الموضوع: زهرة أخر العمر
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-10-2020, 04:24 PM   #17
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي



ليلة دافئة



مرحباً أعزائي....
كيف حالكم؟؟؟؟؟؟
اممممم...أجل..قمت بتحضير مفاجأة لكم هذا المساء.....
فهذه النسائم الليلية الحالمة...ورائحة القهوة المسائية بجانبي....وغناء هيلين سيغارا الشجي.....
كل ذلك....دفعني لتقديم هذا الفصل الجديد.....آملة أن ينال اعجابكم....
عطلة نهاية أسبوع ممتعة......تحياتي....^^
الفصل الثالث عشر.....
" ليلة دافئة..."
مرت الايام...والاسابيع والاشهر....وهي تكابد ذكراه!! كم كانت واهمة وغبية....حينما ظنت نفسها قادرة على نسيانه...لقد كانت تتعلق به أكثر فأكثر.....تمنت لو أنها استطاعت أن تراه....وقد طاوعت رغبتها هذه في لحظة جنون...فذهبت الى عيادته وسألت عنه..لكنها عرفت بأنه قد سافر لحضور مؤتمر في الخارج...ولن يعود قريباً......
أحست حينها بأنها جسد بدون حياة.......وحينما كان والدها يسألها عنه....كانت تجيبه بأنه مسافر في عمل....ولن يحضر قريباً!!ومع أنه شعر بأن هناك خطباً ما بينهما....الا أنه لم يعبر عن شعوره ذاك..ولا حتى بكلمة أمام رينيه....لأنه كان يشعر بأنها تتعذب وحدها...حتى لا تجعله يشعر بأي شيء.....
صغيرته الحبيبة..ترزح تحت كل هذا الالم ولوعة الحب....ومع هذا تحاول أن تري والدها بأن كل شيء على مايرام..وبأن حياتها مثالية ووردية الى أبعد حد!!!!
وفي أحد الايام...حضرالسيد بوب واقترح على رينيه ووالدها الذهاب معهما في رحلة علاج طبيعية....ستفيد السيد مايكل كثيراً....ولما كانت رينيه مرتبطة بالعديد من حفلات أعياد الميلاد..ولن تستطيع الذهاب....رفض السيد مايكل أيضاً الذهاب...فهو لا يستطيع ترك رينيه وحدها...خاصة بعد كل ماحدث معها..!!!
ولكن؟؟؟أيمكنه أن ينتصر على رينيه!!؟؟ كما هو الحال دوماً...وبالاخص حينما سمعت رينيه بأن ذلك سيفيد والدها.....حاولت مرات ومرات مع والدها..حتى أقنعته في آخر المطاف بالذهاب...وحتى تطمئنه أخبرته بأنها ستمكث عند جولي الفترة التي يتغيبها والدها....كما قامت بتأليف قائمة بالاماكن التي سترتادها بصحبة جولي وعدد من الاصدقاء...لتثبت لوالدها بأنها ستقضي وقتاً ممتعاً فيذهب وهو مطمئن عليها....وهذا ماحدث بالفعل!!!
استيقظت رينيه صباح اليوم التالي...وهي تحس بكآبة شديدة....لقد غادر والدها بالامس...لكنها لم تقم بابلاغ جولي بعد....لأنها كانت ترغب بالاختلاء بنفسها لأيام...لا تخشى فيها البكاء ولا الحزن..ولا اظهار الزوابع الباردة التي تعصف بأحاسيسها وعواطفها!!
ما بال هذا الشتاء الذي لا يريد أن ينتهي؟!!! كانت ترغب بأطلاق العنان لمشاعرها المحطمة..دون أن تقلق على والدها!!
انقضت ثلاثة ايام..وهي على نفس الحال....حتى انها اعتذرت عن بعض الحفلات...فهي لم تكن في مزاج يسمح لها أبداً بالرقص والغناء والضحك!! بل ان كل ذلك يذكرها بشيطانها الجذاب...!!
