عرض مشاركة واحدة
قديم 01-22-2023, 10:04 PM   #3
ruba‏


الصورة الرمزية ruba
ruba غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7829
 تاريخ التسجيل :  Dec 2022
 المشاركات : 1 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة


الشمس الساطعه والناعمه التي انبثقت من بين فجواتٍ صغيره من بين الغيوم السوداء تضيئ الثلج الأبيض المتراكم على مد البصر أمام نافذتي الصغيره ، هذه النافذه التي هي مرآتي الوحيده على العالم بينما لا أستطيع مغادرته بعد ، جسدي مرتمٍ على اريكتي المريحه امام المدفأه ولا يسليني سوى أزيز احتراق الخشب ببطئ شديد كأنها لحني وموسيقاي* ...

المكان كان يزداد دفئاً كلما أضفت قطعتاً من الخشب الى الموقد فتلتهب النيران في وجهي غاضبه وما تنفك أن تهدأ من جديد تاركه اياي على حالي القديم ، مرتمية خائرة القوى لا رغبة لي في النظر حتى نحو الشمس الخادعه في الخارج ، لا يحتاج المرأ إلى النهار بطوله ليدرك ان الشمس قد اشرقت لكن هذا النور الساطع ليس دافئاً ابداً ، بل هو مجرد اغراء أحمق يستجيب له فقط الاطفال المتحمسون للخروج ليصدموا أن البرد في الداخل والخارج سيانٌ ..

حتى مع وضوح ذلك النور الذي يبهر البصر وهو ينعكس على بلورات الثلج المتراكمه كان ملمس تلك الثلوج بارداً جداً حتى لو هيئ اليك انها دافئه ، كان الوقوف تحت أشعت الشمس بارداً كذلك لأن الرياح ما تنفك تصفع وجهك وعظامك حتى تعود الى الداخل وقد خسرت الدفئ الذي بذلت كامل مواردك للحصول عليه ، لقد كان نوراً خادعاً ولم يلاحظ أحد ...

لقد أدركت متأخره أن الشياطين لا تسكن الظلال والأماكن المظلمه بل تسكن عقول الناس الوحيدين بلا رفقه سواء اختارو ذلك او تقبلوه مجبرين ، ضحكات الاطفال ودمدمات احاديث النساء التي تفضح النميمه فيما بينهم قبل ان تبدأ حتى كانت ما يملئ المدى من ضجيج ، كما لو خدع الجميع بذلك النور كانت القريه تعج بالضجيج المتعالي و ظهر الناس الذين اختفى حضورهم منذ ليالٍ طوال بينما تعصف بالخارج بلا توقف ...

ربما انا فقط والجده العجوز سريعة الغضب من بقينا في منازلنا في ذلك اليوم وفقط اليوم علمت لماذا كانت الجده سريعة الغضب ، عدم إدراك من حولنا لحقائق الأمور الصغيره يدفعنا للغضب في كثير من الأحيان لكن لليوم انا لست غاضبه ، ببساطه أنا اكثر خمولاً من اتعاب نفسي في التفكير في اصلاح مالا يمكن اصلاحه فعلى اي حال كل ما سأفعله هو التفكير في اسكات الضجيج من حولي قبل التفكير حتى في اسبابه لقد ولدت لدي الكثير من الأفكار الشيطانية بخصوص ذلك ...

ديسمبر النهايه كان وعد الموت بالنسبه الي ، حيث تموت كل الأنفس القديمه مغادره هذا العالم ، لطالما اعتقدت أنني انتمي اليهم كذلك وانني ولدت في الزمان والمكان الخاطئ ، افكاري وشخصي لا ينتميان الى هذا الزمان ورحي وقلبي لا ينتميان الى هذا المكان كنت غريبه منذ البدايه ولم اشعر يوماً بالانتماء سوى لهذا الكوخ المتهالك و الاواني القديمه المصفره ...

نظرت من النافذه على حركه خاطفه لشيئ مر سريعا من هناك ، بغير لهفه التفت الى ذلك المشهد المشرق من الثلج اللامع كالألماسات الصغيره المتناثره وفوق سور الحديقه الخشبي المتهالك المغطي بالثلج كان هناك غرابٌ اسود يقف متخايلاً يفرد جناحيه الاسودين ويضمهما من جديد ، ينعق بصوتٍ مسموع على النساء اللواتي يتهامسن امام حديقتي القاحله وكأنهن سبب خلوها من بضعٍ من زاد يقتات عليه ، تتجهم النسوه و يلوحن بايديهن عليه بغضب ليبتعد ولكنه يفرد جناحيه ويتحرك في موضعه بغير راحه ، استمررن بمحاولة طرده لكنه بشكل غريب رفض المغادره وراح ينعق عليهن مهاجماً ...

صوت النسوه اختفي حينما فرقهن غرابٌ اسود عنيد كان ينظر اليهن باستخفاف وطردهن بمجرد فرد جناحيه الاسودين العاجزين لعدت مرات عشوائيه ، الغراب بدأ بالنعيق مرارا وتكرار قبل ان يبدأ بالقفز على قدميه فوق أسوار الحديقه ليتساقط الثلج من اسفل قدميه بينما هو يقفز بحماس كما لو يحتفل بانتصاره الواضح ، يلتفت بجسده الى اتجاهي وما يلبث نعيقه المزعج أن يتوقف و يضم جناحيه الى جسده مجدداً ، أعينه الحمراء الصغيره قصدت نافذتي وربما شخصي كذلك واستمر بالتحديق بي كما لو يرد تحديقي به طوال الوقت ، لقد صمت الغراب وحدق بي طويلا كما فعلت ، لم أزح عيني عنه كما لم يفعل وانطفأت النيران باهمالي وعادت السماء تنثر الثلج فوق جسد الغراب الأسود ، كان فقط يقف هناك منتصباً كما لو كان يعلم النهايه القادمه وينتظرني وكان البرد يزحف الى جميع اوصالي ببطئ ، كنت قد استغرقت في الدعاء الى الاله أن اولد من جديد على هيئة طائرٍ حر في حياتي القادمه ، ربما وقتها سأكون حراً واهجر هذه المنازل الخاويه كما هجرنا الجميع ...


#إلى زهرتي 💚💚


 

رد مع اقتباس