عرض مشاركة واحدة
قديم 12-17-2020, 07:50 AM   #12
فِريـال
مشرفة طلبات التصميم ومعارض الأعضاء
-ORILINAD


الصورة الرمزية فِريـال
فِريـال غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل :  Feb 2020
 العمر : 28
 المشاركات : 26,691 [ + ]
 التقييم :  38050
 الدولهـ
Iran
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
إبتسِمـ
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

مشاهدة أوسمتي



-





"الكثير من اللحظات الصغيرة، تجعلنا ما نحن عليه الآن!"


✧✦✧






-10-




*جوان*


قضيت المزيد من الوقت مع تاكيهيتو.... إنه فتى مُسلي على طريقته الخاصة...

هو ذو شعر بني فاتح وطويل نسبيًا يصل لأكتافه! وعيونٍ لازوردية كبيرة...

شيئاً فشيئاً كانت خطواتي تتقلص ليُجاريني بخطواته... لقد بدا لي ذلك كما ولوأنني أستطيع رؤية كُل شيء بشكلٍ أوضح.

دخلنا الصف وكانت الفتيات ما يزلن منهمكات بعملهن ، ألقيتُ نظرة استكشافية على قاعة الدراسة...
قبل أن أسأل بصوت مرتفع: "أين آكاني؟"

نظرن جميعهن بفزع نحوي وكان تاكيهيتو مستغربًا لأن الجميع ينظر نحونا، نهضت احداهُن تقول:
"ذهبت مع توشيبارا لإحضار المزيد من الأشرطة لصنع ربطات الرأس لصفنا..."

مع من بحق الجحيم؟ تلك الغبية... ألم تجد سوى توشيبارا لترافقه؟!

"أنا آسف تاكيهيتو..."
قُلتُ وأنا أنتفض راكضًا للبحث عنها!

توشيبارا هو الأسوء! أخجل من نفسي وأنا أقولها ولكن توشيبارا كان أحد أصدقائي في الإعدادية!

هو ورفاقه الأسوء على الإطلاق ويزدادون سوءً يومًا بعد يوم! لقد سحبت نفسي من بينهم منذ أن بدأوا بالتنمر على الآخرين ويبحثون عن أي فرصة لخوض شجار مع أيٍ كان...

قبل سنتين تورطت آكاني معهم، وقبل فترة سمع حديثنا أنا وآكاني عن ذلك....

وعرف أنها من خربت الخيمة فوقهم في ذلك الوقت... مُنذ حينها وهو يتربص بآكاني للانتقام منها...

بذلتُ جُهدي للبقاء معها دائمًا... لحمايتها منه ومن عصابته، لأنهم لايجرئون على الإقتراب مني....

لا أصدق أني تركتُها وحدها...
كيف غفلتُ عنها في وقت كهذا وأنا أعرف أن الجميع يعملون للتجهيز لليوم الرياضي والحصص ألغيت!

بحثتُ عنها كالمجنون في كُل مكان وأنا أتصل بهاتفها المحمول ولا تُجيبني! تابعت البحث وأنا أدرك
بأنني كمن يبحث عن إبرة في كومة قش! فضلًا عن وسع مدرستنا فالجميع يتردد في كُل مكان...

جائتني رسالة منها على هاتفي ففتحتُها وأنا آملُ أن لايكون ما أفكر به قد حدث...

كانت الرسالة عبارة عن صورة! صورة التُقطت في المكان الوحيد الذي لن يكون به أحد في هذا الوقت...

كانت مُبتلة تمامًا... توجهتُ نحو مسبح المدرسة بأسرع مايُمكنني ولسوء حظي يقع المسبح في
الفناء الخلفي أبعد نقطة في مدرستنا... وحين وصلت كانت تجلس جانبًا وهي تتنفس بصعوبة...

اقتربت منها راكضًا وأنا أخلع سترتي... وضعتها على أكتافها وأنا أعرف أن الماء كان باردًا...
"هل أنت بخير؟ هل أذاك بشيء!"

"برد.... برد.... برد..." كانت تكرر بصعوبة وهي تضم نفسها...
كُنتُ أتفحصها كالمجنون لم أدرك ماذا أفعل حقًا... كانت تُخفض رأسها وهي تُحاول تدفئة نفسها...

سمعتُ تلك الشهقات وهي تطلقها باكية، ما الذي جاء بك الى هنا؟ كيف خُدعت؟ ظننتك أذكى من ذلك...

أردت أن أسأل لكن... حاولتُ مساعدتها على الوقوف، كانت ترتجف من البرد... حملت نفسها بصعوبة وأدخلتها المبنى الخاص بتبديل الثياب، المسبح المفتوح مخصص للأولاد ولا أفهم كيف خدعوها لتأتي الى هنا!

فتحت خزانتي وأخرجت منها منشفتي وثيابي الرياضية... ساعدتها لتدخل غرفة التبديل وتركتها هناك...
كانت ماتزال تبكي وكان ذلك واضحًا من صوت شهقاتها الخفيفة....

خرجت وقد غيرت ملابسها وتمسك بالمنشفة بيدها، كان الماء يُقطر من بين خُصلات شعرها الذهبي ...

