|
روايات الانمي_ روايات طويلة لجميع أنواع الروايات " الحصرية، العالمية، المنقولة والمقتبسة" |
| أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
12-10-2020, 05:25 AM | #1 |
مشرفة طلبات التصميم ومعارض الأعضاء
-ORILINAD
|
حين يتحكم القدر بالحياة
-
العنوان: حين يتحكم القدر بالحياة التصنيفات؛ رومانسي، مدرسي، شريحة من الحياة القصة؛ عن صديقتين مقربتين لاتزيدهن المحن الا قربًا... وها هو القدر يشبك خيوطه باستمرار... عدد الفصول: 14 او 15 بداء التأليف مارس 2017 الختم ديسمبر 2020 ملاحظة؛ تم دمج بعض الفصول الاقدم لقصرها، وتعديلات طفيفة ولمن تابع الرواية في عيون، الفصل التاسع هو اخر تحديث. كما اعتذر للإطالة، دائمًا الضروف واجهنني في الرواية ذي :'( الغلاف رسمي، ان شاء الله انشر رسومي للشخصيات مع نهاية الرواية - الفهرس: الفصل الأول الفصل الثاني الفصل الثالث الفصل الرابع الفصل الخامس الفصل السادس الفصل السابع الفصل الثامن الفصل التاسع الفصل العاشر |
التعديل الأخير تم بواسطة شَمس. ; 04-25-2022 الساعة 06:20 AM
|
12-10-2020, 05:28 AM | #2 |
مشرفة طلبات التصميم ومعارض الأعضاء
-ORILINAD
|
-
لطالما كانتا صديقتين الأقرب لبعضهما، ومهما تحدتهما الحياة تُناضلان لتجاوزها! الأولى لم تعد الحياة تمنحها السعادة بل وتسلب منها باستمرار، والأخرى منحتها الحياة كل أسباب السعادة وتستمر الحياة بمنحها المزيد! الإبتسامة الغامضة التي تُزين ثقر الأولى بإستمرار كانت الحبل المنقذ لها إلى أن جاء دورها لتحضى باسباب السعادة... في حين تتجرع الثانية الم الخسارة لأول مرة في حياتها! لابأس في أن لاتحضى بما تتمنى، لكن ماذا لو فقدت ما حصلت عليه بعد تمنيه؟! مشاعر متضاربة واحداث مفاجئة تخل بتوازن القدر الذي اعتادتاه ياجيما وناتاليا. القدر يلف خيوطه حول اعناق الجميع، لكن حياتهما ستتغير عَما عرفتاه مئة وثمانون درجة! |
|
12-12-2020, 06:14 AM | #3 |
مشرفة طلبات التصميم ومعارض الأعضاء
-ORILINAD
|
-
"حين يعتز بك أحدهم، تمسك به.. قد تكون عالمه ولاتدري!" ✧✦✧ -4- *ناتاليا* دخلتُ متجةً نحو دورة المياه وخرجت بعد أن غسلتُ وجهي، جلست قبالها وأخذت نفسًا عميقًا، كانت تبدو بريئةً أكثر مما احتمل! "يا إلهي! لقد كاد قلبي يتوقف حقًا!" أندفعت نحوها: "ياجيما! كيف تفعلين ذلك بي؟" حاولت تفادي المواجهة بأبعاد وجهها عني لكنني أمسكت بها: "ماذا؟ لم أفهم قصدكِ نونو! " قالت بعينين مراوغتين... "ليس كأنكِ لا تعرفين بمشاعري نحو تاكامورا!" ابتسمت لي ابتسامة واسعة، وكانت عيناها تبرقُ: "لا! لا أعلم!" نظرتُ لها بشك لتُتابع: "لأنكِ لم تخبريني بذلك سابقًا! صحيح اخبريني عنها! أقصدُ مشاعرُكِ." شعرتُ كأن هُنالك من نقر على الطبق الصيني قُرب أذني! من جهةِ ما قالتهُ ياجيما ومن الجهة الأخرى ما قُلتهُ أنا! أيعقلُ بأن فضولي قد وصل لتلك المرحلة؟ أن أعترف بأن ثمة مشاعرُ حقًا! لم أتوقع ذلك فأنا لم يسبق أن اعترفتُ لنفسي! لكنني حين أكون مع ياجي، أتحدث بلا شعور، أنا حقًا أريد لذلك أن يستمر، أنا الآن أريدُ أن أعرف أجابة هذا السؤال بالأستمرارِ قُدمًا حتى ولو لم أحصل على نتيجة... "ياجيما! لقد لقد كان دقات قلبي مضطربةً وبشدة... لم استطع أيقافها! حتى أني لن استغربَ إذا كان تاكامورا قد سمعها! أن هذا مؤلم، وأنا لا أفهمُ شيءٍ أبدًا! لماذا؟ لماذا أنا لا أفهم شيءٍ؟ لما اقحمتِ تاكامورا بمشكلتي؟ لماذا تاكامورا؟ ألستِ من نهاني عن الاقترابِ منه؟ فلمَ؟ لمَ هو؟ اجيبيني..." لم استطع منع نفسي من إطلاق شهقاتي، كأن يدًا تقبضُ على قلبي! أنهُ شعورٍ مؤلم! لم أكن أعلم أن الحيرة يُمكن أن تكون مؤلمة! أن لا تجد أجابة لتساؤلاتك... مؤلم... جلست ياجي بجانبي واحتضنتني، وقد تَمسكتُ بها بقوة لأنني أردتُ أن أدفن وجعي عن مواجهتها! مع أني لا أظهرهُ عادةً لغيرها! فياجيما هي الوحيدة التي أثق بها للبوح بكل ما يتخلج في صدري.... طوقتني قائلة وهي تمسحُ شعري بأناملها: "لأنني لا أريدك أن تتخلي عن مشاعرُكِ بعد الآن! تلك المشاعر كنزكِ الحقيقي ويجب أن تعتزي بها... في المستقبل، لا يجب عليكِ أن تندمي لتخليكِ عنها! وأنا لا أريدُ أن أندم أيضًا بالرغم من كُلِ شيء، تاكامورا رجلٌ خلوق.. ولا يجبُ أن نحكُم عليه ِلمجرد أنهُ أحد أفراد أسرة ناكازاكي..." ماذا تقصدُ بِ-بالرُغمَ من كُلِ شَيء؟- أسرة ناكازاكي! لمَ كُلِ شيء يزدادُ غموضًا حول هذه الأسرة بالنسبة لي؟ مالذي يجعلُ من اسم عائلة ناكازاكي مصدرَ حذر؟ أردتُ أن أسأل، لكن دخول جوان وآكاني الغير متوقع منعَني عن ذلك... رمَت اكاني نفسها على الأريكة المجاورة لي وهي بالكاد تتنفس، والآخر رمى بنفسه بجانبي وهو يفتح ازرار قميصهُ الأولى... لمَ يبدون مُتعبين؟ بقينا ننظرُ لهما باستغراب، لايزال ثمة وقتٍ قبل الانصراف! "جوان! كيف تترك الصف وتتأتي للبيت ألم نتفق من قبل؟" بقيَ جوان لا مُبالٍ بما قالته أخته والاخرى تُناظرهُ بشرر! نظرتُ لأختي كانت تنظرُ لي بريبة إلى أن أنفجرت سائلة و ملامحها على أوج الاستغراب: "ناتاليا! مالذي حدث؟ من كان الذي ركبتِ معه عند بوابة المدرسة؟ أنا لا أفهم!" إنها أسئلة طبيعية أليس كذلك؟ من الطبيعي أن اٌسأل شيء كهذا، في نهاية الأمر يجب أن لا نُبقي إخوتنا في حيرة! وخاصة أننا في المدرسة نفسها الآن... سردت ياجيما كل شيء، من يكون تاكمورا ولما ذهبتُ معه وأسباب تصرف ياجيما أيضًا، لكنها لم تخبرهما عن مشاعري وقالت أن تاكامورا كان خيارها العشوائي! كانت آكاني تستمع بانتباه وهي تعقدُ حاجبيها في حين كان جوان يتكيء علي الأريكة بلا مبالاة وينظرُ للسقف مستمعًا... وحين أنتهت ياجيما قال جوان وهو على حاله: "وهذا يعني بأن ناتاليا خرجت من الموقف بفضل خطتكِ! هل تظُنين بأن هذا سيوقف إلتفاف الطلاب حول ناتاليا؟" أجابته شقيقتهُ بتفاؤل مرفق مع الحماس: "بالتأكيد سترى النتيجة يوم الاثنين!" عدل جوان جلستهُ واستوى ينظرُ نحوي بابتسامةٍ شَقية لم أفهم مغزاها إلى أن أسلف: "هذا يعني أن علىّ أن أبذل جهدي كي لا يصدق أحد من الطلاب هذه التمثيلية!" بقينا جميعًا مذهولين من كلامه، في البداية رفض عقلي الاستيعاب ولكن نهوض ياجي الصارخة بوجه جوان أيقظني من صدمتي! "ما هذه الترهات التي تفوهت بها يا جوان!؟ أتظن أن هذه مزحة!؟" نظر نحوها بنظرة تحدي: "ناتاليا هي من بدأت هذه اللعبة، وذلك منذ اليوم الذي خدعتني به وأفسدت صورتي أمام أصدقائي! ناتاليا العبيها جيداً لأنني لن أفلت فرصة من يدي!" "مالذي تقصده بكلامك ياجوان؟ متى خدعتك ناتاليا لتقول هذا الكلام الآن؟" قالت آكاني مستفسرة.. "لأنني حين أتصلتُ بها تلك المرة لتُساعدني على الأعتذار عن فظاظتي، قالت لي، -أن غدًا عيد ميلاد اكاني وعلىّ أن أغتنم الفرصة!-" "وإذًا؟" قالتا آكاني وياجيما معًا باستفسار ليهيج جوان واقفًا أمامي: "لكنه لم يكن كذلك! و قد بدوتُ كالمغفل أمام اصدقائي! وهذا بسبب مزاحك الثقيل، إذًا تحملي النتيجة!" كان الموقف غريبًا جدًا! لم أعرف أن كان علىّ أن أضحك أو أنزعج! كان الأمر محيرًا لي من جهة لدى جوان الذي أظهر ردةَ فِعلٍ قوية لفعلتي البريئة ومن جهة ياجيما التي ورطتني في هذه اللعبة ومن جهة الفرصة التي لا أعلم إن كان علىّ التماشي معها للتعرف على تاكامورا! أشعر أني بدأتُ اللعبة بين صديقتي وشقيقها وأختي! قضبت ياجيما حاجبيها ولكن قبل أن تفعل أو تقول شيء خرج جوان مع ابتسامة تملأها الشقاوة والتحدي... أصبح الجو أكثر إثارة، وأنا واثقة بأنني ساستمتع كثيرًا قبل تخرجي... * آكاني * عدنا للبيت متأخرتين قليلًا وقد غرُبَت الشمس، بالكاد دخلنا البيت حتى أدركتنا أمي متجهمة عند مدخل الصالة: "آكاني! كيف تتجاوزين الحصص وتغادري المدرسة قبل نهاية الدوام؟ أتصل المدير بي وأنا في الجامعة ولم أعرف ما اقول فهذا ليس من شيَمُكِ! ما تبريرُك؟" لم أدري ماذا أجيب! لا يمكنني أن أقول السبب الحقيقي، ماذا اقول لها أن ناتاليا ذهبت مع أحدهم ولحقنا بها! لا لا لا وألف لا قد تفهم الأمر بشكلٍ خاطيء! لا أريد أن أحرج أختي الكبيرة أمام أمي... "لقد ذهبنا معًا لنشتري ثيابًا لياجيما واصطحبت اكاني معي، أنه ذنبي وقِلَة مسؤليةٍ مني أنا أعتذر منكِ يا أمي، كان يجب أن أخذ أذنكِ قبل ذلك!" قالت ناتاليا.... كان تفهُم أمي سريع! لم تسأل ولم تُضف شيء غير: "لا تُكررا ذلك مجددًا!" وفي صباح اليوم التالي... ذهبتُ للمدرسة وحدي، فليس لدى أختي حصص اليوم، قابلت جوان بوجهٍ متجهم! لا أعلم ماذا يُغيظني منهُ أكثر! أهو تصرفهُ مع اختي؟ أم أحراجي أمام أمي والمدير... والطلاب أيضًا! وربما تلك الابتسامة المسفزة التي يرسمها منذ الأمس! بقي يحافظ على حاله طوال الوقت، وفي أثناء الغداء جلسنا معًا كالعادة! بقيتُ متجهمة بوجه طوال الوقت، وهو لم يوفر ابتسامته البلهاء! "هلّا مسحت هذه الابتسامة السخيفة!" كسرتُ الصمت... فبقى يأكلُ مبتسمًا وهو يتجاهلني، "بربك لمَ تجلسُ هُنا إذا كنت لا تريد أن تكلمني؟" لو أن للبرود قرين فها هو يجلس مُقابلي! لم تهتز شعرة منه! "أنتَ حقًا أنسانٌ حقود!" أنفجرت بوجهه وأنا أضرب المنضدة وغادرتُ متجاهلةً ردة فعله أو ما قد شعر به تحت أنظار الجميع. لم يكن ذلك إلا بسبب أني أعرف أن مشاهدة ردةِ فعله ستُشعرُني بالذنب... بقيتُ واقفة على السطح أتأمل السماء وأنا أعرف بأنهُ قد جُرح، لكنني لم أكن مستعدة لمواجهته... وما أن رن الجرس حتى قررتُ العودة للصف... ألتفتُ لأجدَه واقِفًا وهو يسد باب السلالم بجسده، ابتلعتُ ريقي وأنا أنظر لنظراته الباردة المجردة من أي تعابير، سوى الضيق! حاولتُ تجاهله وتقدمتُ نحو الباب وكلما اقتربُ منه شعرتُ بالطاقة السلبية تزداد! حاولتُ تجاوزهُ مُدعيةً القوة.. وعلى غفلةٍ كان قد قيدني بالجدار وهو يقول غاضبًا: "اسألي نفسك من الأكثر حقدًا بيننا؟ أنا أم أنتِ؟ أتذكرين ذلك؟ هل أنعشُ لكِ ذكرتك؟" أغمضتُ عيني وحاولتُ تجاهل كلامه، لم أكن أريد أن استمع لكلمةٍ منه! لم أرد أن أتذكر كي لا أكره نفسي أكثر... رويدًا رويداً انسابت دموعي على غفلةٍ مني، ولكنه لم يكتف ليضيف: "أنتِ أسوء مني! فأوقفي هذه المسرحية الملائكية...." -الراوي- هَبَت رياحُ مُنتصف الربيع حاملة أوراق الشجر مع نسائم باردة، مررت أناملها على تلك المفاتيح المصففة برزانة لتَصدَح موسيقى هادئة في الأرجاء... مُريحة كيان سامِعيها! عكست هذه الفيلا ثقافة ساكنيها المختلفة عن سكان هذه المدينة! كأنها أحد القصور الرومانية القديمة، في حيٍ تميزت البيوت عن الأخرى! لكنه بدا الأكثر تميزًا! انهت الشابة العشرينية عزف مقطوعتها وفتحت عينيها بهدوء وهي تسحبُ يديها مُتذكرة مؤلفة المقطوعة الموسيقية الراحلة.. وكيف كانت تستمع لها في براعم العمر! توسدت ملامحها ابتسامةٌ واسعة و دمعة الذكرى تمردت على وجنتيها..... "آنسة أوريليا! السيد جوناثن ينتظرُ رؤيتكِ!" قالت الخادمة للشابة باحترام.... نهضت الفتاة الشابة والجميلة وهي تُغلقُ لوحة البيان بهدوء وترمقُ الشاب الواقف بالزاوية مكتف اليدين بأبتسامة شقية! "أنا قادمة!" قالت ذلك وهي تمشي نحو الخادمة بهدوء شديد! كأنهُ الهدوء الذي يسبق العاصفة! "أميرتي!.. سأعود خلال اسبوع، انتبهي لنفسك..." قال ذلك وهو يحتضنها "لكن لا تذهب وتنسى العودة على الموعد كَعادتِكَ!" دوى صوت قهقةٍ عاليةٍ أرجاء الصالة ونفى كلامها: "هذا مستحيل! أتريدين أن أحضر لكِ معي شيء من (بكين)!" أنزلت رأسها متمتمة "سلامَتُكَ يا أبي..." مسح على شعرها بابتسامة وولّاها ظهرهُ مُغادرًا...... - هذا مُستحيل !! - تساءَلت ماذا كان يقصد تحديدًا بقوله! أيقصد مُستحيل لن أكررها! أو رُبما مُستحيل أن أغير عادتي! ربما نفسه لم يكن يُدرك! بقيت واقفة مكانها حائرة إلى أن أختفى عند الأفق، نظرت للذي وقف خلفها وهي تبتسم نفس الابتسامة! مالذي تنوي له هذه الشابة الطائشة! "تاتيانا!" نادت الخادمة... "نعم آنستي!" " أشعر بالضيق، سأذهب للتسوق قليلًا!" "سأخبر السائق أن يجهز السيارة!" نظرت له "بل هيروشي سيقود، أحضري محفظتي الوردية!" بقيت تستمتع بتعذيبه، ولم تدع فرصة إلا واغتنمتها! سيارةٌ وردية مكشوفة، حقيبة وردية، وحارس شخصيٌ مسكين! بقيت تتسوق بالأسلوب المجنون وتُحمله كل المشتريات! وقفت عند محلٍ للألعاب واشترت دُباً عملاقاً، يعرف جيدًا أنها لا تحتاجه أبدًا! وكان عليه أن يحمله أيضًا! هل هذا ما يُسمى بالضيف الثقيل! -:"هيروشي؟ نادتهُ متسائلة و هي نتظرُ للخارج من المرآءة الجانبية..." -:"ماذا؟!" -:"أخبرني... هل هُنالك طريقةٌ أخرى؟" ابتسم وقد فهم قصدها جيدًا جداً!:" لا أعتقد ذلك أوريليا!" -:"ولما لا؟" بقيت تنتظرُ وهي تُحملقُ بفمه منتظرةً الإجابة، لكنها لم تنلها! يبدو أنها قد مَلت من ما تفعله معه! وربما بدأت تفهم أن لا شيء سيُثنيه! هو مستعد أن يتحمل أي شيء، من أجلها ... وحتى تصرفاتها المزيفة لم تجدي نفعاً معه! وقفت وهي تنظرُ له وهو يُنزِلُ مشترياتها، ولأول مرة لاحظت كم يتحمل من السخافات بلا تذمر... استدارت وهي تستجمع نفسها... -:"هيروشي.... أنت مطرود!" ظن أنهُ توهم ما سمعه من همس وتابع ما يقوم به، ليصدم بملامحها الجادة وهي تُعيد ما قالته بصوتٍ أوضح! هي جادة، لم تعد تتحمل ماتفعلهُ كيف لها أن تكون مرتاحة وهو لا يتأثر كما يحدث معها! بقيت وحدها تستعيد سخافاتها، وكيف لم تتوقف أبداً عن طلباتها بُغية أن يستسلم ويُغادر بنفسه! لم يسبق أن انتبهت لذلك مُسبقًا! لطالما كان ينفذُ أي شيء تطلبه مهما كان تعجيزياً، بقي يخطو حذوه غير آبهٍ لأفعالها، كلماتها ومواعظ الآخرين... كانت أصوات الوحده تعج جدران جناحها! فجأة اتسعت تلك الفجوة بينها وبين العالم الذي تعيشه يوميًا وحدها... لم يتقبلها أحد! لطالما كانت منبوذة رغم مكانتها بهذا المجتمع! الجميعُ يتجنب مُخالطتها! تعيش يوميًا وهي تظن أن اليوم قد يكون مختلفًا عن أمس... كان هيروشي عكس الجميع! لطالما انتشلها من الفراق، تحملها وملأ وحدتها بالناس! لم تتصرف أي واحدة من شقيقتيه بلؤمٍ معها وعاملنها كواحدة مِنهُن! لكنها لم تُقدر ذلك يومًا! وبقيت تفكر، "الجميع ينبُذني في هذا البلد...، ليس لي أصدقاء هُنا..." لكن ألم يكُن هيروشي يفعل؟ ألم يُقدرها ويعتز بها؟ ألم يكن صديقًا لها؟ " ولكن لما طلبتُ منه أن يرحل؟ مما كُنتُ حذرة؟ لما تصرفت بهذه الطريقة معه منذ ما يُقارب السنة وهو يتبعُني لكل مكان، مع أنه يستطيع فعل الكثير ولديه خيارات كثيرة!... اختارني... اليوم وأنا أنظرُ إليه من الخلف، رأيته! وهو يستحقُ أفضل من ما أفعلهُ معه!" نهضت الشابة تُراقب الرياح وهي تهُب حاملة أوراق الخضراء وتعصِفُ بالأشجار... فجأةً أصبح الجو باردً...! دخلت تاتيانا بهدوء وهي تقو : "عفوًا..... أنسة أوريليا!" قالت وهي تستمرُ بالنظرِ عبر النافذة... "ماذا تُريدين؟" "أممم... أنهُ هيروشي!" "ماذا به؟" قالت ذلك وهي تنظِرُ للخادمة بإندهاش.. "في الواقع، طلب مني أن أناديكِ للعشاء!" أتسعت حدقاها وهمست "مستحيل... ألايزالُ هُنا؟" "نعم.... لم يغادر أبدًا!" لم يذهب! كان ذلك شبهُ متوقع! أبتسمت وقد ارتاحت لما سمعته... لكنها لم تعد تعرفُ كيف تتصرف بعد الآن... "لأترُك كُل شيء لما قد يحدث من تلقاء نفسه بعد الآن..." هذا ما كانت تُفكر به اوريليا منذ تلك الليلة! "صباحُ الخير هيروشي... تبدو مرهقًا بالتفكير على غير العادة!" مدد جسدهُ وهو يُجيب: "صباح النور... لاشيء خاص، لقد سهرتُ أساعِدُ ناتاليا بالتحضير لاختبار الفيزياء البارحة! لم أفعل ذلك هذه السنة سوى أمس! ويبدو أنني مدعو للمهرجان الرياضي بدل أبي!" جلست على طاولة الفطور وهي تقول: " الجو لم يهدأ منذ أيام! صحيح ما هو المهرجان الرياضي؟" جلس الآخر بجوارها:" أتريدين أن نُدخل الفطور؟ الجو لم يعد مناسبًا لتناول الفطور بالخارج..." شعرت بالانتعاش ونسمات الربيعية تُداعب خصلات شعرها وتتسللُ عبر ثيابها.... " لاداعي لذلك... فالجو جميل جدًا! أتعلم أنا أحب الجو البارد كثيرًا! ... يشعرني بالراحة!" بقي متسمرًا بها يستوعب ماقالته، أول مرة تُشاركهُ بشيء تُحبُه! ابتسم وهو يرتشف قهوتهُ وهي تُكمل... "لم تخبرني... ماهو..؟" أكمل عنها "المهرجان الرياضي هو تقليد مدرسي قديم... يجتمع فيه الطلاب للتنافس برياضات مُختارة، وهو حدث سنوي ومواعيده مُختلفه في المدارس وليس لهُ يوم محدد... في مدرسة أختاي موعدهُ بعد أسبوعين تقريبًا..." انبهرت اوريليا من كلامه ووجدتهُ مدهشًا! "هذا مُدهش! لم أكن أعرف عن شيء كهذا... لقد بدأتُ أحسدُ ناتاليا لأنها تحضر حدث كهذا كل عام! هل شاركت في المهرجان الرياضي من قبل؟" ابتسم وهو يهزُ رأسه "كُل عام منذ كُنتُ في الإبتدائية إلى أن تخرجت من الثانوية!" "مدهش! هيروشي... هل... يُمكن أن تصطحبَني للمهرجان معك؟! طبعًا إذا يُسمحُ لنا بالذهاب... أقصد..." " الدخول مفتوح للعائلات... لنذهب معًا... أوريليا!" قال لها. نهضت وهي تشعرُ بالخدر في أطرافها وخرجت من غرفتها، كان الوقت قد تجاوز منتصف الليل... لاحظت الضوء المنبعث من غرفة الجلوس الخاصة بها فدَنَت منه لتسمع صوت حوار من جانب واحد ومن المنتصف: "ولما لا............ ماذا؟!.......... لا أعلم لاتُعجبُني عبارتك الأخيرة! ......... أجل لكن كُل مرة أسمع منك (ثق بي) أندم!............... هههههههههه لا داعي للمبالغة! كُنتُ أمزح! لقد وعدتُ بالذهاب حقاً، وأنا لا أحب أن أخلف وعودي أبدًا! .............. عدا تلك المرة!............ " بدا لها الحوار غريبًا! لم تفهم من الذي يُخاطب، تساءلت عن من يكون... ربما كانت ناتاليا! أو أحد رفاقه من الجامعة وربما صديقاً قديماً! فقد كانت طريقة كلامه حميمة جداً وبدا أنهُ يعرفهُ مُنذ فترة طويلة... دخلت بهدوء وهي تقول بصوتٍ مُنخفض: "هيروشي!؟ ألم تذهب للبيت؟ إنهُ حقًا ليس بالأمر المهم... فأنا سأكون بخير!" أنزل الهاتف بهدوء وبقي ينظرُ نحوها مستغربًا! وضغط زر إغلاق المكالمة لاشعوريًا.... كانت تقف وهي تُمسكُ الباب وعكست ملامحها الحزن والخجل دفعةً واحده... كانت تلك أول مرة ترسم هكذا ملامح أمامه.... بدت لهُ جميلةً! "أنا... لم أستطع الذهاب للبيت وتركك وحدك هُنا!" اندهشت من كلامه للحظات لتقول بحماس: "أذاً ما رأيُك أن نذهب لمنزلكَ في الصباح؟ ونبقى هُناك بما أن الغد هو السبت؟ هكذا ستكون مع أختيك ولن تقلق علي بسبب سفرِ والدي إلى بكين! ماذا تقول؟!" وماذا سيقول؟ الأجابة واضحة! استيقضت أوريليا متحمسة وبدأت تختار الثياب التي ستأخذها معها لمنزل عائلة ناكاموري! ستبقى يومين رغم هذا اختارت الكثير من الثياب ولاتزال مُحتارة ماذا تأخذ معها... في نهاية الأمر انتهت بحقيبة كبيرة من الثياب! أول زيارة لـ أوريليا إلى منزل عائلة ناكاموري، كيف ستكون؟! لم ترى أي أحد منهم منذ عطلة الشتاء... لم يكن صعبًا لها أن تندمج مع شيقتيه لكن الأمر كان مختلفًا مع والدتهِ وجدتهِ.... خاصة السيدة يوي... كانت مرتبكة طوال الوقت ربما بسبب أنها أحد أبرز أساتذة الجامعة! وتراها يومياً في الجامعة.... فتح هيروشي باب منزلهِ بمفتاحهِ الخاص، نظر نحوها وهو يقول: "اليوم يوم عطلة وهو يومٌ خاص مسموح به النوم حتى العاشرة في بيتنا... قد يكونون نائمين... ما عدا جدتي... فهي ......" قطع حديثه ظهور الجدة ميدوري المفاجئ... "لقد عدت... صباح الخير جدتي..." جلس هيروشي يخلع حذاءَه عند الباب ووضعه في خزانة الأحذية على اليسار. لم تفهم أوريليا السبب لكنها بادرت بالمثل... "أهلا بك يا بُني... مضى وقت لم تعد فيه للبيت أيها المشاكس!" نهض هيروشي وهو يضع يده خلف رأسه وهو يقول منكراً: " لا تقولي ذلك اوبا سان لقد كُنتُ هُنا قبل يومين! معي ضيفة!" قال وهو يُشير نحو أوريليا... فإبتسمت الأخرى قائلة: "سعيدة بلقائك سيدتي.... أرجو أن لا أكون قد أزعجتكم بدعوة نفسي!" "أهلًا بالضيوف في أي وقت... أرجو أن نحسن استضافتك!" تبعت أوريليا هيروشي وهو يصعد السلالم الى أن وقف أمام أحد الابواب وضعت عليها لافتة على شكل زهرة... قرأت الحروف المكتوبة: "نا...تا...لي...ا! اوه أهذه غرفة ناتاليا؟" فاجأها هيروشي بفتح الباب بدون طرق! دخلت خلفه لتجد ناتاليا نائمة بعمق! وقف هيروشي يحاول ايقاظها بمناداتها، لكنها لم تتحرك حتى... هزها بضعة مرات ولم ينفع أيضا... فانتهى بسحب الغطاء بقوة! فجلست ناتاليا وهي تمسح عينيها غير مستوعبة! رفعت رأسها وعيناها شبه مغلقتين وحين رأت غطاءها بيد هيروشي استوعبت الموقف! "صباح.... الخير!" قالت ناتاليا وهي غير سعيدة! لم تألف أوريليا سبب تصرف هيروشي! لم يطرق الباب وأصر على إيقاظ المسكينة! "هل استيقظتي؟" "لا!" "إذاً استيقظي!" "لا أريد!" بدا الموقف غريباً لأوريليا! هذين الاثنين يبدوان كما لو أنهم يتشاجرون! كان هيروشي يمسك شعر ناتاليا والآخرى تسحبه من قميصه! ويبعدان وجهي البعض باليد الأخرى! "مالذي تفعلانه؟!" نظرا لها بنظرات بلهاء وقالا في آنٍ واحد: "لاشيء!" "لا يبدو لي كـ (لا شيء!)... يبدو لي شجارًا!" انفجر هيروشي ضاحكاً بصوت عالي وقامت ناتاليا بإخفاء ضحكتها بكلتا بديها! ليقول هيروشي: "لا تكوني ساذجة أوري! نحن دائمًا نعبث مع بعض هكذا!" لتُكمل ناتالي وهي تنهض من على سريرها مبتسمة: "لأننا إخوة! وهذا مايفعلهُ الإخوه مع بعض!" اندهشت أوريليا من كلاميهما، لم تكن تعلم أن الأخوة يتصرفون هكذا مع بعضهم! ربما لأنها لم تجرب ذلك! "صحيح أوريليا، أخبريني.... أليس لديكِ إخوة؟!" قالت ناتاليا بابتسامة بريئة، لكن لم تحصل سوى على وجهٍ مظلم مع هالة حزن طغت عليها... لترد بنبرة خانقة: "عندما كُنتُ في السابعة، مات أخي قبل أن يولد وماتت أمي بعده! لذلك كرهت أن يكون لي أخ! لأنه أخذ مني أمي!" كان الجو ثقيلًا لم يقل أحد منهم كلمة! إلى أن ختمت ناتاليا الجو بالكلمة اعتيادية: "آسفة!" دخلت آكاني و كان وجهها أكثر ظلمة من الثلاثة! "صبااااح الخير! أنوه... ماهذا الأزعاج من الصباح!" "صباح... الخير!" ردو معاً... تقدم هيروشي... "هل أنتي بخير؟ تبدين شاحبة!" مددت آكاني ذراعيها وهي تجيب: "لقد كُنتُ أدرس طوال الليل! أجهز للاختبارات النصفية، بقي شهر لها!" "تدرسين؟! لا داعي للضغط على نفسك بقي أكثر من شهر!" "أعلم... همم ماذا تفعل اوريليا هنا.... أخي؟" وهكذا بدأت عطلة نهاية الأسبوع في بيت عائلة ناكاموري.... *يُتبع* |
التعديل الأخير تم بواسطة فِريـال ; 12-12-2020 الساعة 06:38 AM
|
12-10-2020, 05:41 AM | #4 |
مشرفة طلبات التصميم ومعارض الأعضاء
-ORILINAD
|
-
"حين يتعلق الأمر بمن نحب، تفيض مشاعرنا، تتعقد تصرفاتنا بحيث لانفهم انفسنا!" ✧✦✧ -1- *ياجيما* استيقظتُ هذا الصباح وأنا فى قمّة نشاطي، بدأتُ بتنظيف البيت، حين انتهيت ذكرتني أمي أن علىّ تنظيف الطابق الثاني ومسح الغبار جيدًا، بعد ساعتين انتهيت من عملي تمامًا، سنستقبل خمسة فتيات كمستأجرات لغُرف الطابق الثاني، لأكون صادقة، هذه طريقتي لتأمين حياتنا! فبعد أن توفي أبي فى حادث سيارة وأنا أخذتُ دورهُ ودور أمي أيضًا، فى وقتها كانت أمي معه فى السيارة لكن الحمد لله فقد حفظها لي، تعاني أمي من قلة انتباه ونوبات فزع منذ يوم الحادث وأنا أخذتُ على عاتقي العناية بأخي الصغير جوان لأخفف الثقل عنها ولو قليلًا، أما دراستي.. تأقلمتُ مع الوضع وبتُ أحاولُ تدبير أمري، وصديقتي الغالية ناتاليا لا تُقصر فى حقي البتة، تساعدني دائمًا وتتحملني رغم بطء استيعابي للدروس، خاصة الفيزياء والرياضيات. جلستُ أحاول إشغال نفسي بالتلفاز، فى النهاية بعد أن غيرتُ القنوات جميعها أطفأتهُ بملل، التلفاز ممل! لم يسبق أن استقريتُ لمتابعة شيء! مددتُ جسدي على الأريكة مقابل التلفاز منتظرةً قدوم ناتاليا، ليس من عادات ناتالي أن تتأخر عني! أين اختفت؟ نهضتُ لأتصل بها، بعد أن رن الهاتف مرتين أجابتني بكُل أشكال عبارات التأسف! وقالت أنها فى الطريق. ناتاليا فتاة لطيفه جدًا!، هىّ صديقتي منذ أيام الحضانه! ترعرعنا معًا وكبرنا معًا وتسلينا معًا، حتى أننا كنا نُقلّدُ ثياب بعضنا ونشتري كل ما يعجب إحدانا! فأصبح لدينا نفس الثياب التى لدى الأخرى! هذا جنون، أعرف! لكن الجنون أننا نُقلدُ بعضنا حتى بتسريحة شعرنا! حتى أن جميع صديقاتنا يقُلن: "لولا تناقضُ ملامحِنا لصدقن أننا تؤام!" لدى ناتاليا شقيق يكبرها أربع سنوات، هو حارسٌ شخصي لابنة رجُل أعمالٍ معروف، على الرغم من أنه يستطيعُ تدبر عملٍ أفضل! أنا وناتالي ندعي عدم معرفة الأمر، ونزعجهُ دائمًا بترهات لا معنى لها بُغية أزعاجه فقد كان يعملُ كحارس لتلك الأجنبية لأنهُ مغرمٌ بها! هيروشي هو الأخ الأكبر الذى لم أحظ به، هو دائمًا يُدللني كما يُدلل شقيقته ويأخذنا لحيثُ نشاء مادمنا لا نخالف بضعة قواعد أخلاقية. بعد دقائق من الانتظار وصلت ناتاليا وفتحتُ لها الباب، بعد السلام رحبتُ بها فى المجلس وأحضرتُ عُلب العصير لكلينا، استفسرت عن سبب استيقاظي المبكر على غير العاده فأخبرتها عن استقبال الطالبات مع بداية السنة الدراسية الجديدة. قالت مؤنبة لي: "ما هذا ياج؟ لمَ لم تُخبريني لأساعدُك؟ أولستُ صديقتك وسندك فى كُل شيء؟ أين ذهب وعدُكِ في أنكِ ستسألين المساعدة فى كُل شيء؟" كانت تقولُ أول ما يأتي فى بالها! كُل ما تهتمُ به هو أن تُثبت وجهة نظرها! أوقفتُها عن الحديث مُغيرة الموضوع ببسمة غبية أرسمها دائمًا: "كيف كانت عطلتُك فى الجبال؟ هل استمتعتِ مع عائلتك؟ هل قابلتِ أوريليا؟ والصور! هل تصورتي هُناك؟ لا تقولي أنكِ لم تُحضري الصور معك! سأقتُلك!" انهلتُ عليها بكل أسئلتي دُفعةً واحد، كي أغير الموضوع طبعًا! هذه التقنية تنجحُ معها دائمًا! لأنها بدأت تصفُ لي ما رأتهُ وما فعلته بالتفصيل وهىّ تُجسدُ الحديث بيديها، هذا ما تفعلهُ دائمًا حين تتحدث عن شيء يُعجبُها أو يُحمسها! بعد ساعة من الحديث بالتفصيل الممل أخرجت الجهاز اللوحي خاصتها، لتُريني الصور التى التقطتها كُلما سنحت لها الفرصة.. فى النهاية قالت بأسف وفى عينيها شيء من التأثر بصدق: "ليتكِ كُنتِ معي!" ثم ضمتني مُكملة: "لقد اشتقتُ لكِ كثيرًا، مؤسف أنكِ لم تستطيعي القدوم معنا هذه السنة، اشتقتُ إليكِ كثيرًا ياجيما." أقسمُ أني أرى تلك الدموع تتجمعُ فى عينيها السماويتين وهما تحمران بشدة، هذا ما يحدثُ فى كُل مرة تبدأ بالبكاء. قلتُ لأخفف عنها: "لا عليكِ، أنا استمتعتُ بوقتي! كانت تُقامُ حفلات هنا فى الشاطيء وقد حضرتُ بعضها وكذلك تعرفتُ على أصدقاء جدد وخرجتُ وتسوقت معهم، وتعلمتُ إعداد بضعة أصناف طعامٍ جديدة... رسمت كثيرًا وجربتُ الكتابة والتأليف! كانت تجربة ممتعة، باختصار حالتي لم تكُن مؤسفة كما تظنين... القليل من الملل لا يقتُلُ أحدًا!" أعترف أني بالغتُ بما قُلت! أنا لم أفعل ما ذكرتهُ سوى مرة أو مرتين، لكنني لا أريدُ أن تنزعج ناتاليا أو تلوم نفسها! لقد تجاوزت الأمر وعادت لمرحها المُعتاد. بعد الكثيرُ من الأحاديث وتناول الغداء مع أمي وأخي جوان... وثم معاودة الحديث لفترة طويلة وبمواضيع مُختلفة، نهضت لتعود للبيت، طلبتُ منها البقاء لكنها أنهت إصراري بعبارتها المعتاده: "وعدتُ أمي أن أعود قبل المغرب وأنا لا أخلفُ وعودي." ثُم أتصلت بشقيقها لتُجرب حظها إذا كان يستطيعُ إعادتها للبيت بدل ركوب سيارة أجري وكان ردهُ كالعاده: "انتظري سأتي باسرع ما يمكنني!" لا أذكر أنهُ قال لا ولو لمرة واحدة! أنهُ أخ رائعُ حقًا... إتصل بعد عشرة دقائق لتخرُج! كان هذا سريعًا جدًا، أتوقعُ أنهُ كان فى مكان قريب من هُنا. عندما خرجنا قالت ناتاليا وهىّ تنظر أمامها بإستغراب: "ألا يزال هذا الرجُل جالسًا هُناك!" نظرتُ لحيثُ تنظر بكُل هذه الدهشة، قلتُ لها: "هذا السيد يأتي لهُنا كثيرًا ويجلسُ مكانه ليتأمل البحر فترات طويلة بشكلٍ يومي، يبدو أنهُ اُعجبَ بالمنظر فى هذه البقعة من الشاطيء." نظرت لي مُستغربة، أعرفُ ناتاليا، لا شك أن كلامي قد حرك فضولها، لكنني لم أفتح بنس شفتايّ ولم أعلق على دهشتها البتة. ودعتها بعد أن تحدثتُ مع هيروشي، وتطمأنتُ على أحواله، لم أرهُ طول عطلة الشتاء، تغيرت ملامحهُ قليلًا، تبدو عليه الرجولة أكثر من ذي قبل، كيف لم ألاحظ ذلك طوال اليوم؟ وناتاليا أيضًا تغيرت بعض الشيء فقد قصت شعرها قليلًا! *ناتاليا* تبًا! منذ غادرتُ بيت ياجيما ولا يشغلُ بالي سوى ذلك الرجُل! لمَ يجلسُ هناك؟ ألا يمل من الجلوس طوال ذلك الوقت يُناظرُ البحر؟ ما الذى يُفكر به؟ هل هُنالك ما يُحزنه؟ هل يُذكرهُ المكان بأحد مُعين؟ أيُعقل أنهُ انفصل عن حبيبتهُ هناك ويأتي ليتذكرها؟ لا لا لا لمَ أفكر بهذه الطريقة؟ غفوتُ بعد كُل تلك الأسئلة وأكثر، لم يفارقني أمرهُ حتى فى الحُلُم! استيقظتُ شبهُ غارقة بالعرق، أكادُ أجزم أني محمومه! تلمستُ عنُقي بتعب ثم نهضتُ وفتحتُ ستائر غرفتي ليدخل النور عنوة، لم أتحمل سطوع الضوء فأغلقتُ الستائر بسرعة، اختلستُ نظرةً على الساعة بعد أن اعتادت عينيّ على الضوء، كان الوقتُ العاشرة والنصف! غريب لمَ لم يُقِظني أحد؟ خرجتُ من غرفتي بثياب نومي القصيرة، بلوزه بلا أكمام وسروال قصير، بحثتُ فى كُل مكان، لكن لا أحد سوى الخادمة فى البيت! سألتها أين الجميع فردت: "السيد غادر للشركة فى الصباح المبكر، والسيدة ذهبت للجامعه لتُمهد الدروس التى ستُدرسُها هذا الفصل وقد أوصلت اكاني للمدرسه لتُسجل بياناتها وتستلم كُتُبها والسيد هيروشي كالعادة لم يعد البارحة." غادر الجميعُ وأنا نائمة! لكن لحظه ماذا عن جدتي؟ سألتها، فقالت وهىّ تُشيرُ للخارج: "فى المجلس التقليدي وتستضيفُ أحد صديقاتها لشُرب الشاي." تمتمتُ ببضعة كلمات شُكر ثُم عدتُ لغرفتي، أخذتُ حمامًا سريع وارتديتُ فستانًا خفيفًا فالجو جميل.. اتصلتُ بـياجيما لأرى أين هىّ، فأجابتني: "أنا فى المدرسة جئتُ مع أخي جوان لنُكمل تسجيل بياناته." طلبتُ منها انتظاري، وغادرتُ البيت بعد أن طلبتُ سيارة أجرة، إتجهتُ للمدرسة ودخلتُ متجه نحو قاعة المدرسين، قابلتُها هُناك، كان الكثير من الطلاب الجُدد مُلتفين حول أربعه من المعلمين يُسجلون بياناتهم فافترضتُ أنهُ اليوم الأخير لتسجيل الجُدُد.. التففتُ أثر طنين صوت أعرفهُ جيدًا لألتقي بأختي الصغرى آكاني وهىّ تقول باستغراب: "ماذا تفعلين هنا ناتاليا؟" إستجمعتُ نفسي مُجيبة: "أتيتُ لأرى ياجيما." تلفتُ حولي وإذا بها تقفُ بجانب شقيقها وتلوح لي ببسمتها المعتادة، هذه البسمة التى تحملُ كُل معاني الصداقة بيننا منذ الأزل، اقتربتُ نحوها ورافقتني اكاني بخُطايّ، لم أكَد أصلُ إليها حتى ضمتني بقوة كما لو كُنا لم نلتقِ منذ دهور! مع إننا كُنا معًا بالأمس فقط! على من أكذب، أنا نفسي يتملكُني هذا الشعور! اقتربت أختي تُحيي ياجيما وعلى وجهها ابتسامه خفيفة، لحظة! هذه أول احتكاك بين آكاني وجوان! تعاملهما مه بعض كان هادئًا، بارد ومُريب، أنهينا تسجيل الاثنين بسلاسة... ووعدتُ الأستاذة هانا بأني سأتي لتأكيد التسجيل غدًا وياجيما دافعت عني قائلة وهىّ تنحني قليلًا بأحترام: " أعدُك أني لن أدعها وشأنها، سأتي بها بنفسي فى الغد لتُكمل تسجيلها يا أستاذتي." خرجنا بعد ذلك وبدأنا بالمشي ثُم حين اقتربنا من المقهى سحبتُهُم جميعًا لتناول الفطور، أنا جائعة وأكادُ أموت من الجوع... توجهنا بعد ذلك لبيت ياجيما، الغريب كان ذلك السيد يجلسُ هناك فى نفس المكان، ألا يشعُر بالملل؟ يستحيلُ على أحد أن يكون مثله، مِمَ هو مخلوق؟ دخلنا البيت ونحنُ نُطلق العنان لأصوات الراحة، البيتُ كان دافئاً ومريحًا جدًا، أما السيدة "جيمين" كانت كالعادة نائمة وهادئة، أعتدتُ على ذلك، هذا حالُها منذ يوم الحادثة قبل سنتين، كانت الضربة التى تلقتها على رأسها قويةً جدًا، وياجيما لم تُقصر معها، تعتني بها وبشقيقها، ما أروعكِ يا صديقتي! وقفتُ أنظر لها كيف تُعد الغداء وهىّ تشرحُ لي كما لو كُنتُ أفهم بالطبخ، عندما انتهت رتبنا طاولة الغداء وباشرنا تناول الطعام، ما أن تذوقتهُ آكاني حتى فتحت عينيها على وسعيهما مُستغربة.. أنا أفهمُ سبب دهشتها تمامًا، طبخُ ياجيما لا يُعلى عليه... بعد أن تناولنا الغداء ساعدَت آكاني بجمع الأطباق على غير عادتها، هيّ لا تفعلُ شيءٍ فى العادة! وقد فاجئني جوان أكثر إذ بدأ بغسل الأطباق! لم يطلب منه أحدٌ ذلك! وقد بدى لي ذلك غريبًا وغيرُ مألوف بالنسبة لي! نظرتُ نحو ياجيما استفسر، لم أقُل شيء مع ذلك أجابتني وهيّ تهمسُ فى أذني: " يغسلُ جوان أطباقهُ مؤخرًا وفى بعض الأحيان يغسلُ كُل الأطباق!" نظرت نحوهُ وهىّ تبتسمُ بحزن : " يُحاولُ مساعدتي ولا يدعني أشعر بالثقل منه، الأحمق يظنُ أني أتعب أو أنزعج من دوري الكبير فى البيت، فيُحاول القيام بأي شيء يستطيع القيام به!" مددتُ يدايّ ووضعتُهما على كتفيها، التفتت إلىّ بصدمة والدموع بدأت بالهطول رغمًا عنها، ما أن أدركت نفسها بدأت تمسح دموعها بسرعة! توجهَت نحو غُرفتها بسرعة قبل أن يُلاحظ أحدٌ ذلك، بالأخص جوان. وددتُ أن ألحق بها لكنني خفت لا أعلمُ لماذا! توجهتُ نحو غرفتها بتردد ونظرتُ عبر فُتحة الباب، أتاني صوتُ ياجيما:" ادخلي نونو!" ابتسمتُ رُغمًا عني! لم يُنادني أحد باسم الدلع منذ أيام الأبتدائيه! جلستُ بجانبها على سريرها الوردي، هذه الفتاة لاتزالُ تُحبُ الوردي إلى الآن! أمسكتُ دُبها الأبيض وأنا ألعبُ به بغباء! ياجيما تُحبُ الدببة كثيرًا! أذكرُ مزاحنا عن الدببة، كنتُ العب دور الشريرة كارهة الدببة وياجيما تصرخُ وتقول: "حرروا الدببة! الدببة المسكينة تُعاني بسببكُم أيها البشر الأشرار! سيأتي يوم تحكُمُكُم الدببة! وتملأُ الدُنيا بالعسل المقرف..." كان ذلك جزء لا يتجزأ من طفولتنا المشتركة، كنتُ أضحك على سزاجة حُبها للدببه وحتى الآن تملأ غرفتها بالدُمى المحشوة! استفززتُها مردفه بإبتسامة خبيثة مزيفه: " الدبُ غبي يا دُبْ!" قلتُ ذلك وأنا أمسكُ بالدُمية باشمئزاز، فهجمت عليَّ بغضب: " اعيديه أيتها الشريرة!" فبدأنا باللعب والمزاح! أعترف قمتُ بتصرف طفولي ومُحرج، لكن كُل شيء يهون لسماع صوت الضحكات السعيدة التي تُطلقُ عنانها لمزحتي السخيفة! كالعادة أتصلتُ بأخي قبل الغروب وقد تأخر على غير العادة! كان ذلك الرجُل جالسًا مكانه، بصراحه حرك ذلك الفضول لدىّ، أنتبهتُ لأختي تسحبُ طرف فستاني الأبيض فعدتُ لواقعي، ثُم صعدنا لسيارة أخي البيضاء ونحنُ نودع ياجيما، كاد أخي يُحرك السيارة قبل أن تقفز ياجيما وهىّ تقول بصوتٍ مرتفع: " لا تنسي أن تُجهزي أوراقك سنذهبُ لتأكيد التسجيل غدًا، وأنا سأذهبُ لاستلام كُتُبي معكِ، إياكِ ثُم إياكِ أن تنسي!" *هيروشي* ياجيما الغبية كاد قلبي يقفزُ من موقعه خوفًا! كيف ترمي بنفسها بهذه الطريقة؟ ألم تنتبه إلى إني قد حركتُ السيارة بالفعل؟! لا والسببُ تافه! كانت تستطيعُ أن تتصلَ يناتاليا لاحقًا. نزلتُ غاضبًا لأوبخها! و قد كانت تبدو خائفة بعض الشيء، لا أستغربُ ذلك لم يسبق لي أن غضبتُ أو انزعجتُ منها! تراجعت للخلف مُتوترة و قالت معتذره:" أنا آسفه، هيروشي." انتبهتُ لنفسي فامتصصت غضبي قائلًا:" لا تُعيدي الكرة." أعترف أني بِتُ سريع الغضب منذ أمس، لو كان غيري لانفجر منذ شهور! ومن جهة أخرى أدركُ أن الذنب ليس ذنبها. نادتني آكاني فالتفتتُ نحوها بأجفال، سألت باستفسار:" ماذا بك؟! هل أنت بخير؟" نظرت لملامحها القلقة، ثم التففتُ نحو ناتالي و لم تكن بأقل من الأخرى! قمت بتصرفي المعتاد، و وضعتُ يدي على رأسها بملل:" أنا آسف! لا تُكرريها ياجي." ابتسمت لي تلك الأبتسامة التى تُضيء كالقمر في ليلة بدر! الشعور بأنها لم تنزعج مُريحٌ للغاية، ركبتُ سيارتي وأنا أبادلها الابتسامة، سحقًا لي بدأتُ أنفس عن ضغوطاتي بمن حولي، وهذا ليس جيدًا البتة. ودعنا ياجيما وناتاليا تعدُها بمرافقتها فى الغد، لم أفهم لِمَ هذه الأصرار، فاستفسرتُ بعد أن حركتُ السيارة نحو البيت:" ناتاليا! لمَ أصرت ياجي على مرافقتكِ لها فى الغد؟" أجابت وهيّ تنظر للأمام كما لوكانت هي من تقود!:" لأنني تأخرتُ فى التسجيل ووعدتُ الأستاده "هانا" أن أتي فى الغد." ابتسمتُ رغمًا عني، إضافة لقب الأستاذة بجانب هانا، كيف اقولها... كبرت هانا وأصبحت أستاذة كما كانت تحلم دائمًا، يالها من حياة، تجري بسرعة! البارحة كُنا ندرس معًا واليوم تُدرس فى المدرسة! لطالما ساعدتني فى دروسي، لازلتُ مُمتنًا لها. انتبهتُ لـآكاني وهي تُناديني، التفتتُ لها وإذا بها تكلمني: " هيروشي أريد أن أسألك، كيف حال أوريليا؟" لمَ الجميعُ فضوليين نحو هذا الموضوع؟ أعترف أنه من المُحرج أن يعلم الجميع بذلك! تجاهلتُ سؤالها وتابعت القيادة كما لو لم أسمع شيء، و حين وصلنا للبيت تركتهُم وقُدت عائدًا نحو عملي مُباشرةً! حسنًا أنه من الطبيعي أن يُثير الأمر فضول الجميع، فقد فضلتُ العمل بجانب اوريليا، بدل تولي أمور شركة والدي، والتى يُمكنها مُنافسة أعمال السيد جاكسون جوناثن، إذا بذلتُ فيها القليل من الجهد! التقيتُ باوريليا فى الجامعة وقد حدثت مواقف كثيرة بيننا حتى الآن! مع إنها تبذلُ قُصار جُهدها فى إزعاجي وإغاظتي طوال الوقت! كُنتُ فى السنة الثانية حين أنضمت اوريليا لفرعنا وقد كانت فتاة مزعجة ولم نكُن نلتقي إلا فى محاضرتين طوال الأسبوع ولكن ذلك لم يمنعها من مُضايقتي طوال الوقت! فى البداية كُنتُ مجرد الشخص الذى حطم غرورها فى أثناء مُناظرة عن الأسعار وما شابه، لكن فى ما بعد بتُ أراها طوال الوقت وفى كُل مكان، و لم تكُن تتركُ فرصةً إلا و استغلتها لإزعاجي، بلا فائدة تُرجى، فهدوء أعصابي أسعفني للتغلُب عليها دائمًا! أكيد تتسألون الآن لمَ أنا مُعجبٌ بها! الأمرُ بسيط لكن الحديث عنه سيستغرق وقتًا أنا لا أملكه حاليًا! لكنني سأكسبُ حُبها عما قريب!. 👑 *ناتاليا* نائمة على سريري، أُحاولُ عدم التفكير بلا فائدة! كان الأمرُ مُتعلقًا بذلك الرجُل! لا أعلمُ لمَ لكنني عاجزة عن التفكير سوى به! لقد كانت ملامحهُ تُثيرُ الفوضى بي! مع إني لم أرى سوى جانبه وذلك حين خرجتُ من بيت ياجيما اليوم، عيونًا حادة وشاردة، إبتسامة ذابلة وهدوء لا معنى له، أنهُ فقط، فقط وسيمٌ جدًا! مهلًا، ماذا قُلت؟ لا يا ناتاليا هذا لا يجُوز! هذا التفكيرُ غيرُ صائب، وعليكِ إيقافهُ حالًا. الوسامة لا تحدد جوهر الرجال! حاولتُ طوال الوقت إشغال نفسي عن التفكير به، فى أثناء العشاء كان جميع أفراد عائلتي مُجتمعين حول المائدة، عدا أخي وأبي. كان الصمتُ ساكنًا، جدتي تكرهُ الحديث فى أثناء الطعام، تعتبرُ ذلك قلة أدب. بعد العشاء حاولتُ إشغال نفسي بالقراءة قدر المستطاع بلا فائده.. تكلمتُ مع أمي وأختي، وكان محور الحديث التجهز للعودة للثانوية، قالت أمي بعد أن أنزلت كوب الشاي من يدها وهي تكلم كلينا:" جهزا نفسكما للعودة للمدرسة، لم يبقى سوى ثلاثة أيام!" أكاني والحماسة تُحركها:" لا تقلقي أمي، لقد جهزنا كل شيء..." نهضت من مكانها وهي ترفع يديها بعد أن زادت حماستها!: "لا أصدقُ أني سأرتدي زي مدرسة تيتان الثانوية." ضحكنا أنا وأمي بخفة، لطالما كانت آكاني تتمنى ارتداء زي مدرستي! إنهُ زي البحارة المعروف لمدارس الثانوية باللون الأسود الراقي، وهذا اللون منحصرٌ لمدرستنا في المدينة. قالت أمي مُكملةً حديثها:" ناتاليا، أنا لديّ أعمالٌ كثيرة فى الجامعة، كما أني سأرقى مع بداية الفصل كمديرة فرع الأدارة!" سعدنا جميعًا عدا جدتي! هي لا تُرحب بفكرة العمل، وتقول دائمًا العمل ليس للسيدات! عقيدة قديمة! لكن هذا ما تعتقد وتؤمن جدتي به منذ عقود. أكملت والدتي كلامها:" لا تنسي استلام زوجين من البدلة لكل منكما!" تقصدنا أنا وآكاني. هذا يعني أنني يجب أن أهتم بكل شيء كالعادة، لا أذكرُ أني توقعتُ يومًا أن تهتم بهذه الأمور الصغيرة، لكن مجرد تنبيهي بين الحين والحين يُسعدني كثيرًا. إتجهتُ نحو غرفتي وتجهزتُ للنوم، بقيتُ جالسه أمام المرآة العب بأطراف شعري، وعدتُ للتفكير بنفس الموضوع، حينها عزمتُ أمري، سأتقدم وأسألهُ سؤالًا واحدًا، "لمَ تجلسُ هُنا كُل يوم يا سيد؟!" مع أن الفضول يُعتبر قلة أدب في موقف كهذا! عدى أنهُ تدخل في شؤن الآخرين وهيَّ نقطة اهم! طلع الفجر وحل الصباح ولا أزال فى صراع مع نفسي، لم أنم جيدًا واشعرُ بضغط شديد، ليتني أبقى نائمة ولا يُقظني أحد، لكن ياجي تنتظرُني. رفعتُ ثقل جسدي بتعب وأخذتُ حمامًا مُنعشًا أعاد لي حيويتي، ثم تناولتُ بلوزة خفيفة مع تنورة قصيرة وارتديتُهما بملل، كُنتُ أريد أن أرفع شعري حين انتبهتُ لنفسي، لقد قصصتهُ قبل فترة قصيرة، وبالكاد يلامس كتفي... آه، لهذا كانت ياجيما مُتسمرة فيه حين ذهبت لمنزلها بعد العطلة، لم نعد نُشبه بعضنا بسبب قصة شعري. خرجتُ من غرفتي وتوجهتُ لصالة الطعام وكان الفطور جاهزًا، وجدتي تترأس الطاولة وتتناول الأفطار لوحدها! لا شك أن أمي قد غادرت وأنا نائمة. بدأتُ بشرب الشاي، حينها كلمتني جدتي، ولأول مرة على طاولة الطعام! "هذه آخرُ سنة لك فى المدرسة؟ صحيح؟!" بقيتُ مُستغربه من جهتين، جدتي تُكلمني هُنا وسؤالها الغريب! أومأتُ برأسي مُجيبة، لتكتفي بالصمت. لم أفكر عن سبب هذا السؤال الغريب ومناسبةُ الآن! تجاهلتُ ذلك تمامًا. بعد الفطور غادرت مع أختي نحو المدرسة وأكملتُ تسجيلي واستلمتُ كُتُبي وزي المدرسة الخاص بي وبأختي أيضًا كان المفترض أن يكون ذلك أمرٌ سهل لكن الإرهق نال مني. لذلك ركبنا سيارة أجره وكانت ياجيما الأكثر راحةً بيننا، لأنها وفت بوعدها للأستاذة هانا ولم يبقى إلا أن يأتي اليومُ الأول للمدرسة. قالت ياجيما إنها ستذهب لمكتب العقارات لترى ما فعلوه لها، وإن كان قد جائتهُم أحد طالبات الجامعة أم لا. وقد حدث أمرٌ مؤسف بحصولنا إجابة سالبة! كانت خيبة ياجي كبيرةُ جدًا، وقد بذلتُ جُهدي فى التخفيف عنها قائلة: "لا تقلقي عزيزتي، سنُعلن ذلك فى الجامعة ونوزع الأعلانات فذلك أسرع من المكتب!" تحمست آكاني قائلة:" ونحنُ سنُساعدك لا عليكِ! الأمرُ أسهل من ما تظنين!" نظرنا لها ببتسامة لتُكمل بثقة:" أنا سأطبع لكِ الأعلان فى بيتنا ولن يُكلف ذلك شيءٍ ولن يُمانع أبي." نظرتُ لياجيما ويبدو أنها استلطفت الفكرة، والإبتسامة تُهلهل على وجهها لتقول:" ولمَ لا.. سأكون شاكرة لك عزيزتي." تدخلتُ قائلة:" إذن لنركب سيارة أجرة، كي نذهب للبيت ونُجهز الأعلان، بعد ذلك ننشرهُ على لوحات الإعلانات فى الجامعة." اتفقنا على ذلك و قُمنا به، وحين دخلنا البيت، كانت جدتي تجلسُ فى المجلس التقليدي والبابُ مفتوح على مصراعيه. و حين رأت ياجيما توجهت نحونا بسرور، جدتي تُحب ياجيما كثيرًا، خاصة أنها تأتي لحفلات الشاي الخاصة بها وتُساعدها فيها. على ذكر حفلة الشاي، الكيمونو يليق بياجيما كثيرًا، عيناها الكبيرتان وشعرها الأسود كليالٍ ظلماء و بشرتها البيضاء، يُضيفُ لطلتها، سحرًا لا نظير له. رحبت جدتي بياجيما و جلسنا معها، و بعد فتره من الحديث، ألزمت جدتي ياجيما أن تأتي لحفلة الشاي فى الأسبوع القادم... استأذنا من جدتي ولحقنا بأختي، حين دخلنا مكتب أبي كانت تضع الأوراق فى جهاز الطبع، حين رأتنا قالت بعتب: "كنت انتظرُكُما! لقد جهزت الأعلان ولم يبقى غيرُ الطبع." أعتذرنا متحججّتين بجدتي، اقتربت ياجيما لترى ما قامت آكاني به. خلال الفترة التى جلسنا مع جدتي قامت بكُل شيء هُنا . ابتسمت ياجي برضا وقالت بأعجاب:" أحسنتِ آكاني، عمل ممتاز." أجابت أختي بفخر:" العفو، يُمكنكِ الأعتماد علىّ فى أي شيء ومهما كان." 👑 *ياجيما* أبهرني تصميم آكاني، لم أتوقع أن تفهم بهذه الأمور! أنا وفى سني هذه لا أفهم الكثير بالتقنيات والحواسيب! بالكاد أجيدُ تشغيل الصور والفيديو والأغاني، بالأضافة للطباعة وهو السبب الرئيسي لاقتنائي حاسوبًا. ضغطتُ على زر الطباعة وبدأت تطبع. حين أنهت ذلك وضعت الأوراق أمامنا، سألتُ باستغراب:" أليست كثيرة؟!" فأجابتني بثقة:" لتزداد فرصتنا أكثر!" حسنًا لقد كانت الأجابة مُقنعة جدًا ومنطقية، نهضنا من مكاننا وتوجهنا نحو الجامعة بسرعة وكانت الساعة الحادية عشر. لصقنا الأوراق على اللوَحْ المُخصصة للأعلانات وكانت ناتاليا منزعجة بعض الشيء، كنتُ لأكون لو كُنتُ مكانها! فتلك الفتاة المُتكبرة قد عاملتها بقلة أحترام، وذلك حين كُنا نوزع الأوراق على الفتيات فى الجامعة... بعد ثلاثة ساعات توجهنا لبيتي. كان أخي قد أنهى غدائه منذ فترة طويلة، و كان لطيفًا بتجهيزه لنا وخاصة أننا لم نأكل شيء فى موعد الغداء، انزعج أخي لأننا لم نطلب المساعدة منه، قال مُعاتبًا لي و لناتاليا:" لمَ لم تُخبرانني كُنتُ لأساعدكما أكثر من هذه الصغيرة!" أيُدركُ أنهما فى نفس العمر؟ وصفُ آكاني بالصغيرة كان وصفًا فاشلًا للغاية. نهضت آكاني مُعترضة بعد أن تركت العيدان من يدها:" من الصغيرة أيها المتعجرف!" قال بغير اعتبار أننا جالسات:" هذا لا يعنيكِ أيتها الطفلة المدللة! الأفضل لكِ ألا تتدخلي فى ما لا يعنيكِ!" صُدمت! ليس من عادة أخي أن يتكلم هكذا مع أي أحد! أو ربما لأنني لم أره من قبل كيف يتكلم مع أصدقائهُ فى العادة! كانت آكاني منزعجة وتبحثُ عما تُجيب به وهي تعض شفتها السُفلى، قالت و هي تكبحُ دموعها:" مـ من تظنُ نفسك يا هذا، أهكذا تشكُرُ من يُقدم المساعدة بنيةٍ حسنة؟!" أدار أخي رأسهُ للجهة الثانية، ليس لأنهُ لا يعلمُ بما يُجيب، بل لأن دموع آكاني انهمرت بعد ما قالته! أغمض عينيه السوداوتين وعبث بشعره الليلكي معبرًا عن توتره، ثم قال بنبرة مُتعجرفه:" دعي دموع التماسيح جانبًا أيتها الطفلةُ البكاءة!" اتسعت حدقتا عيناها الزرقاء والمخضرة على وسعيهما وتيبست الدموع أثر كلامهُ الجارح، وأنا اكتفيتُ من دور المشاهدة، فنهضتُ من مكاني غاضبة:" لقد قُلتَ الكثيرُ يا أخي! اعتذر حالًا!" قالت ناتاليا مُبررة لتُهدئني:" لم يقصد يا عزيزتي اهدئي! هو فقد منزعج لأننا لم نطلب المساعدة منه!" قال أخي بنبرة جافة لا صدق فيها:" اعتذرُ منك يا فتاة، لم أقصد جرح مشاعرك المُزعجة!" خرج بعد ذلك بسرعة وأغلق الباب خلفهُ بغضب. أعتذرتُ لـ"آكاني" كثيرًا لكنها لم تتوقف عن البكاء! لقد ساعدتني كثيرًا ولم تجد سوى الكلمات الجارحة من أخي بدل الشكر. بقيتُ أعتذر وأعتذر لكنها لم توقف البكاء، وبعد فترة طويلة هدأت وحدها وتوقفت عن ذلك. قالت وهي تفتحُ الباب:" سأعود للبيت وحدي! أراكِ فى المدرسة ياجيما!" ماذا! فى المدرسة؟ أهي منزعجة لهذه الدرجة؟ ألن تأتي لبيتنا ثانيةً؟ غادرت ووقفنا عاجزتين عن منعها إذ لم تترك لنا المجال لذلك فقد ركضت للخارج بسرعة. بعد قليلٍ اعتذرت ناتاليا قائلة: "سأذهبُ للبيت! يجبُ أن أرى آكاني وأطمئن عليها، لا أعلمُ لمَ تأثرت لهذه الدرجة! لم ألَف ردة الفعل هذه فيها من قبل!." وإتجهت للمخرج لتُكمل وهي تنتعلُ حذائها الأبيض: "سأتصلُ بك قبل النوم يا عزيزتي، لم تسنح لنا فرصة الحديث عن أمر مهم، يُعتبر سخيفًا بالنسبة للمواقف التى نحنُ فيها الآن." -: تقصدين جوان؟ لا عليكِ سأعاتبهُ لتصرفه واعتذري لآكاني مرةً أخرى." - : ليس جوان وحسب بل الكثيرُ من الأمور، كمشكلة المستأجرات وذلك الـ...." توقفت عن الحديث فجأة! لماذا؟ ليس من عادتها أن تُخفي عني أي شيء قبل الآن! نظرت نحوي بأجفال، وشردت للحظة ثم غادرت البيت مودعةً لي و لجوان الغائب وقفت عند عتبة الباب لفترة طويلة فاستغربتُ تصرُفها هذا! اقتربتُ لأجدها سارحة وعينيها مُتوسعتين ومُتلألأتين، نظرتُ لحيثُ تنظُر، كان ذلك السيد الشاب يجلسُ مكانه كالعادة، ماذا؟ ألاتزالُ تُفكر بأمره؟! هذا مُحال! أعرفُ أن ناتاليا تغدو فضوليةً فى بعض الأحيان لكن ليس لهذه الدرجة! ماذا حدث معك فى غيابك عني يا صديقتي؟ نظرت نحوي فتفاجئتُ قليلًا لتقول بشرود: "ماذا سيحدث إذا ذهبت وسألتهُ سؤالي البسيط؟ هل سأندم؟" تفاجئت لسؤالها البريء! جاريتُها بالكلام قائلة:" ممَ تخشين أن تندمي؟" قالت بشيء من الحُزن:" أخشى أن أندم إذا لم أغتنم فرصتي!" إستغربتُ كلامها بشدة، أين أنتِ يا صديقتي؟ كيف سأساعدك؟ ماذا لو ندمتُ إذا كلَمته؟ و لكن لمَ كُلُ هذا الأهتمام يا ناتالي؟ انهُ مُجرد شابٍ يجلسُ على الشاطىء ينظُر للبحر، لا شيء يستحقُ الأهتمام! نظرت نحوي بوهن، ثُم تقدمت وهي تقول:"..... " يتبع " |
|
12-10-2020, 05:45 AM | #5 |
مشرفة طلبات التصميم ومعارض الأعضاء
-ORILINAD
|
-
