في ملتقى اربعة طرق وقف فالاك في منتصفها يريد رصد المُطارِد اخيرًا
بعد ان تذكر ان هناك استراتيجيات كان يجب عليه اتخاذها لحماية نفسه .
والذي اختفى منذ وقتٍ مضى .
من السماءِ السوداء التي افسد سوادها بقع الغيوم الزرقاء. مصوبًا انظاره
ناحيةَ فالاك مع ابتسامة ثقة تُراهنُ عليها النجوم .
ينوي القيام بهبوطٍ اضطراريٍّ عليه نيةَ مُحاصرته ، وحصر خيارات الطفلِ في
الهروب . واثناء فعل ذلك غَفلَ عن احتمال تدخل اي طرفٍ ثالث .
جول يحدد بقعةَ الهبوط ، ثم يهبط مُسرِعًا نحو فالاك الذي كان يبحث امامه
عن الغراب الطائر والذي كان يخطط لهجومٍ من الخلف.
دائمًا ما تُقطع مثاليةَ احداثٍ كهذه .
الانسة ذات الرداء الاحمر سقطت من السماء تجاه فالاك
والذي ظنّ انها الشخص ذي يطارده فهمّ فِرارًا.
" هل جُننتِ ؟! "
صرخَ بها الريفين بعد ان تنازل عن فريسته والتقطها
قبل ان تصطدم بالارض وتكسر احد عظامها البشرية .
والاخرى كانت تفتقرُ لقدرة الاستيعاب فهي لم تتعمد عبور البوابة .
استدار فالاك للخلف ، وحين رأى الحدث من زاويةٍ اوضح وقف مشدوهًا
من هولِ جمال تناسق فستانِ الفتاة الاحمر وشعرها الاسود مع حلّة
الشاب السوداء وبؤبؤيه القانيين .
الهبوط الاضطراري و المُطاردة الحركيّة تم الغاؤهما بالكامل بعد
" شُكرًا لكِ ايتها الانسة على افساد كل شيء . "
نظرت اليه بدون تركيز ، ثم حملقت قليلًا مفزعةً اياه بفعلتها .
رفعت حاجبيها بسخرية
" الهي اولست جول ؟! "
اطلق " هاه ؟! " متتالية .
بعدها افصح عن تنهيدةٍ مُرتاحة نوعًا ما .
ظن انه فخ في البداية ؛ فظهور البشر بهذه الطريقة
مُثيرٌ للريبة خصوصًا في ديستوبيا . ولكن حين عرف انها تلك الطفلة
الجريئة قبل ما يُقارب الثمانِ سنوات ؟!
" اعتذاراتي لم استطع التعرف عليكِ جيدًا . "
كان ينظر حوله دونَ ان يُلقي لها انتباهًا .
وهو الذي ازعجها قليلًا .
" لكنني استطعتُ التعرفَ عليك . "
نبرتها الحزينة شدت كامل تركيزُه وسحبنه اليها .
انزل خُنصرَ وبُنصرَ يده اليُسرى ليشكل بها
مُسدسًا وهميّ مصوبًا اياهُ نحوها ، مُغمضًا احدى
عينيه ليتقن التصويب .
" لما تخططين ؟! "
رفعت يديها بقلق مصطنع
" لا شيء ، اُقسم ! "
" اذًا هل اصبحت حياتي رغيدة للمدى الذي تُسقط
لي فيه السماء نسوةٌ جميلات ؟ "
نظرت اليه بريبةٍ وشكّ
الى ان افزعها صراخُ فالاك من بعيد
" احذري انه ريفين ايتها المرأة البشرية ! ، انه كومة عواطف ، اهربي ! "
نظر جول ناحيته ، وما كان من القزم الا ان يرتجف بعد ان رمقه الاخر
بسخرية ، ثم سارَ له وجلس امامه .
بينما الصغير اهتزّ بالكامل وعاد خُطىً للخلفِ خوفًا
، اجفل حين رأى الريفين يقوم باخراجِ محتوىً ورقيّ من جيوبه مادًّا ايها له
" انها من الخالة كارمن ، قالت انها صفقة او شيء كهذا . "
بدا على فال التردد ، ثم تأوّه متفهمًا الوضع قليلًا ملتقطًا الاوريقات وهامًّا في
قرآءتها . ولكنه تذكر البشرية فقال مُحذرًا " عودي الى ديارك ! " ثم اخذ
بتقليبِ الصفحات تحت نظرات انتظار جول وايريس التي لم تفهم ما يحدث.
اصابها بفوضى فوق فوضاها ، الريفينز هؤلاء هم الخطوة الاخيرة للجنون الان
، بالنسبة لها على الاقل .
مقابضُ خشبٍ كبيرة تشبُّ النارُ في قِممها ، حَمَلَتُها رجالٌ شِداد . في
ملامحهم بأسٌ من نوعٍ خاص .
