عرض مشاركة واحدة
قديم 09-21-2022, 08:11 PM   #2
ساي
عضو جديد


الصورة الرمزية ساي
ساي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1308
 تاريخ التسجيل :  Jul 2020
 المشاركات : 2,292 [ + ]
 التقييم :  3532
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Silver
شكراً: 0
تم شكره 4 مرة في 4 مشاركة

مشاهدة أوسمتي



. بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دعني أحدثك بشيء, عزيزي القارئ...
كوني أضع قصةً هنا بعد طول تردد - حيث أنني لا أعتبر نفسي كاتبةً محترفة أو حتى عادية - هو أمرٌ يسعدني ويحرجني في نفس الوقت.

كطفل يمشي وسط حشد من العمالقة, أجد نفسي أزداد يقيناً بأنني لن أصل لمستوى الكتبة الرائعين الذين أبحرت في عوالم قصصهم هنا.

ولكن...مهلاً...إن وضع قصة نَسَجتُ حروفها وكلماتها لمدة شهور بين أيديكم لهو أفضل من جعلها أسيرة عقلي للأبد, حتى وإن كان قارئها شخصاً وحداً فقط.

لازالت قدراتي الكتابية في مرحلة ما قبل النضج, لذا أطلب من أي شخص يتفضل بقراءة ما أضعه هنا بأن يقوم بمساعدتي في حال وجدتم شيئاً ينقصني, أو مهارة أفتقر إليها, وأنا أشكر لكم ذلك مقدماً.

والآن, دعوني أفتحُ لكم بوابة مخيلتي.


الفصل الأول


ما هي بداية كل هذا؟
منذ متى بدأت عجلات القدر في الدوران؟
ربما كان الحصول على الجواب مستحيلاً الآن
ولكننا بدون شك .. أحببنا كثيراً , وكرهنا كثيراً
لقد سببنا الألم للآخرين , وسبب الآخرون ألماً لنا
وبرغم ذلك, فقد ركضنا بكل ما أوتينا من قوة
ونحن نضحك معاً تحت السماء الزرقاء

-----------------------------------

كان هو وحده اللذي يعلم السبب.

واقفاً في الغرفة التي توسطها جسد آخِر أصدقائه وقد فارقته الحياة , كان ينظر بعينين خاملتين إلى وجه الفتى الملقى على الأرض , كأنه نائم لا غير. لم يكن يعرف أين ينتهى الشَعر وتبدأ الدماء , لقد كان كل ما يحيط برأسه هو هالة داكنة جعلت لون بشرته الأبيض يبدو أكثر شحوباً .

الساعة الكئيبة تصدر صوتاً رتيباً في خلفية المشهد الصامت .

في غُرفٍ أخرى متفرقة , كان باقي أصدقائه يرقدون وقد واجهوا نفس المصير. وفي كلِ مرةٍ كان يفقد فيها جزءاً من عقله. ولكن ها هو ذا , لقد وصل إلى النهاية. لربما كان هو الوحيد الباقي على قيد الحياة , ولكن شيئاً ما تحطم للأبد بداخله.

قطرات من سائلٍ قاتمٍ تنساب من بين أصابعه لتتساقط على الأرض برتابة , وما زال الشاب صامتاً.

لماذا ؟ ربما كان السبب معروفاً لديه , ولكن ذلك لا يساعده بأي حالٍ من الأحوال في منع الإنفجار العاطفي الذي يشعر بإقترابه حثيثاً. إنه لم يعد قادراً على تحديد شعوره في هذه اللحظة. ولوهلةً ما , أقنع نفسه بأنه فعلاً لا يحس بشيء.
ولكن هذه القناعة الزائفة لم تدم لأكثر من ثانيتين , وهي المدة اللتي إستغرقها لتذكر آخر كلمات قالها له صديقه مقترنةً بإبتسامة ناعمة. وعلى الفور , تماماً كما ينهار سدٌ من ورقٍ أمام طوفان جارف , سقط الشاب على ركبتيه وهو يحتوي وجهه بكفيه.

لقد أتى الإنفجار, وهو أسوأ أنواع الإنفجارات على الإطلاق...

إنه ذلك الإنفجارُ الذي لا يسمعه أحد.

