الفصل هو تسلسل مجموعة من الأحداث ضمن مشاهد معينة وفق زمن ومكان محدد ، شاهد على صراع بين الشخصيات أو الشخصية نفسها
وعادة أثناء بناء الرواية يتم إهمال بُنية الفصل ، وكأن التركيز ينصب فقط على عرض عقدة الرواية وصراع الشخصيات ثم الوصول إلى النهاية
إن الفصل هو دعامة الأساسية لبناء محيط الرواية إجماليا ، وتدريجيا من فصل إلى فصل إلى فصل آخر يتشكل لنا عمل فني اسمه الرواية
لدى إن المشهد الأول الذي تعرضه في الفصل الأول من روايتك مُهم ، كونه النافذة الذي يطل عليها القارىء ليبدأ التعرف على عالمك ، فلا تُهمله بأحداث روتينية ، مملة ، جافة بلا أي معنى
إن أغلب الكُتاب الناجحين والتي حققت رواياتهم أعلى مبيعات نجدهم يعرضون العقدة في بداية الفصل الأول ثم يبدأ كل كاتب بتفكيك وتفتيت تفاصيل هذه العقدة تدريجيا وتحليلها إلى جزئيات ومحتويات صغيرة ، حتى تجد نفسك أمام النهاية
وتجد أن الفصل الثاني من نفس الرواية يبتدأ بحدث آخر غير الذي انتهى به الفصل الأول وكأنه يقوم بِترويض فُضولك

وهذه بعض النقاط المهمة في بناء نص الفصل

- ضع خطة : شاهد نصّك قبل الكتابة ،أنت بالتأكيد تملك فكرة معينة في ذهنك ، من شأن تصور النص قبل كتابته أن يزيد من سيطرتنا عليه ويمكننا من التحكم فيه و اللعب بالاحتمالات ، نحرك الأحداث كيفما نشاء ، ونراها كيفما نرغب ، ثم ندون الأجزاء الأساسية في الفكرة ، أي نقوم بتفكيكها إلى مشاهد معينة ، وفي كل مشهد علينا أن نتقن جيدا طبع تصورنا .

- هيكل النص :إذا تخيَلنا النص هيكلاً فإنَ الوجه هو صهوة الحكاية، وهو أول ما سيلفت انتباه القارىء. لكنّ الوجوه الجميلة وحدها لا تكفي. أي نقص أو تشوه في باقي الهيكل سيصرف النظر عن جمالها ، ضخ في نصك ذلك التأثير الذي تتركه في نفس القارىء من خلال الحكايات الجانبية ، الإلتقاطات الإنسانية ، الجُزئيات الصغيرة ،التفاصيل التي تبرز جمال النص من قوة أو جمال أو قبح أو عاطفة ، بإختصار لا تصور لنا وجها عاديا فاترا نقابله دون أن يترك في داخلنا أثرا

-أنت نفسك: تجرد من كل الأشياء ، وكن نَفسك ، حاول أن تَعرفها ، أن تزيل كل الطبقات المتراكمة عنها ، أكتب عما يخصك ، عما تحبه وتكرهه ، عبر عن مخاوفك وهواجسك ، أفصح عما يؤرقك ، غص أكثر واكتشف ما تخفيه في ذاتك ، أنت في حد نفسك حكاية ، إن الأمر يعينك منذ البداية

-تقدم إلى الأمام : عندما تكتب ، ضع في حسبانك فكرة أخد النص إلى الأمام والتقدم في كل مشهد وجملة ، ضخ التشويق من خلال حركة الكلمات ، أنقل لهفتك إلى القارىء

إيقاع الفصل : وأنت تكتب قم بِترويض أسلوبك ، إصنع له إيقاعه الخاص ،متى تسرع أو تبطئ أو تطرق بشدة أو تمر برهافة.. كل هذا يحدث حين نوظف اللغة للتحكم في الإيقاع، اختر إيقاعك وأفرضه حسب المشهد أو الحدث الذي تكتبه إذا أردت أن تسرع في الحركة ، أن تمنح شعورا باللهاث استعمل السرد والجمل الفعلية القصيرة ، وإذا أردت أن تُبطىء في الحركة استعمل الوصف مع جمل إسمية طويلة تمنحك شعورا بإسترخاء

أشرك بقية الحواس : صحيح أننا نستخدم البصر في قراءة نص الفصل ، لكن هذا وحده لا يكفي ، أشرك بقية الحواس من الشم والسمع واللمس والتذوق ، إحقن نصك بالألوان والروائح والأصوات والملمس ، بمجرد أن ينجح ذلك سينهض النص ليتحرك وكلما تزاحمت هذه الحواس كان الوقع أكبر.

- إخدع القارىء : وأنت تكتب تخيل أنك في سباق مع القارىء في لعبة الإحتمالات ، هل سيصل إلى النهاية في ذهنه قبلك ، هل اكتشف الحدث التالي
لدى قبل أن يفعل ذلك ، قم بخديعته ، ترصد أفكاره وهَجمها ، كلما أمكن ، أنثر بعض الإشارات ، الإيحاءات ، الدلالات ، وحتى وإن لم تكن الرواية بوليسية ، تجاوز تفكيره ، قم بِتظليله بمسارات مختلفة ، ثم أصدمه بوجهة لم يتوقعها

تجاوز التوقعات : لا تعطي القارىء فرصة توقع الأحداث القادمة ، كن ذكيا ، وتجاوز التوقعات ، إخلق أحداث مبتكرة ، غير مكررة ، وضع خطواتك بعيدا عن مسرح تفكيره ، اصنع لنفسك قوقعة فكرية تخصك أنت

- قبل أن تكتب ، أنت قارىء : اسأل نفسك دائما ماذا لو كان النص لغيري، هل سأحبه ، سأنفر منه أم سأتوقف عن القراءة وحسب
هذه القسوة من قبلك ناحية نصك ينبغي أن تكون حاضرة دائما ، عليك بالحكم على نصك قبل أن يخرج إلى غيرك - أي واجه نفسك بنفسك -

- دع نصك يتنفس عند النهاية أو الخاتمة : أترك القارىء يتم الفصل ، أحترم ذكائه ودع له يكتشف الباقي بنفسه ، ضع له مساحته الخاصة أي لا تُتم كل النهاية [ أتركها شبه مفتوحة ]

تخلص من الزوائد والفائض والمشاهد التي لا معنى لها ، وتزيد من رتابة الفصل ، لا داعي لتكرار نفس الواقع الذي يراه القارىء في حياته بنفس النمط الروتيني ، المترهل ، الممل

تنقيح نصك وتدقيقه : راجع نص فصلك ، وقم بضبظه وفق قواعد النحو والصرف واللغة ، وصحح أخطائك قبل نشره