لِباسٌ موحدٌ يعني [ اتباع نهج واحد ] او
[ جميعًا تحت امرة احدهم ] .
كانوا يجوبون الدُجى والمعمورة في الوود .
اثاروا فوضى بين السُكان بتكرارهم لثلاثةِ اسطر
[ ابنة الدوق الكبير آلفيوس جيليس ذات الرداء الاحمر هاربة المدعوّة آيريس
، سيُعطى اي شخصٍ مبلغًا كبيرًا مُقابل تسليمها حيةً سليمة. ]
تهافت السنتورُ و الاسحارُ حولَ الجنود ، رُعاة البقر يفخرون ويسألون ان كانت
المكافأة زواجٌ بتلك المرأة .
والسّاحِراتُ يشددنَ همّة للبحث عنها بلا عناء .
واما الهيدرا الخضراء بيلوثا فتبحث عن فالاك الضائع كما لو انه ابنها .
تقدّم التمثالُ ليفتحَ باب احد المقاهي الفارِغة
تحت نظرات آيريس المذهولة ، تبًا كيف له ان يدخل الان بعد ان اغلقت جميعها ! .
عادَ مجددًا واشار لها بالدخولِ قائلًا الجملة
" من الخطر ان تبقي وحدكِ معه "
ثم زمّ شفتيه واردف " ان الارواح التي في الداخل تُحيّكِ "
الجملة التي جعلت جول يقشعرُ من الغضب . والذي نظر للمقصودة
التي تشعر بالتوتر
" هربتِ بشجاعة ، تحملي النتائج بشجاعة. "
لم يكن يَعني الموافقة على كلام فالاك ، لكنه لم يحبَّ التبريرَ يومًا .
اما بالنسبة لكلامِ فالاك وتحذيراته ليست الا مبنية على خطةِ انتقامٍ منه
لارعابها . ولانه ظنّ انها تعني شيئًا لجول بما انه " ريفين " .
لم تحفل آيريس كثيرًا بتحذيرات فالاك ، ولكن من الواضح انها متعبة وجدًا
للمدى الذي لا تستوعب او تميّز فيه الجدّ من الكذب .
" الن تدخلا ؟ "
ادار جول ظهره متمتمًا
" انهي الاوراق بسرعه اريد العودة . "
اطلق فالاك تنهيدات متذمِّرة .
" اعتقد اني سأسلم نفسي ، لستُ اهلًا
للهروب يا الهي . "
قالتها بينما كانت تتمايل من الارهاق حتى وصلت
لطاولة انتظار موضوعة قرب قارعةَ الطريق وجلست
بأسى وبشكلٍ درامي .
دخل فالاك مُتجاهلًا الاثنين بما ان لا النصائح تنفع معها
، ولا الكلام عمومًا يجدي معه .
" ظننتُكِ محبوبة والدكِ ."
رغم ان التدخل في امورٍ كهذه ليست من صفاته
الا انه اراد ان يكسرَ الصمت المُربك هذا .
ازالت يديها عن وجهها لتبتان عدة بنياتَ دموعٍ تسللت من عينيها . ارتبكَ حين رأى .
" اصبحتُ متمرِّدة . "
زادَ ارتباكه بعد ان قالت الجملة بصوتٍ مَكتوم يفضح بكاءها الذي حاولت كتمه .
" رُبيتُ بعيدًا عن والدي ؛ انتِ في نعمة . "
" انه ينصاعُ لكلامِ زوجته الثانية ، والتي لا تعيش الا لتدمرني نفسيًا . "
" بدت هالتكِ قويّة ، لقد خُدِعت . "
اجفلت باستغرابٍ وقالت بصوتٍ عالٍ
" لا دخل للقوة في الاذى التي تسببه لي ! . "
استفزّه كلامها فاجاب بنبرةٍ غاضبة
" ان كنتِ فعلًا كذلك لما اعتبرتِه اذىً "
" هل كلامك الان لانني ابكي ؟! "
" لم يكن البكاءُ ضُعفًا قط . "
" الحديثُ معك كاللاشيء ! "
لم يجيب الان .
لكن
" انسه آيريس جيليس ! "
" اوه لا "
نطقت بها هلِعةٌ تحاول ان تتداركَ الوضع وتقف بسرعه
لتستطيعَ الهروب اسرع ما يمكن .
جندٌ من الامام ، الخلف ، اليمين ، اليسار .
وساحِراتٌ من الاعلى .
" وددتُ انقاذكِ ، ولكن كما ترين .. "
غطى وجهه بقبعتهِ السوداء ، دخل المقهى وعاد بالاوراق ثم فَرَد جناحيهِ وحلّق بعيدًا .
خرج فالاك اذ ببيلوثا تنتظره ، امتطاها وحلق بعيدًا .
فصرخت
" من كذب عليّ انني وجدت فريقًا لاهرب معه ؟! "