الفصل الخامس:
"الشهوة"
مُنذ ذلك اليوم دخل ايميتو حياة کيتي، مستغلاً کونها ابنته القاضي لبناء سمعة نظيفة بين التجار،
ولم يروي کُل هذا المال جشع هذا المخلوق، بل وقد استغل جميع من يرتبطُ اسمهُم بکيتي من أجل مصالحهُ الشخصية!
هنا و الآن و في الوقت الراهن يقف القاضي بعد أن اکتشف کل هذه الحقيقة أمام مارثا التي شارکت ايميتو
کُل خططهِ الوضيعة وهو ينظُر نحوها نظرةً لا تسرُ الخاطر!
رفعت کاغوري هاتفها المحمول واتصلت بکيث مرة وايميوي مرةً أخرى ولکن لم يرُد أي واحدٍ منهما! ترکته من يدها بغضب
واتجهت إلى المطبخ ورتبت فوضى العشاء ثُم خرجت بعد أن أطفأت الأضواء وکان والدها قد ذهب لغرفته،
نظرت من عتبة الباب إليه کان يبدو هادئًا ويقرأ في کتابه بهدوء، قالت له من مکانها بقلق...
-:" ماذا حدث معهُما يا أبي؟ ولما لا يُجيبان علي اتصالاتي؟"
رفع والدها بنظره وقال بصوتٍ هادئ:" لا تقلقي صغيرتي إنهما بخير! اذهبي لغُرفتك واخلدي للنوم."
غادرت باستسلام بعد أن مَست على والدها بصوتٍ مُنخفض! دخلت غرفتها وجلست علي سريرها
تُحاول الاتصال مراراً وتکرارًا... ثم استسلمت وترکت هاتفُها......
مع ذلك لم تتوقف عن التفکير بتصرف کيث المريب وتجاهلهما اتصالاتها...
" عندما تعودان أو أعرف مکانکُما، سآتي وأجرکُما من أذُنيکُما کي لا تتجاهلا اتصالاتي ثانيةً! أيها الأبلهان عديما النفع!
حسناً أتوقع هذا التصرف من أخي ولکن لما أنت يا کيث؟"
هي لم تقصد ذلك إنما تشعُرُ بغيظ لا أكثر! نفضت أفکارها ونهضت من مکانها جلست أمام شاشة حاسبها وبدأت تعمل به...
في المشفى حيث کيث و ايميوي بعد ذهاب ايکوکو... بقي الأثنان مکانهُما ينتظران استيقاظ کيتي، کان المصل
علي وشک الإنتهاء حين ما بدأت کيتي تستعيد وعيها تدريجياً، اقترب کلاهُما وهما مسرورين بذلك، وما إن استعادت وعيها
وأدرکت موقفها ومکانها، حتى ضمت کيث بکلا يديها بقوة! کان ايميوي مصدوما کما کيث، إلى أن قالت کيتي بحزنٍ شديد
-:" لا تترکني وحدي ثانية يا کيث، أنا لم أفعلها صدقني.. صحيحٌ أني أمقتٌ ايميتو، لکنني لم أفعلها!"
لحظات قطعت سکون أمواج الحياة ! کان ايميوي الأکثر فوضى بين الآخرين، لم يعد يفهم شيءٍ من تصرفاتها البته
لو کان غيرها لکان الآن قد حقد أو کره کيث لفعلته المُتسرعة لکن کيتي... کيتي مختلفة، ببساطه کيتي
منبعٍ لا ينتهي من السماح والعطاء.. أيعقل أن يکون هنالك شخص مثلها ؟
حدث لحظتها أن تلقى کيث اتصال من المرکز، اتصال في وقت غير مناسب وطبعاً لا مفر من تجاهلهُ الآن کان مارو هو المتصل!
وبعد أن قُطع الاتصال، استأذن کيث ذاهباً وطلب من ايميوي أن يبقي مع کيتي، ريثما يأذن لها الطبيب بالمُغادرة...
