••
العودة   منتدى وندر لاند > القصص والروايات > روايات الانمي_ روايات طويلة

روايات الانمي_ روايات طويلة لجميع أنواع الروايات " الحصرية، العالمية، المنقولة والمقتبسة"


~ قدر مخطوط على صفحات الزمن

روايات الانمي_ روايات طويلة


موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-04-2020, 07:31 PM   #11
ورده المودة
في جوار ربها ، اللهم ارحمها واغفر لها وتجاوز عنها


الصورة الرمزية ورده المودة
ورده المودة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 104
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 المشاركات : 221 [ + ]
 التقييم :  277
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة


.

















.






- 10 -

..... و تتأزم الأمور .......


"بالمناسبة.."
"ماذا؟..."
" هل تشعرين بهذه الذبابة التي تحوم حولنا؟.."
" أشعر بها منذ الصباح.. "
" إذا ما رأيك ببعض الرياضة؟.."
لم ينتظر جوابها بل أمسك بكفها راكضا بأقصى سرعة لديه...
كانت تتبعه دون وعي منها ، رغم عدم إمساكه لها بقوة إلا أنها كانت تعرف حق المعرفة أن هذا هو الصواب.... و بعد رؤيتها لفتى ينتشلها من أخطار والدها، فهو الأمان......




وجهين يلهثان قد اخترقا تلك البوابة.....كانا كالشبحين بسرعتهما...
اعتلى صوت أنثوي : وصلنا، هل تظن أنا أضعناه؟
كان يبعد ياقة قميصه ليدخل الأكسجين لرئتيه : متأكد من ذلك، لقد اختفى عن ناظري منذ فترة.

بدا تنحنح شخص مباغتا و شادا لإنتباههما..
بلعت ريقها و توجهت بخطى خفيفة نحو الغرفة التي تحوي زي عملها، لكنها ما لم تصل هناك حتى سمعت منه: هل تتأخران هكذا عادة؟
قالت من فورها: بالطبع لا.
اعتدل ريو بوقفته و بين احتجاجا واهيا: هي، يوري... بعد الغياب، ما الذي جرك للمجيئ اليوم خاصة؟
ابتسم يوري ساخرا: لأرى الحقيقة المخفية عني... ما سبب هذا التأخر؟
حك ريو رأسه قبل أن يجيب: ما أقول لك؟... مشكلة بسيطة.
تدخل صوت بارد جاف يعرف صاحبه: تقصد مطاردة بسيطة.
ضيق يوري عينيه للحظات، لكنه رفع نظارته كعادته الدائمية و هم بالخروج: ليس هناك مجال للحديث ...عشر دقائق و سيفتح المطعم ، اذهبا و تجهزا... أه، قبل أن أنسى ...سيأتي نيك منذ الغد كرئيس الطهاة ... لتكونوا على علم.
ربط التفاجؤ ألسنة الموجودين... نيك، رئيس الطباخين!

" أليست تلك إهانة للفتيات؟.."
جملة استهدفت الأستفزاز و الإهانة بذاتها، ذاك هو هدف هاروكي ليغيظ صديقته....
لكنها لم تعطه فرصة الهناء بل جعلت قدمها سلاحا يطلق صرخته لجعلها تدوس على قدمه : خذ.
خرج يوري و جعل كل شيئ على عاتقهم كالعادة...
دخل ريو لغرفة تبديل الملابس و كاد أن ينتهي بلبس سترته الكحلية : ذاك الأب السافل، كيف يجرؤ ...
حينها سمع صوت هيجي الواقف جانبا واضعا كفيه بجيبي بنطاله الكحلي: ريو، هل من خطب ؟... أنا لا أتكلم عن تصرفاتك البلهاء كعاشق... جديا...
بدأ يصفف تلك السترة و يعدل كمها: أممممممم...
" كف عن هذه ال..أممممممم المضجرة..أتحدث معك"
نظر له نظرة لا تستطيع التقاط مغزى لها: هيجي، سأستأذنها للحديث... قبل ذلك لا تسألني عن شيئ.

خطى خطواته خارجا فتوقف بجانب صديقه دون أن يعيره نظرة: و يبدوا أنني أصبحت أبله فعلا...جديا.




زبناء يأتون و زبناء يذهبون... زبون بلسان سليط و آخر بلسان لبق... أحدهم مرتاح البال و الآخر ضجر و يائس... و وظيفتك في هذا المطعم ليست سوى الإبتسام....
و بين هذه الساعات كانت دقائق يترقبها فتى كترقب الصبي لحلواه....
ساعة تختفي بها فتاة جريئة لتظهر بحلة أنثى...
تبعها بعد انتهاء العمل كما يفعل كل يوم و بات يحدق بحقيقتها.... ملامح مرتخية و ابتسامة عذبة و حنية غريبة. ..

رفعت رأسها بعد أن قدمت ما بيدها لنيكولاس، و تنبهت لوجوده: ألم أخبرك أن لا تراقبني؟
كان يجلس نصف جلسه خارجا عن عالم الواقع بأفكاره المجهولة فأجابها بعد سماعها: هذا أفضل مكان للحديث معك.
"أه، قد تكون على حق"
اقتربت جالسة عنده: حسنا، ما الذي نستطيع فعله الآن؟... أنت و أنا كلينا في مأزق الآن.
كان يجوب المكان بعينيه و هو يحادثها: لا أعرف، لذا أردت أخذ رأيك بإخبار هيجي، فهو صاحب ذهن ذكي و تخطيط جيد و يستطيع الوصول لمركز الشرطة دون مراقبة.
إبهامها يدور بين خصلاتها واحدة تلو الأخرى كعلامة تفكير: لا يهمني صديقك... لكن لا تدخل أصدقائي في المسألة.

شعر بنوع من الضيق: ألسنا أصدقائك؟!...
رمقته بتجاهل : و منذ متى تظن أنكما ضمن دائرتي؟
" يا للقسوة.."
" يا لسخف تفكيرك، أنتما زملاء عمل لاغير ..."
نهض نافضا بنطاله: على كل، سأحادث هيجي عله يجد لنا حلا .
ضحكت ساخرة: و،مباحثتنا المهمة انتقلت لعقل صديقك .
فهمها لذا قال: هذا يعني أن عقلك كعقلي ...لا يعمل.
همت بالصراخ إلا أن يدا صغيرة أمسكت ذراعها: أختي... انتهيت.
انقلبت الموازين فجأة و امتدت ابتسامتها و رفعت يدها تحتظنه: صغيري، هل كان الطعام لذيذا اليوم؟
قال بطفوليته البريئة: جيد... لكن بيتزا الأمس ألذ.
قبلت جبينه و نهضت: حسنا إذا، إنتظر غدا بيتزا الخضروات.
ابتسم حتى بان مكان أسنانه الساقط ثم ابتعد .....

" ليس لديك سوى التحديق الغبي...."
" إني أرغب برؤية كاوروا التي لا يعرفها غيري..."
" و كأني اثنتان..."
" بل لديك انفصام بالشخصية . ."
" أصمت..."
" دعينا ندخل..."
تركته خلفها و همت بالدخول....



