عرض مشاركة واحدة
قديم 07-28-2023, 03:50 PM   #3
Nour99‏
عضو مقاوم


الصورة الرمزية Nour99
Nour99 غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7861
 تاريخ التسجيل :  May 2023
 العمر : 24
 المشاركات : 163 [ + ]
 التقييم :  34769
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 24
تم شكره 7 مرة في 7 مشاركة


هتف الجميع باسمه : " يزن ، يزن ، يزن "
وقف ابن عمي بكل ثقة قائلاً بطفولية : اسمي يزيد ، عمري تسع سنين، أطمح أن أكون طبيباً كبيراً في المستقبل ، لأنني أحب الأطباء ، فوالدي طبيب متميز ، أطمح أن أكون مثله يوماً ما .. "
صفق له الجميع بحرارة ، ثم وقفتُ ثانية أعيد ترديد تلك العبارة : " و الآن سيداتي و سادتي ، سيقف أمامنا توأمي المبدع يمان ليحدثنا عن نفسه .."
هتف الجميع بصوت عالٍ : " يمان ، يمان ، يمان "
وقف توأمي بكل ثقة ، متحدثاً بصوته الرقيق ، الذ اشتقت لسماعه كثيراً : " اسمي يمان ، عمري تسع سنين ، أخطط أن أكون محامياً بارعاً ، أدافع عن المظلومين ، و الأبرياء ، فأقذف المجرمين في السجن ؛ لئلا يكرروا فعلتهم مرة أخرى ، لنعيش في مملكتنا بسلام و حب و عطاء " قالها بيان و بصوت يجهش بالبكاء ، محاولاً كتم صرخات تصدح داخله ..
ثم صفق له الجميع ، فجاء دوري ، أخبرتهم بأني أطمح أن أكون مهندساً متميزاً كوالدي ، أسهم في بناء مباني مملكتنا الجميلة ، و ختامنا أخبرتنا لولو الصغيرة برغبتها أن تكون معلمة للأطفال ، و جودي رسامة بارعة ..
كانت أحلامنا الوردية تعانق سماء مملكتنا الجميلة ، كنا قد حظينا بوقت ممتع مع بعضنا البعض ، قمت لأحضر عصيراً بارداً ، يبرد علينا حر تلك الليلة ، دخلت المطبخ لأجلب العصير ، سرعان ما سمعنا أصوات قنابل و صواريخ ، نوافذ البيت و أبوابه اُهتزت ، و كأن زلزالاً بقوة 7 ريختر يضرب مملكتنا ، أصوات إخوتي و أولاد عمي و هم يصرخون طالبين النجدة ، بكاؤهم ما زال يرن في أذني يا ماهر ، فجأة توقف البكاء ، وقع حائط الغرفة العلوية على الأطفال في الحديقة ، بدأت أنادي بصوت عال ، أصرخ طالباً النجدة : " أمي !!! ، أبي ، عمي ، عمتي ، يماااااااااااااان ، سااااعدوني ، كنت خائفاً ، بل كنت أرتجف من شدة الخوف ، وقع سقف المطبخ علي ، سرعان ما أغمضت عيني ، كنت واثقاً كل الثقة بأني سأكون في عداد الأموات ، و أني سألحق بأهلي .
استيقظت فجأة ، بدأت أفتح عيني ببطء ،أسمع صوتاً قريباً مني ، أحدهم يقول بصوتٍ باهت فَرِح : " إنه حي ، إنه حي ، الحمد لله ! "
بعد دقائق بدأت أتفحص المكان، محاولاً استيعاب ما الذي يجري هنا ، أحدث نفسي : " أين أنا ؟! "
فهم والدي نظراتي فأجاب يطمئنني و هو يربت على شعري برقة : " أنت بخير يا حبيبي لا تقلق "
حاولت النهوض محاولاً الاستعانة بما تبقى لدي من طاقة ، ساعدني والدي على الجلوس ، فهمت أننا نجلس في نفق تحت بيتنا ، كان قد بناه والدي لحالات الطوارئ هذه ، كيف لا و هو مهندس متميز ، لكنه أخفى هذا الأمر عنا !
بدأت أُفتش عنهم عَلِ أجدهم ، لكن هيهات ، حاولت أن أبحث عنهم كثيراً و أنا أفتش في وجوه من حولي لم أجدهم ، صرختُ بهلع : " أين يمان ، لولو ، جود و يزن ؟! ، أين هم ؟! "
- والدي بحزن : " لم نجدهم بعد يا صغري . "
بدأت دموعي تذرف كشلال أبى أن يتوقف .
والدي و هو يحاول أن يطمئنني : " لا تقلق ، سنجدهم بإذن الله "
أنا و دموعي في انهمار : " أبي لا بد أنهم يتألمون ، أرجوك اذهب و أنقذهم ، أرجوك "
سرعان ما سمعنا صوت صاروخ و يكأنه بركان هائج ..
والدي و قد احتبست الدموع داخل ملقتيه : " لا تقلق يا حبيبي ، سيكونون بخير إن شاء الله ، نم الآن و كن مرتاح البال ستكون بخير هنا ، و بإذن الله سيكون إخوتك بخير أيضاً ، فهم في عناية الرحمن "
لم أرغب في النوم مطلقاً ، لكن النوم باغتني ، فنمت لفترة طويلة دامت لأكثر من يومين ، حالماً بعودة إخوتي و أبناء عمي بسلام ..
استمرت الحرب لأكثر من أسبوع ، و في اليوم العاشر أُعلنت هُدنة مؤقتة بين المملكتين ، مملكة الفضة و مملكة الخيزران .
خرج والدي برفقة عمي من النفق ، كانت وُجهتهم المقصودة الحديقة ، فهرعوا مسرعين ، ليُصدموا بأن حائط الغرفة العلوية وقع عليهم ، و بعد مرور ثلاث ساعات من البحث تحت الأنقاض ، وجدوا أشلاء الأطفال الأربعة تحت تلك الأنقاض ، اللافت للنظر أنهم كانوا ممسكين بأيدي بعضهم البعض ، مصفوفين على سطر أفقي واحد ، و هم يبتسمون ، بكى والدي و عمي ، حتى نفذ مخزون الدمع من مقلتيهم ، استيقظتُ من نومي فوجدت أمي بجانبي تربت على رأسي ، سألتها عن أبي فأخبرتني بأنه في بيتنا ، خرج من النفق قُبيل ثلاث ساعات ، فهرعت مسرعاً محاولاً تجميع ما تبقى لدي من مخزون طاقتي ، لحقتَ بي أمي ، بينما بقيت عمتي و زوج عمي في النفق ، وصلنا إلى وجهتنا المقصودة فوجدنا الأطفال مرصوصين بصف واحد ، بكيت حتى وقعتُ بسبب نفاذ ما تبقى لدي من طاقة ، أمي بكت أيضاً ، ذهب والدِي فأخبر عمتي و زوج عمي بما حدث ؛ سرعان ما هرعن بسرعة إلى الحديقة ، رأين المشهد المؤلم ، فبكينا جميعاً لساعات و ساعات ، ثم جاء المشهد الأكثر ألماً من سابقه ، " مشهد الدفن " !
تم تكفينهم ثم الصلاة عليهم و دفنهم في الحديقة .


 

رد مع اقتباس