••
العودة   منتدى وندر لاند > القصص والروايات > روايات مكتملة.


لا يجب قول لا لفّخامته

روايات مكتملة.


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-10-2020, 12:49 AM   #46
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي





بّعد مـدةّ تّوقفّت السّيارة أمامّ قصّر فخمّ تهاوىّ الضّيوف إليه منّ جميعّ الأماكنّ و قدّ زينّوا أنفسهمّ بأبهى الحّلل لأشهرّ المصّممينّ و بأفخمّ المجّوهراتّ
فّنـزلّ سائقّ مسرعاّ لّيقوم بّفتح البّاب لسيدّ بيّتر ، لحـظةّ خروجّه سمعّت ماريّ أصواتّ الّصحافيين و هي تندّفع نّحوه بينماّ حراسّ فرانسواّ يحمّونه ،
خـّلفه كاّيلّ الذيّ تـّظاهرّ بترتيبّ سترتهّ بينماّ هّم يأخذونّ عدةّ صورّ له ، تتأبطّّ ذّراعه إليزابيثّ بّابتسامتهاّ المثّيرة و عينيهاّ المغّريتينّ كاّنت بالفّعل
محطّ أنظاّر الكّل ، ثمّ اقتربّ نايتّ منّ ماريّ ليّمدّ يدّه ناحيّتها ، ارتبكتّ و شعرتّ بدقّات قّلبها تّعلوا فجأةّ و لو كان الأمرّ بيدّها لعادتّ بّرفقة الساّئق
لكنّ نايتّ خرجّ بّهدوءّ ليعمّ ضجيجّ قدّ حاول بعضّ الصّحافيينّ تجاوزّ الحاجّز لّسؤاله لكنّ فرانسواّ منعهمّ عندّما استداّر ناحيّتها ثمّ جذّبها بّخفة منّ
خصّرها ، ارتبكتّ و وضعتّ يدّيها علىّ صدّره ليبتسمّ بّكل جاذّبية كماّ لو كأنهاّ نابعةّ من قلبهّ ، تمسكتّ به و همّ يجتّازونّ سجادّ الأحمرّ بينماّ هناكّ
العديدّ من الأسّئلة تطرّح على نايت خّصيصاّ
ـ سيدّ نايتّ لبيرّ هناكّ إشّاعات أنكّ قّمت بّتخريبّ شركّة جونسونّ ما مدىّ صحتها ؟ ماّ تّعليقكّ عن محاولة وريث جونسون قتلك ؟ هل يخطط مجلس
إدارة لبير لطردك ؟
نـظرّت إليهمّ ماريّ بّإستنكّار ما هذّه الأسّئلة ؟ إنهمّ يتهمونهّ بّقتلّ و تخريبّ شركة جونسونّ بينماّ همّ منّ أرادّوا العبثّ معهّ بينماّ سّار نايتّ بخطّوات
واّثقة كسّولة أمامهّا بملامحّ وجّهه البّاردة لوّ أنه يّنفيّ أقوالهمّ فقطّ ،حينّ تجاوزّ صّحافيّ ماّ حاجّز عابّرا السجادّ الأحمرّ ليّصل إلّى ماريّ أمسكّها
منّ ذراعهاّ لافّا إياها ناحيّته فّشعرتّ بالّرعب عندّما وجدتّه يضع قلنسوة بينماّ يقترب منها أكثّر لّيحيطّ وجّهها بيدّيه ، تحدثّ بصوتّ خبيثّ
ـ آنسة سندّريلا ماّ الذيّ تقولينه عنّ محاولتكّ المستميتةّ لسّلب نايتّ لبيرّ ثروته عبّر إجّباره على إعـطاّئك الـ 500 مليونّ دولارّ ؟
شحبّ وجّهها بأكّمله كماّ لو كّأن ملاكّ الموت قدّ داهمهاّ و ارتجّفت أناملهاّ فيّ محاولة يّائسة لإبعاد هذاّ الرجلّ عنها قدّ عجّزت تماماّ عن النطّق
طاّلبة لنجّدة لماّ جذّبها نايتّ منّ معصمهاّ ناحيّته فّأخفت وجّهها لتلفّ ذّراعيهاّ حوله بينماّ رمقّ نايتّ فرانسوّا بكلّ حدةّ ليتقدم منهماّ مسّرعا محـّاولاّ
الإمساكّ بّالرجلّ لكنهّ إختفى بينّ الحشودّ ، فأمرّ حراسهّ بّتعقبه بينماّ بقيّ هو خلفّ كلا من ماريّ و نايتّ مراّفقا إياهمّ إلىّ غاّية البوابةّ كيّ يتجنبّا
أسّئلة الصحاّفة فيّ حينّ أنّ كاّيل و إليزابيثّ و الجدّ أيضّا ينتـظرّون أمامّ المدّخل بينماّ يبدواّ من ملامحّهم علاماّت الغيضّ و عدّم الرضا فّكيفّ لهذاّ
الرجلّ أن يتجاوزّ الشرطّة و الحراّس بكلّ هذه السّهولة لّيصل إلى ماريّ لا و بلّ أن يمسكهاّ كفايةّ لّقول ماّ يريدّه
أحاطّ بهمّ الحـّرس بينماّ احتدت عينّي نايتّ لتّصّبحا بّلون أشدّ دّاكنة و أكثٍّر عمّقاّ ثمّ ابتسمّ مجاّملة لّصحاّفة لتتجه عاّئلة لبيرّ إلىّ داّخل القصّر ،
حينهّا كّانت الأضواّء منيٍّرة فيّ كل مكانّ و الضّيوف منّ جميعّ أنحاّء العّالمّ يَّضعونّ الأقنـعّة و أصّوات ضحكّاتهم يتّعالىّ معّ نغماتّ الموسيقّى الهادئّة ،
كّؤوسّ تّصطدمّ يبعضها البعضّ نخبّا ، حلّوياتّ و المقّبلاّت من ألذّ ماّ صنـّع .. وسطّ هذّه القّاعة الكبيّرة وجـدتّ طـّاولة وضعتّ عليها كعّكةّ عمـّلاقة
أعلاهاّ كلمّات مرحبّة لعودةّ ملكّ الإقتصادّ إلى بلدّه ، صديّق الجدّ بيترّ و مناّفسه الوحيدّ فيّ الأسواقّ فّتقدمّ بيترّ إلّى ذلكّ الرجلّ الذيّ يجّلس على
كرّسيّ مقعدّ و صّافحه بكلّ حرارةّ محتضناّ إياهّ ثمّ عرفّ عن إليزابيثّ التيّ كانت تبّتسمّ بكلّ رقة ناحيّته ،
رفّع كاّيل كمّ سترتهّ و قدّ أزعجّه ثمّ تخلّلت أناملهّ خّصلات شعرّه البنيّ بّكل كّسل حينّ نظرّ بطرّف عينه إلىّ ماريّ الشـّاحبة و وضـعّ ذرّاعه حول
كّتفيهاّ بحركّة صبيانيةّ ليهمسّ بّتحذيّر
ـ مارّي ابتسمّي بالرغمّ من حضّر دخول الصحافّة إلّى القّاعة لكنهمّ هناّ بكل تأكيدّ لذّلك لاّ تدّعيهم يأخذّونكّ كّموضوعّ رئيسيّ لهذّه الأمسيةّ ،
أومأتّ بالإيجاّب و ابتسمّت بكلّ توترّ ، هناكّ شخصّ آخر يّعرفّ بّأمرّ الديون و الـ 500 ملّيون دّولار عدى آرثرّ ؟ أيعقّل أنهّ سربّ الملفّ
فقطّ لأنها تجاّهلته ؟ لكنّ من ذلكّ الرجلّ ؟ و لماذا أخبرهاّ بدّلا أنّ يقوم بنشرّ هذه المقالة فيّ الصحيفة ؟ إنهاّ لا تملكّ أيّ فكرة منّ هذاّ الذيّ
يسعى خلفهاّ و منّ بجّانبهاّ و ما الذيّ يريدّونه منها ؟ ما الذيّ يمكنهاّ أن تفعله إنّ تسرّبت هذّه الأخبارّ إلى العامة ؟ ماذاّ إذاّ أجبرتّ علّى تركّ نايت ؟
زمتّ شفتيهاّ كاتمّة دّموعهاّ لّتهمسّ بنبرة باكيّة
ـ لاّ يمكننيّ أن أهـدأ
تنهدّ كايّل متفهماّ موقفّها فهذّه هيّ المرة الأولى التيّ تخرجّ فيهاّ إلى أحدّ الحفّلات بّصفتهاّ سيدّة لبيّر الثانية و أن تكون مستهدّفة منّ قبلّ الصحاّفة ؟
قّال بّضحكة
ـ يجبّ عليكّ أن تكونيّ مستعدّة ماريّ فأنتّ الآن بّمثابة الحّلقة الأضّعف و الموضوعّ الأكثّر إثارة فيّ العائّلات العريقةّ ،
يسّعدنيّ أنّ أتركّ منصبيّ لكّ الآن
أخفّضت رأسهّا بّإحراجّ كبيرّ من مناداّته لهاّ بّالحلّقة الأضّعفّ ، ألمّ يّقل لها نايتّ سّابقّا أن تكونّ قوية ؟ لأنهماّ معّا ، لأنهاّ معه ؟ الآن
و بهذّه اللحـظةّ يجّب عليهاّ أن تتماسكّ و لاّ تفكرّ بّهوية ذلّك الرجلّ فكلّ ما يهمّ هوّ أنّ تجّعل الجدّ فخوراّ بّوجودّها فيّ العـّائلة و أنّ لا تكونّ أقّل
شّأنا من إليزابيثّ ففيّ النهايةّ هي تلكّ المرأة الفّريدة التي تمكنتّ بالفوزّ بّقلب نايت فّي أنظاّر الصّحافة ، أمسكّها كايّل من ذّراعهاّ جاذّبا إياهاّ ناحيةّ
صديٌّق الجـدّ و هو يصّيح بّكل مرحّ
ـ مرحبّا و أهلاّ بّمدّمر الاقتصاد ، رؤيتكّ تنعّش الذّكريّات أيهاّ العـّجوز
ثمّ صافحّه بينماّ فلادميرّ ذلكّ الرجلّ العـجوزّ يّضحكّ بهدوء على تّرحيبهّ النادرّ ثمّ أشـّار كاّيل على ماريّ داّفعا إياهاّ إلىّ الأمـامّ و قّائلاّ بّضحكةّ
ـ و هذّه هيّ زوجّة وريثّك فيّ التدّميرّ ، ماريّ روبرّت ألقّي التحية
أومـأتّ بّخجلّ و اقتربتّ منه لتصّافحه بينماّ يدّها ترتجفّ فّأمسكّها فلادّمير مّظهراّ إبتسامةّ مجاّملة و أحدّ حاجبّيه مرفوعّ لتقيمهاّ ، هذّه الفتاة
من اختارها نايت ؟ لاّ تبدوا كذّوقه المعتادّ فّقّال بّصوتّ قويّ جمهوريّ
ـ أينّ هو نايتّ ؟ ألمّ يأتيّ برّفقتكم ؟
ـ أنـّا هناّ، سيدّي
نـظرّ فلادمير خلفه ليّجدّ نايتّ واقفّا بكّل بّرود حاملا بينّ أناملهّ كأسّ نبيذّ و قد نزعّ ربّطة عنّقه بكلّ ضجرّ بعدّما تّململ منّ محاولاتهّ المستميتةّ
فيّ جعلّ ضغطهاّ يّخف قّليلا ، إتجـّه إليهمّ و صافحّه بّكل برودّ ثمّ وجّه نظرّة حادّة إلّى كايلّ ليمسكّ بذّراع ماريّ جاذبّا إياهّا ناحيّته ، فابتسمّ
فلادميرّ هذّا الفتى لن يتغيرّ مطّلقا لابدّ أن بيتر حذرّه من تصرفاته الوقحة و إلاّ لماّ أتىّ ليصافحه فهوّ ذلك النوع المتعجرفّ الذيّ إن تحدثّ
كلماّته تهبّ من حول غيرهّ كنسيمّ مسمومّ ، أشّار على طـّاولة المخصّصة له و قّال بّابتسامة
ـ أرجوكمّ شاركونيّ الحديثّ هذّه الأمسيةّ،
فّإتجّه الكلّ إلىّ تلكّ الطـّاولة و جلسّ بيترّ بهيبته و فخرّ عاّئلته بجاّنبه الأيمنّ كاّيل برفقة إليزابيثّ و بجاّنبه الأيسّر نايتّ و ماريّ بينماّ فلادمير
أمامهمّ على كرسيّه المتحركّ فيّ طـّاولة مستدّيرة على جانبيه كلاّ من ماريّ و إليزابيثّ ،
كّان كاّيل غيّر مبّاليّا بموضوعّ الحفّلة كعّادته و إنّ لم يلزمّ عليهّ جدّه الحضّور لماّ كان هناّ ، يوجّه نـظرّاته فيّ كلّ مكانّ مراقّبا الضّيوف
فبرّغم منّ أنهّ مجبّر إلاّ أن عمـّله هوّ تحّليلّ شخصّيات العمّلاء و معّرفة إنّ كان اتفّاق معهمّ يستهلّ الشّراكة ، لكن هـذّه المرةّ فقطّ لم يهتمّ بّل
و بينّ عينيهّ كانّت تلكّ الصورّة لا تفّارق مخيلته و مهماّ فعلّ أو تحدثّ محاولاّ النسّيان إلاّ أنهّ يبدواّ مستحّيلا ، نسّيان إليزابيثّ التيّ تّقبلّ نايتّ
بكلّ شغفّ معتّرفة له بّمشاعرهاّ أمر مستحيّل له ، رمقـّها منّ خلفّ رموشهّ ليجدّها تبتسمّ خفيةّ لنايتّ الذيّ ردّ بكل عّجرفة على سّؤال فلادميرّ
، جمعّ قّبضته بّكل عّصبيةّ و أسّى فيّ نفسّ الوقت راّغباّ أنّ يّلكمّ نايتّ حتىّ لاّ يستطيّع الحـّركة فلماذاّ منّ بين جميعّ نسّاء إليزابيث ؟ ألمّ يّقل
أنهّ واقـّع فيّ حبّ ماري ؟
وجـّه نظرّه بخفّية إلّى ماّري التيّ تجلّس مكانهاّ كفتاة مّطيعة و لاّ يبدوا عليهاّ الانسجام معّهمّ ، أيّعقـّل أنهاّ تّعلم بحبّ نايتّ نحوّ إليزابيث لكنهاّ
لا تظهر ذلك ؟ هزّ رأسه نفّيا ، هذّا غيرّ معقول فّهي تحبّ نايتّ و ذلكّ واضحّ من حّركاتهاّ و نظرّاتّ عينيهاّ العّاشقة هلّ هيّ أيضّا مجردّ طرّف
آخر فيّ هذه العلاّقة السّرية ؟ هلّ تزوجّها نايّت من أجلّ إخفاءّ علاقته بإليزابيث؟ زفّر بّقوة و وقّف لّيرمقه جدّه بصدّمة فّابتسمّ بكلّ مرحّ قّائلا
ـ أرجّوا المعذّرة ،
كاّن الوضّع عاّديا كماّ لو كأنّ شيئّا لمّ يكنّ ربماّ هذاّ ماّ ظنتهّ ماريّ فيّ حينّ أحاطتّ نظرّات نايتّ الحـّادة و المتفحصّة كلّ القاّعة ، لقدّ أرسّل
فرانسواّ لإلقّاء القبضّ علىّ هذاّ الرجلّ الذيّ تجرأ على أنّ يتحداّه لكنّ لمّ يّصله خبرّ حتىّ الآن و لوّ لمّ يكن مجبّرا للبقاّء فيّ هذّه الحفّلة لّغادرّ
هو أيّضا لكيّ يعثرّ عليه ، كيفّ له أنّ يعلم بّشأن الـ 500 ملّيون دّولارّ لاّ بلّ حتىّ أنه حاولّ تهديدّ ماريّ أمامّ نـظرّ العّالم ، أيّعقلّ أنها الخـطوةّ
التالّية لكاّيل ؟ قدّ يكون استعانّ بّرجاّله ، نـظرّ إلىّ ماريّ التيّ تّلعبّ بّأناملهاّ حولّ حافةّ الكأسّ ثمّ زفّر بكلّ حدةّ أيّعقلّ أنه اكتسبّ نقطّة ضّعف
أكثرّ مما ظنهاّ نقطةّ قوة لصّالحه ؟ يبدواّ أنهاّ مستهدفةّ فيّ كل شيءّ ، حينّ وضّعت إليزابيثّ يدّها علىّ كتّفه مبتسمةّ بكلّ رقة ، رفّع نظرهّ
ناحيّتهاّ بكلّ ضجرّ لتتحدثّ هيّ بنعومةّ
ـ هلّ تتشرفّ بإعطاّئيّ الرقّصة الأولى ؟
كاّنت أنظارّ الجميّع حولهماّ فّوقفّ بّهدوء ممسكاّ بّيدهاّ متجّها إلىّ قّاعة الرقصّ ، حينّ تأففتّ ماريّ بّكره و قدّ وجدتّ أنّ الكلّ منسجمّ فيّ هذاّ الحدثّ
غيّرها فّأخذتّ تنظرّ من حولهاّ لعّلها تلمحّ شخصّا تّعرفّه فقدّ يأتيّ ويليامّ و ربماّ يجلّب معه فلورّ كرّفيقته ، رفعت كأسّ العّصيرّ بين يدّيها بمللّ
شديدّ لوّ أنهاّ فقطّ بّقيت فيّ المنزلّ ، نهضّت بّهدوءّ و قّالتّ بكلّ لبّاقة
ـ أرجواّ المعذّرة
نـظرّت إليهمّ بّأسىّ فّلا أحدّ قّد إلتفت إليهاّ لتذّهب تجرّ أذّيال الخيّبة وراءهاّ متجّهة نحوّ تلكّ الحّلوياتّ التيّ تنادّيها ، رفعّت صحّناّ و أخذتّ تملئه
بكلّ ما لذّ و طاّب حين تناهى إلى مسامعهاّ صوتّ موسيقّى الهادئّة قدّ إتجه معظم الضّيوف إلّى وسطّ القّاعة فّدفّعت قطعّة ذاّت شكلّ وردةّ إلىّ فمها
و هيّ تّشعر بالإحبّاط أكثّر فأكثّر ، رأتّ نايتّ و هو يّرافقّ إليزابيثّ المتأبطّة بذّراعه بّكل هدوءّ إلى حلّبة و يجيّب على أسّئلتهاّ دونّ كللّ أو مّلل بينماّ
إن سألتّه هيّ شيئّا فّسوفّ يّرميها بّشتى أقّسى أنواعّ الكلماّت فيّ قّاموسه ، قّالت بّغيضّ
ـ أتمنىّ أنّ يكسّر كعبّ حذّائكّ و تسّقطيّ أرضّا أيتهاّ الأفعىّ،
حاّلما إنتهتّ من جّملتهّا استداّرت لتأخذّ المزيدّ من الحّلوياتّ لتتفاجأّ بوجودّ شّابّ ماّ يّرتديّ قّناعّا أسوداّ يّلائمّ خصّلات شعرّه الحّريريةّ و يّبتسمّ
بكلّ هدوءّ بينّما لمعّان عينيهّ الداّكنتينّ فيّ ازدياد ، بدا لماّري مألوفا فّاقتربتّ منهّ بّقليلّ منّ الفظاظة ثمّ نـظرّت إلّى بشّرته الشّاحبة لتبتسمّ بكلّ
إدراكّ إنهّ يّشبه نّايت نوعّا ماّ ربماّ بّسببّ الهالةّ التيّ يطّلقها من حّوله أوّ ربماّ لّبّشرتهمّا المتشاّبهة فبّادرهاّ بإبتسامّة مجّاملة و هو يستندّ على
الجـّدار الذيّ خّلفه حينّ كادّت ماّريّ أن تّغادرّ لولاّ أنهّ تحدثّ بنبرةّ هادئةّ جّميلة
ـ هلّ تّقبلّ آنستيّ اللطّيفة بقّبول دّعوتيّ إلىّ الرقصّ ؟
رمقّته ببرودّ واضحّ غيّر راّغبة فيّ إكّمال الحديثّ معهّ ، إنهاّ تأكلّ الحلوىّ بّشراهة و صحنهاّ مملوءّ بّشتى أنواعّ المقبّلات بالّفعل هيّ ليستّ
المناّسبة التيّ يطّلبها إلّى الرقّص فّقّالت بّإحراجّ
ـ أنـّا أسّفة لكنّني مضّطرة إلّى رفضّ الدّعوة فكماّ ترىّ أناّ إمرأة متزوجةّ
ابتسمّ بجاذّبية و استندّ على الطّاولة التيّ خلّفهماّ بجاّنبها تماماّ ، سحبّ قّطعة حلوى منّ صحّنها و أمالّ برأسه قّليلا ناّحيتهاّ منحنياّ بّعدما وجّه
عينيهّ ناحيّة نايتّ الذيّ يّضع يدّه على خصّر إليـزابيثّ الضاحّكة بينماّ الجدّ يّصيحّ بّشيءّ ما إليهماّ ليبتسمّ الاثنينّ معّا فّرمقّه الشّاب بّسخريةّ شديدّة
و أشّار عليهّ بقّليل من الاستهزاءّ
ـ أرى أنّ زوجكّ مشّغول جداّ فيّ مغّازلة عـّارضة الأّزياءّ تلكّ لذاّ ما رأيكّ أنّ نثّير غيّرته و نجّعله يّلتفت إليكّ ؟ آنسّة ماري ؟
بّالرغمّ منّ نيلّ الفكرة استحسانهاّ و رغّبتها الشديدّة فيّ تنفيذّها إلّا أنهاّ هزتّ رأسهاّ نفيّا و الإحراجّ يّعمّ كيّانها بأكملهّ ثمّ وضعتّ الصحنّ جاّنباّ
علىّ الطاولة لترتبّ فستانهاّ قّائلة بكلّ خجلّ
ـ أسّفة لكنّني أفضلّ البقّاء هناّ
زمّ الشّاب شّفتيه بّتعاسة و قدّ احمرتّ وجنتيه قّليلاّ ، ثمّ استدارّ ناحيّتها و همسّ بنبرة متلعثمةّ و مرتبكّة لكنهاّ شديدةّ الرّقة ذاّت بحّة خفيفةّ
ـ بّعد أن استجمعتّ شجاعتيّ لتحدثّ معكّ آنستيّ هـذاّ مثيرّ لشفقة، عذّرا على إزعاجّك
أمامّ مظهرهّ اللطّيف استسلمتّ ماريّ بسّرعة و قدّ شّعرتّ بالخجلّ لرفضهاّ شابّ مهذبّ وسيمّ مثّله فّأمسكتّ بكلتاّ يدّيه و علتّ شفتيهاّ الوردّيتين
ابّتسامة مليئةّ بالحماس قّالت بّمرح
ـ حسناّ لا بأس إنهاّ مجردّ رقّصة لاّ غيرّ
أخذتّ تجّره إلّى الحّلبة فّيبدوا أنّ فكرّته قّدّ راقتهاّ جداّ ، فّوضعتّ يدها على كّتفه بينماّ لامّست أنامّله ظّهرهاّ و على شّفتيه ابتسامةّ حّقيقيةّ مرحّة
برغمّ من أنه حاولّ إخفاّء ضحكتّه لكنهّ لمّ يستطّع من ردّة فعلّ ماريّ السّريعةّ فّتحدثّ بنبرةّ ضاحكّة
ـ ماريّ ، هلّ أنتّ فعلا زوجـّة نايتّ لبيرّ أمّ أناّ مخطئّ ؟
لمّ تجّبه بلّ إكتفتّ بالنـظرّ إلىّ نايتّ لعلهّ يلمحّها لكنهّ لمّ ينظرّ ناحيّتهاّ فّتنهدتّ بخيبةّ أملّ ، حينّ تحدثّ الشّابّ بّنبرة متّلاعبةّ خافّتة
ـ ماريّ أناّ أعلمّ الطّّريقة المناّسبة و الأفضّل لاسترعاّء انتباهّ زوجكّ، أتّردينّ أنّ أخبركّ بها ؟ إنّها فّعالة بالفّعل
نـظرتّ إليهّ ماريّ بّقليلّ من الاستنكارّ منّ ذّكرها لاسمها عدةّ مراتّ بينما هيّ بالكادّ تّعرفه ، كاّن شّاباّ غّريب الّتصرفاتّ ذّو نبرةّ متلاعّبة
و أعّين حـّادة ذاتّ رونقّ منّ الغّموض ، فجأةّ أضطرب قّلبها بّقوة معّلنا عنّ وجودّ خطبّ ماّ لذّلك ابتعدتّ خطّوتين للخلفّ لكنهّ أمسكهاّ مسّرعاّ
و جذّبها ليرتطمّ رأسهاّ بّصدره ، اخفضّ رأسه و همسّ بّصوت مثيرّ مشّبع بّنبرة الانتقامّ فيّ أذنهاّ ،
ـ أخبرّي زوجكّ العّزيزّ أننيّ أناّ ديميتريّ قدّ عدتّ و هذّه المرّة سأكونّ أناّ منّ يستوليّ على عّرشّ القمّة ،
رمشتّ مراراّ قبلّ أن تستوعبّ كلامهّ ثمّ حاولتّ أن تّدفعه عنهاّ فّزاد منّ حدةّ قّبضتهّ حول مّعصميهاّ، ابتسمّ بّسخرية شديدّة و عّلتّ ملامحّه
صّفات الخبثّ فّنزع قّناعه الأسودّ لتسدل خصّلات شعرهّ الأسودّ على جّبهتّه، تّحدثّ بّضحكةّ
ـ هـذاّ إنّ نجوتّ عزيزتيّ
فجأةّ دوى صّوت انفجار منّ مكبرات الصوت التي تحتل القاعة بأكملها فّثارت النيران فيّ كل مكانّ و التهمتّ كل ماّ وجدتّه أمامهاّ ، و حينهاّ
فقطّ تركّ ديميتري يدّ ماريّ فّتدافعّ الضّيوف منّ حولهاّ محاولينّ الإسراعّ إلىّ المخرجّ الذيّ و بّصدمةّ عنيفةّ هزتّ أركانّ المكانّ كانّ مغلقاّ ،
فّنـظرتّ ماريّ بّعينين واسّعتين امتلأتا رعباّ بينماّ هناكّ العديدّ من الأسّئلة تدّور بّخلدهاّ فّمن يكونّ هذاّ ديميتريّ ؟ لماذاّ يّسعى للانتقامّ من نايت ؟
و الّسؤالّ الأهمّ كيفّ لهاّ أن تّعثرّ علىّ نايت وسطّ هذه الفّوضى و تحذّره ؟
دفّعتهاّ سيدّة فيّ متوسطّ العمرّ و هي تصّرخ بّذعرّ لتسقطّ ماريّ أرضّا علىّ تلكّ الطاّولة التيّ كانتّ مليئة سابقّا بّأشهى الحّلويات و الآن ماّهي
سوى مصدرّ طعاّم للهبّ كذلّك صّار فّستانهاّ غاليّ الثّمن ، فّمزقتهّ بّخوف منّ أنّ تحرقّها النيرانّ و سّارعت بالّوقوف ،
ركضّت إلىّ حلبّة الرقصّ و بحثتّ فيّ كل ركنّ بينماّ هي تصّرخ بّشفتين مرتجفّتين إسمّ نايتّ ، كيّف يمكنّ لها أنّ تجدّه ؟ فّعادتّ تناديّه حينما
ابتسمتّ ماريّ بّسخرية على حاّلها و لوهلةّ من الزمنّ تساءلت ، إن كانتّ هيّ و إليزابيثّ فيّ نفسّ السيّارة بّتلك الحاّدثة ، منّ يهمّ لإنقاذّها أولاّ ؟
لنّ تكون ماري بكلّ تأكيدّ فّعادتّ الدموعّ تتساقطّ بحرارة علىّ وجنتيهاّ الورديتينّ لتحاول مسحها متماسكّة ، ثمّ التفتت مستديرّة لتلمحّ كايلّ خلفّها
بّأمتارّ عدةّ ينظرّ تماماّ إلىّ زاوية ماّ و عّلاماتّ الصدّمة تّعم ملامحه قدّ كانتّ حالته مزريةّ رديئةّ تماماّ مثّلها تماماّ ،
تنهدتّ بّأسى و تّقدمتّ ناحيّته عندماّ لمحتّ فجأةّ ذلكّ البّاب الحديديّ بّأكمله يّهم بّسقوطّ على كايّل ، شهقتّ بّرعب شديدّ و أخذتّ تناديّه بّذّعر لكنه
لمّ يستحب لهاّ إذّ كانّ شّاردا فيّ أفكارهّ فّركضتّ نحوه و بّقوة غيرّ اعتيادّية تمكنتّ منّ دفّعه إلىّ الخلفّ ثمّ نـظرتّ إلىّ ذلكّ البابّ الفّولاذيّ و رفّعت
ذّراعيهاّ لتصدّه ، فّصرخ كايلّ بّذّعر هوّ الآخر غيرّ مصدقّ لماّ يحدثّ من حوله
ـ مـاري