استلقى على الأريكة واضعا كفيه تحت رأسه و رافعا قدما فوق الأخرى: حسنا هيجي، أريد التحدث معك بجدية.
كان صوته يرد من الغرفة:قل...
اعتدل بجلسته: ألن تأتي؟
"أسمعك من هنا..."
دقائق و هو واقف لدى الباب قائلا: هكذا إذا... تلك الفتاة كانت تتاجر المخدرات دون علم منها... و من سيصدق هذا؟
نهض و جديته تتابع حركاته حتى وصل أمام باب الباحة الزجاجي: و هذه مشكلة، حتى والدها يعمل بتلك التجارة بمعرفة... لقد رأت ورقة معلومات في غرفته.
زفر بغيظ: لكن للأسف كما تعلم، إن هذا لا يعتبر دليلا.
" اسمع، أنا أعلم بكل هذا فلا داعي للتملق... أنا أستنصحك فأجبني"
" هل تريد الإجابة؟"
" لم أسئل إذا؟..."
" إصنعا الدليل بنفسيكما.."
فتح عينيه لآخرها ناظرا لصديقه الجامد،و ملامحه الباردة: أتعلم ما تقول؟
أعطى ظهره لصديقه عائدا لحيث كان: كنت أتوقع معارضتك... لكن لا تقدم دون هذه المخاطرة.




جسدها ملقا على السجاد و رجليها تتحركان خلفها و يديها تحركان أصابعها تحت ذقنها و لسانها يكرر بهدوء تدريجا للصراخ: صعب... صعب... صعب.... صعب...صصصصصعب... تبا لهذا الدرس الغبي.
ضربها شريك هذه المراجعة بدفتر على رأسها: هي ليست سوى معادلة رياضيات، لا تستصعبي الأمر.

هفت على خصلة واقفة على زوجهها لتبعدها: لقد فهمت كل الدروس السابقة لكن هذه... مستحيلة الحل.
أطلق ضحكة خفيفة أشعرتها بالحمق : إيريكا، إن النتيجة هي _فاي_ أي مساحة فارغة...
باتت تنظر لذلك الكتاب ذو الحدود الزرقاء ثوان: الآن أستطيع فهمها.
سمح لقلمه بحلها ثم اعتدل عن انحناءه: طيلة الوقت و أنت مقيدة أفكارك نحو عدد و هذا ما شتت ذهنك.
جلست هي الأخرى معيدة تلك المعادلة برأسها: فهمت.
نظرت لهاروكي ببرود: هل تظن أن نتيجة مجيئنا هنا، هي مساحة فارغة.
كان يجمع الأوراق الجانبية و المسودات ليرميها بسلة قمامة صغيرة أمامه: ماذا تقصدين؟... لم أفهم.
بررت جملتها التي كانت كاللغز: هاروكي، إن فاي مساحة فارغة مطلقة من أي قيد، فربما مجيئنا هنا لا يغير أي شيئ مهما تغيرت منحنيات الأمور.

رفع شعره للخلف بكلنا يديه: ذلك يعني أنك لن تستطيعي البلوغ لهدفك السامي...
ابتسم متما: مهما فعلتي؟
لم تهتم بمحاولة إغضابها : لم أقصد هذا، بل كنت أرمي لزمننا... قد نكون الآن في مطلق زمان يسمى زمن الماضي... ليس سرابا و ليس محدودا.
لفته حديثها الذي بات يرتب سلسلة أفكار منطقية: تقصدين أننا نستطيع العودة لزماننا الأصلي بما أننا في زمان مفتوح النطاق.
"أهم، و ذلك يعد كالبوابة..."
" كلامك منطقي...و لكن كيف نحصل على النتيجة فاي هذه... هو رمز فعل أم بوابة زمن كالأفلام؟.."
"أظن، تحقيق أمنيتي هي السبيل"
" أوووووه ، عدت لنقطة البداية.... حقا المساحة الفارغة ليست سوى عقلك.."
جمعت كتبها و دفاترها و قالت بطفولية مصطنعة: سترى، منذ الغد سأبدأ بتنفيذ خططي.
اكتفى بمد يمناه فوق ركبة قدمه الموقوفة: حقا، أمك طفلتك... هي طفلة على عكسك.
بان التعجب عليها: و ما الذي أتى بطفولية أمي؟!
ابتسم ابتسامة ساخرة: رؤية فتاة ناضجة تصطنع الطفولية.

عقلها كان في حيرة برسم أي تعبير على وجهها: حسنا، أنت تمدحني أم تذمني؟
أرخى جفنيه و بات ينظر تجاهها: أنت كما أنت جيدة.
"أها.."



وضعت كوبا من القهوة التي علت رائحتها الزكية: و ها ما طلبه والدي الغالي.

أنزل الصحيفة من أمام ناظريه رافعا الكوب بوجه أبوي و ابتسامة دافئة: سلمت يدا جوهرتي.
جلست بجانب والدها تتدلل : أبي...
بدأ يشرب قهوته و اكتفى بنظرة جانبية لها منتظرا سبب هذا النداء ...
رفعت نفسها قليلا واضعة كفها ة بجانب أذنه لتهمس: غدا عيد ميلاد أمي.
ابتعدت ليقول هو: تستهدفين الغد إذا، ما المطلوب مني؟
" المطلوب منك هو أن تستصحبني للسوق... و تشتري هدية لائقة"
" حسنا، جهزي نفسك .. سنخرج بعد إتمامي القهوة"
رفعت يدها مقبوضة بإنتصار: رائع.
كادت تنهض لكن باغتتها جملة والدها: أه، قبل أن أنسى... هل تحتفظين برقم هيجي؟
توقفت أطرافها و بصعوبة خرج تساؤلها: لماذا تريده؟
عدل الصحيفة بحركة خفيفة من يسراه متما قرائته: أحتاج شهادتكما... أنت و هو؟
استطاعت ترتيب أفكارها: هل توليت قضية نيك أبي؟
"تعلمين إذا..."
" أخبرني... قد استطاعوا القبض على متسبب الحادث.."
" هل لديك رقمه أم لا؟..."
" لست متأكدة من أني لازلت أملكه، سأتأكد لك.."
رسم طيف ابتسامة مدهولة المقصد: يبدوا أنكما لم تتواصلا فعلا .
أنزلت رأسها لمستوى رأس والدها : لا أنا و لا هو نلومك أبي... منذ ذلك الوقت أسمعني شيئا واحدا...
قطب حاجبيه لكنه لم يقطع صمته لتتم هي:... قال لي كم أنت حريص على مصلحتي.
اكتفت بجوابها الذي ارتأته أفضل من أي شيئ و ابتعدت متجهة لغرفتها: بل إني حريص على مصلحته ...ذلك الأبله الصغير.



مضى ذلك اليوم و كل يخطط لاغير، منها تخطيط يغير مسلك حياة و آخر يجازف بأخذ حياة .....
و البعض بدأ بتحركات غريبة...
" ريو ... تعال هنا.."
"ريو.... الشومن أصبح سيئا.."
" ريو ... اصنع عني كعك الأرز..."
"ريو... المحاسبة"
"ريو..."
"ريو..."
جملة ألصقتها على لسانها حتى بات غرابة الوضع جليا....
خاصة مع وجود نيك كأول يوم له بصفة رئيس الطباخين ... و معه فتاة تعينه ....
توتر دام طيلة فترة العمل...
بدل ريو ملابسه ثم اتجه لمجاوره: انتبه لفتاتك ... إنها ملتصقة بي منذ الصباح.
لم يعره اهتماما بل خلع سترته و بدأ بفتح أزرار قميصه: هل تظن أنك جذبت انتباهها....
وضع يده فوق،كتفه:... هي تخشى على صديقتها منك.
بدأ يعرك عينيه: يا للخيبة، لا هي و تريد حرماني من كاوروا أيضا.
حول نظره حول الجالس شارد التفكير: أفضل حالا منه.
تنهد قبل أن يؤيده: معك حق... كان اليوم صعب عليه.
رفع حقيبة الظهر البرتقالية الناصعة رافعا صوته نحو هيجي: اسمع، يجب علي أن أخرج الآن ...عد لوحدك.
كان يعلم أن هيجي خارج عن نطاقهم و كلماته لم تكن مسموعة إلا أن له موعد أهم ......
خرج نحوها و استند على الجدار متنحنحا ....
اعتدلت بوقفتها: أخبرته؟
" أجل، و قال أن لا حل سوى أن نصنع دليلا بأنفسنا..."
أخذت صحن الصين الأبيض من نيكولاس و ودعته ...
ثم اقتربت بجانبه مستندة معه: أي كيف؟
عض شفتيه مظهرا بعض الإنزعاج: لا أود الإجابة... لكن.... أي نمثل حتى نستدرج والدك لنقطة ضعف تجعله يظهر دليلا... كأن يتحدث صراحة أو شيئ كهذا.
" و ما يزعجك بذلك؟"
مقت كل حرف من سؤالها و انفعل في الرد: ما الذي يزعجني؟.... أي خطأ منك أو اكتشافهم لك سيكون ثمنه حياتك..

