عرض مشاركة واحدة
قديم 03-09-2020, 10:53 PM   #19
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي




عنـدّما يـّلتقي الإنسان بتوأم روحـّه ، الـّشخص الذّي يـّفتّرض أنّ يبـّقى مـّعه طـّوال حيـّاته و أنّ يحـّب و يعـّشقه .. أنّ
يستـمّر مـّعه للأبدّية فـّهل سيـّتركّه يـذّهب ؟ هـّل سـأتـّركه أنـا يذهب ؟ جـّوابّي واضحّ .. و على الـّرغم من وضـّوحه
سـأقـّول لكمّ لا ، لنّ أتـّركه يـرّحل مهمـّا كـّلفّني الأمـّر ، سـأبقى بجـّانبه و سـأكتفي بـحّبه ..
ـ أذّن آنسـة روبـرت مـاري ، هـل أنت واثقـة من أنّ سيـد نايت آل لبيـر هو تـوأم روحـكّ ؟ الشـخصّ الذّي انتظرته طـوال
حيـّاتك ؟
بـكـّل سـّعـادة سـأقـوّل نـّعم ، إنّه فـّارس أحـلامّي الذّي انتـظرتهّ يومـّا بـّعد يّوم .. الـّذي خـّزنتّ قـّلبي لّه فّي انتـظاره ،
الـذّي سـأكونّ ممـّتنة إنّ قبـّل بـحـّبي اللا مـحدّود له .. أنـّا أحبـّه
ـ حقـّا و مـّنذ مـّتى ؟
إّن أردّتم أنّ أكون صـّادقة ، مـّن اليـّوم الذّي التقـت عينـّاي بـّعيـنيه حينهـّا شـّعرت بأحاسيس و لأول مـّرة انتابتني ،
شـّعرت أنه الـوحيـدّ المنـّاسب لّي
ـ إذّن أنـّت تـّحبينه ؟
فتـّحت مـاري عينيهـّا بـّذعـّر و أخـذّت تنـظر حـّولها و قـدّ شحـّب وجـهها كمـّا لو كـأن الـدّم قدّ سحبّ منهـّا ، وضـعّت
يـدها على دّقات قـّلبهـّا السـريعة ثـمّ وقفّت بـشـكّ و هي تـّنظر مجـددّا في أركـّان الغـرفة .
إتـجهت إلى المـطّبخ ثـمّ شـّربت كـأس مـّاء و جـّلست على الكـّرسي ، كـّانت في نـدّوى صـّحفية تـسـأل فيهـّا عن
عـّلاقتهـّا بـّنايت و هي أجـّابت و بكـّل صـدّق أنهـّا تـّحبه ، تحّب كـّتلة الجـليدّ المتـّحركة تـّلك ، أخـرجـّت لسانها بقـّرف
قـّائلة
ـ كـّابوس، كـّابوس .. يـّاله من كـابوّس أنـّا أحـبّ شيـطّان مـّثله ؟ مستـحيّل بـّل في سـّابع المستـحيـّلات و لنّ أفـّعـل
سـأنـتظر الـشخّص المنـّاسب . أجـّل المنـاّسب
ضحكـّت بهسـّتيرية ثـمّ تّوقفت فجـأة سـحّبت شـّعرهـّا بعنّف عنـدّما انساب إلى فكرها صـّورة نـايت المبتسم بسخـّرية
لاذعـة و هو يـّعلق على موّقفهـا الآنّ ، قـالت بحدّة
ـ مستـحّيل، أنـا لا أحبـه
عـّادت تجـّلس على الكـّرسي متهـجمة المـّلامحّ ، وضـّعت يديهـّا على وجههـّا ثمّ سحبـّت خـدّيها بكـّل قوة و هيّ
تـقـول محـدثة نفسها مجددا بكـّل واقـّعية
ـ أجـلّ مستحيـّل بـطة سوداء مثـلي لنّ تحظى ببجـّعة ،الأمر مفـهوم ؟
انسـاب الاكتئاب إلى قلبهـّا فسـارعت إلى معلقة الملابسّ و ارتـدّت معـطّفها الأحمـّر و وشـّاحهـّا مع حـذاّء المنـزلي
المنفـوّش على شـكّل أرنـّب ، فتـحّت بـّاب شـّقتها و إتجـهت إلى شـّقة التّي بجـّانبهـّا ، رنّت الجـّرس قـّليلا فخـرجّـت
السيدّة فرانسيسّ منـّزعجة و هي ّ تـّقول غـّاضبة
ـ ماذّا ؟ مـاذا ؟ مـاذّا ؟
ـ أسـّعد صـّباحكّ سيدّة فـّرانسيسّ ، كمـّا تـرّين سيدّتي أنـّا لا أستـطيّع النـّوم و لأننّي لا أستـطّيع قـّررت أنّ أصـّنع كـّوب
شيـكـّولاطـّة سـّاخن يـدّفئني لأن التـدفئة لا تـّعمل ، لكـّن و كمـّا أرى فـأنـّا لا أمـتلكّ الـشيـكولاّتة لذا من فـّضلك هـّلا أعـطيتني ؟
