عرض مشاركة واحدة
قديم 06-09-2020, 09:02 PM   #7
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي




البارت الاول



البارت الأول

بعد مرور عشرون سنة

في وقتنا الحالي، وفي يومٍ مشمس من بداية الصيف كان قد انتهى من عمله وخرج من مقره للعودة إلى المنزل ، مُتعب هذا اليوم ومرهق في الآن نفسه لم يتمكن في انهاء هذا الاجتماع الذي كلّفه الكثير غير قادر على الاتزان والتركيز في المناقشة فاعتذر وطلب من ابنه اكمال واتمام الأمر انهك المرض ،قلبه ليس بخير ...يشتكي الهموم ويطلبه الراحة ولكن بِلا جدوى! تجاوز المحِن، الصعاب ولكن لم ينسى تلك اللحظات التي عاشها وعاصرها لم ينسى تلك المكالمة التي سمعه منه
شعر وقتها بالضعف وصعوبة في الاختيار، الفضيحة....وفتح قضايا في المحاكم او التنازل عن كل هذه البلبلة!
صحى على نفسه وهو أمام باب منزله تنهد بضيق: الله يسامحني...
ما إن فتحه حتى سمع
ابنتها وابنه يتشاجرا كعادتهما اليومية التي لا تنتهي ولا تخلو من المقالب والحديث السخيف!
كانت تركض بملابسها المبلل تصرخ: يماااااااااااااااااااااااااه
ما إن رأت والدها حتى توقفت لتزدرق ريقها بخوف بقول:يييييـ
اشار لها بيده : وحطبه إن شاء الله .....وش مسوية بنفسك...
حتى هنا اخاها حاملًا بيده كأسًا باردًا من الماء بنية رّش وجهها به ولكن توقف عندما رأى ابيه بهذا المنظر الذي يدعو للخجل صفق ابيهما بيديه ليكمل تهزيء: ما شاء الله وانت معها بعد.......نعنبو شرك ما تستحي على وجهك عمرك واحد وعشرين سنة وتسوي هالخبال .....ابي افهم أنا اجسامكم بس اللي تكبر بس هالعقول ابد معلقه على ست سنين....
تحدثت لتدافع عن اخيها : يييبه سعووود ماله دخل ....أنا اللي لعبـت بالماااي....وهو جاا...
صرخ بحزم: ذلفي بدلي هدومك لا بارك الله فيكم.....روحي.....روحي...
تقرقرت الدموع في عينيها ثم ركضت لناحية الدرج
تقدم سعود لأبيه ولم يُخفيه التعب الذي يُحيط ملامح وجهه قبّل رأسه ويده: السموحة منك يبه.......بس...والله...ان...
قاطعه بحزم: لا تبربر لي.....وين امك؟
سعود بهدوء: جهزت الغدا وراحت تتروّش....
لم يُجيبه كل ما فعله دفعه قليلًا وشقّ طريقه إلى ناحية الغرفة
حّك سعود رقبته : واضح الليلة ما بتعدي على خير....
تأفأف ثم خرج من المنزل!!
.................................................. .................................

تتمايل بجسدها أمام المرآه ترقص بِلا توقف تكرر كلمات الأغنية بلا ملل تمثل معانيها بتعبيراتٍ مضحكة تنخفض نبرت صوتها وتعلو متبّعة نوتات الأغنية تحركّ شعرها بجنون للأمام والخلف تدور حول نفسها عدّة مرات تغمض عينيها لتصرخ بكلمات ذلك المقطع الذي تعشقه وانفتح باب الغرفة فجأة فتحت عيناها لتنصدم بنظراته، واقف رافع حاجبه الأيمن مكتف الايدي بوجهٍ محمرٍ وغاضب
حكّت رقبتها وابعدت شعرها للوراء وقامت بفصل السلك عن هاتفها من مكبّر الصوت !فدلف الباب وتحدث بغضب: انتي ما بتستحي على حالك......ازعجتي الجيران....وازعجتينا....شو هاد اللي عمل تعمليه؟....ولا كأنك بالبيت.....ومعك ناس وحوليكي ناس.....ما بتخجلي.....
بللت شفتيها وبلا مبالاة اشارت له: calm down….I’m turn off look
ازداد غضبه ليردف: بدي افهم شغلي أمتي راح تفيئي على حالك.....أمتي...
اتت والدتها هنا متعجبة لتردف : شو صار....
اشارت ابنتها لتردف : he screamed at me……..and I can’t afford that mom ….I will go …
قطعتها والدتها بحزم: ما راح تروحي لأيِّ مكان....
