الموضوع: اللوجّرس | lugers
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-30-2020, 02:15 AM   #21
جلنار | Gulnar

محكوم علينا بالأمل


الصورة الرمزية جلنار | Gulnar
جلنار | Gulnar غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5
 تاريخ التسجيل :  Feb 2020
 العمر : 25
 المشاركات : 10,232 [ + ]
 التقييم :  69085
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره مرة واحدة في مشاركة واحدة

مشاهدة أوسمتي











"لا تسرق ..
فالحكومة تكره من ينافسها ! "

- باولو كويلو



-مساحة لذكر الله -


سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
سبحان الله الحمدلله لا إله إلا الله الله أكبر
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه آجمعين


-الفصل الرابع -

ظلامٌ حالك ، في شارعٍ بارد ! ضمت كفيها تنفخ فيهما من أنفاسها لعل البخار هذا يدفئهما
التفتت حولها بتشتت بلا أي فكرة عن المكان المجهول ! سارت حافية القدمين تتفحص نهاية الطريق
فبات لها الوضع مألوفاً ، بوابة حديدة صدئة مع حديقة بسيطة لا شجر فيها ، هناك حيث المنزل المتهالك
تمتمت بتعجب " الميتم ؟ "
كان كالرماد كما لو أن النيران ألتهمته ثم خمد بعدها ، اقتربت بخطوات مرتجفة ودفعت البوابة ببطء
ليصدر ذاك الصرير المزعج كاسراً الصمت ، لهذا لا تحب الدخول من الأبواب وتفضل التسلق بهدوء
لكن هدوء المكان هنا كان مخيفاً كفاية ليحتل دماغها


" أمنا ؟ كلوديا ؟ "
" رين ؟ أين أنتم يا أطفال ؟ "
فركت ذراعها اليسرى بتوتر وهي تبحث عنهم بعينيها ثم فتحت باب المنزل تصطنع الضحكة
كمن يجبر نفسه على الضحك " هيا كفى لعباً ، أخرجوا "
لكن لا أحد يجيب ! ظلامٌ أعمى يحتل الممر، ركضت تقتحم الغرفة فإذ بها تتعثر بشيٍْ
ما وتقع على ركبتيها ، أدارت رأسها إلى ما تعثرت به - جسدٌ صغير بارد - ثارت الفوضى في عقلها ! واهتزت مقلتيها بصدمة

" لمن هذا الجسد ؟! "
" من الملقى هنا ولا يتحرك ؟ "
تسأل نفسها فحسب فلا أحد يسمعها ! وحدها هنا ، مررت أناملها تتحسس وجه الشخص الميت
لعل تفحصها كالعمياء يساعدها على المعرفة ، الأمر كأنك تمشي مغمضاً عينيك ، أمسكت برأسها بخوف
ثم صاحت بصوت مرتجف " فليشعل أحدكم نوراً !! "
صدح صوتٌ ذكوري كالصدى من كل مكان يصرع دماغها مردداً بتحذير " فلترمي الساعة بعيداً "

شهقت تستعيد أنفاسها ، ورمشت كثيراً تُثبت وعيها ، فالنور في عينيها ينطفئ تارةً ويشتعل تارةً أخرى خلال ثواني
جالت بحدقتيها سريعاً أمامها ، المكتبة !إنها ما زالت في مكانها جالسةً على ركبتيها والكتاب في يدها

ثم بقية الكتب مبعثرة حولها الرفوف فارغة ، كما لو أن الوقت توقف ، بدأت تسترجع ما حدث !
لقد اندثرت الكتب جميعها أرضاً فجأةً من تلقاء نفسها دون أن يمسهم أحد

وما إن باشرت مع لوديان بترتيب الكتب ، ولامست أول كتاب حتى تغير كل شيء معها
وانتقل وعيها إلى حيث لا تدري ثم عاد مجدداً
لوديان ؟ تذكرت بأنها لا تسمع صوته أو حركته ، فالتفتت سريعاً لتجده ثابتاً ، بحركة مجمدة

يحمل عدة كتب في يده ومثبت حتى عن الرمش، لوحت أمام وجهه بأمل أن يتحرك
حزمت شعرها تبعده عن وجهها بضياع تلعن تحت أنفاسها " مالذي يجري بحـ .. "
لم تكمل جملتها لأن عينها قد حلقت نحو ساعة الجدار التراثية ، حيث عقاربها واقفة تماماً بلا أي حركة

هنا قد أدركت الأمر جيداً لقد توقف الوقت ! لكن كيف ؟ هذا ما سيقودها للجنون ، لحظات قليلة
ثم شعرت بالبرد يختفي والأجواء بدت تصبح أكثر دفئاً يليه عودة كل شي للحياة من حولها

كانت قد علقت بالزمن لفترة ، سمعت صوت احتكاك الكتب بالخشب فعلمت أن لوديان يرص

الكتب على الرف قرب بعضهم ، التفتت تتأكد فلم تعد تثق بما تراه حولها

لكن أنفاسها هدأت عندما رأت أن تفسيرها صحيحاً
" هيا تحركِ وآتيني بتلك الكتب على يساركِ "
" ألم تشعر بشيءٍ غريب ؟ "
" مثل ماذا ؟ "
" كما لو أنك .."
صمتت تحاول البحث عن تفسير ، التفت بنظره إليها ويلاحظ كيف تفرك يديها ببعضهما بارتباك ، أكملت جملتها
كما لو أنها تخشى نطقها كونها غير منطقية " علقت للحظات في الزمن ، خرجت عن الحاضر "
تنهد يجيبها بيأس دون فهم أي شي يدور حوله " كل ما يحدث الليلة هو غريب "
أشار لها بأن تنقل المزيد من الكتب إليه بينما هي كانت تخشى لمس الكتب مجدداً