قـطّبت سيدّة فـّرانسيّس بـكّل عصبية ثـمّ صـّرخت بهـّا غـّاضبة و هّي تـّلوحّ بيدّيها بينما ماري تـّحاول تفـاديهـّا
ـ و ما شـأني أنا ؟ ها ما شـأني بـحّق السمـّاء ؟ ألانك لا تستـطيعين النـومّ توقظِ جـّيرانكّ ؟ ثـمّ إن لمّ تـجدي
الشـيكولاتة كما تـدّعين لما لا تـحضري شيئا أخـر ؟
ضحكـت مـّاري ببـّلاهة و هـّي تمـدّ يدّيهـّا فزمـّجرت سيدة فرانسيسّ بـحقدّ و أغـّلقت البـاب في وجههـّا بكّل قوة ثـمّ
فتحـّته و أعطّتها عـّلبة و قـّالت بحدة
ـ بحّق السمـاء لا تـّعودّي لتـطّرقي باب شقتي عنـدّ الثـّالثة صبـّاحـّا مجددّا و إلا أقـّسم أننّي سـأطّردكّ من المبنى ؟
ـ إذّن لا بـأس بالـّرابعة صـّباحا ؟
صـّرخت سيدّة فرانسيس بـجنونّ و دّخلت إلى شـّقتها تشتمّ كـّل ما فيّ طّريقهـّا ، فضحكـّت مارّي بخـّبثّ و هيّ
تمسـكّ العـّلبة كما لو كـأنهاّ شيء ثـمّين يـأتمنّ بحـّياتها الخـّاصة ، إتجـّهت إلى بـّأب الشـّقة التي أمـّامهـّا ثمّ طـّرقته
بكـلّ هدوء تـّضع على شفتيهـّا ابتسامة بسيطة فـخـرّج ويـّليـام مـّرتدّيا بنـطّالا و قميصّا بإهمـّال ، عـّينيه مغـّمضتين و
بالكـّاد يستـطّيع فتحهمـّا قـّال بـتسـاؤل
ـ ما الذّي يحـدّث ؟ لقدّ سمـّعت صـّراخا منـذّ قليل ؟
ـ ويـّليـامّ عـزيزّي أتمـتلكّ قليّل من السـكـّر ؟ أريدّ تـّحضير القـهوة لكّن لا أمتـلك السـكّر و السوبرّ ماركت بـعيدّ جدا
ـ آه أجـّل تفـّضلي، أحضـريه بنفسكّ
أومـأت بـكّل لطّف ثّم اتجـهـّت إلى مـطّبخه بينمـا أكـّمل هو طـّريقه نـّاحية غـّرفته ليّعود إلى النـوم مجـددّا ، وجـدّته
فـأخذّته و كـّادت أن تـّعود لولاّ أنها قـّررت فـتّح الثـلاجة .. وجـدّت تلكّ الحـّلويات المـغـّرية التّي دومـّا ما يقومّ ويليـام
بتقـديمهـّا فقـالت بصّوت عـالي نسبّيا
ـ ويـّل هل أستـطيع أخـذّ حبـة من تـّلك الحـّلوى التي تصـّنعها ؟
لّم يجّبها ويـليام لأنّه كـّان يغطّ في نومّ عـمّيق فابتسمـّت مـاري بـمكـّر و هيّ تردد في نفسها أن الصمـّت من عـّلامات
الـّرضى فـأخذّت الصـحنّ بـأكمله و سـّارعت بالـركض إلى شّقتهـا ضـاحكة

/

فّي ذّلك القـّصر العـمّلاق حـّيث لا يـّكتفي المـّراسـّلون عنّ نبّش أحـّوال أصحـّابهمّ فـّتراهمّ يحـّاولونّ التسـّلل لعـّلهمّ
يجـدونّ مقـّالا صحـّفيـّا يجـّعلهمّ يكـّسبونّ المـّال أو يشتهـّرونّ ، كـّانت عـّائلة آل لبـّير العـّريقـّة تـجّلسّ فّي طـّاولة
مستـدّيرة تتـّناول فـّطـّور الصبـّاح و الصمـّت سـّائدّ بينهمّ كالعـادّة
الجـدّ بيـتر رئيّس شـّركة لبيـر التـّي تسيّر السـّوق بـّرفعة أصبـع و التـّي تـّمتلك كـّمية عـظيمة من الأسهـمّ لربمـّأ تفـيّ
بشـّراء جـزيرة ، يـّعرّف عنه بالقـوة العـّارمة و حـدّة الذّكاء يجـّلس باستقـامة يـتنـّاول حسـّاء
سيـدّ تـومّاسّ ابنـه الـوحيدّ المتبـقي على قـّيد الحيـاة و والدّ كـايل ، يـّمسكّ شـّركـّاتهمّ فّي ألمانيا و لا يـّعودّ إلا نـادّرا
، يتصـّفحّ الـجريدّة باهتـمام
كـّايـل و ابتسـامته السـاخرة المـّوجهة إلى ابنّ عمته كالعـادّة ، لاعـب بيسبول شـهيـّر قـّاد فـريقه للفـّوز لكـنهّ أعتزل
حـّاليـا من أجـّل تسيـر أعمـال العـائلة و أنّ يكونّ اليـدّ اليـمنى لوالدّه و جـدّه .