أخذت المنشفة وأنا أحاول مساعتها لتجفف شعرها بسرعة...
"أأنت غبية؟ ستتبلل ملابسك هكذا!"

وبغير العادة كانت صامتة وهي تتابع البكاء مخفية وجهها عني تحت المنشفة!
بقيت أمسح شعرها بعد أن استعدت شيء من هدوئي... أنا لا أحب رؤية الدموع حقًا أيتها الغبية....

أبعدت المنشفة فكانت تحاول مسح دموعها بكم السترة الرياضية:
"لابأس... لابأس! ستكونين بخير"

رفعت رأسها تنظر بعيني مُباشرةً... تلك اللآلئ كان تتدفق من بين مُقلتيها كأنها سُحب ماطرة!
ولأكون صريحًا... بدت جميلة للغاية... "أنا آسفة جوان! آسفة جدًا!"

"لابأس... ليس عليكِ ذلك أيتها الغبية!"

أخذتُها للعيادة وبقيت هنالك لتدفئ نفسها بالبطانية...
"جوان... لاتخبر أحدًا بماحدث... فليكُن سرنا!"

أومأت برأسي موافقًا، لا أفهم كيف تفكر هذه الغبية...
بقيت معها لبعض الوقت وبمجرد أن رن الجرس مُعلنًا نهاية الدوام، حتى نهضتُ تاركًا إياها نحو قاعة الصف، توشيبارا أيها الحثالة لن أغفر لك ما فعلت...

دخلت القاعة وكان أغلب الطلاب قد غادروا أو يقومون بنشاطاتهم في النوادي... قمت بجمع كُتُب وأدوات أكاني ووضعتهم في
حقيبتها تحت مرأى تاكيهيتو... دنى مني وهو يقول بقلق:
"أكُلُ شيء بخير جوان؟"

بقيتُ أخفض رأسي وأنا أكمل جمع كتبي وأنا أجيبه:
"تاكيهيتو... أنا أعتذر، لكن أيمكنك أن تسلم الملصق لمكتب لجنة الطلبة!"

ابتسم برضى:
"غيرت رأيك اذًا؟! الملصق يستحقُ أن يُعلق في كُل مكان!"

حملتُ حقيبتي مع حقيبة آكاني وأنا أجيبه: "أعتمد عليك!"

واليتهُ ظهري وخرجت من باب القاعة الخلفي قائلًا: "أراك غدًا..."

مهما كان ما حدث فضيعًا...
فمازلت سأحترم ما طلبته مني أكاني! لاداعي لأي أحد أن يعرف ماحدث... علي أن أقمع غضبي تجاه توشيبارا ورفاقه ريثما يحين وقت الرد!

حين وصلنا للشارع الرئيسي أخذت آكاني حقيبتها وكيس ملابسها المبللة من يدي وهي تقول بصوت مبحوح:
"أنا متعبة! سأعود للبيت بسيارة أجرة!"

أطلقت سعالًا خفيف بعد أن ختمت كلامها: "يبدوا أنك مرضت حقًا! ألا يجب أن تري طبيبًا!"

"لابأس! سأستريح وسأكون بخير قبل الصباح..."
قالت ذلك وهي توقف سيارة أجرة وتركب بها... وبعد دقائق كانت قد اختفت من أمام ناظري...

ضغطت على مسند دراجتي بلا شعور وأنا غاضب من نفسي لأنني لم أحذرها!

"أتبدو ناكاموري مريضة أم أنني أتخيل؟!"

"أجل!" أكملتُ فزعاً وأنا أمسك قلبي بيدي: "تاكاهيتو... أفزعتني يارجل..."

أطلق ضحكات خفيفة وهو يخفيها جاهدًا:
"آسف! رأيتُك صدفة! ظننتك غادرت منذ فترة!"

"وأنا ظننتك ماتزال في المدرسة! أهذا الطريق لبيتك؟!"
راودني الفضول... فأجاب مبتهجًا: "يقع منزلي في الشارع الـ 60 لذلك هذا طريقي!"

"وأنا في الشارع الـ62... نفس الطريق!"
كُنت أسير بجانبه وأنا أمسك دراجتي... تاكيتشي يسير ببطء حقًا... ويبدو بأنهُ لايستطيع أن يقود دراجة،
فضلًا عن كونه مصاب بالربو...
أجاب مستغربًا: "مُستحيل! لم أراك تسير من هذا الطريق من قبل!"

لأنني أذهب بدراجتي للشارع الـ 77 في الاتجاه المعاكس لطريق المدرسة لاصطحاب آكاني صباحًا!
وأعود معها بعد المدرسة متأخرًا مع أننا لاننتمي لأي نادي! وتاكيتشي...
"لأنك تغادر المدرسة مبكرًا كل يوم..."

"صحيح! فأنا لا أنتمي لأي نادي... والدتي تقلق كثيرًا بسبب صحتي!"
على الأقل لديك واحدة لتفعل! على عكسي...

كُنتُ شاردًا وأنا أنظر للخصلات السوداء التي تتمايل بطولها لمنتصف تنورة الفتاة التي تسير أمامنا أنا وتاكيتشي! كان الآخر صامتًا بدوره...
لاحظ أني أطلت النظر نحو الفتاة فوخزني وهو يُشير نحوها برأسه قائلًا:
"أين أنت شارد؟"

نظرت نحوها من جديد لأقول مُبتسمًا!
"إنها تتمايل بعُصيان!"