وثُم تفقد اتصالات الواردة وأعاد الاتصال بکاغوري وهو يُغادر...
بعد أن قطع الاتصال التفت مارو نحو السيد نوراکي:" المحقق نوراکي في الطريق سيدي .."
قال ذلك وهو يؤدي التحية العسکرية بثبات، رفع القاضي رأسهُ قائلاً باستفسار:" أين ملف القضيه؟ ولما لا أجدهُ هنا؟"
بعد أن أنهى کيث حديثهُ مع کاغوري في أثناء القيادة تابع طريقهُ إلى أن وصل للمرکز ودخل لمکتبه
مواجهاً والدهُ بابتسامة طفيفة قائلاً:" أهلاً بعودتك يا أبي.."
رفع القاضي رأسهُ قائلاً:" شکراً بُني، لکن أين ملفٌ قضية مقتل أيميتو؟ أنا لا أجدهٌ في أي مکان!"
دخل في صُلب الموضوع بسُرعه خلف ذلك التوتر في نفس کيث.. ابتلع کيث ريقهُ وقال وهو مُغمض العينين
-:" لم تعُد قضيتي! سلمتُ ملفها للمحققة ايکوکو، ولکنني لازلتُ أتابع مُجرياتها.."
تنهد القاضي قائلاً ببسمه:" خيراً ما فعلت حين سلمت القضية لها!"
صُدم کيث لذلك وفتح عينيه مواجهاً عينا والدهُ الزرقاوتان بعد أن استوى أمامهُ ليتابع كلامهُ
وهو يربت على كتف كيث:" عندما تجد نفسك في قضيةٍ تتعلق بفرد من العائلة، خيرٌ لك وللعدالة أن تتركُها لغيرك!
ثق بي يا بُني... هذا ما فعلتهُ أنا في الماضي! "
في المشفى بعد ذهاب كيث بفتره، كان كيتي وايميوي يتسامران بوجوه بعضهُما إلى أن جاءت المُمرضة وفحصت ضغط كيتي
وانتزعت كيس المصل بعد أن انتهى وخرجت لدى انتهاء عملها.. قُطع هدوء الغرفة حين قال ايميوي بسعادة
-:" كُنتُ واثقاً من أنك بريئة!"
رفعت كيتي رأسها لتواجه الأخر مُستغربة:" ومن أين أتتكَ تلك الثقة؟"
أعاد رأسه للخلف قائلاَ:" في ذلك اليوم.. خرجتي من منزلك مرتبكة وخائفة، وكانت بقع الدم تُغطي قدميك،
لكني كُنتُ واثقاَ أنك لم تفعليها! أتعلمين... أنا أعلمُ کُل شيء! كُل شيء.."
أعاد بنظرهُ إلى كيتي ليُقابل الصدمةُ التي تعتلي ملامحُها، نهض من مكانه قائلاً وهو يقترب إلى أن جلس مقابلها
-:" لكنني لستُ من يصدقُ كل ما يراه وحسب!"
كان ايميوي قد جلس أمام كيتي وتابع كلامهُ وهو ينظرُ في عينيها بعد أن تلامست جبهتاهُما
-:" خطأكِ الحقيقي هو أنك لم تُعلمي الشرطة في ذلك الوقت! أليس كذلك؟ أليس هذا ما تُخفينهُ وتخشينهُ يا كيتي؟"
أغمضت كيتي عيناها و هي تبكي بهدوء والبسمة تُزيينُ ملامحُها التعبة ...
في المركز بعد أن أعلمَ القاضي كيث عن ما كشفهُ في أثناء رحلتهُ خلف آثارُ ايميتو.. كانت الصدمةُ موقفهُ وهو يتنقل
بين المستندات التي تخضع بين يديه أخذ القاضي الملفات من بين يديه قائلاً:" دعك من هذا الآن، ودعنا نذهبُ للبيت ...
