الفصل السادس
مشينا انا وهو في ذلك الطريق وعم الهدوء بيننا والحرارة بدأت تحرقني
هو يبدو عليه لا يشعر بالحر ربما لانه يرتدي ملابس خفيفة على عكسي...او ربما اخذ حماما للتو
او ربما لانه يأكل المثلجات...او ربما الكل معاً
نطقت من شدة الحر قائلة :
- يا الهي انا اتصبب عرق من شدة الحر
لم اظن ان درجات الحرارة سترتفع في الظهيرة...كانت في الصباح منخفضة
اجابني دون ان يلتفت لي :
- لانه بداية الصيف يكون الجو متقلب كثيراً
ثم نظر لي هيرو بعينيه فقط ورآني كيف اتصبب عرقاً ، وكان يبدو عليه التردد قليلا
ثمبلحظة مد يده امامي التي يمسك فيها المثلجات وقال :
- خذي تناولي هذه ستشعرك بالانتعاش....لم اشتري واحدة اخرى
واصبحنا بعيدين عن الاسواق لاشتري لكي واحدة اخرى
توقفت انا في تلك اللحضة عن المشي ثم بدأت انظر له بتعجب قليل
هيرو يعطيني مثلجاته!!!!؟....لديه طريقة لطيفة في التعامل مع الاخرين رغم برودته...وانا ظننته متبلد
لكنها مثلجاته الخاصة وقد اكل منها ....هل سأخذها هكذا؟!!
رغم هذا تحركت يدي بدون وعي واخذتها منه....وقضمت منها ايضا دون اي تردد
لكن الا تعتبر هذه قبلة غير مباشرة !!!!
تغاظيت عن الامر واكلتها وانا امشي دون نطق حرف...لا انكر لقد اشعرتني بالانتعاش حقاً
مشينا حتى وصلنا للسائق....كان السكوت رفيقنا ايضا آن ذاك...فلم نتحدث طوال الطريق رغم انني وددت لو اتكلم معه بأمور كثيرة
اردت ان اعرفه اكثر
ولكن انتهى يومنا هنا وانا اقول له :
- حسناً وصلنا تلك هي سيارة سائقي
نزل السائق وانحنى له هيرو وقال:
- كيف حالك سيدي
انحنى له السائق ايضا
- مرحبا بك بني
نظر هيرو لي وقال :
- حسنا انا ذاهب الى اللقاء...
ثم عاد ادراجه وذهب وانا الوح له والعاطفة تتطاير من وجهي
ثم نظرت للسائق فوجدته ينظر لي وهو مبتسم..
قلت له بضجر :
- لا تنظر لي هكذا الامر ليس كما تظن
ضحك وقال :
- ولكني لم اقول شيء انستي
اكملت انا :
- اعلم بماذا تفكر..
ثم ركبت السيارة وركب السائق ايضا وقال لي قبل ان يحركها :
- ولكن يبدو عليه شاب لطيف ومهذب....لقد قال لي سيدي
فأبتسمت انا و شعرت كأنني قد عرفت حبيبي بسائقي الشخصي بحق
عدت الايام وانا اذهب لبيته بعد المدرسة ونقرأ في غرفته غالبا
احاول عمل شيء كغسل الاطباق او الطبخ رغم انني لا اجيده لكنه لا يسمح لي
رغم هذا كان يقوم بتدريسي.....وانا كنت احاول ان اتهرب فقد اكتشف عندي اخطاء كثيرة وهو يحاول تصحيحها كلها لي
لم اكن اعلم انه يحب الدراسة الى هذا الحد...فقد كنت اظن العكس
هيرو كل يوم انعجب بك اكثر.....
وفي العصر كنا جالسين انا وهيرو على المنضدة نقرأ كالعادة ...ثم اغلقت الكتاب وقلت براحة :
- حسنا...واخيرا انهيت كل الواجبات.....شكرا لك هيرو بفضلك تعلمت كيف احلهم
قال لي ببرودته المعتادة وهو مازال يكتب :
- كان لا بد من تعليمك لانكي كنتي تجرمين بحق المسائل في حلولك الخاطئة
نظرت له بعبوس وقلت :
- انت حتى الشكر لا ترد عليه بطريقة صحيحة
ثم قلت وانا انظر له :
- اتعلم غدا سيكون اخر يوم لخدمتي لك.....
قال وهو مازال على وضعيته ودون ابداء اي ردة فعل :
- انها بشرى سارة...
نظرت له بعبوس
ثم ابتسمت وقلت بحماس :
- ما رأيك ان امدد خدمتي اسبوع اخر
قال بسرعة نافياً:
- لا اريد......خدمتكي لم تقدم لي سوى الازعاج
عدت انظر بعبوس نحو دفتري وانا ضجرة
الى ان قال شيئاً جعل عيناي تتسع من التفاجئ :
- يمكنك المجيء دائماً....دون اي خدمة او مساعدة
اعلم انه يكره ان يساعده الغير.....لكن عبارة يمكنك المجيء دائماً هزت كل كيناي
بقيت انظر له وانا محمرة
انعقد لساني ولم استطع ان انطق بحرف.....بعد كل شيء تبين هو يرغب بمجيئي
هو لا يكره وجودي في بيته
في هذه اللحظة رفع هيرو يده على وجهه وغطى ملامحه لكي لا ارى خجله وقال :
حسناً يكفي اليوم انا اشعر بالنعاس عودي لبيتك قبل ان يخيم الظلام.......
قلت له بعد ان استيقظت من شرودي :
- نـ...نعم معك حق...انا ذاهبة...الى اللقاء
بقى هيرو في غرفته وعندما خرجت وقف وذهب نحو سريره...ثم القى نفسه عليه...واغمض عينيه لحظة وقال :
- نعم...علي ان اعترف...انا حقاً احب وجودها في بيتي
خرجت من بيته امشي دون وعي وعبارة يمكنك المجيء متى ماشئتي تتردد في عقلي
احاول ان استوعب الامر ان كان ما سمعته حقيقة ام وهم
وبعد ان استرجعت تلك اللحظة وايقنت انه قالها لي قفزت من فرحتي وصرت اركض ذهاباً نحو سيارة سائقي والابتسامة تعلو وجهي....
انا حقاً ............لا اعلم ما يجري لي
عدت للبيت والقيت نفسي على السرير.....
غدا اخر يوم لخدمتي له....الخدمة التي لم يعترف بها
ماذا سأفعل غدا ؟.... سأعد له قالب حلوى بمناسبة اخر يوم لي لخدمته
فهو سعيد بالتحرر من كونه امير بعد كل شيء
وماذا بعد
هل اطلب منه ان نخرج سوية في.......ماذا!!!!!!
ما الذي فكرت فيه للتو.......لما افكر في هذه الطريقة؟!
استمرت فوضى المشاعر المتسائلة تلازم مايا حتى الصباح....
وبما ان اليوم كان نهاية الاسبوع ايضاً ، لم يكن عندي دوام مدرسي ، اعددت قالب حلوى وقد اعتنيت به كثيرا وزينته ووضعته في صندوق زجاجي على شكل قلب
ثم ذهبت لبيت هيرو منذ الصباح وانا اتمتم اثناء مشيي نحو منزله قائلة:
- يا الهي كم انا سعيدة لانه اليوم ليس اخر يوم التقي به واذهب لمنزله....فقد قبل ان اتي كل يوم
فقط لو اعرف لما هكذا انا سعيدة وقلبي يكاد يخرج من صدري بسبب دقاته المتسارعة حين افكر به
هذا الشعور....هذا الشعور......انا.....
ثم توقفت فجأة واتسعت عيناي وقلت بثقة تماماً :
- انا مغرمة بهيرو......انا حقاً مغرمة به
الاعتراف بهذه الحقيقة زاد توتري ، باتت خطواتي تتباطئ والخجل سيطر علي تماماً
والان كيف سأواجهه وماذا سأقول له بعد ان عرفت حقيقة مشاعري نحوه
اثناء قدوم مايا لبيت هيرو ، كان هيرو قد استيقظ ....وبما ان اليوم انتهت عطلته التي على اساس ان عمته طلبتها له من مديري عمله الجزئي
قام ورفع هاتفه واتصل بمدير العمل الصباحي وقال له :
- مرحبا سيدي كيف حالك
- اه هيرو....انا بخير وانت ما اخبارك
- انا بأحسن حال سيدي.....فقط اتصلت لاشكرك على الاجازة التي قبلت ان تعطيها لي....وبما ان اليوم انتهى موعدها منذ الغد سآتي للعمل وسأقوم بالتعويض لك بأمتنان
- ولكن عن اي اجازة تتحدث؟...انت لم تتصل بي لتطلب اجازة ....
تفاجئ هيرو قليلا واجابه :
- لست انا بل عمتي اتصلت بك قبل اسبوع وقالت انك وافقت على اعطائي اجازة اسبوع كامل
- اعتذر منك هيرو لكن يبدو ان عمتك قد حصل عندها اشتباه
هي لم تتصل بي ولا اي احد اخر...وانا ظننتك تركت العمل لذا قمت بتوظيف شخص اخر بديل لك
اعتذر منك حقاً ولكن لم يعد لك مكان للعمل عندي
انصدم هيرو بعد سماع ما قاله صاحب العمل...انعقد لسانه ولم يستطع قول شيء..
ثم عاد واتصل على مدير عمله المسائي وقال له نفس الكلام
على ان عمته لم تتصل وقد وضعوا عامل اخر مكانه....
جمد هيرو لحظة ولم يحرك ساكناً واتت في باله افكار كثيرة
افكار جعلته يرتجف ويعصر الهاتف بيده حتى كاد يكسره....
وقف وذهب بكل هدوء وصرامة نحو عمته التي كانت جالسة تنظر للتلفاز
صار ورائها حتى شعرت بظلام دامس يقف خلفها من شدة غضبه...
التفتت بقلق ثم وجدته هيرو وقالت بأنزعاج :
- هذا انت....لقد افزعتني....ما بالك تقف كالاشباح المخيفة هكذا...
ثم عادت تنظر للتلفاز واخذت رقائق البطاطا وبدأت تأكل دون الاهتمام بوجوده
لكنها جمدت تماما حين سمعته قال بشكل مخيف :
- عمتي...هل تلك الفتاة مايا تعطيكي نقود؟
عادت والتفتت عليه بقلق وقالت بتلكئ:
- مـ...ماذا...نقود؟...عن اي نقود تتحدث
قال لها والغضب واضح انه يغلي بداخله :
- انتي لم تتصلي بمديري اعمالي....ولم تطلبي لي اي اجازة.....
تحدثي عمتي...وان كذبتي علي فسأترك المنزل ولن اعود ابداً
هنا العمة انرعبت من قوله على انه سيترك المنزل...فهو مصدر المال بالنسبة لها
وقفت والتفتت نحوه وقالت بخوف :
- هي صاحبة الفكرة اقسم لك....انا لم اذكرها بادئ الامر بل هي من بادرت بقولها واقنعتني على انه لاجلك
لاتترك المنزل هيرو تعلم انني اموت ان تركته....
انزل هيرو رأسه وزاد غضبه اكثر وقال بصوت واطئ لكن فيه نبرة غضب :
- لاجلي هاه...
وهنا دخلت انا ولم اعلم ماكان يجري ....كنت قد وجدت الباب مفتوح واحببت ان افاجئهم طالما اصبح مرحب بي في هذا البيت..
ولكن وجدتهم في موقف غريب كان يبدو على العمة الخوف
ولكن هيرو كان رأسه للاسفل ولم ارى ملامحه
وعندما رأتني العمة قالت وهي تتصنع التبسم :
- اه لقد تذكرت....علي ان اذهب الى السوق هناك اشياء يجب ان اشتريها...
ثم وبلمح البصر هلمت خارجة وكأنها هاربة....صراحة نسيت امر فعلتي تماماً...