عرض مشاركة واحدة
قديم 09-21-2022, 08:17 PM   #3
ساي
عضو جديد


الصورة الرمزية ساي
ساي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1308
 تاريخ التسجيل :  Jul 2020
 المشاركات : 2,292 [ + ]
 التقييم :  3532
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Silver
شكراً: 0
تم شكره 4 مرة في 4 مشاركة

مشاهدة أوسمتي



. الفصل الثاني
-----------------------------------

إن أعظم درجات الشجاعة هي أن تعترف بأنك خائف.

-----------------------------------

لا يمكن لأحد أن يدعي بأن (ساي) كان من النوع الجبان المتخوف.
بل على العكس تماماً , كان من الصنف اللذي لا يجد مشكلةً في مواجهة ما لا يستطيع بقية الناس تحمله , مما أكسبه سمعةً مفادها بأنه غير طبيعي , وذلك بدعم من (أمورا) التي تصفه دوماً بالكائن غريب الأطوار.

ولكنه في الواقع , وفي هذه اللحظات بالذات , كان خائفاً. ليس هناك من سبب معين يبعثه على الشعور بذلك , ولكنه فقط إحساس مُلحٌ في أعماقه , وهو قد تعلم أن يستمع للأحاسيس الغير مفهومة حيث أنها في الأغلب على حق.

كان الممر الأيسر مشابهاً نوعاٍ ما للممر الأيمن , بإستثناء أن الإضاءة هنا كانت أفضل بقليل. الأبواب الخشبية المنقوشة كانت مواجهة لبعضها البعض على طرفي الممر اللذي إنحرف بزاويةً قائمةً ليتصل بممر آخر يتجه شمالاً.

حاول أن يفتح الباب الأول بحذر ولكنه كان موصداً بإحكام , وكذلك كان الباب المواجه له. لم يختلف الأمر مع باقي الأبواب في الممر , وقد زاد ذلك من توتره أكثر , حيث لا يمكن أن يكون أصدقاؤه مختبئين في غرفٍ مغلقة. تذكر فجأةً بأنه رأى سلماً رخامياً كبيراً في مؤخرة البهو الرئيسي , لربما كانوا بالطابق الثاني ؟ أخبر نفسه بأن يتجه للأعلى في حال إستمرت محاولاته في فتح الأبواب بالفشل.

وفور أن إستدار يميناً ليتجه للممر المقابل , وجد ذلك الشيء أمام ناظريه في نهاية الممر.

لربما كان وصفه بـ "الشيء" مبهماً نوعاً ما , ولكنه كان فعلاً كذلك. شيءٌ غامضٌ وصعب الرؤية في السواد الذي جثم على نهاية الممر كستارة نسجت من الظلام. ولكن .. بدون أدنى شك .. كان هناك شيء يتحرك ببطء هناك. ربما كانت الصدمة هي التي جعلت (ساي) يتسمَر في مكانه , وربما كان صوتاً دفيناً بداخله يخبره بأن لا يقدم على أي حركة تلفت الإنتباه له.

كان الصوت الوحيد هو صوت الشيء الواقف أمام الباب الواقع في نهاية الممر وهو يقوم بفتح الباب الخشبي ببطء , مصدراً أزيزاً عالياً يحطم الأعصاب. وقف (ساي) متصلباً مكانه حتى بعد أن دلف الشيء (أو الشخص؟) إلى الداخل وأنغلق الباب من خلفه , وبقي على هذه الحال لمدة دقيقتين أو أكثر , وهو يحادث نفسه بجنون ..
" مالذي حدث للتو ؟! لقد جننت , لا شك في ذلك .. (أمورا) كانت محقة , يجب علي أن أنام أكثر. (أمورا) ؟ أين هي ؟ وأين المغفل (نويل) ؟ هل أتبع هذا الشيء للداخل ؟ "

تمالك نفسه وتقدم للإمام , كان هناك باب واحد فقط وهو الباب الموجود في نهاية الممر. تقدم نحوه وهو يشعر بقشعريرة باردة تسري في أطرافه , ومد يده نحو المقبض النحاسي ليديره ببطء ..

كان الباب مقفلاً .

هذا مستحيل .. لقد حدث كل شيء أمامه .. كان هناك شيءٌ أو شخص غامض قام بفتح الباب والدخول بدون أي مشاكل.

