عرض مشاركة واحدة
قديم 12-10-2020, 05:50 AM   #5
فِريـال
مشرفة طلبات التصميم ومعارض الأعضاء
-ORILINAD


الصورة الرمزية فِريـال
فِريـال غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل :  Feb 2020
 العمر : 28
 المشاركات : 26,691 [ + ]
 التقييم :  38050
 الدولهـ
Iran
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
إبتسِمـ
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

مشاهدة أوسمتي



-





"ماذا ستفعلون اذا خسرتُم أعز الناس في حياتكم؟"

*✧✦✧



-3-


* ناتاليا *



ناديتُ أخي واصطحبنا لبيت ياجيما، كانت ياجي في حالةٍ من الصدمة غير مُصدقةٍ لخسارتها!

بعض الأقارب كانوا يجلسون هُنا وهُنالكَ كلٌ في حُزنه، البعض كان قلقاً على هذه العائلة التي سَبَقَ وفقدت الأب والآن تَبعتهُ الأم!

بقينا أنا وأخي بجانب ياجيما وكان لحضور هيروشي تأثيراً ايجابياً فقد أبقى ياجيما هادئة طوال الوقت،

أمّا جوان كان مُختفياً طوال النهار!

الأجواء الكئيبةُ كانت تسكُنُ البيتَ بشكلٍ فضيع حتى الطالبات في الطابق الثاني كُنَّ هادئات للغاية!


عاد جوان في المساء وما أن وطأ الصالةَ حتّى قال توشيري-يوتاشي، العمُ الأكبر لياجيما:

"ياجيما! من اليوم ستأتين للعيش مع عائلتي في العاصمة!"

شكل ذلك صدمةً حقيقية للحاضرينَ جميعاً، خاصةً جوان! لكن ما صدمنا أكثر قوله:

"وجوان سيبقى هنا للعيش في بيت أخي الصغير! لقد سبق أن اتفقنا على ذلك أنا وأخي ولأنني ليس لدي سوى ولدٍ واحد فيُسعدُني أن تُصبحي ابنتي!"

نظرت ياجيما إليه بعدم تصديق، تباً أهؤلاء جادون للحديث بموضوعٍ كهذا ولم تمضي غير ليلةٍ واحدة على فُقدان السيدة؟

تقدم جوان وكانت ملامحهُ تشتاطُ غضباً لما سمعهُ، نهض هيروشي ليتدخل فقد أدرك أن جوان ليس بخير!

أمسك كتفهُ مُهدأ، لكن جوان استشاط غضباً:

"لا داعي لعطفكم لأنني لن أرضى الإبتعاد عن بيتي وسأبقي فيه مع أختي!
سبق وكنا بخير بدونكم لذا سنكون بخير، نحن بخير مادمنا معاً لذا لا تُزعجوا أنفسكم بعروضكم المغرية!"

نظر لياجيما:" ثم إن ياجي ليست طفلة لتتبناها فقد أصبحت في الثامنة عشر بالفعل! وأنا سأكون بخير معها!"

قال العم موضحًا:" ياجيما! أنا أريدك أن تُتابعي دراستكِ
لذا اريد أن آخذك معي لطوكيو حيث ستحصلين على فرصة للدخول في جامعة كبيرة ومرموقة تحت إشرافي!
أخبريني ألا تريدين متابعة دراستك بغير التفكير بنفقات المعيشة والدراسة؟"

*
إيه!
لما أشعر أن هذا الحديث ثقيل جداً! إنهم جادون ويتحدثون وكأنَّ شيئاً لم يحدُث!

كانت حدقتا جوان على أوسعهما! أتساءل إذا كان خائفاً من أن يفترق عن شقيقته الوحيدة!

مع أني واثقة أن هذا لن يحدث، فياجي لن تتركهُ بهذه السهولة، بشكل خاص أستطيع ترجمة تصرفاتها بشكل صحيح دائماً!

هي لم تكن تقبل أن يتغيب عن المدرسة أبداً لذا كانت تتغيب عن الحصص كثيراً حتى أن الأساتذة أصبحوا يتوعدونها بالطرد في آخر فترة!


أغلق الحديث بكلمات ياجيما وسط دموعها وشهقاتها المدويه:

"أخرجوا جميعكم!
لا أريد رؤية أحدكُم هُنا! أنتم تُهينون ذكرى أمي بحديثكم عن أمور غير مهمة البته!
أيفهم أيً منكُم أني قد فقدتُ أمي! ماذا ستفعلونَ اذا خسرتُم أعز الناس في حياتكم؟
لقد فقدتُها، فقدتُها للمرة الثانية! لكن... لكن هذه المرةَ للأبد!"


