••
العودة   منتدى وندر لاند > القصص والروايات > روايات مكتملة.


سِحر كَوني || الصحوة؛ المتنفسُ بداخِلي

روايات مكتملة.


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-14-2020, 06:33 PM   #36
فِريـال
مشرفة طلبات التصميم ومعارض الأعضاء
-ORILINAD


الصورة الرمزية فِريـال
فِريـال غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل :  Feb 2020
 العمر : 29
 المشاركات : 26,683 [ + ]
 التقييم :  38750
 الدولهـ
Iran
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
إبتسِمـ
لوني المفضل : Black
شكراً: 22
تم شكره 6 مرة في 5 مشاركة

مشاهدة أوسمتي













الفصل 7: الفتاة التي لا تشبه أحد...!

:" أتَعتَقِدينَ أنَّ كوفين سيُخبِرُني عَنها؟!"
قالَت وهيّ تُرطب شَفَتَيها بِتوَتُر:" رُبَما! لَن تَخسَر شَيْئًا..."
بَقيَت صامِتة بَعد ذلكَ... لِما كان يَجِبُ أنّ تَكون مَن تُرشِده؟! هيَّ فَقَط لَم تَكُن تُريدُ أنّ
تَكونَ مَن يَنقِل المَعلومَة لَه! وَلم تُدرِك أنَ اليومَينِ المُقبلًينِ سَيَكونانِ، الأكثَر ثقلاً فيّ حياتِها!
عادَ بيرت لِلبَيت بَعد أن أوصَلها لِمبنى الشَرِكة وركبَ معَ سائِقه الشاب، مارتن... كانَ مُرهقا
مِن إنقِضاء يوم آخر كسابِقاته، كأن الدِراسة وما تَلزمَه مِن تركيز وتَفكير لايَكفيان... ليَمتَص العَمل
عَشرة أضعاف تَركيزَه لِحاجة الدقّة فيّ كُلِ حرف يَطرئ فيه!
لَم يَعُد له طاقةِ إضافيّة، هوَ فقط يُريد أنّ يَرمي نَفسِه فيّ حِضنِ سَريرهُ الدافيء، طالبًا الراحة...
لكِن هيهات! فقَد إستوقَفَهُ والده بِمُجَرد أنّ خَطى علّى أوّل درجَة مِن السُلم المُزدوج الذّي يَتوسَط
الرُدهة الواسِعة والتّي تَربِطُ المَدخل بعِنابِر البَيت المُختِلفة...
قال والدهُ السَيد جوليان كاسرًا الصمتَ المُطبِق فيّ الأرجاء:" ما الذي تَفعلهُ بِحق السَماء؟"
توقَف إثر طنين صوتُ والده المُستَنفِر... تَنهدَ بِهدوء قَبل أنّ يَلتَفِت نَحو أشيَب الشَعر
:" ماذا الآن... وما قصدُكَ تحديدًا؟!"
كانَت الخادِمة آرتميس تُحاول تَهدئة سيدِها تُخبِره أنّ صِحته لا تتحَمل الإنزِعاج علّى كُلِ شَيء
وما شابَه لكِنهُ تَجاهلَها مُلحِقًا:" ماذا تفعلُ تلكَ الفتاةُ فيّ الشرِكة؟ ولِما أصبَحَت تَرتادُ مَدرستُكَ أيضًا؟!"
نظرَ بيرت نَحو الخادِمة بِغَيض وهو يَطلبُ مِنها المُغادرة بِهزة صَغيرَة مِن رأسه...
تَوجَه نَحو والِده وتَجاوزهُ لحَيثُ خَرَجَ لِتَوه فَتبِعهُ الأخير... جَلَسَ بِجانب المِدفأة بَعد أنّ خَلع السُترة،
هذا الجَو المُكهرَب ليسَ مُناسبًا لِصِحة والده.. قالَ مُوضِحًا:" مُجرَد صَديقَة! ليسَ عليكَ أنّ تَهتم بِكُلِ ما يَحدُث!
أنسيتَ ما قالهُ طبيبُكَ عَن الإبتِعاد عَن التَوتُر والمَشادَة؟!"
جلس والدهُ مُتقابلًا مَعه:" مُنذ مَتى تتخِذُ الأصدِقاء! أعرفُكَ مُنذ كُنتَ صَغيرًا، تَمتَنِع عَن مُخالطة الأصدِقاء...
فأنّى لي أنّ أصدق أنَها مُجرد صديقَة؟! ولِما يجبُ أنّ تَبقى فيّ الشرِكة؟ ألم يَخطُر فيّ بالكَ أنها
قّد تكونُ جاسوسَة مِن شَركة مُنافِسة!"
قهقه بيرت لتَكهن والده مُردفًا بِسُخرية:" أنا مَن إخترتُ مُصادقَتِها وليسَ هيّ! تَوقَف عَن السرحِ بِخيالكَ يا والِدي!
ثُمَ مِن الجَميل أنّ جواسيسُكَ أوصَلوا لكَ هذهِ المَعلومة، فَلم أعرِف كيفَ اُفاتِحُكَ بِالمَوضوع... أريد أنّ تأتي للعَيشِ هُنا
لِبعض الوَقت، مُحتمَل ريثَما تَدخِلُ الجامِعة!"
قالَ والده بِحذر وإستِغراب:" أتَمزَح؟ ومَتى سَتدخِلُ الجامِعة؟ أهيَّ آخر سَنة لَها فيّ المَدرَسة مِثلُك؟!
إتكئ بيرت للخَلفِ بإسترخاء وقَد اطلَقَ آخَر طاقَة مِما تَبِقت لَه:" مَتى كُنتُ أمازحُكَ لأفعَل الآن؟ غَير هذهِ السَنة،
السَنة المُقبِلة أيضًا! ستَجِدُها فتاةَ هادِئة، أنا واثِقٌ أنها لَن تُزعجُكَ وما شابَه، سَتُعجِبُكَ!"
أومأ والدَه مُوافِقًا وهو يَقول:" مادامَت لَن تَبق فيّ الشَرِكة فلا امانِع! لا أحبُ فِكرة تَواجُد شَخصٍ
ليسَ موظفا مَوثُوقا فيّ الشَرِكة بَعد آخر مَرة سَرَقَت فيّه بَيانات أحد العابِنا فيّ الماضّي..."
أجَل، هوَ مُحِق... ولِكن بيرت يَعرفُ أنَّ آيرس ليسَت جاسوسَة وماشابه! فَقد كانَ مَن إختارَها ليَمنَحها
ثِقَتَه ووَقتِه وإهتِمامه! هيّ لَم تَتقَرَب مِنه بل هوَ مَن تَقَرَبَ مِنها!
نَهضَ وَهو يَشكُرُ والِده علّى الموافقة ليقولَ والدهُ مُلحقًا بِهدوء:" لقَد أتَت (نيتي) لِزيارَتي اليَوم!"
تَوقفَ وقَد كانَ علّى وَشكِ الإنسِحاب لغُرفتَه:"نيتي؟! وماشَأني لِتُخبِرُني بِذلِك؟"
قال والدهُ بِمرح:" تَحدَثنا وإتفَقنا سَنُقيم جَمعَةٍ عائليَة بِمناسبَة تَرشيح كوفين لِجائزة رجلُ اعمالِ السَنَة
مِن قِبل قاعَة مَشاهير المَدينّة! لقَد أصبحَ كوفين ما املَت أن يَكونَه طوالَ حيّاتي! الحَفلة فيّ نِهايّة هذا الاسبوع..
لِذا احرِص أن تَتوفَر فيّ البَيتِ طوالَ اليَوم."
نيتي زوجة كوفين، يبدو أنها تُخطِط لمُفاجئة زوجها علّى التَرشُح الذّي وصَلها اليومَ فَقط...
لاشَكَ أنَها فَخورّة بِزوجِها!
تَنهد بيرت بِقلّة حيلَة:"حسنًا لابأس... سألقّي خُططي لِيوم الأحد... مَن ستَدعونَ؟"
اجابَ بِقاطِعية "عائلة هاري وعائلة جيكوب."
مدّد جَسده بِتَعب وهو يومأ بإنصياع:" لابأس..."

إنسَحب مِن عِند والده وهو يُجر نَفسه بِتعب، ولَم يَكد يُصدِق أنهُ فيّ حِضنِ سَريره ليَغفو بَسُرعة....