نهضت فجأة من على الاريكة...وصرخت قائلة:" هذا يكفي!!"
لكن رياح اليأس عادت تهب من جديد...سارقة كل أمل لها في الحياة!!! " آه يالهي!!!" انهارت على الاريكة مجدداً.....ولم تصحو الا في صباح اليوم التالي.....
نهضت بكسل....واعياء...وصعدت الى غرفتها...استحمت و بدلت ثيابها....تناولت فنجاناً من القهوة..وقطعة خبز محمص.....ومع أن مذاقها كان كالخشب في فمها..الا أنها تناولتها كلها حتى لايحدث وتسقط من الاعياء...!!!
فتحت باب البيت وأقفلته وراءها بعنف......وظلت تمشي وتمشي...وهي لا تعرف الى أين؟؟؟ كان صباحاً جميلاً..والجو منعشاً...والشارع مليئ بالمارة......كل هذه الحيوية والنشاط التي تملأ الطرقات.....وكل هذا اليأس والاحباط والحزن الذي يملأ نفسها..ويسكن قلبها....!! تساءلت كيف كانت تحيا بسعادة...قبل ذلك اليوم المشأووم الذي التقت فيه عيناها بعينيه؟؟؟
" ربما أحتاج الى بعض التدليل!!"
تذكرت صديقتها جولي....فأمسكت هاتفها وشرعت تحاول مكالمتها....لكنها تذكرت بأن جولي الآن ستكون في عملها..كموظفة في المصرف! أعادت الهاتف الى حقيبتها واتجهت الى ذلك المقهى الرائع...الذي صحبتها جولي اليه...والتقت فيه بيوهان..ورفيقته الصهباء!!
أغمضت عينيها بشدة ثم عادت لتفتحهما وهي تهز رأسها..وكانها تمحوه من خيالها...ولكن أنى لها ذلك؟؟؟؟
دخلت واختارت طاولة قرب النافذة...لتراقب المارة..كما يحلو لها أن تفعل دائماً!!! جاءها النادل....ليأخذ طلبها..لكن ما ان لمح وجهها حتى قال بتعاطف..." صباح سيء..ها؟؟"
استغربت رينيه...لكنها ابتسمت وقالت..:" لست أعرف حقاً!"
ابتسم وقال:" فتاة رائعة مثلك....لا يجب أن تكون بهذا الحزن!!"
دهشت أكثر...هل ذلك واضح على وجهها الى هذا الحد؟؟؟ لكنه قاطع أفكارها.." بماذا ترغب الجميلة؟؟"
ابتسمت..فهو كان يحاول رفع معنوياتها بكلامه الرقيق ذاك...فقالت بابتسامة رائعة:" أتعلم ماذا؟؟؟ أرغب بالايس كريم!!"
فتح عينيه دهشة وهو يبتسم رغماً عنه:" الايس كريم؟؟ الآن؟؟"
ابتسمت قائلة:" وما المانع؟؟كوباً كبيراً من الايس كريم...واحرص على أن يكون منوع النكهات..لكن أكثر من الفريز..فأنا أعشقه!!( كان النادل يستمع اليها غير مصدق...وهو يعقد ذراعيه على صدره..ويبتسم بدهشة) ..و بعضاً من سائل الشوكولاه الاسود اللذيذ على الوجه....أه!! ولا تنسى أن تضع بعض شرائح البسكويت..., أشكرك!"
قالتها وهي تبتسم بفرح.....
" حسناً جداً.....كوباً كبيراً من الايس كريم الملون....للحسناء الغريبة!"
وابتعد وهو يضحك على هذا الطلب الغريب منذ الساعة الثامنة صباحاً......وهي أيضاً أخذت بالابتسام!! أن هذا النادل لن يعرف أبداً..كيف بدل مزاجها..وجعلها تشعر بالراحة قليلاً.....لكنها ستشكره قبل مغادرتها للمكان!!