 

رد مع اقتباس
قديم 03-10-2020, 12:51 AM   #47
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي





شـآبترّ الـ 24 -

فيّ ليّلة ظّلماءّ يفقدّ البّدر

ركنّ داّكن لمّ ينره سوىّ نيران ملّتهبةّ إلتهمتّ كل شيءّ وقع بّطريقها قدّ كانتّ تتقدّم ببطّء ناّحية ماريّ فكاّن جسدّها
بأكمله يّرتجفّ و عينيهاّ لاّ تّقويانّ علىّ النـظرّ إلىّ هذّه المجّزرة الواقّعة التيّ تحدثّ أمامّ نظرّيهاّ ، و لمّ تستطعّ أنّ تّضع
يدّيها علىّ أذنيهاّ لتمنعّ صّراخ الضّيوف و الخّدم منّ الوصوّل إليهاّ
أيعقلّ أنّ هذّه هي نهايتهاّ ؟ يّالها منّ حيّاة قدّ حظيت بهاّ ، شّاقة و مّؤلمة مهماّ حاولتّ بجدّ أنّ تعّيش لحظاّت من سعادّة قّابلهاّ
التعّب و الحزنّ ، فّذرفت دّموعا عديدّة لا حّسر لهاّ و قّلبها يّنزف ألماّ حينماّ حاّول كايّل رفّع ذلكّ البابّ عنّ قدّميهاّ لكن و لذّهوله
الشّديدّ قدّ خارتّ قواهّ ، فّهمسّ بنبرة مرتجفّة
ـ لاّ تقلقيّ ماريّ سّأجدّ لناّ مخرجاّ ،
ثمّ وقفّ و رّكض ناحيّة تلكّ القلة التيّ لاّ زالت بالقاعة طاّلباّ منهمّ المسّاعدة لكن هيمتاه فمنّ سيستجيب و الكلّ يّريدّ إنقاذّ نفسه ؟
بينماّ و عندّما سّقط بّكل قوة على قدّميها ، لسّعاته تحّرقها و ألامه لاّ تطّاقّ فلمّ تدريّ أينّ الخلاصّ ، لذّلك حّاولت أن تبّعدّه لكنّ حرارته
كانتّ غيّر طّبيعية النيّران تّحيطّ بها منّ كل جّانب فّشهقت و هيّ تضّع رأسهاّ بينّ يديّها صّارخة بّعذابّ لاّ يّفوقه ألمّ فّعادّ نحوها كايّل
بّسرعة ، حاول أنّ يمسكّ البابّ لكن لسعاته حارّقة فّصاحتّ ماريّ به بّحدة
ـ ما الذيّ تّنظر إليه ؟ هياّ أسّرع بالّخروج قّبل أنّ يّغلقّ المخرجّ ، أيضّا جدّ نايتّ و إليزابيثّ قدّ يكونان فيّ خطرّ
أومأّ نفياّ و نزعّ قميصهّ ثمّ لفه حول قّبضتيه لّيحاّول منّ جديدّ ، ألماّ لمّ يقّدر على وصّفه و بالّرغم منّ ذلك استمرّ بمحّاولاته العديدّة
فّرفعه قّليلا عنّ قدمي ماريّ ليصّرخ بّإرهاقّ
ـ هياّ أسرعي
أومأتّ ماريّ و حاّولت أنّ تحركّ قدّميها لكنهماّ أبتاّ الحراكّ ، كأنهاّ لاّ تشعرّ بوجودّهماّ بّعد الآن لكنهاّ أبتّ الاستسّلام فّزحفّت مستندّة
علىّ معصميهاّ فّرفعّ كايلّ البابّ أكثرّ غيرّ أنّ أنامله قدّ التهبتّ بّشدةّ ليّتركه يّقع مجددا و ليتعالىّ صوت صّراخه بّعد أنّ سقطّ البّاب
على كلاهماّ ، يدّيه و قدّميهاّ ،
أغلقّ جفنيه بّألمّ كاتماّ صّراخه ثمّ نـظرّ إلىّ ماريّ التيّ بدّورها كانتّ تّذّرف دّموعاّ ، فّغطتّ وجّهها و بدأتّ بالأنينّ لّيتقدمّ كايلّ منهاّ ، ي
ديّه مليئتينّ بالدماءّ و منـظّرهماّ لاّ يسرّ أحداّ غيرّ قاّدر على تّحريكّ أنامله لكنهّ وضّعهماّ حولّ خصّر ماريّ ليّحاول جذّبها ، فّصاحتّ هي بّيّأس
ـ لاّ فاّئدة، كايلّ غادرّ قبلّ أنّ تتراكمّ النيران منّ حولناّ إذّهب و سّاعد نايتّ أرجوك
صمتّ لوهلةّ من الزمنّ و قدّ بدأ اليّأس بالتسللّ إلىّ قلبه هو الآخرّ ، تماماّ كماّ قّالت ماريّ لاّ فائدّة من المحاّولة فّيديه تّؤلمانه بّشدة
و هو بالكادّ يستطيّع شّعور بهماّ بينماّ حرارةّ المنبّعثة منّ الفّولاذّ تّمنعه منّ التقدّم ، فّأسندّ رأسه علىّ ركبتهّ بّقلة حيّلة ثمّ وقفّ
و تحدثّ بنبرة قلقة
ـ ماريّ ، سوفّ أذهب لجلّب المسّاعدة سّأعود حتماّ لذلّك أصبريّ قليلاّ حسناّ ؟ أناّ لنّ أدعكّ تموتينّ هناّ
كانّ شاحباّ بّشدةّ و خاّئفاّ بلّ مذّعوراّ من فّكرة تّركها هناّ لكنّ ليسّ بيدّه شيءّ ليّفعله ، فّتخللتّ أنامله خصّلات شعرهّ البنيةّ لّتختلطّ دّمائه
بّعرقه ، عندّما ابتسمتّ ماريّ لهّ بّلطفّ مشّجعة إياه دونّ اللجوءّ إلى الكّلمات ، فأومأ إيجابّا و سّارعّ بالركضّ ناحيّة المخرجّ قبلّ أن
تّعيقه النيرانّ أكثرّ منّ هذاّ لتّمر عديدّ من تسّاؤلات بّذهنه فّكيف لتلكّ الفتاة التيّ يّسعى لقتلهاّ أن يحاول إنقاذّها فيّ هذه الفترة ؟ هوّ
من كان سّببا فيّ سقوطّها من الجرفّ بّل منّ أرادّ موتها بّشدةّ لماذاّ يحاول إنقاذّها ؟