في هذه الحياة التي نعيشُها! بات الكثير من الناس غير آبهينَ لمشاعر الآخرين، غير مُدركين عن الألم الذي يُزيدونهُ لغيرهم!

بطريقةٍ ما شعرتُ أني سئلتُ بطريقةٍ غير مُباشرة!

"ماذا ستفعلونَ اذا خسرتُم أعز الناس في الحياتكم؟"

شعرتُ أن هذه الكلمات وجهت لي كصفعةٍ من ياجيما بطريقة غير مُباشره! هو شعور لم أجربه في حياتي... انا بلتأكيد لا أريدُ أن يأتي يومٌ كهذا أبداً!


أبداً !!






* اكاني *


مر أسبوعان على ذلك اليوم! كانت صدمةُ ياجيما وجوان كبيرة!

تغيب جوان لأسبوع وأنا الآن أشعر أنهُ تغير كثيراً! يبدو شارداً طوال الوقت... وباردَ التعابير!

بطريقة ماء أشعرُ أنه لم يعُد جوان المعهود! لم يَعُد يُزعجُني ولايهتمُ بأي شيء من حوله!

طوال الأسبوع السابق وهو يتصرف هكذا، لم يعُد هذا مريحاً! ربما لأني أشعر بطريقة ما

أنها مسؤليتي أن أخرجهُ من هذا الجو وأعيده لسابق عهده! فأنا واثقة أن ناتاليا ستفعل المثل مع ياجيما!

إذا حدث وعاد لسجيتهِ فأني لن أنزعج منهُ بعد الآن ولن أعاندهُ أو أزعجه!

أريدُ أن أتوقف عن الأحساس بهذا الألم القابعِ في صدري بأسرع وقت! جوان، رؤيتُكَ هكذا تُهشمُ فؤادي!

لايزال شبح ملامحِ جوان الثلجية في مراسم دفن والدتهِ يُثيرُ القُشعَريرة في جسدي!

كان يجلس هادىءً جداً ولم يبدو عليه الحزن كما في أول يومٍ حين عرفنا بـوفات والدتهُ!

أتساءل هل حدث شيء بينهُ وبين ياجيما؟ أخشى أن ياجي قررت أن تعيش في بيت عمها وتبتعد عنا!

اذا حدث فـ جوان سيصبح وحيداً، سيبتعد عنا ويتغير أكثر!


دخلتُ المدرسة وكان الجميع يتوافدون والمدخل مُزدحم جداً كان جوان يُقفلُ دراجتهُ وملامحهُ كلوحِ جليدٍ جاف!

اليوم لن أدعكَ وشأنكَ أبداً! اتجهت نحوه ووقفتُ خلفه، حين استدار اصطدم بي!

حين رأيتُ ملامحهُ الباردة تجمدت مكاني! لم أستطع الحراك الى الخلف ولا الأمام! كان قريباً بشكلٍ غير متوقع!

حين انتبه للفوضى التي سببها لي بسبب ملامحهِ المخيفة، قال بنبرة مستفزة وهو يضع يده على رأسي:

"ماذا، ألن تُصَبِحي علي اليوم يا صغيرة؟"

انزعجتُ منه لكنَنّي لم أقُل شيءً من شأنه أن يُبعدني عنه! لأنني سبق وقررتُ أن أصبحَ صديقتهُ حتى لو كان مزعجاً ومُستفزاً!

من غيظي قلتُ بعبوس:" صباح الخير!"

صدمهُ ذلك فقال بمرح غير متوقع :

"واو! من كان ليتوقع أن تغدو آكاني بهذه الظرافة حين تعبس!"

ضحك ضحكةً خفيفة وأقترب مني بعض الشيء مُتابعاً:

"أرجوكي افعلي ذلك مجدداً!"

مهلاً لما أشعر أنه لا يحتاجُ لمن يُخفف عنه! إنهُ فقط يبدو سَعيداً!

سعيداً جداً لدرجة أنه عاد يتصرفُ معي كما كان سابقاً والبسمةُ تُهلهلُ بين ثغره!:

"هي أنتي! مالذي تُفكرينَ به؟"
نظرتُ له ليكمل:" تبدين ظريفةً جداً اليوم! هل يُعقل أن آكاني تُفكرُ بي؟!"


ايه!!!!! ماذا يقولُ بحق السماء! أنا مُهتمة به! أقصد أفكر به! لحظة هذا صحيح!