كان جالساً هناك...في زاوية المقهى..يرتشف فنجان قهوته المر...الذي يشبه حبيبته....في اللذة والمرارة...والادمان!
لقد اعتزل العالم والناس....أصبحت الايام متشابهة ومريرة وبطيئة.....ولم يكن يشغل باله عنها سوا مرضاه..فشرع في العمل...وهو يكاد يقتل نفسه....حتى دفعه طبيب زميل له..بأخذ راحة لمدة اسبوع....فلقد بدا التعب والوهن باديان على وجهه....ومع انه كان عنيداً لايسمع الكلام بسهولة..الا انه رضخ في نهاية الامر..حينما لاحظ فقدانه التركيز....اكثر من مرة خلال يومين....فأخذ باقتراح زميله..وبدأت عطلته منذ يومين.....
وكل صباح يأتي...الى هذا المقهى....يعيش معه ذكريات قليلة مع صغيرته ...كل يوم يطلب فنجاناً من القهوة بدون سكر....ويسحب شريط صور من جيبه....وينظر الى تلك التي تدمي قلبه وعقله وروحه.....
لم يكن ذلك سوا نسخته من شريط الصور الذي التقطه في نزهته مع رينيه!!
حدق في الصور طويلاً.....استرجع تلك اللحظات التي بدت وكأنها حلم....كان الفرح والسعادة يشعان من عيني رينيه الفيروزيتين.....بل لقد فوجئ حينما رأى نفسه يضحك بهذا الشكل..لم يعرف نفسه....ءالى هذه الدرجة ينسى نفسه معها....ويكون سعيداً كما لو أنه طفل؟؟؟!!!
استرعى انتباهه الصورة الاخيرة في الشريط....وهي تظهر ملامح وجهه القاسية...وهو يشيح بنظره بعيداً.....بينما ظهر وجه رينيه الحزين وهي تنظر بصمت الى حبها الضائع!!
كيف لم يرى تلك النظرة العاشقة المتألمة......؟؟؟
" آه.... رينيه!!!"
هذا هو حاله كل يوم....في الصباح يعيش ذكرياته مع فنجان قهوة..وشريط صور...
وفي المساء....مع شريط الفيديو الخاص بحفل التوأمين...يراها ..وهي ترقص وتغني..وتلعب!!!
عادت به الذاكرة الى حديثه مع جيني....حينما كلمته لآخر مرة...قبل سفرها هي وعائلتها الى فرنسا..في رحلة استجمامية.....ولكنها قبل ذلك..أحبت الاطمئنان على شقيقها الاكبر..وهي تشعر بأنه يمر بأزمة معقدة لأول مرة في حياته...وكانت تعلم بأن رينيه هي السبب...كما كانت واثقة...بأن شقيقها هذه المرة قد وقع في الحب أخيراً....فهذه هي أول مرة تراه يعاني بعد امرأة.......
" يوهان؟؟لم لا تصطحب رينيه وتذهبا معنا الى فرنسا؟؟سوف نقضي وقتاً ممتعاً!"
" لقد انفصلنا!"
" ماذا؟؟"
" كما سمعتي...!!ألم تعتادي على ذلك؟؟بحق السماء جيني...أنتي تعرفينني..وتعرفين بأنني طائر متنقل يحب الحرية!!"
" لكن رينيه مختلفة!! وأنت تعرف ذلك...فلا تحاول خداعي!!"
" لا أحد مختلف!!النساء كلهن متشابهات....وأنا لن أسلم نفسي لأي منهن!!"
" يوهان؟؟؟"
" جيني..كفي من فضلك...فأنا أعاني صداعاً رهيباً منذ يومين..وأنتي تزيدينه بأسئلتك والحاحك المزعج!"
"ءالى هذه الدرجة..تحبها؟؟"
" هل جننتي؟؟من هي هذه التي احبها؟؟؟قلت لكي ..أنا لا أحب.."