حتى لا يحدث معها كما حصل سابقاً ، ترددت تفكر في سرها - لا علاقة للكتب بهذا -

لمعت فكرة برأسها ، لما لا يكون سقوط الكتب فخاً ! وقد وقعت به فعلاً ثم خرجت بطريقةٍ ما
" فلترمي الساعة بعيداً " - أجل ! ذلك الصوت كان من ينتشلني من مكانٍ لآخر - الساعة ؟
حدثت نفسها في سرها وهي بكامل الريبة ثم أخرجت الساعة من جيبها حيث لا تفارقها أبداً منذ أن سرقتها

تتساءل عن كمية الكوارث والأشياء العجيبة التي حدثت من أن التقطتها ، شعورها بمن يراقبها !
دخولها بوهم أقل ما يقال عنه وحشي ! تحرك الكتب من مكانهم وسقوطهم أرضاً ! توقف الزمن ..
كل تلك الأفكار جعلتها تائهة بين الحقيقة والخيال ، والتفكير بالأمر محاولةً البحث عن تفسيرها سيودي بها للجنون

صاحت بغيظ و أنكست رأسها لينسدل شعرها أمامها مما يزيد الخناق عليها ، بعثرته بضجر مما جعل لوديان يتدخل
" مالذي يحصل معكِ ؟ مجنونة .. "
تمتم بنهاية جملته وتخطاها غير مهتم بها ، يلملم دفعة أخرى من الكتب وسط أنظار نتاليا الحارقة والتي تخترقه
كسهام ثاقبة " يالك من عجوز لا مبالي "

تنهدت حيث رأت بأنه لم يتأثر بكلامها وأكمل عمله فقررت أن لا تبالي هي الأخرى وباشرت بالعمل حتى تنتهي
ويسعها النوم فلم يتبقى سوى بضع ساعات على طلوع النهار وعليهم الحصول على قسط كافي من النوم
لهذا أسرعا بحركتهم ، لعنت نتاليا حظها بأنها لا تنام جيداً لا في الميتم ولا في المكتبة ، عليها دائماً أن تركض سريعاً
ليلاً لإنهاء إما الأشغال ، أو كوارثها ..

ألقت جسدها أرضاً بتهالك ما إن أنهت ترتيب كل الكتب مع لوديان ، أغمضت عيناها بتعب
فلا ترى إلا الظلام ، احتلت القشعريرة جسدها لتنتفض فور تذكرها للرؤية ، بؤرة الجحيم المظلمة وأطفال الميتم
" أنا لم أرى أحداً منهم، لما أشعر بهذا الثقل ! "

حدثت نفسها بينما ترتب على قلبها لعله يهدئ حتى يسعها التفكير جيداً ، رمقها لوديان
بنظرة غامضة ثم تحرك ذاهباً لمضجعه ، يتحمل أكثر من طاقته ، عجائز هذا الزمن لا يمتلكون الصبر
دخلت قبو المكتبة حيث تنام فيه دائماَ عندما تبيت خارج الميتم ، رمت ساعتها بعيداً بنفور

لتصطدم بالزاوية " أهلاً بكِ وسط كنزي "

لم يكن ترحيبها خافتاً هكذا مع باقي المسروقات ، فما حدث يجعلها مشتتة ! ضمت جسدها

مستلقية تحت اللوحة المسروقة ، على جانبها الأيمن تقنع نفسها

" نامي نتاليا ، اجمعي بعض الطاقة للغد لتتمكني من السفر إلى جويوك والاطمئنان "
" أتمني أن يكون كل شيء بخير "

غفت بهدوء عكس ضجيج النهار ، هدوء لا يشببها أبداً ، وبقيت الساعة تومض بخفوت
مثل أنفاسها بين حينٍ وآخر حتى طلع الصباح حاملاً معه أموراً لم تكن في الحسبان
تمددت نتاليا بنشاط ، تفرد ذراعاها كالآلي وترفع جذعها العلوي ثم تعاود الهبوط به
لا تدري هل هي تمارين رياضية أو محاولتها للنهوض بفشل !
" واحد ,, اثنان ,, ثلاثة ,, هوبا "
قفزت تنتقل لحركة أخرى ، ثبتت قدميها وذراعيها على وسطها تلتفت يمين ثم يسار!

" ثلاثة ,, اثنان ,, واحد ,, هوبا "
دلكت ذراعيها بفخر بينما تقول " هه ! حقاً من يمكنه مجاراتي في الرياضة ، المدربة الأفضل "
صاحت بصوت عالي تعبر عن نشاطها " نعم! نتاليا الأفضل "

كأنها تنبه جميع سكان المدينة بأن الكارثة قد استيقظت لتحل عليهم لعنتها ، سحبت الساعة من الزاوية
حيث كانت مرمية منذ ساعات ، قبلتها ثم قالت بتأنيب ضمير
" سأحاول أن أحبكِ انتِ أيضاً ، لكن يبقى حبي الأكبر للوحتي الرائعة "
بذكر اللوحة نقلت عيناها إليها بلمعان فورما اختفى ! صرخت بهلع متراجعة للخلف
دماء تسيل على زجاج اللوحة، تجسد حروفاً عشوائية لتكون جملة واحدة

" أعيدي مسروقاتك ، فتاةٌ سيئة "

" يا له من خط سيء ، أي مجنون يفسد لوحتي بخطٍ كهذا !
حقاً ! لنرى ماذا ستفعل هذه الفتاة السيئة بوجهك "