فيّ الصباح الباكر تَوجه كلٌ مِن بيرت وآيرس لِلمدرسة التي ماتزال تُفاجئها، فَكُل شَيء يَتوفَر هُنا!
وطبعًا إنتهت الصفوف ولَم يَلتقيا ولو صِدفة!
فيّ أثناء العَودة استَوقَفَت سيندي، آيرس قَبل أن تَركبَ السَيارّة الَتّي جائَت مِن الشَرِكة لإعادَتِها
:" أيُمكِنُكِ أن تَبقَي مَعي لِبَعضِ الوَقت؟"
إستغرَبَت المعنية مِن مَوقِف سيندي التّي كانَت تَلتَزِم الصَمتَ طوالَ اليَوم، لِدَرجة أنّها ظنت أنَ الأخيرة
قرّرت تَجاهُلِها وعدَم مُحادَثتها مُجددًا! إبتسَمَت تومأ مُوافِقة التَفَتَت تُحدِث السائق العجوز
:" سأعودُ وَحدي لاحِقًا! اعتَذِر علّى إتلافِ وَقتُكَ يا سيد!"
وبالفِعل ذَهبَت مَع سيندي ومَلايين الأسئِلة تتزاحَم فيّ رأسِها... قالَت سيندي وهيّ تَسير
مَع آيرس فيّ الشارِع العام:" لقَد صرفتُ السائق الخاصَ بيّ لِنتمَكن مِن الحَديث!"
أومأت آيرس مُجيبَة:" وأنا أيضًا! عَن ماذا تُريدينَ الكَلام!؟"
رتبَت المَعنية شَعرها وهيّ تعبَث بأطرافِ الخُصلات التّي تَتدلى علّى صدرِها:" مُوضوعُنا نَفسه!..."
صمَتت لِبعض الوَقت مُردِفة بِتُوتر واضِح:" هَل أخبَرتِ بيرت؟"
حركَت آيرس رأسَها تُنفي بألم:" آخَر ما قَد اتَمناه أن انَقلَ خبرًا مُماثِلا لِبيرت الذّي لَم أر مِنه سِوى خَيرًا!"
ازدَردت سيندي ريقَها وهيّ تسأل:" أنا ذاهِبة اليَوم لِمكانٍ اعرِف أنَ بيرت سَيهُمُه مَعرفَة أمرِه!
فَهل تُمانعينَ مُرافَقَتي بِصفتُكِ صَديقَة؟"
توسَعت سوداوتَيها وكَست بَشرتُها شيء مِن الحُمرة... صَديقة هيّ قَد تَكون اكثَر ما تَمَنت
آيرِس أن يَجمَعُها مَع سيندي، هيّ لَم تَطمَع حتّى بِاللَقب! أومأت مُوافِقة بإبتِسامة وهيّ تُفكِر
بأي نَوع مِن الأماكِن ستَصطحِبُها سيندي له؟
بَعد السير عِدة خطوات أوقفَت سيندي سَيارة أجرّة وهيّ تُحدِث آيرِس:" المَكانُ بَعيد قَليلًا...
ارجو أن لا يَكونَ لديكِ مانِع!"
نفت وسبَقَتها بِالركوبِ فيّ السَيارة مُبتَسِمة وهيّ تُربِت علّى المَقعد:" لا مانِع
هيا اركَبي السَيارة لِنرى ما هذا المَكان!"
وبالفِعل وبَعد مَسير ساعة بَين الطُرُق الرئيسيَة وقَطع عَدد كبير مِن الإشارات وَصلَتا
لِضاحية جَميلّة تَصفصفت المَنازِل الكَبيرة بِمسافات بَينها وكُل ما توغلَتا اكثَر كَبُرت المَنازِل
وكثُرت المَسافة بَينها! وقف السائق أمام بيتٍ جميل ويَبدو واسِعًا يَبعُد المَدخل بِمسافة مَلحوظة
عَن البَيت الرئيسي... ضَغطَت سيندي الجَرس الخارِجي بَعد أن تركهُما السائق وقَد حصلَ علّى
اجرَة غير مُتوقِعة لبُعد المَسافة... ما حَصَد إستغرابَ آيرس ليسَ حجمَ البَيت المَلحوظ ولا جَمالِ
الحَديقّة البارز مِن بَعيد إنما ثِقّة سيندي أنَ ثَمّة مَن سيفتَحُ الباب! الم يَكُن مِن المُحتمَل أنَّ اصحابَ
البَيتِ ليسوا فيهِ وماشَابَه؟ فهيَّ لم تَتصل مُعلِنة قدومَها! أهوَ مَنزلُ سيندي؟!
جاء صوتٌ رجولي مِن المُجيب الآلي:" اهلًا بكِ آنسة سيندي... تَفضّلِي بالدخول!"
تقدمَت سيندي تَدخلُ البَوابَة الحَديديَة البَيضاء التّي لَها زينّة كَما لو كانَت شَجرة عَنب تلتَفُ
حولَ بَعضَ القُضبان بِعشوائية... كانت آيرس تَلتَفِتُ حولَها تَنظر نَحو زهور الجوري المُزهِرة
بِالوقت الغير المُعتاد وَبَدت لَها العِناية الكَبيرّة واضِحة... خَطتا علّى الأدراجِ الخَمس التّي
تُوصِل لبَوابَة المَنزِل وفَتَحَتها خادِمة مُتوقِعة وصُول الفَتاتين... سارَت الخادِمَة نَحو باب
فيّ يسارِ الرُدهة وتقَدمَت سيندي نَحو السُلم مُردِفة بِصوت مُنخفِض
:" فيّ الطابَق العُلوي... ستُقابلينها بِصفتكِ صَديقَتي، وسأخبركِ لاحقًا بَبعض التَفاصيل المُهِمة!"
بَدت كلِمات وتصَرُفات سيندي شَديدَة الغَرابَة وكَطلاسِم زادَت حيرّة آيرِس التّي زادَ فضولَها الآن فَقط!
مَن ستُقابِل ولِما قالَت أنَ هذا المَكان يَعني بيرت؟ وبمُجرد الوصول للطابِق الثاني عبر السَلالِم الخَشبية
ذات التَصميم المُبهج كسَر بِصوته ذو البِحة الجَميلة هدوء الذّي لَم يَخدشهُ سوى صوتُ كعب حذاء سيندي العالّي..
:" سيندي... أنتِ هُنا مِن جديد؟!"
لتُجيبَ بِبَهجة:" وأنتَ هُنا أيضًا...؟"
التَفَتت آيرس لمَصدر الصَوت، أيَهُما كان مَن تكلَمَ أولًا؟ راقبَت الجَو العام لتُدركَ أنهُ الرجلُ الأصهَب،
بِحدَقتيهِ قرميديتي اللون صاحِب النظرات الحادّة واللامُبالّية، فَقد تَقدم وهو يَضع يُسراه فيّ جيبِ
سُترتهُ الرَماديّة... تقدمَت سيندي نَحوه مُبتسمة وفَجأة احتضَنتهُ بِسعادة:" كوفين...
لَم اتوقَع أن أراكَ هُنا فيّ هذا الوَقت! يالّي مِن مَحظوظة!"
بقيَّ يُحافِظ علّى هدوء مَلامِحهُ ولَم يَتأثر بِها! لا يَبدو عَليهِ الإنزِعاج ولا السَعادة! هو فَقط لا يُبالي!
ظهرَ شبَح إبتسامَة إختَفى بِسُرعة حينَّ رفعَ يُسراه واضعًا اياها علّى رأسِها:" تَبدينَ جَميلة كَالعادَة عَزيزَتي سيندي!"
رَفَعَ قرميديتيهِ بِتقيّيم نَحو الأخيرّة التّي جفَلَت لِلحظة حينَ التَقت نَظراتِهما:" صَديقتكِ؟!"
أومأت سيندي تُعرفها علَيهِما بإبتسامَة:" هذهِ صديقَتي الجَديدَة، آيرس... أتينا لنُسليَ ايفرين قَليلًا!"
تَقدمَ الرجُل الآخر وبدا اكبرَ سنًا مِنه بِشعرِه الذّي غَلبَ الشَيب جانبَه الأيسَر والجُزء الخَلفي مِن اليَمين
ايضًا ولكن مَلامِحهُ لَم تُخفي أنه بالكادِ اربَعينّي... يَرتدي بِذلة سوداء قاتِمة كَعينيِه، كسَرها بياض القَميص
الذّي بِالكاد تَظهَر ياقَته... اسفَر ثغرهُ عن إبتسامَة هادِئة وفيّ عَينيهِ السَوداوتَين بَريق حُزن وأسى عَميق
:" أنا واثِق أنَ ايفي سَتكونُ سَعيدَة بِهذهِ الصُحبَة!"
رسمَت آيرِس إبتِسامّة تُخفي تَوتُرها بِها، فهيَّ لاتعرفُ مَن تَكونُ ايفرين حَتى! أو مَن يَكونُ مُضيفهُما الذّي
يَبدو كأنه شَخصيّة ارستقراطية خرجَت مِن روايةٍ خيالية! لكِنها بكُلِ تأكيد تَعرفت علّى الأصهَب الذي لَم تتوقَف
قرميديَتيه عن تفحُصها بِدقة غريبّة! فقد سمعت إسمه البارِحة بكلِ تأكيد... تقدمَ نحوها ومد يدهُ للمُصافحة
:" كوفين لوكان.. تشرفتُ بكِ يا جميلة!"
صافحتهُ بشيء من التوتُر والكثير منَ الخجل مُجيبة بِتلعثُم غريب:" آيرس كوربي... الشرفُ لي!"
-ابن عمة بيرت! ماهذا اللقاء الغريب وفي هذا الوقت والمكان الأغرب!

تحججت سيندي بغيرة مصطنعة:" ماهذا؟ لقد اتينا لرؤية ايفرين وليس كوفي..."
قهقه اسود العينين وهو يعرفُ نفسه مسبقًا بكلامه لسيندي:" يحق للناس أن تُعرف بنفسها!
أنا جيسون ليور.. اعتبري نفسك في بيتكِ آنستي!"
تجمدت آيرس تُحلل موقفها... هيّ الآن مع جيسون ليور وكوفين لوكان.... زوج تيردا وابن عمة بيرت!
وكوفين هو الشخص الذّي ارشدت بيرت الى أنهُ قد يعرفُ شيئاً عن تيردا غافِلة عن امكانية كونه صحيحاً!
بل ويبدوان اصدقاء ايضًا!
لاحظت سيندي أن آيرس تجمدت مُجفلة بمُجرد أن عرف مُضيفها نفسه فقالت تنقد الأخيرة
:" عن اذنكُما... سنذهب لغرفة ايفرين!."
وسحبت الأخيرة مُدعية المرح.... وقفتا أمام غرفة ذات بابٍ زهري ناعِم مَنقوش بِزهور وردية...
نظرت نحو سيندي تقول بهمس خافِت:" ايفرين... من تكون تحديدًا؟ أهي من ببالي؟!"
أومأت الأخيرة تجيب بنفس النبرة:" ابنةُ، ابنة عمتي... تيردا!"
الجمتها الصدمة ووقفت تجمع شتات افكارها... أهذا ما قصدته بمكان يهم بيرت معرفته؟!
فخلف هذا الباب تقبع ابنة اخته؟! ازدردت ريقها بتوتر ومدت يدها نحو الباب ليفتح قبل أن تصل يدها....
ظهرت السيدة كبيرة السن تضم أصابعها أمام بطنها وهيّ تسبقها بفتح الباب... القت سيندي التحية مُبتسمة
وتجاوزتها ففعلت آيرس نفس الشيء... اغلقت السيدة التي ترتدي فستان طويل ذو اكمام طويلة باللون البحري الباهت،
الباب بعد أن خطفت نظرة أخيرة على الضيفة الجديدة.
تقدمت آيرس نحو السرير الكبير الذّي تتوسطهُ فتاةٍ جميلة والتي بدت كملاكٍ هزيل وهيّ غير مُصدقة
للشبه الخارِق بينها وبين الصور التّي شاهدتها سابقًا مع آني... ايفرين... ابنة تيردا، صورة عن والدتها!
قالت بصوتها الرقيق والأنثوي:" سيندي! لم أراكِ منذ يومَين... أكنتِ تدرسينَ مع اصدقائكِ؟!"
همهمت سيندي موافقة وهي تجلس بجانبها الأيسر مُبتسمة...:" ايفي.. حييّ صديقتي آيرس!
لقد جائت لرؤيتكِ خصيصًا حين سمعت بقريبَتي خارقة الجمال! انظري آيرس...
اليست اجمل منا مُجتمعتين!"
تلعثمَت المَعنية مُجيبة:" أجل... لقد خسِرنا امامها مُسبقًا!..."
قهقهت ايفرين بِلُطف وهيّ تُجيب:" توقفا عن المُبالغة! فأنجليكا أجمل مِني بكثير!"
تمتمت آيرس مُستفسرة:" أنجليكا؟!"
فـأجابت سيندي بفتور:" تلك لاتمُت للبَشر بشيء! أقصِدُ أختي الصغيرة!"
فهمت آيرس الأمر لِتضحك بخفوت لِموقف سيندي مِن جمال شقيقتها الصُغرى وايفرين تُضيف
بإعجاب وإستمتاع:" هزمَتنا اصغر فتياتُ العائلة!" نظرت ايفرين نحو آيرس ببراءة مُضيفة:" ماذا حدث ليدكِ؟"
تقدمت وجلست على طرف الأيمن للسرير وهيّ تُجيب:" حادثُ سيارة! سأخلعُها قريبًا جدًا..."
اردَفت ايفرين بتأثُر:"هذا مؤسِف!"
نفت المَعنية بِيُسراها مُوضِحة:" لاداعي لذلك! فبفضلِ هذا الحادث تعرفتُ على شخصٍ رائع،
حنون وطيب للغاية وقفَ إلى جانبي واكسبَني اصدقاء لم اكُن لأحضى بهم لولاه!"
رفعت جذعها تقول بتأثر ثم بحماس:" ياله من شخصٍ مدهش! أتمنى لو اقابِل شخصًا مِثله ولو لمرة!...
أيُمكن أن نرسُم عليها؟"
نهضت سيندي نحو المكتب يسار السرير عِند الزاوية الأقرب للنافذة التي في الجانب الأيسر كله
لتمنح اطلالةٍ جميلة على حديقة البيت المليئة بالزهور الخريفية الجميلة... وأخرجت عُلبة اقلام تلوين حِبرية...
إبتسمَت سيندي تحرك حواجِبُها للأعلى مرارًا بِمكر للأخيرة! تنهدت آيرس تقتَرب مِن ايفرين وتَجلِس بِجانبها،
كانت ترفَع كُمَ القميص الأبيَض للأعلى عِند نهاية الجَبيرة، وكان الجُهد المَبذول في ارتداء القَميص واضحًا...
أخذت ايفيرين الأقلام ترسم زهور وغيوم بألوان مُنوعة بإستمتاع لم تكُن بتلك المَهارة فَرسمُها بسيط...
لكِنها بَدت مُستمتعة وهيَّ توقع بإسمها كاتبة:" أرجو أن لا تمُرّي بتجربة التجبير في حياتكِ ثانيةً!"
نظرت لآيرس وهيَّ تقول مُستفسرة:" لِما أنا أول مَن توقِع لكِ؟!"
أجابتها بِتوتر مُمازِحة:" بُخلاء!"
أطلقت ايفرين ضِحكة خافِتة وهيّ ترفَع أنامِل يُمناها لِحيث ثَغرها مُستمتعة...
لتردف ايرس مُتسائلة:" ايفرين... كم عمركِ ؟"
إبتسمت وعلامات السرور بادية على ملامِحها:" اربعة عشر... وأنتِ؟"
بادلتها الإبتسامة مُجيبة:" سبعة عشر الشهر المُقبِل!"
كان الحديث بسيطًا ولكن البهجة واضحة على ملامح ايفرين التي كانت تلتزم الفراش
لسبب لم تُدركه آيرس بعد! وسيندي كانت تُراقب وتُشارك في الحديث بِقلة ولا تبخل
المُساعدة كُلما طلبتها ايفرين أو لم تطلبها...