ولكن .. هل حدث هذا فعلاً ؟

لسبب ما , بدأ يشعر بأن أفكاره وذكرياته أختلطت لتكون مزيجاً غير مفهوم من الصور الذهنية والأحاسيس.
لقد بدأ فعلياً بالشك في سلامة عقله , وكل هذه الأحداث تجعل قلقه على صديقيه يصل لمستويات جنونية. عندما يجدهما , سيترك لهما حرية القرار فيما إذا كان هو مجنوناً أم لا , كل ما يريده الآن هو أن يجدهما .. سالمين .

-----------------------------------

" لماذا أركض هكذا ؟"

تساءل في نفسه وهو ينطلق عائداً للبهو وهو يدعو في سِره بأن لا يجد شيئاً ما بإنتظاره هناك أيضاً. لحسن الحظ , كان البهو الرئيسي فارغاً وصامتاً. كانت الإحتمالات السيئة والأفكار السوداء تنهش عقله وهو يهرول صاعداً السلم الرخامي الواسع. إنه لا يعلم حتى إلى أين هو متجه , ولكنه لا يهتم الآن.

وصل إلى الطابق الثاني وهو منقطع الأنفاس. سحقاً .. منذ متى أصبح غير قادر على خوض مجهودٍ بدنيٍ بسيط كهذا ؟
لم يتوقف حتى ليقرر إلى أين سيذهب , بل أخذ يتنقل في الممرات عشوائياً , محاولاً فتح أيٍ من الأبواب المنتشرة فيها.

ولكن أياً منها لم يفتح إلى أن وصل إلى آخر الأبواب في الممر الأيمن.

عندما أمسك بالمقبض وحاول فتحه بسرعة , كان يتوقع أن يكون هذا الباب مغلقاً كغيره, لذا فقد فوجيء عندما وجد نفسه يندفع للأمام ويسقط على الأرضية المفروشة بالسجاد وهو يلهث. لم يحظ سوى ببضع ثوان لإلتقاط أنفاسه قبل أن يسمع حركةً سريعةً في الغرفة تبعها ظهور ظلٌ طويلٌ أحاط به ...

-----------------------------------

" (ســاي) ؟! "

عند سماعه لإسمه يُنطق بصوت شاهق , رفع (ساي) عينيه ببطء لينظر للشخص الواقف أمامه , رغم أنه لم يكن يحتاج لذلك ليعرف من هو .

" (نويل) .. ! " هتف بها بمزيج من الدهشة والإرتياح وهو يرى الشاب الطويل أمامه ممسكاً بمزهرية ثقيلةً كانت – وبلا شك – ستستعمل لتحطيم رأسه لولا أن تمالك (نويل) نفسه في اللحظات الأخيرة. كان وجه الأخير شاحباً بشدة , ويداه المطبقتان على المزهرية ترتجفان بشكل ملحوظ. هب (ساي) ليقفز بسرعة ليواجهه وهو يتراجع للخلف قليلاً.

" أنزل هذا الشيء يا أخي , هل تحسب نفسك مصارعاً ؟! لو تجرأت وقتلتني فسيقوم شبحي بمطاردتك للأبد ! "

" .. (ساي) .. أنت بخير .. لقد ظننت – تهدج صوته وهو يخفض يديه – الحمد لله .. لقد ظننت أنك .. " لم يكمل جملته ولكن مضمونها الكئيب كان واضحاً.

" (نويل) .. مالذي حدث ؟ أين (أمورا) ؟ هل هي هنا ؟ "

أجابه بصوت مرتجف : " لا أعلم .. لا أعلم يا (ساي) .. هناك شيءٌ ما .. إنني .. لقد فوجئنا به عندما ذهبت لتفقد الصوت , لقد صَرَخت (أمورا) وركضنا في إتجاهات مختلفة ولم أتمالك نفسي إلا عندما دخلت إلى هذه الغرفة , ألم تسمعها ؟ .. لقد ظننتك .. ولكن , رباه .. لقد هربت وتركتها وحيدة , كيف لي أن أفعل شيئاً كهذا ؟ "

" لم أسمع شيئاً , لقد كنت أستمع للموسيقى .. هل قلت بأنكما رأيتما "شيئاً" ؟ ربما كان .. أعتقد أنني رأيته .. ولكنني لم أستطع تحديد ماهيته بالضبط, لا يمكنني حتى أن أنفي أو أجزم أنه كان شخصاً."