/

بّليلة هـّادئة فيّ ذلكّ الحيّ الشعبيّ الذيّ تّقطّن فيهّ فلوراّ ، كّانت تّشاهدّ التلفازّ بكلّ هدوءّ تضّع حّول كّتفيها غطاّء تحميّ نفسهاّ
منّ نسمّات لندّن البّاردة حينّ سمعّت دّقا عنيفّا عندّ بّابهاّ لتّزم شّفتيهاّ بكلّ كرّه فّلابدّ أنّ ويليامّ قّد علمّ بّكسّرها لّمفتاحّه و مّقبضه
و هوّ الآن يسعى لتّعنيفها كعّادته ففّضلت عدّم مّقابلتهّ ، لكنّ الدقّ استمرّ و صيّاحه العّاليّ باسمها مناديّا إياهاّ فتحّاملت علىّ أعصّابهاّ
الناّرية و إتجّهت إليهّ لتفتحّ لهّ البّاب ، وجـدتّه يّرتديّ ملابّسه مستعدّا للخروجّ و وجّهه شّاحبّ بشدّة حينهاّ أيقنت أنّ هناكّ خطّباّ ماّ قّالت
بّنبرةّ مشكّكة و خاّئفة
ـ ماّ الأمرّ ويّليام ؟
نـظرّ إليهاّ ويّليامّ بّقليلّ منّ الأسىّ و حـّاول التقاط أنفاسهّ قبّل أنّ يصّرح بّالخبرّ الذيّ سّمعه تواّ ثمّ تـحدثّ بنبرةّ متـّرددّة و قّلقة
ـ إنّ الحفّلة التيّ ذّهب إليهاّ كلاّ من نايتّ و ماريّ قدّ هوجّمت ، فـّلورا بمختصّر الكّلام هناكّ ضحايّا
شهقتّ بّرعب و كادّت أنّ تهوى على الأرّض مغشّيا عليهاّ لولاّ أنهّا تماسكتّ فّخرجتّ مسّرعة بّرفقةّ ويّليامّ إلّى سّيارتهّ و وجّهتهماّ
معـّلومّة ، بـّعد نصّف سّاعة منّ زحمةّ السّير و قّيادة ويليامّ الجّنونيةّ وصّلا إلّى قّلب الحدثّ و قدّ كانّت الصحاّفة تغطيّ المنطقّة بأكملهاّ
فيّ حينّ توجدّ العديدّ من سيّارات الإسّعافّ و شرطّة تحاولّ منعّ المدّنينّ من الدّخول ، كاّن الأمرّ بأكمله مهـّولاّ و غيّر قّابل لتصدّيق ،
اتجـّه ويّليامّ إلىّ ضابطّ محاولّا أنّ يجّعله يّمر و هو يّعطيّه بطّاقة الهويةّ فلوراّ فّسمحّ له التقدّم إلّى الأمامّ قليلا فقطّ ،
كاّنت فلور غيّر مصدّقة لمّا تراه من حّولها ، الكلّ مصّابّ هلّ يعقّل أنّ ماريّ بخيّر ؟ تلكّ الفتاةّ لاّ تّعلمّ كيفيةّ الاعتناء بنفسهاّ فّكيّف لها
أن تنجواّ فّوضعّ ويليّام يدّه حولّ كتفهاّ محاولا أنّ يجّعلها تهدأ و لوّ قليلاّ حينّ لمحّ نايتّ حامّلا إليزابيثّ بينّ ذّراعيه و جدّه يتأبطّ ذّراعه
بّرفقته فلادميرّ ، إتجـّه ويّليامّ مسّرعا ناحيّة صدّيقه و حّضنه بكلّ قوة ثمّ همسّ بنبرةّ مرتجفّة
ـ حمدّا الله على سّلامتكّ
كانّ نايتّ مصّاباّ فيّ أماكّن متّفرقة كّغيرهّ فّوضّع يدّه علىّ ظّهر ويّليامّ بهدوءّ مطّمئنا إياهّ ، و عندّما لمحتّه فلورّ سّارعت بالركضّ ناحيّتهمّ
و هيّ تّمسكّه منّ ذراعه صّارخة بّذعر
ـ أينّ ماري ؟ أيّن هيّ ماري ؟ ألمّ تكن معك ؟ أجّبني أين هيّ ماري ؟
قطّب نايتّ حاجّبيه و نـظرّ حّّوله بينماّ بادّره الجد بنّظرات مصدّومة فيّ حينّ أنّ ملامحّ فلادميرّ قدّ شحبّت و قدّ لاحظّ أخيّرا غيّابهّا ، همسّ
نايتّ بنبرةّ حذّرة مصدّومة
ـ ألمّ تخرجّ قّبلنا ؟
أومـأّ ويّليام بالنفيّ فّشهقتّ فلورّ بّرعب و سّارعتّ بالركضّ إلّى قصّر محـّاولة إنقاذّ أختهاّ الصغرى لولاّ أنّ ويليامّ أمسكّها منّ خصّرها
مانّعا إياهاّ من الحـّركة ، جلّس الجدّ على الأرضّ بّعد نفاذّ الهواءّ من رئتيه ، نـظرّ نايتّ إلىّ الخـّلف حيثّ كانتّ و لا زالتّ ألسنةّ اللهبّ
مشتعلةّ و رجاّل الإطفّاء لمّ يّقوموا بإخمادّها بّعد ، أيّن يّعقلّ أن تكون ؟ قّبل الإنفجاّر لمحّها تقفّ أمامّ طـّاولة المقّدماّت و التيّ كانتّ أقّربّ
إلّى المخرجّ فأينّ هيّ الآنّ ، إنّ لمّ تكنّ منّ الأوائّل الذينّ تداّفعوا إلّى المخرجّ فأينّ هي ؟
تدّافعتّ عديدّ من الأحداّث إلّى ذّهنه ، أولاّ ذلكّ الصحافّي الذيّ استهدفّ ماريّ ثمّ ارسّاله لجميعّ الحرسّ بّرفقة فرانسواّ لامسّاكه و جلّبه
حيّا له ثمّ سّحب إليزابيثّ لهّ إلىّ حّلبة الرقصّ ، أخيّرا و الحّركة النهاّئية ظهورّ ذلّك الشّابّ الذيّ دّعاها إلىّ الرقصّ ليّنتهي الأمرّ بإختفاء
مارّي ، نظرّ حّوله بّصدّمة ليّلمحّ وجودّ نفسّ الشّاب مرتديّا قناعّا أسوداّ و يبتسمّ بكلّ سخرية و استهزاءّ فلمّ تمرّ سوى ثّانية ليختفيّ بعدّها
كسّرابّ ، ارتجفّ جسدّه بأكمله و شحبّ وجّهه ليصبّح غيّر قّادر علىّ الوقوفّ أو التفكيرّ حتّى .
أكلّ هذاّ من أجلّ تشتيتّ إنتباهه ؟ ماذاّ عنّ ماريّ ؟ أيّعقلّ أنهاّ كانت مستهدّفة منذّ البدّاية ؟ فّبدونّ تأخرّ ركضّ إلىّ داّخل القّصر لّيحاولّ ويّليام
إيقّافه بعدّما ألجمه تصرّف نايت المتهورّ ، أمسكّه منّ ذّراعيه و قّال بّنبرة مّذعورة
ـ إلّى أينّ تنويّ الذهابّ بحقّ الله ؟ ألاّ ترى النيرانّ ؟ إجلّس مكانكّ و دعّ رجاّل الإطفّاء يّقومونّ بعمـّلهمّ ، لقدّ قالّ الجدّ أنهاّ ربماّ قدّ تكون عـّادتّ
لتبحثّ عنكمّ أناّ واثقّ أنهاّ ستعودّ فقطّ إنتظرّ
حدقّ فيهّ نايتّ بعينينّ باّهتتينّ ، كلّماته هذّه لا مّعنى لهّا و لاّ صحّة لهاّ فّماريّ فيّ خطرّ و فّرصة إيجادّها على قّيد الحّياة تّعادل الصّفر الآن ،
إنهّ خطئه لأنهّ أهملّها .. لقدّ كانتّ دوماّ ما تبحّث عنه و دوماّ ما يجدها بجّانبه لذّلك اعتقدّ أنهاّ لنّ ترحلّ ، سّتبقى تتبّع خطّواته الواّثقة بّخطّواتها
الخّرقاء و ابتسّامتها تّعلو شّفتيهاّ ، لذّلكّ دّفع ويّليام بّقوة و ركضّ إلىّ المدّخل متجاّهلا نـظرّات الكلّ المندّهشة
وضّع كّمه علىّ أنفهّ و فمه مانّعا تّسربّ الغاّز إلى رئتيه ثمّ أخذّ يركّضّ محاّولا تخمين مكاّن وجودّها ، إنهّ هو منّ أدخلهاّ إلّى عّالمه و لنّ
يسامحّ نفسه إذاّ حدثّ مكروه لهاّ فإتجه ناحيّة طاّولة المّقبلات ليجدّها مدّمرة بأكملها ، زفّر بّقّلة صّبر و أخذّ يّنظر فّي كل زاويةّ لعلهّ يلمحّها بينماّ
و بّأذنه صّوتها الخاّئف المّرتعبّ يترددّ كصّدى فيّ أذنه
حينما اتجه رجال الإطفاء إلى الخلف حيثّ كانتّ الردّهة فّدخل بّعضهم محاولين إخماد الحريقّ إذ أن مركزه الثاني كان المطبخ الرئيسي عندما
التفت أحدّهم ناحية ذلكّ البابّ المرميّ علىّ الأرضّ محاولا إبّعاده فّوجد إمرأةّ فيّ منتصفّ الخمسينياتّ جثة بّلا روح قد أحترق ظهرها فيّ
محاولة لحماية شيء ما إذ أن ذراعيه كانتاّ ملتفتين بكلّ قوة حولّ ماريّ ، فّوضع يدّه على رقبتها متحسسّا نبضّات قلبهاّ ليجدّها تكادّ تعاّدل الصّفر
، صّاح بّهمةّ
ـ يّا رجالّ توجدّ فّتاة هناّ
بينماّ كان ناّيت يّبحثّ فيّ كلّ ركنّ عندّما مرّ منّ أمامه كايلّ و هو يّركضّ بأقصى طاّقته خّلفه الطبيبّ ماّ استطاعّ أنّ يّقنعه بّالدخول فّوجه نايت
نـظره ناحيّتهم ليجدّ رجلّ الإطفاء ذلّك يحاّول رفّع تلكّ الفتاة بّكل حرصّ خوفاّ من إصّابتها المّلتهبة و كايلّ يّسارع نحوهاّ هو الآخرّ أيضّا ، كانتّ
بالكادّ تعتبرّ حيّة إذّ أن قدّميها مصّابتين بّشدة حيثّ هناكّ دماءّ تنزفّ منهماّ و قدّ حرقّ أطرافّ فستانهاّ فيّ حينّ أنهاّ نجتّ بنوعّ من الأعاجيبّ ،
صّاح كايلّ بقلقّ
ـ ماريّ ، هلّ أنتّ بخيرّ ؟
اتسعتّ عينيّ نايتّ الداّكنتينّ و قدّ وجدّ نفسهّ عاجزاّ عنّ تعبيرّ ، بخّطوات سّريعة متباعدةّ إتجه نحوهّم ثمّ أبعد رجلّ الإطفاّء ذلّك ليّسارعّ بإمساكهاّ
، وضـعّ سترتهّ السوداءّ حول جسدّها النحيل متجاّهلا أحادّيثهم عندّما حاولّ أحدّ الرجّال أنّ يبعده قاّئلاّ بحدةّ شاتماّ إياه لتدّخله
ـ ما الذيّ تحّاول فعله بّحق الله ؟ ألاّ ترى أنهاّ مصابة بّشدة و أيّ حرّكة مفاجئّة قدّ تسببّ لهاّ إصّابات خطيّرة ؟ ثمّ ألست من المصّابين ؟
يجدرّ بكّ المغادّرة فّوراّ
بينماّ نـظرّ إليه كايلّ بكل برود فأخيراّ قررّ البطلّ الظهورّ ، دوماّ عندّ اللحظاتّ الحرجّة فّوضعّ ذّراعه كحاّجز موقفاّ ذلكّ الرجلّ مانعّا إياهّ من
الّعبور قّائلاّ بنبرة هادئّة
ـ إنه زوجّها
أفّسحواّ لهّ المجـّال فّإتجّه إليهاّ و جـّلسّ مسنداّ على ركّبته عندماّ لمحّ الحرّوق التيّ أصّابتهاّ و جسدّها الممتلئّ بالخـّدوشّ ، قدّ سقطّ عليهماّ
شيء ربما عندّما دفّعه رجاّل الإطفّاء بقوة فّأصابّ قدّميها و قدّ أحرقّ معّظم فستانهاّ فكيفّ استطاّعت هي النجـّاة ؟ نـظرّ إليهاّ غيّر مصدّق ،
نبضهاّ ضّعيف جداّ و هيّ لاّ تتنفسّ بّأصّابعّ مرتجّفة حملّها بّحرصّ شديدّ و ركضّ إلّى المخـّرج ، نـظرّ إليهّ الرجالّ بّدهشة منّ إصّاباته العديدّة
و محاولةّ إنقاذّه لهاته الفتاة بشدّة ، ركضّ ناحيّة المخرجّ ثمّ وضّعها بدّاخل سّيارة الاسعافّ ليستلمهاّ الأطّباءّ و قدّ وضع أحدّهم أنبوبّ التنفس
على أنفهاّ و فمهاّ بينماّ قّام آخر بّتفحصّ قدّميها الأكثّر إصّابة بينمّا بقيّ هو واقفاّ مكاّنه ، حينّ إتجّه إليه ويليام مسّرعّا صّارخاّ بّقلقّ
ـ هـّل وجدتّ ماري ؟
حدقّ فيه نايتّ لوهلة ثمّ أومأ بالإيجاّب ليّنظر ويّليام حيثماّ كان نايتّ مشدوهاّ ، ماريّ على رافعةّ محاّطة بّشتى أنواعّ الأجهزة ، فتحتّ عينيهاّ
ببطءّ كماّ لو كأن هناكّ جبّالا تّقفّ عليهاّ ثمّ نـظرّت إلىّ نايتّ الشّاحب بشدةّ ، بقوة واهنةّ مدّت أناملهاّ ناحيّته فّتقدم منهاّ و أمسكّ يدّها لتبتسمّ
بكلّ تعبّ محاّولة أن تطّمئنه ، ثمّ أداّرت وجّهها فّصفرت آلة معلنةّ عنّ توقفّ نبّضات قّلبها عنّ العملّ ، فّسّارع الأطّباءّ لمحاولة إنعاشّها
عبرّ جهازّ الصدماتّ لكنّ قّلبها أبىّ إلاّ و الاستّسلام ، لذّلك شّد نايتّ منّ قبضته فّسّارع ويّليام ناحيته و جذّبه مبعداّ إياه عنهاّ
كاّنت بمثّابة جّثة هامدةّ، هلّ سترحّل ماري؟ بابتسامتها المرحةّ و ضحكاّتها الرناّنة ، بمحاّولتها المستميّتة للفتّ انتباهه ، منّ الذيّ يعبثّ
معه بطرّيقة مثّل هذّه ؟ يّحاول قّتلّها و ابتسّامة سّاخرة تعلوّا شّفتيه متفاخراّ بّفعلته النكّراءّ ، أيعقلّ أنّ كايلّ من قّام باستئجار هذا الرجلّ ؟
أيعقّل بأنه منّ خططّ لهذه المكيدةّ بأكملها ؟ لنّ يصعب عليه فعلّ ذلكّ خصوصاّ و أنه قدّ حاولّ قّتلهماّ سّابقّا
بكلّ هدوءّ استدارّ مغّادراّ بينماّ غادّرت كذلّك سّيارة الإسّعاف ، عندّما توقفّت سّيارة سوداء مظّللة أمامهّ ثمّ خرجّ منهاّ فرانسواّ ملاّبسه
مليئة بالدّماءّ و يبدواّ مّصابّا فّي كتفه بطّلقة رصّاصة ، اتجّه إلّى نايت و قالّ بّذّعر
ـ سيدّي لقدّ أتيتّ مسّرعا حالماّ سمعتّ الأخبّار، هلّ أنتّ بخير ؟
نـظرّ فرانسواّ إلىّ نايت بّكلّ شموليةّ ، كان مصّاباّ بكل تأكيدّ فذّراعه تنزّف و يوجدّ عدة جروحّ متفرقة على مستوى جسدّه بينماّ صدّره
ينزفّ أيضّا فّاعتراه الرعبّ لكنّ نظرّات نايت الجامدّة و البّاردة أوقفتهّ لوهلة ، ليتحدثّ بّنبرة مبحّوحة جاّفة
ـ هلّ استطّعتّ إلقاء القّبض عليه ؟
أومأ فرانسوا بالنفيّ ، كاّن خيبّة الأملّ و الفّشلّ يحتلّ كيانه بأكمله فّكيفّ له و بّرفقة أبرع رجاّله أنّ يفشلوا بإلقّاء القّبض على رجلّ واحدّ ؟
لاّ يضاهيهمّ قّوة بلّ و أصّيب أغلبيتهمّ ، فّقّال فرانسواّ باعتذار
ـ أناّ أسفّ سيدي لقدّ فشلت ، لكنّني قدّ عّرفت هويتهّ إنهّ وريثّ شركة جونسونّ و تمتّ مباّغتتناّ بّشكلّ مفاجئ فّتعرضّ بّعضنا لإصّابات
متفاوتة ، أناّ لشديدّ الخجلّ سيديّ لفشّلي بّمهمة سهلة كهذّه
ابتسمّ نايتّ بكلّ سّخرية ثمّ و بحركة مفاجّئة قّام بّضربّ زجاجّ السّيارة بقّبضته ليزيدّ جرّاحه ألماّ ، جلسّ مستنداّ على ركّبته ممسكاّ بذّراعه
المصّابة و نـيّران الغّضبّ تتأججّ بّكل عنف فيّ قلبه ، ليسّ فرانسوا من فّشلّ بّل هو ، همسّ بنبرة غّريبة
ـ هدّفهمّ منذّ البداّية ، ماريّ
أخفضّ فرانسوا رأسه بّقلّة حيلةّ عندّما وقفّ نايتّ مجدداّ غيّر مدّرك لماّ يّفعله إتجّه حيثماّ كانّ كاّيل يّجلسّ بّرفقة إليزابيثّ و الجميّع ،
رّفعه منّ يّاقته و سحّبه مبعداّ إياه عنّ الكلّ ثمّ همسّ بنبرة حادّة هادرّة
ـ هلّ أنتّ من تسببّ بالإنفجاّر ؟ أكنتّ تستهدّف حّياة ماريّ منذّ البدّاية ؟ لأننيّ إنّ علمتّ بّصحة هذّه الفرضّيات فأؤكد لك أنّك لن تنجوا من بين يدايّ
أمسكّه كاّيل بّدوره منّ ياقـّته بّكل عّصبية ثمّ دفّعه بـعيداّ ، و صـّاح بهّ بكلّ عّصبية و نبـّرة لاّ تّقلّ غّضباّ عنّ صوّت نايتّ
ـ لاّ بكلّ تأكيدّ، ثمّ كفّاك نفاقّا أيهاّ الوغدّ فأنتّ لا تكادّ تهتمّ بموتهاّ منّ حيّاتهاّ ، ألمّ تكن هيّ محضّ حـّاجز وهميّ لعـّلاقتكّ معّ زوجّتيّ ؟
رمقّهما ويّليامّ بّدهشةّ غيّر قـّادر علىّ استيعاّب حديّثهماّ أكثّر من ذلّك ، أيّعقلّ أن نايتّ و إليزابيثّ ؟ مجـدداّ بّعد كلّ هـذاّ العناءّ يعودّ كلاّهما
إلّى بعضهماّ البعضّ ؟ هـذاّ مستحيّل و ماذاّ عن ماريّ ؟ ، عندّما رمقّت فـلورّا كلاهماّ بّعصبيةّ و استياء .. رّفعتّ قّبضتها و سددّت لكمـّة
لكليّهماّ وسطّ استغراّب الكلّ و منّ بينّ صّريرّ أسنانهاّ همستّ بّنبرة ثّائرة
ـ أيّا كّانتّ مشّاكلكمّ العـّاطفّية لاّ تدّخلوّا أختيّ فيهاّ ، فّأنتمّ و منذّ لحظّة لقّائكمّ لمّ تجلبواّ لناّ سوى التعـّاسةّ و إنّ حدثّ شيء لأختيّ فّثقواّ أننيّ
لنّ أترككمّ و شـأنكمّ حتىّ أستنزفّ آخرّ عملةّ نقديّة أسّفل مؤخراتكمّ كلّ هذاّ لأجلّ تلكّ الأموالّ التيّ سلبتكمّ آخرّ ماّ يمكنّ لإنسان أنّ يملكه
إتجـّهت إلّى ويّليام و سحبّت مفاتيحّ سّيارته لتتجـّه إلّى المستشفىّ الذيّ أخذّوا ماريّ إليهّ بينماّ رمقّ ويّليام كلا منّ نايت و كـّايلّ بنـظرّات عـّتاب
و غـّادر مسّرعـّا خلّفها ، شّغلواّ المحركّ و بّأقصىّ سّرعة قـّادتّ فلورّ محـّاولة التماسكّ، لقدّ كانت تتجّنب اتصالات ماريّ بّعد زفّافهاّ و لا تعلمّ
لمّا لكنهاّ دوماّ ماّ كانتّ تّحاول أن تتجنب الاحتّكاكّ بهاّ و هاهيّ الآن علىّ شّفاه الموتّ ، ضّربت المقودّ بّقوة عندّما تّوقفّت سيّارة الإسعاف
بّسببّ الزحمةّ ثمّ سّرعان ماّ أخذتّ الشرطةّ تفّسح لهمّ المجـّال بالعـّبور ، و فيّ غّضوان ربّع سّاعة كاّن قدّ وصلواّ إلّى وجـّهتمّ
ركضّت فلورّ عبّر الـرواقّ و إتجـّهت إلّى غـّرفة الطـّوارئ و قبلّ أنّ يّغلواّ الأبّوابّ لمحتّ ماريّ يتمّ إنعاّشها بالصّاعقّ الكّهربائيّ و نـّبضاتّ
قلبهاّ تعادلّ الصّفرّ بينماّ أخذتّ الممرّضة تحاّول أنّ تضعّ لها أنبوّب الأكسجيّن علىّ أنفهاّ ، بدأتّ دموعهاّ بالسقوطّ و لأولّ مرةّ سقطّ قناعّ
القوةّ بّسقوطّها علىّ ركبّتيهاّ ، كاّن الأمرّ مهوّلا و مخيّفا لمّ يستطّع قّلب فلورا احتمّاله . احتماّل فكرّة فقدّانهاّ لأختهاّ الصغرىّ ،
ركضّ ويّليام نـّحوها بّعد أنّ قامّ بركّن السّيارة و حـّاول أنّ يهمسّ بكلّمات مهدئةّ لهاّ لكنهاّ لمّ تسمعّ أي شّيء مماّ قّاله ، ماذاّ إن لمّ تنجوا
ماريّ ؟ منذّ أن كاّنت طّفلة و هي ضّعيفة لاّ تقدّر على كلامّ حتىّ ، ليتهاّ لم تتركّها تّتزوجّ نايتّ .. ليتهاّ أخذّتها و غـّادروا لندّن ، ليتهّا بّقيت
فيّ المنـزلّ معّ والدّهّما ، لكنّ الأمانيّ إلّا كلّماتّ لاّ تفيدّ
بـعدّ فّترة أتىّ نايتّ بّخطواتّ هادئّة لّيقفّ بجاّنبّ ويليامّ أمامّ غرّفة الطّوارئ تّلك ، أتىّ كّلا من كايّل بـّعد أنّ أطمئن على زوجـّته المغمىّ
عليهاّ جدّه ليّنظرّ ناحيّتهم ، ويليامّ بالرغمّ منّ قّلقه إلاّ أنه كانّ يّحاول تهدئة فلورّ محتّضنا إيّاها بينماّ كانّ نايتّ يّسندّ علىّ الجـداّر الذيّ خّلفه
و خّصلات شعرهّ الأسودّ قدّ حجبّت رؤية ملامحهّ ، كيّف منّ بينهم جميّعا أن تصّاب ماريّ ؟
خـّلال سـّاعة آخرّ خرجّ الطّبيبّ ناّزعاّ قّفازيه إتجّه ناحيتهمّ و نـظرّ إليهمّ ، تنهدّ كمّ يكره هـذّه الأخبـّارّ التعيسةّ لذّلك تحدّث بنبرةّ مترددّة
و متأسّفة
ـ يّؤسفنيّ أنّ أخبركمّ أن المريضّة قدّ تّفقد قدّرتها على السّير و ذلكّ لضررّ الكبيّر التيّ تلقته على مستوى قدّميها أيضّا .. لاّ أعلم كيفّ
أخبركمّ بهذاّ لكننيّ قدّ بذّلت جهديّ غيّر أنّ آنسة ماريّ فقدتّ رغبتها بالعيشّ أيضّا ، إنهاّ بّغيبوبة
شعّرتّ فلورّ بصدّمة ، ماريّ لا تريدّ الكفاحّ من أجلّ حياتها ؟ إنهاّ لاّ تريدّ الاستيقّاظ منّ سباّتها ؟ لكنّ لماّ ؟ ما الذيّ حدثّ لها فيّ الحفلة ؟
حينّ مـّر بهاّ الممرضوّن و هي مستلقية علىّ السريرّ يدّفعونه إلّى غّرفتهاّ الجديدّة و التيّ قدّ تكونّ دائمةّ ، فتحتّ فلور عينيها على وسعهماّ
عندّما لاحـّظت شحوبّ ماريّ الفظيع و ملامحّ وجّهها البـّاردةّ كأنهاّ أصبحتّ فيّ عدادّ الموتىّ ، فتّبعتّ فلورّ الممرضونّ و هي تمسكّ
بيدّ ماريّ ، بينماّ الدموعّ تنهّمر من عينيهاّ و لمّ تتوقفّ و لو للحـظّة ، نـظرّ نايتّ بّكلّ هدوء ناّحية ماريّ المسيّرة رغماّ عنها إلىّ داخل
غّرفتها الجديدّة ثمّ و بخطّوات خافتةّ صّامتة اتجهّ بّعيداّ عن موقعّ هذاّ الحدثّ ، كادّ أنّ يصعدّ سّيارته مغادّرا عندّما أمسكه أحدّ منّ ذّراعه
ليديرّه بكلّ قوة ناحيّته ، كاّن ويّليام و علاماّت الغّضب تعلواّ وجّهه ، رّفع لكمتّه ثمّ أخفضّها متحكماّ فيّ أعصّابه لّيتحدثّ بّحدة
ـ ألاّ يفترضّ بكّ البقّاء بجّانبها ؟ إنهاّ زوجتكّ و هي فيّ عهدتكّ فكيّف لكّ أن تتركّها فيّ أكثرّ مواقفّ ألماّ ؟
حدّق فيه نايت بّنظرّات نارّية خطّيرة لكنهّ ابتسمّ فجأة بكلّ سخريّة حينماّ لاحظّ صّدرّ ويليّام الذيّ يّعلوا و يهبطّ من الغيضّ و الغّضب ،
أماّل رأسه ناحيته و قّال بّنبرة مستهزئة
ـ ماّ رأيكّ أن تفعل ذلكّ مكاني ؟ يّبدوا أنكّ جيدّ بّخصوصّ هذه الأمورّ
زفّر ويّليام بحدةّ ممسكاّ برأسه بينّ يدّيه ، ما هذاّ الرجّل ؟ ألا يملكّ قّلباّ ؟ ألاّ بشعرّ بمدّى حبّ ماريّ العميقّ له ؟ لماّ يّستمر بّالتمسكّ فيّ
الماضّي ؟ التفتّ معطيّا إيّاه ظهره ليتحدثّ بنبرة بّاردة متألمة
ـ ليسّ أناّ من تريدّه ماريّ و ليسّ أناّ من هي بحاجّته ، هيّ تّريدكّ أنتّ نايتّ .. أظنّ أنّ الوقت قدّ حانّ
لّتثبت نسّيانك للماضي بّوقوفّك إلىّ جانبهاّ





