عرض مشاركة واحدة
قديم 09-22-2022, 12:37 PM   #10
ساي
عضو جديد


الصورة الرمزية ساي
ساي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1308
 تاريخ التسجيل :  Jul 2020
 المشاركات : 2,292 [ + ]
 التقييم :  3532
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Silver
شكراً: 0
تم شكره 4 مرة في 4 مشاركة

مشاهدة أوسمتي



. مساءٌ عَطِرٌ لكم جميعاً.

يا إلهي...أدرك جيداً بأنني تأخرتُ كثيراً, ولكن قدومي اليوم بمثابة زيارة قصيرة للسطح قبل أن أعود للغطس في بحر الألعاب وأعمال الرسم المتراكمة علي.

((الحقيقة أنني أستمتع بوقتي جداً, ولكنني في نفس الوقت اشتقت لكم ولكلماتكم.))

حسناً, أعلم أن هذا قد لا يشفع لي تأخيري, ولكنني أتيتكم اليوم بجزء قصير يمكنكم إعتباره "وجبة خفيفة" قبل أن تبدأ أحداث النهاية.

.فلنبدأ إذاً.
الفصل التاسع
-----------------------------------

الجدران التي نبنيها حول أنفسنا لتمنع الحزن إنما هي تحرمنا السعادة أيضاً.

-----------------------------------



خيم صمت مهيب على البهو الواسع لعدة لحظات ٍ مضت ببطء الدهور, أو على الأقل, هذا ما كان (ساي) يشعر به وهو يقف هناك مُثبتاً عينيه على الصبي الذي وقف مكانه بثبات رغم الرصاصتين اللتين استقرتا في جسده. إن كان الفتى قد سمع كلمات (ساي) وفهمها, فملامحه الميتة لم تكن تدل على ذلك. ولكنه لم يتحرك بإتجاه (ساي), لم يحاول الهجوم أو حتى الهرب, مما أعطى الشاب حافزاً للإستمرار في حديثه وهو يضع يديه في جيبيه بإستراخاء وكأنه يتبادل أطراف الحديث حول الطقس مع أحد زملائه.

" (فرانسيس كينزي), إسم ظريف جداً لو لم تكن مجرد كائن لا يمت للبشري الذي كانه بصلة. أنت تدرك ما أنت عليه الآن, أليس كذلك؟ يبدو أن ما حصل لـ (إيفانجيلين) كان أكثر مما يمكنك تحمله.", كان يراقب وجه الصبي الصامت وهو يتكلم إنتظاراً لأي ردة فعل تثبت بأنه يستمع إليه فعلاً, وقد حصل (ساي) على مبتغاه فور أن نطق بإسم (إيفانجيلين) فقد إلتوت شفتا (فرانسيس) بحركة بسيطة لا تكادُ تُلاحظُ لولا أن ملامحه كانت تحمل سابقاً تعبيراً جامداً لا يتغير.

تقدم (ساي) خطوةً للأمام وهو يكمل : "بما أنك لست من هواة الثرثرة, أو المحادثة عموماً, فدعني أحزر ما حدث... (إيفانجيلين) لم تستيقظ في ذلك اليوم, لقد فاضت روحها بينما كنت أنت تعد نفسك بمحاولةٍ ثانيةٍ لإقناع والدك بأخذها إلى المشفى. لستُ أشكُ بأن حجم الصدمة أعماك عن عدم جدوى إستخدام المفتاح. من كان سيصدق صبياً يروي لهم بأنه عاد من مستقبل ماتت فيه أخته بواسطة ساعة ما؟ لم تتمكن من تغيير شيء وانتهى الأمر بتكرار الأحداث نفسها. أستطيع تخيل ردة فعل والديك حيال ذلك. هل إتهماك بالجنون؟ هل عاقباك على ما ظنَا بأنه كذبةٌ قاسية؟ هذا ما حدث, أليس كذلك؟ ولكنك لم تتوقف....".