أنا أفكرُ به منذ يوم المهرجان كثيراً! لكن.. ليس الأمر كما يظن!

فتحتُ فمي لأقول لهُ الأمر ليس كذلك، لكنه وضع اصبعهُ قريباً من فمي قائلاً بانزعاج:

"لا تُفسدي الأمر! لقد بدأتي تَهتَمينَ بي وهذا يُفسد مُتعتي آكاني!
أريد أن تبقي كالسابق، لأنكي الوحيدةُ التي تفهمُني بشكلٍ صحيح! وأنا لا أريدُ منك أكثر من ذلك!"

أفهمهُ! أنا أفهمهُ بشكلٍ صحيح! ماذا يقصد؟:
" أنا لا أهتَـ..."

وضع يده كاملةً على فمي ليقول بابتسامة:

"الصغيراتُ اللواتي يقُلنَ الأكاذيب، لا يستحقنَ هدية ميلادهن!"

قال كلمتهُ الأخيرة وقد أخرج عُلبةً صغيرة من حقيبتهِ ووضعها أمامي!





* ياجيما *




ذلك الطفل يكبرُ يوماً بعد يوم! آه صحيح لقد مر وقتٌ طويل على قدومي للمدرسة!

أمسكتُ بـ ناتاليا سائلة بشيء من الأستغراب:

"نونو! مُنذ مَتى وأخوانا بهذا النوع من القُرب؟ كُنتُ أعتقد أنهُم نار وبارود!"

ابتسمت بخفه قائلة بمرح:" إنهمُا يتشابهان كثيراً وبغيرِ قصد يُزعجان بعضهُما!
لقد التقى كُلٌ منهُما بانعكاسِ شخصيتهِ لذا اشتَعَلت شرارةٌ من الغيظ بينهُما وهُما الآن غير مُدركان بما يشعرانِ به اتجاه بعضهُما حتى!"

ايه هذا الجو حقاً ثقيل علي! أشعرُ أني كمن كان في غيبوبة واستيقظ ليُدرك أنه قد فوت نصف عمرهُ نائماً!

نَظَرَت لي ناتالي مُبتسمة:" ماذا الآن؟ لا تقولي أنك وجدتِ شابًا لطيفاً وأنتما تتواعدان الآن! لأنني سأصابُ بصدمةٍ حقيقيةٍ حينها!"

ضحكت ناتالي بصوتٍ مُنخفض ثُم أمسكت نفسها قائلة بين ضحكاتها المُتقطعة:

"ليس بالضبط! لكنني أستطيعُ أن أدركَ أنكِ وجوان حظيتُما بحديثٍ مُريحٍ ليلة أمس! أليس كذلك؟"

تفاجئتُ قليلا ثُم سألتها مُبتسمة:" كيف عرفتي؟"

أجابتني مُبتسمة وهي تعقدُ يَدَيها للخلفِ وتنظرُ نَحو أخي:
"لأنهُ كان يتصرفُ كلوحِ خشب، طوال الأسبوع السابق... حتى أنهُ لم يكُن يُصبح علىُ أحد في الصباح! وأنا كنتُ مِنهُم! لكنهُ اليومَ يبدو مُشرقاً!
اتصلَ بي البارحة قائلاً بأنهُ يُريدُ الأعتذارَ مِن أختي لكثيرٍ من الأسباب..."

إيه أخي يُفكرُ بالإعتذار جدياً! أنا طلبتُ منهُ ذلك ليَشعُرَ بالذَنبِ فلا يُعاودُ الكرة ويَجرحٙ أحداً بفظاظته!

لكن أن يُطبق كلامي فهذا غيرُ أعتياديٍ بالمرة! لمَ أشعر أني في عالمٍ لا أفهمهُ البتة؟

نَظرتُ لناتاليا:" ماذا أهُنالكَ شيءٌ آخر؟ لما هذه النظراتُ اللطيفة ناكاموري؟"

ضحكت بخِفَة:" لَقد أخبرتهُ أنَّ اليومَ عيدُ ميلادِ آكاني وأنهُ عليهِ استغلالُ ذلك! لكن.."

ايه! لكن ماذا؟ :"ماذا تقصدينَ بـ لكن؟"

أمسَكَتْ ضحكَتَها قائله بشقاوة:" اليومُ ليسَ عيدُ ميلادها!"


ماذا!




وبعد ذلكَ اليوم وبسببِ مُزحةِ ناتاليا البريئة، انتشَرَت إشاعةٌ عن أخي وآكاني في المدرسةِ بأنهُما يتواعدان!