تحدث بملل: ضلي على جنانك ضلي ما راح تروحي لأيّ مكان عم تسمعيني؟
ثم خرج من الغرفة وتقدم لناحيتها والدتها
امسكت بيد ابنتها لتردث بلهجة شديدة التحذير وثقيلة: نور.....بكفي جنان....شوفي شسويتي بنفسك....صرتي تعملي اشياء بدون ما ندري.....تاتو؟.....وشم.....وتدخين...
وضربتها عليه! وكان بالقرب من كتفها وصرخت في وجهها لتردف: وامس حفلة وما بعرف شو صار فيها؟.....متى راح تكبرين وتعقلين؟
نظرت إلى والدتها بحنق لتردف: ماما....انا كبرت خلاص....ماله داعي ....take care for me…......خلاص شيلي يدك مني....
ضربتها على يدها بعنف: وبطلي تحكي معي هيك.....وبتخلطي بحكيّك....والعذرا وانا هلأ بحلف لك لو ما تأدبتي....ما راح يحصل لك طيّب...
تأفأت ثم سحبت حقيبتها بعجل ثم خرجت لتتبعها صارخة: نور........نور...يا زفت نوووور لوين رايحة....
وصلت إلى باب الشقة خرجت واغلقت الباب بقوة....
اتى بالقرب منها طبطب على ظهرها: اتركيها.....تهدأ وراح تجي....
التفتت إليه بخيبة وخوف: امير بنتي .....بضيع من ايديني.....
أمير ابتسم ليخفف عنها: ما راح يحصل إلها شي وانا موجود...
ثم اخذ يردف بتلطيف جو: وبطلي تحكي سعودييي......حتى ما ابلّش واحكي مصري....
عبست بوجهها ونظرت إليه بطرف عينها: بتظن اني احكي عشان...
قاطعها ليتحضنها ما بين يديه: نووووووو.....لا تئوليها .....وتعكري الجو علينا....خلاص.....احكي زي ما بدك.....
ثم نظر لعيناها ليردف: حليانه اليوم.....
ابتسمت بخجل لتبعده عنها: وانت صاير وحش....
ثم توجهت للطاولة لتشير إليه: تعال افطر...
وبعد أن جلسا حول طاولة الطعام حتى ابتسم ورفع وجهها بطرف وجهه : ديانا .....دخيل الله عليكي ما بدي شوف وجّهك هيكي عابس وحزين.....
ديانا بلهجة ابنانية ، ورجفة شفتيها: منّي آدري اتحكم في ولا شي......فقدت الكنترول على نور........نور صارت هيك مشّان اللي صار إلها وهي صغيرة انا بعرف.....بس مانّي عارفة كيف اتصرف.....هلأ هي صارت مضطربة في كل شي.....
أمير طبطب على كف يدها وليهوّن عليها الأمر: راح حاول احكي معها.....ونهدي الموضوع.....
ثم حكّ رقبته بتردد ليردف: ديانا.....ابوكي اتصل عليّ اليوم وبدُّو يشوفك....
عبست بوجهها ثم اردفت بحنق: يشوفني؟.....وليش......بعد كل هالسنوات....بدو إياني...
أمير اغمض عينيه لياخذ نفس عميق ويردف بهدوء: بيّك تعبان.....
قاطعته بنهوضها المفجأ وتنفسها السريع: وإزا؟.....مابدي اشوفه
وقف واشار لها : اوكيه اوكيه......لا تزعجي حالك ولا تفكري بهيدا الأمر......
ثم سحب جاكيته الرسمي : انا راح اروح عالشغل ومنّي متاخر
ثم انحنى ليطبع قبلة طويلة على جبينها وخرج، فخاضت حربًا مع الذكريات البائسة ،جلست على الكرسي وانخرطت في بكاء ممزوجًا مع ذكريات لا تريد أن تتذكرها يومًا فهي متعبة للحد الذي يجعلها تتمنى الموت.,..ذكريات تجرعت ورائها ألمًا ومرضًا لا تستطيع الخلاص منه!
ارتعش جسدها وغاصت في عمق الاحداث المرّ التي مرت عليها كمّر السيف على عنق المذنب للقصاص منه!

.................................................. .................................
حدثته ، واجبرته على اللقاء هي بحاجة إليه ، بحاجة إلى حضنه.....وحبه هي مكتفية بوجوده لتفهمه لعقليتها....وعدم تعجبه لشكلها ولأفكارها....اخبرته انها ستلاقيه في مطعم ناندوز....جلست تنتظره لم تطلب لا ماء ولا أي شيء آخر....هي فقط تنتظره ليسكن من آلامها تريد ان تشتكي له عن جميع ما يحدث.....تريد أن...
