اقتحمت الظّلامَ لتصل إليه بنفسها ,
لاحظت بنصف ابتسامة كم كان ذهنه مشغولًا,
إذ لَم يجفل منتبهًا إلا حين تمتمت:
-و إذًا لستَ مجرّد كلماتِ حكمةٍ خاوية, أنت تلتزم بما تنصح غيرك.
بدا على رؤوس أعصابه, فأراحته بسرعة:
-لقد أنجبتْ. هما بخير, و قد أوصيتُ الممرّضاتِ بهما.
لم يعطِ نفسَه أيّ فرصة للبهجة. يريد أن تثور ثائرته المكبوتة. هبّ واقفًا و الشّرّ في عينيه
اللتين امتزج الأسود فيهما بالأحمر.
-أنا شاكر لكِ
-سأرافقك
أعلنت وهي تجري معه , مدركة وجهته دونما حاجة للشّرح.
-سيّدي...لا أستطيع تركك تدخل.
-تنحّ و خذ الآخرين معك-قبل أن أحرقكم.
هذا ما سمعه الكهلان من تابعهما,
و من الرّجلِ الذي فتح الباب بدفعة و صفقه خلفه,
بعد دخول المرأة الأكبر عمرًا.
ساد صمت ثقيل تبادل الطّرفان خلاله النّظرات دونما حراك, حتّى اتّجه بوقار نحو المكتب,
ملقيًا كلّ ما على سطحه فجأة بتلويحة واحدة من ذراعه.
تنهّد الصّعداء بارتياح صادِقٍ متوجّهًا إليها بكلامه, بينما أصغى المُسنّان المتشنّجان دونما اهتزاز.
-لو تعلمين منذ متى و أنا أودّ فعل هذا!