عرض مشاركة واحدة
قديم 06-14-2020, 06:33 PM   #36
فِريـال
مشرفة طلبات التصميم ومعارض الأعضاء
-ORILINAD


الصورة الرمزية فِريـال
فِريـال غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل :  Feb 2020
 العمر : 28
 المشاركات : 26,691 [ + ]
 التقييم :  38050
 الدولهـ
Iran
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
إبتسِمـ
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

مشاهدة أوسمتي













الفصل 7: الفتاة التي لا تشبه أحد...!

:" أتَعتَقِدينَ أنَّ كوفين سيُخبِرُني عَنها؟!"
قالَت وهيّ تُرطب شَفَتَيها بِتوَتُر:" رُبَما! لَن تَخسَر شَيْئًا..."
بَقيَت صامِتة بَعد ذلكَ... لِما كان يَجِبُ أنّ تَكون مَن تُرشِده؟! هيَّ فَقَط لَم تَكُن تُريدُ أنّ
تَكونَ مَن يَنقِل المَعلومَة لَه! وَلم تُدرِك أنَ اليومَينِ المُقبلًينِ سَيَكونانِ، الأكثَر ثقلاً فيّ حياتِها!
عادَ بيرت لِلبَيت بَعد أن أوصَلها لِمبنى الشَرِكة وركبَ معَ سائِقه الشاب، مارتن... كانَ مُرهقا
مِن إنقِضاء يوم آخر كسابِقاته، كأن الدِراسة وما تَلزمَه مِن تركيز وتَفكير لايَكفيان... ليَمتَص العَمل
عَشرة أضعاف تَركيزَه لِحاجة الدقّة فيّ كُلِ حرف يَطرئ فيه!
لَم يَعُد له طاقةِ إضافيّة، هوَ فقط يُريد أنّ يَرمي نَفسِه فيّ حِضنِ سَريرهُ الدافيء، طالبًا الراحة...
لكِن هيهات! فقَد إستوقَفَهُ والده بِمُجَرد أنّ خَطى علّى أوّل درجَة مِن السُلم المُزدوج الذّي يَتوسَط
الرُدهة الواسِعة والتّي تَربِطُ المَدخل بعِنابِر البَيت المُختِلفة...
قال والدهُ السَيد جوليان كاسرًا الصمتَ المُطبِق فيّ الأرجاء:" ما الذي تَفعلهُ بِحق السَماء؟"
توقَف إثر طنين صوتُ والده المُستَنفِر... تَنهدَ بِهدوء قَبل أنّ يَلتَفِت نَحو أشيَب الشَعر
:" ماذا الآن... وما قصدُكَ تحديدًا؟!"
كانَت الخادِمة آرتميس تُحاول تَهدئة سيدِها تُخبِره أنّ صِحته لا تتحَمل الإنزِعاج علّى كُلِ شَيء
وما شابَه لكِنهُ تَجاهلَها مُلحِقًا:" ماذا تفعلُ تلكَ الفتاةُ فيّ الشرِكة؟ ولِما أصبَحَت تَرتادُ مَدرستُكَ أيضًا؟!"
نظرَ بيرت نَحو الخادِمة بِغَيض وهو يَطلبُ مِنها المُغادرة بِهزة صَغيرَة مِن رأسه...
تَوجَه نَحو والِده وتَجاوزهُ لحَيثُ خَرَجَ لِتَوه فَتبِعهُ الأخير... جَلَسَ بِجانب المِدفأة بَعد أنّ خَلع السُترة،
هذا الجَو المُكهرَب ليسَ مُناسبًا لِصِحة والده.. قالَ مُوضِحًا:" مُجرَد صَديقَة! ليسَ عليكَ أنّ تَهتم بِكُلِ ما يَحدُث!
أنسيتَ ما قالهُ طبيبُكَ عَن الإبتِعاد عَن التَوتُر والمَشادَة؟!"
جلس والدهُ مُتقابلًا مَعه:" مُنذ مَتى تتخِذُ الأصدِقاء! أعرفُكَ مُنذ كُنتَ صَغيرًا، تَمتَنِع عَن مُخالطة الأصدِقاء...
فأنّى لي أنّ أصدق أنَها مُجرد صديقَة؟! ولِما يجبُ أنّ تَبقى فيّ الشرِكة؟ ألم يَخطُر فيّ بالكَ أنها
قّد تكونُ جاسوسَة مِن شَركة مُنافِسة!"
قهقه بيرت لتَكهن والده مُردفًا بِسُخرية:" أنا مَن إخترتُ مُصادقَتِها وليسَ هيّ! تَوقَف عَن السرحِ بِخيالكَ يا والِدي!
ثُمَ مِن الجَميل أنّ جواسيسُكَ أوصَلوا لكَ هذهِ المَعلومة، فَلم أعرِف كيفَ اُفاتِحُكَ بِالمَوضوع... أريد أنّ تأتي للعَيشِ هُنا
لِبعض الوَقت، مُحتمَل ريثَما تَدخِلُ الجامِعة!"
قالَ والده بِحذر وإستِغراب:" أتَمزَح؟ ومَتى سَتدخِلُ الجامِعة؟ أهيَّ آخر سَنة لَها فيّ المَدرَسة مِثلُك؟!
إتكئ بيرت للخَلفِ بإسترخاء وقَد اطلَقَ آخَر طاقَة مِما تَبِقت لَه:" مَتى كُنتُ أمازحُكَ لأفعَل الآن؟ غَير هذهِ السَنة،
السَنة المُقبِلة أيضًا! ستَجِدُها فتاةَ هادِئة، أنا واثِقٌ أنها لَن تُزعجُكَ وما شابَه، سَتُعجِبُكَ!"
أومأ والدَه مُوافِقًا وهو يَقول:" مادامَت لَن تَبق فيّ الشَرِكة فلا امانِع! لا أحبُ فِكرة تَواجُد شَخصٍ
ليسَ موظفا مَوثُوقا فيّ الشَرِكة بَعد آخر مَرة سَرَقَت فيّه بَيانات أحد العابِنا فيّ الماضّي..."
أجَل، هوَ مُحِق... ولِكن بيرت يَعرفُ أنَّ آيرس ليسَت جاسوسَة وماشابه! فَقد كانَ مَن إختارَها ليَمنَحها
ثِقَتَه ووَقتِه وإهتِمامه! هيّ لَم تَتقَرَب مِنه بل هوَ مَن تَقَرَبَ مِنها!
نَهضَ وَهو يَشكُرُ والِده علّى الموافقة ليقولَ والدهُ مُلحقًا بِهدوء:" لقَد أتَت (نيتي) لِزيارَتي اليَوم!"
تَوقفَ وقَد كانَ علّى وَشكِ الإنسِحاب لغُرفتَه:"نيتي؟! وماشَأني لِتُخبِرُني بِذلِك؟"
قال والدهُ بِمرح:" تَحدَثنا وإتفَقنا سَنُقيم جَمعَةٍ عائليَة بِمناسبَة تَرشيح كوفين لِجائزة رجلُ اعمالِ السَنَة
مِن قِبل قاعَة مَشاهير المَدينّة! لقَد أصبحَ كوفين ما املَت أن يَكونَه طوالَ حيّاتي! الحَفلة فيّ نِهايّة هذا الاسبوع..
لِذا احرِص أن تَتوفَر فيّ البَيتِ طوالَ اليَوم."
نيتي زوجة كوفين، يبدو أنها تُخطِط لمُفاجئة زوجها علّى التَرشُح الذّي وصَلها اليومَ فَقط...
لاشَكَ أنَها فَخورّة بِزوجِها!
تَنهد بيرت بِقلّة حيلَة:"حسنًا لابأس... سألقّي خُططي لِيوم الأحد... مَن ستَدعونَ؟"
اجابَ بِقاطِعية "عائلة هاري وعائلة جيكوب."
مدّد جَسده بِتَعب وهو يومأ بإنصياع:" لابأس..."