تأوهت تنتبه لشيء ما ! تفسد وجه من ؟ هناك شخصٌ ما قد افتعل هذا ، شخص واحد
يعلم بأنها لصة ، ويعلم بمكان مقرها ، مراده الوحيد أن تتخلص من كل شيء
" أرمي الساعة بعيداً ثم هنا أعيدي المسروقات مع إساءة شخصية "
من غيره ! الشخص الأقرب للمنطق والمتواجد معها ، الشخص الذي يرغب بكل يأس إصلاحها
عقدت حاجبيها بضيق حقيقي ، خرجت من القبو تاركةً الباب مفتوح على مصراعيه فشاء القدر
أن يجمعهما سريعاً حيث قابلت لوديان في الممر وعلى ما يبدو كان متوجهاً إليها ليستفسر عن ضجتها الصباحية

" لقاء في المنتصف ها ! "
" صباح الخير لكِ أيضاً "

صمتٌ دام ثوانٍ ; قطعه حركة القطعة المعدنية في يدها وهي تتقلب بين أصابعها حتى فُتح الغطاء
وخرج اللهيب منيراً يسيطر على نظر لوديان ، الخطوة التي كانت من المستحيل فعلها
أن تواجه معلمها بما تعلمته منه كان آخر احتمالات الكون ، نظره الخامد قد تعلق بالنور
لتسأله " مالذي تخطط له ؟ "
" الزواج ربما، هل تظنين بأن هذا سيُفلح معي ؟ "
" طبعاً الزواج لن يُفلح ، من ستقبل بك ! "
" حمقاء ، قصدت ما تفعلينه "
نقلت نظرها بينه وبين شعلتها ، إنه غير مستجيب وطاقته قوية ، حركت قداحتها وأطفأتها بسخط مكتفةً ذراعيها

" ظننتك توقفت عن ممارسة التنويم المغناطيسي "
" علي أن احتاط دائماً "
" كان علي فعل المثل لكن لم أكن أتوقع أن تعبث بعقلي يوماً "
" يزداد جنونكِ هذه الأيام ! "
" أنت من تفعل بي ذلك ، أمس تقوم بتنويمي لتوهمني بسخافة كل ما حولي ثم تكمل عبثك في إفساد اللوحة بلعنة غبية "
عقد حاجبيه بعدم فهم ثم نقل نظره الضعيف إلى إشراق الذهب على معصمها ، حيث الساعة المريبة

أدرك بشك بأن زيادة اختلال عقل هذه الفتاة سببه تلك الساعة ، أردف بغير ارتياح

" إنها تسيطر عليكِ مثل خاتم سورون "
قلبت عيناها بملل من تفكيره " إنها ساعة وليست خاتم "
" ذهب ونقوش عبرية "
" ومن تكون أنت غاندالف ؟ ستجذب عقلي الآن لرواية خيالية عن الأرض الوسطى "
" أنصحكِ بالتخلص من كل شيء "
" لقد قرأت هذا منذ قليل ، سأنظر في الأمر "
غادرت المكان بعد أن رمت كامل اتهامها على لوديان بغباء عظيم ، لا يمكن تفسير أي شيء تمر به
لم تتعرض للتنويم المغناطيسي يوماً رغم انها كانت تطبقه على الكثيرين ، لكنها مؤخراً قد رأت الوهم بعينه
فأخذت التفسير الأقرب لها ، فبنظرها لا يمكن لساعة فعل كل هذا ، إنها مجرد جماد !
ألقت نظرة على المكان المرتفع عند السلالم حيث سقطت أمس ولم تصبها رضوض ولا أي خدش

ذاك الوميض الأزرق الذي تتذكره تماماً عند موقع سقوطها ، تمتمت بحيرة
" ما تفسير هذا إذاً ! هل للساعة علاقة أيضاً ؟ "
زفرت بسخط وعادت بنظرها شاردة تتذكر ما حدث معها في هذا المكان بالضبط ، ولإيقاف التفكير المجنون

عليها ردعه بالجنون وهذا ما تفعله ! فقد تراجعت خطوات للوراء على أهبة الاستعداد
ثم ركضت ترمي نفسها من فوق سياج السلالم ، تصنم الناس بمكانهم وهم يراقبون هبوط نتاليا
التي كانت تضع إيمانها بأن دليل قد تحصل عليه ، ومجدداً لمعت الساعة في يدها مصدرةً شرارة زرقاء
امتدت إلى حيث الأرض لتفرش بها بساطاً من وميض فتطفو عليه ، ثم يختفي بلمح البصر كما لو أنه لم يكن موجوداً منذ ثواني !
بقيت واقفة مكانها دون أن ترمش ، نظرها عالق في الفراغ تحاول استيعاب ما حصل ، وما لبثت إلا أَن صاحت بذهول

" هذا رائع ! إنها سحرية ! لـ.. لـقد قامت بحمايتي للمرة الثانية ، لما قد تكون ملعونة ؟"

لم تلقي بالاً للناس اللذين بدأوا بأخذ حذرهم منها في الاختباء والهرولة بعيداً ظناً أَنها مختلة عقلياً
وقد أثبتت لهم ذلك عندما عادت أدراجها راكضة على السلالم حيث القمة وتقفز مجدداً بكل سعادة تعيد التجربة
لكن لا يبتسم لها الحظ دائماً فهذه المرة لم تضيء الساعة ولم يخرج أي وميض وكان سقوطها سريعاً وأليماً
" إنها ساعة مزاجية غبية "
تأوهت وهي تلعنها تحت أنفاسها تحاول النهوض باستماتة وقد تضرر جسدها بلا أي تحذيرات سابقة
استندت على ركبتيها بألم ليصلها صوت لوديان من الأعلى
" إن أردتِ الانتحار فاذهبي إلى قمة الجبل ولا تورطيني بجثتكِ "
" شكراً على قلقك "
صاحت بجملتها حتى يسمعها ، وقد سمعها سكان الشارع بأكمله ولن يطيلوا التفكير في أمر طردها قريباً !

