عرض مشاركة واحدة
قديم 05-02-2020, 08:02 PM   #12
فِريـال
مشرفة طلبات التصميم ومعارض الأعضاء
-ORILINAD


الصورة الرمزية فِريـال
فِريـال غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل :  Feb 2020
 العمر : 28
 المشاركات : 26,691 [ + ]
 التقييم :  38050
 الدولهـ
Iran
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
إبتسِمـ
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

مشاهدة أوسمتي

الماسي





Y a g i m aكريس

الفصل 2: عليكِ أن تُصبحِ أقوى!




بسط الليل فراشه المُعتم والمُزين بالنجيمات البراقة حاملًا السكينة
لسكان هذا الجزء من الكوكب... استقبلت النافذة دخول رياح الخريف
الموسمية حاملة عبق ندى ليلي...
بقيت جفونها تُصارع اليقضة عرضاً ولم تخفِ ملامحها الألم الذي يسري
في عظامها يستفزها متحديا:" أخلدي للنوم اذا استطعت!" رفعت جسدها العلوي
بهدوء وحاولت النزول من السرير بصعوبة وبالكاد تحرك بضع خطوت
نحو النافذة لتتهاوى على طرفها وتتكئ عليها مرخية ساقيها على الأرض
تسرق نظرات نحو المارة المعدودين... بذلت جهدها لتنظر نحو السماء
التي تنذر بغيومها السوداء مطراً خريفيا عاصفا...
لكن سرعان ما عاد الألم لجرح عنقها لتخفض رأسها....
دخلت أحد الممرضات لتطمئن عليها قائلة:" كيف تشعرين يا آي....."
شهقت لتبتر جملتها وهي تراها تخرج جسدها العلوي من النافذة تراقب الخارج
بنظرات عميقة.... اقتربت منها بسرعة وهي تقول باهتمام كبير:" ما الذي تفعلينه
بالتحرك من مكانك وحدك ، ماتزال كسورك وجروحك لم تشف تمامًا!"
أمسكت بها وساعدتها لتعود لمكانها على سريرها الخاص وأردفت بتردد:
"أتحاولين اذّية نفسك!؟"
جلست متأوهة على طرف السرير... وحملت سيقانها الطويلة لتساعدها في
تعديل جسدها ثم سحبت الغطاء ببطء... توجست الممرضة لعدم تعليقها بشيء.