إنسَحب مِن عِند والده وهو يُجر نَفسه بِتعب، ولَم يَكد يُصدِق أنهُ فيّ حِضنِ سَريره ليَغفو بَسُرعة....


فيّ الصباح الباكر تَوجه كلٌ مِن بيرت وآيرس لِلمدرسة التي ماتزال تُفاجئها، فَكُل شَيء يَتوفَر هُنا!
وطبعًا إنتهت الصفوف ولَم يَلتقيا ولو صِدفة!
فيّ أثناء العَودة استَوقَفَت سيندي، آيرس قَبل أن تَركبَ السَيارّة الَتّي جائَت مِن الشَرِكة لإعادَتِها
:" أيُمكِنُكِ أن تَبقَي مَعي لِبَعضِ الوَقت؟"
إستغرَبَت المعنية مِن مَوقِف سيندي التّي كانَت تَلتَزِم الصَمتَ طوالَ اليَوم، لِدَرجة أنّها ظنت أنَ الأخيرة
قرّرت تَجاهُلِها وعدَم مُحادَثتها مُجددًا! إبتسَمَت تومأ مُوافِقة التَفَتَت تُحدِث السائق العجوز
:" سأعودُ وَحدي لاحِقًا! اعتَذِر علّى إتلافِ وَقتُكَ يا سيد!"
وبالفِعل ذَهبَت مَع سيندي ومَلايين الأسئِلة تتزاحَم فيّ رأسِها... قالَت سيندي وهيّ تَسير
مَع آيرس فيّ الشارِع العام:" لقَد صرفتُ السائق الخاصَ بيّ لِنتمَكن مِن الحَديث!"
أومأت آيرس مُجيبَة:" وأنا أيضًا! عَن ماذا تُريدينَ الكَلام!؟"
رتبَت المَعنية شَعرها وهيّ تعبَث بأطرافِ الخُصلات التّي تَتدلى علّى صدرِها:" مُوضوعُنا نَفسه!..."
صمَتت لِبعض الوَقت مُردِفة بِتُوتر واضِح:" هَل أخبَرتِ بيرت؟"
حركَت آيرس رأسَها تُنفي بألم:" آخَر ما قَد اتَمناه أن انَقلَ خبرًا مُماثِلا لِبيرت الذّي لَم أر مِنه سِوى خَيرًا!"
ازدَردت سيندي ريقَها وهيّ تسأل:" أنا ذاهِبة اليَوم لِمكانٍ اعرِف أنَ بيرت سَيهُمُه مَعرفَة أمرِه!
فَهل تُمانعينَ مُرافَقَتي بِصفتُكِ صَديقَة؟"
توسَعت سوداوتَيها وكَست بَشرتُها شيء مِن الحُمرة... صَديقة هيّ قَد تَكون اكثَر ما تَمَنت
آيرِس أن يَجمَعُها مَع سيندي، هيّ لَم تَطمَع حتّى بِاللَقب! أومأت مُوافِقة بإبتِسامة وهيّ تُفكِر
بأي نَوع مِن الأماكِن ستَصطحِبُها سيندي له؟
بَعد السير عِدة خطوات أوقفَت سيندي سَيارة أجرّة وهيّ تُحدِث آيرِس:" المَكانُ بَعيد قَليلًا...
ارجو أن لا يَكونَ لديكِ مانِع!"
نفت وسبَقَتها بِالركوبِ فيّ السَيارة مُبتَسِمة وهيّ تُربِت علّى المَقعد:" لا مانِع
هيا اركَبي السَيارة لِنرى ما هذا المَكان!"
وبالفِعل وبَعد مَسير ساعة بَين الطُرُق الرئيسيَة وقَطع عَدد كبير مِن الإشارات وَصلَتا
لِضاحية جَميلّة تَصفصفت المَنازِل الكَبيرة بِمسافات بَينها وكُل ما توغلَتا اكثَر كَبُرت المَنازِل
وكثُرت المَسافة بَينها! وقف السائق أمام بيتٍ جميل ويَبدو واسِعًا يَبعُد المَدخل بِمسافة مَلحوظة
عَن البَيت الرئيسي... ضَغطَت سيندي الجَرس الخارِجي بَعد أن تركهُما السائق وقَد حصلَ علّى
اجرَة غير مُتوقِعة لبُعد المَسافة... ما حَصَد إستغرابَ آيرس ليسَ حجمَ البَيت المَلحوظ ولا جَمالِ
الحَديقّة البارز مِن بَعيد إنما ثِقّة سيندي أنَ ثَمّة مَن سيفتَحُ الباب! الم يَكُن مِن المُحتمَل أنَّ اصحابَ
البَيتِ ليسوا فيهِ وماشَابَه؟ فهيَّ لم تَتصل مُعلِنة قدومَها! أهوَ مَنزلُ سيندي؟!
جاء صوتٌ رجولي مِن المُجيب الآلي:" اهلًا بكِ آنسة سيندي... تَفضّلِي بالدخول!"
تقدمَت سيندي تَدخلُ البَوابَة الحَديديَة البَيضاء التّي لَها زينّة كَما لو كانَت شَجرة عَنب تلتَفُ