قاطعته:" بل تحبها..وكفاك كذباً علي!! "
صمت......لم يعرف ماذا يقول....وهل هو يحبها فقط؟؟؟بل هو يعشقها...ومجنون بها...وماعاد يعيش الآن...الا على ذكراها....ولكن من الافضل أن يحتفظ بكل ذلك لنفسه!!
" ما المشكلة اذاً؟؟؟ ربما هي التي...؟"
" لا جيني....هي لا تحب أحداً....(كان يود ان يقول "غيري"..لكنه صمت...وهي فهمت ماكان سيقوله!!)
" اذاً ماذا يوهان؟؟لم تحرم نفسك السعادة؟؟؟"
" لم جيني؟؟؟(قال بصوت اشبه بالصراخ)..لم؟؟؟أنتي أيضاً تسألينني لم؟؟؟"
" هذا يعني بأن رينيه قد سألتك أيضاً؟؟مما يعني أنها تحبك؟!!أليس هذا صحيحاً؟؟"
زفر يوهان زفرة طويلة.....وهو يمسك رأسه بين يديه....
" لا أحتمل رؤيتها هكذا جيني!! لكم يقتلني أن أراها تتعذب بسببي....!"
عرفت جيني الآن بأن شقيقها العزيز يعشق هذه الفتاة ويذوب في هواها....ولكن ما يمنعه عنها؟؟؟؟كانت تخشى أن يكون ما تفكر فيه صحيحاً..فتساءلت بحذر...
" أتظنها صغيرة بالنسبة اليك؟؟؟"
بدا التوتر واضحاً في صوته..:" يسعدني بأنكي قد بدأتي تفهمين أخيراً!!"
" ولكنك ما تزال شاباً يوهان....والنساء يتهافتن عليك اينما رأينك...فلم تعقد الامور؟"
" جيني ..لا تبدأي!!"
" ثم أن ...ثماني عشرة سنة...ليست بالفارق الكبير!!"
قال بغضب:" لا...ليست بالفارق الكبير......!!هل تريدين أن تصيبيني بالجنون؟؟لو أنني تزوجت في الثامنة عشرة...لكانت ابنتي الان في مثل عمرها!!!سحقاً جيني..كفي عن قول التفاهات...فماعدت أستطيع التحمل!!"
صرخت جيني بيأس:" أنت تحبها!! وهي تحبك....وهذا مايهم يوهان!!لا أهمية لأي شيء آخر!!"
"أنتي لم تكفي يوماً عن قراءة تلك الروايات الرومانسية السخيفة....وهذا مايجعلك ترين الامور بهذه البساطة!!"
أصابها الحنق من تيبس رأسه وعناد...فقالت بغية اثارة حنقه وعصبيته لعله يتحرك...
" حسن جداً يا شقيقي.....افعل ما تراه مناسباً..وبالمناسبة....لا تقلق ولا تعذب نفسك بما يخص رينيه...فهي لن تتعب في ايجاد الشخص المناسب الذي يحبها..ويعشقها..ويجعلها تنسى أمرك...وأمر حبك!!" وأغلقت السماعة بغضب......
يا الهي!! هذه اللئيمة..قالت له ما كاد يقتله......نعم!!فالغيرة تقتله...أيعقل؟؟أيعقل أن تنسى رينيه أمره..وتقع في حب شاب آخر!!؟؟ حسناً..ألم يكن هذا هو مبتغاه؟؟ألم يكن هذا مايريده؟؟فلم اذاً استمر بدفعها عنه؟؟لكنه يوم الحفلة..أراد أن يعاملها بطريقة مختلفة...أراد أن يشعرها بأنه يهتم بأمرها..وبأن بامكانه ان يحبها ويعشقها ويدللها كما كانت ترغب...لكن الامسية انتهت على غير ماتوقع!! لقد اتهمته بأشياء عديدة....جعلته يدرك مدى فداحة الخطأ الذي كان على وشك القيام به!!سيظل كل شيء عائقاً بينهما!!مهما تناسيا الامر...ببساطة..هي لم تكن يوماً له!!منذ أن رآها....كان يعرف بأنها كالحلم في حياته...وبأنها ستبدل فيها الكثير....وتقلب فيها الكثير.....ولكنها أيضاً لن تكون له!