نظر نحوي باستفهام وهو لم يستطع فهم كلامي واحمر وجهه خجلًا: "لا تفهم خطئاً تاكاهيتو..." أكملتُ وأنا أشير نحوها بملل: "أقصد خصلات شعرها!"

بدأ بالضحك قائلًا:" أنت مسلٍ نوعًا ما!"
قمتُ بحك شعري قائلًا وأنا أنظر له بطرف عيني مبتسمًا:
"إنها أختي الكبيرة!"
وقف مصعوقًا... بعد قليل نظر نحوي بوجه مظلم:
"أنت.... أي نوع من البشر أنت... لما لا تسير معها إذا كانت أختك؟!"

"همممم لا أعلم يبدو محرجًا نوعًا ما! أو يمكن أن يكون بسبب أني لم أعتد الذهاب معها لنفس المدرسة!
فقد كُنا في مدارس مختلفة في الإعدادية! وفي الإبتدائية كُنت في مدرسة خاصة بالأولاد!
ولم يسبق أن درستُ معها في نفس المدرسة! أليس كذلك ياجيما؟!"

التفتت نحونا مُبتسمة وهي تتابع السير...
"من النادر رؤيتُك مع أحد ليس آكاني! أهو صديقُك؟!"

قصرت خطواتها الى أن أصبحت تسير معنا!
ماذا تقصد بكلامها؟ أتظن أنني لا أرافق أحد غير آكاني!؟ لحظة! هذا صحيح...
منذ دخلت المدرسة الثانوية وأنا لا أرافق أصدقائي القدامى توشيبارا وعصابته!
وبسبب سلسلة أحداث غير متوقعة أصبحت ألازمها كثيرًا!
قال تاكاهيتو مبتهجًا:
"معك حق توشيري-سان! أنا أيضًا لم أره مع أحد غير ناكاموري من قبل، لماذا؟!"
ختم كلامه بسؤال ماكر! كما كررت الأخرى...
"لماذا؟"
أختي! لماذا تسألين أنت؟! قلتُ ببرود لأتملص من الإجابة بدون كوارث أو خسائر...:
"ليس لسبب! نحن نعرف بعضنا منذ الإعدادية وهي الوحيدة التي أنا على معرفة سابقة بها! ألا يكفي أنها شقيقة هيروشي!"

سأل تاكاهيتو بفضول:
"من هيروشي؟"

"إنه شيء يُشبه مثلهُ الأعلى!"
ماهذا؟ إجابة فورية! لا تُضيع أختي فرصة سنحت لها!

"شقيق ناكاموري هو مثلك الأعلى يا جوان؟"

"أجل!" قالت أختي مُبتسمة...

"لاتهتما لأمري رجاءً! أنا لستُ هُنا!"
بدآ بالضحك علي خلسة... أستطيع رؤيتكما كما تعلمان!

"أين آكاني؟" سألت أختي بفضول وهي تستطلع خلفنا مُكملة:" هذا نادر!"

"عادت لمنزلها!" قلتُ وأنا أتابع النظر للأمام...

"أهي بخير؟"
كانت أختي قلقة وهذا واضح... لا ألومها فمُنذ ما يزيد عن شهرين نعود معًا!

"لقد كانت مرهقة من الأعمال التحضيرية للأسبوع القادم وحسب! لا داعي للقلق... إنها بخير."
اقتنعت من إجابتي... انفصلنا عند التقاطع التالي وأكملت وتاكاهيتو الطريق وحدنا....

سأل بفضول:
"ألن تأتي أختك معنا؟"

نظرت له مُجيبًا:
"ستذهب لشراء شيء للعشاء وحسب..."

قال باهتمام:" ألا تُرافقها عادةً؟"

هي لاتحتاجُني عادةً... لم يسبق أن ذهبنا معًا! لم أعرف بما أجيب حقًا...
بقيت تتردد في رأسي، أقصدُ إجابتي التي لم أبديها (هيّ لا تحتاجني عادةً!) أحقًا لا تحتاجني؟!
حين وصلنا لرأس شارع الذي يقطن به تاكاهيتو انفصلنا بعد أن تبادلنا عناويننا البريدية...
ركبت دراجتي وعُدتُ أدراجي...






*ياجيما*


كُنت أتبضع لإعداد العشاء كالعادة بعد المدرسة! جوان يُرافق فتى من نفس عمره، جعلني ذلك سعيدة...

فلم يسبق أن حدث ذلك! عادةً يفضل البقاء لوحده، هذا ما كُنت ألاحظه عليه!...

أو ربما لم أكن مُهتمة باصدقاء جوان! حين كان في الابتدائية كان لديه صديقين يأتيان لمنزلنا للدراسة معه لكنني لم أراهما معه منذ دخل المتوسطة ولم يدعُ أحدا منذ حينها!

اشتريت بعض الخضروات، واللحم وأيضًا كيس أرز فقد نفذ من بيتنا... دفعت وخرجت حاملة مشترياتي كان كيس الأرز ثقيلًا كالعادة

لكنني حملته بما أمكنني! بمجرد أن خرجت من المجمع حتى لمحت أخي يوقف دراجته!