نهضت سيندي بَعد مرور ساعة كاملة في حديث تعرفت فيه آيرس على ايفرين التي تتسم شخصيتها
بالمرَح والإنفتاح الواضح بالشخصية... فهيّ لاتملك ما يَمنعها مِن الحديث مع الآخرين براحة...
لاشك أنها كسبت ذلك من والدتها!
تزامن وداعهُما مع دخول كوفين الذّي جاء لِتوديع ايفرين على ما يبدو، وبعد إلحاح طويل حدثَ وتقرّر أن
يوصلهُن كوفين لمنازلهن قبل العودة لمنزله.. قالت سيندي مُستسلمَة:" إذًا كُنا سنذهَب لِمجتمع نيكون التِجاري..."
ركِبتا السيارة مَعه ولم يتوقف كوفين عن فَحص مَلامح آيرس مِن النافذة الأمامية طوال الوقت!
بالتأكيد كان الأمر غير مُريح أو مفهوم بالنِسبة للأخيرة ولِكنهُ لم يقُل شيء إلى أن وصلتا للمُجمع التِجاري
وإتجهتا نحوه تودعانِ كوفين الذي بَقيت قرميديتيه تُحملق بآيرس إلى أن إختفت خلف الباب الزُجاجي....
هيَّ تبدو مألوفة له! أليست الفتاة التي شاهدها تسير بِجانب بيرت في الشارع القريب مِن مقر شركة الألعاب؟!
كم فتاةً سمراء مُجبرة اليُمنى في المَدينة... يُمكن أن يلمَحها وخلال يومَين مَع إثنينِ مِن أقربائه؟
انطلقَ بِسيارته ومايزال اللقاء الذي رسمتها صدفةٍ غريبة تُحيره!
ماذا سيَحدُث لو عرفَ أنها سَتعيشُ في بيتِ بيرت؟!

جلست الفتاتان في زاويةٍ مِن مَقهى المُجتمع وكُل واحدةٍ لديها الفُ كلمة وكلمة في سرها!
صمتت سيندي مُطولًا تنتظرُ أي سؤال من الأخيرة لكِنها كانت تنتظرُ بصمت!
تنهدت سيندي بقلة حيلة:" ألن تسألي؟!"
أومأت آيرس تسأل بحذر:" ايفرين... أهيَّ مريضة؟ وماهو ومُنذ متى وهل تعرفُ بيرت أو سمعت شيئاً عنه؟!"
إبتسمت سيندي لسيل الأسئلة لتُجيب بألم:" ولدَت ايفرين ضعيفة المَناعة! لكِن سمعتُ أن الأمر تفاقم وهيّ فيّ الرابعة!
لذا فالطبيبُ يمنعُها عن أي نشاطٍ غير ضروري... العام الماضي وفيّ الصيف خرجت مِن غُرفتها بلا اذن
أو مُرافقة فإنتهى بِها في غرفة العناية المُشددة لثلاثة ايام! لذا الجميع اصبَح حرصًا بشكلٍ غير طبيعي مُنذ ذلك الوقت.
أما بيرت، فقد التقت به وهيَّ صغيرة عدة مرات لكِنها لاتعرفُ بأنه خالُها! كانت تتحدَث عنه بِذلك الفتى طوال حياتها!
هيَّ تمتلكُ صورًا تَجمعه بِها وبوالدتها! لكِن جيسون لم يُحدثُها عنه ابدًا!"
سألت بِفضول هامِسة:" ولِما لم يَفعل؟!"
أخفضت رأسها بألم:" لأنهُ لايعرفُ أن بيرت لايذكره! بل يَعتقِد أن بيرت يكرههُ ويتجاهلهُ بِسبب ما مَرت بِه تيردا!"
لم تفهَم... فسألت:" وماذا حدث مع تيردا؟!"
بدت علاماتُ الحزن بادية على وجهِها الذي كان يتسمُ بالإشراقة، مُتمتمة:" أنا آسفة... هذا أمر لا أحبُ الحديث عنه!
لكِن ما أريدُ إخبارُكِ به مُهم! فلتنصتي جيدًا يا آيرس..."
أومأت برأسها مُوافقة وهي تنتظرُ جذب الكلمات مِن فم سيندي بِفضول شديد... لتُردف سيندي
بِجدية غير مَسبوقة:" نحنُ... أقصد أنا ووالداي وكذلك كوفين ووالده وحتى شقيقته أجبرنا على
قطعِ وعد لوالدهُ أن لا نُثير موضوع تيردا! قبل أن يقع بيرت عن الشجرة في طفولته كان مُتعلقًا
بتيردا بشكلٍ غير طبيعي! وقد علم والده أنهُ لن يتحمَل خبر موتها.... فأجبرنا على قطع وعد
سخيف أن لا يعرف أي شيء عنها مُستقبلًا!"
هتفت آيرس ألتي صُدمت بما سمعته، بحزن:" هذا ليس عدلًا!"
أوطئت سيندي رأسها بِخجل لتُردف بصوتٍ مُتحشرج :" لطالما... لطالما تمنيتُ أن أذهب إليه
وأسحبهُ من ذراعه وأجعلهُ يلتقي بايفي، قائلة –هذه إبنة اختكَ الغالية!- لكن الوعدُ الغبي
الذي شملوني به! هذا الوعد الغبي هو ما يمنعُني!" قالت ذلكَ وقد تغلبت دموعُها عليها
مُتمردة.... ثُم أضافت بِتوسل:" لذا... أخبريه! أخبريه بكُلِ شيء!"
أمسكت يد الأخيرة مُضيفة بأمل:" لاتعرفين مدى سعادتي حين عرفت أن بيرت يستعيدُ ذكريات طفولته!
هو يتذكرُ تيردا ويبحثُ عنها! أنا واثقة أن لا أحد من عوائلُنا سيُخبره حرفًا ما لم ينطِق والدهُ بذلك!
لكن الآن وقد ظهرت في المُنتصف! ولست مُلزمة بأية وعود، أو مُجبرة على التزام الصمت..."
قاطعتها آيرس تُنهي بإعتراض:" لقد حاولتُ توجيه الدفة نحو أقربائه، فذكر كوفين... ظننتُ أنهُ
سيسألهُ فيحصدُ الإجابة! أردت إخراج نفسي من الأمر... لا أريد أن أكون من تنقلُ له الخبر!"
صمتت لبعض الوقت مُضيفة بألم:" لكن الآن وقد أخبرتني بذلِك، أجدهُ مؤلمًا أن لا يحضى بالإجابة من أقربائه!"
قالت سيندي تنتهز آخر فرصتها:" صحيحٌ أنهُ لن يُقابلَ تيردا... لكنهُ سيجدُ العزاء في مُقابلة إبنتها الوحيدة!
لِذا أرجوكِ... قد تكونين الوحيدة التّي قد تسطيعُ إخباره بذلك."


خرجت آيرس بعد أن ودعت سيندي وقد قررت العودة مشياً لقِصر المسافة بينَ الشركة والمُجمع التجاري....
بقيت كلِمات سيندي تُحركُ مشاعرها وتتحكم بِها شيئاً فشيئاً.... دخلَت الإستراحة وهيَّ شاردةُ الذهن،
أتاها صوت اليكس مُحطمًا شرودها المُستمِر:" أخيرًا عُدت؟! لقد جاء بيرت لرؤيتكِ مَرتين!"
توسَعت حدقتاها تَخرجُ هاتفِها مِن جيبها، لتجده مُغلقًا... سارعت تشحنهُ تحت أنظار اليكس ونيو
وقامت بِتشغيلهُ مُباشرةً وهو على الشحن.. تفَحصت الكَم الهائل مِن الرسائل الواردة مِنه...
يسأل عنها وآخر رسالة بدا غاضبًا فيها إذ كتب
"أين أنتِ بحق الجحيم ولِما لاترُدين؟!"
إزدردت ريقها تُجيبُ بتوتر" لقد خرجتُ مع سيندي للتسوق... نفِذت بطارية هاتفي واُغلقَ تلقائيًا. أنا آسفة..."
زفرت بِتعب وقد جلَست على الأريكة السوداء مُنتظرة الإجابة لتأتيها بسرعة "تعالي!"
توسعت حدقتيها بعدم فهم نظرت نحو نيو الذي لم يتوقف عن إختلاس النظر لهاتفها وهو يقول:" ما الذي تنتظرينه؟!"
تزامن ذلك مع خروج آني من الحمام لتقول ببرود مُتنهدة:" ها وأخيرًا عُدت؟ يبدو أن بيرت سيأخذكِ معه!"
ثم أكملت بتذمُر:" هذا ليس عدلًا! لقد إعتدتُ عليكِ بالفعل..."
نهَضت آيرس بِعدم تصديق وأخفى نيو وجههُ بكفه بِقلّة حيلة ليقول اليكس:" كان من المُفترض
أن يكون بيرت مَن يُخبرها! ماذا فعلت يا أني؟!"
إنتفضت آني مُنتبة وإقتربت مِن آيرس تُمسكُ بيدها اليُسرى بِرجاء:" إسمعي آيرس...
إدعي أنك لم تسمعي شيئاً!"
قهقه نيو بسُخرية:"حقًا؟! وماذا بعد؟ لاتخجلي... قولي كُل ما لديكِ!"
رفسته آني بِغيض ليقع أرضًا وهو يمسحُ على رأسه بألم بَعد أن إرتطم بالأرضية...
تجاهلت آيرس النقاش الذي بدأ بين آني و نيو وتوجهَت نحو المَخرج ولِحيث ينتظرُها بيرت...
نهضت السيدة سلون مِن مكتبِها وسبَقت آيرس نحو الباب وفَتحتهُ... دخلت لتجدهُ كالعادة يَعمل
لكن هذه المرة بِحاسوبه... إبتسمت بمرح مردفة بثقة:" لقد إستمتعنا كثيرًا! سيندي فتاةٌ مُمتعة بِحق!"
اشار لها بالجلوس ولم ينطِق بشيء وأغلقت مُديرة المكتب الباب خلفها.... بقيَّ على هذا الحال
وهو يُتابع العمل لِينقلِب الدور فتُصبح آيرس المُنتظِرة لا هو!
بعد ما يزيدُ عن نصفِ ساعة وكلاهُما في صمت... نطقت آيرس:" سأذهبُ لأبدلَ ملابسي....
أراكَ حين تُنهي عملك!"
أجابها بنبرةٍ آمرة أجلستها مَكانها قهراً:" إجلسي مَكانكِ!"
نفخت خديها بِغيض حين إستمر صمته إلا من نقر الأصابِع على لوحة المَفاتيح...
شعرت بالملل فبدأت تعبَث بِشعرها البُندقي مُنتظرة طويلًا... بعد مرور ساعتين بالضبط
أغلق حاسوبه ورتب بعض الملفات وغادر المكتب لتلحَق به... أهو ينتقِم!