حولَ بَعضَ القُضبان بِعشوائية... كانت آيرس تَلتَفِتُ حولَها تَنظر نَحو زهور الجوري المُزهِرة
بِالوقت الغير المُعتاد وَبَدت لَها العِناية الكَبيرّة واضِحة... خَطتا علّى الأدراجِ الخَمس التّي
تُوصِل لبَوابَة المَنزِل وفَتَحَتها خادِمة مُتوقِعة وصُول الفَتاتين... سارَت الخادِمَة نَحو باب
فيّ يسارِ الرُدهة وتقَدمَت سيندي نَحو السُلم مُردِفة بِصوت مُنخفِض
:" فيّ الطابَق العُلوي... ستُقابلينها بِصفتكِ صَديقَتي، وسأخبركِ لاحقًا بَبعض التَفاصيل المُهِمة!"
بَدت كلِمات وتصَرُفات سيندي شَديدَة الغَرابَة وكَطلاسِم زادَت حيرّة آيرِس التّي زادَ فضولَها الآن فَقط!
مَن ستُقابِل ولِما قالَت أنَ هذا المَكان يَعني بيرت؟ وبمُجرد الوصول للطابِق الثاني عبر السَلالِم الخَشبية
ذات التَصميم المُبهج كسَر بِصوته ذو البِحة الجَميلة هدوء الذّي لَم يَخدشهُ سوى صوتُ كعب حذاء سيندي العالّي..
:" سيندي... أنتِ هُنا مِن جديد؟!"
لتُجيبَ بِبَهجة:" وأنتَ هُنا أيضًا...؟"
التَفَتت آيرس لمَصدر الصَوت، أيَهُما كان مَن تكلَمَ أولًا؟ راقبَت الجَو العام لتُدركَ أنهُ الرجلُ الأصهَب،
بِحدَقتيهِ قرميديتي اللون صاحِب النظرات الحادّة واللامُبالّية، فَقد تَقدم وهو يَضع يُسراه فيّ جيبِ
سُترتهُ الرَماديّة... تقدمَت سيندي نَحوه مُبتسمة وفَجأة احتضَنتهُ بِسعادة:" كوفين...
لَم اتوقَع أن أراكَ هُنا فيّ هذا الوَقت! يالّي مِن مَحظوظة!"
بقيَّ يُحافِظ علّى هدوء مَلامِحهُ ولَم يَتأثر بِها! لا يَبدو عَليهِ الإنزِعاج ولا السَعادة! هو فَقط لا يُبالي!
ظهرَ شبَح إبتسامَة إختَفى بِسُرعة حينَّ رفعَ يُسراه واضعًا اياها علّى رأسِها:" تَبدينَ جَميلة كَالعادَة عَزيزَتي سيندي!"
رَفَعَ قرميديتيهِ بِتقيّيم نَحو الأخيرّة التّي جفَلَت لِلحظة حينَ التَقت نَظراتِهما:" صَديقتكِ؟!"
أومأت سيندي تُعرفها علَيهِما بإبتسامَة:" هذهِ صديقَتي الجَديدَة، آيرس... أتينا لنُسليَ ايفرين قَليلًا!"
تَقدمَ الرجُل الآخر وبدا اكبرَ سنًا مِنه بِشعرِه الذّي غَلبَ الشَيب جانبَه الأيسَر والجُزء الخَلفي مِن اليَمين
ايضًا ولكن مَلامِحهُ لَم تُخفي أنه بالكادِ اربَعينّي... يَرتدي بِذلة سوداء قاتِمة كَعينيِه، كسَرها بياض القَميص
الذّي بِالكاد تَظهَر ياقَته... اسفَر ثغرهُ عن إبتسامَة هادِئة وفيّ عَينيهِ السَوداوتَين بَريق حُزن وأسى عَميق
:" أنا واثِق أنَ ايفي سَتكونُ سَعيدَة بِهذهِ الصُحبَة!"
رسمَت آيرِس إبتِسامّة تُخفي تَوتُرها بِها، فهيَّ لاتعرفُ مَن تَكونُ ايفرين حَتى! أو مَن يَكونُ مُضيفهُما الذّي
يَبدو كأنه شَخصيّة ارستقراطية خرجَت مِن روايةٍ خيالية! لكِنها بكُلِ تأكيد تَعرفت علّى الأصهَب الذي لَم تتوقَف
قرميديَتيه عن تفحُصها بِدقة غريبّة! فقد سمعت إسمه البارِحة بكلِ تأكيد... تقدمَ نحوها ومد يدهُ للمُصافحة
:" كوفين لوكان.. تشرفتُ بكِ يا جميلة!"
صافحتهُ بشيء من التوتُر والكثير منَ الخجل مُجيبة بِتلعثُم غريب:" آيرس كوربي... الشرفُ لي!"
-ابن عمة بيرت! ماهذا اللقاء الغريب وفي هذا الوقت والمكان الأغرب!