إليـزابيث دو لاسيـر ، زوجـّة كـايّل بـرازيـلية الأصـّل و عـّارضة مـشهورة أيضـّا فـكـّانت هيّ تتصـّفح مـجـّلة بكـّل اهتمـام
نـايـّت آل لبـير ، ابـن إيليـنا آل لبيـر .. دّرسّ إدارة الأعمـّال و تـّخرجّ فيّ سـنّ الثـامنة عـّشر بـّعد حـيازته على الدكتـوراه
، يـّعـرف بشيـطّان و ذّلك لـحـدّة ذكـاءه كمـا أنه يـّعتبر الـيدّ اليمنى للجـدّ و الذّي يشـبههّ لحـدّ كبيـر فّي تصـّرفاته ،
حـّاليـّا خـطّيبته مـاري روبـرت فـتاة من العـامةّ
فجـأة أمسـكّ رئيسّ الخـدّم ذّلك الرجـّل المـّريب الذّي يتنصـّت من خـّلف شجيـّرات صـّغيرة زرعـّت أمـام شـّرفة غـّرفة
الأكـّل لتـّوحي بمنـّظر خيـّالي ، رمـّق رئيس الخـدّم المـّراسل الذّي يـكـّتب حـّول أفـّراد هـذه العـائلة فّي دّفتره الخـّاص
ثّم قـّال بـلهجة متـّعالية ذات لـكنة بـريطـانية
ـ أيـها السيدّ تـّعال مـّعي من فـّضلك لننـّاقّش أمـّر من يـّوصلك إلى الشـّرطة بـتّهمة تعـدّي على مـّلكية الغـّير و
محـّاولة نشـّر الإشاعات ،
قـطّب الـصـحـّافي بانـزعـاج ثـمّ رفـع آلة التصـّويـر و ضـّغط على الـزر ليـأخذّ عدة صـّور لأفـّراد العـائلة ثـمّ يـّركضّ مسـّرعـا
هـّاربـّا فحـّاول رئيّس الخـدّم أن يـّركض خـّلفه لكنّ كبـّر سنه لم يسـّاعده ، أمـّر الرجـّال بالإمساك به عـّبر اللاسلـكّي
بينمـّا هو يـّلتقط أنفـّاسه و يشـتمّ بلـّغته كـّل صـّحفي سببّ فيّ سوء عـّيشه
قـطّب سيدّ تـوماسّ و وضـّع نـظارتيه جـّانبـا قـائلا بتسـاؤل
ـ أسمّع أحـدّكم ضـوضـاء الآن ؟
أجـاّب الكـّل بالنـّفي فابتسـم هو بهـدّوء معـّلقا على نفـسه
ـ يبـدّوا أننّي كبـّرت بالسـّن يـّا والـدّي
ابتسـمّ الجـدّ بينمـّا أيدّه كـايّل عـلى أنهّ فعـلا قدّ كـّبر بالسـّن و يـجّدر الحصـّول على القـّليل من الـّراحة فـوافقـّت
إليـزابيث زوجـّها و هـّي تـّنصحّ حمـاها برحلة استـجـمامية يـّريح فيهـّا عـّقله ، وقفّ نـّايت بعّد أن وضـّع المنـّشفة
جـّانبـّا ثـمّ إنحنـى بـّلبـاقة و كـادّ أن يـّرحل لولّا سـؤال كـّايل الـسـاّخر
ـ مـاذا بـكّ نـايت ؟ ألم يـّعجّبك موضوع الحـدّيث و قـررت الـذهاب ؟
نـظر إليه نـايت بـطـّرف عينيهّ التيّ احتـدّتا بشـكـّل خـطّير ، فقـدّ كان مـّزاجه منعـدّما هـذّا الصبـّاح و لا تـّنقصه
تـّعليقـّات كـاّيل السـاخرة ، ردّ بـنفـّور لتـظهر نـّبرته المـّبحوحة التـّي تنبـأ بـمـدّى غـّضبه
ـ لدّي عـمـّل لأديـره .
سار بـخـطوات واثقـّة و سـّريعة فقـّالت إليـزابيث فجـأة
ـ نـايتّ سـأذهب لـزيـّارة مـاري إنّ لم تمـّانـع .
تـّوقفّ و عـّاد ينـظّر إليهم ، لقـدّ سـهر البـّارحة فـّي مكـّتبه و لمّ يـّعد إلا صـّباحـّا من أجـّل عـّادات الجـدّ الذّي تنصّ
على تـّواجد أفـّراد العـائلة فيّ وجبـّة الصـّباح و المسـّاء ، قـّـال بـّحدة
ـ مـا شـأني أنـّا ؟ بـحّق الجـحيم هـّلا ..
أمسـكّ رأسه فـوّقف الجـدّ بيتـّر بقـّلق و كـذّلك إليـزابيث الـتّي تقـدّمت منهّ فوضـعت يـدّها على جـّبهته و التـّي
سّارع نـّأيت بإبعـادّها ، قـّال بهـدوء
ـ عـذّرا .
ثـمّ رحـّل مبتعـدا

/

أمسكـّت فـلور بـّعلبة القـّهوة الفـّارغة ثـمّ نـّظرت إلى تـّلك المـّياه التـّي وضـّعتهـّا في وعـاء على المـّوقد المشـّتعل ،
زمـّت شـّفتيهـّا بـغّيض و قـّامت بـّرمي العـّلبة لتـّخرج الحـّليب من الثـّلاجة و تـّشربه لكـّن لم تـجدّ قطـّرة واحـدّة فيه ،
شـتمـّت بانزعاج و جـّلست عـلى المنـضدة قـائلة بأسى
ـ أن تـكونّ فقـيرا لهو أمـّر مـزعجّ بكـل تـأكيدّ ، يـا تـرى هـل مـاري و بـزواجهـّا من ذّلك المتـّعجرف هـّل يـا تـرى تخـّلصت
من هـذه الأشيـاء المـزعجـة ؟
تـقدّم والدّها و جـّلس على الكـّرسي حـّاملا بينّ يديه جـّريدة يـّقرأ العـّناوين ، قـّال باهتمام نـاحية فـلور التي تحـدّث
نفسهـا
ـ مـّاهي هـذه الأشياء ؟
استـدارت فـلور لوالدّهـاّ ، كـّانت بنـيته ضـّعيفة و قـدّ فقدّ قـليّل من الـوزّن ربما لكثرة التفكير بأمورهـمّ التي رفّضت أن
تعـتدّل ، قـالت فجـأة
ـ أبّي سـأذهـب لتـحدث مع مـاري ، أظن أن زواجـهّا من ذّلك الرجل خـطأ عـظيمّ و لابدّ لنـّا من جـّعلهـا تـدّرك هـذا
جيـدّا
تنهـد سيدّ جوناثان ثـمّ قـال بـلهجة غـير قـابلة لنـقاش
ـ حسنـّا أذهبي ، لكـّن و بـّخروجكّ من هـذا الـبيت تـأكدي أنكّ لن تـّعودي إليه أبـدا
وقفّ و وضـّع الجـّريدة جـّانبـّا بقـّوة على الطـّاولة ثـمّ استـدار مـّبتعـدا و هو يقـّول بـحـدّة
ـ إّن تـحّديث عنّ تلك الـوضيـعة ممـّنوع .