في أثناء النزول للقبو عبر السلالم، قال مُوضحًا:" لم يُعجب والدي أنكِ هُنا في الشرِكة! لذا
ستبقينَ في البيتِ بعد اليوم كضيفةٍ خاصة!"
قالت لهُ بِغيض وهي تنزلُ السلالِم خلفهُ بدرجتين:" أجل، أجل... أوامِرُ والدُك لقد فهِمت وصدقت!"
تجمَد مَكانهُ وهو لم يفهَم قصدها، نظر نَحوها بِشك مُردفًا:" أتسخرينَ مِني؟!"
نفَت برأسها وجلسَت على الدرجة خلفها حيث كانت تقِف:" أنتَ غاضب... فهِمت! لكن الأمر لم يكُن بيدي!
لقَد أغلقَ الهاتف وحده ونسيتهُ صامِتًا كما كان في أثناء الدَرس... ليسَت جريمة!"
تنَهد بِملل:" ومَتى قلتُ شيئا؟"
أخفضت رأسها تمدُ قدميها لتصِل بجانب قدمهُ حيثُ كان يقف على بُعد ثلاث أو أربعة درجات:" ليس عليكَ قولُ شيء!
غضبُك واضح، فقد تجاهلتَني مع أنكَ مَن ناديتني... والآن تقولُ أن والدُكَ يُريدُ إستضافَتي!"
أجاب ببرود:" أنتي تتوهمين! كُنت أقوم بِعملٍ مُستعجل، مُهم ويحتاجُ تركيز... طرأ قبل وصولكِ وحسب!"
قالت بغيض تَنفُخُ وجنتاها:" ووالدُك؟!"
قال بِسُخرية:" أنتِ لاتعرفين والدي! هو مهووس بأفلام العميل 007! يَعتقدُ أن كُل غريب
غير مَوثوق يُخطط لإنتشال أسرار الشركة! قال أنهُ لا يُمانع إستضافتُكِ إلى أن تدخُلي الجامِعة!"
أخفضت رأسها ولاتزال اماراتُ الغيضِ بادية على ملامِحُها:" وأينَ أنتَ مِن كُلِ هذا؟"
جلس بِجانبُها مُجيبًا بِملامح فارغة:" لاشيء يحدُث مَعكِ لا أرغبُ بِه!"
نظرت نحوه مُتوسعة الأحدق وهو يُكمل:" كزمالتُكِ لسيندي، وجلوسكِ بجانبها! وحتى كونكِ ستنتَقلين لِبيتي!"
قرب وجهه لها ليتلاصق جبينيهُما:" لكن ستُعانين قليلًا! فبيتي خلال الأيام المُقبلة لن يكون هادئًا كالعادة...
إذ سيقيمون حفلةٍ عائلية وما شابه والتردُد سيكونُ كثيرًا! وأنا لن أكون هُنالكَ طوال الوقت!
ستُجبرينَ على إلتزام غُرفتكِ لِبعض الوقت... إستغليه في الدراسة مَع المُعلمة الخاصة وجَهِزي نَفسُكِ للإختبارات!"
كُل كلِمة قالها كانت غيرُ مَسموعة ولكِن صداها وحدهُ ما تلتقطهُ أذنيها وبِصعوبة، فَقد كان
التوتر الناتِج عن المَوقِف يمنعُها مِن ذلِك! لِلحظة تبدّدَ كُل شيء، أخفضَت رأسها مُحرجَة...
وضعَ يدهُ علّى رأسِها مُردفًا:" إبذُلي قُصار جُهدكِ آيرس!"


توجَهت نَحو الإستراحة برفقتهُ... وبدأت تَحزمُ أمتعتُها القليلة بِمساعدة اليكس وآني اللذان عرضا
المُساعدة في حينَ سحَب نيو بيرت خارجًا وهو يقول بِمرح:" سأستَعيرهُ لِبعض الوقت!"
وبِمجرد الإبتعاد لِمسافة مَلحوظة إختفت إبتسامة بني الأحداق ليقولَ بِجدية مُتقابلًا مَع الأخير
:" ما الذّي تُحاولُ فعلهُ تحديدًا؟!"
رفع بيرت حاجبيهِ بِعدمِ فَهم ليُكملَ نيو مُردفًا بِحدة:" أقصدُ آيرس... لِماذا تَقتربُ مِنها بِتلكَ الطريقة؟"
أجابهُ بِبرود:" أنتَ تتوَهم!"
أمسكهُ مِن ياقة قَميصهُ الأبيض قائلًا بإنزعاج:" أنا لا أتوهم! بِربِكَ بيرت إنها فتاة! أتعلمُ ماذا يَعنيهِ ذلك؟!
إذا تابعتَ الإقترابَ مِنها كَما تَفعل الآن... فستُجرح مَشاعِرها مُستقبلًا! كُل كلمة كُل فعلٍ محسوبٌ عليك! لاتمنحُها أملًا لا وجودَ له."
ضرب يد نيو مُبعدًا إياها عَن ياقتهُ وأردفَ بإنزعاج:" توقف عَن المُبالغة! ليسَ هُنالكَ شيء مِن هذا."
قهقَه نيو بِقلة حيلة:" أيُها الغبي... المسكينة تُحبُك! ألم ترى مَلامِحُها حتى ووجهُك بِذاكَ القُرب؟!"
توسَعت حدقتاه بِعدم تصديق وهو يُنفي الأمر بِعقله.... تمتمَ مُعترضًا:" أنتَ تتوَهم! على أي أساس تَهذي بِهذا الكلام؟"
تنهد نيو مُستسلمًا:" ليس بِحاجة لِدليل... وإذا كُنت لاتُصدق فلا مُشكِلة! سيأتي يومٌ تُصدقُ فيه... حينها إحرص
أن لا تَجرح مَشاعِرُها بَعد ما تيمتَها بِكَ يا صديقي!"
صمت أطبَق على الجَو بينهُما، بيرت يُقنعُ نفسه بإستحالة الأمر والأخير قلِق مِن نتائج تَصرفات بيرت الغَبية.
جاء اليكس يَحملُ حقيبَتين وهو يتجاوزُهُما مُردفًا:" نيو... أحضر صُندوقَ الكُتب وأدواتِها المَدرسية..."
توجه نيو عائدًا وسار بيرت بِرفقة اليكس شاردًا وهو يُحدثُ نَفسه:"أيُعقل أن ما قالهُ صحيح؟!"
كأن اليكس سمِعهُ فَقد قال فَجأة:" آيرس فتاةٌ بَسيطة! إحذر مِن ما تَفعلهُ وحسب!"
نظر نَحوهُ بعدم تَصديق... ليُكمل وهو يُتابعُ السير:" لقد رأيناكُما! قد يَكون تَصرفكَ غير مُهم وعفوي
في نظركَ ولكِنها لَن تُفكر إلا بأنكَ تَمنحُها أملًا! قد لا يكونُ لي شأنٌ بِذلكَ... لكِننا جميعًا تَعلقنا بآيرس
وكَما حالي مَع آني، لا أريدُ أن تؤذي آيرس وما شابَه مُستقبلًا!"
بقيت كلماتُ نيو واليكس تُشتتُ أفكاره.. لايُعقل أن يعتَقِد إثنين نفسَ الشيء وهوَ يَعترض عليه!
إنهُ مَنطق يَخضَع لهُ العقلُ البَشري، إذا أخبركَ شَخصان بِنفس التَوقُع فَهذا يَعني أنهُ صحيح.


ترجلت آيرس تنظرُ حولها بإعجابٍ شديد... إذا كانَ مَنزلُ ليور الذي زارتهُ اليومَ كبيرا فَما يكُونُ هذا؟!
بيت شديدُ الضَخامة؟ لا بل قصرا بِحد ذاته! السُلم الذي يَتوسطُ الواجِهة الأمامية لِلقصر وحدهُ بدا أشد
ما يُمكِن للأناقة أن تكون... فَما بالُك بالتصميم الداخلي؟!
دخلت بِجانب بيرت الذي مايزالُ شارد الذِهن لِدرجة أنهُ كاد يَنسى أنهُ أتى بآيرس مَعه...
كانت ماتزالُ ترتدي زيها المَدرسي كما هو.... دخلت خلفهُ مُتوترة، أوقفتهُ مُمسكة بطرف سُترتهُ
ليستَعيد شتاته مُحملقًا نحوها بِعدم فَهم...
تقدَم مَع ذلك مُتزامنًا، الرجُلُ العجوز الذّي بدا لطيفًا وشديدًا بِنفس الوقت، يَرتدي بِذلة بيضاء أنيقة
ويتكىء علّى عَصا سوداء ذات نقوش ارستُقراطية تترأس قَبضتُها رأس مُكور يتكئ عليهِ بِكلتا يديه،
يَنظُر للأمام بِشموخ...



* يُتبع *





 
 توقيع : فِريـال



رد مع اقتباس
قديم 06-14-2020, 06:46 PM   #37
فِريـال
مشرفة طلبات التصميم ومعارض الأعضاء
-ORILINAD


الصورة الرمزية فِريـال
فِريـال غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل :  Feb 2020
 العمر : 29
 المشاركات : 26,683 [ + ]
 التقييم :  38750
 الدولهـ
Iran
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
إبتسِمـ
لوني المفضل : Black
شكراً: 22
تم شكره 6 مرة في 5 مشاركة

مشاهدة أوسمتي



السلام عليكم ميننا
شسمة اشكر لكم صبركم، اعرف كنت واعدتكم اخلصها خلال رمضان
بس الضروف تحكم وانتم اكيد مجربينها
ابذل جهدي بنشر الفصول المتبقية باسرع ما يمكن، لنخلصها خلال الاسابيع المقبلة
باقي 4 فصول، كل ما اقراهم وادقق عليهم ابتسم بحماس لرأيكم فيهم
خبروني عن رأيكم بالشخصيات الجديدة من عائلة بيرت، سيندي و كوفين و جيسون وايفرين
تحمست يوم شفت انو الفصل ذا هو الفصل لظهور جيسون، والحب كوفي
متحمسة اكثر لآرائكم


 
 توقيع : فِريـال



رد مع اقتباس
قديم 06-16-2020, 01:36 PM   #38
Relena
عضو لا مثيل له


الصورة الرمزية Relena
Relena غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 324
 تاريخ التسجيل :  Apr 2020
 المشاركات : 2,847 [ + ]
 التقييم :  677
 الدولهـ
Oman
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Blue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

مشاهدة أوسمتي



بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف الحال
صدمة كيف ما انتبهت أنك نزلتي فصل جديد
المهم الفصل روووعة بجد
بس زادت حماسي لأشياء كثيرة مثل
كيف بيتصرف بيرت مع آيرس بعد ما عرف مشاعرها؟
صراحة ما كنت متفاجئة أنه ما يعرف احاسيسها ببساطة لأنه بيرت
هههه أقصد لأنه أول مرة يكون صداقات فكنت متوقعة أنه
مو داري بمشاعرها مع أنها واضحة» أصلاً أنا كنت مفكرة أنه يحبها من تصرفاته اخخ
و آيرس هل بتقول لبيرت بكل شيء؟ بس ممكن إذا قالت ما راح تسلم من والد بيرت ويمكن يمحيها من الوجود» أمزح
ممكن يقولها تبعد عن بيرت وبتصير مشاكل كثير
الشخصيات
ايفرين شخصيتها مرة كيوت حبيتها
كوفين مدري ما ارتحت له إن شاء الله إحساسي خطأ
جيسون زوج تيردا كنت متشوقة أعرف عنه أكثر
سيندي حبيتها من الفصل الماضي لطيفة
اوني متفهمة ظروفك عادي خذي راحتك بس
لا تنسي ترسلي لي لما تنزلي فصل
اليوم لو ما كان عندي إمتحان ودخلت بصدفة
كان وش عرفني أنك نزلتي فصل
تسلمي على الفصل
دمتي بود
في أمان الله
وفقكِ المولى


 

رد مع اقتباس
قديم 06-20-2020, 07:30 PM   #39
Giso
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً.