تحججت سيندي بغيرة مصطنعة:" ماهذا؟ لقد اتينا لرؤية ايفرين وليس كوفي..."
قهقه اسود العينين وهو يعرفُ نفسه مسبقًا بكلامه لسيندي:" يحق للناس أن تُعرف بنفسها!
أنا جيسون ليور.. اعتبري نفسك في بيتكِ آنستي!"
تجمدت آيرس تُحلل موقفها... هيّ الآن مع جيسون ليور وكوفين لوكان.... زوج تيردا وابن عمة بيرت!
وكوفين هو الشخص الذّي ارشدت بيرت الى أنهُ قد يعرفُ شيئاً عن تيردا غافِلة عن امكانية كونه صحيحاً!
بل ويبدوان اصدقاء ايضًا!
لاحظت سيندي أن آيرس تجمدت مُجفلة بمُجرد أن عرف مُضيفها نفسه فقالت تنقد الأخيرة
:" عن اذنكُما... سنذهب لغرفة ايفرين!."
وسحبت الأخيرة مُدعية المرح.... وقفتا أمام غرفة ذات بابٍ زهري ناعِم مَنقوش بِزهور وردية...
نظرت نحو سيندي تقول بهمس خافِت:" ايفرين... من تكون تحديدًا؟ أهي من ببالي؟!"
أومأت الأخيرة تجيب بنفس النبرة:" ابنةُ، ابنة عمتي... تيردا!"
الجمتها الصدمة ووقفت تجمع شتات افكارها... أهذا ما قصدته بمكان يهم بيرت معرفته؟!
فخلف هذا الباب تقبع ابنة اخته؟! ازدردت ريقها بتوتر ومدت يدها نحو الباب ليفتح قبل أن تصل يدها....
ظهرت السيدة كبيرة السن تضم أصابعها أمام بطنها وهيّ تسبقها بفتح الباب... القت سيندي التحية مُبتسمة
وتجاوزتها ففعلت آيرس نفس الشيء... اغلقت السيدة التي ترتدي فستان طويل ذو اكمام طويلة باللون البحري الباهت،
الباب بعد أن خطفت نظرة أخيرة على الضيفة الجديدة.
تقدمت آيرس نحو السرير الكبير الذّي تتوسطهُ فتاةٍ جميلة والتي بدت كملاكٍ هزيل وهيّ غير مُصدقة
للشبه الخارِق بينها وبين الصور التّي شاهدتها سابقًا مع آني... ايفرين... ابنة تيردا، صورة عن والدتها!
قالت بصوتها الرقيق والأنثوي:" سيندي! لم أراكِ منذ يومَين... أكنتِ تدرسينَ مع اصدقائكِ؟!"
همهمت سيندي موافقة وهي تجلس بجانبها الأيسر مُبتسمة...:" ايفي.. حييّ صديقتي آيرس!
لقد جائت لرؤيتكِ خصيصًا حين سمعت بقريبَتي خارقة الجمال! انظري آيرس...
اليست اجمل منا مُجتمعتين!"
تلعثمَت المَعنية مُجيبة:" أجل... لقد خسِرنا امامها مُسبقًا!..."
قهقهت ايفرين بِلُطف وهيّ تُجيب:" توقفا عن المُبالغة! فأنجليكا أجمل مِني بكثير!"
تمتمت آيرس مُستفسرة:" أنجليكا؟!"
فـأجابت سيندي بفتور:" تلك لاتمُت للبَشر بشيء! أقصِدُ أختي الصغيرة!"
فهمت آيرس الأمر لِتضحك بخفوت لِموقف سيندي مِن جمال شقيقتها الصُغرى وايفرين تُضيف
بإعجاب وإستمتاع:" هزمَتنا اصغر فتياتُ العائلة!" نظرت ايفرين نحو آيرس ببراءة مُضيفة:" ماذا حدث ليدكِ؟"
تقدمت وجلست على طرف الأيمن للسرير وهيّ تُجيب:" حادثُ سيارة! سأخلعُها قريبًا جدًا..."
اردَفت ايفرين بتأثُر:"هذا مؤسِف!"
نفت المَعنية بِيُسراها مُوضِحة:" لاداعي لذلك! فبفضلِ هذا الحادث تعرفتُ على شخصٍ رائع،
حنون وطيب للغاية وقفَ إلى جانبي واكسبَني اصدقاء لم اكُن لأحضى بهم لولاه!"
رفعت جذعها تقول بتأثر ثم بحماس:" ياله من شخصٍ مدهش! أتمنى لو اقابِل شخصًا مِثله ولو لمرة!...
أيُمكن أن نرسُم عليها؟"
نهضت سيندي نحو المكتب يسار السرير عِند الزاوية الأقرب للنافذة التي في الجانب الأيسر كله
لتمنح اطلالةٍ جميلة على حديقة البيت المليئة بالزهور الخريفية الجميلة... وأخرجت عُلبة اقلام تلوين حِبرية...
إبتسمَت سيندي تحرك حواجِبُها للأعلى مرارًا بِمكر للأخيرة! تنهدت آيرس تقتَرب مِن ايفرين وتَجلِس بِجانبها،
كانت ترفَع كُمَ القميص الأبيَض للأعلى عِند نهاية الجَبيرة، وكان الجُهد المَبذول في ارتداء القَميص واضحًا...
أخذت ايفيرين الأقلام ترسم زهور وغيوم بألوان مُنوعة بإستمتاع لم تكُن بتلك المَهارة فَرسمُها بسيط...
لكِنها بَدت مُستمتعة وهيَّ توقع بإسمها كاتبة:" أرجو أن لا تمُرّي بتجربة التجبير في حياتكِ ثانيةً!"
نظرت لآيرس وهيَّ تقول مُستفسرة:" لِما أنا أول مَن توقِع لكِ؟!"
أجابتها بِتوتر مُمازِحة:" بُخلاء!"
أطلقت ايفرين ضِحكة خافِتة وهيّ ترفَع أنامِل يُمناها لِحيث ثَغرها مُستمتعة...
لتردف ايرس مُتسائلة:" ايفرين... كم عمركِ ؟"
إبتسمت وعلامات السرور بادية على ملامِحها:" اربعة عشر... وأنتِ؟"
بادلتها الإبتسامة مُجيبة:" سبعة عشر الشهر المُقبِل!"
كان الحديث بسيطًا ولكن البهجة واضحة على ملامح ايفرين التي كانت تلتزم الفراش
لسبب لم تُدركه آيرس بعد! وسيندي كانت تُراقب وتُشارك في الحديث بِقلة ولا تبخل
المُساعدة كُلما طلبتها ايفرين أو لم تطلبها...