بـّعد رحيـله إرتـدّت فـلور معـطّفها و هي تـّعلق بـكّل بـّرود على كلمـّات والدّها الصـّارمة ثـمّ خـّرجت من المنـزلّ ،
إلى العـمـّل و فـكّرة زيـارة مـّاري لا تـّزال تـّدور بـرأسهـّا

/

فّي منـّزل مخـّتلف عنّ عـائـلة غـلوري المـحطـّمة و المتشتتة أو قـّصر الكـّبير لأفـرادّ عـائلة ال لبيـر المـّالكة و التّي
يسـّعى أفـّرادهـا نـحو الثـّروة ، هـذّا المنـّزل كـّان متـّوسط الحـجّم يـّعم بالـدفء و الحـّنينّ لـكّنه عـلى وشـكّ التـّخلي
عن جميـّع هـذه الأحـّاسيس .
فـذّلك الشـّاب ذو الشـّعر الـبني كـّان يـّقف بـكّل خـزي و يتـحدّث بكـّل هدوء نـّاحية ذّلك الـرجّل الذّي يبـدوا فّي
منتـّصف الخـمّسين من العـمّر و الذّي كـّان الغـّضب قـدّ توصّل إلى أعماق أعـماق قـلبه فقـّال بـحدة و عصبيـة
ـ لقـدّ قـّلت لكّ أرحل و أنـا لن أعـيدّ كلامّي مـّرتين ، أرحل و أختفي من أمـّام وجـّهي لا أريدّ رؤيـتك و لا سمـّاع صـّوتك
حـّتى امسـّكته زوجـّته من ذّراعه و هّي تسـّحبه للجـّلوس على الأريكـّة كّي يـّهدأ أعـّصابه لكّن لا
يبـدوا أنّ ما تـّفعله يسّـاعد على الإطلاق ، قـّال آرثـّر بـغـّضب بـّعد أن سـأم من التـّوسل الذّي لا يـّفيده
ـ أنـّأ لمّ أخطـأ ، لمـّاذا بـّحق السمـاء أضـطر من الـزواجّ بـتـلّك القبيحة ذات اللسان الطويل
المـتّعجرفة و أنـّا آرثر غـلوري ؟
ـ و ما الخـطأ فّي ابنـة سيدّ روبـّرت ؟ ما الخـطأ بهـّا ؟ إنهـا أفـّضل منـكّ فهيّ تتـحمل مسـؤولية
أفعالها و لا تـّهرب من المصـّائب تـّزويجكّ إيـاها لكـّان من أعـظم الأخطـاء التي أوشكـّت على
القـيام بها
ـ ما الذّي تقـصده يـا والدي العـزيز ؟ هـلّ أنت تـّفضلها علي أنا أبنك الوحيـدّ ؟
وقفّ سيد روي غـّلوري بـّعصبية ثـمّ أمسكّ آرثر من يـّاقته و هو يقـّول بـّصراخ حـّاد جـّعل زوجـّته تـّرتجـّف
ـ أيهـّا الابن العـّاق عـديم الفـائدة ، أرأيـّت الـصّور التي أرّسلت إلى صـدّيقي جـّونـاثان ؟ أتـّلك صـّور
يفـّترض بي أن أفتـّخر بهـا ؟ و أنا الذّي كـنت أمتـدحه أمـّامك يـّال العـّار الذي ألّحق بي يـال العـّار ،
ابنـي مـّع لّيس فتاة واحـدّة و إنمـّا العـشرات
ـ لقدّ قـّلت لكّ أنهمّ مـجّرد صدّيقـّات فـّلماذا تـّكبـّر المـّوضوع ؟
ـ سحقـا لا أريدّ سمـاع أعـذارك الواهيةّ ، لا تـعد إلى هـذا المنـزل إلا و أنت نـّادم على ما فـعلته ،
قطـّب آرثـر بغّضب ثمّ صـّعد السـّلالم متـفّاديـّا أخته كلـير الواقفـّة بصـّدمة ، إتجـه إلى غـّرفته و أخـّرج جميـّع ثيـّابه
ثمّ وضـّعها في الحقـّيبة و حمـّل حـّاسوبه النقـّال مـّع كـّتبه ثمّ سـّارع بالذهاب و هو يستمـّع لمـحات من
نقاش والدّته مع روي فـّأغلق البـاب خـّلفه بكل قـّوة معـّلنا أنـّه لنّ يـعود موجـودا بينّ أفراد أسرته بـعد الآن
ـ ما الذّي تفعله روّي ؟ هل ستـسمح لابننا الوحيد أن يـّغادر هـكذا بـينما أنت تـنـظر إليه ؟ هل قسي قـّلبك على
أبنائك ؟
تنـهدّ روي ثـمّ مسـّح دموع زوجـّته المنهـّارة قائلا بحـنان
ـ عــزيزتيّ أنـا لا أقـسو عليه ، أنـّا فقط أحـاول أن أرشده لـطّريق الصـّحيح ، لقدّ أصبحّ غـّير مبـّاليّا لمـّا حـوله و
لا يـهتمّ سوى لمـتّعته الخاصة ، أريدّه أن يّصبح رجـّلا نـاضجـّا
ـ لكن ليس بهذه الطريقة روي ، أنا لا أريد لابني أن يبتعد عني
ـ أنـا أعلم عـزيزتي ، لكنـكّ رأيت تـّلك الصـّور المشينة و رأيت أيضـّا تـّصرفه اللامـباليّ حـّول الأمـّر