قاطع تفكيرها وجوده نهضت واحتضنته وشدّ عليها بيديه نظرت إلى عينيه قرأ افكارها فابتعد لكي لا ينصاع لرغبته ورغبتها الجنونية فجلسا وبدآ بالحديث إلى أن وصلت في قول: Tom……we should travel to another country …….because I need to escape away from my real life…..
تحدث بتردد وامسك بيديها وشدهما إليه ،حدّق في عينها : ……I can’t do that…..
خرسها جوابه وانسكبت الدموع من عيناها لتدخل في دوامة التساؤلات : why?.....tom…..please tell me why?
الأمر ليس في غاية السهولة للاعتراف بذلك....هو احبها بصدق ولكن القدر شاء أن يفرقهما عن بعضهما البعض لا يريد ايذائها لا يرد أن يراها تتعذب بسببه لذا اختصر الأمر عليها بقول: because …..I……Iam sick…..
انفعلت هنا لتخبره أنّ ذلك لا يهم ولكن اخرسها بقول: I have ….HIV….do you know what does mean that?
لم تجيبه.....كل ما دار في عقلها .....انها ستنفصل عنه.....لم تهتم للخيانة.....لأنها تعلم جيّدًا ذلك المرض لا يأتي إلا بسبب جميعنا يعلم به ونخجل من أن نردده أمام الخلق!....مسكت يده برجاء بألا يتركها في هذه الظروف فهي لا تملك القدرة على أن تعيش دون وجوده ....فقبّل جبينها ثم ذهب.....وارتعش جسدها ببكاء....نهضت وخرجت من المكان....واخذت تمشي في زحمة شارع كاولي رود....تشعر بضيق تنفسها فجأة تريد الهروب....تريد ان تفهم ما هية الشعور بالضياع؟.....تريد ان تفهم سببب عدم تقبل الناس لها.....سببب عدم تقبلها للحياة؟....والأهم لماذا تريد الهروب؟...ركضت بعيدًا وعيناها تمطران بالدمع....تصطدم في ظهره هذا وهذاك ....تتأسف ثم تكمل مسيرة الركض بلا خارطة وبِلا وضوح.....قلبها يؤلمها...لماذا تشعر بالحزن والكآبة؟.....لماذا تشعر بالاشتياق لمكانٍ رفضها وبشدّة؟.....لماذا؟.....قررت أن تذهب إلى لندن تريد الهروب من اجواء اكسفورد....فهي تخنقها لأنها احتفضت بذكريات طفولتها التعيسة......ذهبت سريعًا إلى محطة اكسفورد سيركس....لتهرب من جميع الاشياء التي تُخيفها....وتقلق تفكيرها...لن تبالي لا لوالدتها ولا حتى لأمير!....تريد أن تحضى بفرصة البقاء مع نفسها بعيدًا عن جميع الاشياء التي تذكرها بالماضي!
.................................................. .................................
علينا بالإكتفاء....ثم النضج الفكري لِنحب بطريقة سليمة وبطريقة كافية لبقاء المشاعر لوقتٍ طويل.....الحُب تضحية....والحُب....مشاعر لا يمكن الخلاص منها لو كانت حقيقية فعلًا....لا شيء أجمل من أن نحب وننحَب في هذه الحياة......احبته.....احبها....سرًّا!...وخالفا العادات والتقاليد....هي جريئة حينما بادرته بهذا الحُب وهو متمرّد في الاعتراف لها بحبه!......هي خائفة من الجميع...وهو خائف من ألا تكون من نصيبه.....لا يدري لماذا يخالجه شعور أنّ هذا الحُب لن يستمر ...أنّ هناك شيءٌ سيء سيحدث ليقلب هذا الحب القريب ....بعيدًا وجدًا.... هو ليس سلبية لتلك الدرجة ولكن الهمهات التي تخرج من حوله اشغلت فكره كثيرًا وسيصل كلّ شيء في آوانه....لن يستعجل ....
انفتح باب غرفته ثم توقفت أمامه قائلة: الجازي ما جت اليوم؟
عقد حاجبيه : لا.....
حكّت رأسها لتردف بملل: اففف...من بزيّن لنا الغدا أجل؟
اشار له بتهكم: انتي؟ويا ليت تسوين كبسة بعد.....
فتخصرت بيدها نافية الامر كليًّا: لا يا شيخ.....توني راجعه من المدعسة وراسي مصدّع تبيني اقطع بصل ....ودجاج واسوي كبسة ........هذا اللي ناقص....بعد....