فقد رأى نصفُ الطلاب ما حدثَ حينَ كانا يتكلمانِ وكلٌ غَنّىْ على ليلاه!

حين أنظر لهُما من بعيد وهُما يَمشيانِ بجانبِ بَعضَهُما الى كُلِ مَكان وطوالَ الوقتِ معاً،

أراهُما بتلك الطريقة! أنهُما فقط يبدوانِ لي، سُعَدْاء.




في نهايةِ الأمر قَررّتُ أن أعودَ لخلفِ مِنضدةِ الدراسةِ بينَ همساتِ الطُلاب! أنا حقاً اشتقتُ لأمي!

ليسَ فقط الآن! أنا مُشتاقةٌ لها منذُ سَنَتَين! مُنذ لَعَبَ القدّرُ لُعبتهُ الغريبَةٙ في حياتنا!

لكنني الآن بطريقةٍ ما أشعرُ بأنها أقربُ مِني وبرفقَتي طوال الوقت!


إلى أن يأتيَ يومُ غَدٍ، سأعيشُ يوميَ بكُلِ لحظاته معَ أخي وأعزائي وزُملائي!

لأنني لا أريدُ العيشَ في الغد وأنا أقولُ بـ أن القدَّرَ، غَدَرَني وأبعَدَني عن من أحب!




-:"ياااااجيماااااا خَلصيني!"
أيه! ماذا بها الآن؟ لمَ تتصرفُ ناتاليا بهذهِ الطريقة؟!
-:" ماذا بكِ اليومَ ناتاليا؟"

-:" أنظُري خَلفي!"

قالت ذلكَ وقد بدت مُضطَرِبه! نظرتُ كما طَلَبَت مني فـ....!

ماذا مَعَ هذهِ المجمُوعةِ الغريبة؟!



مُنذ ذلك اليوم، تَشَكَلَتْ فرقةُ مُعجبي ناتاليا وقَد كانوا يَلحقونَ بها لكُلُ مَكان!

أصبَحَت فَجأةً الفتاةٙ الأكثرَ شَعبيةً! حتى طلابُ السنةِ الأولى يَلتَفونَ حولها أين ما ذَهَبَتْ!

بأختِصار أصبَحَت ناتاليا مُحاطةً بالأولاد والبنات طوالَ الوقت! نهضتُ مِن مقعدي هاتفه:

"لقد حان وقتُ تَدخُلٍ شَخصي!"





*
*ناتاليا*


كُنتُ مُحاطةٍ بالشبابِ وأنا جالسة في مقعدي لا أعرفُ لمّا أصبحَ الجميعُ يلتفُ حولي

وايضا يُطاردونَّي في كُلّ مكان... يبحثُونَ عن فرصةٍ ليفتَحوا حديثاً بـ أغرب وأسخف الأسألة!

وأنا لا أعرفُ من أجيب، أو بماذا أجيب...

ومن خلف الحشد المُلتف حول مقعدي جاء صوت ياجيما بنبرةٍ مخيفة:

"يا شباب؟"

نظر الجميعُ حولها وتنحى البعض فتمكنتُ من رؤية ملامحها بعد أن نهضتْ:

"أنتم يا شباب! انهُ وقتُ الغداء بالفعل! فانصرفوا ودعونا نتناولُ غداءنا!"

ايه! لما تبدوا ياجيما مرعبة لهذه الدرجة؟! انها تُبالغ بالفعل!


بمجرد أن أخرجتُ عُلبة الغداء، سحبتني ياجي لخارج الصف تحت نظراتهم المرتعبة! سمعت أحد الأولاد يقول:

"حتى أمي ليست مخيفة مثلها!"




أخذتني لسطح المدرسة ولم يجرء أحداُ من نادي المعجبين ان يلحق بنا،


جلسنا نتناول الغداء و لاتزال ملامح ياجيما مرعبة بعض الشيء، وقد كانت تأكلُ بفوضوية قائلة:


"أغيب عن المدرسة بضعة أيامٍ في الأسبوع وعندما أعود أجدكي مُحاصةً بغريبوا الأطوار.."


أتسائل هل تُدرك انها كانت غائبة طوال الأسابيع الأربعة السابقة؟ لم اجبها سوى بملامحي البلهاء فتابعت وهي تأكلُ بسرعة وبفوضوية:

"أنتي ابقي صامته!"

مع أني كذلك! لم أقل شيءٍ كما طلبت لتُتابع:

"سأتولى أمرهم بنفسي من الآن فصاعداً!"