و عـّدم اعتذاره لّي و رفّضه طـّلب الصفّح من سيدّ جوناثان ، هـّل تظنين أنّ هـذا لائق ؟
تنهـدّت سيدّة تينـا ثـمّ أومـأت بالنـفي و غـادّرت إلى المـّطبخ لكّي تـحّضر القـليل من الشـّاي كّي يـعدّل
أعصـّاب زوجها و تـّطلب منه مجددا إعـادة آرثـر إلى المنـزل ، حـّـتى لو كـان مخـطئ و حـّـتى لو أنّ
طريقته في العـّيش مستهترة و مليئة بالأخطـاء لكنه يبـّقى ابنها و لنّ تـّسمح بـّرحيله عنها

/

بـّعد انتهـاء المحـّاضرة غـّادرت مـاري القـّاعة متـّجهة إلى المـّطعم ، و كـّانت هـذا مـّجرد روتيـّن
عـّادي لحـّياتهـّا الـيوميـّة لكـّن مـّؤخـّرا ، روتينـّها الذّي اعـّتادت عليهّ بدأ بالتـّغير تـّدريجـّيا .
فـّي طـّريقهـّا نـحّو المـطّعم وجـدّت كليـّر غـلوري تـّقف أمـّامها مـّانعة إيـّاها من الـتقدّم و وجـّهها
محتـّقن بالغـّضب و
السـخطّ ، عـّلى غـّير عـّادة كليـّر فهيّ لم تهتمّ اليـوم بـأناقتهـّا و لا اشـّراقتهـّا الدائـّمة ، تـّوقفت عن
السـّير ثمّ رسمـّـت ابتسـامة لـطّيفة على شفتيهـّا و هي تـّّرحب بكـّلير بصـّدر رحـبّ
ـ صـّباح الـخيّر كـّلير ، لـما لمّ تـأتي بـاكـّرا لقدّ كـّانت مـحاضـّرة أستـاذّ مـاثيوّ جميـّلة جـدّا
أمسـكـّتها كـليّر من يـّاقتهـّا فـتفـاجـأت مـّاري لكّن لمّ تـبعدّ يدها ، صـّرخت كليـّر في وجههـّا بكـّل عـّصبية
ـ أتـدّعين الجـهّل أم مـاذا ؟ أحـٌّقا لا تـّعلمين السبب ؟
سـّقطـّـت كـّتب مـّاري على الأرّض عنـدّما تـّلقت صـّفعة قـّوية من كـّلير جـّعلتها تـّرتد ّ إلى الخـّلف ،
فإجـّتمع الطـّلاب حـّولهمّ و هو ينـّظرون بـّفضـّول بينمـّا قـّالت مـاري بـّتوتّر
ـ ما الذّي تقـّصديه ؟ أنـّأ لم أفـّعل شيئا ثمّ يـجّدر بـكّ الاعـتذار
كادت أن تـّنقض عليهـّا كليـّر لكـّنهـّا أحكمـّت على قبّضتهـّا محـّاولة السيـطّرة على أعـّصابهـّا
و هـّي تـّقول بحـدّة
ـ لقـدّ قـّلت لكّ مـّسبقـّا و بـوضـّوح أنّ أخـّي لا يـريدّ الـزواجّ بـأختـكّ أليّس كذلك ؟ و طـلبت منكّ
و بـّوضوحّ شديدّ أن تـّحاولي إيجـّاد حـّل لذّلك العـّقد السـّخيف لكـّن ما الذّي بحـّق الجـحيمّ فـّعلته ؟
لمـاذّا أرسلـّـت تـّلك الصـّور إلى والدّي ؟ ألا تـّعلمين أنه طـّرد آرثر بـسببّ أختـكّ المتـّرصدة
المـجنونة ؟
تنهـدّت مـارّي و هي تـحـّاول استيعاب كلمـّات كليـّر فقالت بـهدوء
ـ أنـّا حقـّأ لا أعـّلم عن مـاذا تتحـدّثين ؟ ثـمّ لا تـّقولي عن أختـّي أنهـاّ متـّرصدة أنـتّ تـّعلمين جيدا
أن لا عـلاقة لهـّا بالأمـّر و كلّ هـذّأ بسبب الـدّين
ـ أرجـّوك لا تـّرتدّي قـّناع الحمـلّ الـودّيع فـكلّنا نـّعلم عن دناءتك ، نـّعلمّ أنّك تـّبتزينّ نايت إل لبير
كّي تصّبحي خـطّيبته
كمـّا أعـّلم أنّ أخـتكّ المجنونة تسـعى لنيـّل من أخيّ بـعدّ أن رفَّض اعترافها منـذّ سنين و نـّعلم
أيضّا أنـّا والدّك مقـّامر كبيـّر يحـّاول التّخلص من ديّونه عبـّر بّيع بناته كمـّا لو كـأنهنّ سـافلات ،
قـطّبت مـّاري ثـمّ انـحنت لتـّجمع كـّتبهـّا غـّير مبـّالية لثـّورة غـّضب كليـّر لكـّن الأخيـّرة لنّ يشفع
لهـا الكيـّل إلا عنـدّما يـّعود أخيهـّا الحـّبيب إلى المنـزّل و لسببّ مـّا تـّظن أنّ من صـّنع هذه
المشـّكلة يستـطّيع حلـّها ، و لأنّ المشـكّلة من صـّنع عـّائلة روبـّرت فّهم من يستـطّيعون حّلهـّا ،