عرجت في مشيها مسافات مشتتة حتى طفح بها الكيل وجلست على أحد مقاعد انتظار الحافلات
لحسن حظها لم يكن موقف الحافلات مزدحماً ، فقط قليل من المارين
لحظة تشتت ، صوت خطوات اقدامهم ، أحاديثهم الجانبية بضجة غير مفهومة ثم مر أحدهم من أمامها ببطء يلفظ
" ركبتاكِ تنزف ، اذهبي للمعالجة "
رفعت رأسها بسرعة إن كان أحدٌ ما يكلمها ، لكنها لم تجده ولم تستطع حفظ ملامحه عند مروره

جميعهم حولها غرباء الملامح ، انحنت بحذر ترفع أطراف البنطال تكشف عن ساقيها المدماة
لم تستطع إكمال رفعهم لأن القماش ملتصق بالجرح مما آلمها بشدة و جعلها تنسحب من فكرة الاستطلاع
" يتضح بأني تعجلت بإتهام لوديان ، سيركلني خارجاً إن عدت له الآن "
أخرجت جيوبها الفارغة تتفقد إن كان هناك أي شيء تستطيع تقديمه مقابل العلاج ، لكنها خاوية الوفاض !

رفعت كتفيها بقلة حيلة وعرجت تسحب نفسها ناحية المستشفى

" فكرة واحدة برأسي ، سأضع الساعة في حوزتهم رهان بينما أعود بآجرة المعالجة ، وأنا في الحقيقة لن أعود ! "
اكملت جملتها تنظر للساعة على معصمها بحقد " انتِ السبب بكل هذا ! "

لو كانت الساعة تنطق لردت عليها - لم أجبركِ بالقفز مرتين كالمجنونة ، الأولى كانت إنقاذ والثانية كانت باختيارك -
ولأن الجماد لا ينطق ، تتمكن نتاليا من أخذ كامل مجدها في التنمر ، هذه هي حدودها!
تنهدت وجلست على فراش الفحص وطلب منها الطبيب أن تمدد جسدها مستلقية ليستطلع عن مقدار السوء
قال الطبيب وهو يتفحص ثيابها الرثة الفوضوية من خلف نظاراته الطبية

" قبل أن ابدأ بالعمل ، هل تملكين ثمن المعالجة ؟ فأنا لا أسجل الديون ولا أعمل بالمجان "
أغمضت عينيها بسأم تحاول القيام بما كانت تخطط له ، توريطهم بالساعة ، لكنها لم تفهم بعد !

ما قصتها وهل من الصواب تركها في حوزة الآخرين ؟ فلو كانت مثل خاتم سورون كما يظن لوديان فستحل كوارث ...
" أرى بأنكِ لا ترغبين بـ.."
قاطعت الطبيب قائلة " لحظة ! "
عدلت جلستها بإنزعاج لما ستقوله بغير اقتناع فلا أمل من اقتناعه هو ، تكلمت تحاول التفاوض معه

" أستطيع العمل لديك للمدة التي تختارها ، لن أطلب آجراً فالثمن هو معالجتي ، تعلم تبادل المنافع أو أياً كان ما تسمونه "
دام صمتٌ طويل لم يجبها ! فقط يحدق بها مما جعلها تظن بأنه سيرميها خارج المستشفى ، لكن وبشكل مفاجئ

قد ابتسم بإتساع قائلاً " اتفقنا "

للوهلة الأولى قد راودها الشك ، أما فيما بعد فقد زادت الريبة والتعجب ! قام الطبيب مبدئياً بالتخدير حتى لا تشعر بالألم
على الرغم من أن لا حاجة له وكثير من الحالات الأسوأ من ذلك يكتفون بالتخدير الموضعي لا الكلي !

وقبل أن تستطيع الاستفسار ، بدأت الرؤية لديها تُظلم حتى أغمضت عينيها بغفوة ولم تعد تشعر بما حولها

فقط أصوات ممرضين وممرضات بشكل غير مفهوم ، حركة الفراش وتنقله من مكانه ثم مضى كل شيء بعجلة
عاد الشعور لها والشمس تحتل وجهها ، فرقت جفنيها بانزعاج ليخترق النور بصرها مما جعلها تعاود إغلاقهم سريعاً

تنهدت إثر الصداع الذي يداهم رأسها ثم نظرت حولها ؛ غرفة خاصة نظيفة ذو نافذة واسعة بستائر بيضاء
وسرير مريح بأغطية بيضاء أيضاً وأرائك موزعة في الغرفة للزوار ، وكأن هناك من سيزورها !
" ما ضرورة كل هذا ! " تساءلت بتعجب فـ غرفٍ كهذه والعناية الفائقة لا تناسب فتاة مثلها ولا حتى مستوى دخلها !

فورما خطر على ذهنها - المقابل لكل هذا - قامت بتفقد جسدها إن كان هناك علامة على خياطة جرحٍ ما
وعندما لم تجز تنهدت بارتياح " ظننتهم أخذوا أحد أعضائي "
تفقدت ركبتيها المضمدتان وحاولت تحريكهما رغم أن الخمول ما زال في جسدها والصداع لم يفارقها

أطلت على معصمها حيث الساعة تتطلع على الوقت " لقد مضى كل شيء بنصف ساعة فقط ! يا للعجب "
سمعت صوت الباب يُفتح فأدارت بصرها فورياً للدخيل إذ كانت ممرضة قصيرة القامة تلف شعرها بشكل كعكة

وتنورة قصيرة تكشف عن بشرتها البرونزية ، أزاحت نتاليا نظرها عن تفحص المرآة وانشغلت باكتشاف ما أحضرته
بتلك العربة التي جرتها ناحيتها ، ثم تكلمت بلطف " حان وقت الفطور "
" أوه طعام المستشفيات ، عفواً ! لمن هذا الفطور ؟ "
" لكِ آنستي "
" لي أنا ؟ "
بلعت نتاليا بتوتر فيبدو ان الثمن باهظ وستعمل طيلة حياتها لتسديد آجر رعاية راقية كهذه