بنفسها!؟ قلت بتوتر:

"ياجي! كيف سـ...... !"

قاطعتني قائله:" أنتي فقط ابقي صامته، أنا لدي فكرة!"

أنزَلتْ عُلبة الطعام مِن يدها وأشارت بلعيدان نحو أنفي:

"سنستعملُ خُطة الصديق المزيف!"

"إيه ماذا!؟"

أكملت قائلة وهي تحرك العيدان على شكل دائرة وهمية:

"ولأن نصف المدرسة معجبون بك، سيكون السيد المجهول من خارج مدرستنا!"

وَضَعَتْ العيدان على فمها وهيَّ تُفكر وتُتمتمُ بصوتٍ مُنخفض

" يجب أنّ يكونَ شخصاً ناضجاً كي نُقنع الآخرينَ

بأنكِ تُقابلين رجلً ناضج ولابأس بالقولِ أنَّكُما مخطوبان"

إيه! لحظة! أهيَّ جادة؟... ثم نَهَضَتْ مُتحمِسة:

"أجل هذا ما يجب أن يحدُثُ بالفعل"

نظرتْ نَحوي وكُنتُ ما أزالُ جالسه، ثم أمسَكَت بيدي قائلة:

"هل أنتّي موافقة؟"

هذا جنون! أردتُ الرفض لكنها تابعت وهي تضرب جبينها بخفه:

"يال غبائي بالتأكيد أنتّي لن تَرفُضي!"

قُلتُ مُتحججّة:" ياجي.. ماذا ان لَم ينجح الأمر؟

وأيضاً أنا لا أقابلُ أحداً ولا أحبُ الكذبَ أو الأدعاء بأنّي اواعد شخصاً أياً كان!"

-: "لكنّكِ تثقينَ بي صحيح؟!"

أومأتُ برأسي لتُتابع:

"اذا اعتمدي عليَّ... أهم شيْء أنّ لا يعلمَ هيروشي بذلك."

قلتُ وأنا غيرُ مُقتنعه:" حسناً... لكن كيف سينجحُ الأمر؟ يبدوا هذا مستحيلاً!"

قالت بنبرةٍ ملأها الغرور ونظرة النصر تُغطي وجههّا:

"أتركي كُل شيءٍ عليَّ!"



بطريقةٍ ما، آخر ما قالتهُ وفعلتهُ أشعرني بالخوفِ مما سيحدثُ وشعرتُ بأنّي سأندم على ذلكَ.

فيّ اليوم التالي وفيّ أثناء العودة للبيتِ قالت ياجيما بلا مُقدّمات:

"اليكِ التفاصيل!"

إيه!؟ ماذا مع هذا الحديثِ فجأةً! تابعت بحزم:

"اسمعي لقّد فكرتُ بذلك طوال ليلةِ أمس! الخطةُ بأختصار وبكلّ بساطة،

سيأتي شخصٌ ما خلفكِ فيّ الغد ليأخُذُكِ قبل وقت الأنصراف بفترهٍ، بصفتهِ حبـيبـُك!
وبعد فترةٍ سنُعلنُ أنكُما قد خُطبتُما لبعضكمُا،
سنقومُ فيّ البداية ببناء الصورة أمامهُم ليهدء الوضعُ قليلاً وبعدها سنُفَكرُ بلآتي انها آخر سنةٍ لنا فيّ المدرسة، يعني مُجرد فترةٍ يجبُ تحمُلها!
أعدُك أنَّ كُلَّ شيءٍ سيكونُ بخير!"

كانت جادة.. أنا لَمْ أجب سوى بكلمةٍ واحده:

"حسناً!"

لَمْ أشعُر بالتردُدّ ولَمْ أعلم مِن أينَ أتت شجاعتي! ولا أينَّ فقدتُ مَنطقي؟!

كما لَمْ أفكر سوى بِما قالتهُ ياجيما لي على السطحِ أمس وعلى اساسه تَحرَكَ وعيِي...


" أترُكي كُلَّ شيءٍ عليَّ!"


أعتقد أن هذا ما سأفعلهُ! في نهاية الأمر سيكون ذلك مجرد تمثيل !








جلستُ أراجع لإمتحان الفزياء ولم أشغل بالي بأي شيء، كنت أعاني من صعوبة بمسألة

(تداخُلُ أمواج الضوئية)

لقد درستُ قبل فترة قصيرة مع ذلك تشمل اختبار الغد جلستُ أعيد الدراسة من مرجعي الخاص للماده،


(تداخلُ الأمواج الضوئية، يحدث لدى لقاء موجتين من الممكن أن تكون

مساعده أو مدمره، العالمُ الأنجليزي" يانج "كشف في الاختبارات التي

أجراها في عام 1802 الى 1804، أن التداخل يحدثُ في الضوء أيضاً..!)