الصورة الرمزية Giso
Giso غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7
 تاريخ التسجيل :  Feb 2020
 المشاركات : 198,272 [ + ]
 التقييم :  490360
 الدولهـ
Iran
 SMS ~
➖⃟❤••كلُّ مُتوَقّعٍ آتٍ، فتوقّع ما تتمنّى!
لوني المفضل : Pink
شكراً: 418
تم شكره 546 مرة في 441 مشاركة

مشاهدة أوسمتي



السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهـ.
واااااَاو حوادث الفصل روووعة، منجد ماني عارفة من وين ابلش التعليق.
إسمحِ لي ان أبدي إعجابي بقلمكِ وأسلوبكِ الـ... #كففففففففففففx'D
وااااَاه أنا قلت لكِ من قبل إنكِ رهيبة صح؟))))))))): رهيبة⁴ مرة واحدة.
أول كنت بتسائل ليش يعني اسم فصلكِ الفتاة التي لاتشبه أحد، هممممممـ
بس خلاص كالعادة بتخليني اقرأه تماماً لحتى اتوصل للمغزى.*^*
i still love you'r pencill الفصل مليئ بالحزادث الجميلة،
حبييييييت الشخصيات الجديدة، عشقي اني اتابع رواية او اشوف انمي فيه شخصيات كثيرة مختلفة.
لحظة، قبل لاأطير للشخصيات، بداية الفصل، تفففف شهالخادمة البغيييييييضة، ياخ كرهتها من الحين.
حتى لو دورها بسيط بالرواية، بس وش ذا ماحبيت سؤالها بهالطريقة.*^* بس حبيت رد بيرت لها.xD
كان رده عبارة مجرد ايماءة خفيفة براسه بس واضح ان لها كثير معاني، وأهم معنى مادخلك، طيري بلهجتنا.
حوار بيرت وابوه كان حماسة، كان قلبي يردد داخله *شجار ابو العريس مع العريس* " class="inlineimg" />x'DDDDDD
رد بيرت على ابوه ضحكني، خاصة لما قال له انا اخترت اصادقها مو هي. وان جواسيسك مبدعين.
بس بنفس الوقت اسألته أبوه كانت بمحلها، خصوصاً عن التصرفات اللي بتدل على الإهتمام القوي،
محد بيصدق انها صديقه على اي حال وإسألي متابعين الرواية بيعلموكِ عن هالشيء.heart3
بس مدري وش فيه هالبيرت! معقول فيه شخص بيجهل ماهية شعوره لهالدرجة! اكيد هالشيء ناتج عن ماضيه،
ماكان بيصادق كثير أساساً، ماكان يكوّن الصداقات فمابالك يعني.
قدرت التمس له الأعذار خلاص. but still baka.
just stooop.ههههههههههههههههههههههههههـ هو عرف مشاعرها!!!
الصدمة اكبر مني ترا. بسس كيف راح تكون تصرفات بيرت القادمة؟؟
من الفصل السابق صرت احس بمشاعر بيرت اتجاه آيريس، اهتمامه الكبير فيها وبسلامتها
وتمني الافضل لها كان واضح وهالشيء ماخلي اعتبره يدل الى على الحب الحقيقي،
فأنصدمت الحين من فقط مشاعر آيريس الواضحة لها! طيب المسطول ذاك..لا لا خلاص قلت تفهمته.
حبيت تطوّر علاقة نيو وبيرت. وصداقة آيريس وسيندي اللي تشكلت رسمياً خلال الفصل.
شسسسمة هالـ نيو عاقل وواعي اكثر من بيرت، هو يلي وعى بيرت على مشاعر آيريس، فديبيت حبيته اكثر.
متتتتتت لما قال بيرت لـ آيريس أن أبوه متأثر بأفلام 007 فبيفكر كل غريب جاي يسرق معلومات الشركة كـ جاسوس.
والله حبيت حركة التصاق الجبينين هالبيرت صح باكا بس كيووووت. ياااه ماالومها على ردة الفعل البلهاء.
تفاجئت من الجاسوس، هالـ نيو بيتواجد بكل مكان وبيشوف كل شيء يعني!!
شسسسمة بخصوص الشخصيات الجدد، ايفرين شخصيتها حلوة، بتنحب هالشخصية الكيوتة.cute8
شسسسمة هذا، جيسون ماعرفت عنه مايكفي، حابة اتعلم عنه اكثر فأكثر لأحكم عليه.
والأخير، كوفين اممممـ وراه مصيبة ولا ابالغ؟؟ مدري مب مريحة وماادري سبب عدم راحتي بس خير ان شاء الله.
توقعاتي للفصل القادم، ان بيرت بيعرف بموت تيريدا، سواء عن طريق آيريس أو سيندي او بالصدفة.#كف.
يعطيكِ العافية على الفصل الأكثر من رائع. عجلي بتنزيل الفصل القادم، حماسي مايمزح.
تقبلي مروري اللرائع. أُختكِ الرائعة. في امان اللهِ.



 
 توقيع : Giso



تيل: https://tellonym.me/SELISIA_/datenodate


أنا المتسائلة التي تبحث عن أجوبتها بين أروقة هذا العالم
مدونة أنيماوية | مدونتـي | طريق جانبي | معرضـي | أخبرنـي | طلباتكم هنا




رد مع اقتباس
قديم 06-30-2020, 08:36 PM   #40
فِريـال
مشرفة طلبات التصميم ومعارض الأعضاء
-ORILINAD


الصورة الرمزية فِريـال
فِريـال غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل :  Feb 2020
 العمر : 29
 المشاركات : 26,683 [ + ]
 التقييم :  38750
 الدولهـ
Iran
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
إبتسِمـ
لوني المفضل : Black
شكراً: 22
تم شكره 6 مرة في 5 مشاركة

مشاهدة أوسمتي








الفصل 8:الولوج لعالمه أكثر...!







ترجلت آيرس تنظرُ حولها بإعجابٍ شديد... إذا كانَ مَنزلُ ليور ألذي زارتهُ اليومَ كبير فَما يكُونُ هذا؟! بيت شديدُ الضَخامة؟
لا بل قصرٌ بِحد ذاته! السُلم الذي يَتوسطُ الواجِهة الأمامية لِلقصر وحدهُ بدى أشد ما يُمكِن للأناقة أن تكون...
فَما بالُك بالتصميم الداخلي؟!

دخلت بِجانب بيرت الذي ما يزال شارد الذِهن لِدرجة أنهُ كاد يَنسى أنهُ أتى بآيرس مَعه... كانت ماتزالُ
ترتدي زيها المَدرسي كما هو.... دخلت خلفهُ مُتوترة، أوقفتهُ مُمسكة بطرف سُترتهُ ليستَعيد شتاته
مُحملقً نحوها بِعدم فَهم...

تقدَم مَع ذلك مُتزامنًا، الرجُلُ العجوز الذّي بدى لطيفًا وشديدًا بِنفس الوقت، يَرتدي بِذلة بيضاء أنيقة ويتكئ علّى
عَصا سوداء ذات نقوش ارستُقراطية تترأس قَبضتُها رأس مُكور يتكئ عليهِ بِكلتا يديه، يَنظُر للأمام بِشموخ...
وتقِف خلفهُ خادمة مُرتبةُ المظهر وهيَّ تضعُ يدها على كتفه

نظرت نحوه بِقلق وهيّ تعقِد حاجبيها بحذر رطبَت شفَتيها تُبدد أفكارُها السلبية
:" مساء الخير سيدي... أنا.. آيرس كوربي أرج..."

قاطعها يوجهُ كلامه لِبيرت ثُم لها:" أتيتَ في الوقت المُناسب... العشاءُ جاهز! تفضلي وانضمي لنا أيتُها الشابة!"

التفت يُعطيهُما ظهره نحوى غُرفة الطعام التي تطلُ على الحديقة الخلفية بِنوافذ واسعة في الجانب المُقابل للمدخل...

تنهد بيرت وهو يتبعه ويتكلم معها:" تذكرين ما قلته لكِ في السلالم؟!"

أومأت بغير فهم أي جزء يقصد تحديدًا ليردف مكملاً بملل:" ستكونين العميلة المُحتملة لذى يجب أن تكسبِ ثقتهُ بالطريقة التي تُناسبك!"

ضحكت بخفوت وهيَّ تستعيدُ ما قالهُ سابقًا " أنتِ لا تعرفين والدي! هو مهوس بأفلام العميل 007! ويعتقد أن كُل غريب،
غير موثوق ويخطط لانتشال أسرار الشركة!" قالت مُبتسمة وهيَّ تتبعه:" اذًا سيكون عليّ كسب ثقة جيمس بوند؟!
سيكون ذلكَ مُمتعًا!"

بادلها الابتسامة التي لم تدُم ثانيتين واعتلت ملامحهُ البرودة واللامبالاة بِمُجرد دخول الغُرفة الواسعة وأنيقة التصميم،
كان أزرق العينين يرمقُ آيرس بِتقييم بعد أن اتخذ رأس الطاولة مجلسًا...

جلس بيرت بِجانب والده الأيسر وآيرس تُقابله وبالجانب الأيمن لوالده حيث أشار لها الأب بنظراتٍ فارغة...
تنفست تُملئ رئتيها بالهواء تُخفف توترها الناتِج عن هذه المُعاملة ومن اول لقاء... قال يوجهُ كلامه لها بفضول
:" متى تخلعين الجبيرة أيتها الشابة؟"

أجاب بيرت مُباشرة:" صباح الغد!"

أومأت آيرس وقد تذكرت أنها ستخلعها غدًا... ليُتابع الأب تحقيقه:" كم مر عليها؟"

فتحت فاهها لتُجيب لكن بيرت سبقها مِن جديد:" ثمانون يومًا!"

زمت شفتيها بتوتر، الجو بين بيرت ووالده شبه مُكهرب وقد تأكدت من ذلك حين سأل
السيد جوليان سؤاله الثالث:" أليست فترة طويلة؟! فكسور الشباب تُشفى في ستة إلى سبعة اسابيع!"

وضع بيرت الكأس التي ارتشف ما فيها من ماء بقوة وهو يقول:" يكفي! أتُريد رؤية ملفها الطبي لتتأكد؟
الفتاة خضعت لِعمليتين خطيرتين على يمينها كي تعود كما كانت! أتُريد رؤية الندوب قبل أن تُزيلهم بِعملية أخرى؟"

عضت شفتها السُفلى وهي تنظرُ نحو الطاولة بتوتر... لم تنطق بِكلمة بعد لكن الجو بين الأثنين مَشحون على آخره!
ولم يخفى على السيد جوليان غضب بيرت الذي يبذلُ جهدًا لستره بِقناع اللامبالاة! هو غاضبٌ حقًا لكن ليس بسبب والده،
هو أمر آخر سمعهُ سابقًا!

نظرت نحو بيرت الذي بداء يلعب بالشوكة في طبق عشاءه النباتي والخفيف... ثُم نحو والدهُ الذي مازال ينظر له بحذر..
التفت يُحملق بها بإستقراب لتنكمش على نفسها وتنظر لطبقها مطولًا... وحين رفعت ثعلبيتيها السوداوين مُجددّا قابلت
ابتسامة انتصار أظهرها مُضيفها العجوز! استنكرت ذلك بشده.. لِما هو يبتسم؟ أتعمد إغضاب بيرت؟

أشار لها نحو الطبق مردفًا بلطفٍ مُباغت:" تناولي عشاءك عزيزتي!"

توسعت حدقتاها للحظة ثُم نظرت نحو الطبق والتقطت الشوكة بِيسارها تأكلُ بصعوبة... في حين أوقع بيرت شوكتهُ
بِعدم تصديق لِتناقض مُعاملة والدهُ لها بهذه السُرعة! بقي العجوز ينظرُ لها مُبتسمًا وقد لمَح بيرت كمية الحُزن العميق
ألتي تشعُ بِه زرقاواه القاتِمتين وقد تبدّدت الإبتسامة من شفتيه تدريجيًا.... بقيَّ يُحدق بيرت بِها وهي تبذلُ جهدًا
في تناول العشاء...

-أتساءل... هل ذكرتكَ بأبنتكَ ياوالدي؟!



بعد العشاء مُباشرةً حاول السيد جوليان النهوض وحده، غريزيًا توجهت آيرس نحو العُكاز الذي وضِع على طاولةٍ
جانبية تَّوسطُها مزهرية صينية التصميم ذات نُقوش أزهارٍ ربيعية... وضعتها في يدهُ وهي تُساعدهُ على السير بِحذر!
شكرها مُتمتمًا وهو يسيرُ مُعتمدًا على العكاز... ابتسم بيرت تلقائيًا وفتح الباب لِوالده وتبعهُ بعد خروجِهما، نادى بيرت
بإسم "آرتيمس" لتخرُج من أحد الأبواب البيضاء بأسرع ما أمكنها وهيَّ تحملُ صينية خشبية تتوسطها كأس ماء وعلبة أدوية...