-----------------------------------

أي مفتاحٍ هو ذاك اللذي سيفتح الأقفال اللتي حبسنا بها مشاعرنا؟

-----------------------------------

"لدي خطة, خطة كبيرة
سأبني لك منزلاً
كل طوبة هي دمعة , ولن تستطيع الخروج
نعم , سأبني لك منزلاً صغيراً
بدون أبواب , بدون نوافذ
داخله مظلم , فلن يضايقك النور
نعم , سأبني لك منزلاً
وستقضي فيه بقية حياتك"

"... ـــاي"

هممم؟ آآي؟ هذا المقطع دخيل على الأغنية.
إستغرق الأمر عدة ثوانٍ قبل أن يستوعب الشاب أن ما سمعه ليس من كلمات الأغنية التي تصدح بصوتٍ عالٍ داخل السماعات الزرقاء المستقرة في أُذنيه. أسرعت يده لتسحب السماعة اليمنى للخارج.

" مـــاذا ؟ هل كنت ِ تقولــ ...."
قاطعه صوتٌ حادٌ بوابلٍ من الكلمات: " تباً لك ولأغانيك الشيطانية ! إنني أُفكر فعلياً في تقديمك كحالةٍ جديرةٍ بالدارسة في مراكز الأبحاث العلمية. على قدر علمي , ليست هناك سوابق مسجلة لأشخاص كانوا يعيشون بأدمغةٍ قد تحولت إلى عجة بسبب الصوت العالي ! ".
أطلق زفرةً قصيرة تبعها بإخراج الحلوى المصاصة التي كانت في فمه , ثم قال بصوتٍ متحسر وهو يمط شفتيه: "لا أصدق كم أنتِ عديمة الإحساس... لقد قطعتِ عليَ الجزء الجيد من الأغنية. "
" أهذا هو الشيءُ الوحيد اللذي أزعجك ؟! لقد وصفتك بصاحب الدماغ العجة ! "
" حسناً... أنتِ دائماً تصفين نفسك بالجمال , هذا لا يجعلُ أياً من أوصافكِ صحيحاً."
" أيها الـــ .... !! "

لم يسمع البقية , حيث أعاد كلاً من السماعة والحلوى إلى حيث كانوا سابقاً وهو يبتسم إبتسامةً عابثة. لقد كان يستمتع بوقته رغم إحساسه بنظرات (أمورا) الحارقة من خلفه , ولكنها سرعان ما أسرعت خطواتها وتجاوزته بغضب , مُسَددةً صفعةً حانقةً على مؤخرة رأسه.
برغم كونه كاد سيبتلع الحلوى بأكملها جرَاء الصفعة , إلا أنه وجد نفسه يبتسم بسعادة وهو يتأمل الفتاة الغاضبة أمامه. الشعر الأشقر الغامق اللذي ينسدل على ظهرها , العينان البنيتان الغاضبتان اللتان تنظران للخلف إليه بحنق بين الفينة والأخرى. لقد إشتاق لها , فهو لم يرها منذ فترة , ولم تسنح له الفرصة لقضاء الوقت معها منذ شهور. لقد كان هذا وقتاً مناسباً فعلاً ليتوقف قليلاً عن العمل ويقوم بفعل شيء ممتع ومختلف مع أصدقائه (رغم قِلتهم). إنه شاكرُ لـ (نويل) لتمهيده لفرصة كهذه.

وكأنما كان (نويل) يقرأ أفكاره , فقد إقترب منه ليمشي بجانبه , بدا منظرهما مضحكاً نوعاً ما نظراً لفرق الطول بينهما , فقد كان (ساي) قصير القامة بجانب (نويل) الذي قام بسحب السماعات بحركةٍ خفيفةٍ وسريعة.
" يا لك من مغفل ! إنها تبدو على وشك الإنفجار. من الأسلم لك أن تستدير وتعود أدراجك حفاظاً على سلامتك."
" لا هلمني هلى ذهلك فهنا الضحية هنا -- ! "
تمتم (ساي) بذلك قبل أن يخرج الحلوى من فمه ويتبع قائلاً: " أنا لم أفعل شيئاً...! بإستثناء إخباري لها بأن فستانها يذكرني بجدتي... هل تتوقع أن هذا هو سبب غضبها ؟ "
" ما أتوقعه هو أنك أحمق. أشُك بأن جدتك ترتدي فستاناً أحمراً وتحمل حقيبةً مزينةً بالشرائط. على العموم , نحن على وشك الوصول, إنه خلف هذا المنعطف".

تابع الشابان سيرهما المتمهل على الطريق الترابي المحاط بالحشائش , وقد بدأت ملامح المنزل الضخم تتضح لهما كلما إقتربا منه. أخذ (ساي) يسترق النظر لصديقه الذي يسير بجانبه وهو يدفع بشعره الكستنائي للخلف ليزيحه عن عينيه الخضراوين الهادئتين. إنه إبن عم (أمورا) وبالتالي كان هناك طيفٌ من الشبه في ملامحهما.