كفى! لقد اكتفيت! وما شأني اذا كان التدخل الضوئي موجوداً أيضاً؟!

وفي ماذا سيعنيني ماكشفه المدعو "يانج" هذا؟
*

أتاني صوتٌ من خلفي وسط غضبي المفرط على المسألة:
"إن كونك تنوين الألتحاق بتخصص آخر لا يعني أن تُهملي مسألة بسيطةً كهذه!"

*نظرتُ له بملل فتابع:
"إنها بسيطة نظراً للمسائل الأخره، ببساطة، اذا تدخل ضوئان..."

وبدأ اخي بالشرح بعد أن سحب الكرسي الآخر وجلس بجانبي ليُدرسني

وقد نفعني إعادتهُ لي كثيراً وحين انتهى منها شرح لي باقي المسائل بشكلٍ عشوائي....

حين أدركنا الوقت كانت قد مرت ثلاثةُ ساعات بالفعل! انتهت الدراسة مع هيروشي حين سألني:
"أهنالك شيء آخر تحتاجيني في لأشرحه لك؟"

اجبتهُ بحماسة:
"لالالا لقد بدءتُ أشعر بالدوار بعض الشيء ويجب أن أنام كي لا أفوت الأختبار غدا!
وأيضا متحمسة لملأ ورقتي بالأجوبة الصحيحة!"




نهض من مكانه ومد جسده ووضع يده خلف عنقه، فبادرته قائلة:

"شكراً لك أخي.. لقد أتعبتُكَ رغمَ تعبكَ من عملك!"

أجابني مبتسماً بتعب:" لا عليك إن لم أساعدك كالسابق سأشعر أني عديم لفائده!"*

سألته فجأة من لامكان!:
"أخي كيف؟ كيف يجري العمل معك؟ هل ستتوقف عنه؟
أم أنك لازلت تنوي الأستمرار به؟"

رد عليّ قائلا بجدية تامه:
"الأمر لم يعد ممتعا صحيح؟ أنتي أيضاً تظنين أنهُ يجب أن أتوقف؟
أعتقد أني سوف أتوقف! لكن ليس الآن ربما قريبا!"

ترى هل أزعجتهُ بسيل أسئلتي للتو؟ يبدو منزعجاً بعض الشيء فنحنُ جميعا نُصر عليه
أن يتوقف عن هذا العمل ولاشك أنهُ قد سئم من سماع مواعضنا جميعاً غيرتُ الحديث قائلة بحماس:

"لا تنسى المهرجان الرياضي بعد أسبوعين! سأشاركٌ بسباق الـ 400 متر وسباق التتابع ايضا،
وأنت ستكون شريكي في سباق الآباء بما أن والدانا لا وقت لديهما لهذه الأحداث المدرسية!"

قال مغادراً:" كل شيء في وقته جميل سأبذلُ اقصى جهدي للمجيء!"

أهذا ما سيحدث لي حين أتخرج وأنهي دراستي؟ سأغدو فتاة متعبه ومرهقة طوال الوقت!

اذا كان كذلك، فأنا أدعو الله من قلبي ان يُديم أيام المدرسة لي!


في اليوم التالي...

بماذا كنتُ أفكر؟ متى تنتهي هذه اللعنة المسماة بالمدرسة؟
الى متى سيستمرُ الوضع هكذا؟
ياجيما! أين ذهب وعدكي لي؟


في الصباح، ياجيما بجدية تامة وقد رفعت اصبع السبابة أمام وجهها:

"اليوم الجُمُعة وليس لدينا حصص بعد الغداء، سيأتي شخصٌ ليأخذكِ بصفـتهِ صديقُكِ!
سيكون كُلُ شيء بخير، أنا أعدك... هو سيوصلُـكِ لبيتي فقط!"


أين الدعم؟ لما لازلتُ أهرب هُنا وهُنالك؟ متى سينتهي وقت الغداء؟

وأنا أهرب لا أدري من أين جائتنّي ياجيما وانتشلتني من المطارده وبدئتُ أهرب معها وهي تحثُني على اللحاق بها...

فتحتُ خزانة حذائي وغيرتهُ ثم أخذتُ حقيبتي من ياجيما:
"أسرعي! اسبقيني وسألحق بك"

قالت ذلك وهي جاده.