نهض من على السرير متحدثًا: اجل روحي انقلعي نامي....ولجا خالد ولا لقا له شي ينوكل بقول له عييتي تسوين الغدا؟
انفعلت بخوف: ليش تحطها براسي....قدّر ياخي اني تعبانة وروح اشتر غداء جاهز....
تكتف عنادًا لها: لا ليش ناكل من المطاعم وعندي اخت قد البغل وتعرف تبطخ....
ضربته على كتفه بقوة: البغل أنت واشكالك.......ياخي تعبانة من وين تفهم أنت .........
ناظر لها بغضب: قد هالحركة ذي؟
اخذت تغير الموضوع برجاء: تكفى عاد...روح اشتر...
كرر عليها: قدها ولا لا؟
ارتفع صوتها بحنق: لا.....خلصني اشتر ....وربي جايعة .....امس ما تعشيت.....واليوم بعد ما اتغدى .....ولو ابوي جا ولا لقى غدا بسفّل فيني وبيمسح فيني البلاط...
ضحك واخذ يربت على كتفها: خلاص لا سوينها علينا دراما بروح اشتري.......وانتي روحي ارتاحي اشوي....
احتضنته سريعا وابتعدت مبتسمة: فديت قلبك الكبير يا بندر...ليت خويلد يتعلم منك كيف تحن علي بس....
بند اكتفى بابتسامة حتى خرجت، وهو ذهب لارتداء ثوبه على عجل للخروج.....
لا يستطع ان لا يلبي لها أمرًا فهي اخته الصغرى ....تيتمت في سن صغير جدًا حتى أنها لم ترى والدتها فربتها اختها الكُبرى الجازي وأدارت المنزل بعد وفاة والدتها لم يتزوج والدها إلى هذا اليوم لذلك لا يستطيع ألا ينفذ لها طلبًا حينما تطلب......فهي تشبه والدته كثيرًا وعانت في صغرها ...فيريد أن يعوضها على ما فات!
.................................................. .................................
تحدث لها عن الأمر بهدوء.....وبرجاحة تفكيره اقنعها بالأمر ولكن
ما زالت تقول: ولكن يا يوسف شيخة ما زالت صغيرة توها عمرها سبعطعش ....
تحدث بهدوء وهو يحدق في وجهه زوجته: بو سلطان قال لي الزواج بعد الثانوية لتخرجت يعني.....الحين خاطره بس انه يحجزها لولده....ويتعرف الولد والبنت على بعض...في فترة الخطوبة وانا ما عندي مشكلة بهالأمر دام الولد براسة الزواج منها.....انتي اساليها وردّي لي خبر....
هزت رأسها : ان شاء الله....والله يكتب اللي فيه الخير......الليلة بكلمها.....والحين بدل ملابسك وانزل الغدا جاهز....
تحدث بهدوء: طيب ....
ثم نزلت ....للدور الارضي ونظرت لأبنتها وابنها سعود فتساءلت : ما جا ناصر؟
شخة وهي ترتشف الكثير من البيبسي: لا بعده....وواضح ابوي كارفة ...ومخليه يعض الارض.....
ام ناصر بتهكم: شالكلام هذا؟.....ما عمرك قلتي شي سنع....
تحدث اخيها سعود ليغيضها: ولا راح تقولك شي سنع بحياتها كلها....سيرتها الذاتية فقط للاشياء الغير سنعة ....
رمت عليه الخدادية منفعلة: كل تبن ولا تدخل....
ارتفع صوت والدتها: العقل زينة وانا امكم اهجدوا لا يجي ابوكم ويجلدكم اثنينكم...
ثم اشارت لابنتها: وانتي قومي عاونيني... على المطبخ....قومي....
نهض شيخة وسمعت همهمات اخيها بقول: يا زين شغالتنا الجديدة...
فركلت رجله لتجعله يصرخ: وجع......ولد...مو بنت ....
صرخت والدتها وهي في المطبخ: شيخووووووه .......تعاااالي....يلا
فسارعت خطواته بتأفف لناحيته....
ودخل ناصر المنزل القى السلام ورد عليه سعود
رمى نفسه على الاريكة متعبًا ومتسائلًا: تغديتوا؟
سعود بهدوء: لا لسى .......ومستحيل ناكل وانت منّك موجود تعرف قوانين امي...
ابتسم : الله يخليها لي يارب.....
سعود: آمين...
ثم همس لأخيه بقول: خالد يتصل عليك وقول ما ترد....
سعود تكتف بغضب: ولا راح ارد عليه.....