قالت بسخرية لما هم به: و إن لم نفعل شيئا... سنبقى مراقبين كما نحن الآن، المكان الوحيد لحديثنا هذا الزقاق الخلفي المسدود... حتى تتيح لهم الفرصة للتخلص منا.
" هل تفكرين بمجازفة كهذه؟!"
" إن لم ترغب بالمساعدة ، لا ضير"
"تمزحين معي... بالطبع سأفعل ما بوسعي"




هاروكي هامسا لأحدهم بعد أن أقفل الباب: ألا تود إيصالها؟.. الوقت متأخر.
قال بجوهرية متجاهلا هدف هذا الهمس: إن نيك جارها و سيتكفل بهذا.
سمع صوت ضحكها الخفيف بسماعها تلك الجملة التي فضحته....
مر بجانبها ناطقا بحروف جافة: لا تضحكي.
كاوروا بغيظ: حقا.. ما الخطأ الذي اقترفته ليندا لتعاقبها بهذا التجافي؟...
أوقف قدميه الخاطيتين: غير أنها أظهرت نفسها أمامي.

إيريكا: هل هو هكذا دوما؟

قال ريو: حسنا، أعرف وظيفتي..سأوصل كاوروا.
قالت لهاروكي برجاء: دعنا نوصلها... أريد التمشي معها.
أشار لهما: عائد لرأيها.
أبدت كاوروا ما تستسيغ: سأذهب مع ريو... لدي حديث معه.
غضبت إيريكا فضربت ماتحتها: كل هذا لتبقي مع هذا الفتى لوحدك..
أخرجت لسانها و أخذت حقها بجملة: بل لأتركك مع من،يلازمك وحدكما.
لم يتمالك ريو ضحكته عن الخروج: أحسنت.... ضربة مرتدة جيدة.
جرته من ياقته: اتبعني فقط .
صفق هاروكي بيديه بخفة: و المجريات تجري حسب مقتضاها دائما.
"ليست النهاية..."



يدير ميدالية بسبابته ثم يرميها ليلتقطها... يعيد الكرة.. و يعيدها، ذلك ما يستمتع به في مشيه: من الجيد أن أبيك وافق على عملك معنا .
"لم يكن عليك،الإصرار...العمل هنا مزعج، معلمة خصوصية لبضعة أطفال جيد"
" انت،منزعجة من وجود هيجي، لكنه لا يعيرك أدنى اهتمام و لا يقترب منك... مخافتك لا أساس لها"
" أي مخافة ترمي لها، كل ما هناك إن رؤيته لم تعد تروقني. .."
" لكن راتب هذا المطعم جيدة...كما تعلمين يوري سخي، و سيكون جمع تكاليف الجامعة أسهل"
" نيك، تعرف أن والدي سيدفع لي تكاليفها برحب سعة و لا صعوبة لديه في الأمور المالية و بقي عام على دراستي الثانوية"
" إذا، لم تعملين أساسا..."
" تعرف نيك، أنت الأسوء... اقطع صوتك عن أذني"
قال جملته المستهزئة منهيا حديثهما: تشابه ملازم... هذه جملته.



ريو: أشعر أن بودي لكم أحدهم.
كاوروا: أعصابك، اللكم ليس سوى شعرة... دعنا نتعامل معه بعد أن ننتهي.
"صدقت... دعينا نذهب لوالدك الموقر الآن.."
" أظن أنه ليس والدي بعد الآن..."
وجه ابتسامته بدفء لها: حسنا، دعينا نذهب للسيد ميشيل.
استشعرت منه فهمها فقالت مجارية ابتسامته : حقا، لا أعرف كيف أجازيك.
رفع حاجبيه و اصطنع التعجب: أليس المكافئة بعد الإنتهاء من العمل؟
ضيقت عينيها :،تقصد أنك تطالبني بمكافأة.
وضع يديه بجيبيه و أنزل ظهره بإنحناء: مالضير؟.... الدنيا ليست بالمجان، و أنا لست سوى بدرك.
أدخلت كتلة هواء برئتيها و بدأت بصرخة لم تستطع إكمالها .....
جلس نصف جلسة أمامها: واو... سقطة جيدة.

ضربت بقبضتها على الأرض علها تخرج بعضا مما يخالجها: تبا لك.

رفع كتفه دون مبالاة لوضعها المحرج بسبب الوحل الملتف حولها: هذا عوض قبول يد العون.

اعتدلت لتجلس منفضة بعض الوحل الذي لم يكن له سوى أن يتجمع مرة أخرى بسبب يديها المتسخة بذاتها: و متى مددتها؟

كانت تتلئلئ عينيها لتسمعه يقول بنبرة هادئة: هل تودين البكاء؟
مسحت عينيها البنيتان: غبار فقط.
مد ابتسامة استهدفت التخفيف عليها بشيئ آخر: و الآن وحل أيضا.
أطلقت ضحكة تنساب،معها الدموع الجارية: حقا...وضع مخزي.
رفعها بيديه سامحا لنفسه بالهمس بأذنها ثانية: لا بأس بذرفها أمامي، خذي راحتك.
أومأت بالإيجاب ممسكة بقميصه.....

كبت أنفاسه لحظات ثم قال: هدأت؟...
إيماء بإيجاب....ثم إبتعاد...

ثم أكملا الطريق... ذلك الطريق الذي يبدوا أنه بدأ لتوه...




" ثانية!.... هل من جديد؟"
تقدم نحوهما دون ترحيب و أشار لهما بالجلوس فامتثلا...
أجابه ريو بعد أن وضع حقيبته أمامه: لا، حماية من شخص يراقبها...
نظر لإبنته لحظة ثم أعادها له: هل حدث مكروه؟
قالت بصوت خافت: سقطت ببقعة موحلة .. لاشيئ مهم ، لا تقلق.

أتم ريو بعد هذه المقاطعة: سيد ميشيل، ابنتك في خطر حقيقي... منذ ذلك اليوم و هي تحت مراقبة أحدهم، ذلك يعني أنهم يخططون لإستهدافها ربما... و بصراحة، أنا لا أفرق عنها..فكلينا رأينا ما لا يجب أن نراه.

حاول استجماع أفكاره: فكري مشوش و،لا أعرف ما الصواب... إن كان الوضع بهذه الخطورة لابد من إدخال الشرطة ... لا أستطيع الجلوس و انتظار نتيجة هذا الخطر المحدق بإبنتي.

