|
| أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
11-13-2022, 08:13 AM | #11 |
عضوة مميزة
|
الدعـــاء من الكتــــ📖ـــاب و الســــنـــة
الدعاء التاسع {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} [ آل عمران : 8] المفردات: ▪لا تزغ 👈🏼الزيغ: الميل عن الاستقامة والانحراف عن الحق ▪الوهاب: اسم من أسماء اللَّه تعالى الحسنى من صيغ المبالغة، والهبة هي: ((العطية الخالية عن الأعواض والأغراض)) الشرح: {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} صدروا دعاءهم بربوبيته تعالى التي هي أفضل وأعلى الغايات، وهو استقامة القلوب على ما يحبه اللَّه تعالى ويرضاه، والثبات على ذلك ↩فقالوا: يا ربنا، ويا مدبر أمورنا، لا تُمِل قلوبنا بعد الهدى الذي أنعمت به علينا توسلوا بسابق إحسانه وإنعامه بعد التوسل بربوبيته دلالة على أهمية مطلبهم لربهم، وأنهم في تضرع كبير لهذا المطلب المهم ⬅فتضمّن هذا المطلب الجليل سؤال اللَّه تعالى الثبات على الدين القويم، والصراط المستقيم الذي عليه النجاة في يوم الدين، ولا يكون ذلك إلا بالتوفيق من اللَّه تعالى رب العالمين. لهذا كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم -: ((يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ)) صححه الألباني ↩وجاء عنه صلى الله عليه وسلم -: ((اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ)) مسلم {وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً} ومن جميل تضرعهم وتوسلهم سألوا اللَّه تعالى بلفظ الهبة إشارة إلى أن ذلك منه تعالى تفضل محض دون شائبة وجوب عليه سبحانه وتعالى وسألوا ربهم {رَحْمَةً} بالتنوين والتنكير دلالة على التفخيم والتعظيم أي رحمة عظيمة واسعة شاملة التي تقتضي حصول نور الإيمان والتوحيد والمعرفة في القلب، وحصول الطاعة في الجوارح والأركان. 💭فالرحمة من آثارها التوفيق، والدوام على الهدى في الدنيا، والنعيم الأبدي في الآخرة؛ ولهذا كثرة الأدعية في كتاب اللَّه لهذا المطلب الجليل. {مِنْ لَدُنْكَ} جُعلت الرحمة من عنده؛ لأن تيسير الأسباب منه جل وعلا تفضلاً وتكرماً، وفيها معاني التعظيم والإجلال للَّه تعالى، وهذا من حسن دعائهم، وأدبهم مع ربهم - عز وجل - التي ملأت قلوبهم حباً وتعظيماً له - جل جلاله -. {إنَّكَ أنْتَ الوَهَّابُ} عللوا طلبهم، وأكَّدوه بخصوصية الهبة المطلقة الكاملة للَّه تعالى، التي لايعدّها عادٌّ، ولا يحدّها حادّ، إيماناً منهم بكمال صفاته تعالى، ومن جملتها هباته تعالى؛ لأن هبات الناس بالنسبة لما أفاض اللَّه تعالى من الخيرات شيء لا يُعبأ به. وقالوا في الآية التالية: {رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ} حيث استحضروا عند طلب الرحمة أحوج ما يكونون إليه، وهو يوم تكون الرحمة سبباً للفوز الأبدي، فأعقبوا بذكر هذا اليوم دعاءهم كأنهم قالوا: وهب لنا من لدنك رحمة، وخاصة يوم تجمع الناس الفوائد المستفادة تضمنت هذه الدعوة المباركة كثيراً من المنافع والفوائد: 1⃣ أن سؤال اللَّه تعالى الثبات على الإيمان هو أعظم مقاصد الشارع المطلوبة. 2⃣ ينبغي للعبد أن يستحضر دوماً نعم اللَّه تعالى عليه، وخاصة نعمة الدين. 3⃣ أهمية التوسل إلى اللَّه تعالى بنعمه {بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا}. 4⃣ إنّ الإنسان لا يملك قلبه؛ لأنه بين إصبعين من أصابع الرحمن يُقلِّبه كيف يشاء، فيسأل اللَّه ألاَّ يزغه 5⃣ أن التخلية تكون قبل التحلية، يعني يُفرغ المكان من الشوائب والأذى، ثم يطهر، دلَّ عليه قوله: (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا) ثم قال: {وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً}. 6⃣ أن العطاء يكون على قدر المعطي؛ لقوله تعالى: (وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً)، هذا من باب التوسل بحال المدعو، ومن باب التوسل بصفات اللَّه عز وجل 7⃣ أن كل الخلق لا غنى لهم عن دعاء ربهم - عز وجل - في جلب المنافع، ودفع المضار. فبعد هذا الوصف الجميل لهم، يجدر بالعبد السالك إلى طريق اللَّه المستقيم أن يحرص على هذه الكلمات اليافعات، والدعوات المباركات، ويستحضر هذه المعاني، والمطالب العالية المرجع شرح الدعاء من الكتاب والسنة سعيد بن وهف القحطاني |
لا تختلط بأكملك مع الناس أحتفظ لنفسك ببعض منك... المدونة....https://woonder-land.com/vb/showthread.php?t=1779 |
11-13-2022, 08:15 AM | #12 |
عضوة مميزة
|
الدعـــاء من الكتــــ📖ـــاب و الســــنـــة
الدعاء العاشر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ دِقَّهُ وَجِلَّهُ وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَعَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ" مسلم ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بهذا الدعاء في السجود المفردات ▪( دِقّه ) أَيْ دَقِيقه وَصَغِيره وقليله ▪( وَجِلّه ) أَيْ جَلِيله وَكَبِيره وكثيره ↩و قِيلَ إِنَّمَا قَدَّمَ الدِّقّ عَلَى الْجِلّ لِأَنَّ السَّائِل يَتَصَاعَد فِي مَسْأَلَته أَيْ يَتَرَقَّى وَلِأَنَّ الْكَبَائِر تَنْشَأ غَالِبًا مِنْ الْإِصْرَار عَلَى الصَّغَائِر وَعَدَم الْمُبَالَاة بِهَا , فَكَأَنَّهَا وَسَائِل إِلَى الْكَبَائِر ( وَأَوَّله وَآخِره ) الْمَقْصُود الْإِحَاطَة بالذنوب كلها ( عَلَانِيَته وَسِرّه ) ما أعلن وما أسر من الذنوب التى لا يعلمها إلا الله فالمقصود عِنْد الناس وَإِلَّا فَهُمَا سَوَاء ( السر والعلانية ) عِنْده تَعَالَى ( يَعْلَم السِّرّ وَأَخْفَى) الشَّرْحُ هذا الدعاء وتكرار ألفاظه من باب التبسط في الدعاء والتوسع فيه لأن الدعاء عبادة فكل ما كرره الإنسان ازداد عبادة لله عز وجل ثم إنه في تكراره هذا يستحضر الذنوب كلها ما اعلنه و ما أخفاه وكذلك دقه وجله وهذا هو الحكمة في أن النبي صلى الله عليه وسلم فصل بعد الإجمال فينبغي للإنسان أن يحرص على الأدعية الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنها أجمع الدعاء وأنفع الدعاء المراجع "عون المعبود شرح سنن أبي داود" شرح رياض الصالحين (ابن عثيمين) |
لا تختلط بأكملك مع الناس أحتفظ لنفسك ببعض منك... المدونة....https://woonder-land.com/vb/showthread.php?t=1779 |
11-14-2022, 07:40 AM | #13 |
عضوة مميزة
|
الدعـــاء من الكتــــ📖ـــاب و الســــنـــة
الدعاء الحادي عشر {رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [ آل عمران : 16] الشرح : بعد أن ذكر اللَّه عز وجل حُبَّ الناس الشهوات من النساء والبنين وغيرها من ملذات الدنيا، وإيثار بعضهم لهذه الدار على الآخرة ↩أعقب بذكر الدار الحقيقية التي لا يفنى نعيمها ولا ينفد، التي أعدها لأصحاب النفوس الزكيَّة، الذي كان من جليل أعمالهم وأقوالهم: {يقولون ربنا إننا آمنا} جاء بصيغة المضارع (يقولون) الذي يدلّ على الاستمرارية والتجدد في سؤالهم، وتضرّعهم بهذه الدعوات. {ربّنا إننا آمنا} توسّلوا إلى اللَّه تعالى بربوبيته التي من مقتضاها الإجابة والعناية وذلك أن ربوبية اللَّه تبارك وتعالى ربوبيتان: ▪عامة: لجميع الخلائق بالرزق، والتدبير والإصلاح ▪وخاصة: لأوليائه التي تقتضي الحفظ، والعناية، والإجابة، وإصلاح أحوالهم وشؤونهم في دينهم ودنياهم فهم توسّلوا بهذه الربوبية العليّة التي من مقتضاها إجابة دعائهم. {إنَّنا آمنَّا} أكدوا إيمانهم بـ ((إنَّ)) المؤكدة، دلالة على قوة إيمانهم، وصفاء توحيدهم من كل أدران الشرك والشك، أي آمنّا بك وبكتابك وبرسولك، وبكل ما جاء منك ↩قدموا توسلهم بإيمانهم باللَّه قبل سؤالهم؛ لأنه من أعظم الوسائل التي يحبها اللَّه - عز وجل -، أن يتوسّل العبد إلى ربّه تعالى بما منَّ عليه من الإيمان، والأعمال الصالحة، إلى تكميل نعم اللَّه تعالى عليه، بحصول الثواب الكامل، واندفاع العقاب {فاغفر لنا} الفاء هنا للسببية، أي بسبب إيماننا فاغفر لنا؛ لأن الإيمان لا شك أنه وسيلة للمغفرة، وكلما قوي الإيمان قويت أسباب المغفرة والمغفرة: مأخوذة من الغفر، وهو الستر والوقاية ↩فمغفرة الذنوب: سترها في الناس، والعفو عن عقوبتها ((ذنوبنا)) المراد كل الذنوب من الصغائر والكبائر. {وقنا عذاب النار} أي اجعل بيننا وبين النار وقاية تجنبنا هذا الشر الأليم. تضمنت هذه الدعوةالتوفيق إلى الأعمال، والأقوال، والأخلاق التي تقي عذاب النار، والفوز بدار القرار. الفوائد: 1⃣من صفات المؤمنين إعلانهم الإيمان باللَّه تبارك وتعالى. 2⃣أنّ من صفات المتقين عدم الإعجاب بالنفس، وأنّهم مقصرون لطلبهم المغفرة من اللَّه تعالى. 3⃣جواز التوسل بالإيمان {ربّنا إنّنا آمّنّا} 4⃣أهمية البسط في الدعاء، فإنّ سؤال المغفرة يغني عن سؤال الوقاية من النار، إلا أنه في باب الدعاء ينبغي البسط فيه 5⃣أهمية التوسل بالعمل الصالح في الدعاء، وأنّ من أعظم أنواعه على الإطلاق التوسل بإيمان العبد بربه تعالى. 6⃣ينبغي للداعي أن يحرص في أدعيته على سؤال المغفرة، والوقاية من النار، فمن تحصَّل بهذين المطلوبين فاز في الدنيا والآخرة. 7⃣أنه كلما أكثر العبد في التوسل كان أرجى في قبول دعوته، فقد توسلوا بوسيلتين: بأسمائه تعالى الحسنى {رَبَّنَا}. بالعمل الصالح {إِنَّنَا آمَنَّا}. المرجع شرح الدعاء من الكتاب والسنة سعيد بن وهف القحطاني |
لا تختلط بأكملك مع الناس أحتفظ لنفسك ببعض منك... المدونة....https://woonder-land.com/vb/showthread.php?t=1779 |
11-15-2022, 07:42 AM | #14 |
عضوة مميزة
|
الدعـــاء من الكتــــ📖ـــاب و الســــنـــة*
الدعاء الثاني عشر عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال : كنت أخدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كلما نزل، فكنت أسمعه يكثر أن يقول : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ " رواه البخاري المفردات ▪(الهمّ ) المكروه المؤلم للقلب على أمر مستقبل يتوقعه ▪(الحزن) المكروه المؤلم للقلب على أمر قد مضى. ▪( العجز) تخلُّف العبد عن فعل الخير لعدم القدرة. ▪(الكسل ) ترك العبد فعل الشيء مع القدرة عليه. ▪(الجبن ) هو مهابة الأشياء، والتأخّر عن فعلها. ▪(ضَلع الدين ) أصل الضلع : الاعوجاج، والمراد به هنا ثِقل الدين وشدّته، الذي يميل بصاحبه عن الاستواء. ▪(غلبة الرجال) شدّة تسلّطهم وقهرهم بغير حق الشرح استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الأمور؛ لأنها منغصات للحياة، من جميع الوجوه، في النفس، والجسد، والعقل، والقلب. ((اللَّهم إني أعوذ بك من الهم والحزن)) استعاذ منهما لما فيهما من شدة الضرر على البدن، وإذابة قواه، وتشويش الفكر والعقل، والإنشغال بهما يفوِّتان على العبد الكثير من الخير ،وانشغال الفؤاد والنفس عن الطاعات والواجبات، هذا إن كان الهمّ والحزن في أمور الدنيا أما همّ الآخرة، فهو محمود؛ لأنه يزيد في الطاعة، ويبعث النفس على الجدّ، والعمل، والمراقبة، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا: هَمَّ الْمَعَادِ، كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ دُنْيَاهُ، وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ في أَحْوَالِ الدُّنْيَا، لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهِ هَلَكَ)) صححه الألباني وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ كَانَتْ الْآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ)) حسنه الألباني ((والعجز والكسل )) العجز والكسل يفوّت على العبد كثيراً من الواجبات من أعمال الصالحات التي ترجع إليه بالنفع في دينه ودنياه وآخرته ((والجبن)) وهو مهابة الأشياء ويؤدي إلى عدم الوفاء بكثير من الواجبات وحقوق اللَّه تعالى، كالقتال في سبيله، وعدم الجرأة في الصدع بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وعدم مخالفة هوى النفس والشيطان ((وضلَعَ الدين)) أي شدّته وثقله، حتى يميل بصاحبه عن الاستواء والاعتدال؛ فلهذا استعاذ منه صلى الله عليه وسلم لما فيه كذلك من شغل العبد عن القيام بالعبادة على الوجه الأكمل، والوقوع في المحذورات الشرعية مثل: الإخلاف في الوعد، والوقوع في الكذب. واستعاذ النبي صلى الله عليه وسلم ((من غلبة الرجال)) وهو تسلّطهم، وظلمهم، وغلبتهم بغير الحق، مما يؤدي إلى وهن النفس، وضعفها، وإلى الذلة والهوان، فيفتر عن الطاعة والعبادة ؛ لما يوقع في النفس من الخور والأحزان، والأوهام، الذي قد يؤدّي إلى الحقد، والانتقام. فينبغي لكل مؤمن أن يُعنى بهذا الدعاء الجليل، فنحن في أشدّ الحاجة إليه في زمننا هذا، وقد تكالبت علينا الهموم، والغموم والأعداء من كل مكان، فنسأل اللَّه السلامة في ديننا ودنيانا. المرجع شرح الدعاء من الكتاب والسنة سعيد بن وهف القحطاني |
لا تختلط بأكملك مع الناس أحتفظ لنفسك ببعض منك... المدونة....https://woonder-land.com/vb/showthread.php?t=1779 |
11-16-2022, 09:40 AM | #15 |
عضوة مميزة
|
الدعـــاء من الكتــــ📖ـــاب و الســــنـــة
الدعاء الثالث عشر {رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران : 38] الشرح هذه إحدى دعوات زكريا عليه السلام لما رأى أنّ اللَّه يرزق مريم فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، طمع حينئذٍ في الولد وكان شيخاً كبيراً قد وهن العظم منه، واشتعل الرأس شيباً، وكانت امرأته مع ذلك كبيرة وعقيماً، لكنه لكمال إيمانه، وحسن ظنه بربه بكمال قدرته تعالى، ونفوذ مشيئته وحكمته، أقبل على الدعاء من غير تأخير ، فسأل ربه، وناداه نداء خفياً، كما في قوله تعالى في سورة مريم: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ} جاء الطلب بلفظ الهبة؛ لأنّ الهبة إحسان محض، ليس في مقابله شيء، وهو يناسب ما لا دخل فيه للوالد؛ لكبر سنّه، ولا للوالدة؛ لكونها عاقراً لا تلد ↩فكأنه قال: أعطني من غير سبب معتاد ، لأنه لم ينظر عليه السلام إلى الأسباب والمسببات بظروفها العادية؛ بل نظر إلى خالقها، وموجدها، ومكونها، وهذا هو الإيمان الصادق الخالص للَّه ، وعلى قدر حسن ظن العبد بربه ينال من كراماته و فضائله التي لا تعدّ. {مِن لَّدُنْكَ} أي من عندك، إضافة العندية إلى اللَّه تعالى ليكون أبلغ وأعظم؛ لأنّ هديّة الكريم عظيمة وجليلة تليق بمقام العظيم الكريم. {ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} في تقييد الذرية بالطيّبة إشارة مهمّة أنّ العبد لا يسأل اللَّه تعالى الذرية فقط، فلابدّ أن يقيّدها بالصلاح والطيب التي يُرجى منها الخير في الدنيا والآخرة ↩فالذُّرِّيَّة الطيّبة، هي الطيّبة في أقوالها، وأفعالها، وكذلك في أجسامها، فهي تتناول الطيب الحسّيّ، والطيِّب المعنوي {إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} تعليل للسؤال: أي إني ما التجأت إليك، وسألتك إلا لأنك مجيب الدعاء، غير مخيّب للرجاء، فختم الدعاء بأحسن ختام من التوسل بأسمائه تعالى الحسنى، وصفاته العُلا التي تناسب الدعاء ⬅ فجاءته البشارة العاجلة عقيب السؤال، كما أفاد ذلك حرف التعقيب (الفاء) في قوله: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران :39] المرجع شرح الدعاء من الكتاب والسنة سعيد بن وهف القحطاني الفوائد تضمّنت هذه الدعوة المباركة فوائد، وحِكَماً، منها : 1⃣ إنّ جميع الخلق مفتقرون إلى اللَّه عز وجل ، حتى الأنبياء لايستغنون عن دعاء اللَّه تعالى في كل أحوالهم، دلّ على ذلك قوله تعالى: {دعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ} 2⃣ إن من أعظم التوسل إلى اللَّه عز وجل بالدعاء هو اسم (الربّ) لقوله: (ربّه)، ولم يقل (اللَّه)؛ ولهذا أكثر الأدعية مصدرة بـ (الربّ)؛ لأنّ إجابة الداعي من مقتضى الربوبية؛ فلهذا يتوسل الداعي دائماً باسم (الرب) قال النبي صلى الله عليه وسلم -: ((يمدّ يديه إلى السماء: يا ربّ، يا ربّ)) 3⃣ إنه لاينبغي للإنسان أن يسأل مطلق الذرية؛ لأنّ الذريّة قد يكونون نكداً وفتنة، وإنّما يسأل الذريّة الطيّبة 4⃣ إنّ حُسن الظنّ من حسن العبادة، وأنه تعالى يجازي عبده، ويعطيه على قدر حسن الظنّ به، دلّ عليه قوله تعالى: {هُنَالِكَ دعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ}، حيث أقبل على الدعاء مباشرة لحسن ظنّه بربه تعالى، كما جاء في الحديث القدسي عن ربّ العزّة والجلال: ((أنا عند ظنّ عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني)) البخاري 5⃣ إنّ من تمنى أمراً عظيماً، أو رأى شيئاً جليلاً يتمناه، عليه أن يقبل على الدعاء في لحظته، ولايؤخره، دل عليه قوله تعالى: {هُنَالِكَ دَعَا} ففي ((تقديم الظرف (هنالك) للإيذان بأنه أقبل على الدعاء من غير تأخير)) 6⃣ إنه ينبغي للإنسان أن يفعل الأسباب التي تكون بها ذريته طيبة، ومنها الدعاء؛ دعاء اللَّه تعالى، وهو من أكبرالأسباب 7⃣ فيه دلالة على أن الدعاء يردّ القضاء، وذلك أن من الأسباب العادية، أن العقيم والعجوز لاتلد، فلمّا دعا اللَّه تعالى أن يرزقه الولد، جاءت البشرى مباشرة، كما أفاد قوله تعالى: {فَنَادَتْهُ المَلائِكَةُ} عقب دعائه مباشرة، دلّ على ذلك بـ ((الفاء السببية))، والتي تفيد التعقيب والترتيب بدون مهلة. 8⃣ إثبات سمع اللَّه - عز وجل -، وكرم اللَّه تعالى، وقدرته، وجه ذلك: أنه يسمع الدعاء، ويجيب من دعاه، وقادرعلى الإجابة 9⃣ أهمية التوسل بأسماء اللَّه الحسنى (إنك سميع الدعاء)، وأنها من أعظم الوسائل إلى إجابة الدعاء، حيث اختاره عليه وسلم دون غيره من الأسماء. 🔟 إنه كما يُتوسل إليه تعالى بأسمائه، كذلك يُتوسل إليه جل وعلا بأفعاله، فقوله: {هَبْ لِي}، توسّل بصفة الهبة، وهي صفة فعلية ، وهي مشتقة من اسمه (الوهّاب). 1⃣1⃣ أن في ذكر هذه القصة العجيبة، وما تضمنته من دعوة جليلة حتى لا ييأس أحد من فضل اللَّه تعالى ورحمته، ولايقنط من فضله سبحانه المرجع شرح الدعاء من الكتاب والسنة سعيد بن وهف القحطاني |
لا تختلط بأكملك مع الناس أحتفظ لنفسك ببعض منك... المدونة....https://woonder-land.com/vb/showthread.php?t=1779 |
|
|