لقد تورطتُ حتى أنفي وأنا لا أعلم كيف حدث ذلك حتى!



كان الجو جميلاً لبدأ عطة نهاية أسبوع مُختلفه مع أختي، ياجيما وجوان
وربما سينضمُ أخي هيروشي الينا أيضاً! أجل هذا ما كُنتُ أفكرُ به وبجدية!



لكن..!

لكن ثمة ما يقلبُ الأمور عن سيرها دائماً...

بين عبثِ الرياحِ وتموجات شعري البُندُقي، ظهر أمامي كذكرى واتتني على حين غفلةٍ مني!

كان هُنالك بقامتهُ العاليه وجسدهُ النحيل يتكئ على سيارتهُ السوداء

وهو يُمسكُ بيده كوب قهوةٍ ويرتشفُ منها ما تسير.

تقدمتُ نحوه بهدوء وقد ابتلعتُ ريقي إزرا الموقف المُحتم،

ياجيما.. مالذي تُحاولين فعلهُ بهذا التصرف!؟

ألستِ من نهاني عن الأقتراب منه؟!


فتح باب السيارة لي بهدوء... ركبتُ لا شعورياً كما لو أن جسدي تحرك بمفرده!

هذا حقيقي أكثر منما يُصدق! جلستُ تحت انظار بعضهم،

لم أحدد من كان ينظرُ نحوي كُنتُ مشدُودة ومأسورة بالموقف بشدة...

جلوسي بجواره و هو بهذا القرب، شيء لم أتخيل حدوثه، ليحدُث بهذه السرعة؟!

نظرتُ لتلك اليد المُمتدة نحوي وهي مُعلقه في الهواء أبقيتُ النظر عليها لفتره

قبل إدراكِ لما يُريدُ مني فأخذتُ كوب القهوة الثانية من يدهُ وأنا مُحرجة جدا!

وضع الكوب الآخر في حاملة الأكواب وأدار مُحرك السيارة:

"اربطي حزام الأمان!"

قال ذلك وهو ينظرُ لطريقه، أمسكتُ الحزام وربطتهُ بهدوء!

بينما هو كان قد انطلق....




أشعرُ بنبضات قلبي الفوضية تدُقُّ بشدة، حتى أني لن أستغرب اذا كان قد سمعها!

ورُبما هذا من خيالي وحسب.


لكننّي حقاً أصبحتُ عاجز عن التفكير بطريقةٍ سليمة، وجُل ما أفكر به هو

كيف أخفي الفوضى التّي اعتلت مشاعري؟

حتّى أنني علمتُ بأني أصبحتُ مُبللّةٍ بالعرق من شدّة توتري!


لحظة! لم أنتبه لهذا.. هذه أول مرةٍ أطيلُ النظر بملامحهْ وأنا بهذا القُرب منه.

لديه تلك النظرة الحادة علّى عينيه حتّى وهو يقود، وتلك الشفاه العابسه..

كما لو أنهُ أُجبر على القدوم و... مهلاً هل هذا ندبْ على طرف حاجبهُ الأيسر،

والّذي واضحٌ من جهتي؟ ندبةٌ صغيرة عند نهاية حاجبه حتى أن الشعر لم يعُد ينمو

في موقع الندبَة، مِما يعني أنها مِن أيامِ الطفولة.

"يُمكنُكِ فتحُ النافذة اذا كُنتِ تُريدين!"


كانت جملته التّي قطعت تأملي نحوه، ذات صداً خاص على مسمعي ..

أحرجني ذلك كثيراً لم أكُن أقصدُ الإطالة، فقد فقدتُ تركيزي اكثر مِن ما توقعت!..

وأكثر ما أحرجني أنهُ كان مُنتبهٌ لي حتى أنهُ لاحظ توتُري مع أنهُ لم ينظر نحوي البتة.

أنزلتُ رأسي وأنا أنظرُ نحو الأسفل وأضعُ يداي بين قَدَمَي

هذا ما أفعلهُ دائماً حين أحرج أو أحزن أجبتهُ بكلماتٍ مُتقطعة:

"ليس... حقا!"


"لكنكِ تبدين مُتعرقة بعض الشي؟! لا داعي للحرج يمكنكِ فتح النافذة!"

قال ذلك وهو ينظرُ لي بطرف عينيه، وتلك الشفاهُ عابسه شعرتُ بأنها تقول العكس تباً!

ألا يُمكنهُ قولُ ذلك وهو يبتسم كان ذلك ليكون أريح!