وقفـّت مـّاري ثـمّ قـّالت ببـّرود
ـ إذا أنهـّيت كـلامـكّ أنـّا مغـادرة
اتجـّهت إليهـا كليـّر و دّفعتهـّا مجددّا فسقطت الكـّتب مجـددّا ، ابتسمت ماري بـلطّف ثمّ قـّامت
بـدّفع كلـيّر و هي تـّقول بوداعة
ـ عـّزيزتي لا تـّضعي اللومّ على أختي من فـّضلك كمـّا لو كـأنّ أخيكّ مـّلاك خـّالي من الأخطـّاء
فـّهو زيـّر نسـاء و أخـّـتي لنّ تتّشرف بالـزواجّ منه فكـّما أنّ حـّبه فّي المـّاضي أكبر خطأ
صـّرخت كـّلير بـّعصبية ثمّ اندّفعت نـّاحية مـّاري فّي قـّتال شـّرس للفـّتيات ، حـّاول البـّعض التـّفرقة
بينهمّ و إبعادهما عن بّضعهما لكـّن و لمـّزاجّ كلـير الحـّاد فلمّ يستـطّع أحـدّ فعل شيء ،
شدّت كليـّر شعـّر ماري القـّصير بكـّل قّوة نـّازعة بّضعة خّصلات بينمـّا تحـّاول ماري الدّفاع عن
نفسهـّا و هّي تمسكّ كتفـّاي كليـّر مبعدّة إياها .
أخـذّ البعّض يلتقـطّ الصـّور و الفيديوهات بواسطة هواتفهم ، لكـّن فجـأة أتى شابين بعد أن طّفح الكيـّل
بهمّ و فـّرقوا بينهمـّا، أمسـكّ أحدّهم بمـاري و الأخر بكـّلير التّي تكـّاد تجّن قـالت بعصبية و هيّ في ذروة
غضبها
ـ أيتهـّا السـّافلة لا يكـّفيكّ اقتـّراضكّم منـّا المـّال بّل و تـّريدونّ التفـّرقة بيننـّا
لمّ تـّرد مـّاري و قدّ كـّانت في حـّالة مـّخزية جـدّا ، وجههـّا مليء بالخـدوّش و الدّم يسيـّل من شّفتيهـّا بينمـّا شـّعرها مبعثر
فّي كل اتجـّاه و فستـّانها الـّريفي البسيطّ قدّ مـّزق من الأكمـّام و الأسـّفل أيضـّا ، افلت ذّلك الرجـّل لأنهّ لم يـرى
داع من إمساكها فانحنـّت بهـدوء و هّي تقـّول بـّنبرة قـّريبة للبكـّاء
ـ أنـّا أسفه فعلا شديدّة الأسف لأننّي لا أستـطّيع فعـل شيء ، و لأن هـذّا قدّ حدّث بسبب عـائلتّي ،
أيمكنكمّ محـّو تلكّ الصّور و الفيـديوهات ؟ أنـّا لا أريدّ أن أسبب المشـاكّل لخطّيبي من فـّضلكم
ابتسمت كلـّير و نـّزعت هاتفّ أحـدّهم من يدّه ثمّ قـّالت بتـحدّي ناحية ماري
ـ أرى أنكّ خائفة من تسـّرب المـزيد من الاشـاعات حـّولك أليس كذلك ؟ إذّن مـا رأيكّ أن تقـومي بحـّل
تلك المشـكلة لّي و إلا ستـجدينهـّا في الصـّحف غـدّا
ارتبـكّت ماري و هيّ خائفة من ردّ فعل نايتّ ، فانحنـّت مجددّا و هيّ تـّقول بتوسّل و رجاء شديد
ـ أرجـّوا لا ، سـأفـّعل كل شيء سـأحـّاول لا بـّل سـأعيدّه فقطّ أرجوكّ لا تـّدعي هـذا يّصل إلى الإعلام
فجـأة و وسطّ هـذه الـضوضـّاء ، أتى منقذّها .. و الـّشخص الوحيـدّ الذّي تمـّتلكّه بـجّانبها ، كـّان يسيـّر
بـكّل كـّسل و لا يـّخلوا وجـّهه من نـّظرته السـّاخطة و الحـادّة في آن واحـدّ ، على فـمهّ ابتسـامة
سـّاخرة و يـّضع يدّيه فّي جّيب معـطّفه بكـّل ثقة و غـّرور ، مـلامحه المتعـّجرفة و الاستقـّراطية تـّلك
الذّي لا يمتـّاز بها أحدّ سـوى عـّائلة المالكة ، عـّائلة آل لبير
وّقف خـّلف مـّاري ثـمّ رفـّع مسـّتوى وجههـّا إليه ، ألجمت الصـدّمة لسـّانها فقـّال هو بحـدّة
ـ حـاذّري من انحنائك آنسة ماري فـّليس الكـّل يـّفـّهم سّببه ،
تمـّتمت مـاري بـدّهشة
ـ مـا مـا ما الذّي تفعله هنـّا ؟
ابتسمّ نايت بسـخّرية شديدّة ثمّ رفـّع يدّه فـأتى العـّديد من رجـّال يـّرتدون بذّلة سوداء لّيسرعوا نـّاحية
أولائكّ الشبـّاب و الفتيات اللواتي يـّحملونّ هواتفهمّ النقـّالة و قـّاموا بنـّزعها مـّع حـذّف جميـّع ما حدّث
، و إمسـّاكهمّ كيّ لا يهـّربوا .