راقبت الممرضة وهي تضع صينية في حجر نتاليا تحوي طبق شطائر خفيف مع كوب من الحليب
" عندما تنتهي من فطوركِ اضغطي الجرس الموجود على الطاولة قربكِ وسآتي فوراً "
أومأت نتاليا بانذهال لتخرج تلك الممرضة وتغلق الباب خلفها ، وبما أن الفطور وصل إلى حضن نتاليا
فهي لن تمانع التهامه ، كان أحد أحلامها أن يحضر أحدهم الطعام إليها وهي في سريرها

وها هو قد تحقق بطريقة غريبة تخشى دفع ثمنها " تراودني فكرة الهروب قفزاً من النافذة "
نهضت ببطء من مكانها حتى وصلت إلى النافذة التي تكشف عن موقعها على ارتفاع عالي

جعلها تعيد التفكير بالأمر " القفز من هنا سيودي بي إلى علة مستديمة ، فلا أمل بالساعة لإنقاذي "
عادت إلى فراشها باستسلام وتلحفت بالغطاء بملل ، دحرجت عينيها إلى حيث الطبق والكوب الفارغ
" هل أكسرهم ؟ لا أحظى بلحظةٍ كهذه كل يوم "


قررت الترفيه عن نفسها بشيء آخر حيث بدأت تضغط على الجرس باستمرار وجعله لعبتها المسلية

بتحويله إلى آلة عزف وتشكيل سيمفونية بيتهوفن برناتها المختلة ، هرولت الممرضة إلى غرفتها خوفاً

من تسبب الإزعاج للبقية واحتراق الجرس من ضغط الاستعمال المستمر ، ابتسمت نتاليا ببراءة فور دخول الممرضة

وأخذها للصينية وهي ترمقها بغيظ ، تلاها بعد ذلك دخول الطبيب الذي أشرف على العلاج
ولا يستحق الأمر أبداً كل هذه العناية والاهتمام
" كيف تشعرين ؟ "
" بأحسن حال "
ابتسم برضى ثم اقترب يتفحص الضماد وإن كانت تسبب لها الألم أم لا

ثم أعطاها بعض الأدوية للحفاظ على صحتها " المعذرة "
استأذنت الحديث بتردد وأدب ليس من عادتها فـ همهم منتظراً منها طرح سؤالها
" أليس هذا مبالغ به ؟ كيف يمكنني تقديم المقابل لكل هذا ! "
ضحك الطبيب مربتاً على كتفها يطمئنها
" لا عليكِ عملكِ سيكون بسيط جداً يستغرق بضع ساعات فقط وينتهي كل شيء "
" هل أنت جاد ؟ "
" بكل تأكيد ، السؤال هنا، هل أنتِ جاهزة ؟ "
أومأت له بحذر وفضول حول نوع هذا العمل ، وقد لحقت به بعد أن تحرك أمراً إياها بالمجيء معه
إلى منطقة العمل ، استقلا المصعد الخاص بالمستشفى حيث كان واسعاً جداً ! مختلفاً عن الحجم الطبيعي

يكفي لنقل مريض مع سريره المتحرك ، توقف المصعد عند الرقم الأحمر " 45 " - أقصى طوابق هذا المبنى

ماذا يخبئون به يا ترى ؟ - حدثت نفسها بحيرة وهي تراقب كادر طبي كامل مجتمع بأكثر من مكان

إذ توضح بأن المكان مليء بالممرضين بمختلف الاختصاصات ، والعجيب بأن عيونهم قد تعلقت عليها

فسارعت بترتيب شعرها الفوضوي بظنها أن لونه هو ما لفت انتباههم ، قادها الطبيب ناحية أحد الغرف

والتي كانت واسعة أيضاً بشكل مبالغ فيه، تحتوي على ثلاث مقاعد فقط ، طلب الطبيب منها الجلوس

على المقعد وانتظاره بينما يعود ، راقبته وهو يخرج ثم التفتت بشقاوة تلعب العد الرقمي

فالمقعد الذي سيقع عليه الرقم عشرة ستختاره للجلوس عليه
" ها أنا محتار ولا أعلم أي خيارٍ أختار واحد اثنان ثلاثة أربعة خمسة ستة سبعة ثمانية تسعة عشرة "
تنقلت بين المقاعد عند كل كلمة حتى انتهى الاختيار على المقعد الأيمن فجلست عليه فورياً
تتفقد إن كان مريحاً أم لا ، في الثانية الأولى نعم كان مريحاً ولكن في الثانية التالية كان الكرسي قد ثبتها
بتلك الإيطارات الحديدة التي التفت حول يديها ووسطها تمنعها من النهوض
" واو "
الأمر اذهلها أكثر من كونه صدمها او ارعبها " ياله من صنع عجيب ، كيف خرجوا فجأةً ؟ "
اقتربت بنظرها تتفحصهم بإعجاب وأعين تلمع ثم حاولت سحب يدها من القيد الملتف عليها فلم تستطع !
حاولت رفع جسده فعجزت إذ أن الإيطار المتعلق بالكرسي يحيط جسدها ويجعلها عالقةً به

" يا للورطة ، يبدو أني جلست على كرسي خاطئ "
أخذت نفساً عميقاً تُهدئ نفسها قبل أن تصيح بصوت مرتفع
" أيها الطبيب ! بعض المساعدة هنا رجاءً "
لم يجبها أحد لتعاود النداء بإلحاح " مرحباً ! أحدهم عالق هنا "
فُتح الباب ليدلف الطبيب أخيراً وخلفه عدد من الممرضين رجالاً ونساءً صغار السن