حتى بالنسبة لشخص لا مبالٍ كـ (ساي), فقد كان تخيل هذا الموقف كفيلاً بجعله يُحِسُ بشيءٍ من الشفقة الخفية تجاه (فرانسيس), إنه يفهم هذا الشعور جيداً, ويعلم عواقب الغرق فيه. ولكن هذا الشعور هو نفسه الذي يجعله يجازف بخوض هذه المواجهة الخطرة.

إنخفض صوت (ساي) لا إرادياً وهو يكمل محادثته ذات الطرف الواحد: "من الغريب علي قول ذلك بعد كل ما سبَبتَهُ لأصدقائي من رعب وآلام, ولكنني لا ألومك على ما فعلته فأنا كنت سأفعل الشيء نفسه...لا...أنا فعلتُ الشيء نفسه تقريباً. اليأس, الحزن, الخوف من مستقبلٍ لا يوجد فيه من تُحب. كلها أمور تدفع بالشخص نحو هاوية مظلمة يفقد فيها بصيرته. كم مرة قمتَ بإستعمال المفتاح؟ كم من الوقت مضى وأنت تحاول؟".

لم يكن (ساي) بحاجة للإجابة فالقليل من التفكير كفيل بحَلِ ذلك.

من الواضح بأن مرور الوقت يختلف داخل المنزل عن خارجه, كون الزمن يسير بشكل طبيعي في الخارج. من البديهي إذاً أن يكون الرابط بين المنزل وإختلال الزمن فيه هو ما حصل بسبب الساعة التي قام (فرانسيس) بإستعمالها مراراً وتكراراً.

مئتي عام ونيف...

ما من بشر سيظل بشراً بعد العبث بالزمن بهذه الطريقة, ولكن من ذا الذي يستطيع توبيخ صبي في الثانية عشرة كان يحاول ملتاعاً إنقاذ شقيقته دو التفكير في العواقب؟
العينان السوداوان تنظران إليه بثبات بينما بدا صاحبهما وكأنه تجمد في مكانه كما تجمد في الزمن, ولكن لم يَفُت على (ساي) ملاحظة يدي الصبي اللتان انقبضتا بصلابة إلى جانبه وكأنه يعوض بذلك عدم قدرته على الرد. ولكن هل هوغير قادر على الكلام حقاً؟

أكمل (ساي) مسيرته نحو (فرانسيس) وقد اصطبغت ملامح وجهه بشيء من الأسى, إنه حقاً يتعاطف مع الفتى أكثر مما كان يتوقع. وفي تلك اللحظة عَلِم (ساي) بأنه لا يريد إنقاذ نفسه وأصدقائه من براثن هذا المنزل فقط, لقد أصبح يريد أيضاً إعطاء هذا الصبي التعس فرصة للخلاص من الجحيم الذي أوقع نفسه به.

"أعتقد بأنني أستطيع مساعدتك, أو على الأقل, أستطيع المحاولة. ولكن لن أتمكن من فعل ذلك ما لم تساعدني أنت أولاً. هذا الإتفاق ليس سيئاً إن فكرت فيه, كلانا سيحصل على ما يريد إن سارت الأمور كما يجب. بست أتوقع بأنك تحبذ الإستمرار في العيش و أنت...هكذا.", كانت الكلمة الأخيرة هي كل ما إستطاع (ساي) قوله لوصف حالة (فرانسيس) المزرية دون أن يقوم بالمجازفة بقول شيءٍ يثير حنقه, عليه أن يكون حذراً جداً إن أراد أن يكون مُقنعاً.

فوجئ (ساي) برؤية (فرانسيس) يفتح فمه ببطء وكأنه ينتوي الرد عليه, ولكن اللحظات مرت دون أن يخرج أي صوت من بين شفتيه الشاحبتين.

