عرض مشاركة واحدة
قديم 07-28-2023, 03:49 PM   #2
Nour99‏
عضو مقاوم


الصورة الرمزية Nour99
Nour99 غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7861
 تاريخ التسجيل :  May 2023
 العمر : 24
 المشاركات : 163 [ + ]
 التقييم :  34769
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 24
تم شكره 7 مرة في 7 مشاركة


يجلس على كرسي وسط الحرم الجامعي ، الخالي من أي إنسان ما عداه ، فأغلب الطلاب الآن يجلسون على مقاعد الدراسة ، يقدمون امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني ، يحتسي كوب النسكافيه الخاص به ، بكل هدوء ، يُعكر التفكير صَفوَ هدوءه ، صراع بينه و بين نفسه ، مع كل رشفة يرتشفها يظهر له سؤالاً جديداً ، يُهدد هدوءه بالكامل ، بدأ يحادث نفسه بحيرة :
- " همم ، و الآن يا بيان أوشكتَ على التخرج ، ما الخطة المراد تنفيذها فيما بعد ، أحان وقت الانتقام فعلاً! ؟! .. "
بدا و كأنهُ تائهاً في دوامة زمنية لا متناهية الأبعاد، تائهاً في بحرٍ من الأفكار المتلاطمة التي تأبى أن تبتعد عنه ، أعاد سؤال نفسه ثانيةً :
- " أحان وقت تحقيق الحلم الذي انتظرته منذ أمد طويل ؟! ، أحان وقت الانتقام ، والأخذ بثأري من أولئك المجرمين الذين عاثوا فساداً في الأرض ، فقتلوا أحلامي و جعلوا منها سراباً مستحيل التحقيق ؟! "
قطع حبل أفكاره ، صوت صديقه الصحفي ماهر الذي اقترب منه ، فهمس بصوت عالٍ " بياااان، بيان ، هل تسمعني ؟! "
- " أماهر عندنا ؟ ، يا مرحباً يا مرحباً ، أنرت يا حبيب " تنهد متأسفاً فاسترسل مبتسماً
- " النور نورك يا رفيق ، ناديك لأكثر من عشرة مرات ، ألم تسمع صوتي ؟! "
- بيان معتذراً : " آسف ، كنت شارد الذهن قليلاً ، فغرقت في بحر أفكاري "
- " هون عليك ، لا بأس لا بأس ، أهٍ تذكرت مبارك تخرجك .. "
- " بارك المولى بعمرك يا رفيق ، و أخيراً أنهيت اليوم تقديم آخر اختبار لدي ، الحمد لله ! "
- " ما هي خطتك بعد التخرج من كلية المحاماة ؟! "
- بيان و هو يشعر بلذة :" الانتقام "
- " الانتقام ؟! ، هههه انتقام ماذا يا فتى ، أتريد الانتقام من الكلية ؟ ، هَون عليكِ ، هكذا هي الحياة الجامعية ، مكتظة بالتكاليف و الواجبات ، تتسم بالضغط و التعب " ماهر باستغراب و دهشة
- " هههه ، كلا أنت مخطئ ، أقصد الانتقام من مجرمين قتلوا أحلامي ، و بددوا أمالي " ضحك ثم قال بجدية
- " مجرمون ؟! "
- " أجل ، مجموعة من الطغاة ، كسروا إرادة الحياة بداخلي ، فقاومت الألم مرات و مرات ، أمضيت حياتي بعد تلك الحادثة ، متشبثاً بذلك الهدف ، مرتشفاً جرعات من الأمل حتى أعيش هذه اللحظة .."
- " الحادثة ؟! ، أي حادثة تقصد ؟" ماهر يتساءل بدهشة ..
تنفس الصعداء ، ثم شرع يتحدث عن حكاية ألم عاشها في صغره ، عادت بهِ الذاكرة و أوقعته في ذكرى ما حدث بعد فقدانه روحهِ ، بدا ذلك و كأن الحياة قد عصفت به و أوقعته وسط عاصفة هيجاء لا تعرف الرحمة البتة ، تلك الأيام التي قضاها وحيداً ، تعصف به الحياة أينما تشاء ، حكايات ألم و تراتيل وجع قضاها ، ثقته بنفسه هشمتها الحياة إلى ألف قطعة ، أصبح يسير في طريق العتمة ، الظلام أنيسه ، و الليل ملاذه في هذا العالم ..
_ " لا بد بأنك سمعت بحرب الإبادة الجماعية التي ارتكبها المجرمون بحق أهل مملكة الفضة ، أليس كذلك ؟"
= : " أجل ، لقد سمعت الكثير عنها ، يُقال بأنها كانت حرباً دامية ، أبادت كل معالم الإنسانية ، فانعدم ضمير مجرميها ، سمعتُ بأن مملكة الفضة وقتئذٍ أُبيدت بالكامل ، فقُتّل الكثير من أبناء شعبها، و اختفى من نجا منها ، بل إن معالم تلك المملكة أُبيدت تماماً ، سمعت بأنها كانت معركة طاحنة بالفعل "
- " هههه أنا من أبناء تلك المملكة العريقة " بيان بفخر
= " أتمزح معي ؟! " ماهر بدهشة
- " كلا إنها الحقيقة ، صحيح أن الكثير من أبناء شعبنا قد استشهدوا جراء تلك الحرب ، إلا أن هناك من استطاع النجاة بأعجوبة ، و أنا أحد أولئك الناجين ، استطعت النجاة أنا و أمي و أبي ، لكننا أخفينا حقيقة من نكون ! "
= " أكنت واعياً عندما حدثت تلك المعركة القاسية ؟! ، أتتذكر ما حدث فيها ؟! ، لِمَ تخفون حقيقة من تكونون ؟! "
- " أتذكر كل ما حدث فيها ، لحظة بلحظة ، كيف لا و أولئك الطغاة هم من قتلوا أحلامي ، فكسروا إرادة الحياة داخلي ؟! "
= " أخبرني ما الذي تتذكره عن تلك الحرب الشرسة ؟! " ماهر بلهفة
تنفس الصعداء مرة أخرى ثم بدأ يسرد أحداث تلك الحرب معدومة الإنسانية ، كانت الدموع تسيل على خده فور تذكره تلك الواقعة الأليمة ، فبدأ يسرد أحداثها ،بينما كان يستمع إليه ماهر بكل إصغاء :
في إحدى الليالي الحارة ، في شهر تموز ، كنت جالساً في حديقة منزلنا على العشب الأخضر برفقة توأمي يمان [ابن التسع سنوات ] ، و أختي لين " لولو الصغيرة " [ابنة الخمس سنوات ] ، و ابن عمي يزن [ابن التسع سنوات ] و أخته جود [ ابنة الأربع سنوات ] ، نلعب و نمرح ، سرعان ما شعرنا بالملل ، فأحببنا تغير ذلك الروتين المسائي ، فاقترحت عليهم أن نلعب لعبة من أنا ؟ ، و ماذا سأكون في المستقبل ؟ ، بحيث يتحدث كل منا عن أحلامه و ماذا سيكون عندما يكبر ؟! ..
أحب الجميع الفكرة ، جلسنا مرصوصين على هيئة صف واحد ، يقف أمامنا من يريد التحدث و التعبير عن أحلامه .
فوقفتُ أنا أقول : " و الآن سيداتي و سادتي ، سيقف أمامنا المبدع يزن ليحدثنا عن نفسه "..


 

رد مع اقتباس