نظرت لوالدها الذي ظهرت نبرته الأبوية: أبي

((لحظة... مابال الجملة هذه، ما كان يجب سماعها،منه...إدخال الشرطة... كيف له أن....))

اصطنع الإنفعال واقفا ضاربا كفيه على الطاولة: تمزح، كيف نتحدث مع الشرطة و نحن مراقبان؟... انتحار فوري.

(( أكان يرمي لهذا؟.... من المحال الحديث مع الشرطة في وضعنا...يالك من ماكر...))

أكمل السيد ميشيل المحادثة: و هل هناك فكرة أفضل؟
قطب حاجبيه و كادت عروقه أن تنفجر من الغضب من هذا الإستفزاز الخفي، إلا أن يدا وضعت على يده و صوت خرج من مخبأه: الحل أن نعمل معهم.
جلس مقربا كرسيه الخشبي بصوته المتصدع نحوها أكثر: ماهذه المزحة السخيفة كاوروا؟ ..
أما والدها فأطلق صوته بتعجب: تعلمين ما تقولين يا ابنتي؟

:
جالت ببؤبؤتيها نحوهما: هذا هو الحل الوحيد.


باتت ملامح الأب المنزعجة واضحة: لا تتدخلي في هذه اللعبة القذرة، هؤلاء المتوحشون سيستدرجونك لفعل الأسوء.
(( هل هو مجبور في فعلته؟!...))

نهضت راحلة عنهما : قلت ما لدي ....سأستحم و أذهب للذي أعطيناه تلك الحقيبة لأحادثه.

لم يكن يستوعب ما جرى حوله للتو: هي انتظري، هل أنت مجنونة لتذهبي لمقابلة ذلك القذر وحدك؟

تنهد الأب و هو ينظر لمحط خطواتها الواثقة فوق تلك السلالم: لا فائدة، قد اتخذت قرارها.
نهض ريو قائلا جملته الأخيرة لوالدها: سأحاول إقناعها بعدم التهور.
ابتسم له بأريحية مشيرا بإصبعه لحيث ذهبت: إن استطعت، سيكون جيدا.

تبعها بحزم و طرق الباب ليسمع منها: أدخل.
سمح ليده بإنزال المقبض و العبور من ذاك الباب البنفسجي الباهت للداخل: خطوة جريئة يافتاة.
كانت مازالت جالسة فوق فراشها تفكر بعمق، فالتفتت له: هل تفكر أننا سننجح؟
جلس على الأرض الخاوية سوى من فراش بسيط زهري يبين رهافة أحاسيسها المخبوءة ، لون بناتي طفولي..: حسنا، لا أضمن أي شيئ ... لكن خطوتك المتهورة هذه قد تقودنا لشيء جيد... استمري بالتمثيل هكذا حتى يحين الوقت المناسب.
"تقصد لحين نجد،دليلا"
" نعم، و أنصحك بأن لا تستعجلي الحكم على والدك ، فقد يكون مجبرا على ما يفعل.."
دهشتها لم تمنع صرختها التي أخفاها ريو بسرعة يده: لم تنفعلين بسرعة؟
أشارت له بأنها ستختنق لكونه غطى أنفها أيضا فأبعد يده جالسا بجانبها: هل تقصد أن أبي مجبر على متاجرته هذه، تمزح معي؟... فاليتاجر بنفسه، كيف له أن يدخلني و هو جالس في المنزل... ديونه لا تعني فقدانه لمشاعر الأبوة...

لا بلسم يغطي الجروح العميقة كهذه، لكن قد يكون جرح آخر سببا في عدم شعورك بالألم...

هذا ماجر ريو للتحدث بكلماته الغريبة عن موضوعهم: أنا وعيت لنفسي في ميتم، مع بعض الأطفال الذين يبكون عند رؤية ابتسامة أبوين لإبنهما... أو غبطة الطفل الذي يملك أما تحتظنه بحجرها على الأقل... كانوا ينامون على تبادل أمانيهم و أحلامهم في عوالمهم الخيالية... إلا أنني و هيجي كنا،مختلفين... فأبوينا كانوا جافين نحونا، و لا يعتبروننا كبشر أصلا.... كنا نعرفهم، بل و نراهم... لكننا منعنا من،مناداتهم و البقاء في كنفهم .... لذا فلم يكن لنا طموح بالحصول على أب أو أم، بل كنا نطمح لأن نرى الإنسانية... الحنان.. العدالة... في تلك السنين كان لنا أن نعتاد فقط على هذا الجفاء.... لذا، أنا لا أعرف شعور من صدم والده بمثل صدمتك.. أنا أنصحك لألا تندمي...
رفع رأسه للأعلى متما:... لكن ، احذري... فوالدك بين أمرين، إما مجبور أو...

أتمت بجفاف ظاهر:...أو شيطان.

لاحظ هالة الحزن المخيمة: ما بك؟

رفعت حاجباها : و ماذا تفكر أني سأصنع بعد سماع قصتك؟... سأقهقه مثلا.
أرخى عينيه خلف خصلاته البنية: شكرا لمشاعرك، لكن الأمر لم يعد يهمني.

" ريو ، لو لم يكن الأمر مهما لما تحدثت عنه الآن..."
نهض متجها للباب: أنت على حق.
تبعته: ستذهب؟
أدار رأسه: بل أنتظرك لنذهب للشاب ذاك، لن أدعك تقابلينه وحدك.
خرجا من الباب معا واقفين أمام سور الدرج المطل على الأسفل....

ملامح خلت من أي تعبير و عينان خلت من أي مفاهيم جرته للقول: كوني على حذر كاوروا.

لم تجبه بشيئ بل حاولت إخفاء إرتعاش جسدها لمنظره....
منظر لم يكن سوى وقفته ببرود أمام نافذه مستندا جوارها بكوعه ، محولا ناظريه للحديقة الخارجية....و بيده كوب شاي أحمر يرتشفه بين ثوان...
لكن، أب بارد بعد رؤية وضعية ابنته... و بهذا الوجه المجرد من أي وصف... و عينان لاتعرف وجودها أو سرحانها...
ذاك كان جديدا على كاوروا. ...
تشجعت منادية: أبي..
نظر لريو الواقف جوارها مظهرا بسمة خفيفة: هل أقنعتها؟
قال ببرود الثلج مما جعل كاوروا تشعر بحرب باردة قد اجتاحتها: بل أقنعتني .
ترك مكانه بعد أن وضع كفه الأيسر على النافذة خاطيا نحوهما: يا للسخرية، كيف انقلب الأمر ضدك؟
تدخلت كاوروا: أسكب له فنجان شاي حتى أنتهي و أخرج .. لا تضايقه أيضا.

رفع كوبه لحظة : و ما الذي سأفعله برأيك؟. ... كلام رجال على الأغلب.

بصعوبة تحكم بملامحه : اذهبي كاوروا، سيتأخر الوقت.

عادت لغرفتها بعد تنبيه مجهول: حظا موفقا لك .

كان يظن أنه يعلم سر جملتها ، إلا أنه اكتشف شيئا آخر....



" ما الذي أتى بك؟"
" ألا ترحيب لي؟"
" حسنا، أدخلي.."
" بارد كعادتك..."
دخلت و خلعت حذائها جانبا و جلست على السجاد رامية حقيبتها: المكان نظيف، أي ريو ليس هنا؟

جلس على الأريكة يقابلها: ذهب لحل مشكلة صديق.

أمالت رأسها: اختصرت الجواب.