نهضت سيندي بَعد مرور ساعة كاملة في حديث تعرفت فيه آيرس على ايفرين التي تتسم شخصيتها
بالمرَح والإنفتاح الواضح بالشخصية... فهيّ لاتملك ما يَمنعها مِن الحديث مع الآخرين براحة...
لاشك أنها كسبت ذلك من والدتها!
تزامن وداعهُما مع دخول كوفين الذّي جاء لِتوديع ايفرين على ما يبدو، وبعد إلحاح طويل حدثَ وتقرّر أن
يوصلهُن كوفين لمنازلهن قبل العودة لمنزله.. قالت سيندي مُستسلمَة:" إذًا كُنا سنذهَب لِمجتمع نيكون التِجاري..."
ركِبتا السيارة مَعه ولم يتوقف كوفين عن فَحص مَلامح آيرس مِن النافذة الأمامية طوال الوقت!
بالتأكيد كان الأمر غير مُريح أو مفهوم بالنِسبة للأخيرة ولِكنهُ لم يقُل شيء إلى أن وصلتا للمُجمع التِجاري
وإتجهتا نحوه تودعانِ كوفين الذي بَقيت قرميديتيه تُحملق بآيرس إلى أن إختفت خلف الباب الزُجاجي....
هيَّ تبدو مألوفة له! أليست الفتاة التي شاهدها تسير بِجانب بيرت في الشارع القريب مِن مقر شركة الألعاب؟!
كم فتاةً سمراء مُجبرة اليُمنى في المَدينة... يُمكن أن يلمَحها وخلال يومَين مَع إثنينِ مِن أقربائه؟
انطلقَ بِسيارته ومايزال اللقاء الذي رسمتها صدفةٍ غريبة تُحيره!
ماذا سيَحدُث لو عرفَ أنها سَتعيشُ في بيتِ بيرت؟!

