أليكس
أسند جسده الضخم على تلك الشجرة ونظر بأعين تائهة نحو تلك القبور ,في خاطره هو يتمنى أن يأتي ذاك اليوم الذي سينضم لهم ... لفت نظره تلك الشابة التي تبكي بشدة على قبر ما ,أبتسم بهدوء وعاد بذكراه لبعيد ,كانت شابة عشرينية شعرها الأ بيض مليئ بالحيوية , أول مرة رأها أصابه الاندهاش
هي لم تكن تبكي أو تصرخ .. فقط كانت تبتسم إبتسامتها تلك كانت تعيد البهجة للجميع ,أحب تلك الزهور البيضاء التي كانت تحملها بيدها دائما كانت تنثرها بين القبور بإبتسامة , كان دائما يراقبها من شجرته , أعتاد على وجودها دائما حتى المغيب ثم تغادر لتعود غدا من جديد ,مرة لمحته وهي تنثر زهورها مع إبتسامتها.
أبتسمت له وتقدمت نحوه , كان مرتبكا فهو لم يعد يقترب من بشري أبدا , نسي انه بشري ؛ ربما لأنهم نبذوه , ما عاد يفكر بكونه مثلهم صدق بأنه مسخ وجهه الغريب والمخيف ويده المقطوعة , لطالما تمنى ان يكون له شعر سئم من كلمة "المسخ الأصلع "
"مرحبا .. هل انت دائما تجلس هنا "
شعر بإرتباك من إبتسامتها اللطيف ليقول بصوته المخيف
" أجل "
أبتسمت بلطف وهي تمد له زهرة بيضاء كنقاوتها
" أتسمح لي بالبقاء قليلا معك "
مد يده بتردد ليتحسس جمال الزهرة قال بإبتسامة سارحة
"انها جميلة ناعمة جدا "
اعتبرت ما قاله موافقة فجلست بقربه لتقول وهي تعانق قدميها والرياح تعبث بشعرها الابيض
"الزهور البيضاء جميلة ... دائما تجلب السعادة ... أولئك البائسون في ظلمة قبورهم يحتاجون لها لتنسيهم الخوف "
اكتفى فقط بالايماء لها وهو سارح بجمال زهرته ... وقفت بحماس لتقول بسعادة وهي تهم بالمغادرة
" إزرعها .. إن إعتنيت بها جيدا ستصبح لديك حديقة جميلة يمكنك مشاركاتها معهم "
راقبها وهي تذهب .. أعاد نظره للزهرة ليضعها برفق على الارض ويبدأ بصنع حفرة صغيرة ... توالت الايام وهو يعتني بها جيدا .. عهدها نضرة ومشرقة .. كانت بيضاء الشعر تحضر له الكثير من الزهور وأصبح يشارك بنثرها بين القبور .
نظرت له وهو يقوم بوضعها على قبر ما .. أمسكت بيده وحركت رأسها مانعة .. ليصيبه التساؤل إن اخطأ بشيئ .. أظهرت إبتسامة كبيرة تبرز معها أسنانها التي تبدو كاللؤلؤ
" عليك ان تبتسم هكذا عندما تضعها "
لم يفهم ما تقصده ولكن فعل مثلها لتبرز أسنانه المتفرقة لتضحك بلطف قائلة
"ليس هكذا ... لا يهم فقط كن سعيدا "
عاد للواقع عندما احس بألم على رأسه .. اولئك الاطفال لا يتوقفون عن ازعاجه .. وتلك الفتاة التي تبكي قد غادرت
تنهد بتعب وهو يحمل معه باقة زهور بيضاء نحو زاك القبر المضئ ... لقد كان متفردا بجماله مليئ بتلك الزهور البيضاء ويتدفق منه فرح !
ابتسم إبتسامته المضحكة التي علمته إياها وقام بوضع الزهور على القبر .
تذكر بحزن ما حدث .. إشتاق لها كثيرا .. تذكر ذاك اليوم عندما إستيقظ وهو يحمل الزهور منتظرها عند البوابة ليبدأوا سويا ... لكنها لم تأتي شهر كامل لم تأتي ... كان يقوم بنثر الزهور وحده كل يوم حتى أتى ذاك اليوم الذي أتت فيه .. أتت نائمة نومة أبدية .. كان يرى الناس يغطونها بالتراب .. تمنى لو يرى وجهها لاخر مرة .. كان يسمع همساتعم عن مرضها بالسرطان
"السرطان شيئ سيئ "
هذا ما قاله بحزن فلقد أخذ منه الشخص الوحيد الذي أحبه
تذكر بأنها لم تخبره عن اسمها ... فقط كان يناديها دائما بالفتاة البيضاء .... عندما كانت تسأله عن اسمه كان يجيبها دائما ب "أنا " ذاك الضمير اهون اليه من يأخذ اسم بشري .. كانت دائما تقول له بأنه شخص لطيف وجيد .. شعره بدموعه تتساقط على قبرها ليقوم بسرعة وهو يحاول الإبتسام .. ليقول لها قبل ان يغادر
" انا احب الزهور البيضاء ... انا احب الفتاة البيضاء "