تدور أحداث الرّواية في أجواء غرائبيّة تخييليّة، عندما يلج " مصطفى" السّجين الأمنيّ الّذي يموت في زنزانته المعتمة، غبّ تعذيب نفسيّ وجسديّ دام عشر سنوات، باب الانعطاف الفاصل بين عالمين، عالم الحياة الدّنيا وعالم المقابر.
وفي عالمه الجديد، أي، عالم المقابر، ينشد تغييره إلى الأفضل فينير فيه الشّموع، ويقيم حفلة موسيقيّة، ويعطي حيّزا هامّا للشّعر، فيصهر العديد من نزلاء المقابر في بوتقة التّغيير والتّجديد، عندها ينفضون عن أجسادهم، ما علق بها من تراب المقابر الكالحة.
مقابل هؤلاء الّذين ينشدون الحياة في مقابرهم ، تقف مجموعة تخشى العبث بما ألفوه من عتمة، وخشية من تدنيس قداستها، يزرع أفراد هذه المجموعة الخوف في نفوس قاطني المقابر بأنّ من يجرؤ على خلخلة النّواميس الثّابتة، سيتجرّع الآلام السّرمديّة، ولتحقيق مآربهم استعانوا بشتّى الوسائل الكفيلة بوأد ما قام به" مصطفى" من تغيير من خلال الّضرب والاعتداء، وانتهاك للحرمات، وسرقة للقبور.
بين هذين القطبين، يدور الصّراع، وكانت الغلبة بداية، للمتزمّتين المتشدّدين الّذين يرهبون النّور، وتنتهي الرّواية باستعداد مصطفى ومن معه للمواجهة الكبرى.
لا شكّ أنّنا أمام رواية محكمة بامتياز، تسير في فضاءين متوازنين، لكنّهما يتقاطعان ويلتقيان في موضوعة الظّلمة والعتمة، ومن خلال سرد ما يدور في العالم الافتراضيّ التّخيليّ، نستحضر عالم الواقع المعيش الّذي تلفّه العتمة هو الآخر، لكنّها عتمة من صنع أيدينا، ألفناها وأصبحنا لا نستطيع فكاكا من أسرها، ولا يتسنّى تقويضها إلا بخطوات تعيد بداية للإنسان إنسانيّته.
"الدكتور صفا فرحات"
التعديل الأخير تم بواسطة وَتِين؛ ; 05-25-2022 الساعة 10:34 PM