رفع جفونه بتعب لرنين هاتفه... لم تكن أول مرة، لكنه استسلم من تجاهله...
حمل جسده ينظر للشاشة يزفر بقوة ليجده المنبه وحسب، حمل جسده منزعجًا
وقد ادرك أنه سيتأخر.... بل هو متأخر بالفعل! ارتدى ملابسه متجاوزًا اخذ
حمام انما اكتفى بغسل وجهه وأسنانه.... نزل من جناحه في الطابق الثاني
متجاوزًا وجبة الإفطار مُكتفي بكوب عصير منكه بالليمون والعسل...
وصل للمشفى متأخرًا عن العادة بربع ساعة وهذا يعني أنها ستكون
زيارة قصيرة، أو هذا ما خطط له!
استوقفه الطبيب المسؤول عن حالة آيرس وهو يتحدث معه عن مريضته
ببعض الأمور، قطب حاجبيه منزعجًا لما سمعه فتجاوز الطبيب نحو الغرفة
التي حفظها عن ظهر قلب وهو يفتح الباب بغير طرقه غاضبًا ليجد الممرضة
تفتح الشاش عن جبينها ببطء... منحتا انتباههما نحو الوافد الغاضب مستغربتين،
لترتخي ملامحه وهو يشهد عن سقوط الضمادة عن جبينها ليظهر الجرح تحته وقد
أصبح شبه منغلق... اسرعت المُمرضة ووضعت لصاقة صغيرة على الجرح
وخرجت معتذرة!
كان بيرت قد دخل ولم يلقِ بكلمة ووضع الزهرة في المزهرية وهو يحاول
أن يُهدئ نفسه...
جلس على طرف السرير ملقيًا أول كلمة له:" قال الطبيب أنه سيفتح الجبيرة
عن ساقك اليسرى غدًا... لقد أسعدني ذلك!"
حصد شيئاً من سعادتها التي عكسها وجهها مبتسمة وهي تومئ برأسها
ببطء متجاهلة الم عنقها...
فأردف بشيء من الإنزعاج:" وقال بأنك كدت تقعي من النافذة البارحة!"
نهت برأسها مستنكرة:" ليس صحيح... كُنتُ أنظر للخارج وحسب!"
زفر بشيء من الإرتياح:" واثقة؟"
ابتسمت ببلاهة وهي تخفي سخريتها للموقف السخيف ليردف وهو يعيد
شعرها لخلف اذنها بيسراه:" ربما من الأفضل أن تربطي شعرك!
انه يبدو مزعجاً لك!"
مد يده في جيب سترته وأخرج علبة متوسطة تضم مجموعة ربطات شعر ملونة وفتحها أمامها قائلًا:" أي لون؟"
نظرت نحو العلبة مستغربة وهي تقول باعجاب:" لطالما أحببت الأصفر!"
أخرج الربطة الصفراء واغلق العلبة ووضعا بجانبها ثم جلس خلفها وهو يخرج
المشط من الدرج ليرتب شعرها ويربط شعرها البندقي الطويل والكثيف
في الأعلى ثم أعاد تمشيط أطرافه.... حمل المرآة من على الطاولة بجانب
المزهرية ليريها كيف تبدو! أخذت المرآة بيسراها وبدأت تنظر لنفسها باعجاب!
كما لوكانت أول مرة تربط شعرها الحريري... مرر يده بين خصلات شعرها
المربوط وهو يردف بشيء من الحدة وهي تنظر لوجهه عبر المرآة متوسعة
العينين تفغر فاهها بدهشة لنبرته الجادة:" حري بك أن تكوني صادقة!
ولم تكوني تحاولين ايذاء نفسك حقًا!"
ازدردت ريقها بحذر فلانت ملامحه ليزيد بأسى:" يبدو أنك لم تفهمي أنكِ
الآن أصبحتِ مسؤوليتي! ستنزعين الجبيرة عن ساقك غدًا و ستتمكنين من
التحرك بحرية وفي نهاية الأسبوع يدك اليسرى.... وفي الأسبوع التالي
ستتمكنين من الخروج ومزاولة حياتك بحرية أكبر!...."
