كنا معًا في الردهة قبلَ أن ينطَفئ المصباح الذي كانَ ينير طريقنا فالتفتت اسألُ عن السبب ولكن كُل الأصوات خبت، لا صوتَ حياةٍ عدا صوتُ أنفاسي التي بتُ أسمعها بوضوحٍ مرعب!
ظللتُ أنادي من حولي والفكرة المسيطرةَ في بالي أنهم يعبثونَ معي ولم أكن أشكُ في ذلك!
جعلني ذلكَ أستاء فأخرجتُ الأمر من بالي وقررت المتابعةَ وحدي وعدم المبالاة لمقلبهم المزعوم! أخرجتُ هاتفي وأضأتُ طريقي بهِ ولكنهُ لم يكمل الخمس ثوانٍ حتى انطفأ وكلُ ما رأيتهُ كانَ ضبابًا! ضبابٌ داخلَ المنزل! لم أتقدم سوى ثلاث خطواتٍ في العتمة فكيفَ لي أن أكونَ بمكانٍ غير الردهة!

حاولتُ إشعال الهاتف ولكنهُ أظهر لي إشارةً تعني أنَّ البطارية فارغة، ومع أنهُ كان فوق التسعين وأنا واثقةٌ من كونها بحالة ممتازة!
أفزعني الأمر فالتفتت لأعود خطواتي والتي كنتُ أعرفها لقلتها لكن بطريقةٍ ما خطوتُ عشرةَ أضعافها ولم أصل للباب!
شعرتُ بقشعريرةٍ حينَ لفحني هواءٌ باردٌ فالتفتت فورًا لأعرف مصدره لأرى ظلًا رماديًا بعيونٍ مجوفة وابتسامة عريضة، حدقتُ بهِ بفزعٍ غير مصدقة قبلَ أن أهربَ بسرعةٍ وأجري في المكان، بدأت عيوني تعتاد الظلام وبدأت أرى الضباب في كُل مكانٍ والأرض الخشبية المهترئة تحت أقدامي!
تعثرتُ بينما أركض لأقع على الأرض بقوةٍ شعرتُ خلالها بعظامي قد تفككت. ولكني لم أكن متفرغةً للألم وأنا أشعر بيدٍ برادةٍ وخشنةٍ تمسكُ بقدمي وتزحف على ساقي مستعينةً بأصابعها وأظافرها التي تغرزها في قدمي!
ضربتُ قدمي بحقيبتي وحاولتُ النهوض ولكن يدًا أخرى أمسكت بذراعي ثم بقدمي الأخرى وشعرتُ بأخرى تتسلقُ ظهري، كنتُ أتنفسُ بصعوبة وقد تسمرتُ مكاني من الخوف قبلَ أن أحاولَ التملص من جيش الأيادي وأنهض لكن شيءً ثقيلًا حطَ على كتفي لألتفت بفزعٍ وأواجهَ ذلكَ الرأسَ المقطوع ذو الشعر الطويل الأشعث والذي كانَ عشًا لحشراتٍ وديدانٍ مقرفة، كانت إحدى عينيهِ مقلوعةٍ وداميةٍ وقد تحولت لجحر حشرات بينما الأخرى تحوي بؤبؤين، فمٌ مشقوقٌ كأنهُ ابتسامة تصل للأذنين وملامح باليةٌ بشعةٌ جعلت قلبي يسقط أرضًا!
بصعوبةٍ بالغةٍ استطعتُ رفعَ يدي ولكمتهُ بقبضتيِ بهدف إبعادهِ لكنهُ حينَ سقطَ تدحرجَ بعيدًا قبلَ أن يعود ويتدحرجَ نحوي مع جيش الأذرع...