كان يعرف بأن الامر لن ينتهي على خير...ومع هذا...كان يجد نفسه دائماً في طريقها..بل ويبحث عنها!!! والآن....أيلومها ان شككت بمشاعره وتصرفاته؟؟وهو الذي كان دوماً متقلباً..متناقضاً...لا يعرف ماذا يريد منها!فتارة يدفعها عنه ويثور في وجهها...وتارة يجد نفسه أمام باب بيتها....وهو يأمل فقط بنظرة الى وجهها الملائكي!!
كان يعيش مع احزانه وبقايا روحه المتهالكة.....ولم يلحظها وهي تدخل حياته من جديد...وتجلس على طاولة ليست ببعيدة منه....تحدق هي الاخرى في المارة بحزن...وتشكو آلامها وأحزان وحدتها!!
رفع رأسه ليرتشف رشفة من قهوته....فإذا به يلاحظ النادل على المائدة القريبة..كيف ينظر بدهشة واعجاب الى تلك الفتاة التي ستعطيه طلبها!!
آه لكم هو بائس هذا النادل!! انه يحاول مع تلك الفتاة...وهو لايعرف مانهاية هذا العشق؟؟فإما سيؤذي قلبها أو يؤذي قلبه..وفي كلا الحالتين سيؤذي نفسه...خاصة ان كانت فتاته..تشبه فتاتي!!ان كانت فتاته...حسناء..مجنونة..مثيرة للمشاكل وملهبة للعواطف...مثل حبيبتي!!
خاصة وان كانت فتاته....هي....؟؟
" رينيه!!!" قال بصوت متهدج ...غاضب......
وما قطع عليها سكينتها..وصفاء بالها.....هو ذاك المارد الذي وقف الى جانبها فجأة....كان ينثر شحنات زائدة في الجو حوله مضفياً المزيد من الاثارة والرهبة الى وجوده.....ولما لم ترفع رأسها وكأنها تخشى أن يكون ما تتوقعه حقيقة....جلس بعصبية الى جانبها...وقال بصوت يقطر غضباً وحنقاً.....
" أرى بأنكي لا تضيعين الوقت!!! ماذا كنت تملئين رأس ذلك النادل المسكين..حتى كان ينظر اليكي بكل هذا الانجذاب والسحر وكأنه فقد عقله؟؟؟"
رفعت رأسها تنظر اليه....هالتها ملامح وجهه المتعبة والجذابة التي تعشقها.....أهذا هو حبيبها؟؟؟ لم يبدو هزيلاً هكذا.......و..غاضباً؟؟؟ مهلاً لحظة!! ماذا كان يقول عن ذلك النادل....وعنها؟؟؟؟؟
لكن غضبه زاد...فأمسكها من ذراعها...وهو يجبرها على النهوض.....قائلاً" هيا بنا!" حمل حقيبتها...وخرج مصطحباً اياها..بعد أن رمى بورقة نقدية على مائدتها....وجذبها خلفه...وهي كالمنومة مغناطيسياً....و لم تصحو..حتى رأت نفسها تمشي الى جواره في المنتزه.......
" أين أنا؟؟؟"
كان صوته قد رق قليلاً:" كنت بدأت أظن بأنكي في غيبوبة ؟؟؟"
نظرت اليه...:" أنت؟؟؟ كيف؟؟وأنا...؟؟ماذا تفعل هنا؟؟ولم أنا معك؟؟"
نظر اليها باستغراب..ثم قال بعينين ضيقتين:" ماذا؟؟هل أنتي غاضبة لأنني انتزعتكي من نادلك العاشق؟؟؟"
عادت الدهشة تكسو وجهها:" نادل؟؟أي نادل..؟؟ " لكنها تذكرت....فعادت للنظر اليه...
