••
العودة   منتدى وندر لاند > القصص والروايات > روايات الانمي_ روايات طويلة

روايات الانمي_ روايات طويلة لجميع أنواع الروايات " الحصرية، العالمية، المنقولة والمقتبسة"


أقلام مجتهدة|| رِوٱية رُوجِيناٌ | Ŕŏŏgïnă. بِقلم الآعضٱء

روايات الانمي_ روايات طويلة


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-12-2020, 11:05 PM   #21
lazary
https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at165286508456371.png


الصورة الرمزية lazary
lazary غير متواجد حالياً






إعادة تنزيل للفصل 19



استدرت لرالف الذي نهرني بصوتٍ خافت لا يخلوا من عتاب غضب ،،
" ماذا يحدث معك؟!..
لماذا تصدرين الضجيج الآن ؟؟..و كأنك لا تعرفين أن السيد يحب الهدوء، خاصة أن لديه الآن ضيف مهم، كيف تكونين بهذا الإهمال؟."

تجاهلت كلماته الغير منطقية لي ، وكأنني اتقبل ضيوفه يوميا و هذا الأول منذ قدومي ،،
ما يشغل بالي حاليا هو كيف أخبرهم بالذي سمعته من الفتى؟ كيف سأخبر هيكتور... لحظتها ظهر هيكتور خلف رالف بعينيه الساخطة لتأخري على تقديم الضيافة ، تقدم و وكزني من كتفي لأتألم وأتراجع للخلف وزمجر علي كالأسد قاتلاً ذلك الهدوء الذي أراده رالف ،،:لماذا دوما تكونين بهذا الغباء؟ ما الشيء التافه الذي جعلتِ الضيف ينتظر قهوته بسببه حتى الآن؟؟
حاولت لملمة كلماتي متشجعة لإخباره : سيدي لقد اتصل ابن أخيك يقول....

رأيت ظلاماً اكتسح ملامحه وجموداً بوجهه زاد ترددي و سألني ببطء حذراً مما سيسمع : ماذا قال؟
أكملت بتردد وشفقة عليه لعلمي بكذبه على نفسه بعدم أهمية أخيه و ما يجري له :قال أن أخيك في المستشفى..و حالـ..

فاجأني عودة ملامحه لطبيعتها مديراً رأسه غير مكترث لما قلت و قاطعني مستنكراً و هو يشير لما سقط من يدي منكسراً ببرود جليدي : و ماذا لو كان في المشفى ؟.. لا تقولي أنك حطمتِ الأواني لهذا السبب فقط..؟

استدار عني وأنا مصدومة من رده : حضري القهوة مرة أخرى غضون خمس دقائق ولا أريد سماع هذا الكذب مجددا.

مددت يدي نحوه و هو يرحل أحاول ردعه ، كيف له أن يظن أننا نكذب عليه بشأن أمر كهذا ...!! : هيكتور انتظر، لقد كان الفتى يبكي، لابد أنه مريض حقا ، بجدية كيف لك أن تكون بهذا البرود؟!

توقف ملتفتا لي بحدة ، و قال كلماته الثابتة و الواثقة التي انتهت بتهديد واضحٍ لي : انها تلك الأفعى زوجته تريد المال، ولا أستغرب ان تستخدم الطفل في هذا.. عودي للعمل ولا أريد تدخلا و لا فوضى .
كان مخيفاً بحيث لا كلمات بقيت تذالب الخروج، لم أستطيع مقاطعة ذهابه بالطبع وعدت لأعد القهوة لضيفه المجهول ،،
عندما خرجت من المطبخ لأذهب بالقهوة اعترضني رالف قائلا أنه سيأخذها متعللا أني ربما سوف أسقطها ثانيَةً، ولكن لسبب ما شعرت أنه لا يريدني ان أقابل الضيف...

لم أطل التفكير بهذا و توجهت لتنظيف المطبخ حيث أعددت القهوة وذهبت لغرفتي ، تلك التي لم يقم بتغييرها ذلك المتعجرف حتى الآن ، الكثير من الغرف متواجدة في هذا القصر ولكنه بخيل، دخلت السرير أطلب الراحة وصوت الفتى الباكي لم يغادرني كيف لهيكتور أن يكون بهذه القسوة؟ ولكن عذره هي تلك الساندي...تلك المرأة العفريتة ..ما زلت أشعر بغضب جامح عند تذكري ما فعلته بنا ...


*هيكتور*


في اليوم التالي
استيقظت على رنين هاتفي، لم أعرف الرقم حيث لم يكن مسجلاً بإسم أحد و لكني رفعته على أي حال: من معي؟

فكان ابن أخي جون الذي يعاتبني بكلمات استفهامية :عمي لقد اتصلت بك البارحة لماذا لم تأتي؟ ..
انتظري أمي أريد...

علمت أن صياغة الحديث تحثني على الصبر فهي من سأتناقل معها الكلمات،،
ابتعد صوت الصغير ليأتي صوت تلك الأفعى : هيكتور هل تعتبر نفسك أخا حقا؟... لقد أخبرناك بسوء حالةِ أخيك ولكن لا فائدة، لا عجب.. أنا أخبرته دوما أنك لا تحب غير نفسك ولكنه يدافع عنك كلما أردته أن..."

تتجرأ دوماً بالحديث بما تريد و تهدف ، لاحد لوقاحتها حقاً ..لم أستطع تمالك نفسي عن الرد عليها بينما ترمي حروفاً كاذبة لأجل مطامعها الشخصية : ألا تظنين انك تواقحتي في ما فيه الكفاية؟ هل حقا صدقت أنه ستنطلي علي كذبة كهذه؟

سمعتها تضحك بانطلاقة وقحة ثم قالت: عندما يأتيك خبره في التابوت لا تعظ أصابعك ندما.

أغلقتُ الهاتف في وجهها ، تضع أخي و حياته مزحة كواجهة مصرف... عكرت لي مزاجي حتى صرخت و أنا أرمي الهاتف عله يمحوا ما سمعت
" أيُّ صباح هذا؟."

نظرت للساعة، لقد تجاوزت الثامنة!!
لقد تأخرت في الاستيقاظ أيضا لأنني سهرت كثيرا مع ضيفي ، ما بال رالف لم يوقظني ؟
أو روجينا ؟
بدت كمشعوذة ما بحضورها الفوري فور ذكرها بذهني !!

حيث فُتِح الباب لتطل هي من خلفه بعد طرقه بالطبع ، و بملامح هادئة تقدمت لتقول
" صباح الخير سيدي"

رفعت رأسي لها ،و ما زلت مقتنعا بشؤم يومي ..فأي خير يأتي من صوت تلك الأفعى ..؟!
تجاهلتها و دخلت الحمام و عندما اغتسلت وخرجت لم أجدها!
لِمَ أتت إن كانت ستغادر؟؟
نزلت لأجدها تضع أطباق إفطاري ، يبدو أنها كانت ستوقظني عند مجيئها و قد تحقق ما أرادت ، نظرت للطعام الذي من الواضح كونه حسن الطعم ، ولكن لا رغبة لي و لا شهية تعينني فاكتفيت بالقهوة ...

وقفت للمغادرة إلى عملي لأسمع صوتها ينادي من خلفي
" انتظر سيدي."

أجبتها بحدة و تقطيب يبدي انوعاجي لمقاطعتها حركتي:ماذا تريدين؟؟

بدت متلبكة و هي تحرك أصابعها المتشابكة و لسانها يرتعش غير واثق من صحة ما ينطق لي
: ألن تذهب لأخيك ماتيوس؟؟

مرَّةً أخرى هذه السيرة ،، لم أخف اعتقادي أو اخفيه ، بل صارحتها بما يجب أن يسكتها : لن أذهب إنها تلك الأفعى لن أسمح لها بالاقتراب مني مجددا.

تركتها مغادراً بما أن رالف كان قد جهز السيارة،، هارباً من تدخلها الذي قد يؤثر بي واقعاً بفخ تلك الماكرة ،،

روجينا


أنظر إلى هذا البائس الميؤوس من قلبه الجامد، تبا له و لأخلاقه المتدنية ،،،
تنهدت بقلة حيلة ثم عدت للمطبخ لأكمل أعمالي و بعد مدة عاد رالف لأتوجه اليه مسرعة ، هو الوحيد الذي قد يفيد تدخله في هذا الوضع .. لن أقف مكتوفة الأيدي بينما يحتاج ماتيوس أخاه ،،
بدأت محاورتي معه بأملٍ يخالط أفكاري من اصلاح الأمر: اسمع رالف.. أنا متيقنة بأن ابن ماتيوس كان صادق في بكاءه ...ماذا لو كان في حالة خطرة، حاول إقناع هيكتور للذهاب لماتيوس أرجوك.

تنهد هو الآخر وجلس على طاولة الطعام الصغيرة التي تتوسط المطبخ طالباً بهدوء. :هلاَّ سكبت لي فنجان قهوة؟

لبيت طلبه وجلست مقابله أنتظر رده و هو بدأ يتكلَّم كما انتظرت :إن سيدي عنيد، و سبق أن وقع في فخ كهذا، بذلك الوقت اتصلت السيدة ساندي وقالت أن ابنها مريض جداً.. وظهر لاحقاً أنَّ السيدة ساندي كانت تريد المال من أجل رحلة استجمام..
" ماذا؟؟! "

هذا ما خرج من فمي بشكل عفوي لشدَّة ذهولي من مكر المرأة و جرأتها على الكذب،، على الأقل ليس على صحة الآخرين!!!

علامات التعجب ملأت رأسي بجنون ،فقلت مستغربة ومنزعجة: كيف تفكر هذه المرأة؟؟

ركز بصره على الفنجان وقال بنبرة حيادية: إن السيدة ساندي روحها متعلقة المال.

يزيد حنقي هذا الأصلع عندما يتحدث بوقار عن مثل هذه الأشخاص ، أخرجني من صوابي لأقول: لماذا تناديها بالسيدة وكأنها شخص محترم؟!..إنها المقياس الأمثل للنذالة و الخداع .

رد بجفاف ساخطاً من انفعالي ، و أجاب بلحنٍ ثابت لجوابٍ ثابتٍ لديه
" إنها من أقرباء السيد هيكتور "

أجل أجل ، نسيت هذا الشخص يحترم سيده كثيرا... أكثر من اللازم ،،
قلت بعد تنهيدة يأس : حسنا وماذا بعد؟.

حرك كتفاه بلا مبالاة: تعرفين؟..دعي السيد يفعل ما يراه مناسباً، قد يكون ذلك أفضل.
صرخت بوجهه ما أن سمعت التفاهة التي يهذي بها :وماذا لو كان مخطئ ؟ هل ستدعه يلوم نفسه لاحقا؟؟... لقد خسر هيكتور ما يكفي ، الآن فرصته ليستعيد أخوته على الأقل.

رأيت انتباهه اشتد نحوي فاستغليت ذلك ، رغم عجرفة و صلافة هيكتور لا أستطيع ترك ماتيوس وحيد في المستشفى مع تلك الساندي و إن كانت زوجته، فمن يعلم ما قد تفعله للحصول على دولارات تملأ جشعها..

" اذا كان هيكتور لا يصدق ، دعنا نحن نكتشف إن كان جون صادقاً أم أن والدته تكيد شيء للأخوين...من أجل رحلة استجمام أخرى."

ابتسم رالف على سخريتي، وتركته يفكر وبدأت أعد طعام الغداء...