وضـّع نـّايت رأسه على كـّتف مـّاري و ذّراعيه حـّولهـّا ، مبتسمـّا بكـّل بـّرود و هو ينـّظر إلى كـلير التّي
لا تـّزال واقفة فّي مكـّانها مندهشة ممـّا يحدّث حولهـّا و كّيف قدّ تـّغيرت الأحوال فّي ظرف ثـّانية ، قـّال بـضجـّر
ـ هـّل أنت لا تقرئين الصـّحف ؟ ألمّ أنكّ لا تـّشاهدين التلفـّاز ؟ أولمّ تـّعلمي أنّ هـذه الآنسة الواقفة هنـّا
أمـّامكّ هي خـطّيبتي ؟
تـّلعثمت كليرّ في كـّلامهـّا و حـّاولت الردّ لكـّن رّمقهـّا بنظّرة متـّعالية خطيـّرة و مـحذّرة ، أكـّمل حـدّيثه بـبـّرود
ـ و بمـّا أنّها خـطّيبتي فهي تعّتبر فـّردا من عـائلة آل لبّير لذّا معـّاملتكّ الهمجيةّ و الحـّيوانيةّ هـذّه
لنّ يتـّم غّض النـظّر عـّنها بـّل كونّي واثقـّة أن هـذّا لن يـّعبر مجـّرى الريـّاح ، سـأحّرص على جـّعل
حيّاتكّ جحيمـّا لا يطـّاق و بّل ستتـمنين الانتحار سـّتصـّابين بالجـّنونّ و لأننّي فّي مزاجّ جيدّ فـأنّا أقوّل
لكّ إنّ لمّ تنحني و الآن و فـّورا راكـّعة على ركّبتيكّ لكّي تـطّلبي منهـا السمـّاح سـتـّصابينّ بكّل تـّلك
الأمور التّي قدّ سبّق و ذّكرتها
ارتجـّفت كـّلير من شدّة الصدّمة و سـقطّت على الأرّض كمـّا طّلب منهـّا و كـأنّ أوامرّه غـّير قـّابلة
للـّرفض ، تلعثمت و ألجم لسانها فحاولت ماري التّملص من ذّراعاي نايت لتجّعلها تّقف مجددّا لكنّ صـّوت نايت الهـّامس
جـّعلها تّرتجّف هي الأخرى
ـ كّوني طّفلة مّطيعة قـّبلّ أن أسحـّقكّ الآنّ ،
كـّيف لها أن تتـّركها و هّي كـّانت بمـّكانهـّا و شـّعرت تمـّاما بأحـّاسيسهـّا في هـذه اللـحظة ،
أن تـنحني بكـّل ذلّ ،عـّقدت العّـّزم و أفلتت من ذّراعيه ثمّ اتجهت إلى كليرّ و جّلست مّثلها ، قـّالت بابتسـامة متـّوترة و لطّيفة
ـ أنـّا آسفة لمـّا حدّث لأخيكّ بّسببنـّا لكـّن أرجـّوكّ لا تـّدعي الحّقد يـّعمي طـّريقكّ فـّكلانـّا متشـّابهتينّ ،
جميـّعنا نـّهتمّ لأفـّرادّ عائلتنـّا و كلانـّا نـّحاول أنّ نبقيهـّا متـّماسكة لذّا أرجـّوكّ لا تسيئي الـظّن
قـطّب نـّايت ثمّ إتجـّه إلى مـّاري و رفـّعها عن الأرّض لتـّقف على قدّميهـّا ، قـّال ببـّرود و نبـّرة
مـحـذّرة لمّ يلمحـّها سواها
ـ دّعكّ من محـّاولاتّ كيـّوبيدّ الفـّاشلة في زّرع الحـّب و دّعينـّا نـّغادّر لقدّ تـأخـّرنا بمـّا فيه الكفـاية
أجـّابته مــّاري بانصياع تـامّ ،
ـ حسنـّا ،
استـدار نـّاحية كليّر الـّتي قدّ شـّقت دّموعها خـطـّا رقّيقـّا على خـدّها ، ابتسمّ بسخـّرية ثـمّ قـال ببـّرود
ـ لنّ أنسى هـذّا ،
أمسكّ مـّاري من ذّراعهـّا و سحّبها مـّعه بينمـّا تـكّفل أولائكّ الـرجال بجميـّع الطـّلاب الذّين رأوا
الحـادّثة و جـّعـّلهمّ يصـّمتون للأبدّ بـطّريقته الخـّاصة و بـعدّ أنّ صـعد نـّايت و مـّاري فّي سيـّارته
خـّلف رجـّاله فّي سيـّاراتهمّ ربـّاعية الدّفع كبيـّرة الحـجمّ ،
جـّلست مـاري بكـّل تـّوتر في المقـّعد الأمـّامي بـّجانبه ، كـّان وجـّهها شـّاحبـّا و مـّلابّسها رثـّة كمـّا
أنهّ تـوجدّ بـّضعة قـطّرات دّماء تسيـّل من شفتيهـّا أمـّا عن حـّال قـّلبهـّا فـّكان مّضطّربـّا بشدّة و تنفّسها