فتحت فمها وهي تخفض رأسها محرجة للموقف الذي نتج عن سوء فهم،
ولكنها عجزت عن الحاق أي شيء لتوترها الشديد... وضع يده على كتفيها
وهو يردف بقلة حيلة لصمتها:" لا تُفكري بأي شيء... أنتِ لم تعودي
وحدكِ بعد الآن!"
ولم يدرك أنه بكلماته البسيطة قد ضرب على طبول خافقها الصغير...!
ابتسمت خجلة وهي تخفي وجهها بالمرآة عنه لتقول أخيرًا:" أنا...
حقًا لن أوفيك جميلك ما حييت! سيد بيرت..."
رفعت نظرها بجرأة لأول مرة في حياتها مكملة:" شكرًا لك بحجم السماء!"
حرك يده خلف رأسه يفرك شعره بعدم استيعاب تام ليقول بملامح فارغة
من أي تعبير:" العفو!"
خرج بعد ذلك بقليل ولم يفهم أي عاصفة سببها لها بكلامه عن المسؤولية
وكونها لم تعد وحيدة... حين تمنح الأمل لإنسان يأس عن المتابعة فأنكَ
تمسي أهم شخص في حياته! تسائلت هل يُوافقها الرأي أم لا! لكنها بقت
محتارة تمرر يسراها المتحررة على الزهرة البيضاء وهي تتسائل
بصوت منخفض:" لكن لما السوسن دائمًا!؟"

وصل للمدرسة وقد فوت أول حصة اذ تأخر في المشفى والزحام...
وتابع اليوم المدرسي كروتين معهود بلا أحداث خارجة عن المألوف
حتى خرج منها للشركة متجاوزًا الحصة الأخيرة... صعد لمكتب والده
وجلس يراجع الأعمال المكتبية وهو يجهز نفسه لتولي هذه المسؤولية
بشكل تام مستقبلًا... وكما أنه قد حضى بدرس طويل عن المسؤولية
من والده بالأمس ولم يدعه وشأنه!
بقي يعمل لوقت متأخر فنزل للاستراحة عند الحادية عشر مساءً ووجد
نيو واليكس يلعبون أحد الألعاب الخاصة بالشركة وآني تطلي أظافر قدمها
مستمعة لأغاني صاخبة... حاز على انتباههم بمجرد أن فتح الباب وارتمى
مرهقاً على طرف الأريكة!
خسر نيو لينهض متجهًاً نحو بيرت بابتسامة واسعة:" أنظروا من شرفنا!؟
كيف حالك صديقي؟!"
قال بازدراء ونظرة حادة اطلق زنادها من زرقاوتاه:" اللعنة... لست صديقك!"
سرعان ما استعاد آخر ما قاله لنيو بعد حادثة المصعد ليلحق متنهدًا:" بعد!"
ابتسم اليكس بلطف وهو يبادل نظرات ذات مغزى بينه وبين آني قبل
أن ينهض متوجهاً لسريره:" الأمر منتهي اذًا!"
بادرت آني تنفخ طلاء اظافرها وهي تبتسم تؤيد ماقاله اليكس:" صحيح!"
اقترب نيو مستفزًا الأخرى:" منذ متى تتصرفين بلطف مع الآخرين؟!
أم هذا فقط أمام رئيس عملك المستقبلي!"
انتفضت لترفسه غاضبة لكلامه الذي استفزها قبل وصول اليكس ليحملها
كالعادة وهو يهدئها... فانقذ نيو من المزيد من الركل والرفس المؤكد!
قهقه بيرت حاضيًا بانتباههم ليردف ساخرًا:" آنسة آني... أنا متعب والا
كنت حييتك وقوفًا على العرض الجميل! أنا معجب باعمالك من الآن!"
كان يتخذ جانب آني فقط ليزعج نيو الذي نظر نحوه وهو ممد على
الأرض يبتسم بسخرية:" عنصري!"
لكن الرد لم يأتيه فقد غفى مكانه رغمًا عنه! حمل اليكس الغطاء من
خزانة الغرفة ورماه نحو نيو في الهواء فقام الأخير بتغطيته ووقف
بجانب صديقيه يتبادلون ابتسامات صغيرة!

