صوت الباب القديم كان عالياً حالما فتحته مما جعل جسدها يرتعش خوفاً
وبالفعل ماكانت تخشاه او بالأحرى من كانت تخشاه قد ظهر أمامها غاضباً يلوح الشر في محياه
مبررة قالت بسرعة : كنت سآتي لكنه ماإن دخل المنزل بدا تعيساً .. لذا قلت أني سأرفه عنه
لم تلحظ تغييراً في ملامحها المتجهمة لذا ماكان منها إلا أن تطرق برأسها وهي تعبث بأصابعها بتوتر واضح .. واذا بضحكاتها الناعمة تداعب أسماعها مما جعلها ترفع طرفها نحوها بسرعة مذهولة بينما نظرت الأخرى لها بحنو وربتت على رأسها قائلة بابتسامة جميلة : ألهذه الدرجة أبدو مخيفة
بخجل قالت : حين تغضبين .. نعم مخيفة جداً
بدت الدهشة عليها حالما تغيرت ابتسامة والدتها تلك إلى البؤس وعيناها شاردتان للبعيد
وبينما هي في تعجبها وتساؤلها إذ انحنت آرياكو معانقة إياها بحنين وأسى
كأنما تعوض في ذلك حرمانها من ذلك الشخص .. الذي ورثت طفلتها جل طباعه وتصرفاته
بتعجب وحيرة ظلت تراقبها وهي تصب الطعام في الأطباق .. وعيون أخرى كانت تراقبها هي .. التفتت بضجر بعدما ملت ذلك قائلة لها : مابكِ هانا أنتِ تربكينني لما تحدقين بي هكذا ؟
ببراءة أجابت : ولما تحدقين بأمي هكذا ؟
عقدت حاجبيها باستنكار : هي أمي كذلك أراقبها كيفما يحلو لي
- وأنتِ أختي يحق لي مراقبتكِ كيفما يحلو لي
هزت رأسها بالنفي بتملل وعادت تراقب والدتها فحل الصمت قليلاً على كلتيهما .. حتى قطعته هانا بتردد قائلة : ماذا فعلتِ هناك ؟ لقد اطلتِ المكوث عنده
- آها هذا مايشغل ذهنكِ الصغير اذاً .. هه لتحترقي غيظاً لعبنا كثيراً
نظرت نحوها بصمت بينما اتضح البؤس والاستياء على وجهها الطفولي وكأنما ترغب بسماع المزيد رغم معرفتها أنه سيزعجها .. وذلك ماحث هارو على استكمال لعبتها الاستفزازية فجلست متكئة على الطاولة وجلست هانا على اثرها ..
استقبلت كلٌ منهما الأخرى وقد بدأ الفضول يسيطر على هانا التي مااستطاعت اخفائه بينما قالت هارو باستمتاع : حين وصلنا للمنزل وجدته مبتئساً كان الوضع مزعجاً في البداية فقد بقي صامتاً يتأمل كل شيء بينما جلست أراقبه .. حتى خطرت لي فكرة !
اقتربت منها هانا بحركة لا ارادية وقد قطبت حاجبيها وأغلقت فمها بإحكام بينما قبضتيها الصغيرتين تشدان على ثوبها الزهري مما جعل هارو تدهش بدئاً بفضول شقيقتها الذي اشتعل فجأة لكنها آثرت الإستمتاع قدر الامكان بذلك واستفزازها فأكملت قائلة :
قررت أن نلعب لعبة .. اكتشف حقيقة هانا الغبية !
- ها .. ماهذه أيضاً ولما أنا ؟
قالت ذلك ببؤس وأسى فانفجرت هارو ضاحكة وهي تقول بين ضحكاتها : قلت .. له قصتكِ .. مع الشبح ههه .. وكيف .. بللتِ فراشكِ ههه
توقفت عن الضحك فجأة بدهشة حالما رأت دموع شقيقتها تجتمع في عينيها .. وسرعان ماانهمرت بغزارة بينما نهضت وأسرعت خارجة من المنزل وسط ذهول هارو وحيرتها !
- كنت أمازحها فقط لما تأخذ الأمر بهذه الجدية ؟!