هذا غريب ... كان اليوم دافئاً مشمساً ولم تكن هناك رياحٌ تذكر , ولكن بالرغم من ذلك وجد (ساي) نفسه يتباطأ في السير رغماً عنه. لماذا ينتابه هذا الإحساس المُلح بأنه قد نسي شيئاً ما ؟ هل نسي إطعام القطط قبل خروجه ؟ ربما لم يقم بشحن هاتفه المحمول ؟ أصابته الفكرة بالرعب , فرفع جهازه أمامه ليتأكد من مستوى البطارية. تنفس الصعداء عندما وجد أنها شبه ممتلئة , طمأنته نفسه بأنه يحمل شاحناً متنقلاً على كل حال.

ولكن ذلك الإحساس لم يتوقف.

-----------------------------------

" حسناً ... لم أكن أتوقع هذا, بكل صراحة. إنه .. أممم .. كيف أقولها ؟ إنه - حاولت (أمورا) أن تبحث عن الكلمة المناسبة قبل أن تردف - مميز نوعاً ما , بدون شك , و – "
" يبدو كمنزل تقطنه الأرواح الضائعة." , قاطعها (ساي) وهو يقوم بقرمشة الحلوى بلا مبالاة.

لم يكن المنزل بذلك السوء , حقاً. ولكن علامات القِدم ظهرت جلية عليه. كانت الحديقة عامرة بالأعشاب والحشائش والزهور البرية, بينما تشقق الطلاء الزهري الذي يغطي المنزل في أكثر من موضع. كانت إطارات النوافذ مصنوعة من الخشب البني الفاتح , وكذلك كان الباب الرئيسي. هذه المنازل الكبيرة القديمة تحتوي عادةً على أكثر من مدخل , ولكن لم يكن هناك أي مؤشر على وجود باب آخر.

زفر (نويل) بيأس وقال وهو يضع يده على كتف (ساي) : " لا تلعب بأعصاب الفتاة المسكينة , أنت تعلم أنها تجزع حتى من ظلها. بالإضافة إلى أنك تصيبني بالإحباط هنا , إنني أحاول جهدي يا صاح .. "

وقبل أن يجد (ساي) الوقت الكافي ليعطيه رداً حاذقاً آخر, إستدارت (أمورا) لتواجه الشابين وقالت بخوف : " لن تتركاني وحيدةً وتهربا إن ظهر لنا شبح في الداخل , صحيح ؟ "
نظر لها (نويل) ملياً ليتأكد بأنها تمزح بينما كان (ساي) يضحك بمرح , ليست بردة فعل غير متوقعة .

" لا تقلقي يا (أمورا) , لا أتوقع أننا سنستغرق وقتاً طويلاً هنا. سنفعل ما أتينا لفعله وننصرف – إبتسم إبتسامة مطَمئنة لها - وبعد ذلك , سأسطحبكما للعشاء في مطعم مَحَلي جيد."
" مالذي ننتظره إذاً ؟! إلى الأمام يا جنود !! " قالها (ساي) وإنطلق بحماس نحو الباب الخشبي الضخم الذي توسط واجهة المنزل.
" نحن لسنا بجنود , وأنت لست قائداً حربياً .. "
" لا يهم , إلى الأمام ! "

-----------------------------------

بدا الأمر وكأن الثلاثة تَخَطوا بوابةً نقلتهم عبر الزمن. إذا كان المظهر الخارجي للمنزل يدل على قِدمه , فإن ذلك وبكل تأكيد لم يظهر ولا بأي شكل من الأشكال في الداخل.

كان المنزل من الطراز المعماري العتيق , ولكن المصابيح الكريستالية المعلقة كانت تتوهج بهدوء لتنثر القليل من الضوء والكثير من الظلال في المدخل الواسع اللذي غلب عليه الظلام, لم تكن ثمة نوافذ تسمح بدخول ضوء الشمس مما أضفى على المكان لمسةً كئيبةً نوعاً ما. الأرضية الرخامية بدت في أحسن حال وقد توسطها السجاد الفاخر قاتم الألوان. الجدران نظيفةً وإن كانت مجردة من أي لوحات أو لمسات جمالية. لقد كان المكان نظيفاً ومرتباً وإن كان سكونه يجثم على الأنفاس.

بإختصار , لم يكن من الممكن التصديقُ أن هذا المنزل لم يستعمل للسكنى منذ قرن أو أكثر.