يبدو أنهم حديثي التخرج من الجامعة ، سأل الطبيب عن أمر ندائها " ما الأمر يا آنسة "
" أيها الطبيب لقد جلستُ على المقعد الخاطئ فعلقت كما ترى "
" إنه مناسب ، لا يوجد لدينا مقعد صحيح وآخر خاطئ فجميعهم متماثلون "
" لم أفهم ! "
" دوركِ هنا هو الثبات والمشاهدة فقط "
" ماذا ؟ هل ستعرضون فلماً ما فأنا لا أرى أي شاشة بالجوار! "
ضحك مجدداً على حسها الفكاهي وأشار إلى أحد الممرضين بإغلاق الباب ، فنفذ ذلك فورياً

واصطفوا جميعهم دورياً خلف بعضهم أمام نتاليا المتعجبة من كل ما يحدث حولها

وقف الطبيب خلفها ويديه على كتفيها مشجعاً " نعرض فلماً حقيقياً وأنتِ المشاهد الوحيد "
" حسناً ، هل سترقصون أمامي الآن ؟ تحدث عن الأمر بإختصار ي رجل "
" اعذريني على اللف والدوران حول الموضوع ، فهذا لتخفيف الصدمة لا أكثر "
دحرجت عينيها بسخرية " يا للمراعاة ! حسناً ، أدلي بدلوك أنا هنا أسمع ليس وكأني سأخرج تواً متجاهلةً إياك"
أنهت جملتها وهي تحاول الإفلات من الكرسي بلا أي فائدة فزفرت بسخط والدعاء بإلهامها الصبر على البشرية
" هؤلاء الممرضين حديثي التسجيل لدينا ولا يملكون أي خبرات حقيقية

فأنا هنا أعمل على تدريبهم حتى يتم توزيعهم على الأقسام بشكلٍ رسمي "


" دربهم إذاً ، جلبتني لأشجعك؟ "


" أنتِ أداة التدريب "
صمت الجميع فجأة يترقبون ردة فعلها وقد أرعبتهم حينما انفجرت ضحكاً بصخب وعجزت عن إيقاف ضحكتها
" يا إلهي، انظر إلى وجهك ، طوال حياتي كنت أعتقد أن الأطباء لا يملكون حساً فكاهياً ، لا بأس بك ، سأمنحك بعض النقاط "


هدأت ضحكتها وما زالت الابتسامة على شفتيها وما زال الطبيب بوجهه الجامد الذي لا يتغير حتى حينما يضحك

كأن عضلات وجهه مصابة بالشلل ، مسح الطبيب على وجهه بنفاذ وقال للممرضة التي تقف في مقدمة الصف

" حضري الإبر ، تدريبنا لهذا اليوم هو عن كيفية سحب الدم من المريض وتقديمه للتحليل "


عقدت نتاليا حاجبيها لما تسمع وعلقت عينيها على الممرضة التي أخرجت الإبرة تتأكد من نظافتها
ومن وجود المعقم وبعض القطن

" أخرجوا الكاميرات الخفية قبل أن ابدأ باللعن والشتم بجميع لغات العالم! لا يناسبني خوض المقالب "

حذرتهم وهي تلتفت حولها تبحث عن أي آثر لكاميرات التصوير الخاصة بهذا المقلب السخيف
ثبت الطبيب ساعدها الأيمن قائلاً

" لا أنصحكِ بتحريك يدكِ فقد تنكسر الإبرة وتبقى عالقة في مجرى دمك ، لذا قومي بإرخائها "
" لا أريد دعوني اذهب "
" نحن لا نرغمكِ على شي ، أنتِ وافقتي على دفع الدين بالعمل بمحض إرادتكِ"
" لم تخبرني بأن هذا هو العمل "
" حقاً ! أنتِ لم تسألي "
" حسناً لقد غيرت رأيي ، أترى هذه الساعة على معصمي ؟ خذها إنها لك ! لا أحتاجها "
ألقى نظرة غير مبالية على الساعة ثم تجاهلها ببرود محدثاً الممرضة " هل وجدتِ الوريد؟ "
أجابت بهدوء " لا " لتسخر نتاليا قائلة
" أنا نموذج تدريبي فاشل لا أملك دماً ، ألن تغير رأيك ؟"
" بل إنك النموذج الأفضل، شكلي قبضة بيدكِ "
قلبت عينيها بسخط وعاندت في البداية وتلك الممرضة ترمقها بسخرية توحي بسؤال -متى ستنتهي تصرفاتها-
في نهاية الأمر قررت نتاليا تنفيذ ما يطلبه منها ليبدأ بروز الأوردة في ذراعها تتضح

فأكمل الطبيب شرحه للممرضة " والآن ادخلي الإبرة بالوريد بزاوية ثلاثون درجة "
اتسعت عين نتاليا بصدمة وهي ترى الإبرة تخترق جلدها ، ومن غباء الممرضة قد أخطأت الوريد
ولم تدخل الإبرة بمكانها الصحيح فصاحت نتاليا بها بغضب " الوريد بحجم رأسك ! ألم تريه ؟"
كادت الممرضة أن ترد عليها بشجار إلا ان الطبيب قد تدخل آمراً بحزم " تجاهليها وحاولي مجدداً "
" ماذا لو ثقبت الوريد ونزف ؟ "
" أنا هنا للمعالجة "
" اللعنة عليكم "
وكأنها كانت تتقصد إضاعة الوريد لتعذيب نتاليا لا أكثر حتى انتهى دورها ثم جاء دور الذي بعدها

واحداً تلو الآخر حتى انتهى الصف بأكمله وقد استغرق ذلك ما يقارب الساعتين ، أزيلت القيود تلقائياً عن المقعد