قاطع أفكارها صوت والدتها التي قالت بينما تحكم إغلاق العلبة : هارو هانا تعاليا وأوصلا هذا الى تاتسو
نهضت وتوجهت لوالدتها بسرعة : سأحمله أنا وآخذه اليه
- تستطيعين هذا ؟
- أجل ليس ثقيلاً
- حسناً انما لاتتأخري كعادتكِ
- حاضر ماما
أسرعت نحو الخارج وارتدت حذائها وقبل أن تخرج من الباب جائها صوت والدتها المتسائل : أين شقيقتكِ هارو ؟
أجابتها بينما ترتدي معطفها وتحمل علبة الغذاء مجدداً : ربما في الحديقة .. الى اللقاء
قالت ذلك وأسرعت الى منزل تاتسو قبل أن تبدأ والدتها في استجوابها المعتاد
فتح عينيه بعد غفوة قصيرة لم ترحمه الكوابيس فيها ليهنأ بقليلها
ذلك الشيء البارد الذي لامس جبينه الساخن أشعره بالراحة قليلاً فآثر البقاء مغمض العينين مستشعراً تلك البرودة المريحة
بعد حين بدأت تلك البرودة تقل شيئاً فشيئاً مما جعله يقطب حاجبيه باستياء وتعب .. ففتح عينيه مجبراً واذا به يرى يداً تمتد لتستبدل الكمادات من على جبينه بأخرى باردة
نظر نحوه بذبول متأملاً تقاسيم وجهه التي لم تتغير كثيراً خلال سنواتٍ ثمانٍ فارقه فيها
بنية جسده النحيلة ووجهه ذو التقاسيم الهادئة المشعة بهالةٍ تبعث الاطمئنان
عيناه العسليتان الناعستان وشعره الكستنائي الناعم الذي انسدل على كتفيه
لاحت على شفتيه ابتسامة هادئة قصيرة : لما تتأملني هكذا .. أتغيرت كثيراً ؟
بتساؤل وتعب قال : منذ متى وأنت تطيل شعرك ؟
- ههه .. لم أطله كثيراً .. كان هذا منذ ستة أعوامٍ فقط .. ألايبدو مناسباً ؟
- هو يناسبك في الواقع .. طوله يبدو جيداً لاتطله أكثر ولاتقصره أيضاُ
ابتسم مجدداً بينما يأخذ كوب القهوة من على الطاولة : لاتقلق فكلما ناهز طوله أعلى كتفيّ فالمقص جاهز لايقافه
نظر له بدهشة : تفعل ذلك بنفسك ؟
بابتسامة حانية أجابه : أجل .. في الآونة الأخيرة وحسب
لم يفهم ماقصده بجملته الأخيرة إنما آثر الصمت والتفكير بعدها بأمور شتى
كبريائه ألح عليه أن لايعترف ! وإلا فإن شوقه لهم كاد يطغى على عناده
وبالتحديد شوقه لشقيقه المتعجرف سليط اللسان
- لا أحب صمتك .. ربما لأني لم أعتده .. ولكني فعلاً مشتاق لحديثك فلورنس
نظر نحو شقيقه الذي تفوه للتو بكلمات بدت صادقة حقيقية تنبع من أعماقه .. أبهذا القدر اشتاق له .. لما كان يحسبه يكرهه اذاً .. بل لايزال يرى هذا
- سؤال لطالما هاجمني كلما فكرت بك
- هم ؟! وأي سؤالٍ هذا .. ماأعرفه أنك لاتنتظر الإذن لتسألني
- بأي قدرٍ تكرهني .. جيلبرت!
بدا عليه الذهول والاستنكار لسؤاله الغريب .. وبعد صمتٍ وتفكير حاول خلاله استعادة تلك الأفكار الجنونية التي طرأت على عقله : لما تعتقد أني أكرهك ؟ أمرك عجيب حقاً !
- لما يجب أن أعتقد أنك تحبني .. حين غادرت لم تحاول منعي أبداً .. وفي كل مرة تحدث فيها مشكلة ما تنسحب بكل هدوء دائماً .. لطالما سمعت والدينا يوبخانك وحالما تروني يصمت الجميع وتبتسم لي تلك الابتسامة الحمقاء التي تظن أنك ستخدعني بها .. خلفها وخلف نظراتك تلك كنت أرى الكثير من الكراهية .. رغبة بتمزيقي أو ربما .. بأن أختفي للأبد !
-
ظل صامتاً بدهشة وحيرة عقدت لسانه وعقله ..
