الموضوع: إنسلاخُ الروحِ
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-15-2020, 05:13 PM   #9
شَفَق.
عضو مُميز


الصورة الرمزية شَفَق.
شَفَق. غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 57
 تاريخ التسجيل :  Feb 2020
 المشاركات : 25,589 [ + ]
 التقييم :  63932
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Lightgrey
شكراً: 6
تم شكره 22 مرة في 19 مشاركة

مشاهدة أوسمتي

الذهبي









أطلق الشرطي نظرة تفهم،ثم خلع نظاراته ذات الحواف الرقيقة لدرجة أن إيفان لم يلحظها، إبتسم بخبث وقد تغيّرت الأجواء هنا.

ـ سأكون صريحاً معك، ربما ستشفى إصاباتك وأنت بالسجن.

لم يبدي ايفان اي ردة فعل، بل لربما شعر براحة اكثر.
لأننا كبشر نفضِل العقوبة التي تشمل الغفران لنستطيع التخلص من الندم..
هاك أنظر لقد تمت معاقبتي!
والأن أبعد عني قيود الندم تلك فهي خانقة.

تحدث بما أختلج في صدره بتردد

- هل بمكن أن أعرف بشأن تلك الفتاة؟

- أندرينا فولكس؟


لم أجد فرصة للتحدث مع عائلتها لأنها مشغولة بمراسم العزاء.

ضيق الشرطي عيناه مستذكراً ليقول


- إلا أنني صادفت أخاها، أتعلم ماذا قال لي؟

لم ينتظر رد فعل من ايفان الذي بات ينظر له ليكمل

- " أنا مستعِد لفِعل أيّ شيء حتى أرى ذلك الحقير يعاني. “

أطلق قهقهة صغيرة ليعلّق مغادراً

- لا أقهم حقاً أيّ معاناة تنقصك، جسد محطم وضمير يؤنب ودخول للسجن ربما..

وصل للباب تقريباً إلتفت ناحية إيفان ليبتسم قائلا

- لا تسيء فهمي، أنا مجرد شرطي يبحث عن بعض التسلية ووجدت قصتك مثيرة.

رد إيفان بإبتسامة تصطنع البشاشة

- يسعدني أن أرفه عنك ببعض الكسور إذاً..

حدقا ببعضهما بوِد،ثم خرج الشرطي ساحباً معه الباب حتى اغلقه.


أطلق ايفان تنهيدة لتسترخي عضلاته محدقاً في السقف، نبس بهمس

- أندرينا؟

إ
رتسم على ثغره إبتسامة ساحرة ولكنها سرعان ما أضمحلت وهو يستذكر أنه قتلها.
أغمض عيناه متناسياً، لكم هو مٌر هذا الشعور.

بدى يغزو جسده شعور مهيب.
فتح جفناه ببطء وقد شعَر بأنه يطفو، إنه الفراغ السديمي مجدداً.
شعر بجسده سليم، يحرك يداه يحرك عنقه، نسيّ كم هي جميلة الحركة.


- ماذا تفعل هنا؟

إنتبه للصوت خلفه، ليلتفت مكذباً أُلوفيه نبرة الصوت.

كانت بشعر مشمش يتراقص وكأنه في المحيط، تنظر بقرمذيتاها نحوه بثبات.
واقفة، ثابتة.
بحلق بها وقد بدأ يتصبب عرقاً، إتسعت أحداقة ليتستحضر إسمها


- أندرينا؟

خطت نحوه بثوب بلا اكمام يشبه المنطاد، تسارعت وتيرة خطواتها حتى فاجأته.
إعتصرته بين يديها النحيلتين، تشبثت به بقوة بينما تتسارع نبضات الأخير دون إن يعي أي مما يحدث.


- الحمدلله، لا تعلم قدر ماذا يسعدني رؤيتك ..

تسعدها رؤيته؟ اي هراء هذا!
هل تسعد الضحية برؤية قاتلها؟

تحرر منها عنوة ليبتعد بضع خطوات مدافعاً عن جسده، قال بتوجس

- أنت! مالذي تهذين به!

كانت إبتسامة واسعة تشق ثغرها ولكنها سرعان مو تقوست لتتساقط دموعها وتشرع بمحوها بكفي يديها.
الأن أصابه إرتباك أكثر...


- مهلاً توقفِ !

أردف وقد إعتلى على نبرته الحزن.


- أنا آسف، أنتِ تعانين بسببي ..

نفت الأمر برأسها إلا أنها أثبتته بقولها


- لقد صرختُ كثيراً في والدي، حدقتُ في والدتي وركلتُ أخي.
حتى أنني بكيت خلف ظهر جدتي. ولم ينتبه أحد لوجودي.


أردفت بينما تمسح أنفها المحمر

- حسناً لستُ واثقة تماماً من جدتي ..


نعم هي تعاني.

شعر بالإستياء من ما جرى لها، وفوق كل ذلك هو السبب.
ليس قضاء، ليس قدر .. إنه السبب.

شعر بتوعك من جديد ليجلس القرفصاء بينما يحتضن معدته.

إقتربت منه لتجلس مثله مأئلة رأسها حتي تستطيع النظر إلى وجهه

- هل أنتَ بخير؟

نفى ذلك برأسه دون أن ينبس، لتحدق هي في الفراغ السديمي المنعكس على بؤبؤيها، لتقول دون إدراك منها..