وعادت إلى الفتحات التي خرجت منها سابقاً ، ثم غادر فريق التدريب ولم يبقى سوى الطبيب ونتاليا

التي بقيت ساكنة في مكانها بلا أي حركة ونظرها للأسفل
نبهها الطبيب قائلاً " لقد انتهينا ، تستطيعين الذهاب"
أعطته نظرة حادة بطرف عينها ثم صرفت النظر عنه بإنشغالها في الألم الذي اكتسى ذراعها

وقد بدأت التصبغات الحمراء في الظهور بأماكن شتى مجسدة تشوهاً مؤقتاً في الجلد

جذب سمعها صوت دخيل لرجل طاعن في السن كانت قد ظنته لوديان فالتفتت سريعاً لتجده شخصاً آخر
كان جلده يحوي بعض الندوب الواضحة و ملتصقاً بعظمه من شدة ضعفه يحدث الطبيب

" لقد جئت كما اتفقنا "
" حسناً ، ادخل واجلس بينما أجلب الفريق "
غادر الطبيب سريعاً وما إن تحرك ذاك الرجل حتى نبهته نتاليا سريعاً

" لا تجلس ! إنه فخ "
أومأت برأسه عالماً بكل شيء ثم جلس مستعداً لتلك القيود التي ثبتته مكانه

بكل استسلام وأعين خامدة ينتظر الفريق ليتدربون به ، احتارت نتاليا بأمره فسألته
" مالذي دفعك إلى المجيء إليهم ؟ "
" ابنتي تحتاج لغسيل كلية ، والحال كما ترين .."
رفع كتفيه وأسند رأسه للخلف مكملاً حديثه

" على الأقل إنهم يستقبلوننا في مستشفياتهم "
قبضت يدها بأسى مما جعل الألم يزداد في ذراعها ، نهضت وهي تشعر بالاختناق

تحركت خارجة من الغرفة تاركةً ذاك الأب المسكين ، سمعت الطبيب يبشر فريق
" سيكون تدريبكم اليوم على خياطة الجروح"
ابتهجت وجوههم بحماس وأسرعوا متدافعين ناحية الغرفة التي خرجت منها وما زالت تقف على بابها

تتخيل كيف سيفتحون جلده ثم يمررون الخيط كمن يخيط قطعة قماش !

زفرت بضيق ثم اعترضت طريق الطبيب حينما كان مستعداً للحاق بالفريق الذي سبقه
" ما الأمر ؟ هل تشعرين بشيء ؟ "
أجابته بهدوء " أود منك النظر إلى يدي "
حول نظره إلى يدها لينجذب نحو شعلة القداحة التي احتلت عينيه ، ركزت نتاليا النظر بعينيه وسألته
" تخيل ، ماذا كان ليحصل لو أن ابنك من كان في الداخل؟ "
اتسعت عينيه على أوسعهما بفزع ثم هرول للغرفة يفتح الباب على مصراعيه
مما أرعبهم وقد صاح بهم أن يبتعدوا عن الرجل - أداة التدريب - ، صياحاً هستري مجنون !
حركت رأسها بأسى ثم خرجت من المستشفى ثم من المنطقة بأكملها مستقلة القطار
الذي سيوصلها إلى جويوك لتطمئن على حالهم ، هذه المرة ستزورهم بلا أي أغراض

همها الوحيد إزاحة هذا الثقل عن قلبها ، سرقت تذكرة أحد الركاب خلسةً دون أن ينتبه
فقد كان يحمل الكثير من الأغراض لزوجته التي ترفع أنفها بتكبر وتسبقه بعدة خطوات وهو المزدحم بنفسه ويتعثر بظله
دفعت بكل أريحية وجلست قرب النافذة تسند رأسها بدوار ، والألم في ذراعها لا يهدأ

فاضطرت لإخفاء تلك الآثار تحت كم قميصها
توقف القطار في المحطة حيث بدأت الشمس بالغروب فانتفض قلبها لتسرع بخطواتها ناحية الميتم
قبل أن يحل الظلام فلا تريد تذكر تلك الرؤية المزعجة ، كان الطويل كما لو أنه لن ينتهي

أو أن قدميها متعبتان إثر سقوط اليوم والضماد
" نتالي ! "
أحدهم قد لمح قدومها وهو يصيح من بعيد ، ما إن وصلت إليه حتى

وجدت طفل الميتم يركض ناحيتها ويحتضن جسدها باكياً
" أنا هنا ، فقط أخبرني مالذي يبكيك ؟ "
" رين .. إن رين ضعيف ولا يستطيع النهوض للعب معي"
رين ؟ حركت حدقتيها بتشوش وقلبها يخفق بشك

دفعت بوابة الميتم واقتحمت المنزل تصيح بإسمه ، استقبلتها كلوديا بالدموع وقد كانت تقف عند باب الغرفة
" ما الأمر ؟ "
هربت كلوديا من السؤال فلا طاقة لديها للإجابة عليه ، مما جعل نتاليا تخرج عن عقلها ومن مرحلة الاستيعاب !
وبتردد دخلت الغرفة لتجد رين طريح الفراش ومسؤولة الميتم تقوم بتغيير الكمادات عن جبينه المتعرق

تساءلت كيف لوجهه أن يبدو متعباً وشاحباً هكذا خلال فراقها القصير ؟
" كيف جئتِ ؟ "
" شعرت بأني بحاجة لرؤيتكم ، ماذا حدث ؟ "
" سقط أرضاً فجأة ، يتلو ألماً بين غفوته وصحوته "
" ألم تحضروا الطبيب ؟ "
" قال بأنه ليس بوسعه فعل شيء ، فقد ضعف قلب أخيكِ"
هوت على ركبتيها بلا أي إحساس ، هوت قرب رين تحدق به بكل صدمة متأكدة بأنها تركته بخير