ناصر قبل ان ينهض اردف كلمته لترن في اذهان اخيه: تعوذ من ابليس مهما صار ...يبقى ولد عمك....وعمر الظفر ما يطلع من اللحم....
سعود نهض وربت على كتف اخيه: اترك عنك خالد وتعال نتغدى بس..
همس ناصر بضيق: الله يهدي النفوس....
.................................................. .................................
في تمام الساعة التاسعة والنصف
كانت تجول في غرفتها ذهابًا وإيابًا ، تشّد بطرف (روب )نومها على جسدها الذي بدأ يرتعش خوفًا من غيابها لهذا الوقت....ازدردت ريقها عدّت مرات لا تريد خُسرانها فهي خسرة الكثير ولا تمتلك الطاقة الكافية في تحمّل المزيد!...فركت يديها ببعضهما البعض ابعدت خصلات شعرها الكستنائي للوراء....ضربت على فخذيها بمحتاه بلغ منتهاها لتردف : فين رحتي يا نور؟
سمعت اغلاق باب الشقة فهرعت راكضة لترى من هو القادم وانصدم أمير حينما رآها بهذا الحال امسكها من اكتافها متسائِلًا بكل خوف: شوفي؟ فيكي شِي؟
ديانا بقلق: بنتي نور لهلأ ما إجيت ...وئلبي منُّو مطمن؟
امير تنفس، نور لن يهدأ لها بالًا إلا بعدما تتسبب في موت والدتها قبض على يده بقوة وحاول ألا يبيّن عصبيته من هذا الأمر المتكرر خاصةً في الأوان الأخيرة ...طبطب على اكتافها : اهدئي اكيد راحت مع صحباتها للشوبينق او...
قاطعته وهي تُشير إلى ساعة يدها الفضية: من الصبح لهلأ يعملوا شوبينق؟....أمير بتصل عليها وما بترد........بخاف البنت فيها شِي أنتّا بتعرف هيدا البلد وبهيك وئت شو بصير؟
سكت وحكّ طرف ذقنه ثم نظر إلى وجهها المتعب: طولي بالك.....ما راح يصير إلها أيّ شي....ارتاحي.....هلأ راح اتصل عليها ....
اتصل عليها تحت انظار والدتها ......التي اصبحت بِلا قلب.......ليس هذا يُعني أنها اصبحت قاسية لا ....بل قلبها تآكل من الآلام والحزن إلى أن تضاءل واصبح شيئًا صغيرًا لا يُرى......لم تجب عليه....فنهض ليردف لزوجته: ديانا حبيبي.....روحي نامي.....بكرا الصبح ....لا تنسي عندك موعد مع....
قاطعته بضيق وخوف: ما يهم....ئبل بدي شوف بنتي وبعدها بنام.....
انحنى ليقترب من وجهها العبوس رفع طرف وجهها بطرف اصابعه تحدث بهدوء: ما ينفع هيك...ديانا انتي تعبانة ومحتاجة كتير للراحة.....نور ....عم تعاندك .....عشان الشي التافه اللي صار بالصبّح.....روحي نامي وانا ما راح نام إلا لم اشوفها......( اقترب منها اكثر وشدّ على كفيها بيديه)بترجاكي....نامي ....ما فيني اخسرك ديانا.....ما فيني اخسرك ولا اخسر حتى نور.....
كأنها وبدأت تقتنع في الأمر...هزت رأسها ثم قالت: راح اغفي لي اشوي....بس تجي فيّئني ...
امير قبّل جبينها: لا تاكلي هم ......روحي ......
ابتسمت له وما إن ولّت بظهرها عنه حتى عبس بوجهه وشدّ على شعره مردفًا ما بين اسنانه: فينك يا زفت نور.....
ضرب بيديه بخفة على الجدار واخذ يتوعد ان يُلقّنها درسًا لو عادت وثبّتت شكوكه و ما يدور في عقله ، ستاتي ولكن بحال هو رسمه في عقله لذلك اراد من زوجته ان تخلد للنوم لكي لا تراها وتنفجع....بعد مرور نصف ساعة ذهب لغرفته نظر لزوجته انحنى وقبّل رأسها ...كانت تغط في سبات عميق....وضع اللحاف على جسدها ثم خرج واغلق الباب بخفة وذهب لغرفة نور اشعل الانوار ....واخذ ينظر لبعثرة ملابسها واشيائها الاخرى كالميك آب.....الأقلام....وحتى الدفاتر......عبس بوجهه غير راضي عن حالها هذا .....ولكن لن يكذب على نفسه فهي تجرعت الكثير لتصبح على ما هي عليه الآن.....ولكن هذا الشيء لا يبرر لأفعالها المتمرّدة لأنها نضجت واصبحت فتاة تبلغ من العمر عشرون سنة....وبدأ عقلها يُدرك الخير من الشر....جلس على طرف سريرها ...نظر لصورتها الموضوعه جانبًا على الكومدينة....كانت مبتسمة .....مبتهجة .....التقط لها هذه الصورة وهي فتاة ذات السابعة عشر من عمرها....التقط هذه الصورة بعد ان تقبلت وجوده في حيات والدتها!! اجل هي لم تتقبّل وجوده ابدًا وتشتاق لوالدها كثيرًا وللوطن الذي تنتمي إليه!!!رغم انها لم تعش فيه إلا ثمان سنوات فقط...ولكن الشعور لم يمت.....الضياع مستمر.....الوجهة هذه لا تُلائمها أبدًا ولكن اعتادت عليها بطريقتها التي تُخالف كُل القوانين والعادات والتقاليد وحتى التعاليم الشرعية! لذا الجميع منصدم لحالتها تلك!مسح بلطف على وجهها ثم أعاد الصورة في مكانها....تنهد بضيق....ثم نهض يجول في غرفتها ينظر إلى الأشياء بتحسّر....بتندم على حالها ولفت نظره علبة السجائر فسحبها من على الارض بعنف والقاها في القمامة وهو يسب ويشتم واقعها المُّر!
نظر لساعة يده مضت ساعة ....ولم تأتي!
بدأ يقلق حقيقةً ....ثم سحب هاتفه اتصل عليها لم تجيبها فشتمها!
خرج من الغرفة خشي من زوجته ان تفيق من نومها.....فتح باب غرفته بهدوء ورآها نائمة فاغلق الباب ...
وانفتح باب الشقة هنا....فهرع راكضًا لناحيتها....وامسكها من كتفها الأيمن .....وركض بخطواته واجبرها على ان تركض معه وما إن دخلا غرفتها فاغلق الباب....
وتفلتت من قبضة يده وجسدها يرتعش : leave me alone…......
ثم جلست على ركبتيها تبكي!ما زالت منهارة من أمر ترك توم لها؟ وجهها محمر للغاية عينيه منتفختين نوعًا ما وصوتها متحشرج!!!......
انحنت وهي تبكي بجنون: please……go away at me….......
جنّ جنونه، وبدأت الشكوك تحوم حوله اقترب منها ورفع رأسها إليه بقوة وتحدث بلهجة سعودية صارمة لعلها تفهمه .....فهي اجبرته على أن يتحدث تلك اللهجة التي كرها بسبب ما حدث له ولحبيبته!: شفيك؟.....شنو صاير؟....تكلمي.......
ابعدت يده عن وجهها : قلت لك اتركني لوحدي ومالك دخل فيني....
انهار بغضبه هنا وامسكها من اكتافها: لك انتي بنت ديانا........كيف ما يهمني؟.....نور.....شنو صاير لك......شو صار إلك......في احد تعرض لك......تحرش فيك...اغتـ...
قاطعته بغضب وانهيار: قلت لك مالك دخل.....وانقلع من وجهي....مالك...دخل فيني...
انهضها من على الارض بقوة يديه قربها منه وتحدث بجدية: تكلمي ليش جيتي متاخر؟.....وتبكين....وحالتك حالة؟....فهميني شو صاير إلك.....أمك ما فيها حيل لهيك أشياء يا نور...امك مريضة بتفهمي هيدا الشي ولا لا؟
اخرسها وصدمها في الآن نفسه حينما قال (امك مريضة)نزلت دموعها على خديها وصرخ في وجهها: تكلمي......انا عارف انتي وتوم بتحبو بعضكم.....ولكن اعرف توم ما يصلح لإلك......و...
قاطعته برجفة شفتيها: تركنا بعض......
تركها وتحدث بتهديد: نور.....اسمعيني.....وركزي معي......اللي تعمليه بخالف الشريعة الاسلامية وانتي مسلمة...
قاطعته بتذبذب: انا مسيحية....
انهار بغضب: وإزا؟...هيدا الشي ما يبرر افعالك السودة.......ما ابي اشوفك تدخنين.....تحبين؟....تمارسين الجـ...
قاطعته بصراخ: ما قد سويت هالشي واطلع برا.....اطلع ما ابي اشوفك....
اقترب منها وامسكها من ياقة بذلتها: ولو شفتك شاربه بس قليل من الخـ
دفعته عنها وهي تقول: مالك شغل فيني......انت وديانا تشربون لا تقنعني ما قد شربتوا.....
تحدث بغضب وعاد في امساكها بالطريقة المهينة!: اثبتي انك شفتينا نشرب هالسم اثبتي؟
صرخت في وجهه: اتركني ....وانقلع لحبيبتك.....ماراح اظل هنا....راح ارجع على بلدي......واترككم...ترتاحون مني...
ضحكت بسخرية : ههههههه بظني ابوكي راح يستقبلك بالاحضان....شوفي........
وانقلبت نبرته لخبث: ابوكي هو اللي تركك لأمك...لأنه كان يشك فيها كتير......وبيزن أنك منّك بنتوه ....ولا .....بدُّو يشوفكي حتى ......وامك اخذتك منُّو.....(اردف بسخرية )....لوين ئلتي بدك تروحي؟ئال ترجع للبلد ئال......
بكت هنا لتصرخ: هي خاينة.....كنت اسمعها تكلمك.........ابوي طلقها عشان هالشي....لا تنكر وتألف علي قصص
اقترب منها ونظر لعيناها المحمرتين: ليش ما تسألي حالك ......ليش ما يسأل عنّك طول هالسنين؟
تسارعت انفاسها ، واضطربت اعصابها لتنهار بضربه على صدره وهي تكرر: go out……..goooo out.....
ابعد يده عنها وتركها.....تجول في سم الحديث الذي دار بينهما، دارت حول نفسها بضياع ،شدّت على شعرها لتضج في نوبة بكاء هستيري ...سقطت على الارض .....لا تُريد أ تفهم ما هية شعور والدها تجاهها ...لا تُريد ان تسمع ما قاله أمير لها!!!لماذا قلبها متعلّق في ذلك المكان...ربما أي فتاة اخرى لو كانت مكانها لأعجبها الوضع....شعورها بالنقص.....يزداد يومًا عن يوم....وشعورها بالخيانة يقتل قلبها آلافًا من المرات....حتى الحُب الذي ستلده عمّ قريب......قُتل....وطُعن بآلاف من السكاكين والخناجر قبل ميعاده!.....كُّل شيء.....يحدث لها بالطريقة العكسية التي تفكر بها!.....لا تدري ما هو الخطأ في طريقة عيشها....تذبذب قاتل يُحيطها من كل جانب.... وربما عِنادًا لوالدتها تزداد رغبة العودة للديار....الذي لفظها بقسوته!....قوقعة نفسها في ظلام الغرفة رغم أنّ هناك نور قوي منبعث في أرجائها إلا انها ظلماء في نظرها وبسوداوية أفكارها !....احتضنت بكلتا يديها جسدها.....محتاجة للاحتضان....للهمسات الحانية....للصوت الشجي....لكلمة(يبه.....عمري بنتي الحلوة...امسحي دموعك)...تتوق نفسها للمشاعر الأبويّة....تلومه اشدّ اللؤم رغم انها تلذذت في دفء احضان والدتها ولكن هذا لم يُكفيها!....تُريد أن تراه لتسأله ويبرر لها لِم لم يتصالحا وعاشا زوجين سعيدين وعاشت هي في احضانهما!!!....تريد أن تفهم لماذا بعد مرور عشرون سنة لم تنساه.....قلبها معلّق بهِ....هل لأنه احسن معاملته معها؟....اعطاها حبًا لا يُنسى؟!....اغمضت عينيها شهقت ....وازدادت رجفات جسدها....
