••
العودة   منتدى وندر لاند > القصص والروايات > روايات الانمي_ روايات طويلة

روايات الانمي_ روايات طويلة لجميع أنواع الروايات " الحصرية، العالمية، المنقولة والمقتبسة"


~ قدر مخطوط على صفحات الزمن

روايات الانمي_ روايات طويلة


موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-04-2020, 07:34 PM   #16
ورده المودة
في جوار ربها ، اللهم ارحمها واغفر لها وتجاوز عنها


الصورة الرمزية ورده المودة
ورده المودة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 104
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 المشاركات : 221 [ + ]
 التقييم :  277
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة


.

















.






15
الأمان،الإضطراب





التفت الطبيب لنوي مستفسرا بما لم يطرأ على بال أحدهم بسبب الإرتباك الحالي: هل لك صلة بالمريضة؟

جوابه كان صاعقة: خالها.

نظر كل من هاروكي و إيريكا لبعضهما بحيرة، فهل كانت شخصية نوي خفية لأهل هذا الزمان...؟!
أما الباقين ظلوا يستوعبون ما طرق أبواب فهمهم بحروف نطقها من..؟

نوي....!




روحه باتت تتناسى جسده في عالمنا متجردة من قيود المشاعر بالنظر لتلك الأسلاك المتصلة بجسدها...
فروحه تكابد للانتزاع ذهابا لها، و عينيه تحارب رغبتها بالتحديق بما سلب أفكاره ...

أدار بؤبؤتيه المرتكزة في محجرها نحو الواقف بعد أمتار ينظر لمستقرها متطلعا بلهفة المشتاق لعودتها...

تقدم ببطء لا يقوى على تغييره ثم خاطب ذاك القريب الذي رأى به برودا لما فعل: كيف أمكنك أن تسلمها لذاك المتحجر...؟!

رفع كفه ليبسطها فوق ذاك الحائل الذي يحول بينهما و بينها و أطلق صوته المتثاقل حزنا و المشوب بنبرة طغاها أسى سيطر على كيانه: لو كنت بشرا، هل ستتخيل أن أبا سيقدم على قتل ابنته...؟

أطرق برأسه يجوب عن كلمة تصد هذه الجملة التي تستعيد ذكراه المؤلمة: و هل كان أبا ؟!....منذ البداية لم يكن والدا لها، منذ أن كان يقدمها أضحية تجارته القذرة، و منذ أن سلبها نعم عمرها، بالأساس هو تخلى
عن أبوته منذ سلب منها حنانا بقتل أمها..

رعشة يد سرت بمقابله مظهرة آثار حديثه منبئة بعالم نوي المتوتر: ماذا قلت؟!....قتل أمها ..!

أضحت الصورة أشد سوداوية مما سبق، و الظلم بدى جليا بوضوح...

سرقها حبا و أوردها بأقذر حياة للبشر...و من ثم جعلها قربان استمتاعه على لعب بموازين الإنسانية....
أسند نوي رأسه المرتفع على ذاك الحائط ورائه...و بدأ يكرر كلمة النفي علها تعيد الزمن و تغييره، جهلا منه الأيام لاتغير مسالكها:لا...لا..لايمكن، أختي...

وقعت عيني ريو على حركة من كفها الممتدة ليصرخ بفرح قد غمره: كاوروا.... كاوروا قد تحركت ...أنظر نوي..

بتر كلماته دخول نوي من فوره تاركا تلك الكلمات ترتد لصاحبها ...
رفع نوي حاجب استنكار و كأن العقل قد عانقه و فارق ذاك الشاب...!
تنهد تنهد راحة قلب بعد عناءه و اتجه لإبلاغ الطبيب....




مجفلة مقلتيها النعستين بإنهاك قد اختطف نومها...
تتكرر ذكرياتها مع فتاة ذات معنى لها، ...صديقتها... أجمل لحظاتها ، سكناتها، جل اهتمامها...و الأصح ، هي أمها و سر وجودها ....

أسبوعين ...أربعة عشر يوما و النوم مفارق لها و اللوم مرافق ...
قد تكون صعوبة هذه الأيام ثابتة، إلا أن رؤيتها أصعب...
انكشف الكثير مما أرادت التوصل له بفضول أعمى...
سر مجهولية جدها،بداية رابطة نيكولاس بأمها... حب أهل هذا الزمان..!

أدركت نوعا من أسرار عمل والدها من خطر جامح و ذهن راجح و قلق دائم على أعزائه...
التفت بغطائها محاولة النوم ككل ليلة إلا أن صوت طرقات المتوالية أفزعها...




أسرعت نحو مصدر الصوت قاطعة تسارع دقات النبض لديها : آتية.

لحظات و هي تقابل وجها مستبشرا مما أثار عجبها: ماذا هناك ليندا؟!

أجابتها بعناق حار بادلته إياه إيريكا ببعض التلبك: أخبريني ماذا هناك؟!
دموع الفرح لم تترك مجالا للكلام إلا أن المجهول يبقى مجهولا دون علم، لذا صرحت بحروف تتراقص بهجة بخبرها: لقد استيقظت.

أطلقت فتاة زماننا دوي فرح لتجلس مكانها باكية : أخيرا...

عندها سمع صوت تعثر و سقوط عدة مرات قبل أن يفتح الباب المجاور ليظهر منه شاب مبعثر الشعر، مشحط العينين: أ أنت بخير كاوروا؟!

رفعت وجهها المحمر بكاء و هي لا تكاد تنطق: هار...وكي، لقد...استيقظت...

تهللت أساريره بعد طول انتظار فظل يعيد تلك الكلمات المباركة مقتربا منها لينحني ماسحا على شعرها المبعثر بدوره: ماهذا؟...ظننت أن هناك خطب ما، أفزعتني إيريكا...

صمت لحظة ينظر لصاحب البشرى ممتنا: قرت أعينكما بعودتها.
بادلته ليندا بنظرة دافئة سرقته في كنفها ثوان لاغير و ذلك لأن هناك صوت تنحنح قطع عليه النظر لها فأدار رأسه مغتاظا: ماذا؟

لاحظ هاروكي والده البغيض الذي قطع أجمل لحظات عمره...أقصد هيجي البغيض الذي مازالت يديه ترتب ياقته النيلية: ألن نذهب لها؟

نهضت إيريكا لتتقدم دون تفكير: بالطبع، لقد اشتقت إليها.
أمسكتها ليندا و سحبتها للخلف: ستذهبين..هكذا.
انتبهت إيريكا لتلك البيجامة التي كانت ترتديها ليعلوا صوت هيجي الضاحك: هو يوم له ظروف خاصة...أليس كذلك؟
عرفت إيريكا مصدر هذه الجملة المألوفة...أول موقف و أول لقاء جمعها به..
أخرجت لسانها و أغمضت جفنيها بطفولية: أحمق...لاتنس أننا الآن في منتصف الليل...
اتجهت لشقتها متمة:..سأذهب لأبدل ملابسي.

أشار هاروكي لنفسه عائدا لغرفته: و أنا أيضا...

دخلا تاركين شخصين بإبتسامة استلطاف رسماها على ملامحهما...
وجهت ليندا كلامها لهيجي: أشعر بإسترخاء...
قال هو الآخر: إه، مضى وقت منذ أن نعمت بالراحة .
رفعت أناملها التي تضاربت معلنة إرتباكها: لم تتح الفرصة لشكرك هيجي، شكرا على إنقاذي ذلك اليوم.

هي حقا لم تفكر برد جميل لكن ما قاله فعلا خارج عن التصور: أنا لم أستهدف إنقاذك خاصة، كان هناك خمسين طفلا على محك الموت ...كنت متشتتا على ما أستطيع فعله لهم، كنت قلقا عليكي و على أختي، لكن هدفي لم يقتصر عليكما...
أردف بعد صمت:...أتمنى أن تفهمي ما أرمي إليه.

ساد الصمت شريكا لتبادل أنفاسهما و هيجي يتطلع فضولا لمعرفة الأفكار التي تطرق باب ذهنها أو لرؤية ردة فعلها...
فهل كان استخدام كلماته الصريحة هذه هو الصواب..؟!

لكنه تفاجأ بها ... تفاجأ لدرجة لم يستطع عندها السيطرة على جسده المتحرك من مكانه...
فذي جملتها تخرجه لأمل قد يطلق عليه بالزيف : أنا أفتخر بك هيجي.

قادته خطواته...
أجل فهو لم لكن قائدها على كل حال... حتى وقف بجانبها...

رفع كفه ليبسطها فوق وجنتها التي اصطبغت بلون الخجل...
كان يمعن النظر في ما أراد تناسيه من جمال ملامحها حتى بزغ صوت أبعدهما عن بعض مشيحان بوجهيهما...
بل أصبح كل في واد...!

كان ذلك هاروكي الذي خرج رافعا نبرته الصبيانية: انتهيت..
حاول أن يتفرس بملامحهما الهائمة بفرح، فذي علائم السعادة بدت بالظهور من عتمتها...

إلا أن إيريكا خرجت أيضا لتنزل على عجل: لنذهب....
نزل هيجي و هاروكي بعدما تبعت ليندا صديقتها، لتبدأ بينهما جولة افتقدت لمدة...

هاروكي ينظر لخطوات والدته بشغف متناسيا نفسه ليضربه هيجي فوق رأسه: انظر لفتاتك ...لم تحدق بليندا؟!

جملة جرة الأفكار الخبيثة تستوطن ذهنه المتطلع للإنتقام لمن قاطعه: و ماذا؟...لا تنس أنك مرفوض و منتهي كرتك...من الأفضل أن تترك الساحة لي .

اشتعلت شرارته لتتعالى بعد توقفه و إمساك ياقته: ماذا قلت؟
أمسك تلك الذراع المتصلبة و أبعدها: بعض المزاح لاغير صديقي.

دفعه متقدما بضجر: لاتكررها.

خبأ سخريته في نفسه...
ياعيني...أنظر من يغار ممن...!..هذا مثال الأيام لا أمان لها...))))





كان الطبيب يقوم مقامه بفحصها و رؤية المستجدات في حالتها ثم ابتسم ليومئ برضا: جيدة... كل شيئ على مايرام، فقط فترة استراحة و تستطيعون إخراجها.

أبدى نوي نوعا من الإمتنان بإهتمامه: شكرا لك دكتور.
نظر له قائلا برحابة صدر: لم أفعل شيئا، هي القوية التي حاربت الألم هنا.

ترك الثلاثة في عالم يود الكلام ليرضي نفسه تكفيرا عن ما مضى...
جلب ريو كرسيا لنفسه ليجلس بجانب نوي عندها ...

ظاهر على المستلقية تعب و شحوب ، و عجز و ارتخاء...إلا أن ذلك لم يمنع لسانها عن النطق حين استشعرت يدي نوي الملامسة لكفها فأومأت له هامسة: من أنت؟

ازدرأ ريقه المجتمع بحلقه مخافة أن تكون مصابة بعرض آخر فقال لها: ألا تذكريني إيريكا؟...أنا نوي.

دققت النظر بملامحه...
شعره البني و عيناه العسليتان التان قادتها لوضع شبه بعيد في رأسها: أنت تشبه أمي...تذكرني بها...
لم تكن تعرف كاوروا بصمة كلماتها علية، فهو شعر بضلابضلال الشؤم تتهاوى أمامه،فسمح ليده برفع يمقبلاقبلا تلك الكف العائدة من الممات: و أنت تحملين ريحها...

نظر بجدية لها ليبوح بما في صدره من مكتوم: أنا خالك كاوروا....أخ سيلينا الأصغر.

حولت وجة ناظريها المتفاجأة لريو تطلب تفسيرا لما قاله ، لكن ماشأن ريو و التفسير..؟!

فأعادت تنظر لنوي المدعي قرابتها: لكن...أنت، كنت..معه...!!!

بدأ يمسح على رأسها و يمرر كفه بوجهها الشاحب رادا على كلماتها الهادئة: لقد تزوجت أمك بناوكي مذ كنت طفلا و ابتعدت آتية لطوكيو... و والدك كان قد قطع كل اتصالاتها بنا، عندما كبرت فهمت أنه يعمل بالمخدرات و تجارة البشر و غيرها من الجرائم... لذا التحقت بالشرطة و انتقلت من كيوشو، و اخترقت العصابة .... لي عامين أعمل بالخفاء معه... و عندما أرادك، قلت بنفسي سأشهده قدر نفسه معك بعدما أخبرك كل شيئ...لكن حقا، أنا لم أحزر أنه سيؤذيك...صدقيني، لو كنت أعلم لما تركتك لحظة معه....

اكتفت بإبتسامة باهتة تبرز تفهما و باتت تنظر لريو مستفسرة و كأنها تهرب من حروف جهلتها لزمن : هل الجميع بخير؟

أجابها بما طمأنها: الجميع بخير، الأطفال سلموا لأهاليهم...و أصدقائنا في طريقهم إليك، فهم قلقون على البطلة.

أتم نوي مازحا: أجل خاصة ذاك الذي ينعتك بأخته، فهو جرني لرغبة القتل أكثر من ناوكي.
ضحك ريو واضعا يده فوق كتفه: اسمع ، على الأقل لم تتعرض لصفعة طفل.
حاولت الضحك إلا أن ألم جنبها ظهر عوضا عن ذلك فاكتقت بالإبتسام لهما...

دخل بتلك الأثناء كابوسهما الصغير ليهب بعناقها : حمدا لله أنك استيقظت، شعرت أني سأخسر طعامي.

أظهرت اعتراضا مصطنعا: و هذا كل مايهمك؟!...
ابتعد معوجا شفتيه: و ماذا تضنين إذا؟!...أن أبكي لفراقك...!
رفعت يدها خلف ظهره: ابتعد عني يا ناكر الجميل..
عندها سمع صفعة الباب لتظهر خلفه تلك الفتاة المسرعة مقتربة منها تضمها باكية: أخيرا استيقظت، خشيت أن أفقدك حقا ...حمدا لله على سلامتك عزيزتي.

حاولت أن تخرج كلماتها بصعوبة: إيريكا، صدقا هناك شخص يعانقتي مسبقا...ريو، أبعدهما قبل أن أختنق.

ابتعدت إيريكا تمسح دموعها المنهمرة: آسفة، انفعلت قليلا ...
قال صاحب النبرة الباردة الذي ورد خلف هذه الفتاة مع زوجته المستقبلية وابنه: لم تمت من طلقة سلاح،لكنها ستموت من عناق بعض المتهيجة مشاعرهم.

رفع هاروكي كتفيفه بإستخفاف: أنظر من يتحدث...ألست تقصد نفسك؟!
شعرت ليندا بإرتفاع حرارتها فاقتربت من صديقتها متحاشية توجيه الأعين لها أما هيجي فقد حور الحديث ببراعة: بل القابع اسبوعين بالمشفى هائم في عالم العشق.

توجهت أنظار الخبث نحو ريو ليتلبك محاولا التهرب: ماذا؟...لقد كنت قلقا كالجميع...هي ضحت بنفسها مقابل حياتي، طبيعي أن أقلق...أنا...

أشارت ليندا له بسبابة اتجهت للاسفل: و لو كنت كذلك، لن اسلم صديقتي لمن استقر بحجر فتاة قبل أيام...

نهض من فوره لحريق مفاجئ قد داخله، هو لم يكن بوعيه...بل لم يشعر بنفسه بالقرب من إيريكا...!

أما إيريكا فقد استعادت ذكرى قربها منه لأول مرة منذ أتت، فارتسمت صورة أخرى لها مع عائلتها بحسرة....



و هكذا كان لكل صورة تدير الجلسة بجمال لحظاتها بين هذه العائلة..





عينين جادتين و هالة رئاسية محيطة بصاحبها جعلت من الزوايا بمن داخلها في حالة تأهب لأسئلته و أجوبتها...
هل كان له أي تصرف أو عمل غريب يداوم عليه""
لم ألحظ شيئا كهذا. ""
"أكنت تعلمين أنه يستغل بيع أملاكه لشراء المزيد من المخدرات و التجارة بها"
أجفلت عينيها ثوان لتتمالك غضبها من نفسها و غبائها: لا، هو كان يقول أنه مديون...جتى أن هناك أشخاص أتوا للشجار معه...!
حقا!...""
اكتفت بالصمت تنظر السؤال الذي يليه فأتم محادثه المقتصرة على سؤال و جواب...
منذ متى و أنت تستلمين الحقائب و تسلمينها""
منذ أشهر... عمل لسداد ديونه كما صرح هو...""
هل كانت تصرفات والدك غريبة مع أمك قبل وفاتها..""
شدت على لحاف أزرق سدل على قدميها و باتت تفكر بكلمات والدها المعترفة بأقسى ما يقال ،تاركة سايكوا ينتظر جوابه: آنسة إيريكا!

انتبهت من شرودها ليقترب يوري عندهما موقفا هذه السلسلة المنهكة للأعصاب: أتصور يكفي للآن سيدي...تحتاج لقسط من الراحة.

أرخى أطرافه و ملامحة مبعدا هالة الصرامة ليبدلها بهالة رجل اكتسى الطيبة و التفهم: لا بأس، هذا يكفيني... أتمنى أن تعذري عمك العجوز صغيرتي، يجب أن يعمل بواجبه ليطمئن على سلامتك.

أومأت بالإيجاب لتسمع ضحكة ميواكوا المستقرة بجانبها: لا تقل هذا سيد سايكوا، مازلت شابا.

أيدها هاروكي و إيريكا العائدين بصورته في ذهنيهما
بالطبع، بالنسبة لذاك الوجه، هو بقمة الشباب...))))

نهض سايكوا مبتعدا عن فراشها مؤشرا لنوي بالخروج معه، أي أنه أنهى تلك الراحة التي استغلها الآن....
اقترب نوي من إبنة أخته ليطبع قبلة حانية على جبينها: سأعود بأقرب مايمكن عزيزتي.
نظرت له نظرة تائهة عن التعبير، فهي لازالت تحارب عقلها مع واقع الأحداث: لاتقلق، سأكون بخير.

ثم وجهت حديثها لميواكوا: فرحة لأجلك ميواكوا، لم يبق الكثير... نعد الأيام لظهور طفلك المدلل.

أظهرت تعبير المحتج لما ورد مسمعها: مدلل!

لكن يوري تدخل من فوره: أجل عزيزتي، فأنت قد قمت بتدليل إبنينا السابقين، فمنه يعرف مصير إبننا الثالث ...مدلل.

زمت شفتيها المتراصة و همت بضربه بحقيبتها السوداء التي جعلت موضعها فوق ساقيها : أنت لا تعرف كيفية التربية...أيها المتحاذق.

من الطبيعي أن تختلف ردات الأفعال فقد بانت بضحك من قبل ريو ، و بإشارة نفي من قبل البارد هيجي : تتكلمان عن شابان جامعيان، أليس كذلك؟!


دفع الباب الرمادي لتظهر الشقراء حاملة كيسا مملوئا بالفواكه المعلبة نتيجة لبهجة استولت عليها برؤية أمها سالمة: أتى الطعام.... هذا لك.

الكيس بما فيه كان موجها لأمها التي أشارت بسبابتها لما أحضرت بإستنكار:آكل هذا...كله...

سلبت إيريكا ما أحظرت من قبل متحمس آخر: بل أنا، بالطبع أنت ستأكلينه... تحتاجين استرجاع قواك كاوروا، لقد نزفت عن عشر أكياس تبرع دم، بل عشرون...

تفاعل يوري ضاحكا بجهورية محركا يده المتفاعلة مع ضحكاته الساخرة: مقنع يافتى...

أعادته نظرة من ميواكوا للرزانة المطلوبة ليتنحنح متحدثا بنضج: أححححم، أقصد إن إبني قلق عليك كاوروا..تفهمي ذلك.

تجلى الغضب باديا على ملامح أحدهم.... حيث فتح علبة مما أحظر بصمت و قدمه لكاوروا ، أما شريك أيامه فقد حاول إنقاذ نفسه: يوري، لاصلة لي بريو كما تعلم.

صوبت عينين الحقودتان نحو المتحدث: هيجي ماذا قلت؟!

لم يكن للأمر أن يختتم بسلام لولا أن تصرف هيجي بالهروب قائلا: سأذهب لشراء عصير...

تصرف كفيل تعلي الضحكة تعبر على ضرافة منظره...





كل شيئ مستقر الظاهر...مع أن الزنزانة ليست حدا و الراحة ليست لحدا...فناوكي سر انكشف لناحية فقط...
و هذا أكثر مايؤرق سايكوا و يوكي و يجرهما لإجتماع يظم الحديث عن واقع هذه النهاية.....
كان نوي يفكر بهمهمة حتى قال: و الآن، تظنان أن المنظمة ستقتله أو تهربه!
يوكي و هو يقلب أوراق ملف المدان ناوكي بين يديه: كل شيئ واضح و لكل فعل اقترفه دليل، فالأقوى احتمال قتله.

أما سايكوا فهو جالس على مقعده يتأمل في حواشي الموضوع التي لم يفكروا بها سابقا: لا تنس أن ناوكي هو مترأس الفرع الأساسي في اليابان، مع كم المعلومات هذه...سيحاولون التدخل بالتأكيد، إما لإستعادة أحد أعمدتهم أو التخلص منه...

أردف نوي:..يجب أن نأخذ الإختراق بعين الإعتبار جيدا، فهو هين لهم.
أطلق يوكي ضحكة خفيفة ليشير له ببنان الشك و الريبة: مازلت أخشى أن تكون من يخترقنا.

ابتسم نوي مخفيا غيضه من ماقيل في حقه: سأعتبره مديح إتقاني في أداء المهمة.

حدثه سايكوا بمكر: تقصد...أداء الإنتقام.
قال نوي متجاهلا كلمات رئيسه: أنا أخشى من ناوكي و حيله أكثر من تحركات العصابة.

أيده يوكي مغلقا ما بيده بقوة استسلام: معك حق، فمهما حكمت عليه ... لا أضمن أن ينفذ بحق هذا العفريت البشري.




بهجة و سرور و جمعة أهل أسستها روح الحياة...

اكتحلوا ببعض الهمة و العمل الجاد ، لإفتتاح آخر يتوج به المطعم بتغييرات جذرية...
فنيكولاس أصبح الجرسون الصغير، و نيك هو المفتقد الكبير...
جعل الجميع حزنه خفيا و ملمح الفرح جليا ببداية أخرى...

ترك يوري عمله ليحظر هذه المناسبة محظرا معه ظيف الشرف ممنوع الحركة...
و كرر لها منذرا كعادته: إبقي جالسة دون مغامرات.
برزت لمحتها الطفولية في إجابتها : إن هيوجي هو من يتحرك.
تعجب جر ملامحه لإظهار البلاهة : من هيوجي هذا؟!...لا تقولي أنك اخترت إسمه دون مشورتي..! ماذا لو كانت فتاة؟

أومأت بالإيجاب مجيبة: ظننته سيعجبك... و لو افترضناها فتاة ، فإسمها سيكون هاروكا..

ضرافة منظرها جرته للتنهد مما يعيق حرية حياته : اوك، ليس بالسيئ...لكنه مألوف...أين سمعته؟
ابتسمتها الواثقة أرشدتأرلإستيعابتماجرهماجره ليصرخ موقفا الجميع عن إنشغاله:إييييييه...دمجت إسمي هذين الأبلهين؟...لم تدخليهما في كل شيء!

كاد ينتف شعره ندما حين بينت إنتصارا بينته منذ لحظات: لكنه أعجبك.

اقتراب إيريكا مستفسرة قطع نقاشهما: ما بكما مرة أخرى...

رفعت ميواكوا كفها نافية حدوث خطب: ليس بالشيء المهم.

تجاهلتهما إيريكا متخذة مسلكها للمحطة التالية، حيث كانت والدتها تشاجر أحدهم: سأرميك إن استمررت بالترهات.

تشبثت يديه بالقماش التزييني الأخضر الذي وضعه توا على بوابة المطعم: على رسلك كاوروا، تعرفين كم أستلطف طيبتك الإستثنائية... لا تتصرفي بهمجية تجاه بدرك و إلا...

أبرز أسناناته اللامعة بثقة مكر: ...ستظلم سمائك.
أطلقت صرختها الغاضبة عليه: ماذا..ماذا، تتمادى كثيرا...

تلطيف لأجواء استهدفته إبنتهما بقولها مازحة: أحم، بدر من عزيزتي؟!
ماكان من مستوى دم كاوروا إلا أن يستجيب إرتفاعا بغليان درجة حرارته مع الضغط فاستقصدت تأديبا لمسبب إحراجها ، و ذلك بتنفيذ تهديدها ليقع ممسكا ظهره بألم: أخ، بروية كاوروا...تمالكي أعصابك.

صوت شاب متأمل لما حرمته الظروف اقتحم أجوائهما: مرحبا كاوروا.

حولت نبرتها لبعض البرود: أهلا نوي.

لم يكن هذا الإجحاف جديدا، فكاوروا مازالت حبيسة موقفها منه، هذا الذي استخدمها سلاح انتقامه...
مع أن الظروف قادتها للمعيشة معه و مع عائلته البسيطة، إلا أن ذلك لم يكن كفيلا بختم الإستقرار في داخلها...

من يعلم، قد يكون هذه الأيام هي البداية....

استعاد ريو قوته ناهضا ليستفسر عن شخص مؤكد الإقتران بنوي: هل أتى المعلم سايكوا..
اكتفى المعني بهز رأسه إيجابا...


و في زاوية أخرى كان هاروكي يتطلع لكلمة، تلميح، شيئ يسخر عليه بين هذين الإثنين...

كان يضع أطباق التحلية فوق الطاولات التي تم تزيينها من قبلهما و عينيه تسترجي فضولا ما يبدأ بدايتهما السعيدة....

إلا أن كل منهما كرس نفسه للعمل لاغير و خللها ببعض الكلمات المتعاونة..
«خذ. هاتها... لحظة، بسرعة...» و غيرها....

رغم أن قلب أحدهم كان يرتعش ناويا الخروج ليحادثها...

صدى خطوات شخصين اقتربت منهم متظامنة مع ترحيب الأنثى منهما: أهلا نوي، كيف حالك؟

أظهرت ليندا دهشة فرح لتواجدهما الغير منتظر: أمي...أبي!
و هيجي أبدى ترحيبا بدوره: مرحبا بكما... استريحا حتى يبدأ الإفتتاح.

أما السيد جاك، يوكي جاك قد أبدى إعتراضا كان يتحاشاه الإثنين: أليس هناك عمل لا يجمعكما معا؟..يا للسخف.
قالت ليندا بإحتجاج يبرر موقفهما: أبي..إنه ترتيب عشوائي.

نظر يوكي لما حوله سااخرا: بل ترتيب على مايجر القلب كما أرى...

أمسكت السيدة جاك يد إبنتها مبتعدة: مادمت معترضا، فساعده أنت.

معاتبه تجلت في نطقه: تبا.

وجه نظرته المتعصبة لهيجي الذي بدأ يتم عمله بهدوء: هل مازلت تحبها؟
كتم هاروكي ضحكته و جعل عينيه تلتقط الموجات الصوتية بدقة ..
((..قلتها، مازال!.. ))
ازدرأ هيجي ريقه مخافة إنتهاء هذا الرابط البسيط: عمي تأكد أني سأحترم قرارك و لن أتعدى حدودي.

نبرة ازدادت حدة وترت المستمع فضلا عن متصدر البحث: سألتك إن كنت تحبها .

خفي لهيجي مشجع من خلف الستار يدعوه للتصريح، حتى ارتاح بسماعه تلك الكلمات منه: لا أستطيع تغيير قلبي... هو يبقي مشاعري حبيسته دون إذن مني...
نظر ناحيتها مردفا:...لو كان لي الإذن لما سمحت لقلبي بمعارضتك عمي.

رمقه بنظرة جانبية حادة أرهبته لوهلة: فمهت، سأطلب من زوجتي سيلينا أن تتحدث معها.
ظل يحدق بيوكي ظانا أنه فقد عقله أو أن يوكي بنفسه لايعي كلماته....

عالم إتخذ به يوكي إرتخاء بملامحه لذاك المتشائم: ماذا؟! ..أستطيع التراجع عن...

بتر هيجي جملته الثقيلة على نفسه بإمساك ذراعه مترجيا:لا، لاتغيره.
ضحك يوكي ضاربا كتفه: يا إلهي، يبدوا أنها سلبت عقلك بالكامل...

أبعد هيجي يده باديا على وجهه الإحراج و الخجل دون أن يتفوه بحرف...
إقتصر يوكي على صراحة رأيه أخيرا: كنت أنتظر منك إثبات نفسك بفارغ الصبر ...لأتحدث معك بنفسي لإكمال حياتك تحت كنفي...
عبر منه مبتعدا:كانت هذه النهاية محتمة..لكنك تهورت بتسرعك.

ظهر هاروكي أخيرا بتنبيه هيجي مقتربا: هي، لاتنس أنه لم يبق غير ساعة على الإفتتاح .
إقترب ليواجهه بغمزه وإبتسامة رضا : أبارك لك...هذا الإنتصار.





أسندت ظهرها على الحائط الإسفلتي الذي اعتاد ثقلها، أخرجت عدة تنهدات استهدفت إعادة نشاطها حتى بزغ نور البدر المزعج: مابك ثانية؟... هاقد انتهى كل شيئ ، وكل شيئ...
أتمت هي بما شغلها: كل شيئ ظهر على حقيقته لأتوه أنا... لأشعر بالضياع بين ماض كذب و حاضر غريب...أبي قتل أمي و استغلني، خالي ظهر منتقما ... لاشيئ ثابت بشكل جيد... أعلم أن نوي صادق لكن...

توقفت ليقول ريو:...تصديق ما كان يفعل أبيك يحتاج وقتا.
نظر له بعينين متلئلئتين تطلب ملجأ لأفكارها: ريو، هل يتوجب علي أن أنادي ذاك الشيطان البشري بأبي؟...هل أنا منتمية له؟... و هل دمائه السوداء تجري في عروقي؟... تخيل رابطتي به ترعبني... ربما أنا أيضا...

تلامس أناملهما أوقف صداها عن الخروج عنوة ، رفع الآخر كفها لترتفع ة لقلبه: بل أنت منتمية لهنا؟

لم تندفع لضربه أو توبيخه ، فجسدها متسمر بمشاعرها المختلطة و كفها البيضاء تتحسس دقات تكاد تخرج من مكانها...

أرخى ناظريه المكتسيان بالخظرة متما: هذه اليد التي اتجهت للدفاع عن إنسانيتها انتمت لهنا ... تلك الدماء التي أهرقت أمامي تنتمي لهنا...


أبعد كفها لينحني مقبلا راحتها:... كدت أفقد صوابي كاوروا، لم أعرف كيف أتصرف حينها؟... للآن ، أشعر بضيق يخنقي بتذكر ذلك اليوم... أن أخسرك، شيئ أوصلني للإحتضار قبلك.

لم تكن تستشعر لنفسها وزنا أمامه، لم هي مختلة العقل لستمع حديثه المأساوي فجأة..؟!

و ما الذي جر الحديث لهذا المنحنى؟!

أرادت أن تبتعد عنه قبل أن تبدي ضعفها، إلا أن قدميها لم تطع عقلها، عقل من كانت تنفي دوما أن غلبة الفتاة بيد أحاسيسها ...

أجرت دموعا صامتة لتكسي وجنتيها الحمراوان بمائها المنهمر ناطقة بإسمه منشدة للظرف الذي صنعه: ر...ريو.

لم تعرف كيف تصيغ عبارة تجاري كلماته المحرجة لكن الصمت لم يكن حلا: أظن... هناك أشياء جديدة حصلت عليها...ليس سيئا.

ابتسم بأمل لردة فعلها فأبعد نفسه عنها خشية إغمائها حياء: جيد أنك أخذت كلماتي على محمل الجد، كنت خائفا من تعذيب ما.

توجهت من فورها لمفر من موقفها لتدخل، لكنها أدارت وجهها له بعتاب مصطنع: أنت بدر مزعج.

أسند رأسه بيديه ماشيا خلفها: ألأني أستطع نورا اليوم؟
أخذت نفسا طويلا تستمد به بعض الجرأة بعد ماحصل لتجر خصلة من شعره البني: قد يكون لذلك.






صرخة ألم أوقعتها أرضا لترمي بجانبها كلما كان على الطاولة ....
اقتربت السيدة سيلينا منها بسرعة لترفعها قائلة: هل هو وقته؟!

انحنت ليندا و هي ترى إيجاب حركتها و هي تصرخ نحو زوج المرمية بألم: يوري، أسرع...

خرج يوري من فوره منذهلعا من صرخة زوجته المباغته: ماذا؟!...أليس الوقت مبكرا؟...
كانت ميواكوا تتأوه و تصرخ حتى اجتمع الناس حولها مما جر ريو للقول ليوري: مفتاح السيارة.

حاول يوري استجماع أفكاره بصعوبة لموقفه فأخرج مفتاحه من جيبه : إفتح السيارة ريثما نأتي.

أخذها مبتعدا بصعوبة بين الحشد فأخذ هيجي وظيفة فسح المجال بعدما صفق بيديه بصوت عال يلفت الإنتباه: عذرا سيداتي سادتي، يبدوا أن ابن رئيسنا في صدد إفتتاح حياته اليوم أيضا، رجاء أفسحوا المجال... و اخرجوا من المطعم لأنه سيغلق.

كان هيجي غاضبا و متوترا مما جمع بين كلماته بتناسق غريب، لكنه أفلح حيث بدأت أكف الحاضرين تضرب بعضها مرحبة بالفرح الجديد مبتعدة ...






خطوتين للأمام....خطوتين للخلف، خطوتين للأمام...خطوتين للخلف....

و هذا حال الأب المنتظر حتى أوقفته إيريكا بقولها: توقف أرجوك، أنت تزيد توتري .
ضرب بقبضته الحائط جانبه و أجابها بعتاب: لا أحد قلق مثلي.
وجهت ليندا حديثها لصديقتها: أتركيه و شأنه.
أيدتها كاوروا: أجل، فهو لا يحاكى الآن.
قال ريو: أي كان مكانه سيضطرب.
ضحك هاروكي ساخرا: هنيئا لزوجتك.
نظر ريو لمقصد قلبه راسما إبتسامة جرتها لإخفاء وجهها خجلا ...
رمقتها ليندا نظرة إستفسار بخبث : هيييي، يبدوا أن عصافير الحب تزقزق.
أما إيريكا ضمت أمها غير مصدقة بإلتئام جرح ريو الباطني منذ ذلك اليوم: واااااااو...
دفعتها كاوروا بضجر داخلها: توقفوا، لا شيئ غبي بيننا.
حاول ريو أن يهزأ بها محرجا: هي صادقة، لاشيئ غير أنني بدرها.
نهضت صارخة من فورها: من بدر من....
رفع حاجب تعجب: أتنكرين؟!..

تدخل هيجي بحدة: أصمتوا جميعا.

لاحظ الجميع لونه المخطوف هلعا على أخته، فتغيرت دفة الحديث...
ليندا بهدوء يلامس شغاف جنانه: لاتقلق هيجي ..ستكون بخير.
أيدتها كاوروا بثقة: أهم، نحن هنا لنستقبل طفلها...

ساد الصمت مايقارب الساعتين حتى ظهرت ممرضة يلتف حولها الجميع بشغف بينه يوري: هل هي بخير؟

أجابتهم بإبتسامة تفائل: كليهما بخير... الأم و إبنها الجميل، كليهما بخير...

قفز قلب ريو بالخبر الذي انتظره فوجه نظره لهيجي المبتسم بفرح: مبارك لك، أخي.
أجابه هيجي بواقعية: أه، و لك أيضا...لكن، التبريك الأساسي لهذا. .

انتبه ريو لمتجه السبابة مبتهجا: أجل ، بالطبع.





أنفاسها منتظمة و أفكارها هائمة بأمنية لابد من تحقيقها و فراق لابد من مواجهته...
استلقت تنظر لمثيلتها في الطابع و الجسد، تلك التي حبست في عالم وهم ، تنظر لها بعين الواقع....
مدت ذراعها بغية الإلتحام بجسدها ذاك إلا أن هناك رادع!

جرت ذراعها ما أن شعرت بما كاد أن يخرج روحها... لا يبدوا الأمر سهلا...

و طبعا ليس بلعبة!
جلست تبحث عن دليل يعيدها لحياتها و كل ما لاحظته أن الساعة وصلت للخامسة صباحا..!
((ساعتان فقط و يجب أن أستيقظ...و إلا..))

فزعت من نومها مرتئية شيئ واحد ، وهو إخبار هاروكي بالمستجدات...

و هذا مافعلته بطريقهما للمدرسة كعادتهما، فذي الفرصة الوحيدة للبقاء معا دون رقيب...


كان بروده جليا في رده: أعلم، فأنا جربت هذا الشعور بآخر رؤيا رأيتها...الظاهر أن الواقع سيجرنا لهذا الماضي ..فالحاضر لايستقبلنا.

عارضت طريقه بوقوفها أمامه: لم لم تخبرني؟
ربت على رأسها ليختلجها شعور الغباء: لأنك كنت عمياء حينها...

أبعدت يده و تقدمت بغيظ ضاربة قدميها على الأرض بسخط: ما نفعل الآن؟
أجاب: نتمنى العودة... و سيعود كل شيئ كما كان.
"تتحدث ببساطة.."
" لنتوصل لشيء جيد، لابد من الهدوء و التفكير بروية"
هل يجب أن نعود لأول مكان استيقظنا به""
محال..لن أفعلها... و لا أظن أن الأمنية مقيدة بذلك...""

قاطعتهما ليندا من الخلف بإبتسامتها المشرقة المعهودة: أية أمنية.
قال بعدم إكتراث عكس واقعه: أن لانراك .

أجابته بإعتراض طفولي: ليس عدلا...

كلمات عفوية ظهرت منه لتتوقف مشاعر إيريكا و أفكارها معها...

فهاروكي صنع عارضا جديدا يمنع تحقق مبتغاهما....





كان إنتظار أحدهم مفاجئا فعلا، فبعد مدة طويلة يرى شبحه...بل هو بعينه متكتف الذراعين ينظر للخارجين واحدا تلو آخر...

التقطته أعين الكثير و لكن، هناك عين تجاهلته رغم أنه مترصدها...!

اقترب منها مرحبا و هي تتفادى حتى إستشعار وجوده: مرحبا ليندا..

أجابته بتلبك مستغرب: مرحبا...
إبتعدت ليتبعها : ألن تسألي عن سبب مجيئي؟
نظرت له نظرة جفاف: لايهم...
حاولت الإبتعاد عن سبب خجلها إلا أنه أمسك ذراعها: لقد هرب ناوكي...تعرفين مايعني؟
حبست شهقة الصدمة لتجره مبتعدة عن بوابة تجمعها بخطوات كاوروا: أتقصد أنه يستهدف كاوروا؟!
قال بجدية: ليس الآن، فسايكوا لم يترك الأمر بمراقبتها منذ حبسه، مخافة العصابة ...لكن الآن ، الخطر مضاعف .

أدارت بؤبؤتيها بحيرة: لم تتخلص بعد من مأزقها...كاوروا.

تنحنح جالبا إنتباهها: هل تحدثت معك عمتي؟
فهمت إلى ما يرمي بعدما تناسته للخبر فنكست رأسها مجيبة: أريد وقتا..لأفكر.
" و هل منعتك؟....الرأي رأيك بعد كل شيئ.."
أظهرت ملامح غضب و مقت: الآن أصبح الرأي رأيي... بعدما جعلتني في عزلة عن أصدقائي و عن من أعزهم لقربهم منك.

الإجابة أصعب ماتتخيل لمجروح جرحته في قلبه...: إه، أعرف...لقد ظلمتك بتسرعي ، كان يجب أن أكتفي بقول حقيقة إبن عمك المريض ذاك ... عندها لكنت معنا دون تفرقة...

هدأت نبرتها الحاملة لغضب منه: جيد أنك تفهم.





للأماكن أن تضم الأشخاص مرات عدة، لكنها لاتستطيع إعادة الذكرى...
فذي البحيرة ذاتها احتظنت أبطالنا بيوم بعيد عن سابقه بوقت راحة
لهم قبل التوجه لمنزل يوري و ميواكوا بمناسبة الطفل الجديد المسمى بهيوجي....

و العجب أن للتقسيم عجب... !
فقد استقبل ريو إيريكإ جليسة له و لكاوروا، و ليندا أشارت لإبنها المتوحد أن يقترب منها و من هيجي هربا من حديثه المنتظر....

كان شعورها بالإستقرار بجانب هاروكي يتضارب بالضبط مع شعور هيجي الذي كبحه لعدم إيساعه ضربا...فهو ليس إلا متطفل على لحظاته الحاسمة...

كانت ليندا تخط الأرض بسبابتها لصنع رسمة طائر يحلق بحرية و هذا ماشد هيجي للتعليق: رسمة جميلة.

أغمضت جفنيها بلطف: جرب..

اخذ هاروكي عصى ملقاة بجانبه محاولا الرسم: لا أظنه صعبا.
سلبت كفي ليندا منه العصى : تحسس الرمل بيدك...لاتضيع هذا الشعور.

رفع هيجي كم قميصه متأهبا: لنتحسس الرمل إذا...

ظل صامتا فترة ينظر لعمل والديه الجماعي حتى نطق بغير وعي: طالما تمنيت يوما مع عائلة...أخيرا إجتمعت معها...

استرسل بدموع غلبته: لم سلبت أجمل اللحظات معكما.... أنا أحبكما...كثيرا....

هدوء كلماته المؤثرالنؤثرة أوقف يدي العاملين بذاك العمل الفني و ظلت أنظارهما تطلب تفسيرا للسانه الذي لايكف عن الزلات...!



قراءة ممتعة،،،،






س: هل سيكشف أمر هاروكي؟ ماذا ستكون ردة فعل والديه الشابين؟
س: هل سيعلم والدي إيريكا بالأمر؟
س: هل سيختم هذا الزمان بفراق نهائي؟
س: هل استعجلت الأحداث؟
س: رأيكم بالبارت؟
س: أجمل مقطع؟




قراءة مُمتعة ،،
.



.


 
 توقيع : ورده المودة

















إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم

فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم



التعديل الأخير تم بواسطة جلنار | Gulnar ; 03-04-2020 الساعة 10:49 PM

قديم 03-04-2020, 07:36 PM   #17
ورده المودة
في جوار ربها ، اللهم ارحمها واغفر لها وتجاوز عنها


الصورة الرمزية ورده المودة
ورده المودة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 104
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 المشاركات : 221 [ + ]
 التقييم :  277
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة


.

















.






16
يوم لجمال عائلة





اخذ هاروكي عصى ملقاة بجانبه محاولا الرسم: لا أظنه صعبا.
سلبت كفي ليندا منه العصى : تحسس الرمل بيدك...لاتضيع هذا الشعور.

رفع هيجي كم قميصه متأهبا: لنتحسس الرمل إذا...

ظل صامتا فترة ينظر لعمل والديه الجماعي حتى نطق بغير وعي: طالما تمنيت يوما مع عائلة...أخيرا إجتمعت معها...

استرسل بدموع غلبته: لم سلبت أجمل اللحظات معكما.... أنا أحبكما...كثيرا....

هدوء كلماته المؤثرالنؤثرة أوقف يدي العاملين بذاك العمل الفني و ظلت أنظارهما تطلب تفسيرا للسانه الذي لايكف عن الزلات...!

أدرك مدى ماوصل له فقاوم مشاعره مستلقيا ببرود: لاشيئ مهم...لاتهتما...

أسدل جفنيه و بسط يده فوقها محلقا لأحلام بعيدة المدى عن الواقع الذي يضمه لفترة ....

أطل على منظره شبح ضعف لا يستطيع إخفائه بتخيل تصورات واهية ، تخيل حلم لايمت الحقيقة التي عايشها بصلة...

و هذا الحلم ذو الأمل الضيئل كان أقصر من أن يشعر به فعلا، فذا صوت بكاء ليندا أجلسه فزعا لينطق بفزع: ما الذي يجري؟!

توتر هيجي كان له من الوضوح بمكان وهو يقول: ليندا، لم البكاء الآن؟


لاشيئ خرج من بين شفتيها أكثر من قلق انتابها: هيجي... مابه؟..أخبرني، لم هو بهذا الضعف...قل لي...
قطعت تقطع كلماتها بإمتزاج صوتها بالدموع التي رافقتها لألم مجهول اجتاحها، فما كان من هيجي إلا أن يهدئها ناظرا لهاروكي بجدية طالبا إجابة لحيرته: من أنت بالضبط هاروكي؟... لم أحزانك تذيقني الأمرين و تجرها للبكاء؟... لم ضعفك يهد قواي؟...أرجوك أخبرني مايجري هنا؟!...

أطرق برأسه يلتقط كلمات انتظر سماعها حقا، و فرصة تاق لها فعلا...لكن، هل الحقيقة هي الصواب؟...و هل الإعلان عن وجوده سيغير شيئ؟... و هل لجنون أمنيته أثر لعقلين عرفا بالمنطقية...؟

كلها تساؤلات لا يجيبها سوى شيئ، و هو المجازفة...

ففي حرب العقل و القلب،يصعب الفوز أو الخسارة...
لكن الغلبة للمشاعر التي تأبى الرضوخ دون محاولة، لذا هو سيحاول...

سحب بعض الإكسجين لرئتيه الخاويتين إلا من توتر و سحب نفسه مقتربا منهما...
مسح دموع والدته و أطلق حديثه : قد ترياه أمر غير عقلائي لكن...أنا ابنكما...
لم يكن منهما إلا إظهار ردة فعل تناسب ما أطرق على مسامعهما، فليندا تركت عنان لسانها صارخا:إيييييييه!

أما هيجي فابتسم بسخرية: أنت...أنا، ألا تعلم أني أجلس معك على مضض الآن.
تنهد هاروكي لهذه النتيجة المبدئية و أجاب والده العقلاني بأسى: أعرف شعورك و أعلن تأييدي، لكن الدنيا دار العجائب...

رمق هيجي جليسته: جيد، على الأقل عرفت جوابك.
خجل و حياء أوقفها لتقول له بإنفعال: إبتعد...
منع دوار صدمة علتها من التوازن لتكاد تسقط لولا يدي هاروكي الذي أجلسها بجانبه: أ أنت بخير؟....
داخله شعور صبياني قاده للتتمة:...أمي..

سرعة خارقة ليديها أبعدته و أبعدت جسدها فرسخا عنهما: و أنت ابتعد أيضا...

كانت الضحكة شيئ طبيعي بينهم حتى قطعها هيجي: مزحة جيدة... استمتعت فعلا.
حك هاروكي شعره بغيظ محاولا التفسير: أنتما، تشعران بالترابط معي و الحزن على مشاعري... أليس دليلا على قربي منكما؟.... و أن قلبيكما يجرح لأجلي...فهل أنا كصديق ... هذا ما داخلكما يجيبه.... أنا لم أكن أمزح...

نظرات والديه تعمقت بالنظر نحوة لتبحث عن إجابة على تساؤلاته و نتبجة هذا التعمق لم تكن سوى مفاجأة...!


عناق والده و تلك الجملة..!
" هكذا سأكتشف الحقيقة.."

جعلته يرمي بكل التوقعات و التخطيطات بعيدا، فهل هناك توقع لتصرف أبوي كهذا...!
رفع ذراعيه ليبادل هيجي عناقا تفرد بتجلي معانيه...
معان تطلب بيانا لأبوة وبنوة جمعتهما معجزة الأزمان..!

شم عبير ألفه منذ تواجد كان خيط الحق و سبيل شده على ضمه لوالد افتقده بأحلك ظروف حياته...
فرغم أن حاظره حوى منظرا مماثلا إلا أن استنشاق هذا العبير لم يحظى به في أجل قريب، و هذا سر ضعفه و سر حاجته لمن يعز و يعشق...

خبئ وجهه بين ذراعي مثيله و قال بنبرة تجلت عن الوصف بإمتزاجها بالشغف و الأسى ، و الفرح و الحزن: أبي، اشتقت لك... لاتعرف كم هذه الأيام صعبة... حصلت على أخ إسمه نيك أبي، لكنه قتل.... جد من عايشت و أحببت قتله...و حطم ابنته، ثم اختطفها مع أمي... أصدقائي يعانون الكثير و أنا...

بتر جملته إبعاد هيجي له مصوبا نظرة حنان لأول مرة: كف عن الإسهاب، فهمت أنك ابني...

نظر لزوجته المستقبلية المنعزلة بمسافة أمان مردفا بصوت جهوري تسمعه به:... ليندا، ابنك لا يكذب.

وجهت عينيها الساخطتين نحوه رامية بالعود الذي التفت به أناملها: أوقفا هذه المهزلة ...

أما هاروكي، فهو يعيد كلماته باحثا عن سر هذا التصديق، فهل أصاب والده جنون أفقده بصيرته الواقعية و نظرته المرتكزة على الحقائق البحته؟!...

نطق بعد ثوان: هيجي، مالذي جرك لتصديقي؟


للمراوغة أهداف و أهمها ما يوحي بالتملص من الإجابة حيث قال هيجي بنظرة ثاقبة: لا أفهم..أنا هيجي أم والدك؟ ...و تطمح لتصديقي أم لإستجوابي؟.... يكفيك أني أضيع وقتي معك.
قبض يديه متمالكا نفسه: لا فائدة ترجى منك، للأسف أنك تعرف من تكون الآن و إلا لعرفت كيف أرد عليك أيها الأهوج.

رفع سبابته نافيا هذا التصرف مما استفز هاروكي للنخاع: طيلة اللسان ليست جيدة ضد أبيك أيها الطفل.
جر هاروكي ياقة هيجي و أطلق كلمته بحنق: لتعرف، مازلت خارج نطاق أبوتي... بقي ثلاث سنوات لتصل لذاك المستوى الراقي.
أفلته بعد أن لاحظ إبتسامة جانبية على شفتيه: ماذا؟...هل هناك ما يثير للسخرية؟
خلخل هيجي أصابعه بخصلات إبنه الشاب: كل شيئ يدعوا للسخرية، ألا توافق ؟
وجه حديثه للمنطوية،ترسم بالرمل وحدها متجاهلة حديثهم المحرج: ليندا، ألا تودين قول شيئ...
لكنتها الباردة كانت سلاحها الوحيد لتبتعد عن حالات الإحراج المحتملة: مثلا..!

استقام هاروكي راسما بإصبعه بدايات بجعة صغيرة: بيني عن ذهولك برؤية إبنك على الأقل.

قالت بإستهزاء: أجل أجل، كيف حالك بني؟...
قد تكون جملة استهتار لكنها طرقت أبوابه التي أوصدها الدهر بموتها فترقرت بؤبؤتيه لمعانا بدموع مخفية: أنا بخير و أنت بجانبي أمي.

تنهدت بيأس لحالة هاروكي الفظيعة ثم إشارت لهيجي و نطقت بملل: جيد أنك تشبهه.
قهقهات تصاعدت منه حتى بقي خمس دقائق متواصلة على حاله قبل أن يستدرك وضعه الهزلي ثم أومأ لوالده: الرومانس يقطر هيجي...هنيئا لك.

إبتسم المعني: أشكرك، أعرف أني محظوظ.
جمعت خصلاتها الفضية التي زادتها الشمس براقا على كتفها الأيسر: إن الحديث معكما مضجر.

أحنى هاروكي رأسه ليقبل جبين والدته الشابة : لي طلب و أتمنى منك تحقيقه ليندا....
جملة عنيفة بترت مقصده: توقف عن العبث هاروكي...
أخرج لسانه مجيبا:لاتنس، إنها أمي..
ثم أردف عائدا لطلبه:... دعيني أستلقي بحجرك.

رمية أبعدته مترا و عينين حمراوان معروفة الصاحب استهدفت إحراقه بحقدها الظاهر: كيف تجرأ...؟!
ظلت ليندا تنظر لهاروكي بخوف استصعب معه نطق حروف القلق: هل أنت على مايرام؟
كفه استقرت على ظهره الذي بالكاد سلم من هذه المباغتة: يالك من أب، تقطر حنانا ... ألا ترى من الحق أن أستلقي بحجر والدتي قليلا، على الأقل تخفيفا للصداع الذي يداهمني منذ فترة.
أجابه بجدية باردة: عد لزمنك و افعل معها ماشئت، هنا لاشيئ بينكما...أنت قلتها، بقيت ثلاث أعوام...
هل الجرح يبرأ بملح نثره أقرب الأقربين...؟!
ما الذي طلبه ... غير راحة لم تكن له رفيقة منذ الأزل...

نفض التراب الذي تراكم ناهضا ليدير جسده : معك حق... إنسيا ما تفوهت به.

حقا نوى الإبتعاد بألم بدا نزف جرحه العميق لكن صوت هيجي كان أسبق: خمس دقائق... إن زادت قد أقتلك.
عاد شاكرا حظه الذي يعينه اليوم إلا أن ليندا بينت معارضتها: مستحيل.
هيجي رابتا على رأسها: تحملي خمس دقائق هذا المختل...
و رضاها بان بعيد المنال: ولا دقيقة...


استسلامها كان نتيجة ما حصل ليحظى هاروكي بأجمل لحظات عمره و لتزهو زهرة السعادة في ساعة لا تعوض...
أغمض عينيه بضياء أضوى حياته بيد تلامس جبينه بدفئ حقق أمنية، أمنية النوم بحجر أم قسمها له الزمن...
و عيني أب تركزت بغموض كعادتها على محبوبته...
كالأفلام سعيدة النهاية!
و كاللحظات التي نضحك عليها و يحرم منها من يتمناها...
و مع هذا، هذا المنظر لم يطل...
فهو يقض مضجع أحدهم...
لذا رفعه قائلا ببرود: انتهى...
غمز له بنصر: هي أمي أيها الغيور.
وجه ضربه قبضته على مفرق رأسه: و أنت ابن غير مهذب...
ضحكت ليندا بخفة طبيعتها التي استعادتها بشعور أمومة لم تدرك مصدره بعجب الحدث: و الآن هاروكي، لنكمل اللعبة... مادمت أتيت لزمننا فإيريكا أيضا...
أجاب تساؤلا بتأييد: اهم، هي إبنة أولئك الأبلهان... ريو و كاوروا..
زجره هيجي و أكمل: تأدب...واااو، إذا لريو مستقبل واعد... لا أتخيل ذلك بفاشل مثله...
ضرب هاروكي خصر جليسه ساخرا: أتعرف أنك خير المربي هيجي؟...
حك وجنته المحمرة حرجا: و أنت الناتج المؤسف...

أخبار نقلها لمسامعهم حتى قال هيجي: ...تلك الفتاة، تريد تفريق والديها و هذا ما أتى بها...و أنت؟
رسم ابتسامة بلهاء: أنا ماذا؟!...
بينت ليندا خبثا مرحا: هيييه، لم تستطع تركها...صحيح.
ازدرأ ريقه: لم أكن أعرف أنها ستتحقق ...
بسطت كفيها لتنظر للعائلة الأخرى الذي جمعتها أمنية بغرابة: لا أعرف كيف ستكون ردة فعلها إن علمت...ياه، متحمسة لإخبار كاوروا...

نفى هاروكي الموضوع بمعارضة قاطعة: إياكي...
مطت شفتيها امتعاضا: لم..؟
أجاب هيجي: لأن هدف مجيئ هؤلاء أمنية حمقاء تدخلا بحياة هذين الأحمقين الذي سيؤول أمرهما للشجار الدائم... و كذا، اكفنا ردة فعلهما... سيتغير الكون بقلة عقلهما...
رمقته ليندا بعتب: أصبحت كثير الإهانة هيجي.
أجابها مشيرا للناظر لمحادثتهما: هو علمني...
أما هو فابتسم بحنية ناطقا: لقد بدت مشاعري بالتضارب... والدي الذين افتقدهما، صديقي اللذان عايشتهما.... و رفيقي درب سأفارقهما... أيهما يجب أن أستوعب..؟
أجواء تتقلب بسرعة لتجاريها بعض الجمل منها ماقاله هيجي: شخصيا ، سأشتاق لحمقك، و طيشك ،...فأنت صديقنا و زميلنا بالعمل.

أيدته ليندا بقناعة: لنفترض أنك محق، فالصداقة هي ماعشتها هنا..و أنا أفخر بصداقتنا هذه...
بسط كفيه في الهواء لتتضارب مع كفيهما: أنتما...رائعين.





عينين تسترقان النظر و بهجة تخترق سنة القدر لملاحظتها ماحل لصديقها من راحة أظهرت استقرارا دام إنتظاره له...
إلا أن جملة هبطت من السماء بثقل صخرة مائة و عشرون كيلوا لتستدعيها لغضب واقعي من قبل صاحب المزاح الثقيل: ألا تستطيعين إبعاد ناظريك عنه؟..
دفعته ليسقط في المياه التي ازدادت أمواجها: سخيف ريو...
جرت كاوروا خصلة شعرها الشقراء : الحق مر عزيزتي...منذ جلسنا و أنت تنظرين نحوه و تبتسمين كالبلهاء...

بدأ ريو يرمي قطرات الماء التي أثقلت ملابسه: أتعرفين أنك ظالمة؟...
فاجأها برميه كتلة ماء تستقر نحوها:... يجب أن نحقق العدل الآن.

قطبت حاجبيها بإنزعاج: أنت مزعج و تحب استفزازي للشجار.
أومأت جليستها إيجابا: تفهمين شعوري، هذا الفتى...يرفع الضغط.

جلس ريو نصف جلسة بالماء الذي يحيطه سامحا لقطرات الماء بالتساقط من خصلاته البنية لتزداد وسامته وضوحا: هذا مرح...
و كأن هذا الموقف هو كبريت أشعل نارا تخبأت بقلبها: كليكما تهويان الشجار، و الإزعاج... لا أطيق إجتماعكما معا.

تبادل ريو و كاوروا نظرات الإستفسار ليرفع ريو كتفيه لعدم جهله....
فتكفلت صراحة كاوروا بالسؤال: هل هناك مايزعجك إيريكا؟

تطلعت لتلك الأمواج التي تتقلب في جنانها مع بحر بدأ في الهيجان: آسفة، ذكرتماني بما أرغب بنسيانه...
شعرت بألم طفيفة نتيجة قرص ريو لأنفها المدبب: الهرب ليس جيدا، تغلبي على كل مايزعجك...تلك هي الشجاعة، و لأخبرك إن كان من تذكرين يتصرفان بغرابة مثلنا لا يعني أنهما يتشاجرا...

هل كانت جملة استفزازية أم كذب على مرأى العين بكل بساطة: و ماالشجار برأيك... أنت أكثر من مثير للمتاعب و مستفز للأعصاب، أليس كذلك كاوروا؟..ألا يغضبك...؟
أعلنت إبتسامة غامضة و هي تجيب: أغضب... حسنا، نحن لسنا في سلم لكن... هذه تسلية...
ربت ريو على رأسها: تأكدي أنني لا أطيق غضب من أتسلى معه...سأتوقف متى مارأيت أن الأمر ازداد حدة....

أوقضتها جملته لواقع عايشته.. فعادة والديها هي الشجار الطفولي الذي ينتهي بإبتسامة نقية من شوائب الكره....
شردت لترتب أفكارها واصلة ل..( إذا ما الذي جرى في الآونة الأخيرة...؟! .. ما الذي غير مجرى لحظاتنا...)

لكنها تركت أفكارها بزاوية التجاهل متصنعة الغضب: ميؤوس منكما...

غمز ريو لكاوروا ليبدئا بإغراق إبنتهما بقطرات الماء التي بللت ملابسها و قميصها الزيتي الذي اشترته حديثا...
تمتمت بخفوت يتحداهما: إثنان على واحد...ستريان.
بدت بالعمل هي الأخرى في دائرة التلاعب بالماء حتى أنهكمها الإرهاق.....

أبعدت قميصها الذي لاصق جسدها لبلله و قالت بسخط: تبا ، كيف سنذهب لمنزل يوري الآن؟
جلس ريو بجانبها ب احة لتستقر بجانبه كاوروا الظاهر عليها التفاؤل: ستنشف في منزلهم، لا تكترثي.... لايجب أن نضيع طاقتنا الشبابية هدرا....
حرك ريو رأسه بإبتسامة رضا: هذا ما يعجبني فيك كاوروا، تستقبلين المرح بصدر رحب....
أظهرت إيريكا جانب خبث: مادمتما متفاهمان، لأذهب و أترككما لوحدكما....
أكمل ريو دون حرج: هذا ما كنت أتمناه، بعض الوقت مع العزيزة...
جرت كاوروا إيريكا نحوها متمسكة بذراعيها نافخة خديها المحمران: صديقتي لن تتزحزح من قربي...لا تحلم بشيء.

أطلق ضحكة زادت خجلها ليقترب منها متظاهرا بالبراءة: مابك كاوروا؟...يبدوا أن حرارتك ارتفعت فجأة...

بسط كفه البيضاء فوق جبينها لتكون جملة إيريكا ختام مسك لهذه المزحة: هي، ريو... لا تتهور، مازلت هنا .

ابتعدت كاوروا فورا بضيق: سخيفان.

نهض ريو ليقابلهما فجأة صانعا مربعا بيديه: أنتما لطيفتان معا.... كان من الجيد لو امتلكت كاميرا لتصويركما...

ابتسم بحنو افتقدته إيريكا بشكل مفاجئ: ماذا أشاء أكثر... ملاكان تحومان حولي...

كان شعورا غريبا، لا تشوبه سوء تفاهمات لكن....
ستار الغموض أخفى واقعا له من الغرابة بمكان كان له الأثر بتكوين هذه الجملة....

جملة حفظتها إيريكا منقوشة بقلبها الذي يسع الكثير بعد ضيقه....

لذا أرخت عينيها ناطقة عن أمر أدركته للتو: و أنتما مذهلين معا...





قبلة حانية طبعها على جبين الفرد الجديد قبل أن يتوجه لمن استقبلت عالما جديدا ضمها بلقب أمومة: حمدا لله على سلامتك أختي.

تاركا ليندا و إيريكا اللتان تتسامران بإبتهاج حول الطفل...
ليندا: يااااه، وجهه مازال محمرا...
إيريكا: انظري، إنه يحرك يديه....
احتظنت كل منهما الأخرى قائلتان: لطييييييف.

آثار التعب لازالت منعكسة بشحوبها مع أن انشراحها بدا في ردها لمن بادر بالتحدث معها: شكرا هيجي.
أما ذو التلؤلؤ الأخضر فقد بادر بعناقها ليظهر راحته بعد ضغط نفسي: حمدا لله أنك بخير، قلقت كثيرا...
قطعت لحظات الحنو جملة كاوروا المستهدفة لإستهزاء بأحدهم: ريو، كلنا شهود على أن بطل الدراما كان هيجي...لاداعي للكذب.


إبتعد عن ميواكو رامقا لها بحقد: صه كاوروا.
تدخلت إيريكا بهذا الصفو العائلي: كاوروا صادقة، إن الذي فقد عقله بهيستريا التوتر كان ريو ، و من كاد يجن فهو هيجي..أما أنت فكنت في عالم آخر ....

اخترق المكان نيكولاس ليطلق ضربته هو الآخر: أنا من الشهود...
زفر ريو بحنق ليترك لهم مجال الضحك....

ضحك تعالى بين الأجواء...ليقطعه ثوران يوري بعد أن سمع بكاء إبنه....
اقترب من طفله هيوجي ليحمله بين ذراعيه محاولا تهدئته:.اهدأ صغيري والدك هنا.... لاتقلق، أنا بجانبك...نيكولاس، كل ذلك بسببك... دوما تتسبب بإيقاضه...ليتني لم أقبل ببقائك...هيوجي اهدأ قليلا.... لابكاء عزيزي...

وجهت ميواكوا نظرة استخفاف لما يفعل و قالت على مضض: هكذا..!.... ائت به ....
شعر بالضيق فعلا لكنه رضخ و سلمها صغيرهما لتضعه بلطف في حجرها متمتة بلحن جر آذان الحظور للإصغاء بسحر أسر قلوبهم قبل المسامع....

" لاح ضياء بسمائي...
رحمة ربي و رجائي...

*******

لاح صغيري بجناني...
أزاح ضعفي و هواني...

***********

قمر يطفوا بحياتي...
تشذو بعطره سكناتي...

***********

يرتع يلعب يؤنسني...
يبكي بكاء يأسرني...

*********

أسهر ليلا ليحاكيني...
يطلب قصة و يناجيني....

********

طفلي سرور فؤادي
بهجة قلبي و،مرادي....

********

و دعائي لك حبي
تغفوا عينيك برحبي....

********

و دعائي لك حبي
تغفوا عينيك برحبي... "

تنهدت تنهد راحة قبل أن تقول بهدوء: لقد غفى....

شعرت ميواكوا بثقل مساقر على قدميها بعد شروط لتعير التفاتها له و ترى هيجي مجفلا جفنيه بسكون !...

حركت يدها لتمررها بين خصلاته المعتمة: نوما هنيئا.

وجهت بؤبؤتيها لذاك الفضاء المتسم بالصمت ملاحظة تركز عيني يوري استحسانا و غبطة لتبادله ذلك بروية...
و عيني ريو المتطلعة لذكرياته مع هذا اللحن الذي ألفه منذ الطفولة....

و نيكولاس الذي طبع الحسرة لما يفتقد...مع استلطاف للأجواء...

و كذا، صوت لايبعد عن البكاء!
نطقت بإستغراب خالجها: كاوروا...ما الذي يبكيك؟

مسحت دموعها خارجة من حرقة طرقت باب ذكرياتها: تبا، ليس بالمهم....تذكرت أمي...
ضمتها ليندا بذراعيها و حاولت إخراج كلمات مناسبة لموقف كهذا: عزيزتي.....

انطلق.ريو بكلماته التي ترمي إغاضتها كعادة: هي كاوروا، لاتقارني ميواكو بأحد...فهي من أنشئت هذه الأنشودة... لا يماثلها أحد...

وجهت إيريكا حديثها العاتب له: ريو، بعض المراعاة لا تضر.....

استعادت كاوروا نبرة صوتها الجريئة لتقول: لا، إنه محق...فأمي لاتقارن...
كانت عينيهما في تحدي حتى قطعها بسمة ريو بإرتياح: هذه هي كاوروا...

أجل، فلكل أسلوبه و الشجار أسلوب لايعي رموزه سوى من فهم إشاراته ، لذا فدخول عالم ريو و كاوروا يستحيل...

رنين جرس جر صوت السيدة ميشيل التي اتخذت مسكنها مساعدة ميواكوا هذه الفترة من الخارج قائلة: أنا سأفتح الباب.
قالت ميواكوا بإمتنان: شكرا لك سيدة سيلينا...
انتبهت كاوروا لصديقتها: إسمها كإسم أمي..!
أظهرت ليندا بعض الإبتهاج: ليست محكورة لي، هي أمك إن شئت .
فهمت كاوروا ماترمي.إليه لكنها جرت خصلة شعرها قائلة بحدة اصطنعتها: قلت أن أمي لاتقارن.

جمدت ليندا لرؤيتها من دخل و تهيأ لها بداية رعب بسبب والد صديقها...!
ذاك الذي قرب من سلب حياتها...

لم تكن نظراتها المنذهلة و المرتعبة تخفي أفكارها لكن نوي قال للحظور رافعا كتفيه بعفوية: للعيادة فقط، لاداعي لهذه النظرات المخيفة.

استرخت أطرافها بدخول سايكوا و والدها الذي يتهامس الحديث مع والدتها....

فجأة انقطعت الكهرباء لترهب تلك الفتاة بنقطة ضعفها فباتت تبحث عن ذراع أحدهم تتشبث به و ما أن تمسكت بقميص أحدهم اعتلى ضحكه: مرة أخرى، كبرت إيريكا....
لم تكن تجرأ على الإبتعاد الآن لكنها قالت بغيظ: هاروكي، أتحفني بصمتك ...

ارتشعت لحظة بملمس يده خلف ظهرها إلا أنها سرعان ما استرخت مستسلمة لما أملاه القلب و فرضه الشعور....

فلاش كامرة ما جعل الأعين تتوسع غير مستوعبة....!
رغم أنها لم تقد أصحابها لشيئ قبل سماع قهقهة يوكي : يا إلهي، سيلينا أنظري لهم.... صورة تاريخية...

انقشع الضباب بعودة الأضواء لترمي إيريكا بهاروكي بعيدا عنها تعيد ماحصل...!
فهل التقتطت صورتها متمسكة بهاروكي بذاك الحال.؟!

.. تبا لريو و ما تمنى....
بل سحقا للأماني و لكل من يجرأ على التمني....
سحقا....!





للحقائق تغيرات قد ترسمها الجذور و منها جذور خلق هيجي...!
فهو جليس لهاروكي بشقته المتواضعة بجلسة تخطط أن تكون ذات طابع سلمي...!
حقا، هناك عجائب لا يمكن تفسيرها إلا بالمعجزة....

كان هاروكي مذطجعا على أريكته الممتزجة بالأخضر و الأسود بحيرة بما يبدأ و أبيه يطرق برأسه للأرض دون كلمة تشجع بداية ما....

كان يتطلع بالسقف و بداية فروع تصدع للتو يلحظه و كأنه يستلهم ما يريد قوله: هيجي، كيف تريدني أن أكون؟...أقصد ما الشيء الذي تريده من إبنك؟

أومأ بتفكير ثم أشار لنفسه: حسنا، كيف تريدني أن أجيب و أنا لازلت لا أفهم.... لاتتغاضى عن حقيقة كوني شاب أعزب حتى اللحظة...شاب لم يصل للعشرين بعد.... و بالتفكير بالأمر، عندما أرى الفارق السني بيننا...إحدى و عشرين عاما، أرى أني خسرت شبابي...

اعتدل جالسا: التفكير بإجابة لإبنك لن تفقدك الكثير... ليس ذنبي أن شباب هذه الأيام متعجلون، بزمني... في الحادية و العشرين تعني عمق الطفولة ...

ابتسم بإستغلال: لذا أتيت أحكي قصة ماقبل النوم لك...
جر هاروكي ياقته بنفاذ صبر: أنا أتحدث بجدية.
أبعده الآخر : مهما كنت، فلا يسرني إبن طويل اللسان مثلك.

بدأ يعرك عينيه لنعاس غشيها: بفضل تربيتك...
و تلقى إجابة هيجي الباردة و اللامبالية: للأسف، قطعت الأمل من نفسي برؤيتك، ثمرة عمر فاسدة...

أراد أن يلقي هاروكي بهيجي خارج شقته لولا نهضته التي قادته للباب الزجاجي ليفتحه مبادرا بوضع يديه فوق السور الحديدي البسيط....

لحقه هاروكي منتظرا علة تصرفة ليرى تنهيدة غامضة خرجت من بين شفتيه قبل آن يحكي بجدية: ماذا تريدني أن أقول؟...عندما أضع صورة لإبني، فهو مسؤول... قوي...لايخالف القانون...
بتر تسلسل أفكاره: آسف، هذه أمنياتي الشخصية أيضا ... أنا أنتظر شيئا يفيدني.
رفع رأسه نحو ظلمة سيطرت على السماء بسواد ليلة مثالية جمعت أغرب جمعة لأب و ابنه و بقي يفكر عن نتيجة: أريد أن تعذرني.
أبدى استغرابا لما سمع: أعذرك...
"أمممم، لا أظن أني سأكون أبا جيدا...فأنا لم أتربى في كنف عائلة لأتلعم منها"

لا يعرف..
أيشعر بالسوء و الضيق، أم بأسى لحال صديق...
فمشاعره بدت كشبكة عنكبوتية لا تنفك إلا بحل شيفرة ما....

اقترب ليوازي والده: أعرف أنهما لم يموتا، لكني لا أفهم سبب معيشك في الميتم.
ارتسم هيجي إبتسامة حزن ساخرة على نفسه: إنفصال... بداية كانت مشكلتي إنفصالهما لكني لم آبه.... المزعج أنهما لم يكونا يرغبان بوجودي، مبيت عند أحدهما لمدة أسبوع كانت كفيلة بفهم مدى انزعاجهما مني... كل يعد الأيام لتتناقص و يتخلص من الحمل الموكول به....
جلس القرفصاء مردفا:... و كل شيئ آل للأسوء بالطبع بعد قرارهما الزواج... ضجرت حقا، دمية محشوة بين أيديهم...هذا ماكنت عليه... لم يكن من حقي أن أشكوا، أتوقع، أحزن أم أسعد... كل هذه الأمور كانت لغيري أما أنا، يكفي أن أحيى بروح ميته...لذا قررت الهروب...

اخترقت الصورة العظمى لجلال أبيه برصاصة الكلمة: هربت..؟!

أيده بإيماء: هذا مافعلت، ثم وجدي شاب ثلاثيني جرني للميتم بعد أن رأى صمتي ...و هكذا تعرفت على ريو و ميواكوا.
الإستفسارات لن تنهي لكن أهمها ما يتبادر في ذهن هاروكي: غير معقول، إن هذا لا يبرر إنفصالك عنهما...
أجاب: من قال أنهما لم يعلما، إبلاغ لدى الشرطة كفى بإيجادي غضون أسبوع لكن...
ابتسم إبتسامة غريبة لناظري هاروكي، إبتسامة جرت نظرة طفولية معه: ... عندما رأيتهما قلت بطفولية.." أنا لدي عائلة، لدي أم أعطتني بسكوتها قبل أن أنام... ليست مثلك تتركني أنام بالجوع دون اكتراث، و لدي أخ يتقاسم معي الحلوى..ليس مثلك يخبئ عني الكولا.."...و عليه، بقيت هناك مع زياراتهم المتكررة رافضا فكرة العودة...

شعر بلفحة هواء باردة خرجت مع كلماته: و الآن..؟
استقام ليخرج: لاشيئ ، أذهب للمشفى الذي يعملان به بين فينة و أخرى...

عاد كليهما للداخل لينطق هاروكي بعقلانية: حقا، الجو بدأ يبرد...
إكتفى هيجي بتمتمة تأييد قبل أن يخرج سلسالا فضيا من جيبه: خذ، خذه من ليندا.
سحبها بدوره ليدقق على القلب المقسوم بالنصف مكونا قلادتين..
إبتسم بعد فترة : هيجي، إنها تخاطبك...لا تخاطبني.
تململ قبل أن يقول: أنا!
مد القلادتين: ألم تر ماكتب؟
هز رأسه بنفي: لم أكن مهتما...
ازدانت عيني هاروكي خبثا: اييييه، لكنها أعلنت موافقتها هنا....
سرق ما بيد إبنه من دليل يبحث عن صحة حديثه ليرى اسميهما محفورين في كل قسم، و الغريب...خطوط لا معنى لها أسفل كل إسم....

تهلل وجهه بعدما ألصق القسمين ليتكون القلب: بل هي رمت عصفورين بحجر، أنظر... اسمك منقوش بالأسفل بين القسمين، إنها تنبئك بتصديقها أنك ثمرة حبنا.
جر هاروكي القلب لينظر مستبشرا : حقا..!
استعادها هيجي بغضب ليفصل القسمين راميا أحدها له: خذ، الآخر لي.
صرخ هاروكي بغيظ: هيجي، إنها لي...
نظر لقسمه ليلاحظ أثر غيرة والده السخيف: هي، حتى الإسم محروم منه...أم أنك تحتكر بإسمها لقلبك فقط...؟
أدخل قلادته بجيبه ناهضا بمراوغة: هذا دليل مجيئك لزمننا، عند عودتك سنوصلهما...
فكر هاروكي هنيئة ثم نهض مودعا والده: ليست فكرة سيئة...
أمسك ذراع أبيه ليلتفت له: و لا أنسى...لتعرف، أنت أب رائع هيجي...أفخر بك.

لوهلة ظهر وجه والده الأربعيني الصارم يبتسم بحنو قائلا: شكرا لك بني...!





ملل يطغى كل زاوية كالعادة...
ملل قاد لسانها للنطق بهودء تدريجا حتى الصراخ: ملل...ملل...ملل...مللللللل...تبا.
رمت القلم الأسود الذي حاطته أناملها بضجر: ليت ريو هنا لنتسلى قليلا..
ابتسمت بإستخفاف: نسيت أنه أبي.

لحظات و طرق الباب أوقفها لتفتحه و خلفه من تحدثت عنه توا...!

أدخلته بفرح غمرها: أهلا ريو ... ما الذي أتى بك؟
أغلق الباب خلفه: تطردينني؟!
أشارت بالنفي بعدما جرته للجلوس على البساط معها: لا، على العكس... تمنيت مجيئك للتسلي...
قرص خدها بمرح: لتحقق أمنيك مصلحة..! ضننت أنك اشتقت إلي...

مسحت موقع الألم نافخة خديها بإعتراض: دع كاوروا تشتاق لك...

حدق بها ثوان قبل أن يقول: اسمعي، لقد هرب والدها...
توسعت حدقتيها غير مدركة للكابوس الذي بدأ: هرب...تقصد سيد ناوكي!...كيف؟!
زفر زفرة استياء قبل أن يجيب تساؤلها: تعرفين، بكل مكان له عون...لا أعرف كيف ستتلقى الخبر؟...لو كان بيدي لما أخبرتها لكن...
أكملت إيريكا:...الخطر محدق بها...

أنفاسهم المتوترة قطعت طريق كلامهم فترة حتى قالت إيريكا مغيرة أجواء التوتر: ريو، أنت تهتم بأمرها فعلا..
استفسر ريو بفضول: واضح؟!
أومأت إيجابا بسخرية: مكتوب على جبينك، هائم بعشق كاوروا...

أطرق على جبينها بقبضة: حسنا...كشفت...
ضحكت بجهورية : منذ أن رأيتها....
أردفت بعد صمت: ما الذي تخطط له؟...
فهم مقصودها فقال بإبتسامة: ماذا غير خطبة ثم زواج ثم إنجاب فتاة لطيفة تشبهك...
أحنى نفسه ليقابل ملامحها المصدومة: أليس ذلك حلما جميلا بنيتي؟
ازدرأت ريقها و تمالكت نفسها لتتم مزحته في ظنها: لطيفة لدرجة تتمناني إبنتك...لطيف.
تسمرت حين قال موجها نظراته الثابتة و الواثقة: لا يهمني شيئ لتفسري حظورك هنا لكن أخبريني.... هل كاوروا هي أمك؟

أشارت على رأسه مشيرة لخلل ذهني طرأ: صدمت رأسك بشيئ ما؟!...لست طبيعيا ريو.
تنهد ريو ليبدأ سلسلة توضيحه: شعور غريب لا أستطيع إنكاره بأني سندا لك، و كيفية تعاملك و كأنك تناديني...و تصرفك معي في المشفى... كله يقول أنك ابنتي...! و رغم أن عقلي يرفض الفكرة إلا أنه لا تفسير آخر...

نقلت عينيها بحثا عن إجابة حتى قال لها: حقيقة واحدة... هل كاوروا..
بترت سؤاله الحماسي برفع يديها استسلاما: أجل أجل، ستبقيا بحب فاشل لعشرين عاما آخر...لا تقلق.

قفز قابضا يديه بولع: هذا هو..

خالجها شعور يسر بعد كل ما حل بهذا الزمان فقالت بدلال: و الآن، ألا تريد أن تعرف ما سيكون...
قاطعها من فوره: قلت لست مهتما...
تكتفت بغضب طفولي: و لم؟...
بسط كفيه على جانبيه و أرخى ملامحة لتظهر بحنية افتقدتها منذ فترة: عشرين عاما، قلت... أنا أرغب بعيشها كما هي...قسوتها، حزنها، مفاجآتها... و إلا فلن أشعر بفرحة وجودك في حياتي، عرفت المهم...

مطت شفتيها : كاوروا هي المهمة فقط!

أسكتها لحنه الواثق: كل شيئ سيكون جيد معها... لذا ليس مهما...
نظر لها متما: أنا خائف من ناوكي ...قد يجرأ على الإنتقام...
ارتشعت و نطقت بما يضاد مخاوفها: رغم أني لا أعلم عما سيجري، إلا أني واثقة أن كل شيئ سيكون على مايرام.

استقام ليخرج: تأخر الوقت، سأذهب.
تمسكت بذراعه بطفولية : للتو وجدت أبي.
قرص أنفها ليجيب: مازلت شابا لأكون أب وردة مثلك...لا أستطيع فهم ذلك.

فتح مقبض الباب ليفاجأ بخروج صديقه من شقة إبنه ليهمس لها بسبابة أمام فمه: و لا كلمة، حتى كاوروا و هاروكي لايجب أن يعرفا بعلمي بالأمر.

وجه هيجي لحنه الجهوري لصديقه: ماذا تفعل هنا ريو؟
ابتسم له بخبث: نناقش سبب مؤتمركما المفاجئ.

تقدم هيجي نازلا: يالك من خفيف ظل.
تبعه ريو موجها كفه مودعة صغيرته الشابة: قلت لأتسلى مع إيريكا بعد أن أطلت مكوثك مع هاروكي.

اختفيا عن الأنظار ليتجه هاروكي لصديقته باسطا كفيه فوق كتفيها: إيريكا...دعينا نعود.

قراءة ممتعة،،،،،،،،،










س: هل سيعود ناوكي للظهور قريبا؟...ماذا سيحصل بهروبه؟
س: هل لبطلينا يوم آخر في هذا الزمان أم أننا سنستقبل الحاظر؟
س: توقعاتكم؟


لن أطيل بل اجعلوا قلة الأسئلة اعتذاري للتأخير و سوء جودة البارت،،،، بارت !

أود رميه في سلة المهملات حقا...أسوء ما قدمته...

لكن، لا أجرأ على جعلكم تنتظرون أكثر ...

معذرة، معذرة، معذرة، على التقصير معكم متابعي....
سأعيد صياغة البارت بعد تتمة الرواية...ههههه


قراءة مُمتعة ،،
.



.


 
 توقيع : ورده المودة

















إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم

فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم



التعديل الأخير تم بواسطة جلنار | Gulnar ; 03-04-2020 الساعة 10:52 PM

قديم 03-04-2020, 07:37 PM   #18
ورده المودة
في جوار ربها ، اللهم ارحمها واغفر لها وتجاوز عنها


الصورة الرمزية ورده المودة
ورده المودة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 104
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 المشاركات : 221 [ + ]
 التقييم :  277
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة


.

















.






17
الوداع ، لماضٍ حوى قلبي




وجه هيجي لحنه الجهوري لصديقه: ماذا تفعل هنا ريو؟
ابتسم له بخبث: نناقش سبب مؤتمركما المفاجئ.

تقدم هيجي نازلا: يالك من خفيف ظل.
تبعه ريو موجها كفه مودعة صغيرته الشابة: قلت لأتسلى مع إيريكا بعد أن أطلت مكوثك مع هاروكي.

اختفيا عن الأنظار ليتجه هاروكي لصديقته باسطا كفيه فوق كتفيها: إيريكا...دعينا نعود.
عزم و إصرار أوقفا تنقل قنوات الأيام للتوقف لدى محطة الفراق، فراق منتظر منذ أن حطت قدميهما أرض هذا الزمان....

هذا ما وصل له هاروكي و ارتئته إيريكا في لحنه...

و للحديث في مهم الحدث تفصيل جعلها تستدعيه لورود شقتها :أدخل.

امتثل لما قالت ليستريح فوق الأريكة منحنيا شابكا كفيه بين رجليه: هل لديك عصير؟

صادقت ذهنها فكرة أثارت البسمة على شفاهها قبل أن تتجه هناك متصنعة البرود: لأرى....
فتحت باب الثلاجة قائلة بصوت جهوري لمن ينتظر : هاروكي، ليس لدي سوى عصير مانجوا و جوافة...هل تريد؟

استأنست لردة فعله حين قال بإمتعاض: يع،لم تحولت ثلاجتك لسلة قمامة؟

لم يكن من المستور عنها كرهه لهذين النوعين خاصة، لكن بعض المتعة خالجتها و جرتها لتضحي بمزاج هاروكي...

التقطت علبة من الباب و خرجت تمد له مايريد فيلتفت رافعا حاجب اعتراض: برتقال...!
غمزت له : ردة فعل مثيرة للإهتمام هاروكي.
سحب ما تمده ليفتحه شاربا القليل: المهم بل ريقي الناشف..شكرا.

رمت نفسها بجانبه مبدية رضاها بما غمره من حظ سعيد : مبروك لك إقناعهما.

اكتفت امتنان عينيه إجابة قبل أن يقول بدوره: لكني أخبرتهم بعدم إخبار والديك... ذلك أفضل، و هيجي أيدني أيضا...تصوري لم؟

عادت بعد تشتت جزئي لحديث والدها قبل دقائق:لم؟
استند مطرقا بالعلبة الباردة على جبينه: لأنهما سيغران كل حوادث الأزمان بأفكارهما الحمقاء.

شعرت بضربة موجهة لها لكن بعد التفكير أجابت: هذا متوقع من هيجي، و تغيير الأزمان متصور في ريو و كاوروا...

أردفت بجدية: ...أغدا نحاول العودة؟

رضى كان أم استسلاما فهو غريب عليه، و صراحته جعلته يستفسر عما أدرك: هل اقتنعت بالعودة؟!


حوت كلماتها وثوقا مشبعا بالتأكيد: لاشيئ أفضل..

تنهدت بضيق استولى على أساريرها و جهدت إبعاد أفكار الريبة التي راودته: لا أرغب برؤية ماحدث لأمي ثانية، خاصة بعد هروب ذاك السافل...

أسرعت جملته ببتر سلسلة حروفها: هل هرب ؟!...

أعاد ظهره المنحني للخلف ليستقيم و قال بتكشيرة مستهجنة: أسوء ماقد يحصل..

أبدت قلقا تغوغل في طالع أفكارها التي تقوقعت بخطر جدها الهارب: هاروكي، بدأت أقلق فعلا... لو كانت شكوكي صحيحة فنحن بمشكلة عويصة...أقصد أمي...

ظهرت تقطيبة حادة بين ملامحه الشبابية: ماذا تقصدين؟!

أجفلت ناظريها واضعة يديها أمام شفتيها: لاشيئ، حتى الآن لاشيئ...







اختناق...
هذا هو شعور من ألقتها المصائب بجبة صعاب الدهر، فماذا أكثر بعد؟!

ما الذي ترسمه ساعاتها القادمة؟!

يدها تمر من رقبتها علها تبعد هذا الشعور المقيت، فهي اكتفت من الدموع و الحزن و الصدمة بينما هي تأتي طوعا و كأنها ترحب بها في عمق ظلمتها....

انتزعت كأس الماء بيد مرتعشة لتغترف شربة: أتظن أنه سيعاود الظهور؟

مد ذراعيه ليقربها إليها و أمسك بكفها المرتعشة: لا تقلقي، لن يستطيع فعل شيئ بسهولة و أنا معك.

لم تثبت ناظريها على شيئ، فعينيها رغم نظرها للفراغ لم تستطع أن لاتعكس تشتتها و حيرتها: أنا خائفة، إن عاد ف....

بتر ما تقول بعناق شمل حزنا و أسى لحالها: لن يمسك، ليس قبل تعدي حياتي كاوروا.
تلبد طغى مشاعرها منعها من التشبث به صرحت به بجملة: أبي، قبل أيام كان يضمني هكذا.
شدها لصدره أكثر ليخفي الدموع التي خانت مقاومته العقيمة : أنا آسف، آسف لكل شيئ...
تمتمت بخفوت يدل على إمتنانها: شكرا خالي... لأنك هنا .
قبل جبينها ليبتعد: فداك خالك صغيرتي.

اكتفت بشق ابتسامة باهتة معلنة بها رضى بوجوده، و يقينا بفرحة غمرتها لكونه يحمل عبق حنان أفقده غدر والدها لها...


كلاهما يعلم كم كان للفظ القرابة جمال سجن نوي بطيات حروفه الثلاث، لكن...
ليت و ليت لم ترى غيمة الألم لتكتمل بجمال روحها...

فهل هذه ال_ليت ستتحقق؟!

و هل الصبر خير علاج؟...






تحسست تلك الأصابع التي أبعدت خصلاتها المتمردة عن وجهها لتفتح عينيها المتصنعتان النوم لمجاورتها...

حاولت جمع أفكارها راضخة لما تستهدف أمها لكن الشجاعة لم تحالفها، بل تصدر ملامحهها جمود عسر عليها إخراج مكنون واقعها، فهي تعرف ما سيكون عليه الأمر رغم كثرة جهلها بحقائقه ....
فهي تجهل يتم ابنها و وحدة زوجها...!

فالنقل..

و تجهل مرارة قدر هيجي دونها...!

مررت تلك الأم يدها في خصلاتها الفضية سائلة بهدوء يتوخى صمت حياءها: تحبينه؟

أنزلت بؤبؤتيها بسرحان أدخلها حيرة لتقول بعيدا عن إدراك المغزى: كل شيئ جيد معه أمي، كل شيئ ....
تركت سيلينا مكانها لتخرج حاملة رسالة البشرى بعد فهم منها لسر هذا اللغز المبطن بعشق خفي: مبارك لك هذا الإختيار، هيجي شخص جيد.

ارتسمت ابتسامة باهتة تبحث عن معنى حديثها فهل هو قبول بمن ترتئيه خيرها أم أنه رضوخ لعلم بما سيجري بأيامها....

مهما كان السبب، فكل شيئ بجواره سيكون بخير.... هذا ما أكدته هي لنفسها منذ أجل ليس بقريب...
وجهت أنظارها لمن قبضت على مقبض الباب الأبيض بهدوء لتفتحه خارجة: سأحادث والدك، هو سيتصرف... خذي راحتك و نامي.

تقلبت لتكون على جهتها اليمنى و سلبت دبها ذو لون زهرة الكرز و احتظنته كما تفعل دوما هروبا من تضاربات فكرها في خضم الوقائع التي تسلب هناء نومها....
فهي الآن تخلت عن عالمها لترد عالما يخبئ لها الكثير من المجهولات التي تخط مصيرها ، مصير لم يكتب له العيش المديد....







صرخ مبعثرا شعره المخضر بإنزعاج: هدوء رجاء...
ارتمى الصبي المرح بجانبه ينظر لمجموعة أوراقه: ماذا تفعل؟
رمقه بنظرة غضب: إن تركتني، أعيد ترتيب حساباتي، فغدا توزيع الرواتب.
واجهه مظهرا انياب اسناناته المصفرة لعدم الإهتمام: لاتنس نصيبي، فقد عملت لديك هذه الفترة...
ضرب جبينه بالقلم الذي بجانبه: أظن، تحتاج فرشاة أسنان عوض الراتب...

استغرب تلئلؤ عيني نيكولاس و كأنه مسيطر عليه بسحر ما: هل يعجبك ذلك؟!
أجابه بصفاء نفس و فكر متوسع: كثيرا، ستلمع أسناني و ستنصع بياضا، و أتوق لمعرفة شعور من يفرك أسناناته و يدير الفرشاة بفمه....أعتقد أنه شعور جميل...
تلاعب بيديه مردفا: تشعر أني سخيف، أليس كذلك؟

لم يكن نيكولاس مدركا انتزاع جملته لأفكار يوري ليطغاها لما شده لقذف أوراقه مباشرا محادثه بعينين تشع حنانا: بل أشعر أن لدي الكثير لفعله، فاستيقظ باكرا.

جهل سر امتنانه فعلا، فما الشيئ الذي يدعوه يوري بالكثير بعد كل مافعل؟!...فإن كان أسمى من سقف يظلل على مفرق رأسه و فراش ينتظر ضمه كل ليلة، فهو يلازم استحقاقا للإمتنان...

إمتنان سيطول و لن يرد بمثل...


لكنه رفع سبابته مشيرا لما خلف السقف: دعني أهنئ بالنوم أولا...
كان محقا فذا صوت هيوجي الوافد الجديد أرق كل الجيران معه فضلا عن نيكولاس...!

نهض يوري خالعا نظارته الطبية ليقف جانب الباب صارخا: ميواكو، أسكتيه ... بدأت أشعر بالصداع.
صدر صوتها الأنثوي يجيبه بحنق يدل على تحطم أعصابها الهادئة: تعال أنت و قم بما تستطيع.
ازدرأ ريقه موجها حديثه لنيكولاس: افتح التلفاز و شاهد لك شيئا، علك تنام...

ضحك المخاطب حتى بسط كفيه ضاربا الأرض بيديه: شكرا لمساعدتك .

حواه بعينيه الثائرة حنانا ثانية: دامت ضحكتك ياصغير.










اشعة دافئة ...و خيوط ذهبية ساطعة مع نور يزعج الأنظار لتتيقظ أنت من عتمتها، تلك هي صفات الشمس التي ترحب بيومنا الجديد....

يوم يحوي مالم يحوه الأمس و مالن يحوه الغد...


فلكل يوم مستقر، مستقر تخضع له الأنفس طوعا أو كرها...

و كل مستقر يقول بطيات أحداثه»»»»»

تعدوا الحياة مرة واحدة دون أن تنتظر تصحيح خياراتك أو رسم ماهدته المآسي ...

فكل ما تستطيع فعله، المضي قدما بقلم الرشد و الوعي...
وعي قد اتصل بقلب من حاربت عالمها تنتظر معجزة الأزمان....

تلك التي جلست تعرك عينيها مقاومة نعاسا لازمها لقلة النوم: آخر يوم إذا...
نظرت لزيها المرفوع على مسمار في الحائط و نهضت لتأخذه معها نحو الحمام آخذة حمام قصيرا يعيد لها بعض الإنتعاش...

خرجت بعد عشر دقائق و بدأت بتصفيف شعرها الذهبي رافعة خصلاتها كذيل حصان ثم حملت حقيبتها خارجة نحو الشقة المجاورة لتطرق بابها ...
لكنها فوجئت بهاروكي خلف بابها يكاد يطرقه...!

أمالت رقبتها قليلا مدققة بمنظره الذي بدى مرتبا : لنذهب.
تقدمت ليتبعها بتعجب جزئي: استيقظت باكرا.

أطلقت تنهيدة قبل أن تقول: لم أنم لأستيقظ.
شاركها بالخطوات موازيا خطواتها: أشاركك النعاس إذا.

لاحت سيماء فتاة مهرولة لتقف لاهثة أمامهما بعدما فتحت الباب بقوة كادت تخلعه...!
جلس هاروكي بل سقط مكانه مذهولا لمنظر والدته الإستثنائي فهي قد تركت طابع هدوئها بصرخة أفزعتهما: كاوروا...إيريكا، كاوروا اليوم.....

أسرعت إيريكا نحوها تهز ساعديها بقوة : ماذا حصل ليندا؟...مابها كاوروا؟!

بسطت كفيها فوق ركبتيها بتعب حتى ترتاح قليلا ثم رفعت رأسها بإبتسامة حملت لغزا تجيبه بكلامها: اليوم هو عيد ميلاد كاوروا...يجب أن نفاجأها.

لم يستطع هاروكي إخفاء تعليقه المصاحب لعتب: ظننت أنها صعقت بتيار كهربائي، لكني أنا من صعقت بخبرك...كل هذا لعيد ميلاد...؟

وجهت نظرة عتاب له هي الأخرى لتفوقه: ألا يهمك عيد ميلاد صديقتي؟
شعر بوخزة تأنيبها المتوعدة فنهض محاولا إخفاء تلبكه: لم أقصد ذلك ، صديقتك غالية علي.

غمزت له إيريكا إستغلالا لموقفه: إبن مطيع ...
استقامت ليندا بوقفتها و قالت بجدية: يجب أن نفاجأها بعيد ميلاد خرافي.

أطرقت إيريكا تفكر عن تعاقب الأيام حين تواجدها: هل وصلنا سبتمبر بهذه السرعة؟
أجابتها ليندا: الأيام تمضي بسرعة عزيزتي.

أومأت إيجابا مؤيدة .....

خطوات أنبأت بقدوم صاحبها بعد صوته المرح معترضا: ماهذه الفوضى من أول الصباح؟
اقتربت منه إيريكا لترتب ياقته و ترفع خصلاته للخلف مرتبة: امتطي جوادك أيها الفارس، فنحن اليوم بصدد مفاجأة كاوروا لعيد ميلادها.

فهم ما ترمي إليه إبنته فجر وجنتها بعتاب اصطنعه : فتاة شقية...
أردف بعد هنيئة: ...لكن أين و متى؟

اتسم هاروكي في لحظات الصمت بإبتسامة جانبية بالنظر لمن سلبهما الإرتباك حروف التحية، و ملامح السرور بهما جلية ، فقرار عروس هيجي اكتمل بطلتها الخجلة في ساعته هذه....

أعادت إيريكا الحاظرة لهم بسؤالها: ليندا، صحيح...أين و متى؟

التفتت لها بإرتباك أوضح للجميع حقيقة الأمر: ماذ..أعني، ماذا قلت ؟

مطت شفتيها مؤنبة: أتركي السرحان في حبيبك اليوم، سألتك أين سيقام عيد ميلاد كاوروا؟

تركت توترها إخفاء للإحراج: نوي هو من خطط، لذا هو في منزله ... بعد دوام المطعم.
احمرت وجنتيها بمجرد سماع صوته المتدخل: تقصدين في المساء.

أنزلت رأسها مجيبة بصمت يظهر مدى حياء اجترحها بمواجهته....

عندها نهض هاروكي نافضا ملابسه: هي، لقد أطلنا الإجتماع، دعونا نتحدث في الطريق.










عرف الفراق بإفتراق الأحبة و وداعهم، فراقا ينتظر إنتهاؤه أو وداعا يحرق انتماؤه...
لكن هناك نوع لم تتعرض له الكلمات و لم تتصدى له الأفكار، فمن سيتحدث عن فراق ما لا يرى و لا يسمع بل هو عبير يستنشقه من تبقى لمن التزم بالرحيل تاركا له أثرا لا يتغاضى...
كان يستند بحائط تعلوه نافذة مغلقة رافعا رأسه تاركا المجال لسواد عينيه تتبع ما كان ينظر له دوما من سلسلة الأشجار تلك...
و بدأ يتعمق بكل ما يعيد له كلماته الغريبة...
لم يكن وحده، فله مرافق ملازم لا يستطيع تجاهله في حزنه المتربع على صدره...
فما الدموع إلا رفيق درب له منذ أن امتزجت دماء نيك معها ذلك اليوم المشوم...


و كأنه يهمس بأذنه: فرحت لنهايتي لأجلك...

آخ منك أيتها الأيام، من جورك...من ظلمك...من سوئك و مرافقتك المريرة...

تلك كانت أسرار قلبه التي لم يستطع إخفائها، فمهما تعدت الساعات و مضت السنون و تضاربت الأحداث لن تتركه الأسئلة و لن تهده حيرة الأجوبة...

فهل كان نيك بهذا الماضي سعيدا، و هل حقا مات قبل لقاء طفله؟
هل عاش نيك أعوام أكثر مع روز التي باتت أرملة شابة؟
و هل ربى نيك فلذة كبده لأعوام على الأقل؟
وهل..و هل...وهل لن تنتهي و لن تجيبها الأيام...
ذلك لأن ذاكرة معاصريه ستتبدل مع ماجرى...زفر بحنق قبل أن يبسط كفه فوق خده المبتل بخط دمعة: وداعا لرائحتك أخي.

توسعت حدقتيه بسماع صوتها المألوف له ليرفع رأسه نحوها: و هل لرائحة الأحبة وداع هاروكي؟!

أغمض عينيه يتخيل قائل هذه الكلمات التي صدرت من أقرب الخلق إليه ليجيبها بهدوء: أنت محقة روز، سأستنشق رائحته على مدى أيام عمري، لاوداع لنيك بتاتا...

فتح حدقتيه ليكمل: ...لم أنت هنا ؟
تحركت بخطوات لم تبعد تصور إنهاكها: أنا، انتقلت لمنزلي..و لمدرسته...
أردفت بغصة علقت بحلقها بعد أن جلست: لا تنس أنه أحسن استقبالي لأعود.

تمتم بخفوت : و استقبل طفله أيضا.

أرخت ناظريها نحوه و هي تضم قدميها المائلتان فوق العشب: نيك فرح أنه لم يمت فوق سرير مشفى..أكثر ما كرهه أن يموت بسبب يعجزه دون إرادته.

هل روز تعيد أيامه القليلة بتواجدها، ها هو يستذكر كلمات نيك قبل فترة من مماته..
" الموت يلاحق الجميع، و أنا ألاحق هدفا لموتي عوض المرض...
كليندا التي وهبتك الحياة.."

فهل بلغ نيك هدفا يسموا بموته...و هل حياته القصيرة سعدت بكونها رهينة تضحية...؟!

ليت نيك هنا يجيب التساؤلات التي تنخر عقله...

بادرت روز بالسؤال عن سر منظره: لم تقوم بالوداع؟!
ضرب جبينه ضربات تعيد تسلطه على أفكاره: سأعود من حيث أتيت و أنتمي.

قالت بتأنيب جزئي: قبل أن ترى هيرو؟!
حد ناظريه نحوها لتردف مجيبة استفساره الصامت: أقصد ابننا، قد أطلق عليه نيك إسم هيرو.

بات الإبهام رفيقا جليسا لروز بإجابته: سألقاه غدا عندما أسلمك أمانته.












ها قد امتطى فارس البيداء فرسه ليقود حياته التي بدت تتضح معالمها، فذا هو يضحي بيوم في سبيل عمر... حيث يضللها أمام أسواق الحي المتواضع قبل إيصالها...!

قد لاتكون فروسية، لكنها مهارة لا يتصف بها إلا أهلها...

فتح باب ذاك المتجر الواسع بعدما رأى ثوبا رماديا أذهب عقل مرافقته ليدخل كلاهما متنقلين بالأنظار نحو البضائع المعروضة: تفضلي آنستي الصغيرة.

دخلت بعين رمقته استحقارا: ريو، بدأت أشعر بالغثيان..


رفع حاجبيه اعتراضا : أنا المعتوه الذي قبل بتضييع وقته معك، فرجاء لا تعكري صفوي...

قال بلطف للواقفة هناك قرب طاولة حوت بعضا من الملابس المطوية : سيدتي..

أردف مشيرا نحو ذاك الثوب المخملي اللامع:...كم سعر هذا الثوب؟

تقدمت تنظر لإختيارهما ثم ابتسمت إبتسامتها التجارية: ذوق رفيع، إن هذا الفستان بألفي ين.
هرب لون وجهه طابعا الحيرة و عرق يتصبب فوق جبينه: كم قلتي؟...لا أراه حجرا كريما سيدتي.

تلقى ضربة بظهره أكدت سوء حظه: لا تتنمق بحديث لست أهله...

حاولت تقليد كلماته بنبرة ساخرة: لك اليوم تسوق على حسابي.

تشبثت بذراعه خارجة إلا أنه قال لها: إنتظري، لم أقل أني لن أشتريه...

توقفت وحدتها لم تتركها: هيه، تمزح...هل تريد التخلص من راتبك الذي حصلت عليه اليوم؟
ابتسم بهزل: لا بأس إن كنت سأراه عليك... أنا أريده.
تركت ذراعه برمية تبدي سخطها : ريو، البسه أنت.

تجاهلها بضحكة استهدفت حمرة وجنتيها مؤشرا: سنأخذه..

دقائق و هو يزين محياه بملامح فخر و اعتزاز بنصره على عنادها الدائم و مشاعرها المختبئة...
خاصة بعد علمه بعاقبة الأمور...

خطواته تحوم و تحوم حولها كالنحل الذي يستهدف زهرة تباع الشمس متطلعا للعسل و هو يرمي بجملة تلو أخرى تستهدف حديثا يقطع الصمت حتى حانت لحظة سؤال تاق جدية:كاوروا ، هل تأقلمت مع عائلة نوي؟

ضمت ساعديها ببعض متململة: أجل، زوجته ميهارو طيبة و إبنه الشقي ماروا يبعد الملل...
رفع كيس المتجر عند كتفه : تعرفين، وصفك ساعدني على تخيل الوضع الذي تعايشين.

لم يخفى المعنى الواضح من مغزى هذا السؤال لكاوروا، فريو يستدرج ما لا تقول ثانية...
توقفت تاركة طريق عنائه مبينة: شكرا لإهتمامك ريو، عائلة خالي طيبة و لم أكذب...علة المشكلة هي أنا، لا أستطيع قبولهم كعائلة من فوري خاصة بعدما رأيت نوي يعين أبي... لا أستطيع إبطال لومه على تركي لعبة ربح ذاك المحتال دون إخراجي من وحل أعماله القذرة.

لاحظت حنو نظرة بؤبؤتيه البندقيتان لتهبط وجهها بعدا عنها: هذا كل شيء.

أكمل طريقه ليفتح طريق خطواته المتوقفة و طريق أفكارها العالقة في دوامة الضياع : أعط نفسك فرصة التقبل...و أعطه فرصة لبرهنة أسبابه و اجعلي له وقتا و لك وقتا تضعان بالحسبان قرابتكما الظاهرة، هذا لن يحدث قريبا بالنسبة لك .... حققي ذلك و لاتنتظري تحققه ...

صمت ممسكا بحديدة بوابة مستقر كاوروا الجديد: في كل حال، كوني الفتاة التي لاتنحني.

ضربة قاضية، صرخة واهية، ردة فعل مزعزعة...هي ما تتناوب بعقله الآن، لا أن ترن لهجة تتناغم بأذنه هدوئا و لمسة خفية من حنان: شكرا لأنك أنرت حياتي أيها البدر ..سررت حقا بظلك فوق حياتي.

تصعدت أنفاسه مرتفعة هابطة داخل صدره الذي كاد ينفجر و حذار أن يغمى عليه مد ثوبها ليسلمه لها: عيد ميلاد سعيد كاوروا.

وجهت عينيها ليده من خلف خصلاتها الموزعة أمام وجهها و ما كان منها إلا أن تسلب الكيس منه عابرة بوابة الدخول لتستقر بغرفتها علها تهدأ مما هي به ...

لكن الصدمة، حين دخل مغلقا البوابة متقدما بوثوق: ارتديه و توجهي للحديقة الخلفية، الكل ينتظرك.

تحركت و هي تتوعد بداخلها نحو هذا الإستغلالي : اللعنة عليك ريو ...

توقف يحدق بها تضرب بالأرض بعنف في خطواتها ليسبق دخولها بجملته الأخيرة: اللعنة على الألعاب النارية التي أشعلتها بقلبي...

صفقت الباب تتركه يبتسم بشفافية: ردة فعل كاوروا...أحبها.

أما الأخرى فقد اتخذت خلف الباب مجلسها تلتقط به تحاور محادثتهما المربكة: يا إلهي....










كلمة غيرت كل المجريات فجأة، بعدما أطبقت يديها بجانبي فستانها الذي سرق الأنظار بطلته ، تلك الأكمام الضيقة التي تصل لنصف ذراعيها النحيلتان، و فتحة المثلث الممتدة بزخارف متلئلئة حتى جانب الخصر الأيمن...

و كفى بفخامة طرازه الكلاسيكي قماشه المخملي اللامع بدوره، و مع هذا فقد أذهلتهم جملتها: لننقل هذا الحفل لبيت يوري و ميواكوا..!

كانت الصدمة الأقوى لربة المنزل التي تبرعت بصنع الكعك واضعة له فوق الطاولة الدائرية المغطاة بقماش نافس لون الطبيعة : لا بأس إن كان ذلك يريحك.

قفزت تحتظن عنق زوجة خالها التي تبلغ أواسط العشرينات طالة بأبهى حليها لهذه المناسبة، فستان برتقالي كست أطرافه خيوط ذهبية : أشكرك ميهاروا، أحبك كثيرا.
أبعدتها ميهاروا بإبتسامة باهتة بذلت جهدها في الحفاظ عليها: حسنا عزيزتي، فالتستمعي.

قطبت حاجبيها بعتاب: أستمتع ..! دون حظورك..تمزحين، ستأتون معي...

و ها هي الفرصة التي تحدث عنها ريو التقطتها هي في راحة يدها....









خمس رمشات توالت لجفنيه محاولة استدراك الموقف...
ابتسامات حائرة عن التعبير تواجهه، و ليس له سوى الترحيب بهم مبتعدا: مرحبا بكم...تفضلوا ...

قفز نيكولاس بحجر كاوروا : أختي كاوروا، مرحبا...واو، تبدين جميلة اليوم.

رمقته بخبث: اليوم فقط...؟
تدخل يوري مبديا تعجبه: لم أفهم سر هذا القدوم الغريب...
بدا على نيكولاس بعض الغرور: قد يكون احتفالا بذهابي للمدرسة....

كل احتمال يرد بدخول هيجي رافعا تلك الكعكة و من حوله في حال بهجة و مظهر زهى بألوان الفرح..!

أحاط ريو عنق المتبختر بيديه: بل عيد ميلاد كاوروا.

فطنت كاوروا تجاهلها للأمر المهم فهمت بالإتجاه نحو الغرفة التي استقرت بها ميواكوا: أردت أن يكون الجميع معي، لكن ميواكوا لن تستطيع الحظور، لذا أنا أتيت.

حاول نيكولاس إغاضتها و قد نجح بفضل الطفل ذو الرابعة أعوام بتكراره: إذا هذه سنوية ذكرى كيف تتحولين لعجوز ؟
و ماروا يتخطى مكررا ببراءة: عجوز...عدوز..عدوز...

فركت كاوروا كفيها ببعض: كيف تجرأ نيكولاس؟

أما الحديث عن غير هؤلاء يخرج من موضوعنا فعلا، فهيجي يحدق بين فترات بمظهر ليندا الذي بدا راق بقميص جلدي أسود مع بنطال قصير أبيض خللته بعض الإكسسوارات الفضية بشكل دوائر كبيرة تبرز بعض العصرية...

أجل ، عصرية بدت مشتركة بين العالمين...شدت ابنها للتحديق بها حتى طغى عينيه الظلام لينطق بحنق: هيجي أبعد يدك عن عيني...

و إيريكا تسللت لهيوجي الذي كان يناغي والدته بإبسامة و صوت يسلب العقل تركيزه، فهي تتوق لحمل طفل مثله بين ذراعيها على أمل تغيير قلبها المظلم بشعاع براءة...!











كان أسوء يوم في حياتي...""
ربت شبيهه على كتفه بروية من الخلف: لاتقل هذا أمام ليندا، نصيحة..
زفر بضيق: أعرف.
أما ريو فقد بسط كفه يمناه مؤشرا على نفسه بسبابة يده الأخرى: أنا من كفلت بالمهمة الأصعب، لذا العتب حق لي بمرافقة تلك المتكبرة.

أعادت تذكير والدها بالأهمبالأهميات ثمن، و ثمن ماتريد باهض أيها البطل.

تأفف ريو متجها لشقته المشتركة مع زميله:تصبحون على خير.
إلا أن همسة هيجي لإيريكا قائلا: اسرقيه لبعض الوقت ...

جعلها تبتسم بخبث له لتدخل غيضا بداخله ثم همت بإيقاف والدها: ريو، دعنا نقضي بعض الوقت.
قال لها: الوقت متأخر و أنا منهك.

بدأت بجره بطفولية: أريدك معي قليلا أيها الغبي.

أطلق هيجي ضحكة خفيفة : تخلصنا منه.

تبع هاروكي والده سائلا: ماذا تريد هيجي؟

أجابه بصمت حتى دخل و أغلق الباب : اتصل بليندا لتودعها.

جاب المكان بحثا عن الأداة المطلوبة: أين الهاتف؟

أجاب بينما يعود للأوراق التي لم تترتب يوما: غرفة النوم.
سأل هاروكي سؤالا عرضيا: أنهيتما البحث؟
صوته البارد قال: سنسلمه اليوم...

أردف بعد خطوات من هاروكي :...انتظر، رقم منزلها...

قاطعه هاروكي بسخرية: أحفظ رقم بيت جدي...و المضحك، أنك ستنساه.

اتجه للهاتف الذي كان ينتظر منقذه من ثنايا الملابس المسيطرة على ساحة الغرفة و رفعه: يااااو، هاتف من طراز عصر الميجي!...

أخذ السماعة و بدأ يدير تلك الدوائر الصغيرة بإصبعه منتظرا صوت أحدهم...

صوت من لن يلقى صباح الغد، لا زميلة دراسته و عمله و لا أمه التي قضى معها يومين لاغير!
تنفس الصعداء خشية أن تضيع كلماته التي استأثرها لهذه اللحظة و بدأها منطلقا بقوله: مرحبا ليندا.

صمت لحظات قبل أن تجيبه: مرحبا، غريب أن تتصل الآن..بل غريب أن أتلقى منك اتصالا .
ابتسم لصراحتها : أهذا ترحيب لائق أمي؟...
أردف بتغير نبرته:...هذه آخر مرة تسمعين صوتي.

شعر بصدمتها التي أسكتتها هنيئة ثم قالت: ما باليد حيلة...أليس كذلك؟

أهم، يجب أن نسرع بالعودة... ""

تطلع لكلماتها و ماخرج كان متوقعا: سأشتاق لك هاروكي.
كانت قدمه المهتزة تنبئ عن مدى توتره: أنا أيضا...لو بيدي لما ودعتك.

كبت ملحا فوق الجروح بجملتها: سنلتقي على كل حال ...لذلك الحين ، اهتم بنفسك.
تمتم بتأييد ثم أضاف: هل تريدين شيئا؟

بينت اعتراضا و عتابا: لاتقل أن وداعك هو هذا؟!...إبن أبيك يا فتى، أنت ستودعني لفراق طويل هاروكي و ليس لبيت الجيران...

أجاب ببرود: بعد ساعات أنا عائد، فلا أظنه طويل.
تنهدت لتفاجأه بخبريتها التي تطلع لها منذ زمن: لقد حادثت إيريكا بشكل غير مباشر، إنها تبادلك الشعور.

جحظت حدقتيه و تهلل وجهه: كيف عرفت؟

جرته للبسمة الملائمة لمرح صوتها: حديث فتيات انتهى بقولها أنك أمير كل فتاة.
شعر بيأس : أمي، إنها تخاطبني بهذا لأن هناك الكثير من الفتيات معجبون بي.

ضحكت بهدوء طبعها ثم قالت: اسمح لي أن أقول أنك غبي...كل فتاة يشملها هي، أليس كذلك؟

" ما الدليل؟!"
" هي، لن أفصح عن التفاصيل...ابذل بعض الجهد لأجلها"

ارتفعت نبرته بغيظ: ليس عدلا.

حيرة جرتهما للصمت حتى أخرجت ليندا ما أخفته بقلبها: حين أعيد لحظات وجودك هنا، أعرف أني أفخر بك ...مسؤول، حنون و إنسان ... إبق هكذا هاروكي.

استلذ كلماتها في عمقه: شكرا، بالفعل أنت أم نادرة.

شدت انتباهه بجديتها: هاروكي.... لاتحقد على هيجي، فهو يحبك.

لم يستطع إخفاء نبرة حزنه: أعرف، أعدك لن أحقد عليه... كفاه اختارك أما لي.

باغتته بسؤالها الذي لم يستهدف إجابة: هل تعرف سبب تهربي منك حين رأيتك؟

أردفت بعد هنيئة:... لأنك تحمل ريحه، لذا فكنت توترني...صدقا، هذا هو سبب تصديقي لك.

تململ بضجر: مزعجة، يبدوا أنك تحبينني لأجل ذلك المبجل فقط...جيد أني أشبهه ، ثم أحمل ريحه...ماذا بعد؟

طغت جملتها لحن سخرية: إنه والدك هاروكي...

قال بإستسلام: لشدة شغفك به، لن أستطيع أن أواجهه بغير الإستسلام له حذار مضايقته، ذلك يغيظني فعلا...

و استمر الحديث حاملا معه شغفا سينتهي...











تدير الملعقة و تدير الملعقة و تديرها بذاك الكأس الزجاجي الذي حوى شايا أخضر يهدئ أعصابها: ريو، هذا آخر لقاء لنا.

واقفا بإنحنائة خفيفة تظهر شبابه و حركته العفوية الرزينة قائلا بعدم اكتراث: لاتنسي أن تبلغي سلامي لذاك الزمن.

شعرت بضيق حقا لجفاف هذا الأب في حين فراقهم الأبدي: أهذا كل شيئ؟

تمنت لو أنها لم تسئل حين قال: غدا سأراك..في زمنك.

صرخت بوجهه متحاشية الضعف أمامه: ودعني كزميلة تختفي من حياتك دون عودة...أنا أريد وداع صديقي اللامبالي ريو، أريد فراق كاوروا التي مازلت قلقة عليها، هيجي و يوري و ميواكوا ...جميعهم أشخاص عاشرتهم و صعب علي تركهم...أبد بعض الإحساس أبي.

خفق قلبه بسماعها...بسماع مناجاة أب لم يتهيأ هو لأن يكون أبا، فما زال الوقت مبكرا له حتى يدرك هذه المشاعر المبهمة...

لكن...
يديه استجابت لضمها و التربيت على رأسها، و لسانه دار طاغيا جلا ألمها بكلماته المهدئة: أنت لن تفارقي أحدا إيريكا... آنا سأنتظر ظهورك وردتي الصغيرة و ماعليك إلا أن تكوني كذلك...البقاء هنا ليس سوى مظرة لك و خطرا لاداعي له.

همست بخفوت رجاء: أبي..

ابتعد عنها لتظهر ملامحه التي أجبرت نفسها على الإبتسام: إن كررتها فعلا فسوف أمنعك من الرحيل.
أفلتت نفسها من ذراعيه: سيكون ذلك رائعا.

قرص أنفها : فتاة شقية.
بسطت كفيها جانبيها قائلة بطفولية: لقد ورثت حب المشاكل منكما.

حركت قدميها الممتدان فوق الأريكة و أردفت: لن تتغير، فحتى في زمني تعشق قرص أنفي.
شبك يديه بين قدميه: و أمك؟
جرت خديه حتى احمرتا: اكتشف بنفسك، أبي.

جر هو الآخر أذنها حتى شعرت أنها ستنفصل: ماذا؟

أمسك كفه بيديها مترجية رحمته: حسنا، سأخبرك....هي تجر خصلات الشعر.
تركتها بإبتسامة نصر: أحسنتي...

لم تترك أذنها بل أمسكتها و هي مستفسرة: هل لك أن تخبرني بشيء؟

"ماذا؟"

نظرت له بجدية: لم لاتريد من أحد أن يعلم بمعرفتك بالواقع؟

ارتخى بجلسته رافعا قدميه ليجلس القرفصاء فوق الأريكة: أخبرتك، أريد أن أعيش أيامي طبيعية، بل أتمنى أن أنسى الحقيقة لألا أصاب بتأنيب ضمير لإخفائها عن كاوروا...كيف أشرح لك؟...
خلخل خصلات بشعره ذو لون الخشب متما: ...أريد الشعور بلذة تحقيق أحلامي، أريد السعي لأصل لما أريد...زوج و أب مسؤول، شرطي صارم و حذر يشارك مهماته مع هيجي، و رجل رشيد الفكر...هذا شيئ لايعوض .

كانت كلمات حكيمة تخرج من شخص ذو مظهر طفولي، كلمات ألقت تعويذة التأديب عليها بمظهر يكاد يكون لطفل في الخامسة الذي جعلها تباغته بجر خدوده ثانية: أخيرا استطعت فعلها...وجهك البرئ يشدني لجرها...كم أنت لطيييف.

اكتسته حمرة حرج: توقفي...هذا محرج.

لم تتوقف بل حركت وجنتيه بسرعة: قليلا بعد...













" مضى زمن منذ جلوسي معك هكذا..."

انحنت برأسها على كتفه مصوبة عينيها على المنظر الذي جمعهما به أول ليلة: لقد حدث الكثير و نسينا من نكون فعلا..نسينا أن نتحدث كما العادة، نتسلى بوحدتنا، و نشكوا همومنا...

تحدث هو الآخر مجاريا لها بالنظر لتلك البحيرة: و مع كل ماحدث أشكرك إيريكا...

" لماذا؟...أقصد، لقد عانيت...مقتل نيك..."

تمسك بتلك الأمانة التي حملها في جيبه الأيسر: شكري هو نيابة عنه أيضا، وجودي هنا حقق أمنيته... موت بهدف..

"و شكرك أنت لم؟"
" لأني رأيتها، عاشرتها، أنقذتها... و جالسته، صادقته، تشاجرت معه...لقد وهبتني ما لم أحصل عليه..."

أطلقت تثائبا جره للقول: ساعات و أمر عليك للذهاب للمدرسة، فجهزي نفسك.

بسطت كفها فوق كفه ليتلامسا العشب معا: معا سنذهب ،تلك أمنيتي...

أومأ إيجابا ينظر لها: لنعد معا لحيث ننتمي.

أسدلت جفتيها إجابة لأمنيته علها تفيد في إرجاعهما لمستقر وجودهم....











احتضنت نفسها طلبا للدفء من تلك الهبات الباردة التي لامستها...

حاولت استيعاب تلك البرودة رغم أنها تغطي جسدها من رأسها لأخمص قدميها بلحافها المعتاد...

لكنها سرعان ما عادت لواقعها بصوت صراخ ألفته، بل شغفها حبا بشوق دام أشهر!

قفزت تحتضن سر دموع فرحها : أمي...



قراءة ممتعة،،،،،،،،








السؤال الأول: هل مصائب الماضي لاحقت إيريكا و هاروكي؟
السؤال الثاني: هل حصلت تغيرات جديدة لإنتقالهما بالزمن؟
السؤال الثالث: هل سيتذكر أهل هذا الزمان حظور هاروكي و إيريكا في أيامهم الماضية؟
السؤال الرابع: أجمل مقطع؟
السؤال الخامس: إنتقاداتكم؟
السؤال السادس: توقعاتكم؟


.



.


 
 توقيع : ورده المودة

















إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم

فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم



التعديل الأخير تم بواسطة جلنار | Gulnar ; 03-04-2020 الساعة 10:54 PM

قديم 03-04-2020, 07:38 PM   #19
ورده المودة
في جوار ربها ، اللهم ارحمها واغفر لها وتجاوز عنها


الصورة الرمزية ورده المودة
ورده المودة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 104
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 المشاركات : 221 [ + ]
 التقييم :  277
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة


.

















.






18
وهل للحنين .. إشتياق ؟!



احتضنت نفسها طلبا للدفء من تلك الهبات الباردة التي لامستها...

حاولت استيعاب تلك البرودة رغم أنها تغطي جسدها من رأسها لأخمص قدميها بلحافها المعتاد...

لكنها سرعان ما عادت لواقعها بصوت صراخ ألفته، بل شغفها حبا بشوق دام أشهر!

قفزت تحتضن سر دموع فرحها : أمي...

كان تصرفا مستغربا لا وجهة له في نظر الأم إلا قلقها على ما بدا من والدها بالأمس ،فجرت خصلة شعر من شعر إيريكا الترابي لتبعدها قليلا مهدئة من روعها الناتج من خيالات واهية:لاداعي للمبالغة فأبيك لا جرأة له على قتلي إيريكا....


جاذبية عجيبة حوته هذه الملامح الأنثوية التي تكاد تصل الأربعين و مازالت تحتفظ بملامح شبابها، حنانها الذي كان جليا رغم محاولتها إخفاءه خلف ملامح الصرامة و التهديد لم يردع إيريكا من التشبث بها مطلقة آهة راحة: جيد أنك بخير.


بسطت كفها على وجنة إبنتها لسهلة لتباشرها: كفاك دراما و جهزي نفسك، دقائق و يأتي هاروكي لإصطحابك.

شرود إيريكا كان باديا ليها وهي تجهد في إستعادة أفكارها المختزنة بجعبة الذكريات لزمن غير يسير: لكن، تصرف أبي...

لاقت قبلة على جبينها بترت جملتها المبدية توترا لما واجهته : دعك من هذا و جهزي نفسك، الفطور بإنتظارك...وإلا ،ستذهبين بصداقة مع الجوع.


أومأت إيجابا بقبول رحب لطلب أمها المستهدف مرحا و اتجهت لزيها المدرسي الذي اختلف بلونه الرمادي عن سابقه و ثم انعطفت للحمام يسار غرفتها....
وبهذا، أقدمت على المضي نحو حياتها كوردة جورية أنبتتها حياة كاوروا مع ريو...




تلمست كفه دفئا بجانبه لترتسم إبتسامة سخرية خفيفة على نفسه بجانب شفتيه، فهو أخيرا أدرك سر هذا الدفئ الذي تكرر وجوده تكرارا و مرارا...!

تثاقل بالحركات فترة يستعيد بها نشاطه و فجأة صافحه حظور الوعي ليجلس باحثا عن أهم شيئ حمله معه...

تفحص جيبه الأيمن ليتنفس الصعداء براحة بعدما شعر بتلك الأوراق المستطيلة ...

أخرجها و بدأ بتصفح وريقاتها قبل أن يضعه جانبا مخرجا جملة تحاور حبيبا لايعود: ساعات و ستكون بيدي زوجتك نيك.

لاحظ تلك اللمعة بمعصمه الأيسر فرفع ذراعه ينظر لها بألم اعتصره من جانب آخر : أثمن ما قد أحصل عليه ، شكرا أمي.

شاهد شفق النور الذي بان شروقه ليترجل من سريره متأهبا ليوم مريح دون مشاكل كما يظن ...

هذا، إن كان كذلك..!




تتحدث و هي تقضم خبزتها المحمصة بسرعة لامتناهية و حينها تنهدت مستفسرة بإنزعاج لتلك النظرات التي تكاد تخترقها: ماذا بهذه النظرة أمي؟...هل هناك شيئ؟

ارتشفت الأخرى حليبها الدافئ بهدوء بعدما واجهت دخانه المتصاعد دقائق معدودة: تعرفين، والدك مبالغ بتصرفاته هذه الفترة، لكن لنعترف بواقعية... أنا أيضا لست على مايرام.

صمتت هنيئة تبحث عن الجملة المناسبة بعد وعي منها بزيف أفكارها: ربما..

خبر سماعه بعيد عن تفرعات أفكارها أسقط خبزتها ، فكل شيئ واجهته لم يقودها لما تلفظت به أمها توا: أنا حامل إيريكا.

ظلت تحدق بكاوروا فاغرة فمها لتتحول دهشتها لإبتسامة حوت المرح الممزوج بسرور ألفه الفؤاد: حقا!

اكتفت برد رأسها المنحني لتنهض إيريكا متجهة نحو أمها: مبروك كاوروا...

حاولت تدارك غلطتها بعد ملاحظتها تقطيبة إعتراض من المنادى:...أقصد أمي.

حورت الحديث بجملة إستفهامية: هل الحمل سبب كل هذه العصبية؟!...هل كنت كذلك بحملك بي؟

تسلسلت الضحكة بخفة على ملامحها مجيبة فضول إبنتها: في حملي بك، أغلب الليالي كان أبيك ضيف هيجي بعدما أطرده.

اتخذت بعد جوابها صمتا يعيدها لذكرياتها الماضية بحنية بينما إيريكا تحادث نفسها...
(( أستطيع تصور ذلك ...مسكين ريو))


تذكر إسمه تكفل بإعادة تشتتات أفكارها المختبئة مؤقتا، فهل هي عادت لزمن غابر أم أنه لم يكن سوى حلم عابر؟!

و هل هاروكي يشاركها الأفكار أم ليس لحلمها الغريب آثار؟!

سرق السرحان وعيها لتغوص في خضم الحيرة...!

حيرة قد تصل نتيجتها ليومها قبل الغد..!




هبط الدرجات المتوالية و هو يرتب ياقته الرمادية المحيطة بياقة قميصه الأبيض...
أوقفه الع
جب من رائحة طهي وصلت أنفه ليقوده ذلك للمطبخ مدخلا رأسه بفضول: أبي..لازلت هنا؟!

سمع بل أصغى للكنته الباردة و صوته الذي غاب عن مسامعه لأشهر: أردت الحديث معك.
استقر هاروكي جالسا مقابله لتسهل المحادثة بينهما: نعم...

هيجي ... جهل سحر سكناته في التلاعب بمشاعر إبنه حين أنزل جريدة اليوم الحائلة بينهما: عمتك و زوجها سيأتون غدا، و أنا لاوقت لي بإستقبالهم...عليك القيام بذلك.

بعثر الإبن خصلاته متململا و أجاب بإمتثال: فهمت...أي ساعة؟

تلقى إجابة مختصرة أفادت ماطلب: حدود الخامسة.
طغى الصمت فترة قبل أن يطوي هاروكي جريدته بادئا حديثه المرتقب: من الذي حدثك عن نيك؟
شعر بتوقف رئتيه عن إستقبال الأكسجين .. فوجهة والده في الحديث،وجهة يهرب منها هو لكن..كل شيئ مكشوف لهيجي لذا لابد من الخوض في الصراحة فإزدرأ ريقه مجيبا: لا أحد.

تلقى عتابا في لحن أبيه الذي يستهدف كذبته: هاروكي..

أنبأ والده بسؤال يرتكز على ما يعلمه : ألا تذكر؟..

رفع حاجب استكشاف : ماذا؟
أشار لنفسه مظهرا لمعة حزن تعمق داخله: نيك قتل بيدي..

لم يكن هيجي يستوعب هذه المحاورة الغريبة ، فهل يجب عليه تصديق مايذكر...أبدى بعدا عن مقصود إبنه الواضح: هل تفهم ما تتفوه به؟

رفع هاروكي حقيبته الزيتية المجاورة له مخرجا ذاك الدفتر المؤتمن عليه: لا تناقشني بعد هذا...

خطف الدفتر من يد إبنه بعدما سلبه الذهول كلماته: هذا...من أين حصلت عليه؟

زفر هاروكي بحنق سببه الغيظ من تغابي والده: بربك، أعرف أنك تذكر فقد تغيرت ذكرياتك و بعض الحوادث بعودتي لزمنك...

ضغط بسبابته و إبهامه بين حاجبيه مطالبا بالتركيز الذي فقده : و هل يجب علي أن أصدقك؟...تلك كانت لعب أطفال و مضايقات بيني و بين ذلك ال...

أوقف جملته مستدركا ما واتى عقله من ذكريات ليبتسم الآخر بنصر: هاروكي....كنت تعشق الشجار مع هاروكي...أنقذت ليندا و البقية مع هاروكي... تكره التواجد حيث يكون ذلك الأحمق هاروكي...

أردف بعد رفع كمه ليظهر معصمه بما يحمل من دلالة صدقه:... و قد صدقت هاروكي و وهبته هدية أمه بالأمس.

بان الإرتباك واضحا بشحوب وجهه فوضع مسدسه الفضي الحامل لميدالية مماثلة لما بيد إبنه بينهما : تقصد أن تلك الترهات حقيقة؟!

قرب القلادة من ميدالية والده ليلتحما مشكلين قلبا واحدا يشمل عائلة: ماذا ترى؟...رغم أن قسمك بان عليه القدم إلا أنه يلائم ما لدي.

أعاد هيجي ظهره مستقيما ليستعيد توازن لحنه اللامبالي رغم إخفاقه: أنا...لا أفهم، هل تحققت أمنية إبنة ريو ..؟!

ظهرت ملامح سخرية و خبث على الإبن: ذاكرتك قوية هيجي، تذكر التفاصيل...
أجابه ببرود يقطع إستغلاله للموقف: ليندا كانت تسبب لي الصداع بحديثها عن مستقبلنا و نحن نواجهكم مرة أخرى...

أردف مشيحا بوجهه الذي اكتسى غضبا تخلله الأسى: كانت تفرط في حماس لاداعي له.

لهاروكي قدرة الفهم الآن، له أن يعي مدى مشاعر والده المحطمة...وله قدرة المواساة: تفتقدها؟

أتى الجواب مغايرا للمسألة: لو كنت أعلم فقط أنها ست...

بتر إبنه كلماته الهادئة بصرامة بسؤال يتحدى به صعوبة الجواب: كيف مات نيك؟

ابتغى حقا عدم الإجابة عن مايعلمه كلاهما يقينا إلا أن إصرار إبنه المجهول بمواجهة حدقتيه جعله يجيب: مقتولا...

جعل هاروكي ما رآه واقعية المجريات على لسانه : قبل أن أعود لتلك الأيام واقع موته كان مرضه ،لا مقتله...عندما يقدر الموت فلن يتغير شيئ.

ظهرت بسمة حزن ممزوجة بسخرية على شفتي والده : هل تصورت أنني سأتمنى عدم وجودك مثلا؟...أو عدم رؤيتها ؟

وضع قبضته المغلقة تحت ذقنه متما:..مازلت صغير العقل، كل ما هناك أنني لم أصغ لما تقول بجدية، عن اهتمامي بنفسي و شوقها لك.

اشتعل فتيل هاروكي بلكنة التعجرف الواضحة لدى مقابله : لازلت مغرورا.

شعر بنشوة النصر لوصوله لغيظ هاروكي: و أنت لازلت نزقا.

أكان هذا بيان تصديقه لحديث فتاه ؟!
إن كان كذلك، فهو قد تكفل بأخذهما فترة تحدي الأعين بشرار متصل حيث أشبك هيجي كفيه مستفزا حتى قطعه هو ذاته بجدية: كن حذرا هاروكي... ولا تبعد عينيك عن صديقتك، فقد عاد ناوكي.

ارتعشت أطرافه معيدة معها غضبا دفنه مدة لينهض بإنفعال: ذلك الوغد...اختبأ كل تلك الأعوام ليظهر الآن!!!

تصرف هيجي مبتغيا تهدئة ثورة تيقظت بهاروكي بالتوجه نحوه واضعا يده فوق كتفه: إهدأ لا تنس أن هذا حدث قبل عشرون عاما.

رمى بيد معينه صارخا: لك نعم، لكن لي فمازلت أشعر ببرودة دم نيك على قميصي.

رفع حقيبته متجها للمخرج مخرجا ما بجعبته: جيد عاد، سأنهي ما كان يجب علي...و لن أتهاون معه مثلكم، جعلتموه يهرب من الأسبوع الأول.

ارتفعت نبرة والده الحادة: أنت رأيته ،إذا تعرف كيف أنه ثعلب بألف يد.

علا صوت قبضته المتلاقية مع الباب الخشبي الأبيض: أعذار واهية..واهية...

خرج بنية لبس الحذاء ليتبعه والده بغضب ظاهر: لا تنس أن نيك ضحى لتبقى ..تفهم؟

أكمل ربط حذائه ناهضا : لاتخف،لست أول من تقول هذا...تتحدثون كأني على موعد معه.

حاول إبداء مايريد من قلق و إضطراب حول صغيره الشاب: هاروكي كن متي...

قاطعه المعني بجملة نهائية: دعنا نتحدث لاحقا هيجي، لقد تأخرت على إيريكا.

واجه والده بصفق الباب ليتركه خلفه يتنهد قائلا بتقطيبة واضحة: ذلك الأحمق...
أردف بعد ملاحظته الساعة: لأذهب، لا بد أن نوي ينتظر في المقر.





حنين...
يستشعره المغترب عن حياته و يقطعه العودة لحيث يجره الإشتياق...
و هذا ما هو حاصل...
فقد انقطع حبل حنين طال حقا ، حنين يفتقد كلما ذكر القلب أسراره...

فهل للحنين إشتياق!

أنهى ترتيب تعقله للأمور ليزين ملامحه بإبتسامة صامته مواجهة تلك الملوحة له بمرحها المعتاد: تأخرت اليوم.

أسرع في خطاه لها وكأنه ذاق طعم بعدها لأعوام:لا ضير ، أعوض إنتظاري لك ...و أهذا بدل الترحيب؟!

تمسكت بذراعه تجره بلا اكتراث: صباح الخير أيها المطرود المعتوه.

أفلت ذراعه و بدأ بجر وجنتها بغيظ مصطنع: تفائل سيئ...

تركته مهرولة ليكون خلفها بأمتار: المدير سيترقب حضورنا بعصى من حديد.

خففت خطواتها طالبة مباشرته بتوتر أوضحه ركلها للحصى: هاروكي...أنا رأيت حلما غريبا.

همهم معيرا إنتباهه لها لتبدأ بسرد ما حصل: تذكر أمنيتنا ...حلمت أنها تحققت و ....

أسكتها ضحكته الجهورية المباغتة و هو يقول: حلم!...لم يكن كذلك ، بل كابوس دام أشهر.

دوت صرختها حتى أوقفت المارة و أسقطت سائق دراجة فزعا: هيييييييييييه، لقد حصل كل ذلك بليلة.

عصبية طغت لحنه الذي أظهره من جانب فمه: أخفضي صوتك دراكولا، أحرجتني.

تقلصت تضم نفسها بحمرة خجل و حرج:لكن...ذلك..

صفق مثيرا غضبها لمنظر جذبه: ردة فعل ممتازة سيدة دراكولا..

عادت تخطوا مدخلة شكها المثار ليظهر: أخشى أن تكون تصرفات أبي الغريبة بسبب ظهور ناوكي ثانية...إنه قلق.

أيدها باصما شكها باليقين: لقد عاد فعلا.
لم تظهر ذهولا أو دهشة ،فهي كانت تنتظر هذا الخبر بأي لحظة ، لكنها عضت شفتيها بحرقة خطها ذاك الماضي العصيب: لن يقربنا...أمي لايجب أن تواجهه ثانية.

اندماج هاروكي بالحديث معها قاطعه شيئ علق بمعطفه ، بالأصح ..يد جعلت مشيه عسيرا بينما صاحبها بتوعد: أين؟




عادت صورة الهرم بالظهور...
مع عينان موبختان و صرامة كلماته المعتادة...
لم يتغير به شيئ...شعره أبيض، عينيه باهتتان، و جسده هزيل بضعف رسمتها صعوبات أيام سالفة ، إلا أن ماتغير هو احترام هاروكي و إيريكا...
لم..؟!
لأن الوعي كفى بصياغة الأيام ...اليوم أنا شاب طائش، غدا أنا عجوز يمقته شاب آخر...!

اليوم أنا لم أر ما سأواجه من عواصف الدهر..و غدا عواصف الأحداث ستطغى ملامحي بشيخوختها..!
ليست مزحة هذه الدنيا، بل المزحة الإستهانة بها...



تحدث هاروكي بجدية صريحة:لقد أخرني الحديث مع أبي، فكما يظن هناك مجرم يريدنا.

رفع نظارته بسبابته كعادة شبابه:تقصد أن الوضع أمني؟!

أجادت إيريكا لحن الثقة متدخلة: أجل، هذا هو الأمر.
وجه مسطرته الخشبية نحو هاروكي:لم لم تخبرني؟...

أجاب:لم تكن هناك فرصة مناسبة ...صدقني.

أدار جسده ليقابلهما بظهره:حسنا إذا...إذهبا، لكن لن يطول أمر مسامحاتي معكم...

خرج الإثنين ليضرب جبينه المتعرج بخفة: لم ابتليت بهذه العائلة ذات المشاكل...لحظة، لم أشكالهما مألوفة...

أردف بعد لحظات من التمعن: أه، الشبه...هاروكي نسخة أبيه.

جلس على مكتبه مردفا في نفسه:..ربما.




بعثرت خصلاتها المزرقة الواصلة كتفيها نسمات هواء تمردت من خارج النافذة بينما قدميها تتأرجحان أسفل الطاولة التي جلست عليها و يديها تان....

كانت ملامحها الصبيانية بشقاء تتحول مزامنة حديث المتكئ يسارها...
ذاك عريض المنكبين وسيم الطلعة ببشرته البيضاء و شعره الذهبي مع عينان خضراوان...

عايشا المتعة في إنعزالهما معا إلى أتى صوت تدخل محاكيا الشاب: بدأت تتأقلم معها مايك.

استقام ينظر للوافدين بإبتسامة عذبه و أجاب بلهجته البريطانية الصارخة بثنايا كلماته: سيرا فتاة لطيفة.

قفزت سيرا لتقف بمرح ضاربة بذراعها خصره: أستقبل ثنائك بصدر رحب .

أرخت إيريكا جفنيها بخبث و،هي تتقدم بخطوات متطعة تعمد إستفزازهما: هناك هالة زهرية تحوم حولكما...هل من تفسير؟

بان تحدي إستفزاز من طرفها قد قبلته سيرا: هه، من يتحدث؟... أنظري لنفسك و لمن يتشبث بك يوميا بحجة الهروب من معجباته ...أنتما أكثر وضوحا بهالة العشق عزيزتي.

تسائل مايك ببرائة ظاهرة: مالذي يقصدانه هاروكي؟
أجابه المعني بهدوء: كل ما هناك أن إيريكا تظنك وقعت بحب سيرا.
علته إبتسامة وثوق و هو يحدث زميله: أنا كذلك، أحببت سيرا.

صمت الجميع بينما قال هاروكي بحيرة: صريح للغاية!

و ما قطع ثواني الصمت إلا انتهائها بضحكات مرحة، استعاد بها بطلينا سر ضحكات سابقة...مع أصدقاء لا مكان لهم غير الذكرى و القلوب....





ربع حزنه على عرش جنانه ثانية...
ليس ثانية، بل بات تجاهل سكن هذا الحزن محالا في حين أنه سيناضل لمقاومته....

تفهم الممسكة بحقيبته لم يكن سرا لكنها لم تجبر نفسها على الكتم أيضا: هل أنت واثق من الذهاب لها؟


شهر مابيده مجيبا على أول مشكلة عصيبة يجتمع معها بها: مادام بيدي أجل، لابد من الذهاب.

أضحت تسيطر على هدف يوحي بلطافة تقوده للتغاضي عن حالته العسيرة : لا تنس أنها ليست تلك الفتاة ذات السبعة عشر عاما، تهيأ لوجهها الثلاثيني.

ابتسم لتعاطفها و أشاد لقولها: تشوقي هو لرؤية هيرو، هل يشبهه ياترى؟

تململت قبل إجابة مزعجة: ليس الجميع مثلك هاروكي.

رمقها بنظرة تتطاير شرار قبل أن يفتح بوابة المبنى: ذكرتني، لي حساب معه.

ابتعدت عنه بعد أن أشاح بوجهه راحلا: أنتظرك على مقاعد المتنزه.

استنتج إبتعادها فاستجمع قواه بعد أفكاره ليتقدم نحو ناحية الإستقبال...
إستقبال يستقبل أصعب لقاء و موعد!

تجلت غرابة الموقف بعدم ذهوله من زهو القاعة بتلك الثريات الكريستالية و الإضائات الممتزجة بألوان عدة مع زخارف أضحت إطار السقف الرفيع...
كل ذلك غاب عن واقعه و لا مكان إلا لحروف صديقه التي باتت تتكرر برنين على مسامعه...

وصل للموضفة الجالسة تحرك أصابعها النحيلة على الشاشة اللمسية التي تقابلها و نطق: هل السيدة ميزاو هنا؟

رفع حاجبها المكتحل بالسواد كشعرها القصير و توقفها عن الكتابة اللمسية كان دلالة واضحة على غرابة جملته: السيدة؟!

لم ينتظر تفسيرا لهذا التعجب بل قال من فوره: و السيد ميزاو...أقصد هيرو ميزاو.
جديتها لم تكن شيئا أمامه وهو يواجهها بتصلب و صرامة نظرة فحركت بؤبؤتيها الزرقاوين تدير معهما أفكارا توازي الموقف: السيد ميزاو مشغول و لايستقبل أحدا دون موعد مسبق.

كانت تصرفاتها الباردة استفزازا باطنيا يواجهه: له أمانة لدي..يجب أن أوصلها.

مدت كفها لتنهي هذه المحاورة بحل: سأوصلها له.
خزر معلنا بداية نفاذ صبره: يجب أن أعطيها له بنفسي.
لم تجد بدا من رفع السماعة البيضاء بجانبها لتجري إتصالا داخليا لرئيس الشركة و منتهى غاية الآتي لتقول بعد لحظات: أعتذر على الإزعاج سيد ميزاو، هناك شخص يقول أنه يملك أمانة لك...

أطرقت لحظات لتقول: يود تسليمها بنفسه سيدي...حسنا، أجل...سأخبره.


وضعت السماعة و قالت لهاروكي برسمية: تفضل، إنه يستقبلك في مكتبه، الطابق الأخير.

شكرها و اتجه نحو المصعد، كان خاليا و هذا ماجعله يرتاح قليلا قبل أن يصل، رغم أن هذه الراحة تسيطر عليه بتوتر تام!

ضغط على الزر الأخير الذي كتب عليه العدد الخامس و الأربعون، كان برجا أكثر من أن يكون شركة بطبيعة الحال...

استند على جدار المصعد و كتف يديه ليجعل مركز أفكاره حول صديقه الراحل و بات يستحضر لقائهما الأول...

تذكر كذبة نيك الأولى، كانت عند تعريفه بنفسه...نيك مونديان...!

قد تكون كذبة لأجل جذب صديق لنفسه عوض صديق منافع،من يدري؟!

بات كالأبله يبتسم تاره و يتجهم وجهه أخرى مع كل ذكرى...

حتى سقطت دمعة من طرف جفنه المغلق ليمسحه ببرود: سحقا..

وصل بعد فترة اختلى بنفسه بها، خطى خطوات متزلزلة لباب بني قاتم، طرقه لسماع صوت أوقف أنفاسه: أدخل...

كان صوتا مألوفا له لدرجة كانت توقعه أرضا..!

أنزل المقبض لتظهر له الأرائك المخملية على الجوانب تتوسطها طاولة بشكل نصف دائرة تماثل في لونها باب الكتب...

لكن ،لا أحد هناك ...!
تفحص بعينيه و هو يمشي في سعة المكان بحذر...

حتى وقف أمامه...أمام ذو الشعر البني و العينان الخشبيتان و هو يكتب في دفتر جلدي صغير بينما تعلوه نافذة مفتوحة...!

استحال عليه عدم التلفظ بإسم "نيك" و ما يقابله مسرح آخر للقائه...

أغلق الجالس دفتره ناطقا: قلت نيك!...ذاك هو إسم والدي..أنا هيروا، إبنه..

أردف بعد أن نهض يواجهه بإبتسامة واثقة: ..أهلا هاروكي، كنت بإنتظارك.

بعدت سيطرته على دهشته، من أمامه...كان زبونا بمطعم يوري ، هل يعقل؟...: أنت.
أطلق هيرو ضحكة خفيفة: لاداعي لأن تنحني بغباء الآن.
أشار هاروكي بسبابته له: أنت...

جلس على حافة النافذة يشرح موقفه: لست أنت الوحيد من يتمنى، أنا أيضا تمنيت العودة لأرى والدي و أمنع موته...لكن، تفاجأت بحدادكم عليه..!

وقف هاروكي بحذاه ينظر للشارع العام المقابل: هل عرفك..؟
أومأ نفيا قائلا بحسره: ليته علم، ربما لم يكن ليفخر بي لكنه..كان سيرى إبنه الذي لم يقابله طويلا..

تنهد هاروكي قبل سؤاله التالي : كيف عرفت أنني من هذا الزمن؟

هيرو بحزن جلي : ذاك الغبي كتب ماحصل له كقصة..عندما عدت، اكتشفت وجود قصة تعد خيالية من تأليفه، و قد ذكرك بها.

استند على ذراعه الأيمن لينظر له: لاتتحدث عن والدك هكذا يافتى، قل لي لم تنتظرني؟
واجهه الآخر بجدية: حتى الأمانة التي لديك،ذكرها.

ضرب صدره المكبوت و سأل ما يرهبه جوابه : أخبرني، هل عاش نيك أكثر سابقا؟...أقصد قبل أن أذهب و يتغير كل شيئ، هل رآك و هل عاش مع روز أكثر؟

تحرك هيروا و عيني هاروكي تتبعه: أه، هل تود أن تعرف حقا؟

مسح هاروكي وجهه بكفه ليقطع قراره بإصرار داخله : أنت الوحيد الذي يملك الإجابة الآن.

زفر قائلا بألم واضح قد أخفق في إخفاقه: بعد شهرين، من مولدي.... و موته كان ساحقا لنفسية أمي...طيلة حياتي كانت تذهب لطبيب نفسي... لكن الغريب، بعد عودتي من تلك التغيرات لاحظت تغيرا بها أيضا...فهي تستطيع عذره الإنساني فتشعر بالفخر به رغم حزنها، حسنا... حالتها ليست ممتازة لكنها أفضل...

أتم بعد رؤية شحوب هاروكي:... لا أعرف ماحصل له حتى الآن و لن أسئل، لأني واثق أنه رغب بنهايته.

ضرب قبضتيه بجانبيه بانفعال لتتوالى حروفه التي كتمها فترة: بل كان يريد العيش..لأجل روز و لأجلك، كان كالمجنون حين سمع بحملها..ملأ بيته بالهدايا لتعود...كان يخطط للحياة لا الموت..

سكت يلتقط أنفاسه ليقول هيروا بتعجب: يبدوا أنك أكثر حزنا مني عليه.

فتح أحد أدراجه ليرمي الأوراق المصفرة نحو هاروكي: للآن، لم أتممها..إقرأها أنت..طبعا بشرط أن تعيدها.

أخذ هاروكي يقلب الأوراق و هو يتذكر متى رآها سابقا، أه...أول يوم من مقتله...
كانت مرتبة فوق الطاولة، حين كان يبحث عن دليل يدل على ناوكي...

قرب الأوراق يشمها بشوق و كأنه يحادثها، فهي أوراق تلمستها كفيه هو بعد نيك ، و يبادلها التحدث عن كلمات نيك الغريبة!

علم في سره أن لهذا اللقاء آثار لاتنكر، لكنه لم يحسب...
أنه سيعود سبعا يبحث عن فريسته بغية الإنتقام!

فالأثر المكنون هو عودة نيك بخطه، بصوته...و بقامته المستوية...


استدرك نفسه الفاقدة لوعي الفكر و وضع يده بجيبه ليفقد ما آنسه هذه الفترة ...

إلا أنه تذكر شيئا جره للتراجع: يجب أن أسلمها لروز.

رفع هيروا كتفيه مستوعبا: كما تشاء، سأعطيك عنوان المنزل...

وهذا مافعله بكتابة العنوان في ثوان ليسلمه له...

طوى هاروكي الورقة لينظر للجالس بحنان: آسف هيروا، قد فقدت الكثير بسببي... ربما ملكت الكثير من الصور معه...

ملأ كوب ماء ليقدمه لهاروكي: تفضل...
ثم شبك يديه مبينا : أنت على حق في هذا، لكن...لحسن الحظ أني كنت أمسك ببعض الصور حين انتقلت، وقد عدت بها...مارأيك لو تزورني الليلة ، عندها...سأريك إياها .
أظهر ترحيبا بالفكرة قبل وقوفه هاربا من حرب مع نفسه : فكرة جيدة ، أنا ذاهب الآن...اعتن بأمك.

تبعه هيروا بحجة التوديع ليقول له خارج الغرفة: عندما تأتي...لا تستغرب، فكما قلت لك ، أمي ...ترتاد طبيبا نفسيا.

فتح هاروكي أزرار قميصه بغية التنفس: روز، مازالت تعيش يوم فقده...هذا ماكان يهرب منه هو.

طأطأ ناظريه مستسلما لأجواء صديق والده المتوفى : أنت تعرف الكثير، لذا كنت أتوق لقائك.

عندها...
عانق هاروكي مقابله قاطعا نزاع حربه الواقعة بساحة التعقل و التجلد : وقفتك...قامتك ..حتى نظرتك، كما لو كان نيك أمامي الآن.

استشعر هيروا حيرة من موقفه: حسنا...لا أصل لشبهك بأبيك.
ابتعد هاروكي بغضب مصطنع: نحن..نقيضان...

أتم بعد أن نظر لباب المكتب: أتعرف...أهم مالدى نيك ،هو روز...فاعتن بها.

حاول هيروا بيان سخرية: يبدوا أنها كانت سيرة عشاق.
أطلق هاروكي ضحكة خفيفة لتذكره حوار نيك الأخير معه: كان كالفتيات ،مثلك...

شعر الآخر بالإستياء:إيييييه.





جلس مغمضا عينيه بإرهاق...
إرهاق لجهد جهيد ليقاوم تلك المواجهة القاتلة...
روز...
تخلت عن حياتها بعد نيك و جعلت نفسها ضحية حبه..!
هيرو...
يتيم أسره الشوق لوالده ليسمع عنه قتيلا بعد أوان...

وهو....
حبيس أخوة قطعها يوم تعيس برصاصات استهدفت محو راحته...

أحس بيدها المتلمسة لعنقه بخوف: هل كل شيئ على مايرام؟!

أطلق زفرة ألم قبل إجابة كساها الحزن: بعض الهدوء و أكون بخير.

رفعت كفها لشعره لتحرك خصلاته المتهاوية على وجهه لتبعدها عنه: فهمت.

رفع يده ممسكا يدها ليقول بهدوء: لاتقلقي، مادمت هنا فأنا بخير.

توردت وجنتيها بحياء أخفى معانيه التي باتت تدنوا منهما أكثر فأكثر...

و مع ذلك لم تستطع أن تشق الإبتسامة طريقا بينهما...





فتحت باب منزلها دون أن تنبس بشيئ عكس عادتها المرحة...
تبعها المحاط بهالة الحزن حتى انعطف يسرة للمطبخ ليفتح باب الثلاجة آخذا منها شراب كولا...
أكمله برشفة واحدة مما علل لها كم هو بحال يائسة...!
شهرين...
شهرين كان لنيك فرصة السعادة بأبوة ..
شهرين عاشر ما كونه من عائلة...
تلمك شهرين أصبحت سما لادواء له..!

همست بصوت متردد للخروج و هي تمسك بحد الباب: هاروكي.
رمى بعلبة الكولا في سلة المهملات قبل إجابة سؤالها الباطني: بخير...

عدم الإقتناع حالف ملامحها لكنها ابتعدت متجة لغرفتها لتغيير ملابسها ، و في الطريق واجهت أمها...

تساؤل كاوروا كان واضحا من ملامحها قبل لسانها: هل حدث شيئ؟
أومأت سلبا : لاشيئ.

أكملت طريقها لتنزل كاوروا و تفاجأ بهاروكي الذي يضرب رأسه بالحائط: هاروكي!

عاوده الجنون حتى بات يرمي كل ما يواجهه حتى علت أصوات تكسر ما تمسه يداه متجاهلا ظهورها أمامه..

لم يكن من إيريكا غير العودة لحيث كانت بفزع و هي لم تفعل سوى خلع سترتها ..!

تبادل الأم و ابنتها النظرات الحائرة قبل أن تقترب إيريكا منه بخوف من تصرفاته المسيطرة عليها الغضب: إهدأ هاروكي...أرجوك، أنت تخيفنا.

لاحت لها حمرة عينيه لتعيد لها كلماته الغاضبة: إبتعدي عني...

لبت طلبه و هي غارقة في غضبه الذي أعاد لها قساوة لحنه ...و بصمة نعته لها «بإبنة العصابة»!

تدخلت كاوروا بصرامة لكنتها: هاروكي، أوقف هذه المهزلة ...هل تعرف ماتفعل؟

أراد أن يصرخ معلنا انتهاء طاقته و ضعف قلبه إلا أن وجهها و عينيها قادته للخجل من نفسه، فهي خالته..!

أنزل عينيه مهدئا نفسه: آسف.
أرخت ملامحها هي الأخرى لتحادثه بعطف: ما الخطب عزيزي؟... واضح أنك لست بخير..

صوت رنين قطع فرصة تبريره لتهم إيريكا للتوجه للمخرج إلا أن هاروكي أوقفها: قفي.

باشرته بتساؤل: ماذا هناك؟

تقدم هو بينما حول عينيه لنافذة تطل على الخارج: أنا سأذهب.

وضعت كاوروا يدها على رأسها يأسا: ليس أنت أيضا...

فتح الباب مظهرا إبتسامة عذبة: تأخرت كثيرا...
رمقه الآخر بنظرة عتاب: شكرا للتحية.

ابتسم ابتسامة مهيبة و هو يوجه عينيه لفراغ مجهول خلف نيكولاس: من حدثك؟... كنت أتحدث مع الضيف..

أدار نيكولاس جسده لترتمي حقيبته السوداء من يده ظاهرا عليه الذهول...!
فما رآه يقظة كابوس مهول....
لم تنفك عيناه الجاحظتان التحديق به وهو لايكاد ينطق: ن..نا...ناوكي!











س: هل لظهور ناوكي عواقب وخيمة؟
س: هل سيتلذذ هاروكي بالإنتقام لنيك؟
س: هل تصورتم حمل كاوروا؟
س: مارأيكم بشخصية هيروا، و هل توقعتم ظهور شخصية مثله؟
س: هل سيتعدى هاروكي محنته؟
س: و هل لنيكولاس ظهور قوي الآن أيضا؟
س: كيف سيكون لقاء روز مع هاروكي، فهل ستذكره؟
س: أكثر مقطع عجبكم؟
س: انتفاداتكم..

قراءة مُمتعة ،،


.



.


 
 توقيع : ورده المودة

















إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم

فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم



التعديل الأخير تم بواسطة جلنار | Gulnar ; 03-04-2020 الساعة 10:57 PM

قديم 03-04-2020, 07:39 PM   #20
ورده المودة
في جوار ربها ، اللهم ارحمها واغفر لها وتجاوز عنها


الصورة الرمزية ورده المودة
ورده المودة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 104
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 المشاركات : 221 [ + ]
 التقييم :  277
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة


.

















.



ارتدى ما أعاد له سمات شبابه مستعدا للوفاء بوعده...
أنهى حلته بإرتداء نظارته الشمسية قبل أن يتصدر مكانة السائق في تلك السيارة الفضية ، ثم قال بحماس قد أشعله من لقيه البارحة و ودعه: ستتفاجأ روز بالدب حقا.

اقترب من منزلها الفخم ذو الطراز الفرنسي ليراها واقفة تنتظره، فأنزل النافذة محاكيا لها: فالتصعدي روز.
استجابت له جالسة يمينه: مرحبا عزيزي.
لاحظت تغير هيئته المكبوتة من خلال السترة الجلدية السوداء التي أهدتها له قبل فترة و لتصفيفة شعره التي أخرجت خصلاته من،التبعثر: تبدوا وسيما .

اكتفى بشبح ابتسامة قبل أن ينطلق....

رغم ثبات قراره بصدق إلا أن الحروف تأبى أن تصغي لأوامره بالخروج...لم؟!

لم يبدوا التصريح صعبا ...
أقرب وصف لمشاعره، و كأنه يخطبها مرة أخرى...
يا للسذاجة، هو لم يتقدم،لها أصلا...قد تكفلت العائلة بما ينبغي...إذا، هذا أول إقدام منه،لحفظ،حياته... فما دام قرر الحياة، فبها سيحيى...

ازدرأ ريقه خوفا بعدما زجرته جليسته بصرخة،مقتضبة: نيك، مابك شارد... أنا أكلمك..

نطق بتوتر و شحوب: كنت أفكر بك عزيزتي...
قالت بفضول: بي. ؟

أجابها و قد عاد للنظر أمامه: أهم، لم كذبت على هاروكي و قلت أنك مخطوبتي، لم يكن هناك داع لذلك .

اختفى المرح الطفولي من ملامحها لتقول: لبيت رغبتك في إخفاء الأمر فقط... فأنت دوما،ما تتهرب من الموضوع.

فهم ما ترمي إليه فقطب حاجبيه و قال بجدية: تعرفين أني أفعل كل شيئ لمصلحتك.

تكتفت ناطقة ما لم تقتنع به يوما: اعرف ،اعرف..لاداعي لأن تعيد..لقد اكتفيت.
تنهد من تهدم حلمه بجمال اللحظة الحالية فقال: روز، اليوم...سأعيد ترتيب المنزل...هللا أتيت بعد الدوام لمساعدتي.

ظلت جامدة لحظات كانت الأسعد في حياتها فنهضت بسرور جم: حقا..!
إلا أن ألم رأسها إثر الإرتطام بالسقف أعادها للجلوس متأوهة...

علت قهقهة من لم تسمع جمال ضحكته منذ زمن لتضحك هي الأخرى حتى قاطعها مؤكدا: روز... مدرستك ستكون سبب طردي أنا، من الأفضل أن تلتحقي بمدرستي ليسهل علي الأمر...فكما تعلمين، لست بحال يسمح لك بإنهاك نفسك.

خطف لونها لتقول بإرتباك: هل فرحت لذلك؟

قال بهدوء لا يتناسب مع ما يخفيه من،ابتهاج: بالطبع، صبي يملئ بيتي بصراخه..ماما، سيكون مزعجا.
تم الصمت فترة احتكر كل بأفكاره، حتى قال نيك مصرحا: ستعيدين كل حاجياتك لمكانها ، و ستكتبين مواعيد أدويتي أيضا لألا أنساها... و لا تنسي ترتيب مكتبتي..في غيابك أصبحت لا تطاق...و أيضا، ...

سكت لينظر لسكون روز الغير معقول له ... عندها ، علم أن كلماته كانت ترتاد مسامعه هو فقط... فهي قد عادت لنومها كطفلة صغيرة...

هو لم يكن يجهل، أنها لم تنم الليلة الماضية شوقا لرؤيته عندها...
استغرق في التحديق بها متذكرا كلماتها التي بينت حرصها على الدب الذي ستحصل عليه...ستنام في حجره كل يوم...يبدوا أنه بدأ يشعر بالغيرة من دب قطني..!

كن لا بأس، ما يهمه هو أن يتأمل ملامحها كما الآن بعدما حرم نفسه لذة قربها...
في النهاية قد انتصر جنون حبها على أنانيته، لتحبسه في بحر عشق لم يفر منه لحظة...

بات يكرر في نفسه أمنية يستوجب عليه تحقيقها...
أن يسعدها عمرا مديدا و يكافئها بإحسان ...
...و أن يسقيها نبع حياة ترد ابتسامتها
توقف لحظة، مخرجا دفتره الصغير كاتبا به ما يخطر بباله...

((أتمنى الفناء في حبها و أن أبقى فراشة تحوم حول شعلة نورها... حتى يسلبني القدر كل خيار أنفاسي...يجب أن أكون قربها، لا أطلب معجزة و لا،حدث خارق...فقد أتمنى بعض القوة التي لحظات أخرى معها.تهبنيي، وردتي الصغيرة روز... و أنا أعشقها..))






تعدد الوداع و اختلفت صوره...

و ها هي تتجلى في فراق لا يعلم مداه و لا يعلم هل بعده من،لقاء أم أن هذا هو آخر اجتماع...



إبتسم مرتدي القميص الأبيض بأسى واضح أراد إخفاءه: إذا، وصلنا للنهاية.
قال الآخر معترضا: بل هي أيام عدة و أراك ثانية...سآتي لأزورك في مكتبك.

أمال رأسه: سأبذل قصارى جهدي لألتقيك هاروكي.

ربت هاروكي على كتفيه استحسانا: أحسنت..هذا هو كلام الرجال.

قالت الواقفة قربها : سأكون شاهدة على ذلك اللقاء..أليس كذلك؟
أرخى هاروكي عينيه اللتان ما زالتا مصوبتان نحو،نيك: أظن..يجب أن تكوني معي في لحظة كتلك.

لحظات ثم قال نيك ببرود نسبي : حسنا إذا، إلى اللقاء...أراك لاحقا.

تنهد هاروكي و هو،يرى خطوات صديقه المبتعدة: نيك، لم أتصور منك وداعا جافا كهذا.
نطق نيك مغبونا: أنا لا أرى أن هناك داع...إذهب بسرعة فحسب.

أمسكت إيريكا بكم،قميص هاروكي متفهمة وضع نيك: لا تزعجه ..دعنا نرحل.

لكن هاروكي لم يحمل كلامها على محمل الجد بل اتجه نحو نيك مسرعا حتى احتضنه : أحمق... ليس قبل أن تضمني.

بادله نيك عناقه بعد أن توسعت،عينيه صدمة: شقي..تعلمت أمورا جيدة من أخيك.

همس هاروكي مؤكدا على ذلك الرابط العجيب: حقا ..قل أخي عندما،نلتقي و ليس الآن.

تنفس الصعداء ليكمل ما بدأه: سأشتاق لك أخي.






الأعوام تمضي و بها تتحدى الصعاب تارة و تستفيد من تجاربها أخرى...
و أيضا، قد تحتظن في حجرك ماضيك و،مستقبلك !
متى حصل ذلك يا أهل العالم...
!!!؟؟؟

لكن هاهو شخص واقف يحمل بشغف طفلا يوما كان أنيس مدرسته، و في مستقبله سيكون إبن صديقه...
يمسح،تلك الخصلات الفاحمة المزرقة يحدثه بحديث غريب: أطلت الفراق أيها الشقي.

قاطع لحظاته كف صغيرة جرت بنطاله الزيتي: أبي...
نظر له حامل الطفل منحنيا: هل تريد أن تراه؟
أومأ الصغير رأسه ليجاب فورا ...

كان والد الطفل ينظر للشاب و لطفله مترقبا صدق الآتي كالحاظر...

بينما روز تجلس مع،من ربطتهما صداقة حكما بما سنته الأيام متحدثة معها: حقا، إبنك يشبه والده حقا.
أحنت ليندا رأسها بسرور لم يخف عن أحد: سعيدة لذلك.

ورد ذلك المكان،طفل أخضر العينين راكضا،نحو،هيجي الواقف بصمت : خاااااالي.

انحنى الخال فاتحا باعه ليحتظن ذلك الفتى: مرحبا بك،صغيري.

اقترب يوري ساخرا منه: ألا تلاحظين ليندا أنه أصبح لطيفا اليوم؟

أجابت سخريته بأخرى: على الأقل، يبدوا أنه سيكون أبا رائعا ليس مثل أحدهم.

قهقه الوارد تاليا مع زوجته المنتفخ،بطنها: في الهدف مباشرة صديقي.
أظهر يوري ابتسامة خبث مظهرا أنيابه: ترقب لحظاتك الآتية بشوق، لنرى أبوتك المثالية أيها الأبله، أخشى أن تورث الطفل البرئ حمقك هذا...

قطب ريو حاجبيه معترضا، و زوجته تركته مع عائلته لتنظم لثلاثي صداقتها مرحبة: حمدا لله على سلامتك ليندا...كنت متشوقة لرؤية إبنك، لكن يبدوا أن أحدهم احتكره.

ضحكت روز قليلا ثم قالت بحماس: إنه لطيف حقا، و يشبه والده كما تمنت،ليندا.

أظهرت انزعاجها فورا: تمزحين ، ألم يجد غير هذا،البارد المعتوه...؟

قطع،حديث الأطراف صوت رنين من،هاتف ريو ليرفعها بادئا محادثته: ريو،معك...هذا أنت، تمزح...!...فهمت، سآتي الآن..دقائق فقط.

قطع الخط،مجيبا التسائل الصامت الذي لف من،حوله: إنه نوي...قال أن ناوكي استطاع الهرب ثانية.

بدا غضب هيجي جليا عند ذكر إسم من تجرأ على التخطيط لقتل عائلته: ستذهب للمقر؟
أجابه ريو بتساؤل مستنكر: تريد الذهاب..؟! ...هل جننت..؟...زوجتك للتو قد وضعت جنينها..هي تحتاجك.
وجه،هيجي عينيه بصمت صوب زوجته ليلحظ علائم الرضا على قراره فهم،خارجا: معها ميواكوا، ستهتم بها.

خرج ليلقى الناجين من ذلك الحدث المروع صباح اليوم...

إمرأة،تصدت للكهولة و رجل طويل القامة قد ناهز أوائل الخمسين رغم قوة بنيته الظاهرة...

نطق ريو مستغربا ظهورهما: أنتما...
حاولت المرأة،التشجع و إخراج ما يتغلغل في مكنون صدرها، فقال هيجي قبل سماع صوتها: إذهبا للقاءه...

تأكد الرجل بسؤال جزئي: ألا بأس بذلك معك؟

نطق حروفه بمقاومة من اللين أمامهما: لا أمانع، هو،حفيدكما.

اقترب والدته بخطى متزلزلة لتمسك من أبعدته أنانيتها ، فأسرع هو،بالإبتعاد ناطقا ما أعاد حزنها: آسف، لدي عمل مهم.
ابتعد هو و تابعه ريو ليتركا والديه في حيرة مما أسدت خياراتهما ...
فمهما كان ...

ليس هو من،تخلى عنهما، بل هما،من أظهرا منزلته المعدومة لديهما...
فهو له عائلة...
من أخ و أم و أخت،

و لن يبدلهما بشيئ آخر في هذه الدنيا...






تطرق لآذانه صوت أنثى تتمتم بما لا يفهمه ليحاول جاهدا أن يفتح عينيه مستكشفا من المتحدث..؟
لاحظها و هو تمسك باب غرفته خارجة بلسان متذمر: هاروكي..كف عن التكاسل، إيريكا في انتظارك أيها الكسول.

جلس بسرعة قصوى بسماعه ذلك لينتبه لمن تقف أمامه بقوام ممشوق و شعر رمادي قد رفعته بشريط زهري كذيل حصان: من أنت؟

اقتربت منه لتقف عند سريره: ماذا قلت؟..يبدوا أنك لم تستيقظ بعد..انهض الآن.
أعاد ماقاله بنبرة حادة: قلت من أنت و ماذا تفعلين هنا؟

انتهى صبر ذات الشعر الرمادي لتجر أذنه : هل فهمت من أنا الآن؟..قم و إلا تعاملت معك بشكل آخر...
وقف والده مارا من أمام غرفته و أبدى تسائله و هو يعدل ياقته السوداء: ماذا،هناك ليندا؟

تركته متذمرة بشكوى لزوجها الوقور: بدأ بمزحه السخيفة كالعادة.

فغر هاروكي فاه مصدوما لما يرى فجأة...هذه ليندا؟!...متى،حصل هذا و كيف؟...ألم تمت عند ولادته؟!...
وجه هيجي بؤبؤيه الصارمتين لإبنه المتهاون: لا تؤذ والدتك و انهض، ليس لي مزاج لمحادثة مديرك المزعج اليوم.

حاول هاروكي تدارك هذه المفاجأة ناهضا: حسنا حسنا، سأنتهي الآن..لاداعي لتواطئكما علي.

تركته والدته برضا و هي تحادث هيجي: هيجي، هل تناولت إفطارك؟
أجاب: لا تقلقي علي، سآكل شيئا في طريقي...أنا على عجلة كما تعلمين.

وقفت عنده تشد ربطة عنقه متذمرة: أنظر لنفسك...لقد فقدت الكثير من الوزن، يجب أن تراعي صحتك.
ابتسم لها رابتا على شعرها: سعيد لإهتمامك..لكن، سأكون بخير...إن احتجت شيئا فقولي لهاروكي، أنا ذاهب.
على صوتها بآخر جملة له: انتبه لنفسك.
كان هاروكي لا يزال ينظر لما يحصل بينهما مدهوشا ، فمتى عاش مع أمه لتظهر أمامه فجأة، و بطبعها ذاته...تهتم لوالده و هو في الحاشية...!

تنهد لسانه،و تأوه،قلبه لهذه الحقيقة المرة ...فأمه،تحبه لشبهه بوالده ...و لأنه إبنه...

ضحك ساخرا في نفسه، فبالأمس كان والده يغار منه و الآن، انعكست الأدوار...






ارتدى زيه المميز ذو اللون الذهبي ليكون بأحلى طلة...
و بدأ بتصغيف شعره و التدقيق على ملامحه المتغيرة و زاد أمره بالوقوف قرابة الساعة أمام مرآة غرفته كالفتيات...!

وردت عليه زوجته التي أبدت استغرابها الجلي لتغير طبعه و كثرة إهتمامه: ماسر هذا الإهتمام نيك؟
أجابها بلحن هائم بغموض: شخص طلته ترد الروح ويرد منظره انتظام القلب.
اكتسحها شحوب لما سمعت،من،زوجها فأرادت نتيجة تنكر ما فهمته: ترد الروح... و ماذا!

قال بنية استفزاز واضحة: و ماذا في ذلك؟... هل يزعجك الأمر عزيزتي؟
اقتربت منه تضع اللمسات الأخيرة على تجعدات ملبسه محاولة إنهاء فضولها دون إثارة ريبة: و هل لي أن أعرف، من هذه الشخصية العظيمة؟

غمز خارجا لها: لا داعي للغيرة ، إنه أخ اتخذته أنيس الروح منذ الزمن.

ابتسمت و برهنت على بقاء سمة تلاعبه بالتعابير: آه منك..متى ستتغير؟

أجابها بصوت وقور زادها غيضا فقط: إن اكتفيت من الإلتصاق بذلك الدب القطني.






الشوق...
و الإنتظار...
هما ما يفكر به الرابح الأكبر الذي يطمح لسرد حكايته يوما بتامهما و،كمالها...
و هذا،ما قد قرب تحقيقه ، فهو من يجب أن ندعه يسهب في لغته حيث سلب فكره ما سينتهي بعد وقت قصير حتى أن يديه الممسكتان بمقبض القيادة خرجا عن السيطرة ليهم مسرعا، و من،حسن،الحظ أنه وصل سالما لشركته التي ائتمنها لدى إبنه الشاب...

فما هو الشوق...
و،ما،هو،الإنتظار الذي سلبه لبه و أفقده تصبره؟!

شيئان أحبهما و أمقتهما في الوقت ذاته...
لم؟

لأني أمضيت،عمري،مع،عزيز،لا،يجد لي مكانا لعشرين،عاما لجهله بما يجري...و،خوفي من،عدم استذكاره أخوتنا أبدا..!

بينما شوقي و،انتظاري هو،ذاته دلالة عدم نسياني لوعدنا و،لمحبتنا و لموعد وفاء ذلك،الوعد طويل المدى ....

وصلت أخيرا و قلبي يدق فاقدا انتظامه، فهل سيفي بوعده ليأتي لزيارتي؟...
هل سيحصل له ما حصل لهيروا؟
إن كنت،محقا، فهو،سيأتي حتما، طالبا مني تفسير غرابة ما يحصل...

دخلت من تلك البوابة لفرع شركتي الجديدة خاطيا خطواتي بتجاهل لتلك السكرتيرة التي كانت،تحاول محادثتي عن أمر يبدوا بغاية الأهمية...

فلا شيئ أهم من،هذا اللقاء...

ارتقيت المصعد و تناسيت نفسي أستذكر لحظات لقائنا الأولى...

أشعر بالذنب لكذبتي البيضاء التي صرحت بها،في أولى الدقائق تلك...و لكني لا ألام...

تلك كانت طريقة،الإختبار؟

فهو نجح،بتقبلي شخصا ضعيف الشخصية و مدني بتعقله بأسلوبه الغريب...
و،هو من تغاضى عن،تعابيري الشاذة،و،آنسني...

و هو،من،دلني على أهداف حياتي ثم ساندني...

و للآن، لم أجد لهذا الصديق مثيلا...

ما هي إلا لحظات و تهت أنا أيضا...؟!

ها هو هذا الشاب الذي ينعتني بعمي لأعوامه السبعة عشر يهمس مدهوشا أمام،ناظري بإسمي...
أخيرا، قد عاد هاروكي ليهديني عناقا زادة الشوق وجدا و حرارة...

ابتعدت لأبتسم له : أهلا بعودتك هاروكي، طال الإنتظار؟

لم أغفل ضياعه في استيعاب ما يجري فقلت: إجلس، لابد أنك مصدوم اليوم.
قال بوجهه الشارد: عندما لم أرك حسبت أني لن أرك...لكني الآن أنظر لك و لخصلاتك البيضاء أيضا.

خلخلت أصابعي في مقدمة شعري التي التفت بخصلة بيضاء دون باقي الشعر: لا تحاول أن ترمي لمشيبي، مازلت شابا.

ترك لباقته ليتربع على مقعد ذهبي قد توسط الغرفة بعدة مقاعد جانبه و قبالته:.أرى...

تنحنحت،معترضا: لم أبلغ الأربعين،حتى...

غير هاروكي لحنه ليوجه لي سؤالا صعب الإجابة كنت أترقبه: أخبرني كيف...أفهم سر تواجدك، لكن أمي..كيف عادت للحياة...

أصدر هيرو قهقهة ساخرة، بل شامتة في حق من دهش مثله: أوه، لا تفسير واضح هاروكي...أنا أيضا صدمت عندما استيقظت و رأيت منزلنا قصرا في أقصى جنوب المدينة... و بينما كنت أبحث في زوايا منزلي الجديد تفاجأت بأبي بهذا الشكل الذي تراه يخرج،من،الحمام...صدقني، كدت أقتله ظنا،مني أنني اختطفت.

أحنيت ظهري و أسندت ذراعي بفخذي و أوضحت بادئا حديثي:..لا أعرف كل شيئ، و أعلم أنك تستفسر عن وجود أمك قبل كل شيئ، في الحقيقة..إن التاريخ الذي قاله هيجي في تسجيل صوته، تذكره؟

غرق في التفكير بعمق مشيرا بنعم لأتم أنا: لقد قال أنه يجب أن يحذر ، خاصة من تاريخ معين..لقد كان ذلك يوم، عاد به ناوكي ليقتل والديه و يحاول قتل أمك..لكن لأني دونت ذلك ، ردعنا عنها السوء أيضا.

توسعت عينيه و بات يحدق بالفراغ مذهولا: تقتل..!

تذكرت ما يجري من حولنا مع وجود جهله فتنهدت عميقا مصرحا بما لم يعجبه: هاروكي، إن القضية التي والدك و ريو،مشغولان بها هي معاودة ناوكي للظهور.

ظهرت على تقاسيمه إبتسامة شر جرت هيروا للدخول متحمسا: هل لي بدور جديد في هذه القصة؟
فتحت فمي لأردعه عن نية السوء التي يفكر بها لكنه نطق بغضب لم ألمحه سابقا: أبي، أنا أولى منك بالإنتقام منه.

ظهرت قرارات مختلفة و شخصيات لم يتصور ظهورها...

لكن صفحاتي سجلت مادونه القدر تلقائيا...أن فخر مقتل ذلك الحقير...

ناله نيكولاس ...!





الفصل الأخير...

قلبت صفحات قصتي التي سهرت أجمع أقوال الشهود عليها لتجتمع أخيرا...
هي ضرب من الخيال، فصدقها حقا محال...

إنما، أدلة صدقها تواترت و مصاديق تواجدها قد كثرت ...

ذكريات قد انكشف واقعها للجميع، حتى كاوروا...
فلسان ليندا خانها لألا يخون صداقتهما فصرحت بما جعل كاوروا يكون ضيفي لمدة...!
لكن أسرار الحياة تبقى أسرارا، و ألغازها تبقى ألغازا...
حيث أن للقدر يد، و للعقل إختيار...
و لكل منا خيار حياة واحد لاثاني له، به يغير ماخطه القدر...

و كما يقول هيجي دوما...
(قدر مخطوط على صفحات الزمن،... و أنا سأخطه)

أغلقت الكتاب الذي نسخت أول نسخة،منه، لأبتسم ناظرا للغلاف : سيكون هدية زفاف مميزة لأخي.





تم بحمد الله








end
"الوداع"





آخر مرحبا مني لكم متابعي..

في احد عنده كلينيكس يعطيني...
كيفكم؟
و كيف الدراسة

حقا، أشعر أني أنجزت و أشعر أن قلبي تفطر لأني سأقول وداعا...

أتمنى عجبكم،الاوفا الطويل....

كنت أشياء وتعابير
كلها طارت

المهم الفكرة توصل...

طولت كثير عليكم....

بتشوفوا طبعا مقتطفات من الماضي

و امور غريبة...

اتمنى صبرتواعليها
و ان يكون مناسب ربطي للاحداث

ما اتصور نجحت في هذا البارت..

لكن
لزوم رايكم

و رد يرد لي نفس تعبتي



.



.


 
 توقيع : ورده المودة

















إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم

فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم



التعديل الأخير تم بواسطة جلنار | Gulnar ; 03-04-2020 الساعة 11:17 PM

موضوع مغلق


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
في كتاب الدهر حفرت صفحات عمري RoRo Uchiha مدونات الأعضاء 34 02-27-2023 07:42 PM
♥♫يتوقف الزمن..ولا يتوقف حبي لك♪♥ ♥♫Tiara.Flower♪♥ روايات الانمي_ روايات طويلة 5 12-31-2020 02:39 AM
متى ستظهر الحقيقة كاملة؟ [شظايا لعنة بعثرها الزمن] Inas Fallata روايات مكتملة. 21 03-24-2020 03:07 AM


الساعة الآن 07:41 PM