جلسوا في الصالة الواسعة ألتي تتوسطها أثاث ملكيُ التصميم والخادمة آرتميس تُقدم الأدوية لسيدها بحذر، قال بيرت
وقد أنهت ذلك:" هل جهزتُم غُرفةً لآيرس؟!"

أومأت مُبتسمة:" لقد جهزنا الغُرفة في نِهاية الجناح الأيسر... والدكَ اختارها وطلب تجهيزها للآنسة!"

حك شعرهُ الأمامي بِملل وهو يُردف بِتعب:" اذًا أريها الطريق لو سمحتِ وأطلبي من الخادم جيك أخذ الحقائب مِن السيارة لغُرفَتها."

وافقت بانصياع وهي تُشير لآيرس...فنهضت تتبعُ الخادمة بِتوتر... ألقت نظرة أخيرة نحو بيرت ووالده اللذان
بدئا بِحديثٍ يخص العمل... ثُم خرجت تتجاوزُ السُلم العريض الذي ينقسِمُ لِجانبين عن المُنتصف....
وكما قالت الخادمة سابقًا، سلكتا الجانب الأيسر لِتدخلا للجناح الذي يتوسطهُ أرائك كهرمانية ذات نقوشٍ ذهبية
وحولهُ عدة أبواب بيضاء... وفي الزاوية الأبعد وقفت الخادمة آرتميس تُشير نحو الباب مُردفة:" هذه ستكون غرفتكِ..."

نظرت آيرس حولها بإعجاب، سألت وهي تقترب:" وماذا عن بيرت ووالده؟!"

رمقتها آرتميس بعدم فهم، ثم قالت مُبتسمة:" الغرفة الأولى بِجانب السلم يسارًا غرفة السيد بيرت والتي تُقابلها
غرفة والده.... أما الباقي فهيّ غُرف الضيوف عادةً."

ارتسمت إمارات الفهم على ملامِحها وهي تُكمل بفضول:" وماذا عن الجناح الأيمن؟!"

فتحت الخادِمة الباب مُجيبة:" يوجد مَكتبة السيد بيرت وغُرفة اللعب، مَعرض مُقتنيات السيد جوليان الفنية
ومكتب العمل الذي لا يسمح لأحد بالدخول إليه..."

توسعت حدقتا السمراء بِذهول وهي تستكشفُ الغُرفة شديدة الوسعة والجمال... وقد غلب اللون الأبيض
والكهرماني تصميمها... للحظة شعرت بِعدم راحة! حين قارنت غُرفتها سابقًا وبساطتِها مع غُرفتها الجديدة....
كما لو كانت لا تنتمي لِهذا المَكان... خلَدت للنوم وهيَّ تُحاولُ التأقلُم مَع وضعِها الجديد، "أيصحُ هذا؟"
كان السؤال ومُشتقاته مُتسبب الأرق الأساسي لها وما زاد الوضع سوءً هو تتذكُر نظرات الرجاء في عيني سيندي!





جلس بيرت يحاولُ العمل في حاسوبه على بعض العمل الضروري والعاجل وهو يتمدد على سريره ناصع البياض...
وكلمات نيو ثُم اليكس تتردُ في رأسه كإعصارٍ هادر!" هل أنا حقًا أبالغ؟!"





كانت زخاتُ المطر تكسرُ الصمت بِنقرها على زُجاج النافذة الشفاف وصوتُ الرياح يُعلن عن موسمهُ الشتوي..
والجو يُصبح أبرد كُل صباحٍ عن سابقه، ارتدت آيرس ملابِسُها المدرسية التي تتكونُ مِن قميصٍ أبيض ذو أكمام طويلة
ترفعُ الكُم الأيمن حيثُ تنتهي الجبيرة وتنورة قصيرة رمادية اللون وسُترة زرقاء قاتمة تحملُ شعار المدرسة المرموقة،
تضعُها على أكتافها وحسب... مررت يدها على شعرها وقد كان منسابًا على كتفيها، كانت آني تربطهُ لها
كُل صباح خلال الأسبوع المُنصرم! وضعت الربطة الصفراء حول مِعصمها الأيسر وخرجت تحمِلُ حقيبة ظهرها البيضاء
وتوجهت للطابق السُفلي وبِمُجرد خطوها على آخر درجة التقت بإحدى الخادِمات فأشارت لها نحو غرفة الطعام لتناول الفطور...

دخلت الغُرفة بِخفة وألقت التحية على الشخص الوحيد الذي يجلسُ فيها مُبادلًا التحية الصباحية... قال وقد
جلست بِجانبه الأيسر مُبتسمًا:" لم يستيقظ بيرت للآن و هذا ليس من عادته! أخبريني ماذا عنكِ، أكنتِ مُرتاحة بالنوم؟"

أومأت له مُبتسمة وهي تُجيب بتوتر:" لم أشعر بِراحة مُماثلة من قبل! وطبعًا الشكرُ لكُم..."

أردف مُبتسمًا:" مر زمن طويل مُنذ سكنِ آنسة في هذا البيت! لِدرجة نسيتُ كم يكونُ الجو لطيفًا حينها!"

كانت ملامحُ وجههُ مُسترخية، هو بِكُل تأكيد يقصد تيردا بِكلامه، وهي كانت تعرفُ ذلكَ.. بقيت تُفكر مُطولًا
وهي تنظر في اللون البُني الذي يختلجه الصفار واحمرار يتراقص في سائل الكوب الزُجاجي...

-إذا كان يُحبُها فلِما يمنعُ بيرت حتى مِن مَعرفتها أو مَعرفة ابنتها؟! وهل قابل ايفرين مِن قبل؟
هل يعرفُ كم تُشبه ابنته؟ أتساءل.. كيف يُفكر السيد جوليان تحديدّا؟

خرجت مِن دوامة أفكارها وقد شعرت بيدٍ ترسوا على رأسِها وهو يقول:" هذا مكاني؟!"

لكنهُ تجاهلها وتوجه للجانب الآخر وكم بدى الجلُوس في الجانب الأيمن غريبًا بالنسبة له... بداء بتناول
الشطائر مُسبقة الأعداد خصيصًا له وهو ينظر لها كل فنية و أخرى وهيَّ شاردة في عالمٍ موازي...
قال يكسرُ الصمت العام بملل:" ستنزعين الجبيرة اليوم.. ألا يُحمسكِ ذلكَ ولو قليلًا؟"

فزعت حين وصلها صوته وانتشلها من افكارها المستمرة وبكثرة منذ الأمس، مجيبة بتوتر
:" أ.. أجل متحمسة، وستأتي آني فقد قالت لي أنها يجب ان تكون متواجدة أيضًا!"

تنهد بِلل وهو ينظرُ نحو كأس العصير المُصفر...:" سيأتي مَعها إذَا!"

قالت ببلاهة:" اليكس؟!"

أجاب سخرًا:" ليس اليكس، بالنيو! أساسًا إذا رأيتُ آني بدون وقوف اليكس خلفها أو بِجانها
فستبدو الصورة غير مُكتملة لي!"

قهقهت مُستمتعة:" إنهما مُقربين حقًا! لكنني رأيت آني واليكس ليس حولها من قبل!"

أوقع الشطيرة مِن يده بِعدم تصديق وهو يسأل:" مَتى حدث ذلك؟!"

" حين ذهبنا للمقهى، بعد خروجي مِن المشفى! وحين تخرجُ من الحمام! وحين تنام أيضًا!" قالت بتفكير...

-مع أن آخر اثنين غير محسوبة! لكنها محقة!...

هذا ما فكر بيرت به وعلى وجهه علامات الاستخفاف! وللحظة تناسيا وجود السيد جوليان،
وقد لاحظ الأخير كيف يتصرفُ بيرت بِعفوية مَعها.. وقد منحهُ ذلك أملًا في أن يتغير بيرت قريبًا
ويخرجُ من قوقعته...







حين وصلا لِحيث طبيب آيرس، كانت آني والآخرين قد وصلوا مُسبقًا وبدأ الطبيب بخلعِ الجبيرة باحترافية واضحة...

سأل بيرت بفضول:" صحيح... من ايفرين التي رسمت على جبيرتكِ مُوقعة؟!"

توسعت حدقتاها للسؤال المباغت، رطبت شفتيها بِتوتر مُجيبة:" قريبة صديقتي!"

بقي شارد الذِهن بهوية هذه الصديقة وقريبتها، لكنهُ أبقى تساؤلاته لِنفسه ولكن نيو وبكُل غباء
سأل غير مُصدق:" ما هذا الصديقة ومنذ متى رسمت لكِ هذه الشخابيط الطفولية؟!"

نظرت نحوه بحذر وتوتر وهي ترطب شفتيها... جعلتهُ ينتبه أنه رُبما سأل عن الشخص الخطاء
وأمام الشخص الخطاء! حك رأسه بتوتر وقد امتنعت الأخيرة عن تقديم أية إجابات....

تبادلت آني مع اليكس نظرات حيرة ولم يفهما الأمر جيدًا... وحين انتهى الطبيب كانت اليدُ اليُسرى
لسوداء العينين قد خف حملُها بعد مُضي كُل ذلك الوقت الطويل للتعافي.... لكن ذلكَ الندبُ الواضح
كان يُقلل مِن جمال يدها فقد رسم خطٌ يمتدُ مِن قُرابة المِعصم إلى الكوع من الجهة الخارجية للذراع...
بقيت تنظرُ لها لبعض الوقت بألم، في حين تقدم بيرت يُنزلُ كُم القميص مُخفيًا يدها حتى المِعصم بالكامل
وهو يغلق زر الكُم:" يُمنع الغش ريثما تُجرين العملية الأخيرة!"

رطبت شفتيها بتوتر وهي تومئ مُوافقة... لقد وقعت بِقوة على جانبها الأيمن يوم الحادث، كانت يدُها شبه
مُهشمة وقد حصلت على جُرح وكسرٍ فضيع.. كانت حالة ذراعها أسواء جزء، مَنعتها من النوم ليالٍ طويلة
وأجرت عمليتين جراحيتين خطيرتين، لِدرجة أن في بعض الأوقات كانت تظنُ أن يدها لن تعود كما كانت أبدًا!

حركت أصابعها مُتزامنة مع ألم خفيف، فقال الطبيب:" لم تُحركيها لما يقارب ثلاثة أشهر لذا هذا الألم طبيعي...
حاولي عدم استعمال يدكِ اليُمنى في أمور مُجهدة لِبعض الوقت..."

قالت منصاعة لأوامر الطبيب:" حاضرة."

نهضت آني تقولُ بحماس:" هذا يستدعي الاحتفال!"

فاجئها الردُ الفوري من بيرت إذ قال ببرود:" بعضُنا لديهم دراسة لم يتخطوا همها بعد!"

نهضت المعنية وهي تقول موافقة له:" أجل سنتأخر ولن ترضى الناظرة إلا بفتح استجواب لانهاية له!"



كان الوقت يمر ببطء وقد اتخذت آيرس مُوقفها، في نهاية الحصة الأخيرة واجهت سيندي تقولُ بقوة
:" موقفكُم هذا مُثيرٌ للشفقة! أن تختاروا وعدًا سخيفًا على مشاعر أحد أفراد عائلتكُم... يُثير غثياني!
سأخبر بيرت، لكن ليس لأنكِ طلبتي ذلك مني... بل لأنني أجده يستحقُ مَعرفة كُل شيء! هو يتطلع لِتيردا
وينتظرُ يوم لقائها بصبر، وهذا ليس عدلًا مِنكُم! قد لا أكون تلكَ الفتاة الخبيرة بأمور العائلة وعلاقة افرادها
بِبعض، لكن بيرت مِن بين كُل الناس... لا يستحق مُعاملتكُم هذه له!"

بقيت سيندي ترسمُ الخجل والحُزن متزامنة مع كلمات آيرس لتُردف بألم:" الأمر ليس بيدي...
لو كان كذلك لأخبرتهُ مُنذ دهر."