وقع عن الأريكة مستيقضًا في نفس اللحظة وهو غير مدرك... رن هاتفه
فأجابه بعيونٍ شبه مفتوحة:" من؟!"
جائه صوت فتاة غير مألوف:" سيد بيرت جوليان كينت؟"
نظرللشاشة ليستفسر عن رقم المتصلة فاذا به يقف منتفضًا:" مرحبا...
معك بيرت، هل حدث شيء لها آنستي؟"
قالت بحيرة ورزانة:" سيقوم الطبيب بخلع جبيرة آيرس كوربي....
لكنك لم تأتي كالعادة فرفضت الآنسة خلع الجبيرة عن ساقها!"
استنكر الأمر قائلًا بغيض:" ما هذا الهراء، سأتي للمشفى حالًا!"
اغلق الهاتف بسخط وهو يجوب بنظره في الأرجاء ليلتقط ثلاثة ازواج
من العيون المحدقة به بشيء من الاستغراب ليتذكر أنه لم يعد للبيت
في الليلة الماضية... كانوا يجلسون على الأرض حول الطاولة التي
تتوسط الأريكة ويتناولون فطورهم... أشار اليكس نحوه وهو يقول:
" ذلك الشاب... مارتن، أحضر لك حقيبة وبذلة... وضعتها بجانبك..."
وافصح نيو متسائلًا:" ستذهب للمشفى؟! لماذا ما الذي حدث؟!"
حمل بيرت الملابس وفتح سحاب الكيس المخصص للملابس وليتفحص
ما أُحضِرَ له وهو يتجاوز الجميع نحو الحمام الخاص بالغرفة المرفهة
لأفضل مختبري الشركة!
غسل جسده من اتعاب الأمس بغير تبليل شعره وغير ملابسه بسرعة...
تذكر أنه من طلب هذه البذلة الأنيقة من مارتن لمناسبة مهمة كخلع
الجبيرة عن ساقها متحججًا بالعمل...
خرج وهو مسرور ومرتبك للخبر وتأخره... فتح حقيبة ظهره وأخرج زجاجة
العطر وبخ القليل منه وابتسامة بلهاء ترتسم على ثغره!
قال نيو ممازحًا...:" ألديك موعد مع حبيبتك مثلًا؟!"
ابتسم بيرت بسخرية وأخذ خبز التست التي كان يضع الجبن عليها للتو متعمدًا
وتجاهله وشرب عصيرًا سكبه اليكس لحظة جلوسه ...
قال نيو بفضول عجز عن اخفائه:" انه موعد اذًا!"
رمقته آني بنظرة (أنت سخيف) وهي تشرب كوب الشاي الخاص بها...
نهض بيرت وهو يمسح طرف بذلته من فتات الخبز ليغادر... وبطريقة
ما لحق نيو ببيرت لحيث السيارة وكذلك فعل الآخرين ليريا نتيجة الحاح
نيو أين تودي به!
ولم يندموا اذ شاهدوا بيرت يتجاهل نيو ليفعل ما يشاء والآخر ركب
السيارة معه! توجهوا نحوهما لتردف آني:" أيها الخونة ستذهبون وحدكم!"
وجلست بجانب بيرت بلا دعوة ففتح اليكس الباب الأمامي وجلس بجانب السائق...
استنكر مارتن الأمر ليشير باستسلام أن يتحرك فسأل بنبرة مُنخفضة:
" سيد بيرت.... المعتاد؟!"
حشر نفسه في المقعد وهو محشور بين آني ونيو مردفًا:" المعتاد!"

