heart0
السلام عليكم و رحمة الله
توفيَ الطفل المغربي ريان -رحمه الله و أحسن إليه و صبّر والديه و جمعهما بهِ في الجنة- ، لا يقل
أحد الآن : يا خسارة ، ضاعت الجهود . لم تَضِع أبدًا ، كل إنسان بذل مالًا ، جهدًا ، دعاءً لنجاةِ
ريّان لوجه الله تعالى ؛ فإنّ الله لا يُضيعُ أجرَ المحسنين ، على أن يكون لوجهِ الله ، لا تغطيةً لمسؤول
على التقصير في الشأنِ العام .
نجحت الأمة في اختبار ريّان ، و لم تفشل ! كان مقدرًا عندَ اللهِ قبل أن يخلقَ ريّان ، أنّ ريان سيموت
طفلًا ، خُلقَ لتحيا ذكراهُ و يحيي معانٍ عظيمة في أُمّةِ الإسلام ، و كأنّ ريّان أدّى مهمتهُ ثمّ رحَل ،
رحلَ ريّان بعدما روى عطشًا في نفوسنا لمعانٍ جميلة ، رحل ريّان بعدما أحيا فينا معنى الأمةِ الواحدة،
و أحيا فينا تعظيم قيمة الإنسان ، و أظهرَ الخير الذي فينا لأنفسنا ، ثمّ لشعوبِ الأرض .
كبريات وسائل الإعلام العالمية تتكلمُ الآن عن ريّان ، و عن جهودِ إخراجهِ ، و اهتمام شعوبِ المسلمينَ به ،
ريّان أظهرَ أننَا كمسلمين عندما نُركزُ في موضوع فإننا نُوجهُ الإعلام بدلَ أن يوجهُ بوصلتنا حيثُ يريد،
و نصنعُ الأحداث بدلَ أن نتلقى النكبات مكتوفي الأيدي ! .
نُريدُ لريّان لا أن يكونَ نهايةً حزينة ، بل بدايةً لقصةٍ سعيدة ،نُحافِظُ فيها على هذا التواد ، و التراحم ، و التعاطف بينَ المسلمين .
تصوروا يا جماعة ،تصوروا لو أننا كمسلمين نتداعى بالحمى ، و السهر ، و الاهتمام ، و المعونة لكلِّ
محتاجٍ فينا ؛ كما تداعيْنا لريّان ، و كما تداعينا لأخواننا في الشمال السوري ، واللهِ ليرحمّنا الله حينئذٍ ، و ليكونن هذا سببًا في رفعِ الذُّل عنّا
لماذا؟
لأنّ الله تعالى قال : {إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ } [الأعراف:56] و لأنّ نبينا صلّ الله عليه وسلم قال :
الرَّاحمونَ يرحمُهُمُ الرَّحمنُ . ارحَموا من في الأرضِ يرحَمْكم من في السَّماءِ .
حافظوا على الزخمِ يا كرام ، لا تنشغلوا بحياتكم عن قضايا أمّتِكُم ، اسعوا في أرزاقكم و قوموا بأدواركم الاجتماعية
آباء و أمهات و أبناء ، و في القوتِ ذاتهِ قلوبكم مع أمّتِكُم أُسرتِكُم الكبيرة ، فالاهتمام في الأُمّة ليسَ حزنًا
ليسَ نَكدًا ، بل حياةٌ لقلوبنا ، و يعطي معنًى جميلًا لحياتنا .. كما رأينا في قصةِ ريّان .
هذه الخيريّة التي كشفها ريّان في نفوسنا أظهروها لإخوانكم المحتاجين بين أظهُرِكُم ، تفقدوهُم،
أعفّوهُم ، أَظهروا لإخوانكم اللذينَ سُحِبَ منهم أطفالهم في الغرب هذهِ الخَيريّة ، أحيوا قضيتهم
و أحرجوا المؤسسات الغربية التي بدأت تتخبّص ، و تنفعل من تسليط ضوء على جريمةِ سحب أطفال المسلمين
انشروا تحت وسم #أقفوا_خطفَ_أطفالنا ، هذه الرحمة التي كشفها ريّان أظهروها لأسرى المسلمين
أحيوا ذِكراهُم ، طالبوا بِهِم ، انشروا علومُ الدعاةِ منهم ، تفقدوا عوائلهم ، أظهروا هذهِ الخيريّة
لابنِ درعا ، الطفل محمد ، التي اختطفَتهُ عصابة مجرمة تُعذّبهُ لمساومةِ أهله على المال
اكشفوا حال من يستبيح أهلَ السنّةِ في بلادَ الشّام ، و النظامَ الدولي الذي يرعى التنكيل بهم
أحرجوا بقصة محمد و كثيرين غيرهِ مثلِهِ ، أحرجوا من يتواطؤون مع المتآمرين على أهل السنّة .
أعدائنا يعولون على مللنا و قصورِنا ، لكنّ أحداثًا كأحداث غَزّة ، ثمّ الشمال السوري ،
ثمّ ريّان ، تحيينا من جديد ، حافظوا على الزخم و اعلموا أنّ اللهَ يبتلينا بهذهِ الأحداث
ليرى أيُّنا أحسنُ عملًا .
ريّان رحلَ إلى جوارِ ربٍّ رحيمٍ كريم ، فاطمئنّوا يا والدي ريّان ، و يبقى الدور علينا أن نحييَ بذكراهُ
و الخيرية التي في قلوبنا ، و السلام عليكم و رحمة الله .