الحمد لله! كان سيكون يومًا صعبا آخر! ترجل عن دراجته الهوائية واقترب مني ليأخذ الأكياس قائلًا:
"لما لا تطلبين المساعدة مني وحسب!"

كان غاضبًا... أتفهمك أخي... أخذت الدراجة وبدأنا بالسير وهو يحمل الأكياس...

أخي الصغير... لم يعد طفلًا بعد الآن! لقد نضج كثيرًا منذ دخل الثانوية! لا أعلم لما ولكن...

الأولاد يبدأون بالنمو السريع حين يبلغون هذا السن،فجأة يكبر ذلك الظهر ليغدو قابلًا للإسناد!

وصلنا البيت وأدخلت الدراجة في المرآب وتوجهت نحو المدخل مع أخي وبمجرد الوقوف عنده شممت روائح غريبة جدًا....

مستحيل! دخلنا هرعين وكلٌ منا لديه فكرة لا تختلف عن الآخر بمجرد الدخول كان ثمة الكثير من الفوضى في المطبخ!

"ناتاليا!"

كُنت مستغربة بشدة بدأت وأخي نستطلع ما فعلته ليقول جوان ببرود:
"أتمزحين معنا! أغبت عن المدرسة لأجل الطبخ وحسب! لقد دمرت المطبخ!"

قالت وهي تبدي علامة النصر:
"لا بأس لابأس سأنظف كل شيء... أصبح العشاء جاهزًا وهذا هو المهم!"

أخفيت وجهي بكفي قائلة:
"بجدية! ناتاليا... لقد كُنت قلقة عليك حقًا! كيف أصبح الطعم أرجو أن يكون صالحًا للأكل!"

قالت مبتهجة متجاهلة آخر ماقلتهُ، هيَّ تعرف أنها ليست طاهية!:
" أصبح الأرز ناضجًا حبة الأرز ليست قاسية أولزجة وملحه سوّي! الكاري بلحم البقر ناضج وطعمه لذيذ لكن مايزال يحتاج للمزيد من الوقت وأعددت بعض المعجنات لكن أشعر أن الطعم خفيف!"

"واه! كم مرة طبخت الوجبة؟" قلت باعجاب!

حركت بعض الأواني المتسخة ووضعتهم قرب المغسلة وهي تجيب:
"في الواقع لقد أصبحت حبة الأرز قاسية فأعدت اعداده من جديد! يبدو أنني تسرعت بوشله!"

توجهت نحو الغاز لتحرك الكاري قليلًا، نظرت للأرز الذي كانت تضعه في وعاء كبير وأنا أقول لها:
"لما لم تضع كوبين من الماء معه ؟! إذا فعلت فسينضج الأرز ببخار الماء على نار هادئة!"

أوقعت المغرفة وهي تقول بخيبة أمل:
"لمَ لم تخبرني جدتي بذلك؟!"

قلتُ بعدم تصديق:
"ألم تخبرك؟ إعداد الأرز أبسط ما يكون ولا يحتاج الكثير من الجهد!"

عاد جوان من غرفتهُ بعد أن غير ثيابه وهو يقول:
" أختي هل تحتاجين المساعدة مع الأواني المتسخة؟!"

"ستكون مساعدة كبيرة منك جوان!"
بدأت بالترتيب وأنا أجمع الأواني والأدوات المتسخة لأخي وهو يغسلهم وناتاليا ترتبهم في مكانهم بعد تجفيفهم...

ثم مسحت السطوح المتسخة وحين انتهينا غسلت الأرضية ومسحتها فعاد مطبخي كما أعرفهُ!

خرجت من المطبخ وجلست بجانب أخي متقابلة مع الأخرى
"ناتاليا... من أين أحضرت الأرز؟ لقد نفذ صباحًا!"

كانت تعبث بالتاب الخاص بها وهيّ تغوص في العالم الآخر مجيبة:
"لقد اشتريته كيس ثلاثة أكيال من المجتمع مع اللحم والخضروات قبل قدومي الى هنا! وضعت ما تبقى
من اللحم والخضروات في الثلاجة فقد اشتريت زيادة لأجل الحيطة!"

"الحيطة؟!" قلنا أنا وأخي في نفس الوقت ليكمل جوان ببرود:
"من الجيد أن يعرف المرء حدود امكانياته!"

ضحكت ناتاليا ضحكة مصطنعة بصوت مرتفع "هاهاها!"

لأقول وأنا أغطي وجهي بكف يداي:
"ماذا أفعل بكل هذا اللحم! فقد اشتريت مايكفينا أربعتنا ليومين ولم أتوقع أن تكوني قد اشتريت بعضه أيضًا!"

سألت ناتاليا بوجه مظلم :
"أهذا يعني أن اللحم الذي أبقيته بالثلاجة يكفي ستة أيام؟!"
عقدت حاجبي لتكمل بملامح فارغة:
"لقد وضعت ثلث الكمية التي اشتريتها مع الكاري!"

أوقع أخي هاتفه وهو غير مصدق ليقول بصدمة:
"كم وضعت؟!"