وخلال نصف ساعة كان يقف بجانب المشفى ففتح السائق الباب الأيسر
وهوينظر للفتاة القصيرة تترجل من السيارة مستغربًا وقد خدع بمظهرها!
لتليه بيرت ثم نيو... قدم مارتن باقة زهور السوسن لسيده فنظر اليكس
نحو بيرت بحيرة وهو يتابع بعينيه فتبعه مع الآخرين.... كانوا يترقبون
معرفة أي شيء يخص صديقهم الجديد الذي يلف نفسه بسياج شائك
وحول عنقه لوحة كتب عليها يمنع الاقتراب!
وصل لمبتغاه فطرق الباب ثلاثة مرات وفتح الباب قائلًا:" صباح الخير!...
هل تأخرت عن الحفلة؟!"
كانت تجلس على طرف السرير وهي تنتظر وصوله لتردف بسعادة تحمل
شيئاً من الخجل:" يا الهي أتيت أخيرًا؟
اسرع اريد التخلص من هذا العائق بأسرع وقت!"
لفتت الباقة نظرها وهي تبتسم وتأخذها من يديه متمتمة بكلمات الشكر
والإمتنان متوترة لمبادرته!
جلس بجانبها قائلًا:" اليوم ساقك وقريبًا ذراعك! تهانينا الحار أنا سعيد لك حقًا!"
رفعت نظرها نحو الوافدين الجدد ولسبب ما ادركت أن أحدهم هو
الشاب الذي ادهش بيرت بطلب صداقته من أول لقاء!
-:" أصدقائك؟!"
تمتم بغيض:" نوعًا ما!"
دفعت آني الشابين وتقدمت غير مصدقة:" يا الهي! انها فتاة حقًا!"
مدت يدها قائلة بسعادة غامرة:" أنا آني لينكس... سعيدة بمقابلتك!"
رفعت يدها المرتجفة لترد التعارف بابتسامة متوترة:" آيرس كوربي... أنا أكثر.."
اقترب اليكس ووقف خلف آني واضعًا يده على رأسها معرفًا نفسه للأخيرة:
" اليكس ريني.. تشرفت بمعرفتك يا آنسة."
تسمرت للحظة لتردف متسائلة:" أأنتما مقربين؟!"
ضحكت آني وهي تحرك يدها أمام وجهها نافية في حين اجاب اليكس:
" يمكنك قولُ ذلك!"
لتكمل آني عنه:" نحن اصدقاء طفولة.. لقد نشأنا معًا في نفس الحي!"
اقترب نيو مبتسماً:" نيو جونز... في خدمتك دائمًا!"
رمقها بتقييم ليكمل:" وكم عمر آيرس الجميلة!؟"
توردت وجنتاها بخجل لوصفها بالجميلة في حين رفسته آني مباغته وهي
تسلف بحنق:" اذهب للجحيم! ألاتعرف أنه لايجب أن تسأل أنثى عن عمرها؟!"
قهقهت الأخيرة مجيبة:" أنا في السادسة عشر!"
استغربوا جميعا ليردف نيو بعدم تصديق:" طننتك في الثامن عشر!
أنا آسف... فقط تبدين كذلك!"
أمسكت أني بيديها بسعادة:" نفس العمر! يالحظي!"
نظر الشباب الثلاث بين بعضهم البعض وهم يقايسون الفتاتين بصمت...
وشتان ما بينهما! الأولى فارعة الطول وتبدو كآنسة والأخرى قصيرة
وتبدو كطفلة! وكانت خيبة الأمل ترتسم على ملامحهم !
اقترب اليكس مستفسرًا بفضول زميليه:" اعذري فضولي لكن...
هل تعرضت لحادث؟!"
أومأت مجيبة بينما آني تتلمس ظهرها مواسية... ليلحق نيو
مخاطبًا بيرت:" قريبتك صحيح؟!"
رمقه بملل متجاهلًا سؤاله:" هل سيأتي الطبيب قريبًا أم ماذا؟!"
أشار نحو بيرت محدثًا ثعلبية العينين:" لاتقولي أنك قريبته!"
نفت برأسها وهي تنظر نحو بيرت الذي بدأ ينزعج من نيو بلا سبب!
فتنهد نيو بلا حيلة:" كيف تعرفت على متجمد الملامح اذًا!"
مررت أنامل يسراها على الجبيرة في يسراها مجيبة باختصار شديد:
" لقد أسعفني يوم الحادث!"
بادلوها نظرة (تابعي!) لتسرد لهم ماتتذكره من يوم الحادث!...
كيف أنها كانت تقطع الطريق وكانت متنبهة ولكن السائق ظهر من العدم
مسرعًا ولا تذكر شيء غير اقتراب بيرت واستيقاظها على السرير في هذه الغرفة.
نظرت نحو جبيرة ساقها اليسرى بشرود وهي تكمل:" لقد مر شهرين!"
أجل شهرين من النوم على السرير بلا حرية منتظرة شفاء جروحها وعظامها المكسورة! جعل ذلك اليكس يتأثر وهو يكبت دموعه ضاغطًا بين عينيه بألم...
في حين مسحت آني كتفها بدعم وهي تبتسم للأخيرة...
تمتم نيو بعدم تصديق:" شهرين!"
ليردف متأثرًا بحماس:" أنتِ حقًا قوية! أنا مذهولٌ بك!"
تمتمت متوسعة العينين:" قوية!" اكملت بملامح جامدة والدموع تهدد
بشق طريقها:" أنا لست قوية على الإطلاق!"
تجمد الأخرين لوقع كلماتها وأكثرهم بيرت الذي وضع يده على رأسها
بعدم استيعاب يزم شفتيه مستنكرًا لما سمع...
في حين جلس نيو القرفصاء وهو ينظر لها بابتسامة:" بل قوية!
لو كنت مكانك كنت سأجن بكل تأكيد!"
تدفقت دموعها وهي عاجزة عن منع نفسها... لطالما كانت سريعة التأثر
وتعجز عن السيطرة على دموعها ولكنها في تلك اللحظة لم تكن حزينة...
بل كانت خليج مشاعر عجزت عن فرزها!
أخرج اليكس منديلًا ورقيًا من جيبه وهو يمده نحوها لتلتقطه آني الجالسة
بجانبها لتمسح به دموعها وهي تنظر بحدة نحو نيو بتوعد...
صادف ذلك دخول الطبيب وممرضتين وبعد التحية بين الطبيب وبيرت الذي
اعتذر عن تأخره وتصرفها الغير المبرر ، وذلك قبل أن يشرع الطبيب بعمله
بمساعدة الممرضتين... كانت آني الأكثر حماسة وحتى من آيرس!
ولكنه لم يكن عملًا سهلًا كما يبدو فقد استغرق وقتًا ملحوظا وصبرًا مُقدرا
من الطبيب الذي مارس عمله باحترافية.