" قهوة... أم شاي؟"
" عصير إن كان لديك.."
قام من مقامه متجها للمطبخ: اجلسي على الأريكة... هذا أفضل لك.
ثوان ظهر بها يضع عصير جوافة على الطاولة : خذي.
كانت تتصفح الأوراق المتكدسة أمامها: يبدوا بحثكم طويلا.
جلس يسارها: شهر للتحقيق.
تركتها آخذة العصير.... انتبهت فقطبت حاجباها بإنزعاج طفولي: هيجي، تعرف أني لا أحب الجوافة.
"لكن لم يكن هناك سواه..."

أعادته مكانه متحدثة بما كان هدف مجيئها: حالتك عصيبة يارجل، معكر المزاج تماما.
" تظنين بفضل من...زوجك الموقر"
" لأجل إحظار ليندا؟!"
" أخبريني الصدق ؟... لم تأتي سوى لهذا الغرض"
" أردت محادثة أخي الصغير... لأي سبب... تعرف أن يوري لم يكن يعلم"
" أخبريه رجاء، ليكف عن مضايقتي..."
"أخبره!"
" الكل يعلم سواه أساسا..."
"هل أخبرت ريو و ألئك الثلاثة ؟. "
" فضولهم قادها لإخبارهم"
" ياه، حقا...!"
صمت...
" هل أنت منزعج أم سعيد لمجيئها؟.."
أشاح بوجهه عنها: منزعج؟
جرت وجهه ليواجهها: لم منزعج؟
" اتركيني"
" أجب...."
"أختي.."
شدت على ذقنه مبينة إصرارها....
" لأني أشعر بالسعادة... أنا غاضب من نفسي.."
"...هيجي، هذا الشعور ليس بيدك... بعيدا عن كل شيئ، هي صديقتك منذ فتحت عيناك على الدنيا... كيف لك أن لا تكون سعيدا؟.."
" أنت تعلمين كم أحترم العم يوكي... منذ كنا في الميتم هو من تكفل بنا.. و حتى بعد استقلالنا هو أول مساندينا.... أنا لا أريد الوقوف بوجهه.... لكني لا أستطيع مهما فعلت أن أتجاهل الفوضى التي بداخلي.. "
" اسمع، لقد جعلت ليندا تعاني أولا لقرارك الغريب عنها و قلبك حياتها الهنيئة معنا بعزلة عنا و مخافة غضب أبيها، و الآن تجعلها تعاني بجفائك و لسانك الحاد ...هل ترى هذا عدلا؟"
" و ما الذي أفعله لها؟"
ضربته بكوعها عله يستيقظ من أفكاره السلبية: ألا تعرف ليندا؟.... هي لن تخطوا خطوة تزعج أبيها... إذا، هو يعلم.. كن طبيعيا فقط.
" و هل تريني أستطيع أن أكون طبيعيا؟. .. طبيعتي معها هي وجودي الدائم قربها و هو محذور عمي. "
" جد حلا..هذه مشكلتك شخصيا"
" مزعجة.."
ضربته بإصبعها فوق جبينه: ألم ترتح لحديثك معي؟!
اكتفى بطيف ابتسامة جعلتها تظم عنقه بيديها: لقد نظجت صغيري.
حاول إبعادها عنه.... : اختقت ...أختي، ميواكوا أرجوك دعيني أتنفس .. ميواكو...



طرق مقترن بصوته الرجولي الحاني.. : هل تأذن لي بالدخول جوهرتي؟

ابتسمت بسماع صوته الذي يعيد لها الحياة دوما فتركت مقعدها الأخضر واقفة لتفتح الباب له : والدي الغالي، لم الإستئذان؟
دخل قائلا: هل حصلت الرقم؟
اتجهت لدفتر صغير أزرق اللون و بدأت بتقلب أوراقه.... : وجدته، تفضل.
أخذ الرقم: جيد، استعدي للغد ... و خذي إجازة، يجب أن تدليا بشهادتكما في المحكمة.
حكت مقدمة شعرها: أبي، إجازة من أول يوم... أي مدير سيقبل؟
قال و هو يخرج: سأتحدث مع يوري .



خرج و هو يحاول أن يقيم ظهره المعوج: والدك صعب المراس... لم يتوقف عن اللعب حتى نزلت، أنقذتني.

أخرجت ربطة شعر من حقيبتها و ربطته بشكل جانبي: أفهم، إنه لحوح و غريب في حبه للشطرنج.

حرك رقبته يمنة و يسرة ليستعيد مرونته: بل متيم بها.
خرجت من هذا الموضوع الممل لها: حسنا حسنا، قل لي الآن... كيف سنقنع ذاك المتاجر بقبولنا نعمل دون تعرضنا للقتل...

ابتسم ابتسامته الطفولية التي أظهرته كطفل في الحادية عشرة كالعادة: و ماذا سنقول؟...سنقول الحقيقة..

نظرت له بغباء: هل أنت بخير؟

لم يبالي بسؤالها: بالطبع... فهو لن يصدق قولنا أن العمل أعجبنا.

" أتحدث بجدية..."
" أنا لا أمزح... سنقول له حقيقة مخافتنا منه و من رؤسائه و أتباعه بعد رؤيتنا بما في الحقيبة ... لذا فنحن نفضل العمل معهم على الموت لمعرفتنا ما ليس لنا علاقة به."

قالت بإمتعاض: كنت تستطيع التوضيح بشكل مناسب.
استمر حديثهما حتى الوصول.... لحيث الخطر و المجهول....

كان المكان خاويا من الزبائن و صاحبه على وشك الإغلاق ....

" لا تتعجل، زبائنك لم تنتهي بعد..."
انتبه لصاحب الصوت الواقف خلفه: ألست أنا زبونكما... هل أتيتما لأخذ ثمن البضاعة؟
" تلك البضاعة المزجاة بالهروين لاتهمني قيمتها.."

أعاد فتح باب محله: أوه، السليطة الجميلة... لا يبدوا حديثكما قصيرا، أدخلا.

امتثلا بالدخول خلفه....

ليتصدر ريو الموقف بوجه ناضج : اسمع، منذ ذلك اليوم و أتباعك يزعجوننا بمراقبتهم، و لا أتصور أننا سنصل لمركز الشرطة سالمين لنبلغ عن تجارتكم الغير قانونية.

حاول أن يتفهم كلمات الممتثل أمامه: أتباعي!... أنا تابع و مراقب أيضا، حقا ... الرئيس يثير إعجابي كل يوم أكثر .

عاد ريو لنقطته: المهم، أنا و رفيقتي ننوي العمل معكم.

حد نظرته لهما: و ما الضمان أنها ليست خدعة؟
أرادت كاوروا دخول مناقشتهم إلا أن ريو رمقها بنظرة غاضبة أوقفتها و حمل عبئ الإجابة : أسوف توقف مراقبتنا إن عملنا معكم...لا، ذاك هو الضمان الذي تريد.

ابتسم بإستهزاء: أنت مفاوض جيد... تعجبني .

رد عليه بجفاف: و أنت تثير اشمئزازي.

نظر لكاوروا ليدخلها: سليطتي الجميلة، مابالك؟...منذ أتيت لم تتكلمي بحرف .

حاول كبت غيضه: لا شرف بملاسنتك.
خرج عن طوره الهادئ و المستفز: لم تعينك ناطقا رسميا.


حينها تحدث بلهجتها الهجومية: و أنت لست بمكانة تسمح لك بالحديث معي.
ضحك ريو ساخرا: أليست ضربتها أقوى؟....

نهضت خارجة: انتهى هدف مجيئنا، و القرار لرئيسك... اتصل بالبيت حتى تخبرني النتيجة.