إقترب (ساي) من (نويل) وربت على ساعده مُهدئاً له , بينما كان عقله يلقي به من جديد في دوامة الأفكار السوداء. إن (أمورا) أكثر جبناً من نعامة حديثة الولادة , ولا بد له من العثور عليها قبل أن يفقدها الخوف عقلها .. أو قبل أن يعثر عليها ذلك الشيء , أياً كان.

" لا تَقسُ على نفسك كثيراً (نويل) , أنا أعلم أنك لا تحب الأشياء الغامضة والغير مفهومة , ولا تنسى أن القدرة الخارقة الوحيدة التي تملكها (أمورا) هي الركض والهرب بسرعة .. " قالها محاولاً التخفيف عنه , ولكنه في قرارة نفسه لم يكن متأكداً مما كان يقوله.

" سأذهب للبحث عنها – خفض (ساي) صوته وهو يقول بتردد – ربما تُفضِل أن تبقى هنا ريثما .. "
" لا !! أنا ذاهب أيضاً .. يعلم الله بأنك شجاع ولكنك أحمق , ومن المحتمل أن تنسى طريق العودة إلى هنا أصلاً. بالإضافة إلى ذلك .. أعتقد أنه من الأفضل أن لا نفترق بما أن هناك شيئاً مجهولاً يتجول في المكان , فلنبق سويةً حتى يصل الآخرون على الأقل."

لقد نسي ذلك تماماً .. مع تسارع الأحداث التي وقعت منذ وصولهم للمنزل , نسي بأنه كان من المفترض أن يلتقوا ببقية أصدقائهم هنا...

-----------------------------------

قبل ستة أيام ..
الخامس من فبراير .

كان الجو بارداً بلا شك , ولذا قام (ساي) بإعداد كوب من القهوة الساخنة لنفسه قبل أن يجلس بمواجهة الشاشة العملاقة التي إتصلت بجاز الحاسوب خاصته.

بسببِ أنه وأصدقاؤه عادةً مشغولون في النهار (الجامعة , العمل , إلخ ..) فقد كان ملتقاهم الوحيد هو المحادثات الجماعية عبر الإنترنت. وقد كان ذلك هو اليوم اللذي قام فيه (لورانس) المشاكس بإخبارهم بأنه رأى منزلاً أثرياً شبه مهجور خلال زيارته لهذه القرية التي يسكنها أقرباؤه , وأقرن كلامه بصورة غير واضحة المعالم يبدو أنها التقطت عن طريق هاتف محمول لمنزل يقع في أعلى تلٍ منخفض.

(Laurence) : " إنه ضخم , أضخم من منزل (نويل) حتى ! ولا أحد يسكنه حالياً لسبب ما , ربما بسبب الإشاعات المحلية بإنه مسكون أو شيء من هذا الهراء , ولكن لا يمكن لشيء كهذا أن يكون صحيحاً. الأشباح والموتى الأحياء ومصاصو الدماء هم مجرد خزعبلات يستعملها (ساي) ليخيف بها الفتيات."

(Sai) : " شكراً لأنك تظهرني بمظهر الفتى اللذي لا همَ له سوى ملاحقة الفتيات لإخافتهن .."

(Amora) : " أنت كذلك فعلاً ! لا أشك بأن سمعتك في مقر عملك هي بسوء سمعتك عندما كنت في الجامعة , كان الكل يخشى من غرابة أطوارك , أنا حتى لا أعلم ماللذي حصل لي لأقبل صداقتك ! "

(Noelle) : " هل تعلم من يمتلك هذا المنزل حالياً يا (لورانس) ؟ بما أنني أعمل مع والدي في شركة للعقار فإنني قد أتمكن من شرائه بسعر جيد , خاصةً مع وجود إشاعات كهذه حول المكان. لا بد أن المالك يتوق للخلاص منه."