بعد ما يزيد عن عشرين دقيقة أزيلت الجبيرة التي تمتد من رُكبتها،
عن ساقها تمامًا وأخذ الطبيب يتفحص الساق وهو يطلب منها تحريكها
واذا ما كانت تتألم... ثم طلب منها ان تقطع مسافة بين النافذة والسرير
ليرى النتيجة... انتهى الفحص الروتيني لما بعد خلع الجبيرة لآيرس
وبيرت ينظر لها بملامح خلطت بين السعادة والفخر...
غادر الطبيب وممرضتيه سعداء بدورهم فمريض آخر سيتابع حياته بطبيعية
متجاوزًا عائق الجبيرة... ولكن بيرت كان قد سبق وطلب من الطبيب تمديد
اقامتها في المشفى ريثما تتعالج تمامًا ... هو يدرك بعد رؤية طريقة
المعاملة التي اظهرها والدها أنها لن تتمكن من الاسترخاء! فمن يعامل
ابنته بتلك الطريقة المزرية ويصفعها فوق كدمات وجهها التي اختفت الآن
ويسحبها من شعرها شاتمًا اياها بالتأكيد لن يتردد في فعل الأسوء الذي
يمنع شفاءها التام!

-:" آيرس..."
التفت الجميع نحو آني التي بدت جادة الملامح لتردف مقطبة حواجبها
شاردة الذهن تنظر في الفراغ:" فتاة غبية مثلك... لا يجب أن تكون هشة!
أنت فتاة... وعليكِ أن تصبحي أقوى في هذا العالم اللعين!"
توسعت عينا آيرس وبيرت على وقع كلامها في حين أغمض الآخرين
عيناهما وقد شهدا لونها الحقيقي كثيرًا قبل الآن! فقد تداركت
الفتاة ظريفة المظهر قسوة الحياة في سن مبكرة! جعلها غالبًا ما تعبر
عن نفسها بعدائية!
ازدردت بندقية الشعر ريقها وهي تشهد نظراتها الحادة واستمر تبادل
النظرات بينهما الى أناضافت آني تكسر الجو بمرح وهي تضم نفسها:
" اقول هذا لأنني لا أحب الفتيات البكائات وأنا أرغب بأن اصبح صديقتكِ لذا....."
رفعها اليكس و وضعها على كتفه وهو يقول بملل:" يبدو أنكِ تحمست كثيرًا!"
ابتسم نيو مستمتعًا بتصرف اليكس العفوي في حين شرد بيرت يفكر بينه
وبين نفسه (فتاةٍ قوية!؟) متذكرًا الحادث الذي غير عالمه! الحادث الذي
حدث لم يكن لآيرس وحدها! ففي تلك اللحظة التي ارتفع جسدها في الهواء
قبل أن ترتطم بالأرض على جانبها الأيمن، كانت اللحظة التي افاق بيرت
من صندوقه وكان ذلك الحدث الرئيسي يومها!.
تمتم بيرت متسائلًا بخفوت:" وهل القوة هو الشيء الوحيد الذي تحتاجه؟!"
انتبه له الجميع في حين ابتسم نيو مقتربًا منه ووضع يده على كتفه مردفًا:
" لا تفكر كثيرًا ياصديقي... فأنت لن تفهم كيف يفكر عقل الفتيات عادةً!"
نظر للسقف بلا حيلة:" وأنت الخبير الذي يعرف اذًا؟!" أبعد ذراعه عن كتفه
وهو يبتعد مردفًا بانزعاج:" ثم ماعلاقة هذا بذلك؟!"
أبعد شعره الأشقر عن جبينه للخلف ليعود الشعر كما كان مباشرةً:
" لا علاقة! ولكني كان يجب أن أقولها!"
-:" هااااء؟"
-:" كما فهمت!"
-:" أجننت؟ أم تستهزأ وحسب؟"
ابتسم بسخرية متهكنًا:" لا أصدق ذلك! اذًا فأنت لم تفهم قصدي حقًا... جاهل!"
قال الأخيرة وهو يشد بوضوح فقط ليستفز بيرت وقد نجح بذلك فقد
كان مُنزعجًا ومُرتابًا لتصرف الأخير!
تدخلت آني التي ماتزال مرفوعة على كتف اليكس من قبل:" سيد بيرت...
ذكرني أن اعلمك الطريقة الوحيدة للتعامل مع هذا المزعج لاحقًا!"
ليسايرها هازئًا:" أشعر أنني أملك فكرة عن ما ستعلمينني اياه!"
قال ذلك وهو يبعد نيو برفسة فاشلة لتلحق آني بمكر مصاحب
لنشوة الإنتصار:" أهلًا بك في عالمي!"

وآيرس تضحك بخفوت على المشهد اذ أن عاود نيو ضم بيرت مرددًا صديقي...
صديقي! والأخير عاجز عن التخلص منه!
على غير العادة بقيّ بيرت في المشفى لفتره طويلة، هذا ما لاحظته
آيرس وهي تستمع لأحاديثهم الممتعة... فبالنسبة لها الوقت يمضي
ببطء حين تبقى وحيدة طوال النهار بلاحيلة!

خرجوا مودعين آيرس وقت الغداء وكانت آني ماتزال ترفض الذهاب
وتتوعد بالعودة لاحقًا! فقد جائت الممرضة التي تركتهم يبقون طويلًا
وهي تعرف أن هذه المريضة لا تستقبل الزوار عادةً، كان عليها تغيير
الضمادات حول عنقها و يدها اليمنى التي تكاد تُشفى كما جبينها ...
في النهاية خرجت الممرضة وقد ازالت الضمادات واكتفت بلصاقات
صغيرة بدل التضميد... .
بعد تناول الطعام توجهوا نحو عملهم وهم يملكون دافع جديد ليبذلوا
جهدًا أكبر كسبوه من آيرس التي تصبر لبطالتها متمددة على الفراش!