كان اليوم الدراسي قد مضى، ذهبت آيرس مع سيندي للشركة وهي تبحث عن نيو.. تَعمدت عدم العودة
مع بيرت بل وتهربت عبر ارسال رسالة لمارتن تُخبره أنها ستخرُج مع صديقتها...

في حين لم تفهم سيندي سبب قدومها لهذا المكان ولكنها سايرت آيرس التي كانت عازمة أن تخبر نيو واليكس
وتستشيرهُما في قرارها! فهيّ تعترف أنهما واسعا الآفاق ولا يفعلانِ شيء إلا وهما واثقان أنه صحيح ولا يسبب مشاكل لهما...

بقيت مُتمدده تنتظرُ عودتهما من المُختبر حيثُ يعملون وكانت سيندي تنظر نحوى اقراص الألعاب بإعجاب...
فُتح الباب فأوقعت بعض الأقراص من يدها مُتفاجئة وكذلك ثلاثة ازواج مِن العيون المُستفهمة للوجه الجديد!
تقدمت آني وهي مُستعدة لشنِ الحرب... لكنها توقفت وقد لاحظت آيرس التي تتمدّد على الأريكة مُردفة:
" آيرس؟! لِما تبدين حزينة؟"

جمعت سيندي الأقراص وأعادتهم بجانب التلفاز حيث كانوا سابقًا ثم اقتربت وهي تضمُ أصابها بحرج...

قالت آيرس وقد ارتخت ملامحها:" ماذا افعل؟! خائفة من نتائج ما أنا مُقبلة عليه!"

نظرت نحو نيو مُردفة:" قُلتَ لي لأدعه يكتشفُ كُل شيء بنفسه، ولكن... لا أحد سيُخبرهُ شيءً إن لم يفعل أحدُنا!"

قطب حاجبيه بعدم فهم وهو يُمرر نظراتهُ مِن آيرس إلى سيندي:" مالذي تقصدينهُ ومن الجميلة؟!"

قدمت نفسها بابتسامة باهتة وشفتيها الزهريتين تُجاهد للحفاظ عليها:" سيندي فوكس... أنا قريبة بيرت!"

أخفضت رأسها وهي تنظر نحو آيرس بِحذر لتُكمل الأخيرة:" يبدوا أن لا أحد ينوي إخبار بيرت عن وفات
شقيقتهُ الكُبرى كما أن ثمة أمر آخر... إنها ايفرين!"

قال نيو وقد مر الاسم عليه صباحًا:" ايفرين؟ قُلتي أنها قريبة صديقتكِ.."

قال الأخيرة وهو ينظر لسيندي وقد فهم الوضع! خرج اليكس من صمته يُحاول الفهم جيدًا:" لا تقولي أن ايفرين..."

لتكمل آني وزرقاوتاها المُخضرة على أشدها:" ابنة تيردا؟"

كانت سيندي مستغربة لكونهم يُحيطون علمًا بِمن تكون تيردا ولكنها اكتفت تُحاول فهم الوضع قدر
المُستطاع في حين تُلقي آيرس بآخر اكتشافاتها والآخرين يستمعون باهتمام.... ختمت كلامها بجملة
التي يتردد صداها في رأسها مُنذ الأمس:".... ولكن بيرت يستحقُ معرفة كُل شيء! سابقًا كُنت خائفة
ولا أرغب أن أكون من تُنقل الخبر.... ولكن الآن، أنا أدينُ لبيرت بذلك!"



اكتفوا بالصمت! لم يُحاول أحدهم تغير رأيها وما شابه، استنكرت الأمر وهيّ تمرر ثعلبيتيها السوداوتان بينهُم...
لقد كان صمتُهم يزيد الحمل عليها، ألن يُزيد أحدهم شيءً؟ وكأنهم وجدوا مُخلصتهم مِن الحمل الثقيل وقد
وقفوا جانبًا يترقبون الحدث الكبير! هي تُدركُ أن مع مرور الوقت، سيكتسبُ بيرت أملًا للقاءٍ مُستحيل!
سيكسرهُ ذلك أكثر مِن معرفته الآن وبأسرع وقت ممكن!

أردف نيو بإعجاب:" أنتِ.. وهو أيضًا، كلاكُما غريبا اطوار! لو كُنت مكانكِ لما تمكنتُ من إخبار الشخصُ الذي أحب
حقيقة اعرف أنها قد تُحزنه! أنا حقًا مُعجب بالقوة التي كسبتها خلال الفترة القليلة المُنصرمة!"

توردت وجنتاها في حين نظرت سيندي نحوها بعدم تصديق...

أومأت آني مُضيفة:" آيرس المترددة والجبانة التي قابلتُها أول مرة قد اندثرت وحلت بدلُها زهرة جميلة وقوية!
لا أعرف كيف أعبرُ عن فخري بما أمسيتي عليه خلال الفترة القصيرة التي أمضيتها معي!"

قهقهت المعنية بخفوت في حين وضع اليكس يده على رأس المُتحدثة يوقفها عن المُتابعة:" لا تتحمسي كثيرًا آني!"
وجه عسليتيه نحوى الأخرى مُضيفًا بتشجيع:" آيرس... ابذلي أقصى جُهدك! ولا تقلقي إذا غضب أو نكر كلامك...
سيكونُ ذلك أمرًا طبيعي كُل ما عليكِ فعله أن تكوني واثقة بقراركِ."

آه... إنها الكلمات الحكيمة التي توقعتها من اليكس تحديدًا! شعرت بشيء مِن السكينة ورمت بظهرها
على مَسند الأريكة بِراحة غريبة... ابتسمت سيندي راضية عن النتيجة التي وصلت له دَفة الحديث!
فهذا يعني أن، بيرت أخيرًا سيعرفُ كُل شيء وايفرين ستُقابل ذلك الفتى الذّي بِذكرياتها المَعدودة
والتي خلدتها بِضعة صورٍ تذكارية.... رمقت نيو الذي يقفُ مُتقابلًا لها بابتسامة شُكر!

في حين بقيت ملامحٌ غبية تعلو وجهه.. كسر جدية الجو وهو يُمسك يدها مردفًا:" تخيلي وحسب،
أنتِ بجمالكِ وأنا بوسامتي!... أتقبلين صداقتي كبداية؟!"

أخفى اليكس وجهه بقلة حيلة، في حين جاهدت آيرس تخفي ضحكتها للموقِف! قالت آني تتنهدُ بيأس
:" ها نحن ذا من جديد! بجدية نيو؟"

أجاب مُتحججًا:" أأنتِ عمياء؟ أنظري اليها، إنها تشُع!"

كان يقصد بشرتها الناصعة وشعرها الأشقر اللامع.... بدت بالفعل كشمسٍ في مُنتصف الصيف الحارق!
كانت سيندي مُتوردة وهي لم تفهم ما يقصده بكلامه تمامًا، مالداعي ليُقارن بينهُما؟



تلى ذلك أحاديث طويلة عن الماضي قصتها سيندي عن طفولتها المُشتركة مع بيرت... وكيف أنه لم يعُد
كما كان إذ لم يتذكر كيف كانت علاقتهُما قبل الحادث...

قاطع جمعتهُم الصغيرة حضور مُشرف الاختبار يطلبُ عودتهُم للعمل، غادروا مُتذمرين والنصيب الأكبر
لآني التي لم تحُصل على الدونات في موعدها المُحدد بسبب انشغال نيو بالتعرُف على الفتاة التي وصفها بالمشعة!

غادرت سيندي وقد توجهت آيرس حيث يجلسُ مارتن في غرفة الحراسة وطلبت مِنه إيصالها للبيت إذا أمكن....
كانت خجلة لأنها فرضت نفسها في حين الأخير لم يُمانع فهو يعرف أن سيده سيبقى في مكتبهُ لوقت متأخر
مايزال في بدايته....

ترجلت وهي تشكرُ مارتن في حين تحملُ حقيبتها البيضاء وقد استوت بذلتها كما ينبغي بعد خلع الجبيرة
وارتدت السُترة الأنيقة بأريحية....

دخلت الرُدهة بهدوء، التقط مسمعُها صوت ذو بحة عرفته واستنكرته بشدة... ضنت أن خيالها صنعه لكنها
تأكدت حين وصلها جُزء مِن مُحادثة غير مفهومة:" نعم... اذًا ما رأيك يا خالي؟!"

في حين أجاب السيد جوليان بتفكير مُهمهمًا:" لابأس بذلكَ، ولكن ألا تعتقد أن في ذلك مُخاطرة كبيرة...
قد لا تتحملُها الشركة دُفعة واحدة!"

أجاب ذو البحة الجميلة يُحاولُ إقناع الأخير:" لكن إذا نجحت فستدعمُ أعمال الشركة لسنواتٍ طويلة مُستقبلًا!"

تنهد سيد القصر بِقلة حيلة:" لا يمكننا إنكار هذه الجُزيئة من الصفقة!"



استنفرت بلا وعي وقد عرفت الضيف... فهرولت نحو غُرفتها تخفي نفسها! لم تفكر سوى بشيء واحد حركه وعيها عليه...

-هذا يشبه ما يحدث في الدراما عادةً! لقد رآني عند ايفرين، إذا رآني هُنا فسيعرفُ أني
أعرفُ بيرت وإذا عرف أني أعزم على إعلامه بكُل شيء، فقد يُحاول منعي من إخباره!



غيرت ملابسها براحة لأول مرة مُنذ وقت طويل ارتدت كنزة صوفية صفراء مع بنطال جينز فاتِح، وبقيَت
في غُرفتها طويلًا... إلى أن لمحت السيارة شرابية اللون وهي تُغادر بوابة البيت، تنهدت براحة.. اليوم
وحسب، الليلة على الأقل يجبُ أن لا تُقابل المدعو كوفين! هي لا تعرفُ موقفه، رُبما هو بِصف
السيد جوليان ويُحاولُ حِماية بيرت مِن الواقع المُحزن للأحداث! ولرُبما هو يعتبرُ نفسه يحمي ايفرين
لأسباب تعود إليه! لم تُخاطر وبدأت ترسمُ الكثير من الاحتمالات....



نزلت السلالم بِحذر ودخلت صالة الضيوف الواسِعة وهيَّ تُلقي التحية على مُضيفها:" مساء الخير سيدي...
أردتُ إعلامكَ بعودتي!"

قال مُبتهجًا:" آيرس! لقد قلقتُ عليكِ فقد مَضى وقت طويل لوقتِ عودتكِ المَفروض! أرى أنكِ خلعتِ جبيرتكِ، أريني يدُكِ!"

تقدمت بهدوء وهي ترفع كُم الكنزة الصفراء بتوتُر:" لقد عُدت قبل وقتٍ طويل لكنني لم أشاء إزعاجك وضيفك!"

بسيطة وصريحة جدًا! هذا ما اعتقده السيد بِها وهو يُلقي نظرة على الندب الطويل على ذراعِها... قال مُتفهمًا
:" هنيئًا لكِ! من الواضح أنك جاهدتِ طويلًا ريثما تُشفين يا ابنتي!"

صمت وقد توسعت حدقتيهما لوقع الكلمة، الأول لألقائه كلمة كاد يَنسى أنه استعملها كثيرًا مع من اعتبرها إرثه
في الحياة والأخرى لأنها كسبَت محبة السيد بلا جُهد لِدرجة تسميتها بلقب تُدرك أنه خاصٌ لديه!





تناولا عشاء لم يُحضره بيرت وتخلجهُ أحاديث بسيطة حاول فيها السيد جوليان فهم شخصيتها التي وجدها
بسيطة ومُترددة وقوية عند الحاجة... في حين عرفت أن السيد جوليان يُحب إغضاب ابنه الوحيد! لأنها
الطريقة الوحيدة ليتفاعل بيرت فيها معه! وغالبًا ُيغضبهُ لمُتعتهُ الشخصية!