في اليوم التالي...
و في إحدى محاكم البلدة....
بدأت تلك الجلسة التي كانت تهم نيك....
كان في المقدمة بجانب وكيله، و خلفه الشهود... ليندا و هاروكي....

بدأ صوت القاضي الجهوري بالتحدث:
المتهم فيونيسكي نيرما... العمر سبع و أربعون عاما.... مكان الولادة... كيوتو...
التهمة: قتل و مبادلة مخدرات.
لتبدأ الجلسة...
بدأ الوكيل، و الوكيل المدافع بعملهما... و ارتقى هيجي و ليندا منصة الشهود بالتدريج....
فهم هيجي من خلالها أمرا شغل ذهنه.... ذاك الرجل يتاجر عن طريق تبادل الحقائب... كما سمع من ريو ...
انتهت الجلسة تقريبا و بقي آخر دفاعية للمتهم عن نفسه...
صعد واقفا إلا أن كلماته لم تكن هي المتوقعة....
كان يحك أذنه بعشوائية و لامبالاة للوضع: لاشيئ لدي لقوله... قلت مالدي، لكن....
نظر لمن شهدوا ضده: أنتما كونا على حذر، فالرئيس لن يترككم براحة بعد أن تدخلتم بأموره .
نطق هيجي مستفسرا: من هو هذا المنعوت بالرئيس؟
حول منطقه للجدية: هل تظنني أعلم؟.... هو يتخبئ تحت ألف قناع و مرؤوس...

حدق الإثنان به بجدية و هو يتم:.. . و حتى أنا اللذي قلت كل ما أعرف سيتخلص مني اليوم أو الغد... لاتستهينا به.

قال القاضي متمالكا أعصابه: شهادتكما ضدك لا ضده.

ابتسم ابتسامة عريضة جرها للضحك بصوت عال : البضاعة التي وجدتموها بسبب شهادتهما خسرته الكثير... أنت تعرف بالطبع طن من الخدرات القيمة كم تساوي... أليس كذلك أيها الأب الخائف على ابنته؟

رفع صوته الغاضب للحراس: خذوه لزنزانته.

قال هيجي ناهضا: لا خوف بوجود والدك.

كانت لها من الشجاعة ما يبهر حيث نهضت قائلة : بالطبع.... ليس هناك ما يستدعي الخوف.

ابتعدت تاركة له ساحة التفكير...
(( هل لهذا الرجل علاقة بما يحدث لهما؟.... سأحدث العم يوكي لأتحدث مع هذا الرجل... و يجب أن أطلع ريو بالمستجدات...))

كل منهما واقف على حدة ينتظر السيد ميشيل... و ما أن خرجت من مكتبه حتى لاقى هيجي على الميمنة...و ابنته على الميسرة: ألازلت هنا؟

واجهه : عمي، أود منك أن تدعني ألاقي فيونيسكي.

مازال يرتب سترته التي ارتداها توا: مستحيل، لم تطلب هذا...؟

حاول إخفاء الهدف قدر الإمكان: للذي قاله... أظن أني سأنتزع منه،بعض المعلومات.
وضع يده فوق كتفه: تتوقع أنك أفضل من رجال الشرطة الذين استجوبوه.

نظرة واثقة و لسان لايهتز : أضمن ذلك.

تنهد مستسلما للعزم الذي يمتلكه: سأحاول... لكن ستكون معي.

استبشرت أساريره ليبتسم ممتنا... و بذهنه ألف سؤال يريد له جوابا....



صوت رنين الهاتف أوقضه منذ الفجر....فرفعه والعودة بادر بصوت نعس: هنا ريو... من معي؟...أه، هذا أنت عمي... لحظة....

مد يده ليهز الجسد الممتد: هيجي...

تمتم المعني: ماذا؟

هزه مرة أخرى: عمي يوكي يرغب بالحديث معك..
اعتلت صرخته و بدأ يفرك محط الألم بجبينه: خفف من سرعتك، كدت،تقتلني... اهدأ.
جر السماعة: أهلا عمي.... ماذا هناك؟..... ماذا تقصد بأنه مات؟... مستحيل، و الحراسة...




يتبع....





سظ،: ما الذي ينتظر هيجي و ليندا، و ريو و كاوروا؟

سظ¢: هل سيستطيع ريو و النفوذكاوروا في التجارة هذه؟
سظ£: هل سيعلم كل من هاروكي و إيريكا بالمصاعب التي تواجه أبويهما؟ و هل سيكون لهما دور بما يجري؟
س ظ¤: أجمل مقطع؟
سظ¥: انتقادات؟
أما رأيكم بالبارت معفيين عنه لأن البارت ليس بالمستوى المطلوب لكونه على عجل. ... المعذرة...


.



.


 
 توقيع : ورده المودة

















إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم

فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم



التعديل الأخير تم بواسطة جلنار | Gulnar ; 03-04-2020 الساعة 10:28 PM

قديم 03-04-2020, 07:32 PM   #12
ورده المودة
في جوار ربها ، اللهم ارحمها واغفر لها وتجاوز عنها


الصورة الرمزية ورده المودة
ورده المودة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 104
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 المشاركات : 221 [ + ]
 التقييم :  277
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة


.

















.






- 11 -
..... التهديد.. الطلب..المستحيل.....

صوت رنين الهاتف أوقضه منذ الفجر....فرفعه والعودة بادر بصوت نعس: هنا ريو... من معي؟...أه، هذا أنت عمي... لحظة....

مد يده ليهز الجسد الممتد: هيجي...

تمتم المعني: ماذا؟

هزه مرة أخرى: عمي يوكي يرغب بالحديث معك..
اعتلت صرخته و بدأ يفرك محط الألم بجبينه: خفف من سرعتك، كدت،تقتلني... اهدأ.
جر السماعة: أهلا عمي.... ماذا هناك؟..... ماذا تقصد بأنه مات؟... مستحيل، و الحراسة...
ارتجل من سريره و هو يتخبط بخطواته المنذهلة من الحدث الجلل...
سقط قبل أن يرفع نفسه قائلا : آت... حسنا، الآن.

رفع قميصا كحليا مجعد مرميا على الأرض ليمسكه ريو: ما الذي قاله عمي؟
كان يتحدث بغير توازن: ذلك الرجل قد مات، متسبب الحادث قتل في السجن.
أشار ريو للقميص: خذ غيره، هذا قميصي .
رماه أرضا لينهض رافعا قميص أبيض به بعض الخطوط السوداء..
و ارتدى بنطال رمادي فوق بيجامته البنية و هم بالخروج مهرولا ....
كانت الحيرة هي ماتبقت سكينة لدى الجالس بغرابة: قتل في السجن!...
عاد للنوم تاركا الخطب بتجاهل:...من الجيد أنه لم يأخذ قميصي... إنه المفضل لدي.





امتثل أمام القاضي في مكتبه الذي ضم معلمه السيد سايكوا و معاونه. ...
لا يعرف كيف وصل، لكنه يعرف أن ماحدث أمر جسيم الخطورة...
فالتذهب المعلومات المهمة التي أراد استنطاقه بها إلى الجحيم، فالآن... هو و ليندا و نيك معرضين لنهاية تكاد تكون حتمية...
فما تخطيط تلك العصابة، و ما هي التحركات التالية للتخلص من شهود حادث!
استرجع أنفاسه المختلطة بصوت مهتز: كيف حصل ذلك؟!
كان السيد سايكوا يجول يمنة و يسرة، و يده تحت ذقنه يجيب بصوت عال: لقد وجد في زنزانته مقتولا، برصاصة في الرأس .
صرخ السيد ميشيل ضاربا طاولة مكتبه بيديه المقبوضتين: تبا لهم، كيف استطاعوا اختراق المكان .