جلس يتناول العشاء مع والده بعد العودة من العمل وهو عاجز عن عدم
الشرود سعيدًا بما حققه لأجل نفسه وليس لطلب والده العجوز!
فوالده رجلُ ستيني كرس حياته لعمله وبنى الشركة في شبابه بمساعدة
ودعم والده... فقد زوجته الأولى في الثلاثين من عمره وتزوج ثانيةً بعد
ستة عشر سنة ليحظى ببيرت من هذا الزواج الذي لم يدخل السنتين!
فقد انفصل عن زوجته الثانية بسبب عدم التوافق...
استلقى بيرت على سريره محدقًا بالسقف وهو يستعيد احداث اليوم
وعينيه عاجزة عن اخفاء بريق السعادة... ليردف وهو يتذكر كلام آني:
" أقوى؟!"
استعاد آثر هذه الكلمة ذكرى قديمة لم يكن المفترض أنها علقت في
ذاكرته! عن امرأة شابة، تحتضنه متمتة بحب مزج بالتحذير:" بيرت...
عليك أن تكون قويًا!"
جلس ينظر حول نفسه ويمسح العرق عن جبينه:" ماهذا بحق خالق السموات؟!"
استنكر الذكرى واتهم نفسه بالهذيان... نهض ليندس تحت الدُش
في حمامه الخاص يغسل ارقه بعد أن اتهمه بتزييفه للذكرى عبثًا!
لكنه استعادها بتفاصيل أكثر وهو تحت الماء...
عن فتاة شابة ترتدي فستاناً أبيضاً قصيرا وحذاء طويل ذات شعرٍ
أشقر مصبوغ بالبصلي الفاتح تبتسم له وهي تدنو لمستواه
وتحمله لتضمه بحنان...:" لا بأس يا صغيري..."
ثم تمسح على شعرها بيسراها وتحرك جسده الصغير مسنده اياه على
خصرها مردفة بنفس الابتسامة:" عزيزي بيرت... عليك أن تكون قويًا!"

انتفض بعدم تصديق جاحض العينين من نومه:" ماكان ذلك؟!"
متى خلد للنوم؟ هل كان يحلم؟ لا ليس حلمًا فقد كان لها طعم حلو ومر...
لكنه عجز عن تذكر هويتها!

نهض ليرتدي زيه الموحد مستنكرًا وجلس في غرفة الطعام ليحضى
بفطوره المبكر كالعادة قبل التوجه للمدرسة... آخر سنة له يريد بالطبع
ومن كل قلبه أن ينهي هذه المرحلة بسرعة كما تمنى سابقًا انهاء الإعدادية
والابتدائية طوال فترة الخوض بها! وجد نفسه يكبر بسرعة متناسيًا العاب
الطفولة وفترة المراهقة ليجد نفسه على مشارف البلوغ!
لقد كان دائمًا يردد لنفسه:" يجب أن أكبر بسرعة!"

كان يدون في مفكرته المزيد من الأفكار للعبة التي هي مشروعه الخاص ...
اذا نجحت ولو بنسبة ضئيلة فسيعترف والده به ! ولأجل عدم استثمار الكثير
من الموارد والاستثمار بأقل منابع مالية قرر عدم المخاطرة وجعلها لعبة
للأجهزة اللوحية والأندرويد ...
تمتم شاردًا:" بقي شهرين فقط! علي أن أسرع بالعمل عليها!"
استعاد شيء من انتباهه حين فتح مارتن الباب له، ليجد أنه وصل للمشفى!
ترجل متوجهاً نحو الردهة الواسعة متخطيًا المارة... صعد بالمصعد بعد أن
طلبه منتظرًا لبعض الوقت، لكنه كان مكتضًا بعد أن ركبه فخرج منه قبل أن
يعود له شعور الاختناق! فتحرك يصعد الطوابق الأربعة عبر السلالم التي
كانت هادئة وبالكاد تستعمل! هو حتى لايذكر سبب رهابه للأماكن الضيقة
والمغلقة... فقد اكتفى والده بقول أن بسبب انه حبس سهوًا بسبب قلة
مسؤولية أحد الخدم في أثناء التخييم بالكوخ الجبلي... لم يشرح له الكثير
فقط يكرر نفس الشيء دائمًا! وصل للغرفة وهو يحمل السوسنة بيده
ودخل بعد الطرق ثلاثة مرات مباشرةً...
وصله صوتها المتزامن مع فتحه للباب تردف بضحكة خافتة:" انه بيرت!"
رمق المتواجدون حولها باستنكار! ثم حملق يزم شفتيه ممتعضًا لهذا اللقاء...
ضحك نيو الذي كان يقف ليمين سريرها بسخرية في حين اليكس على اليسار
وآني تجلس على السرير وهي تأكل الدونات وترمقه بنظرة بلهاء،
ابتلعت ما بفمها ولعقت ابهامها تبتسم لبيرت بمكر لم يفهمه الآخير...
اغلق بيرت الباب بملل وتقدم وهو يلقي التحية:" صباح الخير! "
اردف وقد وضع الزهرة في مكانها وأخذ القديمة بملل:" أليس لديكم مدرسة؟!
ما الذي تفعلونه هنا بحق السماء؟"
أجابته آني ببلاهة ووقاحة وهي تحرك قدمها بطفولية:" المدرسة للأغبياء!"
توسعت بؤبؤيه ليوضح اليكس مستنكرًا:" تقصد أنها تخرجت من الثانوية قبل سنتين! "
اردف نيو شاردًا بقهوائيتيه للسقف مبتسمًا:" ثلاثتنا كذلك!"
جالت آيرس بعينيها مستفسرة:"هل أنتم بذلك الذكاء؟!"
أومأت آني بابتسامة بلهاء وهي تقضم قطعة دونات أخرى.... اقترب نيو
ينتشل القطعة أوماتبقى منها منزعجًا:" يكفي! لم تتذوق آيرس الدونات مع
أننا أحضرناها لها!"
نزلت من السرير تحاول استعادتها وقد كانت الأخيرة، حملها للأعلى ينظر
لها بانزعاج سرعان ما تحول للسخرية وهي تحاول القفز عاجزة عن تجاوز
وجهه... ابتسم مستفزًا اياها:" قصيرة!"
ولم تكن الإجابة سوى ضربة مباشرة على الوجه! تنهد اليكس الذي مل
من الأسطوانة وهو يقترب من نيو يساعده على النهوض بدل امساك
الفتاة العصبية:" توقف عن ازعاجها!"
قهقه وهو ينفض ملابسه مبتسمًا رغم نظافة الأرضية:" وافوت رؤية هذه
الملامح الظريفة؟!"
تجمدت آني وسرت القشعريرة في جسدها وهي تضم نفسها مشمئزة:
" اغرب عن وجهي!"
ثم أمسكت ذراع اليكس تتخذه درعًا وهي تردف بانزعاج:" منحرف!"
كان آيرس وبيرت قد اتخذوا موقف المشاهدين المستغربين، الى أن قهقت
ايرس بخفوت فلفتت انتباه بيرت الذي اقترب منها مردفًا:" كيف حالك اليوم؟"
حركت ساقيها وضمتهم تحرك أصابع قدمها:" مارأيك أنت؟"
ابتسم وهو يضع يده على رأسها:" هنيئًا لكِ... صبرت كثيرًا."