جلست الفتاتان في زاويةٍ مِن مَقهى المُجتمع وكُل واحدةٍ لديها الفُ كلمة وكلمة في سرها!
صمتت سيندي مُطولًا تنتظرُ أي سؤال من الأخيرة لكِنها كانت تنتظرُ بصمت!
تنهدت سيندي بقلة حيلة:" ألن تسألي؟!"
أومأت آيرس تسأل بحذر:" ايفرين... أهيَّ مريضة؟ وماهو ومُنذ متى وهل تعرفُ بيرت أو سمعت شيئاً عنه؟!"
إبتسمت سيندي لسيل الأسئلة لتُجيب بألم:" ولدَت ايفرين ضعيفة المَناعة! لكِن سمعتُ أن الأمر تفاقم وهيّ فيّ الرابعة!
لذا فالطبيبُ يمنعُها عن أي نشاطٍ غير ضروري... العام الماضي وفيّ الصيف خرجت مِن غُرفتها بلا اذن
أو مُرافقة فإنتهى بِها في غرفة العناية المُشددة لثلاثة ايام! لذا الجميع اصبَح حرصًا بشكلٍ غير طبيعي مُنذ ذلك الوقت.
أما بيرت، فقد التقت به وهيَّ صغيرة عدة مرات لكِنها لاتعرفُ بأنه خالُها! كانت تتحدَث عنه بِذلك الفتى طوال حياتها!
هيَّ تمتلكُ صورًا تَجمعه بِها وبوالدتها! لكِن جيسون لم يُحدثُها عنه ابدًا!"
سألت بِفضول هامِسة:" ولِما لم يَفعل؟!"
أخفضت رأسها بألم:" لأنهُ لايعرفُ أن بيرت لايذكره! بل يَعتقِد أن بيرت يكرههُ ويتجاهلهُ بِسبب ما مَرت بِه تيردا!"
لم تفهَم... فسألت:" وماذا حدث مع تيردا؟!"
بدت علاماتُ الحزن بادية على وجهِها الذي كان يتسمُ بالإشراقة، مُتمتمة:" أنا آسفة... هذا أمر لا أحبُ الحديث عنه!
لكِن ما أريدُ إخبارُكِ به مُهم! فلتنصتي جيدًا يا آيرس..."
أومأت برأسها مُوافقة وهي تنتظرُ جذب الكلمات مِن فم سيندي بِفضول شديد... لتُردف سيندي
بِجدية غير مَسبوقة:" نحنُ... أقصد أنا ووالداي وكذلك كوفين ووالده وحتى شقيقته أجبرنا على
قطعِ وعد لوالدهُ أن لا نُثير موضوع تيردا! قبل أن يقع بيرت عن الشجرة في طفولته كان مُتعلقًا
بتيردا بشكلٍ غير طبيعي! وقد علم والده أنهُ لن يتحمَل خبر موتها.... فأجبرنا على قطع وعد
سخيف أن لا يعرف أي شيء عنها مُستقبلًا!"
هتفت آيرس ألتي صُدمت بما سمعته، بحزن:" هذا ليس عدلًا!"
أوطئت سيندي رأسها بِخجل لتُردف بصوتٍ مُتحشرج :" لطالما... لطالما تمنيتُ أن أذهب إليه
وأسحبهُ من ذراعه وأجعلهُ يلتقي بايفي، قائلة –هذه إبنة اختكَ الغالية!- لكن الوعدُ الغبي
الذي شملوني به! هذا الوعد الغبي هو ما يمنعُني!" قالت ذلكَ وقد تغلبت دموعُها عليها
مُتمردة.... ثُم أضافت بِتوسل:" لذا... أخبريه! أخبريه بكُلِ شيء!"
أمسكت يد الأخيرة مُضيفة بأمل:" لاتعرفين مدى سعادتي حين عرفت أن بيرت يستعيدُ ذكريات طفولته!
هو يتذكرُ تيردا ويبحثُ عنها! أنا واثقة أن لا أحد من عوائلُنا سيُخبره حرفًا ما لم ينطِق والدهُ بذلك!
لكن الآن وقد ظهرت في المُنتصف! ولست مُلزمة بأية وعود، أو مُجبرة على التزام الصمت..."
قاطعتها آيرس تُنهي بإعتراض:" لقد حاولتُ توجيه الدفة نحو أقربائه، فذكر كوفين... ظننتُ أنهُ
سيسألهُ فيحصدُ الإجابة! أردت إخراج نفسي من الأمر... لا أريد أن أكون من تنقلُ له الخبر!"
صمتت لبعض الوقت مُضيفة بألم:" لكن الآن وقد أخبرتني بذلِك، أجدهُ مؤلمًا أن لا يحضى بالإجابة من أقربائه!"
قالت سيندي تنتهز آخر فرصتها:" صحيحٌ أنهُ لن يُقابلَ تيردا... لكنهُ سيجدُ العزاء في مُقابلة إبنتها الوحيدة!
لِذا أرجوكِ... قد تكونين الوحيدة التّي قد تسطيعُ إخباره بذلك."