لم أنتظر بل انتفضت لأفتح طنجرة الطبخ التي طبخت ناتاليا الكاري بها وأنا أستكشف محتواه لأصعق بالكمية المطبوخة!
كان أخي قد لحق بي ووقف خلفي ليعطيني المغرفة، فأخذتها منه وبدأت أحرك الكاري بصدمة!

"ماذا نفعل بهذه الكمية الكبيرة!" قال أخي ببرود...

قالت ناتاليا باحراج:
"مع أنني اتبعت الوصفة التي أتيت بها من الأنترنت..."

"لابأس ناتاليا! لابأس... ليست مشكلة كبيرة!"
قلت في محاولة فاشلة لتهدئة الجو

في حين أحضر أخي وعاء وأخذ المغرفة مني وسكب القليل فيها ليتذوقه ليقول بعد أخذ بضعٍ منه:
"على الأقل طعمه ليس سيئًا! ولن نضطر لرميه!"

دست على قدم أخي وأنا أنظر له بحدة في حين أدرك ما قاله فعدل كلامه:
"أقصد سنأكله كله حتى التخمة فهو لذيذ!"

اقتربت ناتاليا منا ووقفت متقابلة معي وأخي وهي تغطي فمها بكلتا يديها متأثرة وكادت تدمع من الفرح مرددة:
"جوان مدح طبخي!"

ضمت جوان بقوة وهي تقول أول مايأتي في بالها من كلمات شكر وما شابه وكان أخي يحاول التخلص منها سدى!

"تهانينا ناتاليا فقد مدحك جوان توًا!" قلتُ ممازحة...

أتمنى... أن تستمر حياتنا ممتلئة بحبنا لبعضنا البعض مع الكثير من السعادة والذكريات المُبهجة!






* تاكامورا *


"لقد جهزت العشاء...
نحن ننتظرك!"

ماهذه الرسالة الغريبة؟ أبدأت تتحكم هذه الفتاة بي؟ تسحبني خلفها متى تشاء وحيث تريد...

خرجت من العمل والسماء تتلبد باللونان البرتقالي والأحمر، لقد كُنت مرهقا من البحث والخيبة

لا شك أن المصدر للمعلومات مخطئ، فأنا لم أجد ما يثبت صحتها ولم يبق لي الكثيرمن الوقت فخلال أسبوعين لا غير،
سيتم اعفائي من القضية لعدم ايجاد ما يثبت صحة الإبلاغية التي وردت المركز...

وصلتُ للشاطئ وكانت السماء الصافية تعج بالنجيمات ضغطت الجرس ففتح جوان الباب مرحبًا بي
"أهلًا بك... تفضل بالدخول!"

دخلت وأنا أخلع حذائي قائلًا:
"عذرًا على الإزعاج!"

جلست مع جوان في غرفة الجلوس وسرعان ما أتت الآنسة ياجيما وكانت تحمل معها عصيرًا مُثلجا فقدمته لي قائلة بابتسامة عريضة:
"أهلًا بك تاكامورا! العشاء جاهز سنقدم الطعام بعد دقائق!"

"أعتذر على التطفل... خذي وقتك رجاءً!"
كنت مترددًا بالقدوم! ولكنني لم أتوقع أن تأخذ ناتاليا كلامي بجدية!
لقد كُنت أمازحها وأحاول القول بطريقة غير مباشرة أن لاتدعو الناس لبيوت الآخرين متى ما شاءت ولكنها أخذت مفهوما خاطئا من كلامي معها ذلك اليوم! وها هي تدعوني لبيت صديقتها مجددًا!

كان جوان يرمقني بنظرات باردة، وحين أطال النظر نحوي سألته بصوت متوسط:
"ماذا هناك يا جوان؟"

أجاب وهو يتكئ على الأريكة بكسل:
"لقد جعلت الفضائية ناتاليا تطبخ لأول مرة مع أنني بصراحة كنتُ يائسًا من أن أشهد يوما مماثلا!
أنا معجبٌ بك!"

الفضائية! ماذا به؟ ارتشفت من العصير الذي قُدم لي وأنا لا أفهم ماذا يقصد بكلامه...
"منذ متى تعرف ناتاليا؟"

أجابني وهو على حاله:" طوال حياتي! كما لو كانت تعيش معنا! أقصد أنني لا أذكر إن مر يوم ولم تأت فيه لبيتنا! لذا الأمر أشبه بأنها تعيش معنا..."

هذا يفسر لما لم تفهم تلميحي! فبالنسبة لناتاليا، هذا المكان يشبه بيتها!

حاولت النظر خلفي حيث يقع المطبخ المفتوح لرؤية ما يفعلون حين وصلتني رائحة كاري قوية ليقول جوان بشبه همس:
"لا تقلق لقد تذوقته! الكاري الذي أعدته لذيذ!"

"مع أني لم أسأل! لكن يريحني معرفة ذلك!"
قلتُ بصوت منخفض بيني وبين جوان لنكمل بنفس النبرة:
"ربما أنت لا تعرف ناتاليا، لكنها تنافسية في كُل شيء! وحين تقرر فعل أو معرفة شيءٍ ما، فإنها تبذل كل جهدها وأكثر! لطالما كانت كذلك."

"لماذا تقول لي ذلك؟!"