بينما هو كان خلف الباب يسمع صوت بكائها....ونوحها.....وشهقاتها المتتالية لم يهون عليه ذلك.....فهو من اكمل تربيتها....وساندها طوال حياتها....ففي قلبه مشاعر اخرى تجاهها...مشاعر تُشعره بالمسؤولية اتجاهها.....يحبها لن ينكر هذا....فهي ابنت محبوبته لم يتقبل وجودها كما هي لم تتقبل وجوده في بداية الأمر ولكن سريعًا ما دخلت قلبه ....اغمض عينيه....شهقاتها تخترق آذانه....يؤلمه ذلك وبشّدة....هي عاشت في وسط لا يرحم.....عاشت لفترة تُعاني من التنمّر بسبب لون عينيها المختلفتين اليُمنى ذات لون الازرق السماوي الفاتح كلون السماء وصفاوتها والاخرى اخضر فاتح كمروج الحقول الفاتنة!......هذا الأمر سببّ لها عقدةً في الظهور امام الناس....غير ذلك.....لم تكن محببه لدى الاطفال قبل في بداية قدومهم لهذا البلد لأنها لا تعرف من اللغة الانجليزية شيء....فالجميع بدأ يسخر منها حينما بدأت تتعلم وتنطق الاحرف والكلمات بلهجتها ....بلكنتها الخاصة......ولم تسلم من تعليقاتهم على لبسها ومظهرها الخارجي......هو من وقف معها آزرها ...وشجعها في الظهور أمامهم واكمال دراستها.......ساعد والدتها في النهوض وساعدها هي ايضًا!......لذا صوتها الآن يؤلمه .....يشعره بالندم....قسى عليها بالحديث....لكي تُشيح بنظرها عن المعزوم والدها!....التفت للباب....نظر للمقبض.....اغمض عينيه ودلف منه واغلقه بهدوء.... تقدم للأمام ما زالت على الارض ترتجف كالعصفور!....خائفة....متوترة من المجهول....تشهق ...تردد بصوت هامس تمتمات لا يعرف معناها مغمضة لعيناها ...ومستسلمة لنوبة البكاء....ينظر إليها بشفقة....يعلم أنها تعاني من جميع النواحي....عاطفيًا ...ومعنويًا وحتى جسديًا لم تنجح في العلاقات الاجتماعية .....ولم تنجح في علاقاتها العاطفية.....لذا الآن هي تدفع ثمن هذا الفشل.....ويعلم جيّدًا انها بحاجة ماسة إلى من يشد بيدها ليخطو معها للخروج من هذه القوقعة السوداء!....اقترب منها
فانحنى اغمض عينيه واخذ نفس عميقًا ، وضع يده على كتفها وازاحت نفسها بعيدًا عنه فجلس ورفع جسدها قليلًا عن الأرض كان ظهرها مقابلًا له فاحتضنها واخذت تتحرك بعشوائية تريد منه ان يتركها
همس في اذنها : اشششش......نور.....بليييز اهدي......ما فيه شي بيستاهل ....دموعك....حزنك وألمك.....اششش...
ضربت يديه تردف بكلمات متقطعة: اترركني......اتتتركني...
شد عليها اكثر واغمض عينيه وهو يردف بحزن: كان حلمي اكون أب.....لكن الله ما كتب لي هالشي....
ثم ابتسم وسط انهياراتها المتراكمة: ولكن عوضني بوجودك ......بحياتي.....عوضني اني اكون اب لشابة حلوة مثلك......
بكت اكثر ، هي في قناعة داخلية وتامة بانها ابشع مخلوق على وجه الكرة الارضية بسبب ما واجهته استسلمت ما بين يديه وطأطأت برأسها واخذت تبكي في حضن
مسح على شعرها بحنان ليردف: ما بتعرفي قد ايش يا نور....غيّرتي حياتي......للأفضل طبعًا.....عطيني فرصة افرجيكي ابوتي تجاهك....
تحركت بسرعة ، لتلتف حوله وتقابله وتعانقة بشدة همست له : خايفة
عقد حاجبيه، ممّ تخاف؟ولماذا اردفتها طبطب على ظهرها ومدّ رجليه ليسند ظهرها بفخذه مسح على رأسها مردفًا: ما في شي بخوّف أنا وامّك معك......وئبل كل شي الله معك.....نامي.....نامي نور...
لن تتنازل عن هذه اللحظات ، فهي بحاجة لهذا الحضن والدفء....هي بحاجة إلى شخص يخفف عنها آلامها العاطفية !!دفنت وجهها في صدره كتمت شهقاتها واغمضت عيناها واخذ أمير يغني لها اغنية شعبية ....تلك الاغنية الشعبية المشهورة لدى اللبنانيين لا يدري لماذا اختارها؟ ولماذا بدأ بلحنها البطيء والمائل للحزن مسح على رأسها : هيهات يا بو الزلف عيني يا موليّا.....لا تنكري أصلك لبنانيّة....مغرم بحبّ السمرة يا قرّة عيوني.....ما بفوتهن عالعمر مهما جافوني....ومهما قسوا بالأمر والبيض حبّوني...ما بميل نحو الشقر لو قطعو ديّا......
اخذ يكرر الكلمات ويلحنها بالطريقة المناسبة....لا يدري كم مضى على الوقت وهو يُغنيها ويكررها ......ولكن حينما شعر
بهدوء جسدها عن الارتعاش وانتظام انفاسها المضطربة ، نظر لوجهها وشحوبة بشرتها فعلم انها دخلت في سبات النوم العميق، ....قبّل جبينها وتنهد بضيق لحالها المرير....حملها ما بين يديه ثم وضعها على السرير والقى اللحاف عليها ليغطيها به.....خفف اضاءة الغرفة ثم خرج ليذهب لغرفته وينام!
.................................................. ................................
انتهى








 

رد مع اقتباس