••
العودة   منتدى وندر لاند > القصص والروايات > روايات مكتملة.


براعم زهرة الكرز.. الجزء الأول

روايات مكتملة.


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-11-2020, 03:08 PM   #16
آدِيت~Edith
https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at165286508456371.png


الصورة الرمزية آدِيت~Edith
آدِيت~Edith غير متواجد حالياً








حينما تغدو الألوان مزدوجة الى حد الجنون

متضاربة بعضها البعض .. كما المشاعر

تسيطر عليها الظلمة تغشوها بغشاءٍ ضبابي باهت

محولة كل ألوان العالم

الى رمادي قاتم معتم



كانت الشمس قد تصدرت السماء ناشرة خيوطها الذهبية علها تبث بعض الدفء بتلك الأجواء
الخريفية الباردة ..


وكالعادة .. كانت الأوراق تتراقص على أنغامٍ عزفتها الرياح


فتتساقط حول الأشجار التي بدت مزدانة بألوانٍ شتى


عيونٌ .. أُغمضت لتوها وأخرى تفتحت وبدأت العمل الدؤوب


هدوء الريف تحول الى صخب في هذا الصباح ..


فقد حدث أمر جديد آخر أقض مضجعهم .. أمر مهول أنذرهم بالحرب القادمة !!


تسارعت الخطوات بالخارج جيئة وذهاباً والخوف والهلع قد سيطر على تلك القرية التي كانت هادئة مسالمة


لم تكن قد غفت بعد .. أنّا لها أن تغفو بعد كل ماجرى تلك الليلة


ظلت تفكر وتفكر علها تجد حلاً لتلك المصيبة التي حلت فوق رأسها


وعيناها لاتكادان تفارقان البقعة المشؤومة المخيفة


والتي غدت قبراً للصيني المخيف ..!


سمعت تلك الأصوات فلم تعد تقوى أكثر على الصبر ..


كان من الطبيعي أن تتوجه أصابع الاتهام لزوجها الآن والذي هو مغيب عنهم في مثل هذا الظرف الصعب


نهضت مسرعة من فراشها وارتدت وشاحها .. ثم خرجت ووقفت خلف الباب


فتحته بتردد وخوف ونظرت للخارج يجتاحها ذعر شديد ودقات قلبها تأبى السكون


عادت للداخل من جديد وهي تجوب المنزل ذهاباً واياباً بتوتر وقلق


وحينا ترقب فلورنس و الذي بدأ يستفيق وعلامات الاستياء بادية على وجهه


أسرعت نحوه ووقفت بجانب باب الغرفة وهي تقول بسرعة : سمعت ماسمعته .. لقد شاهدوا آثار الجريمة .. رباه ماذا نفعل الآن وهم لم يروك بينهم


نظر لها بنعاس وأذناه بالكاد تلتقطان منها بعض الكلمات التي يمكنه استيعابها بوضعه ذاك


ماان انهت حديثها حتى قال بانزعاج واشمئزاز : ابنتكِ .. خذيها


نظرت نحوه بتساؤل ودهشة لادراكها أنه لم يستمع لها


بينما نظر لها مجدداً وقال بنعاسٍ واضح : لقد بللت ملابسها وبللتني معها .. ياللقرف ..
أما كان بامكانها الذهاب للحمام قبلاً .. أو على الأقل النوم بجانبكِ لاجانبي ؟! سحقاً !


قال ذلك ونهض بتململ نحو الحمام .. مكملاً حديثه بينما يغلق الباب : جهزي ملابس مريحة لي .. وكذا بدلي الفراش .. أريد أن يكون كل شيء مهيأً حالما أخرج


قال ذلك بنبرة آمرة كمن نسى كل شيء قد حدث في تلك الليلة المشؤومة


وهي .. كانت تطالعه بذهول عقد لسانها عن الحديث .. وهي تتسائل بداخلها " أأحلم .. أم أنه حقاً لايهتم !"


تنهدت بثقل وتوجهت لطفلتها التي كان جسدها يرتعش بشدة بينما جبينها يتصبب عرقاً
نظرت لها بقلق ثم وضعت يدها على جبينها الساخن .. أدركت على الفور أن ما أفزعها هو السبب !


بألم وأسفٍ أيقظتها .. وبالكاد فتحت عينيها الذابلتين المرهقتين


- صغيرتي .. أأنتِ بخير


- ماما .. ماما .. لاتتركيني


قالت ذلك وقد دمعت عيناها لتبدأ البكاء بخوف بينما ضمتها آريا بحنان
أخذتها لغرفتها و حممتها وألبستها ملابس دافئة .. ثم أرقدتها على فراشها


- انتظري قليلاً .. سأعود لكِ ياحلوتي حسناً


أومأت الطفلة لها بالنفي بسرعة وهي تمسك يدها " لاتتركيني .. ماما "


نظرت لها بعطف وتفهم .. بينما تفكر بفلورنس وردة فعله حالما ينهي حمامه


زفرت بضيق وحيرة


" يبدو أنني وحدي من يؤرقها هذا الأمر .. أما هو فكل مايهمه فراشه وراحته .. لحظة .. هو الآخر متعب أنهكته جراحه "


كانت تلك الأفكار ومثلها تهاجمها بينما هي ترعى صغيرتها


في ذلك الوقت أطل من الحمام بضجر
" توقعت لقد انشغلت بصغيرتها المدللة ونسيتني .. هفف "


خرج وجهز ملابسه بنفسه .. مقلباً يديه في تلك الخزانة العتيقة والتي حوت ملابسه القديمة الرثة .. المصنوعة من أسوأ أنواع القماش


للحظاتٍ ارتسمت أمامه صورة لخزانة فاخرة بيضاء بزخارف ذهبية راقية


تذكر تلك الملابس الفاخرة الأنيقة الحريرية .. والتي كانت تتبدل بين الحين والآخر حتى لو لم يرتديها سوى لمرة واحدة فقط ..

تذكر ذلك الأثر المريح لها على جسده .. بخلاف هذه والتي كانت وبالتحديد في أوائل أيام معيشته الجديدة .. تخلف آثاراً مزعجة على جسده .. ناهيك عن ملمسها الخشن .. والذي لايمكنك أن تستشعر الراحة أبداً بسببه ..


انقطعت أفكاره أخيراً وهو ينهي أغلاق آخر زرٍ في قميصه


توجه بعدها لفراشه موقظاً الصغيرة الأخرى والتي استفاقت كعادتها بصعوبة


" هارو اذهبي لغرفتكِ .. والدتكِ وشقيقتكِ هناك "


بنعاسٍ أجابته " وأنت ؟ "


ابتسم بلطف ومسح على شعرها بحنان بينما يقول بعفوية مطلقة : أنا ؟! سأنام بالطبع .. أم أن مظهري لايوحي بذلك ؟


فكرت قليلاً ثم أجابت بدلال : اذاً هارو تنام مع بابا


اتسعت ابتسامته لاجابتها تلك وقبل خديها ثم أشار لها أن تنهض قائلاً : لنستبدل فراشنا أولاً فشقيقتكِ الكسول بللته


- بللته ؟!! هانا !! توقعت أن تفعل فقد كانت بحاجة للحمام ولم تفعل لأنها رأت الشبح


- آها .. على ذكر الشبح مالذي رأيتماه بالتحديد ؟


- رأينا ؟ لم نر لقد سمعنا ...


وقاطعها فجأة صوت الباب يطرق بشدة مما جعلها ترتعد بهلع


- الشبح بابا !


قالتها وهي تقفز في حجره معانقة اياه بخوف


بينما أخذ يربت عليها مطمئناً وهو يفكر بقلق بأمر الطارق


واذا به يرى آريا تقف أمام باب الغرفة محدقة به قلقة هي الاخرى كما لو كانت تفكر بما يفكر به


أشار لها باشارة فهمتها ثم أخفض رأسه لابنته هامساً : اذهبي مع ماما .. ولاتنطقي بأي شيء حسناً صغيرتي ؟


نظرت له بدهشة وتساؤل وحاولت الجدال لكن يد والدتها كانت الأسبق لتنتشلها من أحضان والدها وتخرجها من الغرفة


توجهت نحو الباب وهي تشير لها بالعودة لغرفتها ولكن الطفلة العنيدة أبت وتبعت والدتها بضجر محاولة فهم مايجري وقبل أن تبدأ بسؤالها المستاء كانت آريا قد فتحت الباب متظاهرة بالهدوء بينما خفقات قلبها تتسارع بقلق واضطراب


- صباح الخير


قالتها بنبرة متسائلة .. بينما أجابها الشاب هاديء الملامح تبدو عليه الحنكة والمكر


- صباح الخير .. لا أخال أن منزلاً لم يستمع للفوضى التي عمت القرية .. فأين السيد فلورنس لم يظهر بعد .. وقد حل الصباح ولا أظنه ممن يستلذون النوم خصوصاً بمثل هذه الأوضاع التي نمر بها ..


كان حديثه صريحا .. واضحا .. بلا مراوغة .. تحدث عن هدفه مباشرة .. هذا مافكرت به آريا وهي تعلم وتدرك شخصه الواثق... أجابته وقد حاولت قدر الامكان أن تبدو صادقة بتعابير ذاهلة قلقة


- سمعت أصواتكم منذ هذا الصباح ولم أكن على اطلاعٍ بما يجري .. ابنتي مريضة وزوجي غادر المنزل منذ صباح الأمس ...


قبل أن تكمل قاطعها متفاجئاً بريبة : ليس هنا ؟!


ارتبكت لوهلة بينما حاولت الحفاظ على هدوئها وقالت بأسى : أجل .. فقد نفذت مؤونتنا .. لقد قصد أبي عله يساعده ..


- آها .. هكذا اذاً ... حسناً الى اللقاء .. أرجو لابنتكِ السلامة


قال ذلك بنبرة غير مصدقة واستأذنها للخروج فأذنت له بلباقة


وما إن هم بالرحيل حتى سمع صوت الطفلة تقول محاولة أن يبدو حديثها همساً غير أن نبرتها المرتفعة المعتادة لم تكن تساعدها على ذلك : ماما لما كذبتِ ؟ بابا هنا صـ...
قاطعتها والدتها بنظرة محذرة متوعدة فالتزمت الصمت على الفور مطبقة فمها بكفيها الصغيرتين


لكن ذلك الشاب نظر نحوهما بريبة من جديد .. فلم تكن كذبة كتلك تنطلي عليه








عاد لمنزله باكراً وقد بدأت السماء تنذر بأمطار خريفية معتادة


بينما ترك الجميع متحلقين حول بقع الدماء المنتشرة هنا وهناك


والتي وبعد لحيظات قليلة .. بللتها الأمطار وغسلتها


أغلق الباب وخلع معطفه الممزق ..


توجه لغرفة قريبة .. الأنين وحده مايقطع سكونها


اقترب من الجسد النحيل المدثر بالغطاء على فراشٍ كان قبل أن يقدَم ويصفر أبيض اللون


جلس بجانبها ووضع يده على يدها المرتعشة


بينما عيناه السوداوان اللامعتان تتجولان بوجهها الشاحب وعيناها المغمضتان


التقط نفساً عميقاً سرعان ماأطلقه في محاولة لاستجماع صبره


نهض بعدها وغسل الصحون المتراكمة في الدلو القديم


يسكب الماء عليها ويحرك تلك القطعة القماشية الخشنة الممتزجة ببعض الصابون الرخيص


وحالما ينهي غسلها يضعها فوق الرف المهتريء المخصص لها


سمع صوت أنينها يعلو منبئاً باستيقاظها


توقف قليلاً وهو ينظر لها بعينيه الذابلتين .. وقد وجهت هي الأخرى نظراتها الحانية المتعبة نحوه


ابتسم تلك الابتسامة التي اعتاد على اظهارها فقط ليوهمها أنه بخير


ابتسامة ميتة قتلها الزمن .. لم تكن هي الأخرى تشعر بالحياة فيها


انما كانت مضطرة لاظهار أنها صدقته فبادلته بابتسامتها الحانية محاولة اخفاء ألمها وحزنها


عاد يغسل الصحون وهو يقول وقد غادرت ابتسامته من جديد


| ان كنتِ تتسائلين عما يحدث في الخارج .. فعلى مايبدو الأوضاع في أوساكا من سيء لأسوأ .. لا أعلم حقاً مالذي يمكننا تحمله بعد .. الأوضاع الداخلية السيئة .. أو العواصف التي توشك على الهجوم دون أن نستطيع أن نحمي أنفسنا منها .. قلة الطعام وتراكم الأعمال فوق ظهورنا .. و .. |


توقف وهو يفكر بينما لم تتغير تعابير وجهه الباردة وهي تنظر له مترقبة بقلق


استتم حديثه وهو يضع آخر صحنٍ على الرف :


| الحرب التي ستندلع قريباً .. جداً |


نظر لها وقد كانت تنظر له بخوف وتساؤل فأجابها كأنما فهم مابخلدها :


| انها رائحتها .. أشعر بها أمي .. لكني أتمنى من أعماق قلبي أن يكون هذا " وهماً
"|


جثا بجانبها وأمسك يدها وهو يقول بصوته الدافيء : | لايعنيني شيء مما يحدث في الخارج ولن يعنيني ... فقط .. حين تعودين لي .. ابذلي جهدكِ .. أرجوكِ |


قالها بنبرة صادقة لم يستطع فيها اخفاء حزنه العميق .. مما جعل دموعها تنهمر


بأسى لحاله .. وهو .. عاد لحقيقته للحظات حينما ارتمى بجانبها كمن يبحث عن


الأمان .. متجاهلاً رغبته بالبقاء صامداً كي لايقلقها .. فالشعور بالوحدة بدأ يفتك به


.. ليس هذا وحسب .. بل الخوف مما هو آت .. دفن رأسه بحجرها بينما هي لاتزال


عاجزة عن النطق والحراك .. عاجزة عن حمل ذلك العبء الكبير عن ابنها الصغير


والذي لم يتجاوز العاشرة من عمره .. أطلقت العنان لدموعها لتحكي ألمها ذاك ..


وتبوح بما لم يستطع لسانها البوح به ..





ساد صمت ثقيل مرعب على قلبيهما وذلك الرجل يحدق بهما بريبة


اجتازهما بلاتردد ودخل المنزل بسرعة يبحث في ارجائه عنه بينما رمقت آرياكو ابنتها بنظرة متوعدة مؤنبة وأسرعت بعدها خلفه لتخاطبه باستياء :


| ماذا تحسب نفسك فاعلاً كيف تدخل منزلي بهذا الشكل ولا رجل فيه .. هذه وقاحة وجريمة لاتغتفر |


قالت كلماتها الأخيرة وهي تقف أمامه لتمنعه من دخول غرفتها


بينما نظر لها ببرود غاضب : | لو كنتِ صادقة معي سيدة آرياكو ماكنت لأفعل هذا .. أنتِ تحمين هذا المجرم الأجنبي وبذلك ترتكبين جريمة أكبر بحق وطنكِ |


- |هه .. أجنبي .. انه زوجي أفهمت .. ز..و..ج..ي .. أم تحب أن أعيدها على مسامعك ياهذا .. أضف الى أن زوجي عانى من شكوكم وغدركم مايكفي هلا تركتموه وشأنه الآن .. حتى وان كان هنا فلن يرغب بلقائكم حتماً بعد مافعلتموه به .. خنتم ثقته بكم .. بل ثقتنا جميعاً .. ألقيتم بثمان سنين قضاها هنا باخلاص ووفاء فقط لأجل أمر حدث لاذنب له به ..|


التقطت أنفاسها بعد حديثها المتتابع ذاك والذي لم يحرك ساكناً بخصمها .. الذي حدق بها قليلاً حتى أنهت حديثها فابتسم باستخفاف وأبعدها بقوة عن الباب !


اختل توازنها فسقطت على الأرض بقوة متألمة .. نظرت نحوه بغضب وخوف في آن واحدمتكئة بيدها على الأرض ..

وسرعان مااستجمعت قواها وتبعته للداخل وهي تخطط للدفاع أكثر قبل أن يحدث ماتخشاه ..

وماان دخلت الغرفة وقد باعدت بين شفتيها تهم بالحديث .. حتى لزمت الصمت بذهول


وخصمها كان يقف في الغرفة قائلاً بنبرته الساخرة :| اذاً .. سيدة آرياكو .. ماهي خطتكِ التالية ؟ |






هنا ننتهي

مع خالص تحياتي وحبي ^^



 
 توقيع : آدِيت~Edith

مواضيع : آدِيت~Edith


التعديل الأخير تم بواسطة آدِيت~Edith ; 04-30-2020 الساعة 08:32 PM

رد مع اقتباس
قديم 04-11-2020, 04:24 PM   #17
آدِيت~Edith
https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at165286508456371.png


الصورة الرمزية آدِيت~Edith
آدِيت~Edith غير متواجد حالياً






الفصل العاشر : المذكرة !






كنت هناك .. في كل زاوية من حياتهم أعيش معاناتهم ومسراتهم

هي أنا في كل حين .. سجلت كل تواريخ ذكرياتهم

واليوم .. هاأنذا أحكي .. سطورهم التي خطتها أناملهم

جميعاً .. تخط ذكرى ذلك اليوم

والذي كان منشأ نقطة التحول في حياتهم !


يومٍ مظلم كان ذلك اليوم رغم أشعة الشمس التي أنارت المنزل لكنها لم تتمكن من قلوبنا الصغيرة

لسبب ما شعرت بالجحيم يحيط بنا .. بأن كارثة عظمى حلت علينا .. لكن أحداً لم يكن ليفسر لطفلة لم تتجاوز الخامسة كل ذلك

الحمى داهمتني ذلك اليوم .. لذا لا أذكر سوى الكوابيس التي هاجمتني مع كل غفوة قصيرة حاولت أن أهنأ بها بلا جدوى

هارو كانت تجلس بجواري تفكر تارة وتطل من باب غرفتنا تارة أخرى

عادت لي بعد أن أطالت النظر للخارج : أمي لم تذهب لاحضار الطعام لنا كما ادعت لقد عادت لغرفتها لسبب ما

نظرت ناحيتها وأنا أفكر بقلق أيمكن أنها قد خلت بنفسها لتبكي .. بدت كئيبة جداً وذلك الرجل المخيف قد آذاها كثيراً حسبما قالته هارو

أبي .. لما يفعل معنا كل هذا .. لما لم يحاول انقاذ أمي .. ولما هرب الآن فقط !

شيئاً فشيئاً .. تلك البقعة السوداء بقلبي تكبر أكثر فأكثر .. نحوه باتت الكراهية هي الرابط الوحيد بيننا .. أو لربما الخيبة وحسب حتى الآن .. لكنني أخشى حقاً أن أكرهه .. فقد خذلني حتى الآن .. بما فيه الكفاية .. الى أي قدر ستخذلني بعد .. أبي ؟



اختفاء أبي الغربي هو أكثر ماأذهلني وشل قدرتي على التفكير .. هذا اليوم

كان معي منذ فترة قصيرة وكنا نريد النوم حقاً .. ليلة الأمس كانت عصيبة بفضل كوابيس الجبانة هانا والتي أصابتني بعدوى الخوف ذاتها

ذلك الرجل الغريب الذي اقتحم منزلنا وحكى أموراً غريبة مشينة عن أبي

وأمي التي تبدو يائسة خائفة مكتئبة .. أظن أن والداي قاما بعملٍ ما

وكل منهما يحاول اخفائه جاهداً ..

التفت لهانا التي لاتزال في فراشها خائفة متعبة تنظر لي بشرود دون أن تجيبني مهما تحدثت

لست ألومها فما يحدث هذا اليوم غريب مخيف حقاً

هذا اليوم الطويل .. ألن ينتهي .. تعبت وأريد أن أمرح قليلاً

ألقيت بجسدي على الأرض ممتدة وأنا أصرخ بضجر : اشتقت للمرح حقاً أكره هذا اليوم


هل انتهى حقاً كل شيء .. كل ماحدث كان حقيقة

تلك الجثة الآن ترقد هناك في زاوية غرفتي .. لمجرد التفكير بها أشعر بالقشعريرة تسري بجسدي

لاوقت للتفكير أو الحزن .. طفلتاي هناك وحدهما .. لايمكن أن أستمر بالبكاء الذي لن يغير شيئاً من واقعنا المر

علي اصلاح مايمكنني اصلاحه الآن ... يجب أن أتحرك فلاوقت للحزن أو الضعف

غادر فلورنس .. لا أعلم ان كان قراري هذا صائباً .. لكنه أفضل من بقائه هنا على أي حال

توجهت الى حيث كان فراشنا وقمت بتنظيف المكان عل ذلك ينسيني بعضاً من ألمي

وماان انتهيت حتى غسلت وجهي مراراً وأنا أشعر بألم في عيني ّ

ماكان علي أن أبكي بذلك القدر

خرجت وبدأت اعداد طعام الإفطار الصحي البسيط الذي اعتدت طهيه

ثم توجهت لغرفتهما فلسببٍ ما باتت المكان الآمن الوحيد في هذا المنزل

وماان دخلت حتى توجهت أعينهم البريئة نحوي

الخوف والحزن كان من نصيب هانا .. والملل والاستياء والحيرة لهارو التي أسرعت نحوي دون أن تريح فضولها الذي يكاد يقتلها

- أين اختفى أبي فجأة ومن ذلك الرجل أمي .. مالذي يحدث لما لاتخبرينا ؟

انها تبدو حقاً أكبر من عمرها حين تتحدث بتلك الطريقة .. رغم كل تصرفاتها المتهورة المزعجة

قررت أن أكون كما عادتي صارمة .. ولكن يجب أن أتحلى بالصبر والهدوء هذه المرة

أشرت لها أن تجلس بجانبي ففعلت بتردد وكأنما فهمت ماأريد وسرعان ما أشارت بيدها بحركة بريئة أن أتوقف : قبل الحديث والتوبيخ سآكل .. جائعة جداً
وبالفعل بدأت بتناول الطعام دون تحفظ مما جعلني أبتسم ضاحكة هذه المرة دون استياء لتمردها المستمر .. لأول مرة بت أرى تصرفاتها تلك .. مختلفة ممتعة مضحكة .. وبريئة .. شخصيتها العفوية المتمردة لم تكن سيئة كما توقعت .. هي فقط تثبت شخصيتها بأريحية على عكس هانا .. والتي يقلقني حالها حقاً ..

لا أعلم مالسبب لكنني بدوت هادئة بالفعل هذا اليوم وحاولت قدر المستطاع أن أستمتع مع زهرتيّ الجميلتين .. وأحتضنهما بقدر الألم الذي اجتاحني .. شعرت أنهما الدواء السحري لكل همومي .. ومصدر قوتي بالفعل !



رغم كون كلماتها قاسية مؤلمة الا أنها كانت الخلاص من تلك المعمعة التي كنت سأعيشها هناك

لاأعلم لما لكني لست أشعر بالبؤس بل ان الابتسامة لاتنفك تشق طريقها لثغري بين الحين والآخر

أمري عجيب أليس كذلك .. حتى أنا لست أعي مايحدث معي

هناك كنت أشعر بالذنب والثقل في قلبي .. بألم فظيع .. بأن حياتي سوداء كئيبة وأنني خاطيء لايحق له النظر لأحدٍ أبداً

ولن أخفي أنني لا أشعر بالذنب في الواقع .. لكنني مجبر على أن أشعر به أمام آرياكو .. كي لا تحسبني دنيئاً حقيراً

حين أتسائل عن حقيقة علاقتنا أجدني أنظر لها كأم أو كمربية أكثر منها كحبيبة

تغيرت علاقتنا كثيراً .. في الماضي كانت مختلفة .. صارمة ولكنها مرحة .. لطيفة وخجولة .. كانت حقاً مختلفة

هي الآن قاسية صارمة شرسة كئيبة .. لسبب ما بت أشعر أني من يحتاج أن يبقى بعيداً عنها لفترة عل مشاعري هذه تتغير وتعود لما كانت عليه في الماضي الجميل

هذا اليوم .. لكم أتمنى أن ينتهي سريعاً فقد أتعبني بحق

على ذكر التعب .. أشعر حقاً بالإعياء ولا أعرف تماماً لما

آه كدت أنسى جروحي .. هي ذا مصدر إعيائي اذاً

الجو بارد وقد نسيت حتى حمل معطفي .. ياله من يومٍ سيء

توقفت قليلاً حيث كنت قد دخلت لتوي الغابة التي كانت قريبة من منزلي

وضعت حقيبتي أرضاً ومعها حقيبة تشين التي وجدتها أمام الباب الخلفي لمنزلي

لست أعلم حتى الآن مايجب علي فعله بها

فتحتها لأجد أنها تحوي تلك النقود المسروقة كما توقعت .. فما كان ليهرب خالي اليدين .. كم هو دنيء بالفعل

لوهلة سيطرت علي أفكار أعلم أنها ماكانت لتعجب آريا بل على العكس ستعنفني حينها وتغضب مني .. لكنني مجبر على تنفيذها

بابتسامة جانبية قلت : أجل أنا مجبر .. سامحيني زوجتي

وضعت النقود في حقيبتي وعليها ما أخذته من ملابسي

ورغم اشمئزازي من ذلك المعطف الا أني ارتديته عله يقيني من البرد

لابأس فموت تشين ذاك نافع أكثر مما توقعت

ألقيت ببقايا حقيبته أسفل التل .. هي ليست فكرة صائبة .. لكن أمامي لاحل سوى هذا !
سرت في الغابة أحمل كنزي الثمين وأنا أفكر بما علي فعله الآن

أولاً المشفى .. الطعام .. الملابس الجديدة .. آه المدرسة .. ستسعد صغيرتاي الحبيبتان بهذا .. والكثير الكثير من الأمور الممتعة .. ولكم رغبت بشراء دراجة هوائية أيضاً علها تريحني من السير هذه المسافات الطويلة

سرت أفكر بكل ماخططت له ولازلت حتى بلغ بي التعب أشده

شعرت بالحرارة قد بدأت تسري في جسدي رغم الرياح الباردة التي تحيطني

قررت أن أرتاح قليلاً هناك .. أعلى الجسر

وبالفعل توقفت مستنداً اليه وأنا أنظر لمياه النهر ذات الزرقة الصافية

لم أستطع الوقوف أكثر لذا أرخيت جسدي على الجسر الخشبي الصغير وأغمضت عيناي مطلقاً لأفكاري العنان

أفكاري التي أبحرت في الماضي .. كأنما تريد أن توقظني من سباتي العميق

وتعيدني لواقعي الذي حاولت جهدي لأهرب منه

ليس إهمالاً أو تقصيراً أو استهتاراً .. بل .. ربما لأني لم أعتد أن أقع في مشكلة عظمى كهذه بل لا أريد تصور ذلك حتى

الأمر مرهق للغاية مجرد التفكير به يدعوني للجنون واليأس

لو أن والدي يرى ماآل اليه وضعي الآن .. ستكون أكبر خسارة أواجهها

وقفت مجدداً وتلك الأفكار وأمثالها لاتزال تراودني محاولاً الهرب من واقعي المحتوم

بينما أنا أتأمل صفحة الماء البراقة التي أعادت لي ذكرى جميلة كانت قد اختبئت في احدى زوايا عقلي


- هيه يافتاة .. أيتها الجميلة لما لاتنظرين لي .. حسناً نظرة واحدة فقط .. لاتنظري اسمعيني صوتكِ فقط .. ألن تجيبيني أبداً

بنظرة غاضبة أجابتني مهددة : للمرة الأخيرة أحذرك .. كلمة أخرى وأقسم أني سأجمع أهل القرية حولك أيها الأجنبي الوقح

مررت أناملي بخصلات شعري الذهبية وأنا أقول بغرور : أوه كنت واثقاً أنكِ لن تتمكني من تجاهلي أكثر

بدا عليها الذهول لوهلة وسرعان مااعتراها الغضب من جديد : من تظن نفسك أيها الغبي .. ارحل من هنا فقد بدأت تثير اشمئزازي

قالتها واستدارت وقد تناثرت خصلات شعرها الأبنوسية الساحرة حالما هبت رياح قوية سرعان ماتوقفت

بتردد تركت السلة التي كانت بين يديها على الأرض ورفعت يدها لتلف شعرها دون أن تربطه بما يذكر بينما عيناها تحملقان حولها بارتباك ولأظنها كانت تبحث عن رباط شعرها الضائع والذي كان قد وقع بين يدي .. هو تذكار ثمين لذا قررت أن لا أعطيها اياه الآن

عاودت السير وقد تناثرت بعض خصلات شعرها من جديد حالما انحنت لتلتقط السلة

وأنا .. تهت حقاً بجمالها الفريد وشخصيتها الغريبة المسلية

مما جعلني أسرع خلفها في محاولة جديدة لارضائها والحصول على قلبها

ظلت تتجاهلني بينما كنت أمطرها بوابل من الكلمات المعسولة

لم أكن أعرف حقاً كيف يجب أن أعبر لها عن اعجابي لذا كنت أتصرف كأولئك الفتية الذين ألتقيهم في شوارع لندن

صدقاً .. لم أتخيل أني في يومٍ من الأيام سأتصرف بهذه الطريقة

لطالما كانت النساء من تطاردني في بريطانيا .. والآن أنا أطارد هذه القروية الحسناء دونما كلل .. ودون حسابٍ لمخاطر أفعالي تلك .. أوه لو أن والدي يراني الآن لاحتجزني في القصر في بريطانيا

يوماً بعد يوم بت أحاول مراراً التقرب منها بذات الطريقة

- حسناً اخبريني بما تطلبينه وسأفعله لكِ .. آه لاتحمليها فهي ثقيلة

كنت أقصد تلك السلة التي اعتادت أن تحملها كل يوم بعد أن تملئها بحبات الخضار الطازجة .. فقد كانت مهمتها كما أظن أخذها للمخزن وتقشيرها مع النسوة

اقتربت منها وحملتها بسرعة بينما كانت تنظر لي باستخفاف

- هه لا أظن أن حملها يلائمك أيها النبيل ..
وبحزم أردفت : أعطني

أخذتها بعدها وأكملت طريقها بينما نظرت لملابسي ملياً .. أيزعجها مظهري

وبسرعة التفت حولي لأرى كيف يبدو الشاب الريفي .. ابتسمت بعدها وخلعت معطفي الثمين وألقيته على الأرض .. وفتحت زرين من قميصي الأبيض الحريري ثم بعثرت شعري

توجهت بعدها لها مبتهجاً وأوقفتها لأحمل السلة منها

- الآن مظهري يلائم العمل صحيح ؟

نظرت لي بدهشة وبدا لي أن شبح ابتسامة ارتسم على شفتيها الكرزيتين

سرعان ماأخفت ابتسامتها وقالت بكبرياء : ميؤوس منك بالفعل .. اتبعني اذاً

سارت أمامي وأنا من خلفها أحمل السلة الثقيلة بنشاط .. لن أخفي أن ذلك الطريق كان مرهقاً وقد كانت الخضار تسقط بين الحين والآخر من تلك السلة المهترئة فأعيدها وأعاود السير الحثيث خلف تلك الجميلة التي لا أظن الا أنها كانت تتعمد ارهاقي بإطالة الطريق الذي حفظته عن ظهر قلب طيلة مدة ملاحقتي لها .. وحتماً لم أكن أجروء على التذمر كي لا أكون أضحوكة لها ..

أخيراً توقفت ووجدتها تتحدث مع بعض النسوة .. وحالاً وضعت السلة على الأرض والتقطت أنفاسي المرهقة .. كم هذا متعب بالفعل .. لم أعتد على حمل شيء منذ طفولتي والآن أنا مجبر على حمل سلة ثقيلة للغاية

التقطت أذناي بعضاً من حديثهن فبقيت أستمع وقد استندت الى الشجرة القريبة

- أوه أرى أنه لم ييئس بعد ولايزال يرافقكِ

بضيق أجابت : أجل انه عنيد جداً ان ظل على هذه الحال سأخبر والدي

بقلق هتفت احدى النساء : لا يافتاة لاتفعلي .. سمعت أنه من عائلة بريطانية ثرية جداً .. وله مكانة رفيعة .. لايمكننا حتى الاقتراب منه فلو فعلنا قد تنشب حرب نحن في غنى عنها

بحيرة قالت وهي تحدق بي بينما تظاهرت فوراً بأني أنظر لمكانٍ آخر

- أعجب لما جائوا الى هنا خصوصاً بعد الأوضاع الصعبة التي مرت اليابان بها

- معكِ حق .. لربما كانوا يبحثون عن مخلفات الحرب أو أن الأمر يتعلق بأمورٍ سياسية ما

- من يعلم .. ربما أنتن على حق .. حسناً سأذهب الآن قبل أن أتأخر .. لا أظنه سيلاحقني مجدداً بعد ماسأفعله اليوم

بفضول قالت النسوة

- وماذا ستفعلي آريا

- كوني حذرة رجاءاً أخشى أن يؤذوكِ

- أنتِ جريئة بالفعل آرياكو

ابتسمت هي بثقة مجيبة : لاتقلقوا .. كل ما أخطط له .. هو جعله يعمل حتى الانهيار .. لن يصمد طويلاً وسيستسلم هذا العنيد حتماً .. الى اللقاء الآن

نظرت نحوي حينها بمكر أخافني في الواقع .. لكني آثرت التصرف بشكل طبيعي .. وبطريقة ما ازداد عنادي واصراري حينها

لحقت بها وقد تعمدت ارهاقي كما سمعتها تخطط .. لكنني بقيت صامداً ولاأعلم كيف تسلل هذا الكم الهائل من القوة لجسدي .. فرغم اني رجل الا أني مدلل للغاية

أخيراً استسلمت هي وتوقفت في مكان تربعت شجرة الكرز الضخمة فيه

وزهورها العطرة تناثرت في الأرجاء بشكل بديع للغاية

التفتت لي وهي تبعد شعرها عن وجهها بأناملها

وماإن هدأت الرياح حتى قالت بحيرة : وبعد .. ألن تمل أو تكل ؟ أنت أغرب شابٍ التقيته على الاطلاق

ابتسمت وأنا أضع السلة أرضاً ثم رفعت رأسي لها وأنا أهتف بغروري المعتاد : لم تري شيئاً بعد .. فخر لي أن أكون الأغرب والأعجب أميرتي !

- متعجرف

هكذا قالت ببرود وقد أشاحت بوجهها لتخفي خجلها الذي بدا جلياً بتورد خديها

أردفت باستنكار : تقول أميرة ؟! بهذه الثياب .. أنت غريب الأطوار حقاً

أجبتها بعفوية : الأميرة الحقيقية ليست بحاجة لتاجٍ أو ملابس فاخرة .. بالنسبة لي .. أنتِ هي الأميرة الحقيقية .. آريا

ازداد احمرار خديها بينما أبعدت عينيها عني بسرعة وهي تتمتم بتلعثم : سخيف

ورغم أن الأجواء باتت تعجبني إلا أني أردت قطعها بشيءٍ من المرح لذا قلت وأنا أجلس على الأرض : في الواقع أنا مرهق للغاية كم أنتِ شريرة .. صدقاً لم أتوقع أنني خارق هكذا تحملت أكثر مما ظننت

وبالفعل ابتسمت ابتسامة جميلة تبعتها بضحكات ناعمة رقيقة .. خرجت من أعماق قلبها .. لكم كنت سعيداً حينها .. انها تضحك معي .. جعلني هذا ابتسم ابتسامة عريضة وسرعان ماضحكت أنا الآخر بسرور كبير


ابتسمت تلقائياً وأنا أعود من تلك الذكرى .. وأطلقت تنهيدة متعبة

لكم أشتاق لتلك الأيام .. اشتاق لنفسي التي فقدتها .. ولآريا التي أحببتها

ولحياتي الهادئة الجميلة .. وكذا لعائلتي التي تركتها خلفي

**********

- لايمكن لقد أحببتها وقررت الارتباط بها !

- مالذي تهذي به .. بقروية !! أتعي ماتقول !!!

استدرت لأنظر لعينيه بجد وحزمٍ وعناد : أجل بكامل قواي العقلية والجسدية .. أحببت آرياكو ولايهمني ان كانت قروية أم مريخية .. قلبي ينبض لهذه الفتاة ولاشأن لأحد بهذا .. سأفعل ماأريد فقط يكفيك تحكماً بحياتي

بصفعة ألجم لساني وقد التفت لي بغضب شديد .. ليست المرة الأولى التي أعلن فيها تمردي على ذلك السيد المتعجرف .. المدعو بأبي .. لكنني أعترف أني بهذه المرة فقت توقعاته كلها .. وأن ماسأقوم به سيحط من مكانته التي يتباهى بها دوماً وسيجعله يشعر بالخسارة .. هذا مافكرت به حينها فنسيت خسارتي أنا والتي كانت أكبر بكثير من خسارته التي سُعدت بها في الماضي

التفت له بكبرياء وأنا أضع يدي على خدي وسرعان ماابتسمت وأنا أخفضها وأضعها في جيب بنطالي

- شكراً لردك العظيم كلاود

تلك هي عادتي السيئة .. فوالدي كان بالنسبة لي خصمي لا أبي .. ولطالما كنت معتاداً على مناداته باسمه باستثناء حين نكون خارج المنزل أو بحضرة أشخاصٍ ذوي سلطة

استدرت لأخرج من الغرفة لكنه صرخ بي غاضباً بكلمات صممت أذني عن سماعها فهي حتماً لن تسرني .. وفي الخارج كانت أمي تقف بقلق وبجانبها جيلبرت الذي بدا هادئاً بارداً كعادته

صرخت بي حالما رأتني : مالذي أسمعه منك قل أنها مجرد مزحة سخيفة منك .. أنت لاتجروء على فعل هذا بي أليس كذلك

في تلك اللحظة شعرت أن علي أن أصر أكثر .. فحالما أتذكر هذه الفتاة العجيبة والتي كانت الوحيدة التي رفضتني واشترطت الصدق التام في علاقتنا إن أردتها .. فلم يكن بيدي سوى أن أحارب لأثبت لها كم أنا جاد بشأنها .. شعرت أنني سأكبر لو فعلت هذا سأصبح مختلفاً وسأغير نظرتهم السخيفة عني بأني طفل مدلل لايُعتمد عليه

باصرار قلت : أجل أمي .. لن يمنعني أحد من هذا سأتزوجها شئتم أم أبيتم

- كيف تفعل هذا بنا .. قل أنك لست جاداً .. جيلبرت تحدث

أشاح الأخير وجهه بلامبالاة بينما أنا تجاهلت والدتي ومشيت نحو الخارج متجاهلاً توسلاتها وسخطها واستيائها .. والدي حينها لم يصدر صوتاً ولم يتبعني كما ظننت .. لم يحتجزني أو يعاقبني أو يتخذ اجراءاً صارماً بشأني على عكس ماتوقعته !


مما جعلني أهرب بسرعة من ذلك القصر بعد أن أمرت خادمي بتجهيز حقيبتي وسيارتي ..

خرجت من قصري الفاخر الكبير وأنا أشعر بنشوة الانتصار .. كان شعوراً فريداً بحق .. تلك الفتاة .. فعلت بي أكثر مما توقعت حقاً !

لم أعرف أين علي أن أكون الآن .. فهاأنا أمام القرية التي اعتدت زيارتها كونها الأقرب من قصرنا والأكثر جمالاً بطبيعتها الخلابة فقد كانت الحقول تملأ أرجائها .. والغابة تحيط بها من الناحيتين الشمالية والغربية ..

أما من الجهة الجنوبية حيث أتيت كان ذلك الريف الممتد على مرأى البصر والذي يقودني لقصرنا التقليدي بحكم المنطقة التي نسكن فيها حالياً

والجهة الشرقية هناك قرية أخرى تبعد أمتاراً قليلة فقط .. ولأنها أكثر بعداً عن الريف .. فطبيعتها كانت أقل من هذه المنطقة المزدهرة

استنشقت الهواء بسعادة وأنا أشعر بطعم الحرية العذب يتغلغل لأعماقي فيحييها

ورأساً توجهت الى منزلها وقد طلبت من خادمي أن ينتظرني في حدود القرية كي لاأسبب الازعاج لهؤلاءِ البسطاء

في طريقي كنت أشعر بأن هذه القرية هي الأجمل .. وأن الحياة كفلاحٍ بسيط تبدو ممتعة جداً .. شعرت أنني سأعيش هناك مغامرة مثيرة للغاية ومسلية .. تجاهلت كل ماتركته وراء ظهري .. وفكرت بالمستقبل فقط!

رتبت ملابسي وشعري ثم طرقت ذلك الباب الخشبي طرقاتٍ خفيفة

وماهي الا فترة قصيرة حتى فُتح وظهرت حسنائي من خلفه بثوبها الترابي البسيط وشعرها الأبنوسي الذي جعلت منه ظفيرة طويلة أرختها على كتفها بينما خصلاتٌ متمردة تناثرت برشاقة على وجهها المشرق الجميل ..

عيناها البندقيتان كانتا ترمقانني بتعجب طفيف .. وسرعان ما رسمت نصف ابتسامة على شفتيها وهي تقول خجلة متعجبة : مرحباً

كانت اللحظات الأجمل في حياتي .. حيث الطريق الى حياة جديدة

ابتسمت بسرور لا يضاهيه شيء ولم أعقب على حديثها فرؤيتها أنستني كل الكلمات التي جهزتها للقائها

بخجل ابتعدت مفسحة الطريق لي للعبور الى الداخل

وقد ظهر من خلفها والدها الذي لم أنتبه لوجوده مبكراً .. مما جعلني أرتبك بشدة وأخفي ابتسامتي خلف توتري الذي طغى على ملامحي

بينما قال بصرامته ورزانته المعتادة : مرحباً بك سيد كلوديا .. هل من مساعدة أقدمها لك

دهشت حينها فليست تلك عادته بل كان دائماً يلتزم بعادات وتقاليد بلاده ويدخلني منزله لنجتمع حول المائدة ونحتسي الشاي قبل الشروع في الحديث

لكن الآن هاهو يطلب أن أفصح عن سبب قدومي دون أي مقدمات

أربكني هذا أكثر وزاد من حدة توتري .. فهو مذ علم بحبي لآريا أصبح يبعدها عني

وغدا صارماً معي حتى بعد تغير آريا نحوي والتي أصبحت أكثر رقة ولطفاً وانسجاماً

أعاد سؤاله بنبرته الصارمة المعهودة والرزينة في الوقت ذاته : هل لي أن أخدمك بشيء سيد كلوديا

ازدريت ريقي وأجبت بتردد : أحب .. أن نتحدث في الداخل .. بعد اذنك

قلت تلك الكلمات وانا احاول استجماع شجاعتي التي خبت مذ رأيته

لم يرفض رغم أني لحظت ذلك في عينيه فخشيت أن يغلق الباب في وجهي .. الا أن تقاليدهم تلك أنقذتني

دخلت من خلفه وقد انتبهت الى ان آرياكو دخلت غرفة قريبة أظنها غرفتها

جلست أمامه بطريقة علمتني اياها آريا .. مؤلمة للغاية ومرهقة .. لكنها تقاليدهم التي علي الالتزام بها

بقيت صامتاً انتظر أن يتحدث .. انما بقي صامتاً كأنما يرتب أفكاره

حتى نطق أخيراً بهدوء وقد بدا أنه استعاد هدوئه : حسناً .. أعتذر لقلة تهذيبي انما أنت تعلم لما .. آرياكو ليست ابنتي وحسب .. انها تحمل ذكرى زوجتي الراحلة بكل تفاصيلها .. تلك الامانة التي تركتها بين يدي .. ملاكي الصغير الذي يحق لي أن أخفيه بعيداً عن أيدي الطامعين وأحميه بضراوة .. مثلك .. يجب أن يبقى بعيداً كل البعد عنها .. لا أريد لصغيرتي الوحيدة أن تتأذى بأي شكل من الأشكال

بقدر ماتفهمت موقفه .. بقدر ماكان حديثه ذاك قاسياً جداً

فأنا الذي تركت كل شيء لتوي وتخليت عن ماضي وحياتي الهادئة .. أصبحت ممن يجب أن يبقى بعيداً عنها !

ذلك جارح بحق .. لم أصمت ودافعت عن نفسي ومشاعري القوية آنذاك

- سيدي أقدر مشاعرك جيداً وخوفك ففتاة مثل آرياكو

- الآنسة سوزيريكو لو سمحت

هكذا قاطعني بحدة فعاودني الارتباك لوهلة لكني أكملت دفاعي عن كرامتي

- فتاة .. مثل الآنسة سوزيريكو ثمينة ويحق لك أن تقلق عليها هكذا بل وأكثر .. لذا .. كانت تستحق أن أتخلى عن كل شيء لأجلها .. لأجل محاولة للحصول على قلبها .. سيدي .. أنا حقاً أريد أن أعيش معها .. أريد أن نكون عائلة واحدة

بريبة قاطعني : لا أخالك جاداً بهذا الأمر

- بل أنا كذلك .. ثق بي

قلتها وأنا ابتسم ابتسامة حالمة أستعيد معها ذكريات لقائنا الأول حين كنت في السيارة التي قادتنا نحو قصرنا الجديد مروراً بتلك الحقول الواسعة التي كانت آريا تعمل فيها بجد .. العرق يتصبب من جبينها وشعرها الأبنوسي قد تدلت ضفيرته على كتفها بينما هي تغسل الخضار أمام النهر .. وقد انعكس شعاع الشمس الذهبي على عينيها البندقيتين المميزتين .. فأعطتها رونقاً خاصاً .. حينها اضطرب قلبي وكأنه ينبؤني أن هذه الفتاة .. هي من ستضرم نيرانها به قريباً جداً

رغبتي العظيمة في اكتشاف شخصيتها الصعبة المميزة ومعرفة الرابط بيننا وفي الوقت ذاته ازعاجها .. جعلتني دون أن أدرك .. متيماً بها

قطع شرودي بذكرياتي صوته الهاديء الذي كان مريحاً حينها : رغم ذلك ليس من الجيد أن تتخلى عن أسرتك لأجل فتاة أياً كانت

بابتسامة سعيدة اجبته وقد التمست الرضا بحديثه اخيرا

- لاتقلق بهذا الشأن .. حياتي معهم سيئة بما يكفي لأتخلى عنها وأنبذها خلفي .. أحب عائلتي .. لكنها تئدني كل يومٍ بتسلطها وجبروتها .. أريد أن أحلق بحرية وأن أعيش العالم كما أريد أنا لا كما يريد أبي .. أريد أن أبني عالمي الخاص .. مع شريكتي التي يختارها قلبي لاتلك التي يختارها أبواي لترضيهما بينما أعاني طيلة عمري لأجلهما فقط .. مهما يكن هي حياتي أيضاً

أومأ مجيباً كأنما يفكر بعمق في كلماتي ويستعيدها بذهنه

أجابني بعد قليلٍ من الصمت : لازلت قلقاً من نتائج هذا الارتباط .. لأصدقك القول لست واثقاً بعد .. انه الوقت المناسب على أقل تقدير .. أظننا نحتاج مهلة نراجع فيها هذا الأمر

أومات مجيباً بتفهم : سأكون في الجوار فقد قررت المبيت في أحضان هذه القرية لكي أعتاد عليها .. مهما كان قرارك والآنسة سوزوريكو .. سأظل أحاول وأحاول دون يأس .. انه قراري الخاص الأول .. وسأجاهد لكي أحقق ماأصبو اليها .. شكراً لتفهمك واستماعكِ لي سيدي

احنيت رأسي وجزءاً من جسدي له احتراماً كما تعلمت من آريا التي لقنتني أشهر تقاليدهم وعاداتهم وخرجت بعد أن ودعته بلباقة

مرت الأيام وأنا أنتظر ذلك الخبر الذي سيغير حياتي .. بينما لاشيء بتاتاً فقد كانت الأوضاع هادئة فيما عدا عائلتي التي حاولت جاهدة ارجاعي لعقلي كما يقولون ..بينما كنت أشعر أنني لم أكن بكامل قواي العقلية سوى في ذلك الوقت .. انهار والدي بعد أسبوع من الحادثة .. وعلمت أنه أصيب بانهيار عصبي .. حالته باتت مستقرة وحاولت زيارته مراتٍ عديدة لكنه وماان استفاق ماكان يقبل برؤيتي الا إن قبلت بتغيير رأيي الذي لم يتمكن أحد طوال تلك الفترة بتغييره

كنت أعيش في تلك الفترة في أحد منازل القرية الصغيرة والذي استأجرت غرفة فيه لأسكن فيها كي أعتاد على الحياة الهادئة في قريتي المسالمة

كان المنزل لرجل عجوز يعيش مع زوجته السمينة المزعجة والتي كانت تنتقدني في كل حين .. فهي على عكس زوجها الهاديء المتزن متوحشة بدينة حمقاء .. لكني تعلمت الكثير منهما حقاً .. كما انضممت للعمل في الحقل كفلاح بسيط .. وبالطبع أخفقت مراراً وتكراراً

لكن الحياة كانت ممتعة بقدر صعوبتها .. لذيذة بكل قسوتها

.. التقيت آرياكو مراراً .. في بعض الأحيان كانت تبدو شاردة حزينة
وفي اخرى بدت مبتهجة متفائلة .. وحالما تتقابل عينيها .. ألمح الخجل والقلق الذي لم أفهم مغزاه حتى ذلك اليوم

حين رفضتني بعد أسبوع ونصف من طلبي ذاك .. بهدوء وبكل احترام قالت
" أعتذر .. لايمكنني أن أكون لك .. فلا زالت المسافة بيننا .. كما بين السماء والآرض !"

وبالرغم من حرصها على ألا تجرحني .. الا أن رفضها كان كفيلاً بتعذيبي طويلاً وجرحي بعمق .. أنا الذي لم ترفضني فتاة مسبقاً وماكنت أتخيل أن يحدث ذلك يوماً ما

انما .. كان ذلك دافعاً لي لأبذل المزيد من الجهد

هكذا .. عشت لعامين طويلين مرهقين .. وقد عادت عائلتي قبلها لبريطانيا بعدما أعلنت أني لن أنتمي لها مجدداً !

تجاهلت كل ذلك وبذلت جهدي لأستشعر الحرية وأعيشها بكل تفاصيلها

وفعلاً جهودي تلك لم تضع سداً .. وأخيراً وفي ذلك اليوم الربيعي المزهر

حيث أينعت زهور الكرز وتناثرت في الأرجاء تماماً ككل لقاء حقيقي يجمعني بها

قالت بصوتها العذب محركة مشاعري التي لم تنم أو تهدأ طوال ذلكما العامين

" إن كان عرضك لايزال قائماً .. فأنا الآن مستعدة لقبوله بكل جوارحي "

أيام قليلة سبقت ذلك الزواج التقليدي الغريب الفريد والذي كنت خلاله الأكثر سروراً وبهجة

حياتي البسيطة التي بنتيها معها كانت الأجمل على الاطلاق

رائحة منزلنا العتيق الخشبي الذي بنيناه بأنفسنا بمساعدة من أهل القرية

لا تزال تداعب مشاعري ..


على التل القريب من الغابة حيث نطل على تلك القرية الصغيرة الهادئة الجميلة

وحين دخلناه لأول مرة .. تلك الذكرى كانت الأكثر تميزاً

****************
- تفضلي أميرتي الجميلة .. منزلكِ يرحب بكِ

دخلت تعلوها تلك الابتسامة الرائعة وعيناها تجوبان أرجاء منزلنا الهاديء ذو الأثاث التقليدي البسيط

تلك الطاولة الأرضية الناعمة مع وسادتين بلونٍ أحمر مع نقوشٍ سوداء جميلة حاكتها آرياكو بعناية

وعلى المنضدة تمثال صغير لسموراي يحمل سيفه الطويل ويرفعه تأهباً للقتال

على الجدار أمام الطاولة كان هناك لوحة رُسمت عليها صورة تذكارية لأجمل يومٍ في حياة كلينا

حين توجنا عريسين .. بتلك الملابس التقليدية الغريبة وأؤلئك الأشخاص اللطفاء الذين تعرفت عليهم هنا في عالمي الجديد

في الجدار المقابل كانت هناك لوحة أخرى جميلة وهادئة لأزهار الكرز التي لطالما أحببناها

- ربما من الأفضل أن نأخذ صورتنا التذكارية لغرفة النوم أم مارأيك عزيزي

كان ذلك ماقالته آريا بسعادة وحماس بدا جلياً على قسمات وجهها المشرقة

فأجبتها بايمائة موافقاً وأسرعنا لتغيير مكانها وترتيب ماتبقى من حاجياتنا في منزلنا الصغير الهاديء

أمضينا ليلة دافئة في أحضان حديقة منزلنا الصغيرة والبسيطة والتي حرصت آرياكو على تخصيص جزء من المنزل لها وان كان بسيطاً .. فلطالما كانت تحلم بامتلاك حديقة جميلة تزرع فيها مالذ وطاب من الثمار والزهور

كانت بحق من أجمل الليالي التي أمضيناها في منزلنا قبل أن نرزق بتوأمنا المميز .. زهرتاي الجميلتان .. هانا .. هارو




رغم أنه لم يمضِ من الوقت سوى سويعاتٍ قليلة .. الا أني وبعدما استعدت كل هذه الذكريات بت أشعر بحنين فضيع لهم وكأني رحلت عنهم منذ أمدٍ بعيد

بقدر ذلك الحنين .. كان الألم الذي اجتاحني مجدداً بعدما حاولت الهروب منه

هاهو يعاودني لأتذكر أن حياتي .. بعد كل هذه المصاعب

لن تعود كما كانت أبداً




 
 توقيع : آدِيت~Edith

مواضيع : آدِيت~Edith


التعديل الأخير تم بواسطة آدِيت~Edith ; 04-30-2020 الساعة 08:53 PM

رد مع اقتباس
قديم 04-13-2020, 02:34 AM   #18
imaginary light
ذهبية | مشرفة مميزة


الصورة الرمزية imaginary light
imaginary light غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 80
 تاريخ التسجيل :  Feb 2020
 المشاركات : 20,659 [ + ]
 التقييم :  84123
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 5 مشاركة

مشاهدة أوسمتي





مرحبًا حبيبتي
كيفك؟
أخيرًا جهازي البايخ مشي حاله
كانت فيه مشكلة و لم يسمح لي بالمجيء سوى الآن


المهم إلى الفصلين...


نامت عيون و أُخرى ساهرة محتارة
كيف تتستّر على الجريمة...كيف ستكون العواقب

فلورنس يظنّ أنّ من حقّه أن يتضايق من هانا؟!
ثمّ هو ركّز ع هالشغلة
هناك جثّة في البيت-هو القاتل -ورّط معه زوجته
ثم يجرؤ أن يبربر على غلطة طفلة تسبّب هو بها أساسًا
و فوق كلّ هذا يتأمّر


سعيدة جدًّا أنّ آريا أهملته و التهت بطفلتها

الآن بدأ يرى كلّ العيوب و يقارن بحياته السّابقة
الآن يلوم آريا على تغييرها و كأنه لم يتسبّب بشيء


مؤسف كيف أنّه كان يلاحقها و كل الظروف الصّعبة كانت تهون من أجلها
و الآن صار يراها امرأة متعبة انتقاديّة بعد أن كانت حبيبته الحسناء
و شريكة حياته ...
غبي!
هكذا بلا أدنى تفكير هرب و تركها في الواجهة
متورّطة وحدها أمام ذلك الزّائر اللمّاح البارد
الذي يضع النّقاط على الحروف دون أي موارَبة
و المخلوقة المشاكسة هارو لم تستطِع إبقاء فمها مغلقًا قليلًا!

الآن باتَ واضحًا أنّه المجرم و أنّها حاولت حمايته و..."خيانة وطنها"؟

هذا الزّائر الكَريه يحاول تهويل الوضع -أكثر ممّا هو مَهول على أية حال
~
كلّ يغنّي على ليلاه...
هانا و خذلان أبيها المستمرّ لها ,هارو و تساؤلاتها عن كلّ ما يجري,
آريا و المحافظة على ما تستطيعه-تأثرت بها و هي تخفي حطامها
و تحاول أن تكون طبيعية من أجل صغيرتيها
عظيمة!
و أخيرًا فلورنس مع ضياعه و ذكرياته
"هي الآن قاسية صارمة شرسة كئيبة .."
^أوووه أتساءل من السّبب
"لوهلة سيطرت علي أفكار أعلم أنها ماكانت لتعجب آريا بل على العكس ستعنفني حينها وتغضب مني "
لا؟وهل يريدها أن تصفق له مثلا

الحقيقة ازعجني بكل فكرة تخطر له ,ممّا قبل ذكرياته الجميلة الشّاعريّة
التي تلقي الضّوء على بداية التّعارف و الحب
غرقت هناك في الأجواء اليابانيّة البسيطة الأصيلة
أحببت التّدرُّج في بدايتهما معًا ,و كيف كانت شخصيّة آريا ,
أعجبني كيف علّمته عاداتهم ,و أنّه لم ييأس من المحاولة الاولى.
شخصيّة الأب رائعة أحببته بحكمته و حنانه و سيطرته.

بقدر ذلك الحنين .. كان الألم الذي اجتاحني مجدداً بعدما حاولت الهروب منه
هاهو يعاودني لأتذكر أن حياتي .. بعد كل هذه المصاعب
لن تعود كما كانت أبداً

^
ياله من واقع محزن
~
غاليتي
أحبّ استخدامكِ للمفردات بدراية و بعيدًا عن التّشنّج
أسلوبك مريح جدًّا في القراءة ...لا أعتقدني سأملّ من إخبارك بهذا
تخيلت كل شيء...
التعب و المحبة و بؤس الحال في مشهد الفتى اللطيف مع أمه ,
شعر آريا المتطاير و رباطه في يد فلورنس,انفعال أمه في وجهه

زهور الكرز, تمثال السّاموراي ...

كل شيء مرّ أمامي صورًا تجلّت في حروفك المتقَنة

مَن لَم يقرأ لكِ فاته الكثير !
يسرّني حقًّا أنّك مستمرّة
معك أنا دائمًا


 
 توقيع : imaginary light


“إنّ الـفـكـــرة الـنّـبـيلــة
غـالـبــًا لا تحـــتــاج للــفهـم
بـــل تحــتـــاج للإحــــســــاس”
~


imaginary light/ zenobya

التعديل الأخير تم بواسطة darҚ MooЙ ; 05-17-2020 الساعة 06:21 AM

رد مع اقتباس
قديم 04-17-2020, 12:36 PM   #19
آدِيت~Edith
https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at165286508456371.png


الصورة الرمزية آدِيت~Edith
آدِيت~Edith غير متواجد حالياً













التقطت أنفاسها بعد حديثها المتتابع ذاك والذي لم يحرك ساكناً بخصمها .. الذي حدق بها قليلاً حتى أنهت حديثها فابتسم باستخفاف وأبعدها بقوة عن الباب !

اختل توازنها فسقطت على الأرض بقوة متألمة .. نظرت نحوه بغضب وخوف في آن واحد متكئة بيدها على الأرض ..

وسرعان مااستجمعت قواها وتبعته للداخل وهي تخطط للدفاع أكثر قبل أن يحدث ماتخشاه ..

وماان دخلت الغرفة وقد باعدت بين شفتيها تهم بالحديث .. حتى لزمت الصمت بذهول

وخصمها كان يقف في الغرفة قائلاً بنبرته الساخرة :| اذاً .. سيدة آرياكو .. ماهي خطتكِ التالية ؟ |


سار على العشب الندي بقدمين حافيتين وعيناه تبحران بالمدى اللا متناهي أمامه


ذلك الحقل الواسع والنهر المتفرع تتخلله حجيرات صغيرة وبراعم قد نمت لتوها وأخرى أزهرت


نظر لصفحة الماء التي كانت قد انعكست عليها الغيوم الصافية كما لو كانت جزءاً من ذلك النهر


اقترب أكثر وجلس آذنا لساقيه بمعانقة المياه الباردة


علها تطفيء بعضاً مما بداخله من لهبٍ حارق


أطلق تنهيدة مثقلة بالهموم .. ونظر لتلك المذكرة بين يديه


تردد كثيراً قبل أن يفتحها .. ويبدأ بقراءة سطورها


والتي جذبته بسحرها وجعلت الذهول والفضول يجتاحانه ويسيطران عليه " تماماً "!




دون أن تدرك ارتسمت ابتسامة ارتياح على شفتيها مما جعله ينظر لها بريبة أكبر


أخفت ابتسامتها بسرعة وهي تشيح برأسها بارتباك علها تداري موقفها الصعب


قالت بتردد محاولة تشتيت أفكاره : صغيرتي اذهبي لتهتمي بشقيقتك ريثما آتيها


هارو بتذمر وعناد : لن أفعل قبل أن أفهم مايجري هنا


عقد القروي يديه أمام صدره وهو ينظر لهما بدونية واحتقار

- لعبكِ مفضوحة تماماً آرياكو ألا يكفي هذا القدر من الخداع .. لاتستحقري ذاتكِ أكثر من هذا .. ولاتضيعي وقتي الثمين


نظرت له باستياء شديد : أوكأنك تماديت ياهذا .. تغاضيت عن مناداتكِ لي باسمي الأول والآن تفعل هذا مجدداً بلا خجل وبلا حواجز أو رسميات حتى ؟! دخولك منزلي وغرفتي ولا رجل هنا لا أحد سواي وسوى طفلتاي .. واتهامك لزوجي بأمور لا أعرف ماهيتها حتى ..تواقحك واصرارك على أننا من أخطأ بينما الخطأ هو أنت في الواقع .. عم سأتغاضى بعد ؟


- ههه الكذب لايلائمكِ صغيرتي .. كفاكِ نحن كبار ونفهم جيداً بعضنا البعض .. أم أنكِ نسيتِ كم قضينا من طفولتنا معاً .. سوياً .. لدرجة أني حفظتكِ عن ظهر قلب .. يكفي فقط النظر لعينيكِ لمعرفة كل مايجول بداخلكِ .. لاتحاولي الكذب على آرتشي .. آريا


- آرتشي ؟!


قالت ذلك بذهول وهي تستعيد ذكريات الماضي سريعاً في ذهنها




نظراتٍ تتفحصها عن كثب خلف تلك النظارات الثخينة


اقتربت بعدها منها وهي تهتف بغيظ : آخر ماتوقعته أن تكوني أنتِ السارقة سوزيركو " لقب آرياكو "


نكست الأخيرة رأسها وقد اغرورقت عيناها بالدموع ويديها تقبضان على الثوب بقوة


والصمت .. كان عدوها


بينما شدت تلك العجوز أذنها بعنف وهي تصرخ : حتى وان كنتِ أنتِ فعقابكِ لن يختلف عن سواكِ .. سأريكِ كيف يكون سخطي على من يستغلني ويسرق شيئاً مني


ساقتها نحو الخارج تشدها بغضب ولسانها يمطرها بالشتائم وماان همت بفتح الباب حتى وقف أحد الأطفال بابتسامة باردة واثقة وهو يقول : معلمتي .. لحظة من فضلكِ


توقفت ونظرت نحوه بغيظ : مالخطب أنت الآخر ؟


ابتسم مجدداً وقال بنبرته المتزنة الواثقة : آرياكو ليست الفاعل معلمتي .. ثقي بما أقول


- ها .. لقد اعترفت بنفسها لذا أفضل أن تلتزم الصمت يافتى ..


قاطعها بذات الابتسامة التي لم تفارقه للحظة : أنا على ثقة تامة بذلك معلمتي .. فكلنا يعلم أن آرياكو حينما تصمت .. فهي صادقة حتماً .. وحينما تصرخ وتدافع عن نفسها .. حينها فقط نعلم أنها اخطأت أو تعلم على الأقل من يكون الفاعل !


رفعت آرياكو رأسها وهي تحدق بدهشة بذلك الفتى الغريب والذي أدرك بها مالم تلحظه بتاتاً


ومالبثت أن سمعت بعض التلاميذ يؤيدون ماقال حتى استسلمت السيدة تيشيمي وأعلنت برائتها أخيراً


ابتسمت وهي تردد بداخلها بينما تحدق به بامتنان |سأتذكر دائماً مافعلته لأجلي " آرتشي "|




كانت لاتزال تنظر له وتتفحص ملامحه التي تغيرت كثيراً .. لكن ابتسامته ونظراته الواثقة لم تتغير


كانت فقط .. خارج نطاق ذاكرتها حتى أعطاها الاذن بالتذكر


انه ذلك الشخص الذي يفهمها ويعرفها أكثر من نفسها حتى .. وأكثر من فلورنس والذي لايمكنه فهم مايجول بداخلها معظم الأحيان


كان ذلك ماتخاطب نفسها به وقد أدركت أنها وقعت بين أنياب خصمٍ لايُقهر


كيف تداري موقفها الآن وماذا تفعل .. وقبل أن تتحرر من أفكارها وجدت يده تقبض على شعرها الأبنوسي بقوة بينما يقول بمكر وهو يسمع آهاتها وتأوهها ويديها تحاولان ابعاده : |واثق أنه هنا .. يختبيء في مكانٍ ما .. لا أريد حقاً اجهاد نفسي بالبحث عنه .. فإن كان كما تزعمين يحبكِ .. سيأتي لتحريركِ من قبضتي |


نظرت له بألم ودموعها تنحدر من عينيها بينما تخاطب نفسها كما لو كان من الممكن أن توصل حديثها لزوجها | مهما حدث أرجوك لاتخرج .. سينتهي كل شيء حينها .. ستموت فلورنس وستنهار عائلتي .. لاتظهر مهما كان ماسيحدث |


أغمضت عينيها بقوة متحملة ألم قبضته ونظراته المخيفة


- | اوه هكذا لا يبدو الأمر نافعاً .. عليكِ أن تصرخي ليسمعكِ جيداً أينما كان .. أفهمتِ صغيرتي ؟ |


قالها وابتعد قليلاً وهو يبحث عن شيء ما سرعان ماوجده


أخذ تلك العصا المسندة على الجدار بجانب الخزانة ونظر لها ملياً ثم التفت لآرياكو بابتسامة ماكرة خبيثة


بينما اتسعت عيناها بذهول .. وهارو التي كانت تنظر لهما دون أن تفهم مايحدث


أدركت سوء ذلك الموقف وخطورته .. وأنه لابد من التحرك


أسرعت نحوه وتشبثت بساقه وهي تصرخ : ماما لن تلمسها ياوحش .. سأعضك لو فعلت ماذا تريد منا ؟ سأخبر بابا بكل مافعلته سيضربك ويقتلك


نظر لها باستخفاف وقال وهو يبعدها : هه فليفعل ان استطاع


واذا بها تعض ساقه بينما تحركت آرياكو سريعاً محاولة الخروج علها تجد من يساعدها


لكنه كان المسيطر والأقوى .. أبعد الطفلة بعنف ثم توجه نحو آرياكو


أوقفها بينما كانت تهم بالخروج من الغرفة وأغلق الباب بسرعة ثم التفت لها


- لن تهربي قبل أن تسلمي زوجكِ المجرم لي .. آريا


سمعت صوت بكاء طفلتها فأسرعت نحوها وعانقتها وهي تقول بغضب عارم بينما تتراجع خطواتٍ للخلف حتى أراحت جسدها وطفلتها على الأرض مستندة لزاوية الغرفة : أنت حقير وغد .. أقسم أنك ستنال عقابك قريباً .. الماضي تغير وأنا لم أعد تلك الطفلة التي تعرفها والتي تستخدم تلك الأساليب الفاشلة .. انما حين تتخلص من عنادك وتدرك الحقيقة .. ستندم أشد الندم وسيكون الوقت قد فات للعفو عنك


- ههه أتهدديني الآن .. موقفكِ هو الأضعف .. ثقي بي .. أنا فقط أفعل مايتوجب علي فعله .. وما أُمرت أن أفعل .. سأقبض على ذلك الوغد .. مهما كان الثمن .. وان اضطررت لضرب فتاة .. ففي النهاية ، انها مصلحة القرية


قال ذلك وهو يرفع العصا وسرعان ما عانقت جسد آرياكو التي ضمت طفلتها أكثر مخفية ألمها وهي تحميها كي لاتصيبها العصا


وهناك .. في مكان قريب جداً ، حيث تلك الجثة النتنة


كان جسدٌ آخر تتسارع نبضاته بغضب وحقد لامثيل له .. بحيرة وألم شديدين


هي هناك .. تدافع عنه وتحمي عائلته ، بينما يختبيء كما الفأر


رفع يده مستسلماً لذلك الغطاء الخشبي في الأعلى


تردد لوهلة واستعاد يده بينما يسمع صوت العصا ترتطم بجسدها النحيل


وصوت بكاء طفلته يعلو بينما لا أحد هناك لمساعدتهما


| لقد تمكن ذلك الوغد من هزيمتي .. سامحيني آريا لكل ماتسببت به لكم .. حان الوقت لأستسلم ! |





في جانب آخر من هذا العالم


بزاوية معاكسة تماماً .. حيث الشمس تربعت عرش السماء وبدت أوائل خيوط المساء كأنما توشك خجلة على اعلان ظهورها بعد سويعاتٍ قليلة


كان يجلس على المقعد خلف مكتبه ينفخ الدخان من فمه كلما أبعد غليونه الفاخر عن شفتيه


متفحصاً بعينيه الرماديتين تلك المكتبة الضخمة أمامه .. دون أن ينظر في الواقع لمحتوياتها


بل كانت نظراته أعمق بكثير .. كانت تبحر في مكان لاوجود له بتلك البقعة


قطع تأملاته وتفكيره العميق طرقاتٍ مألوفة على باب مكتبه .. أدرك على الفور منها هوية الطارق


- ادخلي سمانثا


فتح الباب وأطلت امرأة في بداية عقدها الرابع بشعرها الأشقر المموج


وعيناها البحريتان العميقتان تحيطهما أهدابها البنية الكثيفة


دون أن تتمكن من اخفاء تعابير القلق التي أبدتها قسمات وجهها الشاحب


والذي لم يقوى الزمن على رسم أي تجاعيد عليه ..


بل بدا للناظر أنها لازالت تتمتع بسني الصبا وجمال الفتوة


حركت شفتاها الحمراوان ناطقة بصوتها الرخيم الممتزج بأسى عميق : أيمكنني الحديث معك قليلاً


تنهد بعمق وهو يضع غليونه في المكان المخصص ويرفع يده الأخرى مبعداً تلك الخصلات الرمادية لتعود لمكانها


ونظراته القاسية الصلبة مع صوته القوي يعطي انطباعاً واضحاً عن شخصيته المهيبة


شخصية .. لايمكن تجاهلها بتاتاً


صرح وهو يشير للمقعد الجلدي الفاخر أمام مكتبه : اجلسي عزيزتي .. ظننتكِ تستلذين بقيلولتكِ كما العادة ..


جلست والحزن يسيطر عليها والتفتت له سريعاً وهي تقول برجاء : كيف استلذ بالنوم والكوابيس لما تزال تهاجمني كلما غفوت


بدا عليه الضجر كأنما هو موضوع يكره الحديث به فأجاب بغيظ : ألم أطلب منكِ نسيان هذا الأمر .. كيف تذكرينه الآن بعد كل هذه السنين وبعد كل مافعله بكِ وبنا جميعاً !


- عزيزي أرجوك ترفق به ولا تقاطعني مجدداً أرجوك نحن بحاجة للحديث بالأمر .. فكر جيداً هي الرابحة هنا .. تهنأ به بينما نحن نتعذب لفراقه وبعده


قاطعها بسخط : أنتِ وحدكِ من يعاني لبعد ذلك الناكر للجميل أما أنا فلا


أكملت وهي تمسك يده وتنظر له برجاء : أرجوك فكر جيداً بالأمر .. منذ يومين والكوابيس لاتفارقني واثقة أن هناك خطب ما .. أعرف ابني جيداً ربما مل الآن من تلك الحياة البائسة .. ألا تفكر كيف يعيش هناك .. وكم يقاسي ويعاني ازاء تلك المعيشة الصعبة


- هو أراد هذا


- أعلم جيداً لكننا عاقبناه بما يكفي .. أرجوك لاتفعل هذا .. يكفيك تعذيباً له ولي


- هو لم يبالي ان كان هنا أو هناك


- تعرفه مكابر لايمكنه الاعتراف بما في داخله هو يفتقدنا كثيراً .. لكنه مجبر على التظاهر كي يقنعنا بأنه قادر على اتخاذ قراراته .. ابني وقد حفظته عن ظهر قلب .. لابد أنه يعاني هناك بصمت .. منتظراً أن تفخر به لكونه أصبح رجلاً يعتمد عليه .. منتظراً أن تعترف به وتعتمد عليه وتثق به .. فكر بالأمر أرجوك لو حدث مكروه له لا أحد منا سيسامحك .. أنت السبب في حرماننا من ابني الحبيب الصغير .. لا...


قاطعها بغيظ : هذا يكفي سامنثا


رفعت يدها تمسح بأناملها دموعها التي تقاطرت من عينيها


وتمتمت بين شهقاتها : لن أسامحك اذا ما تأذى ابني .. لن أعيش معك بعدها أبداً


وانتحبت باكية وقد دفنت وجهها بين كفيها


ورغم قسوته وصلابته لم يستطع الا أن يستسلم ويضعف أمام دموعها مرغماً


نهض من مقعده وتوجه اليها يحاول تهدئتها دون أن يتحدث


حتى نطق أخيراً بترددٍ وامتعاض : سأفكر بالأمر .. اهدأي الآن وأنا أعدكِ بأن يكون كل شيء على مايرام


أبعدت كفيها عن وجهها وتشبثت به وهي تنظر له بعينين اغرورقتا بالدموع


- أحقاً .. أحقاً ستفعل .. حمداً لله .. شكراً لك عزيزي شكراً لك


تنهد بضجر وهو يشيح بوجهه منهزماً بينما رسمت ابتسامة رضا على شفتيها


ونهضت بفخر بعدما نجحت أخيراً باقناعه بطريقة لم يسبق لها أن اتخذتها


فقد كانت دائماً ترى أن بكائها سيجعلها تبدو ضعيفة ولربما يمقتها بعدها فهي دائماً تفكر أن الرجل يكره المرأة البكاءة


لكنها قررت أن تغير طريقتها غير النافعة تلك باقناعه فكلما زادت عناداً ازداد هو الآخر


ولم تكن لتجدي أياً من طرقها تلك .. حتى قررت استعمال هذا السلاح الذي وصفته لها صديقتها المقربة .. وحقاً كان ناجحاً جداً


فذلك الرجل الصلب سرعان مااستسلم أمام دموعها وانصاع لأوامرها


" لو كنت أعرف أن بكائي سيجعله يرضخ لي لكنت فعلت هذا منذ ثمان سنوات .. حقاً كنت غبية للغاية .. فلورنس صغيري الحبيب ماتراك تفعل الآن "


أغلقت باب غرفتها واستندت عليه تفكر للحظة وتتذكر أيامهما معاً


رفعت طرفها لتعانق عيناها تلك الصورة المعلقة في جدار غرفتها


لطفل بدا في العاشرة من عمره بشعر ذهبي حريري مموج الأطراف


وعينان بلون الأفق تزدحم السحب فيه وتتخلله زرقة داكنة ساحرة


وابتسامة بريئة شقية .. أضافت لمظهره عذوبة وجمالاً خاصاً


بتلك الشخصية الفريدة المشاكسة ..


ابتسمت وهي تقف أمام اللوحة ودموعها عادت لتنهمر دونما حواجز


فالشوق .. سلب قدرات تلك المرأة الحديدية .. وجعلها تلقي بكل دروعها بعيداً


وتطلق لقلبها العنان كي يبوح بكل أسراره .!




تسلق ذلك السلم القصير المؤدي للأعلى .. الى غرفته حيث هما


وضع يده على باطن الغطاء الخشبي السميك


ورفعه ليفتحه بعزم .. لكن !


كان أثقل من أن يتمكن من رفعه .. فكرت جيداً


واختارت أن تحميه حتى اللحظة الأخيرة


كانت تجلس هناك أعلى الغطاء الخشبي تحسباً لأي خطر قد يداهمها ويكشف زوجها


أخذ يحاول فتحه دونما جدوى .. وقبل أن يصرخ ليعلن عن مكانه سمع صوتها جلياً


- انها هانا .. آه طفلتي دعني أذهب لها أيها الوغد .. الفتاة محمومة


- ليس قبل أن تنطقي .. في الواقع أعجب حقاً كيف لايزال صامداً بينما أنتِ تعانين هنا .. هه أظنكِ عرفتِ مشاعره نحوكِ جيداً الآن


قطبت حاجبيها وهي تنظر له بغضب : قلت لك زوجي ليس هنا .. ولن تذهب من هنا دونما عقابٍ بعد كل مافعلت


صك أسنانه بغيظ بينما نهضت وأمسكت بيد هارو وهي تتجه مسرعة الى حيث طفلتها التي كانت تصرخ وتبكي بخوف وهي تطرق الباب


فتحته وعانقتها بسرعة مع شقيقتها وهي تحاول تهدئتهما والتخفيف عنهما


بينما نظر نحوهما بحقد مستسلماً


ألقى بالعصا وتوجه ناحيتها بهدوء .. نظر لها ملياً بينما كانت لاتزال تحاول تهدئة طفلتيها


وماان أدركت نظراته حتى حدقت به بغضب كلبوة ثائرة


- أقسم أنك ستنال عقابك لاخافتك طفلتي ودخولك منزلي واهانتي .. ان كنتم تزعمون أن زوجي ارتكب جريمة ما .. فأنتم الآن ارتكبتم حقاً ماهو أفضع .. ولن يمر هذا أبداً دون عقاب


صمت لوهلة حتى أنهت حديثها فقال ببرود : ربما تستطيعين خداع أهل القرية بهذه الكلمات أما أنا فلا .. سأكشف ماتخفونه من أسرار آرياكو


نهضت وتوجهت نحو الباب الخارجي ففتحته وأشارت له بالخروج وهي تقول بحنق شديد :


اخرج من منزلي .. اخرج أو سأصرخ بأعلى صوتي وسأجمع أهل القرية حولك ليروا مافعلته


- هه ولما لا تفعلي


قالها بنبرة ساخرة وهو يتوجه نحوها


وقبل أن يخرج انحنى بجانبها هامساً : لازلتِ لاتستطيعين الكذب آريا


ضحك بعدها ساخراً وخرج من المنزل تاركاً اياها تصارع آلام قلبها المريرة


الحيرة والخوف والضياع .. الوحدة والألم


أغلقت الباب خلفه بقوة وأسندت رأسها له مطلقة العنان لدموعها ومشاعرها الحقيقية بالانفجار


أخذت تبكي بحرقة وسرعان ماانضمت لها طفلتيها ترتميان بأحضانها وهما ترتعشان بخوف


بينما كان فلورنس يسمع نحيبهم بأسى


خرج من القبو وسار بخطواتٍ مترددة نحو الباب


وقف بجانبه ينظر الى عائلته الصغيرة .. والتي كانت في تلك اللحظات بأمس الحاجة لوجوده


رفعت آرياكو طرفها المبلل بالدموع ونظرت نحوه بعتاب آلم قلبه الجريح


وسرعان ما أخفضت رأسها هامسة لطفلتيها :

" انتظراني في الغرفة .. سأحضر الافطار لكما وأعود سريعاً .. ارتاحا جيداً حبيبتاي "


أبت كلتاهما ذلك فحاولت اقناعهما جاهدة حتى وافقتا أخيراً .. وعادتا للغرفة بينما اختبأ فلورنس بسرعة خلف الباب


وما إن أغلقتا الباب خلفهما حتى أبعدت آريا ناظريها عنهما وحدقت بباب غرفتها ملياً


ملأت رئتيها بالهواء ثم زفرته ببطء .. وفتحت عينيها وهي تتجه نحو الغرفة


دخلتها بهدوء والتفتت الى حيث كان يقف فلورنس شارداً خائباً بائساً


نظر نحوها بألم دفين وعيناه تحاولان التعبير عما يختزنه من كلمات اعتذار عجز على لسانه النطق بها


بعد لحظات قضاها كليهما في خطابٍ صامت بين عتاب واعتذار


نطق أخيراً وهو يقترب منها ويضع يده على عنقها بحزن : آلمكِ ؟


أومأت بالنفي وهي تبعد يده موضحة : كان يخدعك وحسب .. ماكان ليرتكب جريمة كتلك بهذه السهولة .. فذلك سيعرضه للعقاب والمسائلة .. انه يفكر جيداً قبل أن يفعل


أكملت وهي تنظر لعينيه بعتاب قاسٍ : ليس كالبعض هنا .. لقد أوقعتنا في الهاوية حقاً .. ألم أكن صادقة


وقبل أن يبرر أردفت وهي تقاوم دموعها المحرقة : لم أتعرض لاهانة كهذه في حياتي .. حرمة منزلي .. مكانتي التي كنت أملكها حينما كنت ابنة أبي .. سمعتي .. مستقبل أطفالي .. أتعلم كم آذيتنا جميعاً بفعلتك .. ولازلت لاأعرف ماتخفيه حتى الآن .. لما لاتخبرني بتتمة القصة ؟ لما ..


قاطعها بألم : يكفي آريا .. حقاً ما أواجهه الآن يكفي .. ما أعانيه أضعاف ماتعانيه أنتِ .. كذلك أنا لم أعتد القتل يوماً لم أعتد شيئاً مما أفعله الآن ولم أكن معتاداً أبداً على ماعايشته من أحداث طيلة مكوثي في اليابان .. تحملت كل ذلك لأجلكم .. أعلم أن هذا قاسٍ وصعب .. لكن .. ألا يمكنكِ تحمله لأجلي ؟ لأجل عائلتكِ ؟


أجابته والألم يمزقها ممتزجاً بغضب لم تتمكن من السيطرة عليه : لقد تحملت كثيراً وتسترت على جريمتك النكراء وخالفت كل معتقداتي لأجل عائلتي فقط .. بل لأجل طفلتاي وحسب .. لا لأجلك .. لتعلم هذا


استدارت بعدها وهي تقول متتمة حديثها بينما لايزال بصمته وحيرته وألمه وأنامله تتخلل خصلات شعره بعنفٍ وحيرة مطلقاً التنهيدة تلو الأخرى عله يخفف من وطأة مشاعره المضطربة جراء كلماتها القاسية التي حار كيف يتصرف ازائها :

والآن .. اخرج من هنا .. كما كان كلينا يدعي .. لنكمل الكذبة ولترحل الى حيث أبي .. أنتظر منك أن تخبره بكل شيء عله يجد حلاً لهذه المصيبة .. ويفضل أن لا أراك لفترة .. علني أهنأ ببعض الهدوء والطمأنينة .. وكذا طفلتاي


- إن كان هذا مايريحكِ .. فسأفعل


قالها فلورنس باستسلام وهو يتأملها بأسى


توجه بعدها لخزانته وأخرج بعض ملابسه ليدخلها بحقيبة صغيرة عتيقة


حملها بعدها والتفت من جديد لآريا التي لاتزال حيثما كانت دون أن تنظر له


اقترب منها بتردد ومد يده لتلامس خصلات شعرها هامساً بمشاعره الصادقة المتألمة : أعلم أن هذا لايكفي .. لكني لاأملك سوى أن أعتذر .. صدقاً .. أرجو أن لا أعود أبداً .. عل هذا يريحكم وينهي هذا الكابوس .. الحق معكِ .. دون أن أدرك أوقعتكم في الهاوية معي .. انما ثقي أني لن أسمح لأحد بايذائكم .. سأبذل جهدي لأنهي هذا الأمر بسلام ولو تطلب حياتي


اقترب أكثر وهو يكمل : أعدكِ .. أميرتي


قبل خدها بلطف ثم ابتعد وهو يتأمل دموعها التي انسابت من عينيها بينما هي تحاول السيطرة على مشاعرها كي تعاقبه


سار مبتعداً وهو ينظر لها بين الحين والآخر متأملاً أن تتعانق عيناهما ولو للحظة


حتى خرج من الباب الخلفي حيث يمكنه الهرب دون أن يبصره أحد


ألقى بنظرة أخيرة عليها مودعاً .. والحزن قد تربع عرش قلبه


وغادر بعدها بصمت تودعه الرياح التي ماانفكت تعصف بالأجواء ما إن توقفت الأمطار


نظرت أخيراً نحو تلك البقعة التي كانت تحتويه منذ لحظاتٍ فقط


وبكت من أعماق قلبها وهي تحاول كتم شهقاتها بيدها


حينها أدركت فقط .. أن حياتها لن تعود أبداً كم كانت


وأن لعنة الغراب قد حلت عليهم حقاً !




الحب لايطعم جائعاً


لطالما أسمع هذه المقولة


ولربما كانت حقاً صادقة


فذلك الحب الذي جمعنا يوماً


لم يقوى على اسعادنا وجعلنا نعيش بسلام !






مرحباً بكم في نهاية الفصل


كان طويلاً بحق صحيح ^^ هيهيهي ياويله اللي يحكي قصير


- بدت لكم صور من حياة فلورنس .. ورغم أن عائلته لم يظهر منها سوى شخصان .. الا أني أريد أن تعطوني انطباعكم الأول عنها وعن شخصيتهما وتوقعاتكم حولها


- آرياكو وقعت بين أنياب خصمٍ لايرحم .. فكيف ستتخلص منه وتتغلب عليه ؟


- يرحل فلورنس وتبقى آرياكو وحيدة تصارع مشاعر لايمكنها فهمها .. فأيها ستتغلب .. حبها .. أو خوفها من المستقبل ؟


- توقعاتكم حول وجهة فلورنس وماسيفعل خلال رحلته ؟


- رأيكم بالفصل - طوله - انتقادات - نصائح - ملاحظات


في أمان الله ^^


تمنياتي لكم بمتابعة ممتعة وشكراً لكل من أنار الرواية بحضوره :wardah:




 
 توقيع : آدِيت~Edith

مواضيع : آدِيت~Edith


التعديل الأخير تم بواسطة آدِيت~Edith ; 04-30-2020 الساعة 09:28 PM

رد مع اقتباس
قديم 04-19-2020, 10:52 PM   #20
imaginary light
ذهبية | مشرفة مميزة


الصورة الرمزية imaginary light
imaginary light غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 80
 تاريخ التسجيل :  Feb 2020
 المشاركات : 20,659 [ + ]
 التقييم :  84123
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 5 مشاركة

مشاهدة أوسمتي





مرحبًا مبدعتي الخارِقة
أخيرا أتيت



لندخل فورًا لأحداث الفصل!

و إذًا فلورنس كان هناك في القبو طيلة الوقت
يستمع -ضاغطًا على نفسه-إلى كلّ ما دار بين عائلته و آرتشي...

آرتشي ذلك الدّاهية!
ذكاؤه يعجبني و في نفس الوقت تمنّيت أن يخرج له فلورنس

و ينزل فيه ضرب
يتصرّف بكلّ ثقة و حرّيّة, و أبدًا ليس بحياديّة بل هو يكره فلورنس بشكل شخصيّ, و اللطيف أنّه يفهم آريا و متابع لها على ما يبدو
بينما هي مو كتير سائلة

على كلّ لَم تجدِ طرقه نفعًا
تمنّيت العكس كان ذلك وشيكًا!لكن هيه,كانت القصّة لتأخذ منحى آخر

لو خرج فلورنس وواجهه
و لما كانت آريا لترمي على فلورنس بوابل من اللّوم
و معها كلّ الحق طبعًا.كلامها كان مؤثّرًا للغاية
~
في بريطانيا
الأب المتصلّب القاسي و قد رقّ أمام دموع الأم

الي ما عاد فيها تتحمّل بعد ابنها
سمانثا هذه داهية أُخرى,
لديها كبرياؤها و لا تحبّ مواقف الضّعف
لكنّ هدفها احتاج المرونة فبها و كان.
كزوج و زوجة شعرته الطّرف الأفضل
كأب و أم ؟تبدو هي الطّرف الأفضل
و لكن كلاهما أنانيّ بشكل أو بآخَر

يعني فلورنس مو جايب أنانيته من برا
فبعد كلّ ما حصل يعتبر أنّه يعاني أكثر من آريا
بس كل الأذى الذي تعرّضت له المرأة كان بسببه

بينما لم يكن لها ذنب في معاناته هو,
لذا -كان معها حق لما قرّرت يروح لعند أبوها
إنما ليتها لم تخبره بكونها لا تريد أن تراه لفترة-رغم أني أفهمها -

لكنّها تسرّعت هو أيضًا لديه هموم كبيرة و كان حقًّا يريد أن يحميها و طفلتيه
بس الكاتبة الشّريرة الرّائعة ما سمحتله شو بده يساوي طيب؟

فذلك الحب الذي جمعنا يوماً
لم يقوى على اسعادنا وجعلنا نعيش بسلام !

^
جميل ما تخطّينه في صفحة الروح
أنتظرك غاليتي







 
 توقيع : imaginary light


“إنّ الـفـكـــرة الـنّـبـيلــة
غـالـبــًا لا تحـــتــاج للــفهـم
بـــل تحــتـــاج للإحــــســــاس”
~


imaginary light/ zenobya

التعديل الأخير تم بواسطة darҚ MooЙ ; 05-17-2020 الساعة 06:21 AM

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إفيلا، الظلام والنُّور الجزء الثاني lazary قصص قصيرة 4 06-03-2020 11:42 PM
الأثر الأول لنا darҚ MooЙ مسابقات وندر لاند 48 03-07-2020 11:38 PM


الساعة الآن 01:36 AM