ألا يكفي أني لا أعلمُ ما ستكونُ مواقفُ كيتي حيال هذه الحقائق!"
تردد كيث لكنهُ تشجع قائلاً بجديه:" هُنالك ما ينبغي أن تعلمهُ يا أبي!"
فروى لهُ كُل ما حدث كما حدث... وكان ردهُ كالآتي:" تسرعت كثيراً يا بُني..
أنا لن أقول أو أفعل أي شيء هذه المرة، دبر نفسك يا ولد فغضب كيتي كلهيب جهنم!"
ثُم ضربهُ على ظهره وضحك عالياً وكان كيث يُفكر مع نفسه
-:" إنهُم جميعاً يبحثون عن خلاصهم ويتركوني في مقدمة المدفع حفاظاً على سلامتهم.."
نظر نحو والدهُ بملل ليُكمل في نفسه:"حتى هو!"
عند كيتي بعد أن سمح لها الطبيبُ بمُغادرة المشفى، خرجا معاً وقد أصر ايميوي أن تُرافقه بشدة.. لكن كيتي رفضت ذلك
وبنفس الإصرار، فاعترض قائلاً:" أتُعاقبين نفسك بالبقاء في بيتك؟ هذا لا يجوز.."
كان ايميوي مُدركٌ تماماً لموقفه.. هو لن يسمح لها بالبقاء في البيت الذي شهد موت ايميتو.. لكن كيتي وفي قرارة نفسها
تُحاول إقناع نفسها، أن هذا ذنبها ويجب أن تدفع الثمن... ذهابُها بعيداً وعدم فعل شيء لزوجها يُعذبُ فؤادها المكسور..
هي حتى لم تكُن قد تأكدت إذا ما كان حيٌ أم ميت! ربما كان من الممكن أن تُساعدهُ أو ما شابه ذلك...
ومن جهةٌ أُخرى ايميوي الذي باتت تُدركُ بأنهُ يتستر عليها.. ترى هل تستحقُ أن يحميها؟ ايميوي من جهة وايكيجي من جهةٍ أخرى..
بات هُنالك شخصان يُحاولان أن يُساعدانها، المساعدة التي لم تُدرك إذا كانت تستحقُها أم لا.. تعمقت في هذا الواقف أمامها
هي حتى لا تُدركُ سبب تصرفاته، هل هو راضٍ بما يفعل لها؟ وما دافعهُ من كل ما يفعلهُ يا تُرى؟
هل أنت مقتنع بما تفعله يا ايميوي؟!
جالت بأفكارها بحثًا عن إجابات، ولم تجد نفسها إلا وقد وصلت لبيت عائلة ايتاكورا الدافئة.. اتجهت كيتي لغرفة كاغوري،
لقد اعتادت على مُشاركة الغُرفة معها كُلما أتت إلى هُنا.. وسلمت نفسها للنوم آمله أن يُريح بالها ويُصفي ذهنها..
وفي صباح اليوم التالي، استيقظت كاغوري وهي مُستغربة من تواجد كيتي بجوارها.. لطالما كانتا تتحدثان في كُل شيء..
لكن هذه المرة كيتي بعيدةٌ كُل البُعد عن البوح بأي شيء ليس لأنها خائفة، بل لأنها تائهة بين الماضي والحاضر..
توالت الأيامُ على كيتي كنسمة شتاءٍ باردة.. وقد كانت تُحاولُ أن تُشغل نفسها مع كاغوري..
وكاغوري تستغل قُربها من كيتي لمساعدةُ كيث على إعادة الرابط الذي حسدهُ الجميع مُنذُ صغرهما...
لم تكُن مُنزعجة أو غاضبة من شقيقها كما اعتقد الجميع، إنما كانت خجلة من نفسها...
عصر أحد الأيام جاء هيكيجي لبيت المفتش ايتاكورا كان مُتردداً من ذلك قبل الآن، استقبلتهُ كاغوري عند الباب
وطلبت منهُ الدخول والإنتظار.. لم يكُن هيكيجي يحظى بحُب هذه لفتاة، تكرههُ بلا سبب! وكُلما سألها كيث عن السبب،
تُجيبهُ نفس الإجابه:" أكرههُ وحسب، يُثيرُ في البُغض والكُره كلما رأيتهُ حتى لو من بعيد!!"
إجابةٌ كررتها على مسمع كٌلٍ من كيث وكيتي كثيراً وكانا يضحكان عليها ويسخران من إجابتها، كيف لك أن تكرهي شخصًا
لاتعرفين عنه سوى اسمه؟ تعرُف عائلة نوراكي وايتاكورا على هيكيجي كان عبر ايميتو في حفلة زفاف كيتي..
مُحاولة هيكيجي في مُحادثة كيتي باءت بالفشل ورفضت مُقابلتهُ، في المرة الأولى وصل للمشفى بعد خروجها منه،
ولاحقاً حين عرف بتواجدُها هُنا امتنع عن مقابلتها بعد أن قابل ايميوي وطردهُ مانعاً إياه عن رؤية كيتي!
واليوم أدرك حقيقة أن كيتي ترفضُ مقابلتهُ من تلقاء نفسها وليس لأن ايميوي يُشكلُ حاجزاً أمامه، خرج من هُنالك
وكاغوري تودعهُ بابتسامه، دخلت بعد أن حرك سيارةٌ وأغلقت الباب ثم تنفست الصُعداء قائل بفرحةٍ بارزة
-:" تستحقُها أيُها الطُفيليُ المُتعجرف."
في اليوم التالي، اجتمع الجميع لتناول العشاء وكانت كاغوري سعيدةٌ لحضور كيث ووالدهُ أيضاً، كان القاضي يسألُ
عن أحوال ابنتهُ من كاغوري دائماً واليوم بعد أن لاحظت هدوء كيتي قررت دعوت كيث ووالدهُ، كاغوري هي الرابط القوي
الذي يجتمعُ هاتان العائلتان ليس لأنها خطيبةُ كيث وحسب، بل لأنها تحرصُ على سلام العائلتين طوال الوقت،
مع أنها الأصغر بينهُم جميعاً!
حديثُ كيتي مع والدها أثار أمواجُ تفكيرها مُجدداً.. فبعد العشاء كانت كيتي تجلس على النافذة وتُسندُ رأسها
على زُجاجها تنظرُ للقمر بشُرود.. تقدم نحوها وقال وهو يضمها لصدره:" لما القمرُ شاردٌ اليوم!؟"
أجابتهُ بنبره تائهة:" لأن ظلهُ ضائع!"
-:" هل بحثتي في البحر و المحيط فقط؟"
نظرت باستغراب، واضحٌ أنها لم تفهم فتابع وهو مُغمض العينين:" لن تجدي ضلهُ لأنكي لم تبحثي جيداً،
فحتى البركة الصغيرة تعكسُ جمال القمر بتواضُع!"
معهُ حق، هي لا تنظرُ للأمور إلا من منظورٍ هش.. ضمتهُ بقوه وهي جالسة في مكانها على النافذة، فكرت في نفسها بدقة،
ووصلت لنتيجةٍ واحدة لا غير:" كيف أعميتُ و ذبُل بصري عن رؤية حُبك لي يا أبي؟ أيُعقلُ أن تُبعدُني السنوات الثلاث،
التي عشتُها في بيت زوجي، عنك كُل هذه المسافة؟"
رفعت بعينيها تُحملقُ حول عينيه، عانقت عيناهُ بابتسامة.. فقالت لهُ بصوت مسموع وهي تلعب بذقنه
-:" لم أعد أريدُ الابتعاد عنك يا أبي، فلا تُبعدني عنك.."