كان يقف الآن أمامه تماماً, لا يفصل بينهما سوى مسافة بسيطة قد تعني حياة (ساي) إن قرر (فراسيس) مهاجمته الآن, ولكن الأول لم يكن يفكر في ذلك, كل ما كان يراه أمامه الآن هو طفل كسير مثير للشفقة. لم يتردد (ساي) في الركوع على ركبة واحدة أمام الصبي وهو يمد يديه ببطء حذر لتلمس الخدين الذين تجردا من تورد الحياة, ياله من جسد بارد, ولكنه لم يكن يتوقع غير ذلك. سرت القشعريرة في جسده لعدة أسباب كان أحدها بالتأكيد هو إقترابه من العينين السوداوين لهذه الدرجة, كانتا لا تحملان من المشاعر شيئاً ولكن هذا بحد ذاته يثير قلقه, إنه لا يحب كونه لا يعلم مالذي يفكر فيه هذا الصبي.

ولكن رغم قلقه وتوتره إلا أنه نظر إليهما مباشرةً وهو يقول بخفوت: "أخبرني...كيف أستطيع مساعدتك؟".

-----------------------------------

"يجب علينا أن نساعده!".

"...ولكن...مالذي يمكننا أن نفعله؟...أنا لا أفهم مالذي يجري هنا أصلاً...!".

"هذا لا يعني أن نترك (ساي) لوحده بمواجهة ذلك الشيء يا (لورانس)!".

"لقد كان محقاً...", أخبر (آرثر) نفسه وهو يجول ببصره في الغرفة التي قال (ساي) بأنهم سيجدونها مفتوحة, وهذا ما حصل فعلاً قبل أن يقوم هو بإغلاق الباب خلفهم بالمفتاح الذي وجده عليه. إن كان هذا يعني شيئاً فهو بأن الأخير لم يكن يكذب عندما قال بأنه يعلم ما يجب فعله. ولكن هذا لا يشرح لـ (آرثر) كيف تمكن (ساي) من معرفة ذلك, فهو على حد علمه لم يأتِ إلى هذا المكان قبلاً.

أم أنه فعل...؟

الأصوات المختلطة خلفه منعته من التفكير في الأمر مطولاً, فبين شهقات (أمورا) المذعورة ونزاع كلٍ من (يوهانا) و (لورانس), تذكر بأن (ساي) مازال وحيداً بالأسفل. (يوهانا) على حق, يجب عليه أن يعود لنجدته, ولكنه طمأن نفسه مردداً أنه لا يتوقع من شخص كـ (ساي) أن يتسبب بقتل نفسه بهذه السهولة.

تقدمت (آمورا) بإتجاهه والدموع محتبسة بمقلتيها الجميلتين يتبعها (نويل) الذي إكتسب وجهه لون الورق, لم يكن من الصعب عليه معرفة مالذي يريدون قوله.

"(آرثر)...أرجوك...لا تترك (ساي) وحيداً...أرجوك أعده سالماً ولنخرج من هنا حالاً...".

في موقف كهذا لم يكن بوسع (آرثر) سوى إفتعال إبتسامة لتهدئتها وهو يقول: "لا تقلقي يا (آمورا), لقد كنت على وشك الذهاب للتو, ولكن لن يحدث شيءٌ سيءٌ على الأرجح, هذا (ساي) الذي نتحدث عنـ-...".

لم يغادر الحرف الأخير شفتيه قبل أن يدوي صوت صرخة طويلة مفاجئة قدمت من الأسفل وحملت الكثير من الألم, كما حملت صوت الشخص الذي كانوا يتحدثون عنه للتو.
شيءٌ سيءٌ ما حدث لـ (ساي).

-----------------------------------



الـــســـاعـــة الــخـــامــــســـة -إنتهى-


لا تستطيع معرفة ما يوجد في نهاية الطريق إلا إذا سلكته. ولكن ماذا سيحدث إن سلكت الطريق الخطأ؟


 
 توقيع : ساي

دخول متقطع .


رد مع اقتباس