كان الجو هادئً كالعادة قبل هبوب العاصفة المُهتاجة! هذا ما اعتقدته آيرس وهيّ تجلسُ بجانب المدفأة بِرفقة
جوليان العجُوز يتبادلان أطراف الحديث وهي تُحدق بالحطب المُشتعل تأكله النيران ببُطء.



استفاقت لتجد نفسها غفت مُنتظرة، كان صوتُ وقع الخُطوات على السلالم هو ما حثها على الاعتقاد أنهُ عاد...
خرجت من غرفتها وهي تُدثر نفسها بِمعطفها الواسع... توسعت حدقتاه وقد تقابلت مع خاصتها من بعيد، ابتسمت
وهي تُغلق باب غرفتها الأبيض وتتجه نحوه بهدوء غريب!

أمسكتهُ من ذراعها نحو الجناح الأيمن وهو يحدق بعدم فهم! قال بحذر مُتسائلًا:" ماذا حدث لكِ الآن؟!"

قالت وهي تُحاول إسكاته برفع إشارتها أمام فمها:" اششش! أخفض صوتك، لدي حديثٌ مُهم معك!"

تنهد يسبقُها لأبعد غُرفة في الجناح الأيمن، وكانت عبارة عن مكتبة تظُم عدد كُتب مُثير للأعجاب لِكثرتها...
جلست على الأريكة الكهرمانية بِجانبه وهيَّ تظمُ أصابعها بِصمت، تنهد بِقلة حيلة....

-لا يبدو أنها ستُلقي بِما عِندها اليوم!

هذا ما فكر بِه... كسر الصمت بِصوتٍ مُنخفض وملامح فارقة:" ماذا هنالكَ آيرس؟"

رطبت شفتيها تعزي نفسها على ما هيّ مُقبلة عليه:" لا أعرف من أين أبداء!"

قال وهو يحشرُ ظهره بالأريكة بِتعب:" من أي مكان، تَحدثي وحسب!"

حشرت يديها بين قدميها بِتوتر:" حسنًا... فالتُنصت جيدًا! لقد قابلتُ فتاةً جميلة ومليئة بالحياة
رُغم ظروفها الصحية، جعلتني أعزم على إخبارك!"

رمقها باهتمام حين لمس جدية حديثها لتُردف مُكملة:" لم يعد يُعجبني أن تنتظر أشخاص
يعزمون على إخفاء الماضي عنك! أريدك أن تعرف الحقيقة... عن شقيقتُك!"

استنفر وأمسك ذراعها اليُمنى بقوة:" عرفتي شيءً مهمًا صحيح؟!"

تأوهت بألم وحاولت تحرير ذراعِها عبثًا، لتُكمل بألم:" سأخبرُك... لكن صبرًا! لقد قابلتُ ايفرين...
ابنة تيردا! لقد قابلتُها بفضلِ سيندي وقد أخبرتني حقيقة أن لا أحد سيُخبركَ عن تيردا بسبب وعدٍ غبي!"

ركز بفمها بكُل جوارحه ينتظرُ سماع ما ستُلقيه...:" حين كُنت في التاسعة وقعت عن شجرة التُفاح في
مصيفكم وفقدت ذكرياتكَ عن الطفولة... هل تذكُر أو تعلم ذلك؟!"

نهى برأسه بِعدم فهم لتُردف مُكملة:" قبل ذلك بفترة قصيرة لا أعلم كم تحديدًا أو كيف.... لقد ... لقد..."

لم تستطع قولها بل وأبعدت وجهها للناحية الأخرى مُتمنيةً أن يعود كُل شيء قبل بداء الحديث إذ لم تتوقع
أن يكون قولها صعبًا، أعاد وجهها لتُواجههُ من جديد، قائلًا بشيء مِن الغضب:" أكملي... ماذا؟"

نطقت بألم وهيّ تُغمضُ عينيها تُحرم على نفسها رؤية ملامحهُ لدى تلقيه الحدث الكبير:" هيَّ لم تعُد بيننا!"

بقيت على حالها في حين وقف مُنتصبًا بعدم تصديق... يُحاول جمع الصورة في عقله، تشوشت رؤياه
ووجهها الشيء الوحيد الذي يُبصره في اللحظة... فتكرر صوتها يصدع في مسمعه:" عزيزي بيرت...
عليكَ أن تكون قويً!... سأترُكك لبعض الوقت لكن اعتني بنفسكَ من أجلي.. ابتسم كثيرًا!"



كل شيء كان كانفجار صدع رهبتهُ للنصف الآخر للكُرة الأرضية... تدفقت وتدفقت، تلك الكنوز التي طمسها القدر.....



فتحت سوداويها بحذر، كان يُعطيها ظهره وملامحهُ شبه مُظلمة، زرقاوتاه مُتوسعتان بِصدمة
وتشعان بنُكران، غضب وحزن دفين... وقع الخبر أعاد له الكثير من الذكريات غلبها مَشاعر
لمواقف عديدة مع تيردا.... وصدى آخر جملة سمعها مِنها يتردّد في رأسه:" عزيزي بيرت...
عليكَ أن تكون قويً!... سأترُكك لبعض الوقت لكن اعتني بنفسكَ من أجلي.. ابتسم كثيرًا!"



كان شتاءً قارص، تراكمت الثلوج بكمياتٍ مأهولة على السطوح... تقدم رجُلٌ ثلاثيني أنيق الهِندام
وهو يُمسك مضلةً حمراء تكدست عليها الثلوج، هتف مُناديًا بِمجرد أن لمحهُ مِن مكانه...
فتقدم له الفتى ذو تسعة سنون ببهجة وقد عرفهُ جيدًا:" جيسون! أين اختي ألم تقُل لي أنكَ ستُحضرها مَعك اليوم!"

تنهد جيسون بِقلة حيلة:" لم أستطع إحضارها، لذلكَ سآخذك إليها!"

ابتسم بيرت ببهجة:" حقًا ذلك! اذًا سأخبر العم ماكس أن لا يُخبر والدي...."

توجه نحو السيارة الحليبية وهو يُعلم السائق بسرعة، ثُم عاد لجيسون مُتحمسًا وصعد في سيارتهُ أيضًا...
كان جيسون يقودُ السيارة بِمهارة واضحة وهو يرتدي نظاراتٍ شمسية بُنية، تُخفي عينيه السوداوتان
وما تَحملهُ مِن تعابير ومشاعر...

صعد للطابق الثاني عشر برفقة جيسون ولم تختفي مشاعرُ السعادة واللهفة لهذا اللقاء، فتح جيسون
باب الشقة بِمفتاحه ودخل سابقًا مُضيفه الذي ابتسم تلقائيًا لتصرفهُ المُعتاد!

بحث بعينيه في صالة الشقة الواسعة ثُم توجه للمطبخ وبعدها لِغرفة نومِها حيثُ وجدها تُلاعب ابنتها
ذات السنون الستة مُرتدية ثوب فضفاض قصير وشديد البياض... اقترب يحتضنُها بِسعادة هاتفًا:" مُفاجئة!"

تفاجأت لحضوره الغير المُتوقع، مُردفة وهي تفتح ذراعيها:" أجمل مُفاجئة! آه...عزيزي بيرت، اشتقت إليك!"

بقيت تُقبلهُ بعشوائية وهيَّ تَحتضنهُ فقال مُشتكيًا:" لِما لم تعودي تأتي لِمُقابلتي! لقد أصبحت سمينة أيضًا!"

قهقهت بِسخرية لكلامه الأخير لتردف وهيّ تحدق بزوجها بِحزن مُصطنع:" لستُ سمينة أليس كذلك!"

أنزلت رأسها وهي تُكمل:" لكنني أستعدُ لشقيق ايفي!"

عقد حاجبيه بعدم فهم، ومط شفتيه مُردفًا بِغيض:" ماذا تقصدين؟!"

قهقهت مُستمتعة بإغاظته:" ستفهمُ حين تكبُر!"

جلس يشتكي وقد تمكنت من إغضابه، فقد كان سهل الإغضاب دائمًا، بداء يُتمتمُ بكلامٍ عشوائي
حول تكرارها الدائم لجُملتِها السابقة... اقتربت ايفرين مِنه وأمسكَ يده وهيّ تُحدق بزرقاوتاها
نحوه ببراءة وتضع إشارة يسارها أمام فهمها مُتسائلة:" أخبرني بيرت... من أين يأتي الأخوة!"

قطب حاجبيه بِعدم فهم وهو يُجيبها بأسلوب أخته:" ستفهمين حين تكبُرين!"

انفجرت تيردا وجيسون يضحكان لرده للصغيرة، في حين كان مغتاظا مِنهُما... فأخذ ايفرين من يدها
وغادرا الحُجرة نحو غرفة ايفرين مُتجاهلًا الأخيرين.





أفاق من نومه وتيردا تحتضنه من الخلف مُردفة بصوتٍ مُنخفض كي لا تقض صغيرتها:" عزيزي...
سيعود والدي من العمل بعد ساعة! استيقظ ليوصلكَ جيسون للبيت!"

كان ينام بكسل وايفرين تمسك يسراه بيسراها وهي تغفو بِعمق وضح في ملامحها البريئة....
نهض ليُبادل أخته الحضن مُردفًا:" لا أريد العودة! أريد البقاء معكِ هُنا إلى الأبد! لما لايُمكنُني رؤيتكِ متى شئت؟
لِما يجبُ أن لايعرف أبي بأني أركِ؟ هذا الوضع.. لايُعجبُني أبدًا!"

تقوقعت الدمُوع في حدقتيها... ها قد جاء الوقت الذي يبدأ شقيقها بطرح الأسئلة بِقيادة فضوله...
هو يكبُر بالفعل وسيسأل ويُطالب بالأجوبة شيء فشيء...ابتسمت له بحبور مُردفة
:" حين نلتقي المرة القادمة... اسألني مُجددًا وحينها سأجيب! لكن هذا اللقاء قد يطول...
ولكن ابتهج فأنا أعدكَ أن أجيبُك حينها..."

مط شفتيهِ بانزعاج ولكنه أومأ لها موافقًا على مَضض:" سيكونُ الانتظار طويلًا هذهِ المرة إذًا؟!"

مَسحت على شعره بيسراها وهيّ تحرك جسدهُ الصغير تحتضنهُ بِنفس الإبتسامة:" عزيزي بيرت...
عليكَ أن تكون قويً!... سأترُكك لبعض الوقت لكن اعتني بنفسكَ من أجلي.. ابتسم كثيرًا!"

وسالت الدمُوع من زرقاوتيها وسط ابتسامتها الحانية! لم يفهم... لم يفهم سبب دموعها تلكَ
وابتسامتها العذبة ترافقها... لكنهُ يفهم الآن! فهو لم يعُد ذلكَ الطفل الغبي، لقد كانت تتألم لوضعِهما،
لعدم قُدرتها على الإجابة... لامتلاكها الكثير من الأحلام التي تتضمنهُ في حياتها....

كانت تلك آخر مرة قابلها فيها، آخر ذكرى قدمها عقله الذي استفاق من سباته! تقدم يخرج من المكتبة تاركًا
الأخيرة بخليج مشاعر تتضمن التوتر والخوف والحذر.... ألن يقولَ شيء؟ ألن يسأل المزيد؟ استوقفته عند الباب
مُمسكة بذراعه اليسرى بكلتا يديها... نظرت نحوه بقلق:" إلى أين أنت ذاهب بغير التعليق على ما سمعت؟
أرجوك.... قُل شيءً يا بيرت!"

حاول سحب ذراعهُ في حين شدت عليها بإصرار وهي تُقطب حاجبيها بقلق.... قال بصوتٍ مُنخفض:" دعيني أذهب!"

توسعت سوداوتاها وهي تستفسرُ بعدم فهم:" إلى أين يا بيرت؟!"

أخفض وجهه لتُغطي الخُصلات الأمامية عينيه مُخفية تَعابيره:" أريدُ... أن أبقى وحدي!"







* يُتبع *




 
 توقيع : فِريـال



رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سِحر كَوني || ● أعِدها لَنـا ! لارِي. روايات الانمي_ روايات طويلة 14 05-20-2020 01:12 AM


الساعة الآن 09:52 AM