" ألست خارج المدينة؟؟؟"
أطرق ثم قال وهو ينظر أمامه:" كنت كذلك....لكنني عدت!" لكن لمعت عينيه وكأنه تذكر أمراً فجأة...:" ولكن؟؟كيف عرفتي؟؟"
قالت بدون تفكير:" أخبرتني سكرتيرتك!" ثم مالبثت أن استدركت نفسها فعضت شفتها السفلى على غبائها واندفاعها....وبالاخص حينما رأت تلك الابتسامة تكسو ثغره الجذاب...
حاولت تصحيح الموقف:" كنت ...كنت قد ذهبت مرة للسؤال عنك....لأن والدي كان متعباً...فأخبرتني السكرتيرة بأنك مسافر!"
قالتها وهي تحول نظرها عنه حتى لا يكتشف كذبها...
" فهمت! وكيف أصبح الآن؟؟"
" انه بخير! أشكرك!"
" وهل أنتي بخير؟؟" قال بلهجة حنونة وصوت دافئ...اقشعر له بدنها..لكنها ابتسمت بعصبية قائلة:" بالطبع...أنا في أحسن حال!!"
دقق النظر اليها حتى كادت تقع مغشياً عليها من حدة نظراته....." لاتبدين كذلك!!"
ارتبكت فعادت لاتخاذ موقع الهجوم..:" وماذا تريد مني الآن؟؟؟ولم سحبتني خلفك وكأنني شاة...ودون أن تسمع رأيي؟"
" من هو ذاك الشاب؟ وماذا يعني لكي؟"
دهشت من سؤاله:" أي شاب؟؟"
" لا تراوغي الآن رينيه....! ذاك النادل في المطعم.!!عن أي شيء كنتما تتحدثان..حتى بدا مسحوراً بهذا الشكل؟!!"
قالت بدهشة:" أنا لا أراوغ...وأنا لا أعرف عن أي شيء تتحدث!!"
قال بنفاذ صبر:" ولم أنتي غاضبة اذاً من خروجكي من المقهى؟؟ان لم يكن من أجل ذلك النادل؟؟؟فلم؟"
بدأ الحنق يصيبها:" لأنني لا أحب أن أساق هكذا..كما سبق وأخبرتك...., كما أنني كنت على وشك الاستمتاع بوجبة لذيذة....لولا اقتحامك لخلوتي!!"
ابتسم....." حسناً...اذا كان الامر كذلك..فاقبلي اعتذاري.....وأنا مصر على تعويض تلك الوجبة اللذيذة.....هل تقبلين الافطار معي؟؟"
" لا..شكراً! لقد تناولت فطوري!!"
" اذاً...لنتناول فنجاناً ساخناً من القهوة......فالجو بارد هذا الصباح!!"
نظرت اليه بتحدي..ثم قالت:" لا....سأتناول الايس كريم!!"
فتح يوهان عينيه على اتساعهما دهشة:" لا يمكن أن تكوني جادة!!!"
" بلى..أنا جادة جداً.....وكنت على وشك تناول ألذ طبق ايس كريم في العالم......وبما أنك المسؤول عن ذلك...فسيكون عليك التعويض!!!" قالت بعناد....
" لكن الجو بارد!! لا أظنها فكرة حسنة!!"
" قلت الايس كريم....!!! ستحضره لي أم آتي به بنفسي؟؟" قالت بتهديد.....
" لن تتناولي الايس كريم أبداً أيتها الشابة في هذا الجو الممرض! اختاري شيئاً آخر!"
زادت عصبيتها فراحت تدق الارض بقدمها في حنق قائلة:" وأنا قلت الايس كريم..يعني الايس كريم....!"
نظر اليها...ثم ابتسم فجأة على منظرها......لكم تشبه الاطفال غاليته الصغيرة.....
فقال أخيراً:" حسناً...اهدأي!!!..منذ متى أنتي عصبية بهذا الشكل؟"
نظرت اليه بحنق:" أووه...لاأعرف منذ متى!!"