"لكي تعرف مع من تتعامل وحسب!"

أعرف مع من أتعامل! الطفلة البكائة التي تبكي لأجل أبسط الأسباب، الفتاة الشابة التي تبكي لسبب تافه
كما حدث معها هذا الصباح، لاتحتاج لأن تعرف عنها سوى كم هي انسانة رقيقة المشاعر!
"صحيح جوان، ماذا كُنت تفعل في المبنى الخامس وقت الغداء؟!"
لقد كان مصدومًا ولم أفهم لما، لحين أدركت بأنه لايعرف أنني كنتُ ذلك العامل الذي صادفه وقت الخروج..

تجمد للحظات قبل أن يجيب بتوتر:
"لقد نسيت كتاب الكمياء في المختبر لذا... أكان ذلك أنت؟"

"هكذا اذًا! لم أنتبه لذا لاتخبر أحدًا لو سمحت!"

"لابأس! لم اتوقع أن يكون أنت أبدًا، تنكرك متقنٌ حقًا!"

"شكرًا لك... لكن كيف دخلت للمبنى!"

"أنا ممثل الصف كما تعلم، لذا..."
تجمد فجأة.. كانت حدقتاه متوسعة لبعض الوقت ليقول بحذر
"من باب الفضول... لماذا أنت في المدرسة؟"

"أتحرى وحسب!"..
قاطعت حديثنا ناتاليا وهي تظهر أمامنا فجأة بمئزر الطبخ وترفع شعرها للأعلى: "مرحبًا!"

لفتت انتباهنا فنظرنا نحوها وهي تكمل:
"لقد أصبحت طاولة العشاء جاهزة! تفضلا رجاءً!"

لقد كان العشاء بسيطًا ولذيذًا بشكل غير متوقع!
"أحقًا هذه أول محاولة لكِ؟"

كانت تبتسم برضا وهيّ تسمع مديحنا على العشاء الذي قامت بطبخه، وهي تجيب بإبماء وحسب...

يالها من فتاةٍ بسيطة!
كنا أنا وجوان نجلس بجانب بعضنا والفتاتان تقابلاننا، افتقدتُ شقيقة ناتاليا الصغرى فقد كانت دائمًة الجلوس في الصالة وهي تدرس بجد جلي...

بقي الصمت يعم الجو العام فلا تسمع سوى صوت الملاعق ومضغ خفيف،
كسرت ياجيما الصمت وهيّ تسأل الأخرى:
"صحيح... أين ذهبت قبل القدوم الى هُنا؟"

رفعت عيني فتقابلت عيوننا للحظة حيث كانت تقابلني تمامًا لتجيبها بابتسامة:
"هربت من المدرسة!"

قالت ياجيما بسخرية واستفزاز:
"ماهذا ؟ لم أكن أعرف أنك قد تجيدين استعمال مثل هذه التركيبة! أعني هربت ومن المدرسة؟"

ضحكت ضحكةٍ مُصطنعة وهي تُجيب:
"هاهاها... خافوا من قدرات ناتاليا المخفية!"

أدخل جوان نفسه قائلًا ببرود:
"المخفية أم الفضائية؟"

سألت بفضول:" فضائية؟"
ولم أفهم لما ولكنه وشقيقته بدآ بالضحك وهما يخفيان وجهيهما عني، نظرت نحو المعنية و إذ بها تناظرهما ببرود

وحين لاحظتني وأنا أراقبها أدارت وجهها نحوي قائلة:
"لا تسألني فأنا بريئة!"

نظرت نحوهما مجددًا وهي تكمل ببرود: "هذا ليس مضحكًا حتى!"

رفعت الملعقة وبدأت تكمل طبقها في حين استمر جوان بالضحك ساخرًا منها والأخرى تشير له
برفع حاجبها وهز رأسها مشيرة له بالتوقف...

بعد العشاء جلسنا نتحدث بأحاديث مختلفة وأتت ناتاليا بسيرة تاكيتشي فجأة حين قالت:
"أيمكن أن تخبرني في حال أقام تاكيتشي ايشينو معرض آخر؟! سيسعدني رؤية المزيد من أعماله!"

"بالتأكيد لا مانع بفعل ذلك! فقد قال لي بأنه سُعد بسماع مديحُك له!"

ابتسمت برضا في حين سأل جوان:" ومن يكون؟"

وقبل أن أجيب قالت ياجيما: "مصورٌ مشهور!"

استغرب جوان وقال:" مشهور؟! لم أسمع به!"

قالت ناتاليا باستغراب موجهة كلامها لجوان:
"ماذا! أنسيت لوحة نُجيمات الشفق التي رسمها والدك قبل ثلاثة سنوات؟
لقد كانت مقتبسة من أحد صوره!"

لتكمل ياجيما:
"لقد كانت الصورة الموقعة هدية من والد ناتاليا فقد أعجبت والدي حين ذهب لمعرض النُجيمات فأهداها لأبي بمناسبة فوزه بالمركز الثاني في مسابقة رسمٍ على مستوى القارّة..."

استغربت بسماع ذلك! لم أكن أعلم بأن والدهما رسام بتلك المهارة!

"والدُكما كان رسامًا؟!" سألت بعدم تصديق...

