عرف البشر عن القلب منذ القديم، على الرغم من عدم فهم وظيفته أو تشريحه بشكل دقيق. تم النظر إلى القلب في المجتمعات الأولى بوجهة نظر دينية، فيما يعتبر الإغريق أول من وضعوا فهماً علمياً للقلب في العالم القديم. اعتبر أرسطو أن القلب هو العضو المسؤول عن صنع الدم، بينما قال أفلاطون بأن القلب هو مصدر دوران الدم ولاحظ أبقراط دوران الدم في الجسم بشكل دوري عبر القلب إلى الرئتين. أشار إيراسيستراتوس (304-250 قبل الميلاد) إلى القلب باعتباره مضخّة تسبب توسع الأوعية الدموية، ولاحظ أن الشرايين والأوردة تنبثق من القلب لتصبح أصغر وأصغر مع زيادة المسافة، على الرغم من أنه آمن بأنها مليئة بالهواء، لا الدم. كما أنه اكتشف صمامات القلب.
عرف الطبيب الإغريقي جالينوس (القرن الثاني الميلادي) بأن الأوعية الدموية تحمل الدم وميَّز بين الدم الوريدي (أحمر قاتم) والدم الشرياني (أفتح وأرق) كُلٌّ بوظيفته المختلفة. لاحظ غالين أن القلب هو أسخن الأعضاء في الجسم، واستخلص أن القلب هو العضو الذي يزود الجسم بالحرارة. وقال بأن القلب لا يضخّ الدم في الجسم، بل إن القلب بحركته يمصّ الدم خلال انبساطه ومن ثم يتحرك الدم عبر نبض الشرايين. اعتقد غالن بأن الدم الشرياني يُصنع بدءاً من الدم الوريدي عبر مروره من البطين الأيمن إلى البطين الأيسر عبر "فجوات" موجودة بين البطينين. كما أنه اعتقد بأن الهواء يمر من الرئتين عبر الشريان الرئوي للجانب الأيسر للقلب ويقوم بصنع الدم الشرياني.
بقيت هذه الأفكار سائدة قرابة الألف عام.
*العصور الوسطى :-
وُجدَ أقدم وصف للدورة الدموية والتاجية في كتاب "شرح تشريح القانون" لابن النفيس، وقد نُشر هذا الكتاب عام 1242. يقول ابن النفيس في هذا المخطوط أن الدم يمر عبر الدورة الرئوية بدلاً من الانتقال من البطين الأيمن إلى الأيسر، كما اعتقد جالينوس. تُرجم هذا العمل فيما بعد إلى اللاتينية على يد أندريه ألباجو.
في أوروبا استمر تعليم أفكار جالينوس حتى سيطرت أفكاره على المجتمع العلمي، واعتمدت آرائه كحقائق رسمية من قبل الكنيسة. طرح عالم التشريح أندرياس فيزاليوس بعض الأسئلة على فرضيات جالينوس في كتابه "بنية الجسم البشري" الذي نشره عام 1543، ولكن تم تفسير كتابه باعتباره تحدِّيَاً للسلطات، ووُجِّهت له العديد من الاتهامات. كتب ميغيل سيرفيت في كتابه "ترميم المسيحية" الذي نُشر عام 1553 أن الدم يتدفق من أحد جوانب القلب إلى الآخر عبر الرئتين.
*حديثاً :-
بدأ الانفراج في فهم كيفية تدفّق الدم عبر القلب والجم من خلال كتاب الطبيب الإنجليزي ويليام هارفي "حركة القلب" الصادر عام 1628، حيث وصف الكتاب جهاز الدوران والقوة الميكانيكية للقلب بشكل كامل، مما أدى إلى إصلاح آراء جالينوس. من خلال مؤلفات عالم الفيزيولوجيا الألماني أوتو فرانك (1865-1944) يوجد دراسات تفصيلية عن القلب. كذلك كإرنست ستارلينغ (1826-1927) عالم فيزيولوجيا إنجليزي اهتمّ بدراسة القلب. على الرغم من أن أعمال أوتو فرانك وإرنست ستارلينغ كانت إلى حدٍ كبير مستقلة عن الأخرى إلا أن جهودهما المشتركة واستنتاجاتهما المتشابهة دُعيت باسم "آلية فرانك-ستارلينغ".
على الرغم من كون ألياف بوركنجي وحزمة هيس مُكتشفة منذ بدايات القرن التاسع عشر، إلا أن دورهما في الجهاز التوصيلي للقلب ظل غير معروف حتى نشر سوناوتاوارا راسته المعنونة باسم "----" عام 1906. اكتشاف تاوارا للعقدة الأذينية البطينية دفع آرثر كيث ومارتن فلاك للبحث عن بنى مشابهة في القلب، مما أدى لاكتشافهما للعقدة الجيبية الأذينية بعد عدة أشهر. تشكّل هذه البنى الأساس التشريحي لتخطيط القلب الكهربائي، الذي اخترعه ويليام إينتهوفين، الذي حصل على جائزة نوبل في الطب والفيزيولوجيا لعام 1924.
أُجريت أول عملية زراعة قلب ناجحة عام 1967 على يد جراح جنوب إفريقي وهو<ط كريستيان برنارد في مستشفى غروت شور في كيب تاون. اعتبر هذا الحدث معلماً رئيسياً في الجراحة القلبية، حيث استحوذ ليس فقط على اهتمام الأطباء بل على اهتمام العالم بأسره. ومع ذلك، فقد كانت معدّلات البقاء على قيد الحياة لمدة طويلة في البدايات منخفضة. توفي لويس واشكانسكي، وهو أول مريض تلقى تبرعاً بالقلب، وذلك بعد 18 يوماً من إجراء العملية، بينما لم يبقى بقية المرضى على قيد الحياة لأكثر من بضعة أسابيع. تم الاعتراف بجهود الجراح الأمريكي نورمان شوموراي بجهوده لتحسين تقنيات الزراعة، بالإضافة إلى ريتشارد لور وفلاديمير ديميخوف وأدريان كانتروفيتز. بحلول مارس/آذار عام 2000 كان قد تم إجراء أكثر من 55.000 جراحة نقل قلب عبر العالم.
بحلول منتصف القرن العشرين، تفوّقت أمراض القلب على الأمراض المعدية باعتبارها سبباً رئيسياً للوفاة في الولايات المتحدة، وحالياً هي السبب الرئيسي للوفيات في جميع أنحاء العالم. منذ العام 1948، سلّطت دراسة فرامنغهام عن القلب، سلَّطت الضوء على آثار عوامل متنوعة على القلب بما في ذلك الحمية والتمارين الرياضية والأدوية الشائعة كالأسبرين. على الرغم من إدخال مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين وحصارات بيتا قد حسّنت من إدراة فشل القلب المزمن، إلا أن المرض لا يزال يُشكِّل عبئاً طبياً واجتماعياً كبيراً، حيث يموت 30 إلى 40 بالمئة خلال عام واحد من تلقِّيهم للتشخيص.
التعديل الأخير تم بواسطة JOKER. ; 02-18-2022 الساعة 12:10 PM