حاول استرجاع ماقاله في ذهنه مراراً لكي يجد الجواب المناسب .. ومالبث أن ابتسم ساخراً وقد رفع رأسه إليه بنظراتٍ غامضة : رغم كل محاولاتي لإخفائه فقد كنت تراه اذاً ..ياللسخرية .. يبدو أن أخي الطفل أذكى مماظننت .. أجل أنا أكرهك ولازلت لاأفهم كيف عرفت هذا .. أكرهك أكثر مما تتصور أيها الطفل المدلل .. الكل يحبك ويمقتني ويراك الأفضل ويعاملني كالخادم الشخصي لك .. كل شيء يعود لك وحدك وكأنني لا أنتمي لهذه العائلة .. حتى الهوية ! .. بريطاني حقيقي كامل تشعر بالوطن يسري في عروقك وأنا ماذا ؟ لست أشعر بالانتماء لموطني حتى .. أكرهك وأتمنى دائماً لو أنك لم تولد .. حينها فقط كنت سأكون الأول بكل شيء !
تنفس بعمق حالما أنهى حديثه وألقى بنظراتٍ باردة خالية من المشاعر نحو شقيقه الذي كان يطالعه بذهول وانكسار .. وسرعان ماارتدى قناع الكبرياء مجيباً اياه : كل هذا ؟ فقت توقعاتي كلها حقاً .. رغم أني لم أفهم معظم حديثك الا أنني أخيراً عرفت سبب كراهيتك لي .. وتأكدت من حقيقة مشاعرك نحوي .. كي لاأعيش واهماً أكثر !
صمت ثقيل قطعه جيلبرت بتنهيدة مستاءة التفت بعدها له وضربه على جبينه ثم نهض يقول متهكماً : أخٌ غبي .. أنت لاتفهم شيئاً .. ولاأعلم حقاً لما استنتجت أني أكرهك .. كيف تصدق أموراً غبية كهذه .. كف عن التفكير بهذه الطريقة الساذجة لما أكرهك أيها الطفل الأبله
أضاف بابتسامة وهو يملأ كوباً آخر بالقهوة الساخنة : لاأحد يحبك مثلي أخي الطفل المدلل .. أرح عقلك المتحجر قليلاً فعلى مايبدو لم تستعد وعيك تماماً بعد
قالها وخرج من الغرفة تاركاً فلورنس تعصف الحيرة به والحرب بين الحقيقة والكذب تشد أوزارها في عقله
- مرحباً مجدداً تايسو
- آه مرحباً بكِ هارو .. عدتِ مبكراً .. أيضاً اسمي تاتسو عليكِ حفظ اسمي جيداً
بلا مبالاة دخلت وخلعت حذائها لترتدي الآخر الخاص بالمنزل والذي كان كبيراً على قدميها الصغيرتين .. أسرعت للداخل وجلست أمام المائدة الخشبية الصغيرة القديمة ونفضت الغبار عنها ثم وضعت علبة الغذاء عليها وبدأت برصف أجزائها بسرعة
- هيا أسرع دعنا نأكل أنا جائعة
بتعجب كان ينظر لها وماان جلس أمامها حتى وجدها قد بدأت تأكل بشراهة غير آبهة به .. أخذ أعواد الطعام الخشبية وبدأ يأكل بهدوء حيناً ويراقبها بتعجبٍ حيناً آخر .. ومامضى الا القليل من الوقت حتى التهمت كل شيء بينما تناول تاتسو القليل وقضى بقية الوقت في مراقبتها ..
- أنتِ مدهشة .. تأكلين الكثير إنما لاتسرعي فقد يضر هذا بصحتكِ
مسحت فمها بكم ثوبها وقد اتسخ وجهها بتلك الصلصة الحمراء الممتزجة مع حبات الأرز وسرعان مابدأت تحتسي الشاي الذي وضعه أمامها
- رويدكِ هارو
- لاتقلق مابك ليست المرة الأولى التي أتناول فيها طعاماً لكنك محظوظ ماما صنعت لك أطباقاً شهية لاتصنعها لنا في العادة سوى يوماً واحداً كل أسبوع
عادت تحتسي الشاي تارة وتلعق ماتبقى في الأطباق تارة أخرى ودهشته كانت تزداد مع مراقبته لحركاتها الفوضوية ومالبثت أن التهمت حتى البقايا الصغيرة وارتمت على الأرض باسترخاء
- شبعت كان طعاماً شهياً
اعتدلت بعدها وأخذت تلملم أجزاء علبة الطعام وترصفها فوق بعضها البعض ثم وضعتها بكيسها ونهضت وهي تقول : الى اللقاء الآن أراك حالما يحين موعد العشاء
ودون انتظارٍ لجوابه ابتعدت متجهة الى الباب الخارجي وسط نظراته الذاهلة المتعجبة
واستبدلت حذائها وخرجت ببرود كأن لم تفعل شيئاً !!
- طفلة غريبة الأطوار !
قال ذلك وهو لايزال يحملق حيث غادرت بذهول شديد ثم تنهد بعمق ورفع كتفيه بحيرة
- لقد عدت
قالت ذلك وهي تدلف لداخل المنزل مغلقة الباب خلفها .. بدا المنزل هادئاً جداً إنما ذلك لم يكن ليقلق فتاة بطباعها اللامبالية ..
دخلت ووضعت العلبة على الطاولة واذا بها ترى أطباق الطعام كما هي مرصوفة عليها دون أن يُأكل منها شيء !
نظرت لذلك بتعجب ثم التفتت حولها بتساؤل : أين ذهبت أمي وهانا ياترى ؟
بلا مبالاة رفعت الغطاء عن الطبق : إنه يوم حظي
اتسعت ابتسامتها وعادت تأكل وتلتهم ما أمامها واذا بباب المنزل يفتح بقوة مما جعل جسدها يرتعش فزعاً !
التفتت خلفها لترى والدتها تدخل بسرعة والقلق يغلف تعابير وجهها ومن خلفها كان تاتسو بملامحه الهادئة ممتزجة بقلق خفي : هارو !!
هكذا نادت والدتها ومالبثت أن أسرعت لتجلس امامها وتضع يديها على كتفيها وهي تقول بخوف : هارو أين شقيقتكِ أتعرفين شيئاً ؟ أخبريني أتعرفين أين ذهبت وتخفين ذلك عني ؟
بتعجب أجابت : لا كانت هنا .. آه
فجأة استعادت ذاكرتها صوراً لماحدث منذ نصف ساعة !
وكيف أن شقيقتها غادرت غاضبة حزينة بعدما صدقت مزحتها تلك
بدا عليها التوتر والخوف فهي لاتستطيع اخبار والدتها بما جرى وبالتحديد بحضور تاتسو
فآثرت الصمت مما جعل آرياكو تصيح بوجهها غضباً و خوفاً : تحدثي هارو أين شقيقتكِ ؟
نظرت نحو تاتسو ملياً برجاءٍ أن ينقذها بينما ظل صامتاً يستحثها بنظراته على الكلام
فقالت بترددٍ وهي تنظر لوالدتها : لن .. تغضبي ؟
- قلت لكِ تحدثي ماذا حدث لشقيقتكِ أين هانا ؟؟
قالت ذلك صارخة بغضب امتزج بخوفها الذي بدأ بالازدياد مما جعل الصغيرة ترتعش خوفاً وتوتراً .. أجابت بعد قليلٍ من الصمت بذعر : تشا..جرنا.. أنا لم أقصد .. كنت .. أمازحها فقط .. هي صدقت .. وخرجت .. غاضبة
بدا أن قلق آرياكو قد ازداد وقد بقيت تفكر بخوف ٍ لثوانٍ قليلة ثم نهضت مسرعة وهي تقول : تاتسو ابق معها سأكمل بحثي .. لست مطمئنة أشعر أن مكروهاً أصابها
- أود البحث معكِ رجاءاً
قال ذلك وقد اعتراه القلق هو الآخر فأومأت ايجاباً بتردد .. أما هارو فقد نكست رأسها بتذمر وأسى وما إن خرجت والدتها حتى توجه تاتسو لها وأمسك بيدها : هارو يجب أن تساعديني .. أنتِ حتماً أكثر من يعرف هانا ويستطيع تخمين أين يمكن أن تكون .. سترافقيني حسناً ؟
نظرت له بقلق وحزن : أنا لم أقصد .. كنت أمازحها فقط .. لكنها غبية تصدق كل شيء
وضع يده على رأسها وربت عليه بينما يبتسم ابتسامة دافئة جميلة
- أفهم هذا .. أنتِ كذلك قلقة عليها صحيح .. هو ليس خطئكِ وليس خطأ هانا .. لذا كل ماعلينا الآن هو ايجادها والاعتذار حسناً ؟
- لكن لما أعتذر إن لم أكن مخطئة ؟
- ليس خطئكِ أنها اختفت فلم تتعمدي ذلك ولم تعرفي أنها قد تحزن مما ستتفوهين به .. لكن الآن وقد عرفتِ توجب عليكِ الإعتذار وعدم تكرار هذا .. حسناً ؟
أومأت إيجاباً باقتناع ثم نهضت معه : اذاً لنسرع بايجادها
ابتسم بلطف وأمسك يدها ثم خرجا سوياً ليبحثا عنها .. مبتدئين بحثهم بالجسر
السماء قد أظلمت قبل أن يحل المساء .. فتلك الغيوم تراكمت مجدداً متأهبة لعاصفة ثلجية جديدة ..
وقف يطالع السماء من خلف النافذة الأبنوسية ذات الستائر البيضاء
حرك أنامله لتلامس سطحها المبلل بذرات الثلج المتراكمة على الوجه الخارجي منها
بشرود كان يطالع ذلك البياض الممتزج بسواد الخشب الأبنوسي المشابه للون شعر من سكنت عقله وكل أفكاره
ابتسم دون إدراكٍ بحنين اعتصر لبه .. حتى قاطع خلوته بنفسه صوت الباب الذي فُتح ليطل منه ذلك الشاب ذو الابتسامة الملائكية التي لطالما أغاضته
نظر له قليلاً وسرعان ماأعاد ناظريه نحو النافذة وماخلفها
بينما اقترب الآخر منه وهو يحمل طبقاً من الطعام وضعه على الطاولة القريبة
- ألن تأكل شيئاً .. تعال وتناول طعام العشاء أخي .. أنت لم تأكل مايذكر منذ الصباح
- لست جائعاً
- كف عن هذا الآن .. هيا تعال وكل شيئاً
صمت وكأنما مل الحديث معه فتنهد الآخر بعمق ووضع يده على كتفه وما إن هم أن يتحدث حتى ضربت كف شقيقه يده مبعدة إياه عن ذراعها بينما ينظر له بغضب : قلت لك لاأريد شيئاً هلا بقيت بعيداً عني .. عد من حيث أتيت وأخبرهم أني لن أرافقك لأي مكان
قالها وعاد لفراشه بانزعاج بينما انتظر جيلبرت أن يهدأ شقيقه قليلاً ثم ابتسم مجدداً وتبعه حتى جلس بجواره .. أطلق تنهيدة عميقة ثم وضع يده على يد فلورنس وخاطبه بتفهم
- أعلم كم هذا صعب .. فأنت ستخلف ورائك أكثر الأشخاص أهمية .. وماكنت لأؤيدك على هذا مهما كان من طلب ذلك مني ولو كنت أنت حتى ! .. لكني أطلب ذلك منك الآن بجدية بغض النظر عما يريده والداك .. لأن مخاطر بقائك هنا أكثر بكثير من رحيلك .. ستجلب المصائب لعائلتك إن ظللت معهم فجريمتك ليست سهلة البتة !
نظر له بدهشة وخوف وقد تسارعت دقات قلبه بجنون .. تمتم بصعوبة : كيف .. عرفت ؟
بابتسامته ذاتها أجابه : عيناي لم تتخليا عن حراسة أخي الصغير ولو للحظة !
ازدرى ريقه وقال بعد تردد : وهل .. يعلم ..
قاطعه مطمئناً : لاأحد يعلم بالأمر سواي .. اطمئن لم ولن أخبر أحداً
- تكذب .. انها فرصتك للتخلص مني
- لما تعتقد أني أكرهك .. فلورنس هذا يكفي كف عن التفكير بي بهذه الطريقة أنت أخي أم أنك ستحرمني التفكير بهذا حتى ؟!
نظر له بحيرة وقلق : في كل مرة يثير حديثك بي الريبة ورغم هذا أنت لاتجيبني عن أيٍ من تساؤلاتي .. كيف لي أن أثق بأخٍ لاأعرف عنه سوى سطورٍ كتبت بهويته ؟!
ابتسم بشحوب مجيباً اياه : ليس مهماً أن تعرف عني ماهو أكثر .. المهم أن تثق بي .. أخي
تنهد فلورنس بحيرة وأسى وعاد ينظر للفراغ مفكراً ..
حل الصمت طويلاً ليعشعش في تلك الغرفة الباردة قلوب سكانها
حتى انقطع أخيراً حينما قال فلورنس : اذاً .. ماهو الحل الذي أوجدته لي ؟
نظر جيلبرت نحوه بهدوء وأسف : ستعود لبريطانيا .. بعد أن تسوي الأمور هنا
نظر نحوه بألم : وعائلتي ؟
بابتسامة هادئة متفهمة : سيكون ذلك قاسياً .. إنما عليك أن تضحي لأجلهم .. فرحيل قد لايطول .. أفضل من الرحيل للأبد .. ان ظللت فعقابك الموت .. لن تظل القضية طي النسيان طويلا وستكشف يوماً ما .. لكن هناك .. ستضمن لهم حياتاً أفضل وأكثر أماناً ان اتبعت خطتي جيداً بحذافيرها !
بألم أكبر : لا أستطيع .. آرياكو .. هارو وهانا .. جميعهم كيف أتخلى عنهم .. كنت أحلم بالكثير .. كيف أمضي حياتي بعيداً عنهم .. أنت لم تجرب هذا الشعور أخي .. انها عائلتي الحقيقية .. بنيتها بنفسي حتى منزلي ذاك صنعته بيديّ كيف أترك كل شيء
بدا على جيلبرت ألم وأسى عميق لم يستطع اخفائه .. واكتفى بأن أجبر نفسه على الابتسام بينما يقول بهدوء وهو يربت على كف شقيقه : أفهم ماتشعر به .. صدقني إني أفهمك
أرخى فلورنس رأسه على كتف شقيقه وقد تجمعت الدموع في عينيه بينما كان يتمتم باختناق : أحبهم .. أحبهم كثيراً .. لا أستطيع .. كيف لك أن تفهمني وأنت لم تجرب الحب حتى .. لم تجرب معنى أن تكون أباً !
رفع جيلبرت يده ليمسح على شعر شقيقه ويربت عليه مواسياً رغم ماكان يصارع من ألم : أفهم هذا .. لكنها تضحية لابد منها .. أعدك بأن أعيدك لهم مجدداً .. أعدك .. أخي الطفل
الفصل القادم " الجزء الأخير من
وداعاً ياربيعي الأجمل "
ونهاية الجزء الأول من براعم زهرة الكرز
المرحلة الأولى من حياتهم .. ستنتهي فكيف ستغدو نهاية فصولهم الأخيرة
وكيف ستبدأ حياتهم الجديدة
والتي ستبدأ مع تفتح أوائل براعم الكرز
مجدداً ستنمو بحلة جديدة "
يتبـــــــــــع
وبالطبع لن ننسى المهمات أو التحقيق XD
- جيلبرت في دخول غريب وشخصية غامضة تحير فلورنس .. ماهي أسراره وماحقيقته ومالذي يخفيه خلف قناعه الملائكي
- فلورنس في صراع بين خيارين أحلاهما مر .. فعلاما سيستقر وماسيكون مستقبله ؟
- تختفي هانا وتبدأ مشكلة جديدة تقض مضجع آرياكو .. مامصيرها وماذا تخفي هي الأخرى خلف مشاعرها الخفية ؟
- تاتسو وهارو .. صداقة هل يكتب لها البقاء ؟
- وأخيراً .. رأيكم في البارت + نصائحكم التي لاغنى لي عنها
مقتطفات للفصل القادم والأخير من الجزء الأول
- إن ماتت هانا سأكون السبب صحيح .. وستكرهني أمي
- لاأحد يحبني !
- فلورنس كيف تختفي حينما أحتاج وجودك .. اشتقت لك .. أنا أفتقدك بشدة
- لقد بتِ مصدر ازعاجٍ كبير .. أريحيني من وجودكِ الدائم بقربي
- لاأستطيع فعل هذا .. إنه أكثر مما أستطيع تحمله
- لن أسمح لك بالعودة قبل أن تغدو رجلاً
- لما تقولين هذا .. لطالما أحببتكِ .. لكني أبٌ سيء .. لايستطيع أن يعبر عن مشاعره لطفلته
- أنت كاذب أنا أكرهك
- خذني معك اذاً
- انه السبب أليس كذلك الموت له هو من أراد تفريقنا
- وداعاً .. ياربيعي الأجمل !
هووه المقتطفات كتير وهون نخلص
افتقدت في الآونة الأخيرة الكثير من المتابعين
بتمنى شوفكم هالمرة من كل قلبي
أفتقد اطلالتكم المفرحة حقاً
يالله اتمنى لكم متابعة ممتعة
سلام ^^