خرجت آيرس بعد أن ودعت سيندي وقد قررت العودة مشياً لقِصر المسافة بينَ الشركة والمُجمع التجاري....
بقيت كلِمات سيندي تُحركُ مشاعرها وتتحكم بِها شيئاً فشيئاً.... دخلَت الإستراحة وهيَّ شاردةُ الذهن،
أتاها صوت اليكس مُحطمًا شرودها المُستمِر:" أخيرًا عُدت؟! لقد جاء بيرت لرؤيتكِ مَرتين!"
توسَعت حدقتاها تَخرجُ هاتفِها مِن جيبها، لتجده مُغلقًا... سارعت تشحنهُ تحت أنظار اليكس ونيو
وقامت بِتشغيلهُ مُباشرةً وهو على الشحن.. تفَحصت الكَم الهائل مِن الرسائل الواردة مِنه...
يسأل عنها وآخر رسالة بدا غاضبًا فيها إذ كتب
"أين أنتِ بحق الجحيم ولِما لاترُدين؟!"
إزدردت ريقها تُجيبُ بتوتر" لقد خرجتُ مع سيندي للتسوق... نفِذت بطارية هاتفي واُغلقَ تلقائيًا. أنا آسفة..."
زفرت بِتعب وقد جلَست على الأريكة السوداء مُنتظرة الإجابة لتأتيها بسرعة "تعالي!"
توسعت حدقتيها بعدم فهم نظرت نحو نيو الذي لم يتوقف عن إختلاس النظر لهاتفها وهو يقول:" ما الذي تنتظرينه؟!"
تزامن ذلك مع خروج آني من الحمام لتقول ببرود مُتنهدة:" ها وأخيرًا عُدت؟ يبدو أن بيرت سيأخذكِ معه!"
ثم أكملت بتذمُر:" هذا ليس عدلًا! لقد إعتدتُ عليكِ بالفعل..."
نهَضت آيرس بِعدم تصديق وأخفى نيو وجههُ بكفه بِقلّة حيلة ليقول اليكس:" كان من المُفترض
أن يكون بيرت مَن يُخبرها! ماذا فعلت يا أني؟!"
إنتفضت آني مُنتبة وإقتربت مِن آيرس تُمسكُ بيدها اليُسرى بِرجاء:" إسمعي آيرس...
إدعي أنك لم تسمعي شيئاً!"
قهقه نيو بسُخرية:"حقًا؟! وماذا بعد؟ لاتخجلي... قولي كُل ما لديكِ!"
رفسته آني بِغيض ليقع أرضًا وهو يمسحُ على رأسه بألم بَعد أن إرتطم بالأرضية...
تجاهلت آيرس النقاش الذي بدأ بين آني و نيو وتوجهَت نحو المَخرج ولِحيث ينتظرُها بيرت...
نهضت السيدة سلون مِن مكتبِها وسبَقت آيرس نحو الباب وفَتحتهُ... دخلت لتجدهُ كالعادة يَعمل
لكن هذه المرة بِحاسوبه... إبتسمت بمرح مردفة بثقة:" لقد إستمتعنا كثيرًا! سيندي فتاةٌ مُمتعة بِحق!"
اشار لها بالجلوس ولم ينطِق بشيء وأغلقت مُديرة المكتب الباب خلفها.... بقيَّ على هذا الحال
وهو يُتابع العمل لِينقلِب الدور فتُصبح آيرس المُنتظِرة لا هو!
بعد ما يزيدُ عن نصفِ ساعة وكلاهُما في صمت... نطقت آيرس:" سأذهبُ لأبدلَ ملابسي....
أراكَ حين تُنهي عملك!"
أجابها بنبرةٍ آمرة أجلستها مَكانها قهراً:" إجلسي مَكانكِ!"
نفخت خديها بِغيض حين إستمر صمته إلا من نقر الأصابِع على لوحة المَفاتيح...
شعرت بالملل فبدأت تعبَث بِشعرها البُندقي مُنتظرة طويلًا... بعد مرور ساعتين بالضبط
أغلق حاسوبه ورتب بعض الملفات وغادر المكتب لتلحَق به... أهو ينتقِم!

في أثناء النزول للقبو عبر السلالم، قال مُوضحًا:" لم يُعجب والدي أنكِ هُنا في الشرِكة! لذا
ستبقينَ في البيتِ بعد اليوم كضيفةٍ خاصة!"
قالت لهُ بِغيض وهي تنزلُ السلالِم خلفهُ بدرجتين:" أجل، أجل... أوامِرُ والدُك لقد فهِمت وصدقت!"
تجمَد مَكانهُ وهو لم يفهَم قصدها، نظر نَحوها بِشك مُردفًا:" أتسخرينَ مِني؟!"
نفَت برأسها وجلسَت على الدرجة خلفها حيث كانت تقِف:" أنتَ غاضب... فهِمت! لكن الأمر لم يكُن بيدي!
لقَد أغلقَ الهاتف وحده ونسيتهُ صامِتًا كما كان في أثناء الدَرس... ليسَت جريمة!"
تنَهد بِملل:" ومَتى قلتُ شيئا؟"
أخفضت رأسها تمدُ قدميها لتصِل بجانب قدمهُ حيثُ كان يقف على بُعد ثلاث أو أربعة درجات:" ليس عليكَ قولُ شيء!
غضبُك واضح، فقد تجاهلتَني مع أنكَ مَن ناديتني... والآن تقولُ أن والدُكَ يُريدُ إستضافَتي!"
أجاب ببرود:" أنتي تتوهمين! كُنت أقوم بِعملٍ مُستعجل، مُهم ويحتاجُ تركيز... طرأ قبل وصولكِ وحسب!"
قالت بغيض تَنفُخُ وجنتاها:" ووالدُك؟!"
قال بِسُخرية:" أنتِ لاتعرفين والدي! هو مهووس بأفلام العميل 007! يَعتقدُ أن كُل غريب
غير مَوثوق يُخطط لإنتشال أسرار الشركة! قال أنهُ لا يُمانع إستضافتُكِ إلى أن تدخُلي الجامِعة!"
أخفضت رأسها ولاتزال اماراتُ الغيضِ بادية على ملامِحُها:" وأينَ أنتَ مِن كُلِ هذا؟"
جلس بِجانبُها مُجيبًا بِملامح فارغة:" لاشيء يحدُث مَعكِ لا أرغبُ بِه!"
نظرت نحوه مُتوسعة الأحدق وهو يُكمل:" كزمالتُكِ لسيندي، وجلوسكِ بجانبها! وحتى كونكِ ستنتَقلين لِبيتي!"
قرب وجهه لها ليتلاصق جبينيهُما:" لكن ستُعانين قليلًا! فبيتي خلال الأيام المُقبلة لن يكون هادئًا كالعادة...
إذ سيقيمون حفلةٍ عائلية وما شابه والتردُد سيكونُ كثيرًا! وأنا لن أكون هُنالكَ طوال الوقت!
ستُجبرينَ على إلتزام غُرفتكِ لِبعض الوقت... إستغليه في الدراسة مَع المُعلمة الخاصة وجَهِزي نَفسُكِ للإختبارات!"
كُل كلِمة قالها كانت غيرُ مَسموعة ولكِن صداها وحدهُ ما تلتقطهُ أذنيها وبِصعوبة، فَقد كان
التوتر الناتِج عن المَوقِف يمنعُها مِن ذلِك! لِلحظة تبدّدَ كُل شيء، أخفضَت رأسها مُحرجَة...
وضعَ يدهُ علّى رأسِها مُردفًا:" إبذُلي قُصار جُهدكِ آيرس!"