 

رد مع اقتباس
قديم 03-10-2020, 12:52 AM   #48
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي





دعّوة لّلموتّ غّزى أركانّ حفّلة فلادمير ، هذاّ كان العّنوان الرئيسيّ فيّ كلّ قّناة صّباح اليّوم المواليّ و مقّالة مسّلية
وردّ فيهاّ أخّبار عنّ جميّع الضّيوف و أحّوالهم الرديئة ، بينماّ و بدّاخل ذلكّ المستشفى قد نقّل إليه أغّلبية المصّابين
أصّبح مشّهورا فكاّنت جميّع الصّحافيينّ يّقفون خلفّ أبوابه بّإنتظارّ خروجّ أحدّ المشّاهيرّ ،
فيّ أحدّ الغّرف العّديدةّ عنـدّما قّررتّ أخيّرا أنّ تّفتحّ عينيهاّ الواسعتينّ و هـذّه المرةّ قدّ عكسّتاّ مدىّ الفّراغّ الذيّ تشعرّ
به نـظرّت حّولهاّ، غّرفة بيّضاءّ خـّاليةّ منّ أيّ شيء سوّى رائحّة المعقماّت و صّوت دّقاتّ قّلبهاّ احتلّ ذلك الجّهاز ليعلن
استمرارها بالعيش فّحاولت تحريكّ قّدميها للمغادرة لكنهاّ لم تّشعر بهماّ قطّ ، كأنهماّ لمّ يّعودا جّزءا منّ جسدّها فاعتدلت
فّي جلستهاّ مستندةّ على الوسادةّ التيّ خلفها و رمقتّ قدّميها بّريبة شديدةّ تّخللهاّ خوفّ من المجهول ،
لتّعيد المحّاولة بّعزم فّاختل توازنهّا بعدماّ ركزتّ كلّ جهدها علىّ يدها اليمنىّ لتسقطّ أرضّا علىّ وجّهها تماماّ ، رمشتّ مراراّ
غيرّ قادرة على استيعابّ لماّ قدميها لا تستجيبان لأوامرهاّ ؟ لماّ هيّ هناّ ؟ و ما الذيّ قدّ حدثّ ؟
أغّلقت عينيهاّ محـّاولة التـذّكر ، لقدّ كانتّ فيّ حفّلة تنـكّرية بّرفقة عّائلة لبيّر ثمّ .. ثمّ دّعاهاّ شّابّ ماّ لرقصّ و وافقّت لكنّ لما ؟
نـّايت .. أجلّ نايتّ و إليزابيثّ ، كايّل إنفجاّر و الحريقّ اللهبّ الذيّ رفضّ أنّ يّخمدّ أخيرّا تلكّ المرأة التيّ ضحتّ بّحياتهاّ من أجّل
حّمايتهاّ ، عندّما أوشكتّ الأثريةّ علىّ الوقوعّ عليهاّ سارعتّ بّالركضّ ناحيتهاّ غيرّ آبهة بّإنقاذّ نفسهاّ
عندّها رأتّ نفسهاّ مستلقيةّ على الأرضّ فيّ تلكّ القّاعة و الكلّ يركض من حولهاّ بينما كانّ ذلكّ البابّ الفولاذيّ يّعيقها من التقدّم
و هوّ يؤجج نيراناّ لاسعة على قدميها ، صّرخاتّ كايلّ مطاّلبا إياهاّ بّعدم الاستسّلام و محاّولاته العديدةّ لإنقاذّها ، ثمّ مغادّرته لجلّب
المسّاعدة حينهاّ اقّترب اللهبّ منهّا أكثّر، شهقتّ بّخوف و أخـذتّ تّصرخّ بّرعب و هي تحـّاول الوّقوف مبتعدّة عنّ النيرانّ لكنهاّ
لا تنفكّ الاقترابّ منهاّ أكثّر و أكثّر ، صاحتّ بهستيرية و هيّ تزحفّ
ـ لاّ ، لاّ لا تقّتربيّ .. أبتعدي عنيّ ، لاّ
علىّ صوتّ صّرخاتها المستغيثةّ فتحّ بابّ غّرفتها بّقوة ليّظهر منّ خلفهّ حراسّ عدةّ يترأسهمّ فرانسواّ الذيّ اتسعتّ عينيه بّصدمة
فّتدارك نفّسه و ركضّ إليهاّ لّيحاول رّفعها معيداّ إياها إلىّ مكانهاّ لكنّ بدى كماّ لو كأنها لم تكن واعية لما يحدثّ من حولهاّ ، بلّ
بدى كماّ لو كأنهاّ ليست ماريّ نفسهاّ المبتسمةّ البّشوشة فأخذتّ تّصرخ و تصّرخ و لمّ تتوقفّ بلّ دفّعتّ فرانسواّ و عادّت تسقطّ علىّ
الأرضّ فّتقدمّت منهاّ ممرضّة بّعدّ أنّ ضغطّ فرانسواّ على زرّ مستدّعيا إياهاّ و برفقتها سوزيّ ،
كادّ أنّ يمسكّها مجدداّ لكنهاّ صّرختّ بّنبرة مّذعورة لتختبئ فيّ زاوية التيّ ما بينّ السريرّ و دولابّ واضّعة يدّيها علىّ أذنيهاّ و تستمرّ
بالأنينّ دونّ أنّ تدعّ لأحدّهم فّرصة بلمسهاّ أوّ حتىّ التحدثّ معهاّ ،
حـّاول الثّلاثة أنّ يعيدّوها إلّى السّريرّ أو أنّ يستعملواّ حقّنة على الأقّل لكنّ بقوة غّير طّبيعية اكتسبتها كانت تستمّر فيّ دّفعهم بعيداّ
و هي تصّيحّ أنّ النيرانّ في كّل مكانّ ، نـظرّ فرانسواّ إلّى الممرضة التيّ بدّت مرتبكةّ و لمّ تّعلم ما الذيّ قدّ تفعله لّيساعدّ فيّ تثّبيت
ماريّ فّعادّ فرانسواّ يّرفعها بّقوة و ثّبتها علىّ السّريرّ صّارخاّ بحدةّ
ـ سوزيّ أمسكّي ذّراعيهاّ بسرعةّ
نفذتّ سوزيّ مطّلبه بالّرغم منّ الخوفّ الذيّ أصّابهاّ فحّقنتهاّ الممرّضة بّإبرة مخدّرة لتتّوقفّ تدريجّيا عنّ المقاومّة ، شعرهاّ البنيّ
حولّ وسادّتها و بّشرتها الشاحبّة من سوء التغذّية بينماّ هناكّ دموعّ جاّفة علّى وجنتيهاّ ، فتحتّ عينيهاّ الزجاّجيتين بإرهاق شديدّ
لتّعود إلىّ ماريّ القدّيمة فّنظرتّ من حولهاّ باّحثة عنّ شيء ماّ و همستّ لفرانسوا بّنبرة متعبةّ
ـ أنقذّه فرانسوا ، إنه يريدّ الانتقام منه
ثمّ غفتّ ، تنهدّ فرانسواّ بّأسى و كادّ أنّ يغادّر الغّرفة عندّما لمحّ كـّايلّ يقفّ أمامه و يبدواّ مصدوماّ منّ ردّة فعلّ ماريّ الجنونيةّ ،
قـّال فرانسواّ بحدةّ
ـ سيديّ أرجوّا المعذّرة لكّن هلا غـّادرتّ ؟ فالآنسة مارّي بحاجّة إلّى الراحّة ،
أومأ كايل بالإيجاب و استدار عائدا أدراجه ، لقدّ قّال الطّبيبّ أنّ هناكّ صدّمة أصّابتها قبّلّ أن تفقدّ الوعيّ فما كانت هذه الصدّمة لتجّعلها
شخصّا آخر ؟ كما لو كأنها ّ ليست ماريّ تلكّ الفتاة اللطّيفة المطيّعة ، ما الذيّ حدثّ لها خّلالّ اندّلاع الحّريقّ ؟ أكانّت النيرانّ سببّا
أمّ هناك شيءّ آخر يدّفعهاّ لّرغبةّ فيّ الاستمرارّ بهذّه الغيبوبة ؟ فـزفرّ بكلّ استنكاّر و عـّاد ينظرّ من حوله عندما لمح من طرفّ عينيه
وجودّ نايت قد كان الأخير مستندا على الجدارّ و ذّراعيه بجاّنبه بينماّ يبدوا وجّهه شاحباّ بّشدة ، لابدّ أنه رأى ردةّ فعل ماريّ تواّ لقدّ كانتّ
فتاة لاّ أحدّ يعرفهاّ خاّئفة و متعبة لا تثق بأحدّ ، نـظرّ إليه بّبرود ثمّ تحدثّ بنبرة سّاخرة
ـ ماذاّ ؟ ألن تذّهب لرؤية إليزابيثّ ؟ أو لستّ تحبّها ؟ أمّ يّعقل أن منـظرّ ماريّ صنعّ بّقلبك الفولاذيّ عقدةّ من الذّنب ؟ لا أصدقّ هذاّ
حدقّ نايتّ به بّنظراتّ ناّرية حاّرقة ، فّحتى فيّ أصّعب المواقفّ لاّ يزال كايلّ يسردّ دّعاباته فيّ الأرجاءّ و لوّ أنّ روحه الفكّاهية منعدمةّ ،
تجّاهله بكلّ برود متجّها إلىّ الغـّرفة حينماّ تحدثّ كايلّ مجدداّ بّحرقّة و ألم
ـ بالرغمّ من أنكّ لم تّظهر يوماّ حبّك لهاّ إلاّ أنك كنتّ أول منّ تبحث عنه و هيّ فيّ أشدّ لحّظاتهاّ خطّورة ، و لوّ أنكّ لا تستحقّ ذلك
سّار بخطّوات هادئّة مرّهقة فيّ الردّهة تّاركا خلفّه نايت و الصدمة تّغزوا وجّهه ، لوهلة من الزمنّ تذّكر اعتّراف ماري ، كانتّ نبّرتها
تشبّه نبرة كايلّ توا لقدّ كانتّ متألمة و حزينةّ لدّرجة لاّ تصدقّ فكيفّ جعّل منها كاذّبة ؟ كيفّ لم يّؤمن بّقولها الحقيقة حينها ؟ هلّ أعمىّ الانتقام
بصيّرته إلى هذه الدّرجة ؟ ألمّ يّعد يّفرق بينّ المخادّع و الصادقّ بعد الآن ؟ تخللتّ أنامله خصّلات شعره الأسودّ الحريريّ بّكل عّصبية، ما الذيّ يحدث له ؟
أليسّ هدفّه واضحاّ و نصبّ عينيه ؟ لا يجبّ عليه أن يّشغل عّقله بّأمور تافهة مثلّ هذهّ ففي النهـّاية ماري لن تبقى إلى جانبه للأبدّ و هذّه
مجردّ مسرحية يّقومان بّتمثيلها، لاّ يهمّ إن كانت تحبه أو تكرهه ماّ دامتّ تنفذّ دورها على أكملّ وجه ، أيضاّ لديّه أشياءّ أكثرّ أهمية تسترعيّ
انتباههّ كمنّ هذاّ الصحافيّ الذيّ يّعرف بّأمر الـ 500 ملّيون دّولار و كيفّ له الجرأة لكيّ يهدده أمامّ الملأ ؟ لا يعقلّ أن يكون مجردّ رجلّ
ماّ فلابدّ أن تكونّ لديه أذرّع خفية تّحركه و إلاّ لما تّجرأ على الوقوف أمامه ،
أغّلق فرانسواّ بّاب الغـّرفة و كـّاد أنّ يكمل سّيره لولا منـّاداة نايتّ لهّ فّإتجه ناحيتهّ و الاحتّرام باديّ علىّ وجههّ إلّا أن هناكّ القليلّ
من الشّفقة نطقّت بها عينيهّ ، تحدثّ نايت بنبرة بّاردة
ـ لمّ تسنحّ لي الفرصّة بّأن أسّألك، هلّ أمسكتّ بذلك الرجلّ ؟
ارتبكّ فرانسوا لأول مرّة و انحنىّ بكل لبّاقة و أسّف شديدّ ، شاعّرا بّالإحراجّ لفشّله فيّ مهمته فأجـّابه بّكلّ احراج
ـ أناّ أسفّ سيديّ أفلت منّ قّبضتنا بعدّ أن تمتّ مهاجمتناّ من عّصابة ماّ ، لكننيّ تمكنتّ من معرفةّ هويته سيديّ ،
إنهّ وريث شركة جونسون
احتدتّ ملامحّ نايتّ بّكل عصبيةّ و شحبّت بشّرته بشدةّ كأن قّلبه قدّ توقف عن النبضّ ، بينماّ ظهرتّ نـظّراته الحاقدّة المنتقمةّ ليزدادّ
لون عّينيه دكنة و غموضاّ ، همسّ من بين صريرّ أسنانه
ـ لاّ تخبرنيّ أنّ لديمتري عّلاقة بالأمر ،
تّردد فرانسواّ ثمّ أومأ بكلّ أسفّ ليشتمّ نايتّ بّصوتّ عاليّ و قدّ فقدّ أعّصابه ، ديميتري يّعلم بأمرّ الـ 500 ملّيون دّولارّ ؟ كيفّ ذلك ؟
إنّ تسرب الأمرّ لصّحافة فسوفّ يخسرّ ترشحه الذيّ عملّ طوالّ خمس سنينّ الماضية لنيّله ، أيّعقل أن فكرّة حفّلة التنكريةّ فقطّ لتهديده ؟
لكنّ كيفّ له أنّ يصلّ إلى قصرّ فلادمير و هو نكرة ؟
عـّاد يّشتم بّحدة بّلكنة غّريبة ذاتّ لغّة ماّ فّشعر فرانسوّا بالدّهشة ، بهذّه اللحـظّة نايت يبدواّ مختلفاّ بشدةّ كأن الوحشّ النائمّ بدّاخله قدّ
استيقظ ، فّاستدارّ نايت و سددّ قبّضة قويةّ ناحية الجداّر شّاتماّ ، همسّ فرانسوا له بّتوتر
ـ سيدي هلّ أفهم من تصّرفك أنّ الصحافيّ ما كانّ إلاّ مجردّ تلهية ، إذّن ما كان السببّ الحقيقّي خلفّ إضرام النار في الحفلة ؟
كانتّ نـظّرات ناّيت حاّرقة نـّارية تكادّ تلتهمّ كل شيءّ حولهاّ بينماّ شفتيه تنطقّان بّشتائمّ عدةّ لا تتوقفّ منذّ لحظةّ سماّعه إسمّ شركة
جونسون ، أليسّ الأمرّ واضحاّ ؟ ديميتري يّريد إعادة اللعبة و هـذه المرةّ بّقوانين جديدة تّخوله قّتل أيّ شخصّ يّقف بطريّقه ، و لا يهم
كيف ما دام الأمرّ يّساعده للوصول إلى غايته ، محـو نايت من هذا العالمّ