حركت رأسها سريعاً تريد إيجاد حلاً ينقذه" لنأخذه إلى المشفى ! "
" نحن لسنا في المدينة "
أنهت جملتها بحزن ثم لملمت الوعاء وقطعة القماش وخرجت تاركةً نتاليا وحدها

التي ما زالت تظن بأنها في إحدى الكوابيس حتماً ! أسندت جبينها على الأرض تطوي نفسها
وهي تمنع صيحة كبرى محتجزة في حنجرتها
" يا إلهي ماذا أفعل! "
شعرت بيد فتاها الصغير يبعثر شعرها الأصهب وهو يهمس بضعف
" نتالي، جئتِ باكراً ! "
رفعت رأسها سريعاً تمسك بكفه بكلتا يديها ، تتفحص عينيه والتي يجاهد لفتحها

قبضته الأخرى قد اعتصرت ثيابه عند صدره حيث الألم ، هطلت الدموع من عيني نتاليا بحرقة على حاله
" إياك أن تمت ! سأنقذك وستعيش معنا رغماً عن أنفك "
ابتسم بشقاوة وسط ألمه ليهمس لها بصعوبة
" خذيني إلى أرض الحرية، أريدها أن تكون آخر ما أراه في حياتي "
" لا يمكنني ! "
رفضت ببكاء وقد تركت يده بصدمة ، إنه يائس تماماً من نجاته ! صرخ بألم يتوسل إليها
" أرجوكِ اشغلي عقلي عن هذا الجحيم ، لا أريد الشعور بالألم "
" رين ! حسناً ابقى معي " استرسلت جملتها سريعاً تحفزه عن الصمود

تحاول إنشاء حقل من الوهم حول عقله ليبتعد عن الواقع ، أن يرى ما ستخبره به وما تصفه

وأن يغيب عن الألم المرير ، لكن كلما هطلت دموعها تشتت الحقل وفقدت تركيزها ، لقد انهارت !
" أنا محض فاشلة لا تستطيع حماية من حولها "
أكملت برجاء وضعف " أنقذوه أرجوكم، فلينقذه أي أحد "
" أي أحد !!"
" سأنقذه، توقفي عن النحيب كالأطفال "
نغمة الصوت تلك ! ليست غريبة أبداً ، التفتت سريعاً حيث المصدر لتجد تلك العيون الزجاجية مجدداً !
الأذان اللوزية ، الشعر الفضي والوشم الأزرق المضيء على طول ذراعه ، إنه ذاته عند ذاك السطح !!


ماذا يختبئ خلف الستار


-فسحة الكاتبة-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تأخرت نعم بس رجعتلكم بفصل دسم جداً وطويل

الفصل مؤلف من 4657 كلمة كنت أفكر اقسمهم لفصلين

بس ممكن وقتها أخرب تتالي الأحداث ، لأني كتبتهم سحبة وحدة

والأحداث تكاثرت بين السطور مع الحوارات وسخافة نتاليا وحرقت قلبي عليها
بنهاية الفصل قلت خلاااص مش قادرة أكفي كتابة ، تأثرت بردة فعلها

أحتاج تفسيراتكم يا عباقرة

الوهم اللي حصل مع نتاليا أو أقول العلقة المنيلة مع الزمن ببداية الفصل هل كان المسبب :
1- لوديان بالتنويم المغناطيسي ؟
2- ساعة رودوس ؟
3- الشاب الغريب ؟


هل برأيك ما فعلته نتاليا مع الطبيب في النهاية عندما خيلت له
بأنه ابنه من سيكون في الداخل بالإنتظار للتدرب عليه
هل يستحق الطبيب ذلك أم لا ؟
يعاملهم بعناية فائقة مقابل التدرب بهم فيما بعد بدلاً من آجرة المستشفى





حابة أشرح بعض المعلومات الموجودة بفصل اليوم

خاتم سورون وهذا الموجود في فلم سيد الخواتم ، اللي كان يسحر من يحمله
وفيه قوة خارقة ولعنة ومدري
أما غاندالف فذاك كان الحكيم اللي يكتشف قوة الشر ويرسل الأبطال



بالنسبة للي حصل مع نتاليا في المستشفى هو قريب من الواقع

عبرت عنه بطريقة أخرى تتناسب مع أجواء نتاليا وجنونها

عنا في نوعين من المستشفيات ، مستشفيات خاصة بفلوس وعناية فل الفل
ومستشفيات حكومية المعالجة مجانية لكن الطريقة زفت ! يتدربوا فيك تدرب
وتزرق ذراعك ويصير فيها كوراث لأن الممرضة تكون تتلقى درس فعلي وإرشادات الطبيب

هذا غير المستشفى الجامعة الخاص بأطباء الأسنان والمعالجة المجانية

كثير من الحكايا المزعجة لن أقصها هنا فلن أنتهي إن بدأت ..


بإذن الله مارح أتأخر عليكم أشكر حكيم على اهتمامه ومساعدته في التدقيق
وتحسين مستوى كتابتي للأفضل ، وأشكر أوليفر وروز ماري على دعمهم للرواية
وأشكر نسيم الحلوة على سؤالها عن الفصل وتشجيعها لي
أرحب بسيمفونة بمياو الكيوتة المتابعة الجديدة للرواية أسعدتي قلبي يا جميلة



متشوقة لأرائكم ونصائحكم




 
 توقيع : جلنار | Gulnar

تَنفس ، عِش ، أكسر كل الحواجز | أنت على قيد الحياة!

اشتم ولا تخلي شي بقلبك || اترك جمال حروفك تنور حياتي
ي

التعديل الأخير تم بواسطة جلنار | Gulnar ; 06-30-2020 الساعة 04:04 AM

رد مع اقتباس