••
العودة   منتدى وندر لاند > القصص والروايات > روايات مكتملة.


لا يجب قول لا لفّخامته

روايات مكتملة.


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-10-2020, 08:30 AM   #101
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي





الجزء الـ 50 ~

~ أحـداث لم تـروى بـعد ~
الظلاّم يكسوّ قلبيّ قدّ صارّ له وشاحاّ هـذاّ الألمّ يّثقل كاهليّ كّأنه غدي جبّلا فهلّ منّ حلّ ينجينيّ إياهّ ؟ هل من شـخص ينـاديني ينسيني إيـّاه ؟
لا أستـطيع الـعيش و تلك القـيود تـلتف حول رقبتي ذراعي و قـدمايّ كـأنها تعيقني عن الحـركة و شيئا فشيئـا هي تسلب قدرتي على العيش
كـذا عـيناي قد اعتـادتا على الظـلمةّ أفـلنّ أجد النـور أبدا ؟ أنفـاسي تـأخذ بعيدا فـصار كل نـفس أستنشقه كـأنه سم يساهم في موتي أكثـر
و أكثر ..
فتحـت عينيها على وسعهما بفزع لم تستطع إخفـائه وجهها شـاحب للغـاية و يديها ترتجفان بشدةّ نـظرت من حولها كان الظـلام بأكمله تمتمت
هامسة منـاديةّ لكن صوتها المبـحوح لم يساعدها فـبقيت في مكانها تـراقب ما يحدث من حولها بأعين صـامتةّ لما رأت شخصا يقف على مقـربة
منهّا قطبت حاجبيها باستغراب لقد كان الشخص رجلا بكل تأكيد معطيا إياها ظهره و يحمل بين أنامله الطويلة سيجارة ..
ـ نـايت ؟
لقد كان الـرجل الأول الذي يخطر في بـالها فلم يـكن هناك أحد أبدا يشغل ذهنها عـاداهّ لكن من استـدار ليواجهها لم يـكن هو بـل آخر شخص توقـعته
حالما وقعت عينيها على جوناثان والدها وجـهه لا يظهر من الظلمةّ يستنشق سيجار بـكثافةّ و بحـركةّ متمرسة فـتلاشت الكلمـاتّ من بين شفتيها
لم تعد قادرة على الكـلامّ ..
تـقدم نـحوها بخـطواتّ بطيئة للغـايةّ فإزداد رعبها حـاولت أن تـعود للخلف لكنها لم تستطـعّ قدميها لم تسعفاها جسدها كـذلكّ كـأنها لا تـملك القدرة
على الـسيرّ النـطق أو حتى الإحساس بشيء فأغلقت عينيها بـسكونّ حينما وضع يده على رأسها شهقت بـقوة و قد سارت بـرودّة جسده إلى كل
أطرافهاّ كـأنها توقظـها فتحت عينيها العسليتين لتقعا على وجه جونـاثان تـحدث بـنبرة هادئةّ
ـ كلنا نخـطأ فنحن البشر لسنـا معـصومين عن الخطـأ و أنت فـعلت ما فـعلت و تفعلين ما سوف تـفعلينه لأنك تريدين حماية من تـحبين ، لذا أرجوك
لا تـقس على نفسك أكثر مـاري ..
نـظرت إليه بدهشـةّ قبل أن تخفض رأسها غير قـادرة على رفعهّ و هي تهزه بقوة بينما جسدها يرتجف بقـوة لكي تـزداد الـظلمة من حولهاّ حينما
انتـقل إلى مسامعها وسطّ ازدحام أفكارها صوت جوناثانّ المبحوح قد كان يكـحّ بقـوةّ بينما يتلاشى ملمس يده على رأسها شيئا فـشيئا
ـ مـاري .. استيـقظي ، واجهي مخـاوفك يـا ابنتي
حـالما قـال ذلكّ وضعت يديها على رأسها بـذعر أكبـر و هي تـصرخ بـكلمة واحدةّ فقطّ ألا و هي لا.. كانت تـصيح بـقوةّ رافـضةّ أي كان ما قـاله لها
جوناثانّ آنذاك حينمـا شعرت بيدينّ تلتفـانّ حولها يهزان كتفيها فتحت عينيهاّ لم تـرى سوى الظـلام لا شيء آخر بينما أخذت دموعها منحاها الدائمّ
و هي تصيح بنبرة مبحـوحةّ هازة رأسها نفـياّ لما انتقل إلى مسامعها صـوتـّه الحـاد الـعصبيّ
ـ بحق السـماء استيقظي .. مـاري أتسمعينني ؟
شهقت بـقوةّ و فتحت عينيها على وسعهما هـذّه المرةّ لكي تـراه أمامهـا الشخص الوحيد الذي كانت تبحث عنه في كل ذلك الظلام و لم تـجد آثـرا له
زمت شفتيها تمنـعّ صوت بكائها ملامحـهّ القلقة نظرات عينيـه الداكنةّ الـحادةّ و شفتيـه ذوات ابتسـامتهّ المتهكمة الدائمةّ التي اختفتّ عن مرمى رؤيتها
الآن ، بقيا على وضعيتهما ممسكا بكتفيها و هو ينـظرّ نحوها بينمـاّ كانت هي صـامتةّ لما قطعت هذا السكونّ بـنبرة صـوتها المبـحوحة
ـ أجـل أسمعك ..
يبدوا أنه لم يصدقها إذ لم تختفي قبضته من على كتفـيها و لا وجوده من أمامـها حاولت الابتسام وّ الكلام لكن لم تستـطع فـنـظرت إلى رقـاص السـاعةّ
قد كان يشير إلى الـرابـعة مساءاّ لم تدرك متى تماما استغـرقت في النـومّ أو حتى متـى وصلت إلى القصـرّ و من الذي جلبها إلى غـرفتها كـأنها فقدت
ذاكرتهـا أيـعقل أنه قد أغشي عليها ربمـاّ لكن منذ متى و لما ؟ نـظرت إلى نـايت كان مرتديا بذلته السوداءّ بلا ربطـة عنق خصـلات شعره الأسود مبـللةّ
إثر الـمطر ربما ؟ لابد أنه قد أتى توا من العملّ همهمت بـدهشة
ـ مـا الذي حـدث ؟
تنهـد حينها بـراحة كـأن هما كبيرا قد انزاح عنّ صدره فدفعها للأسفلّ بـرفق نوعا ما حينما استغربت منه ماري ذلكّ لم تدر ما الذي يريده فحاولت
أن تـجلس لكنه أعـادها بدفعة للخلفّ مستلقيةّ جذب الغطاءّ لصدرها لكي يصبحّ وجهه قـريباّ للغـايةّ منها .. تـحدث بنبرة مبـحوحةّ باردة
ـ لقد عـثرّت عليك سوزي مغمى عليك .. بـحق السماء ما الذي كنت تفـعلينه في الحديقة ؟
اتسعت عينيها بـدهشةّ فعـادتّ تحاول الـجلوسّ لولا أنه شد الإحكام على كتفيهاّ حينما لمحتّ سوزي تـقف على مبعدةّ عنهما بـرفقتها أليكساندر و
كـايل أيضا ، مـا الذي كانت تفعله في الحديقة ؟ لكن آخر ما تتـذكره هوّ عودتها من زيارة قبر والدهاّ كانت أفكارها بـأكملها مشـوشةّ لم تعي تماما ما
تفعله حينهاّ لكنّ تـدرك أنها قررت العودةّ للقصر إذن كيف أغشي عليها ؟ ضـربت جبينها فجـأة و هي تبتسمّ بخفة قـائلة بضحكـةّ
ـ أصبت بالصداعّ من الـبردّ و لا أدرك ما حدث بـعدهاّ ..
أنهت كلامها بـضحكةّ خفيفة للغـايةّ غـيرّ أن توقفتّ لما شعرتّ بالضغطّ الهائل الذيّ يـوجهه نايتّ نحوهاّ قد كانت عينيهّ تـراقبانهاّ بـحدةّ واضحـةّ ذاتّ
داكنتينّ شديدتاّ الـنقدّ و الـترقبّ لطالما أجاد قـراءة ما خـلفّ كلمـاتهاّ و النـظرّ جيداّ إلى ما يحتويه ذهنهاّ دوما ما يـعلمّ كـذبتهاّ فـحاولت أن تتـجنبه حينما
اقترب منهما كـايلّ قد وضع يده على كتف نايتّ كـأنه يطلب منه أن يخففّ حدةّ تصرفاتهّ لكي يستجيبّ الأخير لطلبّه على غير العـادةّ فتحدث كـايل بإبتسامة
ـ مـاري لن تصدقي ما فاتكّ توا ، نـايت أنت كذلك لم تـرىّ ما حدثّ .. سـوزي هلا شغـلت التلفاز لهما ؟ الـخبر عـاجلّ جدا
لما قـالّ ذلك تـقدمت سوزي من شـاشة التلفاز و شغـلتها لكي تـضعه على تسجيلّ مسبق لأحد الـبرامجّ كان أليكساندر يشاهدهاّ لم تستطع إخفـاء تلك
الابتسامة من شفتيهاّ من الجيد أن كايل قد تـدخلّ الآن و إلا لكان قد حدث شجـار بينهما مجدداّ مـاري أخبرتهـاّ حذرتها من أن يعلم نايت بـمكانهاّ بينما
طلبّ نايت من جهة أخرى تشديدّ الـحراسة على ماري نـظراّ لما حدثّ ،
ـ سوف تدهشان بكل تـأكيدّ
تحدث أليكساندر بـحماسّ كبير و هو يقترب من سرير ماري لكي قفز عليه جالسا بجانبهما بينما اعتدلت مـاري في جلستها مسندة ظهرها على وسادةّ
واسـعةّ و لم تغادرها نـظرات الفضولّ و الاستغراب إذ أن الكل يبتسمّ عداهماّ حينما وقع نـظرها علىّ مقـابلة التي حدثتّ كان الضيف الرئيسي فيهاّ هو
ويليام نفســهّ كما أنه لمحت من بين الجـمهـورّ فـلوراّ جالسةّ حينها صفقت ماري بحماسّ و هي تقترب أكثرّ قــائلة
ـ يـا إلهي إنها مقـابلةّ لويليام ..
رمقها نايت بـطرفّ عينه ببرودّ ثم تنهدّ بقلة حيلة متـابعا ما يحدثّ أي كان الأمرّ فإنه لا يستحق كل هذا الـهرجّ حينما وقعت أنـظاره علىّ وليام صديقـه
قد أحرجّ لأول مرةّ فيّ مقـابلة مباشرةّ اتسعت عينيهّ بدهشـةّ واضحةّ لما سمـعّ أيضا اعـترافّ ويليام للعـالم بأكمله لا لفـلوراّ بل للعـالم جميعا بحـبه لهاّ ،
شهقت ماري بـدهشة و قد توردت وجنتيها خـجلاّ .. لما عـلاّ صوت ويليام فيّ أرجاءّ الغـرفةّ بنبرته اللـطيفةّ الـمحبةّ و الموجهةّ خصيصاّ لفلورا
ـ المـرأة الـوحيدة التيّ أحببتهـا ، فـلورا أتستمعين ؟ أنـا أتـحدث عنكّ ..
نـزلتّ دموعها دون إدراك منهـاّ هي تنـظر إليه عـاجزة عن التعبير قبل أن تـبدأ البكاء فوضعت يدها على فمهـاّ و هي تـهز رأسها نفـياّ لكي يضحك ويليام
بـخفة قد كانت وجنتيه محمرتينّ من الإحراجّ فـعـاد يتحدث مـجدداّ بـنبرته الـمـرحةّ
ـ أيتـها الحمـقاء أنـا أحبـكّ ..
لمـا قـال هـذا عـلا تصفيق الجـمهور قد وقف البعض بكل حـماس تشجيعـا له صـارخينّ بأن يتـرد عليه المـرأة بالإيجـابّ بينـماّ ازداد احـراج ويليام أكثرّ
لكي يحك جبينه بتـوتر ، شهـقتّ ماري للمرةّ الثانيةّ قد احمر وجهها كلياّ كساها الخجلّ بالطبعّ اعـترافّ رومانسي كهذا حلم كل فتاةّ و فارسّ مثل ويليامّ
يا لها من مقـابلةّ صـاحتّ ماري بـحماس و هي تقفّ على قدميها
ـ أنـا أحب كلاكمـاّ أيها الأحمـقين ..
ضحكـت بفرحـة عارمةّ و هي تـهز كتفي نايت بدون وعي منها بينما اكتفى الأخير فقط بالنـظر نحو الشاشة غـير مصدق لم رأته عيناه شحب وجـهه
كليا كعادته كلما تلقى أمر يصدمه و اتسعت عينيه بدهشـة واضحـةّ فـلورا و ويليام يـا لهما من مزيج غـريبّ لكن الأغرب كيف له أن لا يلاحظ مشـاعر
صديقه المقـرب الوحيد ؟ قطب حاجبيه مفكـراّ أجل طبـعا كان يسـأله بكثرة عن أحوال فلورا و أخبارها كما أنه يمنعها من التصرف بتهور لكنّ .. بقيت
ماري تهـزه بـحماس غير طبيعي في حين اكتفى هو فقط بتقطيب حاجبيه قد كان كلاهما ينـظران نحو الشـاشةّ ،
ـ مـاذا ؟ ..
استـدار نايت نـحو ماري و كذلك فعلت هي مبتسـمة بـسعادة بالغة بينما بقيت تعبير وجهه نفسها هـادئةّ بـاردةّ أيضا مسـتغربا سرعان ما تنهد بـقلة حيلة
فـرفعت ماري أناملها و جذبت وجنتيه في اتجاهين مختـلفين مجبرة إياه على الابتسام قطب حاجبيـه بينما تحدثت هي بـضحكة
ـ أنــا أحبك أيضا ..
اتسـعت عينيه بـدهشةّ شـحب وجهه كليا لكي تزداد ضحكات ماريّ الرنانة فيّ الغـرفة و هي تقف مستمتعـةّ احتـضنت أليكساندر و جذبته لصدرها أكثرّ
قبل أن يقف كلاهما اتجـهت نحو سوزي محتضنة إيـاها بسعادةّ فبادرتها سوزي الحضن مبـتسمةّ كذلك فـعل كايلّ قد ردد هو الآخر بكل مرح و هو يّضم
ماري نحـوه
ـ أنـا أحبـكّ أنـت فقط ..
قـطب نايت حاجبيه مستنكـرا ما يحدثّ فهاهي سوزي تـدورّ في الأرجاء بـرفقة أليكساندر و كـايل ماري يحتضنان بعضهما البعضّ مرددين كم سيكونّ
الـزفاف رائـعاّ هل رأى ما رأوه ؟ أم أن البرنامج الذي شاهده مختـلف تماما ؟ ما حدث لهماّ كـفيروس سينتشر بـسرعةّ أكل هذا لأن ويليام اعتـرف بمشاعره
نحو فلورا ؟ تنهدّ بقليل من الـحيرةّ إذا عـلموا أن فرانسوا ذهب في موعد أسوف يفتعلون كل هذا الضجيجّ مجددا ؟ تـمتم بـنبرةّ مبـحوحـةّ
ـ تـوقفوا ..
لم يستمـعّ أحد له بل هاهي مـاريّ تـجذبه من يديه لكي يقف على قدمـيه مجبراّ قبلّ أن تضع ذراعها خلفّ ظهره و هـيّ تـدفعه مبتسـمةّ نحو الجميـعّ
وسط اعتـراضاته حينما أمسكّ أليكساندر يده اليسرى بينمـا ماريّ اليمنى قطب حاجبيه و عـاد يتحدث بنبرةّ حادةّ مبـحوحةّ
ـ أوقفوا هـذا فـوراّ..
جفـلتّ ماري إثـر نبرتـه الحادةّ كذلك فعل أليكساندر بينما تنهد كايل بـقلة حيلة و هو يشير لسوزي بـرأسه أن الأمر لن يمر على الخيـر لن يستطيعوا
تجنيبهما الشجار حتى لو أرادوا ذلك اكتفى كايل بهز كتفيه دون مقـدرة على فعل شيء و هو يـنسحب للخلف جاذبا سوزي معـهّ بينما رمقتهما ماريّ
بتوتر حينما استدار ناحيتهاّ فجـأة مبعدا خصلات شعره الأسود عنّ مرمى رؤيتهّ ، حينها بلعت ريقها مغـلقة عينيها منتـظرة منهّ تأنيبها علىّ عصيانها
لأوامره لكن ما حدث عـكسّ ذلك تـماما فقدّ تـنهد بّبحة قـائلا و هو يرفع حاجبه
ـ ليتصـل أحدكم بويليام أحتـاج لتأكد من سلامة عـقله ..
ضحكّ كايل بـخفةّ موافقا نايت فـقد كانت هذه هي ردة فعله الأولى حالما رأى اعتراف ويليام إذ أن فـلورا ليست غـريبةّ لكن يمكن القـول عنها مجنونـة
قليلاّ تتصرف بلا تـفكيرّ و تـتبع دوما قلبهاّ دون أن تـفكر في أية عـواقبّ عكس ويليام الهـادئّ المبتسـمّ إنهما مزيجان مختـلفان كلياّ تماما مثـل الثنائي
الذيّ أمـامه الآن .. رمـقتهّ ماري بـنظرةّ مستغـربةّ قبل أن تـقطب حاجبيهاّ و هي تتحدثّ بنبرةّ محذرة
ـ مـا الذي تـقصده ؟ فلـورا تنـاسبه إنهـا جميـلةّ لطـيفةّ و تهتم جيدا بمن حولها كمـاّ انها
قـاطعها نـايت و هو يستديرّ نحوها بـرفعة حـاجبّ أكثـر عـلوّا في حين زمتّ ماري شفتيهاّ باستياء واضح من مـوقفه إذ تـحدث بـنبرةّ بـاردةّ سـاخرةّ
و شديدةّ التـهكمّ
ـ هـل نحن نتـحدث عن نفس الشخصّ هنا ؟ فلورا التي أعـرفها إمرأة مختلفة تماما
شهقـتّ بدهـشةّ قبل أن تـرمقه بكلّ عـصبيـةّ في حين ابتسـم هوّ بتلاعب مدركاّ أنه ضربّ على الوتر الحساسّ لديها فقد كان مدركا أنهـا تـحاول جمع
كل من ويليام و فلورا معـاّ منذ البدايةّ لكن لم يعطيّ اهتمامها هذا أهميةّ إذ لم يكن يعـلم حينها بأن مشاعر صديقه ستتطور لتصل إلى هذه النقطـةّ المثيرةّ ،
فـكادت أن تـرده عليه بحدةّ لما اقترب منها كايل لكي يضع يده على شفتيهاّ مانعا إياها من الكلامّ قـائلاّ بنبرةّ لطـيفةّ
ـ الآنّ دعـونا لا نكن عدوانييـنّ هكذا و لنذهب لاحتـساء الشاي،
تـمتمت ماري بشيء ما فـأزاح كايل يده عنهـا و هو يلف ذراعيه حول كتفيهاّ كانـتّ حركته هذه عـفويةّ فقطّ إذ أنه اعتـاد على معـاملة ماري على هـذا
الأساس منـذّ تـلك الحـادثةّ التي أدت لتغيير حياتـهم بأكملها بينـما رمـقه نايت ببـرودّ حينمـا انخـفضّ كـايل نحوها ليهمس في أذنها بـنبرةّ هادئةّ جادة للغايةّ
ـ أحتـاج لأن أتحـدث إليك ..
نـظرت إليه مـاري لوهلة ترمش باستغراب قبل أن تـومئ إيجابا حينها تـركّها رافعا يديه في الأعلى ليتـجه نحـو سوزي مبتسـماّ بكل مرح فـاتحا يديه
لاحتـضانها لما تجنبته بكلّ خفـةّ مغـادرينّ الغـرفةّ ، عندمـا أغلق البـابّ خلفهمـاّ استـدار نايت نحو ماريّ التي كانت تـنظر نحوّ عقـارب السـاعةّ بقليل
منّ الاستنكارّ اقـترب منها ببرودّ قبل أن يسددّ ضربة خفيفةّ لرأسها جعلتها تتأوه ألما التفت نحوه فتحدث بنبرةّ هادئة
ـ أنت لا تخفين شيئـا عني أليس كذلك ؟
فتـحت عينيها بـصدمةّ من سـؤاله المفاجئ لما اقتـرب منها أكثـر لكي يـركز نـظراته الحـادةّ الداكنـة عليها ممـا زاد من تـوترهاّ فأشـاحت وجهها بعيـدا
و هي تهز رأسها نفـياّ بصمت بقي يـراقبها لـوهلة من الزمن قبل أن يفتح أزرار قـميصه العلويةّ ثم يضع يديه في جيب معـطفّه حـركته هذه جعلتها ترتبكّ
أكثر حينمـا تـحدث بـنبرة مبحـوحةّ
ـ إن كنـت تفعلين، فـأنت تعـلمين جيدا أنني سـأعلم ما تخفين ماري ..
شدت الإحكام على فستانـها الأبيض قد جذبت هذه الحركة انتباه كل من أليكساندر و نايت قد ازدادت حدةّ عـينيه ، فجـأة ضحكـتّ بخفة و هي تـحكّ وجنتها
بقليل من التوتر خائفة من أن تلقي عينيهاّ بـه قـائلة بابتسـامةّ لطيـفة
ـ لقد قلت أنني لا أفـعل .. نايت ما الذي أصـابك ؟
أمـال رأسه قـليلاّ ناحيتها إنها بكل تـأكيد تخفي شيئا لا ليس مجرد أمر واحدّ بل عـدة أشياء منـذ متى كانت هي تبقي أسرارا إذ أنها لم تنجح أبدا في إبقـاء
أمـر مخفي فتحّ شفتيه ليتحدث لكنـهّ التزم الصمت ارتجـاف جسدها شحوب وجههاّ و نـظراتها المرتبـكةّ فتقدمّ خطوةّ للأمام و هوّ يحركّ ذراعيه دلالة على
الضجـرّ قبل أن يرمي نـظرة أخيرة عليهاّ ثـمّ تـحدث بنبرةّ ظهرت فيها لا مبالاتـهّ
ـ إن كنـت تقولين ذلكّ ، سـأصدقك ..
زمـتّ شفتيهاّ محـاولة الحفاظ على رباطةّ جـأشها كـلماتّ نايت دوما ما تجـذبها إليه تـجعلها أسيرةّ له للأبـدّ نـظراته الـبـاردةّ المتـهكمةّ تـريد أن تـخبره
لكنّ لا تستطيـعّ أن تفعل ذلكّ هي لم تعد ماري القديمة بعد الآن لن تستند على أحـدّ ، تـحدثت بهدوء و هي تقترب منـه يسيران جنبا إلى جنـبّ
ـ لقد قـلتّ تـوا بأنك ستصدقني .. ظننتك لا تـثق بالنسـاء
تنهـد أليكساندر بقلة حيلة و هو يتبعهمـاّ ألا تـدرك أنها أكدت تـواّ لكلاهما بإخفـائها لأمور عـديدةّ لا شيء واحد بينـما استـدار نـايت نحوها ينـظر إليها
بهدوء فتوقفت هي أيضاّ بدهشة ابتسـمّ ببرود و هو يعـودّ لسير قـائلا بنـبرةّ مبحـوحةّ
ـ عـجيب أمرك فـعلا أو لست أنت من طلب مني تـصديقك سابقـا ؟
تـمتم بعد ذلك بكلمات يتذمر فيها من مـزاج النـساء تـاركا إياها خـلفه تعمها الـصدمةّ لقد بدى لها نايت مختلفـا كـأنه لم يعد نفسه أو ربما هي تهذي لأنه
من المستحيل أن يثق بها فهزت رأسها نفيا تطرد هذه الأفكـار بعد ذلك مدت يدها نحو أليكساندر لتمـسكه بـكلّ خفة قد رسمت على شفتيها ابتسامةّ لطيفة
كادت أن تتحدث حينما قال هو بـنبرة عالية قـليلاّ رامقا بطرف عينه ماري
ـ نـايت انتـظرنا ..


/




 

رد مع اقتباس
قديم 03-10-2020, 08:31 AM   #102
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي





ظر إلى يده التي أمسكتهـا كلير بإحكـام قبل أن يجول بعينيه في المكـانّ بأسره كانا في حـديقة عـامةّ مشـهورة بذهاب الأزواج إليها تنهد بـقلة حيلةّ
مقطبا حاجبيه لم يكن يـعلم أنها ستسحبـه هناّ هذا الموقع يبدوا هـادئا مقارنة بما اعتقدها سوف تـذهب إليه كمدينة الملاهي مثـلاّ لكنها لم تفعل بل اكتفت
فقط بإمساكـهّ و التـحدث عن شتى الأمورّ مبتسمة بسعادةّ أشـارتّ فجـأة إلى سيـارة المثلجات و اتجهـتّ راكضـةّ نحوها تـطلب منه الانتظارّ
حـالما تـركتّه جلس على العـشبّ ينـظر من حوله لم يسبق له أن كان في مكان حيوي مثـلّ هذا فكل وجهاته تتمثـل في الاجتمـاعاتّ أو تلك الحـفلاتّ الراقيـةّ
المملة بنظره و بنـظر سيده ، ربـع قدميه بحركة عفويةّ ثـمّ أبـعد خصلات شعره عنّ وجهه رافعا إياها للأعلىّ قد ظهرت عينيه الزرقاوتين باهتتينّ جداّ ،
مـرتديا بـذلته الـرسميةّ الـسوداءّ تـركّ معـطفه على الأرضّ كذلك هاتفه و حـاسوبه ،
عـاد ينـظرّ إلى ذراعه هذه المـرةّ مقطبا حاجبيه بـعدمّ رضا منذ أن أصابه جونسون في كتـفه و قدمـهّ فقد الكـثير من الـوزنّ أو بالأحرى ضعفت عضلاته
لم يستعد صحتـه كليا بعدّ إذ أنه لم يعد يتمرن كثيـراّ لعدم توفر الوقتّ إلا أنه وزنه بالرقم من ذلك بقي مثـالياّ ، فجـأة انتقـل إلى مسامعه صوت كلير المرحّ
و هي تقـدم له مثلجاتّ
ـ تـفضل فرانسوا ..
تـمتم بـشكره و هو يـأخذها من بين يدهاّ إنه لا يحبذ الأشياء الحلوةّ لكن سيجربهاّ فقطّ ، تـناول الملعقةّ الأولى دون أن يقـولّ شيئا بينما جـلست كلير بجانبهّ
مبتسـمة عـادت تتحدثّ حول مشـاريعّ التي يتوجب عليها القـيامّ بهاّ ، أسرتهـاّ و كل شيءّ بقي هو ملتزما الصمت طوال هذه الفتـرةّ مستمعا إليهاّ يومئ في
بعض الأحيـان و يركز عينيه عليها بإهتـمام بالغّ هذه عـادتهّ فـلطالما كان مستمعاّ جيداّ ، تحدثت كلير بـنبرة ضـاحكةّ
ـ مـاذا عنك فـرانسوا هل لديك شيء تـريد قوله ؟ التحدث عنه ربما ؟
هـز رأسه نفيا و هوّ يمسك بـملعقته نـظر إليها بوجه شاحبّ لا يريد تـناول المزيدّ لكن مادامت أنها جلبت له ذلكّ فليس من اللائق الـرفضّ تنهد بقلةّ حيلة
و استدار لينظرّ إلى الزوجين اللذان يجلسان أمامهما قبل أن تتـحدث كليرّ فجـأة و هي تدفعه بخفة من كتفه
ـ هيـاّ .. ألا يمكنك الاسترخاء قليلا ؟
رمقـها بنـظراتّ باردةّ فتلعثمت كليرّ و هي تسرع في الاعتذار منـه لما عـاد يراقب النـاسّ من حوله بـلا مبالاة واضحة أخفضت رأسها للأسفـلّ عـابسة
تـعلم جيدا أنها في معظم الأحيان تلح في الطلبّ حتى تحصل على ما تريدّ لكن هذا ليس ما تـريده لا بل حتى ليس أقرب لما ترغب به ، كل ما تمنـته هو موعد
لطيف مع فـرانسواّ يتناولا المثلجاتّ و يتحدثا حول مواضيع عديدةّ دون التطرق إلى العـمل فهل ما تطلبه مستحيـل ؟ فتـحت شفتيها بتردد
ـ فـرانسوا أعـلم أن أول انطباع عني كان سيئا جدا أدرك هذاّ فـأنا لم أكن بالـشخص الجيد لكنّ إن أعطيتني فـرصةّ ثـانيةّ فـسوف أعمل على أن أصححّ
خطئي ،
لم تـرى تـجاوباّ منه بل اكتفى فقطّ بالنظر نحوهاّ دون أي إيماءة أو إشـارةّ فإزداد تـوترهاّ خوفهاّ و ذعرهاّ أميالاّ خـائفةّ من أن تـرفضّ هذا أكبرّ كابوس
لأي إمـرأةّ فأخفضتّ رأسهاّ لوهلة من الزمنّ قبلّ أن ترفعه مجددا لما هـذا صعبّ جدا ؟ أخذت نفسا عميقاّ ثم تـحدثتّ بنبرةّ صريحّة صادقةّ
ـ لما أصـيبت من قبل جونسون لا أعـلم لما لكن لم أردّ لك الموت حينهـا كـأن شيئا انتزع مني كمـا لو كأن قـلبيّ قطـع لأشلاء عـديدةّ أطلق عليّ غـبية
أو بلهاءّ لكن منذ أن وقعت عيناي عـليكّ و أنا واقـعةّ من أخمص قدمايّ إلى أعـلى رأسيّ فـيّ حبـ ..
قـاطعها لمّ وقفّ بكل هدوء ساحباّ معـطفه نـظرتّ إليه بدهشةّ ألن يدعها تكمل اعترافها على الأقل ؟ أهي لا تستحقّ حتى وقته ؟ كتمـتّ دموعها رافضةّ أن
تظهر بمظهر الفتـاةّ المثيرةّ لشفقةّ و هي تدير رأسها بـعيداّ لكن بالرغمّ من إرادتها فقدّ بدأت البكاءّ دونّ أي صوت لما تـحدثّ فـرانسوا بـنبرةّ هادئةّ جداّ
ـ أنـا لست بالـرجل اللطيف الذي تظنينه كمـا أنني لستّ بالـرجل المناسبّ لك ..
استـدارّ لينظر نحوها ثمّ استند على ركبته لكيّ يمسكّ بـوجنتيها بينّ يديه كان مبتسماّ و كم كانتّ ابتسامتـهّ لطيـفةّ ذاتّ عـاطفةّ وّ رقة لم يسبقّ لها أن رأتهاّ
لم يكن حبـاّ هذا ما رأته كليرّ فيه لقد اعتقدتّ أنه لم يحببهاّ و طوال هذه المدةّ كان يكرههاّ فضحكّ بخفةّ لأول مرةّ ثمّ تـحدثّ بنبرةّ مـرحةّ
ـ أنـا ممتنّ لك كلير .. بسببكّ استعدتّ رغبتي فيّ العيشّ مجدداّ لأنك أول شخص بكى من أجليّ لأنك أولّ من حزن لرحيليّ فـأنا ممتنّ لكنّ لا أستطيعّ أن
أمنحكّ السعادة التيّ تـرغبين فيهاّ ،
اتسعت عينيهاّ بصـدمةّ قبلّ أن تزم شفتيها محاولة أن لا تبكيّ يقـولّ أنه بسببهاّ استعاد رغـبته في العيشّ أنها أول من بكى لأجلّه و أول من حـزن لرحيله
فـلماذا يدفعها بعيداّ عنه ؟ هزت رأسهاّ نفياّ و هي تبكيّ بصوتّ عاليّ حينها رقتّ ملامحـهّ أكثرّ تـنهدّ قبل أن يتحدث مجدداّ بنبرةّ هادئةّ
ـ لتنسيّ ما حدث في بـاريس اعتـبريه مجردّ حلم فقطّ .. أنسي ما حدثّ كلير جدي شخصاّ أفضل بعيداّ عن كل هذّه الـحروبّ عيشيّ ، هلا فـعلت هذا من أجلي ؟
الآن عـلمتّ السببّ خـلفّ مجيئه لم يكنّ لأنه أرغم نفـسهّ لم يكنّ لأنه مجرد أمر من قبل نايتّ بلّ لإنهاء كل شيءّ لإنهاء مشاعرهاّ هي نحـوهّ ، يطلبّ منها
أن تنسىّ كل ما جرى ؟ كيفّ ذلك و هي من رأته يعاني أمـامها ؟ كان على مشـارفّ الموتّ يعانيّ كل ليلةّ من كوابيسّ تـطارده ألام جسدهّ و خـذلانه لسيده
يحـاولّ بجهد أن يشفى لا لأجل نفسه بل لوعد قـطعه على نايتّ ، يـضحي بحياتهّ مخلصّ لمهنته سيـده لا بل صديقـه إنه أكثرّ من مجرد سكرتير بسيطّ إنه
الـرجل الذي تـحبه هيّ لا أحد أفضل منه بين عينيهاّ و لن تـجد أحداّ فـكيفّ يطلب منها نسيان أول حب لها ؟ فقدتّ القـدرةّ على الكلامّ فتنهد فـرانسواّ بـقلةّ
حيلةّ و هو يجلسّ بجانبهاّ نـظرّ لسمـاءّ قبل أن يتحدث بنبرةّ شاردةّ
ـ نحـن رجـال غايتنا الانتقـامّ كلّ ما نسعى خلفـه هوّ الانتقامّ فقطّ ، أتحدث بمسدسيّ و أجادل بقبضتيّ لست أبالي بعدد الأرواح التي قتلتها ما دامتّ مجرد
عـثرةّ في طريقيّ .. بالرغم من هـذاّ أريد أن أقول لكّ أن ..
تـوقفّ عن الحديثّ عند هذهّ الكلمـةّ بالذاتّ قدّ أعـاد أنظاره نحوهاّ كانتّ تـحدق به بـكلّ دهشـةّ عـاجزةّ عن التعـبيرّ رجال غـايتهمّ الانتقـامّ هوّ و نايت تعـلمّ
هـذا مسبقا تـدركّ ما يفعلهّ هي لا تطلبّ منه أن يتوقف عن ذلكّ كل مـا تـريدّه هو البقـاء بجانبه الحصـولّ على ابتسـامتهّ فـكتمتّ أنفاسهاّ حينهاّ وقف مجدداّ
مد يده نحوهاّ قد عـادتّ ملامحه لما كانتّ عليه لكي يتحدثّ بنبرةّ هادئةّ
ـ هلا أعطيتني يدكّ آنسة كلير ؟
لم تـرد أن تمسكّ يده بلّ أنها وقفتّ لوحدها تـاركةّ يده الممدودةّ فـسحبهاّ للخلفّ حينما اقتربتّ منه كلير فجـأةّ على أطرافّ قدميها أمسكتّ بـوجههّ ثمّ قـبلته
على شفتيـهّ اتسعت عينيهّ بصـدمةّ أتجاهلت كل ما قـاله تـواّ ؟ كـأن كل الكلامّ الذيّ قاله ذهب أدراجّ الـرياحّ ، بـعدّ ذلك تـركته ابتعدتّ عنه عدةّ خطواتّ ثمّ
تـحدثت بنبرةّ قـويةّ و هي تشير عليهّ
ـ أنـا كلير سأجعـلكّ تـقع في حبـي لذا انتـظر و سترى ..
ضرب جبيـنه بـخفةّ متنهـداّ بقلةّ حيلةّ ألن ينفع أي شيء معهاّ ؟ فتحّ فمه لكي يتحدثّ فـعادتّ تـقترب منه نـظر إليهاّ بـإستغراب كاد أن يتحدثّ فوقفتّ على
طـرفّ قدميها بـنظرةّ تصميمّ واضحـةّ حينهاّ وضع يده على شفتيهاّ قـائلاّ بإنزعاجّ و إحراج في آن واحدّ
ـ حسنـا فهمتّ توقفيّ .. دعينـاّ نعود الآن
ابتسـمت بـخفةّ و هي تـحيطّ ذراعه بذراعهاّ متشابكينّ قطب حاجبيه منـزعجا أي إنهاء للأمور ؟ كأنها لم تسمع شيئاّ مما قـاله لكنّ ألقى نـظرّة خفيفة عليهاّ
ثم ابتسمّ بهدوء كاتما ضحكتـه هـذا الاعترافّ جعله يتـذكرّ ماري لسببّ ما كم بدت شبيهةّ بها فيّ هذّه اللحـظةّ لا عـجب في أنهما صديقتينّ ،
عـادتّ كلير تتحدثّ مجدداّ عنّ محاضراتهاّ بكلّ مرحّ قد عـلت وجنتيها حمرةّ طفيفةّ لن تـكذب على نفسها و تـقول أن كلمـاته هذّه لم تـؤثر عليهاّ لأنها فـعلتّ
تـدركّ الآن أن المسافةّ لقلبه طويلةّ و ليسّت سهلّة ، حينـماّ توقف فجـأة فـرانسوا عنّ السيرّ نـظر بطـرفّ عينه لأحد الاتجـاهاتّ قد تـغـيرت ملامحهّ بأكملهـا
استغـربت ما حدث له و كـادت أن تستدير لولا أنه أحكم القـبضّ على ذراعهاّ تـحدث بنبرةّ هادئة
ـ لا تلتفتيّ .. لنغـادر فقطّ
أومـأت كلير بالإيجاب مستغربةّ ما يحدث ثم اتجه كلاهما إلى سيارتها وضعتّ المفتاحّ مكانه مستعدةّ لتشغيلّ المحركّ حالما أغلقّ فرانسواّ البابّ خلفهاّ نظرت
إليه بدهشةّ فتحدثّ بهدوء و هو يلقي نظرةّ أخيرة عليهاّ
ـ سـأشتري عـلبة سجائر انتظري لحـظةّ ..
تلعثمت لكنها لم تجادله بل اكتفت فقطّ بانتظاره تماما كما طلب منها بينما اتجـه فرانسواّ بخطوات بطيّئة إلى إحدى المحلاتّ كانتّ المسافة بعيدةّ مقارنةّ
بموقعهماّ حـالما اقتـربّ كفايةّ استدارّ بسرعةّ لكيّ يمسكّ ذراع رجلّ ما لفها خلفّ ظهره بحركةّ سريعةّ جداّ جعلتّه يتـأوه ألماّ بينماّ نظر إليه فرانسواّ ببرود ،
تـحدثّ بنبرةّ باردةّ
ـ من أرسلك ؟ و مـا غـايتك ؟
لم يجبـه الرجلّ بل التـزمّ الصمتّ و هو يحاول تخليصّ نفسه بكلّ قوة حينهاّ ازدادت شدةّ قبضةّ فرانسواّ على ذراعـه لكيّ يتأوه بـألم قد كاد أن يكسرهاّ
بدون مبالاةّ فـتحدث فرانسواّ مجددا بنبرةّ هادئةّ
ـ لماذا تتبعنـا ؟
تـوتر الرجلّ أكثر فرمقه فرانسواّ بإستغـراب إذ بدى له عديم الخبـرةّ إن صح القولّ فـهو لم يخفيّ نفسه جيداّ كمـاّ أن مكان مراقبته لهما كان بارزاّ و لاّ يجيد
حماية نفسه أيضاّ هل هوّ جديدّ في هذا العمل ؟ أم أنه مجرد أحمق ؟ قطب فرانسوا حاجبيه حينما أجابه الرجل بتوتر
ـ أرجوك لا تـفعل ، أنا فقط أنفذ أوامره ..
كـاد فـرانسوا أن يسـأله عن هوية هـذا الغـامض بالرغم من أنه هويته كانت واضحـةّ له منذ البدايةّ إلا أن التـأكد واجب عليه قبل أن يقدم على فعل أي شيء
حينمـا لمح كلير قادمة نحوهما قد كانت تركــض مسرعة بدت قـلقة للغايةّ فـشتت انتباه فرانسوا لوهلةّ مما جعل قبضته تضعف قليلاّ فاستغل الرجل الفرصةّ
لكي يفـلت منـهّ راكضـا فقطبّ حاجبيه بإستنـكارّ ، لما انتقل إلى مسامعه صوت كلير القلقة
ـ فـرانسوا لماذا تـأخرت ؟ و لما كنت ممسكا بـذلكّ الرجل ؟ هل حدث شيء ما ؟
تنهـد بقلةّ حيلة أكان عليها القدومّ الآن ؟ فـهز رأسه نفيا على أسـألتها و هوّ يجعلها تستديرّ دافعا إياهّ بـخفة من ظهرها إلى الأمـامّ بينما استمرت أسـألتها
دون تـوقفّ لكي يضطر فرانسواّ لإجابتها بنبرةّ ضجرةّ
ـ كلـير اخرسي و دعينـا نغـادر فـأنا متعب ..
زمت شفتيها باستياء و نـظرتّ للخلفّ حيثما كان يقف فرانسوا و ذلك الرجلّ سابقا ثمّ عـادت تـشغل المحركّ في حين جـلسّ فرانسوا بجانبها رفـع هاتفه
بـهدوء بدأ العـمل لكي يزداد استياء كليرّ هـذّه المرةّ التـزمت الصمـتّ فعلا طـوالّ رحلتهما نحو قـصرّ لبيير ..

/

في ردهـة المنـزل كانت تـقف هي مرتديـة فستانا أسود قـصيرا مع حـذاء ذو كعب عاليّ قد تركت خصلات شعرها مسدولة على ظهرهـاّ بعفوية ملامحـهاّ
الـرقيقةّ و نـظراتّ عينيها الهـادئةّ عكسّ ما تلك الابتسـامةّ الـماكرة الخبيثـةّ التي علت شفتيها تـنظر نحو إحدى الـغرفّ قبل أن تـخطوا إلى الداخل ، اتجـهتّ
إليه هوّ حيثما كان نـائماّ باسترخاء خصلات شعره البـنيةّ بشرته البيضاّء و بـروده فوضعت أنامله على رأسهّ لكي تهزه بـخفةّ حينها فتح عينيهّ بـهدوءّ حالما
وقعت أنظاره عليها تنهد بضجرّ و هو يستدير للجـهةّ الأخرى قـائلاّ بنبرة منزعجة
ـ إليـزابيث غادري و أغلقي الباب خلفـكّ ..
كانت مـدركة أنه لا يحبذ البقاء معها فـهو لم يكن يـريدها أبدا معهم لكنه و احتراما لقراراتّ ديميتري فلم يـقل شيئاّ لم يفتح فمه و لم ينبس بأي شيءّ فـاقتربتّ
منه أكثرّ و وضعت هاتفها أمام عينيهّ لكي تشغل الـتسجيل بـكلّ خفة حينها اتسعت عينيه بـدهشّة فـأخذ الهاتف منها مسرعاّ و هو يعتدل في جلسته فقالت
إليزابيث بـكلّ فخر و هي تجلس بجانبه
ـ مـدهش أليس كذلك ؟
كان التـسجيلّ يحتوي على مقابلة ويليـام و اعتـرافه لفـلوراّ فقطب أوسكار حاجبيه مستغـرباّ لم يكن ليظن أبدا أن ويليام يـحبهاّ لم يظهر ذلكّ قط فـحتى لما
كانا في جولتهما لم يذكرها و لو لمرةّ واحدة بالرغم من أنها كانت تستمر بالاتصال به إلا أنه أبدى لا مبالاة فضيعة نـحوها ؟ أكان يخفي الأمر ؟ زم شفتيه
بـإستياء لما لم يصـله تقرير بهذا الحدثّ ؟ لو علم بـمقابلة ويليام لكان قد جهز شيئا ما تـحدث بحدةّ و غـضبّ
ـ لكن ما الذيّ يفـعله ديميتري ؟ كيف لم يعلم بـأمر هذه المقابلة ؟ لكنا استغللنا الأمر لصالحنا
هزت إليزابيث رأسها نفياّ قد أخذت خصلات شعرها تتراوحّ يمينا و شمالا بإبتسامة باردة علت شفتيهاّ كـأنها تستمع بالأمرّ حينها تنهد بحدةّ لماذا يتعب نفسه
بالتحدث معها ؟ فوقف مستعداّ لمغادرة غرفته لما قـالتّ إليزابيث بـضحكة
ـ لن تـجده في غـرفته هو ليسّ هنا ..
توقف عن السير ثم التفت إليها مستغـرباّ ديميتري ليس في غـرفته و أين هو إذا ؟ لقد اعتمد البقاء في المنزل تفاديا لصحافـةّ أو لرؤية أحد له لقد أراد
أن يبقي أمر عيشه سراّ لذا لم يرد الـخروج لذا إن لم يكن في المنزل فأين هو ؟ قبل أن يسـألها أجابته إليزابيثّ باستياء و هي تضم ذراعها
ـ لقد رفض إخباري وجهته كم هو قاسيّ يتصرف لوحده كذاّ ألا يدرك أنني وحيدة بدونه ؟
زم أوسكار شفتيه بـعبوس ها قد عادت إليزابيث إلى عادتها المتلاعبـةّ و كأنها ستتخلصّ من هذه التصرفات لذا تـجاهلها و هو يتـجه إلى الحمـامّ حاملا
منشفته فـقطبت إليزابيثّ بضجرّ ثم رفعتّ آلة التـحكم عن البـعد لكي تشغل التلفازّ غـير آبهة بنظراتّ أوسكار الحادةّ و المنزعجة من تـواجدهاّ معه ، لمّ يـمر
وقت طـويلّ حتىّ خرجّ يمسحّ شعره بـعشوائيةّ متكلما بـنبرةّ غاضبة
ـ أين هو آرثر ؟ ذلك الغـبيّ إنه يستغرق وقتا فعوض أن يقوم بمقاضاة تلك المرأة هو يلهو هنا و هناكّ ..
نـظرتّ إليه ثمّ هزت رأسها إيجابا لا تستطيع إلا أن توافقه فهي تكره كل شيء يتعلق بماريّ و بما أن فلورا روبرت أختها فسوف تكون سعيدةّ بزجها في
السجنّ كمـا أنها الآن حبيبة ويليام ضربّ شخصينّ بحركة واحدةّ ، اقترب أوسكار من سريره و استلقى عليه بكسل بعد ذلك أمسك هاتفه يّقلب بين رسائله
بعصبيةّ واضحـةّ فـتحدثت إليزابيثّ بـهدوء
ـ مـا رأيك أن نتحركّ نحن ؟ سوف ندع أمر نايت لـديميتري و نتولى البقيةّ
التزم أوسكار الصمتّ لوهلة من الزمن مفـكراّ قد رمق إليزابيث بـبرودّ لا يجب عليه الثقة بها فـهي ليست مخلصة لأحدّ إلا ديميتري طبـعاّ غـير أنه لم يعد
يحتمل البقاءّ مختبئا هكذاّ كما لو كأنه ارتكب جريمة بينما ينعم الـغيرّ بحياتهم فـوقفّ ثم اتجـه إلى خزانته جـذبّ معطفه و وشاحه فـابتسمت إليزابيث بكل
سعادةّ و هي تقف على قدميهاّ منتـظرّة أوسكارّ .. حالما ارتدى ملابسهّ استدار ناحيتها ممسكا بـمفتاح سيارته قـائلا بنـبرةّ بـاردة
ـ لنذهب إلى آرثر أولا .. سوف أقضي عليهم واحدا تـلو الآخر
ضحكت إليزابيث باستمتاع شديد و هي تتبعه لا شيء أفضل من أوسكار الجـادّ فإن عـزم على شيءّ سوف ينفذه دون أي أخطـاء تماما كما جعل ويليام يدين
له وّ قام بحـجزه فيّ لندن أيضا بربط مهنته معهّ ، بينمـا اكتسى الـهدوء ملامح أوسكارّ لا يستطيع أن يجعل الأمور تفلت من بين يديهم أكثر من هذاّ إن ما
يحدث أمر غـيرّ مقبول نايت يظن أنه فـازّ و تـلك الـصغيرة ماري تعتـبرّ نفسها قد نجت منهم أما أليكساندر فقد تخلى عن ديميتريّ لم يعد الأمر يحتمل ..





 

رد مع اقتباس
قديم 03-10-2020, 08:32 AM   #103
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي





حـولّ تـلك الطـاولةّ اجتمـع الكـل نـايت مرتديـاّ قميصـا أزرق اللون داكنّ و سـروالاّ جينز مع حـذاءّ بـوت إن صح الـقول أسود اللـونّ على الجـانب الأيمـن
بجـانبه كانتّ ماري فـستانها الـورديّ الـقصيرّ تشرب عصير البرتقـالّ بـبطءّ أمـامّها من الـجهة اليسرى كـايلّ مرتـدياّ ملابسّ رياضيةّ يأكل قـطعةّ الخبرّ
بـنوع من الضجر و هو يـراقبّ ماريّ مبتسما بكسل أمـا أليكساندر فكان بجـانبه زمّ شفتيه غير راضي على مقعدهّ لكنه لم يقل شيئاّ بل اكتفى فقط بتناول
طعـامه و هوّ يرمق سوزي التي تكلفتّ بالـتقسيـمّ بكل استياء بينمـاّ بقى الكرسيّ السيد بيتـرّ فارغـاّ ، تـحدث كايل فجـأة بـتململّ
ـ سـوزي أريد تـناول معـكرونة على الطريقة الإيطالية أيضـاّ بعض الجبن السويسري فوقها فهلا طلبت منهمّ تـحضيرها ليّ ؟
رمقـته سوزي بـحدةّ ثمّ أشارت على صحنـه بـعصبيةّ لكي يعبسّ لقد بدى واضحا أنها تأمره بأكل ما قد حضر له دون تـذمرّ ففـعل ذلكّ حقيقة هوّ لا يريد
أن يأكل على الإطلاقّ لكنه يجبرّ نفسه على ذلكّ بينما تنهدتّ سوزي بـقلة حيلةّ إذ أنها ليست المرةّ الأولى التي يطلب فيها تغير طعـامه و حالما يجلبون له
ما طلبه لا يـأكل شيئـاّ ، رفع نايت عينيـه الداكنتين نـحوه يـراقبه قبل أن يتنهد ببرود ألن ينساها ؟ لقد حان الوقت لذلك فـتحدث بنبرةّ بـاردةّ
ـ كل طعامك و كفاك تـذمراّ ..
حالما قال نايت أمره تـوتر كايلّ أسقطّ الملعقة من بين يدهّ فـنظر ناحيتهّ بإرتباك ثمّ أومـأ إيجابـا و هو يأكل ما بصحنه دونّ أن يقول شيئاّ بينما رمقـته ماريّ
بـتحذيرّ و هي تـضربّ ذراع نايتّ بـخفةّ فاستدارّ ناحيتهاّ أشارت له أن يتوقف عن الكلامّ لكيّ يقطب حاجبيه باستنكار ،
ازدادت تـقطيبة نايت لكيّ يتنهد بـقلةّ حيلةّ لقد فهم ما ترميّ إليه إنها لا تـريد منه أن يقسوا على كايلّ لكن و هل يعتبر ما قاله تـهديدا ؟ لقد أمره فقط أن
يتوقف عن إهدار الطعـامّ دفـعّ بـيد ماريّ بعيدا عنّ جبينه لكي يمسكّ بـكأسّه احتسى القليلّ قبل أن ينـظر بطرفّ عينه إليها كانتّ تشرب عصيرهاّ ببطّء قد
اعتـبرّ هذا كـأسها الـثالثّ عـاد ينظر نحو كايلّ الذيّ يبتسم بـغـرابةّ حينهّا تـحدث أليكساندر فجأة قائلاّ بنبرةّ مستاءة
ـ ما هذا ؟ إن ذوقه غـريب ..
ازدادت ابتسـامةّ كايل اتساعـاّ ثم استـدارّ ليغمز بكلّ شقاوة لإحدى الخادماتّ التي شاركتـهّ الضحكّ لما فتحّ بـاب القـاعةّ ببطءّ و هدوءّ رفع نايت عينيه
الحادتينّ يرمق فيها فرانسواّ القادم ببرودّ قبل أن يبتسمّ متهكمـاّ قد كانت بـرفقته كلير التي انحنت بسرعة لما رأتهّ ألقى التحية عليهم جميـعاّ بعد ذلكّ
وقف بجانب سوزي يسألها حول ما حدث سابقاّ في حين وقفت كليرّ بالخلفّ حينما رأتهما ماري وقفت بّسرعة و هي تبتسمّ بسـعةّ صدر كادت أن تناديها
لما شعرتّ بالدوار فعادت تجلسّ مكانها حينها تحدث أليكساندر بـإستياء
ـ نايت أنـظر إلى هـذا الـ ..
وضع كايل يده على فمه مانعا إياه من إكمال حديثه لكي يقطب أليكساندر حاجبيه فهز كايل رأسه نفياّ بتحذير شديد ازداد استياءّ الأخيرّ و كاد أن يتحدث
لولا أن ماريّ سبقته قائلة بإبتسامة
ـ كليـر ، فـرانسواّ تفـضلاّ هيـا ..
ابتسمتّ كليرّ بـلطفّ و هي تـخبرها بأنها تناولت عشائهاّ رفقة فرانسواّ تـرفضّ دعوتها بخفـةّ بالغةّ بينماّ اعتذر فرانسوا بلباقةّ حينها وضعت ماري ملعقتها
جانبـاّ نظرتّ بطرف عينها إلى كايل المبتسمّ بـخبثّ لقد كانت تصرفاته غريبة طوال الليلةّ أهي مخيلتها أم أن هناك شيء يدور بباله ؟ بينما رمق أليكساندر
كايل بـغيضّ منزعجا من أفعاله و هو يتنهد بقلة حيلةّ مكملا أكله ..
بـعدّ فترة غـادر نايت القـاعةّ متجها إلى مكتبـهّ قد تـبعه فرانسواّ بتقريره فيّ حين اتجه كل من أليكساندر و كليرّ إلى غـرفته من أجل جلب لعـبةّ لقضاء
وقتهماّ بينما بقيتّ ماري بالأسفلّ جالسةّ عل الأريكةّ مغـمضة عينيهاّ بنعـاسّ بجانبها كان كايلّ حالما اختفى الكل عن أنظارهما استدارّت ماري ناحيته قدّ
فتـحتّ سوزي البـابّ ببطءّ و بـخفةّ قدّ جلبت شـايّ ساخن لتـخفيفّ إرهاق ماريّ لكنها توقفت فجأّة قد انتـقلّ إلى مسامعها صوتّ ماريّ الـهادئّ قد برز
اهتمامها فيهاّ
ـ إذن ما الأمر ؟
عمّ الصمتّ لوهلة من الزمنّ فتنهدت ماري بحيـرة تـعلم تماما ما الذي يدور في ذهنـهّ إنه الشخصّ الوحيد الذيّ يفكر به دومـاّ و من غير إليـزابيث ؟ فـعادتّ
تنظر للأمامّ بقليلّ من الإرهاقّ بينما تنهد كايلّ بدوره و هوّ يسند رأسه للخلفّ على ظهر الأريكـةّ بتعب مبتسما لكي يتحدث بعد ذلك بنبرةّ هادئة
ـ تلك المـرأة لعبت بي كالدمـيةّ جعلتني أقـعّ في حبهـا كما لم يسبق لأحد أن فعل لكي تخوننيّ في النهـايةّ مـعه هو بالرغـم من أنني كنت أعلم بخيانتها إلا
أننيّ تجاهلت ما رأت عينايّ و فضلت بقـائها بجانبي على مواجهـة الواقـعّ حتى و هي تأخذ أموالي فضلت تـركها تفعـلّ وثقت بها كمـا لو كأنها خالية من
الأخطـاءّ ، أنـا وغد سـافل أدرك ذلكّ لكن ..
نـظرت نـحوه بلطف ثمّ رفعت ذراعها لكي تـحرك خصلات شعره البني بـرقةّ تحاول أن تجعله يستمر بالحديثّ حينها أخفضّ رأسه لكي يمسكه بين يديه
بدأت دموعه تشـقّ طريقها عبرّ وجنتيه بصمتّ ارتجـافّ جسـده بـأكمله و دموعهّ صـوته المتحشرج مكملاّ كلامه
ـ ليست عـلاقة دامت سنـةّ لاّ .. لقد أعطيتها حياتي بأكملـها ماري ، وثقـتّ بها و أحببتهـاّ كما لم أحبب إمرأة سابقـاّ فـأخبرني أين أخطـأت ؟ ماذا فعلت
لكي أستحق هذه المعاملة ؟
التـزمت الصمت لـوهلة قبل أن تـراه يتجـه بخطواتّ بطيئةّ إلى تـلكّ المـائدة الزجـاجيةّ ثم أمسكّ بـكأس نبيذّ حينهـا وقفتّ ماري بـسرعةّ كي تـبعده عنه
لكنه تجـاهلهاّ و هو يحتسيه قطبتّ ماري حاجبيها ثمّ تـحدثت بنبرةّ هـادئةّ
ـ كايل أعطني إيـاه الشرب لن يحل لكّ مشـاكلك ..
لما أمسك بـكأس مرةّ أخرى دفـعتّ ماري المشـروب من بين يديه بقوةّ لكي يسقطّ على الأرضّ متناثرا زجـاجه فيّ كل الأنحـاءّ قد علت عينيها نـظرةّ
تصميمّ واضحـةّ هـادئةّ حينها تـنهد كايلّ بـقلة حيلةّ بالرغم من أنها محـقةّ إلا أنه لا يستطيّع تجـاوز ما فـعلته إليزابيثّ به لقد خلفت ورائها صـدمةّ خيانةّ
ستتركّ في قـلبه جرحا لن يندمل على الإطلاقّ حينما قـررتّ سوزي الـدّخول قد فعلتّ كانت عابسةّ الملامحّ مستاءةّ حينها أدركّ كايل أنها كانت تستمع لما
يحدث طوال هذه الفترةّ ، قدّ تحدثتّ بنبرةّ حادةّ
ـ ما الذي تـقصده بما الذي أخطـأت فيه ؟ تـركها تتـلاعب طوال هذه المدة بكّ هو أكبرّ خطـأ لكّ سيديّ إنها لا تستحقّ جزءا من اهتمـامكّ أجل أعـلم أنك
تحبهـاّ نحن كلنا نعـلمّ لكن ألم يحن الوقت بعد لنسيانها ؟
نـظرّ إليه كايلّ بـهدوء الكـلّ يعلم بحبـه لها لكن تـماما مثلمـاّ قالت سوزي لقد حان الوقت لنسيانـهاّ إمرأة مثلها لا تستحـقّ أن يرهق نفسه من أجلهاّ لما
استـدارتّ ماري نحوهّ كانتّ هادئةّ شـاحبة الملامحّ لكنهاّ جـادةّ و حـادةّ قدّ اقـتربت منه قـائلةّ بنبرةّ هـادئةّ بـادرةّ
ـ بالمـختصر المفـيد دعنـاّ نلقن تـلك السافلة درسا لن تنـساه ..
فتح كايل عينيه على وسعهما بدهشـةّ قبل أن يضحك بنبرةّ مبحوحـةّ و هوّ يوافقها الـرأيّ لكي تقترب منه سوزي و هي تضـّربه بخـفة على ظهره تعلن
عن مساندتها لـهّ لم يكن أبدا وحده أبـداّ لأنهم جميـعاّ كانوا معـه منذ البداية لكنه لم يدرك ذلك حتىّ الآن بينمـا نـظرتّ إليهما ماريّ بهدوءّ إنها معـهّ سوزي
لطالما كانتّ تـراقبـه تهتمّ لأمرهّ دون أن يضطر نايت لإخبـارها فابتسمت بـابتسامةّ باهتـةّ لكنهاّ مرحـةّ نوعا ماّ ، إنهـاّ سعـيدةّ لكـونّ كايلّ قدّ وجد شخصـاّ
مثل سوزي يقفّ بجـانبه

/

رنـتّ الجرسّ مراراّ و تـكراراّ دون تـوقفّ على تـواليّ مستمـرةّ قد عـمرتها السـعادةّ العـارمةّ كان ذلكّ ظاهراّ من خلال مـلامحـهاّ ابتسـامتهاّ الـمـرحةّ
المليّئة بالفرحّ قدّ كانت عينيها مشرقتينّ تـلمعانّ سعادةّ تـلكّ النظرةّ لم تكنّ سوى نـظرةّ إمرأة قدّ وقعتّ فيّ الحـبّ بينماّ و بجـانبهاّ يقفّ ويليامّ الذيّ أخذّ
يحاول أن يبعدّها بلطفّ عنّ الـجرسّ لكن دونّ جدوىّ فهاهي تعـودّ لقـرعهّ مجدداّ بعنفّ أكبرّ لكيّ يـقطبّ حاجبيه بتـوترّ قدّ أخذّ الجـيرانّ ينظرون إليهماّ
بـنوع من الاستغـرابّ و الذهول أيضاّ الانزعـاجّ قدّ همسّ ويليامّ لها بنبرةّ مـحرجةّ
ـ فـلوراّ تـوقفيّ إنهمـاّ ليسا هنا
نـظرتّ إليه فـلوراّ بـإستنكار من المستحيلّ أن لا تكون السيدة ّفرانسيسّ هنا في شقتهاّ بهذه الساعةّ فليسّ لديها أيّ مكان آخر تـذهبّ إليه غـير مبناهاّ
لذاّ استمـرتّ القرعّ غيرّ مباليةّ لما كان يتفوه بهّ حينها لماّ فـتحّ الباّب على وسعه بإنـزعاجّ تـامّ قدّ ظهر من خلفّه السيدةّ فرانسيسّ مرتديةّ ملابسّ نومهـاّ
من فستانّ أبيضّ طويلّ و تضعّ قبعة علىّ شعرهاّ معّ غـطاءّ يحميّ عينيهاّ كما أنها تمـسكّ بـمقلاةّ مستعدةّ لضربّ أي كان القـادمّ حينماّ قفزتّ إليها فـلورا ّ
قـائلةّ بسعادةّ بالغةّ
ـ سيدةّ فرانسيسّ إننـاّ ثنائيّ الآنّ .. لقدّ حصلت علىّ حبيبّ عكسّ ما قلته تـماماّ
قدّ أطلقت ضحكة متفـاخرةّ للغـايةّ لكي تقطبّ السيدةّ فرانسيسّ حاجبيهاّ مستغـربةّ محاولةّ أن تركزّ قليلاّ إذ أنها حتىّ الآن لمّ تستوعبّ ما يحدثّ نـظرتّ
نحوّ فلوراّ المتفاخرةّ بـدهشةّ ثمّ وجهت نظرتهاّ نحو ويليامّ الذيّ يبتسمّ بلطفّ و هو يـلقيّ التحيةّ عليهاّ بكلّ لباقةّ
ـ عـمت مساء سيدة فـرانسيسّ ..
قـالّ ذلك و هو يسحبّ فـلوراّ بـقوة من خصرها مبعدا إياهاّ لكنها رفضت التـحرك جانبا بينما بقيت السيدة فرانسيس تنظر إليهما بدهـشةّ هل أخيرا
اعترفا لبعضهما ؟ ضربتّ وجنيتها بصدمةّ بالغةّ مهما نظرت إليهما فهما لا يبدوان أبدا كثـنائيّ أين التغـيرّ ؟ تحدثت بـأسى و هي تهز رأسها نفياّ
ـ يـا إلهي .. ما الذي رأيته في هذه المفتـرسة ؟
ضحك ويليام بإحـراجّ شديدّ لكن ابتسـمّ بكل لطفّ و هو ينظر ناحية فلوراّ التي بـادرته بإبتسامة محـرجةّ نوعا مـا فيّ حين فتـحتّ السيدة فرانسيسّ بـابها
على وسعه لكيّ تدعوهما لداخلّ قد غـادرت توقظّ زوجهـاّ بول لإسماعـه هذّه الأخبـارّ بينما اتجـهتّ فلورا إلى المطبـخّ من أجل تـحضير الـشايّ لهم جميعاّ
فيّ حين اكتفى ويليام بتنهيدةّ خفيفةّ قبلّ أن يدخلّ هو الآخر قـائلاّ بهمسـةّ
ـ هـو جنونـّها أكثـرّ ما أحببته فيـها ..

آنتهـى ~



 

رد مع اقتباس
قديم 03-10-2020, 08:33 AM   #104
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي





الجزء الواحد و الخمـسين

~ أكـاذيب أم حـقيقةّ ؟ ~

لنـدن المـعروفة بمـدينة الضباب غـشتها الثـلوج هذه الأمسيةّ معطيةّ إيـاها غـطاءا أبيـض جدا بتـلك الغـرفة حيث كـانت ستائر الشـرفة تروح
و تجيء مع نسمـاتّ الريـاح الخافتة قدّ تساقطت حباتّ رقيقةّ من الثلجّ بداخلها حيث وسطّ هذه الغـرفةّ يوجد مكتـب من ذلك الخشبّ المترفّ جلس
خلفـه ذلكّ الرجل ذو خصـلات شعرّ سوداء حريـرية تساقطتّ على جبينه عـينين حادتين ناعستين تـحللان بيانات الأوراق التي أمامه مـرتّ فترة
طـويلة و هو على حـاله هذّه لما نـزع نظارتيه الطبيتين لكي يفركّ عينه بنوع من التعـب ثم تنـهد بكسل يعود لوضعهما مجددا ..
من تـلك المكتـبة الصغيرة سقط كتـاب ما مما استرعى انتباهه فـنظر نحوه بـهدوء و هو يسند رأسه على خـده ثم وقفّ و بخطـوات بـطيئة كسـولة
أتجه إليه رفـعه لكي يقلب بين صفحـاته بقليل من الاهتمام لقدّ كان الكتـاب لروايـة عنوانها الـجريمة و العـقابّ قد كانت للكاتب المشهور تنهـدّ ببرودّ
و هو يجلس مستنـدا على المكتبة خلفّه يمسك الكتـاب بيد و يعدلّ نظاراته بيده الأخرى بينما أسند ذراعه على ركبتـهّ ..
تتـحدث الـرواية عن نـظرة رجـل اعتـبر من حثـالة للمجتـمع الذي حوله قد كان يحـاول أن يصبح بطلا بـطريقته الخـاصةّ و بتفـكيره الغـريبّ لكي
يصير في النهـاية مجرد مـجرمّ فـار من العـدالةّ لأنه أراد فقط أن ينفذ تـلك العـدالة بنفسه ، ابتسـم نايت بـهدوء لطالما نال إعجـابه شخصيـةّ الـبطل
قد كان غـريباّ هادئا و يفـعل ما يريد دون أن يـأبه للغيرّ ذكي بطريـقة مخيفةّ ..
قـلبّ صفـحةّ الأولى ثـم الثـانيةّ بعد ذلكّ وجد نفـسه فيّ المائة يقـرأ الفـصل السادس المسمى بالمصير بإهتـمام شديد حيثّ قـرر راسكولينكوف حينهـا
الاعتراف بجريمته لم يـرغبّ فيّ ذلك بالبدايةّ لم يحبذّ أن يراه المجتمعّ كمـجرمّ ففي نـظره كان بـطلّ لكن ضميره لم يتـركه و شـأنه فأتجه إلى وسط
الشـارعّ لكي يجلس على ركبتيه راكـعاّ و هو يبكـيّ ألما لأنه أنهى حـياة شخصين لم يكن من حقـهّ قتلهما فـحتى لو أن من قتله كان يستـحق الموتّ
و بـأشنع طريقة إلا أنها تـبقى إمرأة تستحق الـعيشّ أيضا ..
نـظرّ إلى تـلك الكلمـاتّ تـلك الأسطرّ كيفّ اعـترف بـجريمته نـادما ثمّ تنهد بـهدوء و هو يـرفع رأسه نـظر بعينينّ باردتين باهتتين إلىّ الـسقفّ لولهة
من الزمن بدى له أن ما حدث كان مجرد حلماّ لاّ بل كابوساّ قد انتهـى لكنّ تـوابعه لا زالت تـطارده حتىّ الآن ، أجل لا شكّ من ذلك إن ما حـدثّ تـلك
الليلةّ و نـظرته المفـعمةّ بالحقدّ و الكـرهّ هو يوجـه المسدسّ نحـو نيـكولاسّ نبـرةّ صوته الحادةّ و المجـنونةّ ، همسّ نايت لنفـسهّ متحدثاّ بنبرةّ هادئةّ
ـ ديـميتري
وضع الكتـابّ على وجـهه مانعـاّ الضوء من التسربّ إليه قبلّ أن يعـود ليفكر مجددا لو أن بيده .. لوّ أن الأحداث تـعودّ للـوراءّ هل كان سيمنـعه ؟ ربـما
لاّ فحتى الآن بعد مرور كل هذه السنينّ هو لا يزال يكـره نيـكولاسّ و حتىّ لو عـاد الوقت إلى الوراءّ و رأى تـلك الجريمة مـجددا تـحدثّ أمام عينيه لماّ
أوقفها ، ما فـعله والده بـه و بـوالدته بـهمّ جميـعاّ يستحقّ المـوتّ لأجله أفـعاله و خطـآياه التيّ حتىّ فيّ آخر لحظاته رفـضّ الاعتـرافّ بها ، همسّ نايت
لنفسه بـنبرةّ شـاردةّ
ـ أيّ إنسـان هذا ؟
صـورةّ سكـارليت المنتـحرةّ تـمرّ أمام عينيهّ ، كـذلكّ أحـداثّ موت نيـكولاسّ أمـامهّ كمـآ لو كـأنه يعيشّ تلك الأحـداث مجدداّ ثـم مـوتّ السيدّ بيتر جـدّه
أول شخص رعـاه و أحبـه لما كان عـليه بعد والدتـه أخفضّ رأسه للأسفـلّ لكي يمسك الكتـاب بيدهّ ، خيـانة إليـزابيث لـه مع أقـرب صديق له و خيـانة
ديميتري له مجـددا و مـجددا أهو مخـطئ إن قـرر عدم الثـقة بشخص بعد الآن ؟ عـدم حب أيّ شخص بعد الآن ؟ تـنهد بقلة حيـلةّ و نـظر إلى الشـرفةّ
لما رنّ هـاتفه دون أن يضطر لـكي يرى من المتصل فقد كان يعلم مسبـقا بهويته ، لكيّ يضغط على زر الرفـعّ ابـتسم بهدوءّ قد انتقلت إلى مسامعه
صوتّه ..
ـ يـا لها من استجـابة سريـعةّ نـاي ، لم أكن واثقـا أنه سترفع السـماعةّ لكنّك تستمر بمفاجأتي إذن أخبرنـيّ .. ما الذي تـفعله ؟
وقف نـايت بهدوءّ ثـم أغـلق الإنـارةّ لكي يسود الظلام فيّ الغـرفةّ ثمّ اتـجه بخـطواتّ كسولةّ إلى الـشرفةّ جلس على الكـرسيّ الموجود هنـاكّ قد كان خشبياّ
يهز مجيئاّ و إيـابا كان لسيد بيتر ، بينما و في الـجهةّ الأخرى للهاتفّ كان يـجلس ديميتري هـناك فيّ أحد المقـاعد المنتـشرةّ بكثرّة فيّ الـحديقةّ يضع
وشـاحاّ حول رقبته مـرتدياّ معـطفه الأسودّ و أمـامه رجلّ ثـلجّ كان قد صنعه تـواّ ، أجـابه نايت بنبرةّ مبـحوحةّ بـاردةّ
ـ إن صـحّ القـولّ فـأنا أقـرأ روايــةّ قـديمةّ ..
ابتسـمّ ديميتري فـوراّ و هو يعـتدل فيّ جلسته لكيّ يـربع قدميه بـنوعّ من الـراحةّ فيّ حين أخذ نايت ينـظرّ إلى غـطاءّ ذلك الكـتابّ الذيّ رسم عليه شـخصيةّ
البـطلّ قد التـزم الاثنين الصمتّ حينما قطـعهّ نايت بـهدوءّ
ـ أزرتّ قـبره ؟
لم يتـحدث ديميتري لوهلة من الـزمنّ فـأدرك نايت فـورا الإجـابةّ إذ ديميتري لم يكـن فيّ لنـدنّ بل بروسيـا مقـرّ عـائلة ماكاروف و أين يقبـعّ قبـر
نيـكولاسّ مـاكاروف الـرجل الأسطورةّ الذيّ خلف خلفه سـراباّ من الـفساد فـتنهد نايت بـهدوءّ لكيّ يجيبـه ديميتري بـضحكةّ
ـ يقـال أن القـاتل يعود دوما إلى مسـرح الجريمة ..
مـا قـاله بالرغم من أنه بدى كمـزحةّ خفـيفةّ إلاّ أنها كانتّ مليّئة بالمرارةّ التـعبّ و الإرهاقّ كـماّ لو كأنه يحمـلّ جبـالاّ بين كتفـيه قدّ جعل ذلك نايت يقطـبّ
حاجبيه لوهلة من الزمنّ سرعانّ ما عادت ابتسامته الـباردة تكسوّا شفـتيه فيّ حين تحدث ديميتري مجددا بـمرح
ـ عـجيبّ أمرك دومـا تـعلم ما أفـعلّ و ما أفـكر بـه ..
تمتـمّ نايت بشيءّ ما بـدى فيه كمـا لو كأنه يشتـمه و فعلاّ فعل بـلكنتـه الـروسيةّ الـباردةّ لكيّ يبتسم ديميتري فـوراّ كم مضى على سمـاعه نايت يتـحدث
بلغـتهم الأمّ ؟ منذّ وفـاة نيكولاسّ أجلّ ، فـضحكّ بخفةّ لكيّ يـتنهد نايت بقلةّ حيلةّ حكّ جبينه بـكسلّ ثمّ قـال بنبرةّ مبحـوحةّ
ـ لمـا عدت إلى هناك ؟ لا يوجد سوى بقـايا فقطّ ..
بالفـعلّ وقفّ ديميتري فجـأة ثمّ عـاد بخطواتّ سريـعةّ للوراّء كي يقفّ بجـانب رجل الثلجّ بعد ذلك وجه نـظره نـحوّ ذلك المنـزلّ كـآن كبيراّ جداّ يحتوي
على عـدةّ طبقاتّ و قـديمّا مصممّ على أسلوبّ الارستقراطي النبيـلّ قدّ دمرّ مـعظمه فـالجزء الأيمن منّ الـمنزل حرق كلياّ بينما بقيّ الجزء الأخر صـامدا
نوعاّ ما بينما كان ديميتريّ يقف فيّ حـديقته بجـانبه نـافورةّ قـديمةّ بها تمثـالّ ما رسم عليه حرفّ لاتينيّ يرمزّ لـسلالةّ العـريقةّ لعائلة ماكاروف ..
تـحدث ديميتري بـخفةّ
ـ أعتـقد أنه الحـنينّ ، أتعـلم لا يزال المكان تـماما مثلما تـركناه و حتى و أنا أقف هـنا بعد مرور كل هذه السنين لا زالت قدمايّ ترتجفان ، قـلبيّ يخفقّ
بقوةّ كما لو كـأنني سأراه مجدداّ فيّ أي لحـظةّ لاّ أزال أعـتقد أنه على قيد الحيـاةّ نايت يـريد قـتليّ لاّ بل تـعذيبيّ مراراّ و تكراراّ .. ربمـا هيّ مجرد عـادةّ
فقطّ لكنّ حتىّ و أنا أعـلم أن لا شيء من هذا سيحدثّ إلا أنني أرتجف خـوفاّ
اتسـعتّ عينا نـايت بدهشـةّ قد ظهر لونهماّ الأزرق الداكنّ وقفّ على قدميـهّ لكيّ يتقدم نحو الـشرفةّ مسندا ذراعيه علىّ حافتهاّ يضـعّ هاتفه بـجانبهّ التـزم
الصمتّ انتـقلتّ إلى مسامعه صوتّ تنفس ديميتري المضـطربّ لكيّ يغلقّ عينيهّ و يعـيدّ فتحهماّ ، تـحدث بنبرةّ هـادئةّ
ـ لقد مـاتّ نيكولاس ، أنـا و أنت .. كلانـا شهد مـوته ،
حالمـاّ قـال ذلكّ ارتخت قـليلاّ ملامح ديميتري المضطربة القـلقةّ قد كانّ شـاحبّ الوجـه جـسدّه بأكمله يرتجفّ لما انتقـلّ صوت نايت الهادئّ إليه زالّ خوفه
قـليلاّ ثمّ جلسّ بـكلّ إرهاق علىّ الثـلجّ حينهاّ عـادتّ نـبرةّ نايت الـمبحوحةّ تـسربّ من الهاتفّ
ـ عـد إلى لنـدن و دعـك من المـاضي ، فنيكولاس ليس على قيد الحيـاةّ هو لن يـعود لن ينتقـمّ منكّ حتىّ لو أنه عـاد فـلن يستطيـعّ فعل شيءّ لنـا بعد
الآن كل ما كنا نـملكه قد فقـدناه ، أولائك الأشخـاصّ الذين سعينـا جاهدينّ لحمـايتهمّ كل مـا كنـا نـملكه يوما ما قدّ خسرناه ..
لمـا قـال ذلك أصدر ديميتري آهة خفيـفةّ و هو يشيحّ وجهه بـعيداّ عن الهاتفّ ليعيد النـظرّ إلىّ المنزلّ أجل هو يـعلمّ هـذا و يدركّه لقدّ تـخلى عن كلّ شيء
يـملكه من أجل الانتقـام فـعل جلّ ما يستطيـعّ لهزيمته لكنّ و بالرغم من عـلمه لهذاّ فلا ينفك شبح نيكولاس مطـاردتهّ فيتخيل له أن ذلكّ المنـزل قدّ عـاد إلى
مـا كان عليه سـابقا مليئاّ بالـخدم الجـدّ يـجلسّ على كرسيهّ بـفخرّ بجانبه نيكولاسّ مبتسم بتـهكمّ و هوّ ينـظر نحوهمـاّ فـهز رأسه نفيـاّ لكي يتحدث
بنبرةّ مرتجـفةّ
ـ سأقتـل جميعّ أفـراد ماكاروف ، سآخذ حياتكّ بيديّ هاتين نايتّ
حينهـا نـظر إلى يديه المرتجفـتين من الغـضبّ و نـار الانتقـامّ فتنهد نايت بقلةّ حيلةّ لكي يبتسـمّ بكلّ سخريـة ها قد عـاد ديميتري إلى نفسه القـديمة مجدداّ
بتصميمّ أكبر على قـتله و هو من سـاعده على استعـادةّ ذلك التصـميمّ الغـريبّ ، تـحدث بنبرةّ باردةّ
ـ لسـت أبالي بما تـريد لكنّ دعني أخبرك شيئاّ واحد ، أنـا لست بالخصم السـهل
ضحكّ ديميتريّ بّكل سخريةّ أقـال أنه سيخسرّ مجددا ؟ لاّ هـذا مستحيلّ يذكرّ مقـولة لأحد الفـلاسفةّ إن كنت تـخاف من عـدوك فـاهزمه اهزمه بقـوةّ تـجعلك
لاّ تخاف أبدا منه أجل كانت يرتعبّ من سيرةّ نيكولاس يـكرهه يحبـهّ و يهابه فيّ نفسّ الوقت لكنّ و لأنه يـخافه فهل منـعه ذلك من تنفيذ انتقامه ؟ لا علىّ
الإطلاقّ بلّ جعـله أكثر تصميماّ فيّ القضاء على نقطةّ الضعفّ هذهّ ، ارتجفّ جسده مجدداّ فـوضع يديه فيّ جيبه و هو ينظرّ إلى المنزلّ حينما تـحدثّ ديميتري
بنبرته المـرتجفةّ مجدداّ
ـ كـذلك أنـا سـأحرقك و أنت حي .. تـماما مثلما فـعلت قـبلاّ،
أغـلق ديميتري السماعة فـورا بينما نـظر نايت إلى هاتفه لوهلة من الزمن قد كانت ملامح وجهه بـاردةّ شديـدةّ الهدوء
ياله من مصيـر يلحق كل فـرد من أفراد ماكاروف كمـا لو كأنها لعنـةّ قدّيمة ألقيت عليهّم
من قبـل لاّ شيء سوى ضمائرهم النائمة تلاحقهمّ واحدا تلو الآخر و لن تنتهي هـذّه الـتعويذةّ إلا بموتهم جميـعا ،
أغلق عينيـهّ ثم فتحهماّ كانتـا داكنـتينّ شديدتاّ الـحدةّ و خطيـرتينّ قدّ رسم على شفتيه ابتسامـةّ بـاردةّ متهكمـةّ استـدار متـجها نحو مكتـبه حينما توقفّ حالما
لمح ذلك الكتـابّ جريمـة والعقاب في النهـايةّ صحو ضميـر القـاتلّ بفعل الأشخاصّ الذين حوله يحثونه للعودةّ إلى طـريقّ الصحيحّ متخليا عن عـدالته الخيـاليةّ
لكنّ ماذا عن ديميتري ؟ ألن يصـحو من كـابوسه ؟ ألن يعترف أبدا بجـرائمه ؟ تنهدّ بهدوءّ قـائلاّ ببحةّ
ـ تـبقى دوما مجرد روايـةّ ..
هـذاّ ما قـاله و هوّ يتـرك الكـتابّ على ذلك الـكرسيّ الخشبيّ لكي يتـجه نحو مكتـبهّ عاد يجلسّ خلفه واضعاّ نظارتيه أخـذّ ملفّ الذيّ كان يدرسه منذّ مدةّ
بعدّ ذلك وقـعّ عليه معلناّ عن موافقته ،

/

كـان يجـلسّ وحيـداّ في غـرفة المعيـشةّ يضـعّ حاسوبه على الأريكـةّ و بجـانبه عدةّ أوراق مرميةّ حوله يـقوم بـقـراءةّ ملفّ ما ثمّ يضـعّه جانباّ بعدّ أن
يحيطّ جميـعّ النقاطّ الغـامضةّ و التي تحتـاج إلىّ إعادةّ النظر من قبلّ نايت نفـسهّ ، أزاحّ سترته الـسوداءّ كذلك ربطة عـنقه تـاركاّ قميصه مفـتوحاّ نظرّ
نحو بياناتّ الحاسوبّ لوهلةّ ثمّ تأوه بألّم و هو يمسك رأسه ألاّ يخف حجم هذا العـمل أبدا ؟ هـذاّ ما قاله لنفسهّ و هو يمسكّ ورقـةّ أخرى حينمـا انتقـل
إلى مسامعـه صوت خـطواتّ لشخص ماّ قطبّ حاجبيه باستغراب لعـلمه لا أحد مستيقظ عـاداه و على الأرجح نايت ،
لمـا تـوقفت خـطواتّ ذلك الشخصّ فتح بـاب غـرفةّ المعيشةّ ببطءّ لكيّ تـطلّ كليرّ بـرأسها من خلفه نـظرّ نحـوها مستنـكراّ ثمّ عـاد ينظر إلى السـاعةّ قد
كان الثـانية عشرّ ليلاّ ما الذي كانت تفعله طوالّ هذه المدةّ هنـا ؟ لقد ظن أنها قدّ عـادت للمنزل منذ فترةّ طـويلةّ و قبلّ أن يتحدثّ خطتّ إلى الأمامّ أغلقت
البابّ خلفها ثمّ حـكتّ وجنتها بّتوتر مصطحبّ بإرتبـاكّ واضحّ قـالت بنبرةّ محرجة
ـ كنـت ألعـب مع أليكساندر حينمـاّ غفوت قـليلا أدرك أنه تصرفّ أحوج و ربما أنا عـديمة اللباقةّ لكن هل ربما إن كنـتّ تستطيـعّ هلاّ أوصلتني إلى المنـزل ؟
تـمتمت بذلك لنفسها فقـطب فرانسوا حاجبيه لما لديه إحساس أنها فعلت ذلك عن عـمد ؟ إنها تعـلم الآن بـعدما أخبرها أنه لن يستطيـعّ أبدا أن يكون معها
مهما حاولت و مهما فعلتّ فلن يكونا معـاّ إنهما فقطّ من عـالمين مختلفينّ لذاّ لما تـحاول أن تكسبّ بعض الوقت معه ؟ أشـاح وجهه بعيدا عنها لعمله متـجاهلا
وجودّها و هو يقول بنبرةّ هـادئةّ
ـ إقضي الليلةّ هنـا ..
قطبـتّ حاجبيها ثمّ أصدرت آهة تـدلّ على أنها سمعتّ ما قاله كان يجدر بها أن توقظ ماريّ لكنها لم تستطعّ الذهـابّ إليها خصوصاّ و أن رفيق غـرفتها
هو نايت و هي لا تحبذ تعامل معهّ لذاّ استـدارت مغادرةّ لما تـحدث فرانسوا بهدوء دون أن ينظر نحوها
ـ لا تحـاولي المغـادرةّ جميـعّ الحراسّ هنا تحتّ و أستطيعّ أن أرسل لهم اّ إنـذاراّ بعدم سماحهم لكّ بالمغادرة خارجّ القصرّ لذا اذهبي و اختاري أيّ غـرفةّ ،
سوفّ أعلم فوراّ السيد نايت ببقائك هنا و أنا متأكد أنه لن يمـانعّ ..
نـظرتّ إليه بـعصبيةّ عوض اصطحابها و بكلّ سهولة إلى منزلها هوّ يفتعل كل هذه الضجةّ إنه فعلا يشبه سيدهّ أجلّ و أليسّ هو رفيقه الدائمّ و يده اليمنى ؟
زمتّ شفتيها لن تجلسّ هنا ليسّ بعد أن قال لها هذاّ لكنها ابتسمتّ فجـأة و هي تتحدث بنبرةّ مـرحةّ
ـ سـوفّ لن أغادر إن بقيت فيّ غرفتكّ ..
سقطتّ أوراقه جميـعاّ أرضاّ و كاد أن يّفلت الحاسوب من بين يديه غيرّ أنه أمسكه فيّ آخر لحظةّ استدارّ نحوها ينـظر إليها بـصدمة واضحـةّ بينما اكتفت
كليرّ بهز كتفيها دلالة على عدم اهتمامها بما قالتهّ قطبّ حاجبيه باستنكار فابتسمتّ بكل لطفّ لأجله ، كاد أن يتحدثّ لولا أنه لم يجد الكلماتّ المناسبةّ تـباّ
لو أن نايت سمع ما قالته توا لسوف يسيء الفهمّ أكثرّ و ما الذي تحاول هي إثباته ؟ ألا تـدرك أن من المستحيل أبدا أن يحدث شيء بينهماّ و كاد أن يّخبرها
بذلك لما قـالت بـخفةّ
ـ أعني أنت سوف تبقى تعمل هنا أليس كذلك ؟
رمشّ عدة مراتّ غيرّ مستوعب لكلماتهاّ حينما ضحكتّ هي بكلّ قوةّ فـقطبّ حاجبيه قدّ احمرت وجنتيه قليلاّ من إحراجه الشديد كيّ يلم أوراقه بعـصبيةّ
خفيفةّ تنمّ عن خجلهّ في حينّ اقتربت هيّ منه جلست بجانبه على الأريكةّ و أسندتّ ظهرهاّ عليهاّ قبلّ أن تتحدثّ بـلطفّ
ـ أنا أمزح فقط ..
تنهدّ بقلة حيلـة متجاهلاّ ما قـالته تواّ لكن ذلك لم يمنـع ابتسامةّ خفيفة من التسللّ نحو شفتيه إنها غريبـةّ لاّ بالأحرى هي تشبـه سيدته نوعاّ ما لكن ماريّ
يمكننا القـول أنها بلهـاءّ و حمقـاءّ فبالرغم من أنها تـحاول كسبّ قلب سيد نايت إلاّ أنها دوما ما تفشل بأسوأ طريقة ممكنة فـنظرتّ نحو كليرّ بهدوءّ مبتسمةّ
لا تدري لما لكنها تـنجذب نحوه يوما بـيومّ أكثر ،




 

رد مع اقتباس
قديم 03-10-2020, 08:34 AM   #105
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي




ما كانتّ تـنظرّ إليه لاّ يقارن أبداّ بما رأته سابقاّ كمـاّ لو كأنه حلم يتحققّ على أرضّ الواقـعّ فـابتسمتّ لاّ إرادياّ بينّ يديها تـلكّ الأوراقّ العديدّة أظافرها
مطليةّ باللون الأسودّ ترتديّ فستاناّ قرمزيّ قصيرّ يناسب أحمر شفاههاّ و كعبّ عـاليّ تـضع قـبعةّ فـرنسيةّ حول رأسهاّ و قفازتينّ نـظرتّ نحوّ آرثر الذيّ
يجلسّ علىّ الكرسيّ يـراقبهاّ بـهدوءّ وّ بـعيداّ عنهما قـليلاّ بجانبّ النافذة كانّ يقف أوسكارّ مستندا على الجدارّ الذيّ خلفـهّ مغـمضاّ عينيه بنوعّ من التركيزّ
حينماّ أنطلقتّ ضحكاتّ إليزابيثّ العاليةّ فيّ أرجاءّ الغرفةّ غيرّ مصدقةّ هاهوّ الـسرّ الذيّ رفـضّ ديميتري إعلامهاّ به يقعّ بين يديهاّ ، كانتّ تبتسمّ بكلّ
خبثّ الآنّ وجدتّ نـقطـةّ ضـعفّ ماريّ إنهاّ لاّ تساوي شيئاّ لهما الآنّ يستطيـعونّ تهديدهاّ فقطّ بكشفّ عقدهـاّ مع نايتّ ،
أجلّ لقد استـطاعّ ويليام سابقاّ أن لاّ يدع هذاّ الخبر ينتشرّ لصحافةّ و استطاعّ منعه فيّ آخر لحظةّ لكنّ الآن لن يقدرّ على ذلكّ بهذا ستتشوه سـمعةّ عـائلةّ
روبرت بأكملها و تستطيعّ هي أن تضيفّ بعض التعديلاّت على المقالّ الذيّ ستطرحه الجريدةّ كـأن ماريّ صـائدةّ ثروات مثـلاّ تسعى خلفّ أموال لبيرّ
كذلكّ أختهـاّ التي ألقتّ بذراعيهاّ حول ويليامّ دويلّ حينهاّ سيتخلصانّ من اثنينّ و سيبقى ويليامّ فقطّ أشـارتّ بأناملها علىّ الملفّ قائلةّ بـضحكةّ
ـ أوسكار آلا تـوافقني الرأي ؟ يمكنناّ أنّ ندع الإعلام يهاجمها و نحن سنشاهدّ فقطّ ..
هـزّ أوسكارّ رأسه نفياّ فـنظرتّ إليه بدهشةّ لقدّ كانّ ملتزما الصمتّ طوالّ هذه الفترةّ لمّ يقلّ شيئاّ حينما عـرضّ آرثر الفـكرةّ عليهماّ لكنّ هاهو الآن يعلنّ
رفضه ّزمتّ شفتيها بنوعّ من العصبيةّ حينما اقتربّ منهما بخطواتّ هادئةّ أمسكّ الملفّ ذلكّ و فتـحّه قبلّ أن يرميهّ فيّ نارّ مدفـئةّ شهقتّ إليزابيث بصدمةّ
بينماّ تحدث أوسكارّ بنبرةّ باردةّ
ـ لو يـعلم ديميتري بخـطتكّ هذه لسوفّ يجعلكّ تـسقطين أنتّ أولا قبلهاّ ، ألم تكنّ أوامره واضحةّ بالنسبةّ لكما ؟ مـاريّ خطّ أحمر لاّ يجب علينا تـجاوزهّ
هوّ لا يريدّ تحطيمها بلّ يريد أن يمتلكهاّ و كسبها إلىّ جـانبه ، لذاّ جـدا فكرةّ أفضلّ من هذهّ أو خصماّ آخر ..
نـظرتّ نحوهّ إليزابيثّ بعصبيةّ و أخذتّ يديها ترتجفانّ بكلّ غضبّ ما هو الشيءّ الذي يراه فيهاّ ؟ إن نايت لاّ يحبها هذاّ واضح من خلال العـقدّ الذيّ كان
لديها قبلّ أن يرميه أوسكارّ ، فتلكّ العلاقةّ بين نايت و ماريّ ليست حقيقيةّ على الإطلاقّ و إنما هي مجردّ تمثيليةّ لا أحد يعلم سببهاّ بعدّ أن وجدت الوثيقة
الرسميةّ التي تـؤكدّ صحةّ كلامها رمى أوسكارّ كل شيءّ كما لوّ كـأن .. تحدثّت بنبرةّ حادةّ
ـ ماّ دمنا نـملك الأدلةّ فلما لاّ نهاجمها ؟ إنها الخصمّ الأضعفّ بينهم جميعاّ فـلما لا نستغلّ الأمر ؟
أخفضّ رأسه للأسفلّ متنهدا بقلةّ حيلةّ و هوّ يحكّ جبينه أجلّ كان موافقتها أمرّ سيءّ للغايةّ فـلاّ يجب عليه مهما كانتّ الأوضاعّ مرافقةّ إليزابيث في
خططها حركّ خصلات شعرهّ بـعشوائيةّ و هو يتحدثّ مجددا
ـ أنـتّ من ترينها بالخصمّ الأضعفّ لكن هي ليست كذلّك على الإطلاقّ و كشفّ وثيقة العقدّ فّي الصحفّ لن يزيد الأمر سوى سوءا لناّ لا تنسي أن هوية
ديميتري قد كشفت و هوّ ملاحقّ من قبلّ الإعلامّ و الشرطـةّ في آن واحدّ لذاّ دعينا نتجنبّ و حالياّ أي تعامل مع الإعلامّ ،
زمتّ شفتيها بعصبيةّ ربماّ يكن محقّا فيّ ما قاله لكنّ أهذا يعنيّ أن يقفوا مكتوفي الأياديّ و هو ينتظرون رد نايتّ لهما الصاع بصاعينّ ؟ إنها لن تـقبلّ
أبدا بأن تـخسرّه زفرتّ بحدةّ حينماّ تحدثّ آرثرّ بنبرةّ هادئةّ
ـ أنـا أوافق إليزابيث الرأي دعنـا نشوه سمـعةّ ماريّ و فلورا أولاّ ثم ننتـقلّ بعدها إلىّ ويليامّ ،
زفرّ أوسكار بكلّ حدةّ ما الذيّ لا يفهمانه فيّ أمره بـأن يتجنبوا أيّ اتصـالّ بـالإعلامّ لأن هوية ديميتريّ قد كشفت ؟ ألا ّيدركون المخاطر ّالناجمة عن ذلكّ ؟
لوّ يـعلم ديميتريّ بما يحاولان فعله لسوفّ ينهي أمرهما أولاّ قبلّ ماري و فـلورّا إنه لا يجد أي نقطةّ يستطيعّ التفاهم معهما حولهاّ لما تحدثت إليزابيثّ بضجرّ
ـ لكنّ ما الذيّ تريده أنت أوسكار ؟ نحن هناّ من أجل الإطاحة بهمّ لا أن نختبـئ فيّ الظلام كالخفافيشّ ، هـذه ليست من صفاتيّ ..
ابتسمّ بكل سخريةّ على كلامهاّ أو ليست تـريدّ التخلصّ من ماريّ لأنها تراها قدّ أخذت مكانها كسيدةّ لعائلة لبيير ؟ بالرغم من أنها تعلم الآن جيداّ أن ماريّ
مجردّ واجـهةّ لزواجّ نايت و هي تـنفذّ أوامره ربماّ فيّ الأرجحّ لكنّها تستمر في الإصرار على تحطيمها ؟ تـباّ كم حقد النساءّ فظيع ، هز كتفيه بـعدم مبالاةّ
ثمّ اتجـهّ بخطواتّ بطيئةّ نحو النافذةّ و هو يتحدث بنبرةّ باردةّ
ـ هذه المرأة المدعوةّ بماري التي تتحدثينّ عنها قد حاول ديميتري قبلـكّ تحطيمها لكنه لم يستطعّ ، إنها متمسكةّ جدا بمبادئها على عكسكّ أنت فهي مخلصةّ
لـشخصّ واحدّ حتىّ لو كان الأمر مجرد تمثيليةّ
استـدارّ نحوها يرمقها بـنظراتّ باردةّ حاقدةّ فـتوترت و هيّ تشيحّ بأنظارها بعيدا ّعنه الكلّ هنا يعلم بطبيعتها الخـبيثةّ فّيوما تكونّ برفقتكّ تدعمكّ و غـداّ
ستـكونّ برفقةّ عدوكّ تحاول التخلصّ منكّ ، هذاّ ما يجعلها مكروهة من قبلّ أوسكار بالرغم من أنها لم تخنّ ديميتري أبداّ لكنّ يكفيّ الإطلاعّ على ماضيهاّ
لكنّ يـعلمّ المرء أن الثـقةّ بها أكبرّ خطـأ يرتكبه الإنساّن في حقّ نفسه فإلتزمتّ الصمتّ قدّ إزداد كرههاّ لهذه المرأة المدعوّة بماري بينماّ تنهد آرثر بقلةّ حيلةّ
و هو يحتسيّ قهوته بكلّ هدوءّ البقاّء برفقتهما فيّ نفسّ الغـرفةّ بمثابة الانتحار البطيءّ فإن كانا لاّ يثقان ببعضهما البعضّ و يكرهان بعضهما البعضّ إلى
هذه الدرجةّ فلماّ يتعاونان إذن ؟ تـحدثّ بهدوءّ
ـ ما رأيكما ببعض المقالبّ الخفيفةّ ريثما عودةّ ديميتري ؟
التفت إليه الاثنين ّبنوع من الاستغرابّ فابتسمّ هو بخـفةّ ربما يكونّ صامتاّ منفذاّ للأوامر فيّ كثيرّ من الأحيانّ لكنّه ليس أبلهاّ هو يعلم تماماّ ما يريدّ و كيفّ
يصل إليه و الآن ما يريدّه واضحّ للغـايةّ ، تـخلصّ من ذلكّ الـرجلّ المدعو بفـرانسواّ جعـلّ فلوراّ تضع أصابعها ندمـاّ و الحصـولّ على أمواله من قبلّ ماريّ ..

/

يـد تمتـدّ نحوها وسط تـلك الظلمةّ دامسةّ و البـاردةّ فنـظرتّ إليها بعينين واسعتين تحدقـانّ دون القدرةّ على معـرفةّ ما يحيطّ بها أتمسكهاّ أم تتركهـاّ ؟ هـزتّ
رأسها نفيا غير قـادرة على استيعابّ ما يحدثّ إنها تـدرك جيدا أنه مجرد كـابوس آخر ينتابهاّ تـعلم هذاّ تماما لكنها لا تستطيعّ أن تستيقظّ أو يعقـل أنه ليسّ
خيالاّ و إنما حقـيقةّ مجردة ملموسة ؟
ـ مـاري تعـاليّ إلى هنـا ..
شحب وجهها بأكملـهّ أجلّ نـغـمةّ الصوتّ هذّه و هل ستنساها ؟ إنه والدهاّ جوناثان مجدداّ يمد يدهّ نحوهاّ بـتصميمّ شديدّ و هذّه المرةّ لمّ يكن يظهر من جسده
سوىّ يده الممتدةّ فـهزتّ رأسها نفياّ بقوةّ محـاولةّ الابتعـادّ عنه لا تـريدّ الـرحيلّ ليسّ الآن حينماّ فعلتّ ذلكّ منّ وسطّ تلكّ الظلمةّ خرجّ جوناثانّ لكيّ يمسكّ
هو بيدهاّ نـظرتّ إليه بذعرّ لكيّ يتحدث هوّ بنبرةّ بـاردةّ
ـ لاّ مجـال للهربّ ماريّ واجهي الـواقـعّ . .
صـاحتّ بذعر أقوى لما استيقـظت من نومهاّ العـرقّ يكسوّ جسدها بأكمله عينيها زائغتين من شدةّ الخـوف كذلكّ جسمها يرتجـفّ تأوهت بـألم و هي تضعّ
يديها على وجههاّ يا له من كـابوسّ آخر ينتابها لم تـعد قـادرة على احتـمال هذاّ بعد الآنّ إنها بالكاد تستطيعّ النومّ لساعتينّ متواصلتينّ دون أن تستيقظّ
برعبّ كمـاّ لو كأنها هوجمتّ من طرفّ مجهولّ ما ..
مـدتّ يدها المرتجفةّ نحو هاتفها ثمّ أمسكتـهّ إنها الثـانيةّ بعدّ منتصف الليلّ بدى التـرددّ واضحاّ عليها قد ارتبكتّ ملامحهاّ فيّ حين تساقطتّ خصلات شعرهاّ
البنيّ حولّ كتفيهاّ و ظهرهاّ ماّ تفـعله خاطئّ هي تدركّ ذلكّ و تـعلمه جيداّ لكنها لا تستطيـعّ مواجهة الأمرّ بنفسهاّ إنه يفوق قدرتّها بـأميالّ و أميـالّ عديدةّ ،
بدأتّ دموعها بالنـزولّ على خدهاّ قد ازداد ارتجافهاّ
ـ إنهـاّ أكـاذيبّ ..
مرتّ دقيـقةّ فقطّ لما مسحتّ وجنتيهاّ بـكلّ هدوءّ و قد عـادتّ ملامحّ وجهها إلىّ ما كانت عليه سابقاّ كذلك نـظرةّ عينيهاّ الشّاحبة عـادتّ لكونهاّ تتسمّ بـصفةّ
الهدوءّ و الـرقةّ لكنها لمّ تـخلوا من الخوفّ و الذعرّ ففيّ النهايةّ عينيها بمثابةّ المرآة التيّ تكشفّ مشاعرهاّ ، وقفـتّ بترددّ ثمّ بخطواتّ صغيـرةّ مترددةّ عـبرت
نحـوّ غـرفةّ نايتّ ، لمّ يكن يوجدّ هناك أي أثـرّ له إنها تشعرّ بالدوار وّ النعاسّ أيضاّ لكنها لا تستطيعّ النـومّ ليسّ و تـلكّ الغـرفةّ صارت بمثابةّ سجنّ لها فـاتجـهتّ
حافيةّ القدمينّ خارجّا لكيّ تعـبرّ الـرواقّ بخطواتّ لاّ تكاد أن تكون مسـموعةّ ..
بـعدّ عدةّ لحظاتّ كانتّ تـقفّ أمام بابّ مكـتبه لقدّ كان النورّ مضاء فازدادت توترا ربماّ كان يجدر بها أن تـذهب إلى غـرفةّ سوزي لكنّها لاّ تعلم بالتحديدّ أين
تـقع غرفتها تـماماّ فـقررتّ فتحّ البابّ ببطءّ قدّ رسمت على شفتيها ابتسـامة حمقـاءّ نوعاّ ما لكيّ تـطلّ برأسها عليهّ كانّ مندمجاّ فيّ كتـابةّ شيءّ ما حينمـا
انتقل إلى مسامعه صوتّ صريرّ البابّ نـظرّ نحوها مستغـرباّ فـقفزتّ إلى الداخلّ بحركةّ مرحةّ و هيّ تتحدثّ بنبرةّ ضاحكـةّ
ـ مـرحباّ سيدي أتسمح ليّ بـمرافقتكّ ؟ أعـدك أنني سـأكون ذاتّ فـائدةّ ..
نـظرّ إليها من خلفّ نـظارتيه الطبيتينّ قدّ بدتّ عليه ملامحّ الهدوءّ و البرودّ في آن واحدّ مجردّ ما أن وقعت عينيه عليـهاّ أدركّ حـالتها إنها غـيرّ طبيعيـةّ
منّ إصفرارّ وجهها إلىّ توترهاّ الملحوظّ ثمّ تجنبها النظرّ نحوهّ مباشرةّ فأومأ بالإيجـابّ لكي تـضحكّ بخفةّ و هي تتقـدمّ نحوهّ كانّ يـجلسّ خلف مكتبه محاطاّ
برزمة كبيرّة من الـورقّ فـجلستّ أمامه على الكـرسيّ أو بالأحرى بمثابةّ أريكةّ مصغرةّ ثمّ ابتسمتّ بـخفةّ ، لكيّ يـعودّ إلىّ العـملّ قـائلاّ بنبرةّ هادئةّ
ـ أهو كـابوسّ آخر ؟
التزمـتّ الصمتّ لوهلة من الزمنّ قبلّ أن تـومئ إيجاباّ فلاّ فائدةّ من إنكارّ ذلكّ أمامه فبقيّ ساكناّ يكمل قـراءةّ ملفّ آخر لكي تضـعّ ماري رأسها علىّ المكتبّ
بـنوعّ من النعاسّ و التعب في آن واحدّ مغـلقةّ عينيهاّ حينمـاّ تـحدثتّ بنبرةّ غـريبةّ نوعاّ ما
ـ نـايت ..
همهمّ بـهدوءّ دلالةّ على سماعهّ لندائهاّ لكنهـّا لم تقـلّ شيئاّ فـرفع أنـظارهّ ناحيتهاّ لم يستطعّ أن يرى وجههـاّ إذّ أنها كانّت مختـبئةّ خلفّ عـدةّ ملفاتّ تمسكّها
بينّ يديهاّ بمثابةّ حاجزّ فقطبّ حاجبيه مستغرباّ بينمـاّ قاومت ماريّ دموعهاّ لكنها لم تستطع فـعادتّ تنزل على وجنتيهاّ بقوةّ فقـالتّ بنبرةّ حاولتّ جاهدةّ فيهاّ
أن تخفيّ بكاءهاّ و لأول مرةّ استطاعتّ أن تفعلّ ذلكّ إذ بدتّ نبرتها مبحـوحةّ
ـ أنـا فـعلا أحـبك ..
ثمّ وضعت تلكّ الملفاتّ على رأسهاّ لكي تمنـعهّ من رؤيةّ دموعهاّ فيّ حين تـوقفّ نايت عنّ الكتـابةّ فنظرّ نحوها كانت ملامحـه هادئةّ قدّ سقطتّ خصلاتّ شعرهّ
الأسودّ على جبهته بينماّ عينيهّ الداكنتين تنظرانّ إليهـاّ قبلّ أن يتـحدثّ بنغـمةّ ذاتّ بحةّ خفيفةّ
ـ أعـلم ذلك ..
فـهزت رأسهاّ بـالإيجـابّ قدّ ازدادت دموعهاّ لكي تغـمرّ وجنتيها حينما و بـحركةّ منهّ أمسكّ الـملفاتّ لكي بعدّها عنّها لكنها زادتّ من قوة قبضتهاّ عليهاّ تـوقفّ
عنّ جذبّ لما تـركتها ماريّ فجأةّ فـرفعهاّ بعيـداّ عنهاّ حينمـاّ رأىّ ملامحّ وجـههاّ كانـتّ وجنتيهاّ حمراوتيـن أنف كذلكّ بينماّ عينيها مرققتين بدموعهاّ فيّ حين
أخذتّ البعضّ طريقهاّ علىّ خديهاّ قـالتّ لها بابتسـامة صـادقةّ ضـاحكةّ
ـ أنـا سـعيدةّ لأنكّ تـصدقنيّ الآن ..
اتسعتّ عينيهّ بدهشـةّ و لأول مرة يفقد لسـانه التعبيرّ عنّ ما يجول بذهنه كماّ لو كأن الكلماتّ لم تسعفـه ربـماّ أوّ لم تكنّ منـاسبةّ لما يريدّ التفوه به فيّ حين
عـادتّ ماريّ لكي تضع رأسها على المكتبّ بابتسامة خفيفةّ مـجرد أكـاذيبّ لاّ ليست كذلكّ لم تكنّ كذلّك على الإطلاقّ ، أرادتّ حينها أن تتجـّه لوالدها تـخبرهّ أنها
واجهـتّ واقعهاّ إنها تفعل المستحيلّ لتـواجهّ واقعهاّ بالرغمّ من أن الجهدّ الذيّ تبذله ليسّ كافياّ ،
ـ ما نـوعّ الكابوس ؟
ضحكـتّ بـخفةّ يـا ليته كانّ مجردّ حلماّ فقطّ لاّ إنه يعبر عن مخاوفهاّ تلكّ الأشياءّ التيّ لا تريدها أن تحدثّ أبداّ بينمـاّ قطبّ نايت حاجبيهّ بإستـغرابّ أكبر غير أنه
قد عـادّ لكتابةّ تـقريره منتـظراّ إجابتها لم يطل الانتظار كـثيراّ فقدّ تحدثّت هي بنبـرةّ مرحـةّ نوعا ماّ
ـ أنـنيّ لم أقـلّ الـحقيقةّ أبدا و ذلك آلمني بشدةّ لكن لاّ بأس الآن ..
لمّ يـعد يـعلم عن أيّ أمر تتحدث لكنه اكتفى فقطّ بالاستماعّ إلّى ما لديها لتـقوله فرفعتّ ماري رأسهاّ لكي تستند على ذراعهاّ و هي تنـظرّ نحوه مبتسمة بكلّ
حماقة إنه مجرد قـناع آخر تضعـه أو لا تدرك أنها لا تجيد التمثيلّ أبدا ؟ أن الحـزن مهما حاولت إخفاءه فهو بـاديّ عليها ؟ قبلّ أن يتـكلمّ وجدها تقفّ لكيّ
تسحب كرسيهاّ و تـضعهّ بجانبـهّ ثم عـادتّ تـجلسّ عليه مبتسمـةّ بـخفةّ
ـ ألديك أي عـمل ليّ ؟ أستطيـعّ أن أقوم بأي شيء سيدي
قطبّ حاجبيـهّ ببـرود أي شيء يدعها تقوم به لكيّ تـفسده ؟ نـظرّ إليها بطرفّ عينه كيّ يتنهد بقلةّ حيلة ثـمّ أمسك مجـموعةّ من الأوراقّ كانتّ تـحملّ كلها
تواريخ معـينة و عدةّ بياناتّ حول نسبةّ تصدير و استراد الشركةّ مع عائداتهاّ خلالّ هذه الأعوام الماضيةّ فقدّمها إليهاّ بـهدوءّ قـائلا
ـ لوني عائدات شهر أبريل خلال السنوات الثـلاث الماضيةّ ..
أومـأت بالإيجاب و هي تبتسمّ بـكل حماس أمسكت رزمـة الأوراقّ تـلكّ ثمّ أخذتّ لونا أصفر بارزّ لكي تقومّ بما قدمه لها من عـملّ كانتّ عينيه عليهاّ مستغـربا
حماستها لكنه سـرعان ما عـاد إلى عـمله بتركيزّ أكـبر فيّ حين و لما غـابت أنظاره عنها رمـقته بلطف بنـظرهاّ هذه اللحـظاتّ لم تكنّ لتقدر بثمن فهاهمـاّ الآن
بـعدّ أن كاناّ مجرد غـريبين بالكاد يتحدثان مع بعضهماّ البعض، بـعدّ كل شجاراتّ التي دارت بينهمـا تـلكّ بعدّ كل ما مرا به منّ أحداث ها هما يجلسان جانبا إلى
جنب ليسّا حبيبينّ مـستحيلّ و ربما أمنيتها هذه لن تتحققّ أبـدا لكن على الأقلّ .. استـطاعتّ في النهاية أن تبقى إلى جانبه تتحدث معه دون قـيودّ..
أغلقت عينيها قدّ ازدادت رغبتها فيّ النوم لكنها عـادتّ تـفـعلّ ما طلبته هي منه متـذكرةّ ما أخبرتها سيليـا به لقد طلبـتّ منها أن تتوقف عنّ ما تفـعله فلن
تجب سوى الألم لنفسهاّ لكنها مخطـأة هذّه المشـاعرّ التي تنتابهاّ طـوال رحلتها بـهذا القصرّ معه أجل كانتّ مـؤلمةّ فيّ كثيرّ من الأحيانّ و لاّ تستطيعّ أن تـحتملّ
ذلك الحزنّ لكن لحـظةّ كهذه تمحيّ كل ما فـعله سابقاّ و حينما يحينّ الوقت فلن تكون ذاكرتها مملوءة سوى بمثّل هذه اللحـظاتّ السعيدةّ لها ،
فتحتّ عينيها ببطءّ و نـظرت نحوه طـريقة تـركيزه فيّ عـمله تـقلصّ عضلاته كلما انزعج من شيءّ ما و شـحوب وجهه عـندما يلاحظ شيئاّ لا يعـجبه نـظرات
عينيه الحـادةّ الداكنةّ أنفه المسلولّ و خصلاتّ شعره الأسودّ الحريريّ الذيّ دوما ماّ يزعـجه فـيرفعه عنّ جبهته بعدم صبر هذّه الصـورةّ لاّ تقدر بثمن أيضاّ ،
و قبلّ أن تدرك ما يحدث وجدت يدها تسقطّ في حضنها كـذلكّ رأسهاّ ليجد كتفه استـدار نحوهاّ ثمّ تنهد بقلة حيـلةّ ما دامتّ لا تستطيع البقاء
مستيقظة فلماذاّ تـفعل ؟
مـدّ يده نحوهاّ لكيّ يوقظها لكنهّ توقفّ في منتصفّ الطريق كانت تبتسم خلالّ نومها بهدوء و لاّ يزال يوجد آثر لتـلكّ الدموع التي حاولت أن تخيفهاّ عنه سابقاّ
إنه يعلم أن تلك الحقيقة التي لم تقلهاّ لاّ زالت عالقةّ بين شفتيهاّ تـرفضّ البوحّ بها لمّ تعتد أبدا أن تخبأ أسرارا عنّ أي أحد فلم تكن تـجيد فعل ذلك أبدا لكنهـاّ
تغيرت قطب حاجبيه بـنوع من الاستغراب كيفّ له أن لا يعلم ماّ يدور بذهنها و هو الذي اعتاد قـراءة تصرفاتهاّ ؟ تنـهدّ بقلةّ حيلةّ ليعودّ إلى أوراقهّ لن
يستطيعّ أن يفهمها على الإطلاقّ فـأيّ شيءّ بشـأنه هي تحبـه ؟ تحدت بـنبرةّ باردةّ
ـ مـاري .. ما الـذيّ علي فعله بك ؟
وقف بـهدوء ثمّ أحـاطّ جسدها بذراعيـه ليرفعهـاّ بكل خفـة لقد فقدت القليل من الوزن ، سـارّ بخطوات هادئة مغـادراّ مكتـبه ثمّ عـبر الـرواقّ حينما وقعت أنظاره
على أليكساندر الذيّ خرج تـوا من جناحهما كان يحمـلّ بين يديه كأسي حليبّ ساخن قد بدى عليه الاستغـرابّ لما استـدارّ كيّ يجد نايت أمامه فشهق بـرعبّ
و كاد أن يسقط ما بجعبته لماّ تمالك نفسه فيّ آخر لحـظةّ بينما تحدث نايت بنبرةّ مبحوحةّ
ـ افتـح البـابّ ..
بلع أليكساندر ريقـه بإرتباك ثم فتـح الباب تماما كما طلب منه نايت لكي يتجـه الأخير إلى الداخلّ فتبعه ، وضـع مـاري على سـريره بهدوءّ بـعدّ ذلك رفـعّ الغطـاء
جذبه نحوهاّ ثم جلسّ بكسل حينها ابتسم أليكساندر و هو يـقلدهّ ، قد كـانت شرفة الغـرفةّ مفـتوحةّ و على حافتها تساقطّ الثـلج بكثرةّ فيّ حين أغلق نايت عينيه
بـعدّ ذلك فتحهما مجدداّ ثمّ أمال رأسه قليلاّ ناحية أليكساندر و هو يتحدث بنبرةّ هادئة
ـ هل وجـدتّ حريتك بعد ؟
ضحك أليكساندر بخفـةّ كي يومئ إيجـابا مبتسمـا لقد كانّت الإجابة أمام عينيهّ طـوال هذه المدةّ و لم يدركها هوّ من أطال الـنظرّ من حوله بجـانبه و لم ينـظرّ
أبدا أمامهّ و قبل أن يسـأله نايتّ أجابه أليكساندر بنبـرته الـمرحةّ
ـ وجـدتّ طريقيّ أيضـا ، شـكرا لك نايت
ابتسـم نايت بـهدوءّ لكيّ يحرك خصلات شعر أليكساندرّ عابثاّ بها متمتما بـكلمةّ [ هـذا جيد ] له فضحكّ أليكساندر ثـم نـظرّ نحو ماريّ النـائمةّ بـعمقّ كانتّ
تـبدوا مسالمةّ للغـايةّ فـابتسمّ لن ينكرّ فضلها هي الأخرى لأنه بسببهاّ وجدّ طريقه لقدّ قالت له مرةّ عـشّ مثلما تـريد أنـت بسـلامّ تـماما مثلما قـالتّ فقد فـعلّ
اسمه لن يكون الـورقة الـرابحةّ ليسّ بعد الآن لكن يكونّ مجرد تـابع لديميتريّ أو الأصح قولا مجرد دميةّ يحركها كيفما يشاءّ لأنه أخيـراّ تخلص من تـلك
القـيود التي عـرقلته طوال هذه الفترّة ، لقدّ تخلص من مخـاوفه و من تـلك القوانينّ أيضـاّ
ـ مـاذا عنك ؟
استـدار نحوه نايت مستغـرباّ قبلّ أن يرمـقهّ بنوع من البـرودّ و هو يتنهدّ أيسـأله عن حريته ؟ لا يعلم ما الإجـابةّ فهو لم يرد الحـريةّ قطّ لم يبحثّ عنهاّ أبداّ
و لم توجدّ فيّ قاموسه كلّ ما أراده و ما عاشّ من أجله طـولّ حياته هو الانتقـامّ لاّ أكثرّ و لا أقلّ لقدّ فقدّ من أجلّ غايته كلّ شخصّ أحبه وّ كل ما امتـلكه فما
الذيّ تعنيه الحرية له الآن ؟ قـال بنبرةّ هادئةّ
ـ لست مقيدا لأبحث عن الحـريةّ ..
بـعدّ ذلك ابتسـمّ بـبرود و هو يحرك خصلات شعر أليكساندر المذهول لقدّ كانتّ نظراته إليه مليئةّ بالفخر و الإعـجابّ كـذلكّ السعادةّ فأطلقّ ضحكّة خفيفةّ
بالكادّ تسمعّ و هو يستمتعّ بـعبثّ نايت بشعرهّ قدّ احمرت وجنتيهّ قليلاّ ، تـحدثّ أليكساندر بترددّ
ـ نـايت أيمكنني البـقاء هنا ؟
أومـأ نايت بالإيجـابّ قد رسمّ ابتسـامةّ هادئةّ على شفتيهّ فـكتم أليكساندر سـعادتّه و كاد أن يحتضن نايت إلاّ أنه تمالك أعصابه فيّ آخر لحـظةّ قدّ ضحكّ بكلّ خفةّ
فلم يسبقّ له أن شعر بمثلّ هذه السعادةّ إنها لا توصفّ و لا تـقدرّ بثمنّ ، حـريتهّ هذّه التيّ عرفها تـواّ حينماّ تخلصّ من كلّ تلكّ الأعرافّ و من سلاسلّ الـقوانينّ
التيّ تـربطّه بمصيرهّ و بكونه الورقة ّالـرابحةّ لماّ تـركّ كل شيءّ جانباّ لماّ تخلى عنّ كل ما يحددّه عـرفّ نفسه و طـريقهّ فكادّ أن يشكرّ نايتّ لولا أن الأخيرّ
سبقّه بنبرةّ مبحـوحةّ
ـ إن ديميتري آتي وّ هذه المرةّ من أجلّ دمائي .. لذاّ قبلّ أن ينتهي كل شيء لا تتدخل لاّ تظهر موقفكّ لأي أحد هل فـهمت ؟
نـظر إليه أليكساندر بـدهشةّ هـذا يعنيّ أن ديميتري سوفّ يقـتل نايت إنه لا يريد أن يحطمه بلّ أن يزهق روحـهّ فشحبّ وجـههّ لاّ شيء يثيرّ خوفه يرجفّ كيـانه
و يرعبهّ أكثرّ من ديميتريّ إنه بكلّ بساطةّ قد تركّ جميع الصفاتّ البشرّ لن يباليّ بأيّ أحدّ أو أي شيءّ يفعل ما دام يخدم مصلحتهّ هوّ و بالرغم من أنه خائفّ
الآن لاّ يستطيعّ أن يقفّ باستقامة إلاّ أنه نـزل على ركبـتهّ يضع ّيده عليهاّ قـائلاّ بنوع من الترجيّ
ـ أرجوكّ دعني أقف بجانبك .. أنـا حتىّ لو لم يعترفّ بيّ علنا إلاّ أنني أبقى
وضـعّ نايت يده علىّ فمّ أليكساندر المرتجفّ و هو رأسه نفيا ثمّ أشـارّ بحركةّ خفيفةّ إلى ماريّ النائمةّ بـعمقّ ترددّ أليكساندر آكثر لكيّ تـنزل دموعه علىّ خده
بقلةّ حيلةّ لا يستطيعّ أن يساعده حتىّ لو أراد هو يعلمّ ذلكّ فإن تـدخل لنّ يزداد الأمرّ سوى سوءا بالنسبةّ لنايتّ لكنه يريدّ مساعدتهّ تماماّ كما فعل هو له فقدّ أنقذه عـامله كـشخصّ كإنسـان على قيد الحياةّ لاّ كدمية يحركهما كيفما يشاءّ و هو يريدّ بشدةّ أن يردّ له عونهّ ، زم شفتيه كيّ يمنعّ نفسه من البكاء لكيّ يـعبثّ
نايت بخصلاّت شعره الأشقرّ قائلاّ بنبرةّ مبـحوحةّ هادئةّ
ـ سـوفّ أجعله يعـودّ إلى رشده ، سأحرصّ على فعلّ ذلك مهما كلفني الأمرّ


آنتهى ~






 

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

شرح حديث

علف


الساعة الآن 03:44 PM