-المكان بارد هنا، أريد دفء.. أريد عائلة .


علاه الدهشة من كلماتها، نظر لها بطرف عينه.. لازالت عيناها محمرة وبقايا دموع على خديها.. إن في عينيها حلم.
رمقته لتقول بإبتسامة


- سعيدة أنكَ تراني وتتحدث إليّ.

همست بشيء من الخيبة..


- على الأقل هنا.

- أستطيع أن أراك هناك أيضاً!

رفعت حاجبها بتساؤل من تصريحه الصارخ

- هناك؟

عاد لطبيعته ليقول بينما يحك ذقنه.


- في غرفتي، ألم تكوني متواجدة عندما كان أخيكِ هناك؟

إتسعت عيناها متذكرة لتقول

- صحيح.. عندما عدت كنتُ خارج جسدي.

لقد حاولت العودة إليه إلا أنني لم أنجح حتى أعلن الطبيب بأنني ..


توقفت وهي محرجة او ربما خائفة من الإكمال.. بترت الكلمة وأكملت

- لقد رأيتُ أخي يخرج بسرعة ناحية غرفتك، فتبعته وناديته وحسناً هو لم يرني أعتقد.

شبكَت يداها وقد بدت متوجسة

- عندما وصلت لباب غرفتك لمحت بالممر الطويل والداي يبكيان والطبيب معهما لذا ذهبت ناحيتهما ولم أسمعك.

شرد متفهماً، لم يعلم ماذا عليه أن يقول.


غيّرت مجرى الحديث لتقول ..

- إسمع في البداية لقد كنت خائفة من تواجدي هنا ولذا عاملتك بعصبية ..ولكِن أظنني إستسلمت.

- ماذا تعنين..؟

بهتت إبتسامة على ثغرها لتجيب


- أنا أمرض، إنه الشعور الوحيد الذي ييختلجني ممتزجا مع البرد.

تعجب من كلماتها، تساءل مستفسرا


- تمرضين؟

وضعت سبابتها على ذقنها لتقول مدعية المرح

- ربما سأرحل من هنا أيضاً لست واثقة.

حركت مكان سبابتها لتوجهها نحوه قائلة بإبتسامة رقيقة


- وأنت لن تدعني أرحل قبل أن أقابل عائلتي مجدداً..


كانت كلماتها ثقيلة عليه، لن يرفض وهي تبتسم هكذا.
حتى وهو لا يعيّ ما سيفعله.

شعر بخدر يعود لجسده، الخفة التي كان يشعر بها قد تلاشت..

.
.
فتح جفناه، الشمس تحاول الإستيقاظ بكسل.

أكان يحلم؟

زفر كتضايقا حتي إلتقط صوتها الذي بات يرتعب من سماعه


- كم سيتغرق الإمر لتشفى إصاباتك؟

أصابه الذعر، تحرك بؤبؤ حيث صوتها، لمحها بقرب قدمه اليسرى وجبيرته الجبيرة التي تقوم بتحسسها.
شعر بلسانه مقيد لم يستطع التحدث ولم يعرف بماذا يجيب .. قال متلعثماً مخبئاً دهشته


- لن تستغرق طويلاً.

لم يكن حقاً هذه الإجابة منطقية، كان يمكن أن يصرخ او يتهم نفسه بالجنون..
إلا أنه قد إستهلك كل ذلك مسبقاً، والأن هو يحاول بلع وجودها.
أطلقت همهمة متفهمة، بينما كان يراقبها.
قالت ببلاهة


- لم أعرف أسمك حتى هذه اللحظة !

- ايفان

إستنطق إسمه بتلعثم أضحكها .. وفضلت كتمها.

قال محاولاً طرد الحرج


- كيف سأساعدكِ؟

إتسعت إبتسامة الأخيرة لتقول

- ستجعلني أتحدث مع عائلتي

ضيق عيناه مستذكراً أخيها ليقل بإستياء ..

- لا أظن أن عائلتك تحبني.

-لما؟

أستدركت سؤالها الغبي لتحك على شعر رأسها بإحراج.
أما هو فقد أشاح نظره عنها، رفع يده وظل يحدق بها حتى قبضها بعزم واهن.
لحظات من الصمت أتلفها قائلًا


- سأجد طريقة لأجلك ..


- ايفان؟

جفل من أخته التي دخلت للتو وعلامة الإستغراب بادية على محياها.
تفحصت الغرفة لتقول متعجبة


- ظننتك تتحدث مع أحدهم.

ظل أيفان ينظر ناحية أندرينا التي راحت تتفحص أخته دون أن تشعر رين بذلك.
أردفت متشككة


- مالذي تنظر إليه؟

-لا.. لاشيء.

لم تخفي عدم إقتناعها، راحت تجلس بالكرسي قربه ولا زال يتبعها بنظراته.
بلع ريقه متفكراً، سرعان ما عزم أمره


- رين، أريد إخبارك بشيء..




 
 توقيع : شَفَق.



أركض وأسقط، وأتحمل ألماً لا يذهب..

التعديل الأخير تم بواسطة شَمس. ; 09-10-2023 الساعة 11:06 AM

رد مع اقتباس