"آخر سنة لي في الثانوية، سأقدر لحظاتها الثمينة لحظة بلحظه! و سأقول لِلقَدَرِ الذي لا يَنْثني أنه لن يُطفَىء اللَّهَبُ المتأجَّجَ في دَمي " ✧✦✧ -2- *تاكامورا* أرهقني واقعي وأدمنتُ جلوسي هُنا! أنا من لا يفهمُني أو يُدركُني أحد! لحظاتٌ تراقص في أذني تاركةً عاصفةٍ تخيمُ على وحدتي! انتشلني من مكاني رنينُ هاتفي مُنادياً للعودة المُبكره اليوم، تنافست خطواتي تاركاً مكاني شاغراً قبل أوانه. كانت الآنسه اللطيفه تُحادثُ صديقتها عند مدخلُ منزلها، ألقيتُ التحيه عابراً من جانبها وأنا أرفعُ يدي، بادلتني بابتسامةً خفيفه: "أًسعدت مساءًا سيد ناكازاكي!" كان لمن من الأدب أن أرُد عليها بدل الإشارة بيدي وحسب: "ومسائكن آنساتَي!" كانت نظرات الآنسه اللطيفه هادئه كالعاده! لفت انتباهي الآنسه الأخرى التي أجفلت مكانها حين تكلمت! بدت لي في عالمٍ آخر لا يمُتُ لعالمنا بشيء! تجاهلتُ ذلك وتابعتُ طريقي وأنا غيرُ مُدرك سبب هذا الأجفال والتسمر الغريب!. ***** حسناً أنا لستُ بشخصٍ يٌثيرُ للأهتمام. هذا ما أستطيع أن أقولهُ عن شخصي! تخنُقُني العبرُ عن وصف حياتي ! أنا اكثرُ الناس مللًا من نفسي ، لذا لا أجدُ ما يحُثُني لحديث عنها! بإختصار حياتي عاديه! عائلتي مجردُ عائله واصدقائي، انقطعتُ عنهم و كُلُ واحدٍ منهم ذهب في طريقه بعد التخرج، عدى واحد... لكلٍ سر لا يُسمحُ لي بقوله لأحد ولا أقربُ الناس لي! ربما كان السبب في ابتعاد الجميع عني عدم البوحُ بها حتى الآن! أصعبُ شيء في العالم أن تولد في عائلة مثل عائلتي! حيثُ لا يُسمحُ لك أن تختار شيءٍ لنفسك! وهواياتُك واهتماماتك ممنوعةً عليك! ليتني أكونُ حراً في خياراتي المستقبليه! لا أرقبُ أن يُربط مصيري بِماضِىٍ مَضْىْ! *ناتاليا* حين خطوتُ خطوتي نحوه، تقدم نحونا! تيبستُ مكاني رُعباً! لم أفهم لما! لكنني شعرتُ بأني أسيره ومُكبلة الأيادي والأرجُل! اجتهدتُ لأقول شيء لكنني عجزت عن ذلك تماماً! مع أني كُنتُ على وشك الذهاب اليه! كُل ما أستطيعُ تذكره روعة الصوت الذي التقطتهُ حين قال " ومسائكن آنساتي !" قال ذلك بصوتهُ المُخملي وخرجت كلماته من بين شفتيه برزانه! مظهرهُ من قريب وتشابكُ عيني به لألتقاط كُل ما يتعلقُ فيه، كانت أكثرُ تصرفاتي جنوناً! وما أسر تفكيري و عقدهُ أكثر، أن ياجيما نهتني من الأقتراب منه حين قُلتُ لها: " سأتقدم نحوه وليحدُث ما قُدر أن يحدث !" أتسائل ما الذي يُحركُ فضولي به! أنا لم أعلم عنهُ سوى القليل وحتى لا أعلم لمَ ينتابٌني كل هذا الأهتمام حياله! هو اللغز الذي أشغل بالي بلا انذار! وهوسي به حقاً جاء من عدم! المفترض أن أهتم بآكاني الآن وأن أوسيها واهدئها ولكن أنا الآن لا افكر سوى بتاكامورا ناكازاكي! أجل لقد أخبرتني ياجيما باسمه الكامل! وقالت لي: " تاكامورا هو وريثُ عائلة ناكازاكي! وأنصحُك أن لا تورطي نفسك معه!" اعتراف؛ أنا لا أعلمُ شيء عن عائلة ناكازاكي! و لم أفهم تنويه ياجي لي! اهتمامي الآن مُنصب على التعرف عليه والتحدث معه! لا يهمني سوى أنه من يُنادي عقلي صارخاً بأسمه! إن كانت الحياة بلأقدار، وهُنالك قدر مرسومٌ لي، فهذا هو! في المساء، اتصلت بياجيما كما وعدتها سابقاً، وقد تحدثتا معاً لفترة طويلةً جداً! كُنتُ على وشك اغلاق حين هتفت بقوه:" انتظري!" -:" ماذا هناك؟" -:" ايتها البلهاء! ألا يُفترض بك أن تقولي لي شيئً مهم؟ لقد قضيتي الوقت كلهُ تثرثرين بهذا وذاك ونَسَيتيني سبب الأتصال الرئيسي!" -:" صحيح ما ذلك الامر المهم الذي تريدين ان تُكلمينه عنه؟ ولما وصفته بسخيف؟!" صدمتها قائله بغباء:" هل ستقُصين شعركِ أيضاً؟" * ياجيما * غمرتني الصدمة للحظات! -:" ماذا؟! منذ الصباح وأنا اقول فيما ستُحدثُني ناتاليا وهذا ما يشغل بالك الآن؟" هذا آخر شيء كنت أتوقعه! ببساطه يُعتبر أمرا تافه وغير مهم! لا أجد سبب للتفكير فيه حتى! لما كُل هذا التفكير الغير الضروري؟ -:" ناتاليا؟ ألا ترين أن هذا لم يعد مهماً؟ كفى ألعاب طفوله حان الوقت لنكبر!" حتى أنا نفسي صدمت لما قلت حتى لو كان صحيحاً! _ -:" حسناً معكِ حق! أنسي الحكايه! أنا فقط توقعت أننا.. أقصد أنكِ ربما تودين ذلك! لكن الأمر لم يعد مهماً الآن!" يبدو أن وصفي لم يكن ملائماً إذ أنني لمحت نبرة خيبه بين كلماتها، لكن! الحياة أقصى من أن نتجاهل صعابها! وحياتي لم تعد لهوا ولعبا، هنالك ما يُحتم علي ترك كل الألعاب القديمه والتطرق للمستقبل... -:" هل أزعجتكِ بكلامي؟ أعرف أني فعلت! وهذا ليس بيدي وأنتِ أكثر من يفهمني على الأطلاق! لهذا قلت ما قلت!" -:" الأمر ليس أني انزعجت لكن توقعتُ أن تعتبري ذلك فرصة لتنسي الواقع وحسب! أعرف أني مهما حاولت سأبقى غير قادرة على إخراجكِ من واقعك هذا! ليس فقد لأنكِ ترفضين بل لأنني بت أرى تلك الفجوة التي تتوسع بمرور الزمان وتُبعدنا عن فهم بعضنا! الآن فقط أتمنى ألا تتسع!" هل ابتعدت لهذه الدرجه؟ توقعت أني أستطيع البقاء على سجيتي ولكن... . . . في وقتٍ متأخر بعد أن ساعدتُ أمي لتخلد للفراش، سمعت أصوات تصدر من المطبخ... هذا هو! أكيد عاد ظاناً أني أويت للفراش! أنرت مصابيح المطبخ قائله:" أخيراً عدت يا أخي؟ تأخرت كثيراً!" التفت لي متوتراً:" ألا تزالين مستيقظه؟ ظننتكِ نمتِ! لقد كنت مع أصدقائي و... تعرفين... " -:" هل أنت جائع؟ ألم تأكل شيئًا وانت معهم؟" توتر أكثر قائلاً:" لا ليس كذلك لكن نسيت أن... أن..." نظر لنظراتي الغير المصدقه فأعترف قائلاً:" حسناً! تعرفين أني كنتُ في المرأب أصلح دراجتي!" تابعت النظر له بتشكيك فتابع:" وقد غفوت بعد ذلك على الأريكة التي هناك!" فتحت عقدة حاجبي وأنا أشير قائله:" عشائك في المايكرويف.. سخنه قبل الأكل! تصبح على خير!" توجهت لغرفتي متعبه، وقلت قبل دخولها:" أعتذر منها في أقرب فرصه!" ثم دخلت بغير إعطاءه فرصة الرد.... * آكاني * قال لي جوان:" هذا لا يعنيكِ أيتها الطفله المدللة! ألأفضل لكِ ألا تتدخلي في ما لا يعنيكِ!" لم يجرحني سوى وصفُه لي بالطفله المدللة! ربما اكون كذلك، لكنني جاهدةً كونتُ شخصيتي كي لا اوصف بهذا اللقب منذ الطفوله! درست وتحديت وتطورت! لم أحتج لأحد من والدي كي يُساعدني! لأنني لا أريدُ أن أكون آكاني المدللة التي تحظى بكُل ما تشتهيه لأنها أصغر أفراد عائلة ناكاموري! ذلك المتغطرس من يظنُ نفسه كي يُحدثني هكذا وهو لم يعرفني سوى البارحة أمس! نهضتُ من مكاني تاركة ناتاليا ودخلتُ للحمام. تركتُ المياه البارد تغسلُ حزني وتُطفىء نيران غضبي، مُبللةً كُل جزء من ثيابي! وأنا امنعُ نفسي من فكرة الأنتقام عبثاً! ستدفع ثمن كلامك يا فتى! ليست آكاني من تسمحُ لولدٍ متعجرف لا يُقدر المعروف أن يجرحها الا و يدفع الثمن ذلك باهظاً! في المساء، جلستُ على النافذة أنظرُ للخارج بتمعن، بدأت بتلات الأزهور بالتساقط، سأسعى جاهدة أن أدرس بجد ولن أسمح لشيء أن يُنزل درجاتي وسأكون الأولى ككُل عام، هذه الهوامش الجانبيه والمواقف المختلفه لن تُثنيني عن طموحاتي ابداً. تناولنا العشاء بهدوء لقد تأخرت أمي بعض الشيء على غير العاده، ويبدو أنها مجرد بدايه! لم تبدأ الفصول وبدأت الغيابات والتأخرات المستمره، فماذا سيحدث حين تبدأ الدروس؟ في تلك الليله نمتُ غارقه بأحلام لا تنتهي من الخطط والتفكير بإزعاج المزعج! بعد يومين، أرتديتُ ثيابي وتجهزت للذهاب، اليوم أول يومٍ دراسي.. سبقتُ ناتاليا نحو المدرسه، اتفقنا سابقاً أنهُ ليس بالضرورة أن ننتظر البعض للذهاب أو العودة للبيت! الشوارع مليئة بالطلاب منهم من يشاركني الزي ومنهم لا... وأنا أمر بجانب مبنى زجاجي وقفتُ أتأمل مظهري بسعاده! أخيراً أنا آكاني ناكاموري أرتدي زي مدرستي المفضله! تابعت طريقي نحو المدرسه وأنا التقي ببضع وجوه مألوفه من مدرستي السابقه! سحبتني أحدى الفتيات قائله:" الطريق من هنا أقرب يا آكاني!" نظرت لحيث تشير، طريقٍ ضيقه بعض الشيء! ذهبت معهن! يبدو أن طلابً كُثر يمشون من هنا! حتى أن الطريق مزدحم! أوراق الأشجار التي تُزين طَرَفَي الطريق تتساقط بهدوء ولكن صوتُ رنين جرسٍ حاد أفسد هدوء الجو! تنحت صديقاتي عن الطريق وبقيت مكاني أنظر نحو هذا المزعج! لم أشأ الخساره فلم أتنحى جانباً كصديقاتي الأخريات! نظر نحوي بتحدي قائلاً: "أبتعدي عن الطريق يا فتاة!" ثار غضبي:" لن أفعل! ولي أسمٌ تعرفه يا فتى!" توقف وكاد يصدمني بالفعل! ونظراتهُ لا تُبشر بخير! يبدو أني أفلحت في أستفزازه:" لن أبتعد قبل أن تعتذر مني أيها الفاشل!" قلت ذلك وأنا أشير له بأستصغار تعالت أصوات أستغراب صديقاتي من الموقف وهن ينظرن لنا! أعطيتهُ جانبي وكتفت يداي قائله: "أطرب مسمعي!" وفي لحظة غفلة مني مر من خلفي وأنا أعطيه جانبي! سمعته يقول هامساً وهو يعبرُ من خلفي: "طفلة مزعجه!" أغاظني ما قاله فبدأت بالركض خلفه غاضبه وأنا أنادي عليه ليتوقف ويسحب ما قاله والجميع يقفون جانباً وينظرون لنا، تحديداً لي! قال جوان وهو يضحك عالياً "حتى الجرس لم ينفعني كما نفعني صوتكِ العالي! أحيانا يكون هنالك نفعٌ من الصغيرات المزعجات!" صرخت قائله:" سحقا لك! يالك من سخيف... توقف عندك!" للحظه انتبهت لموقفي! ولكم كُنتُ غبيه بالركض خلفه وهو يقود دراجته ويضحك علي! لكنني استمريت بالركض ليس خلفه! بل حرجاً من الآخرين حتى أني تجاوزت الأبله بمسافه! إلى أن ابتعدت قليلًا فتابعت المشي بهدوء الى أن وصلت... أخرجت جدولي من حقيبتي وتوجهت نحو صفي وأنا ادعو من كل قلبي أن تكون احد صديقاتي معي.. دخلت من الباب الخلفي للصف وبعض الفتيات كُنَّ يقفن جانباً وينظرن نحو الأمام بشيء من التوتر والقلق ففهمت ما يحدث الحمقى الأربعة معي في الصف هذه السنة المُزعج في الأمر أنهم صاخبون وهذا مزعج.. جلست في مقعدي غير آبهة للجلبة.. انقضت نصف الفترة الأولى ونحن ننتظر الأستاذ.. تعرفت للفتاتين اللتين تجلسان بجانبي وأمامي وكُنَّ حقاً ظريفات ياناغي-كيوكو وناغيسا-آزوسا.. ارتفع صوت الأشقياء الأربعة ثانياً فنهضت أحدى الفتيات غاضبه عليهم! لكن كما أرى الأستجابة عند هؤلاء الصبية شبه معدوم! كان من الأفضل يجب أن يفصلوهُم عن بعض! أشار أحدهم نحوي! لحظة لما يشير الي؟ توجه نحوي فتبعه الآخرين، بحق السماء لما يتجهون نحوي؟ نهضت من مكاني حين وصلوا الي فتخطوني ! ووقفوا خلفي التفت الى الخلف فلم أتمنى الأختفاء سابقا كما الآن: "سحقاً ما الذي تفعله هنا يا فتى؟" كان يجلس وهو يمد قدميه على مكتبه ويتكئ على يديه للخلف ويبدو مُنزعجاً! اقترب احدهم ليقول وهو يضع يده على رأسي: "أتعرف هذه الصغيرة يا جوان؟" ماذا بهم هؤلاء الفتيان لما يستمرون بمناداتي هكذا؟ استجمعت نفسي وهتفت قائلة: "انا لست صغيرة أيها المتبجح الـ..." لم أكمل فقط سحبني جوان نحوه وكبل فمي بيديه قائلاً: " أجل توشيبارا...هذه الصغيرة قريبتي من بعيد!" نظر نحوي وقال:" لحظة لو سمحتم!" ثم سحبني لخارج الصف بسرعة! وقفنا في منتصف السلالم حين أبعدتهُ عني وأنا فعلاً غاضبة أكثر من السابق بكثير.. نظر لي بنظرات بارده غير آبه لما أشعر به.. ولم يزدني ذلك سوى غيظاً منه.... * ناتالي* كما توقعت نحن لم ننفصل عن زملائنا من العام السابق! في نهاية الأمر نحن طلاب السنة الأخيرة.. كانت ياجيما غير حاضرة! لا ألومها فاليوم الأول دائماً يكون ذا أهمية معدومة وهذه الغيابات اتوقع الكثير منها في الأيام المقبلة! قام الأستاد اللغة هيراسوكي بتدوين عدة فرق وطلب منا اختيار ممثلي الفصل الذكر والأنثى وقد رفعت زميلتي نيون يدها قائلة: "أنا أرشح ناكاموري!" ترشيحها لي ليس بالغريب أبداً! فقد كنت كذلك في السنة الأولى والثانية! لكن أعتقد أني نلت كفايتي من هذا الدور خلال السنتين السابقتين! نهضت مبتسمه:" أنا أعتقد أنكي ستبرعين بذلك أكثر نيون!" وجهت نظري للأستاد قائله: "أعتذر عن الدور هذه السنة سينسي! لدي التزامات كثيره في النادي الرياضي وكذلك لدي نشاطات بعد المدرسة!" قال أحد الزملاء:" أتعنين أنكِ لن تترشحي للجنة الطلاب من صفنا أيضا؟" نهض زميلٌ آخر:" لأننا السنة الأخيرة لن يكون لنا دور في لجنة الطلاب هذه السنة!" ثم تابعوا النقاش الى أن انتهى الأمر بأختيار ممثلي الصف وفرقة النشاطات بغير تورطي بها! رن جرس معلناً نهاية الحصة فخرجت لأرى كيف أبلت آكاني! كان هنالك أربعة فتية يقفون عند باب الصف الخلفي ومن منظرهم فهمت أنهم طائشون غير ناضجين يثيرون الجلبة خلفهم! نظروا نحوي مذهولين طلبت أن يتنحو جانباً ففعلوا وهم يقولون:" حاضر سينباي!" لم تكن آكاني في الصف فوجهت نظري لهم مجدداً وأنا أسأل:" أليست ناكاموري-آكاني في الصف 1-3 يا فتيان؟" قالت فتاة منبهره من خلفي: "مستحيل أيعقل أن سينباي شقيقة آكاني-تشان؟ لقد ذهبت مع قريبها جوان-كن لغرفة الأساتذه مع سينسي!" ماذا بهذه السرعة! لا آكاني حقاً سريعة! لحظة هل قالت جوان! أهو في الصف معها؟ أكيد تشاجرا أو شيء من هذا القبيل!:" عفواً هل تقصدين بجوان، توشيري-جوان؟" أومئت برأسها مبتسمه:" هو نفسه سينباي!" شكرتها متجهة نحو قاعة الأساتذه بسرعة تاركه خلفي نظرات لم انتبه لها! وقفت بجانب قاعة الأساتذه حين خرجا منها! انهما لا يبدوان لي كمن تم تنبيههما البته! ماذا بحق الله يجري هنا! لمحتني أختي واتجهت نحوي مسروره!:"أتعرفين ماذا فعلت اليوم؟" لم تنتظر الأجابة بل وتابعت بحماس:" لقد أخذت دور ممثلة الصف لصفي! ولكن لم يفسد الأمر سوى ان الغبي الذي خلفي قد رشح نفسه أيضاً! أرجوكي أطلبي منه أن يدعني وشأني... لا أريد ان يربطني به أي شيء بعد الآن" مهلاً هذا كلُ ما في الأمر! كُنتُ قلقةً من لا شيء كان جوان يبدو بارداً جداً: "ابذل جهدك جوان، تستطيع فعلها" ورفعت له اشارة النصر مبتسمة! توالت الأيام علينا كنسمة صيف، إنه المهرجان الثقافي بالفعل! آخر مهرجان لي في حياتي! هذا اليوم كان ليكون أجمل لو كانت ياجيما معنا! غياباتها الكثيرة وعدم مشاركتها في الحصص والنشاطات، يجعلني أفتقدها أكثر! مع أني اذهب لمشاركتها بمُلخص الدروس كل يوم ! لم يأتي جوان للمدرسة اليوم كان ذلك غريباً فهو قلما يغيب! مع ذلك استمتعنا بالمهرجان كثيراً! وفي المساء تجمع الطلاب حول نار وهم يرفهون عن أنفسهم وينتظرون اطلاق الألعاب لنارية... جلست وحدي في الصف أتذكر... كنت أقف على السطح استرخي قبل الأختبار، والجو كان غائمًا وينذر بعاصفة والرياح تمردت على شعري القصير... -:" ناتاليا-تشان هل ستنزلين لمشاهدة الألعاب من الخارج؟" نظرت نحوها قائلة:" سألحق بكم بعد قليل يابنات!" "كما تشائين!" قالت ذلك مغادرة الصف تاركةً اياي في فوضى! كانت الرياح تشتدُ أكثر وأكثر، استجمعت نفسي عائدةً للصف التفتُ خلفي فصدمتُ بالواقف فوق! ولشدة فوضى الرياح بالكاد عرفته! قلتُ لهُ مستغربه:" كيف صعدت للأعلى تاكامورا-سان؟" -: " كيف عرفتني بهذه السهولة؟" قال ذلك وعيناه مستغربتان على أوسعها! ماذا أجيب؟ لم أنسَ تلك العيون الحادة وسببت لي الأرق مند رأيتها أول مرة؟ ماذا سيظن بي؟ كيف أجيب يا الهي؟ شعرت بفجوة التي كبرت بعامل الزمن في قلبي، كما لو أني أحاول الأقتراب من نجمة في فضاء! في الواقع، لا يربطني به سوى أوهام... ليتني أجد ما اقولهُ الآن! فكرت كثيراً ولم أجد ما يكسر هذا الصمت وهذه الرياح تعبث الفوضى الكثر! جلس بشكل قريب! وكان ينظر للأسفل قلقاً! نظرت هناك فظهر المدرب ياماموري قائلاً:" ماذا تفعلين هنا ناكاموري؟ الجو عاصف والوقوف فوق السطح خطير!" نظرت للأعلى كان تاكامورا قد اختفى! أقول ذلك حرفياً اختفي بالفعل! نظر المدرب لحيث أحملق مستقربة: "ماذا هنالك ناكاموري؟" أختفى.. أختفى تاكامورا! أول تواصل كلامي معه انتهى وهو ينتظر اجابتي الغبية! لمَ أشعر برغبة بالبكاء الآن؟ انه فقد أختفى! أنزلتُ رأسي وأنا نادمة لأنني لم أقل شيءٍ! لليوم أتسائل، ماالذي كان يجب أن أقوله! "لاشيء! انه فقد لا شيء.." أتسائل ماذا كان يفعل على سطح المدرسة في ذلك اليوم؟ كيف قابلته وما هذه المصادفة التي جمعتني به؟ انصرم على ذلك أربعة أيام! أذهب للسطح في كل فرصة علي أقابله مرة ثانية ولو لثانية! مع أني لا أعلم ماذا أقول اذا حدث وقابلته! لكن أريدُ رؤيته.... عدت للبيت منهكة تماماً! استمتعت بالمهرجان كثيراً حتى أني القيت القبض على أختي والتقطنا معاً صورة للذكرى! أخرجت الصورة من حقيبتي ووضعتها في ألبوم ذكرياتي الخاصة مع صورة أخرى التقطناها في الصف مع جميع زملائي! بعد كل شيء انها آخر سنة لي بالثانوية، سأقدر لحظاتها الثمينة لحظة بلحظه! استيقظتُ متأخرة قبل الظهيرة وأنا أشعر بالكسل ولا أرغب بالنهوض من سريري! اقتحمت آكاني قرفتي بعد فترة وكانت هلعةً جداً! أخافني منظرها! سألتها "ماذا بكي؟" فأجابتني:" صباح الأمس! السيده، السيدة جيمين!" نهضت مستقربة! والدة ياجيما؟ ماذا بها؟ تابعت ودموعها تتسابق "لقد ..." لكنها لم تستطع المتابعة! هي فقط تابعت البكاء بحرقة.... ياجيما؟ كيف سيكون حالها الآن! " يتبع " |
|
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
ليلة القدر خير من الف شهر | ألكساندرا | دين الرحمة | 5 | 04-05-2022 02:22 PM |
⋆ ألماسي : الأحمر هو لون القدر| Akagami no sherayuki-hime | ASAWER | صور الأنمي | 9 | 05-11-2020 08:03 AM |