••
العودة   منتدى وندر لاند > القصص والروايات > روايات الانمي_ روايات طويلة

روايات الانمي_ روايات طويلة لجميع أنواع الروايات " الحصرية، العالمية، المنقولة والمقتبسة"


هفوات ، خطايا ، ذنوب

روايات الانمي_ روايات طويلة


موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-04-2020, 07:30 PM   #6
ورده المودة
في جوار ربها ، اللهم ارحمها واغفر لها وتجاوز عنها


الصورة الرمزية ورده المودة
ورده المودة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 104
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 المشاركات : 221 [ + ]
 التقييم :  277
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

























"تشتهي الأنفس، تشتهي القلوب، تلك هي الشهوة.."




" كاترين...كاترين...إستيقظي، قد وصلنا.."

تكفلت كلماته البسيطة بإيقاض رقادها

لم تدرك كيف إنقلب الوضع، فهو من كان مستغرقا في النوم لا هي بينما هو من يوقضها حاليا...

عركت عينيها النعسة و المنهكة و أبدت ما تشعر به: أود الراحة، لم أراها منذ يومين .

لم يستغرب، هي نطقت بإنهاك الجسد الذي تعانيه كل عروس أيام زفافها..لا نوم، أعمال عجلة..تجهيزات مربكة...و لو أرادت أن تحكي إنهاك روحها فلا يعلم كم له من الوقع المنهك...

نهض يخرج حقيبة سفره النيلية من الأدراج التي تعلوهما ، يجيبها بما قد يحثها على ترك خمولها: سترتاحين في الفندق...

أردف بعد أن أخرج حاسوبه القابع في حقيبته القاتمة ليقدمه لها: خذي.

تبعته بعد وضعها تلك الحقيبة على كتفها الأيسر و هي مكتفية لتسلية نفسها بالنظر...

طبعا ليس بالنظر نحو مرتدي القميص الناصع و السترة السوداء ، فهو أبعد شيء عن ناظريها ..بل التسلية بما حولها من ضوضاء المطار الذي أعلن بصوت فتاة ما وصول طائرتهم لأرض كولومبيا ..!

كولومبيا!
لم مكتوب لها السفر لهذه الدول الغريبة، ألم يجد غير كولومبيا..ماذا عن هوليوود ،لوس انجلوس، فرنسا...؟؟؟

حقا، بداية حياة مميزة..
جزر كولومبيا

~~~~~~
~~~~~~


وصلنا الفندق أخيرا، بعد أربع ساعات من تضييع الوقت في المطار...

كل ثانية تمضي تزيدني حيرة بكيفية التصرف مع كاترين، و لا حرف آخر منذ وصولنا...

رميت بالحقيبة قبل أن أقفل الباب بعد دخولها ، هي اتجهت لترتمي على الأريكة السوداء ذات الزخارف و الورود الفضية ...
شعرت بهالة قاتمة تنبعث منها ..
كانت أكثر سوداوية من الأريكة التي تريح جسدها النحيل ، تلك السوداوية تحجب عني الكلمات حتى...

تركتها لأذهب أتفحص هذه الشقة...

كانت مقتصرة على غرفة ذهبية مزدوجة و حمام مع هذه الجلسة الثنائية ..

~~~~~~
~~~~~~




أفضل تصرف فعله هذا المدعوا لورانس أنه خرج ليتركني وحدي قليلا، صحيح أنه لن يتأخر كما صرّح لكن...و لو خمس دقائق يخفى عن ناظري سيكون شيئا أمتن عليه...

توجهت للغرفة القابعة يمينا، كانت فخمة كما هو متصور منها و كما يعكس ظاهر الفندق الزاهي ...

أذنت لجسدي أن يلقي بنفسه بإنهيار على ذلك الغطاء المخملي المحمر، شعرت بنوع من السكينة و أنا أرى ألوان منزلي الذهبية و الحمراء في هذا المكان...ربما تخيلت نفسي بمنزلي رغم أنه وهم عابر...

فكرت بنفسي، بحياتي، ماضي و حاظري...و بلورانس...الضحية الأخرى!

واضح أنه ليس بذلك السوء ، لكني أمقت حتى النظر له...وجوده غير مرغوب فيه البتة..
فقلبي لم يرحب به و هو دخل حياتي دون استئذان...دون ذنب منه هو أيضاً...

تكوَّرت حول نفسي ، حائرة...
هذا الشاب لا ذنب له بفقدي رونالد أو تعلقنا ببعض ، و لا يد له في موافقتي أو حتى في موافقته...أجهل ما أجبره به والده ...لكنه أيضا يعاني ...بالحصول على حياة لا يبتغيها ...
آماله كلّها انتفت عندما وقف بجانبي و أعلن أنه يقبل بي زوجةً له ...

لففت جسدي بذراعي بقوة...
لكل تلك المصائب التي توالت في أيام معدودة...

يكفيني ، ما رأيته من تلك الدماء المتطايرة من جسد عزيز قلبي ... و يكفي أنني مازلت أشعر بثقل جسده علي لأنه أراد تهدئتي و قربي...

ربما لو بكيت فقط ، و لو أطلقت صرختي المكبوتة على فقيدي ..سيكون الأمر أفضل

و قد تكون الفرصة التي فقدتها لأواسي نفسي بفقده أشعلت نيران صدمةٍ أخرى لن تكبت قريباً...

شعرت بسكون جسدي و ارتخاء عظلاتي، لأعود لنومٍ كنت بحاجته بالفعل...


~~~~~~
~~~~~~



عدت و شعوري هو الإنهاك المضاعف، أحمل كيس الطعام الذي اشتريته مطعم مجاور نتيجة إقفال مطعم الفندق السفلي...

و أجر بيدي الأخرى فتاة مشاغبة تائهة...
أطلب صبرا يردعني عن فقدان عقلي و رميها من طابق الخمسين هذا ...يا إلهي...كيف لطفل أن يكون بهذه الشقاوة المرعبة..

تجاهلت صرخاتها الصارخة نحوي لأني امتنعت عن شراء بوضة بعد عدد لا يحصى من الطعام و الحلويات..!
و اتجهت لحيث تقطن كاترين، فمادامت ليست هنا فهي في الغرفة لاغير... و هذا ما كان بالفعل...

لكن ...
هناك لون لطخ بياض بشرتها ، كانت دماء...

اقتربت منها أطلُّ على جرحها ، الذي سببته هي لنفسها..!

لقد غرست أضافر يسراها بيمناها لشدة ضغطها عليها!

لم تضغط على أعصابها بهذا الشكل؟!
إن كانت غاضبة من هذا الزواج الغير مرضي فالتبكِ، إن كانت حزينة على
فقد زميلها ذاك يجب عليها البكاء و التخفيف على نفسها و إلا فستهلك ..

لم أسترح لحظة إلا بشرود يؤرق و ذي الطفلة ذات العشرة أعوام تقفز على السرير محتظنة كاترين التي فزعت بدورها و هي ...!

كانت الطفلة تصرخ بفوضوية : استيقظي أيتها اللطيفة...أنت كسول..

بينما زوجتي ترمقني نظرات استفسار لا أعرف كيف أجيبها ..؟!
اكتفيت بجملة بترتها الطفلة بقوة رمتني على أرضية الغرفة : كانت تائهة و تجهل اللغة الإسبانية لذا...

صرخت بموجة غاضبة: توقفي...

بأن تغيراً طفيفا في ملامح كاترين، ربما هدأت قليلا أو تجاهلت ما تكفّل بجرح روحها الهائمة بعشق غيري ...
و مع هذا الإفتراض قد ابتهجت لما حصل حين نزلت متجهة نحو فيفا لتسألها بعطف: ما اسمك ياصغيرة؟

كان منظرها مثيرا للضحك هذه الفتاة ،و هي تنحني رافعة ثوبها السكري تنطق حروف إسمها مع تعريف غريب: أدعى فيفا، تشرفت برؤيتك سمو الأميرة..!

سموَّ الأميرة !
هي حقا أميرة بشعرها الذهبي و عيناها الزرقاوان ،لكني رغم جمالها...لم تأسر مشاعري التي مالت لغيرها مسبقا
لا أرى ما يجري سوى متاهة...
متاهة مفجة لأربع قلوب... !

~~~~~~
~~~~~~


فتاة صغيرة، أشكرها لظهورها أمامي الآن..لست مضطرة للتفكير بلورانس و كيفية التعامل معه...

أمسكت بيد فيفا لأخرج ، للأسف لاشيء هنا لأسليها به سوى يدي...
و لساني الذي يغني لها بعض الأناشيد و هي شاركتني جلستي هذه بكل حماس..

النظر لها فقط يحث عقلي على تمني العودة لعمري المزدهر بنقاء قلبي و صفاء روح...

صفير بطني و زقزقته العالية بعد مدة وجيزة أضحكت فيفا ، و أنطقت لورانس الذي جهلت وجوده معنا و هو جانبي على بعد شبر! : الطعام أمامك، في هذا الكيس.

أخرجت ما جلب، بدى لي طعاما عجيبا كاد يسد شهيتي..
ماذا..؟
هذه اللحوم الصفراء بمادة لزجة غريبة بالطبع لن ترُقني...

تركت الطعام بصمت ليلتفت هو لسر ذلك: لم يعجبكِ؟

~~~~~~
~~~~~~


أشارت له كاترين على ما أتى به و منظر الإشمئزاز رافق اعتراضها الخفي : هل أكلت هذا الشيء ؟!

أجابها بإشارة تنفي ما استبطنته : لم آكل شيئا حتى الآن، لقد رأيت أن هذه الفتاة اختارت طعاما كهذا و أعجبها ..

تنهد و هو يتوسط حاجبيه بسبابته: بين كل تلك المناظر الغريبة ، هذا كان أفضل شيء.
فاجأتهما فيفا بفتح الطبق المصنوع من فلين لتأكل ما بداخله دون أخذ الإذن أو مقدمة . .: مادمتما لن تأكلاه، لن أمنع نفسي عنه..فأنا أشتهيه .

لمحت كاترين غضبا و حنقا من لورانس ، غضب جره لردع فيفا عن أكل هذا الطبق الغريب: إسمعي فيفا، كثرة الأكل هذه تضرك ..لست مستعداً لمصائب أكثر...كلي كما تشائين عندما تعودين لوالديكِ.

زجرته و تشبثت بالجاهلة عن واقع الحال الذي يتحدث عنه لورانس: جلالتك، إنه يردعني عن الأكل و أنا جائعة...كيف له أن يفعل ذلك في بلاط سموك.

احتظنت كاترين الصغيرة بين ذراعيها لترمق الشرير الظاهري هنا: لورانس، كف عن مظايقة طفلة..و كل الطبق الآخر إن شئت.

أطلق أفّا سببتها آفة شهية فيفا التي أزعجته: منذ رأيتها ، وهي تأكل...لم تتوقف عن الأكل سوى بهذه العشر دقائق التي لقيتكِ بها، إن استمرت هكذا سوف نذهب بها للمشفى بسبب آلام ستصيب معدتها المسكينة..و نحن، لا وقت لنا للعب.

