••
العودة   منتدى وندر لاند > القصص والروايات > روايات الانمي_ روايات طويلة

روايات الانمي_ روايات طويلة لجميع أنواع الروايات " الحصرية، العالمية، المنقولة والمقتبسة"


~ قدر مخطوط على صفحات الزمن

روايات الانمي_ روايات طويلة


موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-01-2020, 03:45 PM   #1
ورده المودة
في جوار ربها ، اللهم ارحمها واغفر لها وتجاوز عنها


الصورة الرمزية ورده المودة
ورده المودة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 104
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 المشاركات : 221 [ + ]
 التقييم :  277
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
~ قدر مخطوط على صفحات الزمن



.
















.


بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،

اولًا و قبل أن ابدأ بالحديث عن الرواية دعوني ابدي شوقي لكم و فرحي للعودة بعد هذه المدة المديدة الى جمع محبي روايات الانمي...


لقد عدت لأقدم لكم روايتي " قدر مخطوط على صفحات الزمن "
قصة احتوت في طياتها نحوا من الخيال و بدأت بحياة عادية جدا تقريبا...
لا استطيع وصفها بشيء غير أنني أدخلت المدرسة كإحدى هوامش القصة و لكن ليست أساسا....

من قرأ رواياتي الأخرى لابد و أن لاحظ ذلك ;-).....
سوف أضع بدايتي و أرجوا أن تنظروا لها بنظرتكم و انتقاداتكم و تشجعوني أيضا على تتمتها.....


مكتملة





.


.


 
التعديل الأخير تم بواسطة جلنار | Gulnar ; 03-04-2020 الساعة 11:18 PM

قديم 03-04-2020, 07:26 PM   #2
ورده المودة
في جوار ربها ، اللهم ارحمها واغفر لها وتجاوز عنها


الصورة الرمزية ورده المودة
ورده المودة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 104
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 المشاركات : 221 [ + ]
 التقييم :  277
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
~ قدر مخطوط على صفحات الزمن



.

















.


1

صراخ يعتلي بين تلك الجدران....

شجار يحوي كلمات مبهمة و مزعجة ....

لحن غضب واضح في طيات ذلك الحديث....


و هذا ما جر تلك الفتاة برمي لحافها الكستنائي و الخروج من غرفتها متجهة نحو تلك الغرفة المضاءة قائلة بانزعاج: ألن تكفا الليلة فقط؟...أنا أريد النوم و غدا لدي امتحان....


كانت تقابلها امرأة واقفة.... جميلة المنظر... مقطبة الحاجبين ... غطتها ملامح الغضب: اسمعي حديث والدك المثير للأعصاب... إنه لا يكف عن قول الترهات.


كان الأب جالسا على أريكة ذهبية حوت في حواشيها زخرفة باللون البني القاني واضعا يديه المتشابكتين تحت ذقنه و نظراته الحادة موجهة نحو زوجته الواقفة: من الترهات أن أبدي قلقي عليك !...يا للسخرية.... شكرا على الرد الجميل كاوروا.

( هه... و ها الآن تحاول استفزازي)


نهض خارجا : قلت أنا قلق..سوف أنهي هذا النقاش الآن.

خرجت خلفه: لقد أوقضت ابنتك لتقول أنك ستنهي النقاش !

أكمل خطواته ملتفا: أليس التوقف لأجلها؟


تنهدت الفتاة بيأس و عادت لغرفتها

"لا فائدة من الحديث معهما... الوضع لن يتغير"

دخلت غرفتها و عادت لذلك السرير مستلقية : يا الهي ... كالأطفال تماما.





أيقضها صوت حصى تدق نافذة غرفتها بانتظام ..

حركت يديها بملل و وضعت لحافها فوق رأسها متحاشية صوت الحصى النافذ لها .. لكن بعد لحظات...

استدركت الأمر و نهضت بسرعة من مكانها....

جهزت نفسها في وقت قياسي لفتاة ...أي عشر دقائق...


نزلت بسرعة حاملة حقيبتها الأرجوانية فوق كتفها لتخرج و تلاقي الصبي الواقف في الجانب الأيسر منتظرا....

وقفت بجانبه تلفظ أنفاسها: حقا اسفة...

أجابها وهو يرفع حقيبته من على الأرض: يبدوا أن شجار والديك أصبح عادة يومية في الآونة الأخيرة.

حركت رأسها بسرعة : بل جزء من حياتهم اليومية... بدأت أستغرب اليوم الذي لايتشجاران به، هل هذه الحياة هي ما يجب أن أعتاد عليها؟


بدأا بالمشي بجوار بعضهما البعض متجهين للمدرسة ككل يوم...

قالت له: من الأفضل أن تترك مجيئك لأخذي..أنا أستطيع أن أذهب وحدي و لاداعي أن تشرك نفسك معي في التأخير كل يوم هاروكي.

نظر لها نظرة جانبية: أنت تعلمين أنني لا أستطيع الخطى دونك .

تنهدت و أظهرت الانزعاج لجملته: ليس ذنبي أن تكون ذو صيت يا ولد.

ابتسم بتعالي : احم... و من مثلي لا يمشي بغير أميرته عزيزتي.

أطلقت شرارة الغضب نحوه....: ماذا قلت؟ أميرة من؟

أشار لها بثقة: هاروكي ميزاو .

أشاحت بوجهها متقدمة : ماذا قال..قال أميرته... يريد قتلي فجأة.. من ستتحمل فتى مثلك؟


توقف بهدوء ينظر لها من الخلف لحظات: ما الضير ؟... ما السيء بي؟!...ادخلي المدرسة لتلاحظي شعبيتي.

"ليتك تعلمين ما بداخلي ايريكا"

تقدم بعدما سمعها: انت تحوي كل السمات السيئة، و المشكلة أن لا أحد يعلم بها غيري.

انحنى لمستواها: ألم تتعبي من الكذب ؟

ابتسمت بسخرية خارجة عن النطاق الذي صنعته: و هل تضنني أكذب؟... أيها المتحملق .

أجابها بنفس الأسلوب: لن أسامحك لو كنت جادة .


أوقفت مشيها عند وصولها للبوابة: حقا ... سوف تعاقب مرة اخرى.

وضع يده ليحرك خصلات شعرها قليلا: لاتهتمي.. الأمر بيدي فأنا لست مجبرا على المجيء لك... اعتبري ذلك هروبا من الوقوف و السماع لكلمات المدير التكرارية..

ابتسمت بتوتر: حس...حسنا، أظن أننا تأخرنا أكثر من اللازم.

كانت تؤشر و توحي بإيحاءات قريبة لفتته ليقول: هل هو خلفي؟!!

لم يكن لها مجال للنطق حين نطق الذي خلفه : اهلا هاروكي.




.



.


 
 توقيع : ورده المودة

















إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم

فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم




قديم 03-04-2020, 07:26 PM   #3
ورده المودة
في جوار ربها ، اللهم ارحمها واغفر لها وتجاوز عنها


الصورة الرمزية ورده المودة
ورده المودة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 104
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 المشاركات : 221 [ + ]
 التقييم :  277
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
~ قدر مخطوط على صفحات الزمن



.

















.


2
ل
اتوازن في الحياة و أيضا تتبدل!

هاروكي أدار وجهه دون شعور باضطراب واضح: مرحبا سيدي المدير .

انحنت ايريكا مرحبة بدورها: صباح الخير أستاذ.
وضع اصبعيه ليقوم بتعديل نظارته ثم أشار لهما: هل لكما أن تتفضلا علي قبل أن تدخلا الفصل بسرد قصة تأخر اليوم؟
أجابه هاروكي قبل أن يتحرك من مكانه متجها للداخل: لقد تأخر القطار أستاذ، أعتذر عن هذا لكن يجب أن أحظر الدرس.

كانت تقف ساكنة تنظر له كيف تركها و ذهب ...
انحنت لتتقدم هي الأخرى لكن سبابة المدير التي قامت بجرها اوقفتها: انتظري... قولي لذلك الجبان أن موعدكم بعد الحصة ... فهمت.
تلفظت ب : أجل.. سأخبره.

تركها لتذهب و تنهد بعمق: أكثر مهمة صعبة هي التعامل معهما.
عاد هو الآخر لأدراجه......

التقت في ممرات المدرسه به لتقول له صارخة: هاروكي... لنا موعد في مكتبه.
أسمعها جملته: مرة أخرى...ألا ييأس ذلك المدير، إنه عنيد .
توقفا و بلعا ريقهما استعدادا لما ينتظرهما....
ايريكا : العقبة الأخرى.

كان ظلهما كفيل بفتح باب الفصل من الناحية الأخرى و ظهور وجه المعلمةمقطب الحاجبين: قفا مكانكما.
دخل هاروكي بجرأة: لقد رآنا المدير ندخل، فلا بأس.
التفتت لجرأته و قالت بحدة واضحة في لكنتها: هاروكي ..!
نظر لها نظرة بلهاء كأنها لاتعي سبب هذا الإنفعال ليسمعها تقول له: ابق واقفا طيلة الدرس، أتفهم؟
وصل للكرسي المخصص له قائلا بلحن سخرية: حاظر معلمتي.

كتمت غيضها منه بصعوبة و أتاحت لنفسها النظر لإيريكا الواقفة مكانها من،ناحية أخرى لتؤشر لها بسبابتها بالدخول لتقول لها ايريكا بامتنان جزئي: أشكرك..سأحاول أن لا يتكرر.





الوقوف أمام ذاك الباب الأبيض يشعر بالرهبة للتوتر.. لكن ليس لهذين الطالبين... فالوقوف هنا أمر طبيعي للغاية ، حتى أنه لايشعرهم ببعض الحماسة او التغير في يومهم....
لمحت ايريكا الشاب الذي يشاركها الوضع: هل أنت مستعد؟
يجاريها بقوله: ماذا عنك؟

سمع من في الداخل طرق الباب ففتحه خارجا و يدخل الاثنين لملاقاة من في الداخل.....
بعد خروج ذاك المعلم و إغلاقه للباب اعتلى الصراخ فورا: هذه الألف و خمسه و ثمانون مرة ... لماذا يجب أن أتحملكم أكثر، أخبراني فقط لماذا يجب أن أتحملكم أنتما الإثنان؟

ابتسم هاروكي للحظة قائلا في نفسه ( الف و خمس و ثمانون... يا للدقة)
لكنه تدارك نفسه: لقد أخبرتك أستاذ أن قطار المحطة تأخر.
رد عليه بانفعال:... متى القطار يتأخر؟...أنت،المتأخر على الوصول له أيها الأبله.
كتمت ايريكا ضحكتها( عقلاني...)
بدى يوجه نظراته المباشرة لهما: مرة أخرى فقط...مرة أخرى و سوف تنسيان اسم هذه المدرسة.
تكلمت ميرنا بدورها: سنحاول أن لاتكون نتأخر مرة أخرى... أعتذر حقا لهذا...حقا أستاذ...سأحاول تغيير الوضع.

فتح الباب مشيرا لهما: لا تنسيا، المرة القادمة عقوبتكما هي الطرد.
خرجا بعد الانحناء احتراما ليغلق الباب و يعود لمقعده منهكا: هذه العائلة .....تقودني للجنون.





بدءا يمشيان في تلك الشوارع المزدحمة و هما ينويان عدم العودة لبيتيهما بسرعة كما كل يوم......
هروبا من الواقع الذي هما فيه...
مواساة لبعضهما بالصمت تارة و بالمزاح أخرى....
أنفاسهما المختلطة تكفي لمعرفة صدق الآخر في مواساته...راحته بجانب الآخر.....و ظهور روعة ابتسامته أمام عيني من يقابله....
أجل، فهذين من ظهرا في هذا العالم كان من الجلي ارتباطهما ..

هما..صديقي طفولة .. و رفيقي عمر ازدهر لكونهما بجنب بعضهما البعض... و الفضل لهذه اللحظات في حياتهما كانت و تكون لعلاقة صداقة لعائلتيهما ..
جلسا فوق تلك الكراسي الرمادية المزينة بأقمشة مزخرفة بيضاء مما أعطى المكان طابعا هادئا ...
ابتسمت بخفة له: شكرا لوقوفك بجانبي هاروكي.
رد ابتسامتها بابتسامة أخرى : لا تشكريني... ذلك هو كل مايسليني على كل حال.
أحست ببعض الغيظ: يسليك!... بحق، أنت لا تستحق لطفي.
زادت ابتسامته اتساعا حتى بانت أسناناته: حقا أنت لطيفة الآن.
أشاحت بوجهها عنه: يا إلهي..

تحول هاروكي لشخص جدي فجأة ليسألها: هل الأمور متأزمة في منزلك لهذه الدرجة؟
أجابت: أكثر مما تتخيل... أظن أن أمرهما سيؤول للطلاق.
توسعت عينيه قليلا: طلاق !
أتمت بنفس لهجتها: صدقني... اليوم الذي يهدءان فيه هو اليوم الذي يتجاهلان بعضهما البعض.
تكتفت قائلة بنوع من الشكوى: لا أعرف بحق، لم يجب أن يتزوجا شخصين ليتشاجرا عشرون ساعة من الأربع و عشرين في اليوم.
فكر لحظة ثم أجاب: بعضهم يبينون حبهم بالشجار...
نظرت له بجدية تامة أوقفته عن مواصلة الحديث : هاروكي، أنت أحمق... مسكينة تلك الفتاة التي ستشاجرها لتبين حبك...ما هذه الفكرة السخيفة؟
قال لها : بواقعية...شئت أن أبيت هناك أناس بهذا الطبع ايريكا.
أشارت للنادل ليقترب منحنيا: مرحبا بكما، ما هو الطلب؟
أجابته بلباقة: بوضة شكلاه.
وجه وجهه نحو هاروكي ليسمعه: مثلها.
" الآن.."

عاد بمثلجات في كؤوس زجاجية لامعة تعكس اللون البني الذي حوته......
نهضا لتقول ايريكا وضحكتها هي تحمل حقيبتها: تعال معي للمنزل.
ملامحه المستفسرة بينت لها مافي خاطره: مابك؟... زيارة لمنزلي و بعض المراجعة.
توضحت له المسأله لكن لم يكن عليه أن يوافق على أي حال: ليس اليوم.
"لماذا؟!... أنت كفرد من العائلة... ستفرح أمي لو رأتك... خاصة أن والدك ليس في المنزل"

نهض هو الآخر : لدي موعد مع شخص اليوم و يجب أن أعد نفسي.
علت فمها ابتسامة عريضة: هي..هي... حصلت على تلك البلهاء التي تستطيع سرقة قلبها إذا.
قال ببرود: موعد مع والدي.
وقفت مصدومة لحظة لكن سرعان ماعادت ابتسامتها بابتهاج أكبر: رائع..رائع... حقا أنا مسرورة لك هاروكي، أخيرا لك الفرصة لتقترب من أبيك.
أجابها محاولا رسم الإبتسام بنحو من البرود: أه... إنها فرصة.
أوصلها لمنزلها و أراد أن يشد رحاله لحيث يجبب أن يرحل لكن أوقفته جملة ايريكا: بالتوفيق...أتمنى لك يوما سعيدا.
ركز نظره عليها لوهلة ثم قال: شكرا لك، سأبذل جهدي ليكون يوما جيدا.
ابتعد عنها و هي تنظر له بفرح قمرها و أمل اجتاحها بأن يجد هاروكي مكانه في قلب

والده... ذاك الأب الذي طالما غاب عن بيته و ابنه ليجلب للناس راحة البال و صفاء الخيال بأمن يقدمه تضحية منه...
لكن الضحية ليس سوى هاروكي.... هو الذي طالما عانى الوحدة و الصمت، عانى برؤية من حوله مبتسما في كنف العائلة رغم أن لا عائلة تضمه ...
لديه عائلة و هي رائعة لكنها تكونت من أم أهدته روحا لتفارق هي روحها، و أب اختار أصعب الأعمال و أخطرها... ذاك هو عمل الشرطي..





دخلت لذاك المنزل الذي احتفظ بظاهره الجميل عكس ما يحويه من أجواء متهيجه...
" لقد عدت "
أجابها والدها من غرفة الجلوس : أهلا بك بنيتي..كيف كان الإمتحان؟
اتجهت نحوه ليشعر بالهالة السوداء من خلفه فآدار جسده بهلع: مابك؟
قالت و هي تتأرجح بيأس: لا تذكرني. . كان فضيعا.
نهض من مكانه: لا بأس ، لا يجب أن تهتمي بدرجات لهذه الدرجة .
استدركت نفسها و باتت تنظر يمنة و يسرة و كأنها تبحث عن شيء: أين هي أمي.
أخذ تنهيدة بينت بعض الإنزعاج: ذهبت لتشتري بعض الحاجيات... إنها حقا لا تدرك زوجة من هي.
أمسك يدها و هي تحاول الذهاب لغرفتها: ايريكا، أقنعي أمك بالبقاء في المنزل .
تعجبت من تصرف والدها و أرادت أن تسأل عن السبب لكن سبقها صوت الباب الذي يفتح: لقد عدت.

تركت ايريكا والدها و ذهبت لتساعد أمها في حمل الحاجيات: دعيني أساعدك.
صعدت بعدها لغرفتها ، تبدل ملابسها و كذا تهتم بدروسه إلى حين الغداء...
كانت أفكارها متشعبة ... هاروكي الذي على أمل قضاء الوقت مع والده لأول مرة ... و من جهة أخرى رجاء والدها الغريب... أمها العصبية في الآونة الأخيرة و كأنها تهوى الشجار مع زوجها....
كلها أفكار نهت ذهنها عن تقبل ملعومات الكتاب الذي تتفحصه أمام ناظريها...





اجتمعت العائلة بهدوء عجيب و جلست هي في الكرس الأوسط على طاولة الطعام، كان الطعام لذيذا و شهيا لكون والدة ايريكا ماهرة في الطبخ، لكن ما لهذه اللذة من طعم و الجو مشحن بالأنفاس الضجرة و المنزعجة.....
تحدث والدها: أنا و هيجي سوف نذهب لمهمة مستعجلة بعد قليل فلا تفعلي شيئا متهورا ....
كان كلامه موجها لزوجته إلا من أجاب بإنفعال : العم هيجي سيذهب معك!
نظر لها بطرف عينيه ببرود: و ماذا في ذلك؟
أشارت بالنفي: لاشيء .
شردت و هي تفكر في هاروكي الذي سيخيب أمله الواهم مرة أخرى...
وأما عن الجواب الأساسي فالأم ظلت صامتة لألا يتعكر مزاجها وسط الوجبة.....
ما أن انتهت ايريكا اتجهت نحو مستقرها المسمى بغرفة... فمسقرها الآن تلك الزوايا الأربع و ليس المنزل عامة.....
جلست على أريكتها البيضاء المنقوشة ببعض الزهور الزهرية و الزرقاء و أخذت هاتفها لتتصل لصديقها......





رتب نفسه و لبس ملابس رسمية باللون الكحلي الذي يفضله ليغطي القميص الأبيض تحته.....
أخذ عطرا و رشه على نفسه و أخذ مشطا صغيرا يرتب به خصلات الأسود المزرق......
ابتسم إلى نفسه و هو ينظر لوسامته و رزانته في المرآة : و كأني ذاهب لخطبة فتاة و ليس لقاء ابن مع أبيه...
صمت و هو يركز على نفسه
(ما بال نفسي... أنا و ايريكا، أود لو تفهم دون أن أنطق.... )
لاحظ نقصان شيء فحاول أن يبحث عنه و هو يردد : الربطة...ربطتي...ربطة العنق أين أنت...
رن هاتفه ليرفعه و تجمد ملامحه: أه...حسنا، أفهمك...لاداعي للإعتذار أبي، أنا أعلم عن ظروفك..يا إلهي، أبي حقا لابأس...حسنا حسنا..إلى اللقاء.

ترك نفسه ترتمي فوق السرير و أنفاسه التي يشعر بها بجانب يده تفهمه مدى تأثره، فحتى ليوم واحد ليس له الحق في تمني أن يكون له عائلة......
أغمض جفنيه ببطء ليستسلم للنوم لكن صوت رنين هاتفه أجبره على فتح جفنيه و الرد :نعم.
جلس عند سماع صوتها : أه.. هذه أنت.
ابتسمت بحزن: سمعت عن والدك.. حقا أنا لا أعرف ما أقول.
أجابها بطابع يخرجها مما تشعر به من أسف له: ما تقصدين؟ .... ليس بالشيء المهم، يوم و سيعود.. لاتهمي نفسك.
" ما رأيك لو تأتي لنا .. ستتغير عليك الأجواء"
" لاتقلقي ايريكا..سأكون بخير لوحدي... هل تحتاجون لشيء؟"
"لا"
"فعلا؟"
ضحكت بخفة: لا تقلق ... لن يخفى عليك شيء لو احتجنا.
ابتسم ابتسامة لطيفة: شكرا على اتصالك..كنت بحاجة إليه.
تحركت بؤبؤتها للحظة عند سماع ذلك : لا شكر على واجب هاروكي.
" إذا ...أبلغي عمتي تحياتي"
سمعت صوت ضوضاء فقالت على عجل.....
" أه..حتما، إلى اللقاء"

أغلقت السماعة و توجهت لحيث الصوت، هذه المرة كان الصوت مختلفا و أعلى من الشجار اليومي و هذا ما جرها للنزول،......
كان الأب واقفا يصرخ بجوهرية هذه المرة: يجب أن تفهمي أن الوضع مختلف الآن...
أجابته هي الأخرى: أفهم ماذا؟...أنك تريد حبسي لأحيك الصوف كالعجائز!
الأب: لاتغبيني أكثر كاوروا، إن عمل الشرطي خطير على العائلة أيضا بعض الأحيان.. يجب أن تدركي هذا الأمر.
بدأت تحرك سبابتها بإنفعال: كف عن هذه المبالغة، لقد وضعت حراسا و هذا يكفي ، و يجب أن تعتمد علي كزوجة شرطي لثسعة عشر عاما.
بدى كالهستيري يود إقناعها صارخا بصوت أعلى : اسمعيني ، هذه المرة تفرق عن سابقاتها.
ابتسمت باستهزاء : و أصبحنا عزيزين فجأة.... اذهب لعملك الذي يتجاهلنا فقط، متى كنت معنا أساسا..بالفعل أنت لاتكترث لعائ......
غضبه اجتاح اختياره عند سماعه لتلك الجملة ،و في تلك اللحظة كانت لحظة وصول ايريكا لترى الصدمة.......
صوت صفعة رجت في الأرجاء لتنتهي بإحمرار وجنة والدتها....
نظر لها والدها قائلا : أقنعيها ايريكا، لا يجب أن تخرج هذه الفترة ......
قاطعه خروجها
قائلة: أكرهك أبي
اتجهت نحو الباب الخارجي و أعلنت بذاك الصوت خروجها من المنزل..
ضرب رأسه : تبا، أردت منعك فخرجت هي.
قالت بامتعاض: أنظر لما فعلت.
أدارت جسدها و اتجهت بوجهها نحوه قبل أن تخرج: هذه المهمة غيرتك كثيرا... إنك تحطم نفسك هكذا.
أكملت طريقا لتخرج لكن سرعة زوجها التي جرته ليقف أمامها بحزم أفزغتها و دفعتها للخلف خطوة لتلتصق بالباب: مابك؟
أنزل رأسه ببطء بجانب أذنها ليهمس لها قائلا: كاوروا...
صوت أنفاسه المتهيجة جرتها للنظر لعينيه الجادتين....
أكمل بنبرته الحادة: لن أسامحك لو وضعت قدمك خارج هذا المكان.
تلبكت و بصعوبة تلفظت بإسمه: ريو.
تركها خارجا...تركها تحت ذهولها لتجلس باتساع عينيها :....
( كذلك الوقت... عينيه، نبرته... رجفة يديه... ما الذي يجري ريو؟)





كانت سارحة بما رأته عيناها .. يد والدها المرتفعه ...و لصفع أمها
لم تعطِ والدها فرصةً لشرح موقفه فهي لا ترى مبرراً مهما كان السبب...
حاولت تجاهل الموضوع و بدأت عدِّ موجات البحر المتلاطمة بخفة كما تفعل في كلِّ مرَّة فوصلت لعددٍ نطقت به بصوتٍ منخفض...الثانية و الثلاثون ..

حينها سمعت همساً في أذنها اليمنى مقترنةً بالموجةِ التي تليها ..." الثالثة و ثلاثون"
ابتعدت هلعة و هي تدير جسدها نحو مصدرِ الصوت....
استقرَّت بعد أن رأت هاروكي الواقف خلفها بابتسامةٍ جريئة : أفزعتني.
جلس على الصخرة التي بجانبها : رداً على قلقي , فهاتفكِ مغلق منذ الظهيرة.
أنزلت رأسها قليلاً ليظهر جزءٌ من حزنها : لم أشأ أن يتصل بي والداي , و بالخاصة أبي ..
نظر لها نظرةً جانبية دون أن يتفوه بكلمة.....
...: أبي رفع يده ليصفع أمي .. ما أن دخلت الغرفة التي حوت علو صوته حتى رأيته رافعاً يده قاصدا أن يصفع أمي بها...
استقام بظهره مظهراً بعض التعجب من العم ريو الذي كان ظاهراً عليه اللطف و السماحة : العم ريو

..يضرب خالتي!

" لا أفهم هاروكي ,لمَ يجب أن يتزوج اثنان ليحطما الحياة التي يبنيانها؟...لم يجب أن أكون ضحيتهما التي ترى شجاراتهما الدائمة ؟....حياتي اليومية ليست مستقرة كالباقين...أبي إما في شجار مع أمي أو في مهمةٍ تزيد توترنا و قلقنا عليه ...أمي دائمة الشكوى و الانزعاج.
" تجاهلي...يومان و يعود كلَّ شيءٍ لطبيعته"
" عن أيِّ طبيعة تتحدَّث؟...عن الشجار الدائم ! "
" لدى البعض...الشجار رمز الحب و الألفة"
" غباء...حقاً غباء لا أعتقد به"
ترك نظره للبحر و اتجه لها : أن لا تعتقدي شيئاً لا يعني أن يكون غبياً أو خاطئاً , فلكلٍّ معيار في إظهار مشاعره , مهما كان هذا المعيار غريباً.
أجابته بصوتٍ خافت أقرب إلى الهمس : قد تكون على حق .
رفع بعض الحصى من جوانبه و أعطاها لإيريكا : خذي.
فهمته و أخذت بعضها من يده : شكراً لك.

وقفا و بدأ يرميان تلك الحصى بالبحر علَّ إحداهما تضرب البحر ثلاث ضرباتٍ متوالية , كان هاروكي ماهراً على عكسِ ايريكا التي توقفت تنظر له : لا فائدة..أنا لا أفهم حتى كيف تفعلها.
التقط حجراً أكبر بقليل و رماها هي الأخرى : مشكلتك أنَّكِ تحاولين التغلب على البحر لا أن تستمتعي بما تفعلين...تضعين كلَّ قوتك , هذا ما لا يجب أن تفعليه...إنَّك بذلك تشدين على أعصاب يدك و القوة تتمركز في مكان واحد .
انحنى و التقط حجراً مدبباً قليلاً و أعطاها لها : جربي..ارميها بعشوائية .
وقفت مكانها بشكلٍ مستقيم يبدي تأهبها و رفعت يدها كأنها تمشي مع الهواء...
نجحت و لكن كانت رميةً شبه مختفيه لضعفها...: ما هذا؟
أشار هاروكي بيده نفياً بهزل : إيريكا...أنت سيئة لدرجةٍ لا تصدَّق , إني أتأسَّف على كشف سرِّ مهنتي لك..يا حسرتي.
اصطنعت الغضب بدورها : بل أنت مدرِّب فاشل.
تعالت أصوات ضحكهما التي ظهرت بعد تغيُّر الأجواء ....
توقف عن أسلوبه الهزلي و الضحك : بعيداً عن المزاح..لم تكن رميةً سيئة .
"شكراً"

جلسا صامتين لفترة فأراد هاروكي قتل هذا الصمت و هو موجهٌ عينيه نحوها : إيريكا أنا أفهم....
كلَّ لسانه و نسي ما أراد قوله لها و هو ينظر لشعرها المتطاير للخلف من هبَّاتِ الهواء الباردة كاشفةً عن ملامحها بوضوح....
كانت منحنية و عينيها مرتخيتان تنظر للسماء ...
حدَّق بعينيه نحو الفتاة التي أمضى معها كلَّ حياته و الآن يشعر و كأنَّه يراها لأوَّلِ مرَّه...
أوَّل مرة يلحظ هدوء ملامحها ....صفاء خضرةِ عينيها...لمعان شعرها الأشقر تحت سطوع القمر الذي يكادُ أن يطل بتمام نوره البهي.....لاحظ...رأى...تمعَّن...لكن كان لابدَّ له من أن يتدارك نفسه لولا أنَّها لم تدر وجهها نحوه لتسمعه بصوتٍ يملؤه الترقب بملل : لم تقل لي , ما الذي تفهمه؟
حينها تسمَّر مكانه دون وعي ....

شعرت إيريكا بالغرابة منه فحرَّكت اصبعين من يدها : أوي...هاروكي...أين أنت؟
رمش رمشتين ثمَّ قال : لقد سهوت قليلاً...
تمعنت النظر بعينيه ببلاهة و هو يعالج حرجه بالداخل : حلَّقت بأحلامك.
نهض واقفاً يحرك حدقة عينيه السوداوان بخفاء ليتفادى نظرها دون أن تلاحظ : حسنا..لا أظن أنَّ كلَّ ما يشرد بالتفكير به الشخص يكون أحلاما , فقد تكون أمانٍ يريد تحقيقها.
رفع سبابته نحو الأعلى موجهاً بها نحو السماء : أنظري , ها قد سمعتني الأماني و أرسلت شهابها.

عادت لتنظر لذلك السواد الحالك مستطلعة فترى أنَّ هاروكي صادق فها قطع سواد تلك الظلمة عبور شهابٍ برتقالي اللون زينته بالخلف توهجٌ به بعض الصفرة : حقاً.
أنزل يده ليقول : أمنيتك ستتحقق لو قلتها و أنتِ تنظرين لهذا الشهاب و كما سمعت فهو لا يظهر إلا كل سبعين عاماً...
"أمنية...أظنها ستكون , أن أعود بالزمن لأمنع والدي من هذا الزواج الفاشل"
نظر لها بتعجبٍ واضح و استغراب مما سمعه : أ هذه أمنية ؟ !...دعيهما و شأنهما الآن.
ابتسمت له : أمزح..فالأماني المستحيلة لا يمكن أن تتحقق.
صمتت ثمَّ قالت : أتمنى أن نشعر بالسعادة ...جميعاً..أقصد , أنا..أنت..عمي هيجي و والدي...السعادة التي تربط قلوبنا المتشتتة جميعاً كما كنا صغاراً نجتمع كعائلة على طاولةٍ واحدة.
وجهت نحو حديثها له : ماذا عن أمنيتك هاروكي؟
بدى عليه التفكير قليلاً : حسناً...أمنيتي أنا...أن أكون معك في أن أنتقل معك في أيِّ زمانٍ و مكانٍ تذهبين إليه , فأنا لن أدعك تذهبين وحدكِ كما تعلمين .
قالت ببعضِ التذمر : هاروكي!

بسط كفه ليرفعها بجانبه فتقول له بسرعة : سيختفي الشهاب , قل أمنيتك بسرعة.
تفاجأت أنه قال ببرودٍ يدلُّ على جديته : أمنيتي أن تكون سعادتك بوجودي جانبك.
ابتسمت و كأنها تجيبه : و من لا يشعر بالسعادة بوجود صديقٍ وفيٍّ مثلك هاروكي؟...أنا الآن أشعر بالسعادة و أنت هنا فلا داعي لأن تتمنى.
ضحك ضحكةً خفيفة : سعيدٌ لسماعِ ذلك..لكن أظن أنه كان عليَّ أن أصيغ أمنيتي بشكلٍ آخر.
انحنت لينزل شعرها الطويل جانباً و هي تحكم كفيها ببعض من الخلف : كيف مثلاً؟
بادلها نبرة اللطف : سأقول لك حين تتحقق.
رفعت نفسها لتباشره و بدأت تكح لتعدل نبرة صوتها و كأنها تريد الإعلان عن شيءٍ ما : أمنيتي الأخيرة , أن تتحقق أماني صديقي هاروكي مهما كانت و أن لا يظل بحسرةِ أمنية ليشرد مرَّةً أخرى دون أن يتم حديثه معي.
ضربت جبهته بسبابتها : أحببتها.
ردَّ لها ضربتها بسبابته فوق جبينها : بالطبع , أفضل ما لديك اليوم.





.



.


 
 توقيع : ورده المودة

















إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم

فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم



التعديل الأخير تم بواسطة جلنار | Gulnar ; 03-04-2020 الساعة 09:58 PM

قديم 03-04-2020, 07:27 PM   #4
ورده المودة
في جوار ربها ، اللهم ارحمها واغفر لها وتجاوز عنها


الصورة الرمزية ورده المودة
ورده المودة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 104
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 المشاركات : 221 [ + ]
 التقييم :  277
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة


.

















.


3
هل الأماني المستحيلة تتحقق ؟!
مُستحيل !!




اخترق نور الشمس الحارقة تلك الغرفة ليوقظ بأشعته تلك الفتاة الممتدة وسطها....
أعلنت إستيقاضها ببعض التثاؤب في ثوان...
ثم انتبهت لوضعها فهبت مستيقضة ليتبادر في ذهنها فوراً...(( تبا..تأخرت اليوم أيضا ...يبدوا أن طردي سيكون قريبا للغاية))
انقلبت بسرعة لتنهض لكنها تفاجأت بالأرض التي ترتطم بها بقوة؟!...
ذاك كان أمرا طبيعيا لأنها ليست فوق سريرها أصلاً...!
نهضت لتنظر لما صدمها بتلك الجدران التي لاتكاد تكون واقفة..
لم تستطع التدقيق بشيء لشدة سطوع الشمس الواصل لها من السقف المتصدع،فرفعت يدها ة فوق عينيها لتعرف أنها في غرفة خشبية متصدعة الجدران ساقطة السقف عوض تلك الغرفة التي رتبتها بالأمس..!!
تنقلت في ذلك المنزل الصامت الغريب و هي تنادي والديها و تكرارا و مرارا إلا أنها لاحظت بعد فترة أن لا أحد في هذه الخربة ..!
قررت الخروج لتستطلع الأمر الغريب الذي واجهها في أول ساعات الصباح...
أوقفها تردد بعد التفاتها لملابس النوم التي كانت ترتديها : يا الهي...
لكنَّها صممت و تأهبت بصرامة و تقدَّمت محدثة نفسها : لا خيار آخر لدي على كلِّ حال.
خرجت لترى و كأنَّها في حيِّ مختلف ... بدأت تمشي و تمشي بخطى تائهة دون أن تعرف أين تسير و أي طريق و اتجاه يوصلها للمقصد، بل إن الأجواء الغريبة عليها بدأت تطرح الأسئلة في ذهنها سؤالا تلو الآخر حتى شعرت بالفوضى لتقف و تمسك رأسها بيدها لألم اعتراها...
((ماهذا؟!..من غير معقول أن تتغير طوكيو في يوم و ليلة لهذه الدرجة ! ))
وقعت عينيها على بائع خضار في ذلك الزقاق، بائع خضار عجوز لم تر مثله من قبل...
نهض هو من مكانه مقترباً منها بعدما لاحظ وضعها الغريب نوعا ما : هل أنت بخير يا ابنتي؟
أنزلت يديها و قالت له : هل تعرف أين يقع منزل ريو ماسوي سيدي؟
بدأ بالتفكير لثوانٍ : لا أظنُّ أنني سمعت بهذا الاسم من قبل...هل أنت غريبة عن هذا الحي؟
((عن هذا الحي!...أشعر و كأني في عالمٍ مختلف .. ))
مشت و تركته لتمضي في طريقها المجهول ثانيةً علَّها تجد ما يعيدها لمنزلها أو على الأقل أن يجيب على أسئلتها...
التفتت لما جلب الأمل لها و هو الهاتفٍ العمومي الذي قد يخرجها من الدوامة التي وقعت بها...
يبدوا مختلفاً عن المعتاد إلاَّ أنها اقتربت منه بأملٍ في اتصال يخرجها من هذا الموقف المبهم....
أخذ ابهامها يتحرَّك فوق حباتِ الأرقام ...رقم منزلها " خاطئ !"
رقم والدها...والدتها...منزل هاروكي...هاتف هاروكي...العم هيجي...صديقاتها...
كلُّها أرقامٌ خاطئة ..!!
" ما الذي يجري هنا ؟ ! . . "
ركزَّت قليلاً لقول بعدها غير مصدِّقة:..هل أنا .. ؟ !
أدارت جسدها واضعة يدها تحت فمها بتفكير...
((لحظة...مزحة هاروكي...أتمنى أنَّها كانت كفيلةً بنقله هنا , لكن كيف سأجده ؟ ))
مرت فتاتان بجانبها بضحكٍ متعالٍ قليلاً ليشداها للنظر لهما ...كان واضحاً من ملابسهما و حملهما حقائبها أنَّهما متوجهتان نحو مدرسةٍ ثانوية ..
فابتسمت مبتهجة..
(( .. المدرسة .. لِمَ لم أفكر بهذا؟ فهي ذاتها التي تخرج منها والدينا .. ))
بدأت تجري بخفة حتى استوقفها شابٌ اصطدمت به فجأة...
رفعت رأسها قليلاً لتجد عينان صارمتان قد لاحظتها لحظة بقول كلمة " انتبهي " و الذهاب مبتعداً...
كانت تلك صدمةً لها لتقف لحظة , لكنَّها تداركت نفسها لتلحق به : هاروكي...
مضى الفتى في طريقه دون أن يعيرها اهتماماً و كأنَّه لا يسمعها...
وقفت مكانها تنظر له...
وجه هاروكي..لكن أن ينساها ...
ابتسمت بخفة قائلة : هذا هو العم هيجي بالفعل...لا يتغير.
تقدَّمت تجري نحوه صارخة : عفواً...قف لحظة.
توقف ببرود ملتفتا خلفه : ماذا؟
قالت له : آسفة , هل تعرف أين تقع مدرسة – ميوزو – الثانوية؟
أنزل عينه بوضوح لملابسها لتشعر بحمرة الخجل و الحرج : ستذهبين ببذلة النوم؟...هل أنت غريبة الأطوار؟
اغتاظت قليلاً لكنَّها أظهرت ابتسامة : أعرف أنَّ هذا غريب , لكن لديَّ ظروفٌ غريبة اليوم.
رفع بصره عنها و بدأ يمشي بصمت لتزداد غضباً : أجبني أولاً عمـ...
بلعت ريقها قبل أن تكمل ..
أسمعها كلمةً أخرى " اتبعيني "
تبعته بصمت و رغم هذا الصمت شعرت بالأمان الذي يتملكها بجانبه كشرطيِّ صارم , رغم أنَّه في هذا الوقت الحالي ليس إلا طالباً على ما يبدوا...
هي اختارت سؤاله لهذا السبب ..فهي تستطيع أن تسأل أيٍّ كان عن المدرسة لكن العم هيجي يخرجها من ضياعها في هذا الزمن الغير مألوفِ لها...
رفعت بصرها قليلاً نحوه لتلاحظ مدى الشبه بينه و بين ابنه...حقًّا يتشابها , تفاحةٌ مقسومةً من النصف ..
وقف منتبهاً لها ليراها شاردة : متى سينتهي تحديقك يا فتاة؟..أعرف أنني وسيم..لا أحتاج نظراتك الغريبة.
هذه المرَّة لم تتجاهل جملته المتكبِّرة : أنت تشبه صديقي لدرجةٍ كبيرة مما أذهلني...و صديقي ألطف و أجمل منك أيضًا , لا داعي لهذا التبجح .
" حقاًّ..و عن المدرسة .. "
أشار خلفها ليتم جملته بأنَّهما قد وصلا...
شكرته لتدخل : شكراً لك..ساعدتني بالفعل.
"أعلم"
(( لا مجاملات معه بتاتاً .. ))
دخلت تجول بعينيها لترى تجمعٌ ملفت بزاويةِ الساحةِ اليسرى فتوجهت نحوه...
" عفواً...عفواً دعوني أمر...لحظة .. "
عبرت من ذلك الحشد بصعوبة لترى هاروكي...بالتأكيد هاروكي فمن يشبهه للتو كان خارجا و هو لازال يلبس معطفه الصوفي و بدلته التي كان يرتديها البارحة....
كان غاطاًّ في النوم مسدلاً رأسه على كتفه و أصوات من حوله كانت مختلفة بين معجباتٍ و منتقدين و مستغربين...
اقتربت منه لتلاحظ انتقال الأعين منه مستقرَّةً عليها فهي الأغرب الآن...
أيُّ شخصٍ في وضعها سيشعر بالحرج و هي ليست مستثناة إلاَّ أنَّها لم تظهر الاهتمام و جلست قربه تحركه حتى يجلس إلاَّ أنَّ كل ما حصل أنَّه تحرَّك ساقطاً عليها لتشتعل و تكاد تقفز من مكانها : هاروكي... هيا استيقظ , هل تسمعني؟
تمتم لها : دعني أنام قليلاً..قليلاً فقط..أكثر..أبي...
رفعته لتهز كتفيه بقوَّةٍ و سرعة : قلت استيقظ هاروكي.
بدأ يفتح جفنيه قائلاً بنعاس ظاهرٍ عليه : يجب عليَّ أن أجهز نفسي لألا أتأخر في المرورِ على ايريكا..
دقق النظر التي كانت جالسة بوجهٍ أحمر حرجاً بين ذلك الملاً : ما الذي أتى بك لغرفتي ايريكا ؟
ايريكا تأوهت بانزعاج : ألم تفهم بعد؟ .. هل هذا المكان يشبه غرفتك هاروكي؟
انتبه للطلاب الواقفون ينظرون له و قد انفجروا بالضحك من مظهرهما الذي بدى كمسرحيَّةٍ كوميدية...: تذكَّرت.
أمسك يد ايريكا.خارجاً بصمت حتى دخلوا إحدى الأزقة الضيِّقة بادئاً حديثه بملامح جمعت الغضب و الانزعاج : يا للسخف .. أنا أنتظرك هنا منذ أربعِ ساعات يا صاحبة الأمنيَةِ الغبية ,و للتو تصلين؟
انفعلت في ردِّها : أتظنُّ أنَّ هذا الوضع يعجبني ؟!... و لا أتصوَّر أنني أجبرتك على السخرية مني بأمنيتك تلك.
أشاح بوجهه عنها : هذا لمصلحتك...فهناك من سيفكر بالعودة لزمنك لتتشبثين به كما تشائين.
شدَّت على يديها و أدارت جسدها : هل تظنُّ أنني بحاجةٍ لأتشبث بك طلباً في المساعدة ؟ ... كنت أظنُّ أنَّك تودُّ مساعدتي و لو قليلاً , أمَّا الآن فمن المستحسن أن تساعد نفسك لا غير.
ابتعدت مبتعدةً عن الزقاق : أنا ذاهبة لأجد حلاًّ لنفسي.
حاول أن يلحقها : هي..كنت غاضباً فحسب , إلى أين تذهبين ؟ !
استند على الحائط و ضربة بقبضةِ يده...(( تباً لك هاروكي...أ هذا وقت نفاذِ صبرك؟...يجب أن ألحق بها ))
كان تصرُّف هاروكي سيئاً و لكن ردَّة فعل ايريكا بالطبع أسوء فكيف لصديقها أن لا يكون غاضباً و هي جرَّته لمكانٍ مجهول..بل زمانٍ مجهول و ذلك لأمنيةٍ غير منطقيَّة... و هذا سبيلً لا تقدم و لا عودة به على ما يبدوا...
كانَ هذا موسم الصَّيف على عكس زمانها فهو موسم الشتاء القارصِ و الثلوج المتراكمة ...
كانت تشعر بالحر و العرق الذي يتصبب على وجهها ..
فجأة و بدون مقدِّمات سمعت صوتَ ضحكٍ ساخرٍ منها : يبدو أنَّ فتاتنا قد أضاعت غرفةَ نومها.
كانَ ذلك صوتُ شابٍ يبدوا عليه أنَّه استفزازي , سخريته جرَّت الفتيانِ الذين معه بالضحك معه و كأنَّها نكتة اليوم ...أرادت أن تتكلَّم لكنَّها لم تفعل لأنَّها مدركةٌ أنَّ موقفها غريب و يجرُّ للسخرية ...خاصَّةً بعد مضي وقت الصباح فأنزلت رأسها و خطت لأقرب زقاق مسدود لتدخله و تجلس تاركةً لنفسها مجالاً للبكاء....
هذه أوَّل مرَّة تشعر بالضياع...لا أحد و لا بيت و لا عائلة...
حتى أنها لا تعلم أين تطلق أنفاسها الآن...
جلس هاروكي نصف جلسة دون أن يلمس جسده الأرض : هدأتِ؟
قالت بحزن في نبرتها : آسفة.
رمقها بنظرته لحظة : أنا لا أمانع أن تتشبثي بي لأكون طريق خلاصك , ليس ذلك فقط...بل أنا أريد أن أكون من تأسين به و تعتمدين عليه... لا أرغب أن أكون محصوراً للحظاتِ راحتك و رخاءك ..كنت غاضباً فحسب , و في حيرة...لا أعرف كيف أخرج مما نحنُ فيه الآن؟
" أنت الأفضل هاروكي...دائما ما تحمل أعباء أخطائي رغم أن لا صلة بك..و الآن قد أبعدتك عن عالمك و مجتمعك و بيتك لأمنيةٍ سخيفة...و كالعادة أراك جانبي ..تؤنسني و تبهجني ... على عكسي أنا فأنا لستُ سوى العبء الذي تتحمَّله , أودُّ لو أكون ذات منفعة لمرة"
" هل تريدين أن تؤنسينني ؟ "
" هي..قلت لك أني أريد أن أكون ذات فائدة لك و لو لمرة"
تحرَّك من تصلُّبه الذي دام فترة : فائدتي أن تؤنسيني و أنسي أن تبهجي قلبي... و بهجتي لن تتحقق إلاَّ بابتسامةٍ تقدِّمينها لي.
كفكفت دموعها المنهمرة : ألا تظنَّ أنَّ الوقت غير مناسب لحديثك الفارغ....
نهض بمرح قائلاً : ليس فارغاً ,فهل من أسلوبٍ آخر لإنهاءِ بكاءك ؟ ...أن أمشي و معي فتاةٌ تبكي يشتت ذهني عن التفكير و لن أستطيع أن أجد أيَّ حلٍّ في هذه الحالة.
أخرج هاروكي هاتفه من معطفه لتقول ايريكا باستغراب : كيف تحمل معك هاتفك؟ !
أجابها : حسناً...كما ترين أنا لم أغير ملابسي حتى فقد ذهبت منهكاً للمنزل و ارتميت على سريري فوراً.
لاحظت ابتسامته الخبيثة و هو ينظر لها : ما الذي تخطط له؟
نهضت واقفة بجانبه و كأنها الفرصة التي كان هاروكي بانتظارها : ابتسمي....
عرفت ما فعل بعدما صرخ : التقطتها...سوف أريها معجبيكِ .
رفعت يدها لتلتقط منه الهاتف المحمول لكنَّه رفع يده : لن أسلِّمها.
قالت بغيظ : احذفها يا هاروكي...ائتها ..
أنزل رأسه قائلاً :ليس جديداً , أنتِ دائماً تتاجرين بصوري ... يجب أن أري معجبيكِ حقيقتك و خاصَّة شعركِ المتطايرِ كالديك.
أشاحت بوجهها قليلاً :لا بأس..سوف أردُّها إليك.
" لنرى كيف تستطيعين ردَّها"
مشت في طريقها :لا أخفي عليك فأنا فكرتُ في تصويرك للحظة.
" أممممـ ..هنا أيضاً"
" و أنت نائمٌ في المدرسة...كانت ستكون صورةً مميَّزة"
" من حسنِ حظي أنَّك لا تملكين هاتفاً"
أغلقت عينيها و هي تضحك ضحكةً خفيفة : كنت لطيفاً بالفعل.
أتمت بعد لحظة : لأوَّل مرَّة أراك بهذا الشكل ...كالأطفال تماماً.
"أهاء .. كانت لقطةً مميزة للتصوير .. "
" أظنُّ أني كنت سأخبئها لمن سوف تسرِق إعجابك"
" ياه ..."
وجه نظره لها مبتسما ابتسامة لطيفة لينزع بعدها معطفه و يلبسها إياه: أظنُّ أنَّكِ لا يجب أن تمشي بهذه الملابسِ أكثر.
أظهرت على ملامحها بعض الامتنان : شكراً هاروكي... الآن كلينا غريبين بهذه الملابس الشتوية في موسم الصيف.
" هذا أفضل"
رفعت إيريكا شعرها لتضعه على كتفها الأيمن تجنُّبا للمضايقة و هي تغلق عينيها استلطافاً لشيءٍ تذكرته : لقد رأيتُ شخصاً لن تتصوَّره هاروكي.
" لن أتصوَّره ! "
" أهم .. والدك"
" أبي..كيف عرفت ؟ "
" من حيث أنَّه لا يختلف عنك إلاَّ في الأخلاق...حقاًّ كتفاحةٍ مقسومةٍ من النِّصف إلاَّ أنَّه جافٌّ كما نعرفه و متعجرف و متكبِّرٌ أيضا...لقد أثار غضبي"
" يبدوا أنَّكِ تحدَّثتِ معه أيضا"
" أه..هو من أوصلني للمدرسة"
" دعي عنك التفكير به و دعينا نفكِّر بما سنفعله"
" أنت محق..هل لديك فكرة ؟ "
" أجل...أن نذهب للمدرسة و نأخذ عناوين بيت أبي و أمك من الملفات لنأخذ بعض النقود لنشتري بعض الملابس و أن ندبِّر أمورنا مؤقتاً"
" تقصد أن نسرق يا ابن الشرطي ! "
" إنه سلف ... هل لديكِ حلٌّ آخر أم أننا سنبقى على هذا الوضع"
خرج صوتُ بطنِ إيريكا معلناً الجوع......غغغغغغـ
رفع هاروكي يده ينظر لساعته اليدوية : الساعة الثالثة ظهراً...و أنا جائع أيضاً.
أومأت إيريكا برأسها إيجاباً...
" لا نقود لدينا و حتى لو كانت لدينا فالعملة مختلفة بالتأكيد . "
" ماذا تريدُ أن تفعل الآن ؟ "
"دعينا نذهب للمدرسة..."
لاحظا بعد فترة من المشي عودة للمدرسة التي تركاها أن الطرق الغير مألوفة أضاعتهما عن طريق المدرسة ليعاودا السؤال حتى يصلا لها...
دخلا لمبنى المدرسة الذي حوى ترتيبا مختلفا و ألوان مختلفة كذلك...
قالت إيريكا بدهشة : ها هي غرفة المدير هاروكي.
وقف بجانبها مدققا بابتسامة عريضة: نايس...غرفة المدير هو فصلنا بعد 19 أو عشرين عاماً... و أن نعلم بذلك قبله...أمر مثير .
حاولت إيريكا أن تفتح الباب : إنَّه مقفل.
بدأ يبحث عند نوافذ ممراتِ المدرسة : طبيعي.
بدأت تدقق إيريكا النظر لما يفعله : ماذا تفعل؟
" أبحث عن سلك أو ما يشبهه"
وقف رافعاً من بين النوافذ ذات الطراز القديم سلكاً دقيقاً و تقدَّم ليدخله بفتحة الباب...
حاول قليلاً ثم فتحه : انتهى.
" ماهر باللصوصية كما يبدوا"
" لا أقبل الإهانة .. "
دخل اللإثنين و بدأا بالبحث في الدروج و الطاولات التي تقع أعينهم عليها...
أخرجا بعض الملفات التي كانت في الدرج العلوي و بدأا البحث...
إيريكا : بأيِّ فصلٍ أبحث؟
كان متمعناً بالبحث : الثاني الثانوي على ما أظن فأنت أتيت هنا للعزل بين والديك و هما التقيا في هذا العام.
"هل تعرف في أيِّ عام نحن الآن ؟"
" أجل , نحن في عام 1995"
"أوه...قبل تسعة عشر عامابالضبط , أمي كانت في عمري على هذا المنوال..كيف توصلت لأننا بهذا العام؟"
وضع يده فوق رأسه مظهرا الإنزعاج لما تذكره و هو يقول " لقد استيقصت في مكتب سجلات مدنية"



وصل أول العاملين في المكتب ليفتح باب المبني ليفاجأ بصبي ممتدا وسط المكتب.....
"لص...!"
توجه جالسا بجانبه قائلا: أيها الفتى...أيها الفتى ...
ترك الصحيفة التي كانت بيده جانبا و أتم بانفعال و هو يحركه: يا لص...
لم يسجب له الفتى و أعطاه ظهره ، ليقطب حاجبيه: انهض ياولد و كفاك نوما... هذه ليست غرفة نومك.
انقلب هاروكي رافعا يده لتصفع الرجل دون قصد ...
انبهر الرجل من الموقف السخيف الذي وقع به فرفع هاروكي من معطفه: انهض قبل أن أوسعك ضربا...
فتح هاروكي عينيه ببطء لينتبه لكونه ممسوك بيد شخص مجهول: من هذا القبيح هنا؟
نهض الرجل راميا بهاروكي على الأرض ليستيقظ غير مستوعب الأمر: ما الذي يجري هنا؟
أخذ يلفظ الرجل أنفاسه و هو يشير إليه: السؤال موجه لك أيها الشاب الوقح.
نهض ينفض التراب عن نفسه يرى الأشياء الغريبة حوله: لا أفهم لم أتيت بي إلى هنا و فوقها تنعتني بالوقح!
بدأ يأخذ أنفاسه ليسيطر على غضبه: تتسلل للصوصية في مكتب سجلات مدني و تتهمني بإختطافك...يجب أن أخبرك أنني من تلقيت الصفع و الإهانة من جانبك... و الآن ، يجب أن تجيب على الشرطة حين تصل لأخذك.
قال هو الآخر : لا بأس، تستطيع السؤال عن هيجي نوكامي..إنه والدي.
رفع سماعة أقرب طاولة و أخذ يتصل: سأفعل بالتأكيد... ليرى كيف يتعامل معك.
انتبه هاروكي للصحيفة الملقاة بجانبه فأخذها فضولا ينظر لها و يصدم......!!!
تاريخ إصدار الصحيفة ... ظ،ظ¤_ظ¦_ ظ،ظ©ظ©ظ¥ ..
أدار هاروكي تلك الصحيفة و تصفحها ليتفاجأ بمواضيعها و تاريخها....
((لا تقل لي... أننا انتقلنا عبر الزمن حقا!.. يا للسخف.. و الصحيفة تبدوا جديدة أيضا..))
نطق مانعا ذاك الاتصال بوضعه أصبعه فوق الهاتف: أنا أعتذر أيها السيد..
نزع الرجل يد هاروكي: و هل تظن أن الإعتذار سيعذر مجيئك للسرقة؟
انحنى هاروكي قائلا: أنا أتوسل أن تعذرني ... كنت طائشا.
وضع الرجل سماعة الهاتف بعد استشعاره بصدق كلماته: حسنا، حسنا.. تستطيع الذهاب فأنت لا تستطيع سرقة شيء من هنا على كل حال.





انفجرت ايريكا بالضحك : يا الهي.... مأزق حقيقي هاروكي... أتخيل وضعك حينها...
شعر بإستفزاز من طرفها فتوجه نحو الملفات: ابحثي و لا تضيعي الوقت , قد يأتي أحدهم.
توقفت و بلعت ريقها : لا تخفني هكذا...أن يحضر أحدهم و نحن هنا...سيقضى أمرنا.
أعطاها بعض الملفات: أسرعي إذا..
عادت للبحث في ملفات المرحلة الثانية للثانوية دون جدوى .. : لا شيء .
أخذ اللفات من يدها و ما برح أن رأى ملف والدتها : أنظري..كاورو ميشيل , عائلة أمك قبل الزواج بوالدك.
" بالفعل"
دققت النظر و فجأة سحبت الملف من يد هاروكي :أ هذه أمي؟ !
" ما هذا التصرُّف إيريكا؟..أ لهذه الدرجة الصورة سيئة ؟ "
أومأت برأسها نفياً...
" أثرتِ فضولي "
" حسنا .. "



" جميلة و تبدوا أصغر سناًّ منك...تتشابهان قليلاً أيضاً"
" لا أتخيَّل أنني سأرى أمي بهذا الشكل...طفولية أكثر مني "
" آسف لأقول هذا , لكنك لست طفولية رغم تفكيرك الطفولي "
" شكراً لهذه الصراحة"
" المهم أن نجد العنوان الآن"
" لحظة "
نزلت بعينها باحثة قليلاً ..: أه .. هذا هو..بقي والدي.
" ملفاتُ المتخرجين ... فلقد تخرج والدينا العام الماضي "
تمتمت و هي تبحث مشيرةً بإصبعها السبابة : ملفات المتخرجين...ملفات المتخرجين... لم هذا الزمن لا يحفظ الملفات المهمة في الحاسوب؟ ! .. البحث يكون أسهل.
" هذا الزمن لا يخلوا من الحواسيب لكن التطور التكنولوجي كان بسيطاً جداً... إنَّ هذه العشرين عاماً بالذات كانت كعشر قرون في تطورها المفاجئ "
طال البحث و هما لم يجدا شيئاً سوى ما وصلت له يد هاروكي ... خزانةٍ مغلقة ..: أظنها هنا لكن لا مجال لفتحها.
" ياه .. بعد هذا التعب "
استدرك الأمر و هو يدير رأسه لها : أمي .. ملف أمي , لا تنسي أنها كانت صديقة أمك المقربة .
" أفضل من لا شيء "
عاد البحث بالملفاتِ السابقة ليرى هاروكي ملفاً باسم " ليندا جاك " : حصلتُ عليه.
تتوقفت يديه للحظة و كأنها كانت خائفة.. خائفة من فتح ذلك الملف الذي يقول له أنه على وشك أن يرى أمه وجها لوجه...
خائفة من إدراك الواقع الذي لم يحصل عليه....
خائف من النظر للصورة التي تقول بين طياتها.. " سوف نتلاقى الآن"
كانت عينيه المتأججتين كفيلة بإفهام إيريكا ما يشعر به فوضعت يدها فوق يده مواسية دون أن تتحدَّث أو تنطق..
ففي بعض اللحظات الصمت و النظر أفضل مواساة لامثيل لها...
فللصمت لغة لا يفهما إلاَّ طالبها حين يحتاجها.....
اكتفت بالشد على يديه ليرمش بعينيه امتناناً هو الآخر و يفتح الملف الذي أراه وجه والدته...



" لطيفة .. "
تغاضى الصورة باحثاً عن العنوان و بعدها أغلق الملف و بدأ بإعادةِ كلِّ شيءٍ كما كان فساعدته ايريكا على ذلك...
خرجا ليبحثا عن العناوين التي حصلا عليها و بعد السؤال وُفِّقا للوصول لمنزلِ والدةِ هاروكي...
ابتسمت إيريكا و هي تنظر لظاهر ذلك المنزل عاديِّ المظهر : يوم عائلتك هاروكي .. بالبداية العم هيجي و الآن والدتك ..
وجهت وجهها له :و الآن ماذا نفعل؟
بدأ يفرك تحت عينيه : لا أعرف.
كانت لحظاتُ حيرة بعد كلِّ هذا العناء و قطع هذا الطريق... الآن وقوفٌ بلا نتيجة ..
قال هاروكي : ننتظر لليل و ندخل نأخذ ما نحتاجه.
وضعت يدها بجانب خصرها : هيي ... وصلت للصوصيةِ حقاً.
" و هل لديكِ فكرة ؟ "
" كنت أظنُّك قد خطَّطت لكلِّ شيء"
قطعهما خروج امرأة يبدوا عليها الهدوء و الرزانة لتضع كيس القمامة و تدخل , لكنَّها حينَ رأتهما واقفين قالت : هل أنتما صديقي ليندا؟
صمت هاروكي ناظراً لجدته التي يبدوا عليها أنَّها في الثلاثين من عمرها...
كانت امرأةً شابةً بشعرٍ كستنائي متوسطَ الطول...
حاولت إيريكا الردَّ بتلبك : نحن...أقصد أنَّكِ سيدتي...
أوقفتها المرأة بجملةٍ مقاطعة : أدخلا... لا تخجلا .. إنَّ ليندا خارجاً لكنها ستصل بعد قليل .. انتظراها حيثما تعود.
قالت إيريكا منزلةً رأسها احتراماً : شكراً للطفك لكن نحن...
أكمل عنها هاروكي : نحنُ لسنا أصدقاءها لكن نريدُ الحديث معها.
استغربت إيريكا جملته المعترضة : هاروكي.
دققت المرأة النظر بهاروكي ثم همست شيئاً بصوتٍ غير مسموع...
التفتت إليهما ثمَّ قالت : تفضَّلا على كلِّ حال.
دخلا و الغربة تخالج إيريكا التي تبعت السيدة بصمت...
لكن هاروكي كان يشعر بدفء جدته المعتاد و أنفاس مألوفة تختلط مع أنفاسه...
و مع وجود هذه الألفة ...وجد شعور آخر ...
شعور بالكاد تستطيع ملامحه إخفائه، فكيف له أن يخفي توتر من مواجهة فتاة الثانوية تلك... الفتاة التي يجب عليها أن تكون أمه...
أدخلتهما خطاهما خلف سيدة المنزل لغرفةً منسقة كغرفةِ ضيوف بها أريكاتٍ بإطارٍ قديم بالنسبةِ لهما رغم أنَّها تبدوا ليست قديمة ليجلسا عليها ....
كان الفرق بين الزمان واضحٌ في هذا المنزل فلا أجهزة الكترونية كثيرة و طرازِ الأثاثِ و حتى شكل السجادة يختلف عن ما يعيشانِ به ...
قالت سيِّدة المنزل بترحيبٍ لطيف : تفضلا و اجلسا .. سوف آتي لكما الآن.
ذهبت لتتركهما وحيدين ...
جلست إيريكا و هي توجه سؤالها لهاروكي : هل تخطط أن تخبر والدتك؟
جلس هو الآخر بجانبها واضعٌ يديه المتشابكتينِ تحت ذقنه : و هل سوف تصدِّق لو أخبرتها؟
حدَّقت به بتعجب : و ماذا ستقول لها إذاً بعد دخولك منزلها ؟
" لا أعرف... أنتِ فكِّري معي قليلاً "
تنهدت : و كأنك تقول أن لا فرق بين وقوفنا خارجاً و بين دخولنا هنا.
همس و هو ينظر للظلِّ بدا ظاهرا على الأرض مقتربا: بل هناك.
دخلت السيِّدة و بيدها طبقي كعك و بعض الشاي ليبتهج من كلٍّ من إيريكا و هاروكي ... فعلى الأقل سوف يأكلا شيئاً يذهب عنهما الشعور بالضعف...
لاحظت السيدة وضع إيريكا الغريب فقالت: عفوا بنيتي، هل هناك مشكلة.. إن هذه الملابس..
أخذت إيريكا طبق الكعك من أمامها قائلة قبل البدء بالأكل: لا تهتمي سيدتي.
بدأ هاروكي بشرب فنجان الشاي أولا: عفوا، هل ستتأخر كثيرا؟.. أقصد ...
قاطعته: لا أظن.. إنها على وشك المجيء الآن.
جلسا بصمت يعلن عدم معرفتهما بما يجب القول....
و بعد عشر دقائق تقريبا بدأت جدة هاروكي شابة المظهر بالحديث: لم تخبراني، ما الذي جاء بكما لرؤية ليندا؟
حينها ابتسما إيريكا بتلبك ظاهر في الحديث: حسنا...
وجهت وجهها نحو هاروكي: هل تستطيع توضيح الأمر لها؟
حاول تحاشي إظهار ازعاجه لإلقاءها بالأمر الصعب عليه، لكنه فاجأها بالتحدث فورا : نحن سوف ننتقل لمدرستها، و عندما ذهبنا لاحظنا كثيرا من البحوث و يبدوا أن ابنتك هي أفضل طالبة في الفصل... لذا أتينا لنأخذ منها المساعدة.
أبدت ابتسامة حائرة و هي تنظر له: حسنا.. أظنها سوف تفيدكما.
كان واضحا أن وجهها يخفي شيئا برؤيتها لهاروكي و كل سكناته و كأنها تعرف من هو أو أنها لاقته من قبل...
طرأ صوت على مسامعهم لتنهض منتبهة للخارج: يبدوا أنها وصلت.
وقفت لدى باب الغرفة لتنظر إلى ابنتها التي تدخل خالعة حذائها: أهلا ليندا..كيف كان العمل؟
ضيق هاروكي عينيه مدققا على الجملة.."عمل!"
سمع الجواب:كان جيدا.
أشارت الأم بيدها لليندا لتقترب: حسنا .. تعالي هنا ليندا.
اقتربت ليندا لتظهر أمامهم : ماذا هناك أمي؟
نهض هاروكي دون إدراك منه...
جسده كان يجره للتقدم لولا أن أمسكت إيريكا بكمه قائلة بصوت خافت: هي..تمالك نفسك.
استجاب جسده رغم أن عقله كان يصرخ داخلا..((تلك هي أمي...إنها حقا أمي.. أريد أن أشعر بوجودها أكثر..آمي اقتربي.. اقتربي مني، ها أنا ذا ابنك هاروكي أمي . ...))
لم تكن لجملاته المناشدة لها لتنتهي في داخله ، لكن كان لهأمرا أن يجاري الواقع الذي يقول ... «تلك هي فتاة الثانوية ليندا»
في تلك اللحظات كانت ليندا متسمرة وهي تراه أمامها.. لسبب مجهول له و لإيريكا فهي منصدمة من رؤيته...
همست أمها بشيء في أذنها لتتدارك نفسها متقدمة نحوهما : مرحبا بكما..
نهضت إيريكا لتتكلم هي بدورها عن الشاب المتسمر جانبا: مرحبا، آسفة لإزعاجك.. لقد أتينا لأخذ مساعدتك في بحوث المدرسة.
رمشت ليندا مبدية بعض التعجب: بحوث مدرسية؟!... اه، تقصدون بحث الفيزياء.. لقد انتهى موعد تسليمه الأسبوع الفائت، لابأس..سأقرضهما لكما .
جلس هاروكي بعد تداركه للوضع: شكرا لك.
حركت ليندا ناظريها لملابس إيريكا : أتيت ببيجامة؟!
رفعت يدها لتحك طرف شعرها قليلا: لذلك قصة طويلة لا تهتمي.
(( كل من ينظر لي يسأل عن ملابسي... ))
أمسكت ليندا بيد إيريكا للتعجب هي مبدية ذلك بإخراجها صوت تعجب خفيف:إه...ماذا هناك؟!
ظهرت إبتسامة لطيفة جرت وراءها ابتسامة إبنها الجالس لرؤيته ابتسامة أمه: تعالي معي.
تبعتها إيريكا بصمت بداخله بعض الغرابة من جر ليندا لها....





تمنت لو أنها قطرة ماء حوتها الأرض مبتلعة ، فابتسمت إبتسامة إحراج و مجاملة وهي تنظر لتلك الخزانة المفتوحة أمام ناظريها: لاحاجة لهذا عزيزتي..سوف أبدل ملابسي بعد أن أعود.
كانت ليندا ممتدة على سريرها البني ذو الفراش الأخضر الباهت بحيث تستطيع تحريك رجليها بمرح: دعك من هذا الكلام الآن.. بصدق، كيف استطعت أن تخرجي بهذه الملابس؟.. إما أن تكوني جريئة جدا.. أو أن هناك ما أجبرك على الخروج هكذا.
جلست هي الأخرى على حافة السرير: قلت لا تهتمي لهذا الأمر ، أشكرك حقا...
جلست ليندا لتقابل وجهها: لا بأس ... أنا لاأطلب منك تفسير مجيئك ، بل أعيرك بعض ملابسي لحين أراك ثانية... تستطيعين رد هذا اللطف مني في وقت لاحق.
حركت يديها نفيا: لكن...
تركت سريرها متجهة نحو خزانة الملابس و أخرجت عدة أقمصة و عدة بنطلونات رامية بها فوق السرير: اختاري الأنسب منها، لاتخجلي و اختاري فقط.
باتت تنظر إيريكا لتلك الملابس بإحراج شديد، و هذا الإحراج أغلق على تفكيرها سعة التفكير و الإختيار.
وضعت ليندا يدها تحت ذقنها و جعلت تحدق بإيريكا .....
ماهي إلا دقائق معدودة حتى تعترض ابتسامة شفتيها لترفع إيريكا و تلتقط أحد الأقمصة البيضاء و بنطالا قصيرا بني اللون: خذي ، إنها تليق بك.
رفض هذا اللطف حقا شيئ لا يتصور ، كيف لها أن ترفض لطف هذه الفتاة التي ستخرجها من وضعها المحرج بإصرار منها، لذا مدت يديها و أخذت الملابس بإمتنان: لا أعرف كيف أشكرك.
ربتت على كفها بلطف: بمساعدتي في المستقبل ، ألا ترغبين بهذا؟..إنه عرض مغر للصداقة عزيزتي!
احتضنتها فورا لتمد ليندا يديها محتظنة لها أيضا: بالتأكيد، سأساعدك متى ما احتجت... يجب أن أكون فخورة لامتلاكي صديقة رائعة مثلك.
ابتعدت ليندا : حسنا، إذا.. نادني ليندا، و ما اسمك أنت؟
غمزت غمزة مجيبة: صديقة جديدة اسمها إيريكا.
أخرجت بعض الأوراق من أحد الأدراج و فتحت الباب خارجة: سأعطي هذا البحث لصديقك الذي بالأسفل ريثما تبدلين ملابسك و تلحقي بنا.
((أه ، نسيت لم نحن هنا..))
خرجت و أغلقت الباب خلفها لتستوعب إيريكا توا أنها صادقت أم صديقها ، فطلت على شفتيها ابتسامة خفيفة .. (( إنها أفضل أم تستطيع أن تحصل عليها هاروكي...))
لبست ملابسها أو بالمعنى الأصح ملابس ليندا و خرجت لحيث هم جالسون ...
كانت الأنضار موجهة لها ما أن دخلت...
قالت ليندا بمرح لا يخرجها من حالة الهدوء: ها قد أصبحت فتاة تستحق المديح.
جارتها أمها: إنها تليق بك حبيبتي..
أكملت موجهة الكلام لابنتها:.. حسنا فعلت ليندا.
أما هاروكي ظل ينظر بصمت ، ملابس ليست على أخر الصيحات أو المشهورة في أيامهم..كانت بسيطة جدا لولا ياقة القميص المشرشرة حتى النصف.. لكن، بها ميزتان..جمال ميرنا الظاهر بين تنسيق تلك الثياب و ملك ليندا لها .. شيئان بارزان أمامه ليستطيع القول أن هذه الثياب كنز له منذ وصوله....
نهض رافعا الأوراق من على الطاولة أمامه: أظن أننا يجب علينا الرحيل الآن، شكرا على الضيافة.



" أمك لطيفة.."
"أظنني ممتن للمجيء هنا و لو لشيئ واحد"
"إنه شيئ عظيم على كل حال"
" أهم...شيئ لم أتخيل تصوره"
" أنا لازلت أشعر أني في متاهة"
" و أنا أشعر أني في حلم "
"لك الحق "
قطع هذه المحادثة صوت زقزقة بطن إيريكا...: صوت الجوع يقول أنك يقظ هاروكي.
انتبه هاروكي لجوعه الذي أخذ منه مأخذ الضعف: إذا، يجب أن نأكل شيئا قبل أن ننتهي من الجوع.
عبست لتقول: من أين نأكل و لا نقود لدينا؟
نظر لها نظرة تخفي رمزا ، ثم أخرج بعض النقود من جيبه: لقد أخذت البعض من منزل جدي.
صمتت ثم قالت ببرود: أخبرني... عن عرق اللصوصية لديك.
إغتاظ و على صوته مستعدا للشجار: أوي..أتعرفين كم مرة أطلق علي اسم اللص اليوم، فتوقفي عن إغاضتي .
تنهدت قبل أن تقول: لا بأس ، فعلى الأقل سنسد جوعنا .
شدهما منظر مريب على الجانب الآخر للشارع الذي هم واقفان لديه، و كانت الصدمة.......
فتاة مدت يدها بخفة في جيب صبي و هما يعبران من بعض...
فتحت إيريكا فمها قليلا من المفاجأة ، أما هاروكي نطق و على ملامحه الدهشة: أخبريني عن عرق اللصوصية هذا الآن.
"لا أصدق..أمي"
عندها تقدم شاب بجانب الشاب المسروق مناديا: ريو.. هل حصلت على شيئ ؟
((أهذا..أبي؟!))






أدار ريو وجهه لمناديه: هذا أنت هيجي؟... لا ليس إلى الآن، لكني مطمئن أننا سنرى خيطا.
ضرب هيجي ظهر صديقه: بالتأكيد.. لا يجب أن نفقد الأمل.
صرخ ريو صرخة مرح: لا تضرب بقوة أيها الأبله.
اعتدل بوقفته : دعنا نذهب لشرب شيئ يذهب الإرهاق.
أجابه بعدما أعاد ملامحه الجافة لطبيعتها: أوافقك.
وضع ريو يده في جيبه ليخرج محفظته لكنه يفاجأ.....: محفظتي!
رأى هيجي تغير ملامح صديقه: مابها؟
نظر له بعين جانبية: لا أجدها.
حاول هيجي تبرير الأمر: لعلك وضعتها في الجيب الآخر.
حاول البحث عنها في جيبه الآخر دون جدوى ليتوقف عن الحركة لحظة: تلك الفتاة.. سرقت محفظتي.
لم يفهم هيجي سوى سرقة المحفظة: متأكد؟
نظر لصديقه بجدية: أظن، فهي من صدمتني توا.
زفر زفرة غيظ : لا بأس.. لم يكن بها الكثير ...
صمت ثم أكمل: لكنها بالفعل أغضبتني .. ليتني أراها لأوسعها ضربا.
وضع هيجي يده فوق كتف صديقه: ليس من الرجولة أن تضرب فتاة صديقي.
مشيا و هما يتحدثان و بقي من يشاهد الموقف مذهولا.....
ابتسم هاروكي واضعا ذراعه فوق ركبته و الأخرى في جيبه ليبدوا جالسا: ياعيني، أهذا هو أول لقاء؟! عاطفي للغاية.
لم تستطع إيريكا النطق بل ظلت متسمرة مكانها تحاول استيعاب ماجرى في هذا المكان........





.



.


 
 توقيع : ورده المودة

















إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم

فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم



التعديل الأخير تم بواسطة جلنار | Gulnar ; 03-04-2020 الساعة 10:00 PM

قديم 03-04-2020, 07:28 PM   #5
ورده المودة
في جوار ربها ، اللهم ارحمها واغفر لها وتجاوز عنها


الصورة الرمزية ورده المودة
ورده المودة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 104
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 المشاركات : 221 [ + ]
 التقييم :  277
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة


.

















.



5
هي البداية



انقلبت الأجواء بتحول ملامح يوري لشخص جاد و صارم، فبات الصمت دخيلا بين نظراتهم: ألم تأتيا للمقابلة؟
جمد ناظرا لتلك العينين بشرود..
ها قد بدأت مرحلة تثبيت حياتهما بين يدي هذا المدعوا يوري....
تقدم هاروكي بثقة عكسها في مظهره: هذا ما نحن لأجله هنا.
أشار له يوري بالجلوس لينفذ ذلك و تتبعه إيريكا بالفعل..
ضمت تلك الطاولة يوري و هيجي و هاروكي و إيريكا بينما رفع ريو نفسه ليجلس على الطاولة متوسطا تلك الحلقة.....
بدأ يوري عمله باستجوابهما: لماذا ترغبان بالعمل؟
كان المجيب هاروكي: للحاجة للمال ...
أكمل بالإجابة: لأننا لا نملك أحدا هنا.. فيجب أن ندير حياتنا .
دنى هيجي منه قليلا: أخبرني.. للكنزة الصوفية دخل في مجيئك للعمل.
ثبتت بؤبؤتيه الزرقاوان نحو والده، فبالرغم من أن هيجي كان يحاول السخرية إلا أنه كان مصيبا: ماذا قلت؟
رفع يده ماسحا قطرات من العرق المجتمعة حول رقبته: أنت تزخ عرقا يافتى، لم قد تلبس الصوف في منتصف الصيف؟
فهم هاروكي أن أبيه لم يقصد السخرية بل قد تيقظ فضول التحقيق لديه...
أثار ريو ملاحظة صديقه: حقا، فأنت كنت ترتديها البارحة أيضا!
حرك هاروكي يديه نفيا بإرتباك: أنا..
تنهدت إيريكا قائلة : حسنا، أظن أننا لن نستطيع إخفاء هذا أكثر...
أدار جسدها تجاهه محاولا إدراك ما تريد: إيريكا!.. أتفهمين ما تقولين؟!
أبعدت كتفيها متصنعة الإنزعاج: و ما في ذلك؟.. نحن لسنا بوضع يسمح لنا بإخفاء حالنا.
توجهت نحو يوري و من معه: نحن وصلنا من سفر توا، و عندما وصلنا صادفنا سائقا أقلنا لنعرف أن قد تقصد سرقة كل ما نملك حتى جوازات السفر...
أتمت بعد لحظة أخذت بها نفسا:.. و لا نعرف أحدا و لا ندل طريقا هنا.
أخذه السكون لراحة سلكت طريقها على قلبه...
أما يوري قادته جملة إيريكا لبرج من الأسئلة: و من أين أتيتما؟
أخفى بحثه عن مكان في ذهنه ثم أبدى ما وجده: أمركا... أتينا بالأمس للتو من هناك.
"good for u, what' s the last news there?"
ترجمة: جيد لك، ما هي آخر الأخبار هناك؟
كان المتحدث يوري و بلهجة طليقة .. من الواضح أنه يملك دما انجليزيا..
حظ هاروكي قد يكون أسوء ما لديه، لكن سمة معرفته أنقذته.. أنه جيد في اللغة الإنجليزية ، لذا اتخذ ابتسامته جوابا قبل قوله:

I have to work here or to translate?... that' seems u wana the buth..
الترجمة: يجب علي أن أعمل هنا أم أترجم؟.. على ما يبدوا أنك تريد كليهما..
انطلق براحة في حديثه الإنجليزي:

Not a bad idea, translating is so important for me.. do u prefer it?
الترجمة: ليست بفكرة سيئة، الترجمة مهمة جدا بالنسبة لي..هل تفضله؟
"Doesn't different .. I told u.. I wana earn mony, just that's what I pay attention for.."
الترجمة: لا فرق، لقد أخبرتك.. كسب النقود هو ما آنا مهتم به...
"Your great talk match ur face..did u know that?"
الترجمة: أسلوب كلامك الرائع يناسب وجهك...هل علمت ذلك؟
" I didn't get , what do u mean?"
الترجمة: لم أفهم، ماذا تقصد؟
بان بريق في عينيه..
"I will make u in my hand, as my success tween"
الترجمة:أنا سوف أجعلك في يدي، كتوأم نجاحي.
رفع يوري رأسه نحو ريو المندهش: ائت بالأوراق.
تحير في ما سمع: أية أوراق؟
أجابه ببرود: الإستمارة.
رمى نفسه واقفا على الأرض: أها.. الآن.
أما هيجي فهو قد أدرك غرابة قبولهما بسهولة: ما الشيء السخيف الذي تفكر به الآن يوري؟
أخذ يحدثه و هو يعبث بالورود في المزهرية التي تقابله: ألا تستطيع أن تكون لبقا؟
صمت هيجي لتقوم إيريكا بالإستفسار: هل نحن مقبولان؟
أمر يوري هيجي و هاروكي بالوقوف جنبا إلى جنب...
مما جعل هاروكي يهز سبابته المتجهة نحو هيجي: و ما الذي يجبرني بالوقوف بجانبه؟
أما هيجي ظل على وضعه ساكنا: أنا مرتاح هكذا.
مشاداتهما كانت غريبة ، للتو يلتقيان و يشركان الشجار و الغضب الصبياني بجلستهما...
لعل هذا ما يطلق عليه "بداية صداقة.."
نطق بها يوري و هو ينظر لهما بشغف طفولي تلمع لها عيناه...
نهض هيجي ليبتعد: أنا و هو.. يا للسخف.
أمنية هاروكي الآن أن يوسع هذا الصبي الواقف ضربا...
مد يوري يده مترجيا بشكل طفولي: هيجي... أنت أملي هنا الآن.. توئمي..
مده للياء الأخيرة في جملته زادت الموقف طفولية..
عض هيجي على شفته السفلى بغيظ: توئم..!أنت خططت لقبوله منذ البداية إذا...
وصل ريو و بيده الأوراق ليرى هالة سوداء أحاطت هذين النسختين..: ما الذي يجري هنا؟!



ظهر الإثنين من ذاك الباب الأبيض الضيق للعلن ...
ملامحهما الهادئة أرغمت الموجودين على التركيز و الدقة...
كان ريو جالسا قرب ابنته التي تحرك أناملها توترا ممدا قدميه فوق الطاولة: أصبحت مشعا هيجي.. انقلبت مزدوجا فجأة.
رمقه هيجي نظرة غيظ ليضرب ريو يده المقبوضة على الطاولة بنصر: عرفتك.. أنت الواقف على اليمين.
أما يوري فقد اقترب ليرتب ياقتيهما : أنتما ربح متجري منذ الآن.. توأمان وسيمان، لكن سيطرا على أعصابكما المتأججة .
شد هاروكي قبضته: أنحن سلعة تجارية الآن؟
أطلق هيجي جملته الغاضبة ببرود: أ أستطيع طلب الإستقالة من هذا العمل ؟
أدار ريو وجهه نحو إيريكا التي بدأت تحدق بصمت: ألا تشعرين أنهما يشكلان ثنائي رائع؟
جوابها كان دليل دوامة الحيرة: لا أعلم.
ارتسمت إبتسامة صفراء لدوار سيطر عليها مما أخفى ابتسامته المرحة: مابك؟
حركت رأسها نفيا: لاشيء مهم، بعض الدوار.
أمسك ريو يدها واضعا يسراه فوق جبينها: وجهك شاحب يا فتاة!
ترك هاروكي مكانه مقتربا بهلع: ماذا هناك إيريكا؟
حاولت إيريكا التماسك : بعض الضعف لا غير.. صدقني.
استقرت عينيه عليها و هو يخاطبهم: إنها تحتاج بعض الطعام.. لم تأكل منذ الصباح.
نهض ريو متوجها للمطبخ: سوف آتي بشيء تأكله.
أوقفه هيجي بقوله: اجلب له شيئا أيضا.
أخذته بسمة خفيفة قبل أن يختفي عنهم: حسنا.
و كل يشعر بفلذة كبده....



استشعرا عودة الحياة في أجسادهم بعد أكل ذاك الطبق من الحساء و كبة الأرز...
افتتح هذا الطعام ذهن إيريكا لتنتبه لأول شيء لم تعره إهتماما منذ أن وصلت: ما الخطب مع هذا المطعم؟.. لا يوجد زبائن منذ أتينا..
يوري ببعض الجفاف : لم يفتتح المطعم رسميا بعد.. إنه في قيد التنظيم.
هاروكي و هو يأكل بشهية مفتوحة أكثر من المعتاد: و الآن ، كم من الناس تحتاج لإكمال تنظيماتك؟
رفع إصبعين : فتاتان.
كان ذلك مجهول الهدف لها: لم فتاتان؟
" أرغب بجعل محاسب و ثلاث نادلات.."
هاروكي : و أنا؟
أظهر أسنانه الجانبية بطفولية: أنتما... سحر هذا المطعم.
اتخذ ريو و هيجي طاولة أخرى لحديثهم الذي أبدى الجدية على ملامحهم...
كان هاروكي ملتفتا و شده التفاته للتحديق بهما و كأنه رأى بهم مايراه عادة: أترين ما أراه؟
أجابته مجارية: أهم... يبدوا أن لديهما قضية أخرى.
استهزأ بجملتها التي سمع: بل فضول التحري أخذ مأخذه منهما.
قاطعهما يوري بجواب لسؤالهم المخبوء في الأذهان: هما طالبي كلية الحقوق، سنة تمهدية لهما ، فهما يطمحا أن يصبحا شرطة... هما يتلقيان الكثير من البحوث في الآونة الأخيرة و آخرها كان عن سبل الإدمان و أسبابها..
أخذتها نظرة إعجاب لهذه العزيمة التي ستحول الطموح واقعا: نجاحههما من هنا.
مد يوري الإستمارتين نحوهما : ألا تخططان لكتابة شيء؟..
ورقة كصخرة من مائتين كيلو غرام سقطت فوق رأسيهما... فهذه الأوراق هي اللاجواب هنا... أي اسم كامل و أي هوية و أي تاريخ ميلاد ..... لاشيء منها إجابة هذه الإستمارة....
أخذا الأوراق بعد انتهائهما من الطعام و بدا يسردان قصة تنقش على تلك الصفحتين و يسلمانها....
اقترب هيجي مع مستلما يوري له الأوراق منهما مؤشرا: اتبعاني..



مطبخ لا يتعدى الثلاثون مترا قد اصطفت به كل ما يحتاجه طباخ لمهنته ، كانت مألوفة .. لكن ليس لإيريكا اللتي لم تجد يوما متعة في الأماكن المشابهة لها ... فسألت : أ هذا هو مكان عملي؟
أجابها ببرود: نوعا ما... حسب طلب مديرنا متقلب المزاج...اليوم نادلة و غدا طباخة و بعدها محاسبة.
أطلق هاروكي جملة عشوائية: إن رغب بإغلاق مطعمه فاليجعلها تطبخ.
باغتته إيريكا بضربة فوق رأسه: أغلق فمك هاروكي.
أغلق أحد عغŒنغŒه ألما: لم أكذب.
خرج هيجي بصمت ليخرجا خلفه ...
كان أسلوب تعريفه بالدخول و الخروج بصمت مع بعض الإيماءات...
و عندما انتهيا توجها نحو يوري الذي يمضي وقته بمشاهدة التلفاز الفضي الموضوع في زاوية من زوايا المطعم...
مشى هيجي برزانته الظاهرة عادة واضع يمناه في جيب بنطاله و باسط كفه فوق الطاولة: انتهيت.
يوري: و إذا..
إيريكا: عرفنا كل شيء إلا وضائفنا .
يوري مشبك يديه فوق الطاولة: حسنا، يجب أن أبحث عن فتاتين أخرتين قبل أن أرتب كل شيء.
هاروكي: تتحدث من طرفك دون أن تفصح عن مايهمنا.
ابتسم ابتسامة إعجاب: تقصد الراتب.
"أجل"
"سأرضيك.."
"متأكد؟"
" واثق من ذلك"
"بينت لك وضعي..أحتاج مقدار مايسد رمقي و يدير وضعي الذي أبدأه من الصفر"
" سأتكفل بمصاريف حياتك بنفسي.. أيرضيك هذا؟"
" و الفتاة التي معي..؟"
" إن فقدتها فقدتك... لذا هي ستبقى هنا"
قاطعت إيريكا هذه المحادثة: لم أنت مصر على إستخدامه رغم أنك لم ترى جدارته بعد..
لمعت بؤبؤتيه العسليتان و هو يحدق بهيجي و هاروكي: أنا لقيت ورقتي الرابحة.. توئم لطيف.
قطب هيجي وجهه: تجعلني أحس و كأني دمية تلعب بها فتاة..لطيف قال!.
أدار هيجي وجهه يتفحص القاعة بنظره: أين ريو؟
أجاب يوري بعد أن مدد ذراعيه : خرج ليوزع الملصقات.
أزاح مقعدا ليجلس: كان يجب عليه الصبر، فنحن في مهمة تحقيق..أف من ذاك الأبله.
اغتاضت إيريكا قليلا لكن لم يكن بوسعها أن ترد..
(( أبي أبله..ألا يكفي أنه يتحملك..))
تنهد هاروكي : كفاك تعكيرا للمزاج أبي، تستطيع الذهاب خلفه.
هدوء... سكون....نظرات مستغربة... حيرة بأسلوب الحل و إخراج نفسه من هذا الموقف...
اعتلى صوت ضحك هستيري ، نظر الجميع لها بدهشة: ماذا بها؟
ذاك كان استفسار هيجي لتجيبه إيريكا و هي لا تكاد تلتقط أنفاسها:... هاروكي، قال لك...
حاولت إسكات نفسها بصعوبة و هي تمسح الدموع المتجمعة بعينها من شدة الضحك: اشتقت لوالدك بسرعة هاروكي.
كان ينظر لها كأبله.. هو أبله ليستطيع مجاراتها في مسرحية تعكس الواقع...
استجمع نفسه لينقلب جديا محدثا يوري مرة أخرى: نحتاج مكانا للسكن .
نهض يوري من مكانه متجها لمكان المحاسبة ..
رفع سماعة الهاتف الموضوعة هناك: و الآن ستحصلان عليه..



شقتين مجاورتين لبعضهما بتلك الأبواب الرمادية...
كانت تلك الأبواب هي ماتخرج من نطاق اللون الأبيض ...
فتح يوري أحدهما سابقا هاروكي و إيريكا بالدخول...
أربع حيطان حوت في جوانبها أريكتين خضراوتين بسيطتين و سجادة سوداء مزخرفة ببعض البياض علتها طاولة زجاجية صغيرة، تنسيق متواضع شد هاروكي للجلوس على الأريكة المجاورة للباحة الخلفية..
باحة صغيرة الحجم تطل على منظر بعض البيوت المتراصة والحاجز لم يكن سوى باب زجاجي شفاف لا يعزل رؤية ما خلفه...
تمدد هاروكي قليلا ليظهر ارتياحه للمكان: أخيرا، بعض الإسترخاء.
رمت إيريكا نفسها فوق السجاد: إذا ، هذه لك.
بدت تحك إيريكا السجاد بأناملها التي تتحسس الراحة بعد كل هذا العناء، لتنتبه لما أظهر إنزعاجها: هاروكي.
تنحنح قبل إجابته: ماذا؟
نظرت له نصف نظرة: نسيت أوراق ليندا.
اعتدل بجلسته قبل أن يضرب جبينه براحة يده: محرم علي الإسترخاء ؟!
أجابته بصوت خافت يدل على مدى حرجها: آسفة.
أعاد يوري بعض الراحة بقوله: لا مشكلة، سأخبر ريو و هيجي أن يجلباها عند مجيئهما.
هاروكي و قد انزاح همه: حقا أشكرك.
يوري: لا شكر على واجب، ماهي تلك الأوراق بالضبط؟
وضحت عن ما تركته: حسنا.. أوراق بحث دراسية بإسم ليندا جاك.
يوري و هو يخرج شيئا من جيب تحت قميصه العلوي: أظن أنكما بحاجة لبعض النقود لترتيب وضعكما.
إيريكا : أنت تخجلنا بلطفك الزائد.
رسم بسمته الناضجة: لا تبالي لأمر كهذا.
مد النقود لهاروكي قائلا: خذ، دبرا أموركما بها مؤقتا.
عرضت بسمته مخاطبا إيريكا: صديقك منهك حقا.
حولت نظرها له و قد سيطر عليه النوم: أجل، فمنذ الأمس و هو يمشي و يبحث عن حل فقط.
أدار جسده متقدما نحوها: إذا أسلم هذا لك..أتمنى أن تفي بالغرض.
أخذتها بإمتنان: ممتنة لك.
قال بلهجة طفولية و هو يحك شعره الأخضر: لا تشعريني بالفخر هكذا.. هذا عوض الراتب.. أنتما ستعملان شهر مجانا.
أخفت شعورها بالغيظ : شكرا على كل حال.
خرج ليتركهما في تلك الشقة خلفه...
نهضت إيريكا تستطلع فضولا تلك الشقة ، فرأت المطبخ على الجانب الأيسر و بجانبه يقع الحمام و على الجانب الأيمن تقع غرفة النوم التي حوت بدورها سريرا متواضع المنظر بغطاء أبيض و لحاف سكري...
كانت تلك الغرفة آخر ما أطلت عليه، لذا أخذت اللحاف خارجة...
فتحته لتسدله فوق هاروكي الغاط في نوم عميق و تخرج بعدها بصمت...
مدت يدها نحو المقبض الجانبي لتصدم بأن الباب مقفل ، و لازال المفتاح مع يوري الذي جلبهما لهذا المكان ..
ضربت الباب بقبضة من يدها قبل أن تعود لشقة هاروكي: سحقا.
دخلت مرة أخرى و جلست في زاوية من زوايا الغرفة..
كان الوضع مملا للدرجة القصوى، لا تلفاز..لا هاتف محمول.. و لا حتى راديو أو هاتف عادي.. مكان خاو تماما مما قد يسليها خلال هذا الوقت...
اتجهت نحو الباحة الخارجية و استرسلت بالتحديق بكل من يعبر ذلك الإتجاه.. فتاة بصديقته..
يا لراحة بالهما..)) ))
رجل و عائلته...
((أغبطهم..))
أب و ابنته..
((أبي فتى في الثامنة عشره هنا..))
كانت تتنهد كلما رأت شخصا لفتها لفكرة واتتها ، و بعد أن شعرت بشدة الغيظ و الألم في داخلها بدأت تدقق على شيء آخر...
(( تلك الفتاة.. لا يناسبها اللون الزهري))
((ذاك الرجل قميصه يحتاج بعض الكي))
بدأت تندمج فعلا بما اختارته حتى سمعت طرق الباب...
كان ذلك بمثابة خروجها من سجن..
فتحت الباب لترى خلفه ريو و هيجي الذي يرفرف بالأوراق التي بيده: مرحبا بكما..ادخلا.
قال ريو ببشاشة: في وقت لاحق.. نحن أتينا بالأوراق فقط و لدينا عمل يجب أن ننهيه.
مد هيجي ما بيده لها : لا تغفلي ثانية.
أخذتها بصمت...
مد ريو لها مفتاحا في ميدالية صفراء: و هذا مانسي يوري إعطائك إياه.
لمعت عيناها لتصرخ فرحا: المفتاح...
جرته من يد ريو بشغف اعتراها: أخيرا..
حركتها جعلته يبتسم للطافة الموقف: حسنا، إن احتجت لأي شيء فنحن في الأسفل.. الغرفة رقم
"ظ،ظ*ظ©"
كانت تلك صدمة أخرى مما تتفاجأ به...
هما يسكنان هنا..!)) ))
ابتعدا بعد توديع لتفتح باب شقتها و تردها....
تنسيق لايختلف عن التي خرجت منها إلا أن الأرائك و السجاد كان بنيا قانيا مع بعض اللون السكري الذي يتخللها....
دخلت غرفتها التي كانت نسخة سابقتها و تمددت بملل فوق سريرها..
كان الملل شريك لحظاتها على كل حال حتى غلبها النوم....



فتح جفنيه ببطء في ذلك السكون الذي يحل الغرفة ...
التفت للحاف الذي أعلن بوجوده عن من وضعه.. فأمسك بأنامله به ليحاول تلمس دفء اليد التي وضعتها، ليس لكونها الفتاة التي يعشق أو التي يرغب بوجودها.. بل في الوقت الحالي.. لدفء يد صديق حاول تدفأته ..
في هذه الغربة ، كان هذا أنس لا يوصف...
بقي لحظات يسترد بها قوته ثم ينهض ليغسل وجهه النعس...
فراغ المكان منها دله على مكانها، فخرج متجها نحو جارته...
طرق الباب عدة مرات دون سماع إجابه فمد يده فاتحا الباب ثم يرد، جاب المكان بحثا حتى وجدها ...
خرج ليغلق الباب لكن قبل ذلك سمعها و قد تنبهت لوجوده: استيقظت..
أجابها: أجل....
جلست و هي تسترجع توازنها : لقد غلبني النوم.
استند على الحائط خلفه: طبيعي .. من الإنهاك.
اصطنعت الضجر: بل قل من الملل... كيف دخلت؟
أشار للخارج: تسللت من الباحة، من الباب الذي لم تقفليه بالطبع...أنا غاضب نوعا ما لذلك.
أظهرت ابتسامة مصطنعة: لا بأس.. سأنتبه في الأيام القادمة..أنت يجب أن تفهم أني لم أعتد على هذا الوضع بعد.
جلس القرفصاء مكانه: إيريكا، منذ الغد سوف نبدأ حياتا طبيعية حتى نجد حلا.
لملمت شعرها قبل أن تنهض تاركة سريرها،المبعثر قليلا: تعني المدرسة .
بسط كفه تحت ذقنه: ليس ذلك فقط...بشكل عام، يجب أن نرتب أمور البيت و الملابس و كل شيء.
رفعت مخدتها لتظهر النقود التي أخفتها تحتها: نستطيع شراء ما نحتاج بهذا.
ضيق عينيه بجدية: من أين لك؟
أخذتها و اتجهت نحوه : يوري أعطانا هذه .
وقف آخذا ما بيدها: أصبحنا مدينين من أول يوم.
حركت يدها و رأسها: تقصد أننا استلمنا الراتب...
"أوه..يعني لاراتب هذا الشهر"
جرت ابتسامة تخفي خلفها شيئا مبهما له: هاروكي.
أجابها بنظرة ...
أمسكت كمه برجاء: دعنا نتسوق.
ظهرت عليه علامة الشعور بالبلاهة: ما يهم النساء.. نحن سنذهب لشراء زي مدرسي للغد و بعض الطعام و مابدا نحتاج له هنا.
بدأت تجره بحماس داخلها: لأي سبب كان، فهو تسوق.