وقف الثلاثةُ متقاربين وهم يجولون بأعينهم في المكان بإنبهار, فهم توقعوا مكاناً مغبَراً ومتهالكاً على الأرجح.

همهمت (أمورا) : "إنه بديع ... من الخسارة أن هذا المنزل يقع في منطقة نائية ومنعزلة كهذه. ولكن ..." توقفت عن الكلام وهي تنظر حولها بقلق.
قال (ساي) بمرح : "ماللذي تقولينه ؟ هذه العزلة الثمينةُ هي أجمل ما في الموضوع. "
" تذكر بأن أغلب البشر طبيعيون ويفضلون صحبة بعضهم البعض على الحيوانات والأشباح. ", قالها (نويل) وهو ينظر إلى صديقه بنصف عين, كان من الواضح أنه يشعر ببعض التوتر وإن حَاولَ أن يُخفي ذلك.
" ليس أنت أيضاً يا (نويل) , لقد توقعت أنك ستفهمني .. " , تعمد (ساي) أن يتصنع نبرةً مأساوية وهو يقولها.
" لقد كان توقعك خاطئاً , آسف لتحطيمي قلبك الخاوي."
" حسناً , ماللذي يتوجب علينا فعله لننتهي من هنا ونعود للمدينة ؟ " تساءلت (أمورا) وهي تنظر لـ (نويل) برجاءٍ صامتٍ ليخرجها في أسرع وقتٍ ممكن.
" نعم , فعلاً .. إمم .. لا أعلم من يتكفل بأمر التنظيف وسداد فواتير الكهرباء هنا , ولكن يبدو أنه يتقن عمله جيداً. فلنبحث عن أي شـ -- "

بتر حروف كلماته صوتٌ مدوٌ كان قادماً من إحدى الغرف الواقعة في الممر الذي إمتد على يمينهم. تبادل كلٌ من (نويل) و (أمورا) نظراتٍ فزِعة , بينما وقف (ساي) في مكانه ناظراً لأعماق الممر الطويل بدون حراكٍ أو كلمة. مضت دقيقةٌ والمشهد لم يتغير , حتى قام (ساي) بالتقدم ببطء في إتجاه الصوت وهو يلتفت للخلف قائلاً : " لا تقفا هكذا , تبدوان كالأشجار الميتة ! سأذهب لتفقد الأمر , لابد أن ثمةً حيوان بري بالداخل. "
" لا يا (ساي) , لا تلعب دور البطل أرجوك - قالت (أمورا) بجزع – قد يكون ذلك صوت...", قاطعها (ساي) وهو يتقدم أكثر: " شبح ؟ جيد إذاً , سأكون أكثر رعباً لو كان مصدر الصوت صرصاراً. لا تقلقي يا فتاة , سأعود فوراً. (نويل) .. توقف عن النظر في كل ركن كالأرانب , إبقيا هنا وتبادلا الذكريات أو ما شابه ريثما أعود يا أبناء العم. "

قالها وإنطلق لليمين ليختفي داخل الممر عن أعينهما , بينما كان الإثنان يتبادلان النظريات حول مصدر الصوت بقلق وتوتر.

رغم هدوئه الظاهر إلا أن ذلك الصوت أقلقه لأنه حطم السكون الذي كان يعم المنزل , والآن أصبح (ساي) يسمع أصواتاً خافتةً من كل صوب , ولكن ذلك على الأرجح كان نتاج عمل مخيلته الخصبة , خصوصاً وأن الظروف الحالية تساعد على ذلك.

وبينما هو غارقٌ في أفكاره , وجد أن هناك شريطاً من الضوء ينبعث من أسفل الباب الموارب الواقع في آخر الممر , فتابع سيره البطيء تجاه ذلك الباب متجاهلاً الأبواب الأخرى وهو يتساءل عما سيجده بالداخل.

-----------------------------------

دفعةٌ بسيطة , خطواتٌ مترددة , وأصبح (ساي) بداخل الغرفة.

أول ما جال بباله هو أنه لا توجد أي حركة تدل على وجود حيوان بري هنا. تقدمً قليلاً لتبدو ملامح الغرفة جليةً أمام ناظريه. يبدو أنها غرفة معيشة فرعية حيث كانت هناك أريكةٌ فخمة تتقدمها طاولة من الخشب المتين , بينما كان هناك كرسيان أصغر حجماً على جانبيها. ثمةَ صوت رتيب هنا , صوت معدني خافت. وبنظرةٍ سريعة في الغرفة عرف مصدره.