كان مفاجئا لها ما سمعت..هذه الطفلة الهزيلة..أين يذهب كل ما يدخل جوفها...!
من غير المعقول أن يكذب لورانس عليها بشئ كهذا..

لكنها قالت له: دعها تأكل هذا فقط، و بعدها سنخرج بحثا عن والديها..من غير المعقول أن نتركها معنا ..بالتأكيد هم قلقين.

أشاد بفكرتها ناهضاً آخذا حقيبة سفره ناويا إخراج ملابس له: حسنا، سوف آخذ حماما قصيرا ريثما تنتهي.

أسمعته مالديها: أسرع، أريد شيئا آخر للأكل..قبل أن أموت جوعاً.

~~~~~~
~~~~~~


تكتفت بإمتعاض و أبلغته ما أشعر به عبر كلماتي المحتجة: لا تخبرني أنك تهت عن المكان الذي وجدتها به.

إبتسم بهزل مجيبا بما يثير السخرية بالفعل: لا تنسي أني بشوارع مجهولة ، و لم أكن أخطط للخروج من الفندق أساسا لولا أن مطعمه مغلق ...

نظرات فتاة في العاشرة تحدق في منظرنا الحائر لأجلها ، هذا ما ظنناه ...

لكن ما لبث ظننا حتى رُمي عرض الحائط مشبَّعاً بيقين آخر بعدما قالت مشيرة لبائع حلوى القطن الزهري خلفنا: أريد.

ياه!
ما الذي سمعته منها توا؟!...ألم تأكل غدائي أنا و لورانس منذ قليل..؟!

قلت لها بلهجة قاطعة: مستحيل..ليس كل ما تريدينه يلبى عزيزتي.

تلقتها إهانة ما، أم أنّها استوعبت عدم مقدرتها للجوء بي حتى ترفع صوتها بحدة و هي تشد على كفيها بعناد: لن أذهب معكما إلى أي مكان حتى تأخذا لي الحلوى.

بدى استخفاف جلي من لورانس الذي انحنى لها و يديه مندستان في جيبه: و ماذا ستفعلين لو رفضنا؟

ألقت ضربتها القاضية دون اكتراث : سأصرخ مدعية أنّكما اختطفتماني .

سحقا لها، ليست بريئة كما يدل ظاهرها...
فتاة الغنج هذه، بدت تثير أعصاب لورانس بتحريكها خصلاتها الفحمية المزرقة ذات الحد القصير، و على ما أظن..هي ترمي لذلك!

~~~~~~~
~~~~~~~


لا أكاد أصدق أني صرفت على حلويات ....مصروف شهر كامل من عملي و كدّي... صحيح أني سافرت للتخلص من والدي و الضغط النفسي هناك لاغير ..لكن ذلك لا يعني فقدان كلَّ الهدوء...!

سلّمتها ما اشتريت و قلت لها كلمتي الآمرة: لا تسمعيني صوتك رجاء.

كانت تنظر كاترين لي و لفيفا، يبدوا أنّها تأسف على حالي بعد تسليمي هذا النوع من الحلوى لها مرَّة ثانية..لو تعلم فقط كم حلوى أخذت أيضا لربما فقدت عقلها...
بدوري، بدأت أشعر بالغثيان ما أنظر لكل أصناف السكريات...

التقطت سخرية كاترين المستهدفة شره هذه الصغيرة التي سلبت مني أهم شيء كنت أرغب به: أمتأكد أنك لم تلتقطها من مجاعة أفريقيا؟!

أجبتها بحدة تسكتها رغم أني لم أكن أستقصد ذلك: للأسف أجل.

لحسن الحظ و...لحسن طالعي و دعاء الخير من أمي الراحلة أنَّ صوت رجلٍ ثلاثيني أتاني بالبشرى و هو ينادي إبنته التائهة: فيفا ، أهذه أنتِ؟

اقترب ليتمعن بها بعمق و كأنه يخترق أحشاءها ليتأكد من سلامتها: هل أنتِ بخير يا ابنتي ؟

بدورها ارتمت في أحضانه باكية بشكل بَعُد عن ذهني و توقعي، فهل هذه الفتاة شعرت بفقدانهما حقا ..؟!

تبادلنا التحية معه ، و نظراتها الخبيثة ترمقني كل حين لأبادلها بما لدي من سخط و عدم رضا...
لا أعرف كيف تحملت جملتها الأخيرة الساخرة و هي تبتعد تخبر والده : أبي...لن تصدق ، هذان عريسان فاشلان... حتى أنّهما لم يتبادلا نظرات الغموض و الغرام ...

جيد أني لم أسمع باقي حديثها التافه ، هي فتاة لا تطاق...

فتاة لها شهوة الأكل التي أفلستني!

وجهت جملتي لمرافقتي : كان عليّ أن أطالب بتعويضٍ عمّا صرفته من مالي...

~~~~~~
~~~~~~


نسيمٌ عليل...
هذا البحر و هذه المساحة التي تمتد على مدِّ البصر ،لا تُرى كثيرا في بلدتي الممتدة بالبنايات و دخان التلوث المضيق للأنفاس...

أشعر بالدفء يغمرني بسكينة تتخلل مشاعري المتلاطمة كأمواج عاتية، ربما يكون أمواج هذا البحر هو السر و السبب و ربما للهدوء النسبي المشترك بيني و بين لورانس جعل لنا مساحة التأمل بواقعنا هذا...

لم أكن عالمة يغيب أفكاره الخفية ، فحدقتيه العسليتان الساكنة تردعني عن قراءة ردات فعله و ملامحه...

كنت أحرك يدي ببطء بتلك المياه التي بدت حوافها مملوءة بالوحل ، ميتة باردة لكني أستشعر منها دفئاً يبعدني عن عالم لورانس الواقف بقربي...

يبدوا أنّه سمع ما طرأ ببالي ليقطع أوتار راحتي بجلوسه نصف جلسة قربي يحدّثني بشيء أيدى لي تعمقه في ما يجري حوله بشكل غريب و بتشبيهات غريبة...: فيفا..حقاً علّمتني درساً عظيما كاترين...
أجبته ببرود و عينيه تسابق عينيه في النظر لأبعد مايرى من حدود البحر اللامتناهي: درس..!
أومأ بخفة إيجاباً ليوضح: تلك الفتاة لها شهية لا تقاس ، و بدون حدود...و بما أنّها طفلة فقد تجلّى ذلك بحبها للحلويات غالبا...لكن الحق، أننا مثلها ...دوما ما نرغب بفعل أمور و الحصول عليها و نشتهي الحب و المال و الصحة و الأمان و كل ما يصبوا بكمالنا... و لأجل ذلك نقدم على فعل ما نبالغ به ...العقل يخاطب أنفسنا،قلوبنا ...ما تفعله و ما تريده مضر و مع ذلك لا نصغي و نندم بنتيجة جازمة.


لا أنكر ، أنّ استنباطه فكره كهذه من شره طفلة أثار عجبي و إعجابي..حتى أني نظرت نحوه لأوّل مرة منذ مجيئنا هنا....

النضج سامٍ بوعي لديه، و أنا و أي شخص عاقل لن ينكر هذه الحقيقة ، اقتصرت على تأييده ناطقة : أنت محق.

لاحظت أنه رمش مستدركا ما تناساه ربما ، كان في شروده حبيسا حتى تلك اللحظة حيث قال: طبعا، لقد ذهب يومنا سدًى كاترين، و غدا سنعود بريطانيا.

لم يكن ماقاله سيئاً لي ، لكني مستغربة...
كنت أظن أنه سيمضي شهرا كاملا في رمي نقوده للترفيه ، و أيضاً لمَ هو منزعج ..

أخرجت يدي و قدميَّ من الماء لأعتدل بجلستي مستفسرة منه : عودة مبكرة، لمَ؟:

أجابني و هو يرفع كتفيه كأنَّ ما سيسمعني أمر بديهي: النقود..بالأساس عندما تأخرت عن الزفاف كان لأجلِ أن أستدين نقوداً لهذه الرحلة...


لم أستوعب تواً ، هل قال أنّه استدان؟؟؟!!

" تمزح معي، النقود تتخبط تحت قدمي والدك ..!"

كانت إجابتي شيئا لم أعرف كيف أجيبه... أله الحق في ما يتصرّف به؟..: إسمعي، أنا لم و لن آخذ قرشاً من نقود ذلك الرجل...نقوده لم تتزايد إلا على سعادة غيره و جثث أناس لم يستطيعوا ردّ الديونِ له..و أنتِ لا تفكري بجلب نقوده القذرة لمنزلي .

عقل رشيد و فهم عتيد يقودني لإستحسانِ قراره هذا..

لكن ذلك لم يجعلني أغفل عن أن الحياة التي كنت أتصورها سوف تختلف جذريّاً ، خصّة أن أوّل سفرةٍ لنا هي بواسطةِ دَين..!

أكان علي كبت استيائي الذي لم أخفيه : تعني، أنّك أتيت بي لهذه الدولة الغريبة بدَين.. من قال لك أنّي أرغب بالسفر أساساًً ؟

ربت على رأسي بخفة : أردت بعض الهدوء لي و لك...
أجفل ليتم بعد ثوان

"لمَ لا تبكين..؟"

هذا ما قاله و هو ينظر لي و لأعماقي معاً ، صمتُّ قليلا ..فماذا أختار من كلمات لهذا الشخص







~~~~~~
~~~~~~



قراءة ممتعة






 
 توقيع : ورده المودة

















إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم

فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم



التعديل الأخير تم بواسطة جلنار | Gulnar ; 03-05-2020 الساعة 01:58 AM

قديم 03-04-2020, 07:31 PM   #7
ورده المودة
في جوار ربها ، اللهم ارحمها واغفر لها وتجاوز عنها


الصورة الرمزية ورده المودة
ورده المودة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 104
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 المشاركات : 221 [ + ]
 التقييم :  277
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

























"لا تستحق قلبا مادامت لاتراه..."







سؤاله أيقظ أعاصيراً مختلجة بصدري ، لمَ لا أبكي ..؟!
كابرت ضعفي أمام تلك الأعاصير الهائجة لأواجهه بلهجة صرامة طالما اتسمت بها : لا أظن، أنَّ سؤالا كهذا يخصُّك؟

تجرأ ليلمس كنزي.. ما بقي لي من ريحه..!
أبعدت يده فورا لينطق لي بنبرة لم تخلوا من حزن غامض بالنسبة لي: عزيزةٌ عليكِ.. أهيَ ما قدَّمه لك حبيبك؟..أهوَ ،رونالد؟

نطق اسمه بين شفتيه، إسم رونالد .. إسما تلفظته منذ عامين خلت و توقفت عن نطقه منذ أيام...

ترقرقت عيناي و جسدي يأبى الإستجابة لعقلي...كنت أكرّر أنني حُرّم علي البكاء..فلا يجب أن أذرف دمعة على من ردعني عن ذرفها...
من كان ينطق حروفه بصعوبة للأمنية التي لم يشأ كتمانها...