هدأت أنفاسه المتسارعة و جلس على مقعد جانبي: نحن مخترقون منذ فترة.
جملة كفيلة بخطف الأنفاس، فسايكوا ثبت عينيه بتلميذه الذي يحاول كبت الفوضى بداخله: نعم!

بدأ بسرد استنتاجه الأولي: هو مراقب منذ البداية، و كانت عصابته تستهدفه كما قال... و عدم دفاعه عن نفسه و حديثه ذاك... كان اعترافا صريحا و خيطا للتحقيق عنهم... هو كان محقا، فهم فعلوا ما أشار إليه.

بدأ سايكوا بالتفكير عاليا: لكن من يستطيع إختراقنا دون أن ننتبه له، هذا الأمر محال تقريبا.

هاروكي: ليس إذا كان...
قاطعه عمه:... المحامي.

بانت دهشة على ملامحه الصارمة: هي، المحامي..!... تمزحان.

تدخل المعاون نوي: لا، الأمر يبدوا منطقيا ... هو يستطيع مراقبته، و يستطيع الدخول عليه بسهولة...

سايكو: لحظة، لكن صوت الطلقة...
هاروكي مسرعا بالإجابة: و ماعمل كاتم الصوت إذا؟

توجه سايكوا لهاتف المكتب : لنتأكد.

السيد ميشيل : ماذا تفعل؟

سايكو: أتصل لذاك المحامي.

المعاون نوي: و بما سيساعد هذا؟... سينكر بالتأكيد، و لا دليل يدل عليه...
هاروكي: تلك العصابة، وصلت بجرأتها بتحدي الشرطة...كأنها تقول _أمسكوا بي_...

قال سايكوا: الرقم مشغول...
نهض المعاون نوي خارجا: سأخبر شيوكي بالإتصال به حتى يرفع...

سايكوا: بل أرسل أحدا لشقته..
أشار بالطوع بضربه قدمه على الأرض احتراما لسيده..ثم خرج....

أمسك السيد ميشيل برأسه الذي بدأ به صداع شديد: يبدوا هاروكي محقا، ذاك الفيونيسكي أشار بالبنان لنقطة مهمة، هم لن يتركوا دليلا يدل عليهم...

أتم سايكوا: هذا يعني أن محامي فيونيسكي... سيقتل .

و هذا ما تبين بعد ساعة و نيف، فقد وجد مقتولا بحبل شنق يرفعه ، و كرسي خشبي يوحي بالإنتحار.... و مع دقة البحث في مسرح الجريمة فلا دليل عكس ذلك....و من المتيقن، أن ذلك عكس الحقيقة المحظة...





توتر ...حالة نفسية تصيبك عند الإرتباك، المصاعب، الحيرة...
على ورقة الإمتحان!
فكيف بإمتحان لغة شفوي...
إيريكا و ليندا يتبادلان النظرات خلسة..

و كاوروا تبدوا عديمة الإهتمام...

أما هاروكي... فالحصة ملكه....

بدأت الشفاة تتحرك مشاركة بتلك المناقشة التي احتوت موضوعا غريبا...
هل الأماني المستحيلة تتحقق؟!
أو بتلك اللغة الأخرى. .
Are the impossible wishes Materialize?

تعددت الأجوبة و كثرت الطرق...
فما هي الأمنية المستحيلة؟
- hard to do...
-صعبة العمل...
-what u can't imagine it's Materialize...
ما لا تستطيع تصور تحققه...-
- what is out of ur power..
ما هو خارج عن قدرتك...-

اعتلت الأصوات القليلة المجيدة و المنفعلة مع الموضوع...
هناك من وضح و علل، و هناك من أتى بمثال من حياته..
أما لدى قسم انزوى بصمت ... لأنهم لم يفهموا شيئا!

إيريكا تخط و ترسم فوق طاولتها لتمضي بعض الوقت، و ترفع عينيها نحو الحدث الذي لم تتصوره.....
ليندا تنظر لأصابع الطلاب و تكتفي بإجابات خفيفة و والدتها تكاد تقفز من الإنفعال في هذا الموضوع الذي لا تفهم منه شيئا....
((أليست ليندا المميزة بدراستها؟!... لغة أمي مدهشة... !... لحظة أمي، إنك تحرجيني بوقفتك الهزلية... خففي من انفعالك رجاء...))

تنهدت بيأس في نفسها.. (( لم أنا محرجة..!))

أما هاروكي، فهو يكاد يضاهي المعلم بمعرفته الجمة... و كلماته تنبئ عن تجربة في الحياة، علمته الكثير...:
-I believe that every person can do what he wish...
And some times, the days protect u from ur irrational wishes, as if wish to die...
But u should be so honest, believer, and intention to Materialize ur impossible wishes...
الترجمة:
-أنا أعتقد أن كل شخص يستطيع فعل ما يتمناه... و بعض الأحيان ، الأيام تحميك من أمانيك الغير معقولة، كأن تتمنى الموت...لكن يجب أن تكون صادقا بالفعل، معتقد، و لديك العزيمة لتحقيق أمانيك المستحيلة...


صمت برهة ثم قال:
-That's my idea teacher...
الترجمة:
-ذلك هو رأيي أستاذ..
لم يستطع الأستاذ منع يديه من التصفيق لبيان مدى إعجابه...
و ذلك،جر الطلاب جلهم للتصفيق أيضا مجاراة لمعلمهم...

كان من المعلوم أنه أبلى حسنا ....

توقف الأستاذ عن تحريك قدميه في الفصل و رفع نفسه على الطاولة بادئا بنقل ما بجعبته:
-Excellent Haroki,... ok, if we wanna be express, The wish is a natural reaction... to get what u want...it can be sth, somebody, or a special event.... and the strange thing is, the mind work hardly to Materialize ur wishes, as an example...when u wish to see freind , u see him in a dream....
الترجمة:
- أحسنت هاروكي، إن كنا نريد التدقيق، فالأمنية هي ردة فعل طبيعية.... لكسب ما تريد...قد يكون ذلك شيئ، شخص، أو حدث معين...و الشيئ الغريب هو، أن العقل يعمل بجهد كي يحقق أمانيك...كمثال، عندما تتمنى رؤية صديق، تراه في الحلم....

كلماته كانت تدخل الصميم... و كأنه يحلل ما يجري..و يوضح ما يبهم....
تدرج بحديثه المغذى بالمعلومات...
و حينها، لم يستطع هاروكي تجاهل حرف مما يسمع، فتلك الحروف قد تكون سبيل النجاة...

توقف الأستاذ عن ما يطرح و وجه سؤالا ...:

What is ur impossible wishes?
الترجمة:
ماهي أمانيكم المستحيلة؟

كل أجاب حسب رغباته ... و عندما أشير بالبنان لإيريكا... وقفت صنما يحرك شفتيه:
It is... shout... football...

كانت تستجمع كل كلمة تستطيع إنقاذها..
لكن كثرة البحث هذه ..زادت الطين بلة..
لأن معنى كلماتها المتقطعة كانت..
- إنه...صراخ...كرة القدم...
سمعت ضحكات من حولها فاحمرت خجلا جالسة مكانها... لم يكن داع لإيقاف الأستاذ لها بعد هذا الإحراج...

و عندها سئل صديقها ليجيب:
To express my feeling for my girlfriend....

هذه كانت النكتة الثانية لتعلوا الضحكات... فصراحته كانت لطيفة حين قال..:
_أن أبين شعوري لصديقتي..