" إنها ساعةٌ خشبيةٌ ضخمة ! "

كان بندول الساعة الخشبية المزخرفة يتحرك ببطْء من جهة إلى أخرى , بينما أشارت عقاربها النحاسية إلى تمام الساعة الرابعة. الرابعة؟ لابد أن هذه الساعة البالية لم تتم معايرتها منذ عقود , فمن غير المستغرب أن تشير للوقت الخطأ. تنفس الصعداء وهو يستدير ليخرج من الغرفة ويعود لصديقيه بالأخبار السارة , لقد كان الصوت المخيف مجرد مقلب غير متعمد من ساعةٍ قديمة.

لفت نظره أيضاً وجود مرآة طولية لامعة بجانب الساعة , فتقدم ليقف أمامها ويتأمل إنعكاسه فيها. مرر أصابعه خلال شعره الداكن الطويل , وقام بإزاحة الخصل اللتي إنسدلت على جبينه لتقوم بحجب إحدى عينيه البنيتين. لقد كان يرتدي قميصاً أبيض اللون يعتليه معطف أسود ذو ياقة ناعمة مبطنة بالفرو وبنطالاً من الجينزغامق اللون , وقد تدلت من عنقه مجموعة من السلاسل. طوقٌ جلدي أسود أحاط بعنقه , تتدلى أسفله قلادةٌ إتخذت هيئة وردة سوداء , وقلادة ثالثة فضية اللون بها ميدالية صغيرةٌ مستطيلة الشكل حُفر عليها إسمه. ربماً لم توحِ شخصيته المندفعة بذلك لمن لا يعرفونه , ولكنه في الواقع يهتم بمظهره جداً ويعتبر عدم التأنق في الملبس (بحدود المعقول) جرماً شنيعاً. رتب ملابسه بسرعة وإنطلق خارجاً.

في طريق عودته خَطَرَ له بأن الممر طويل فعلاً , لقد كانت هذه المنطقة شبه منعزلة عن باقي المنزل. أخرج هاتفه الجوال من جيب بنطاله وقام بإختيار لحن ليدندن معه وهو يشعر بالقلق يتبدد من أعماقه كلما إقترب من بهو المدخل.

" إحزرا ماذا ؟ لقد كان ذلك فقط – "

لم يكمل جملته حيث أنه لم يكن هناك أحد غيره في البهو الواسع. أحس (ساي) بالتوتر يطفو بداخله مرة أخرى. أين هما ؟ هل كانا خائفين لدرجةِ أنهما غادرا المنزل وتركاه ؟ تقدم من الباب الرئيسي و أمسك بالمقبض المستدير ليفتحه وهو يفكر في النكات التي سيطلقها على صديقيه الجبانين عندما يخرج للقائهما.

ولكن الباب لم يتحرك.

كان ثابتاً في مكانه كطود من الصَخر , بالرغم من أنه لم يكن موصداً حتى عند قدومهم. ما معنى هذا ؟ ربما ظن (نويل) و (أمورا) بأنه من المسلي أن يقوما بالخروج وإغلاق الباب عليه من الخارج. ياللحقارة ! تراجع للخلف قليلاً وركل الباب رغم معرفته بأن هذا لن يجدي شيئاً.
أو ربما ... ربما كانا بالداخل , ربما كانا مختبئين في إحدى الغرف الموجودة بالممر الأيسر بإنتظار قدومه. بدا هذا الإحتمال أقرب للواقع حيث أنه لا يظن بأن لديهما المزاج الرائق الكافي ليقوما بتدبير المقالب له في وقت كهذا.

لحظة ... لماذا لا يقوم بالإتصال على أحدهما ؟ فور أن خطرت الفكرة بباله سارع برفع جواله والتنقل في قوائمه إلى أن وجد رقم (نويل) , قام بالطلب ولكن كل ما حدث هو إنقطاع الخط قبل بدء المكالمة معلناً عدم توفر أي تغطية في هذا المكان. تنهد بحسرةٍ وقرر أن يبتلع توتره وينطلق إلى الممر الأيسر ليلقي نظرةً بداخل الغرف الواقعة هناك.






بـــدايـــة الـــســـاعـــة الـــرابـــعـــة -إنتهى-


-----------------------------------

حسناً...ربما أطلتُ في الجزء قليلاً, ولكنه الحماس وما يفعل يا سادة.

لأي مدى ستصمد من أجل أصدقائك؟ ما عساك تفعل إن اضطررت لقتل ما تشعر به في سبيل إنقاذ مشاعرهم؟

والسؤال الأهم...

هل ستتذكر؟


 
 توقيع : ساي

دخول متقطع .


رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ ساي على المشاركة المفيدة: