••
العودة   منتدى وندر لاند > القصص والروايات > روايات مكتملة.


لا يجب قول لا لفّخامته

روايات مكتملة.


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-09-2020, 11:05 PM   #1
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي




جـّدران غّرفة وردّية اللونّ بّسرير صغير مّزين بّشرائطّ بيضّاء و غطـّاء أزرّق كلونّ السمـّاء الصّافي ، خـّزانة كّانت تحتـّوي على مّلابسهـّا و
لا تـّزالّ اعتادّت عندّما تسـتاء أنّ تـأتي إلى هذه الغـّرفة و تّبقى هناّ حتّى تّحن أمهـّا سيّليـّا و تجّلب لها مـّا تّريده ، و الآنّ بالرغمّ من أنهـّا حزينة و مستـاءة
جـدّا لكّن لا أحدّ يّشفق عليهـّا ، رّفعت يدّيها إلى السّقف حيّث علقت قدّيما عليه صورة فّرقتها الغنـّائية المشّهورة ، هل هذا ما يعنيه ان تكون كبيرا ؟
طّرقت فّلور البّاب ثمّ دّخلت و بّينّ يدّيها صّينية فيّها عجت البيضّ و مشّروب الطـّاقة ، جّلست على السّرير بجـّانب مـّاري لتّضع الصّينية بينهمـّا و قدّ
زينت شّفتيها بابتسامة جميّلة
ـ أسّعدّ صبّاحكّ عـّزيزتي ،
ردّت ماّري التحّية بهدوء و شّربت العصّير دّفّعة واحدة ثمّ أعـّادته إلى مكانه فنـّظرت إليها فـّلور مـطّولا باستغراب فقـّالت عندّما لمحّت مّلامحها التعيسة
ـ ماذاّ بك ؟
صمّتت مارّي و لمّ تجّبها بّل رّفعت تلكّ البطـّاقة التي تركّها نـّايت سّابقّا و عادّت لتّفكير العمّيق كمـّا لو كـأن الليلة السّابقة لمّ تكنّ كاّفية ، كشّرت فّلور
بغّيض عندّما لمحّت اسم أختهّا مـّاري روبّرت قدّ ربطّ بزخـّارفّ جميلة بجـّانب نـّايت لبير ، قـّالت بحدة
ـ أنتّ ، لا تّخبريني أنكّ تفكرينّ جدّيا فّي ما قّاله ذّلك المـّعتوه ؟
رّفعت مـّاري حـّاجبها باستنكـّار ثمّ وقفّت و فتّحت النـّافذة لتستدّير ناحية فّلور مجددّا و على وجهها نـّظّرات جدّية
ـ بالطـّبع سـأفكرّ بذّلك ، أليسّ هو خطّيبي ؟
فـّلور بحدّة : خطّيبك المـّزيف ، المـّزيف إنّ كنت قدّ نسيت
شدّت ماري على قّبضتهـّا، هيّ تـّعلم هـذّا جيـدّا و لا تحـّتاجّ لأي أحدّ كيّ يذّكرها فقـّالت بهدوء و تـّردد
ـ أنتّ لا تـّعلمين شيئا فـّلور ، لا تـّعلمينّ ما نـّايت بالنسبة لي ، إنهّ مصـدّر قـّوتي و منه استمدّ شجـّاعتي و بجـّانبه فقطّ أشعر بالأمانّ ، أيضـّا و
أمامهّ فقطّ تّتلاشى كلّ جدّرانّ طـّاقتي هوّ منّ جّعلني أعودّ كيّ أستـّرجـّعكّ ، هو منّ سـاندّني و إنّ كان حتّى هو غيّر مدّركا لذّلك ، إنهّ من
صّرخت فلورّ بعصبية و أحدّاث البـّارحة تّمـّر من بّين عينيهـّا كمذّكر حّي ،
ـ هل أنت بّلهاء أم ماذا ؟ إنهّ يعـّاملكّ كمـّا لو أنكّ أحدّ جرذانه يستعمّلك متى ما يشـاء ، ألا تـّملكين كّرامة ؟ بعدّ كل الذّي حدّث و كل الذّي عشته
تتّصرفينّ كمـّا لوّ أنكّ ، سحّقا
نـّزلت دّموعهـّا ، إنهّا تّعلم ، لقدّ قـّالت أنهاّ تعلم فلا داعيّ حقّا لا داعي لجّرحها أكثّر ، تحدّثت بنـّبرة خـّافتة تّعلو تّدريجّيا مع كّل حّرف يخرجّ من بينّ شفتيها
ـ لمّا ؟ لما لا أملكّ كرامة ؟ أخّبريني فّلور هل الكّرامة تّعني لكّ أنّ تتّخلي عنّ من سـّاعدكّ جانبـّا ؟ عنّ ابنتكّ و عنّ زوجكّ ؟ كماّ فعل والدّي ؟ لما
الكرامة فوق كلّ شيء ؟ أنـّا سّعادّتنا هي الأهمّ
كّشرت فّلور ، صّحيحّ أن والدّها قدّ أبّعد أمهمـّا عنّهما لكّن هي لا تّهتمّ لما فّعله فقـّالت بّبرود
ـ ما فعله والدي من شـأنه هو ، و أنـّا فّعلا لا أهتمّ لأنّ لي أفعالي لأحاّسب عـّليها و لن أنـّظر إلى مـّا صنعه الآخرينّ كلمحة لمستقّبلي ، و إّن
كنت فّعلا تهتميّن لوالدّنا هكذّا فلما لا تنفذّين وصيته ؟ ألمّ يّنصحكّ أن تعيدي الـ 500 مليون دولاّر إلى صّاحبه و تّعيشي بّسعادة ؟ فمادامتّ سّعاتنا فوق
كلّ شيء كمّا تّقولينّ لما لا تفعلي ذلك ها ؟
نـظرت إليها غـّير قـّادرة على قـّول أيّ شيء ، لما كل هـذا التعـقيدّ ؟ لمـّا الكبريـّاء و السـّعادة ؟ لماّ الكـرّامة و الـّراحة يتنـّافسان ؟ لمـّا هي مضـطرّة
على الاختيار ؟ وقفـّت بـّهدوء ثمّ أمسكتّ بـّمعطفها و خـّرجت من ذلك المنـزل غـّير آبهة بمنـاداة فـّلور المستمرة لها

/

وحيـداّ كعـّادة فيّ شـّقته يجـّلس على الأريكـّة و يشـّاهد التـّلفاز بـّعدم اهتمام مفـكّرا بمـّا حدث سـّابقـّا و كـّلام نايت القـاسي ، تـنهدّ بغيضّ و هز رأسه نفيّا
.. فيّ أحيان كثّيرة يتملكه الذّنب لأنهّ و بسببّه قدّ تـّعرفت ماري على نايت ، بّسببه أصّبحت الأوضـّاع على ما هي الآن ، يـتذّكر جيـداّ كـّلمـّات نايتّ الـّباردة
و السّاخرة عنـدّما حـّاول أن يـّوقفه و أنّ يمنعه من دّخول فّي دوامة من الأكـّاذيبّ و الألاعيبّ المنـمقةّ عنـدّما أخبّره أنّ يـّجد شـخصّا آخر غير مـّاري اللـطيّفة ،
كان منغمساّ فيّ أفكاّره حينّ رن هاتفهّ لكيّ يّوقظه من غـفّوته ، نـظرّ إلى إسمّ المتصـّل ثمّ كشـّر بـّكره إنهّ أوسكـار صـدّيقه لهـذه الفترة من الزمن فقطّ قـّرر
تجـّاهله ثمّ وقفّ هامسّا
ـ لا يمكنّ أن أدّع الأمورّ تـّسوء أكثّر من هـذّا ، يجبّ عليّ التـّحرك
أمسكّ بمفتـّاح سّيارتهّ و ركضّ خـّارجا من الـّشقة ، يجبّ عليه فّعلا التـّحرك فلو إستمـّر الـوضع على ما هو عليه الآن سوف يّخسرّ نايت وجودّ ماري
بجـّانبه و إنّ حدثّ ذلكّ قدّ تـجّعلها إليزابيثّ نقـطةّ ضـّعف له و هـذا ما لن يّسمح بـحدوثه أبداّ

/
بـّعد مـّرور أسبـّوع آخرّ
فّي قّصر لّبير ـ حيّث يوجدّ العـديّد من الأّسرارّ و الكّثير من المّناوراتّ ، إنه كّنز يّعّشق كّل صحاّفّي لإيجـّادّه و كـّل صّحيفة لّسردّ قّصته ، ففّي تّلك القـّاعة
الكّبيرة التّي تضّم أفـرادّ هذه العـّائلة الكـّريمة ، كـّان الجـدّ بيتر يجّلسّ مبتئسا الطـّاولة و بجـّانبه على اليسـّار يجّلس كـّايل رّفقة زوجته المحّبوبة و الفّاتنة
إليـّزابيّث
كـّانّ صوتّ المّلاعّق هو الوحيدّ الذّي يتجـرأ على إّصداّر نغمته بهـذّا المكـّان الموحّش ، عندّماّ رّفـّع بيّتر عينيه إلى مقّعدّ نايت الفـّارغّ ثمّ رّمق رئيس
الخدّم ليّتقدم إليه مّسرعا و قدّ كادّ أن يّتعثر بخطّواته ،حيّنما إقترب كّفاية من سيدّ بيتر ، قـّال له الأخير بنبرة جّمهوريةّ عـّالية كمـّا لو كـأنّه مّلك يخـاطّب حّاشيته
ـ أّين هو نـّايت ؟
أخرجّ رئيس الخـدّم بـطّاقة مزّينة و مـّزخرفة جميّلة بـّأطّرافّ ذّهبية و وضّعها بينّ يدّ بيترّ ليمسكها الأخيّر و يّفتحهـّا ، كّي يجـدّ بطـّاقة دّعوة لحّفل زفّاف نايت
و التـّاريخّ فيّ الأسّفل ابتسمّ بـهدوء و راحة ثمّ نـظّر إلى رئّيس الخدم مجددّا معطّيا إياه الإشارة لتكّلم و كذّلك فّعل
ـ سيدّي ، سيدّ نايت قدّ ذّهب منذّ يومّين إلى فرنسـّا لأنه يوجدّ خلل بشركات الموجودة هنـاكّ و لقدّ طلبّ مني أن أعطيكّ هذه الدّعوة حـّالما أجدّك متـّفرّغـا
ـ حسنـا إذن ، لما لم تخبرني يا كـايل أن نايت قدّ ذهب في رحلة عـمّل ؟
وضـع كـايل المـّلعقة جـّانبا و قدّ كشـّر بـكّل قّرف من ذّكر فقطّ سيرة نايت المحبوبة لدّى جده ثمّ قـالّ بعدم إهتمام
ـ أنت تـّعلم أنه لا يخبرني بشـيء،
ابتسم الجـدّ و نـظّر إليهمـّا ثمّ قـّال بـّفرحة لمّ بستـطّع إخفـاءهـاّ
ـ نايت سوف يتزوج في الـثامن و العشرين من هذا الشهـّر ، أليّس هذا خبّرا مفـّرحا ؟ كمّ أنا سعيدّ لأنه قّرر إنهاء وحدّته تلكّ و جّلب رفيقة تشـاركه حياته
رفعت إليزابيث عينيها بّصدمة ناحية الجدّ بعدما كـانت غّير مهتمة بما يحدث من حولهـّا ، و شّحب وجههاّ فـّنـظرت إلى كـّايل ، بينمـّا وقفّ الجدّ و غـادّر
مسـّرعا كّي يبّشر جميـّع أصدّقائه بزواجّ الـشـاب الذّين يطّلقون عليه اسم الجليدّ ، كمّ هو متـّشوق لرؤية الصدمة على ملامحّ أوجههم عـندّ اختفائه ، قـالت
إليزابيّث بتّوتر و عّصبية
ـ كيف سوف يتزوج بـحق الجحيم ؟ هـذّا غير مقبول أبـدّا
نـظر إليها كايّل ببـّرود ، رؤية تصرفاتها الغـّاضبة و أفكـّارها الغير عـّقلانية يجّعلانه يّشعر بالغيرة من هـذا النايت ، كّيف هي تّظهر جميع هذه المشـّاعر
لنايت أما إن كان الأمر راجّعا له فّستتصرف ببـرودة كما لو كـأن الأمر لا يعنيها ، لكزته في خصره و قالت هامسة
ـ أتعلم ماذا يعني هذا ؟ يعني أنه إن مات نايت فجميع ممتلكاته و أسهمه سوف تنتقل إلى تلك الحقيرة ، أنا لن أسمح بهذا
شـّعر بالغـّيرة تـتـّصاعدّ كالنيّـران فيّ قـّلبه المّحب هـذاّ و قدّ عـجّز عنّ إخفـّاء ملامحّ القهر و الغيضّ التي عـّلت وجهه فـّوقف و ردّ عليها بحـدّه
ـ افعلي ما تريدين ،
شعرت بالدهشة و هي تراه يسير مسرعا إلى المخرج و بّرفقته خادمين ، إنه لنادر فعلا أن يتركها تّفعل ما تشاء فهو و دوما ما يكون بجانبها مهما كان
مخططها و الآن يتركها ؟ شتمت بالبرازيلية لكنها ابتسمت فجـأة باستدراك الآن بعدما تّركها كايل تـفعل ما تشـاء ، الآن سوف تلجـأ إلى خططّها المثّيرة و
الخطيرة ، لا حـدّود لتفكيرها ، ضحكت بـخفوت و هي تهمس قـاّئلة
ـ سوف تموتينّ يـا ماريّ قبّل أن تطـأّ قدّميكّ القّصر ، و قبـّل أن يّقترن إسمكّ بنايتّ لنّ تري نـّور هـذّه العـائلة أبدا و لن تحضي بنفوذي أبدا ، سـأحرّص
على جعلكّ أشلاء
/



 

رد مع اقتباس
قديم 03-09-2020, 11:12 PM   #2
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي





شـآبتر السـآبع عـّشر
ـ غـّريبة كيّفية الخّلاص ـ


بمغيب الشمس الهادئ و اضمحلال النهار تدريجيا .. شعت ابتسامتها بسعادة غريبة و قد خلى ضميرها من أي تأنيب ،
فـرفعت كـأس النبيذ عاليا بفخر عجيب مقيمة حفلة وداع أخيرة برفقة زوجها لحصـولهما على جميع نفوذ عائلة لبير
العظيم لهما و لوحدهما و فقط لهما بـعد رحيل الشخص الوحيد الذي كان مـعرقلا لهدفهما ، همست إليزابيث بنبرة ساخرة
ـ على الـرغم من أن نايت لم يكن أبدا هـدفي لكن من الجيد ضرب عصفورين بحجر واحد أليس كذلك عـزيزي ؟
رمقته من خلف رموشها الطويلة بنظرتها الجذابة الساحرة و قد شـغلته ملامحها الجميلة عن أي شيء آخر فأومـأ بهدوء
موافقا إياها ، اقترب منها ببطء عندما و فجـأة قد دق باب جناحهما ، فسارعت إليزابيث بدفع النبيذ جانبا و رفع كايل ملفا كان
مرميا بجانبه لكي يتظاهر بقراءته فيجب أن لا يشك أحد بهما ، ليدخل الجد بيتر و علامات الاستفسار قد ملأت وجهه فقال باستنكار
ـ أيـعلم أحدكم أين من المعقول قد يكون نايت ؟ فرئيس الحرس فرانسوا لم يسمح له بمرافقته أتظنون أن مكروها قد أصابه ؟
زفرت إليزابيث بغيض بينما قال كايل مكشرا عن أسنانه و قد ضاق به الكيل من نايت فحتى بـعد موته هو يرفض تركه ، إنه الآن
لشديد السـعادة لقتله ،
ـ و لمـا قـد نـعلم أين يكون ؟ كم مرة أخبرتك أن نايت يعـمل وحيدا و خير دليل هو فصخه لعقدنا مع شركة جونسون بفرنسا دون أن يستشير
أي أحد منا
قطب الجد بأسى ، إن كايل محق فحتى لو كـان الخطأ من طرف شركة جونسون فهو لا يحق له فعل أي شيء بدون استشارته ، أومـأ برأسه
إيجابا و قد بدى متـضايقا فعلا من تصرفات نايت الغير مفهومة ليعود إلى جناحه مفكرا بعمق ، و في حين لحظة خروجه تنهدت إليزابيث بكره
و هي تتحدث بكل برود
ـ كان يجب علينا قتله هو أولا
ضحك كايل بـقوة على عبوس وجهها ، فعلا للأسف فهما لا يستطيعان فعل شيء له فجميع الخدم مخلصون له و هو محاط بحراسه طوال الوقت
لذا قتله لن يكون سهلا لكن ليس مستحيلا فقال بمكر
ـ دعي حادثة نهاية نايت تنتهي كي لا توجه أصابع الاتهام لنا ثم ربما بعد سنة سنقتله أو أقل لنرتاح من وجـوده
وافقته فورا و أخرجت الزجاجة لتضعها على الطاولة بينما شغل كايل مسجل الأغاني فوقفت إليزابيث ليمد كايل يده ناحيتها ، شد أصابعه على
خصرها النحيف بكل رقة في ين وضعت هي رأسها على كتفه و أنغام الأغنية الهادئة تنساب شيئا فشيئا إلى قلوبهما مصاحبة بنشوة الانتصار ،
غـريب كيف طغت هذه الموسيقى على قلوبهم بكل سهولة في حين قتل فرد من أسرتهم لم يجعل عين تدمع أو أسى يلمح حتى لو لفترة بسيطة
من الزمن فـأغلقت إليزابيث عينيها العسليتين ببطء منسـجمة مع خـطواتها السـلسة في الرقص ، حدق بها كايل بهدوء ثم أشاح نظراته إلى
الشـرفة و قد كان وجهه حينها خـاليا من أي تعبير

~.~.~

بـعد أن قـام ويليام أخيـرا بكـتابة أغنيته الموعودةّ ذهب مسـرعا لزيـارة مدير أعماله و لم تستطع رؤيته منذ ذلك الحين ، كـانت تقف أمام شـقة
ماري حاملة المفتاح و عينيها متجهتين إلى حيث يعيش ويليام ، رفعت حاجبها باستغراب و هي تميل رأسها واضعة يدها على قلبها
ـ إنها المرة الأولى التي ينتابني فيها هذا الإحساس ،
فجـأة دخل آرثر المبنى حـاملا أكياسا بين يديه و يضع السماعات في أذنه ، كان يبدوا غـير مباليا فرمقته فلور باستنكار ، أين ذهب كرهها
الشديد له ؟ و ماذا عن مزاجها المتعكر دوما ؟ ثم لما تشعر بخيبة الأمل ؟ .. نـظرت جيدا إلى آرثر الذي تجاهلها كعادته ثم صاحت برعب و هي
تستند على ركبتيها مبعثرة خصلات شعرها الأصهب
ـ يـا إلهي إنني أنتـظره ، لابد أنني جننت بحق
بينما تـوقف آرثر أمامها مستنكرا حركاتها المجنونة ، أخـرج من إحدى الأكياس عـلبة مثـلجات صغيرة و قدمها إلى فـلور ، قـال بـبرود
ـ يبدوا أن زواج أختك القريب قد أثر عليك كثيرا خصوصا و أنت لديك عقدة الأخوة لذلك سـوف أعطيك هذه ،
أمسكت فلور العلبة بصدمة ، إنها نكتها المفضلة فراولة ..عادت تنـظر إليه و هو يضع يده على شعره بقليل من الإحراج و عـزة النفـس،
ـ لا تفهميني خطـأ فـأنا لا أريد أن أكون صديقك أو شيء من هذا القبيل ، أنا فقط أريد أن أكون صفحة جديدة معك
زمت شفتيها بعبوس واضح للعيان لكنها لم تعد العلبة بل أخذتها معها و هي تفتح الباب بـكل عصبية ، صـاحت بـصوت حاد محتقن الغضب
ـ غبي ، لا تظن أنني سـأعجب بك الآن
ثم أغلقت الباب خلفها بكل قوة خيل له أن جميع من في حي سمعها ، بقي يحدق في المكان الذي كانت جالسة به بيـأس ، كانت تبدوا وديعة
و لطيفة جدا أما الآن فقد عـادت فلور الشرسة و العتيدة ، يا ليته لم يعطها العلبة لكان استمع قليلا برؤية ملامحها المضطربة ،
هز كتفيه بعدم اهتمام ثم قـال ببرود
ـ ليس كما لو كـأنني أحبك يـا غبية ، المرة القادمة سـأخبرها أن تعطيني ثمن العلبة المثلجات تلك ناكرة الجميل
إتجه إلى شقته ببطء مفـكرا ، بـعد أن طرده والده صـار يعرف من أصدقائـه الفعليين و الذين يعـادلون الصفر حاليا و صـار يـعلم أيضا مدى
صعوبة العيش ، كيف أن يجني النقود بعرق جبينه ، شغل التلفاز ببرود لتـظهر صـورة رئيس شركة جونسون و نسبة انخفاض أسهمها الضخمة
التي تقدر بالملايين ، ثم كتب بـخط عـريض هجوم من قبل شركة لبير لتـظهر صورة آخرى تخص نايت ، أنف مسلول و شعر كحلي لامع غطى
على معظم ملامحه ، عينين داكنتين حادتين خـطرتين ، في منتهى الجاذبية و بغاية الوسامة ، شـرب آرثر قليل من المياه و هو يقول بسخرية
ـ لا يـزال مصدر الإشـاعات
انسلت لذاكرته لمحة صغيرة ، عنـدما كان بالثانوية في السنة الأخيرة إلتقى بكلا الشـابين كايل و نايت و ويليام، لكن و بالرغم من ذلك كان هم الأربعة
الأكثر شهرة و بالـرغم من أنهم لم يقوموا بمحادثة فعلية مع بعضهم البعض إلا أنهم كانوا يعلمون تماما من يكون الآخر ، كـايل لاعب البيسبول الشهير ذو
صيته الخاص بين النساء ، ابن خالته نايت الذي بالرغم من كونه التحق في السنة الثانية إلا أنه سرعان ما أصبح مشهورا أيضا عـبقري نال الدكتوراه
في الأعمال بسن الخامسة عشر و عاد من بريطانيا فقط بطلب من جده ذلك الوقت ، ويـليام سجل في المدرسة بالسنة الأخيرة كان رفيق نايت المخلص ذو
صـوت مدهش و مظهر جـذاب ،
قطب ببـرود و أمـال رأسه للخلف نـاظرا إلى السقف ، الكل قد صنـع دربه بنفسه إلا هو لما لم يفكر بذلك قبلا ؟ كل كان المال فعلا يعمي عينيه عن الحقيقة ؟
حقيقة أنه اعتمد على والده طوال فترة عيشه ، همس بخفوت
ـ لو أنني درست قليلا لكانت لي شركتي الخاصة
فجـأة رن هاتفه فتنهد بضجر ، إنه يعلم تماما من المتصل فبعد طرد والده له لم يـعد أحد يريده سوى أخته كلير أو والدته ، رفـعه إلى مستوى نظره و قد
صدق حدسه فهاهو إسم كلير و صورتها تعلوا الشاشة بأكملها ، أجاب بصوت بارد
ـ مرحبا ،
بـعد فترة كان يجلسان كلاهما في إحدى المقاهي الموجودة بالحي يشربان قهوتهما بغيض و غبن ، فكلاهما حتى الآن لم يريا ماري و كـأنها تجاهلت
تحذيرهما و هذا يثير غضبهما ، أن يكون المرء بلا نقود أمر صعب فعلا ، تحدث آرثر
ـ آه لقد نسيت أن أخبـرك ، فـلور تعيش بنفس المبنى الذي انتقلت إليه
شهقت كلير برعب و إلتفتت حولها لتنظر إلى ذلك المبنى الذي يقصده آرثر بريبة و قليل من الخـوف ، همست له بـنبرة متوترة مرتبكة
ـ لا تقل أنها لا زالت تـطاردك ؟
أومـأ بالنفي و قد تذكر ويليام جاره أيضـاّ ، فخلال فترة عيشه البسيطة هنا وجد أن و حول هـذين الاثنين شيء غريب فهما يمضيان الكثير من
الوقت معا ، و بمعرفته الجيدة لفلور فهي لا تستطيع أبدا الإنسجام مع الشباب ، هـز رأسه نافيا هذه الأفكار من باله فيجب عليه أن يركز
في كيفية جمع المال بهذه الفترة ، قـال بعمق
ـ ربما يجدر بنا الذهاب إلى نايت و إطلاعه على أسرار خطيبته العـفيفة ؟ لا لن ينفع هذا فذلك الرجل شخص خبيث و شيطان ماكر ما إن نسلمه
ما بحوزتنا حتى ينهي حياتنا
نـظرت إليه كلير بملل شديد و أجـابته
ـ و هـا نحن نعود إلى نفس النقطة ماري ، إنها الهدف الأضعف من بينهم لذا يجدر بنا فقط استدراجها هي فقط هـذا أفضل لكي نحافظ على
أرواحنا و كي لا نعبث مع أفراد لبير ، هم خطيرون بما فيه كفاية
توقفت سيارة سوداء طويلة أمام المقهى لينزل منها ويليام بابتسامته الدائمة ، برفقته رجل يرتدي بذلة سوداء ضخم الجثـة ، نـظر
إليه بهدوء ثم ابتسم مرحبا و هو يتقدم منه
ـ أوه يالها من مصادفة جميلة ، آرثر أليس كذلك ؟
أراد آرثر أن يتجاهله فهو يجذب الكثير من الانتباه كما أنه يثير أعصابه نوعا ما لولا أن كلير قد ضربته في كوعه بعصبية ، فقطب ثم
رسم على شفتيه ابتسامة ساخرة قائلا
ـ مرحبا يا صاح ، لا أراك برفقة فـلور ؟
قهقه ويليام و قد تذكر ملامح فلور العصبية و شتائمها النارية ، ألقى التحية على كلير بينما لا يزال ذلك الرجل واقفا خلفه منتـظرا إنهائه
لحديه فتحدث بنبرة مرحة
ـ لا أظن أنها ستقبل الخروج معي بعد ذلك اليوم ، بالمناسبة من هاته المرأة الجميلة ؟ لما لا تعرفنا عليها ؟
وضع الرجل يده على قميص ويليام من الخلف بـبرود ثم سحبه ليقف على قدميه و قد اتضح في النهاية أنه فـرانسوا ، اليد اليـمنى لنايت ..
إنخفض فرانسوا و تحدث بخفوت مع ويليام لثواني فابتسم الأخير و أشـار عليه بإرتباك
ـ هذا فرانسوا ، إنه ممتع إن أراد ذلك لكن الآن مزاجه معكر بعض الشيء لذلك أرجوا أن تـعذرونا على تطفلنا ، أراك لاحقا آرثر .. آنستي
عاد يتحدث مع فرانسوا بخفوت و سار الاثنين مبتعدين تدريجيا عنهما ، بينما رمقه آرثر بحقد فـهذا المدعو بويليام شخص مثير لريبة ، ما الذي
يفعله برفقة ذلك الرجل ؟ و ماذا عن فلور ؟ فهي لم تكن أبدا نوعه الخاص من النساء ، يبدوا أن هناك شيء يدور حول عائلة روبرت و نايت
أيضا ويليام معني بالأمر لأنه صديقه لكن ما هـذا الشيء الذي يدفع العبقري لتحرك ؟

~.~.~

سـكون فضيـع و هدوء ، تهب نسمات الرياح في كل اتجاه حاملة برفقتها صوت ذلك الأنين الخافت المتـألم الذي يصدر من تلك البقعة
الصغيرة فاقترب بفضول ليرى إمرأة ربما ببداية الأربعينات تبكي و قد وضعت ورودا حمراء شديدة الجمال على ذلك القبر ، فابتسم و
هو يقف بجانبها قـائلا بكل لطف ـ كنت أتساءل متى قد تظهرين سيليا
رفعت سيليا إمرأة في غاية البساطة و بمنتهى الرقة نظرها إلى روي صديقها فيما مضى ، عينين عسليتين زجاجيتين تعكسان مدى ألمها و
شعر بني ناعم مع شفتين ورديتين صغيرتين ، ابتسمت بحزن ثم أجابته بنبرة متحشرجة
ـ هل لي بمكان غيره يا روي ؟
جلس بجانبها مستندا على ركبتيه و وضع هو الأخر ورود بيضاء اللون شديدة الصـفاء ، ثم رسم على وجهه ملامح حزينة وحيدة لتذكره رحيل
صديقه ، تحدث بمرح متـألم
ـ لم يـعلم يوما كيف يبقي أحباءه حوله ، على كل حال ماهية أخبارك سيليا ؟ لم تردني أية رسالة منك
لم تجبه بل اكتفت بصمت موحش و قد أبت شفاهها بقول أنها بخير بعد موته ، كيف تكون بخير و قد رحل حب حياتها عن هذه الدنيا قبل أن تستطيع
عينيها رؤيته ، قبل أن تقول له أنها تحبه للمرة الأخيرة ، فضحك روي فجـأة محاولا سحب هذا الجو التعيس بعيدا عنهما و أكمل حديثه بينما الذكريات
تنهل عليه من جميع الجوانب
ـ أتذكرين يا سيليا يوم راهن الجميع بـأنك و أنت وحدك فقط قادرة على كسب قلب هذا العتيد الغبي ؟
ـ كنت ساذجة حينها ، لم أدرك أن المحبة لا تفرض يـا روي فقد أخبرتكم أنني قادرة على جعله يقع في غرامي لكن أنا من وقعت في عشقه فهيامه
فصار كل شيء بالنسبة لي
هز روي كتفيه فليس بيدهم حيلة ، ثم قال بخفوت
ـ عند أيامه الأخيرة كان لا ينفك لسانه ذكر اسمك فخلته يهذي و لم أفهم أنه و أخيرا قد زرع حبك في قلبه لم تذهب محاولاتك سدى
ـ بعد فوات الأوان بعد أن تحطم كل شيء
تنهد ثم أخرج من جيب سترته البنية هاتفه و وضعه أما سيليا فنظرت إليه مستفسرة ، أمسكه مجددا بغيض و أراها صـورا عـديدة لجوناثان لم
يكن مبتسما في معظمها كذلك فـلور محاولا إبهاجها فابتسمت أخيرا بلطف ، ليتحدث روي بمرح
ـ ألن تسـأليني عن أبنتيك ؟
لم تجبه ، بل لم تستطع إيجاد الشـجاعة لقول نعم لأنه بكل بساطة لم يعد لديها الحق بالسؤال عنهما عندما قررت تركهما في رعاية والدهما ،
عندما قررت ترك جوناثان بالرغم من حبها الكبير له ، هي فقدت القدرة على التدخل في شؤونهما ،
عندما لمح روي ملامحها المترددة شعر بالغضب ، طريقتهما في إظهار حبهما لأبنائهم فعلا غريبة ، فصـاح بنبرة عـالية حادة
ـ سيليا كفي الرثاء عن حالك رجـاء و أنظري إلى ابنتيك و لو قليلا ، انصحيهما .. أخبريهم بمدى حبك لهن ، لا تكتفي بقلق فقط و النظر من
بعد كما لو كـأنك ارتكبت جريمة لا تغتفر ، بحق الله لما أنتم أفراد روبرت بهذا السخف ؟ جوناثان ، فلورا و أنت أيضا ؟
رمشت بدهشة و هي تراقب وجهه المحمر من الغضب و نبرته الحادة ، فلم يسبق لروي أن حدثها بهذه الطريقة إلا عندما قررت الرحيل و ترك
عائلتها ، عـاد يتكلم بعصبية
ـ تبا سيليا لقد حاول جوناثان إيقاف ماري من إرتكاب غلطة عظيمة بحياتها لكنه لم ينجح فهي لا تـزال تسير على خطى مليئة بالأشواك
نظرت إليه بإستغراب مستنكرة قوله ، ماري ؟ أيتحدث عن ماري ؟ طفلتها المطيعة التي دوما ما تنفذ أوامر الغير بدون تردد رفضت الانصياع
لرغبة والدها ؟ لو أنه قال فلور لكان الأمر معقولا لكن ماري ؟ قـالت بـتوتر
ـ ما الذي تتحدث عنه ؟
رمقها بأسى ، إن كانت بهذا القلق فلما لا تزورهما ؟ فتحدث بنبرة هادئة خافتة
ـ ماري سوف تتزوج من نايت لبير ، إبن سكارليت
فتحت عينيها على أقصى اتساعهما و وقفت بصدمة ، ماري سوف تتزوج من ابن سكارليت ؟ بينما أخذ روي هاتفه الذي قد سقط على الأرض
ثم استدار راحلا قـائلا ببرود
ـ لقد فات الآوان بنسبة لك أيضا لإنقـاذها ، ابنتكما و إبنها قد اجتمعا في النهاية فما الذي أنت قادرة على فعله الآن ؟

~.~.~

كان موعد عودة فلور من عملها فهاهي ترتقي السلالم بتعب حاملة بين يديها كيسا من مـأكولات جاهزة التحضير و شيكولاته لأختها الصغرى فلابد
أنها قد عـادت ، أخرجت المفتاح من حقيبتها البنية و رفعت عينيها لتـجد ذلك الشاب الذي يقف على مقربة منها ، ذو شعر بني تتخلله خصلات رمادية
حاملا غيتارا ، أمالت فلور رأسها قليلا بإستغراب ثم قـالت بإستغراب
ـ أتبحث عن ويليام يا سيد ؟
نظر إليها أوسكار بعينين ساخرتين رامقا إياها من أسفل قدميها إلى أعلى رأسها فنبرتها و ملابسها لا توحي أبدا بـأنها قد تكون من رفيقات ويليام
العديدات فهل أصبح ذوقه في النساء منعدما أم ماذا ؟ أجابها بنبرة متعالية مغرورة
ـ و أيعقل أنك تعلمين أين يكون يـا .. آنسة ؟
زمت فلور شفتيها بإنزعاج لقد ظنت أنه سيكون مثل ويليام لبقا في التعامل و لطيفا لكن مما يبدوا فهو مغـرور و لو علمت بكبريائه لما تجرأت بالحديث معه
، لذلك رفعت حاجبها باستنكار و هي تضع كلتا يديها على خصرها بجرأة و تحدي ، قـالت بلهجة حادة
ـ أجل أنا جارته فلورا روبرت ، ماذا بك ترمقني باستصغار هكذا كـأنني لم أنل إعجابك لأنني لم أطلبه في الحقيقة
شحب وجه أوسكار من الصدمة و انفلت من لسانه ما بدى كشتيمة من الدرجة الأولى مما جعل فلور تدهش من ألفاظه فرفعت أكمامها بقليل من
الاستعداد و هي تقول بنبرة غاضبة
ـ ويليام مشغول خلال هذه الفترة و قد لا يكون قادرا على مقابلتك لذا أترك له ملاحظة على ورقة و إرمها من أسفل الباب يا أحمق
تلعثم للحظات غير قادر على إيجاد شيء يصف به هذه المـرأة ، إنها كالمدفع .. ترمي ما بجعبتها دون أي إهتمام للآخرين ، حين استعاد هدوءه تحدث
ـ لست أنا من يحدد مواعيد للقاء الناس بل العكس تماما ،على آية حـال أخبريه أن مدير قد رفـض فصل العقد و أيضا أغنيته ، أخبريه أيضا أنني أنا
شخصيا أوسكار قد أتيت للعمل معه على ألبومنا الجديد
شهقت فلور بصدمة و سارعت برمي كيسها أرضا لتمسك أوسكار من ياقته بـعنف ، صـاحت بغضب
ـ لما ؟ إنها أغنية جيدة و كلمات من أفضل ما يكون كما أنها تمس القلب قبل الأذن فلما لم يقبلها مدير ؟
نزع قميصه من بين يديها بحدة و إستدار مغادرا بينما بقيت هي واقفة بدهشة فيّ مكانها غير قادرة على تصديق أنهم رفضوا أغنية ويليام ، لما ؟
لما بالرغم من أنها كانت رائعة ؟ أليس هذا ظلما ؟ ماذا عن ويليام ؟ لقد كان سعيدا جدا بإنهائه إياها بعد شهور من التعب و العمل ، لقد كان سـعيدا

~.~.~

كان منظرهما يجذب الانتباه ، رجلين طويلا القامة أحدهم شديد الجاذبية و الآخر شديد الضخـامة حيث بدا على كلاهما الجدية و التصميم ، في تلك
الطـاولة المعزولة بذلك المـطعم الهـادئ ، تحدث فـرانسوا بنبرة رخيمة عملية للغاية
ـ أعذرني على طلب رؤيتك المفاجئ هـكذا سيد دويل ،
أومـأ ويليام بهدوء ،الجميع يعلم أنه هو صديق نايت الوحيد و عاداه فلا أحد يهتم بـه إذ أن نايت ليس بذلك الشخص المحبوب لا من قبل أفراد أسرته
أو زمـلائه في العمل فـقال هو أيضا بملامح جدية خـالية من أية تعبير
ـ أخبرني فرانسوا ، ماهو الـظرف الطارئ الذي استدعى رؤيتي فـقد بدأت تثير الرعب بي
تنهد فرانسوا بألم و أخرج من حقيبته صورا ثم نشرها بكل ترتيب على الطاولة حسب التوقيت الظاهر أسفل كل صورة ، وضع أصبعه على صورة
محددة ليرى ويليام سيارة سوداء مضللة مركونة في أسفل المبنى و التاريخ يشير إلى البارحة ، قطب حاجبيه بعدم استيعاب و قال
ـ ما الأمر ؟
أمسك فرانسوا صورة أخرى لنايت و ماري كلاهما يقفان أمام سيارته و تبدوا على ماري ملامح الإستياء بينما توجد آثار لتلك السيارة خلفهما ،
همس بهدوء مخيف
ـ لآن سيد نايت يرفض أن نتـدخل نحن الحرس في خصوصيته فـأنا قد وضعت جهاز تعقب بهاتفه دون علمه و ذلك لكثرة أعدائه
شهق ويليام بذعر ، لو أن نايت يعلم أن تحركاته مراقبة من قبل فرانسوا لسوف يقوم بعدمه دون تردد غير آبه بأسبابه حتى لو كـانت لصالحه ،
لكن هذا ليس مهما الآن فـأشار له أن يكمل حديثه بينما هو يربط الخيوط ببعضها البعض
ـ قبل يومين بحدود الساعة السابعة و النصف مساءا انقطعت الإشارة فحاولت الإتصال بسيدي لكنه لم يجب و بحثت عنه في كل مكان اعتاد الذهاب
إليه و لم أجده و قد كان آملي الوحيد أن يكون برفقتك لكن
شحب وجه ويليام و وضع يده على رأسه غير مصدق لما يحدث من حوله و قد اتضحت أخيرا الأحداث ، لقد كان مشـغولا جدا بـأغنيته الجديدة و لم
يـعطي نايت أي أهمية فقد أتى له ليتحدث معه لكنه طرده ، لكن أن يصل الأمر لمؤامرة تحاك لقتله ؟ أهذا معقول ؟ فـأكمل فرانسوا بتردد
ـ بـعد أن عجزت عن إيجاده قررت القيام ببحث صغير فالتقطت هذه الصور عبر القمر الصناعي و وجدت أن هـذه السيارة كانت تتبع سيدي بخفاء ،
لا أعلم فعلا كيف لم يلحظها بالرغم من أنه يدقق في أصغر الأمور
زّفر وّيليامّ بـّغيّض ثمّ قـّال بكّل غّضب
ـ سحقا ، أنه ذنبي فلم يكن علي أبدا أن أجبره على الخـروج مادام بتلك الحالة ، تبا و الآن كيف نجده ؟ لما تنفك أشياء كهذه تحدث له ؟
هل من المعقول أنه قد اختطف ؟
ظهر توتر على وجه فرانسوا و قد كان ذلك واضحا من خلال نظراته التي تتجول في الأرجاء دون أن تركز على شيء ، قـال بتردد
ـ أنا فعلا لا أظن أن أحدا سيجرؤ على اختطاف نايت فالعالم أجمعه يعلم أن نايت وحيد نفسه و لن يتهم أحد بحياته أو بموته لكن جميع
شكوكي تدور بإتجاه شركة جونسون أظنهم يحاولون الإنتقام أو رد دين لما فعله لهم سيدي
جمع ويليام تلك الصـور و وضعهما بملفها الخاص ثم قال بهدوء متمالكا أعصابه ،
ـ فـرانسوا نحن وحيدين فـي هـذا لذلك حـاول تغطية على نايت و إن سـألك أي أحد عنه قل أنه بـرفقتي و دعنا نبحث عنه و عن ماري
وقّف فـرانسوا ثمّ انحنى بّلبّاقة و غـّادّر بينمّا بقى ويّليامّ هنـاكّ تـّراوده أفكـّار سّوداءّ و موحّشة عنّ فقدّان صدّيقه الوحيدّ و خطّيبته


 

رد مع اقتباس
قديم 03-09-2020, 11:12 PM   #3
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي





مصائب كثيرة و متاعب أليمة تـأتي مع أخيلة الليل و سرعان ما تضمحل بمجيء الصباح حين فصل الموت أعناقهم تـرأفا بشبابهما الموعود ،
مدت يدها إلى الأمام تـريد أن تقبض بـأصابعها المتوجعة يده الباردة و قد تصاعد الدم من شفتيه الأرجوانيتين فجمدت أجفانه و قد خيـل لها
أن ملاك الموت قد نـاله فـزحفت و الدموع تـراود مقلتيها و الخوف يسحق قلبها
وضعت أناملها المجروحة على وجهه الشفاف الشاحب بـأمل وحيـد و أوحد في نجاته ثم صـاحت بصوت يحاكي رنين أوتار الفضية ،
صد نزلت دمعة محرقـة استقطرتها شفقة من أجفانها على حالهم متذكرة أحداث البارحة
اقترب بسرعة منها و أحتضنها بين أضلعه ليجعل لها مـأوى ، كيف تمسك بها رافضا تركها بينما هما يسقطان من تلك السيارة إلى أسفل
المنـحدر ، كيف تدحرج على الأرض بين تلك الصخور الصـلبة لافظا آخر آنفاسه ، كيف سحبها من وسط ذلك الحطـام و الدم شق طريقه من فمه ،
كيف ابتسم بألم في النهاية
تحاملت على ألامها و جلست بجانبه ، بالرغم من أنه يكرهها إلا أنه فضل حياتها على حياته ، من خلف قميصه الممزق رأت صدره المائل للازرقاق
فـأطلقت صيحة موجوعة و قد فقدت آخر قطرة آمل في نجاته، بكت و هي تضـع رأسها على صدره بقلة حيلة محتضنة إياه ، لقد أحبته .. لقدّ كآن
آول شـآب نبضّ قلبها بجنون في حضوره ، تـراه عينيها من بين الجموع الغفيرة وحـده فقط ، لكن الآن و قد فاضت روحه ما الذي تبقى لها لتفعله ؟
حينها بمعجزة فتح عينيه الداكنتين كـآنتا تشبهان السماء عند أحلك لحـظاتها ظلما و قد شحب لونهما لكن بهما من نبض الحياة ما يكفي لبقائه
على هذه الأرض مقاتلا ، عم سكون لم يتجـرأ على خرقه سوى بكاء ماري المرير على صدره ، فجمـع ما يكفيه من قوه ليتحدث بنغمة صوت
رخيمة و لفظات متلاحقة
ـ مـاري أبعدي جسمك المترهل عنيّ
نظرت إليه غير مصدقة ثم رمت نفسها بقوة عليه لتحتضنه بين ذراعيها ، تغدقه بالامتنان و الشكر لنجاته و صوت بكاءه قد شع كرنين الصدى في
ذلك المكان الموحش فكح بـألم و بالرغم من محاولته العديدة لفك يديها عنه إلا أنه لم يستطع ، عندها استسلم و ترك يده تستقر بكل لطف على
ظهرها ، فقـال بهدوء
ـ ماري
أمسكت بوجهه الممتلئ بشتى الخدوش لتنظر إليه ثم عادت لتحضنه مجددا و بغصص موجعة تقطع ألفاظها ردتّ عليه
ـ لقد ظننتك ميتا ، يـا إلهي كم أشكرك
رمقها بنظراته الباردة فابتعدت عنه و رفعت يده لتضعها بحجرها رافضة تركه بـأية طريقة كانت ، كـأنها لا زالت غير مصدقة أنهما قد نجيا من
موت عنيف بينما تحامل هو الآخر على نفسه و اعتدل في جلسته ليتـأوه ممسكا بصدره ، قـال بنبرة حاقدة و قد ظهرت نظرة الكبرياء و الانتقام
لتعلو ملامحه الشاحبة
ـ ستدفع ثمن هـذا أضعـافا
صاحت بقلق
ـ ماذا ؟ نايت هذا ليس وقت التفكير في الانتقام فـأنت بالكاد تستطيع الجلوس و قدمك مصابة أيضا ، لن نحصل على المساعد بهذه الطريقة
بالرغم من أنه يرفض الإعتراف بهذا لكنه لن يخطوا إلا خطوتين و سيخر ساقطا على ركبتيه هذا بغير وجودهم في أسفل المنحدر و الوصول إلى
الطريق العام يتطلب وقتا كما أنه يشعر بحمى شديدة تجتاح كيـانه تحثه على ترك كل شيء ، نظر بعينين واهنتين إلى ماري قلقها لم يجعلها تلحظ
إصاباتها الخـطيرة و المتفـاوتة لكنها أفضل حـالا منه ، فـأجابها بهدوء
ـ اذهبي للحصـول على المساعدة و أنا سـأبقى هنا
أومـأت نفيا و فكرة التخلي عنه قد أرعبتها ، فرمقها بحدة و قد باتت أعصابه بالفوران كم يغضبه موقفه هـذا .. أن يكون عاجزا في لحـظة التي يحتاجه
الغير و أنّ لا يّستطيعّ حمايتهاّ ، تلكّ الوحيدّة التيّ رضّت بكل بلاهةّ أن تقفّ معه ،و كون أحد تجـرأ على العبث معه و محـاولة قتله لهذا يدفعه للجنون ،
همس نبرة آمرة غير قابلة لنقاش
ـ لا يمكنك قول لا
نظرت إليه بعينيها الواسعتين و الدامعتين مترجية إياه أن يتركها بجانبه على الأقل حتى تطمـئن عليه ، بينما دماء قد جفت على جبهتها في حين أن
قدمها ملتوية و فستانها قد أصبح كخرقة بالية اضمحلت به دمائها ، استسلمت مسرعة لكبريائه الشديد و تحدثت بدون وعي لما تقوله
ـ لكن نايت ، ألا يمكننا الذهاب معا ؟ هكذا سأطمئن عليك ، أنا لا أريد أن أجرب شعور فقدانك مجددا
رفع حاجبه ثم سحب يده من حضنها ببرود ، إن أضلعه تـألمه لكن يستطيع البقاء حيا لحين عودتها فكل ما أوقده من سباته هو صوتها المـزعج
الباكي ليكشر عن ملامحه ، و قد احتدت عينيه بشكل خطير ، فرد بنبرة رخيمة غامضة
ـ أحدهم حاول قتلنا و قد نجونا لذا تركي في أرض جافة لن يقتلني ، غادري من أمامي فقد سئمت فعلا من رؤية وجهك و أريد أن أرتاح
ثم عاد ليستلقي ببرود و قد وضع تلك الصخرة كوسادة له فرمشت ماري بعينيها مرارا و تكرارا قبل أن تقف بتصميم ، يجب عليها الذهاب فهذا ما
تستطيع فعله الآن ، قالت بقلق
ـ سوف أعود قريبا نايت لذلك لا تنم
أشار بإصبعه على اتجاه الذي من المفترض أن تذهب به ، ترددت قـليلا فجلست مجددا و وضعت يدها على شعره الحريري الأملس فاستدار
بقليل من الغضب ليندهش عندما وجدها تبتسم له بكل لطف بينما جسدها بـأكمله يرتجف خوفا
ـ أنا بكل تـأكيد سـأعود ، إنتظرني أرجوك
عادت تقف و سارعت بالركض ، قد نست ألامها فيجب عليها أن تسرع قبل أن تفقده حقا ، حين توقفت فجـأة و نظرت إلى الخلف حيث كان نايت
مستلقيا على الأرض بقلة حيلة يضع يده على صدره و يتنفس بكل صعوبة ، إنها فعلا تـرغب في البقاء بجانبه فهي لا تملك القوة إلا بحضوره ،
لكن الآن عليها أن تتشجع من أجلهما معا

~.ْْ~.~

في غرفة مليئة برجال عدة يبدون أنهم من الحرس الخاص يحملون خلف ستراتهم مسدسات كاتمة لصوت يترأسهم ذلك الرجل ضخم الجثة
و عينيه الخضراوتين تراقبان ساسة الحاسوب الكبير بكل عملية و تفكير ، إنه مستعد لفعل أي شيء لإسترجاع سيده حتى لو عنى ذلك إقتحام
شركة جونسون و قتل رئيسهم أمام أعين الملأ
أشـّار على بـّقعة مـّا فتّم تّقـّريبّ الصـّورة ، نـظّر إلى رقّم السيـّارة بـعدّهّا اتصل بّشبّكة مـّراقّبة السيـّاراتّ و الطـّرقّات ثمّ بـدأّ بـّمـّراقبةّ الـمكـّانّ
من جديدّ لـّعله يلمّح سّيارة نّايت من بينّ هـذّه الـزحمـّة و أينّ بالضبطّ كـّانت وجـهته بجـّانبهّ يجّلس ويّليامّ و عينيهّ قدّ أغدّقتا بالقّلقّ ، لّيس مجددّا
.. لنّ يسـّامحّ نفسه إنّ حدّث لهمّا مـكّروهّ ، شتمّ بـغّضب ثمّ زفّر فقـّال فّرانسوا بـّهدوء
ـ سيدّ ويّليامّ ، لمّ يتبقى على الـزّفافّ سوى أربـّعة أيّام ما الذّي يجّب عليناّ فعله ما إنّ لمّ يـظهر سيدّي ؟
لمّ يـّعلمّ تمامّا ما الذّي يستوجّب عليهّ فـّعله فـّكلا العـّروسين فيّ عدادّ المفقودينّ كما أنه يبدواّ أن الأمر قدّ خططّ له بـّعنايةّ لذاّ ماهيّ
الخـطوة الصحيحّة ؟
فـّعلا لا يـّعلم ما قدّ يفعلّّ فهذا ليسّ اختصاصه ، لكنهّ قـّال بـّهدوء
ـ نحنّ لنّ نقومّ بإلغائه إلاّ باللحـظة الأخيرة دّعنّا ننتظّرهماّ قّليلّا ، فّرانسواّ راّقبّ تحـّركّاتّ رئيسّ جونسونّ و أعّلم ما الذي كّان يفعله خّلال
ثـلاثة أيامّ المـّاضية إن كانّ قدّ سّافر تحتّ اسم مستعـّار إلى لندنّ ،
أومـّأ فـّرانسوّا بالإيجاب و أمـّر الآخرين بتنفيذّ تعليمـّات ويّليام ، فّي حيّن قدّ وقفّ هو و قـّال متـحدّثا بنبرة رخيمة
ـ سـأحـّاول أناّ أنّ أجهـّز لحّفلة الـزفافّ بهـذّه الأثناء
رمقـّه فرانسوا بـّبرودّ ، ثمّ أخرجّ مفـّكرة رّقمية منّ سّترتهّ و وضـّعها بين يدّي ويّليّام لّيقولّ بـهدوء و جديّة
ـ هـذّه هي الأغراض الناقصة ،
تنهـدّ وّيليامّ و خّرجّ مصّمما على جـعّل فلورا تهتمّ بهـذّه الأشيّاء معهّ فهو لا يمّلك أدنى فكّرة منّ أينّ يبدأ أو كيّف يبدأ لذّا الحّصول على مسـّاعدّتهّا
لأمّر مـطّلوب ، أيّضا فكّرة موّت نايتّ تثّقل كّاهله ، يّا ترى هل هو بّخير الآن ؟
عندّ خروجّه من تلكّ الـّغرفة فيّ تلكّ الشركة العّملاقة لعـّائلة لبيّر الشهيرة ، كـانّ يّسير بكّل ثّقة و جـاذّبيتهّ قدّ طـّغت فيّ كلّ مكـّان لتمّس قّلوّب
الموظّفاتّ بينمّا يبدوا بّاله مّشغـّولاّ ، و كّل أصّابّعّ تّشـّار إليه على أنهّ صدّيق رئيسهمّ الوحيـدّ وّيليـّام دوّيـّل ،
حّين رآه كـّايلّ عندّما كاّن يمّر كعادّته جّولة تفحصيه ، رمقّه بسخّرية و استندّ على الجـدّار الذّي خلفه مـّراقّبا إيّـاه ، لابدّ أنهّ قدّ عـلمّ و بحّلولّ هـذّا
الوقتّ أنّ نايتّ قدّ اختفى أو بالأحرى تّوفيّ و هو يحـّاول الآن إيجـادّ طّريقة لكّي يّعثر على جثتهّ ألقى عليهّ التحّية بكّل بّراءة فـأجّابه وّيليامّ
مستعـجّلا لكّنهّ لمّ يتركّه يذّهب بّل حـّاول فّتحّ حدّيثّا معـهّ و على شّفتيه ابتسامة لطّيفة
ـ ، هل أتى مـعكّ نايتّ ؟
قطّب وّيليامّ و نـّظر إليهّ متمعنّا بـينمّا نـظّرات الموظفينّ تلاحقهمّ و أذّانهمّ تتلهّف لسمـّاع حـّوارهمّ فلمّ يسبّق لـرئيسهم أن تـّرك عمله و غـّادر
غيّر آبه بأمور الشركة خصوصاّ و أنهم يواجهون انتقادات لاذعة بخصوص تركهم لشركة جونسون عندما كانت هي في أوج الحاجة إلى لبيرّ ،
نـظر ويليام إلى كايلّ ثمّ ابتسمّ بكلّ لطفّ مجيّبا إياهّ
ـ لاّ ، لقدّ أتيتّ فقطّ لـرؤية فـرانسوّا لدّي عـمّل أرّغّب فّي أنّ يقومّ به لأجّلي
أومـأّ كّايّل بخّبث ، أجّل لابدّ أنّهمّ يبحّثون عن قّريبه المسكينّ الآنّ .. فـتّركهّ يـرحّل ، ليكّمل وّيليامّ طـّريقهّ باتجاه مكـّان عمـّل فّلورا ، لكنّ لما قدّ
أخفى أمرّ اختفائه و قد مضى عليه ثلاثة أيامّ ؟

~.ْ~.~ْ




 

رد مع اقتباس
قديم 03-09-2020, 11:07 PM   #4
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي





بينّ جدران الـكّلية الكبـّيرة ، فّي إحدى القـاعات المنتشرة بـكّثرة كـآن هو بجانب أخته جـّالسّا و علاماتّ الضجّر على وجهه الـجمّيل ، و كذّلك كليـّر لمّ
تكنّ تـّقل عنهّ تهجمـّا بعدّما قدّ نقلت له مـّا قاله والدّه بجّميع حواّفره ، المحاضرة قدّ انتهت منذ مدة لكنهمـّا لا يـزاّلان عالقان هنـّا، لنّ يتحّركا قبّل إيجاد
حّل لمشّكلة عائلتهما الصـّغيرة تلكّ و لنّ يسمحّا بـجثـّمان رجّل مّيت أنّ يعرّقل سـّعادتهمّا ، و مهمـّا كّلف الأمـرّ ، كـآن ينتـّظران ظهورّ مـّاريّ ، فـّكلير
لا تّعلم أينّ تعـّيش و الفـّرصة الوحيدّة لإمساكها هيّ عندّما تكّون بّين قّضبان الكّلية ، فجـأةّ قدّ رأتّ كليـّر مـارّي تمـّر منّ الـرواّق قبّل أن تسقطّ جميعّ
كتبهـّا و تضطّر للجّلوس كّي تّجمّعهم ،أسّرعت كليّر إليهـّا ثمّ رفعت نفّس الكتاب الذّي كـآن بيدّ ماري لتنـظّر إليها الأخيرة بعينيها الواسعتين ،
رمّشت مـاري قـّليلا قّبل أن تنـّزع الكـتاب بّقوة و قّد أضطرب قلبها ، فابتسمت كليـّر بـبرود و دّفعتها لدّاخل القـاّعة لتّغلق البـاّب خلّفهما بّهدوء و هي
تقّول بلهجة مهددة
ـ لدّينا حدّيث لمّ نكمله صّغيرتي مـاري ،
بّلعت ماري رّيقها بـّتوتر ثمّ وقفّت و قـّالت بارتباك
ـ ألمّ تسمعي ما قاله نايت عن الاقتراب مني ؟ أتردينّ الموت فعلا ؟
ابتسمت كلّير و على شفتيهّا مكـّر ، ثمّ وضعت يدّها على كتّف ماري المرتجّفة و أمالت رأسها قّليلا
ناحيتها لتّهمس بّخفوت
ـ عـزيزتيّ ، جميـّع الصـّحف قدّ نشّرت أنّ خطيبكّ البـّطولي قدّ ذهب في رحلةّ عمّل إلى فرنّسا لذّا حبيبتي ، هذّا حدّيث خاّص جداّ فدّعينا لا نشّركه به
تّقدم آرثّر منهـّا بهدوء فنـّظرت إليه بذّعر ، كـان يّكفي وجودّ فردّ واحدّ من عـاّئلة غلوري لكنّ الآن ما الذّي سوف تفعله ؟ وضعّ آرثر يدّه على
كّتفها الآخرى ثمّ قـالّ باستياء
ـ مـاّري ، كّيف لكّ أن تفعلي هذا بّي ؟ ألنّ تـرأفّي بّقلبكّ الذّي أحّبكّ طواعية ؟
ابتعدّت مـّاريّ عنهمـّا بّسرعة ثمّ ضّغطّت على زّر هاتفها الموجودّ بّدّاخل جّيب معطّفها، ثمّ قـّالت بتّرددّ
ـ لما أنـّا ؟
أجـّابتها كلّير بـّبرودّ
ـ لأنـكّ الحّلقة الأضّعف طّبـّعا ، يّسهل خدّاعكّ ، الآن مـّاريّ صـّغيرتنا مـّاريّ دّعينا ننتّقل إلى الأهمّ ،
نـّريدّ منكّ أن تنفذّي لنا أمـّرا مـّا
قطّبت مـّاريّ عندمـّا اجتاحتها كّلمّات نـّايت سّابقّا ، كّيف قدّ غضّب منهـّا ؟ و كمّ كـان مـّؤلمـّا سمّاعّ تّوبيخاتهّ فقـّالت بـّخفوت
ـ أنـّا لستّ مطّالبة بفّعل أي شـيء لكّما ، لذّا دّعاني أرحّل
رمّقتها كلّير بـّغضّب ثمّ نـّظرت لآرثّر فاقترب هو منّ مـّاري و أمسكّها من ذّقنها بّقوة جّعلتها تّجفّل ، فقـّال بـّحدة
ـ أنتّم السّبب فيّ جعل والدّي يطّردني من المنـّزل و يحّرمني من جميـّع مصّروفي بّشتمي و حّرماني من رؤية عـّائلتي
لذّا لا تّقولي أنكّ مطـّالبة لأنكّ لست كذّلكّ ، بّل أنتّ مجّبرة عـزيّزتي على تـّنفيذّ أوامـّرنا
رمّقته مـّاريّ بـّاشمـئـزازّ شديدّ ثمّ رّفعت يدّها و دّفعته لكّنه لمّ يتحّرك أنشا واحدّا من مكـّانه ممـّا جـّعلها تـّرتبكّ فرّفعت قّبضتها بـّخفة و
أّغلقت عينيهـّا للوهلة ثمّ فّتحتهمـّا مجددّا
حّينهاّ كـّانتّا مشّبعتينّ بالكبـّريـّاء ، بنـّظرة عمّيقة من التـّعجرّف و الآنـآنية كمـّا لو كـأنهاّ لست مـّاريّ فإرتبكّ آرثّر لكنّ هذّا لمّ يمنعه من
إبـّعادّ يده لتّقول مـّاري بهدوء
ـ أنتّ مخطـأ ، جميـّع ما حدّث لّك لّيس بّسببّنا بّل لآنّ تصّرفاتكّ اللا أخلاقية و إنحـطّاطكّ همـّا سّبب جّعلكّ في هـذّا الموقفّ تبحّث عن
شخص لتّلصّق بهّ أخطـّائكّ أنتّ كيّ لا تّشعر بالذّنب و كيّ لا تضطّر للاعتذّار ،
ـ أجّل سّلوكيّ هو خطئي أنـّا و أنّا فقطّ لكنّ من أنتّم حتّى تّعاقبوني ؟ من أنتمّ حتى تحّرموني من عائلتي ؟
إرتبكّت مـّاري ثمّ عـادّت تـّغلق عينيهـّا محاولة التفكّير فيّ نايتّ كي تستمدّ منه القوة مجددّا بينمـّا نـّظرت إليها كلّير ّغيّض و كـّادّت أنّ
تّقوم بلكّمها لولا أنّ آرثر أوقفها بإشـّارة من يدّه ، يّغضبه كيّف تّرد عليه ، فقـّال بحدة مكمـّلا كّلامه
ـ و أنتّ مجبرة على إصلاح خطأ والدّك بـمّا أنه قدّ توفي ، أفهمت هذا ؟
كـآنت تّفكر ، كيّف يجّب عليها أن تتخّلص من هذه الـورطّة قبّل تـّطور الأمورّ لشيء لا يحمدّ عقـّباه فطـأطـأتّ بـرأسهاّ قـّليلاّ ثمّ رفعته و قـّالت بـّتردد
ـ ما الذّي تريدّ مني فعله ؟
ابتسمتّ كليّر بـحقدّ و وضعت يدّها على رأّس مـّاريّ لتنّثر شّعرها بكّل خشونة و قسوة قّبل أنّ تنظّر إلى عينيهـّا و هي تقّول بـتسـاؤل
ـ أتستطعن إعادة والدكّ و أن تطّلبيّ منه ألا يدّخل أنفه فيّ شـؤون الآخرين مجددا ؟
دمعّت عّيني مـّاريّ فـابتسمت كليّر بانتصار ، هاّ قدّ عادّت ماري الضّعيفة إلى جـّانبهمّ و هي التّي ظنت أنه و بعدّ خطّبتها قدّ تغيرت فـضّربت
خدّها بّرفق لتّقول بكلّ شّفقة
ـ لا أظن ذّلك ، حسنـّا مـا رأيكّ أن تطّلبي من خطّيبك المشهور أن يّرسّل لنـّا عشرة مّلايين أو أكثّر ربمـّا مئة مليونّ حتى يـؤسس آرثّر عمله
الخاص و يّعترّف والدّي بنجاحه لتعودّ عـائلتنا كما كانتّ لكن آكثر ثراء
شهّقت مـاّري من كمية المّبلغ الكّبيرة و قدّ شحّب وجهها ، هي لنّ تستطّيع أن تطّلب هذا من نايتّ مهماّ قدّ فعلوا ، فّرفعت رأسهـّا بكبـّريـّاء و قـاّلت
ـ لا
أمسكّت كلّير بّقبضتها قّبل أن تندّفع نحوها و تّلوي رّقبتها تلكّ ، أمـّا آرثر فّرمقها بـحدّة ثمّ نـّظر ناحية أخته ، ليّقول بغضب
ـ من أنت لكّي ترفّضي ؟ ألم أخبركّ أنكّ مجبرة ؟ أيتها الغّبية الحّقيرة ، كلّير أخرّجيّ ما بجّعبتك
ابتسمت كليّر ببرودّ ثمّ أخرجتّ ملّفا من حّقيبتها الصّغيرة من مـاّركة المشّهورة شـانيّل و رّمقت مّاري بإستهزاء قّبل أن تّرمي ذّلك الملّف
بين يدّيها ، فـأمسكته الآخيرة بترددّ ثمّ فتحّته و دّقات قلبها تّرفضّ الصّمت كـّانت تّوجدّ نسخة من العقدّ المزيّف الذّي كانّ جّوناثـّان سّوف
يجّبر فلور على توقيعه مـّا إن أكمّلت المسرحية و سندّات عنّ ملكّية و أّيضـّا بضعة تسّجيّلات قـّامت كليّر باخراجها من الكـّاميرات المنصّوبة
فّي منزّلهم و تمّ تسجّيل فيها كلّ محادثة كـّانت بينّ والدّها جوناثان و العمّ روّي ، نـّظرت إليهمّا مـّاري بإستنكـّار
ـ لقدّ صّرناّ نعـّلم أنّ هذا العقدّ مزّيف من وصّية والدّي الأخيرة لذّا ما الذّي تحاولونّ الوصول إليه ؟
لمّعت عيناي آرثّر بالانتصـّار و هو يّسحبّ المّلف من بينّ يدّيها لّيقول بلهجة عـّابثة و مهددّة فّي نفّس الوقّت
ـ أنـّا أعلمّ و كلّير تـّعلم و أنتّ تـّعلمين و أختكّ تـّعلمّ لكن يـّا ترى هل الصّحافة تـّعلم ؟ ما إنّ يخرجّ هذا المّلف إلى العامة فـّيا ترى كّيف
سّتكون نّظرة المجتمـّع إلى محبوبة الجمـّاهير سنـدّريلا ؟ تلكّ التيّ نالتّ قّلب نـّايت يتـّضحّ أنهّا ليسّت سوى دّجالة تسعى لمـاّله ، و قدّ خدعته من
أجّل الـ 500 مّليون دّولار المـّزيفة ؟ مـّا رأيهمّ أن هـذّا الـعقدّ كـّان مـجردّ تـّزوير من أجّل الحّصول على شّفقة أميّرك فيّ مسـّاعدّتك ؟ أخّبرينيّ
يـّا أيتها الحلوة اللطّيفة ماري ؟
شّحبّ وجّهها كّليـّا كمـّا لو كـأنّ دّماء عـّروقها قدّ سحّبت فـنـّظرت نحوه بـّعينيها البنّيتينّ الزائغتين من الصدّمة و بّلعت ريّقها مرارّا و تكّراراّ قـّبلّ أن
تـكّمل كلّير كّلامها و هيّ تّلتف حّول مـّاريّ كإلتفاف الأفعى حولّ فريستها
ـ لقدّ خاّب ظنيّ بكّ فعلا يـّا ماري ، لّم أكنّ أظن أنكّ بهـذّا الانحـطّاط و لدّيك كّل هـذّا المـكّر لكنّ فعلا لقدّ خدّعتنا كّلنا
ارتجّفت مـّاري كـّورقة في الخـّريفّ و أنـّزلت رأسهـّا إلى الأسّفل بينمـّا دّموعها على وشكّ السـّقوط ، ما الذّي يمكنها فعله الآن ؟ كّيف يمكنهاّ
قّلب الطـّاولة لصـّالحها ؟ لمـاذّا تـأزمت الأمور إلى هذه الدّرجة ؟ سّوف يّغضب نـاّيت ، مسحّت دّموعها ثمّ قـّالت بـّخفوت
ـ حسنـّا لقدّ فهمت ،
ضربت كليّر خدها بّخفة و غمزت لآرثّر لأنّهما قدّ نجحا ، فجـأةّ رّفعت مـّاريّ نـّظرها نـّاحيتهم و قدّ تـّغيرت ملامحـّها الخـّائفة المـّرتعبة إلى التمـّاسكّ
، ثـمّ قـّالت لهمّا بـّتوتر
ـ إنّ أردّتمـّا أنّ يّغفر لك يـا آرثر عمّي رويّ خطـئكّ فـسأتحدّث له و أترجاه لكنّ فقطّ لا تـّدخّلا نـّايت ، أرجّوكمـّا لا تّعبثـّا معه
قطّب آرثّر و ضّرب خدّها بّخفة قـّائّلا و لهجة التـّلاعب تّغزو كّلماته العـّابثة
ـ لمـّا ؟ هل تحّبينه مـّاري ؟ أأنت خـّائفة عليه منا ؟
ابتسمّت بشجـّاعة و شدّت حّقيبتهـّا إلى صّدرهـّا ثمّ ردّت على كّلماته العـّابثة بلهجة أشدّ قوة كلمـّا كـّانت تتحدّث عن نايت فيها
ـ خـّائفة عليكّما منه و لّيس منكمـّا ، أنتمّا لا تـّعلمان مـّا نايت قـّادر على فعله و لا أنتمـّا تـّعلمان مـّا قدّ تـّورطّان نفسيكمـّا فيهّ لذّا نصيحتيّ أنّ لا تّلعبـّا معه
زّفرت كلّير بغيّض عندّما قدّ طّال الحدّيث عن المعـّتادّ ، فـّقـّالت بـإنـزعاجّ
ـ هل أنت غـّبية أم ماذا ؟ أتريدّين من نايت خطيبكّ أن يكتّشف لعبتك الـوقحة في سلبّ أمواله ؟ أيتهـّا الخـّرقاء ماذا يوجدّ بدّاخل رأسكّ ؟
فجـأةّ رنّ هاتفهاّ فيّ جيّب معطّفها لتّدّخل كليّر يدّها و تخّرجه ، كـّان اسمّ نـّايت ينيـّر الشّاشة كمـّا لو كـأنهّ قدّ عـّلمّ بـّفعلتهما الشنيعة هذهّ فارتجفت أوصـّال
كلّير فقطّ من فـّكرة سمـّاعهم لحّوارهم لكن هدأت عندّما تـّذكرت أنه لا يجّب عليه أبدّا أن يسمـّع ما دّار هنـّا إن كـّانت مـّاري ترّغب فّي سـّلامتها الخـّاصة ،
فّضغطّت على زّر التجـّاهل و رمّت الهاتف مجددّا لدى مـّاري لتقول بـّعدم اهتمام
ـ لقدّ تغّيرت مـّاريّ ، لكنّ لا يـّزال أمامكّ الكثير لتجّارينا نحن
خرجّ كلا من آرثر و كلّير صّّوت ضحكاتهما تّملئ القـّاعة بينمـّا أمسكّت ماري الهاتفّ جيدا و جـّلست بهدوء على الكـّرسي ، أفكـّار عديدّة تدورّ في رأسهـّا
مؤخرا و لمّ تلقى لها جواّبا كذلكّ العـدّيد من الجملّ التي بّقت عـّالقة في ذّهنهـّا
ـ أنت ضـّعيفة مـّاري ، مـّاكرة مـّاري ، حفّل الزفـّاف فيّ نهاية هذا الشـّهر ، لقدّ توفيّ والدّك مـّاري ، كّفي عن التـظاهر ، أعملّي بّوصية والدناّ ماري ،
مـاري لا تتـّركي نايت مهما حدث ،
هـزّت رأسهـّا نفيـّا و تخللت أصـّابعها شّعرها البني القّصير بّعدم حيلة، لما هيّ الحلقة لأضّعف ؟ لماّ دوماّ ما ينالّ بغض الغّّير بالرّغم من أنها تحاولّ
جاهدة كسّب حّبهم ؟ كمّ تشعر بالّشفقة على نفّسها الآن ، ما الذي قدّ يقوله نايت عندما يعلمّ ما حدث ؟ لقدّ أخبرها سّابقّا أنها خـطّيبته و هي تمثـّله
عندما يّكون غائبا ، لكنّ الآن .. همستّ بصوتّ خافتّ مشجـّع و قدّ رسمتّ على شفتيها ابتسامة بسيطـّة
ـ قدّ أكون غبية سـاذّجة و ضـّعيفة لكن أنـّا لا أستسـلمّ بـّسهولة مهمـّا تطّلب الأمـّر،

/


الـهواء المنعش يحّرك يّاقة مـّعطّفه بإتجّاه الـّريـّاح و المـطّر الخّفيفّ يّضـفي جّوا من الـرومانّسية و الهدوءّ ، أغّلق عينيهّ الـزرقاّوتين الداكّنتين بتعّب
و أرخـّى رأسه على الكـّرسيّ محـّاولا التنّعم بّقليلّ من الراحةّ لكنّ هيمتاه فهـّاهمّ يعلنونّ عنّ رحـّلته إلى لندّن الجميلّة زفّر بّغيضّ و وضـّع القّبعة على
وجههّ فـتقدّم أحدّ الـرجّال ذو البدلات السـّوداء منهّ و إنحنى بـّخفة لكّي يـّقول بـكلّ لبـّاقة و تهذّيب
ـ سيدّي ، لقدّ تـّمّ الإعلان عن رحّلتك
فتحّ نايت عينيه و نـّظر إلى ذّلك الـرجّل ذّو الـّقامة الطّويلة ، عندّها قدّ احنى جميع الحراسّ رؤوسهمّ و عمّ الصمـّت فـقـّال نايت لذّلك الرجّل القـّريب منه
ـ أليّس جميـّلا لو أننـّا نستطّيع البقـّاء هنـّا أكثر فـرانسوا ؟
أومـأ فـّرانسوا و لمّ يّقل شيئـّا فتنهد نايت و وقّف لتّعادل قـامته طولّ قامة فـّرانسوا و إتجه إلى طـّائرته خّلفه أربعة حرّاس قـّائدهم المدعو بفـّرانسوا ،
جّلس فيّ مقـعده و عـّلامات الضجّر بـّادية على وجهه ، فجـأة سمـّع جّلبة في الخلّف لمّ يهتمّ بل وضـّع سمـاعات في أذّنه و همّ بالضـغطّ على زّر الموسيـقى
قّبل أن يـأتيّ رجّل مجنونّ مّلابسه ملطّخة بالدماء و سترتهّ قدّ فسدّت أمسكّ بياقة نايت و أشهرّ بذلكّ المسدّس على رأسه غيّر مبّالي بّصراخ الركّاب أوّ
موظفّاتّ ،و قـّال بـّنبرة غـّاضبة و حادّة
ـ أيّها السـّافّل ، كيّف تتجـرأ بوضّع يديكّ القذّرتين على والدّي ، أيهاّ الشيطان ..لقدّ أصبحّ مقعـداّ ألا تّوجدّ في قلبكّ رحمة ، سّوف أقّتلك
نـظرّ إليه نايتّ بعينين بـّاردتين خـّاليتين منّ أيّ تعـّبير ، كماّ لو كـأن حيّاته ليسّت مهددةّ للخـطرّ فيّ هـذه اللحـظةّ بل ابتسـمّ بـّغـّرابة و هو يـّرفع يدّه بسّرعة
خـّاطفة أجفّل عليها جايسون ليجّعل المسدسّ لدّيه ثمّ قـّال بـّسخرية
ـ أخبـّر نيكولاّس أننيّ أنتـظره ، و إنّ أرادّ أن يهاجمني مـّرة آخرى فـّلا يّرسل كلابه
رمقـّه جايسون بدّهشة ، كيفّ التقط المسدسّ بّسرعة و كيّف رماه ناحية فرانسوا ليمسكه و كيّف أصبحّ فيّ غـّضوان ثـّواني محـّاط بّالشـّرطة و العـّديد
منّ الحـّراسّ لقدّ حان وقّت سّقوطه و هذه هي النهاية ، حيّن تقدمّ نايتّ بهدوء نـّاحية فـّرانسوا و همسّ بـّبرود
ـ لا تـّدعهم يمسكونه
أومـأ فّرانسوا بـالإيجـّاب ثمّ أشـّار لرجـّاله كيّ يـّقوم إثّنين منهما بالسيّر خلفّ جايسونّ الذيّ تـّقوده الـشرطّة رغمـّا عنه بينماّ عادّ نايت للجّلوس فيّ
مكانه ثمّ وضع سّماعات الأذّن و شـّغل الموسيقى لـّيغلق عينيه ، احتدّت ملامحّه بّقليل من الغّضب ذلكّ المدعو بجايسونّ متهورّ أخرقّ فعوضّ أن يستغـّل
إطّلاق سّراحه راحّ يجولّ فرنساّ حاملا مسدّسا فيّ جيبّ سترته ، تنهدّ و دّلك جّبينه قـّليلا فقدّ بات يّظن أن فـّكرة تركه و شـأنهّ ليستّ بالفكـّرة الـجيدّة ربما
كان من الأفّضل لو أنهّ تركه محبوسا في ذلك المصنع لمدة أطول، فيّ حينّ كانّ معظم ركـّاب الـّرحلة فيّ الدرجة الأولى ينـظرونّ إلى نايتّ بإستنـكار و
إستغـّراب شديد ، كـأنه لمّ يتعرضّ لتهديدّ توا ؟ هل هو معـّتاد على مواقفّ مثل هـذه فيّ حياته اليومية أمّ ماذا ؟ كـذلّك فـّرانسوا كـّان يجـّلسّ خلفّ نايتّ
يـّقـرأ كـّتاباّ بإنسجـّام ، هـزتّ المـّوظفات رؤوسهن نفيّا و قدّ كـّانت هـّالة عدمّ الاقتراب منهما واضحـّة تماما

/

لمـّا وضـّع الليل بسـّاطه و أنـّارت النجومّ طـّريق ضـّائع السّبيلّ ، عندمـّا دّقت سّاعة ثـّانية عـّشر أبوابهّا و كـّتب التـّاريخ يومـا جديدّا مليـئّا المفـاجـآت ،
فيّ تلكّ الـشّرفة ذات الظّلمة الحالكةّ كـّانت تّقف بـّهدوء و بين شفتيها آخر سّيجارة ، تمسكّها بإحكـام و تّضع يدها على جّبينها بّقلقّ و تـّوتر ثمّ رفعت
الهـّاتف و اتصّلت به ، مسـّاعدها الأيمنّ ، كـّان يّقف كـّايلّ خلف الستـّائر يستمـّع إلى حدّيثها إنه فيّ غـّاية الفّضول لمعرفة خطّطها لكنّ للأسّف قدّ خاّب
ظنه عندما سمـّعها تتكلمّ بلغتهـّا الأمّ فـعـادّ خـّائب الأرجـاء إلى السّرير ، لقدّ أرادّ أن يعلمّ إلى أيّ مدى قدّ تـّذهب إليزابيث لكنّ يبدوا أنهّ لنّ يـّعلم إلا إنّ
أرادت أن تـّخبره هو ، بـّعدّ لحـظاّت أتّت نـّاحيته و سحّبت معـطّفها ثمّ قـّالت باهتمام و هي تصّلح شّعرها الأسودّ و تـّضع ملمّع الشّفاه على فمهـّا
ـ كّايل عـّزيزي لدّي عملّ مهم الآن لذّا ألقـاكّ فيما بـّعد
كـّادت أن تـّرحّل لولا إمسـّاك كّايل لمعّصمها، نـظرت إليهّ بتسّاؤل فـّقـّال هو بـّنبرة خـّافتة و حـذّرة
ـ إليزابيث أنتّ لا تـّقومينّ بشـيء خطير أليس كذلك ؟
إستدارت إليه و رمّقته بعينيها المثيرتينّ ثمّ ابتسمت و أرسلتّ له قّبلة كعادّتها العـّابثة ثمّ غـّمزت و قـاّلت بـّصوت يحـّاكي النايّ رقة
ـ لا تـّقلقّ عليّ كـّايل ، أنا إمـرأة تعلم تمـّاما مـّا تريد
قطّب و إقترب منها ثمّ أمسكها من ذّراعها بـّهدوء لكنها قّبلته مسرعة فيّ خده و سـّارعت بالرحّيل غـّير آبهة لّقلقّ كـّايلّ ، إنها تـّريد من زوجها نّيل
حصّة الأسدّ عند وفاة الجدّ و إنّ لمّ يتمّ ذلكّ فلن تسمحّ لأحدّ أن يكونّ بجانبّ نايتّ قبل أن تسلبّه هي جميـّع الأموال التي بحّوزته كّل ما يهم الآن هو المّال
و المـّال ثمّ المـّال

/

مـّرت أيـّام و لا تـّزال جـاّلسة فيّ شقتها بنفسّ المـّكان على تلكّ الأريكة تنـّظر إلى نفّس البّقعة بينمـّا فـّلور تـّروح و تجيء من أمامهـّا دون جـّدوى ،
إنهـّا لا تـعّلم سّبب عـّزلتها و لمـّا هي تفـّعل هـذّا بنفسهـّا ، لكّن الأغـّلب أنها تـّريد أخـذّ قّرار حـّاسم بّحياتهـّا فإمـّا تـّسليم المـّال و العودة إلى مـّا كان
مـجرى المياه عـلّيه سـّابقّا أو القـّبول و ركوبّ السّفينة وسطّ تلكّ الـّرياح العاصفة
جّلست أمامها و لوحتّ بيدّها فلمّ تستجّب لها مـّاري ، وضـّعت قدّما على الأخرى و احتست القّليل من كـّوب الشـّاي ثمّ نـظرت إلى النـّافذة سوف تقومّ
ببيعّ منزلهمّ و تجمـّع المـّال ، بعدها سوف يغادران لنـدنّ ليّعيشا حياة هادئة خـّالية من الأخطـّار إنّ مـاريّ ستختـّارها هي بكّل تأكيد لأنها طّفلة ضعـّيفة
لكّي تّمثل شيئا بمثلّ هـذا الحـجمّ ، لقدّ انتصّرت هي علّيهمـّا كّلا من نايتّ و ويّليـّام لدّيها الأفّضلية ، فجـأة تحدّثت مـّاريّ بهدوء
ـ فـّلور ، أظنّ أننّي قدّ وقعت في الحّب
كحّت فلور و كـادت أن تسكّب الكوبّ على السجـادة لولا أنها تمالكت أعصّابها في آخر لحـظة و نـظرت بعينّين واسعتين إلى أختها التّي قدّ ارتسمت
عليها ملامحّ الجدّية ،
ـ أي حّب ؟ من تّحبين ؟
نـّظرت إليها مـّاري عميّقا قّبل أن تنطّق بكّلماتهّا، تلكّ الكلماّت التّي بقت مـطّولا بدّاخل قّلبها الصـّغير ،
ـ أحبّ نايت
شهقّت فلور من الصدمّة و لمّ تستطعّ أن تنطّق بحرفّ ، ما الذي تّقصده بـأنها تحّب نايت ؟ و هل هو بشّر لتحبه ؟ فـأكمّلت ماري حديثّها
ـ بحّضوره أشـّعر بـّالقوة كـأننيّ قادرة على فعلّ المستحـّيل ، عندمـّا يكون موجـّودا نبّضات قّلبّي تّدّق بجّنون و أصبحّ عـّاجزة عن التعبّير ،
أنـّا لا أقدّم على الـزّفاف لأننيّ مجّبرة بّل لأننيّ أريدّ التعّرف عليه أكثّر و أنّ أحبه و أنّ أفهمه أكثّر ، فنايتّ هـذّا ليسّ بالشـّاب السيئ كمـّا يظن الجميع
لقدّ أنقذني من دّين والدّي حتى لو كـّان مزّيفا و أنقذّني من بينّ مخاّلب كليّر حتى لو كـان غيّر مهتمّ ، أنهّ من سّرق قّبلتي الأولى بالـّرغم من أننيّ أنا
من كنت أحتاجه في البـدّاية لكنهّ هو من يحـّتاجني أيضـّا بجـّانبه
قطّبت فـّلور غّير مصدقة كّلمات مـاّري و أنصتتّ حتى النهـّاية بينمـّا ابتسمت مـّاري و أسندت رأسها على يدّها البّيضـّاء النـّاعمة ثمّ قـّالت بـّحماسّ
و هي سـّعيدة لإعتـرّافها
ـ لطـّالمـّا كـّنت جـّبانة لكنّ و بمجيئه هو استجمعّت شجـّاعتي فّي رمشه عيّن و أنا التيّ حاولت طـّوال عـّامين كيّ أكّسب الجـّرأة الكافية التي قد تجعلنيّ
أقدم لزيـّارتكمـّا لذّا لا تـّقولي عنه لّيس بّشـرا بّل هو بحـّاجة لّشخص من يّفهمه و أنّا سـأبذّل جهدي لذّلك
ثمّ أكمـّلت كـّلامهـّا و قدّ ظهرت نبرة المرحّ فيّ جمّلتها البسيطة هذه
ـ ألا تـعّلمين أن ماري إذا وجدّت فـّارسّ أحلامها لن تتركه بّل ستـطّارده إلى نهاية العـّالم حتى يّعترفّ لها بـّحبه ، إنهاّ مـّعركة يجّب عليّ خوضهـّا كيّ
لا أندّم مستّقبلا لأنني لمّ أحـّاول ،
تنهدّت فلور ثمّ أمسكت بيدّ مـّاري ، قـّالت بـهدوء
ـ ماّري مـّازال لدّيك الوقت لتـّراجّع ، و إن تـّراجعت سـأحرّص بنفّسي على إيجـادّ فتى أحلامكّ لا بّل سـأجدّه لكّ لذّا من فـَّضلك أتركّي ذّلك المعتوه
و شـأنه لا تـّطارديه أرجوكّ إنه أكثّر مما تـّقدرين على تحمله
ضحكّت مـّاري و احتضنت أختهـّا بّفرح لأنها قدّ أخرجتّ أخيرا السّر الذّي أرهقهـّا ثمّ أحكمت قّبضتها و قـّالت صـّارخة
ـ سـأتزوجّ ، وداعـّا للـعزوبية
و أخذّت تدّور في الأرجـّاء بكّل جنـونّ فـسـّارعت فـّلور بإمساكها لتّسقط الاثنين أرّضـّا ، ثّبتتها فـلور و قـّامت بمسّ جبينها لا توجدّ علامات على
أنها الحمى إذن فماذا هذا ؟ قـّالت باستنكار
ـ متى أحببته ؟
ـ عندّما التقيته لأولّ مرة ، كـّان حبّا من أول نظرة
زفّرت فلور بّغيضّ ، هذه الفتاة مجنونة بحقّ كيّف تحـّب شخصّا مثّله ، بـّارد المشـّاعر و أناني من الدّرجة الأولى فقـّالت للمرة الأخيرة تحاول
إقناعها في العدول عن رأيها
ـ هل أنتّ واثقة ؟
أومأت مـّاري بـرأسها مرارا و تكـّرارا ثمّ وقفت فّوق الأريكـّة الممتـّلئة بّشتى أنواع الأوراقّ و ملّفات دّروسها لتكملّ كّلامها بتشجيـّع و نـّبرة فـّرحة
ـ أنـّا إمـرأة تـّعلم تمّاما ما تـّريد
وضعت فلور يدها على ذقنها بانزعاج و استلقت على الأرّض لتغيّر قناة التلفاز و هي تهمس باستياء شديد
ـ بّل طفلة لا تـّعلم تمـاما مـّا تـّريد ، نبّضات قّلبها تدّق كلما رأته قالت حبا بّل خوفّا منه يـّا بلهـّاء ، أيّ حب هـذّا ينتجّ بعدّ أن عمـّلها كالخدم ؟ لديها عقدة نفسية
تبّا ، أتظنه حيّوان أليّف كّي تعتني به ؟وّقفّت عندّما طّفح الكّيل بهاّ و ارتدّت حذّائها ثمّ قـّالت بـبرودّ محدّثة ماّري
ـ سّوف أذّهب إلى العمّ رويّ كيّ نـّجدّ شيئا نفعله بّخصوصّ المنـّزل ، لذّا قدّ أعّود متـأخرة
ثمّ أغّلقت البّاب خّلفها بكّل عنّف ، بينمّا ابتسمت ماّري بّسذاجّة إنهـّا لا تّدركّ أن فلور لا تستلمّ بكّل بسّاطة بّل هي سوفّ تّذهب كّي تجدّ فكرة أخرى
تقنعها بالعدّول عنّ رأيهاّ فهيّ لن تسمحّ لها أبدّا بأخذّ زوجّ مثّل نايت ، لقدّ كانت تـّعلم جيداّ أن ماري تـّحب نـّايت لكّنها كـّانت تـّأمل و لآخر لـحـظّة أن
يكون هـذاّ مـّجرد وهمّ أو سّراب ، الجميـّع يّعلم أنها تـّحبه من العـّم رويّ إلى ويـّليـّام ، من سيدّة فرانسيس و زوجـّها إليها هيّ

/

يحمّل حّقيبته الصّغيرة على ظهره و يّضع نـّظارتيه غـّاليتا الثمّن، كـآن مستاء جدّا لأنهّ موجودّ فيّ حيّ قذر مثّل هـذّا ، هو الذّي اعتادّ على جميـع
أساليب الـّرفاهية و كّل مقّومات الحّياة الجيدّة يضطّر للعيشّ هنا ؟ نـّظر إلى محـّفظته حيّث قدّ أعطّته كلّير آخرّ نقدّ تملكّه بـعدّ أن رّفض والدّهمّا أنّ تسحّب
أيّ مبلغّ نقدّي من حسّابها و قدّ قّام بإغّلاقه تماماّ لأنهّ يعلم تماماّ إن كليّر لنّ تسمحّ لأخيها أبدّا بالعيّش المبتذّل و الفقير جدا
دّخل ذّلك المبنى و كانت السـّاعة تشّير إلى الراّبعة مساءا ، إتجه إلى الشقّة الأولى و طّرق البّابّ بقوة قّبل أن يّقوم بمسحّ يده بكّل قرّف ، و عكّس توقعاتهّ
فيّ أن يخرجّ عـجوزّ رثّ المّلابسّ و قدّيم الفكّر ، خـّرجتّ سيدة ترتدّي فستاناّ جميـّلا أزرّق اللونّ داكنّ و شّعرها مصّفف بعّناية على شكّل وردّة معّ ابتسامة
لطّيفة قـّالت
ـ أوهّ أظن أنكّ أنتّ الجـّار الجديدّ ألّيس كذلك ؟
أومـأ آرثر بـّعدّم اهتمام و هو يجّول بعينيه في المكـّان ، لو لمّ يكنّ في ضيقة ماّليه لمّا فّكر أبدّا باللجوء إلى هذا المبنى القذّر ، فأكمّلت السيدة كّلامهاّ بحماّس
ـ لقدّ أخبرني زوجّي بـأنّك سـتـأتيّ لذّا تّعاّل لأريكّ الشّقة بالرغمّ من أنهّا قديمةّ لكنّ لا تّزالّ تحتّفظ بأناّقتها ،
تقدّم خّلفها إلى تلكّ الشّقة التيّ تحدّثت عنهـّا ثمّ فتحتّ البّابّ بكّل هدوء ، ليدّخل آرثّر و علامات الدّهشة على وجهه ، كّانت عكّس المبنى تماماّ فهي مـّرتبة جدّا
و مـؤثثة كمـّا أنهّ لا تـّوجدّ ذرة غّباّر بها ، نـظرّ إليها و قال بتسـاؤل
ـ لمّ يّقل زوجكّ ليّ أنهـّا مؤثثة ؟ هلّ هذاّ يعنيّ أن السّعّر لّيس كمـّا هو مذّكور فيّ الإعّلان أيّضا ؟
ابتسمّت السيدّة بلطّف ثمّ وضعت يدّها على كّتفه و قـّالت بـحـّنانّ
ـ لقدّ أخبرنيّ زوجّي عنّ أوضـّاعكّ و عنّ طّردّك من الملهى الذّي كنتّ تعيشّ فيه لذّا فقمناّ نحنّ بمـّا نستطّيع فعله ، أعّلم أنها ليستّ من مستواكّ
لكّن إنهاّ أفّضل من لا شيء ألّيس كذّلك ؟
نـّظر إليها آرثّر بّعدم تصدّيقّ ثمّ أومـأ بّرأسه ، كمّ يّكره الشّفقةّ لكّن لا بـأسّ مـا دامّ لا يمتّلك حّلا أخر يّلجـأ إليهّ ، يـّا ليتّ مـّاريّ تـّقدمّ لهمّا المـّالّ
فيّ أقّرب وقّت ممكنّ ، قّبلّ أن يّصل إلى الحّضيضّ ،

/



 

رد مع اقتباس
قديم 03-09-2020, 11:10 PM   #5
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي




الشـآبتر السـّادس عـّشر
موعدّ بينّ الأشـواك




في تلكـ الحانة التي تعجّ بكل أولئكـ السكارى ..!
حيث وقف معظمهم يرقص بجنون على وقع أنغام تلك الأغنية الصاخبة .. التي تصدح في أرجاء المكان ,
طالبةً من الجميع أن ينسوا همومهم ويسلّموا أنفسهم فقط للإيقاع ..!
يترأس هذا - الشغب - ذلكـ الشاب صاحب تصفيفة الشعر المرفوعة لأعلى, وملامح وجهه المرتاحة التي
توحي لجميع من حوله بأنه يعيش أرغد عيش .. ويهنأ بحياته ويستلذ بها .. يستلذ بكل لحظة منها !!
لا يعلمون أنّ وراءه تلكـ الزوجة , التي تخطط وتنفذ بدلاً عنه !
فـ هاهو كايل .. يمرح ويفرح بدون ضجـر و لا كـلل , بعد أن أخبرته إليزابيث بما تنوي فعله للقضاء على نايت ,
وماري البريئة الوديعة أيضاً !
وما هي سوى إشارة من اصبعه حتى أتى ذلك النادل مسرعاً , كيف لا يفعل و كايل قد دفع للحانة ليكون هو
ملكـ الليلة وكل ليلة بدءاً من الآن ..فـ هاهو يأمر ذلك النادل , بصوتٍ عالٍ مفعمٍ بالحماس
- قدّم الشراب لجميع الموجودين هنا .. فهو على حسابي !
تصاعدت صيحات الفرح , وتهليل الموجودين باسم كايل من بين ضحكاتهم الثملة !
لتتراقص ابتسامة الانتصار تلك على شفتيه .. في كل ثانية يزيد فرحه , في كل ثانية يزيد سلطة ,
فـ كيف لا ؟ ونايت يخسر شيئاً يقترب شيئا فشيئا من خسارته أملاكه باسم شركة جونسون ,
التي تبين أنها ليست سوى درع لإليزابيث وأفكارها الشيطانية ! لم تدم ابتسامة الانتصار طويلاً ..
حتى حلت تلكـ الابتسامة الخبيثة والنظرة الشيطانية مكانها !
ليقول في نفسه , بخُبث
ـ قريباً يا نايت , قريباً , سأراكـ راكعاً أمامي حيث كل ملكك وسلطتك لي
إليزابيث .. شكراً على وجودكِ في حياتي , أنتي وأفكاركِ هذه !

~ . ~ . ~

كان فرانسوا ذلك الشاب ذو الملامح الفرنسيةّ الأنيقة و الشخصّية الصـّارمة الجادّة يجلس بكل ضجر في
واجهة المقهى يرتشف القليل من الشايّ ، و على غير عادته لم يكن يرتدي هذه المرة بذلة رسمية سوداء
و لمّ يضع أيضّا سماعات على أذنه و لمّ يحمل هاتفه بين يدّه في كل ثانية يترقب فيها اتصـّالا من طرفّ عملائه
لكنّ أنّ يجلّس بلاّ أيّ تخطيطّ مسّبق لهو أمرّ لمّ يّقم به قـّبلا لذّلك و بالرغم من أن رئيسه طلّب منه أخذّ عطلة
غيّر أنه لمّ ينصت لهّ فهاهو يـّراقبّ مبنى الذيّ دخل إلى نايت من واجهة المحل لأنهّ من المستحيل تّركه بـّعد
جنون رئيس جونسون فيّ الطائرة ، فجـأة لمحّ ذلّك الشـّاب ذو الشعر الأشقّر و الملامحّ المسترخيةّ يتـأبط ذراع
فتاة يبدوا واضحـّا عليها المّلل ، عـّرفه فرانسوا على الفورّ فهو صديقّ الوحيدّ الذي يثقّ به الرئيس ،
ابتسمّ بسخريّة إذنّ فالإشـّاعاتّ حقيقّية ، ويّليام بالفعل زيرّ نسـّاء لكنّ ما الذيّ يفعله خارجا من المبنى عندما
ذهب نايت لزيارته ؟ أيّ صديق هذا ؟ أكملّ ارتشافّ الشّاي بهدوءّ مفكرّا ، لماّ ليسّ لدى نايت سوى هـذا الأبله
كصديّق له بالرغم منّ أنه يستطيّع الحصّول على أيّ أحدّ ؟ حسنـّا قدّ يعودّ الأمرّ لشخصّيته السيئة ، و ماّ موضوع
هذه الخطبة المفاجئة ؟ كيفّ يعقل لنايت أن يمتلك وقتا للحب بينما هو لا يمتلك وقتا لنوم فيه حتى ؟ ثم أليس
هدفه هو كايل إذا لما إختار فتاة ريفية أن تكون خطيبته ؟ أحيانا من الصعب فهم شخص كنايت
فجـأة اتسعت عينيه من الصدمة و سارع بالنظر إلى حيث تقبع شقة ماري ، هل الفكرة التي طرقت رأسه الآن
معقولة ؟ بالطبع كيف لم يلحظ هذا سابقا .. فبعد أن قضى أسبوعا في فرنسا برفقته لقد اتضح القليل من طريقته
في العمل
لابد أن نايت يعتقد أن كايل قد يحاول قتله في أية لحظة من أجل الحصول على السلطة و تولي العرش من خلف
جدهم بيتر و إن حصل كايل على مبتغاه فوصية نايت مهما كان محتواها فهي ستبقى غير مهمة لأنه سيتخلص
منها بكل تأكيد لذا ربما نايت يحاول الزواج من ماري من أجل هذا ، فإن توفي هو ستنتقل أملاكه كلها إليها و لن
يهنـأ كايل بـأملاكه أبداّ إذ أن ماري سوف تظهر في الحلبة لتنافسه و برفقتها بالطبع ويليام ، لكن هل يثق نايت
بها لهاته الدرجة كي يجعلها اليد اليمنى من بعد موته ؟
قطبّ فرانسوا و اسند رأسه على ذراعه القوية بكل ضجرّ ، هذا نايت غريب جداّ لما الشركة مهمة كي يخـاطر
بحياته و حياة من حوله من أجلها ؟ فجـأة جلس أمامه ويليام و على شفتيه ابتسامته المشهورة الجذابة بينما
تساقطت خصلات من شعره الذهبي على جبينه لتعطيه مظهر الشاب اللا مبـالي ، وضع بيانو جانبا على الجدار
حين تقدمت فتاة التي كانت معه ، صهباء و ذات ملامح عدائية شرسة ،
رمش قليلا و قد بدأتّ المعلومات تنتقل بسرعة إلى ذهنه ، هذه الشابة إنها عاملة عادية لأحدى الصحف المحلية
تدعى فلور روبرت أخت ماري روبرت الكبرى التي تحرى عنها سابقّا ، ما الذي تفعله برفقة ويليام دويل ؟
هل وقعت هي أيضا بسحره يا ترى ؟
كانت كل هذه الأسئلة تدور في رأسه بينما وجهه لا يزالّ بـّاردا لا يكادّ يظهر أية ردّة فعل ، ابتسم ويليام
و أشـار على فرانسوا قائلا بمرح
ـ فرانسوا أعرفكّ بفلور روبرت ، فرانسوا اليد اليمنى لنايت
رمقته فلور بعينين حادتين تنبـآن بمدى عمق كرهها له ، بالرغم من أنها لم تقابله إلا توا لكن و بمجرد سماعها
لكونه أحد أتباع نايت هذا سبب كافي لجعلها تضعه في خانة لائحة أعدائها ، فمدت يدها بتصميم ليمسكها فرانسوا
و على شفتيه ابتسامة بسيطة إذ أنه ظن أن هذه مجرد مبادرة ودية منها لكن ما إن أمسك يدها حتى بدأت فلور
بالضغط على أصابعه بكل قوة تملكها كـأنها تقول أن ماري ليست لوحدها في حين جذبها ويليام ناحيته و هو يقول بإرتباك
ـ فلور أرجوك أتركي يده أنت تـؤلمينه ، كوني طفلة مطيعة
قطبت بعصبية و فعلت ما طلبه ويليام منها بغير رضى ، فبعد أن سحبها ويليام رغما عنها من شقة أختها فقط من
أجل أن يكون الاثنين لوحدهما و هي تشعر بغيض شديد و الأشد من هذا أنها مجبرة على البقاء معه ،
ابتسم فرانسوا بخفة مراقبا نظرات فلور المشبعة بالكراهية نحوهما ، فلم يكن ليظن يوما أن ويليام سوف يصبح
مكروها من قبل إمرأة بينما قال ويليام ببراءة
ـ لماذّا تكرهيننيّ ؟
فكرت فلور كم هو صبياني هذا الرجل فمن يراه الآن لن يصدق أبدا أنه يصبح شخصا آخر في الحانات ، يصطحب
برفقته العديد من النساء و يـأسرهن تارة بغمزاته و تـارة بكلامه المعسول المنمق اللبق ، فقـّالت بنبرة هادئة غاضبة
ـ أنت شخص منافق بلا ريب ، هذه الابتسامات الساذجة الدائمة تجعلني أشعر بالاشمئزاز
رمش عدة مرات محاولا أن يستوعب كلماتها ، أهذا يعني أن أختها ماري دائمة الابتسام منافقة أيضا ؟
نـظر مركزا إلى عينيها العسليتين غير قادر على ترجمة ما تخفيه من شعور من خلفهما مستمعا إلى بقية حديثها
ـ أنت تخفي شيئا خلف هذه السعادة أليس كذلك ؟
تنهد ويليام و وضع أسند رأسه بيده بينما رمقها فرانسوا بدهشة ، ربما قد حان الوقت للبوح بسّره ،
هذا السرّ الذي يّرهق كاهله و يجعله غير قادر عن التنفس حتى فقـال بنبرة هامسة و خافتة بعدما إقترب من فلور
ـ أنا يا فلور ، أنا قاتل مأجور
رمقته بعدم استيعاب فضحك بشدة على شحوب وجهها و الرعب الذي اكتسى ملامحها ، لتقف فـّلور بكل
عـّصبية و قدّ أمسكته من ياقته و هو من شدة ضحكـه لم يستـطّع الـمقـاومة ، كادت أن تلكمه بقوة لكنها تنهدت بيـأس
و كادت أن تسير مستعدة لرحيل بينما ويليام لا يزال متمسكا بذراعها و بنبرة كوميدية بحتة صاح قائلا مرددا كلمات من أغنيته
ـ لا تتركيني يـا حبيبتي لا تتركيني أعاني و حبك يسري كالدم في عـروقي
حاولت فلور إبعاد يده الملتفة حول ذراعها بكل وحشية و هي تشتمه بما كان في مقدمة لسانها تلك اللحظة
ليعم الضجيج في المحل ، مسببا الإزعاج
ـ أنا لا أمزح أيها الأبله ، من الآن فصاعدا أنت ممنوع من أن تطأ قدميك شقة أختي أيها اللعوب ، لن أسمح لك
بالاقتراب منها أبدا ، يا سادة هذا الرجل الذي هنا زير نساء لا تدعوه يقترب أبدا منكم
شهق ويليام و قد حطمت سمعته فقفز تاركا آلته خلفه و هو يركض مسرعا خلف فلور التي لاذت بالفرار ،
كيف تجرؤ على قول هذا عنه بعدما كان لطيفا معها ؟ بينما ابتسم فرانسوا ببرود ، أفعلا سيكون يد العون لنايت ؟
أفلا سينتقم من أجله إذا قام أفراد عـائلته بقتله ؟ هـذا الآن يبدوا مستحيلا ، نظر إلى فنجان الشاي قائلا بمتغاض
ـ أوه لا ،

/


بعد رحيل ويليام و فلور ، أسفل ذلك المبنى عند حلول الساعة العاشرة تماما تم إقناع نايت أخيرا بمغادرة الشقة
، واستطاعت ماري أن تفوز بموعد مع خطيبها و لأن نايت كان محموما فسحبه معها ليس بالأمر الصعب إذ لم يكن
يستطيع رؤية ما حوله جيداّ أو حتى تفكير معمقا في أفعاله فـظن ويليام أن هذه فرصة مناسبة لا تحدث إلا نادرا
و جعل ماري ترافقه في نزهة صغيرة لطيفة ربما
تلف ذراعها حول ذراعه بكل حماس مرتدية فستانا أبيض اللون مع سترة من قماش وردية و حذاء بنفس اللون هذه
المرة حاولت جاهدة أن ترتدي أفضل ما تملكه في دولابها لكي تجاري أناقة نايت و أيضا لتجعل هذا الموعد مثاليا ،
وقفت أمام سيارته الرياضية السوداء و أمسكت بمفتاحه لتجلس خلف المقود واضعة معصمها عليه و قدمها الآخرى
لا تزال تطأ الأرض ، غمزت له بكل مرح بينما كان يرمقها مكشرا ثم همس بصوت مبحوح
ـ ما الذي تعتقدين نفسك فاعلة بحق الله ؟
ضحكت بتوتر من نبرته الحادة و الذي بالرغم من مرضه فلا يزال قادرا على إثارة الرعب في قلبها ، لذلك تحدثت
بنبرة مرتبكة حاولت قدر الإمكان أن تجعلها مرحة
ـ ما رأيك ؟ هل يناسبني دور الفتاة الجانحة ؟
رمقها بنظرة تفحصيه شاملة ثم ابتسم ساخرا و دفعها بعيدا ليستلم مقعد السائق في حين سارعت ماري
للجلوس بجانبه بعد أن شغل محرك السيارة خائفة من أن يتركها خلفه ، نظرت إليه حيث كان يرتدي قميصا أزرق
خفيف و يلف وشاحا بطريقة لا مبالية على عنقه ، قبعة رمادية افلت منها خصلات سوداء لتنساب على جبهته الشاحبة ،
أفعلا لا بـأس بالخروج و هو في هذه الحال ؟ يبدوا مريضا بشدة ربما لم يكن يجب عليها أن تنصت لويليام ، وضعت يدها
بتوتر على جبينه فالتفت مسرعا ناحيتها كما لو كـأن كهرباءا قد سرت في جسده ،
ـ نـايت ، هل أنت بخير ؟ تبدوا شاحبا أكثر من المعتاد ربما يجدر بنا زيارة الطبيب، قد يكون الأمر جدياّ
نـظر إليها بعينين واسعتين قد بهت لونهما الأزرق الداكن لكنه لم يقل شيئا بل استدار ليراقب الطريق هامسا
بشتيمة ما إذ يبدوا أن ذكر الطبيب لم يثر إعجابه فتنهدت ماري و لم تعد تعلم كيف تتصرف معه ، ضحكت بتوتر
محاولة تغير الموضوع و هي تقول بحماس
ـ إذن إلى أين سنـذهب ؟
ـ إلى الجحيم
مـرت نصف ساعة استمرت ماري فيها بإلتزام الصمت و الشعور بغيض شديد منه ، إنه الموعد الأول الذي يحظيان
به بعيدا عن التمثيل أو الحفلات المرفهة لكنه يستمر بقول كلمات قاسية و التذمر ، مهما قالت و مهما فعلت فلن
ينظر ناحيتها كم هو صعب أن يكون الحب من طرف واحد ، همست باستياء محدثة نفسها
ـ لو أننيّ ذهبت مع فلور و ويليام لكان ذلك أفضل للجميـع ،
عادت تنـظر إلى نايت ، هناك هذه الهالة التي تنبأ بعدم الاقتـراب لا تنفك الظهور أمامها فتجعلها تستسلم قبل
المحاولة حتى ، فكرت قـليلا لو أن ويليام هنا لشعرت بقليل من الراحة لكن لا يجب عليها الاعتماد عليه للأبد فهي
سوف تصبح زوجة نايت و لن يكون ويليام معها طوال الوقت لذلك يجب عليها أن تقترب منه ، ضحكت بتوتر و صفقت
يديها قائلة بحماس
ـ أوهـ ما رأيك في لعبة الحقيقة ؟ فبماّ أنه لم تسنح لنا الفـرص في التعـرف على بعضنا أكثر لما لا نـقوم بهاته اللعبة ؟
رمقهـا للحظـات محاولا استيعاب الفكـّرة ثم عـاد يّراقب الطـريق بكل ضجر ، رفع يده بهدوء مشـيرا لها أنه موافق فظهرت
على شفتيها الورديتين ابتسامة مليئة بالسعادة ، تحدثت بنبرة فرحة
ـ إذن السـؤال الأول لي ، نايت أخبرني عن والديك فـأنا لم يسبق لي و أن رأيتهما أبدا
كان مستمرا في قيادة السيارة بينما المـطر يهطل خـارجا فـأصبح الشـارع خـاليا من المشـاة أو أي آثر للحيـاة ،
تسللت قطـراتّ لوجهه الشـاحب و إزداد لون عينيه بهوا أكثر فـأكثر ليهمس بـصوته المبحوح الخافت
ـ كلاهمـّا ميتين ، بما أنه دوري فيجب علي أن أسـألك أليس كذلك ؟
أومـأت ماري بخجل و هي تشعر بالأسف لطرحها مثل هـذا الـسؤال كبداية للعبتهما لما تستمر بالفشل ؟
كان يجب عليها أن تستنج ذلك بما أنها لم ترهما سابقا لكن غبائها سيطر عليها لكنها لن تسمح بـمثل هذا
الجو أن يتكرر مجددا ، سمعته يتحدث ببرود
ـ أنت، أفعلا كـانت قبلتك الأولى التي أخذتها ؟
بعينين متسعتين كان ينظر إليها منتـظرا جوابها بينما علا اللون الوردي وجنتيها بإحراج ، حـاولت الإجـابة لكن لم
تـخرج من فمها كلمة سليمة إذ أصبحت تتأت و تلعثم بتوتر كمـا لو كـأنها طفل يحاول تعـلم نطق الحروف لأول مرة
أما نبضـات قلبها كانت تدق بجنون و خيل لها أن نايت قد يستطيع سماعها، فابتسم بسخرية على ملامحها عندما
استطاعت أخيرا تكونين جملة سليمة و بنبرة مندفعة قالت
ـ لا ، لم تكن قبلتي الأولى أنا على الأقل لا أعتبرها كـذلك أعني من ناحية التقنية أقصد الجسدية هي كذلك لكن
من الناحية العـاطفية ليست كذلك ، أتفهم ما أعنيه ؟
لم يجبـها بل إكتفى بابتسامة خفيفة مستهزئة زيت شفتيه لثـواني لم تدم فسرعان ما اختـفت في حين قررت
مـاري تجاهل شعورها بالخجـل و الإحـراج لتسـأله بكل حمـاس
ـ سـؤال الثـاني من فـضلك أجب سيدي ، لما تتنـافس مع كايل على مركز الرئيس بالرغم من أن هنـاك من
الأموال ما يكفي الجميع ؟
أعتلى فجـأة البرود ملامحه بعد أن كان مسترخيـا و احتدت عينيه بشكـل خطير ، ها قد سـألت سـؤال آخر
لم يكن يجدر بها التفوه به يالها من غبية لما لا تنفك إفساد الجو؟ ، نايت شخص غـامض مهما حاولت جاهدة
أن تفهمه فـلن تنجح ، يـا ترى ما كمية الأسـرار التي يخفيها خلف هـذا البرود ؟ تحدث بنبرة متـألمة قليلا و قد
أهمل حـاجزه العالي لثـواني
ـ إن سقطت تفاحة فـاسدة بفم أحد أصدقائك هل ستقتلينه قبل أن يتسرب السم أكثر لجسده أم تتركينه ؟
رمشت باستنكار و لم تستطع أن تـلمح المعنى الخفي من خلف هذه الجملة ، هاته الكلمات المتـألمة و النـظرة الحزينة ،
ما الذي يعنيه ؟ أيقصد أن كايل بمثابة تفاحة فـاسدة في الشركة يحاول أن ينزعها قبل أن يقوم بشيء سيء
لجده أم ماذا ؟ هـزت رأسها نفيا دلالة على عدم فهمها ، لكنها قـالت بـبساطة
ـ و لما أنا مضطرة لقتله ؟ لما لا أحذره فقط ؟ أو أسـاعده ؟ هذا سيكون أفضل
نـظر إليها بدهشة ثم ضحك بـخفوت ، تحـذره ؟ لما لم يفكر بهذا قبلا ؟ مد يده ناحية رأسها و عبث بشعرها
قـليلا ليقـول بـسخرية
ـ أشك بـان في هـذا الرأس عـقلا ،
عـاد يقود بـهدوء فـوضعت يدها مكان ما لمس به شعرها و قد تـوردت وجنتيها خـجلا و إحـراجا، اكتفت بابتسامة
مرحة تـعبر فيها عن مدى سعادتها و هي تصيح بحماس
ـ دعنا نـمرح ناي

/

تلك السيارة السوداء المضللة تتبعهم من بعد بسابق الإصـرار و التـخطيط على الخلاص منهـا ، حين رن هـاتف
ذلك الـسائق ذو الملامح المخفية فـربعه ببرود و قام بإرسـال تلك الصور التي التقطها سابقا إلى سيدته إليزابيث
بينما كانت هي جالسة على الكرسي ، إذ أن لديها جلسة تصوير مهمة و لن تستطيع أن تتابع الأمور عن قـرب
لذا انتابها هاجس فشلها حين وصلت عدة صور لماري و نايت كلاهما يقفان أمام المبنى ، قطبت بغضب لم يكن
هذا في خطتها فهي لا تريد قتله بل القضاء على خطيبته فقط .. رفعت كـأس النبيذ و رمته بـأقصى ما تملك
لتتناثر أشلائه في الأرض بعدما ارتطم بالجدار متناسية مكانها ، استدارت إليها زميلاتها العارضات بدهشة لكنها
لم تهتم فعلا لرأيهم ففرصة كهذه لن تعاد مرة أخرى و يجب عليها استغلال إفلاس شركة جونسون إلى جانبها
مادام الخـبر سـاخنا ، وقفت ببرود لكن عادت تجلس في مكانها فلا يجب على خطواتها أن تكون واضحة للعيان
فقامت بإرسال رسالة نصية قصيرة إلى تابعها تـطلب منه إعلامها بجميع تحركاته .
لن تفشـل .. بكل تـأكيد لن تفشـل
لقد اعتقدت أن خطبة نايت كانت مزيفة و لن يجـرؤ على توثيقها بـزواج علني لكن الآن لقد تعدى جميع الحـدود
فكيف لفتاة ريفية مثلها أن تتوج كزوجة له ؟ لا يحق لإحداهن أبد ان تكون سيدة لبير غيرها و إن اضطرت لقتلهن ،
همست بنبرة قلقة
ـ أرجوا أن أنجح لا بل يجب علي النجاح
نـظرت بواسطة رموشها الطـويلة و عينيها السـاحرتين إلى لا مكـان قد شردت في أفكـارها بـعيدا ، عنـدما
جرفتها الذكريـات بـعيدا لا يمكنها أن تـهزم أبدا خصوصـا أمـام ذلك الـعجوز و نـايت ، بـعد أن قطعـت هـذه الطـريق الطـويلة
و وصـلت أخيرا إلى هدفها فلن تسمح لأحد أن يهزمها

/





 

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

شرح حديث

علف


الساعة الآن 07:06 PM