انتبهتُ للنافذة وهي تُفتحُ آلياً، نظرتُ اليه فاذا به يفتحُها من جانبه،


كانت الرياح شديدةً منذ الصباح ولا تزال، ودخول الرياح جعلني أغلقُ عيناي لا إرادياً لحمايتهما!

أخفضتُ جسدي للأسفل قليلاً وأنا مُتكئة، وبعد فتره شعرتُ بالسيارة توقف،

رفعتُ جسدي وأنا أحاولُ رؤية سبب التوقُف المفاجئ هذا هزني صوتهُ:

"لا تقلقي انها الإشارة لا أكثر..* ليس كأنني أخطفـُك!"

ما هذا التعبير؟! أنا لم أفكر بهذه الطريقة أبداً! من أين جاء بهذا التفكير المُخيف؟:

"لا ليس الأمرُ كذلك... ظننتُ أننا وصلنا للبيت!"

استغرب ولا أعلم لما! فقد كان يبدو مُستغرباً وحسب،
قال لي بملامحٍ جامدة، وهو يمدُ يديه نحوي:

"بالمناسبه! أنا ناكازاكي تاكامور"

غريبٌ أمر هذا الرجُل! لقد سبق وناديتهُ باسمه سابقاً!

هل نسي ما حدث قبل فتره قصيره وبهذه السرعة؟ أم أنهُ...

"و أنا ناكاموري..." أكمل عني قائلاً

"ناتاليا!"

ماذا؟

لقد ضننتُ أنهُ لا يعرف أسمي لذا عَرَفَ عن اسمه لأعرفهُ أسمي لكنهُ يعرفُه..

تاكامورا يعرفُ أسمي وناداني به!



تزلزل تفكيري وغير الجو أصواتُ السياراتُ التي خلفنا حتّى أن أحد السائقين

بدأ يصرخُ ويُلقي شتائمَ عابثة جعلتني أغضبُ قليلاً فقلتُ بغيض:

"أين ذهبت زينة اللسان يا ناس؟"

وكنا قد تحركنا بعد أن اعتذر تاكامورا للسائق، أغضبني إعتذارهُ للسائق
مع أن السائق هو من أخطئ بشتمه لنا! قلتُ بأنزعاج بعد أن بلغتُ حدي:

"ولماذا تعتذرُ أنت؟ هو من يجبُ ان يعتذر فقد شتمك!"


نظر نحوي بعينين متوسعتين وأنا أمسكُ بفمي بكلتا يدي حين انتبهتُ

أني وجهتُ كلامي لتاكامورا! قلتُ متأسف وأنا أخفضُ رأسي وأغمضُ عيني:

" أنا آسفه لم أقصد رفع صوتي!"


" لا تعتذري! فمعكِ حق يافتاة!"

قال ذلك وهو يضعُ يدهُ اليُمنى على رأسي ويُمسكُ المقود بلأخرى وهو ينظرُ نحوي بطرف عينه، لكن..!

لكن لما هو عابس؟ ألا يجبُ أن يقول ذلك وهو يبتسم؟

تحدثهُ معي بهذا اللُطف وهو يعبس يجعلُني أشكُ بنواياه مِما يقول!

يبدو أنها عادتهُ المعتادة أراهنُ أنه إذا إبتسم فسيكون ذلك يوم عظيم!


أوصلني لمنزل ياجي كما قالت لي سابقاً، وقد كان لطيفاً معي رُغم عبوسهُ الدائم.

نزلتُ من السيارة والتقطتُ حقيبتي ثم توجهت للجانب الآخر حيثُ الممشى:

"شُكراً لأيصالي! أوه صحيح... شكراً على القهوة لقد كانت لذيذة جداً، تشرفتُ بمعرفتك سيد تاكامورا!"

"العفو، وكذلك العفو... وأنا أيضا تشرفتُ بكِ، صحيح قبل أن يغيب عن بالي...
لا تنسي أن تنتظريني لأوصلكِ للمدرسة صباح الإثنين..."

ماااااذاااااا! صباح الإثنين يوصلوني !
"حسناً... لا تقلق لن أفعل... أراك بأقرب وقت تاكامورا!"


ودعتهُ وتحرك مُغادراً الى أن أختفى عن ناظري وأنا لم أفهم نصف ما حدث!

توجهتُ نحو بيت ياجي وأنا مُنفعلة، كان جُل ما يهمُني أن أفهم كيف تورط تاكامورا؟

وفي ما ترجوه ياجيما من هذه المناورة تحديداً؟


*
*

"يتبع"







 
 توقيع : فِريـال



رد مع اقتباس