(Sai) : " تباً لكما ! أهكذا تخاطبان من هو أكبر منكماً سناً وأكثر حكمة ؟! يالهذا الجيل ..! "

(Laurence) : " لا تحاول أن تظهر نفسك بمظهر الشخص العاقل لمجرد أنك الأكبر عمراً هنا. أممم .. لا أعلم ذلك (نويل) , لم يذكر لي أحد بأن هناك ثمة مالك للمنزل , ولكن لا بد أن يكون شخصٌ ما متواجداً على الأقل في المكان , أليس كذلك؟ "

(Noelle) : " على الأغلب , نعم. إنني أفكر بزيارة المكان لمعاينته والتحدث لمالكه إن وُجد. ولكن .. "

(Sai) : " ولكن ماذا ؟ هل أنت خائف من إمكانية وجود شبح بالداخل ؟ أنا أعلم أنك لا تحب هذه الأشياء."

(Amora) : " لا تقم بالسخرية من إبن عمي فقط لأنه شخص طبيعي ! "

(Sai) : " من الطبيعي أن تدافعي عنه فأنتما في النهاية .. جباناااان ! "

(Noelle) : " إخرس أيها المشعوذ ! لست أنا اللذي يقوم بتربية كومة من القطط السوداء كحيوانات أليفة , لو كنا نعيش في العصور الوسطى لما تردد الناس في إحراقك وحيواناتك. "

(Amora) : " لو كنا نعيش في العصور الوسطى لكنت سأسعد بالإبلاغ عنه فوراً. "

(Laurence) : " لم لا نذهب هناك سويةً حفاظاً على مشاعر (نويل) المرهفة ؟ حسناً .. ربما كانت (أمورا) جبانةً أيضاً ولكنها فتاة فذلك متوقع نوعاً ما. كما أنني أرغب برؤية وجه (ساي) وهو يكتشف أن كائناته الأسطورية الغريبة لا وجود لها في الواقع. بالإضافة إلى أننا لم نر بعضنا البعض منذ فترة ليست بالقصيرة, وإجازة الربيع على الأبواب. علينا أن ندعو باقي المجموعة أيضاً ! "

(Sai) : " حسناً , لقد كنت سأقترح شيئاً كهذا بما أنني سأكون في إجازة من عملي إبتداءاً من الأسبوع القادم."

(Amora) : " أراهن بأنكما تشعران بالخوف ولكنكما لا تريدان الإفصاح عن ذلك .. "

(Laurence) : " من تظنينني ؟ أنت ؟! "

(Sai) : " من تحسبينني ؟ الآنسة (أمورا) الجبانة ؟! "

(Amora) : " من قال بأنني خائفة ؟! إنني أرغب بالذهاب فالأمر يبدو مسلياً , كما أنني لا أؤمن بالأشباح فهم لا يتواجدون إلا في الأفلام السخيفة. "

(Noelle) : " تذكرا بأني لم أطلب منكما القدوم لأنني خائف ! ولكن هذه فرصة جيدة لنقضي بعض الوقت معاً , ربما أمكننا أن نغامر قليلاً بينما تساعدونني في إتمام هذه الصفقة التي قد تكون مربحة ! "

-----------------------------------

آه , فعلاً ... لقد كان الإتفاق هو أن يتقابلوا هنا , ولكن يبدو أن المجموعة الأخرى تأخرت في الوصول.

ولكن .. كيف له أن يعلم أين هم الآن ؟ ربما كانوا بالخارج ولكنهم لا يستطيعون الدخول لأن الباب موصد , ويعلم الله فقط من قام بفعل ذلك. ربما كان من الأفضل أن لا يدخلو لهذا المكان أصلاً , فهو ليس طبيعياً أبداً. ذكَرته تلك الأفكار بالوضع الحالي , حيث ما زالت (أمورا) ضائعةً وما زال (نويل) مصدوماً.

بحركة سريعةً قام بالإمساك بيد (نويل) وسحبه بإتجاه الباب.
" إذا كنت تريد أن تجد (أمورا) سالمةً فأقترح أن نتوقف عن الحديث ونبدأ بالبحث , هناك شيءٌ ما يتجول هنا بالإضافة إلينا. "




الـــســـاعـــة الـــرابـــعـــة - إنتهى -

حسناً, ربما كان الجزء قصيراً نوعاً ما, ولكنني أحبذ عدم التعجل في كشف الأحداث, وفضَلتُ على ذلك شرح سبب تواجدهم في المنزل حالياً.

كما لاحظتهم فإن مجموعةً جديدةً من الشخصيات ستنضم للثلاثة قريباً, ولكن قبل ذلك....

هل سيجدون (أمورا) سالمة؟


 
 توقيع : ساي

دخول متقطع .


رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ ساي على المشاركة المفيدة: