في بداية الأمر !
لا يدري كيف تطوّرت مشاعره ناحيتها ...حتى به ايقن انه لن يستطيع العيش بلاياها
لم ينوي حبها ولم ينوي ان يطول امر زواجه منها
ولكن كل شيء اصبح جميل في عينه بعدما استيقظ على نفسه
ولم يتردد في اصلاح الأمر ابدًا !
حقًّا هو مقتنع فيها....حقًّا اصبح عاشقها.....لا يريد من احد ان يُفسد عليه كل هذه الأمور
الحب....العشق....وربما الهُيام.....
سحب هاتفه ....اتصل عليها
اختصر حديثه: جهزي نفسك بمرّك....
واغلق الخط ...لم يُعطيها مُهلة حتى في الرد
اغلقه ....وتوقف عند الإشارة ....تنهّد بضيق
فكّر مطولًّا بحديثه .....مسح على وجهه احزن والدته
يعلم بذلك ...وربما ستخاصمه لفترة طويلة
وفي هذه الأثناء من التفكير العميق اتصلت مُهره .....ولكن لم يُجيب عليها.....انفتحت الإشارة
لف يمينًا ....اكمل سيره ......ثم توقف عند منزل أبا محمد.....
اغمض عينيه ....ثم اتصل من جديد
فقالت: قصي شفيك الله يهديك ما ترد.....وشو الحين بتجي؟...شصاير؟
قصي بنبرة هادئة: طلعي انا عند الباب...
مُهره نهضت من على السرير وبصدمة: من جدّك قصي؟
قصي : لا طولين انا انتظر......
ثم اغلق....بينما مُهره لن تنكر انّ الأمر اسعدها فجدران هذا المنزل يحتفظ بصدى بكاؤها المكبوت بين ثنايا صدرها!
تشعر بالاختناق لم تتردد في الخروج له سحبت عباءتها ارتدتها
سحبت الحقيبة التي لم تفرّغ ما بداخلها اصلًا

ثم خرجت ...
.
.
.
بينما قصي ....صادف ...ابا محمد قادم .....خرج من السيارة .....وباحترام شديد له...اقترب ثم قبّل رأسه
فقال أبا محمد بابتسامة: يا هلا بوليدي.......تفضل تفضل.....
قصي اجبر نفسه على الابتسامة: زاد فضلك....لا والله مستعجل....جيت آخذ مُهره وامشي....
بو محمد بتعجب: تاخذها....
هز رأسه قصي
فضحك أبا محمد بخفة: واضح بنت اخوي خذت عقلك كله.....
ابتسم قصي على مضض هنا....ثم خرجت مُهره .....والتفت قصي لها...وتقدم ليأخذ الحقيبة منها
فقال أبا محمد: دير بالك عليها يا قصي وانتبه للطريق...
بينما مُهره قبّلت رأس عمها وسلمت عليه ثم
دخلت السيارة
وزفرت بصوت مسموع
على دخول قصي واغلاقه للباب
تحدثت : زين انك جيت.....حسيت راح اختنق...
قصي قبل أن يتحرك من أمام المنزل: ليش احد زعلك...
مُهره نظرت لعينيه: لا ...بس اكره هالبيت ......احس يذكرني......بكل شيء سيء صار لي...
قصي تفهم وضعها
وابتسم: خلاص.....ما راح اجيبك هنا إلا للزيارات بس.......وفي خبر حلو ...
مُهره ابتسمت خلف نقابها: وشو؟
قصي يحاول ان يتناسى ما حدث: راح تملين من ريحة عطري من اليوم....
مُهره لم تفهم مغزاه : كيف؟
قصي بدأ بقيادة سيارته: راح استقر معاك هالفترة في الشقة....
مُهره شعرت بالفرح....والسعادة شعرت بحبه وصدق مشاعره ...ويومًا عن يوم هو يثبت ذلك لها دون ان يشعر!...ولكن خشيت انّ هناك امر يُخفيه عليها فقالت: من جدك قصي؟
ابتسم والتفت عليها سريعًا: والله....ولا ما تبيني؟
مُهره ضحكت بخفة : إلّا.....بس ليش؟...كذا فجأة....
قصي بحديث متقصد ليحرجها: اكتشفت ماقدر افارقك يا مُهره...
مُهره غاصت في حياؤها وقالت بعد ان كحّت مرتين: انتبه للطريق...
قصي هنا ضحك بخفة وفهم أنها تضيّع حياؤها بجملتها تلك ثم قال: برّوح مطعم نتعشى ......
مُهره هزت رأسها برضى ...وقلبها بدأ يطمئن ...من وجود قصي بحياتها....وعقلها بدأ يتقبل فكرة الاقتران بها للأبد
.
.
.
لا تعرف كيف تصف شعورها......بعد ان وقعت بجانب اسمها.....بعد ان علمت انها ستكمل حياتها معه....تشعر بالاضطراب...تشعر بالتسرّع ولكن ....هي متيقنة من حبه لها...هي لم ترى منه إلا الخير....هو من وقف معها في السراء والضراء...هو من أملأ عليها وحدتها وخوفها في بداية قدومها إلى هنا ...لماذا الآن تخاف منه؟
هل بسبب ما حدث لها؟
ربما نعم ....
وقّع هو الآخر اخذ طارق وثيقة الزواج.......قبّل والدها رأسها......وابتسمت ...واختلج صوتها نبرة بكاء وهي ترد عليه: الله يبارك فيك....
كانت تتمنى ان يحتضنها....حقيقةً هو احتضنها ولكن ابتعد عنها سريعًا ولكن تمنّت ان يطول احتضانه لها فهي بحاجة إلى هذا الحضن ....بحاجة إلى هذا الحنان الأبوي......شعرت لوهلة انها لا تريد ان تكمل دراستها لا تريد ان ترتبط بطارق جلّا ما تريده البقاء بحضن والدها.....والنظر إلى وجهه الذي يبعث بداخلها السلام والاطمئنان ولكن لم يطول هذا الامر....
مشا بخطى متقاربة ......واقترب منها طارق ليهنّئها وقبّل جبينها بهدوء
حتى ارتعشت من قُبلته خوفًا....اجل خوفًا من الحياة الجديدة الذي دخلت فيها بلا مقدمات....وبلا تخطيط....
تشعر باضطراب مشاعرها على هذه الأثناء من الفرح!
وخالجتها نبرة البكاء اكثر حينما ركبا السيارة ....وسقطت انظارها على السائق
حقيقةً كان مُراد هو من يقود ولكن هي لا تعرفه ولا تعرف من يكون؟
لم تتردد في ان تبادر بعد ذلك من احتضان والدها من ناحيته اليسرى وضعت رأسها على صدره
بينما طارق ركب في المقعد الأمامي
وقاد مُراد السيارة لناحية المطار
لا تدري كم مضى من الوقت ربما ربع ساعة
وهي تحتضنه وهو يطبطب على كتفها بهدوء
تمنّت لو يداعب شعرها ولكن تذكرت انها التزمت في ارتداء الحجاب ......ارتدته باقتناع......ودون تردد....تشعر انه يحميها لا تدري لماذا ولكن هكذا اتاها الشعور!
تنهدت واغمضت عينيها ودّت لو تطول المسافات اكثر لكي تختفي عن هذا الوجود في احضانه
نزلت دموعها
لا تريد منه العودة للكويت
لا تريد ان تفقد هذا الحضن
هذا الدفء
وكل هذه الطمأنينة
ولكن فجأة توقفت السيارة وتوقف قلبها....
رفعت نفسها من على صدره نظرت لعينيه
كان جامد.....تزيّن وجه ابتسامة.....عجزت عن تفسيرها.....بينما هو حقًّا متأثر من كل شيء حدث لها...ِشعر بالخوف عليها ....شعر انه مقصرًّا في حقها....التمس حبها له وكأنه والدها الحقيقي...ولكن هذا ما تشعر به
فهي لا تظن يومًا انه ليس والدها!
هذا والدها الحقيقي اجل
هذا هو ......كيف لها ان تعرف انه ليس هو...بل خدعة لفقوها ......لمحي الفضيحة!
قبّل جبينها ثم قال: يلا بابا....
هزّت رأسها وفتحت الباب خرجت معه....
ونزل هنا مُراد وطارق...وكان هُناك ......سيارة سوداء مضللة .....انفتح باب السحب.....تنهّد ....ثم ضغط على الزر الصغير ليتحرك الكرسي ...ويخرج من الباب بسهولة...فتلك السيارة مخصصة له ولحالته.....نزل دون ان يمد يده للمساعدة
لمحه مُراد والذي هز برأسه له ان كل شيء انتهى وكل شي بخير....
ثم سقطت عيناه على ابنته...دومًا ما يراها من خلال الصور.....وفيديوهات قصيرة الدقيقة الواحدة حتّى!......لم يراها على الطبيعة ابدًا.....رآها كيف تحتضن والدها وتشد على خصره وكأنها تخبره
(لا تروح بعيد عني).....تبعهم .....إلى ان دخلوا المطار
شعرت بالاضطراب....شعرت بالخوف...شعرت بالوحدة ....تريد العودة للكويت...ما حدث لها..صعبًا ....واراضي هذه الدولة تذكّرها بكل شيء...تريد العودة الآن....
فاجأت ابيها بعد ان اعترضت
طريقة
احتضنته ....ومُراد هنا ازدرد ريقه
بينما طارق شعر بالتوتر من صوت بكاؤها
وجورج لم يرمش ابدًا ولم يزحزح ناظريه عنها
شدّت على مشاري بيدها باكية: تكفى اخذني معاك....يبه.....تكفى...

مشاري .....لا يدري ماذا يقول...يشعر انه ندم حينما وافقها على الابتعاث....شعر انه لا يقل حقارة عن ابيها بالتخلي عنها...شدّها إليه...واخذ يطبطب على ظهرها ويمسح عليه ....وهنا ارتجفت ...من حنيّته..... شدت عليه اكثر باكية ومصرّة على العودة معه........
وسمعوا النداء الأخير للرحلة
فابعدها عنه قائلًا: ايلاف يبه.......كملي اختباراتج....ورجعي.....لا ترجعين وتتركين كل شي بالنص....هانت وانا بوك....كلها كم شهر...
هزّت رأسها كالطفل.......شهقت ...وهي تمسح دموعها
باضطراب رجفة أصابع يدها: تكفى خذني.....مابي أعيش اهنيه أخاف....
طارق اوجعت قلبه....فهمها لا تشعر بالأمان بعد ما حدث لها...
بينما مُراد قال: مشاري نادوا على الرحلة
جورج ....غصّ في بكاء لا يستطيع ذرفه ابدًا!

مشاري نظر إلى مراد هز رأسه طوّق وجه ايلاف قبّل جبينها من جديد
: طارق معاج لا تخافين واوعدج كل يوم اتصل عليج...


ايلاف وكأنّ حصونها هُدمت هزّت رأسها برفض كالطفل الخائف ....ثم قالت بين شهقة وأخرى: قلتها لي من قبل...ولا سمعت حسك الا بعد اللي صار...

تعاتبه .......تزيد من وجع ضميره...
احتضنها وشعر بالضعف
طارق نظر لمُراد ومراد نظر لجورج الذي احتقن وجهه بمعالم حزينة....كان بعيد عنهم ولكن قريب منهم بحيث لا يشعران به!
معادلة اختلقها من نفسه ظنًّا منه انه يحميها هكذا!

مراد اقترب ....طبطب على كتف مشاري: يلا مشاري....
شدّت على والدها اكثر هنا.......تحدثت وهي مغمضة لعينيها: لا تروح تكفى يبه...لا تروح.......اخاف اضيع لرحت تكفى...
مشاري حزّ في خاطره حديثها.....طبطب على ظهرها ....وشدّها اليه ......ثم ابعدها وهو يمسك بكفي يدها قبلهما ثم
قال بنبرة حانية: راجع لج يا بوج....راجع....
ثم التفت على طارق سريعًا بوجه محمر ودموع تسربت إلى لحيته : دير بالك عليها يا طارق....تراها امانة عندك.....
هز طارق رأسه ...بهدوء ثم اقترب منها.....
وكاد مشاري يمشي عنها ولكن شدّت على طرف بذلته
ورمشت إلى ان انسابت الدموع من عينيها: تكفى لا تروح...
مُراد شعر الامر سيطول
فسحب يدها من بذلة والدها ووقف كالحاجز بينها وبين مشاري
وهمس سريعًا: امش......يلا....
مشاري نظر إلى مراد ومراد فهم نظراته هز رأسه وكأنه يقول(بصير بخير)
نظر إليها وهي تحاول الوصول اليه ولكن طارق اتى من خلفها واحتضنها وهي تبكي .....وتكرر
: يييييييبه....
جورج أشار للحارس ان يعطيه نظارته فأعطاه إياها
وارتدها شعر انه سيبكي في أي لحظة....
لذلك حركّ كرسيه وتبعوه الحرس من خلفه
بينما ايلاف انهارت باكية
وطارق شدها إليه يحاول تهدئتها...مُراد ساعد طارق في مسك ايلاف ....للخروج من المطار فهي لفتت انظار الجميع اليهم ......ولكن ايلاف كانت تضع ثقلها كاملًا على جزئها السفلي لتبطئ من حركتهما....فتحدث بحنان
طارق: ايلاف خلينا نمشي.....كلها كم شهر وحنا رادين الكويت....
بينما ايلاف ضربته وحاولت التفلت منه ولكن طبّق مُراد على جسدها الضئيل
وهي تكرر: خلوني اروح ويا ابوي......خلوني.....
احتضنها بقوة مُراد من جانبها الأيمن .....وثبّت يديها بيديه بلطف...
طارق لم يرد على فعلته ولكن سكت يريد ان يصل الى السيارة ليهدّئها .....فانهيارها هذا اخافه...وجعل عقله يتوقف عن التفكير والتصرف....
وبعد ان وصلا فتح طارق الباب سريعًا وبخفة مُراد ادخلها الى السيارة مجبوره!
فدخل طارق واحتضنها اليه وهو يقول: اششش....ايلاف اهدي تكفين....هدي....
ايلاف استسلمت ما بين يديه وهي تشهق: ابي ابوي
مُراد بدأ بالقيادة
ثم قال: لازم نوديها المستشفى ...علمود يعطونها مهدأ
طارق بخوف عليها : انزين اسرع

ايلاف بدأت تهذي ، وتكرر تريد والدها بصرخة وأخرى بشهقة ...وهو يشد عليها.....ويحاول التخفيف عنها إلا انها تزداد بحركاتها العشوائية تريد الخروج من السيارة وتلحق بوالدها!

شعر هنا طارق ...بوجعها ......بخوفها....بنفورها من هذا البلد.......ازدرد ريقه....لم يعتاد ان يراها على هذا النحو....
احتضن رأسها إلى صدره
واغمض عينيه وبهدوء اخذ يرتّل آيات قرآنية من سورة البقرة.......شعر بالخجل من نفسه وهو يقرأ الآيات وهو هاجرها مُنذ سنوات طويلة! لا يدري اصلًا كيف تذكرها الآن!
شعر قلبه يرتجف ويتخبط بداخله ولكن استمر في الترتيل...
ثم طوّق جسدها......واخذ يرتل بصوت اعلى بعد ان شعر بمحاولتها بالنهوض من حضنه من جديد

بينما مراد شعر بالتأثر من ترتيل طارق بصوته الشجي.....ومن بكاء ابنت أخيه...شعر بالكره ....لحياتهم السوداء....ولباسهم الأسود.....والمتخفي خلف نواياهم العقيمة......شعر انّ جورج أخيه خسر كل شيء....خسر ابنته....حبه......ماله...صحته....خسر كل شيء....ولا يستطيع استعادة جزء بسيط من هذه الأشياء حتى ابنته......فهي محبه لأبيها مشاري وتراه طوق نجاتها.........
حقًّا عليهم ان يحمونها من معرفة الحقائق وإلا ستنهدم
يجب ألا تعرف بالحقائق لكي لا يضيع حبها لأبيها مشاري في الريّاح المسممة!
زاد سرعته متجهًا للمستشفى ......وقلبه يخفق بقوة
.
.
.
.
تشعر بالاضطراب وعدم الأمان من تكرر صورتها وهي في المستشفى في بالها....تشعر بالخوف....من موجة قاتلة لقبلها
خائفة منها.....خائفة من ان ينكشف الستار وتخسر كل شيء.....الافضل الا ينكشف شيء....حتى لا تخسر زوجها ولا أبناؤها.....حتى ايلاف!
إن انكشف الامر ستكرهها ولن تظفر بها
سيلومها الجميع وأوّلهم هي
سيقتلونها بالعتاب والعقاب.....سيدمون جراحاتها التي تعبت وهي تداويها......سينقلب على رأسها كل شيء....لذلك هي تتمنّى موتها ليعم السلام .....ويبقى ما في الذاكرة كذكرى ....قابلة للنسيان....
لن تنكر.....انها احبتها حينما وضعوها على صدرها بعد ان انجبتها على صخرة القساوة من الحياة.....
لن تنكر انها اشتاقت لها فترة مطوّلة حينما اعطتها لجورج....وبكت الف مرة حينما يدر صدرها بالحليب ليذكرّها بها....
لن تنكر انها بقيت لفترة تشتم رائحة ملابسها الصغيرة وتجن لتحتضنها الجدران....
لن تنكر ولن تنسى محاولاتها في نسيانها للأبد
حتى بها استبدلت حبها وعذاب اشتياقها لها
بالكره وتمني الموت!
قسّت قلبها .....بعد ان تذكّر نفسها بأنها ابنت ابيها
جورج الذي خدعها....وجعلها تغرق في أمواج خداع حبه الشقي....
كرهتها ...وتمنّت موتها لتعيش...فهي ترى الأمر انها مظلومة ......
انظلمت بسبب سذاجتها ......وتفكيرها آنذاك....
وايلاف ما هي الا ثمرة لهذه السذاجة!
لا تريد من هذه الثمرة النضوج اكثر.....لا تريد ان تتعفّن يومًا وتنتشر رائحتها لجلب العقاب.....
لن تتنازل عن تمني الموت لها.....ولن تتنازل من حماية نفسها من ذكريات الماضي.....
قررت هذه الفترة السفر....والابتعاد ...مع زوجها....اخبرته انها متعبة ....وتريد ان تخرج في رحلة سفر للاستجمام.....
ولم يرفض لها امرًا حجز لهما تذاكر
للسفر للمالديف لمدة أسبوعين
تريد ان تبتعد عن حصة واجوائها الكئيبة
تريد الا تستمع لها لكي لا تخضع لها بمشاعر امومة قتلتها منذ سنين بداخلها
استيقظت من موج افكارها على صوت زوجها وهو يقول: دلال حياتي تأخرتي يلا...عاد ....خلينا نطلع ....
دلال أغلقت سحاب الجاكيت على جسدها ثم سحبت حقيبتها: كاني يايه ....
ثم هربت من أفكار كادت ان تتمكن منها ولكن قتلتها بكره شديد!
.
.
.
.
.

أصبحت كالجسد بِلا روح...هذه الايّام التي تمر بها حزينة وجدًا
كل شيء انكشف امام عينيها ببرود
كل شيء اخذ يدق قلبها وذاكرتها وكأنّه امر طبيعي معتادة عليه
هي اعتادت على كل الأشياء إلا الخذلان
شعرت بالكره للجميع
امير وديانا ويوسف
الكل
....تشعر بالإحباط من حياتها...كلما قالت الأمور بدأت تتسهل ...بل بالعكس تتصعب عليها....هي قادرة على تقبل كل شي ولكن من ...الصعب عليها ان تتقبل خذلانها من الجميع حتى تحت مسمّى الحماية
ومسمى الحُب!

تلوم يوسف وبشدّة كيف اقتنع بحديثهما؟ كيف تخلّى عنها بكل بساطة ....لماذا لم يُعطي نفسه مجالًا لاستيعاب الأمور
لماذا لم يتمهّل؟
هل اوجعته الخيانة ، هل اماتت قلبه لهذه الدرجة؟
ماذا فعلت به ديانا؟
الخيانة من شخص تعزّه وتحبه من أعماق أعماق قلبك
ستكون موجعة وعواقبها لم تتمناها يومًا!
هل اوجعت ديانا قلبك يا يوسف؟
هل كان حُبك لها صادقًا؟
يوسف تركها لكي لا يتذكر خيانة زوجته
وديانا اخذتها منه بحجة حبها لها
وهي عاشت في مسافات انانيتهما
من مشاعرهما التي طوّقت عنقها بعنف
وتدخّل أمير في حياتها .....وشعوره بالخوف عليها.....وتعامله معها وكأنها ابنته........وحبه ....كانت تشعر بحبه ....ولكن لم يكمل صورته الحسنة التي لا تستطع ان تعترف بها يومًا
هدم كيان هذه الصورة حينما ادركت كذبه عليها
وهو يكرر
يوسف لا يريدك
هو من زرع كرهها ليوسف
وهو من ساعد ديانا في العصيان!
لا تغفر لهذا ولا هذاك
لا تستطيع ان تغفر لهم
اما ذنب ديانا بالنسبة اليها عظيم....لم تضحّي بها بل ضحّت بيوسف.....لا تدري لماذا.....ربما بسبب حبها الجنوني لأمير....فهي لن تنسى انها ضحّت بها لتقضي شهر عسلها معه...ولكن عادت لها من جديد....ولكن يوسف ....لم يفعل شيء ...لم يبادر ليشعرها بأبوّته!
لماذا؟
هل بسبب تلك التحاليل وزيفها؟
جنّت هزت رأسها
لا تعرف كيف تهدّأ عقلها وتوقفه عن التفكير.....بالكاد درجة حرارتها انخفضت .......بالكاد أنفاسها انتظمت...
ولكن رجفتها لم تزول.....وعقلها لم يتوقف ابدًا عن التفكير....
تنظر للنور البسيط الذي يتسلل الغرفة من تحت الباب......تحدّق به......وتتمنى لو يُنير جانبًا من حياتها ولو بشكل البسيط......
استلقت على ظهرها....تذكرت أمور كثيرة ...منها....ابنتها....واحتضانها لساقيها...شعرت برعشة تتسلل لأطراف جسدها....ورجفة شفتيها؟
تساءلت كيف استطاعوا ابعادها عنها؟
كيف فكروا هكذا؟
وضعت يداها على بطنها واخذت تتحسس
تشعر بها الآن ...تمكث بداخلها....تتحرك بعشوائية.....سندرا كانت كثيرة الحركة في بطن والدتها ....وهذا الامر كان يؤنس وحشة نور ....ولكن لم تُظهر لهم ذلك...دومًا ما تظهر لهم كرهها لها.....
هل هي السبب في ابعاد ابنتها عنها؟
شدّت على بطنها.....تذكرت حينما شعرت بالمخاض....شعرت بتقطّع جسدها....وتسارع أنفاسها....شعرت بعدم قدرتها على الاستلقاء والجلوس وحتى الوقوف!
تمنّت الموت.....بكت بصوت عالٍ تستنجد للخلاص من المها.....تذكرت وجه والدتها ...وخوفها عليها...تذكرت صرختها...ثم اغمائها....وبعدها جلوسها.....متعبة ...
تذكرت حينما اخبروها انّ الطفلة توفيت !
لم تبكي بجانبهما.....بكت في ظلمة تُشابه ظلمتها الآن...بكت ......وكرهت ابنتها التي لم تبقى معها....بكت......وكرهت حبها الذي جعلها تعتصر المًا جسديًّا ومعنويًّا......
بكت ......بلا صوت.....وبعنين تحدقان بالسقف
تتساءل من هو المسؤول الأول عن حالتها ؟
اسالة تطرق رأسها
واجوبتها في ظلام دامس لا تريده حقيقةً
تنهدّت .....وحينما سمعت طرق حذاء احدهم
اغمضت عينيها وتظاهرت بالنوم
انفتح الباب.....كانت الساعة تشير الى الثانية عشر من منتصف اليل ....
اقترب منها ......نظر لوجهها لبقايا دموعها......لتنهدها اثر البكاء الطويل......هزّ رأسه بأسى وانحنى
ليضع يده اليسرى على جبينها
شعر انّ حرارتها انخفضت .....
جلس على طرف السرير
تحدث كالهمس: ما بتستاهلي كل شي عم يصير إلك يا نور......والله ما تستاهلي.....
ثم نهض.....وهي سمعته ......وسمعت تنهيداته....هذا الرجل....الرجل المنقذ بالنسبة لها...ولكن اوجعها حينما سلّم جوازها لأمير.....ولكن تشكره من داخلها آلافا من المرات على قبوله في طلبها حينما طلبته في ابعادها عن الجميع....
اغلق الباب
وفتحت عيناها .....حدّقت للنافذة ......ثم جلست على طرف السرير ....ِوتدلت رجلاها ...لتضرب اطراف قدمها بهدوء على الأرض الباردة......حدّقت بلا ملل...تريد شيئًا ....يخفف من وطء ما حدث لها...تريد ان تشعر بالراحة قليلًا.....تريد الهروب....من جسدها...لا من الأرض ....لا من المكان!
فهي تجزم ما إن تهرب سيلاقيها أمير....والجميع...لذلك لن تتعب نفسها.....لن تهرب ولكن ستهرب بعقلها نهضت
واقتربت من النافذة ......النافذة التي تطل على الحقل الخلفي من المنزل....النافذة التي لا تمتلك اسوار حديدية محكّمة.....فكرت....
ثم
.
.
طرق الباب بشكل خفيف.....التفتت هنا....
.
.
بينما في صالة المنزل أتت صوفيا لتفتح الباب ولكن أشار لها ماكس
(مترجم): صوفيا اذهبي ونامي...انا سأفتح الباب...

هزت رأسها ....حقيقةً تشعر بالتعب ...بعد الجهد الذي بذلته في مساعدة نور في الاستحمام...واللبس...والاكل ومراقبة حرارتها....تشعر انها فقدت طاقتها ما بين طبخ ورعايتها.....وتنظيف المنزل....لذلك دخلت الغرفة المخصصة لها وأقفلت عليها الباب....
بينما ماكس...توجّه لناحية الباب......ظن ان احد الحرس الخاصين بأمير أتوا لجلب الطعام الذي طلبه منهم .......ولكن لا....فتح الباب
وصعق
تحدث بصوت تسرب لمسامع نور الذي هبط صدرها بخوف: أميييييير؟
أمير دخل واغلق الباب ثم أشار لماكس
ليتبعه
ولكن ماكس خشي من ان تصحى نور وتحدث ضجة
فقال: أمير دخيل الله ......روح من هون لا تجلس نور....وتوجعك بالحكي..وتوجع نفسها....
أمير نظر لماكس لحيرته وارتباكه
: ابي اشوفها ئلبي....حاسس انها تعبانه كتير....عجزت انام يا ماكس.....بدي شوف بنتي

أغلقت عينيها هنا وسقطت دموع ثقيلة على خديها على كلمة
(بنتي)
تعلم أمير يحبها...يعزها ....يعتبرها مثل ابنته.....تحمل كلماتها القاسية في ذلك الوقت .......تحمل كلماتها البذيئة ......وتصرفاتها المتهورة والطائشة....كان دومًا ما يسحبها من أيادي والدتها حينما تضربها....يطبطب عليها بعد ان يقسي عليها.......يعتذر لها بتصرفات ابويّة حاولت تُظهر انها تكرهها.....
تنفست بصوت مسموع.....تشعر بالخوف.....تشعر بالاضطراب.....

سمعت ماكس: هيّا نايمة.......وبخير...
أمير تقدم وهو يقول: خليني اشوفها...

نور تداركت الامر ركضت لناحية السرير ......استلقت عليه ...وتظاهرت بالنوم من جديد.....

ماكس شعر بأمير...شعر بحزنه....وبضيقة ...اشار له على غرفتها.....مسح هنا امير دموعه ومشى بهدوء.....وتبعه ماكس.......
وضع امير يده على مقبص الباب
وشدّت نور على قبضة يديها وعينيها ....تحاول ان تسيطر على تسارع نبضات قلبها الهائج بخوف.....وتنفسها المتسارع بحيرة الأمر!

تسلل النور الى الغرفة وترك الباب امير مفتوحًا .....دخل .....وماكس تبعه واشعل الانارة الخافتة ليمكن أمير من رؤيتها....
مشى امير وعينيه على الجسد المستلقي على السرير بلا حول ولا قوة
بينما هي كانت تشعر به يقترب....تشعر به....تريد ان يقترب اكثر...يحتضنها...يخفف عنها ....ولو بشيء قليل...ولو كان هو سبب اوجاعها....هي اعتادت على ان تحتضن مسببي اوجاعها ...تقسم انها اعتادت.....تريد ان يقترب...ليلملم شتاتها....لتشتم رائحة ابوّته .....تريده ...هي بحاجة اليه .....بحاجة الى حضنه.....
شعرت بجلوسه على طرف السرير

ماكس تقدم .....ونظر الى سكون الغرفة ...
بينما امير....رفع يده ...بتردد كبير.....مررها على شعرها المبعثر على الوسادة......بهدوء

نور كتمت أنفاسها قليلًا
تحدث امير كالهمس: سامحيني......

تسللت رجفة الى جسدها......شعرت بانكساره ...وبنبرة بكاؤه....شعرت بحزنه.....وبوجعه ولكن اوجاعها مضاعفة منه ومن الجميع!

شعرت انه يقترب منها اكثر
ويسحب كف يدها اليمنى ويقبلها.....
ليكمل: كنا بنظن باللي ساويناه راح نحميك يا نور.....راح نخليك تعيشي بسعادة لكن ظنونا .....وصلتنا لهون!
قبّل اصبعا الابهام ثم السبابة ....وشعرت برطوبة على باطن كفها...وادركت هنا انّ هذه دموعه....
ماكس تكتف وازدرد ريقه وشتت ناظريه عنه حينما رأى امير يبكي.....
وهو يقول: والله لم اكرهك في يوسف.....لأني كنت خايف تروحي مني...مو بس عشان امّك بدها ياكي...لا انا ما بئدر اتخلّى عنكي يا بنتي...
قبّل اصبعها البنصر ثم شهق بصوت واطي: بس ما انكر انني أناني.....
ترك يدها....وشعرت انها ستنهض وتنهار في احضانه باكية ....
ولكن لم يترك لها مجالًا......ابدًا......شعرت انه ينحني ليصل لمستوى جسدها على الفراش...واهداها قبلة اعتذار......على جبينها وما بين عينيها........
ثم همس من جديد: سامحيني....
ثم سمعت طرق نعليه وهو يبتعد عنها ويخرج.......
شعرت بإطفاء الإنارة ...ليعم الظلام من جديد....
فتحت عيناها ......وضعت يداها على فمها كممت فمها لتبكي .....بجنون....ذرفت دموع كثيرة....رجف جسدها.....وقلبها في الآن نفسه...نهضت ...وكادت تتعثر ولكن تمسكت بالجدار واسندت رأسها عليه
وسمعت
: يوسف ....ابوها لنور...راح يجي بكرا لهون.......
ماكس بفجعة: شوووووووو؟