أغلقت عيني مقاومة، و كفه باتت تنزل بين خصلاتي ،ماسحة على رأسي.. فصمتي قد أكدَّ أن ظنه كان في محله...

همساته لم تشأ ترك مشاعري و شأنها، هو يرغب بالتخفيف عني ألما لا أرى له سوى ثقلاً لا يضاهى: كاترين، لو رآكِ رونالد هكذا ... هل سيكون سعيداً..؟... ذلك الشخص الذي لقيته أنا... كان هائما بعشقك حقا... و مثله لا يحتمل رؤية كل هذا الأسى جليّا على جمال ملامحك...

قال...رآه؟!!
رأى رونالد...
شدّني ما سمعت لرفع وجههي المطأطأ ، أتطلّع لحروفٍ تحكي عن من رحل لتبقى أحاديث عنه مؤنستي : رونالد، هو قال لي و هو يقذف دمائه..لايجب أن أبكي.

أظهر لي إبتسامةً مزيجة بحزن جليٍّ أكثر و حنانٍ تلمسته في كفه ، ثم صرّح لي بما يفكر به من تحليل لما سمع: بالطبع ، لا أستبعد أن يقلها...هذا حال كلِّ مفارق، كما قلت أنتِ لأمك عند وداعنا لها الليلة الماضية.._لاتصعبي الأمر لي .._، هذا ما كان يريد إيصاله لك، لكنه كان يجزم أنك ستتألمين..لأجله،فراقه... لأجل حبه الكامن في قلبك...كما أنتِ جازمة أن والدتك بكت بعد رحيلنا عنها.. ذلك حديثي أنا أيضاً، بكاء من أحب أمامي يحرق قلبي بلهيبٍ لا تطفئه سوى إبتسامته...و مع ذلك ، أرغب في بكاء يخفف عنه وطأة ما يجري عليه ليعيش ... رونالد، لم يقل ذلك بقلبٍ قاس يعذبك، بل لم يشأ أن يتعذب بفراقك...

ختمها برحيق شذىً نثر عبقه علي: لست فقط من عانيتِ، فهو بدوره قد عانى كاترين...

~~~~~~
~~~~~~

أخيراً
سال خطٌ ماسي من وجنتيها، على شمس قد أفل غائباً كالتي تعلن رحيلها الآن...

يمنع عن العقول إدراك المشاعر و ترتدع الأحاسيس عن فهم مكنونات التعقل، لورانس قد لاحظ ذلك عياناً فبعد لحظات من ذرف دموع صامتة سرعان ما تحوَّلت بذاتها لشهقاتٍ و نحيب لا مجال لقطعه ...

استمع لشكاويها و مآسيها...ذكرياتها ، حلاوة ما مضى و قساوة ما بقي ...
عرف كم كان رونالد قاسياً على نفسه ، بتمني شيء لم يكن من حقّه...و مع ذلك كان إنساناً يأبى التخلي عن إنسانيته، فكفَّر ذنبه بإهداء روحه...أمام ناظريها اللتان شهدتا مرارة تلك اللحظات بأبشع ما يمكن...

هو بذاته في ألم لما يرى...
فكم لضعف المرأة و بكاءها أثر يهد تجلّد مشاعر الرجل..
أظن، ذلك من أسرار ما إبتدع الباري يوم نصَّ عليهم مكنونات الوجود...

ودَّ أن يوقف ما يصعب تحمله عليه، لكنَّه لم يفعل ...فما زال واعياً أن لا إبتسامة تروق لشفتيها الكرزيتين دون هذه الآهاتِ الموجعة على قلبه...

لذا سلَّم ذراعيه لها علّ جناحي الأمان يهبها بعض الطمأنينة...

~~~~~~
~~~~~~

شمس حارة بانت لتحرق معها ما بقي من أعصابي، لا أعرف ما الذي يغضبني..؟!

أشعر بالبلاهة التي صاحبتني منذ البارحة عندما لقيت فيفا مع والديها في هذا الفندق صارخة من ألم معدتها لتفهمني أنَّها لم تكن تائهة ، أم جوعي الذي بالكاد أسدُّهُ ببعض المعلبات، أم التفكير بدينٍ يؤرقني....أم
هذا الرجل الذي يقابلني ليذكرني أنّي بكيتُ بفضله في كنفه لأجلِ رجلٍ آخر...!

أنا حقّا أشعر بالإمتنان له ، أشعر برخاءٍ بأعصابي...
أحاديثه كانت تعكس كل ما رأيته من رونالد، كأنّه يشعر بما مرَّ عليه حتى بات يتجلى لي على صورته!

لكن ماذا عنه؟..و إن لم يتحدَّث عما يختلج صدره، فهو بالتأكيد يحمل همّاً مثلي و أنا زدته هما ...

تنحنح يرمقني بغموض: هل هناك شيء على وجهي؟

له الحق ،فأنا لم أبعد ناظري عنه منذ استيقظت... و كلُّ ذلك عائد لفكرتي بشكره، و أيُّ شكرٍ أفضل من جعله يحكي ما يختزنه من مكتوم قلبه ، كما فعل لي...

لم أخفِ نيتي، بل قلت: كيف تبدوا الفتاة التي أحببت؟..هل تبادلك الشعور؟

قلتها و أنا أنتظر إفصاحاً منه ، لكنّه القط ذلك بشكل أغاظني و هو ينظر لي ينوعٍ من الحدة التي تنوي استكشاف شيئٍ ما: الغيرة؟!
اختلج حاجباي و هما يتصاعدان بينما عيني مسدلتان على ضوءٍ يعكس لي وجوده: من تغار أيها الأحمق: فضولٌ فقط، أردت أن أعرف ما هو الكنز الذي خسرته.

رمى الصحيفة التي سجنها بين كفيه ليتنفس الصعداء قبل أن يبدأ : ليست بجمالك...كستنائية الشعر كهرمانية البؤبؤين، لكنها لطيفة... مرحة، هادئة نسبيّاً و غير عنيفة كمجاورتي ... و أيضاً غيورة بحدٍ مبالغ.

أملتُ رأسي أفكر بما قلته له على الفور نتيجة فضولي: أخبرني بصدق، ما كانت ردَّة فعلها ؟... كيف استقبلت ما حصل؟

شعرت بإستهزاءٍ منه ، كان واضحاً أنه يوضح ما سبق و كأني بلهاء لم ألتقط ما نطق كأس من النساء الحساسات عن موضوعٍ كهذا..إنه يقيسني معهن فعلا بقوله و هو يرفع كفيه: و ماذا سيكون شعور النساء و ردة فعلهن..؟!..كرهكِ بالطبع ، و الحقد على كلينا...

أجفلت لحظة، كيف لي أن أترك له مجال السعادة التي لم تكن لي يوماً، ثم بعثرت شعري و أنا في صدد البحث في ذهني عن حلٍّ ما و بالنهاية صرخت قائلة : لمَ لا ننفصل؟

شعرت بتوتر عينيه و صدمة أفصح عنها لأسلوبي الغريب عنه: قلتِ ننفصل.؟!نفصلك جنون، والدي سيتصدى لتحطيمي جذريا..لا عمل و لا مدد حياةٍ سيبقى لي، آسف لأنني لن أخلصك مني، لكني بالفعل مازلت أملك عقلا يردعني عن هذا التهور.
كم هو أخرق هذا اللورانس، أنا أهدف لمصلحته فلا شيئ سأجنيه أنا..

وقفت ألتف حتى وصلت خلفه، و بدأت أشرح له تفصيل ما أفكر به: نحنُ سوف نتشاجر عدة مراتٍ أمام عائلتنا لنبين لهم أنّنا لا تتوافق ، ثم ننفصل و أنت تعود لفتاتك المحبوبة.

لم أتوقع و لو بواحد بالمئة أنه سيفجر غضباً لما أبديت و ذلك بطبعه الغريب الذي بدأ بضحكة مستخفه ساخرة من سذاجة أفكاري في نطاق عقله: هههههه....حقا ، أنت ساذجة ...هل تظنين أنَّ ماريان سوف ترحب بي بعد أن تزوجت غيرها و أخرجتها من حياتي.

لم آبه بإستنتاجه المبكر بل قلت: لورانس، يجب أن تحارب لأجلها مادمت تعزها...أنت لم تفقدها تماما و أنا سأحاول أن أشرح الأمر لها.

أظنه تاه في عُجب قراري...أن أسعى لإقناع فتاته بالحلول مكاني الذي حزته بالأمس فقط..هل هذا عدل..أم تهور؟!
يبدوا أنني أكثر قناعة منه و هو في تضارب عقل و عاطفة و منها استنتج شيئا واحدا: لا أرغب بتطبيق خطتك... إلا إذا كنتِ بالفعل تزجرين حضوري بكل جوارحك..حينها فقط، سأستجيب لنهاية الإنفصال التي ذكرتها
يا له من منطقي بحت، ألا يرى أن الأهمية الكبرى هي لمشاعره..أم أنَّه معجب بها لاغير ؟!

و مع ذلك، هناك فكرة لديه لابدَّ لها من تصليح: تلك المدعوَّة ماريان ، لمَ تسلب سعادتها؟ ... قد تنتظر ذهابك لها مبينا أن لاغنى عنها لديك.

تكتفت ذراعاه الطويلتان و قال بنوعٍ من الحدة : تلك الفتاة انتهت و أصبحت من الماضي ، و هي من رغبت بذلك بعد سماعها لما أراد أبي فوراً و قبل اتخاذي قراري بالموافقة حتى... كنت أخطط لترك كلّ شيء لأجلها لكنها لم تشأ أن تدرك شيئاً مما أريد..لذا، لا داعي لتفانيكِ هذا.

ليتني فقط أُسْبق عقلي على لساني الذي بات جارحاً له على ما يبدوا: فتاةٌ لا تتفهم وضعك و لا تبقى معك في شددك، من الأفضل أن تفقدها...

نهض ليكون ذلك كلُّ ما مررنا به في سفارتنا ، يخبرني أن محاولتنا الأخيرة في هذا المطار قد انتهت و يتوجب علينا الرحيل: لقد فتحت البوابة لركوب الطائرة، لنذهب.

أعترف، لساني لاذع و صريح ..و هذا ما جعل وجهه شاحباً و كأنَّه يطرد الأفكار المترتبة على جملتي...

~~~~~~
~~~~~~

وددتُ صفعها للحظة غضب انتابتني، هي لا تعرف معنى ما قالته أم أنَّها بالفعل استوعبت سرَّ كلماتها بعد وقت مضى أجل استرجاعه ، ما الذي تعرفه هي؟!...لم ترَ شيئاً من مصاعب حياتي لتحكم على ماريان، من كان لي غيرها..للأسف أنا أتجاهل كلَّ شيئ لألا تكون حياتنا ذات فشلٍ ذريع...
لكن...
ربما لحديثها حقٌّ لا ينكر، فأكبرُ شدَّة هي تركها و هي سارعت بذلك دون مراعاة ما يمر علي من تشتت و فوضى تكتسح ذهني...

لو فقط أنها فكرت فيَّ أنا...

منذ تلك اللحظة ، لم أستطع مبادلتها شيئاً من الحديث ... و هي احترمت صمتي اللذي كان راحة لها هيَ الأخرى إن كنت محقاً...


~~~~~~
~~~~~~


مضى أسبوع و كاترين تحاول بجهدٍ مضنٍ أن تصل لرضاه بزيارة ماريان و إرضاءها، فمهما يكن، هو يفضّل استقراراً سيصنعه عوض الذهاب لإمرأةٍ رمته جانباً لأنه ليس أهلاً للبقاء بجانبه على حدّظ“ قولها..

و لأنه يعرف أن غيرتها لن تجعل من لقائها بزوجته يعدوا على بخير.!

أنهت تغسيلها الأطباق المتسخة لغدائهما المتأخر،فهما لا ينظمان لقائمة جدولة الزمان و المكان ...و هذا تفسير الساعة الخامسة الآن..!
قامت بتنشيف كفيها المبتلين ثم خرجت بنيةٍ تتضمن توجهها لغرفة الجلوس لتسلية نفسها بمشاهدة التلفاز، لكن فاجأها صوت جرس المنزل لأوَّلِ مرة منذ مكوثها به...
لحظات و هي تقابل فتاة تقارب في طولها لورانس و في قوامها أسمن منها بقليل و ملامحها مسكوت عنها فهي مألوفة بوصف دقيق من زوجها
منظرها يوالمُ لورانس بشكلٍ مثالي...
لم تلبث تلك الإبتسامة حتى بانت ،لتهديها ما يوحي بمعرفتها بها: ماريان.

تلقت إجابة جافة كانت تنتظر مثيلها: هل لورانس ،هنا؟


~~~~~~
~~~~~~

أدخلتها لحيث كنت أريد دون تغير وجهتي بطبيعة الحال،بدا لي أنها تحقدُ عليّ كما قال لورانس، لكني لم و لن أبادلها الشعور،فبدوري...أعرف كم تعاني ببعد عزيزها رغما عنه...

جلست على الأريكة البنفسجية القانية و هي تعرض عني إعراضا تاما بينما أنا وجّهتُ لها جوابا تبتغيه: لورانس يأخذ حماما سريعا، دقائق و يأتيكِ.

لم تنظر لي حتى و هي تسمعني جملتها المستفزة لأعصابي: عفوا أيتها القزمة، هل لك أن تغربي عن وجهي؟

هل...يتوجب علي ترك إهانتها هذه تذهب هباءً...!!!

لم يخفى تطاير الشرار الذي لا يبشر بخير ،لكني أنهيت الوضع هذا بإحترام تواجدها ضيفةً للورانس، و أي خطأ نحوها قد يعود معكوسا علي....

أبديت رحابة صدرٍ لضيفتي لأخرج نحو المطبخ أحظر لها ما يتوجب مني كصاحبة الدار لا لشيئٍ سوى إغاضتها: خذي راحتك حبيبتي.

خرجت لأتركها مفكرةً كيف للورانس المتعقل الذي عرفته أن يغرم بفتاةٍ متعالية كهذه، فلا داعي للكلمات فالعين و الحركات تحكي أفضل الحديث من هذا الجانب...

طردت هذه الفكرة من رأسي ، فالحقد قد يرسم لنا شخصيات متفاوتة عما نعرفه... و هي بعد نوبةِ غضبٍ ستهدأ و ستجد معزتها في قلب لورانس باقية...

~~~~~~
~~~~~~

أنهيت حمامي لأخرج و أرتدي بجامتي الرياضية التي اعتدت عليها، إنها تريحني بالفعل بسروالها النيلي الفضفاض و البلوزة الزرقاء المخططة بالأبيض... تبعد عني الشعور بالتقيد على الأقل...

تقيد من الأفكار التي تود كاترين إرغامي على فعلها، و كأنها ليست هي من قالت أن من الأفضل الإبتعاد عن من لم تبقى في شدّتي، و منذ وردنا تحت هذا السقف البسيط و هي تحثني على طلاقها و إرضاء ماريان...كأنه بالأمرِ السهل... هي لا تعرف عن غرور ماريان و علوها الذي كنت أرضيه بكل جهل مما سيؤديه يوما


لمحت ظلَّ كاترين الذي يحمل ثلاث فناجين من الشاي عبر فتحة منشفتي التي تكفلت بتنشيف شعري المبتل ، و هذا يدل على. وجود ضيف!

اتجهت نحو غرفة الجلوس التي منظرها لم يختلف عن بساطة باقي زوايا المنزل.. حتى أني لم أستطع تأثيث المنزل كما يجب ، و مع ذلك... لم أجد حرف اعتراضٍ من كاترين... بل تخطيطاتها المذهلة هي ما أذهلني...
خطوت خطواتي متجهاً لحيث أجهل، حيث صدمت بواقع وجود ماريان جالسة تنظر بنظرات استصغارها المعتادة نحو زوجتي...
بالفعل، لا أعرف ما يجري..لكني لن أدع زوجتي تهان و لو صمتاً في منزلي، ناديتها لتنتبه لي: كاترين، شكراً على استضافتها .

لمحت سخط ماريان و لم يهمني، أنا لن أذعن لفكرة طلاقٍ غير منطقية لأجل من قررت هجري...هي خسرتني و كاترين كانت محقة في إدراكها لهذا الواقع...

سأكبح مشاعري ،سأوقف أحاسيسي عن المضي خطى خاطئة.. و لن أترك أنثىً تحت رعايتي تخرج من داري كإمرأةٍ مطلقة..

جلستُ مقابل ماريان ، أصنع الحواجز التي لم يكن لها وجودٌ مسبقا ..و بلحظات قليلة ، شعرت بإنهاك يومٍ كامل من الركض!...لأني، كنت أركض فعلا...هرباً من التغوغل الذي يبعدني عن دائرة التعقل التي أريدها...
فكيف أنكر لنفسي، أنَّ فتاتي تقابلني...

رميتُ منشفتي على كتفي ناظراً لإنعكاس وجهها في الطاولة الزجاجية أمامي: ماذا تريدين؟

صوَّبت مقلتيها اللتان كانتا نقاط ضعفي نحو كاترين ، تلك إشارةٌ على كونها دخيلة على محادثاتها... و أنا لا أسرار لدي معها منذ اللحظة فقلتُ فورا: إنها زوجتي...ليست بالغربية.

لكنَّ كاترين نهضت من فورها لتزيدني توتراً من موقفي الصعب لتدع ساحة الحديث لماريان براحة: أنا لدي الكثير من العمل، سأذهب لأتمها..

أسرعت حتى أني لم أستطع إبداء إعتراضي بينما ظهرت على ماريان إبتسامة رضىً جلية...
إبتسامة ليتها لم تظهر أمامي بهذا الشكل و كأنها شامتة بي و بها..!

~~~~~~
~~~~~~


أظن، فعلتُ الأفضل... تركهما يتفاهمان بروية و هدوء دون وجود مصدر مزعج و خارجي عن علاقتهما الوطيدة...

كلُّ الغرابة لمستها في إنزعاجي أنا، لمَ أشعر بأنَّني غير راضية عن نفسي...؟
رغم أني دخيلة على حياته الخاصة، إلا أني أعتبر ماريان هي الدخيلة الآن، بعد تفكير غير مشوب بتشوشات..يبدوا أنّني أشعر بالغيرة!

دخلت غرفتي و أغلقتُ الباب ، اتخذت مكاني على المكتب البسيط الذي جلبه لورانس من شقته السابقة التي كان يستأجرها.. أخرجت أوراقا و قلماً لأكتب ما اتفقت عليه مع لورانس...تجارة بالذهب...
هي حقا خطيرة ، لكن بداية ضئيلة بشيئٍ بسيط هي نجاح كل مشروع...فلابدّ من الثقة ، ليس بالصعب أخذ قرض من بنكٍ ما لشراء نوعيات بسيطة من الذهب ثم بيعها متى ما ارتفع سعره...

هذه أسرع خطوة لسداد ديون لورانس الذي اضطر بأخذها لذلك الزفاف المتناسب مع مجتمع والده...

و فكرة تغيير عملي ، فأنا لن أستطيع العمل في مكان به عبق رونالد حتى الآن ..و كذا، لورانس يحتاج زوجة تتم أعمال بيته..فأفضل حلٍ هو معلمة خصوصية ...

دونت هذا و بدأت أعيد نظري حول ما كتبته من حروف و سطور قليلة ، ربما هذا المخطط سوف يمحى بعد لحظاتٍ من تفاهمِ سيحصل بينهما...

تركت القلم من يدي ، أبحث عن نفسي التي بدت غريبة عني حاليا...


~~~~~~
~~~~~~


" هل وصلتَ لدرجةٍ بائسة لتقنع بهذه القزمة الحقيرة ..؟"

حقيرة..!

من الطبيعي أن ترتفع نبرة صوتي الهادئة لعدم رضاي بما تلفظت به : ليس لك الحق بإهانتها ماريان؟..هي مثلي كانت لها حياة سابقة خسرتها ، و بأسوء شكل... لقد وضحت لك كل شيئ و أردت الرضوخ لعواقب حبي لك ،لكنك لم تدركي سوى نفسك..تركتني بنفسك و أنا استسلمت لطريقي و لستُ بملام على ما أظن.

غيضها، حقدها، تعاليها و غرورها تجلّى في قولها : لورانس، أنت فكرت...و لو لم تنطق فقد رضخت للتفكير بالمقايضة بيني و بينها... لقد تناسيتَ أنَّ عملك هذا حصلت عليه لمساعدتي... شقتك التي استأجرتها كانت بكفالة والدي و اتجهت مستسلما لتهديدات والدك... حقا، لم تكن شيئا فأصبحتَ بي ثم تجرأ و تنزلي مكان هذه الفتاة الـ....

قاطعتها

لستُ مستعداً لإكمال هذه المحادثة و لو بدأت تواً...لن أحتمل إهانةً أخرى تتلفظها تجاهَ امرأةٍ رحبت بها بسذاجةِ طيبتها...وقفت كالمصروعِ أجازيها بصراحة صوتي لعا علا أكثر: كفاكِ تعالياً أيتها الوقحة، ذلك العمل الذي تمنين به علي لستُ بحاجته و الشقة قد خرجت منها و لا عودة لها بعد ذلك... تلك الفتاة التي تتكلمين عنها هي زوجتي ، و لها إسم هو كاترين...أدخلي هذا بأذنك أيتها المتكبرة، هي رأتني ..أعانتني على بساطة حياتي، أيدت أفكاري بصمت ...
هي بقناعتها بهذا المنزل و حياة لا تناسب عروساً مثلها قد علت شأناً لدي... و أنتِ ، برؤيتك أنك العالية مقدارا و الكبيرة منزلة فقد أنقصت نفسك، أنتِ حتى لم تتعبي نفسك و ترينني شيئا يذكر بكلماتك هاته...
سحقاً لك و لأفكار كاترين الساذجة ، تلك الحمقاء التي ظلت تكرر لفظ طلاقها لأجل أن تحلي مكانها ... لو متُّ أيضا أن أرضَ لهذا القرار السخيف ....

بقيتُ في لهاثٍ غير طبيعي ،نتيجة استرسالي و غضبي الذي لا ألام عليه... لقد انتهى كلُّ شيئ بما قالته، قد توضح كلُّ ما أرادت مني... أن تعلوا في نظري و أنا لا شيء بعينها!

لم تجبني حقاً ،بل أجابت..ترمي حزمة نقود على الطاولة قبل أن تنهض و معها حقيبتها الفيروزية: خذ..هذا عوض الهدايا التي شريتها لي، فللأسف لشدة غضبي قد ألقيتها بعيدا...

أتمت و هي تمر من جانبي : ..قلت لابدَّ أنك بحاجةٍ لها.

صفقت بالباب الخارجي لأعرف أنها قد ذهبت...بعد أن قامت بإذلالي كما لم أذلُّ من قبل!


~~~~~~
~~~~~~


ذلك الدوي الذي سكنت له حيطان المنزل أربكني و جعلني أسرع نحو الغرفة التي تضمّ لورانس..
لم آخذ وقتاً في الوصول، لهرولتي التي لا أعرف سبباً وجيهاً لها و للمساحة الصغيرة التي تفصل بين زوايا المنزل ، فهو أحادي الطابق لا يحوي سوى غرفة النوم و الجلوس مع مطبخ و حمامٍ واحد...

وصلت، لأرى ظهره يقابلني...
لم يكن بالمهم أن أرى ملامح وجهه ، فيكفي أنَّ خصلاته تمرَّدت عليها..

لأفهم مدى الألم الذي يحويه

اعترتني غصَّة لما يواجهني من مشهدٍ يفجع قلبي... لا أعرف حتى كيف أنتقي الحروف التي قد تخفف عليه، يبدوا جليا أن لقاءهما هذا لم يكن سوى صدمةٍ له ...

قررتُ أن أتحدث...
أبرهن له علّة ما جرى من وقع أليمٍ له، السر هو أنا...تواجدي و دخولي بحياته...ماريان غاضبة و لها الحق...

هذا ما حاولت أن أقنع به نفسي لأقنعه به تالياً رغم أنّي بدأت أتراجع عن عدم حقدي عليها...

قد سلمته لها دقائق بعد زمن أجهله ،لتتركه بقوى منهدة أشهدها بأمِّ عيني، بحق...
متى رأيته هكذا..!!

هو كان قوتي.. أنسي..غرابة طبعه..بهاء يخفي خلفه بعد آلامه...و الآن قد سقطت أقنعته ، ليبدوا منهاراً

نطق هو يخاطبني رغم أنني مازلت جانب الباب الذي خلفه ، لقد شعر بوجودي ...ربما بسماعِ خطاي المسرعة ...مع أنّه لا وعي له ليسمعها بالأحرى ....
"كنت أحتاج وجودك بجانبي...لمَ تركتني... ألستِ زوجتي...؟!"

هي...هي... هذا العتاب...إلى ما يهدف...؟!!

هل بلغ لدرجة يرغب بوجودي هرباً مما ستصنعه به ماريان؟!...

آهٍ مما أرى

أظن، فقدت قدرتي على السيطرة على قدمي...التي أبت إلا قربه...

~~~~~~
~~~~~~


حقّاً كاترين... وددت حظورك...
لترى ماريان أنَّ لدي كنزا لا يعوَّض بها و بأفكارها...

لقد صدمت منها، كلماتها استولت على عقلي لتقودني نحو هاوية الحقد ... لاغير..

هذا ما كنت أفكر به، و أردت الإفصاحَ عنه ...

عنقي...
قد طوقته بذراعيها!

أنفاسها، أفصحت لي ...أنها أكثر حزناً علي من نفسي!

فأنا مع كل شيئ...لديَّ هي

استسلمت شفتاي لجملتها المحتجبة بصدق شعورها
"أنا..آسفة لورانس..."

فبلغتها سرَّ حالي بهدوء
" أنا رأيتها..عظمتها...أحببتها، لكنها لم ترني، احتقرتني...و لم تجد لي مكانا بقلبها..."

أنا لم أبكِ، لتبكِ هي..
لأجلي أنا..؟!




 
 توقيع : ورده المودة

















إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم

فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم



التعديل الأخير تم بواسطة جلنار | Gulnar ; 03-05-2020 الساعة 02:02 AM

قديم 03-04-2020, 07:31 PM   #8
ورده المودة
في جوار ربها ، اللهم ارحمها واغفر لها وتجاوز عنها


الصورة الرمزية ورده المودة
ورده المودة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 104
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 المشاركات : 221 [ + ]
 التقييم :  277
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

























" و ما الظلم إلَّا هفوةٌ و خطيئة و ذنب"





أنا و هو ...

كلينا لم تحظى بنومٍ جيدٍ البارحة بسبب ضيفٍ غير مستساغ للورانس أكثر مني...
رغم إدعاءه أنَّه يتحدث لأجل إخباري كل شيئ و ليبرهن لي أن لا شيئ بينهما ، إلَّا أني أعلم أنه كان يحتاج لإخراج تلك الأحاديث لأجله هو...لذا اتخذت الصمت و أصغيت...لكل التفاصيل التي قالها..
لقاءهما الأوَّل في مكتبةٍ ما...
حديثهما الأوّل حور محور ثقافي...
تحول لقاءهما لحبٍّ كما كان يظن ...
و كل شيءٍ بإختصار حتى كيف هدده والده بالتدخل بفصله عن العمل و طرده من شقته مستغلاً وجاهته التي يصعب معارضتها..

لم يصل وقت الفجر إلّا و أنا أعرفه كما لو التقيته منذُ أعوام، و بعد ذلك..هو هدأ و غطَّ في النوم و كأنَّ أذني كانتا المسكن له، بينما أنا... لم يغمض لي جفن..

يتوجب عليَّ التصرف ، حتى لو كان يعارض قراري بقاطعية...
على الأقل سأبعد هذه النقود المكدسة أمامه عن ناظريه

تم تحظير الإفطار بوضعي طبق البيض المغطى بالجبن الذي علمتُ قبل يومين أنه يعشقه!..بعكسي أنا ..
فأطلقت صوتي أبعثه للمجيئ لأكله: لورانس، الإفطار جاهز.

ظهر لي بمنظره المبعثر ذاك ليجرني لإبتسامة ساخرة هو بادلها بصمت قبل أن يتخذ مكانه بادئا بالأكل : شكراً لك.

جلست أحضر له شطيرة و هو ينظر لي، بدأ أنه مرتاح فعلاً بينما أنا تائهة في مشاعري...أشعر أني أسوء فردٍ في العالم و هو يوجه نظراته الهادئة نحوي...

سلمته الشطيرة و سألته شيئاً نبدأ به أحاديثنا الطفيفة التي اعتدنا على خلقها: قلت لي أنَّكَ رأيتَ رونالد..كيف حصل ذلك؟

لم أشأ إزعاجه، لكنَّ فضولي المكبوت لأيِّ شيء يتعلق برونالد حثني على السؤال و هو تسلم شطيرته شارداً في كيفية الإجابة : حسناً، رونالد...لقد التقيته في حفلة لصديق مشترك بيننا..إسمه نيكولاس.

قطع تشوقي بجملته البسيطة تلك و شرع بالأكل مما دلني على أنه يتهرب ، أخرجت تنهيدةً لمعرفتي سرّ تردده ثم قلت: لا بأس، أنا أردت معرفة كيفية لقاءكما لاغير...لن أزعجك حقاً ببكائي أو تساؤلاتي.

ربما
قد سدَّت شهيته من بدايتي التي صنعتها له، حيث أنه أنزل كفيه ينظر لي بصمت...
كدت أتنازل عن ما قلت لأعيد الأجواء لما كانت عليه بعد رؤيتي تشنجها لكنه سبقني بسرده ذلك اللقاء الغريب..:...
~~~~~~
~~~~~~

تشوقها بأن بنظراتها مما جرني للإفصاح عما تشاء و ليتها لم تسأل...
أنا أخشى من ردة فعلها من ذلك اللقاء الذي ختم حاظري معها بصدفة اقترنت بمزحة..
لقد نسيت شيئاً فعاد يقول لي أنه أغرب ذكرى مررتُ بها...

كان قبل أربعة أشهر..حين لقيته و واجهته
ذلك الرجل الغريب الذي كانت تأتيه السيدات طلباً ًللرقص معه على عكس العادة ، و هو كان يرفض طلبهن ... كنت أنا أشترك مع زميليها و نيكولاس صاحب الحفلة الجلوسِ على طاولة واحدة، و فكتور فضح سره بسخريته
" كاترين ليست هنا لتراك أيها المغفل..خذ راحتك"
سأل نيكولاس عن من هي المدعوة كاترين، بالفعل لم أكن مهتمّاً أو مكترثاً ...
كنت متخذا الصمت أسمع عنها و عن عدم جرأة رونالد على الإعترافِ لها، حتى أنه قال إنه يخطط لشيءٍ ما و فيكتور يحثه بسخرية
"حظا موفقا بعد عامين من التخطيط.."
تشوّق نيكولاس لمعرفة من تكون تلك الفتاة التي تغلبت على كبرياء رونالد صعب المراس على حدِّ ما يقول فصرح برغبته تلك، ليهمَّ فكتور بإخراجِ صورةٍ لها...

مازلت أذكر كيف كانت عيني رونالد المماثلة لعيني كاترين في صفاءها ورقتها تقذف شرار سخطها عليه و هو يبديه في لحنه: من أين لك صورتها هذه فكتور؟
و فكتور أجابه أن لايغضب فكاترينِ لا تعدُّه سوى أخٍ عزيز ، هكذا كان أوّل مرة أرى بها وجه زوجتي!
...كانت أهلا ليؤسر أحدا في شراك حبها و هذا ما قاله نيكولاس و هو يثني على ذوقه...
و لذلك أخذ هاتف فكتور يصرح بإعجابه بها ليغيظ رونالد الذي سلب منه الهاتف ليقول..
" لن تحصل عليها و لو بعدَ موتي.."

كان نيكولاس يتسلى على غضب رونالد الواضح حتى بدأ استفزازه يزداد و قال بإبتسامة تطمح لإخراج رونالد من نطاق هدوءه : بعد موتك بالضبط ،سأستغل الفرصة و أسرقها .

لكنه لم ينجح بل تلقى إهانة مبطنة بإستغلال رونالد حظوري حيث طوق عنقي بذراعه يشير لي: أظن، هذا أنسب خيارا منك عزيزي.

أذكر حينها دهشتي و ذهولي

... ماذا عن هذا المزاح الغريب؟!
نطقت مالدي بتلبكٍ واضح: لا أظن... أنني جيد لها رونالد...
لكنه أشار لي بالصمت : أنت ..أفضل من أولئك المختلاّن على الأقل...

أنهيت ماقلت و نظرت لها ، بريقُ الحزن بعينيها... أن أكون الخيار الآخر الذي رآهُ رونالد و لو بمزحة..!
كأنه يطالبها بالمضي قدماً معي أنا..

حتى إن لم يشأ ، فأنا أريد..أن تخطوا خطاي بحياتي ...
عقلي يردع مشاعري من زجرها عن ذلك الحب الذي انطبع على محياها مذ لقيتها ...

في النهاية لم أجد حلا، سوى سلك خطاها هي..لأكن معها على الأقل..

~~~~~~
~~~~~~


هل ما سمعته...حقيقة؟!

أ للتو سألني الذهاب معه لقبر رونالد؟!

يمزح بالتأكيد...
لورانس ، يود أخذي لقبر رونالد..تهدئة لقلبي أنا..!

قد أتوهم ،لكن... لم يخطئ رونالد بقوله أنه الخيار الأنسب
هو فاق كلَّ تصوراتي...

ليس يتفهمني فقط، بل ينحني خضوعا لمشاعري المتزلزلة..
بربك كاترين، كيف لك أن تعذبي شخصاً مثله...

لم أستطع النفي و لا الإيجاب لذا قلت متجاهلة: بحق، لم أكن أتصور أن تكون مهندساً معمارياً..في نظري هو عملٌ مذهل .
احترم انتقالي هذا و أجاب بمرح : ماذا...أ يجب أن أكون شخصية كسولة كالأغنياء المكتفون بالجلوس على مكتب؟!

ضحكت ضحكة خفيفة لما واتتني من فكرة ثم أفصحت عن سببها: لأكن صريحة مع المنظر الذي لقيتك به لأول مرة...ظننتكَ شحاذ.

ظننتُ أنه سيجاريني الضحك على ما ذكرت، فهو كان منظراً مثاليا للذكر لكنَّه و عكس ما توقعت..ظلَّ يبتسم نحوي بصمت ..
يبدوا أن هناك نقطة لم أفهمها فاستفسرته بإختصار: ماذا هناك؟

لا أعرف من أين يأتي بما يسلبني تعقلي للمكوث بعالمه
فقد عدتُ أبحث عن حروف أجمعها لأجيب ما تلفظ به : ضحكتك..أول مرة أراها.

هو صادق، فمنذ التقيته لم يكن لدي سوى همّاً أشركه به..
و هذا أكبر ظلمٍ وجهته له

~~~~~~
~~~~~~


توجهت فوراً لحيث أرسل لي فريدريك عنوانه، و من حسن حظي أنه استجاب لرشوتي البسيطة بتدريسه على الفور...
ذلك الشقي، لا أظنه يشبه أخاه لورانس بشئ..إستغلالي
و مع ذلك
هو يحمل طيبةً لا يتسم بها أحدٌ غير لورانس بالذات...

وصلت لذلك المنزل الذي يحير العقول من تسميته منزلاً ،ثم ترجلتُ بعد دفعي أجرة السائق...

شعرتُ بإنقباض أتى مصاحبا بالتوتر و التردد مما أنا عازمةٌ عليه، ربما لمعارضة زوجي و ربما لشيئ ينبئني بسوء ما.. أجهله...

تشجعت و طرقت الباب التقليدي ذو المقبض الدائري، و انتظرت دقائق حتى فُتِح من قبل شابٍ أنيقٍ فحمي الشعر كملابسه : في ماذا أخدمك يا آنسة؟

أجبته و كفي تتشبث بحقيبتي و كأنها هي من تمسكني لا أنا: أودُّ التحدث مع الآنسة ماريان.
قال لي بجمود اعتاد عليه كلّ خادم مثله على الأغلب: سيدتي مشغولةٌ حاليا و لا تستقبل أحد.

حسناً، أنا لم آتِ لأعد خاوية اليدين ..
بينت إصراري بقولي: أنا أود محادثتها بأمرٍ ضروري.
تركني أدخل و وجهني لإحدى غرف المنزل الواسعة، كانت بوسع منزل لورانس ككل!

جلست على المقعد الخلفي ذو الزخارف بإشارةٍ منه : سأرى إن كانت تستقبلكِ .

ظللتُ أتمعن في ما يعكس لي حياتها...
إنها تشبه منزل والد لورانس الذي شهدته مرة واحدة عند عودتنا من كولومبيا ، غرف كثيرة ..طوابق لا أعرف لم يجب أن تعدها و خدمٌ منتشرون..

فأنا جالسة أنظر لإحدى الخادمات تقوم بتلميع تحفة أثرية فخارية الصنع...

سمعت صوتها
لأنهض مستعدة للترحيب الذي قد لا يروقني ..
و هي لم تفعل شيئاً يسمى ترحيباً، بل وجهت سؤالها الصريح لي و عيناها توجهان لي تهديداً خفيا : أنتِ..ما الذي أتى بك لمنزلي؟..هل، أضعتِ الطريق؟

حاولت أن أستجمع قواي بأنفاسي قبل أن أجيبها بما لن يرقها: أنتِ من أضعتِ حياة لورانس، ثم أتيتِ لإذلاله بتصرفك الوقح... إن كنتِ غاضبة فذلك خطأئي لأني دخلت حياتكما ، و لا داعي لتعذيبه هكذا... أنا طلبت الطلاق و عندها تستطيعين أن تجدي مكانك ثانيةً.

قهقهتها أحزنتني
هي حتى لم تفكر في ما قلته ، بل سخرت منه...
من هو لورانس لها لتسخر من مشاعره كأنها شيءٌ لا يذكر في جدولة ذهنها

قلت و أنا بدأت أقتنع بصدق حديثه البارحة: ما المضحك؟!

اقتربت مني و هي تحدق بي ، من رأسي لأخمص قدمي و بينت بصراحة ما يشغلها: لا أصدِّق أن فتاة مثلك ، قد تزوجت ذلك الأبله... بحق أنا أعجبت به..لأنه بسيط..دوماً ما يحاول إرضائي ، و لأنه كان يراني فتاته... كنت في نظره، الجميلة و اللطيفة و اللتي رآها ازدهار حياته..كنتُ شيئاً مهماً لديه و هذا ما أحببته...

دفعتني قليلاً و أنا غارقة في ما تقله و مازالت تتفوه به: و أنتِ..لا شيء، فتاة وردت حياته لأجل ديون والدها...لم يعجب بمظهرك و أرى له الحق..و لم يرى بك ما يسره سوى حياة تعقدت بقرار أرضخه به والده.

كنتُ مخطأة...
هذه الفتاة المتعالية لا تناسب من أعرف، و لن أسلمه لها...
و إن كنت لن أعيش معه لن أظلمه ظلماً آخر بالإجتماع معها...
كنتُ أعي سرَّ قرار لورانس الآن، رضاهُ بحياةٍ معي عوض العودة لحبه المزعوم..هي حقاً فتاةٌ استمرت في ظلمه بخدعةٍ كان كالدميةِ بها...
لم أستطع إيقاف نفسي التي أرادت إخراج ما يغيضها فصرختُ بوجهها..لا يهم من تكون فهي حقاً كما قلت: أين لورانس من حديثك ماريان؟...أنت لم تتحدثي عنه بتاتاً... كلّما ترينه هو ذاتك التي خدعته بها... جمالك ، وجودك، خبثك...بينما هو لاشيء..لم يكن شيئاً تأسفين على فقده... من أنتِ ...؟!..
صررتُ على أسناني لأكمل : لست سوى شيطانةٍ استولت على قلبه...
جلست تنظر لأضافرها دون اكتراث لشعلة الغضب المتوهجة أمامها و هذا ما زاد الطين بلَّة..
قالت لي : هل أخبركِ لورانس بالمجيئ و التوسل لعودتي...ذلك المغفل، مازال حبيسي.

أخرجت تلك الصرَّة التي أتيتُ بها و رميتها على الأرض رادةً بذلك اعتبار لورانس و اعتباري معه: أتيتُ لأعيدَ لك هذه، لورانس ليس بحاجة للنظر لها حتى..هو جيدٌ في تدبر أموره..و لأخبرك هو عارض مجيئي و قد أتيتُ خفيةً عنه، إنَّه حتى لا يرغب بسماع صوتك.

غضبها الدفين يتقاطر من عينيها و أنا لا أكترث ، خطوت لأخرج قبل أن تظهر حروف أخيرة أبيت إلا الإفصاح عنها فاستدرت نحوها و أنا أنطقها: نسيت... أن لورانس لا يود طلاقي، على ما يبدوا هو حبيس سجني أنا، أعتذر منكِ لأن فتاةً قبيحةً مثلي قد سرقته منك ملكة زمانك.

وقفت
و ملامحها لا ترسم شيئاً يدرك...
اقتربت مني و الخوف قد غلفني و إبتسامة النصر قد غزتني...
يبدوا أني نجحت في استفزاز أعصابها كما فعلت مع لورانس ، شكرا لنفسي المنتقمة له...

لكني...
لم أحسب حساباً لما فعلته...

~~~~~~
~~~~~~


تلك الرسالة تؤرقني...
ما تقصد ماريان بالهدية التي أرسلتها؟!

ما أن تلقيتها حتى عدت للمنزل، أشعر بالقلق... ليس لدي ما أفقده سواها...
إذا التهديد يحتويها ، ما الذي فعلته ماريان؟!

فتحت الباب بالمفتاح الذي أمتلكه و بدأت أنادي بإسمها علّها تخرج و تريح أعصابي...
كلُّ الأنوار مطفئة و لا أثر لوجودها..لا بالمطبخ و لا غرفة الجلوس و لا حتى غرفة النوم...إذا أين هيَ؟!

بكاء .. لقد سمعت بكاءً خفيفاً!
كاترين تبكي ...
ما الذي يبكيها بخفاء عني ؟
توجهت نحو الصوت الصادر من أقربِ مكان كان لي...

الممر الصغير الرابط بين الغرف ، جالسةٌ تضم نفسها و رأسها بين ذراعيها...

نزلت لمستواها أستفسر سر حالتها التي بدأت تشجيني أكثر من ذي قبل..
من يصدق أنَّ لقاءنا لم يكمل أسبوعيه الأولين؟!

" كاترين ، ما بك..؟!"
لم أسمع غير اعتذارها... ما الذي فعلته بحق الله من خطأ يجر تكرارها هذه الكلمة فقط.."آسفة"

أردت أن أواجه وجهها لأحادثها بشكلٍ قد يهدئها لكنها كانت ترفض إظهار وجهها، و استمرت بإخفاءه بين ركبتيها!

أظن ، هناك ما تخفيه عني ...
لذا رفعت وجهها من شعرها بقوة مضطرا..

لم أستطع الرمش حتى...من هول ما رأيته!!!

آثار أصابعٍ قد خطت على وجنتها، و عينها اليسرى تبعت وجنتها في الإحمرار ..أيُّ يدٍ تلك التي صفعتها..!!

أهذا ما قصدته بالهدية؟!

جسدي يرتعش بشدَّة و صدري مخنوقٌ بعبرته التي تكاد تخرج لأبكي بكاء الثكلى...
ما الذي فعلته كاترين...ما الذي جنته سوى بقاءها قربي و للإصغاء لهمساتِ روحي؟!

بسطت كفي موضعَ ألمها الذي أبدا أثره على ملامحها للحظة و قلت بصوتٍ خافت: ألم أمنعكِ؟..لمَ خالفتني؟

أعادت إهباط رأسها ... متهربة من ناظري اللتان حرقا فؤادي بالنظر لما واجهت...
ياله من ظلم في حقها، لأجلِ شيئ لم تكن تريده...
نطَقَت أخيراً بعد مدة من الصمت الذي كاد يوقف أنفاسي القلقة عليها: أردتُ أن أسلمها سعادتك...ظننتُ أنها تستحق تواجدها معك، لكني كنتُ مخطأة ..إنها لا تستحقك لورانس ... تلك المتعالية لم تكن تستحق يوما معك...هي حتى لم تتحدث عنك ..لم تكن شيئاً يذكر لها..كلُّ همها هو نفسها،ذاتها...حقا، أنا آسفة ...

قطعت جملها المتقطعة بعد أن أوصلت لي ، أن سبب دموعها هو حزنها علي و ليست الحرارة التي أشعلت نيرانها داخلي على وجنتها...

" ليست هناك من تستحقني غيرك أيتها الغبية... و أنا لا أبحث عن سواك.."
~~~~~~
~~~~~~


آاااااااخٍ منه هذا الفتى...ذهنه لا يتسم بشئٍ سوى الفراغ...
صرختُ بوجهه و أنا أضربُ الأرضَ بقوة: فريدريك، هذه المرة العشرون التي أعيد بها صياغة المسألة..من المفترض أنك حفظتها..

رفع بؤبؤيه الخضراوين التي ورثهما من والده: مازالت..غير واضحة أيتها المشوهة.

وجدتُ شخصا لسانه ضعفي لساني لذعاً..أفٍّ منه...

كنتُ في عراكٍ معه حتى دخل علينا لورانس. ملامح الإنزعاج باديةٌ عليه: ما بكما؟!...يكاد السقف يسقط فوق رأسي..ألا تستطيعا المذاكرة بهدوء؟

نظرتُ للآتي معاتبة بدوري و القلم الذي بيدي يتحرك ممتعضا معي: أخيك هذا..أشدُّ حمقاً منك .
أبدى استغرابه: و ما شأني ؟!

جلس على الأريكة ليعلونا بحدودِ شبرين ربما و وجه حديثه الجدي بعيداً عن المرح الذي صنعته: كاترين ، ألا تزالُ الصفعة تؤلمك؟
زفرت زفرة ضيق : منذ الأمس سمعت هذا السؤال مائة مرة...كم مرَّةً يجب علي القول أنَّني بخير ..
"هل ستقولين هذا لوالديك..بخير؟!"
حقا، سؤالٌ وجيه... لقد تحدثت والدتي مع لورانس للذهاب لتناول الغداء معهم حذار تهربي المعتاد منها ...و أنا ،لا أعرف بمَ أجيبها بما جرى لي لأول أيامي خارج منزلهما..

شردت ثوان قليلة تدخل بها فريدريك بخبث: أخبريهم أنَّ أخي قد صفعك بعد أن أعماهُ الغضب.

زجرته من فوري: هي، أيّ أخٍ أنت فريدريك ؟.. هل تظنُّ أني سأعود معه للمنزل لو قلت ذلك؟

نظر لي المقصود تارة و لأخيه أخرى ليقول: أليس ذلك ما ترغبين به كاترين؟

شعرت بإستقرار أنظار لورانس علي، و كأنه ينتظر إجابتي ..هو لم يلتقطها دعابةً ما أو حتى هفوات لسان طفل..
هو يرى ذلك حقّاً لا يغيره سوى تصريحِ لساني

أرخيت جفني و قلتُ للمتحدث بتلك الكلمات و أنا أعبث بشعره المماثل لشعر لورانس: أنت مخطئ، أنا لا أطمح للذهاب دون عودة..
عندها قال لورانس جملته القاطعة: فريد، جهز نفسك..سنوصلك للبيت.
~~~~~~
~~~~~~


شهقةُ تلك الأم لم تخفى و جملةُ سخط الأب لم ترتدع عن البيان و هو يبعد خصلات ابنته ليرى اثراً مستقرا بوجنة ابنته بوضوح: من الذي فعل هذا بك كاترين؟..
رمق لورانس الذي مازال يقف بجانب الباب الخارجي ينتظر ما سيجري له بعد ظهور ما أذهله سابقاً لهما...
و كل شيء كما هو متوقع...

تكفلت زوجته بإدخاله و نطقت الحق لتوضيح ما تلبس بالخطأ لهما ، و هي خير من يعذر أيَّ ردة فعل من والديها اللذان لم ينعما بنعمة الأبوة إلا بعد عشرة أعوامٍ من زواجهما...

مرت دقائقُ من البحث حتى قال الأب: إذاً ، أنتِ تواجهينَ مشاكل في منزل لورانس.
أجابت والدها: أبي، لورانس لم يفعل لي شيئاً بل أنا لا أدرك مقدارَ ألمه بما حصل ..هو حتى لم يذق طعم الراحة منذ ليلتين .

رجاء كاترين بتفهم والديها لم يكن ذو أثر فذي الأم تنطق ما ألهب قلب لورانس بعد وضعها فناجين من الشاي الأخضر على الطاولة الذهبية : لا يهم من مَن تتلقين الأذى، المهم هو أن هذا الرجل الذي يجلس جوارك ليس أهلا لبقائكِ قربه .. لو كان كذلك لاستطاع حمايتك عن الأذى..و ليس أن أراكِ عروساً محمرة العين .

كان لورانس يصغي فقط و يسمع دفاع كاترين العقيم على ما يبدوا ، هما يعيدان له حوار كاترين الذي لم يتوقف سوى من يومين...
لقد صرَّح بها والدها مؤكداً: إسمعي، لم نزوجك له لتقنعينا بحسنِ حياتك رغم عدم كونها كذلك...لقد خُدعنا و تنازلنا، هو لم يكن غنيا..و قد ترك عمله و مع ذلك لم نتفوه بحرف معارض..لكن ليس أن نرى أثر صفعةٍ كهذه و هو لا يستطيع فعل شيئ..يجب أن تنفصلا.

هو اكتفى بالتفكير و هي باتت تصارع واقعها، أيطلبون منها تركه...
هي لم تأتِ لتسمع شيئاً كهذا...
فوق كل تلك الهموم...
قد تم تعيين طلاقها!

نهض لورانس، بعدَ أن قال جملته التي آلمت قلبها : سأوقع ورقة طلاقها بعد حفر قبري ، فقد تكفلتم بقصاصٍٍ كامل.

قبر...!

قبر كالذي يقبع به رونالد ، الذي وقفت فوقه مع لورانس بالأمس تلبية لطلبه...

هل يخبرها الآن أنه معرَّضٌ للقدر ذاته!
من أين الصبر يأتيها بسماع ما قال، نهضت لتتبعه بينما والدتها وقفت تردعها: أتركيه و شأنه كاترين.

هي تشعر بدوار يداهمها
لا تكاد تفهم ما يجري حولها، والداها ...أليسا من حثاها على هذا الزواج؟!...
ألم يكن والدها يرتدع عن سماع معارضتها بعد إتمام التوافق و أليست والدتها هي من كانت تهدئها و تمنيها بمستقبل مزهر...؟؟
إذاً لم...كل هذا الظلم في حقها و في حقه...
البعد عنه محال...
تركت مكانها و تبعت الراحل عنها ، لقد خرج دون أن ينظر نحوها حتى...دون أن يطلب رأيها..!

لمَ هو أيضا..يشارك بظلمها!

كان قد وصل سيارته الزرقاء الكاتمة ، لتوقفه هي عن صعودها : لورانس، سآتي معك.
تصرَّف و كأنه لم يسمعها لتشعر بقلبها الذي كاد يقتلع من مكانه، هو ذاهبٌ عنها تابعاً ظنونه ...

صعدت السيارة بسرعة ليرمقها بشزر و كفيه تحكمان قبضتهما على المقود: إنزلي.. مسيرتنا قد انتهت هنا كاترين، بالتفكير بالأمر هذه هي النهاية المحتمة... زواجنا لم يكن سوى عبثاً ، أنتِ لا ترين سوى رونالد بحياتك و هذا من حقك .. و أنا لست مؤهلا لإسعادك بحياتي التي باتت أدنى من حياةِ والديك... لذا...

قاطعته بجملةٍ مازالت تهوى إيقاف نبضها: إن كنت ستحفر قبراً فاليتسع لكلينا أيها الأحمق.

صمت...هدوء...
بقيَ دقائق يفكر بما تجهله هي و هو نزاع فرحه و عقله ، حتى قال:إنزلي و...
قاطعته و هي تضرب النافذة التي قربها: قلتُ لن أفعل لورانس، إنها حياتي أيضا...
بتر انفعالها بجملة اتسمت بالبرود و شفة اتسعت بإبتسامة: لتغلقي باب منزلكم فقط.

"ها!"

~~~~~~
~~~~~~


ما أصعب هذا الفراق ...؟!
خمسة أيامٍ ستمضي لتجثوا على صدري هذه الغصة الخانقة...إلى أيِّ مدى رقى لورانس بعيني و أي مكانةٍ استولاها بقلبي...

أتصوَّر أني جهزت له كل ما يحتاجه في سفرته هذه، أغلقت الحقيبة الفحمية بعد تفحص جيّد و بقيت مكاني أقلب الأفكار في ما سأفعل بغيابه...
هو أخبرني للذهاب لمنزل أهلي لكن، لا أرى نفسي مقبلة على مواجهتهما قريياً ..ليس بعد إعلانهما عن ظلمٍ آخر يتصدر لائحة حياتي ...
أقنعته بمكوثي هنا على شرط مبيتِ أخيه الشقي معي ، و ها أنا ذا أحظر نفسي لوداعه...

فهو قد لُزم بالسفر للذهاب للمجيئ ببضاعة مسلتزمات المنزل...فبعد مراجعة الحسابات..هذا أكثر ربحا و ضماناً ...
أتمنى فعلاً أن ينجح في تجارته التي سيبدأها...

سمعتُ خطواته المقاربة قبل أن يجثوا بقربي : كاترين..وقتُ الذهاب الآن.

نظرت له بحيرة، فماذا أقول في لحظةٍ كهذه ...
لاحظت اعوجاجا في ياقته فعدّلتها بصمت بينما هو تصدى للحديث في هذا الموقف كعادته عندما يلاحظ خبرتي في الحيرة: سأشتاقُ لك .

لورانس...
بأيِّ زوايا قلبي أضمك لألاَّ ترحل؟!

لم أنتبه أنني تلفظت بتلك الجملة إلّا بعد ردة فعله!

~~~~~~
~~~~~~


لم أكن أتخيَّل أن لحظةً كهذه ستأتي ...

أن أغضب لأجلِ تأخرِ طائرة..!
كنت أعد الساعات لعودتي طيلة أيام لا أود حتى تذكر كم كانت ، لتأتي لي هذه المصيبة و تتلف ما بقي من أعصابي...

حاولت أن أتصل بكاترين، لكن يبدوا أن هاتفها مقفل...
أتمنى فقط أن لا تقلق بعدما وعدتها بوصولي مبكرا..
ترى كيف هي الآن و ماذا تفعل، هل تفكر بماضيها و رونالد؟!

هل تبكي ...؟
أم تنتظرني أنا...؟!
تبا لورانس، أتركها و شأنها قليلاً...ليست سجينة أو رهينة ...

نهضت من كرسيي أجول بين أسواق المطار تلك...علَّني أجد ما أبل به حلقي و ألقى ما يجعل أفكاري ترتكز...

بين خطواتي و سيري ، لفتني جانب المجوهرات المزيفة ..

وقفت أنظر لما تحويه الزجاجة التي أمامي، و لما أستشفه من طلب كاترين...

هي لن تطلب شيئاً أسرف به مالاً، لكنها طلبت هذا بآخر مكالمة ..عقداً يطوِّق جيدها...
أظنني فهمت، أنا هو الطوق ...
على هذا، لن أكتفي بعقدٍ واحد..
و لا بأس بأن أسرف بشراء كل عقد يستقر أمامي...

ضحكت ملئ فمي لما تبادر بذهني من جنون أرحب به...

حقاً

إن كنت ممتن لشيئ فهو جشع والدي...الذي جمعني بها..

~~~~~~
~~~~~~


أوصلتُ فريدريك لمنزله و توجهت حيث أمضيت أياماً كثيرة من عمري...
بجانب فكتور و..رونالد...

صعدت الطوابق عبر المصعد الكهربائي ، لم يعتريني التوتر من هذا اللقاء أو خوفٌ من معاملته...
فأنا أتيتُ لأوقف ذلك الماضي عند حدِّه و تلك الخطايا التي استمرت بظلمي و ظلم لورانس ...

رحبت بي السكرتيرة سابرينا و أطاعت أمري بعدم التدخل في مفاجأتي لفيكتور زميلي السابق و أخي الذي أبعد نفسه عني كل البعد ،و هذا سهَّلَ الأمرَ علي..

دخلت و أغلقتُ الباب خلفي و هو بات في ذهول أوقفه عن معاتبة الداخل عليه دون إذن...
رأيت شوقاً لي و حنيناً الماضي خلف جملته الجافة: هذه أنتِ أيتها العروس ..؟

اقتربت من مكتبه الذي حقدتُ عليه يوم موت رونالد، هذا المكتب الذي جره لظلم نفسه بتنميه و حسد صديقه حتى ذهب ليكون حظوره في الأذهانِ لا غير: فكتور، أوصلني لقبر رونالد..لي حديثٌ معه.

حديثٌ أنهيه قبل عودة لورانس الذي بدأت أتلهف لرؤية محياه عاجلاً قبل أي آنٍ آخر...

استجاب لي بصمت رافعا معطفه الكحلي خارجاً أمامي و أنا لحقته...




بين ثنايا الصمت الذي يستولي علينا بكتمان قلتُ له ما قد يشد انتباهه نحوي: سيمري ، حفلة خطوبتها الأسبوع القادم.

شعرتُ برعشة سرت بيديه لكنه لم يتحدَّث لأتم أنا: ستفقدها إن لم تسرع.

بيّن عدم اكتراثه بل قال لي: ما الذي جعلكِ تفكرين بزيارة قبر رونالد كاترين؟..لتريه كم من الوقت مضى لتنسيه؟

أجبته و أنا ألف شعري خلفي أجاري تهربه بينما أعرف أنه يغلي من الداخل رغم بروده، و أجزم أن هذه الحقيقة لن تتم بعد معرفته : ألا ترى حكمك عليَّ نوعٌ من الظلم ؟...و لتعرف، لقد جلبني لورانس مرتان لزيارة قبره.

لم يجب و أنا لم أفعل شيئاً سوى الإنتظار...

أظن، عشر دقائق مرّت و نحن في صمت حتى أوقف سيارته يخبرني أننا وصلنا ...
ترجلت و ذهبت لقبرٍ حُفرت معه ذكريات خُطّت لتدفن معه و في قلبي...

كلَّما نظرت لتلك الرمال التي تعلوه أشعر بأن الواقع خذلني و خذل أمنياتي ، و هذا ما يؤمن به لورانس بدوره...
لذا ، كان ملاذي...

لم يخبرني أن أرمي بهذه المشاعر أو أكون له رغماً عني ، و لم يحرمني حلاوة ذكرياتي بل حاول مشاركتي بها...
يكفيه معزة بقلبي ما حصل عليه، أني على قبر رونالد و هو يكتسح ساحة أفكاري ...

ذرفت دموعي بلا صوت و تحدثت بلا غبن لفيكتور: كان يريد الوصول لما وصلتَ له فيكتور...حتى أن الحسد تملَّك منه فـ ...

قاطعني بقوله: لا داعي للتحدث، أعرف كلَّ شيئ..عندما استدعيت لإبداء شهادتي عرفتُ كلَّ شيئ من اعترافات الفاعل.

جلست... أمسك بكفي قبره و كأنها تعبر رماله الحائلة بيننا: لا تحقد عليه...

صدقٌ تلمسته من مقولته: الحقد لدي هو لأنه رحل، و لأنك لم تحترمي رحيله...هذا كلُّ شيء، و لا تظني أني غاضبٌ لسعادتك مع ذلك الوغد .

رفعت كفي لعنقي، تلمست قلادتي ...لم تكن تعبّر لي شيئاً سوى ذكرى ..عايشت حلوها و مرها شئتُ أم أبيت...
أحلام رونالد لم تكن لتتحقق ، و أنا الآن مطوقة بحبَّ دخل حياتي دون إذن...
هي من عجائب الدنيا التي لم و لن أفهمها

"لقد أتيت لأغلق صفحة الماضي فيكتور، لن أقترف خطيئة أخرى بحق لورانس ...يكفيه أني وافقت عليه لأجعله سلاح تحطيمي "

اقترب مني ليمسح دموعي المعارضة لقراري هذا : في كلِّ شدة كاترين، إعتمدي علي .

هذا ما أردته... عودة سندي الذي طالما كان كهف أحزاني و أسراري...أخ لم تلده أمي ..
كم كان التفكير بأنه أبعد ما يكون عني صعباً

تشبثت به ليحيطني بذراعيه تاركا لي خيار البكاء لآخر لحظةٍ تمسكٍ بماضيي العقيم ، كلُّ ما استطعت قوله حينها: أنا أخشى فقد لورانس فيكتور... ماذا لو وقفت على قبره هو الآخر؟!

أخيراً عرفت أنا ما أنا عليه...
خوف من فقدان عزيزٍ آخر، عزيزٍ شوقي له يكاد ينتزع روحي من جسدها!


~~~~~~
~~~~~~


حياتنا، بدأت بظلم!
كلُّ منا بهفوةٍ قد أعلن خطيئةً عظمى لا تمحى إلا بتوبةٍ من ذنب...
رونالد، حسد فيكتور لتبدوا ظلامته لنفسه و لصديقه و لقلب كاترين و حتى..قاتله!
والدي ، طمع حتى بسمعة آخرين فكنت أنا..و هي ضحية
والديها، تجاهلهما حقيقة مشاعرها رغم معرفتهما بكذبتها الواضحة لأجل مصلحةٍ مالية
أنا، قلت لا بأس ..ماريان تركتني
هي، قالت لا بأي رونالد هجرها
و كلانا هوى في هاوية ظلمنا للآخر قبل أنفسنا بجهلٍ عن واقع ما يجري ..فطموحنا هو هلاكنا!
لم تفتأ المصائب بالهطول فوق رؤوسنا..
ماريان ،تكبرها...
و قرار والدي كاترين بالإنفصال كان أشد الظلم في حقي ...و علمت أنه ظلم بحق زوجتي أيضاً...



هكذا مرَّت عليَّ الرحلة، أجد ثغرات مصائبي و مصائب كاترين لأجدها زلات نفوسنا جميعاً..بلا استثناء
حتى تلك الطفلة فيفا لم تستثنى...!
قررت حقاً أن أخطوا بوعي معها، لأستمر بالتحديقٍ بفرح عينيها و إبتسامة ثغرها..

أظن ،الأخيرة هي همي الأكبر الآن...

أخيراً وصلت...
لمنزلي الذي يحمل عبيراً لمسكن روحي ..
أظنها تكاد تجن لتأخري المفرط حتى الآن، الثانية لمنتصف الليل

تقدمت لأفتح الباب و أدخل معلنا عن وصولي المنتظر
"لقد عدت.."

لم أجد جواباً، يبدوا أن كاترين نائمة...
نزعت سترتي الرسمية التي كنتُ أرتديها و توجهت لحيث يجب أن تكون، لكني لاحظت ضوءًا خافتا من الغرفةِ الأخرى...

دخلتها
لأجد كاترين واضعة رأسها فوق الطاولة نائمة بين كومة الأطباق التي حظرتها و نور الشموعِ التي وضعتها على أطرافها...

إقتربت منها ببطء أنظر لها، بدت ملاكاً بذلك الثوب الأخضر المسدل عليه خرقة من نوعِ الدانتيل و تلك الحلقين الذهبيتين في أذنيها...
انحدرت جانبها أبعد خصلاتها الذهبية التي تحجب عني ملامحها ، واضحٌ من تشنج ملامحها أنها كانت قلقة كثيراً...
لحظة...
عنقها
لا يحمل تلك القلادة الي لم تنفك عنها مسبقاً ...

أيكون لأنها طلبت مني قلادة؟!
شعرت بكفي لتجلس بنعاسٍ مستولٍ عليها فسارعت بقول: كاترين، لقد عدت.
لا أعرف...
ما سر تفحصها لملامحي...
ألم تعِ عودتي رغم وجودي قربها..؟!

أم أنها ترتوي الأمان الذي افتقدته على ما يبدوا من هلعها...


بالنهاية أنهت ذلك بجملة شوق
" لا تجرأ على تعذيبي ببعدك هكذا ثانيةً.."















النهاية






 
 توقيع : ورده المودة

















إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم

فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم



التعديل الأخير تم بواسطة جلنار | Gulnar ; 03-05-2020 الساعة 02:08 AM

موضوع مغلق


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هفوات أنانية *مكتملة* JAN روايات عامية 41 06-27-2020 07:09 PM


الساعة الآن 07:33 PM