عرض مشاركة واحدة
قديم 11-16-2022, 09:40 AM   #15
نسمة شتاء
عضوة مميزة


الصورة الرمزية نسمة شتاء
نسمة شتاء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 432
 تاريخ التسجيل :  Jun 2020
 المشاركات : 8,822 [ + ]
 التقييم :  95313
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Darkslategray
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

مشاهدة أوسمتي



الدعـــاء من الكتــــ📖ـــاب و الســــنـــة


الدعاء الثالث عشر
{رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}
[آل عمران : 38]


الشرح
هذه إحدى دعوات زكريا عليه السلام لما رأى أنّ اللَّه يرزق مريم فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، طمع حينئذٍ في الولد
وكان شيخاً كبيراً قد وهن العظم منه، واشتعل الرأس شيباً، وكانت امرأته مع ذلك كبيرة وعقيماً، لكنه لكمال إيمانه، وحسن ظنه بربه بكمال قدرته تعالى، ونفوذ مشيئته وحكمته، أقبل على الدعاء من غير تأخير ، فسأل ربه، وناداه نداء خفياً، كما في قوله تعالى في سورة مريم: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا}

{رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ}
جاء الطلب بلفظ الهبة؛ لأنّ الهبة إحسان محض، ليس في مقابله شيء، وهو يناسب ما لا دخل فيه للوالد؛ لكبر سنّه، ولا للوالدة؛ لكونها عاقراً لا تلد
↩فكأنه قال: أعطني من غير سبب معتاد ، لأنه لم ينظر عليه السلام إلى الأسباب والمسببات بظروفها العادية؛ بل نظر إلى خالقها، وموجدها، ومكونها، وهذا هو الإيمان الصادق الخالص للَّه ، وعلى قدر حسن ظن العبد بربه ينال من كراماته و فضائله التي لا تعدّ.

{مِن لَّدُنْكَ}
أي من عندك، إضافة العندية إلى اللَّه تعالى ليكون أبلغ وأعظم؛ لأنّ هديّة الكريم عظيمة وجليلة تليق بمقام العظيم الكريم.

{ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً}
في تقييد الذرية بالطيّبة إشارة مهمّة أنّ العبد لا يسأل اللَّه تعالى الذرية فقط، فلابدّ أن يقيّدها بالصلاح والطيب التي يُرجى منها الخير في الدنيا والآخرة
↩فالذُّرِّيَّة الطيّبة، هي الطيّبة في أقوالها، وأفعالها، وكذلك في أجسامها، فهي تتناول الطيب الحسّيّ، والطيِّب المعنوي

{إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}
تعليل للسؤال: أي إني ما التجأت إليك، وسألتك إلا لأنك مجيب الدعاء، غير مخيّب للرجاء، فختم الدعاء بأحسن ختام من التوسل بأسمائه تعالى الحسنى، وصفاته العُلا التي تناسب الدعاء
⬅ فجاءته البشارة العاجلة عقيب السؤال، كما أفاد ذلك حرف التعقيب (الفاء) في قوله: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران :39]

المرجع
شرح الدعاء من الكتاب والسنة
سعيد بن وهف القحطاني

الفوائد
تضمّنت هذه الدعوة المباركة فوائد، وحِكَماً، منها :
1⃣ إنّ جميع الخلق مفتقرون إلى اللَّه عز وجل ، حتى الأنبياء لايستغنون عن دعاء اللَّه تعالى في كل أحوالهم، دلّ على ذلك قوله تعالى: {دعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ}

2⃣ إن من أعظم التوسل إلى اللَّه عز وجل بالدعاء هو اسم (الربّ)
لقوله: (ربّه)، ولم يقل (اللَّه)؛ ولهذا أكثر الأدعية مصدرة بـ (الربّ)؛ لأنّ إجابة الداعي من مقتضى الربوبية؛ فلهذا يتوسل الداعي دائماً باسم (الرب)

قال النبي صلى الله عليه وسلم -: ((يمدّ يديه إلى السماء: يا ربّ، يا ربّ))
3⃣ إنه لاينبغي للإنسان أن يسأل مطلق الذرية؛ لأنّ الذريّة قد يكونون نكداً وفتنة، وإنّما يسأل الذريّة الطيّبة

4⃣ إنّ حُسن الظنّ من حسن العبادة، وأنه تعالى يجازي عبده، ويعطيه على قدر حسن الظنّ به، دلّ عليه قوله تعالى: {هُنَالِكَ دعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ}، حيث أقبل على الدعاء مباشرة لحسن ظنّه
بربه تعالى، كما جاء في الحديث القدسي عن ربّ العزّة والجلال:
((أنا عند ظنّ عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني))
البخاري

5⃣ إنّ من تمنى أمراً عظيماً، أو رأى شيئاً جليلاً يتمناه، عليه أن يقبل على الدعاء في لحظته، ولايؤخره، دل عليه قوله تعالى: {هُنَالِكَ دَعَا}
ففي ((تقديم الظرف (هنالك) للإيذان بأنه أقبل على الدعاء من غير تأخير))

6⃣ إنه ينبغي للإنسان أن يفعل الأسباب التي تكون بها ذريته طيبة، ومنها الدعاء؛ دعاء اللَّه تعالى، وهو من أكبرالأسباب

7⃣ فيه دلالة على أن الدعاء يردّ القضاء، وذلك أن من الأسباب العادية، أن العقيم والعجوز لاتلد، فلمّا دعا اللَّه تعالى أن يرزقه الولد، جاءت البشرى مباشرة، كما أفاد قوله تعالى: {فَنَادَتْهُ المَلائِكَةُ}
عقب دعائه مباشرة، دلّ على ذلك بـ ((الفاء السببية))، والتي تفيد التعقيب والترتيب بدون مهلة.

8⃣ إثبات سمع اللَّه - عز وجل -، وكرم اللَّه تعالى، وقدرته، وجه ذلك: أنه يسمع الدعاء، ويجيب من دعاه، وقادرعلى الإجابة

9⃣ أهمية التوسل بأسماء اللَّه الحسنى (إنك سميع الدعاء)، وأنها من أعظم الوسائل إلى إجابة الدعاء، حيث اختاره عليه وسلم دون غيره من الأسماء.

🔟 إنه كما يُتوسل إليه تعالى بأسمائه، كذلك يُتوسل إليه جل وعلا بأفعاله، فقوله: {هَبْ لِي}، توسّل بصفة الهبة، وهي صفة فعلية ، وهي مشتقة من اسمه (الوهّاب).
1⃣1⃣ أن في ذكر هذه القصة العجيبة، وما تضمنته من دعوة جليلة حتى لا ييأس أحد من فضل اللَّه تعالى ورحمته، ولايقنط من فضله سبحانه

المرجع
شرح الدعاء من الكتاب والسنة
سعيد بن وهف القحطاني


 
 توقيع : نسمة شتاء



لا تختلط بأكملك مع الناس
أحتفظ لنفسك ببعض منك...

المدونة....https://woonder-land.com/vb/showthread.php?t=1779


رد مع اقتباس