|
روايات الانمي_ روايات طويلة لجميع أنواع الروايات " الحصرية، العالمية، المنقولة والمقتبسة" |
| أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
09-21-2022, 07:23 PM | #1 |
عضو جديد
|
الحارس الأعمى ~ Blind Guardian
معلومات عامة :-
الإسم : الحارس الأعمى ~ Blind Guardian عدد الفصول : 12 الحالة : مكتملة الكاتب: ساريل || Sariel المصدر : منتديات مكسات . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. كيفكم رواد وزوار وندر ؟ إليكم هذه الرواية طبعاً هي منقولة .. لا أريد أن أطيل لذلك سأدرج فصل أو فصلين منها |
دخول متقطع .
التعديل الأخير تم بواسطة ساي ; 09-22-2022 الساعة 11:53 AM
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ ساي على المشاركة المفيدة: |
09-21-2022, 08:11 PM | #2 |
عضو جديد
|
. بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته دعني أحدثك بشيء, عزيزي القارئ... كوني أضع قصةً هنا بعد طول تردد - حيث أنني لا أعتبر نفسي كاتبةً محترفة أو حتى عادية - هو أمرٌ يسعدني ويحرجني في نفس الوقت. كطفل يمشي وسط حشد من العمالقة, أجد نفسي أزداد يقيناً بأنني لن أصل لمستوى الكتبة الرائعين الذين أبحرت في عوالم قصصهم هنا. ولكن...مهلاً...إن وضع قصة نَسَجتُ حروفها وكلماتها لمدة شهور بين أيديكم لهو أفضل من جعلها أسيرة عقلي للأبد, حتى وإن كان قارئها شخصاً وحداً فقط. لازالت قدراتي الكتابية في مرحلة ما قبل النضج, لذا أطلب من أي شخص يتفضل بقراءة ما أضعه هنا بأن يقوم بمساعدتي في حال وجدتم شيئاً ينقصني, أو مهارة أفتقر إليها, وأنا أشكر لكم ذلك مقدماً. والآن, دعوني أفتحُ لكم بوابة مخيلتي. الفصل الأول ما هي بداية كل هذا؟ منذ متى بدأت عجلات القدر في الدوران؟ ربما كان الحصول على الجواب مستحيلاً الآن ولكننا بدون شك .. أحببنا كثيراً , وكرهنا كثيراً لقد سببنا الألم للآخرين , وسبب الآخرون ألماً لنا وبرغم ذلك, فقد ركضنا بكل ما أوتينا من قوة ونحن نضحك معاً تحت السماء الزرقاء ----------------------------------- كان هو وحده اللذي يعلم السبب. واقفاً في الغرفة التي توسطها جسد آخِر أصدقائه وقد فارقته الحياة , كان ينظر بعينين خاملتين إلى وجه الفتى الملقى على الأرض , كأنه نائم لا غير. لم يكن يعرف أين ينتهى الشَعر وتبدأ الدماء , لقد كان كل ما يحيط برأسه هو هالة داكنة جعلت لون بشرته الأبيض يبدو أكثر شحوباً . الساعة الكئيبة تصدر صوتاً رتيباً في خلفية المشهد الصامت . في غُرفٍ أخرى متفرقة , كان باقي أصدقائه يرقدون وقد واجهوا نفس المصير. وفي كلِ مرةٍ كان يفقد فيها جزءاً من عقله. ولكن ها هو ذا , لقد وصل إلى النهاية. لربما كان هو الوحيد الباقي على قيد الحياة , ولكن شيئاً ما تحطم للأبد بداخله. قطرات من سائلٍ قاتمٍ تنساب من بين أصابعه لتتساقط على الأرض برتابة , وما زال الشاب صامتاً. لماذا ؟ ربما كان السبب معروفاً لديه , ولكن ذلك لا يساعده بأي حالٍ من الأحوال في منع الإنفجار العاطفي الذي يشعر بإقترابه حثيثاً. إنه لم يعد قادراً على تحديد شعوره في هذه اللحظة. ولوهلةً ما , أقنع نفسه بأنه فعلاً لا يحس بشيء. ولكن هذه القناعة الزائفة لم تدم لأكثر من ثانيتين , وهي المدة اللتي إستغرقها لتذكر آخر كلمات قالها له صديقه مقترنةً بإبتسامة ناعمة. وعلى الفور , تماماً كما ينهار سدٌ من ورقٍ أمام طوفان جارف , سقط الشاب على ركبتيه وهو يحتوي وجهه بكفيه. لقد أتى الإنفجار, وهو أسوأ أنواع الإنفجارات على الإطلاق... إنه ذلك الإنفجارُ الذي لا يسمعه أحد. ----------------------------------- أي مفتاحٍ هو ذاك اللذي سيفتح الأقفال اللتي حبسنا بها مشاعرنا؟ ----------------------------------- "لدي خطة, خطة كبيرة سأبني لك منزلاً كل طوبة هي دمعة , ولن تستطيع الخروج نعم , سأبني لك منزلاً صغيراً بدون أبواب , بدون نوافذ داخله مظلم , فلن يضايقك النور نعم , سأبني لك منزلاً وستقضي فيه بقية حياتك" "... ـــاي" هممم؟ آآي؟ هذا المقطع دخيل على الأغنية. إستغرق الأمر عدة ثوانٍ قبل أن يستوعب الشاب أن ما سمعه ليس من كلمات الأغنية التي تصدح بصوتٍ عالٍ داخل السماعات الزرقاء المستقرة في أُذنيه. أسرعت يده لتسحب السماعة اليمنى للخارج. " مـــاذا ؟ هل كنت ِ تقولــ ...." قاطعه صوتٌ حادٌ بوابلٍ من الكلمات: " تباً لك ولأغانيك الشيطانية ! إنني أُفكر فعلياً في تقديمك كحالةٍ جديرةٍ بالدارسة في مراكز الأبحاث العلمية. على قدر علمي , ليست هناك سوابق مسجلة لأشخاص كانوا يعيشون بأدمغةٍ قد تحولت إلى عجة بسبب الصوت العالي ! ". أطلق زفرةً قصيرة تبعها بإخراج الحلوى المصاصة التي كانت في فمه , ثم قال بصوتٍ متحسر وهو يمط شفتيه: "لا أصدق كم أنتِ عديمة الإحساس... لقد قطعتِ عليَ الجزء الجيد من الأغنية. " " أهذا هو الشيءُ الوحيد اللذي أزعجك ؟! لقد وصفتك بصاحب الدماغ العجة ! " " حسناً... أنتِ دائماً تصفين نفسك بالجمال , هذا لا يجعلُ أياً من أوصافكِ صحيحاً." " أيها الـــ .... !! " لم يسمع البقية , حيث أعاد كلاً من السماعة والحلوى إلى حيث كانوا سابقاً وهو يبتسم إبتسامةً عابثة. لقد كان يستمتع بوقته رغم إحساسه بنظرات (أمورا) الحارقة من خلفه , ولكنها سرعان ما أسرعت خطواتها وتجاوزته بغضب , مُسَددةً صفعةً حانقةً على مؤخرة رأسه. برغم كونه كاد سيبتلع الحلوى بأكملها جرَاء الصفعة , إلا أنه وجد نفسه يبتسم بسعادة وهو يتأمل الفتاة الغاضبة أمامه. الشعر الأشقر الغامق اللذي ينسدل على ظهرها , العينان البنيتان الغاضبتان اللتان تنظران للخلف إليه بحنق بين الفينة والأخرى. لقد إشتاق لها , فهو لم يرها منذ فترة , ولم تسنح له الفرصة لقضاء الوقت معها منذ شهور. لقد كان هذا وقتاً مناسباً فعلاً ليتوقف قليلاً عن العمل ويقوم بفعل شيء ممتع ومختلف مع أصدقائه (رغم قِلتهم). إنه شاكرُ لـ (نويل) لتمهيده لفرصة كهذه. وكأنما كان (نويل) يقرأ أفكاره , فقد إقترب منه ليمشي بجانبه , بدا منظرهما مضحكاً نوعاً ما نظراً لفرق الطول بينهما , فقد كان (ساي) قصير القامة بجانب (نويل) الذي قام بسحب السماعات بحركةٍ خفيفةٍ وسريعة. " يا لك من مغفل ! إنها تبدو على وشك الإنفجار. من الأسلم لك أن تستدير وتعود أدراجك حفاظاً على سلامتك." " لا هلمني هلى ذهلك فهنا الضحية هنا -- ! " تمتم (ساي) بذلك قبل أن يخرج الحلوى من فمه ويتبع قائلاً: " أنا لم أفعل شيئاً...! بإستثناء إخباري لها بأن فستانها يذكرني بجدتي... هل تتوقع أن هذا هو سبب غضبها ؟ " " ما أتوقعه هو أنك أحمق. أشُك بأن جدتك ترتدي فستاناً أحمراً وتحمل حقيبةً مزينةً بالشرائط. على العموم , نحن على وشك الوصول, إنه خلف هذا المنعطف". تابع الشابان سيرهما المتمهل على الطريق الترابي المحاط بالحشائش , وقد بدأت ملامح المنزل الضخم تتضح لهما كلما إقتربا منه. أخذ (ساي) يسترق النظر لصديقه الذي يسير بجانبه وهو يدفع بشعره الكستنائي للخلف ليزيحه عن عينيه الخضراوين الهادئتين. إنه إبن عم (أمورا) وبالتالي كان هناك طيفٌ من الشبه في ملامحهما. هذا غريب ... كان اليوم دافئاً مشمساً ولم تكن هناك رياحٌ تذكر , ولكن بالرغم من ذلك وجد (ساي) نفسه يتباطأ في السير رغماً عنه. لماذا ينتابه هذا الإحساس المُلح بأنه قد نسي شيئاً ما ؟ هل نسي إطعام القطط قبل خروجه ؟ ربما لم يقم بشحن هاتفه المحمول ؟ أصابته الفكرة بالرعب , فرفع جهازه أمامه ليتأكد من مستوى البطارية. تنفس الصعداء عندما وجد أنها شبه ممتلئة , طمأنته نفسه بأنه يحمل شاحناً متنقلاً على كل حال. ولكن ذلك الإحساس لم يتوقف. ----------------------------------- " حسناً ... لم أكن أتوقع هذا, بكل صراحة. إنه .. أممم .. كيف أقولها ؟ إنه - حاولت (أمورا) أن تبحث عن الكلمة المناسبة قبل أن تردف - مميز نوعاً ما , بدون شك , و – " " يبدو كمنزل تقطنه الأرواح الضائعة." , قاطعها (ساي) وهو يقوم بقرمشة الحلوى بلا مبالاة. لم يكن المنزل بذلك السوء , حقاً. ولكن علامات القِدم ظهرت جلية عليه. كانت الحديقة عامرة بالأعشاب والحشائش والزهور البرية, بينما تشقق الطلاء الزهري الذي يغطي المنزل في أكثر من موضع. كانت إطارات النوافذ مصنوعة من الخشب البني الفاتح , وكذلك كان الباب الرئيسي. هذه المنازل الكبيرة القديمة تحتوي عادةً على أكثر من مدخل , ولكن لم يكن هناك أي مؤشر على وجود باب آخر. زفر (نويل) بيأس وقال وهو يضع يده على كتف (ساي) : " لا تلعب بأعصاب الفتاة المسكينة , أنت تعلم أنها تجزع حتى من ظلها. بالإضافة إلى أنك تصيبني بالإحباط هنا , إنني أحاول جهدي يا صاح .. " وقبل أن يجد (ساي) الوقت الكافي ليعطيه رداً حاذقاً آخر, إستدارت (أمورا) لتواجه الشابين وقالت بخوف : " لن تتركاني وحيدةً وتهربا إن ظهر لنا شبح في الداخل , صحيح ؟ " نظر لها (نويل) ملياً ليتأكد بأنها تمزح بينما كان (ساي) يضحك بمرح , ليست بردة فعل غير متوقعة . " لا تقلقي يا (أمورا) , لا أتوقع أننا سنستغرق وقتاً طويلاً هنا. سنفعل ما أتينا لفعله وننصرف – إبتسم إبتسامة مطَمئنة لها - وبعد ذلك , سأسطحبكما للعشاء في مطعم مَحَلي جيد." " مالذي ننتظره إذاً ؟! إلى الأمام يا جنود !! " قالها (ساي) وإنطلق بحماس نحو الباب الخشبي الضخم الذي توسط واجهة المنزل. " نحن لسنا بجنود , وأنت لست قائداً حربياً .. " " لا يهم , إلى الأمام ! " ----------------------------------- بدا الأمر وكأن الثلاثة تَخَطوا بوابةً نقلتهم عبر الزمن. إذا كان المظهر الخارجي للمنزل يدل على قِدمه , فإن ذلك وبكل تأكيد لم يظهر ولا بأي شكل من الأشكال في الداخل. كان المنزل من الطراز المعماري العتيق , ولكن المصابيح الكريستالية المعلقة كانت تتوهج بهدوء لتنثر القليل من الضوء والكثير من الظلال في المدخل الواسع اللذي غلب عليه الظلام, لم تكن ثمة نوافذ تسمح بدخول ضوء الشمس مما أضفى على المكان لمسةً كئيبةً نوعاً ما. الأرضية الرخامية بدت في أحسن حال وقد توسطها السجاد الفاخر قاتم الألوان. الجدران نظيفةً وإن كانت مجردة من أي لوحات أو لمسات جمالية. لقد كان المكان نظيفاً ومرتباً وإن كان سكونه يجثم على الأنفاس. بإختصار , لم يكن من الممكن التصديقُ أن هذا المنزل لم يستعمل للسكنى منذ قرن أو أكثر. وقف الثلاثةُ متقاربين وهم يجولون بأعينهم في المكان بإنبهار, فهم توقعوا مكاناً مغبَراً ومتهالكاً على الأرجح. همهمت (أمورا) : "إنه بديع ... من الخسارة أن هذا المنزل يقع في منطقة نائية ومنعزلة كهذه. ولكن ..." توقفت عن الكلام وهي تنظر حولها بقلق. قال (ساي) بمرح : "ماللذي تقولينه ؟ هذه العزلة الثمينةُ هي أجمل ما في الموضوع. " " تذكر بأن أغلب البشر طبيعيون ويفضلون صحبة بعضهم البعض على الحيوانات والأشباح. ", قالها (نويل) وهو ينظر إلى صديقه بنصف عين, كان من الواضح أنه يشعر ببعض التوتر وإن حَاولَ أن يُخفي ذلك. " ليس أنت أيضاً يا (نويل) , لقد توقعت أنك ستفهمني .. " , تعمد (ساي) أن يتصنع نبرةً مأساوية وهو يقولها. " لقد كان توقعك خاطئاً , آسف لتحطيمي قلبك الخاوي." " حسناً , ماللذي يتوجب علينا فعله لننتهي من هنا ونعود للمدينة ؟ " تساءلت (أمورا) وهي تنظر لـ (نويل) برجاءٍ صامتٍ ليخرجها في أسرع وقتٍ ممكن. " نعم , فعلاً .. إمم .. لا أعلم من يتكفل بأمر التنظيف وسداد فواتير الكهرباء هنا , ولكن يبدو أنه يتقن عمله جيداً. فلنبحث عن أي شـ -- " بتر حروف كلماته صوتٌ مدوٌ كان قادماً من إحدى الغرف الواقعة في الممر الذي إمتد على يمينهم. تبادل كلٌ من (نويل) و (أمورا) نظراتٍ فزِعة , بينما وقف (ساي) في مكانه ناظراً لأعماق الممر الطويل بدون حراكٍ أو كلمة. مضت دقيقةٌ والمشهد لم يتغير , حتى قام (ساي) بالتقدم ببطء في إتجاه الصوت وهو يلتفت للخلف قائلاً : " لا تقفا هكذا , تبدوان كالأشجار الميتة ! سأذهب لتفقد الأمر , لابد أن ثمةً حيوان بري بالداخل. " " لا يا (ساي) , لا تلعب دور البطل أرجوك - قالت (أمورا) بجزع – قد يكون ذلك صوت...", قاطعها (ساي) وهو يتقدم أكثر: " شبح ؟ جيد إذاً , سأكون أكثر رعباً لو كان مصدر الصوت صرصاراً. لا تقلقي يا فتاة , سأعود فوراً. (نويل) .. توقف عن النظر في كل ركن كالأرانب , إبقيا هنا وتبادلا الذكريات أو ما شابه ريثما أعود يا أبناء العم. " قالها وإنطلق لليمين ليختفي داخل الممر عن أعينهما , بينما كان الإثنان يتبادلان النظريات حول مصدر الصوت بقلق وتوتر. رغم هدوئه الظاهر إلا أن ذلك الصوت أقلقه لأنه حطم السكون الذي كان يعم المنزل , والآن أصبح (ساي) يسمع أصواتاً خافتةً من كل صوب , ولكن ذلك على الأرجح كان نتاج عمل مخيلته الخصبة , خصوصاً وأن الظروف الحالية تساعد على ذلك. وبينما هو غارقٌ في أفكاره , وجد أن هناك شريطاً من الضوء ينبعث من أسفل الباب الموارب الواقع في آخر الممر , فتابع سيره البطيء تجاه ذلك الباب متجاهلاً الأبواب الأخرى وهو يتساءل عما سيجده بالداخل. ----------------------------------- دفعةٌ بسيطة , خطواتٌ مترددة , وأصبح (ساي) بداخل الغرفة. أول ما جال بباله هو أنه لا توجد أي حركة تدل على وجود حيوان بري هنا. تقدمً قليلاً لتبدو ملامح الغرفة جليةً أمام ناظريه. يبدو أنها غرفة معيشة فرعية حيث كانت هناك أريكةٌ فخمة تتقدمها طاولة من الخشب المتين , بينما كان هناك كرسيان أصغر حجماً على جانبيها. ثمةَ صوت رتيب هنا , صوت معدني خافت. وبنظرةٍ سريعة في الغرفة عرف مصدره. " إنها ساعةٌ خشبيةٌ ضخمة ! " كان بندول الساعة الخشبية المزخرفة يتحرك ببطْء من جهة إلى أخرى , بينما أشارت عقاربها النحاسية إلى تمام الساعة الرابعة. الرابعة؟ لابد أن هذه الساعة البالية لم تتم معايرتها منذ عقود , فمن غير المستغرب أن تشير للوقت الخطأ. تنفس الصعداء وهو يستدير ليخرج من الغرفة ويعود لصديقيه بالأخبار السارة , لقد كان الصوت المخيف مجرد مقلب غير متعمد من ساعةٍ قديمة. لفت نظره أيضاً وجود مرآة طولية لامعة بجانب الساعة , فتقدم ليقف أمامها ويتأمل إنعكاسه فيها. مرر أصابعه خلال شعره الداكن الطويل , وقام بإزاحة الخصل اللتي إنسدلت على جبينه لتقوم بحجب إحدى عينيه البنيتين. لقد كان يرتدي قميصاً أبيض اللون يعتليه معطف أسود ذو ياقة ناعمة مبطنة بالفرو وبنطالاً من الجينزغامق اللون , وقد تدلت من عنقه مجموعة من السلاسل. طوقٌ جلدي أسود أحاط بعنقه , تتدلى أسفله قلادةٌ إتخذت هيئة وردة سوداء , وقلادة ثالثة فضية اللون بها ميدالية صغيرةٌ مستطيلة الشكل حُفر عليها إسمه. ربماً لم توحِ شخصيته المندفعة بذلك لمن لا يعرفونه , ولكنه في الواقع يهتم بمظهره جداً ويعتبر عدم التأنق في الملبس (بحدود المعقول) جرماً شنيعاً. رتب ملابسه بسرعة وإنطلق خارجاً. في طريق عودته خَطَرَ له بأن الممر طويل فعلاً , لقد كانت هذه المنطقة شبه منعزلة عن باقي المنزل. أخرج هاتفه الجوال من جيب بنطاله وقام بإختيار لحن ليدندن معه وهو يشعر بالقلق يتبدد من أعماقه كلما إقترب من بهو المدخل. " إحزرا ماذا ؟ لقد كان ذلك فقط – " لم يكمل جملته حيث أنه لم يكن هناك أحد غيره في البهو الواسع. أحس (ساي) بالتوتر يطفو بداخله مرة أخرى. أين هما ؟ هل كانا خائفين لدرجةِ أنهما غادرا المنزل وتركاه ؟ تقدم من الباب الرئيسي و أمسك بالمقبض المستدير ليفتحه وهو يفكر في النكات التي سيطلقها على صديقيه الجبانين عندما يخرج للقائهما. ولكن الباب لم يتحرك. كان ثابتاً في مكانه كطود من الصَخر , بالرغم من أنه لم يكن موصداً حتى عند قدومهم. ما معنى هذا ؟ ربما ظن (نويل) و (أمورا) بأنه من المسلي أن يقوما بالخروج وإغلاق الباب عليه من الخارج. ياللحقارة ! تراجع للخلف قليلاً وركل الباب رغم معرفته بأن هذا لن يجدي شيئاً. أو ربما ... ربما كانا بالداخل , ربما كانا مختبئين في إحدى الغرف الموجودة بالممر الأيسر بإنتظار قدومه. بدا هذا الإحتمال أقرب للواقع حيث أنه لا يظن بأن لديهما المزاج الرائق الكافي ليقوما بتدبير المقالب له في وقت كهذا. لحظة ... لماذا لا يقوم بالإتصال على أحدهما ؟ فور أن خطرت الفكرة بباله سارع برفع جواله والتنقل في قوائمه إلى أن وجد رقم (نويل) , قام بالطلب ولكن كل ما حدث هو إنقطاع الخط قبل بدء المكالمة معلناً عدم توفر أي تغطية في هذا المكان. تنهد بحسرةٍ وقرر أن يبتلع توتره وينطلق إلى الممر الأيسر ليلقي نظرةً بداخل الغرف الواقعة هناك. بـــدايـــة الـــســـاعـــة الـــرابـــعـــة -إنتهى- ----------------------------------- حسناً...ربما أطلتُ في الجزء قليلاً, ولكنه الحماس وما يفعل يا سادة. لأي مدى ستصمد من أجل أصدقائك؟ ما عساك تفعل إن اضطررت لقتل ما تشعر به في سبيل إنقاذ مشاعرهم؟ والسؤال الأهم... هل ستتذكر؟ |
دخول متقطع .
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ ساي على المشاركة المفيدة: |
09-21-2022, 08:17 PM | #3 |
عضو جديد
|
. الفصل الثاني
----------------------------------- إن أعظم درجات الشجاعة هي أن تعترف بأنك خائف. ----------------------------------- لا يمكن لأحد أن يدعي بأن (ساي) كان من النوع الجبان المتخوف. بل على العكس تماماً , كان من الصنف اللذي لا يجد مشكلةً في مواجهة ما لا يستطيع بقية الناس تحمله , مما أكسبه سمعةً مفادها بأنه غير طبيعي , وذلك بدعم من (أمورا) التي تصفه دوماً بالكائن غريب الأطوار. ولكنه في الواقع , وفي هذه اللحظات بالذات , كان خائفاً. ليس هناك من سبب معين يبعثه على الشعور بذلك , ولكنه فقط إحساس مُلحٌ في أعماقه , وهو قد تعلم أن يستمع للأحاسيس الغير مفهومة حيث أنها في الأغلب على حق. كان الممر الأيسر مشابهاً نوعاٍ ما للممر الأيمن , بإستثناء أن الإضاءة هنا كانت أفضل بقليل. الأبواب الخشبية المنقوشة كانت مواجهة لبعضها البعض على طرفي الممر اللذي إنحرف بزاويةً قائمةً ليتصل بممر آخر يتجه شمالاً. حاول أن يفتح الباب الأول بحذر ولكنه كان موصداً بإحكام , وكذلك كان الباب المواجه له. لم يختلف الأمر مع باقي الأبواب في الممر , وقد زاد ذلك من توتره أكثر , حيث لا يمكن أن يكون أصدقاؤه مختبئين في غرفٍ مغلقة. تذكر فجأةً بأنه رأى سلماً رخامياً كبيراً في مؤخرة البهو الرئيسي , لربما كانوا بالطابق الثاني ؟ أخبر نفسه بأن يتجه للأعلى في حال إستمرت محاولاته في فتح الأبواب بالفشل. وفور أن إستدار يميناً ليتجه للممر المقابل , وجد ذلك الشيء أمام ناظريه في نهاية الممر. لربما كان وصفه بـ "الشيء" مبهماً نوعاً ما , ولكنه كان فعلاً كذلك. شيءٌ غامضٌ وصعب الرؤية في السواد الذي جثم على نهاية الممر كستارة نسجت من الظلام. ولكن .. بدون أدنى شك .. كان هناك شيء يتحرك ببطء هناك. ربما كانت الصدمة هي التي جعلت (ساي) يتسمَر في مكانه , وربما كان صوتاً دفيناً بداخله يخبره بأن لا يقدم على أي حركة تلفت الإنتباه له. كان الصوت الوحيد هو صوت الشيء الواقف أمام الباب الواقع في نهاية الممر وهو يقوم بفتح الباب الخشبي ببطء , مصدراً أزيزاً عالياً يحطم الأعصاب. وقف (ساي) متصلباً مكانه حتى بعد أن دلف الشيء (أو الشخص؟) إلى الداخل وأنغلق الباب من خلفه , وبقي على هذه الحال لمدة دقيقتين أو أكثر , وهو يحادث نفسه بجنون .. " مالذي حدث للتو ؟! لقد جننت , لا شك في ذلك .. (أمورا) كانت محقة , يجب علي أن أنام أكثر. (أمورا) ؟ أين هي ؟ وأين المغفل (نويل) ؟ هل أتبع هذا الشيء للداخل ؟ " تمالك نفسه وتقدم للإمام , كان هناك باب واحد فقط وهو الباب الموجود في نهاية الممر. تقدم نحوه وهو يشعر بقشعريرة باردة تسري في أطرافه , ومد يده نحو المقبض النحاسي ليديره ببطء .. كان الباب مقفلاً . هذا مستحيل .. لقد حدث كل شيء أمامه .. كان هناك شيءٌ أو شخص غامض قام بفتح الباب والدخول بدون أي مشاكل. ولكن .. هل حدث هذا فعلاً ؟ لسبب ما , بدأ يشعر بأن أفكاره وذكرياته أختلطت لتكون مزيجاً غير مفهوم من الصور الذهنية والأحاسيس. لقد بدأ فعلياً بالشك في سلامة عقله , وكل هذه الأحداث تجعل قلقه على صديقيه يصل لمستويات جنونية. عندما يجدهما , سيترك لهما حرية القرار فيما إذا كان هو مجنوناً أم لا , كل ما يريده الآن هو أن يجدهما .. سالمين . ----------------------------------- " لماذا أركض هكذا ؟" تساءل في نفسه وهو ينطلق عائداً للبهو وهو يدعو في سِره بأن لا يجد شيئاً ما بإنتظاره هناك أيضاً. لحسن الحظ , كان البهو الرئيسي فارغاً وصامتاً. كانت الإحتمالات السيئة والأفكار السوداء تنهش عقله وهو يهرول صاعداً السلم الرخامي الواسع. إنه لا يعلم حتى إلى أين هو متجه , ولكنه لا يهتم الآن. وصل إلى الطابق الثاني وهو منقطع الأنفاس. سحقاً .. منذ متى أصبح غير قادر على خوض مجهودٍ بدنيٍ بسيط كهذا ؟ لم يتوقف حتى ليقرر إلى أين سيذهب , بل أخذ يتنقل في الممرات عشوائياً , محاولاً فتح أيٍ من الأبواب المنتشرة فيها. ولكن أياً منها لم يفتح إلى أن وصل إلى آخر الأبواب في الممر الأيمن. عندما أمسك بالمقبض وحاول فتحه بسرعة , كان يتوقع أن يكون هذا الباب مغلقاً كغيره, لذا فقد فوجيء عندما وجد نفسه يندفع للأمام ويسقط على الأرضية المفروشة بالسجاد وهو يلهث. لم يحظ سوى ببضع ثوان لإلتقاط أنفاسه قبل أن يسمع حركةً سريعةً في الغرفة تبعها ظهور ظلٌ طويلٌ أحاط به ... ----------------------------------- " (ســاي) ؟! " عند سماعه لإسمه يُنطق بصوت شاهق , رفع (ساي) عينيه ببطء لينظر للشخص الواقف أمامه , رغم أنه لم يكن يحتاج لذلك ليعرف من هو . " (نويل) .. ! " هتف بها بمزيج من الدهشة والإرتياح وهو يرى الشاب الطويل أمامه ممسكاً بمزهرية ثقيلةً كانت – وبلا شك – ستستعمل لتحطيم رأسه لولا أن تمالك (نويل) نفسه في اللحظات الأخيرة. كان وجه الأخير شاحباً بشدة , ويداه المطبقتان على المزهرية ترتجفان بشكل ملحوظ. هب (ساي) ليقفز بسرعة ليواجهه وهو يتراجع للخلف قليلاً. " أنزل هذا الشيء يا أخي , هل تحسب نفسك مصارعاً ؟! لو تجرأت وقتلتني فسيقوم شبحي بمطاردتك للأبد ! " " .. (ساي) .. أنت بخير .. لقد ظننت – تهدج صوته وهو يخفض يديه – الحمد لله .. لقد ظننت أنك .. " لم يكمل جملته ولكن مضمونها الكئيب كان واضحاً. " (نويل) .. مالذي حدث ؟ أين (أمورا) ؟ هل هي هنا ؟ " أجابه بصوت مرتجف : " لا أعلم .. لا أعلم يا (ساي) .. هناك شيءٌ ما .. إنني .. لقد فوجئنا به عندما ذهبت لتفقد الصوت , لقد صَرَخت (أمورا) وركضنا في إتجاهات مختلفة ولم أتمالك نفسي إلا عندما دخلت إلى هذه الغرفة , ألم تسمعها ؟ .. لقد ظننتك .. ولكن , رباه .. لقد هربت وتركتها وحيدة , كيف لي أن أفعل شيئاً كهذا ؟ " " لم أسمع شيئاً , لقد كنت أستمع للموسيقى .. هل قلت بأنكما رأيتما "شيئاً" ؟ ربما كان .. أعتقد أنني رأيته .. ولكنني لم أستطع تحديد ماهيته بالضبط, لا يمكنني حتى أن أنفي أو أجزم أنه كان شخصاً." إقترب (ساي) من (نويل) وربت على ساعده مُهدئاً له , بينما كان عقله يلقي به من جديد في دوامة الأفكار السوداء. إن (أمورا) أكثر جبناً من نعامة حديثة الولادة , ولا بد له من العثور عليها قبل أن يفقدها الخوف عقلها .. أو قبل أن يعثر عليها ذلك الشيء , أياً كان. " لا تَقسُ على نفسك كثيراً (نويل) , أنا أعلم أنك لا تحب الأشياء الغامضة والغير مفهومة , ولا تنسى أن القدرة الخارقة الوحيدة التي تملكها (أمورا) هي الركض والهرب بسرعة .. " قالها محاولاً التخفيف عنه , ولكنه في قرارة نفسه لم يكن متأكداً مما كان يقوله. " سأذهب للبحث عنها – خفض (ساي) صوته وهو يقول بتردد – ربما تُفضِل أن تبقى هنا ريثما .. " " لا !! أنا ذاهب أيضاً .. يعلم الله بأنك شجاع ولكنك أحمق , ومن المحتمل أن تنسى طريق العودة إلى هنا أصلاً. بالإضافة إلى ذلك .. أعتقد أنه من الأفضل أن لا نفترق بما أن هناك شيئاً مجهولاً يتجول في المكان , فلنبق سويةً حتى يصل الآخرون على الأقل." لقد نسي ذلك تماماً .. مع تسارع الأحداث التي وقعت منذ وصولهم للمنزل , نسي بأنه كان من المفترض أن يلتقوا ببقية أصدقائهم هنا... ----------------------------------- قبل ستة أيام .. الخامس من فبراير . كان الجو بارداً بلا شك , ولذا قام (ساي) بإعداد كوب من القهوة الساخنة لنفسه قبل أن يجلس بمواجهة الشاشة العملاقة التي إتصلت بجاز الحاسوب خاصته. بسببِ أنه وأصدقاؤه عادةً مشغولون في النهار (الجامعة , العمل , إلخ ..) فقد كان ملتقاهم الوحيد هو المحادثات الجماعية عبر الإنترنت. وقد كان ذلك هو اليوم اللذي قام فيه (لورانس) المشاكس بإخبارهم بأنه رأى منزلاً أثرياً شبه مهجور خلال زيارته لهذه القرية التي يسكنها أقرباؤه , وأقرن كلامه بصورة غير واضحة المعالم يبدو أنها التقطت عن طريق هاتف محمول لمنزل يقع في أعلى تلٍ منخفض. (Laurence) : " إنه ضخم , أضخم من منزل (نويل) حتى ! ولا أحد يسكنه حالياً لسبب ما , ربما بسبب الإشاعات المحلية بإنه مسكون أو شيء من هذا الهراء , ولكن لا يمكن لشيء كهذا أن يكون صحيحاً. الأشباح والموتى الأحياء ومصاصو الدماء هم مجرد خزعبلات يستعملها (ساي) ليخيف بها الفتيات." (Sai) : " شكراً لأنك تظهرني بمظهر الفتى اللذي لا همَ له سوى ملاحقة الفتيات لإخافتهن .." (Amora) : " أنت كذلك فعلاً ! لا أشك بأن سمعتك في مقر عملك هي بسوء سمعتك عندما كنت في الجامعة , كان الكل يخشى من غرابة أطوارك , أنا حتى لا أعلم ماللذي حصل لي لأقبل صداقتك ! " (Noelle) : " هل تعلم من يمتلك هذا المنزل حالياً يا (لورانس) ؟ بما أنني أعمل مع والدي في شركة للعقار فإنني قد أتمكن من شرائه بسعر جيد , خاصةً مع وجود إشاعات كهذه حول المكان. لا بد أن المالك يتوق للخلاص منه." (Sai) : " تباً لكما ! أهكذا تخاطبان من هو أكبر منكماً سناً وأكثر حكمة ؟! يالهذا الجيل ..! " (Laurence) : " لا تحاول أن تظهر نفسك بمظهر الشخص العاقل لمجرد أنك الأكبر عمراً هنا. أممم .. لا أعلم ذلك (نويل) , لم يذكر لي أحد بأن هناك ثمة مالك للمنزل , ولكن لا بد أن يكون شخصٌ ما متواجداً على الأقل في المكان , أليس كذلك؟ " (Noelle) : " على الأغلب , نعم. إنني أفكر بزيارة المكان لمعاينته والتحدث لمالكه إن وُجد. ولكن .. " (Sai) : " ولكن ماذا ؟ هل أنت خائف من إمكانية وجود شبح بالداخل ؟ أنا أعلم أنك لا تحب هذه الأشياء." (Amora) : " لا تقم بالسخرية من إبن عمي فقط لأنه شخص طبيعي ! " (Sai) : " من الطبيعي أن تدافعي عنه فأنتما في النهاية .. جباناااان ! " (Noelle) : " إخرس أيها المشعوذ ! لست أنا اللذي يقوم بتربية كومة من القطط السوداء كحيوانات أليفة , لو كنا نعيش في العصور الوسطى لما تردد الناس في إحراقك وحيواناتك. " (Amora) : " لو كنا نعيش في العصور الوسطى لكنت سأسعد بالإبلاغ عنه فوراً. " (Laurence) : " لم لا نذهب هناك سويةً حفاظاً على مشاعر (نويل) المرهفة ؟ حسناً .. ربما كانت (أمورا) جبانةً أيضاً ولكنها فتاة فذلك متوقع نوعاً ما. كما أنني أرغب برؤية وجه (ساي) وهو يكتشف أن كائناته الأسطورية الغريبة لا وجود لها في الواقع. بالإضافة إلى أننا لم نر بعضنا البعض منذ فترة ليست بالقصيرة, وإجازة الربيع على الأبواب. علينا أن ندعو باقي المجموعة أيضاً ! " (Sai) : " حسناً , لقد كنت سأقترح شيئاً كهذا بما أنني سأكون في إجازة من عملي إبتداءاً من الأسبوع القادم." (Amora) : " أراهن بأنكما تشعران بالخوف ولكنكما لا تريدان الإفصاح عن ذلك .. " (Laurence) : " من تظنينني ؟ أنت ؟! " (Sai) : " من تحسبينني ؟ الآنسة (أمورا) الجبانة ؟! " (Amora) : " من قال بأنني خائفة ؟! إنني أرغب بالذهاب فالأمر يبدو مسلياً , كما أنني لا أؤمن بالأشباح فهم لا يتواجدون إلا في الأفلام السخيفة. " (Noelle) : " تذكرا بأني لم أطلب منكما القدوم لأنني خائف ! ولكن هذه فرصة جيدة لنقضي بعض الوقت معاً , ربما أمكننا أن نغامر قليلاً بينما تساعدونني في إتمام هذه الصفقة التي قد تكون مربحة ! " ----------------------------------- آه , فعلاً ... لقد كان الإتفاق هو أن يتقابلوا هنا , ولكن يبدو أن المجموعة الأخرى تأخرت في الوصول. ولكن .. كيف له أن يعلم أين هم الآن ؟ ربما كانوا بالخارج ولكنهم لا يستطيعون الدخول لأن الباب موصد , ويعلم الله فقط من قام بفعل ذلك. ربما كان من الأفضل أن لا يدخلو لهذا المكان أصلاً , فهو ليس طبيعياً أبداً. ذكَرته تلك الأفكار بالوضع الحالي , حيث ما زالت (أمورا) ضائعةً وما زال (نويل) مصدوماً. بحركة سريعةً قام بالإمساك بيد (نويل) وسحبه بإتجاه الباب. " إذا كنت تريد أن تجد (أمورا) سالمةً فأقترح أن نتوقف عن الحديث ونبدأ بالبحث , هناك شيءٌ ما يتجول هنا بالإضافة إلينا. " الـــســـاعـــة الـــرابـــعـــة - إنتهى - حسناً, ربما كان الجزء قصيراً نوعاً ما, ولكنني أحبذ عدم التعجل في كشف الأحداث, وفضَلتُ على ذلك شرح سبب تواجدهم في المنزل حالياً. كما لاحظتهم فإن مجموعةً جديدةً من الشخصيات ستنضم للثلاثة قريباً, ولكن قبل ذلك.... هل سيجدون (أمورا) سالمة؟ |
دخول متقطع .
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ ساي على المشاركة المفيدة: |
09-22-2022, 11:56 AM | #4 |
عضو جديد
|
. الفصل الثالث
----------------------------------- من الذي يقرر ما هو الجنون ؟ أين يبدأ الحد الفاصل ؟ أين ينتهي ؟ ----------------------------------- إنه ذلك السكون الثقيل مرةً أخرى .. لا يوجد أي صوت , لا توجد أي حركة. لوهلةٍ ظن الإثنان بأنهما توهما الأمر بأكمله , ولكن ما أن تقدما قليلاً في الممر المقابل لهما ليبدأ البحث هناك حتى عادا للواقع المرعب ثانيةً. كانت الإضاءة جيدةً هنا , وذلك ما جعل المنظر أكثر سوءاً. كانت هناك بقعة واسعة من الدماء الداكنة اللتي أكسبت المكان رائحةً حديديةً صدئة , بينما لم يكن هناك أي أثر لمصدرها. لم يساعد ذلك في تحسين ظنونهما حول مصير (أمورا) أبداً , وبدا (نويل) على وشك الإغماء لولا أن تقدم (ساي) وانحنى ليلمس الأرضية المصبوغة بالأحمر القاتم. " إنها جافة .. هذا يعني بأن ما حصل هنا كان قبل فترة ليست بالوجيزة. لا يمكن أن تكون (أمورا) , فلو كانت هي لسمعناها .. ولكن من , أو ماذا كان مصدر هذه الدماء ؟ " " هذا الوضع غير طبيعيٍ أبداً يا (ساي) , لم يكن من المفترض حدوث هذا .. " " تمالك نفسك (نويل) , نحن ما زلنا – " " لحظة .. هل تسمع ذلك ؟ " " أسمع ماذا ؟ " " إنه صوت دقات ساعةٍ ما .. " " ساعة ؟ - أرهف السمع لبرهةً بينما تعالى صوت دقات مكتومة - ربما كانت الساعة التي وجدتُها بالأسفل. ربما سمعت (أمورا) الصوت أيضاً , لا بد أنها ستتجه نحوه ! فلنعد إلى الأسفل بسرعة." إنطلقا يهرولان نحو السلالم المؤدية للأسفل وهما يلتفتان حولهما بقلق , فليس هناك من شيء يجعل وضعهما أسوأ الآن سوى ظهور ذلك الشيء الغريب مرةً أخرى من حيث لا يتوقعون. تبع (نويل) خطوات (ساي) وهو يقوده عبر الممر إلى الغرفة التي وجد فيها الساعة الضخمة سابقاً , ولكنه تخطى الأخير ليدفع الباب الخشبي بعنف وهو يصرخ بإسم (أمورا) ويفاجأ بعدها بــ ... ----------------------------------- كان اللون الأحمر الصارخ هو أول ما رأته عيناهما. تقدم (نويل) بخطوات بطيئةً للداخل وقدت إعتلت محياه الوسيم نظرة غير مُصدقة , بينما تنفس (ساي) الصعداء وهو يقاوم الرغبة في الإندفاع للأمام كالأبله. إن القوة التي دفع بها (نويل) الباب جعلت (أمورا) تقفز من مكانها بوَجَل وهي تطلق صرخةً صغيرةً سرعان ما كتمتها بيديها. بدا وجهها شاحباً وهي تتراجع للخلف بحركة لا إرادية , لا بد أنها ظنت بأن القادم هو ذلك المجهول الذي رأته في البهو. " (نويل) , (ساي) .. أنتما هنا .. لماذا ؟ " تمتمت بذلك بدهشةٍ فاجأت (ساي) , لقد كان يتوقع أنها ستبدأ بالبكاء والعويل في أي لحظة الآن, ولكنها لم تفعل. لم يجبها (نويل) , ولم يبد أنه سمع سؤالها أصلاً , فقد تقدم ليمسك يدها بلهفة وهو يبتسم بسعادة. " يا إلهي , (أمورا) ! أنت بخير , الحمد لله , الحمد لله .. أيتها البلهاء , لا تصيبيني بالقلق هكذا , أقسم بأنني كنت على وشك الإصابة بأزمةٍ قلبية بسبب ما رأيناه , ولكنك إختفيتِ فجأة ولم أستطع العثور عليك .. " " حمداً لله أنك بخير ! لقد عدتُ من هذه الغرفة للبهو ولم أجدكما , مالذي حدث ؟ " قالها (ساي) وهو ينظر نحوها بعينين فاحصتين. قالت بإرتباك ومعالم الذنب تبدو واضحةً على وجهها الجميل : " أنا آسفة ً حقاً .. لم أكن أقصد أن .. لكنني فقط فوجِئتُ بظهور ذلك الشيء , وعندما صرخ (نويل) لم أستطع السيطرة على نفسي وأخذت أركض في الممر إلى أن وصلت لهذه الغرفة. " " ولكن ... ! " قَطَع (ساي) كلماته وهو يعقد حاجبيه بصمت. (( ولكن هذا مستحيل ... )) " (ساي) ؟ " " هممم ؟ نعم .. مالذي كنا نقوله ؟ " قال (نويل) وهو يبحث عن شيء ما في جيبه : " كنا نقول بأن علينا الخروج من هذا المكان بأسرع وقت , فلسنا في حاجةٍ لأن ننتظر ظهور المزيد من الأشياء الغريبة لكي نفعل ذلك. " أتبعت (أمورا) بيأس : " ولكن الباب مغلق بإحكام , لقد حاولت فتحه للخروج ولكنه لم يستجب أبداً , والنوافذ لا تُفتح أيضاً لسببٍ ما ." " بمناسبة ذِكر الأشياء الغريبة .. (أمورا) .. أنتِ .. لست جريحةً في مكانٍ ما , أليس كذلك ؟ " كان (ساي) يعلم الإجابة مسبقاً ولكنه قرر السؤال على أي حال. " ماذا ؟ أمم , لا , على الإطلاق. إنني بخير , فيما عدا الجرح المعنوي بسبب ترككما لي لوحدي ! " قالتها بنبرة عتاب مازح وهي توجه نظرات عابثة نحو (نويل) الذي تظاهر بأن التأمل في السجاد يحتل جُل إهتمامه. (( هذا جيد. يبدو أن الدماء في الطابق الثاني ليست لها بالفعل. )) إبتسم (ساي) بلطف وقال بنبرة هادئة : " أنتِ أقوى مما توقعت , لا تبدين بذلك الخوف حول ما حدث. " قالت وهي تُبعد بعض خصلات الشعر المتناثرة على وجهها : " حسناً , لقد فوجئتُ أنا نفسي بذلك. أعتقد بأنني تماسكت عندما فكرت في (نويل) , لقد كان خائفاً بحق مما جعلني أقلق عليه بشدة وقد قررت أن أكون هادئةً وشجاعةً لأقوم بالبحث عنه – لاحظت النظرة البائسة التي إعتلت وجه (ساي) فأسرعت تردف - أوه , لقد قلقت عليك أنت أيضاً يا (ساي) و أردت البحث عنك ..! " " نعم نعم , أستطيع رؤية قلقك عليَ بوضوح – قالها بنبرة متهكمة – ولكن هذا لا يهم الآن. مالذي تفعله يا (نويل) ؟ كُفَ عن الدوران في الغرفة هكذا ! " " إنني أحاول الإتصال بـ (لورانس) , ولكنني لا أستطيع إتمام أي مكالمة. " وافقه (ساي) قائلاً : " لقد حاولت ذلك مسبقاً , لا جدوى من ذلك على ما يبدو. ربما علينا العودة للطابق الثاني والإنتظار في الغرفة التي كُنتَ فيها حتى نَجِدَ مخرجاً أو يجدنا الآخرون. أعتقد أننا جميعاً بحاجةٍ بعض الراحة. " قالت (أمورا) بتعاسةٍ : " إنني فعلاً منهكةٌ جداً , فلنذهب إلى الأعلى , ولكن السرير سيكون لي ! بإمكانكما أن تناما على الأرضية أو داخل المدفأة ! " " أيتها القاسية ! أهكذا تشكرين من جاء ركضاً لإنقاذك ؟ " غمغم (نويل) بحقد وهو يعيد هاتفه المحمول إلى جيبه بعد أن تأكد من عدم جدوى محاولة الإتصال بأي شخص في الخارج. إستمر الإثنان في الجدال وهما يخرجان من الغرفة غير منتبهين لـ (ساي) الذي وقف في مكانه بصمت وهو ينظر إلى الساعة الخشبية الضخمة بتساؤل. ما زالت عقارب الساعة تشير إلى تمام الرابعة , مما أكد نظريته الأولى بأن هذه الساعة تعاني تلفاً ما. ولكن الذي جذب إنتباهه هو وجود فتحة صغيرة في منتصف قرص الساعة , وهو شيء لم يلاحظه في المرة الأولى. كانت أشبه بفتحة لمفتاح أو قطعةٍ صغيرة الحجم. ربما كانت هناك أداةً ما تستخدم لمعايرة الساعة؟ نفض هذه الأفكار من رأسه وأسرع يلحق بصديقيه عندما إنتبه بأن أصواتهما إبتعدت عن مكانه بشكل ملحوظ. ----------------------------------- " إركضي !! لا تنظري للخلف يا بلهاء , إركضي فقط ! " " إلى اليمين , أسرعا !! " " (نويل) , (ساي) !! إنه يقترب ! " " لا تنظري !! " كان الثلاثة يتسابقون لصعود السلالم وأصوات خطواتهم المتسارعة تدوي في البهو الذي كان صامتاً حتى دقيقةً مضت. فما أن وصلوا للبهو حتى وجدوا ذلك الشعور الخانق اللذي صاحب ظهور ذلك الشيء المجهول سابقاً , وكأنه كان بإنتظارهم , إندفع من ظلمات الممر الأيسر لينقض عليهم قبل وصولهم للطابق الثاني. وهذه المرة , كانت ملامح "الشيء" واضحةً لهم. لقد كان شخصاً , أو على الأقل , أشبه ما يكون بشخص. كان مزيجاً من شيء لا يبدو إلا كشخص , وفي نفس الوقت , يستحيل أن يكون شخصاً. لم يقف أي منهم لينظر إلى ملامح ذلك الشخص الذي بدا وكأنه يقع في منتصف بقعةً مظلمةً على الدوام , بل سارعوا إلى الغرفة اللتي كان (نويل) مختبئاً فيها بالطابق الثاني. كان (ساي) أول الواصلين حيث دفع الباب وأنطلق للداخل وهو يصرخ على الآخرين بالإسراع. كادت (أمورا) أن تتعثر وتسقط في الممر لولا أن (نويل) قام بإلتقاطها وسحبها للغرفة وهو يلهث بينما أغلق (ساي) الباب خلفهم وأسند ظهره عليه دافعاً إياه بقوة ليمنع ملاحقهم من الدخول. كانوا جميعاً فزعين بدرجات متفاوتةً ولكن لم يصدر أي صوت من خلف الباب لبضع دقائق قضوها في إلتقاط أنفاسهم. كانت (أمورا) ترتجف وهي واقفة في ركن الغرفة. وحالما أن إسترخى (ساي) ظناً منه بأنهم أصبحوا في أمان , شَعر بالباب يُدفَعُ بقوةٍ من خلفه , وكادت المفاجأة أن تفقده توازنه للحظة ولكن (نويل) إسرع ليغلق الباب الذي إنفتح قليلاً جراء الدَفعة. وبينما كان يفعل ذلك , لاحظ بأن مفتاح الباب كان موجوداً في القفل – لحسن حظهم – فقام بإدارته مرتين وقفز للخلف. ظلت أعينهم ملتصقة بالباب الذي بقي ساكناً لبرهة , وتبع ذلك صوت خطوات ثقيلة تسير مبتعدة .. وعندها فقط , تساقطوا جميعاً على الأرض يلهثون. ----------------------------------- جلست (أمورا) على السرير الصغير في الغرفة وهي تضم ركبتيها إلى صدرها , بينما وقف (نويل) بصمت عاقداً ساعديه ومسنداً ظهره للجدار. أما (ساي) فقد تربع على الأرض أمام المدفأة وهو ينظر لألسنة اللهب بعينين شاردتين , ويلقي لها بقطعة من الخشب بين الفينة والأخرى. لقد مضت عشرون دقيقةً تقريباً , وما زال الوضع هادئاً. لم يسمعوا أحداً يتجول في الممر ولم يحاول أحدٌ إقتحام الغرفة ثانيةً. مهما كانت طبيعة مهاجمهم, فهو ليس شبحاً على الإطلاق. الأشباح مجرد أطياف هائمة, أو أنها من المفترض أن تكون كذلك. ولكن هذا الشيء يمتلك قوة ثور هائج, بالإضافة إلى أنه يستحيل على باب خشبي أن يحول دونه ودونهم إن كان شبحاً فعلاً. تنحنح (نويل) بلطف ليكسر حاجز الصمت. " تبدين مرهقةً لحد الإغماء يا (أمورا) , من الأفضل لكِ بأن تخلدي للنوم قليلاً ما دمت تستطيعين ذلك. " " ولكن ... " " لا تقلقي , إن الباب موصد بالمفتاح , والمفتاح مع (ساي). لن يتمكن أحد من الدخول. " " وأنت أيضاً يا (نويل) .. " قال (ساي) وهو يلتفت ليواجههما " لا تبدو بحالة جيدة يا صاح. لست أحبذ فكرة أن ترهق نفسك لدرجة الإغماء فأنا لن أقوم بحمل جسدك الضخم إلى الخارج عندما نجد طريقةً للهرب. " " جسدي ليس ضخماً .. أنت فقط قصير القامة .. " " .. وأكبر عمراً , والآن إصمت وإستمع لمن هم أكبر منك سناً وأذهب لتخلد إلى النوم. " أطلقت (أمورا) ضحكة قصيرة ناعمةً وهي ترى ذلك , لقد بدا لوهلة أن واقعهم المظلم قد أشرق قليلاً. " تصبحان على خير , أظنني سأغفو قليلاً ", قالتها وإندست تحت الأغطية كلياً لتغط في نوم عميق بعد عدة دقائق. بعد فترة وجيزة من الصمت , قال (نويل) بصوت خافت : " إنني أحسدك على قدرتك للمزاح في وقت كهذا .." تمتم (ساي) وهو يخرج قطعةً من حلوى الكرز من جيبه ويقوم بإزالة غلافها الزاهي : " أعتقد أنني سأصاب بالجنون إن لم أفعل. تباً , إنها آخر قطعة من الحلوى في جيبي .. إسمعني , يجب عليك أن تحصل على قسط من الراحة , أستطيع رؤيتك وأنت تغفو من هنا. " " وماذا عنك أنت ؟ " " أنا ؟ أنت تعلم أنني لست مولعاً بالنوم عادةً. سأبقى مستيقظاً لأنبهكما في حال عاد ذلك .. الـ .. مهما يكن. سأوقظك لتحل مكاني بعد بضعة ساعات. " " حسناً .. – تردد (نويل) قليلاً قبل أن يحسم أمره - .. إتفقنا, سأنام على الأريكة قليلاً. لا تقم بتشغيل الأغاني الصاخبة وإلا ألقيتك خارج الغرفة. " " أعلم ذلك , أتظنني طفلاً ؟! إذهب فقط ! " زفر (ساي) بحنق وهو يتمتم لنفسه: " تباً , على ماذا سأتسلى الآن ؟ " لوَح له (نويل) وهو يستلقي على الأريكة المجاورة للسرير قبل أن يعطيه ظهره وينطلق إلى عالم الأحلام في زمن قياسي. يبدو أنه كان يجاهد ليبقى نفسه مستيقظاً فعلاً. خيَم السكون على الغرفة الواسعة ولم يقطعه إلا صوت الخشب والنيران تأكله لتمد المكان ببعض الدفء , وقرر (ساي) بأن أفضل ما يقوم به لتمضية الوقت هو تفحص الكتاب الذي كانت تتصفحه (أمورا) والذي تركته على الرف الواقع بجانب السرير , فنهض ليحمل الكتاب الصغير ذو الغلاف الفاخر ويعود به إلى مكانه أمام المدفأة. ولكن ما أن تحرك بضعة خطوات حتى تناهى إلى مسامعه صوت خافت إختلط بصوت النيران المتأججة .. صوت خطوات ثقيلة تقترب من باب الغرفة ببطء. فور أن سمع (ساي) ذلك الصوت توقف متسمراً وبدأت عيناه بالإتساع تدريجياً. ولكن الصوت الذي أصبح أمام الباب مباشرةً توقف لتتبعه لحظة من الصمت الذي لم يستمر طويلاً, حيث تلى ذلك ثلاثُ طَرَقاتٍ خفيفة على الباب الخشبي مع صوت خافت يهمس من الجهة الأخرى: "(ساي)؟". تصلب (ساي) في مكانه بصمت للحظات وهو يشعر بأنفاسه ودقات قلبه تتسارع تدريجياً , ثم إستدار ببطء ليواجه الباب. هل سمع إسمه حقاً؟ لم يبد الصوت عدوانياً, ولكن كيف يعلم بأنه هذه ليست خدعة أو أنه ليس مجنوناً فعلاً؟ تواردت الأفكار في رأسه بسرعة البرق بينما إمتدت يده المحاطة بإسورة معدنية إلى داخل جيب معطفه الداخلي وخرجت وهي تحمل سكين جيب مطويةً قام بفردها بهدوء. تأمل النصل قليلاً , لا بأس به. نظر إلى رفيقيه النائمين, هذا جيد, لا حاجة لهم بأن يروه الآن. توجه إلى المكان الذي كان يحتله قبل قليل أمام المدفأة وانحنى ليلتقط هاتفه المحمول من الأرض, ولدقيقتين من الزمن , ظل يكتب شيئاً ما بداخله بينما كانت أذناه تنصتان لصوت الخطوات البعيدة داعياً الله في سره بأن لا يحدث شيء قبل أن ينتهي مما يفعله. وأخيراً, بعد أن إطمأن بأن صديقيه ما زالا نائمين بسلام , تقدم ليضع الكتاب وهاتفه المحمول بجانب (أمورا) النائمة. كانت الأصوات متوقفةً تماماً منذ وهلة, ما من صوت خطوات أو طرقات, أو شخصٌ مجهول يناديه بإسمه. أخرج مفتاح الباب من جيبه وقام بفتحه بحرص لكي لا يصدر صوتاً عالياً , أطل برأسه أولاً ثم تقدم عندما لم ير شيئاً أمامه, وحالما كان واقفاً خارج الباب قام بإغلاقه مرةً ثانيةً بالمفتاح من الخارج , ثم إنحنى ليدفع بالمفتاح للداخل عبر الفتحة الضيقة أسفل الباب. " سأحاول أن أعود لكما , ولكن إن لم أفعل ... " لم يكمل جملته , بل وقف ومضى قدماً بصمت يتفقد الممر الذي كان أكثر ظلاماً من الأفكار القاتمة التي ملأت رأسه. الـــســـاعـــة الـــرابـــعـــة -إنتهى- بدأت الأحداث بالتسارع قليلاً, فما رأيكم؟ هل تؤمنون بأنه شبح عابث؟ أم أنه شخص عدواني؟ أم أنه شيء غير هذا وذاك؟ |
دخول متقطع .
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ ساي على المشاركة المفيدة: |
09-22-2022, 11:58 AM | #5 |
عضو جديد
|
. الفصل الرابع
----------------------------------- هل تتذكرني ؟ هل تحاول أن تنساني ؟ أم أننا لم نلتقي من الأساس ؟ ----------------------------------- " وااااااو ! مجرد النظر إلى هذا المنزل يجعلني أشعر بالحماس , إنها المرة الأولى التي أرى فيها مكاناً كهذا عن قرب ! " وقف (لورانس) واضعاً يديه على خصره وهو يتأمل المنزل بإبتسامةٍ عريضة , وقد بدا كأنه ينظر إلى لعبة مثيرة كبيرة الحجم. ولكن ملامحه كانت أبعد ما تكون عن الطفولة , فقد كان شعره المصبوغ باللون الكحلي متناثراً في إتجاهات عديدة, بالإضافة إلى تعمده إرتداء عصابة على عينه اليمنى لسبب ما , مما جعل الزرقة الصافية لعينه اليسرى أكثر تأثيراً ووضوحاً. الأقراط الفضية التي يرتديها كانت تلمع بهدوء تحت ضوء القمر الباهت. وبينما كان هذا الشاب اللطيف -ليس حقاً بذلك اللطف- يمشي بتمهل نحو الباب الرئيسي الضخم , تبعه شاب آخر طويل القامة , ذو شعر أشقر بلون القش , وعينان مسبلتان تميلان للون البني الفاتح. كان كل ما فيه هادئاً ورزيناً , إبتداءاً من ملامحه إلى السترة الطويلة ذات اللون السكري الشاحب , وإنتهاءاً بصوته الناعم الدافيء. " حسناً يا عزيزي (لورانس) , فلتحاول أن لا توقظ الموتى بصوتك. ربما كانت الأشباح لا وجود لها , ولكن الحيوانات البرية موجودة فعلاً , وهي تخرج للصيد بعد غروب الشمس عادةً. " كانت هذه كلمات (يوهانا) المرحة , والتي كانت تمشي بثاقل بسبب الحقيبة الكبيرة التي كانت تسحبها خلفها. لقد كانت ترتدي بنطالاً يصل لنصف ساقها و قميصاً بسيطاً بنفسجي اللون أظهر لون شعرها الأحمر , بينما توارت عيناها العسليتان خلف نظارة صغيرة ذات إطار وردي. " شكراً لك يا آنسة المعلومات التي لم يسأل عنها أحد.. هذا غريب , لا أرى أثراً لقدوم (نويل) والآخرين إلى هنا. هل من الممكن أن تتحركي بشكل أسرع ؟ نكاد نموت بسبب الشيخوخة ونحن ننتظرك. " , قهقه (لورانس) الواقف بجانب الباب بصوت عالٍ حتى قام (آرثر) الرزين بإخراسه بضربة سريعةً على الرأس. " ليس من اللائق أن تخاطب آنسةً بهذه اللهجة الفظَة , لقد فقدت الأمل وأنا أُلقنك هذه الدروس منذ أعوام .. " تنهد (آرثر) واستدار عائداً أدراجه ليقوم بمساعدة (يوهانا) في سحب الحقيبة الثقيلة , وقابلت هي لطفه بإبتسامة شاكرة خلابة. تمتم (لورانس) وهو يفرك مؤخرة رأسه : " مالذي تحملينه في هذه الحقيبة على أي حال ؟ كل ما يحتويه دولاب ملابسك؟ " أجابت بمرح : " بل جميع أنواع الأطعمة الخفيفة التي يمكن أن تفكر بها ! لا أعلم إن كان الآخرون قد وصلوا أم لا , ولكن القرية تبعد مسافةً لا بأس بها عن هذا المكان , أشك بأنني سأتمكن من الذهاب إلى المتجر لشراء الأطعمة بسهولة. " " يا إلهي .. يالك من.. كيف لفتاة ستصبح طبيبةً بأن تفكر طول الوقت في الطعام كالدببة القطبية ؟ " " (لورانس) !! ", صاح (آرثر) بجزع وهو يسترق النظرات ناحية (يوهانا) التي لم يبد عليها التأثر بسخرية (لورانس) اللاذعة. يبدو أنها إعتادت على ذلك. " تماماً كما يمكن لفتىً مثلك أن يتخرج من قسم البرمجة رغم إمتلاكه رأساً فارغاً ! " , قالتها باسمة وهي تنظر له بتهكم. تلوَن وجه (لورانس) بمزيج من الغيظ والخجل , مما جعله يستدير ليفتح الباب بحنق ويندفع إلى الداخل بينما لحقه الآخران وهما يتضاحكان. ----------------------------------- " جيد , لحسن الحظ أن الباب ليس مغلقاً. ولكن – دارت عينا (آرثر) في المكان بسرعة – لا يبدو أن هناك أحداً هنا. هل تأخر (نويل) والآخرون في القدوم؟ " " يا له من منزل مرتب وأنيق , سيكون (نويل) محظوظاً إذا تمكن من شرائه. " , هتفت (يوهانا) وهي تقوم بإغلاق الباب خلفها. " المكان نظيف , الإضاءة جيدة , هذه ليست أجواء القصور المسكونة على الإطلاق , لابد أن (ساي) سيحبط كثيراً عندما يصل إلى هنا ! أو ربما – إتسع ثغره بإبتسامة ماكرة – ربما كان عليَ أن أصنع له شيئاً مثيراً ! " نظر له (آرثر) و قال ببرود : " إياك أن تفكر بفعل أي شيء أحمق .. نحن لسنا في منزل أحدنا , لاحظ أننا لم نجد المالك أو الحارس بعد. " وعلى ما يبدو فإن (لورانس) قرر أن يتجاهل كلام صديقه حيث أنه كان متجهاً للسلم المؤدي إلى الطابق الثاني وهو ينادي بصوتٍ مرتفع متسائلاً ما إذا كان هناك أحد. بعد أن أطلق زفرةً يائسة , قام (آرثر) باللحاق به وهو لا يزال يحمل الحقيبة قائلاً : " إذا كان هناك شخص ما هنا فلا بد أنك قد أخفته بصوتك هذا , ستأتي الشرطة لحملنا للسجن بتهمة التعدي على أملاك الغير بلا شك. " كانت (يوهانا) منشغلةً بتفقد البهو الواسع بإنبهار بينما وضع (آرثر) الحقيبةً جانباً حالما وصل للطابق الثاني , لابد من أن (لورانس) كان متحمساً جداً للإستكشاف فهو لم يره أمامه في أي مكان. تناهت إلى أنفه رائحةٌ غريبةٌ بينما نادى بصوت متوجس : " (لورانس) ؟ أأنت هنا ؟ " أتاه الرد مختنقاً , متحشرجاً .. كأنه صوت شخصٍ آخر. " أنا هنا .. " " هنا .. أين ؟ " أجاب بإستغراب قلق . لم يصله أي ردٍ هذه المرة , ولكنه تابع التقدم في الممر بينما الرائحةٌ تزداد قوةً. رائحةٌ هي مزيجٌ من الخشب المحترق والحديد الصدئ. ولكن سرعان ما اكتشف مصدر أحدهما. برغم عدم شدة الإضاءة في هذا الممر إلا أن البقع الحمراء الصغيرة التي تناثرت على الأرضية كانت واضحةً, بدأ رأسه يدور وهو يتساءل عن مصدر ذلك , ولكن تساؤلاته لم تدم طويلاً .. لقد رأى (لورانس) يخرج من إحدى الغرف التي كان بابها منفرجاً ووجهه شاحبٌ بشدة , مما كان أبلغ من أي كلمة. ----------------------------------- " هذه القلادة ... أليست قلادة (ساي) ؟ " بقي السؤال معلقاً في الهواء بلا إجابة في الغرفة الدافئة , ولكن الثلاثة الذين وقفوا بداخلها كانوا ينظرون لبعضهم بصمت مهيب حَمَل مخاوفهم. على طرف السرير الصغير ذو الأغطية الفاتحة رَقَدَ شيءٌ معدني صغير ببراءة وقد تلوَنت معظم أجزائه بنفس لون البقع التي صبغت أرضية الممر. بالرغم تلطخ معظم أجزائها ببقع متفاوتة الحجم من الدماء , إلا أن إسم (ساي) المحفور على القلادة الفضية بخطٍ منمق كان واضحاً. باتت القلادة بمثابة ثقبٍ أسودٍ قام بإمتصاص كل الدفء والمرح الذي كانوا يحسون به عند قدومهم إلى هنا. تنقلت عينا (يوهانا) المذعورتان بين كلٍ من (آرثر) الذي إنتصب بجانب السرير وتعابير وجهه الهادئة متجمدة بشكل لا يظهر مالذي يفكر أو يشعر فيه كأي شرطي محترف, و (لورانس) الواقف بجانبه وهو يعقد ذراعيه بشكلٍ عصبي جعله يبدو على إستعداد للهرب عند أول فرصة. " إنها فعلاً قلادة (ساي) ... – قالها (آرثر) وهو يمد يده ليرفعها أمام عينيه ويتمتم بصوت خفيض – ولكن ... ربما آذى نفسه بطريقةٍ ما ؟ هل أتى (ساي) إلى هنا مع (نويل) و (أمورا) ثم قاموا بالمغادرة عندما حدث ما حدث ؟ " " ولكن ألم يكن الإتفاق أن يقوموا بالإتصال فور وصولهم ؟ لا أظنني تلقيت أي إتصال منهم .. " , أسرعت (يوهانا) وأخرجت هاتفها لتتأكد من عدم وجود أي إتصالات واردة ربما لم تنتبه لها مسبقاً , وبالفعل لم تكن هناك أي مكالمة. وبعد أن قامت بإخبار رفيقيها بذلك , قام (آرثر) بوضع القلادة الدامية في جيب معطفه واستدار ليمسك بكلتي يديهما ويسحبهما للخارج وهو يقول: " أتمنى أن لا تكون هذه مجرد مزحة ثقيلة من صنع (ساي) , ولكنني في نفس الوقت أفضل أن تكون مزحة على أن تكون شيئاً آخر... " " لا أعتقد بأن (نويل) و (أمورا) سيدعانه يقوم بشيء كهذا..." , قالت (يوهانا) بحذر خائف. " أعلم ذلك, ولكن هذا لا يجعلني أشعر سوى بمزيد من التشاؤم." , غمغم (آرثر) مفضلاً الإحتفاظ بأفكاره السوداء لنفسه. ----------------------------------- لقد مر من الزمن أكثر من نصف ساعة. قام ثلاثتهم في البداية بالتجول بحذر في أرجاء الطابق الثاني من المنزل الضخم محاولين إيجاد أصدقائهم , ولكن بدون جدوى. كانت أغلب الأبواب في الطابق الثاني مغلقة. بإستثناء بضع كلمات عصبية ألقاها (لورانس) هنا وهناك , كان الصمت سيد الموقف , لقد كان كلٌ منهم مشغولاً بأفكاره التي لم يرد أن يتلفظ بها خوفاً من أن تصبح حقيقةً بطريقةٍ ما. استمر الوضع على ما هو عليه حتى وصلوا للبهو الرئيسي في الطابق الأول وقد تمكن منهم اليأس , كان الهدوء المحيط بهم يزيد الوضع سوءاً. وأخيراً تحدث (لورانس) بخفوت قائلاً: " ربما كان من الأفضل أن نغادر .. لا أثر لأي منهم هنا , إن بقاءنا لن يساعد أحداً." إندفعت (يوهانا) معترضة: "لا يمكننا فعل ذلك ! ليس بعد رؤيتنا لتلك القلادة , ماذا لو كانوا في مكان ما –" من الصعب شرح السبب الذي جعلها تتوقف في منتصف جملتها فجأةً. لربما كان التغير المفاجيء في الإضاءة التي بدا كأنها خفتت لوهلة , ربما كان الصوت الخافت القادم من مكان لا يمكن تحديده , ربما كان الشعور الغريزي الذي يخبر الشخص بأن شيئاً ما على وشك الحدوث. (آرثر) هو أول من تحرك. كانت الأحداث التالية تقع بسرعة جنونية. (لورانس) يتراجع وهو يطلق سيلاً من الكلمات والشتائم الغير مترابطة , بينما دوَت صرخة (يوهانا) الجزعة في أرجاء المكان وهي تحتمي خلف (آرثر) الذي أطاح بالحقيبة الثقيلة التي كان يسحبها طوال هذه المدة لتصطدم بالشيء الذي ظهر فجأةً في آخر الممر وانطلق نحوهم بسرعة جعلت رؤيته بوضوح أمراً مستحيلاً. كان صوت إرتطام الحقيبة بالشيء عالياً , تبعه صوت صرخة رفيعة لم تبدُ طبيعيةً , ولكن لم يكن أي شيء كذلك منذ قدومهم لهذا المكان. وعندها فقط , تمكن ثلاثتهم من رؤية مهاجمهم بوضوح. ملابسٌ أثريةٌ حملت طابع الفخامة وإن بدت باهتةً نوعاً ما, بشرةٌ بيضاء شاحبة تميل للون الرمادي ظهرت أسفلها عروقٌ دقيقةً باهتةٌ تقاطعت في كل مكان, وجه مستدير بملامح دقيقة توسطته عينان واسعتان كان لونهما الوحيد هو السواد اللامع ولا شيء آخر. كانت أطرافه تتحرك بعصبية لتستعيد توازنها بعد ضربة (آرثر) بينما إمتلأ البهو بأصوات أنين غاضب. لقد كان أشبه ما يكون بطفل في الثانية عشرة من العمر, ولكن ما من طفلٍ بشريٍ تتلون بشرته وعيناه بهذه الألوان. ----------------------------------- " ما هذا بحق الـ ... ! " " لا يبدو لي كـ (ساي) , إلا إذا كان قد قام مؤخراً بقص شعره وازداد قُصراً." , قالها (آرثر) بهدوء حذر, مما جعل (لورانس) يلتفت إليه بعصبية مُزجت بنظرة غير مصدقة. حتى في أكثر المواقف جنوناً , يظل (آرثر) هو (آرثر). أما (يوهانا) فقد تشبث كفاها الصغيران بمعطف (آرثر) الأنيق بينما ظلت عيناها المذعورتان تراقبان تخبط الكائن. بالرغم من كونها أذكى الفتيات بدفعتها في الجامعة , إلا أنها عجزت عن الوصول لتفسير مقنع عن طبيعة هذا الشيء. لقد كان من الواضح بأنه ليس حيواناً , ومن الأوضح أنه ليس إنساناً أيضاً. لن تتعب نفسها حتى بأخذ فكرة الأشباح في الإعتبار حيث أنها على درجةٍ عاليةٍ من السخف. بينما تسارعت الأفكار في رأسها , لمحت (لورانس) يفتح فمه ليقول شيئاً ما , ولكنه لم يجد الفرصة ليخرج أي كلمة. كانت الهجمة الثانية بسرعة الأولى , ولكن هدفها هذه المرة كان (لورانس) الذي وجد نفسه يندفع للخلف بعنف ليصطدم بالجدار خلفه , بينما صرخت (يوهانا) بإسمه ويداها تطبقان على المعطف بشدة. يبدو أن الكائن قد قرر أن يختار هدفاً مختلفاً بعد الضربة المؤلمة التي وجهها له (آرثر) , ولسوء حظ (لورانس) فإنه وجد نفسه ملقىً على الأرضية الرخامية على بعد أمتار منه. تحرك (آرثر) بأسرع ما يمكنه ليساعد صديقه , ولكن الطفل القادم من الجحيم كان أسرع منه وهو يندفع بإتجاه (لورانس) بسرعة غير بشرية. ----------------------------------- يقال بأن الأشخاص الموشكين على الموت يرون شريط حياتهم يمر أمام أعينهم قبل لحظاتهم الأخيرة , ولكن (لورانس) كان في حالة صدمة جعلته لا يرى أي شيء سوى الملامح اليائسة التي إرتسمت على وجه (آرثر) وهو يدرك بأنه لن يصل إلا متأخراً و (يوهانا) المتسمرة في مكانها كتمثال بشري متسع العينين. أطبق عينيه بقوة وهو يزداد إقتناعاً بأنها نهايته بينما شَعَر بنفحة مفاجئة من الهواء تمر بجانبه. مرت ثانية , ثانيتان , ثلاث ثوان .. ولكن شيئاً لم يحدث. لم يشعر بأي ألم , لم يعد يسمع فحيح وأنين الطفل الشيطاني. فتح عينيه ببطء ليرى السبب واقفاً أمامه. لقد كان (نويل) يقف حائلاً بينه وبين الشيء الذي غُرزت سكين مطبخ كبيرة في منتصف جبهته. دوى صوت الصرخة الباكية في أرجاء البهو الضخم بقوة جعلت (يوهانا) تقوم بتغطية أذنيها بخوف. هتف (نويل) لـ (آرثر) صارخاً وهو يلقي له بشيء ما: " (آرثر) ! أرنا مهارتك! " تلقف الأخير المسدس الصغير -الذي يكاد أن يكون طبق الأصل لمسدس قوات الشرطة الذي يحمله معه دائماً - بمرونةٍ وسرعان ما رفعه ليلقم الكائن الصارخ رصاصةً إخترقت جانب رأسه , مسبباً المزيد من الصرخات المتألمة. كان كل هذا الوقت كافياً ليستعيد (لورانس) رباطة جأشه ويهرع ليساهم مع الشابين الآخرين وذلك بإختطاف الحقيبة الثقيلة من الأرض وتسديد ضربة ثانية للشيء الذي كان يتلوى بعنف وهو يهتف: "تباً لك ! إن كنتَ أنت بهذا السوء فأنا لا أريد تخمين مدى بشاعة والديك! ". ولكن الضربة الأخيرة كانت من نصيب (يوهانا) التي كانت تلهث بشدة بعد إندفاعها لتجذب إحدى التحف الثقيلة التي زينت المكان وركضها لتهوي بها على مؤخرة رأس الكائن الباكي. لم يستغرق الأمر سوى دقيقة واحدة , تباطأت خلالها حركات الشيء تدريجياً حتى همدت تماماً , ولكن لم يكن أحد يجرؤ من الإقتراب منه خوفاً من أن يقوم بالنهوض فجأة مرةً أخرى. ولكنه , وأمام أعينهم المذهولة , بدأ ينكمش ببطء , بينما تحول لونه إلى الرمادي الشفاف قبل أن يبدأ بالذوبان , كقالب ثلج تم وضعه في فرن ساخن. قالت (يوهانا) بأنفاس متقطعة وهي تغطي فمها بيدها " يا إلهي ... إنه ... " , ولكن الشيء كان قد إختفى تماماً قبل أن تقوم بإنهاء جملتها , تاركاً وراءه قاعة صامتةً ومجموعة من الأشخاص اللاهثين. ----------------------------------- بعد أن إستجمع الجميع أنفاسهم , كان كلٌ من (نويل) و (آرثر) يجلسان على درجات السلم الرخامي بينما إنشغل الإثنان الآخران بمحاولة إيجاد أي أثر لما حصل للتو , ولكن بالرغم من كونه قد طُعن بسكين وأُطلق عليه الرصاص , لم يبد أن ذلك الكائن قد ترك أي دماء على الإطلاق. " لم تكن هذه المرة الأولى التي تواجه فيها هذا الشيء الـ ... غير مألوف , أليس كذلك (نويل) ؟" , كان (آرثر) يتحدث بهدوءه المعتاد بينما كانت يداه تقلبان المسدس الصغير الذي ألقاه له (نويل). من الغريب رؤية مسدس خاص بالشرطة في هذا المكان, هل كان أحدهم هنا من قبل؟ ما كان مصيره إن كان قد ترك مسدسه هنا؟ رفع (نويل) رأسه لينظر إليه بحيرة ثم يقول: "مالذي تتحدث عنه؟ لقد واجهتموه أنتم إيضاً بكل تأكيد, ألم تكونوا أول الواصلين إلى هذا المكان؟" " هل تمزح ؟ " , لم يبدُ على (آرثر) أنه قام بتصديق ما سمعه للتو. " نحن لم نكمل ساعةً واحدةً حتى في هذا المكان , كما أنه كان من المفترض أن تَصلوا إلى هنا قبلنا." " هذا صحيح يا (نويل) " -قالت (يوهانا) التي يبدو أنها سمعت الجزء الأخير من المحادثة -" لقد قامت (أمورا) بإرسال رسالة لي فور إنطلاقكم , كنا وقتها نقوم بإيقاظ الذكي (لورانس) الذي لا يعرف كيفية إستخدام خاصية المنبه في جواله على ما يبدو." أتاها صوت (لورانس) الغاضب من بعيد: " لقد سمعت ذلك ! وأنت يا (نويل) , لا تتفوه بالترهات يا صاح. أنت تعلم أن الرحلة من المدينة إلى هذه القرية تستغرق ثلاث ساعات تقريباً." توقع (آرثر) من (نويل) أن يقوم بالدفاع عن كلماته أو تبريرها , ولكن الأخر إكتفى بنظرة صامتة أتبعها بقوله "يبدو" – زفر بحدة وهو يغلق عينيه – " أننا نحتاج إلى الكثير من الإجابات , ولحسن الحظ ... أو لسوء الحظ ... أن لدينا الوقت الكافي للبحث عنها , كوننا محتجزون هنا كالفئران." ----------------------------------- الـــســـاعـــة الـــرابـــعـــة -إنتهى- وصلت بقية الشخصيات أخيراً, ولكن ما ينتظرهم ليس ما كانوا يتوقعونه. أين (ساي)؟ مالذي حصل له؟ ما قصة الطفل الغريب الذي يطاردهم عبر أرجاء المنزل؟ |
دخول متقطع .
|
|
|