أصبّح مسـّموعـّا خـّائفة بّل مـّرتعبة منّ نـّايت ، قـّالت بارتباك
ـ أنـّا آسفة فـّعلا بـّل لا أنـّا شديدة الأسـّف أنـّا
ـ أغـّلقي فـّمكّ
نفـذّت الأمـّر بدون تـّرددّ لبـّضعة دقّائقّ ثـمّ قـالت بتسـاؤلّ لا يـّخفوا من التـّوتر و قد نسيت تماما أمر
الرسالة التي أرسلتها
ـ نـايت لمـاذا أتيت ؟ لّيس كمـّا لو كـأن وجـّودكّ غـّير مّرحب بـّه بّل بالعـّكّس أنـا أتمنى أنّ تكونّ
حـّولي دومـّا ، لّيس بـهذه الـطّريقة أعنـّي أننـّي تفـاجـأت .. أجـّل هـذه هي الكلمة
ضـحكـّت فـرمّقها بـحدّة أكمـّلت حدّيثهـّا و الذّنب قدّ طـّغى على كيـّانها بـأكمـّله ، أنّ تـجّعل نـّايت فـّي
ورطـّة و أن تسببّ الشـائعات لهّ لهو أمـّر لن تـسـّامح نفسها على فـّعله
ـ أنـّا لم أقصدّ ذّلك يـّا نايتّ ، أنـّا فـّعلا لمّ أكنّ أعـّلم عنّ مـاذا تتـحدّث هي بالضـبطّ و فجـأة وجـدّت
نفّسي على الأرض فيّ عـّراكّ معهـّا و الكّل يّصور مـّا حدّث ، و أنـّا ممـّتنة لوجـّودكّ في تلكّ اللحـّظة و
إنقـاذّك لّي لا بـل أنـّا شديدة الامتنان لكّن ما طّلبت من كليـّر فـّعله شيء أنـّا اختبرته و أن تـّكون هي
فيّ موقـّفي ، لمّ أردّ ذلكّ .. لّيس بهـذه الـطّريقة تـّحل الأمور
لمّ يـّلتفت نـّاحيتهـّا قطّ كـأنهّ لم يسمـّعها أو أنّ صوتها لمّ يصّله ، فقـّالت له بـّرجاء و هيّ تضّع
يدّيها أمـّامه
ـ أنـا فـعلا لمّ أقصدّ هـذّا ، أنـا آسفة نايت أرجواكّ قـّل شيئا
أوّقف السيـّارة جـّانبـّا بـطّريقة خـطّيرة جـّعلتهـّا تدّرك كمّ هو غـّاضبّ الآن و أنّ الـكّلام مـّعه فّي
هـذه اللـحظة يجـدّر به التـأجّيل فقـّال ببحـّة و حـدّة
ـ تـّقولينّ لّيس بـهذه الـطّريقة تـّحل الأمـّور ؟ إذّن مـّا الذّي كـّنت ستـّفعلينه إنّ لم أتي ؟ هـل كـّنت ستـّلعقينّ أحـذّيتهمّ
جميـّعا طـّلبّا لمـحوّ الـصـّور ؟
شـّعرت بّشـّيء حـادّ يـّغرزّ في قـّلبهـّا كمـّا لو كـأنهّ خنـجّر ، بدأت دّموعهـّا فّي السقـّوطّ أنّ يجـّعلها بـهذا
الانـحطـّاط لأمـّر موجـّع لحـدّ الثّمالة و مّـؤلمّ لدّرجة الهلوسة ، فقـّال ببـرودّ و هو يـّلف وجهه للجـّهة
الأخرى
ـ إنّ كنت مـّعتادة على القيـّام بمُّثل هـذه التّصرفات سـّابقّا فأنسيها لأنكّ خطيبتي الآن ، و لا أّريدّ مّثل هـذه
السلوكيات المشينة و المـذّلة و المنـحطة
مسحّت مـّاري دّموعهـّا بانكسار شديدّ ثمّ قـّالت
ـ أنـّا أسـّـ
قـّاطـّعها صـّارخـّا بحدة و هو يـّلكـّم المقـّودّ بكّل مـّا يمتلكّ من قـّوة جّعلتها تـّجفّل عدة مـّرات
ـ لا تـعتـذّري سحقـّا، لا تـّعتذّري
شـّحب وجههـّا كما لو كـأن الـدّم قدّ سحّب منهّ بـّل كـما لو كـأنهـّا رأتّ شبـحّا حـّولهـّا ،
أنّ يصـّرخ نـّايت البـّارد و الهـادّئ عـّليهـّا فـّلابدّ أن طّفحّ به الكـّيل منهـّا ، أنّ تّضعـّه دّومـّا فّي مواقفّ
صّعبة ، لابدّ أنهّ يـتمنى الآن لو أنهّ لمّ يقّابلهـّا و لمّ يـّعرفهـّا في حيـّاته قطّ ، استـدّار عـائدّا أخـذّا إياها
إلى منـّزلهـّا الصغير




 

رد مع اقتباس