تنبه الى نبرة اللوم في صوتها..فقال بهدوء:" تفضلي..من هنا!!"
وبعد أن تناولت كوباً كبيراً فيه كل المواصفات التي طلبتها....شعرت بألم خفيف في حلقها...ولاحظ يوهان ذلك.....
" هل أنتي بخير؟؟"
" أنا بأحسن حال!!"
" ..لا أعتقد هذا!"
نظرت اليه وقالت باستخفاف:" لا أصدق!! لا تقل الآن بأن صحتي تهمك!!"
جذبها من ذراعها اليه وهو يقول بنفاد صبر:" ولم لا؟؟"
نظرت اليه...ثم أصابها سعال مفاجئ.....
" أيتها الحمقاء الصغيرة!! تباً لعنادك!! هيا الى البيت...ولا أريد سماع اي كلمة أخرى ..."
اكتفت بالصمت...ولم تعلق!!
ولما وصلا...ترجل من السيارة حتى يفتح لها الباب وكان يريد أن يلقي التحية على مايكل...فأخبرته بأن والدها في اجازة.....
وظهر القلق فجأة على وجهه......" ولكن ماذا ان حصل لكي مكروه؟؟"
" أنا بخير...فلا تبدأ نصائح الطبيب من فضلك....ثم ان جولي ستأتي لاحقاً...فلا مبرر لقلقك....ان كنت حقاً كذلك!!"
أثارته نبرة السخرية التي تحدثه بها منذ أن رأته.....فلجم لسانه عما كان يود قوله في آخر لحظة...وبدا حانقاً وغاضباً بشدة....فلم يزد شيئاً...بل التفت وغادر على الفور.......وهو يصفق الباب خلفه بشدة....
نظرت اليه وقد أراحت يديها على زجاج النافذة.....نظرت اليه وهو يغادر...لكم يؤلمها ذلك!! لكم يعذبها هذا الانسان....لماذا يصر على الظهور والاختفاء فجأة؟؟وهي؟؟هي الغبية التي تتعلق بشخص مثير للأعصاب كيوهان؟؟ انه يربكها ...في حضوره وغيابه!!فما العمل؟؟؟
أراحت رأسها المنهك على يديها..وأغمضت عينيها بألم.."تركتني للذبول....وقد كنت فاتنة جداً بك!! آه يوهان....سأهرب منك! نعم..سأهرب منك...لأنني أحتاجك...وأعلم بأنك لن تكون..بجانبي أبداً!"
انسابت دمعتين سخيتين على وجنتيها......., لكنها ما ان سمعت صوت رنين الهاتف حتى مسحتها بسرعة وأسرعت تجيب..آملة أن يكون والدها..فلقد اشتاقت اليه!! وفعلاً كان هو يريد الاطمئنان عليها...ومع أنها حاولت قدر الامكان أن تبدو سعيدة وفرحة....الا أن مايكل لم يخدعه ذلك....فعلق بأنه سيعود قبل نهاية الرحلة المقررة لأنه مشتاق اليها كثيراً...ومع أن رينيه عارضت بشدة...الا أنه كان قد عزم أمره..وانتهى الامر....حسناً, في النهاية هي لم ترث عنادها من الخارج!!!
خلعت سترتها ورمتها جانباً.....ثم ألقت بنفسها على الاريكة....أريكة حزنها!!هكذا سمتها..وقررت التخلص منها فور تخلصها من هذا الضعف الذي يجتاحها!!! وماهي الا دقائق حتى غطت في نوم عميق......
توالت الكوابيس والاحلام المزعجة عليها...وكلما ظنت نفسها استيقظت من حلم مزعج..وجدت نفسها دخلت في الاخر.....لكنها استيقظت في نهاية المطاف..على صوت قرع عنيف على الباب......

يتبع........



 
التعديل الأخير تم بواسطة JAN ; 05-10-2020 الساعة 04:28 PM

رد مع اقتباس