/

فيّ الجّهة المقّابلة ، كانتّ إليزابيثّ مستلقية علىّ السريرّ و نائمـّة بكلّ راحة بينماّ تّناثرّ شعرهاّ الأسودّ من حولهاّ كأنهاّ لوحّة فنية
لاّ تشوبهاّ شائبةّ ذاّت ملامحّ لطيّفة رقيّقة بجانبهاّ كانّ كايلّ يجلسّ محتّضنا يدّها بينّ أنامله و مخفضّا رأسه للأسفلّ ، أكمامّ قميصّه
الأزرقّ مرفوعة بينماّ ذّراعيه مضّمدين إلى غّاية مّعصمه ،
تـذّكر كيفّ اندفعت ماريّ تـّركض نحوه محاولة إنقاذّه ، أرادتّ أن تضحيّ بنفسهاّ لكيّ ينجوا هوّ و بالّرغم من ألمهاّ حينهاّ كانتّ تّحثه
علىّ البحثّ عن نايتّ بلّ و تناديّ بّأنينّ محاكيّ لنايّ ، أهـذاّ هو نوعّ الحبّ الذيّ تملكه فيّ قلبها ؟ ألمهاّ و لسعات النيرّان الحاّرقة لاّ
تساوي شيئّا أمامّ قّلبها الخائّف على زوجهاّ ،
انسلتّ دمعة منّ بين رموشهّ و أسند رأسه بّكل إرهاق على ركبّته ، ما نوعّ الحبّ الذيّ تكنه له إليزابيثّ ؟ لماّ لم يسبقّ لها و أنّ
حاولتّ تضحية بشيء من أجله ؟ لماذاّ نفذّ كل ما تطّلبه بينماّ هيّ خانته رفقة إبن عمته ؟ لقدّ تخلى عن عائلته لأجلها و حاول قتل نايت
لأجلها فلماذا تجازيه بتحطيم قّلبه هكذا ؟
تنهدّ و ابتسـمّ بكل مرحّ عندماّ استيقظت إليزابيثّ فّنـظرت منّ حولهاّ لتستقرّ عينيهاّ أخيرّا على زوجـّها الجالسّ بجاّنبها ثمّ تحدثتّ بنبرة قّلقة
ـ أينّ هو نايت ؟
اختفتّ الابتسامةّ من وجّهه و ظهرّ البرود على ملامحّه لمّا لم تسأله عنّ حاله أولاّ ؟ ألمّ تلمح إصّاباته ؟ أو لنّ تسأل عن كيفّية نجاته ؟
بالطبّع هي لن تفعلّ ، فأفلت يدّها بّهدوء و وقفّ لّيجيبهاّ بّغيضّ مكتوم
ـ إنهّ معّ ماري ، فقدّ تعرضت هيّ الأخرى لإصّابات خطيرة
نـظرتّ إليه بّهدوء لتعودّ إلىّ النوم مجدداّ مستديرة إلىّ الجّهة الآخرى ، بينماّ كان هناك سّؤال واحدّ يّدور فيّ ذهن كايّل ، ما الذيّ تحاولين
فعله يّا إليزابيثّ ؟ ّرمقها كايّل بّقليل من الشكّ ، إليزابيثّ تكره ماريّ لكنّ لن تفعل شيئّا لها دون أن تخبره ؟ و هلّ أخبرته أيضّا
بّعلاقتها السريّة مع ابن عمته ؟ احتقنت وجنتيه باللون الأحمر القاني من الغيض بينماّ كان يمسك أعصابه بشدةّ ، حينما استدارت إليزابيث
ناحيته ، أشارت له أن يقترب ففعل لّتقبله بكل رقة هامسة
ـ عـزيزيّ أنا متعبة الآن فّهلا جلست بجانبيّ ؟ وجودكّ دوما ما يجعلني أشعر بالراحة
ابتسمّ لهاّ بكلّ هدوء و عـّاد يجلس فيّ مكانه محكماّ القبضّ على يدّها ، لتغلقّ عينيهاّ بّراحة و تغّرق فيّ النوم ،
إنه لا يفهم أبدا تّصرفاتها أو حتى ما الذي تحاول فعله لكن لأجلها سّيفعل المستحيلّ ، لنّ يتخلى عنهاّ أبدا

/

بّعد مـّرور يّومين علّى تلكّ الحادّثة التيّ غزتّ صّحف لندنّ ، و تصّدرت أخبارّ العّالم كـّانت هذّه لحـظّة وصّولهمّا فابتعدّ الحرّس عنّ
البّاب مفسحينّ لهماّ المجاّل بالعـّبور فّأسرعتّ فلورّ و ركضّت إلى حيثّما كانتّ ماريّ نائـّمة ، وسطّ تلكّ الغـّرفة فيّ سّريرّ ذوّ غطّاء ناعمّ
حريريّ ترتديّ فستاناّ ورديّا يصّل إلىّ ركبّتيها بينماّ قدّميها مضّمدتينّ فّجلّست بجاّنبها و أمسكّت بأناملهاّ ، بالرغمّ منّ مرضّها إلاّ أنّ
هالّة البّراءة منّ حولهاّ لمّ تختفيّ ،
تنهدّ ويّليامّ بقلة حيّلة ثمّ اقتربّ ليجلسّ بجاّنبها ، ما الذيّ سّتكون ردّة فعلهاّ إنّ علمتّ أنهاّ لن تستطيّع السيّر بّعد الآن ؟ هل ستتقّبل ذلك ؟
و ماذاّ عنّ العّلاقة التيّ بين نايت و إليزابيثّ ؟ هل هي تعلمّ بشأنها ؟ أمسكّ رّأسه بّغيضّ مفكراّ، ما الذيّ حدثّ خلال فترة ذهابه إلى استراليّا ؟
كيفّ سـاءت الأمور إلى هذاّ الحدّ ؟ وقفّ و إتجه إلى فرانسواّ ثمّ تحدثّ بنبرة هامسةّ
ـ ما الذيّ حدثّ خلال فترة غّيابيّ فرانسوا ؟
لمّ يّعلمّ فرانسواّ أيّ جوابّ ويّليام يريدّه فحتى هوّ لا يّعلمّ شيئّا ، لذلّك هز كتفيه بّعدم قّدرة على الشّرح فّزفرّ ويليام بّكل غيضّ و قّرر أنّ
يسأل نايتّ بالرغمّ من أنه لن يجيّبه لكنّ المحاولة أفّضل من لاشيءّ فأتجه إلى الخـّارج عندّما لمحّه قّادمّا بخطّواته الكّسولة حاملا بينّ
يدّيه بمّلفّ ماّ تّّوقف عن السيرّ حالماّ رأى ويليامّ و كادّ أن يّعود أدراجّه لولاّ أن الأخيرّ سّارعّ بالإمساكّ به منّ ذّراعه ، قّال بّحدة
ـ أنـّا أريدّ تفسيرّا و حاّلا ،
زفّر نايتّ بحدةّ و نزعّ يدّ ويليّام بّكل عصّبية ، سّار بّخطّوات سّريعة نحوّ المصّعد لكنّ ويليامّ كاّن لاّ يّقل عناداّ عنه فّقد وقفّ أمامّه مجدداّ
و علاماّت التصميمّ واضحة عليهّ فّرمقه نايتّ بّغضبّ و تحدثّ بنبرته المبحوحّة البّاردّة
ـ لّست مجّبراّ على تفّسير أفّعاليّ لكّ ،
ـ ربماّ لستّ مجبّرا لتفسّير أفّعالكّ إلّى ويّليامّ لكنّ بالنسّبة لّلغيرّ فأنتّ مجبّر ، كّتّفسيرّ قّبلتكّ العـّاطفية نحوّ إليزابيثّ ، زوجتيّ إنّ كنت لا تعّلم
تّواجّه الثّلاثةّ ، كاّيلّ يّستندّ على الجّدار الذيّ خلّفه و يّلعبّ بهاتفهّ بكلّ لا مبّالاة ظاّهرية فقطّ بينماّ نايتّ يمسكّ بالملفّ و مستعدّ لمغـّادرة أماّ
ويّليام فّكان يّقف بّعدم فهمّ لما يحدثّ من حوله فّكيفّ لنايت أّن يقّبل إليزابيثّ و هل هو فـّعلا فّعل ذلّك أم أن هذاّ من اختلاق كاّيل ؟ و ماذاّ
عن نايتّ لماّ لا يدّافع عن نفسه ؟ لكنّ بّعلمه لشخصّية نايّت فهوّ لن يّتفوه بّكلمة بّل سّيتجاّهله و هـاّهيّ تصدقّ أفكاّر ويّليام إذّ أنّ نايتّ
تجّاهلهماّ ليّضغطّ على زرّ المصّعد كأنّ كلامّ كايلّ لمّ يؤثر فيهّ قيدّ أنمله أوّ بكل بّساطة لّأنه لا يهتمّ ، حيّنهاّ لمّ يستطعّ كاّيل أن يتمالكّ أعّصابه
أكثّر منّ ذلك مّفاجأ إياهّ بلكـّمة قوية مستهدّفا صدّره فّتأوه بألمّ لّيستندّ على الحائطّ ، سددّ لكمةّ أخرى إلى معدّته و هو يتنفسّ بّصعوبة
فتحدثّ من بينّ كلّماته
ـ أنـّا لّن أسـّامحكّ أبداّ يـّا نايتّ ، أتسمعنيّ ؟ أنـّا لّا و لنّ أبداّ أسامحكّ مهماّ حيت و منّ الآن فصّاعدا اعتبرني مشتركّا فيّ اللعبة سوفّ
بكل تأكيدّ آخذّ شركة لبيّر حتى لو كانت كالملعقة بين يديكّ
ضّرب الجـّدار الذيّ خلفه بينماّ ملامحّ نايت لمّ تتغّير قطّ كأنه لمّ يسمعهّ ، بّل بدى بالأحرى غيّر مباّليّا لماّ قاله كما لو كأنه واثّق من فوزه
لّيثيرّ نيرانّ مسّعورة و موقدّة فيّ قلبّ كايّل فّابتسمّ بّقهر و تكلم بنبرته الحادّة
ـ أجلّ لطاّلما كنتّ تأخذّ أشّياء الغيّر و ما الذيّ أتوقعه أكثّر منّ طّفل غيّر شّرعي ؟
ابتسمّ نايت بّسخرية ثمّ تـّقدم منه و ضّربه بّقوة على معـدتّه ليتـأوه كاّيل إذّ أنه لمّ يتوقع منه القّيام بأيّة حركة مقاومة كعادته، أمسكّ به
من خصّره بينما كايّل منحنيّ ليّقول نايتّ بنبرةّ حادةّ حاقّدة و ذاتّ لسّعة حاّرقة
ـ أنتّ أكثّر شخصّ يعرفني كايّل و يعرفّ ما الذيّ أنا قّادر على فعله للوصول إلى هدفيّ ، تّعلم بماّضي
و بّكل جنونيّ فّهل فعلا تريدّ منافستي ؟
نـظرّ إليهّما ويّليامّ بّعدم استيعاب ، ألمّ يكنّ كايّل قد أخذّ منصّب الشّركة سّابقّا على محملّ الجدّ ؟ أيضّا كيفّ له أنّ ينبشّ أحداّثاّ
قدّيمة عّالماّ بمدى تأثيرّ وقعها علىّ مسّامع نايت ؟ فّتدّخل مبّعداّ الاثنين عنّ بعضهماّ البعضّ و هو يّقولّ بّغيضّ
ـ ماّ الذيّ تحّاولانّ فعله بحقّ الله ؟ ما الذيّ يحدثّ هنا ؟ ماّ الأمرّ ؟ أنا لم أعد أفهم شيئا
دّفعه كاّيلّ بّكل قّوة لّيسقطّ ويّليام أرضّا فّاقداّ توازنه ثمّ استمّر بّضربه بينما نايتّ بادره بالمثل و قدّ سئم منّ تراجعه ، صّاح كّايل بّحدة
ـ أيهاّ السّافل ،
بينما قام نايت بمسح الدمّ من طرفّ فمه و هو يبتسم بسخرية مستهزئا منهّ فّثار غّضب كايل و كاد أن يتشاجرا مجددا لولا إمساكه
المتأخرّ لأعّصابه الثّائرةّ ، لقدّ قام بتقبيل زوجته و سمعّ بإعتراف حبها الذيّ حتى هو لم يسبق لها و ان اعترفت بمشاعرها له فّهل
يّجرؤ على البقاء ساكنا دون فعل شيء ؟ زفرّ بّعصبية و قّالّ بحدةّ
ـ كيّف تجرؤ نايتّ ؟
نـظرّ إليه نايتّ بحدّة ثمّ دّفعه بّقوة على الجـّدار الذيّ خّلفهم ، سّدد لكّمة إلّى معدّته و لكمّة أخرىّ لّيصيحّ به بنّبرة غـّاضبة حـّاقدة
و ذاّت رنينّ غّريبّ
ـ كيّف أجرؤ ؟ أتسـألنيّ كيّف أجرؤ ؟ ماذاّ عنك ؟ عندّما كّانتّ إليزابيثّ ملكّا ليّ ألمّ تأخذّها من بيّن ذّراعايّ ؟ ألمّ تّخونانيّ معّا فيّ
غرفتكّ أيهاّ السافّل ؟ أتتوقّع منيّ أن أتّعامل معكّ بّإخلاصّ بعدّ هذاّ ؟ أخبرنيّ ؟
صمّت كاّيل و قدّ شحبّ وجّهه، ثمّ عمّ سكونّ غّريبّ فيّ الـّرواقّ عندّما داهمتّ الذّكرياتّ ثّلاثتهم ، عّلاه صوتّ تّصفيقّ حّار ليلتفتّ
الثّلاثة إلّى فلوراّ التيّ كانتّ تّرمقهمّ بسخريّة واضحّة ، غّريبّ كيفّ أنّ الثّلاثة يتشاجّرون حولّ إليزابيثّ بينماّ ماريّ التي فقدّت قّدرتها
على السّير ليستّ محضّ اهتمامهم و لا حتىّ لّثانية ، اقتربتّ منهمّ ثمّ قدّمت شيكاّ عّليه مبّلغ الـ 500 مّليون دّولار و وضّعته فيّ جيبّ
سّترة نايتّ لتّقول بّاستهزاءّ
ـ هـذاّ هو مّالّك و لمّ تّأخذّ منه ماريّ قطّعة نقدّية واحدّة فأسترجعه لأننيّ سأسترجّع أختيّ بدوريّ ، فأنتّ لا تستحقّ و لنّ تستحقّ
وجودّها بجّانبكّ
سقطّتّ ذّراعايّ كاّيل جاّنبا مستّغربّا منّ موضوعّ المـّال ثمّ انسحبّ بكلّ بّهدوء لا رّغبة لهّ بسمّاع المزيدّ من هذّه الترهات قدّ فقدّ قّدرته
علىّ القّتالّ أكثرّ ، بينماّ و لأولّ مرة عّلتّ ملامحّ نايتّ الصدّمة ، ماريّ لمّ تستعملّ الماّل ؟ قـّال بّحدةّ
ـ لاّ تمزحيّ معيّ فّماريّ استعملّت المالّ منّ أجلّ تسدّيد ديونّ والدّكمّا
ابتسمّت فلورّ بّكل سخريةّ ، لقدّ فّضلت التضحيّة بّنفسهاّ من أجلّها هيّ لكيّ لا تضطرّ لزواجّ من آرثّر ، تنهدتّ و نـظرتّ إليهّ كاّن
وجّهه شّاحباّ كعّادته و عينيهّ حاّدتين بشكلّ خطيّر بينماّ هناكّ دماءّ علىّ شفتيهّ إنه هوّ منّ أرادّت ماّري إكمالّ حيّاتهاّ معه و بالرغم
من علمها التام بّرفضّ ماريّ البوح بّسرها إلا أنها أجابته بنبرة باردة ساخرة
ـ لمّ يسّتعمل والدّي النقودّ لأنه لمّ يكن هناكّ داعيّ لمسألة الدّيون كانتّ وهميةّ من أجلّ ضّمان مسّتقّبلناّ قّبل أنّ يتوفىّ ، و لمّ تردّ ماريّ
أن تّعيدّ لكّ المالّ لأنهاّ تّعلمّ أنهاّ إذّا أعـّادتهاّ لكّ فهذا يّعني نهايةّ علاقتهاّ بكّ لذّلك طلّبت منيّ الإحتفاظّ بهاّ ريثماّ تحاولّ هي كسّب قّلبك ،
علىّ كلّ حالّ هذاّ ليسّ مهماّ بعدّ الآن لأنه من الماضّي ، سوفّ أسترجّع أختيّ و اليومّ
ثمّ ابتسمتّ بّسخريةّ شديدّة على ملامحّه المصدّومة ، الآن تستطيّع ان تهنأّ بّحيّاة سعيدّة رفقة أختهاّ و بعيداّ عنّ عّائلة لبيّر ، بعيـداّ
عن أجواّء لندّن العاّصفة سيرحّلان لكنّ نايتّ نـظرّ إليهاّ غيّر متأثّر بكّلماتهاّ ثمّ قـّال بّحدّة
ـ لّيس أنتّ من بيدّك تّقريرّ بّقاء ماريّ من رحّيلهاّ ، و مـاريّ لن تتحركّ قيدّ أنملّة من تلكّ الغّرفة فإن كنتّ تّظنينّ أنّك قّادرة
على إجتّياز عـّشرين حّارسّا فّتفضّلي ،
زمّجرت بّعصّبية و قدّ ظهرّتّ شخصّيتهاّ الناريّة فأحكمتّ القّبض على يّاقة نايتّ و قّربت وجههاّ منهّ بينماّ رمقّها هوّ بكلّ بّرود و
حدّة فيّ آن واحدّ ، فتقدمّ ويّليام منهماّ ليّفرقّ بينهماّ دّفع نايتّ جاّنبا و أمسكّ بّفلور قّائّلا بّهدوء
ـ ماّ رأيكماّ لو أنّ ماريّ تّقرر بنفسهاّ ماّ إنّ كانتّ تريدّ البقّاء أوّ رحيّل ؟ الآن دّعوناّ نؤجلّ هذاّ الحديثّ إلىّ أنّ تشفى حسناّ ، أيضّا
نايتّ لديّك الكثيرّ لتفسره فلا تّظن و لو حتىّ لثانية أننيّ نسيتّ كلماتّ كايلّ
رتبّ نايتّ سّترتهّ ثمّ غـّادر بخـطّوات واثّقة إلىّ الشّركة غيّر آبه بكلّمات فلورّ أو حتىّ رحيّل ماريّ ، كـأنه متأكدّ من بّقائهاّ فّصرختّ
فلور بّعصبية بّالغةّ و لوّ أنّ ويليامّ لم يكن يمسكّ بهاّ لّنزعتّ تلكّ اللوحّة الثمينةّ من مكاّنها و رمتّها علىّ نايتّ ، منّ يّظن نفسه ؟
لماذاّ هوّ واثقّ إلى هذه الدّرجة ؟

/

فيّ مكّتب واسّع فخمّ ، كاّن يترأسه ذلّك الشابّ ذو الشّعر الأسودّ الحّريريّ بينماّ و أمامهّ يقفّ شّابينّ أحدّهما يبدوا غيّر مباليا بالأمرّ
الذي استدعاه في هذه الساعة المتأخرة من الليل و بهذا الجو العاصف في حين أن الثانيّ يرتجفّ بّقوة منّ توترهّ فّتحدّث الرئيسّ بّنبرة حادّة
ـ أظنّ أنّك تّعلم لماّ قدّ طلّبت رؤيتكّ أليس كذّلك ؟
أومأ الشّاب ذوّ القلنسوة بّإرتباك و توتر فّابتسمّ الرئيسّ ليطلّب منه الاقتراب ، نفذّ الشّاب أمره فّسددّ الرئيسّ لكمّة قويةّ إلىّ فكه جّعلته
يّتأرجّح أرضّا ثمّ وقفّ و إتجه نحوه ليمسكه من ياقته ، تحدثّ من بينّ صّرير أسنانه
ـ أظننيّ أخبرتكّ و بكلّ وضوحّ أنّ تجذبّ الانتبّاه نحوكّ فكيفّ لتلكّ الفتاة أنّ تنجواّ منّ الحريقّ و منّ أنقذّها ؟
في النهايةّ لمّ يكن الرئيسّ سوّى ديميتري الذيّ يبدوا أنّ أعصابه ثّائرة فيّ حين أنّ الجريدّة مرّمية على الأرضّ بعدماّ قدّ داسّ عليهاّ ،
ترأسّ الصفحةّ صورةّ لنايتّ محتّضناّ ماريّ أمامّ قّصر فّلادميرّ فأجاّبه الشّاب بّخوف
ـ لكننيّ فّعلا قدّ تأكدتّ من أن جّميع حرسّ فرانسواّ يتبعوننيّ و جعّلت العّصابة تّقاتلهمّ ، أناّ لاّ أعلمّ من كان بّرفقة ماريّ أرجوكّ صدّقني ،
تنهدّ ديميتريّ و عادّ يّسدد لكمّة أشدّ قوة لّوجه ذلكّ الشاّب ليظهرّ وجههّ ، كانّ أشقّر الشّعر ذوّ بّشرة بيّضاء فيّ حين أن عينيه مصّابتينّ
أحدّهما تظهر تحتهاّ هالات بنفسجية اللونّ فّصرخّ به ديميتري بّكل غضّب
ـ إذن فسّر وجودّ تلكّ المرأة و منّ هي لتّنقذّها ؟ كيّف لخادمة أن تضّحي بّحياتهّا منّ أجلّ نكرة ؟ أريدّ أن تجلبّ ليّ إسمّ المرأة
و من تكونّ و هل هيّ تعمّل كّحارسة شخصّية لماريّ ، أريدّ أنّ أعرفّ ما الذيّ حدثّ لماريّ و كيّف هي إصابتهاّ ، أظنكّ قّلت أنكّ سّتزحّف
على صدرّك للإنتقام منّ نايت لكن كل ما أراكّ تفعله هو فّشل وراءّ فشّل
زفرّ الشّاب الأخرّ و تقدّم ليفكّ قّبضة ديميتريّ منّ ذلكّ الرجلّ و وقفّ بينهمّا ، كانّ هذّا الشّاب ذو شّعر فّضيّ يّضع قّرطاّ علىّ أذنه اليسّر ،
يّرتديّ ثّيابّ الحفّلات الصّاخبة فتحدّث بنبرة منزعجّة
ـ ماّ الذيّ تريدّه أنّ يّفعله ديميتري ؟ لقدّ نفذّ أوامركّ بحّوافرهاّ و ألمّ تكنّ أنت مّراقّبا لماّ يحدثّ بداّخل الحّفلة ؟ فكيفّ إذن قدّ أهملت هذّه المرأة ؟
حسناّ جاّيسون إرحلّ سّوف أهتمّ أناّ بهذاّ الأمرّ
فّوقف جاّيسون بّرعب و ركضّ مسّرعا منّ المكتّب ليّتنهدّ ديميتريّ بّغيضّ و يّعود للجّلوس بّمكانهّ مقّطبا ّ، يبدوا أنّ أوسكاّر محقّ فيّما قّاله
فّزفرّ بّكل حقدّ قّائلاّ
ـ لنّ أدعّ هذاّ يمرّ بّسّلام ، أوسكاّر أريدّ أنّ أعّرف عنّ حالتهاّ
اقتربّ منه أوسكاّر و وضّع هاتفهّ أمامّ عينيّ ديميتريّ الحادّتين لينظرّ إلىّ صورة ماريّ مستلقّية علىّ سّريرّ بينماّ الأجّهزة
تحيطّ بهاّ فيّ حينّ كانّت هناكّ ملاحّظة عنّ عشرينّ حارسّا يّلفّ حولّ الغّرفة بّعضهم مخفيّ فّقال ديميتريّ بّبرود
ـ ما الأمرّ مع هذّا الرجلّ ؟ عّشرين حارسّا ؟ ألاّ يبدوا مصّابا بالارتياب نوعّا ما ؟
رمّقه أوسكاّر بّقليلّ من السخّرية ، لقدّ حاّول قّتلّ زوجّته ألنّ يكون عشرينّ شخصّا يّحرسها عدّدا قّليلا ؟ جلّس علىّ الأريكّة
ليستلقيّ بعدّها بّلحظاّت محاّولا أنّ يأخذّ غّفوة قصّيرة عندّما عادّ ديميتريّ لتحدثّ بّنبرة خّبيثة
ـ ماّ رأيكّ لو أننّا نزيدّ منّ الجّرعة هذّه المرةّ أوسكاّر ؟ لديّ عدةّ أفكارّ لم أنفذّها
أشّار لهّ أوسكارّ بّعدمّ اهتمامّ أنّ يّفعلّ ما يشّاءّ فّابتسمّ ديميتريّ و قدّ بدأتّ عدةّ خططّ تّنسّاب إلّى عّقله ، هوّ لنّ يدّع نايتّ ينجواّ بّلا ألمّ ..
سوفّ يّقتله ببطّء مشّبع ببرودّ حتىّ يّركع أمامهّ سوفّ يردّ لها الصّاع صّاعينّ ، ابتسمّ بّبرود هامسّا
ـ إمـّا أنتّ أو أنـّا ، أحدّنا فقطّ سّيبقى فيّ هذاّ العّالم نايتّ

آنتهـّى




 

رد مع اقتباس
قديم 03-10-2020, 12:53 AM   #49
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي





الشـآبترّ الـ 25

أيتهـّا الغـّالية لقدّ حـّان وقتّ الـّرحيـّل

خلفّ سّحب لندّن الداّكنة و جّوهاّ الممطـّر عندّما دّوى صّوت الرّعد شّاقّا طّريقّه بينّ السماءّ و تسّاقطتّ الثّلوجّ
بّغزارةّ معّرقلةّ الطّرقّات حيّن دّخل نايتّ منّ بّوابةّ القّصرّ راكناّ سّيارتهّ أمامّ المدّخلّ ثمّ خرجّ بّهدوءّ و بخـّطواتّ
كّسولة اتجّه إلىّ جّناحّه فيّ الطـّابقّ الثّانيّ عبّر المصّعدّ ، بّعدّ دّقائّق كاّن يّغلّق البّاب خّلفه ، رمّى سترتهّ علىّ الأريكّة
السوداّء و سحّب قّميصّا أزرقّ اللونّ داكنّ ليّرتديّه تّاركاّ أزراّره العّلوية مّفتوحّة ،
وجّه عينيهّ الحادّتين إلّى ماريّ الممدّدّة بّلا حرّكة فّلم تستيقّظ منذّ ماّ يّقاربّ يومينّ ، منذّ ماّ أنّ أحقنتهاّ الممرّضة بالإبّرة
المخدّرة و كمّ أنبهاّ الطّبيبّ على فعلهاّ المتّسرع فّلاّ يجدرّ أبداّ تخديرّ شخصّ استيقّظ توهّ منّ غيبوبةّ قدّ تكونّ دائمّة ، أشّار
بيدّه فّشّغل تلّفازّ لتظهرّ قناّة الأخبّار كانّ موضوّع حديّثهاّ هذّه المرّة هوّ كميّة الثّلوجّ الغّزيرة ثمّ سّارّ إلىّ تلكّ الثلاجّة الصّغيرة
و أخرجّ علبّة صّغيرة فتّحها ليرتّشف القّليلّ منّ شّرابّ
فتحّ حّاسوبهّ المحّمول و إتجّه إلىّ الأريكـّة لّيرميّ قميصّه و سترتهّ أرضّا مفّسحاّ المكانّ لجّلوسه ، فأخذّ يّفتحّ عدّة ملّفاتّ كلهاّ
منحّنيات تظهرّ نسبّة تصديّر الشّركة و الأسهمّ أيضّا كماّ أنه قّام بّنسخّ العقودّ التيّ من المفترضّ الموافقّة عليهاّ الشهرّ القادّم
كيّ يّدققّ النظرّ فيّ بياناتهاّ و يّحرصّ البحثّ فيّ خلفيّات الشّركاتّ كيّ لاّ تعادّ حادثّة شركةّ جونسونّ مجدداّ
تّوقفت أنامله عنّ الضغطّ علىّ أزرار لوحّة المفاتيحّ لوهلة من الزمنّ عندّما صدرّ صّوت رنينّ من جهازهّ ففتحّ نافذةّ ماّ ليّعلوهاّ
صّورة قّديمة ماّ ، كاّنت لّرجل ماّ في نهاية العشرينيات يبّتسمّ بكلّ ثّقة و غـّرور نـّاحية الكّاميرا كتبّ أسّفله بّخط أسودّ واضّح ،
بداّية الانتقام فّزفر نايت بكلّ كره منتقّدا تصّرفات ديميتريّ الحقودةّ و أكملّ عّمله متجّاهلا الإنذاّر الذيّ وصّله ، يبدواّ غيرّ مباليّا
أبداّ بّكون هذاّ الشّاب يهددهّ
بّعد مرورّ سّاعتينّ إزداد جّوّ لندّن بّرودة مرّافقةّ بّثّلوجّ غّزيرةّ و رّعد غيّر عاديّ ، قدّ كانّ نايتّ مركزاّ فيّ قّراءة المنحّنياتّ
و تحّليلهاّ عندّما دّوى صّراخّ ماريّ فّوجّه نظرّ بّسرعة ناّحيتهاّ ،
كـّانتّ تّصرخّ بّهستيّرية و هيّ تحـّاول الوقوفّ و كلمّة واحدّة قّد رفّضت أنّ تتركّ لسانهاّ إنهاّ النيّران و هي تلتهمّ كلّ شيءّ من
حولهاّ بداّية بّستائرّ إلىّ الخدّم و همّ يصّرخونّ بّألمّ رّعباّ و خوفّا منّ الموتّ ،
فّتقدّم مسّرعا إليهاّ و أمسكّها منّ ذّراعيها مثّبتا إيّاها قّبل أنّ تسقطّ منّ السّريرّ لكنّ و بقوةّ دّفعته جاّنبا علّى صدّره فتأوهّ بألمّ
لتتاحّ الفرّصة لهاّ ، استداّرت و سقطّّت علّى الأرضّ حـّاولت الحراكّ لكن قدّميها لمّ يّسعفانهاّ ، حـّاولت الصّراخ لكنّ ريّقها جاّف
و أرادتّ النظرّ لكنّها لمّ ترى سوىّ النيرانّ تلتهمّ الأخضّر و اليّابسّ من حولهاّ فّوضّعت يدّيها علىّ أذّنيها و أخذتّ تّصيحّ بصوتّ
خافتّ تأنّ له الّقلوب ،
نـظرّ إليهاّ نايتّ بعدمّ تّصديقّ ، كانتّ ماريّ مختلفة تماماّ ضّعيفة جداّ لدّرجة الهشاّشة أهذاّ كلّه صّنع تلكّ الحفّلة ؟ لمّ يدريّ تماماّ
ما الذيّ سيّفيد فيّ هذه الحاّلة فّبّخطّواتّ مترددةّ اقتربّ منهاّ و لفّ ذّراعيه حولهاّ ، لتسندّ رأسهاّ علىّ صدره ثمّ تحدثّ بنبرة خاّفتة مبحوحةّ
ـ ماريّ ،
شهقتّ و نـظرّت إليهّ فانقشع غّشاءّ النيرانّ منّ بينّ جّفونهاّ لتتساقطّ دموعهاّ الحاّرقة على وجّنتيهاّ أخيـّرا استطاعتّ أن تجّده ،
فّلفتّ هيّ الآخرى ذّراعيها حولّ رقّبته متمسكةّ بشدةّ به ، كاّنت تّشهقّ باستمرار غيرّ مصدّقة لكونه سّالما بّخيرّ ،
صّاحت به بنبرة بّاكية
ـ يّا إلهي ، لقدّ كانّ كاّبوساّ مروعّا ، كنتّ أبحثّ عنكّ فيّ كل مكان و لم أستطّع أنّ أجدّك .. أناّ شّاكرة نايتّ ، أنـّا شّاكرة
لمّ يتحدثّ بّل اكتفى بالصمتّ فقطّ و ماّ العذرّ الذيّ قدّ يجدّه ؟ عندّما تداّركتّ نفسهاّ ابتعدتّ عنه بّمسافة كاّفية ، أخفضت رأسهاّ للأسّفل
و قامتّ بمسحّ دموعهاّ بّكل إحراجّ ثمّ عادتّ تنظرّ إليه بعينيهاّ الواسعتينّ و أمسكتّ بيدّيه فّعلت شفتيهاّ ابتسامةّ بالرغمّ من مقاومتهاّ
لدموعهاّ إلاّ أنها عادتّ تتخطّ وجنتيهاّ خطاّ لرحلتهاّ فّتحدثتّ مجدداّ بّنبرة متحشرجة
ـ هذاّ يبدّوا غّريباّ ،
رفّعت يدّيها لمستوى عّينيهاّ تنـظرّ إليهماّ بّكل تعجبّ كاّنتا ملفوفتينّ بّضّماداتّ كذّلك قدّميهاّ، حّاولت تّحريكهماّ لكنّ كأنهماّ لم تّعدا جّزءا
من جسّدها فّشحبّ وجههاّ بأكمله، كيفّ نست ذّلك ؟ لقدّ أرداتّ أن تنقذّ كايلّ بشدةّ فّدفعت نفسها أمام ذلك البابّ الفولاذي ليسقطّ عليهاّ ،
أرادتّ أنّ تجدّ نايتّ بّكل ما تّملكه منّ إرادة لكنّها لمّ تجدّه ، فّتحدثّ نايتّ بّهدوء عندّما لاحظّ ملامحّ الصدّمة التيّ غزتّ كل ركنّ بهاّ
ـ ماريّ ، هلّ تتذّكرين آخرّ ماّ فعلته ؟
بالطبّع تتذّكر و كيفّ لها أن تّنسى بينماّ كلّ شيء يمرّ أمامهاّ كّمنبه حيّ لألمهاّ ؟ يّعيدّ الحزنّ لقّلبها كلما حاّولت تناسيهّ ، صمتتّ لّمدةّ طّويلة
قّاومتّ فيهاّ رّغبتها الشديدّة بالصّراخ ، أرداتّ أنّ تلومه على تّركهاّ ، أنّ تلومه علىّ حبّه لّغيرهاّ لكنّها و لأنهاّ ماريّ فّلم تستطعّ فعّل ذلكّ ،
فاكتفت شفتيهاّ بّصمتّ مطّبق محكمّ بينماّ تهاوتّ الدّموع منّ رموشهاّ الطّويلة إلىّ أسّفلّ خدّها ، أومأتّ بالإيجابّ ثمّ نـظرتّ إليه بّعينين
فّارغتينّ تّعكسان مدىّ عمقّ جّرحهاّ ، تحدثتّ بنبرة مبحوحةّ فيّ حين لاّ زالت تذّرف دموعاّ
ـ أخبرنيّ نايتّ ، إن سألتك بالرفقّ على قلبيّ فهلا فعلتّ ؟
استغّرب كلّماتهاّ و رمقّها بنظرّة تّوحي بّمدى عدمّ فهمه جملتهاّ هذه فهلّ صدّمتهاّ فّعدم قدّرتها لسيّر جّعلتها تتفوهّ بكّلمات لاّ معنى لهاّ ؟
غيرّ أنهاّ اقتربتّ منه مجدداّ ثمّ لفّت ذّراعيهاّ حول رّقبته و وضعتّ دقّات قّلبها المسرعةّ بجاّنب أذّنه تماماّ ، ثمّ همستّ بّكل صدقّ
ـ إرفقّ عليه نايتّ ،
حينّ فتحّ بابّ الجـّناح لّيدخلّ كّل منّ كايلّ و إليّزابيثّ بّرفقتهماّ فرانسواّ الذيّ يبدّوا معاّرضاّ لتواجدّهما فيّ هذه اللحـّظة لكنهّ تّركهماّ
يدّخلانّ بّغيرّ رضي ، فّإتجّه الثّلاثة إلّى حيّثماّ كان نايتّ و ماريّ جالسّان لتّتحدثّ إليزابيثّ بّنبرة غّامضة
ـ ماّ الأمرّ ؟ لقدّ سمّعنا صّراخ ماريّ منّ آخر الطاّبق و آتيناّ لتفقدّ الأمرّ ، ماذاّ بهاّ ؟ هلّ علمتّ أنهاّ فقدتّ قّدرتها على السيّر بعدّ ؟
زفرّ كايلّ بكلّ حدةّ و نـظّر إليهاّ بّغضبّ منّ نبرتهاّ المستهزئة و الملّيئة بّشتى أنواعّ الاستمتاعّ كأنّ لذّتها الوحيدةّ تكمنّ فيّ تعاّسة
غيّرهاّ فّتقدّم هو ناحيّة ماريّ التيّ قدّ تركتّ نايتّ لتوهاّ ، ابتسمتّ بّهدوء إلىّ كايلّ الذيّ يّبدوا خاّئفّا من ردّة فعلهاّ
و أجاّبت إليّزابيثّ بّضحكة
ـ أجلّ ، أعلمّ إنهّ ليسّ مخيفاّ حقاّ عدمّ السيرّ فّسوف يتسنى ليّ الجلوسّ فيّ كرسيّ متحرك طّوال الوقتّ و التكاسلّ ،
تنهدّ كايلّ بّراحة ، كاّن خاّئفاّ من نّدمها علىّ إنقاذّه و منّ دّفعها ثّمن سّيرهاّ لّحياتهّ لكنهاّ بدتّ متقبلةّ الأمرّ بّصدر رحبّ كأنّ ذلك الوحشّ
الذيّ استيقظ فيّ المستشفى لمّ يوجدّ قطّ ، أمّ هيّ ربماّ تكبحّ رغّبتها فيّ الصّراخ ؟ لمّ يستطعّ فّهمّها فّوجه حديثّه ذّو صوتّ الباّرد ناحيّة نايتّ
ـ هلّ زوجتكّ بّخيرّ ؟
عندّما لمّ يجدّ ردّا من نايتّ ظنّ كعّادته أنهّ يتجاهلهّ فّوضعّ يدّه على كتفّ نايتّ ليجعله يواجّهه لماّ لمحّ شّحوب ملامحّه مصّدوما غيرّ قّادر
على الرّد ، عيّنين بّاهتتينّ قدّ حّجب رؤيتهماّ شعره الّأسود الكثيفّ الذيّ غزى جبّهته فّحملّ ماريّ بّكل هدوء و جّعلها تستلقي على السّريرّ
ليّقومّ بوضع الغطاّء الدافئ فّوقها ، نـظرّ إليهاّ لمدّة ثمّ قّال بّكل برودّ
ـ تّوقفيّ عنّ هذه التصّرفات المجنونةّ ماريّ ، فـرانسواّ دّلهم علىّ المخرجّ أيضاّ قمّ بإرسالّ سوزي للإشّراف على حاّلتها ،
ثمّ رفعّ معطفّه لّيرتديه مسّرعاّ و بخـطّوات خافتّة تّضاهي ريّاح فيّ سكونهاّ غاّدر ، بينماّ بقيّ كايلّ واقفّا مكانهّ يحدقّ به بكلّ دّهشة فّقد
تّرك زوجته التيّ أدركتّ تواّ أنهاّ فقدّت أهم شيءّ بحّياتها لوحدّها و التيّ استيقظت توهاّ من الغّيبوبة لوحدّها لاّ بلّ لم يكتفيّ بّذلك بّل حتىّ
قام بّتأنيبهاّ ، لماذاّ بّمرور الأيّام يّدرك أكثرّ فأكثرّ أنّ وجودّ ماريّ بجاّنب نايتّ ليس سوى محضّ تّنويه عنّ مخططّاته بينماّ المسكينة الآخيرة
تّجاريه ، فّأمسك بذّراع إليزابيثّ و سحّبها خاّرجا قبلّ أنّ يقوم فرانسوا بّطردّهما
هذاّ هو نوعّ الرجالّ الذيّ تحبّه إليزابيثّ ؟ كيفّ أمكنهاّ أن تتّركه من أجلّ رجلّ إنّ صح القّول فّربماّ آلة مثّله ، لاّ يتألم لا يحزنّ و لا يباليّ
بالناسّ الذينّ يّبذّلون جهدّهم من حوله لمجاّراته فقطّ ، فّعقدّ حاجبّيه بّحقد و قدّ زادّ تّصميمه علىّ تحطيم نايتّ أكثرّ ، شخصّ مثّله لا يستحقّ الحيّاة

/

فيّ المسّاء بّقّصر لبيرّ مصّدر الرئيسيّ لّشائعاتّ المجّنونةّ التيّ تّعم الدّولة بأسّرهاّ و الآنّ بّعد أنّ تمّ نشّر فيّ الصّفحة الأولى كالعّادة خبرّ آخرّ
و هـذّه المّرة كانّ كاّسحاّ و مّدمرا ، سندّريلا البريئةّ تخدّع رجّل الأعمالّ الشهيرّ نايت لبيرّ من أجلّ الحّصول على 500 مّّليون دّولار و ذّلك
بّخلقّ ديونّ زائّفة ، ارتجفتّ أناملّ فّرانسوا بّكل رهبةّ و قدّ أعلّن ديميتري هجومهّ الثانيّ فبخطّوات سّريعة إتجّه إلىّ مكتبّ نايتّ لّيّدخله بّدون
استئذان صائحاّ بّقلق
ـ سيديّ هناكّ أخبار سيئةّ علىّ الصفحاتّ الأولى بجريدة تايمز
لكّنه تّوقف بّصدمة عندّما أمعنّ بالّغرفة ، مكتبّ نايتّ قلبّ رأسّا علىّ عقبّ بينما تناثّرت ملّفات العملّ فيّ كل زاويةّ أمّا نايتّ فكانّ يجلسّ علىّ
الأريكةّ ممسكاّ بّفنجانّ قهوةّ يرتشفّ القليلّ منه بكلّ برودّ ، شّفتيه مليّئة بالدماءّ لحـظةّ دخول فرانسواّ نـظرّ نايتّ بعينينّ حـّادتين باّردتين ناّحيته
، أجـآبه بتململ
ـ أعّلم
تّلعثم فرانسوا محاولا إيجادّ كلمة مّناسبة لّيصفّ مدى هول هذاّ الأمرّ فلم يّسبقّ لنايت أبداّ أنّ فقدّ أعّصابه ، فكيفّ له أنّ يدمرّ مكتبه بأكمله
و يّجلسّ بكل هدوء مرتشفاّ القّهوة حتىّ بعد علمه بهجوم ديميتري الثاّني ، تحدثّ فرانسوا بّتردد
ـ سيديّ ، ما الذيّ حدثّ ؟
عندّما خـّرج ويّليام منّ الحمامّ يّمسحّ قّبضته بّالمنشفة ذّو ملامحّ جامدّة علتّه ، جّلس علىّ الأريكة هو الآخرّ واضّعا قدّما علىّ الأخرى بينماّ
يدّه على ظهرّ الأريكة من الخلفّ ، عينيه حادّتين و شديدّتا الغّضب ، فابتسمّ فرانسوا بّسخرية إذّن فقدّ ثارت أعّصاب الحمل الوديع ذّو
الابتسامةّ الدائمةّ ، ليتحدثّ ويليامّ بلهجةّ مهددةّ
ـ يستحسنّ بكّ أنّ تّخبرنيّ الآن و دونّ تّلاعبّ بالألفاظّ من فّضلك ،
صمت نايتّ للحظاتّ مّمررا أنامله علىّ شفتيه لّيقوم بّمسحّ الدماءّ ، دوماّ ماّ يفقدّ الآخرين أعّصابهم فيّ وجهه و لنّ يشفى غليلهم إلاّ بّتسديدّ
لكمة مباشّرة لفمه فباتّ يتساءل بسخريةّ ياّ ترى هل السببّ يّعودّ لأن كّلماتّه مواسية آكثرّ من اللازمّ و المطّلوب ؟ أجابه نايت بحدة
ـ آلا تّرى أنكّ تّخطيت حـّدودكّ ويّليام ؟ لقدّ سمحتّ لكّ بّفعل ما تّشاء بالغّرفة فقطّ لأنكّ صديقيّ و جـّعلتك تّلكمني دونّ مبالاة لكنّ أنّ تّضع أنفكّ
وسطّ شؤوني فّهذا ماّ لاّ أقبله أبداّ ،
أخفضّ ويّليام رأسه للأرضّ متمالكاّ نفسّه فّرؤية وجّه نايت هذه الأيامّ أصبحتّ مشقةّ بّالغة الصّعوبة عليه ، كأنه لمّ يعدّ نايت الذيّ يّعرفه
لقدّ ظن أن بمقّابلته لماريّ سيتغيرّ و يصّبح إنساّنا مجددا يستطيعّ أن يثقّ بالغيرّ و أنّ يحب لكنه إزدادّ فيّ طّغيانه ، غيرّ مهتمّ بتلك الفتاة التيّ
تقتل نفسهاّ كل يومّ فيّ محاولة عقيمة لّكسب قّلبه ، فتحدثّ ويليامّ بكره
ـ لقدّ طلبّت من مديرّ أعماليّ التحدثّ إلى رئيس مجلة تايمز لأجلّ عدم تّسريب الحدثّ و ذّلك لمّ يكن مجاناّ طّبعا لكنّه سيمنحكّ فّرصة
لأخذّ حذرك ، أجبني من هذا الذي يحاول بّشدة تحطيمك ؟ بالرغم من أنني أعلم أن الكلّ يريد قّتلك لكن أتستطيع تحديد الرجل الذي
اكتسب الجرأة لفعل هذا ؟
زفرّ نايت بّكل حدةّ رامقاّ ويليامّ بنظراتّ نارّية حاّرقة يّحذره فيهاّ من فّعله لكنه سّرعان ماّ تنهدّ بقّلة حيّلة و هو يّعلم أنّ صديّقه لنّ يقف
مكتوفّ اليدّين ملاحظاّ تّورطّه بّأحداثّ خطيّرة كهذّه ، محّاولة تخريبّ سمعة ماريّ و أيضاّ انفجاّر مكبّرات الصّوت فيّ حفلة فّلادميرّ ،
جعل ماريّ تفقد قّدرة السيرّ ليست سوى البداّية لانتقامه فتحدثّ بنبرة مبحّوحة مرتشّفا القّليل من القّهوة
ـ إنه ديميتري
شهقّ ويليام بّصدمة شديدّة و شحبّ وجّهه ، وقفّ مسّرعا ثمّ عادّ للجلّوس .. نـظرّ حوله غيرّ قّادر على تحكمّ بانفعاله ثمّ عـّاد يقفّ مجدداّ
كانّ وطأ الصّدمة شديدّا على قّلبه فّحدق بّنايت ذوّ ردة الفّعل البّاردة و قالّ بّدهشة
ـ ما الذي تقصده بّعاد ؟ ثمّ كيفّ يملكّ ديميتري معّلومات عنّ الـ 500 مليونّ دولار لاّ و حتىّ أنها مرّفقة بّوثائق رسميةّ مشابّهة للتيّ تملكهاّ ماري ؟
ابتسمّ نايتّ باستهزاء و هلّ يصعب على ديميتريّ الحصول على مثّل هذه الوثائق ؟ إنه يريدّ تدميره بّأيّ وسيلة كانتّ ، فتحدثّ نايت بنبرةّ
هادئة ذّو رنةّ غـّريبة مبحوحةّ
ـ لوّ كانّ تدميري ثمنه بّيع روحه لشيطاّن لّسارع بّبيعهاّ، هذه المرّة ياّ ويليام .. أناّ و هوّ لسناّ نلعبّ شطرنجّ بّقطعّ عـّادية وإنماّ كلّ قطـّعة تّمثل
شّخصا ماّ ،
قطبّ ويليّام حاّجبيه مستنكراّ طرّيقة تفكيرّ ديميتريّ ، لكنّه دوماّ ما كانّ هكذاّ .. ديميتريّ شابّ مغاّمر يّخاطرّ بكل شيءّ للفوزّ بكل شيءّ
أوّ يتنحى جانباّ ، هـذاّ يّفسرّ أيضّا لماّ ماريّ مستهدفة من قبله ، إنه يحاول تدمير نايت عن طريقّها بّظنه أن نايت يّحبهاّ لكنه مخطأ فّهو
بالكاد يّبالي بوجودّها .. تحدث بّهدوء
ـ أعتقدّ أنه السببّ خلف حادثة فلادمير و أيضّا حادثة السيارة ، إذن ما الذي تخطط لفعله فّهو لم يستسلم قّبل القّضاء عليك ،
هزّ نايت كتفيه بّلا مبّالاة و استلقى على الأريكة واضعاّ ذراعه على عينيه مانعّا الضوءّ من التسربّ إليهما ، كانّ بقاءّ نايت مكتوف اليديّن
غريباّ بالنسبة له فّأجاّبه نايت
ـ يجدرّ بيّ أن أقوم بّإبعاد ماريّ عن أنظاره لذّلك أخططّ لإرسّالها إلىّ فرنساّ برفقة فّرانسواّ هكذاّ سأضمن بقاءهاّ سّالمة ، سّأحرصّ على
تعيينّ أفضلّ الأطباءّ لفحصها و أجّعلها تستعيدّ قّدرتها على السيرّ مجدداّ
وجّه ويليام أنظاّره ناّحية نايتّ و قدّ كانّ تعبيرّ الأسى ظاهراّ علىّ ملامحّه فّيستطيعّ أيّ أحدّ أن يّقرأه و لمّ يكن هذاّ صّعباّ علىّ نايتّ ،
ملاحظةّ حـّب ويليامّ المخفيّ لماريّ ليتنهدّ مجدداّ معّرباّ عن سئمه ، قّال ويّليام بّنبرة حزينةّ
ـ أناّ واثقّ أنه ما داّم أنتّ من يطلبّ منها فّسوف تنفذّ أمركّ فيّ الحالّ، لكنّ هل أنتّ متأكدّ من أنّ إرسّال ماريّ إلىّ فرنساّ فكرة جيدّة ؟
فكرّ نايتّ بكلّ هدوء ، إنهّ ليسّ متأكدّا فّحتىّ لو أرسّلها إلىّ فرنساّ فهو لن يضمن ابتعاد ديميتريّ عنها لكنه يكتفيّ بالمحاولة فقطّ ،
شـّرد فيّ أفكارهّ حينماّ همسّ بّصوت مبحوحّ خافتّ
ـ لستّ واثقاّ من أيّ شيء هذه المرةّ ويليام ، ربماّ قدّ ألقى حتفيّ

/

فيّ غّرفة المّعيشة الصّغيرة تلكّ و على الطّاولة الخّشبية جلّست كلا من السيدّة فرانسيسّ ذاتّ الملامح المّتهجمة و فّلور التعيسةّ ،
منذّ زمن ليسّ ببعيد كانت فلور غاّضبة لأن ويليامّ لاّ يلتفت نحوهاّ لكن الآن تبّدوا لها هذه المشكلة ليسّت سوى نكتةّ فيّ ظرفّ حادثة
أختهاّ ، ماريّ التي ضحتّ بحياتها من أجلهاّ تّقابلها بمشاّعر الغيرّة و الحقدّ
تنهدتّ فلور بّحزن أشدّ حينماّ فتّح بّاب الشّقة ليّظهر منه آرثرّ و بجاّنبه كانتّ كليرّ ، تقدّم منهما بّخطّوات متّرددة ثمّ قـّال بّنبرة متّوترة
ـ فّلور أناّ شديدّ الأسفّ لماّ حدثّ لماريّ ،
نـظرتّ إليهّ بّعينينّ مّغرقتين بّالدموعّ رفضتّ إخراجّها ، فيّ ظل معّاناة أختهاّ كانتّ هي تشعرّ بالغيرة منهاّ ، دوماّ ما كاّنت ماريّ
تتصلّ بهاّ لكنهاّ تّغلق السماعةّ غيرّ آبهة ، شهقتّ بّألمّ و بدّأت بالبكاءّ بصمتّ محاولة تّخفيف الضغطّ على قّلبها
رحيلّ والدّهما و ظّهور سيلياّ المرأة الأنانية التيّ سّرعان ماّ اختفت بعدّ تخريبّ زفافّ ماريّ ، الّوحيدة التيّ بقت بّجانبهاّ هي ماريّ ،
إنهاّ لا تستحقّ مصّير كهذاّ .. و لاّ شخصاّ كنايت لتحبه ، أنهاّ أفّضل منهمّ جّميعاّ
بينماّ نزلتّ دّمعة شّقت طّريقهاّ عبرّ خدّ كليّر ، وضّعت أناملها على وجنتيهاّ بّدهشة ثمّ أخذتّ تنظرّ إلىّ فلور ، لاّ تعلمّ لماّ لكنهاّ شّعرت بشّيء
مـّا يضغطّ علىّ قّلبها بكلّ قوةّ ، أهـذاّ لأنهاّ علمتّ أنّ تلكّ الفتاة التيّ لا طاّلماّ تنمرت عليهاّ صّارت مقعدةّ ؟ لن تستطيعّ السيرّ أوّ الركضّ ؟
تلكّ الفتاةّ التيّ كانتّ تنـّاضل بّشدة منّ أجلّ عّائلتهاّ ، وضعتّ ثمناّ لكرامتهاّ منّ أجلّ إنقاذّ أختهاّ و تخليصّ والدّها منّ ديونه ؟ ، لاّ بلّ كلاهماّ
كلاّ من ماريّ و فلورّ تحاّولان حّماية بعضهماّ البعضّ غيرّ آبهتينّ بماّ يحدّث لهّما ، هـذّا الرابطّ من الأخوةّ و هذاّ النوعّ منّ الحماّية هيّ ماّ
تبحثّ عنه دوماّ فيّ عّائلتهاّ و تّريده بّشدة ، الآن و بّعد أنّ توقفتّ ماريّ الفتاةّ التيّ استمرتّ بالنـّضال عنّ السيرّ إلىّ ماذاّ تتطلعّ هي ؟
فإستدارتّ بّهدوءّ غيرّ رآغبة بّرؤيةّ سقوّط عـّائلةّ روبرتّ أكثرّ من هذاّ ثمّ سّارت بّخـطّوات هـّادئةّ خاّرجاّ بينماّ تحدثّت فرانسيسّ بكلّ حنانّ
ـ فّلور يّكفيّ دموعاّ فّماري بخيرّ و هذاّ أهم شيءّ ،
اقتربّ آرثرّ و وضع ذّراعه على كتفّ فلور بّشفقة ، كانتّ فلور دوما تّلك الفتاة الناّرية صّاحبة الأعصابّ الحادةّ نادراّ ما تّظهر دموعها
و أنّ تبكيّ الآن لابدّ أنهاّ قدّ نالت ماّ يكفيّ ، ردتّ فلور بنبرةّ باكيةّ
ـ سّوف آخذّ ماريّ و أرحلّ بّعيداّ عن أجواءّ لندن
نـظرتّ إليهاّ فرانسيسّ بّهدوء ثمّ أمسكتّ بّيدهاّ ، فلور الآن لاّ تفكر بّواقعية أبداّ تريدّ أن تبعدّ ماري عن زوجهاّ ؟ الذيّ تحبه ؟
هذاّ غير معّقول فقّالت بحدة
ـ ما الذيّ تقولينه فلورا ؟ هل فقدتّ عقلك أم ماذاّ ؟ بالّرغم منّ أنكّ أختّها لكن لا يحقّ لك تّقرير حياّتها عنهاّ ثمّ إن ماريّ تحبّ نايت
و لن تستطيعّ الابتعادّ عنه ، فكريّ بها قّليلا
صّاحت بها فّلور بّنبرة غـاضّبة و حـّادة غيّر مبّالية بّمن يّقف أمامهاّ ،
ـ تّكمن مّصلحة ماريّ في الابتعاد عنّ ذلكّ السّافلّ ، إنهاّ تضيع حّياتهاّ فقطّ بالبقاء إلىّ جانبه ثمّ ماريّ لم تّعد تفكرّ جيداّ لذلّك أناّ أريدّها
أن تبتعد عنه لّعل عّقلها يعودّ للعملّ مجدداّ
رمقّتها فرانسيسّ بّحدةّ ، جذبّت فلور من ذّراعها و قادّتها إلىّ الغـّرفة المقّابلة ثمّ أغلقتّ البابّ خلّفهما ، قّالت بّغضب
ـ ما الذيّ تريدينه من إمرأة عاّشقة ؟ بالتأكيدّ سوف تبقى إلىّ جاّنبه ، أيضّا هل نسيت نفسك ؟ أنتّ تحبين ويّليام و لاّ تقدّرين على نسيانه ،
صمتتّ فلور لّوهلة من الزمنّ بعدّ أن هدأتّ فّجلست على الأريكة و وضعتّ رأسهاّ بين ذّراعيها ، صّحيح حتىّ لو أخّذت ماريّ بالقوة
هيّ لن تّبقى معها ، ستعودّ زاحفة إن اضطرت لّتبقى بجاّنب نايت ، و ماذا عنها هي ؟ أتستطيعّ نسيان ويليام فعلا ؟ ما الحلّ ؟ كمّ تّريد
أنّ تأخذّ سكيناّ و تّغرزه فّي قلبهاّ لعلّ شعورهاّ بالألمّ يّختفيّ لكنها تقاومّ بّشدة ،

/

مسـّاء يومّ الأربّعاء تماماّ و قدّ مـّر أسبوعينّ علىّ حادّثة فلاديمرّ ، فيّ تـّلك الغّرفة الواسـّعة تحديداّ على السّريرّ حيثّ كانّ
جسدّها النحيلّ قّابعاّ طّوال هذه الأيّام العديدّة تـّجّول بعينيهاّ بقّنوات التلفاّز و كادّت أنّ تحفظّ عن ظهرّ قلبّ جميعّ البرامجّ ، حركتّ
ذّراعهاّ بتململّ و جذّبت كأسّ العصيرّ لفّمها كيّ ترويّ عطّشها عندّما شعرتّ بالخدرّ و سّقطّ الكأس على فستانهاّ مبللاّ إيّاه ، قدّ كان
أبيضّ اللونّ يصلّ إلىّ ما أسفلّ ركبتيهاّ بقليلّ عاريّ الكتفين فّزمتّ شفتيهاّ بأسى محدثة نفّسها
ـ يا إلهي ،
سحبت كرسيهاّ المتحركّ بجانبهاّ ثمّ بّكل خفة لتنتقلّ إليه بينما كلتاّ يديها تستندان على السريرّ ، حركتّ العجّلات و إتجّهت إلىّ الغـّرفة
المقابلة ، فتحتّ البابّ على وسعه لتستمرّ بالسيرّ ثمّ رأتّ المغّسلة فّعلت شفتيهاّ ابتسامة انتصاّر كونهاّ لم تّحتج لمساعدة أحدّ فيّ مهمتهاّ
الصّعبة و دفّعت العـجّلات للأمامّ حينمّا رأتّ الميّاه على الأرضّ كان قدّ فات الآوان علىّ توقيف كرّسيها ، فأرتطم حوضّ الاستحمام
و سقطتّ بدّاخله ،
حاّولت أن تستندّ بجّزء العلويّ نظراّ لعجز قدميهاّّ لكن تواجدّ الميّاه حال عّن ذلّك، أخذتّ تّتحرك بّعشوائية و قدّ عجّزت عن التنفسّ..
حينماّ التفتّ ذّراع حولّ خصّرها و قامتّ بّرفعهاّ ، وضع جسدّها على الأرضّ و أخذّ بالضّغط علىّ صدّرها لتقومّ بإخراجّ الميّاه التيّ
قدّ دّخلت لرئتهاّ ، كحتّ بّقوة ثمّ فتحتّ عينيهاّ لتنـظرّ إلىّ منقذّها عندّما رأتّ نايتّ شاّحب الوجّه كلتاّ ذّراعيه علىّ الأرضّ بجاّنب رأسهاّ ،
تحدثّ بنبرة مرّهقة
ـ أكادّ أقسمّ أنكّ آلة جـّاذبة للكّوارث، أتحّاولين الانتحار أم ماذا ؟
ابتسمتّ ماريّ ثمّ أخذتّ تّضحك بّقوة ممسكّة بّمعدتهاّ، فبقدّر ما كان الأمرّ مخيّفا و موحشاّ إلّا أنه كانّ سخيفّا، ماذاّ سيقالّ عنها ؟
فيّ محاولة لّغسلّ بقعة العصيرّ من فستانهاّ انتهى الأمرّ بّموتها و فيّ حوضّ استحمامهاّ أيضّا ، قـّالتّ بّضحكة
ـ توقيتكّ ممتّاز كالعادةّ ،
قطب حاجبّيه بّعصبيةّ ثمّ قـّام بّحملهاّ ليضعهاّ علىّ الأريكة ، جذبّ بّطانية و لفّها حول جسّدها أرداتّ أن تمسكهاّ لكن نايتّ ثبتها بّشدةّ
و هو يّتحدث بنبرةّ غاّضبة
ـ أناّ لم أقمّ بّجعلّ عشرين حارساّ حولك تماثيلاّ قوميّ باستخدامهم
نظرتّ إليه بّدهشة لتّومئ بالإيجابّ ، منذّ أنّ استيقظت منّ غّيبوبتهاّ و نايتّ يتصرفّ بحدةّ أكثرّ من المعتاّد فلمّ يّعدّ يكلمهاّ أوّ يهتمّ بهاّ
إلاّ اليّوم ، رمقّته بّشكّ ثمّ وضعتّ يدها علىّ جبهته لتلاحظّ حمته المرّتفعة ، لقدّ كانّ مريضّا و قد أخبرهاّ ويليام أنه و عندّ مرضّه ينفذّ
طلباته تفادّيا إرهاقّ ذهنه بتحّمل كلامه الفّارغ فّرسمتّ ماريّ ابتسامة عريضّة على شفتيهاّ لتبدأّ بّالحديثّ
ـ نايتّ ، ماّ الأمرّ ؟ يّبدوا أنه لديّك حمى ، هلّ استشرت الطّبيب ؟ ماذا قالّ لك ؟ يجدرّ بك الإهتمامّ بّصحتكّ فّأنتّ تصبّح شّاحباّ
أكثرّ فأكثرّ بمرور الأيامّ
كشرّ بّغيضّ عندّما داّهمه الصّداع، أمسكّ رأسهّ ضّاغطا علّيه بّقوة فّوضعتّ ماريّ يدّها علىّ جبينه مجّددا كانتّ داّفئة
و ذاّت لمسّة حاّنية رّقيقة نـّابعة منّ قّلبهاّ ، حينهاّ همسّ نايت لهاّ بنبرة حادةّ محذّرة
ـ ألاّ يمكنكّ التزام الّصمت ؟
تنهدتّ بأسىّ فّهو لنّ يتغيرّ أبداّ ، نايتّ يحبّ إليزابيثّ بشدةّ لدّرجة قّرر الـّزواجّ من فتاة لا يّعرفهاّ بلّ و حتى أنه قام بدفع ديونهاّ دون
مبالاة فّقط لّتستمرّ بهذه التمثيلية ، لذّلك القّتال من أجلّه عقيم و بلاّ فاّئدة لكن قّلبها يستمرّ بالمحاّولة ، و لوّ أنها تّعلم جيداّ أنه لن
يحبّها لكنّ تّريد منه أن يتخلصّ من سّم إليزابيثّ المنشرّ فيّ أرجاّء جسدّه، تّريده أن يّقع فيّ حبّ إمرأة صّادقة حتىّ لو لم تكن هيّ ،
فجأةّ وضعّ نايتّ رأسه علىّ حضّنها مستلقياّ علىّ الأريكةّ ثمّ أمسكّ بّيديهاّ لّيضعهماّ علىّ عينيه الّزرقاوتين و الداّكنتين ، فتلعثمت
و قدّ غـّادرتها الحّروف عندّما أصدرّ نايت آهة متعّبة متألمةّ و حـّزينة ،
نـظرتّ إليه ماريّ بّألم هيّ الآخرى مدّركة مدىّ حزنه يّرفضّ البوحّ به ، رّفع يّده ذّات الأناملّ الطّويلة و بّاردة ليّضم يدّها ، ثمّ حدقّ
فيهاّ بّعينين بّاهتين إختفى لمعانهما ، تحدثّ بنبرةّ حاّكت نغّمة النـّاي ،
ـ لقدّ سألتك ذاتّ مرة ما نوع الحبّ الذيّ تملكينه و أخبّرتني أنه ذلك النوعّ الذيّ لا يتواجدّ فيّ قاموسيّ، إنّ طلبتّ منكّ
أن تّريه ليّ فهل تستطيعين ؟
رمشتّ عدةّ مراتّ غيرّ مصدّقة كلامه و لمّ تّستطعّ أنّ تفهمه أيضّا ، كاّن نايتّ مخّتلفا عن العّادة أيعقلّ أن الحمىّ قدّ أخفضت
جّدرانه الفولاذية التيّ حوله ؟ لكنهاّ شعرتّ بالقّليل من السّعادة فّهو يتذّكر ماّ قالته له ، .. تّحدثتّ بّحماسّ
ـ بكلّ تأكيدّ
فتحّ عينيه الداّكنتين و ابتسمّ بّكل حـّزن و ألمّ ، الآن فقط يستطيعّ رؤية الصدّق بّمشاعرهاّ ، إنهّا تحبّه بكلّ جّنون يّظهر ذلّك فيّ
كلامهاّ ابتسامتهاّ أو عينيهاّ الصّادقتين ، كمّ مرّت من أعوامّ لمّ يّلتقي بشخص مّثلها ؟ صادقاّ و أحمقاّ فيّ نفس الوقت ؟
ضحكّ ببّحة ثمّ أجاّبها
ـ مثيرّ ، هلّ أعتّبره وعداّ ؟
شّعرت بّالصدمة كونهّ قدّ ابتسمّ و فيّ حضّورهاّ لاّ بل حتىّ أنه ضحكّ لفترة قّصيرة بّدون سّخرية أوّ تهكم، أهوّ بالفّعل بّخير ؟
اكتسى القّلق معالمّ وجههاّ و اقتربتّ منه لّتضع يدّها على جّبهته الحاّرة فاستقام فيّ جلّسته ليسندّ رأسه علىّ ركبّته فيّ حين
غطتّ خصّلات شعرهّ الأسودّ ملامحّه ، كانّ شّاحباّ كعادتّه عندّما تحدثّ بنبرة مبحوحةّ
ـ ماريّ أريدّ منكّ مغادّرة لندن
نـظرتّ إليه غيرّ مصدّقة متلعثمة محاّولة إيجادّ الكلمةّ المناّسبة لتصّف بهاّ صدّمتها ، بدأتّ نبضّات قّلبها بالخّفقان مسّرعة كأنهاّ
ركضّت لأميّال فقطّ لأن فّكرة تركّ نايت قدّ داّهمت ذّهنهاّ لتحطمّ جميعّ الأحلامّ التيّ بنتهاّ و هيّ بّرفقته لتكسبّ حبّه ، لماذاّ يبّعدها دوماّ عنه ؟
ألمّ يكن الأمرّ أفضلّ لو أنه فقطّ تّركها تّغرق سّابقا ؟ فّتجمعتّ الدموع بينّ وجّنتيها لتّصيح بّنبرة باكيةّ
ـ لماذاّ ؟ أناّ أريدّ البقّاء هناّ معك ، إنّ كنتّ غاّضباّ لأننيّ لمّ أقمّ باستدعاء الخدمّ فأناّ أسّفة سوفّ لن أزعجكّ ، أرجوكّ
شّهقت بأسى ليحدقّ نايت بّها طّريقة نفّيهاّ أوّ حتىّ كلّماتهاّ كلّها تجّعله يصدقّها ، أنهاّ الوحيدّة التيّ إلى ّجانب ويّليام تّهتم لأمرّه وضّع
ذّراعه حول كّتفيهاّ ثمّ كادّ أنّ يتحدثّ عندّما داّهمه صدّاع ، ضّغط علىّ رأسه بّأنامله للحظاتّ عندّما عّاد يّنظر ناحيّتها أجاّبها بّكل هدوء و جدّية
ـ حاّليا أناّ لست قّادرا على حّمايتكّ ماريّ لنّ أكونّ متواجدّا دوماّ ، لذّلك أريدّك أنّ تغادريّ إنجلتراّ و تذّهبي إلىّ فرنساّ ،
هناكّ ستجديّن العلاجّ أيضّا سأقومّ بإرسّال فرانسوا حّرصا على حيّاتك ،
أخفضتّ رأسهاّ باستسلام هيّ لن تستطّيع حماية نفسهاّ بحاّلتها هذّه و أجلّ نايتّ دوماّ ما يكون محقّا لكنّ فكرة رحّيلها تّجعلها
تظن أنهاّ لن تراه للأبدّ ، فّتحدثتّ بّقليل من الرجاءّ
ـ لطاّلما نفذّت طلبّاتك ، لطاّلما قّلتّ أجلّ لكن هذه المرة فقطّ .. ألاّ يمكننيّ قول لاّ ؟ ألاّ يمكنني البقاء ؟
تنهدّ ثمّ رمقهاّ بكلّ ّضجرّ ، أمسكّ بوجّنتيها و سحّبهما فيّ اتجّاهين معّاكسين لتّصرخ بألم و هيّ بالكادّ تستطيّع الحديثّ فّحاولت
نزعّ يدّيه لكنه استمرّ بّجذّبهماّ قّال بنبرة بّاردة و على فّمه ابتسامةّ صغيرة لاّ تكادّ تكونّ ظاهرة
ـ أتظنينّ أن هذّه لعبة ؟ الأمرّ لاّ يعتمدّ علىّ الإيجابّ أو النفيّ ، أناّ فقطّ أنفذّ ما أراه مناّسبا لكّ و الأنسبّ هو سّفرك ،
هكذاّ لن يستطيعّ أحدّ الوصول إليكّ
بقيتّ صّفات الحزن تكسوها ، كانّت تتألمّ بّشدة لكّونها سّتغادرّ لندن و ستتركه هناّ بينّ لمسّات إليزابيثّ العابثة و حقدّ كايلّ المعميّ ،
أيضّاّ تواجدّ ذلك الشخصّ ديميتري كلّ هذاّ يمنحهاّ سبباّ أقوى للبقاءّ لكنه لاّ يفهم ذلّك بلّ يظن أنهاّ ضعيفة و لهذاّ سيستهدفّها خصومه
من طّرفها ، أجلّ هي تعلم هذا جيداّ لكن .. رمقّته بّكل يأس و بمحاولة أخيرّة قّالت
ـ لماّ يتوجب عليكّ حمايتي ؟ ربماّ أستطيعّ أن أقومّ أنّا بحمايتنا نحنّ الاثنينّ ما رأيكّ ؟
شحبّ وجّهه محاولاّ استيعاّب جّملتها للحّظاتّ ثمّ قّام مسّرعاّ مبتعداّ عنهاّ لّيّحرك شّعره الحّريريّ بكلّ خفة ، فّوقفّ بهدوء و رمقّها
ببرودّ ثمّ تنهدّ بّقلة حيّلة كأنه بذّل جّهدا عّضلياّ كبيّرا و تحدثّ
ـ لاّ أعلم لماّ أتّعب نفسيّ بالحديثّ معك
اكتّفت بالابتسّام فّقط علىّ كلّماته فّتنهدّ مجدداّ بإرهاق و كـّاد أنّ يغّادر لولاّ أنهاّ نادّته بّنبرة صّوتها الهادّئة المخّملية، فّاستداّر
ناحيّتها منتـّظراّ منهاّ إكمالّ حديثّها لّتظهرّ صّفات الترددّ و التوتّر علىّ وجّهها، تلعّثمت قّليلاّ قبلّ أنّ تّنفيّ برأسهاّ و هيّ تقول بترددّ ذّو نغمة خافتةّ
ـ حسناّ لا بأسّ ، ربماّ قدّ حان وقت رحيليّ فعلا

/




 

رد مع اقتباس
قديم 03-10-2020, 12:54 AM   #50
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي





فيّ مديّنة لندّن و شّوارعهاّ بينّ جدّران مناّزلهاّ كانّ فيّ غّرفة المعيشةّ تلكّ يجلسّ ديميتريّ و حولهّ العديدّ منّ الأوراقّ تبدواّ
قّديمة منّ مظهرهاّ المهزئ لكنهاّ ذاّت فائدّة بلا شكّ ، أدّخل يدّه بّعشوائيةّ في صندوق خشبيّ بّنفس عّمر الملفّات ثمّ سحبّها
ليحملّ صّورة ماّ ، تّنهدّ بغيضّ محدثّا نفسّه
ـ ألا زالتّ موجودّة ؟
و كادّ أنّ يرميهاّ لولاّ أنه قّرر إلقّاء نظرّة أخيرة عليهاّ، صّورة قـّديمة لّوالده الجالسّ بكل كبّرياء علىّ كرسيه الذهبيّ المخمليّ علىّ
ركّبتيه كانّ ديميتريّ يّجلس و يبتسمّ بفخرّ للكاميراّ بّجانبه يّقف رجلّ ذوّ ملامحّ حادّة عّينيه زرقاوتينّ متقدّتين بّذكاءّ خيّاليّ فيّ
العشرينياتّ من عمرّه ، تنهدّ ديميتريّ بّألم لوهلة من الزمنّ ناظراّ إلى أخيه فلم يستطعّ أن يتخلص منهاّ لذلكّ رفع الصورة و أعادّها
إلى مكانهاّ بكلّ هدوء مكمّلا بحثه
وضعّ بين يديّه ملفّا أحمرّ اللون فّفتحه لتظهرّ معلوماتّ قيمة عنّ نايتّ لا أحدّ يعرفها غيّره ، الصّفحة الأولى لنايتّ عندماّ كان فيّ سنّ
الخامسةّ عابسّ الوجّه يّربت علىّ رأسه إمرأة بّالغة الجمالّ ذات شّعر بنيّ لامعّ طّويل و عينينّ مرحتّين نوعاّ ما إذّ يبدوا أنهاّ والدّته ،
كشّر عنّ ملامحّه بّكل حقدّ ثمّ تخطّى تلكّ الصفحاتّ ليصّل إليه و هو بعمرّ الثامنة عّشر و عنّ انجّازاتهّ التيّ حققّها بهذاّ السنّ أبرزهاّ
تخرجه منّ الجامعة بامتياز ، تحّقيقه لأربّاح تّفوق الأربعين بالماّئة لّشركة لبيّر ثمّ أهمهاّ ، تّدميرّ شّركاتّ الروسيةّ ذاتّ القوة الاقتصادّية ،
تدميرّ أفرادّها و جّعلهم فيّ الحضّيض بّعد أنّ تربعوا عرشّ القيصرية ،
زفرّ ديميتري بكلّ كره ثمّ قّام بّتخطيّ الصّفحات مجدداّ لّيصل إلىّ حالته اليومّ ، تزوجّ منّ ماريّ روبرتّ فتاة متوسطّة الطّبقة تميّل للفقرّ
لقدّ هاجمهاّ و لن يستطيّع المحاولة لفترةّ من الزمنّ ، اتجّهت أنظاّره لّصورةّ التقطّتها الكاميرّا تحتضنّ ويّليام و فلوراّ أثناءّ حفلّ الزفافّ ،
هّؤلاء الثّلاثة يمّثلون الأشخاصّ الذّي قدّ يثقّ بهم نايتّ وربماّ يكونونّ بمثّابة عاّئلة له ، فّابتسمّ بكلّ برودّ
ـ لقدّ بدأتّ تحركاتّي بالفّعل و الآن دوركّ أنتّ ، يستحسنّ أنّ تملكّ أناسّ يضّحون بحياتهمّ من أجلكّ إنّ أردتّ البقّاء فيّ هذاّ العالمّ ،
فّوقفّ و دفّع بذّلك الملفّ جانباّ لّيدوس عليهّ ثمّ رفعّ مفاتيحّ سّيارته لّيتجّه إلىّ الخارجّ تّاركّا من خلفّه فوضّى عاّرمة ، لقدّ بدأ إنتقامه
و لنّ يّوقفه أحدّ فّهو ليسّ جونسونّ ليّنهار بعدّ خطّوات فاّشلة قاّم بهاّ و هوّ ليسّ كايلّ يّعيقه حبه الخياليّ لمرآة تّريدّ الفوزّ بّإبن عمتهّ لهاّ
، إنهّ ديميتريّ ، قيصرّ عادّ للانتقام و لنّ يتوقفّ

/

صّباح الّيوم الموالّي بينّ ضواحيّ لندّن تماماّ فيّ تلكّ الغـّرفة الصّغيرة كاّنت فلور ذاّت الشّعر الأصّهب الطّويل نائمّة علىّ سريرّ
أختهاّ سّابقاّ بينماّ هناكّ العديدّ من الأوراقّ بجاّنبهاّ ، تمسكّ بّقلم فيّ يدّها و قدّ ارتكز بّحثهاّ كلّه علىّ إعلاناتّ الجّرائدّ عنّ شّقق صّغيرة
ربماّ تملك ماّلا يّخولها استئجّارها ، حيثّ أنهاّ تجاّهلت تماماّ ما حذّرتها سيدّة فرانسيس منه التيّ كانتّ تّمسك بّالجريدة بين يدّيها و ملامحّها
تدّل على الإنزعاجّ بالرغمّ من أنهاّ نصحتّ فلورا كثّيرا بأن تتخلى عن فكرة الرّحيل لكنهاّ عنيدة جداّ
تنهدتّ بكل أسى و جذبتّ الغطاّء من الدّولاب لّتقوم بّوضع فّوق فلورّا محاولة أنّ تجّعلها تشعرّ بالقليل من الدفّء ثمّ غـّادرت بّكل خفة متّجهة
إلىّ شقتها عندّما لاحظتّ آرثر الذيّ كان بّدوره مغاّدرا منزله ، نـظرّ إليها ثمّ ألقى تحية الّصباح بكلّ برود لماّ رأى إعلان الجريدة التي تمسكه
السيدة فرانسيس قال بّتساؤل
ـ سيدتيّ ، هلّ فّلور تّبحث عن منزل ؟
أومأت بالإيجاب و قدّ استغربت كونه قّد علمّ أن فلور من تبحثّ عن المنزل لكنّ بعد أن أدّركت أنها هي من تملك المبنى و من المستحيلّ
لها أن تّغادره أنكرّت استغرابهاّ ليكملّ آرثر كلامه بّكل مرح
ـ ماذاّ عن منزلّ سيدّ روبرت ؟ لمّ يتم بّيعه أليس كذلك ؟
عّادت فرانسيس تومئ بالإيجاّب و هيّ تّخطو بخطواتّ خفيفة و بطّّيئة بإتجاه شّقتها لتحضير الفطور لزوجهاّ بول لمّا أوقّفها آرثر للمرة الثّالثة بجدّية
ـ سيدتيّ ، أناّ أريد أنّ أشتري منزلاّ بجانب أسرتي أتعتقدين أنهاّ إذ لازالت لا تّرغب فيّ العيش به أنهاّ ستقوم بّبيعه لي ؟ هذاّ سيكسبهاّ
مالّا أكثرّ لشراء منزل ، أيمكنك أن تسأليها لأجليّ ؟
رمقّته سيدّة فرانسيس بّكل هدوء ، عندّما قّابلت آرثرّ للمرة الأولى كانتّ واثّقة من أنه شّاب مستهترّ لاّ غاية لّه سوى مصاحبة الفّتيات
و اللهو فيّ النواديّ الليلية لكنّ خلالّ هذه الأشّهر الماّضية تّغيرّ كّثيراّ ، لمّ يعدّ نفسه و ربماّ كان هذاّ بسببّ ابتعاده عنّ أسرته ابتسمتّ له
بّكل رقة و لطفّ ، ثمّ قّالت بّنبرة حنونةّ
ـ أناّ سعيدةّ لأنكّ بدأتّ في التفكير بّمستقبلك
ابتسمّ لهاّ هو الآخرّ بّهدوء ثمّ أخفضّ رأسهّ محركاّ شعره البنيّ بّكل إحراجّ ليّغادر المبنى بعدّها بينماّ كان كل هذاّ تحتّ أنـظاّر ويّليام ،
كانّ يقف هو الآخرّ أمامّ بابّ شقته مرتديّا قميصهّ الأزرقّ بّكل فوضوية أماّ شعره الذّهبي فّكان كذلكّ مبعثّرا فيّ كل اتجاه ، نـظرّ بّكسلّ
إلىّ آرثر المبتسم و أخذّ يحكّ بطّنه بكلّ ضجرّ ثمّ التفت إلىّ سيدة فرانسيس التيّ تودعّ آرثر بإبتسامة و تحدثّ
ـ سيدّة فرانسيسّ ، ما الذيّ يحدثّ ؟ هلّ فلورا مغاّدرة ؟
وجهتّ فرانسيسّ عينيهاّ إلىّ ويليامّ لتتنهدّ بكل أسى ، إتجهت إليه و قّامت بّجذّبه منّ ذراعه أخذّة إياه إلىّ شقتها و هي تقّول بكلّ يأسّ
ـ لدّي الكثيرّ لأحدثّك عنه ، دّعنا نشّرب القّهوة أثّناء ذلك لعلكّ تستطيعّ أنّ تّعيدّ تلكّ المجنونةّ وعّيها
/





 

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

شرح حديث

علف


الساعة الآن 11:29 PM