خرجا من ذلك المجمع الذي أبعد السواد بأنوار متنوعة الألوان مع بعض الأكياس المحتوية للزي المدرسي و باقي الأغراض المدرسية...
مدت إيريكا يدها مشيرة نحو مكان على مقربة: ذلك المكان يبدوا جيدا.
أبدى انزعاجا طفوليا بينما يرفع الأكياس البسيطة التي قد جمعها بيده اليسرى: فكري بمكان أرخص إيريكا.. نحن لانملك الكثير.
أخذت كيسا منه قبل أن تتحرك أمامه: لألا تدعي أني أثقلت عليك.
بدأت تتجول حتى وصلت لمحل ملابس متوسط الحجم مقارنة بغيره ..
بدأت تمعن النظر خلال زجاجة العرض و ماخلفها: تبدوا أسعاره جيدة، لكن جودة بضائعه...
قاطعها هاروكي بالدخول: و هل تهمك جودة البضائع الآن؟
تبعته لتدخل..
كانت تتحول عينيهما من شيء لآخر حتى اختارت هي..
«قميص زهري دون أكمام و بنطال جنز أبيض، قميص بني طويل نسبيا دون أكمام و بنطال قماشي سكري، قميص أرجواني طويل الأكمام و بنطال جلدي أسود»
و اختار هو..
« قميص رمادي و بنطال أسود، قميص أبيض و بنطال أزرق، قميص أسود و بنطال كحلي»
كان ذاك العدد المناسب لنقودهما و لتقضية الوقت بها، و قد كانت إيريكا دقيقة لتكون الملابس متناسقة و لو بالتغيير عكس الصبي الذي كان ينظر للسعر و يلتقط بعشوائية حيث أنك تكاد تجزم أنه..
«لم ير ما أخذته يده»
تمت هذه المرحلة ليخرجا ذاهبين لمتجر أطعمة...
صادفا في ذلك الوقت هيجي و هو يشتري بعض الحاجيات...
أدار هاروكي جسده: أنا سوف أعود للمنزل...
أسمعه ريو تحية أوقفته: أوه..أنتما هنا.
توقف هاروكي و هو يتلمس كف إيريكا التي تقيد حركته و هي تقول: أهلا، يبدوا أنكما تتسوقان أيضا.
أدار حدقته قبل أن يطلق إجابة: اممم... لقد كنا عائدين للمنزل فقلنا نأخذ همبرجر للعشاء .
قالت إيريكا: دعاني أطبخه..لقد مللت و هذه تسلية لي.
ريو: لاداعي أن تتعبي نفسك، نحن نتدبر أمرنا .
حركت رأسها نفيا: أعلم لكني أرغب بتجربة الطبخ قبل أن أطبخ في المطعم لأول مرة.
شعر ريو ببعض الغرابة: لأول مرة!
ترك هاروكي أحد الأكياس ليربت على رأسها: إيريكا، أفضل الموت جوعا.
نظرتها قادته للصمت و الذهاب لإنتقاء ما هما بحاجته ..
صابون و غسيل ثياب و شامبو ....الخ
و هو في تلك الحالة اصطدمت يده بمن جانبه: عذرا...
تنهد تنهد ضجر :..أنت.
" لم أنت كالصمغ"
" مسرور أني صمغ ملتصق بك لآخر حياتك بعدما سمعت هذا منك..سأكسر أنفك المرتفع غرورا.."
رفع هيجي حاجبا بإستخفاف لما سمع دون أن يدرك مغزى كلام هاروكي...
وضع ريو كل يد فوق كتف أحدهما: صديقي، وقت العودة.
تبادلا نظرات حادةلبضع ثوان ثم التفت هاروكي لريو: لا أستقبل الضيوف الليلة ، عذرا..تستطيعا الذهاب.
أمسكه من رقبته: أييي... أنت ضيفنا الليلة، ألازلت لا تعلم أنك جارنا؟
عض شفته مبتعدا : يبدوا أن الصمغ من نوعية جيدة... لاتنفك بتاتا.
نظر ريو بإستغراب له بينما عاد هيجي لتتمة المحاسبة ببرود....



تعالت أصوات كحاتهم و اتجهوا ثلاثتهم نحو الفتاة التي علت لها صرخة في المطبخ...
ريو مقتربا منها بسرعة: مابك؟..هل تأذيت؟
تقدم هاروكي ليفتح النوافذ بسرعة عل الدخان الغليظ يخف درجة: قلت لك أن لا تطبخي..
أما هيجي فاكتفى بوضع يسراه فوق باب المطبخ: من الجيد أنه احترق قبل أن يدخل معدتي..
أبعد ريو هاروكي ليقف مكانها أمام الفرن : إنتظروا خارجا..
خرج هاروكي و إيريكا و هما يسمعان هيجي: لا تتأخر.
أجابه و هو يرفع المقلاة المحترقة : دقائق و يكون جاهزا.
لم يكذب ، فها هي دقائق و هم يستمتعون بأكل ماطهاه بدقة...
هيجي: علم هذه الفتاة قبل أن تطرد هي الأخرى.
إيريكا: دعني أنهي طعامي قبل أن تبدأ مضايقتي.
كان جالسا بجانبها فأنزل رأسه قليلا و هو ينظر لها بجدية: بما أنك فتاة، فالطبخ لابد أن تتخذيه هواية.
أشاحت وجهها متمة مضغها لتلك الوجبة المختصرة...
أنزل هاروكي رأسه من الجهة الأخرى: كل لسانك عن الرد..
وضع يده فوق شعرها محركا بعض الخصلات و كأنها طفلة في الثامنة: قد تكون تخفي خجلها من كونها فتاة تحرق الطعام الجاهز.
باتت تغلق راحة يدها لتكون مقبوضة: هل اتفقتما علي؟
ضيق عينه رابتا على رأسها لمدة: و هل هو شيء؟.. حقا، عندما أنا هنا.. لاداعي للنظر له.
اشتعلت شرارة الحدة لنظرتيهما مما جعلها تشعر بتكهرب الوضع من فوقها ، فهما يفهمان ما خلف هذه النظرات الحاقدة على مايبدوا..
(( أبعد يدك..))
((ماذا لو لم أفعل؟..))
((ستكسر كفك في ثوان...))
(( إنها يدي..))
(( اسحبها..))
(( هل أغضبتك؟..))
(( و هل تريد رؤية آثاره؟..))
أعلن استخفافه بإبعاد يده مع بسمة ظاهره و نهض متجها للمطبخ....
تابعته بؤبؤتي هاروكي لحين ابتعاده: هل انتهيت؟
أجابته و هي مازالت تأكل: اذهب أنت، سأصعد بعد قليل.
تكتف بذراعيه: من المستحسن أن لا تجعليني أنتظر كثيرا.
رمقته بنظرة احتجاج: دعني أجلس قليلا.. إن ذاك المكان ممل لدرجة تشعرني بالإختناق.
"تستطيعين فعل الكثير من الأشياء الآن..."
أشار لها بسبابته متابعا: كأن تبدلي هذه الثياب.
انتبهت لتلك الأمانة التي ترتديها: صدقت.



طرقات متوالية على الباب أجبرتها على الإستيقاظ معترضة: تبا للمدرسة..
لم يتوقف الطرق حتى فتحت الباب: توقف.
دخل مغلقا الباب بينما هي ابتعدت لتذهب و تتأهب...
أخذت حماما قصيرا يعيد لها النشاط و الحيوية و ارتدت زيها ذو القميص الأحمر و تنورة بنية قصيرة كستها بعض الطويات الخفيفة..
و صففت شعرها بسرعة لتظهر لذاك الشاب الشي ينظر لأوراق بحث أمه بتمعن...
جرت الأوراق لتضعها في حقيبتها الخضراء الجديدة: ما الذي تفعله؟
وضع يده في جيبه كمثيلتها: أوقظ عقلي من السبات.. أشعر أني نسيت الكثير.
لامست ضربتها الخفيفة يده: ياويلي على مستقبلك المزدهر .. أخشى أن تصبح عاطلا عن العمل مع شهادة عامك هذا.
مشى عنها منزلا رأسه للخلف نحوها: سأتعطل عن المدرسة بتأخرك ثانية.
ابتسمت لهذه اللحظة التي تعيدها لحياتها و تقدمت: أظن.. اشتقت لهذا التأخر.



توجهت إيريكا نحو صديقتها ليندا مرحبة : مرحبا ليندا.
ردت ليندا التحية: مرحبا، كنت في انتظارك بالأمس.
أمسكت بكفي ليندا: آسفة، ظروفي لم تسمح لي بالمجيء.. و عن ملابسك، سوف آتي بها غدا..أنا لم أغسلها بعد.
أرخت جفونها قليلا: لا عليك.
أبعدت يدها لتخرج ما بحقيبتها: خذي.. لقد استفدنا منها حقا، أشكرك.
أخذتها و التفتت للشاب الذي اكتفا بالنظر لهما، أرخت بؤبؤتيها لتستجمع قواها لتوجه كلماتها له: لم أنت متسمر هناك؟
اقترب قليلا: صباح الخير.
أجابته بلهجة انفتاحية: صباح الخير .
مشيا قليلا و الحديث دار بين الفتاتين حتى سمع صوت يقترب: ليندا...
لم تدر جسدها بعد و إلا تبع صوتها ارتطام لسقوطها على الأرض...
قالت ليندا بعتاب : مرة أخرى، دوما أحذرك و تسقطين ..يا الهي.
نهضت و هي تبعد الغبار عن ملابسها: حسنا حسنا، فهمت..يجب أن أنتبه مرة أخرى.
أخذت إيريكا ضحكة خفيفة بسماعها هذه الجملة شدت تلك الفتاة للنظر لها: أنت..ألست تلك الفتاة التي..؟
توقفت هي لتسألها صديقتها: هل تعرفينها؟
أجابتها بإيماء: لقد إصطدمت بحائط منزلنا قبل يومين و جرحت ساقها.
حولت نظرها لصديقتها الجديدة: يا للمصادفة، بذلك اليوم التقيت معها فهي و صديقها قد أتيا منزلي لأخذ بحث الفيزياء لأنهما سينتقلان لهذه المدرسة.
حكت إيريكا شعرها بحيرة جزئية في تفسير الأمر: مرحبا.
نظرت لها مستفسرة: و ذاك الصبي عديم المسؤولية.. أتى معك.
رفع يده محركا أصابعه لها: هنا.. لكن لاداعي ل «عديم المسؤولية » هذه..
لم يكن من العجب رؤية كاورو والدة فمن المعلوم أنها كانت صديقة والدة هاروكي المقربة...
توجه هاروكي و إيريكا مع الفتاتان لمكتب المدير قبل أن يذهبوا لفصلهم...
فالفتاتان متأخرتان لنصف ساعة، و كأن الساعة صنعت خصيصا لبيان تأخرهم...
دخلوا بعد طرق الباب و سماع كلمة "أدخل"..
نبرة هادئة و صارمة مع بعض النضج ..تلك هي ما طغت مسامعهم قبل الدخول...
وضع هاروكي كفه فوق فمه لرؤيته ذاك الشاب الثلاثيني الذي يعدل نظارته المستطيلة ، مرتديا قميصه الأبيض بياقة رمادية و بنطال كحلي...
نظرته الهادئة و الرزينة التي تحدق بهما مع ذلك الطبع الغريب كان يجره حقا للسخرية...
أن يرى مديره الصارخ و الغير متوازن بصرامته الزائدة عن حدها بهذا الطابع اللطيف و المسؤول..شيء يثير الفضول أن ترى مدير مدرستك في أوج شبابه....
كانت إيريكا مندهشة أكثر من رغبة الضحك..
فكيف لهذه السنين أن تحول هذا الشعر البني المجعد لخصلات طغاها البياض و هذه الملامح كيف ستحولها الشيخوخة لشخص خمسيني ، و كذا كيف طوت الأيام رزانة قامته هذه لقامة شخص هرم قد ضعف نظره و خارت قوته...
تقدم في تلك اللحظات ذلك الشاب بدفتر صغير أمسكه كفه ليربت به على الفتاتان بوجه خال التعابير : و هذه المرة، لم التأخير؟
كاورو و هي متكتفة: لأقولها صراحة، ليس لي عذر غير بقائي نائمة.
حول نظره لليندا: و أنت؟
ليندا: بقيت نائمة.
عاد لطاولته ليرفع ورقتين لهما: اسميكما و التعهد..
أخذتها ليندا: آسفة سيد ريك على الوضع الذي نسببه.
أجلس نصف جسده فوق طاولته: تعرفين..
تنهد متما:....في هذين العامين عانيت من صديقيك المنحوسين و الآن أنت و الفتاة الجريئة هذه.. لا تنضبطان بأي نظام يوضع، تقوداني للجنون.
بسط كفه في الهواء نحوهما: أوراق التعهد و اخرجا.
امتثلا للأمر و أخذ السيد ريك ورقتيهما ليضعها في أحد أدراجه...
رفع نظره نحو الآخرين ليثبتا وقفتهما المستقيمة ...
"أنتما...من طلاب هذه المدرسة؟!
هاروكي: لقد انتقلنا لهذا الحي توا لذا...
اقترب منهما واضعا يديه في جيبي بنطاله: لذا تودان التسجيل في هذه المدرسة.
إيريكا: أجل، لکن هناك مشكلة.
ضاقت عينيه قليلا:مشكلة!
بدأ هاروكي بسرد تلك القصة الملفقة عن مجيئهم من أمريكا و سرقة كل مالديهم منذ وصولهم لذلك الشاب، اتجه نحو النافذة اليمنى اللتي تطل على الساحة..بدأ ينظر خارجا بصمت، لدى تلك النافذة اللتي كانت محط مقعد إيريكا قبل أيام أم لنقل أنها ستكون محط جلوسها بعد عشرين عاما...!
لحظات تفكير تبعتها كلمات جامدة: حسنا، اذهبا للفصل الآن و سأبحث في الأمر.



وقوفهما أمام اللوح كان بدايتهما الحقيقية...
بداية كشف ماخلف هذا الزمان المبهم..
بداية التأقلم مع جيل الأسرار هذا..
بداية البحث عن مفتاح العودة...أقصد، مفتاح التقدم
نحو مستقبل لايعرف مغزى أحداثه سوى لهما...
و تقدمهما نحو المقاعد المشار لها من قبل المعلمة كانت علامة..
«هي البداية»





سظ،- هل سيكون لما يبحث عنه هيجي و ريو يد في ملامح القصة؟
سظ¢- هل سيستطيعا إخفاء كونهما من المستقبل؟
سظ£- ماتصوراتكم عن الأيام التالية؟



.



.


 
 توقيع : ورده المودة

















إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم

فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم



التعديل الأخير تم بواسطة جلنار | Gulnar ; 03-04-2020 الساعة 10:03 PM

موضوع مغلق


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
في كتاب الدهر حفرت صفحات عمري RoRo Uchiha مدونات الأعضاء 34 02-27-2023 07:42 PM
♥♫يتوقف الزمن..ولا يتوقف حبي لك♪♥ ♥♫Tiara.Flower♪♥ روايات الانمي_ روايات طويلة 5 12-31-2020 02:39 AM
متى ستظهر الحقيقة كاملة؟ [شظايا لعنة بعثرها الزمن] Inas Fallata روايات مكتملة. 21 03-24-2020 03:07 AM


الساعة الآن 04:34 PM