ابتسمت ياجيما وقالت بفخر:" أجل... فوالدي يكون سويتشيرو توشيري."

لقد حدثني عنه تاكيتشي مرة... هذا مفاجئ حقًا!
"تلك اللوحة أقصد نُجيمات الشفق، أهي لديكِ؟"

أجابت وهي تفكر:" أعتقد أنها موجودة في المرسم أو غرفة تخزين اللوحات الخاصة بأبي!"

ثم أضافت بشيء من الاستغراب:" لماذا تسأل عنها؟"

"بصراحة، أعتقد أن تاكيتشي سيسر برؤية اللوحة! هل تسمحين بذلك؟"

قال جوان مستفسرًا:" هل تعرف المعني؟"

أومأت برأسي لتردف ياجيما بسرور:
"لابأس سوف أجهز اللوحة ليراها صديقك! أنا واثقة بأنه سيسعد برؤيتها! كُنت لأسر لو كنت في مكانه."

"اذا لم يكن لديك مانع سأحصر معه في عطلة نهاية الأسبوع!"

قالت ناتاليا بسعادة وهي تُشير لنفسها:
"اذًا سأحرص بأن أكون معكم حينها!"
بسيطة وفضولية .. ماذا بعد؟...

كُنت أهم بالخروج حين رأيت ناتاليا وهي تجمع اشيائها وتنضم لي قائلة:
"سأكون ممتنة اذا أوصلتني معكَ!"

-:" ولما يجب أن أفعل؟"

قالت بإلحاح:" هاه ... أنت لن تترك آنسة تعود وحدها في هذا الوقت المتأخر!"

-:"وهيروشي؟"

قالت ببرود:" انتهت ايام الدلال والرخاء!
فلاشك بأنه مع زملاء العمل الجدد يقيمون حفلة تعارف في مطعمٍ ما!"

فتاة ذكية! أنا واثق بأنه كذلك فعلًا فهذه عادات لاتتغير بين موظفي الشركات عادةً...

استسلمت وأنا أشير نحو الباب قائلًا:" تفضلي اذًا!"
طريقنا ذاته على أي حال...

أحضرت ياجيما علبة طعام متوسطة مُغلقة بإحكام وقدمتها لناتاليا قائلة بشيء من المزاح:
"لقد وضعت نصف ماتبقى، خذيها معك ودعي عشيرتك... أقصد جدتك تتذوق طبخك لتطير من السعادة!"

أخذت العلبة متجهمة الوجه وهي تقول:" مع أني اتبعت الوصفة حرفيًا!"

ركبنا في السيارة في حين ودعانا ياجيما وجوان... حركت السيارة وأوصلت ناتاليا لبيتها،
استوقفتها بعد أن ترجلت من السيارة، ثم فتحت حقيبة السيارة وأخرجت الصورة المؤطرة باطار أسود مع نقوش فضية وقدمتها لها قائلًا:
"لقد قال تاكيتشي بأنك ستسعدين بها فقد بدا بأنها حازت على اعجابك!"

بدأت بتلمس الفتى الذي يتوسط الصورة بيدها وهي تجيب مبتسمة:
"لطفٌ منه!"

"لاتفهمي خطأ، هذه هدية مني وليست منه... لقد دفعت ثمنها!"

رفعت وجهها ببطء وهي تظهر شيئا من الصدمة لتبتسم لي ولم أفهم لما تبتسم كثيرًا!
"أعترف بأني كُنتُ مترددًا ولكن لقد نسيت ذلك الآن! أرجو أن تُعجبك."

رفعت اللوحة لأقدمها لها وكانت تمسك أكياس التسوق وحقيبتها المدرسية والكاري الذي أعطتها لها ياجيما سابقًا
نظرت للصورة التي بدت كبيرة وثقيلة بإطارها ومن ثمة نظرت لها:
"إذا كُنت لاتمانعين، سأدخل اللوحة لكِ!"

ارتبكت وهي تدور وتنظر حولها لتقول بابتسامة:
"سأتعبك بذلك بعد اذنك!"

فتحت الباب بمفتاحها الذي يتضمن عدت مفاتيح في علاقتها التي يتدلى منها أرنب وقطة صغيرة..
أشارت لي بالدخول بعد ذلك وكان المدخل مذهلًا خلعت حذائها ففعلت المثل، أعطتني نعلا أبيض اللون
من الذي يستعمل داخل البيوت وأخرجت نعلا يغطيه الفراء الكراميلي الفاتح على شكل قطة وارتدته لندخل...
وضعت علبة الطعام على طاولة عند مدخل المطبخ قرب السلالم ثم صعدنا الأدراج وهي تستطلع المكان
نظرت نحوي وهي تقول:
"يبدو أن والداي ليسا في البيت بعد! أبي يعمل في الشركة لوقت متأخر في العادة وأمي لديها محاضرات ليلية اليوم! تعرف للطلاب المتأخرين وماشابه!"

كان البيت هادئا بشكل مريب! لم أتوقع أن يكون منزلهم بهذا الحجم أو التصميم الملفت للناظر!
"أعتذر عن فرض نفسي!"

ابتسمت وهي تفتح باب غرفتها بمفتاحها الخاص وهي تقول بسخرية:
"لا.. لا بأس... ! تفضل بالدخول!"