ابتسم لها:" ألم تكبُري ولو قليلاً؟ لا تزالين تُفكرين كالأطفال، من قال لكي أني أبعدُتك عني يا صغيرتي؟
إنما أنا أحملُ مسؤوليةٍ أكبر من عائلتي، إنهـ.."
قاطعتهُ وهي تُقطبُ حاجبيها بحزم:" إنها مسؤوليه بعيدةٌ عن الأنانية، لا تضعُ حياة شخصٌ واحد في خطر، بل المجتمعُ
الذي تتمحورُ نتاج القرارات البناءة والمستهترة عليه، إنها ليست عائلة صغيرة... بالعائلة كبيرة يجمعها القانون ويُحافظ عليها."
ابتسم لها راضياً، ثُم قال وهو يُخلخلُ أصابعه بين خُصلات شعرها البُني:" يبدو لي أنك حفظتي درسك جيداً، هذه هي أميرتي الصغيرة..."
أجابتهُ بصوتٌ طفولي:" ليست إلا مسألة وقت، فأنا أعلمُ أن كاغوري هي أميرتُك الصغيرة.."
" هذا صحيح!" قال ذلك مستفزاً فنظرت لهُ بغيض ليُكمل:" لأنكي أميرتي الكبيرة!"
اقترب كيث قائلاً:" عما تتحدثان؟ هل يعنيني بشيء؟"
نظرا إليه وقالا معاً وهُما يبتسمان بخُبث:" أجل كُنا نتكلم عنك!"
ثم تابعت كيتي وحدها:" كُنا نُناقش مسألة زواجك يا بطل"
استدار كيث خلفهُ ونظر لكاغوري وهي تُقدم الشاي ،لاحظت ذلك فابتسمت لهُ تلك الابتسامة التي تعكسُ ضوء القمر في ليلةُ بدر..
أعاد نظرهُ مُحرجاً ثُم قال بملل:" لا داعي لتفكيرُكُم الزائد بي يا جماعة.."
عاتبتهُ كيتي بجدية:" جدياً لما تؤجل ذلك؟ المفروض أن يُقام الزفاف في الشهر المُقبل، تقريباً وحسب تقديري
بقي أربعون يوماً أو رُبما أقل.."
ثم تابع القاضي بنبرةٍ آمره:" إياك والظن أننا سنؤجل هذا الزفاف للمرة الثانية، في العام الماضي أخذت بعين الأعتبار
حُجة، بأنك تُريدُها أن تُنهي دراستها.. حسناً حدث، ماذا الآن؟"
أجاب كيث بصوتٍ مُنخفض بالكاد يُسمع:" الوقتُ ليس مُناسباً!"
ثُم بدأ يُحركُ عينيه يميناً ويساراً ثُم إلى الأسفل وبعدها نظر في عيني كيتي وتشابكت نظراتهُما تتحدّثان سراً..
هكذا كان الأمر إذاً! وأخيراً فهمت كيتي واتضحت الصورة، يعتقد كيث أن الوقت ليس مُناسباً بسبب موت زوجها،
لم يمُر على موته إلا سبعة أشهُر، فكرت كيتي قائلة لنفسها:" أنت حقاً شخصٌ عظيمٌ يا أخي.. لكن.. لكن ايميتو لايستحقُ ذلك."
ثُم قالت بحدة وبصوتٌ مسموع:" إذا كُنت تُفكرُ بذلك من أجل ايميتو، فانسى الحكاية يا أخي!"
لفت ما قالتهُ انتباه الحاضرين ليُتابعوها مُهتمين وهيّ تُتابعُ كلامها:" لا يستحقُ أن نؤجل ذلك من أجله!"
قاطع كلامها قبل أن تُزيد شيءٍ آخر:" لكنني لا أفعلُ ذلك من أجلك وحسب!"