هيكتور


عدت عند الظهيرة للمنزل، استحممت وغيرت ملابس العمل بعد أن قررت عدم العودة للشركة اليوم،،
نزلت لأجد روجينا أعدت الطاولة و حيتني بأدب ثمَّ خرجت للحديقة، لم تفتح موضوع ماتيوس مجدداً و هذا مريح، رغم أن مكالمة الأفعى صباحا جعلت كل يومي سيء...

أكملت غدائي وذهبت للمكتب ، لا أدري كم من الوقت مر فنظرت لساعة الحائط ،،
إنها الرابعة، لماذا لم أرى رالف في الأرجاء إذا؟؟..
ركَّزت على كاميرات المراقبة فلم أجد أحدا ًً،،
سحقاً..

" روجيناااا "

صرخت بإسمها و اندفعت خارجاً من المكتب ،،
لم أجدها أيضاً، أنا على ثقة تامة أنَّ لها يداً في اختفاء رالف بلا إذنٍ مني، هذه الفتاة تتمرد على قوانيني دوماً وقد حصلت على تأييد ماتيوس والآن حتى رالف؟!...غيابه الذي لم يحصل مسبقاً يبيِّن هذا ،، وكأنها حشرة تحمل عدوى عدم الانصياع للأوامر...

وقفت على باب الخروج لأنقل نظري بين أرجاء للحديقة ..
رصصتُ على شفتي و قلتُ بإمتعاض
" لا أثر..لهما !! لأذهب وأنظر في المرآب لعل رالف هناك."

وعند اقترابي سمعت أصوات خافتة فاقتربت بهدوء ليتضح لي صوت رالف القلق :روجينا أنت تعلمين أنه سوف يكون غاضبا.

ابتسمتُ بسخرية من هذه الطفلة طويلة القامة ، لا تتسم بالنضج و لو قليلاً.. يبدوا أن علي وضع كاميرا للمراقبة هنا أيضا فقد أصبحت النقطة العمياء هنا،،

كنتُ أعلم أن لها يد في شيء ما و لم يخب ظني...
سمعتُ صوتها هيَ الأخرى و بدى أنها تسعى لإقناعه بشيئ ما في حينَ وصلُ وتوقفتُ عند باب المرآب : ولكن رالف، عند معرفته بالحقيقة سوف يسامحنا.

" نحنُ نعلمُ حقاًّ أن حالة السيد ماتيوس سيئة...لكن من يستطيع جعل السيد هيكتور يصدق يا فتاة .."
هل رالف قال أن ماتيوس بحالة سيئة بالفعل؟!!
إنها ليست خدعة من ساندي!!
أسرعت داخلاً عليهما ليجفل كليهما ناظران لي بتعجب ،،،

قلتُ بلسانٍ سريع متوتر :كيف عرفت أن ماتيوس مريض حقا؟؟
أشاح رالف عيناه عني و هو يجيبني : لقد أوكلت أحد رجالنا هناك من فرع الشركة بإستطلاع الأمر و قد قال أن السيد الكبير مريضٌ حقاًّ ،وهو في المستشفى من صباح أمس."


روجينا


كنت خائفة ومتوترة من ردة فعله وكذلك خائفة عليه ، لمعت خضراوتاه بحدة خطرة لكنها لم تكن موجّهة لنا ،
استدار و غادر عائداً لغرفته فلحقته بدون تفكير...
عندما دخلت خلفه وجدته يوضِّبُ ملابسه في الحقيبة بهدوءٍ ساكنٍ ومريب حينها أدركت فورا أنه ذاهب الى أخيه، اقتربتُ واقفةً بجانبه والتوتر لم يغادرني ثم تمالكت نفسي وقلت له: هيكتور دعني أذهب معك.
* * *
هيكتور
رفعت عينيَّ من على الأوراق حيث كانت تجلس مقابلي
و هي تصدر أصوات الإعجاب و الإندهاش بأعينٍ تلمع تدور بها على كل أنحاء المكان
أشحتُ بصري عنها عندما أتت مضيفة المكلفة بالعمل في طائرتي الخاصة ووقفت بجانب الطاولة قريبة مني قائلة برزانة
سيدي هل ترغب بشيء؟.
" لا "
أجبتها ببرود وأنا أراها تحدق بي بجرأة وقحة... أعرف هذا النوع البذيئ جيِّداً ، ما يعجبها هي محفظتي وليس شخصي ...
انحنت نحوي أكثر وكأنها ستهمس لي بشيء وقالت مجددا
" سيدي لدينا كل ما تريد أخبرني حتى أحضره"
أردت طردها ولكن ما فاجأتني صوت روجينا تضع يدها على الطاولة التي بيننا وقد تركت تأمل الطائرة تنظر نحوها
متجهمة الملامح ثمَّ قالت لها بلحنٍ غاضب
"لقد أخبرك أنه لا يريد فلماذا ما زلت هنا؟"
أدرت رأسي للمضيفة التي قالت بحقد
"ما دخلكِ، أنا أكلم السيد هنا؟؟"
أدرت رأسي مجددا أمامي حيث روجينا التي وقفت تستند على الطاولة مقتربة منا ووجهها احمر غضبا
" والسيد أخبرك بكل صراحة..لا !!!"
مجدداً نظرتُ للمضيفة التي ازدادت حدة في لكنتها نحو روجينا
" اسمعيني يا آنسة، هذا عملي .. أن أخدم الركاب وأعمل على راحتهم "
زفرت روجينا فشعرت بأنفاسها الرقيقة داعبتني، وتكلمت مرى أخرى كأن صبرها بدأ ينفذ من المضيفة
" لكنه أخبرك لا يريد فلماذا ما زلت تزعجينه؟؟"
تجاهلتها المضيفة بفظاظة و التفتت لي مبتسمة لي بزيف وعيناها تبرقان بخبث لي
" سيدي سوف أعمل على راحتك ماذا تطلب؟"
التفتت روجينا ناحيتي مقتربةً أكثر وكأنها ستصعد فوق الطاولة، فأصبحت أقرب دون أن تشعر و تدرك لشدة غضبها و هذا مؤكد...
خاطبتني بنبرة جعلت منها تعرفني وتحتاج إثباتي لذلك فقط
" هيكتور أنت لا تريد شيء أليس كذلك؟؟"
قريبة...قريبة جداً...!!
ابتسمت بخبث و اقتربت أكثر لوجهها فهمستُ لها مشيراً بعينيْ
" روجينا أنت قريبة للغاية"
"هاه؟"
خرجتْ منها لترتد بعدها لمقعدها بسرعة و تدير رأسها للنافذة ووجهها يشتعل احمراراً أكثر من غضبها قبل قليل، ابتسمت أرمقها وقد تجاهلت تلك العلقة التي بجانبي...
" سيدي؟"
أخرجتني صاحبة الصوت من حالة الخدر والمشاعر التي تنتابني عندما تكون روجينا بجانبي فنظرت لها بغضب عارم يأتي بسبب أمثالها
فابتسمتْ بتلاعب وهي مغادرة
"أنت تزمجر كالأسد"
عدت ببصري للتي انكمشت كالكرة ملتفة عني تلصق عينيها في النافذة ولكن جانب وجهها كان أحمرا ظاهراً لي بوضوح، ضحكتُ متسائلاً داخلي في ماذا تفكر؟؟


روجينا


ماذا دهاني لأتصرف هكذا ؟...
آه، هذا محرج كيف سأنظر لوجهه ؟... تبا ماذا سيفكر الآن عني؟!!
سوف يوبخني لأنني أتدخل في شؤونه ؟
أم هل معقول سوف يسخر مني ويقول أني أغار!!!
بعد وقت أخذته في تأمل الطائرة، أردت الإستدارة ورؤية ماذا يفعل؟
لكن...
وبعد دقائق من التردد أدرت رأسي ببطئ أخيراً لأصاب بالإحباط نوعا ما،،،
كان نائم و وجهه للأعلى متكئ للخلف ...
مهلاً مهلاً مهلاً،،،،
لكن لم أشعر بالإحباط..!!
أليس أفضل لي أنه نائم؟!

شعرت بهدوءٍ و سكون لهدوءه و سكونه ، بدى مستقراً بهذه الغفوة ...
تذكرت أنه قال بأنه لا يريد أن تقترب ساندي منه و أعلم كم إنه يكرهها ، و لكن لماذا لا يريد اقترابها بهذا الشكل الإنفعالي ؟ هل فعلت له شيء؟!!
ربما أبالغ بالتفكير حقاً ،، فيكفي أن أبسط شيء فعلته عندما رمت تحفة والدته الغالية أمامه، لابد أنه يفتقدها ، فمع أنه يظهر قوياًّ و صلباً ولكن من المؤكد أن جزءاً منه لا يزال ذلك الصغير الذي افتقد الحنان مبكراً..
أردت مواساته بما أستطيع ، شعرت بعينيّ تحترقان ثم وجنتيّ تبتلاّن بعد دقائق من التفكير بمعاناته التي لا أقارن مصائب أيامي بها،
" هيكتور"
همستُ باسمه ..
لم يُجِبْ...
فهمست مجدداً...
" أعلم بأني لست بنفوذك ، و لكني سوف أحميك من ساندي بأيِّ ثمن"
انفلتت مني شهقة وأنا أرى عينيه التي فُتحت تحدق بي ..!!
وسطوع الشمس من النافذة مشرق على وجهه جعل
اللون العشبيْ فيهما يلمع ببريق خدَّرني لأرمقه بهدوء أستطلع الغموض فيهما.
هيكتور
نومي خفيف جداً لذا عندما نطقت روجينا باسمي استيقظت فوراً، لكن فضلت الصمت عن مواجهتها فتفاجأت بما قالته فجعلني أفتح عيني منذهلاً...
اختلجت صدري أموراً كثيرة، أكثر من استيعابي حتى ..!
كيف تريد حمايتي وأنا قد آذيتها و أتعبتها من قبل
راحة شملتني، فاسترخيتْ من عذاب أعصابي المشدودة، ثم ظهرت لي زرقة عيناها التي لمعت الدموع فيهما!!
أهي تبكي لأجلي؟؟؟؟!!!





 
 توقيع : lazary

ايناس....نبع الأنوار

التعديل الأخير تم بواسطة شَمس. ; 04-21-2022 الساعة 12:31 PM

رد مع اقتباس
قديم 12-13-2020, 03:12 AM   #22
فِريـال
مشرفة طلبات التصميم ومعارض الأعضاء
-ORILINAD


الصورة الرمزية فِريـال
فِريـال غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل :  Feb 2020
 العمر : 29
 المشاركات : 26,683 [ + ]
 التقييم :  38750
 الدولهـ
Iran
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
إبتسِمـ
لوني المفضل : Black
شكراً: 22
تم شكره 6 مرة في 5 مشاركة

مشاهدة أوسمتي






-20-



-أهي تبكي لأجلي؟!

هذا ما فكر هيكتور به وهو يحدق باللآلئ براقة تتشكل في بحرها.... هل توقف الزمن أم الإحساس به؟ ببطء هبطت دموعه على خديها المحمرين، تحديدًا الأيسر لكتمانها الغُصة في حلقها تلك التي تبذل جهدًا لإخفائها.... ولأن الإحراج زاحم شعورها بالشفقة رطبت شفتيها تتنفس بصعوبة... بدت مميزة لزمرديتيه ليمد إبهام يسراه ماسحًا دموعها عن خدها بهدوء وهو يقترب نحو مقعدها قباله...

لحظ لأول مرة ذلك النمش الخفيف على وجنتيها وعظمة أنفها اللطيف المساير لملامحها بجاذبية خاصة... ود لو يدسّ نعومته بين أصابعه.... حرك ابهامه ليمرره على باقية تقاسيم وجهها وخاصة شفتيها الكرزيتين حين انتشلته صوت الكابتن من لحظة تأمله تلك وأدرك الموقف قبل التهور...

"مساء الخير سيد هيكتور... معك الكابتن أنتواني ليس جوفن رحلة نيويوك-باريس... أتمنى لك ولمرافقتك رحلة هادئة. أرجو اتباع إرشادات السلامة، سنقلع خلال دقيقة..."

ارتبكت لتنزل يدها المتمسكة بكم سترى الأرماني السوداء خاصة حين وعت على تمسكها به... لتشيح وجهها تجاه النافذة تحدق بالمدرج مُحرجة... ارتبك الآخر للموقف الغبي الذي وضع نفسه به متراجعًا ليندس في مقعده.... ليفكرا بنفس الأمر

-ياللغباء.. ما الذي كدت أفعله!



للحظة تذكرت وضعها وفاضت مشاعرها... هي بالنسبة له خادمة بائسة تدين له بفاتورة غبية لجناح مشفى لم تطلب المعالجة والاستقرار به.... بائسة، منحوسة تحاول تغيير وضعها الاجتماعي... سبق واختارت البقاء للعمل في خدمته، حتى قبل أن تدرك نوعية العمل... مع أنه فاجئها بعمل شحذ السيوف في ذلك القبو البارد....

هيّ سمحت لنفسها أن تشفق عليه مع أنها من تستحق الشفقة! أكيد لا تريد شفقته.... لكن أن تتحرك مشاعره نحوها ولو شفقة ستشفي قليلها لكل تلك الإهانات والكلام الجارح عن وضعها، نحسها ويٌتمها.... هيًّ تريد أن تصدق أنه ليس بذلك القاسي لكن شبح كلماته في أول لقاء يمنعها عن ذلك...

"دعيني اخبركِ أمرا وضعيه في عقلك عديم الجدوى... أنا مليونير معروف لو أرفع عليكِ قضية سأزجك في السجن لأنكِ بلهاء... وببلاهتك كنتِ تقفين بنصف الشارع غافلة عما حولكِ... وأنا أمشي بالشارع كأي انسان يحترم القانون... أنتِ وقوفك خاطئ والقانون لا يحمي المغفلين"

وحين سألته ماذا يريد ليدعها بسلام....

" بسلام؟ اعتبرِي نفسكِ أنحس فتاة في هذا العالم لأن القدر رماكِ في طريقي... أنا أعشق النقود عشقًا جمًا، ولا أصرف قرش على من هم أقرب الناس لي، فكيف الآن وصرفت نقود على أكره الناس لي... أولئك الفاشلون المتسمون -الفقراء-

لقد أدخلتك في أرقى ردهة في هذه المستشفى... ولو كنت أعلم أنكِ من رعاع الناس لكنتُ تركتِ على الطريق فهذا هو مكانك الاصلي وبيتكِ السرمدي

الشرطة ستأتي بعد لحظات قلتُ لكِ لو كنتِ تودين خوض الأمر قانونيا فمصيرك القضبان، لكن لو كنتِ تريدين السلام كما طلبتِ قبل وهلة فعليكِ أن تدوني أقوال التنازل من هذه القضية ونُنهيها...

يبقى دفع الفاتورة وهو الأهم هنا... ستعملين لدي لمدة شهر واحد وسيكون راتبك الشهري هو دفع تكلفة المستشفى وينتهي كل شيء

والان ما هو ردكِ؟... السجن أم العمل؟"



"روجينا اندرسون... بالاطلاع على سجلك العائلي أنتِ يتيمة وليس لديكِ عائلة... أمر مثير للاشمئزاز"

هو قاسي... مر بالكثير شددت قسوته، لكنه الآن... هو يعاملها بتشتت حتى هو يناقض نفسه بين القسوة عليها والإعتزاز بها....



أما هو... فكان حكاية لا تختلف عنها، يحاول تنسيق طريقة لمعاملتها بلا جدوى... والأسواء هدوء محيطه ساعد مسمعه على التقاط طبول الحرب التي تطن من جوفه... ليس لذلك وحسب... حتى لو كان المكان يعج بصخب نيويورك لسمعها! فقد كانت تدق بجموح...

ناضل للحفاظ على ملامحه ثابتة... لكن شهيقًا زفره هز كيان روجينا وحرك مشاعرها المختلطة... بين السخط لقسوته والحيرة للطفه!



لثوانٍ تلت ما حصل، لم ينطق أحدهما بشيء... بل وحرصا على عدم إلتقاء نظرتهما طويلًا....

ما هيَّ الا ثواني وتُقلع الطائرة لتُعانق السماء، اعتراها توتر شديد حين بدأت المُضيفة بالاعلان عن اجراءات السلامة بعد خطاب كابتن الرحلة.
نهضت من مقعدها تحدق به بتوتر عدة مرات فسحبها لتجلس بجانبه هذه المرة...

حاولت إغلاق حزام الأمان لتفشل حين عجزت عن معرفة كيف يتم ذلك... فسحب طرفي الحزام وهو يحدق بزرقاوتيها بسخرية ليعقده لها بحركة خفيفة وسريعة.
حينها فقط لاحظت ما أقحمت نفسها به، هيّ لم تركب طائرة من قبل وأنها أول مرة لها! كيف لا ووضعها المالي كاد يُقربها من حياة التشرد قبل أن يلتقطها هيكتور!

اصفر وجهها وبدأت تعضُ شفتيها مُمسكة بحزام الأمان بقوة، رمقها بنفس نظرتهُ الساخرة قائلًا بشماته ليستفزها

"لايزال يُمكنك النزول إذا كُنت نادمه..."

ابتلعت ريقها مُتجاهلة حرجها السابق، خوفها ونبرتهُ السابقة
"لست كذلك سيدي... أنا لم أجرب ركوب الطائرة من قبل..."



-يا له من عالمٍ غريب!

هذا ما فكر به... في الوقت الذي يقضيه بعض الناس يُسافرون بتبذير، ما يزال ثمة الكثيرين لم يركبوا طائرة مره في حياتهم! استند برأسه على كرسيه قائلًا

"الانطلاق هو الأصعب ولاسيما الأول... حين نصبح في السماء، ستُدمنين التنقل بالطائرات..."

نظرت نحوه لتجده هادئا ويغمض عينيه مسترخياً... شخص مثله لن يخاف من شيء بسيط كـركوب طائرة فهو يبدو معتادًا، في نهاية الأمر هما الآن في طائرتهُ الخاصة...

أمسكت قميصها تضغط على صدرها مغمضة العينين متكوره على نفسها، وبدئت تتمتم بكلمات غير مفهومة بالنسبة للآخر تدعوا الاله أن يمر كُل شيء بسلاسة.

وبعد لحظات قليلة استقر الطائر المعدني في السماء وهدء الجو... فتحت روجينا عينيها مذهولة وبدئت تنظر لمنظر الغيوم عبر النافذة بأعجاب شديد والشمس بدأت تغرب بالفعل... كانت تبدوا لها كزهور قُطنية آن أوان قطافها!

ابتسم هيكتور لتصرفاتها القريب من الطفولية! عدل وضع مقعده للخلف قائلًا بصوت منخفض

"أيقظيني حين نصل... روجينا."

التفتت لتجده قد اتخذ وضعية النوم السريع... بدى نائمًا حقًا، ابتسمت له بلا وعي فقد بدا منظره الهادئ ملائكيًا!



الوقت يمضي ببطء، نظرت حولها المكان واسع وهما وحدهما في هذه الرحلة... نهضت بهدوء وقبل أن تتجاوزه أمسك يدها وأعادها لمكانها بغير النطق بكلمة! لا يريد أية مفاجئة من البلهاء سيدة المشاكل حسب تفكيره....

"اذا هو ليس نائمًا حتى؟!"
تمتمت روجينا بصوت منخفض لنفسها!

حاولت تعديل المقعد لتنام هيّ أيضًا وبدأت تُصدر بعض الأصوات ففتح عينيه ليجدها في حالة حرب مع المقعد تحاول تعديله، اتكأت مستسلمة

"سحقًا! هذا ليس عدلًـ..."

لم تكمل جملتها حتى لتجد نفسها متمدده على الكرسي... نظرت نحو هيكتور الذي عاد لوضعه السابق باستغراب، لقد عرفت بأنهُ هو من فعل ذلك فليس هنالك غيرهما بالمقصورة... و ما إن وضعت رأسها حتى استغرقت بالنوم.


كانت الرحلة طويلة، قامت المضيفة بإشعال ضوء المقصورة ليستيقظ هيكتور.
مسح وجهه وهو يعتدل بالجلوس ثم حدق بالأخرى يساره...
كانت تتنفس بانتظام أيقن أنها مستغرقة بالنوم حقًا! بقي يُحدق طويلاً غير مدركٍ لنفسه، وحين أدرك أنه حدق بها طويلًا قرر الانتقام منها،
ليس كأنهٌ ذنبها، لكن بالنسبة له هي كذلك!

أدار زر الكرسي ليستقيم وتفزع من نومها الهانئ! كانت تنظر نحوه بفزع شديد في حين كان يُبادلها نظرة بارده! انتظر أن تبدأ برمي كلماتها بسخط لكنها بدئت تنظر من النافذة بجانبها والسماء ما تزال مظلمة...:

"ألم نصل بعد... ظننت أننا هبطنا!"

رفع يديه يتمدد ثم عدل وضع مقعده قائلًا
"ممل..."

نظرت نحوه لتفهم قصده لكنه لم ينطق بالمزيد، عدم تفاعلها معه كما في السابق، كالغضب والكلمات الساخطة، بدأ يبدد مُتعته على ما يبدو...

اقتربت المضيفة تسأل هيكتور وهيَّ تحدق به بلطف

"صباح الخير سيد بلاديمون أتريد أن تأكل شيءٍ قبل الهبوط؟"

قال بلكنه حاده
"شكرًا، لكن لا شيء..."

"متأكد؟" قالت بابتسامة لحوحة...

نظرت لها روجينا بحده... بقيت تبادها نفس النظرة في حين الأخرى تُحافظ على ابتسامتها السابقة

"لا يريد شيء منكِ، احفظي ما تبقى لك من كرامة واغربي عن وجهه"

أغمض هيكتور زمرديته مُبتسمًا في حين الأخرى عقدت حاجبيها لتدخُّل روجينا المستمر... ثم ماذا مع هذه النظرة الحادة التي ترمقها بها؟

"أهي حبيبتك؟"
سألت بوقاحة....

"هذا ليس من شأنك، توقفي عن التدخل بشؤن زبائنك وإلا شكوتك الى شركة الطيران آنسة تالا"

كان حازمًا، زمجر بها بنبرته المرعبة، فانصرفت معتذرة لتعود لمقصورة خدمة الطائرة.
التفت نحو الأخرى يرمقها بتفكير، اذًا الكلمات الحادة واللسان السليط أصبح للآخرين وليس له.
استدارت نحو النافذة قائلة
"سيدي..."
أعادت بوجهها نحوه قائلة بامتنان
"أعلم أنها رحلة من أجل زيارة ماتيوس و الاطمئنان عليه... لكن، شكرًا لك على منحي تجربة لم أحلم بها! ركوب الطائرة والسباحة فوق الغيوم الجميلة هو شيء لم أحلم به لتحققهُ لي... أنا أشكرك من أعماق قلبي سيد هيكتور."



بقي مصدومًا لموقفها... هي صادقة في كلماتها، لا تُحاول تملقه، ولم تفعل منذ البداية، منذ شهر.. لقد مضى الشهر بسرعة وقرب وقت سداد دينها لذا كان يجب أن يورطها للبقاء فترة أطول متذرعا بطلبها للقدوم معه... لو كانت غيرها لكانت تملقته لتتملص من الدفع على حساب احترامها لنفسها مهما كان الأسلوب،
لكنها كانت تواجهه بكلمات حادة، وتتحدث معه بصراحة مهما كانت، رغم أنها الخادمة وهو السيد، مع أنه أذلها لمتعتهُ مرارًا لكنها ماتزال صامدة، صريحة وتبقى مصلحتهُ مهما كان موقفه! امرأة بجمالها، كانت لتنقذ نفسها بطرقٍ أخرى، لكنها هي روجينا...
فضلت قسوته واذلالها وتكبره عليها... إنها انسانة فريدة حقًا!



"روجينا! مهما حدث، أريد منك أن تبقي صريحة معي... هل أنت تكرهينني؟"

-:"هاااه؟! سيد هيكتور، أنا...."

رغم أنه هو من سألها لكنه لم يقوى سماع الإجابة، قاطعها وهو يحدق بملامحها المستغربة قائلًا
"أنسيْ ما قلته... ليس عليك الإجابة حقًا."

"إذا لماذا سألت؟"
قالت بحذر...



رفع الكابتن تقريره معلًا اقترابهم لمطار ليون الدولي، وبدأت المضيفة بإعلان الإجراءات المعتادة للهبوط.

ربطت روجينا حزام الأمان بتوتر تُـتَمتم
"أرجو أن يمر الأمر على خير"

بقيت تفكر بالإجابة التي كانت تنوي اخباره بها لكن الوقت لم يعد مُناسبًا، بعد اقل من خمسة دقائق كانت الطائرة قد هبطت لكن هيكتور ما يزال جالسا مكانه عاقدًا يديه بشرود، ربما هو حتى لم يلاحظ هبوط الطائرة... اقترب كابتن الرحلة ومساعده الشاب ليُحيي هيكتور، فاستعاد الواقع وتدارك نفسه...
نهض ليُعدل وضع قميصه وربطته عنقه قبل أن يصافح الآخر بهدوء
"كالعادة كابتن جوفن.... يُعتمد عليك..."



هم بالخروج بعد الحديث مع الكابتن فلحقت لأخرى به بهدوء بعد أن حدقت بالكابتن وهو يلوح لها مبتسمً بإتساع...

-إذًا هو مِمن يتعامل معهم هيكتور باستمرار، فهيكتور لا يمنح ثقته لأيٍ كان...

فكرت روجينا بذلك وهيَّ تنزل السلم المرفق بالطائرة لتصدم مجددًا..



كان ثمة سيارة فخمة تنتظرهم على مدرج الهبوط وإمرأة ترتدي بذلة رسمية ذات تنورة متوسطة ضيقة وقميص ناصع البياض بشعر أسود تربطه كله نحو الأعلى، تقف وهيَّ تحمل ملفًا بيدها... كانت ملامحها الرزينة عديمة التعبير، ترحب بهيكتور مبتسمة وبكلمات ثابتة تحمل لهجة فرنسية مررت الملف نحوه قائلة

" أهلَا بِك هيكتور... سعيدة بعودتك مجددًا كثيرًا..."

أومأ هيكتور ينظر خلفها وهو يلتقط الملف الكراملي، لتتنحى جانبًا
لقد جهزتُ لك سيارتك والسائق جوي... كما طلبت تمامًا..."

كان السائق العجوز جوي يقف بجانب السيارة ويضع يدُ خلف ظهره والأخرى أمامه، وتعلو ملامحه الكثير من التجاعيد وشعره أبيض كالثلج في أواخر ليالي ديسمبر! تقدم يعدل بذلته يسير بظهر ثابت وهو يحدق أمامه بقوة "شكرًا ناين..."

أخفضت رأسها وهيّ تردف بحذر
"ألن تبقى في مدينة ليون..."

إبتسم بسخرية تحمل شيء من الغرور...
"عزيزتي ناين، أنتِ بين جميع الناس تعرفين أنني لن أبقى في مدينة لا تملك فندقً واحدًا يليق بي"
ابتسمت بسخرية بدورها فهي أكثر من يعرفه، في حين تقدم وهو يكمل مخاطبًا روجينا
"استعدي... سنتوجه لباريس."

بقيت تحدق بنفسها وتقارنها بالفتاة الأخرى المدعوة ناين غير منتبه لما قاله الآخر... كانت ترتدي ملابس بسيطة ولا تُناسب الترف الذي يحيط بهيكتور... فهذا القميص الأبيض عديم الأكمام والبنطال الجينز الفاتح يُعتبر أفضل ثيابها بحيث لا ترتديهم إلا وقت ذهابها لمقابلة عمل.

تقدم هيكتور ليجلس في السيارة السوداء مُنتظرًا، حدق بها فكانت شاردة الذهن وهيَّ تحدق بملابسها
"هل تُخططين للمبيت هُنا آنسة آندرسون؟!"

فزعت بقوة لمناداتها بلقب عائلتها من قِبله، فعادةً يُناديها باسمها الأول! هرعت لتركض الخطوات الخمس مُعتذرة وهي تمسك بحقيبة يدها الذهبية البسيطة...

جلست تحدق بفخامة السيارة العالية والمظللة بإعجاب فاتحةً فمها قليلًا وحاجبها مرتفعان

-لا أصدق أهو يملك سيارة في هذا البلد الأوروبي؟! كيف لا، وهو يملك طائرة خاصة، كدت أنسى أنه بليونير! ظننت أنه بخيل...

إبتسم هيكتور بشيء من الرضا لملامحها التي لا تبذل جهدًا في إخفاء اعجابها لكل ما يحيط بها... تحرك السائق جوي بهدوء يقود بمهارة...





شيء فشيء بدأت ملامح باريس تظهر لها... كانت تلتصق بالنافذة كالأطفال وهي تحدق بكل شيء بإنبهار كان كُلُ شيء جميل ويسر الناظر...

حدق بظهرها من مكانه وهو يقول بسخرية
"لحسن حظي السيارة مظللة... وإلا كنتُ في موقف محرج لمن يرى تصرفك الطفولي!"

التفتت برأسها نحوه وهي تجلس على ركبتيها ملتصقة بالنافذة
"أرجوك، دعنا نفتحها... أريد رؤية كُل شيء بوضوح..."



تنهد ملتصقًا بالمقعد وهو يضع ساقه فوق الأخرى
"أخفضي توقعاتكِ خادمتي المطيعة..."

عبست بخيبة لتذكيرها مجددًا بالوضع هُنا لتعود لمراقبة الجو في الخارج "قاتل المتعة"



جفل للحظة على وقع كلماتها! عقد حاجبيه وهو يقول بنبرة تعالي: "لا تحدثيني عن المتعة وأنت لم تجربيها من قبل، هذا الذي تفعلينه ليس ممتعًا! إنه مستوى الرعاع المتدني لمفهوم المتعة، يحاولون إقناع أنفسهم أن التحديق بالشوارع أمر ممتع"



اعتدلت بجلوسها وهي تقترب نحوه تستند على يديها
"إنها باريس وليست قرية ريفية... إذا كان التحديق بشوارع أجمل مدن العالم ليس كذلك، فما المُمتع!؟"
حدق بزرقاوتيها بشرود يقول
"لا تحاولي إقناعي خادمتي..."

كان شاردًا و لم يلاحظ ما قالته حتى...
غرق بزرقاوتيها القريبة لتنهض ممسكة بوجهه لتضرب جبينها بجبينه بخفة
"لكنها باريس... أتفهم؟ باريس..."

جفل للوضع كما السائق الذي تابع المحادثة بصمت ليبتسم بهدوء،
في حين وضع هيكتور كفه ليخفي وجهها تمامًا مخفيً تأثره لقربها له بمهارة وهو يبعدها عنه قائلا
"اغربي عن وجهي أيتها اللعينة...."

نفخت خدها بغيض لتعود لمراقبة الشوارع مُنزوية... وهي طبعًا لا تدرك ما العاصفة التي الحقها تصرفها السابق بهيكتور الذي لعن نفسه قبل أن يلعنها مُتمتمًا
"كان يجب أن أتي وحدي.."



نزلا أمام فندق برنس دي غالاس ذو خمسة نجوم لتنظر نحو المبنى بذهول لهندسته المميزة، ازدردت ريقها وهيَّ تلحق بهيكتور متوجهً نحو جناحه الذي سبق وحجزته سكرتيرته في فرنسا السيدة ناين.

حدقت به بطرف عينها وهي تفكر بالوضع بِغَيْضْ...
البخيل! أيطيب لهُ أن يبقي فتاةً معه بنفس الجناح بدل حجز آخر لها؟!
أو حتى غرفة صغيرة؟!! لا داعي للجناح،
بخلهُ هو الشيء الوحيد الذي فكرت به، بدل أن تهتم بحقيقة أنها ستُشاركه فترة بقائهم في باريس بنفس الغرفة!
دخلت الجناح برفتهُ منبهرة بمستوى الترف، ألا يفترض بغرف الفندق أن تكون سرير وحمام!

بدت لها كشقة فخمة أكثر من غرفة في فندق، ثمة كُل شيء... صالة بأرائك جميلة، مطبخ مُصغَّر، إطلالة تسر الناظر وغرفة نوم مع حمام كبير... اقتربت نحو النافذة وهي تهتف بحماس طفولي
"يُمكنني رؤية البرج من هنا، ياللهول إنه أكبر مِما توقعت في الواقع..."

حدق بها بسخرية لحماستها
"إنه مجرد قطعة معدن صدئة! ما المبهر به على أي حال!؟"

تجاهلتهُ وهي تُتابع بحماس
"ألهذا يُعتبر من عجائب الدنيا السبعة الجديدة!؟"



خرج من الحمام يرتدي بذلة نظيفة ويرتب نفسه أمام المرآة قبل أن يتوجه نحو صالة الجناح وقد رتب شعره الليلكي للخلف بمثالية...

كانت ترتشف القهوة بهدوء وهي تحدق عبر النافذة لتشهد شروق الشمس أخيرًا... وقد أدركت أخيرًا أنها ستُشاركه فترة بقائهم في باريس بنفس الجناح! ليس كأنه مهتمٌ بهذا الواقع لكنها توترت للفكرة...



حدق نحوها مطولًا قبل أن يهتف بها
"لنذهب للمشفى..."

التفتت له وهي تقول
"ألستَ جائعًا؟! لم تأكل شيءً منذ الأمس، أنت لم تتعشى حتى..."

لاحظ ذلك ليردف بحذر
"لابد أنكِ جائعة! سأرى إذا كان الفطور جاهزًا"

أنهى كلامه وهو يحمل هاتف الجناح السلكي الأسود والمتصل بخدمة الغرف... _منذ متى يهتم بما تأكل أو لِماَ تفعل؟ أيدرك أنه يتعامل مع من يعتبرها لقيطة وقمامة المجتمع فقط لأنها فقيرة مجهولة الجذور.
أجابته قبل الطرف الآخر للهاتف
"ليس حقًا! أنا معتادة على قلة الأكل على أي حال!"

جفل لتصريحها وهو يراقبها تشرب من كوب قهوة التي اعدتها لنفسها بالمطبخ المصغر للجناح...

"معتادة!؟"
خرجت منه باستفسار في نبرته، أجابه الطرف الآخر فإنتشل نفسه من التي تزيد حيرته بإستمرار.
تقدم نحوها ليهتف بهدوء
الفطور جاهز... يُمكننا أن ننزل لمطعم الفندق...."

حدقت نحوه ببلاهة وحين أطالت تداركت نفسها
"آسفة... أتقصدني!"

أطلق ضحكة ساخرة لبلاهتها وهو يعطيها ظهره مبتعدًا
"لا أرى غيركِ في الغرفة! هلُمي روجينا، قبل أن بفوتكِ النهار... "



خرجا من المطعم بعد تناول الفطور وكانت متوترة لتصرفاتها وبذلت جهدها كي لا تحرج نفسها أمامه... ثم توجها للمشفى وكانت ترتدي نفس ملابسها من الرحلة وقد لاحظ ذلك...

وصلا للمشفى الذي يرقد به ماتيوس، كانت السيدة ساندي تجلسُ بجانب النافذة وتقضم أضافرها بتوتر، في حين يجلس الصغيرين بجانب والدهما النائم وقد أحاطت به الأجهزة الطبية من كل جانب! وأصوات بكائهما مسموع في الغرفة....





دخلت روجينا بهدوء وهيّ تلقي التحية، التفتت ساندي نحو روجينا مستغربة! هيّ بالتأكيد لم تتوقع أن يأتي هيكتور حقًا فما بالك بخادمته؟! ولم تكن ملامح الطفلين اقل غرابة، أن تظهر خادمة هيكتور بلاديمون وحدها في غرفة شقيقه كان بالتأكيد غير متوقع لهم...

ركضت الصغيرة نحو روجينا لتقول مصدومة
"ما الذي تفعلينه هنا؟! أين عمي؟"

ليكمل أخيها بنفس الصدمة الواضحة بملامحه ونبرته
"لا يعقل أنهُ أرسلك وحدك ولم يأتي؟"

انزلت روجينا جسدها العلوي نحو الصغار قائلة بابتسامة:

"لا تقلقا... لقد أحظرتهُ معي! أقصد عمكما."

ابتسمت سوزي في حين حافظ جون على جمود ملامحه لكن عيناه حكت الكثير... توجها نحو الباب لعله يقف عنده لكنها قالت بحذر قبل أن تتوجه نحو ماتيوس لتراه عن قرب
"ذهب السيد هيكتور ليقابل الطبيب المسؤل عن السيد ماتيوس! سيأتي بعد قليل..."

بقيت ساندي تنظر نحوها بدونية و إشمئزاز لفتره قبل أن يتحول لسخط ووعيد... ما الذي يفكر به ليأتي بها لهنا بعد ما دار بينهما من حديث في آخر لقاء وجهًا لوجه...

حين عاد هيكتور من العمل ليأخذ غفوة وهو يأمل أن تكون روجينا قد أنهت تنظيف غرفته، لكن المصادفة قد الجمته... وقف متصلب الأطراف بصدمة وهو يحدق بوجه روجينا وقد رسم خيط دماء من جبهتها ولنهاية خدها وهي تجر ساندي من شعرها كما ساندي بيد وتحاولان صد بعضهما باليد الأخرى ليبعدا بعض...



إبتسمت لها روجينا بشيء من التكلف لتعقد حاجبيها بإشمئزاز... وذلك قبل أن يدخل هيكتور برفقة رجلٍ متوسط العمر بني الشعر وبدئت بعض خصلاته تميل للأبيض لم يكن قصير القامة، لكنه بدى قصيرًا بالمقارنة مع هيكتور...

دخلت ممرضتين خلفهما وبدء الطبيب بفحص ماتيوس والتأكد من بياناته السابقة ليأمر الممرضتين بتجهيزه للعملية! استقرب الجميع وقالت ساندي بانفعال:

"ماذا يعنيه هذا؟ أية عملية هذه التي تحضرون زوجي لها؟"

أجابها هيكتور بنظرة بارده
"ان كان لأخي أن يكمل حياته، فيجب أن يُجرى عملية البنكرياس..."

استقربت بشده، متى قرر ليجهز ماتيوس للعملية؟.... انفعلت ساندي لتنفجر بوجهه

"لا تقرر وحدك، وبدون استشارتي.."

بقيّ يُحافظ على هدوئه... رمقها بنظره جليدية
"أتعنين أن علينا الانتظار لتدهور حاله أكثر؟! ساندي... قبل أن يكون ماتيوس زوجكِ... فهو ما يزال أخي الكبير!"

كان الجو مشحوناً للغاية، التفت نحو روجينا حيث تقف قرب سرير ماتيوس

"خذي الأطفال للكافيتريا، سألحق بك بعد قليل."

تحركت بسرعة رغم توترها وتحرك الأطفال معها بطواعية
"حـ...حاضر سيدي!"



بعد قليل جاء هيكتور وكان يبدوا متعبًا وجلس بجوارها ليقابلهما الصغيرين... اتكأ على كتفها برأسه قائلًا

"أحتاج للقليل من الصبر.... قليلًا فقط!"

"نعم سيدي."
قالت وقد فهمت أنه يقصد ساندي بكلامه، تلك السيده، لا أحد يعلم ماذا قالت لهيكتور ليُرهق الى هذا الحد!.

بدى القلق على الأطفال بشده... تلك المرأة! ماذا تقصد بإحضار الأطفال للمشفى ووالدهما بمثل هذا الوضع الصحي الخطير! أتريد تحطيم قلوبهم أم ماذا؟



تنهد هيكور يفكر بكلمات الأفعى اللاذعة بشرود
_ "أتحفلُ بنفوذٍ تمارسه على خَدمك؟! لستُ أحدهم لتُملي علي أوامرك... إذا لم تُحقق لي طلبي السابق، فستندم صدقني..."

حدق بروجينا وما يزال يتكئ على كتفها الصغير...
_"إحذر فقد تتأذى إحدى ممتلكاتكَ إذا لم تلبي طلبي!"
وختمت كلامها بإبتسامة لاذعة لا تبشر بالخير...

تعمق بالتفكير بكلماتها وحاول فهم مغزاه... أيعقل أن يصل بها الطمع بأذية أحد أطفالها؟ هذه الأفعى باردة المشاعر... هو لن يستغرب إذا وصلت الى ذلك الحد! ففي نهاية الأمر...

-تلك اللعينة هيَّ من تزوجت أخي لأنها عجزت عن الحصول على إسمي وأموالي!



هو لا يريد التصديق بأنها قد تضحي بأطفال يعرف جيدًا أنها جاءت بهم لتربطها صلة به بأي شكلٍ كان! فقبل الزواج بماتيوس ومعرفة وجوده في حياة هيكتور، كانت تطارده طوال الوقت ولأي مكان مدعية الحب في حين أنها ليست سوى صائدة ثروة... لحد هذه اللحظة لم يصدق أنها خدعت شقيقه وتزوجته حقًا!

وحين كانت ماتزال حاملًا بطفلها الأول، دست السم في شرابه لتتخلص منه! فحسب خططها، يموت هيكتور ليرثهُ ماتيوس... ثم يموت ماتيوس ليرثه صغارها، وبالتالي هيَّ، كُل شيء!

طبعًا هيكتور أفسد خططها هذه! لأن رالف شهد فعلتها فأخبر سيده ليأخذ حذره ويتخلص من المشروب المسموم... بعدها كتب وصية قانونية يتهم ساندي بموته إذا كان قتلًا أو حادثة وحرمها من الإرث إذا كان موته صحيًا... وبذلك حصن نفسه من الخطط التي تتضمن موته. ثم حتى لو مات فسيرقد بسلام لأنها لن تهنأ بفلس من ثروته...



تعمق بالنظر نحو الصغار ليتذكر ذكرياته مع والدته، وكيف أنها أغرقتهٌ وأخيه بالحب... إبتسم بمودة وعطف لا إراديً وهو يحدق بالصغار ذوي الملامح الملائكية، قبل أن تتلاشى بسبب تذكر والدتهم الأفعى الطماعة عديمة الحنان والأمومة لإستغلال صغارها بأنانية...

رغم أن الصغيرين لم يفهما أنها إبتسامة حزينة لكنها زادت وسامته... هتفت سوزي تخاطب أخيها بشيء من الشقاوة
"أنظر جون... عمي شارد!"

قطبت حاجبيها وقد لاحظت عمها يتكئ على كتف روجينا لتشعر بالغيض... فبالنسبة لها كل فتيات العالم غبيات ولا يستحققن الاقتراب من عمها العزيز... وخاصة خادمة وضيعة...

رمقه جون بشك وتفحص ليردف بمكر
"عمي... هل أنت تفكر بممتلكاتك!"

رفع حدقتيه ليخرج من شروده لوقع الكلمة.... فقد كانت الكلمة التي وصفها بها للطفلين حين قابلا روجينا أول مرة... توسعت حدقتيه وهو يفكر بكلام سيندي...
"إحذر فقد تتأذى إحدى ممتلكاتكَ..."

حدق بروجينا بتشتت ليجدها تحدق بجون وسوزي أمامها بعدم تصديق مرادفة بشيء من الإشمئزاز... مع أنها لم تفهم أنها المعنية بالجملة المشفرة من قبل هذا الداهية الذي يتقمص جسد طفل الأحد عشر ربيعًا....
رمقه هيكتور بحدة ألزمته الصمت... التفت لروجينا
خذيهما للبيت... لا داعي لتواجدهم، ماتيوس سيكون بخير لن تستغرق العملية وقتًا طويلًا!"

إبتسمت له بغباء تُشير لنفسها، ليجفل مدركًا أنها كحاله، لا تعرف مكان بيت شقيقه الجديد... هتف مدركًا موقفه المحرج
"إنسي..."

نادت ساندي على أبنائها وهي تعقد ذراعيها وترمق روجينا بشيء من الحقد... تزامن ذلك مع نهوض هيكتور يتوجه لخارج المشفى...

لحقت به بفضول حين غادر جون وسوزي مع والدتهما... وجدته يقف جانبًا قرب مدخل المشفى وهو يعبر عن توتره بتحريك قدمه اليمنى بسرعة... إبتسمت وهي تعرف بأنهُ وإن لم يظهر ذلك، يهتم لأخيه أكثر مما يعبر بكلماته أو تصرفاته....

كان يتكئ على عمود كبير وهو يفكر بعمق، اتكأت روجينا بجانبه وهي تردف بشبه همس
"سيكون بخير... ماتيوس قوي..."

إبتسم وهو يحدق للأسف وهي تقف بجانبه ليظهر فرق الطول بينهما
"حين نعود، ستُعاقبين لتدخلاتكِ هذه أيتها المشاكسة!"

جفلت للحظة قبل أن تنفعل هاتفة
"أهذا جزاء اللعينة التي تقلق عليك؟ لا أصدق... ميؤوس منك..."

قهقه بخفة مع أنه جاهد لإخفائها عنها أكثر من أي شخص في الكون... لتكمل بغَيض وهي تكتف ذراعيها بعبوس
"سحقًا... هذا ليس مضحكًا... كن ممتنًا وإن لم تعبر لمن يهتم بك..."

توسعت حدقتاه وهو يسمعها تشكو بغيض غير آبه لرأيه أو ثمن كلماتها "...فهو أكيد يعاني حين تعاني، لذلك تثقل على مشاعره... الناس تتأذى حين يتأذى من يهمهم أمره... يا رجل أنت لا تُصدق..."

كان مصدومًا لسيل شكواها ذات المعاني الخفية، أيجب أن يحتفل؟ ففكرة أنها تهتم لمشاعره تستحق ذلك... ليس طمعًا بمكانته، نفوذه، أو ماله... إنما لذاته.
صمت بغير تعليق فرفعت رأسها لتتمكن من رؤية وجهه، حدق بها بطرف عينه لترفع يمناها تتفحص حرارته واقفة على رؤوس أصابعها تحت استغرابه...
"ماذا الآن؟!"
قطبت حاجبيها بعبوس
"لستَ محموما! إذًا لما لم ترد؟!"

اغمض عينيه بيأس لمفسدة الجو هذه ليمسكها من أذنها وهو يردف
" عقابكِ سيكون عسير... إنسي لطفي خلال الفترة السابقة منذ عرفتني... أبواب الجحيم فتحت عليكِ!"

حدق نحوه بشيء من الغباء تعيد صياغة -لطفي- بعقلها... وبدل الغضب كما توقع إنفجرت بالضحك بهستيرية وهي تضرب على ذراعه مرارًا
"يا رجل... أنت مضحك جدًا... يا الهي... مستحيل... الرحمة..."

إستمرت بالضحك على التهديد الفاشل في حين تاه بصوت ضحكاتها الرنانة، بالكاد يصدق أنها تضحك بهذه الطريقة الجميلة بسببه...





بمجرد خروج الأطباء من العملية توجهت ساندي نحوهم... فبالنسبة لها، ماتيوس هي ورقة لم يحن وقت فقدانها! طمأنهم الطبيب ليرتاح بالها أولًا والأطفال ثانيًا وهيكتور ثالثًا... وقفت روجينا بعيدًا بطلبٍ منه، كانت تلك طريقته، وإن لم يعترف، في حمايتها...

تأخر الوقت وحل الليل على باريس ليعج الصخب شوارعها... خرجا من المشفى وهي مسحوبة من قبله... العناد... هي تريد انتظار استيقاظه والأخير يعرف أن لا طائل من ذلك فهو قد لا يستعيد وعيه بتلك السرعة وساندي تحدق بها كما ولو كانت تنوي قتلها بقهوانيتاها...



وقف بجانب سيارتهُ ينتظرها لتركب فيها في حين جُل إهتمامها ووعيها بالعالم تركتهم في غرفة شقيقه... سحبها من ذراعها ليُدخلها السيارة في حين هتفت بصخب للحدث السريع
"ماذا؟؟؟"

وجدت نفسها تجلس في السيارة لتضرب جبينها على سرحها... جلس بجانبها لتهتف تعاتب نفسها
"غبية... حتى لو أختطفتِ لن تُلاحظِ!"

أردف بسخرية لاذعة
"لمعلوماتكِ غبائك وسرحكِ المُستمر منبع كل مشكلاتك!"
حدق نحوها مكملًا
"كما في ذلك اليوم! ما اللعنة التي كنتِ تفكرين بها حين كنت تقفين بمنتصف الشارع؟!"

عبست بغيض وهي تنفخ خديها تحاول منع نفسها عن الرد أو أسوء ضربه!
ربما لأنه كان محقً...؟!

اتكأت على مسند الكرسي تريح جسدها من الوقوف المطول وهي تستعيد ما حدث يومها...
"لم أكن واقفة، كنت شاردة وحسب لذا لم أنتبه للإشارة حين قطعت الشارع..."

رفع حاجبيه بعجب، فها هيَّ تبرر له لكن بنبره هادئة.... في كلِ مرة كانت نبرتها مرتفعة وتردد لم أكن كذلك بلا تبرير...



بقيت تحدق بالشارع مبتسمة للمارة وكيف يبدون متحمسين ولا يبالون بالآخرين بل يستمتعون وحسب... داهمها النوم فأغلقت عينها ليقع رأسها على زجاج النافذة يسارها...

والآخر لم يلاحظ فقد ظنها تحدق نحو الخارج وحسب كما صباح اليوم... وصلوا للفندق فنزل قبلها وحين طال انتظاره لها توجه نحو بابها ليفتحه بإنزعاج...

تلاشى ذلك حين إنزلقت نحوه وبحركة سريعة أمسكها كي لا تقع نحو الأرض... حدَّق بملامحها الهادئة طويلًا رغم الموقف
"نائمة بعمق..."

إبتسم بخبث ليحملها وهو يسير نحو الفندق بعد أن ودع السائق جوي... سار وهو يحملها كأميرة مُستقلًا هدوئها النادر...

أدخلها غرفة النوم وتركها على السرير بهدوء... ضحك بخفة لملامحها البريئة ليذكر نفسه بملامحها الحادة كنمرة تنقض على فريستها، وشتان ما بينهما... خلع عنها حذائها عديم الكعب بالون الوردي الخافت والواضح بأنها تمتلكه منذ فتره طويلة، ثم تركها لتنعم بالراحة...







خرج من الحمام ليصله صوت طرقات الباب فتوجه نحوه متواجهًا مع سكرتيرته الفرنسية
" ما الذي جاء بكِ ناين؟"

إبتسمت بهدوء وهي تجيب وزمرديتيها تبرق بلطف
"لم أرد أن تشعر بالوحدة!"

أغمض عينيه بهدوء قبل أن يجيب
"ناين.... لست وحدي وهذا واضح!"

إقتربت منه لتحاول معانقته
"أأنت كذلك؟ تعرفني لا ارى غيرك حين تكون متواجدًا!"

بالكاد إقتربت له أبعدها بحدة
"قلت لكِ ألف مرة عـ.."
قاطعته ترتب رداء حمامه
" علاقتنا لا يجب أن تتجاوز العمل لإخفاء السر... اعرف...."

قطب حاجبيه ليمرر يده نحو عنقها وزمرديتيه محمران
"قومي بعملكِ كما ينبغي ولا تتجاوزي الخطوط التي ارسمها كي لا تتحطمِ معها!"

قهقهت بخفة
"لهذا أنا احبك... حاد الرد، عدائي، لا رحمة..."
ارتدت قناع السكرتيرة الجادة وهي تكمل
"الملف الذي تركته لك... هل اطلعت عليه؟!"

ابتسم للتغير السريع وهو يجيب مبتعدًا
" لم أجد الوقت... ماذا يحوِي؟"

تقدمت لتجلس على الأريكة الثنائية
" المعزوفة التي حدثتك عنه... مدير الفرع..."

غادر ليعود مرتديًا قميص أبيض وبنطال فضي وهو يحمل الملف
"أهذه هيَّ الأدلة التي قلتِ لي عنها؟"

أومأت وهيَّ تتكئ على الأريكة بغير تكلف واضعة القدم فوق الأخرى على الطاولة الزجاجية أمامها
" أجل... لقد تأكدت من الوضح بنفسي، وليس وحده هو والمحاسب ومدير المشروع يختلسون مبالغ طائلة..."

حدق بالملف وهو يشير لها بالمتابعة
"انهم يستقلون مشروع الفندق خاصتك ليملئوا جيوبهم سنويًا من مشاريعكَ في فرع باريس..."

قهقهت بخفة
"الأغبياء حتى حاولوا رشوتي بمال لا يملكونه لأخفي ما قد ألاحظه اثناء تدقيق بعض الملفات وصفقات الإجتماعات حسب عملي..."

فتحت حقيبتها وأخرجت علبة حمراء مربعة الشكل بعد فتحها ورمتها على الطاولة بلا مبالاة
"مدير الفرع السيد ليوناردو أهداني عقد الألماس الباهض هذا كهدية عابرة لخدماتي... أتساءل، كم يربحون ليهديني شيء كهذا بلا مناسبة متذرعًا بوقوفي بجانبه؟!"

رفع حاجبيه بإعجاب على العقد منتصف الطاولة
"لابأس بذوقه... سآتي للشركة صباح الغد، لا تدعي احد يفهم لنفاجئهم! الحثالة التي تمد يدها على الطعام قبل سادتها لا يستحقون كرمهم!"

إبتسمت بإتساع مستمتعة وهي *ماتزال تجلس بنفس الوضعية السابقة
"ليكن الحدث الكبير دراماتيكي ومأساة محطمة يا عازف الأركيسترا، ليبكي الجمهور والعازفون جميعًا، ملطخين بجبروتك الدامي!"

إذا كنت ستصف ناين بكلمة، فهي مازوشية بالتأكيد! لا يهمها سوى أن تستمتع بما يحدث من ألم لها ولمن حولها...



جلس يقرأ الملف بتمعن ليحدق بقرص ليزري أحمر اللون وهو يرفعه
"ماذا فيه؟!"

حدقت به بطرف زمرديتيها
"الحسابات... قبل وبعد التلاعب بها، سندات الصفقات على المصالح رديئة الجودة وبخسة الثمن... بإختصار الألحان!"

قطب حاجبيه يمرر عينيه عشوائيًا على الأرقام والمستندات في الملف... أخذته من يده بحركة سريعة تحت صدمته
"يمكنك رؤيته لاحقًا..."
ثم سمحت لنفسها بالجلوس على ساقه وعانقه
"إشتقت إليك أ..."

تنهد هيكتور بيأس ليقاطعها بتعب
"عودي لمنزلكِ ناين... لدينا يوم حافل غدًا!"

قطبت حاجبيها ترفض بعبوس
"هذا ليس عدلًا... قاسي كالعادة..."
دوت شهقة قوية تلاها إرطام أقوى، نظر خلفه كما فعلت ناين بإستغراب، كانت روجينا تلمس جبينها وهي تواجه الباب وتشتم نفسها بهمس...

توقفت فجأة لتحدق نحوهما بحذر
"تجاهلاني.... لم أرى شيءً!"

ضيق زمرديتيه لروجينا قبل أن يربت على ظهر ناين مشيرًا برأسه أن تغادر... نهضت الأخرى تشكو بملل
"تحطمتْ ناين مجددًا!"
حدقت نحوه لتردف بملل
"العِقد من نقودك تقنيًا لذلك اعتبرني أعدته لك! ضعه مع الأدلة...."

تحت نظرات روجينا المُستفهمة بوضوح ترك هيكتور الملف ليلتقط العلبة ويغلقها قبل رميها على ناين
"إحتفظي بها!"

إلتقطتها لتتركها على الطاولة قرب الباب بإشمئزاز
"لو كنت أريد الألماس لما تركت ثروة جدي للكلاب!"
خرجت تحت صدمة روجينا لتحدق نحو الآخر بحذر وهي ترطب كرزيتيه: "آسفة إذا كنت ازعجتكما!"

حدق نحوه ببرود ليشير لها نحو الطاولة قرب الباب
"أحضري العلبة..."
تقدمت لتجلس بجانبه بعد أن أتت بها كما طلب ليكمل بمجرد استقرارها بجواره
"لم تقاطعي شيءً أيتها المنحرفة!"

أجفلت مُحرجة ليوضح أكثر وهو يبتسم بشرود
"ناين... من القلائل الذين أثق بهم!"
مد يده لتمرر العلبة ففتحها
"من الذين لا يسيل لعابهم وإن قدمت لهم ألذ المأكولات!"

حدقت بمحتوى العلبة بعدم تصديق وهي تسأل بفضول
"أهو حقيقي؟!"
قطبت حاجبيها تدقق ببريقه ليكمل هيكتور
"إنه كذلك.... مع ذلك، فهي فضلت إخباري بما يحدث خلف ظهري على السكوت والربح به..."

إبتسمت بهدوء
" لذلك تثق بها؟!"

حدق بها بطرف عينه والعقد بيديه
"تقنيًا الوحيدة في العالم حتى لآن... كان جدها أحد أشهر مصممي المجوهرات في سبعينيات القرن الماضي... وهيَّ تركت كل إرثها لأبناء اعمامها لتعمل مُستقلة بنفسها... وصفها الصحافيون أنها مجنونة لترك ثروة خيالية جاءت سهلة في حين هي تستمتع بإنجاز الأمور بنفسها... "



إبتسمت روجينا بذهول
"مذهلة... أنا معجبة بها من الآن!" صمتت بحذر قبل أن تكمل
"أهيَّ... سيدة بلاديمون مستقبلًا؟!"

توسعت زمرديتيه بشدة وهو يحدق بها مصدومًا... أتدرك ما تقوله؟ فرت منه ضحكة ساخرة وهو ينفي بهدوء
"مستحيل!"
"لما لا؟!"
خرج سؤالًا حائرًا منها ليجيب بشرود
"لأنها... أختي!"



توسعت زرقاوتاها وتقلص بؤبؤيها لترفع نظرها نحوه بصدمة
"أختك؟!"
حدقت بزمرديتاه بعدم تصديق... لتردف بعدم إقتناع
"لم يخبرني ماتيوس بذلك... أقصد لقد تحدثت معه مرة واحدة وهكذا..."

تمدد وهو ينهض ليجيب بتهديد
"إياك، ثم إياك وأن يعرف ماتيوس..."

توجه نحو غرفة النوم لتهتف روجينا
"كيف لا يعرف؟!"



عاد من غرفة النوم ثم يحدق بها وهو يحمل ستره بنفس لون البنطال الفضي... لقد سمح لنفسه ولأول مرة في حياته، أن يعترف بهذا السر لأحد! تنهد وهو يردف بتوضيح
"إنها أختي من والدي... إكتشفت ذلك صدفة وذلك حين رأيتها مع أبي وكانت تتحدث معه تلك المراءة وهيَّ تحمل ناين الصغيرة... كنت حينها في السادسه ولم أهتم كثيرًا... وأمي كانت أشبه بالملاك، لم أرد كسر أجنحتها!"

قالت بذهول
"مستحيل... أأخفيت ذلك طوال ذلك الوقت، لا شك أنه كان صعبًا، مروعًا ومؤلمًا!"

إبتسم بإستخفاف
" لن يفهم عقلكِ الذي يرى كل شيء زهري بشاعة اسرار التي تتعلق بخيانة الأب أو الأم... أنا لم أشعر بأيٍ مما قلتٍ... بإختصار، إعتدت رؤية ذلك... ليس كأنها كانت المراءة الوحيدة في حياة والدي... الإختلاف الوحيد، أنها الوحيدة التي تركت له إبنة!"



سألت بفضول حين وجدته يجيب مفرقًا ما في خلده...
"وماتيوس لايعرف مع أنه الأكبر...؟"

أشار لها أن تقترب له ففعلت ليمسك تحت ذقنها مبتسمًا بتحدي
"ألا نهاية لفضولكِ خادمتي؟!"

عبست لوقع الكلمة لتهتف بملل
"تتحدث عني كما لو كنتُ خادمتك للأبد!"

مد يده نحو عنقها ببطء لتتذكر آخر مرة فعلها فجفلت بخوف... هتف بحدة ممسكًا بعنقها بكلتا يديه
"روجينا... إفهمي، أنتِ ملكي! لن يغير أي شيء في العالم هذه الحقيقة!"

قطبت حاجبيها منفعلة لتنهال دموعها
"لست ملكًا لأي أحد... لست شيءً لتتملكه... أنا روجينا أندرسون، كوني اعمل لديك لايعني أنك تملكت هويتي! لا امانع العمل لديك، لكنك تبالغ..."

حاولت إبعاد يديه في حين يضغط بإبهاميه على عنقها... شعرت للحظة بأن كل شيء أصبح ضبابي لتجد نفسها تنهار على الأرض وهو يحدق نحوها بحدة: "هيكتور.... أنا أختنق!" قالت بكلمات متقطعة وبصعوبة ليستعيد نفسه فهتف قرب وجهها وهي تتمدد على الأرض
"شئت أم أبيتِ... أنتِ ملكي!"

أومأت عله يتركها ليهتف قرب شفتيها
"قريبًا... سأجعلكِ كذلك!"
إبتسم إبتسامة مختلة وهو يتزيل احد يديه ليرتببها شعرها بلطف...

دفعته ليبتعد لكنه لم يتزحزح فهتف بحذر
"لاتحاولي التملص من سلطتي عليكِ... لأنه ومهما فعلتِ ستعودين لي جاثية..."







إستفاقت صباحً لتجد نفسها وحدها على اريكة الصالة... فجئة تذكرت ماحدث، تلمست عنقها مدركة أنها فقدت وعيها... نهضت بفزع تبحث عنه لتجد نفسها وحدها في الجناح... عادت لغرفة الجلوس لتلاحض ورقة بيضاء على الطاولة الصغيرة قرب الهاتف الداخلي... *

"إشتري لنفسك فستانً راقي، سنذهب لحظور حفلة عمل هذا المساء..."

حدقت بالنقود التي كانت تحت الورقة لتصدم بكثرتها... عبست بغيض
"ماذا يظنني؟ يهينني، يخنقني ويفقدني وعيي ليتصرف كما لو لم يحدث شيء؟!"

صمتت طويلًا قبل أن تصرخ مفرقة كل سخطها
"اللعنة!"



حدقت بنفسها ماتزال ترتدي نفس الملابس التي جائت بهم من نيويورك... أخذت حمامًا قبل أن تغادر الجناح... كانت ترتدي قميص بأكمام طويلة بالون العاجي مع جينز وسترة سوداء وحذائها الرياضي الأبيض... في البداية قررت تجاهله وأنها لن تنفذ ماقالته وذلك قبل صعود المصعد قاصده المشفى... حدقت بإنعكاسها في مرآة الجانبية لتلاحظ الأثر المحمر على عنقها رقم أنه خف بعد الإستحمام... إزدرقت ريقها تحدث نفسها
"اشعر أنني سأموت إذا جادلته!"



تنهدت بتعب لتصدم به حين فتح باب المصعد، يبدوا أنه كان عائدً لتوه... خرجت لتقف أمامه فقال بشيء من الراحة
"عدت في وقتي... لنذهب معًا!"

حدقت به وهي ترفع حاجبها الأيسر
"أتمزح؟!"

سحبها من ذراعها وهو يجيب بشكوى
"لا أثق بك! ستتوهين، تقفين بمنتصف الطريق شاردة، أو أسواء تختارين فستانً بشع لايناسب المكان الي سنقصده!"



تابع سحبها وهي مجفلة وتقنع نفسها أنها إحتمالات قوية... عدى الأخيرة!
"لمعلوماتك... ذوقي بالثياب جميلٌ جدًا!" قالت ذلك وهي تقف بمجرد خروجهما من مدخل الفندق الزجاجي...

التفت نحوها بسخرية وهو يحدق بملابسها البسيطة، القديمة والبشعة برأيه... أطلق ههء ساخرة ليسير مبتعدًا
"أيًا كان..."



دخلا محلًا فاخرًا ليسير هيكتور بين الملابس بتدقيق... كأنهُ يتسوق لنفسه! قدم لها فستانً وردي خافت لتجربه فرفضت قطعًا
"أنظر إليه... إنه... إنه..." حدقت جانبًا وهي تكمل بشبه همس: "يكشف الكثير!"

حدق به بعدم فهم، ليرميه عليها ويتابع البحث
"مازلتِ ستجربيته مع هذا..." مرر آخر بالون الأبيض لايختلف عن سابقه بكثير...

رفعت الفستان الأبيض تحدق به بملل
"أليس مبالغً به؟! أنظر لتنورته إنها واسعة... لايحتاج سوى القليل ليبدوا كثوب زفاف!"

تجاهلها وهو يرمي فستان موزي على وجهها
"توقفي عن الشكوى وجربي الثلاثة..."

نظرت له بتحدي
"أتيت معك لأجل ماتيوس وليس لحظور أية لعنة... ثم مادخلي بإجتماعك هذه؟!"

تجاهلها مجددًا وهو يشير للمؤظفة ويتحدث معها بالفرنسية بطلاقة
"دليها على غرفة القياس..."

إبتسمت المعنية وهي تشير لروجينا جانبًا لتلحق الأخرى بها بيأس... بعد أن هتف بها
"هذا أمر!"



خرجت بالفستان ذي التدرجات بين الأبيض الى الموزي نهاية التنورة وكان حريري وطويل عديم الأكتاف مزين بكريستالات ناعمة على الصدر والخصر... كان يناسب جسدها بشدة... خرجت وعلى وجهها تكشيرة صغيرة وهيَّ تقول
"الجو بارد..."

أشار لها أن تدور حول نفسها ففعلت بملل... لم يعد يجادلها بل يفرض طلباته وحسب...

عادت لتجربة الأبيض وكان ذو طبقات عديدة وتنورة واسعة وأيضًا عديم الأكتاف أيضًا... بمجرد خروجها كانت ترفع التنورة من الأمام لتسير نحو المرآة... جفل للحظة لمظهرها الخلاب... العقل يقول له مزقه وقلبه يقول فاتنة!

أشار لها لتعود لغرفة التبديل وهو يحافظ على ملامحه جامدة وبصعوبة... إزدرق ريقه بمجرد دخولها وقد فهم قصدها حين رفضت تجربة الفساتين... الزهري كان أكثرها إعتراضًا وكانت محقة... خرجت تضع يديها أماهما وقبل المثول أمام المرآة قالت بحدة
"مستحيل..."

اغمض عينيه بيأس منها ومن نفسه... مالذي ورط نفسه به؟ جائت المؤظفة التي كانت تساعدها في التبديل وحثتها للسير نحو المرآءة مجددًا لترتب لها الفستان بحركة ناعمة وسريعة وأخفضت يديها وهيَّ تقول: "كل شيء يليق بكِ... تبدين ساحرة الجمال!"

حدق بها من مكانه بتردد فقال بحذر
"أيهما إرتحتِ به اكثر روجينا؟"

تنهدت بيأس لكونها بين الثلاثة فقالت بهدوء
"الموزي... لكن لونه...."

تمتم لنفسه "موزي؟!" وقالت المؤظفة تقف خلفها وتمسك كتفيها
" ذلك التصميم متوفر بالون الزهري، السماوي والأخضر... أوه وكذلك الأبيض... فكرة التصميم أن تكون الألوان خفيفة..."

قال كليهما في نفس الوقت
"السماوي إذًا!"

التفتت نحوه بعدم تصديق لتجده يبادلها نفس النظرات...



خرجا من المتجر ليتوجها نحو آخر خاص بالأحذية والحقائب... إختار لها حذاء اعجبها ولم تجادله عليه بالون الأبيض ذو كعب متوسط...

بطريقةٍ ما كان يحرص على جعلها تبدوا جميلة ومرتاحة... وضع لها عقد لؤلؤ مزدوج وهو يردف بتحذير: " حين نصل، كل ماعليكِ فعله أن تبقي بجانبي... لاتبتعدي عني ولاتتحدثي مع أيًا كان إن لم أشارككِ الحديث... لاتشربي مالاتعرفين محتواه ولاتقبلي دعوات الرقص... مفهوم!"

أومائت بيأس فهو لايريد إخبارها شيءً... أردفت بسخرية
"كالدُّمية!"

تشابكت زمرديتيه مع زرقاوتاها ليردف بتوضيح
"دميتي!"







دخلا المطعم الذي أبهرها بكثرة الزهور البيضاء والوردية بمبالغة، تقدمت بجواره وهي تنستند على ذراعه كما طلب منها وهي ترسم ملامح هادئة وجامدة لتبدوا حقًا كالدمية... تسرح شعرها بضفائر عديدة تثبتها مشابك بطرف لئالئ تلمع بلون سماوي خفيف كحال العقد والقرطين الصغيرين...

كان يعرفها على الناس المهمين وهي لاتعرف مايقوله لكونهم يتحدثون بالفرنسية وهيَّ لاتفقه شيءً منها وكل ماتفعله هو المصافحة مبتسمة بخفة... الشيء الوحيد الذي كانت تفعله هو الوقوف معه، وجعله يبدوا رائعًا لوقوف فتاة جميلة بجانبه!



همست في أذنه
"سأذهب لدورة المياه..."

حدقت به بملامحها الجامدة والمحرجة ليبتسم وهو يهمس بلطف لم تره من قبل
"لا داعي!"

توسعت حدقتاها لتضغط على ذراعه وهيَّ تقطب حاجبيها بشيء من الإنزعاج فقال مبتسمًا بهمس
"هل أنتِ كطفلة؟!"

تركت ذراعه معتذرة وإبتعدت عن جمعه معه مجموعة الرجال، أغضبه ذلك رغم إخفائه بمهارة أمامهم ليعتذر منصرفًا بعد أن شعر بتأخرها...



كانت تجلس بجانب البار وهي تنحني لتلمس اصابع قدمها وتدلكها لكثرة الوقوف، فتقدم منها شاب بدى راقي الهندام ببذلة سوداء وربطة عنق فضية... إعتدلت بجلوسها لتستقيم بظهرها حين لاحظت جلوسه والتحديق بها بجراءة...

" وحدك! أتشربين شيءً؟"
شعرت بنبرته تأتي متسائلة وقد كانت لهجته الفرنسية واضحة وهو يشير للساقي...

إبتسمت بسخرية لتهتف بلامبالاة
"ربما! وربما لا! لكنها لا بالتأكيد..."

كانت تتحدث معه بلهجة غير مبالية فتحمس للتحدي أمامه ومد يده مصافحًا
"جوناس لورج..."

رفعت حاجبيها لتردف بوقاحة تحت لهجتها الساخرة
"جيد لك!"

توسعت حدقتاه وهو يحدق بيده في الهواء فقطب حاجبيه بإنزعاج إجتهد ليخفيه
"أتعرفين من أكون؟!"

لفت الخصلة المتدلية أمام أذنها وقد قامت بتمويجها مسبقًا حول إشارتها وهي تنظر أمامها بلا مبالاة
"واحد منهم!" حدقت نحوه جانبًا وهي تبتسم بتبرم
"السيد ينتظرني!"

نهضت بعد ذلك مباشرةً لتتوجه نحو هيكتور تبحث عنه بزرقاوتاها فوجدته يحدق نحوها بإنزعاج طفيف... تقدمت نحوه لتتمسك بذراعه متنهدة بشبه همس...
"حثالة!"
خرجت كما فكر بها حين شهد حديثها مع ذلك الشاب... فللحظات ظن أنها ستستغل الفرصة لتجذب شابً غني من الحفلة... لكنها روجينا! شعر بالذنب لإساءة الظن بها مجددًا، فهيَّ دائمًا تخيبها...

التفتت نحوه جانبًا وهيَّ تسأل بشبه همس
"أتعرفه؟!"
حدق بها لتكمل
"الفتى المثير للشفقة الذي جلس بجانبي!"

فرت منه ضحكة ساخرة لوصفها له بالمثير للشفقة وهو يجيب
"جوناس لورج... وريث سلسلة مصانع لمنتجات الغذائية! الفتى على حد وصفك، له ستون بالمئة من سوق الأطعمة المعلبة والفاخرة..."

ضحكت بخفة وهي تردف ساخرة من الموقف
"روجينا اندرسون، فتاة الميتم، النادلة وعاملة المتاجر..."

نظر للأسفل نحوها ليكمل بسخرية لاذعة وجدتها بنبرته
"دمية هيكتور بلاديمون!"

جفلت لتنظر نحوه بإنكسار وقد تلاشت إبتسامتها... تقدم رجلٍ عجوز ببذلة سوداء بنفس الوقت، كحال اغلب رجال الحفلة وهيكتور واحدٌ منهم، ليتحدث معه فصمتت تجتهد الإبتسام بتكلف حين تحدث الرجل معها وهي لاتفهم اللغة...
"من النادر رؤيته مع إمرأة... انا متفاجئ بصراحة..."
كل ماتمكنت فعله هو الإيماء مبتسمة بلطف...

قالت بعد إبتعاد الرجل
"بمجرد الإطمئنان على ماتيوس... هل لي أن أعود لنيويورك..."

إبتسم بعبث وهو يجيب بثقة
"الإتفاق لايسير بهذه الطريقة... طلبتي مني القدوم وأنا طالبتك بشرط... تذكرينه...؟ أنا من يقرر ماذا ومتى تفعلين مايجب أن تفعليه..."

قضمت شفتها السفلى بحسرة لتذكيرها كيف وافق هيكتور على قدومها معه... ليس حبًا بها أكيد، ستنفذ طلباته وتفعل كل مايطلب منها خلال الشهر المقبل... وذلك يتضمن الحفلات والتجمعات الإجتماعية... بإختصار ستكون واجهة لعرض جمالها بجانب سلطته وجبروته!...





تقدت نحوه وهو يجلس على السرير ويبعد الربطة بتعب... حدقت نحوه مدعية القوة
"أعرف أنني وافقت على مرافقتك، لكن هذا لايعني أنني لست إنسانة! لقد كنت أشعر بأنني عديمة الجدوى بجانبك... مالنفع من كـ..."

قاطعها وهو يمسك بيدها ويسحبها قليلًا
"لسانك هذا... سأقصه حقًا يومًا ما! إفعلى ما اطلبه ولاتناقشيني... تعلمي إطاعة الأوامر لتنعمي بحياةٍ هادئة!"

قالت مُعترضة
"من قال لك أنني..."
قاطعها مجددًا
"قلت ذات مرة أنك تجيدين فعل أي شيء!"
أومائت وهي تردف بحذر
"أكيد... لقد عملت بوضائف عديدة..."

إبتسم وهو يحرر يدها
"دلكي كتِفي!"

جفلت للحظة لتردف بتأكد
"تدليك!"
أومأت ثم جلست على ركبتيها خلفه وماتزال بفستانها السماوي وبدأت تضغط على أكتافه وعنقه برؤس أصابعها بقصوة تصاحب نعومة بشرتها رغم عملها الدئوب.... قالت بلطف بعد أن تلاشى إنزعاجها
"لقد عملت في التدليك لشهرين قبل سنة... اكان ذلك مذكور بالبحث الذي أجريته عني قبل توضيفي رسميًا؟!"

أومأ بصمت وقد سرى شعور الراحة في جسده من ضغطها المستمر على كتفيه العريضين...







في الصباح الباكر خرجت قبله مرتدية لقميص أحمر ذو اكمام طويلة مع جينز اسود طويل وحذائها الرياضي الأبيض، لتركض نحو السائق وتلقي التحية مبتسمة
"صباح الخير ياعم...."

بادلها التححية مضيفًا
"تبدين سعيدة يبنتي..."

أوماءت مسرورة وبحماس
"لقد إستعاد السيد ماتيوس وعيه البارحة... وسنذهب لرؤيته..."

إبتسم العجوز جو وهو يفتح الباب
"هذا رائع..."
التفت لهيكتور وقد خرج لتوه وهو يرتب سترته السوداء ويغلق زريها "صباح الخير سيد بلاديمون..."

رفع المعني نظره ليبادله التحية بملامح مهمومة
"صباح الخير..."
ثم تابع بشبه همس لنفسه
"أي خير يأتي من مقابلة الأفعى من بداية النهار..."







دلفت غرفة ماتيوس الخاصة في المشفى لتهرع نحوه بسعادة
"ماتيوس... كيف حالك؟"

رمش بعينيه عدة مرات وهو يتمتم بعدم فهم
"أنتِ؟!"

دلف هيكتور بعدها فقد سبقته ركضًا لحماستها... توسعت حدقتيه لهذا اللقاء غير مصدق... ربما لأنه لم يتوقع أن الشقراء التي بالكاد قابلها مرة في حديقة بيت أخيه ستستمر بالعمل لديه أكثر من اسبوعين! فهو يعرف أن قسوته أبعدت الكثير من العمال سابقًا...

وأخيه الذي ختم آخر لقاء لهما بالكم سيزوره بعد ما قالاه لبعضهما... فأي السيناريوهات سيطبق؟




*يتبع*





 
 توقيع : فِريـال


التعديل الأخير تم بواسطة شَمس. ; 04-21-2022 الساعة 12:32 PM

رد مع اقتباس
قديم 01-02-2021, 04:35 PM   #23
ساي
عضو جديد


الصورة الرمزية ساي
ساي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1308
 تاريخ التسجيل :  Jul 2020
 المشاركات : 2,291 [ + ]
 التقييم :  3532
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Silver
شكراً: 0
تم شكره 4 مرة في 4 مشاركة

مشاهدة أوسمتي

Post رد بسيط








السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالك ؟
إن شاء الله بخير وما تشكين من شئ

إطلاله جديدة مع فصل مبهر منكِ ، توقعت الكثير منك لكنكِ حطمتِ جميع توقعاتي .

مضيفة الطيران لو كنت مكان روجينا كنت قتلتها وأرحت العالم منها ، أعجبتني تصرفاتها الطفوليه ..
إلهٰي ناين السكرتيرة المثالية أحببتها من الآن أراها مثلي الرائع سأقتدي بها > ههههه
ساندي لا تصلح أن تكون أم أو زوجه لم أرى في حياتي أم تستغل أطفالها ولن أرى ، ماتيوس يستحق أفضل منها ..
وعلى ذكر ماتيوس تقطع قلبي عليه ، بس الحمدلله هو بخير .

عليّ أن أقف بجانب روجينا في هذا المقطع [ ثم سمحت لنفسها بالجلوس على ساقه وعانقه
"إشتقت إليك أ..."
تنهد هيكتور بيأس ليقاطعها بتعب
"عودي لمنزلكِ ناين... لدينا يوم حافل غدًا!"
قطبت حاجبيها ترفض بعبوس
"هذا ليس عدلًا... قاسي كالعادة..." ]

لأنني فكرتُ مثلها ، إلهٰي تصرفاتها لا توحي بذلك
وما حدث بعدها جعلني أضحك بشده ..

إنصدمت عندما علمت أنها أخته > يجب أن أُصفع لكي أفتح عيناي جيدًا .
ناين وشخصيتها بالنسبة لي رائعة رؤية غيرك يتعذب ممتعة > لازم أصف معها .

فصل رائع و صادم لم أتوقعه هكذا ..

مهما قلت وتحدثت لن أوفي حقك ..

شكراً لجهودك ..
تقبلي ردي وخالص ودي 💖💖..



 
 توقيع : ساي

دخول متقطع .

التعديل الأخير تم بواسطة شَمس. ; 09-10-2023 الساعة 11:07 PM

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رِوٱية رُوجِيناٌ | Ŕŏŏgïnă. بِقلم الآعضٱء/ نقاش كُتّاب الرّواية lazary روايات الانمي_ روايات طويلة 89 12-02-2020 06:47 AM
ذهبي [ تسلية ] - طقطقة أقلام حرة | محادثة روائية . سَرْمَد؛ نقاشات وأنشطة الروايات 41 08-07-2020 10:48 PM
وَ حِـينَ يَجْتَمِـعُ الإِبــدَٱعْـ | أَنْـتَ لِـي | ¦ ϟ MISAKI - أرشيف المواضيع المكررة والمخالفة 0 06-01-2020 12:35 AM
وتمرّ الٱيّام Night birde مواضيع عامة 2 05-12-2020 11:00 PM


الساعة الآن 08:09 AM