بقيَ بيرت يتابع الأحداث والآخرين يمزحون ويشاركون آيرس في حديثهم
وهي تبتسم كثيرًا في حين آني و بحضورها القوي تسيطر على الجو العام
وهي تتحدث عن حبها الشديد للسكاكر والحلويات بانواعها... ونيو يسخرمنها
وينعتها بالطفلة والقصيرة متعمدًا.. واليكس استسلم تاركًا نيو ينال مايستحقه!
نظر نحو ايرس المستمتعة بالحديث وهي تبتسم بلطف شديد وتغمض عينيها
وسرح لبعض الوقت، تشوشت رؤيته ففرك عينيه بطرف معصمه ليعاود النظر وقد شرد بملامحها متوسع العينين وهو يستعيد الذكرى بشكلٍ أوضح...
مسحت على شعره بيسراها وهيّ تحرك جسده الصغير تحتضنه بنفس الابتسامة:
" عزيزي بيرت... عليك أن تكون قوياً!... سأتركك لبعض الوقت لكن،
اعتني بنفسكَ من أجلي.. ابتسم كثيرًا! "
وسالت الدموع من زرقاوتيها وسط ابتسامتها الحانية!
تشوشت رؤيته وصدى كلماتها يتردد في رأسه... بقي مجفلًا
وهو يستنكر ماتذكره... فقد شعر ببحة قوية وعجز عن التنفس بسبب
ضيق لم يدرك سببه...
خرج مستدركًا نفسه ووقف بجانب نافذة مطلة على الخارج في نهاية
الرواق يجدد الهواء في رئتيه وهو يضغط بين عينيه باصابع عسراه
وهو يتكئ على النافذة مشوشًا...
-:" هل أنت بخير يا صديقي؟"
التفت لمصدر الصوت خلفه متفاجئ، تنهد بملل وهو يردف مُجيبًا:" بخير!"
استنكر اجابته فقد رأه مجفلًا وعاجز عن التنفس قبل أن ينسحب بهدوء...
اقترب بحذر وهو يضع يده على كتفه:" أنت تعرف أنك تستطيع الإعتماد علي؟!"
تنهدوهو يعيد نظره لخارج النافذة متكئاً بكوعيه يحني جسده لمستواها
المتدني مبتعدًا عن نيو...:" ولما عليّ ذلك؟"
أمسكه من كتفه من جديد وهو يديره نحوه بسرعة ليقول بشيء من الشك
والانزعاج:" ولما وجد الأصدقاء بحق السماء؟!"
تسمر الأخير عاجزًا عن الرد سوى بدمعة صغيرة تمردت وعصت سجانها....
ولم يجد نيو غير الحملقة مستنكرًا للموقف.
أهو بذلك الحزن؟!



* يُتبع *




 
 توقيع : فِريـال


التعديل الأخير تم بواسطة سيـرَان. ; 05-08-2020 الساعة 01:18 AM

رد مع اقتباس