عم الصمتُ صادماً الحاضرين.. حتى من لم يكُن يعلمُ عن ما كان الحديث، أدرك أنها مسألة الزفاف..
ترى، هل سيؤجل الزفاف ثانيةً أم لا؟
بعد تلك الليلة الحافلة وفي الصباح التالي.. جهزت كيتي نفسها للعودة لبيت والدها، كان يمُرُ بجانب الغرفة
حين قال فور إدراكِ ما تفعل:" فقط انتبهي من أن لا تُفسدي الأمور وأبقي فمُك مغلقً!"
التفتت لهُ فزعة:" هذا أنت؟ ماذا تقصد؟"
قال وهو ينظرُ حولهُ لألا يسمعهُ أحد آخر:" لقد اكتشفت الشُرطة كُل شيء عما حدث لايميتو، طبعاً عدا تواجدك في البيت
يوم المقُتل.. لذلك لا تُضيعي مستقبلك من أجل رجُل لم يستحق حُبكي له، صدقي حين أقول، أنهُ لايستحقُ السنون الثلاث
التي قدمتها من شبابك له.. اعتبريها جزائك وأغلقي الموضوع.... إنها مسألة وقت وستنسين!"
نظرت له ثُم ليدها، لايزالُ هذا الخاتم اللعين يُزينُ إصبعها بغرور.. أخرجتهُ وتأملتهُ بحُزن ثم ضغطت عليه كما لو كانت
قد تذكرت كُل ما حدث معها منذ قابلت ايميتو وحتى الآن.. ثم خبأتهُ فيّ جيبها بغضب.. غادر بعد ذلك فلحقت به مُنادية
وهيّ تقفُ بجانب الباب ويدُها عليه:" ايميوي؟ "
عاد ينظرُ خلفه مترقبًا لما تنوي قوله، طال الانتظار ومل منه، سألها ما تُريد؟ لكنها لم تُجب سوى ببسمة فرد لها ذلك
واستدار ذاهباً.. ليقف بعد عدة خطوات وقبل دخول غرفته أثر طنينُ صوتها المُمتن:" شُكراً لك"
مضت عواصف لم تعلم كيتي عنها، في أثناء انشغالها بتجميع شتات حياتها المُضطربة وإعادتها لمكانها، كان كيث وايكوكو
مُنشغلان بتجميع قطع الزُجاج من الصورة المتناثرة.. اليوم أنهى المُحققّين تجميع الصورة وباتت واضحة لهُما..
رفع كيث الملف وقدمهُ لشريكتهُ مبتسماً:" إنجازٌ مذهل ايكوكو، تهاني لك.. أرفعُ قُبعتي بتواضع لفخامتك! "
ابتسمت الأخرى بشيء من الغرور:" كُلُ ذلك بفضل الأدلة التي جمعها والدُك.. ثم لدي مُلاحظه صغيرة،
أنت لا تضعُ قبعةً يا كيث ! "
في عمق الظلام، وبين صفحاتُ الأحداث أخذ إثنان يتحدثان في عمق الأسرار..
-:" هل قتلتهُ حقاً؟"
-:" ربما!"
-:" لماذا؟"
-:" لأنني لم أستطع منع نفسي من ذلك! كُنتُ أريدُ ذلك بشدة.. لقد استحقها ذلك الخائن..."
-:" وما دخلي بذلك؟ لما ورطتني؟"
-:" لا تجعلني أجيبُك كما أجبتُ ايميتو!"
-:" وماذا تقصد يا هذا؟"
في لحظة قفله رفع القاتلُ سلاحهُ نحو الثاني ووجه رصاصةً وبكُل برود نحوه، غير آبه لزيادة نقطة سوداء أخرى في حياته
هو غارقٌ في مستنقع نتنٍ على أي حال!
يُتبع~
( لمن لم ينتبه، الشهوة في القاتل الغامض نهاية الفصل )