توجَهت نَحو الإستراحة برفقتهُ... وبدأت تَحزمُ أمتعتُها القليلة بِمساعدة اليكس وآني اللذان عرضا
المُساعدة في حينَ سحَب نيو بيرت خارجًا وهو يقول بِمرح:" سأستَعيرهُ لِبعض الوقت!"
وبِمجرد الإبتعاد لِمسافة مَلحوظة إختفت إبتسامة بني الأحداق ليقولَ بِجدية مُتقابلًا مَع الأخير
:" ما الذّي تُحاولُ فعلهُ تحديدًا؟!"
رفع بيرت حاجبيهِ بِعدمِ فَهم ليُكملَ نيو مُردفًا بِحدة:" أقصدُ آيرس... لِماذا تَقتربُ مِنها بِتلكَ الطريقة؟"
أجابهُ بِبرود:" أنتَ تتوَهم!"
أمسكهُ مِن ياقة قَميصهُ الأبيض قائلًا بإنزعاج:" أنا لا أتوهم! بِربِكَ بيرت إنها فتاة! أتعلمُ ماذا يَعنيهِ ذلك؟!
إذا تابعتَ الإقترابَ مِنها كَما تَفعل الآن... فستُجرح مَشاعِرها مُستقبلًا! كُل كلمة كُل فعلٍ محسوبٌ عليك! لاتمنحُها أملًا لا وجودَ له."
ضرب يد نيو مُبعدًا إياها عَن ياقتهُ وأردفَ بإنزعاج:" توقف عَن المُبالغة! ليسَ هُنالكَ شيء مِن هذا."
قهقَه نيو بِقلة حيلة:" أيُها الغبي... المسكينة تُحبُك! ألم ترى مَلامِحُها حتى ووجهُك بِذاكَ القُرب؟!"
توسَعت حدقتاه بِعدم تصديق وهو يُنفي الأمر بِعقله.... تمتمَ مُعترضًا:" أنتَ تتوَهم! على أي أساس تَهذي بِهذا الكلام؟"
تنهد نيو مُستسلمًا:" ليس بِحاجة لِدليل... وإذا كُنت لاتُصدق فلا مُشكِلة! سيأتي يومٌ تُصدقُ فيه... حينها إحرص
أن لا تَجرح مَشاعِرُها بَعد ما تيمتَها بِكَ يا صديقي!"
صمت أطبَق على الجَو بينهُما، بيرت يُقنعُ نفسه بإستحالة الأمر والأخير قلِق مِن نتائج تَصرفات بيرت الغَبية.
جاء اليكس يَحملُ حقيبَتين وهو يتجاوزُهُما مُردفًا:" نيو... أحضر صُندوقَ الكُتب وأدواتِها المَدرسية..."
توجه نيو عائدًا وسار بيرت بِرفقة اليكس شاردًا وهو يُحدثُ نَفسه:"أيُعقل أن ما قالهُ صحيح؟!"
كأن اليكس سمِعهُ فَقد قال فَجأة:" آيرس فتاةٌ بَسيطة! إحذر مِن ما تَفعلهُ وحسب!"
نظر نَحوهُ بعدم تَصديق... ليُكمل وهو يُتابعُ السير:" لقد رأيناكُما! قد يَكون تَصرفكَ غير مُهم وعفوي
في نظركَ ولكِنها لَن تُفكر إلا بأنكَ تَمنحُها أملًا! قد لا يكونُ لي شأنٌ بِذلكَ... لكِننا جميعًا تَعلقنا بآيرس
وكَما حالي مَع آني، لا أريدُ أن تؤذي آيرس وما شابَه مُستقبلًا!"
بقيت كلماتُ نيو واليكس تُشتتُ أفكاره.. لايُعقل أن يعتَقِد إثنين نفسَ الشيء وهوَ يَعترض عليه!
إنهُ مَنطق يَخضَع لهُ العقلُ البَشري، إذا أخبركَ شَخصان بِنفس التَوقُع فَهذا يَعني أنهُ صحيح.


ترجلت آيرس تنظرُ حولها بإعجابٍ شديد... إذا كانَ مَنزلُ ليور الذي زارتهُ اليومَ كبيرا فَما يكُونُ هذا؟!
بيت شديدُ الضَخامة؟ لا بل قصرا بِحد ذاته! السُلم الذي يَتوسطُ الواجِهة الأمامية لِلقصر وحدهُ بدا أشد
ما يُمكِن للأناقة أن تكون... فَما بالُك بالتصميم الداخلي؟!
دخلت بِجانب بيرت الذي مايزالُ شارد الذِهن لِدرجة أنهُ كاد يَنسى أنهُ أتى بآيرس مَعه...
كانت ماتزالُ ترتدي زيها المَدرسي كما هو.... دخلت خلفهُ مُتوترة، أوقفتهُ مُمسكة بطرف سُترتهُ
ليستَعيد شتاته مُحملقًا نحوها بِعدم فَهم...
تقدَم مَع ذلك مُتزامنًا، الرجُلُ العجوز الذّي بدا لطيفًا وشديدًا بِنفس الوقت، يَرتدي بِذلة بيضاء أنيقة
ويتكىء علّى عَصا سوداء ذات نقوش ارستُقراطية تترأس قَبضتُها رأس مُكور يتكئ عليهِ بِكلتا يديه،
يَنظُر للأمام بِشموخ...



* يُتبع *





 
 توقيع : فِريـال



رد مع اقتباس