نور ضاقت أنفاسها.....لم تتخيّل ان ترى والدها بعد كل هذه الاعترافات .....هي على غير استعداد.....هي الآن ميّته كيف تراه.....كيف؟...هل ستسامحه....هل ستخضع له حينما يقول لها سنعود للبلاد
هزت رأسها بلا.....
وسمعت أمير: عمها لنور...أجاني اليوم...وحكيتوا عن كل شي...وئلت إلوا انا خسرت نور....وخايف اخسرها بشكل أبدي...فلازم يوسف يجي....ووقف الأمور لهون ...ئبل ما تسيء
ماكس : لالا امير.....نور هلأ ما بتتحمل صدمة جديدة....شو تشوف بيّا ما بيّا.....والله راح تموتوها للبنت....أمير...
ربت أمير على كتف ماكس : مهمتك تخبرها...وراح كون هون الصباح......تصبح على خير....
ثم خرج
وسمعت اغلاق الباب....وتنهد امير وتأففه بخوف من الامر....
لم تتحمل الامر بكت بصوت عالٍ ثم خرجت من الغرفة ...وركضت لناحية الباب تحت انظار ماكس المصدوم تبعها ولكن توقف حينما....توقفت واسندت جبينها على الباب وبكت ...وهي ترتجف......وهي تشد على قلبها .......وتجثل على ركبتيها ببطء.....لم يفهم ..هل سمعت كل شيء؟
هل كانت.....قاطع ظنونه واقترب منها........وضع يديه على كتفيها....
تريد أمير.....لا تريد يوسف.....لا تريد ان تسامحهما...ولكن لا تريد ان تخسر أمير
لا تريد ان يتنازل عنها كما فعل يوسف
لا تريد أن يقدمها له بسهولة.....
هي لا تريدهما....لا تريد ولكن
لا تدري لا تدري صرخت ...بقوة ......حتى صوفيا خرجت تنظر اليهما برعب....
ماكس خشي عليها هنا....هزها
: نورر؟
صرخت من جديد وكأنها تخبره .......كيف وضعها امير في هذا الموقف
كيف يقدمها ليوسف؟ كيف؟
التفتت على ماكس وحضنته بقوة
حتى صوفيا ظنّت انها تلقّت خبر موت احد اقرباؤها وبكت هي الأخرى بدموع
ماكس لم يستطع ان يبقى بلا تأثر .....لم يستطع ان يخبأ حزنه عليها بكى بدموع...وشدها اليه ...يعلم انها عانت ....عانت كثيرًا .....يعلم انها انجبرت على معيشة لا تطيقها....ويعلم انها تجرعت آلامًا لا تستحقها ولكن ماذا يفعل؟

نور
هي خائفة....من ان تبتعد عن أحضان امير الذي تكرهه.....وعن والدتها التي دفنت بعيدًا عنها....لا تريد رؤية يوسف....لا تريد ان يأخذها لأرض لفظتها من باطنها بكره....لا تريد ان تعود لوطن لا تعرف عنه شيء سوى انه طردها عنه بقساوة....لا تريد ان تعود .....لغربة جديدة!
إلى هنا يكفي
لا تريد هذا العذاب....
انهضها ماكس
وهي ما زالت متشبثة به...تشعر انه نجاتها.....تشعر انه من بعد الآن ارضها وموطنها الذي تستطيع العيش بداخله........وإن فرضت نفسها عليه....ما يهمها الآن هو شعورها.....بكت وشدّت على رقبته .....بكت وهي ترتجف....
اغمضت عينيها.....همست في اذنه
بوجع وخوف
ورجاء من قبوله لطلبها
شهقت وهي تقول له: تتزوّجني؟!




انتهى






اتمنى للجميع قراءة ممتعة


تحياتي محبتكم
شتات الكون



حابة انوّه على شغله مهمة


في غلط سقط مني سهوا
ذكرته ببارت 27

اسم حصة
ام ناصر
الاسم لها الاساس
منيرة
ما نتبهت إلا لم نبهتني

غاليتي اafnan20
فاعتذر على الخطأ



 

رد مع اقتباس