أيحق لي بالدخول لغرفتها! نظرت حولي بتردد.. كان يجب أن أترك اللوحة عند المدخل!

دخلت غرفتها وما إن فعلت شعرت بشيء من الدهشة كأنني دخلت لعالمٍ آخر! فقد كانت غرفتها مليئة برفوف كتٌب في الجانبين وكأنها مكتبة!

تزين بعض فراغاتها بالدمى المحشوة من الأرانب والقطط!
والسرير في الزاوية قرب النافذة وبجانبه مكتب دراسة وحاسوب محمول على جانب المكتب...

كان اللون البني بتدرجاته قد طغى على ديكور الغرفة! كُنت مأخوذا بجمال الغرفة!

اتجهت ناتاليا نحو مكتب دراستها وهيّ تقول:
"لابأس بتركها حيث تشاء.."

تركتها بجانب رفوف الكتب القريبة من مدخل الغرفة:
"أعتذر عن فرض نفسي، أرجو أن لا أكون أزعجتك أو ما شابه!"

وقفت مكاني وأنا لا أعرف كيف أخرج، الى أن اتجهت ناتاليا نحوي وتجاوزتني بابتسامة...

تبعتها في نفس الطريق الذي أتينا منه قبل قليل وحين كُنا ننزل الدرج التفتت نحوي وهي تقول:
"أتشرب شيئا؟"

-:" لابأس، سأغادر وحسب:!"

-:" لا تقلق فجدتي نائمة الآن! لا تقلق بشأن ماقلت كُنت أمزح فجدتي ليست خطيرة!"

-:" أي شيء بارد اذًا! ستكون فظاظة مني رفض دعوتك وأنا في بيتك!"

ابتسمت وهي تشير لطريق المطبخ، كان قريبا من السلالم التي تتوسط البيت ليقسم الطابق لصالتين!
فتحت الثلاجة وقدمت لي عصير الكرز في كأس كريستالي طويل نسبيًا مع قشة كريستالية،

كان المطبخ ذا تصميم جميل للغاية، بئّن مدى رُقي عائلتها!

كانت تتحدث عن اللوحة ولم تتوقف عن المدح والامتنان في حين كُنت شاردًا بالنظر في عينيها، كيف تبدو حين تكون سعيدة ومُتحمسة تجاه شيءٍ ما!
فحينها يتوسع بؤبؤيها بطريقة تظهر مدى صدق كلماتها!

دخلت فتاة شابة تحمل صينية خشبية تتوسطها فناجين شاي مستعملة وهي تنظر نحونا بصدمة!
نهضت ناتاليا قائلة:" أموري؟ ألم تغادري بعد؟"

وضعت الصينية جانبًا وهي تقول:" كُنت مغادرة!"

-:"شكرًا لعملك الجاد!"
وضعت المعنية الأكواب في غسالة الأطباق ومسحت الصينية لتضعها في أحد الأدراج ومن ثم غادرت!

-:"لديكم خادمة حقًا!"
التفتت نحوي لتقول بحرج:
"يمكنك القول أنها ممرضة أكثر من خادمة! فهي تساعد وتهتم بجدتي، فجدتي كبيرة في السن وتحتاج للرفقة،
بسبب انشغالنا طوال النهار بالعمل والدراسة... يعني عملها الأساسي ليس التنظيف أوالطبخ."

نظرت نحو الكأس وأنا شارد الذهن، ارتشفت المزيد منه ثم نهضت وأنا أستعد للمغادرة....
رافقتني نحو المدخل وهي تقول:
-:" لقد أتعبتك اليوم كثيرًا، أرجو أن لا أكون أزعجتك أو فرضت نفسي!"

-:" لابأس، لم تفعلي!"

-:" لقد استمتعت اليوم كثيرًا، شكرًا لأنك أتيت لتناول العشاء الذي أعددته رغم الاحتمالات السلبية لكوني مبتدئة وهكذا...
عنى ذلك لي كثيرًا."

كنا قد وصلنا لحيث سيارتي، كان يجب أن أخبرها ذلك...:
"لقد فاجئتني كثيرًا! بالكاد أصدق أنها أول مرة لكِ!"

-:" تاكامورا..."

-:"......"

-:" شكرًا لك..."

-:" أتقصدين اللوحة؟ لقد شكرتني ألف مرة بالفعل!"

-:" لا ليس لهذا... بل لأنك تجعلني أتعرف على نفسي أكثر!"

كانت تبتسم ابتسامة حزينة، رغم أنها بدت سعيدة طوال الوقت! بدأت أفهمها أكثر،
بسيطة، فضولية وحساسة... ألايزال هنالك المزيد؟



*يتبع*




السلام عليكم، كيف حالكم؟
الفصل ذا فصل حصري، مسبق ونشرته بأي منتدى، كحال الفصول المقبلة....
حاليا ابذل جهدي لانفذ وعدي لنفسي بانهائها خلال هل سنة حتى اني امتنعت عن كتابة اي مقطع من اعمالي الآخرى☹️❤
وش رأيكم بالفصل؟ اي ملاحظة، نقد أو استفسار؟
في رعاية الباري للخميس الجاي





 
 توقيع : فِريـال



رد مع اقتباس