عندها حاول الأستاذ ايقاف قهقهته ناطقا بلغتهم الأم و كأنه خارج السيطرة: تستطيع مصادقتي...
ابتسم هاروكي مستفسرا بفضول: و ماذا حصل معك أستاذ؟

حك الأستاذ ذقنه بسبابته متحيرا بالإجابة: حسنا... كانت تلك الفتاة معي في المدرسة و لم أستطع البوح لها بشيء سوى قبل أربع سنوات...

فتح أكثر الطلاب فمهم دهشة، و النسبة الأقل حاولوا بصعوبة كبت ضحكاتهم...

أما هاروكي، فقد شعر بحالة يأس من نفسه أكثر: إذا ، لم تتزوجا سوى من أربع أعوام!
ابتسم طرف المباحثة ابتسامة خفيفة: و من أتى بسيرة الزواج!

أطلق هاروكي صرخة تعجب: هييييه!!!

قال الأستاذ: إنها تملك ابنة في التاسعة ذلك الوقت..

انحنت الأحداث تأسفية لحاله... و الطلاب ينظرون لمعلمهم بأسف على،مافاتته من سعادة...

و هاروكي أصبح و كأنه بحالة عزاء ، و آلت الآمور لمصابه...

تدخلت إيريكا بما فهمته الآن و بعقلها ألف استهزاء و خطط: هاروكي ، هل أستطيع مساعدتك بذلك؟

وجه الأستاذ نظره لها و اتجه لهاروكي رابتا على كتفه: نفس الموقف ... حصل لي معها، و نفس الكلمات تلقيتها...
سقط البعض من كثرة ما ضحك هستيريا الآن..

فنكس هاروكي رأسه بيأس...
فتلك كانت الضربة القاضية..!




تتبعه بخطوات غيداء مرحة، و لسانها يكرر أسئلتها الملحة...: هاروكي، أخبرني...أخبرني، أرجوك.... من التي سرقت قلب صديقي... صدقني، سأقنعها... هاروكي، قل لي من هي؟... الحمقاء التي تخشى الإعتراف لها...
تنهد و هو يبعد وجهها المرح من قرب وجهه: ما الحمقاء سواك؟

لم تتوقف عن العبث يمنة و يسرة ، و هو يضبط أعصابه: هاروكي، أنوي مساعدتك يا لئيم.

جلس في زاوية منعزلة و معه صندوق طعامه: اتركي عنكي هذا الأمر...

لكنها قالت بترجي: هاروكي...

لم يضعف و لم تهزه كلماتها بل كانت سبب عناده، فهي لا تشعر بشيئ و لا تفهم شيئ يقودها للإنزعاج من دخول إمرأة في حياته!

انحنت جالسة يساره و هي تحاول استدراج الكلمات... لكنه فاجأها بقوله ببرود: إيريكا، أظن أني حصلت على بوابة عودتنا لزمننا دون التفرقة بين والديك؟....

قالت بهدوء داخلها : بوابة العودة!..كيف؟

فتح صندوق طعامه و بدأ بالأكل: أتذكرين حديث المعلم؟
شعرت بالبلاهة و وضح هذا عليها: لم أفقه شيئا مما قال، هل تسخر مني؟!

وضح مقصوده: لقد قال أن العقل يحاول بجهد تحقيق أمنياتنا، و طبعا بشروطها... و كلها كانت متوفرة بك و بي حين تمنينا المجيئ هنا...

استفسرت بإختصار: أي..؟
أسمعها ما يعكس هدفها: يجب أن تغيري فكرتك من أعماق قلبك و تتمني العودة بشكل يجبر عقلك على الإستجابة لها.

امتعضت و قالت : أصعب ما تطلبه...

جر خصلات من شعرها، و لو كان بوده لجره كله ليعود عقلها...هذا إن كان لها عقل: اعقلي يافتاة... نحن سجناء بزمن غير زمننا ، كل شيئ به لا يمتنا بصلة...
أبعدت يده عنها: حتى لو قلت باللسان، فأنا لا أستطيع إقناع نفسي لتكون أمنيتي صادقة...

زفر بغيظ: تتعبين نفسك و تتعبيني، فكري في العودة فقط... و بما تريد أمك إخبارك به، حتى أنك لم تعطهم فرصة الإيضاح و التبرير...

ابتلعت هواء تخفف به انفعالها: اووووه...اووووه، حسنا آسفة... لأني تمنيت و تحققت أمنيتي، لكن هل أنت واثق؟

رفع عصا الطعام ليدخل لقمة في فمها: لا، لكنه أفضل تفسير منطقي سمعته.

حاولت مضغ اللقمة المباغتة التي اقتحمت فهما....

قال هاروكي و ابتسامته تعترض طريقها:
اغلقي فمك، و اتركي عقلك يعمل قليلا..علنا نعود لمنازلنا.

قالت له بعد أن أنهت أكل ما بفمها: لحظة... بما أنك تعرف هذا، لم لا تتمنى العودة و تعود... سيكون أسهل و أريح للبال...جرب.

كلماتها كانت تظهر نبرة استهزاء بمقولته، لكنه حك طرف شعره الخلفي: حسنا، أظن تغيير أمنيتي مستحيل تماما...

عندها ظهر صوت الحشائش التي عن يمينها فتمسكت بذراعه مضطربة: ماذا هناك؟!

حاول تهدئة روعها: لاشيئ مهم صدقيني، قط أو كلب ...
أتته نوبة خبث ليتم:... و ربما فأر.
صرخت بقوة متمسكة به و هو يضحك ليقاطعها صوت رجولي لطيف: مرحبا بكما، أيها المخبوءان بسرية...أو لنقل، يامنتقلون عبر الزمن...!

نشف ريقهما و عينيهما جمدت عن الرمش حتى...: منذ متى و أنت هنا؟
هذا ما سألته إيريكا..
فانحنى جالسا نصف جلسة أمامهما: أعتقد منذ كان يقنعك بالتخلي عن أمنيتك لتعودا لزمنكما...

اصطنعت البلاهة: كنا نتحدث عن فلم نشاهده.
رمى جسده في وسطهما: و أصدق!... لقد فهمت الحقيقة ياشقيان...
حدقت بؤبؤتيه بهاروكي المضطرب: يبدوا أني لم أكن كما تريد صديقي .
رفع يديه لنفي ماسمع: ليس كما تظن نيك، أنت صديق رائع... بل أخي الذي لم أحصل عليه....
انقلبت ملامح نيك المرتاحة لملامح تحمل معان عميقه لا يفهمها إلا هو...
بلع ريقه المجتمع في عنقه و أغلق عينيه ليهدأ....
توترت إيريكا : نيك، هل أنت بخير؟
قال الآخر و هو يمسح بيده فوق وجهه يتحسس حالته: هل عاد الألم؟
فتح عينيه نحوه و قال بهمس مسموع: بل تذكرت أنك كأخي الذي فقدت...
توقفت يده مكانها ليرفعها عنه بعد ثوان من صدمته: تملك أخا..!
ترك وضعه ليخرج دفتره و قلمه: ذهب مع والدي... كان أكبر مني بعام.
قالت إيريكا مواسية: آسفة...
بدأ بوضع عنوانه الجديد : و الآن، من أي زمن أتيتما؟..و لم؟

يبدوا أن نيك قد صنع مقدمة لاستجواب صديقه الذي تلبك بالحديث...: حس.حس...سنا، سأخبرك...لكن..
أكملت عنه إيريكا: أن لا تخبر أحدا.
أومأ بالإيجاب ليشرحا له ما يريد....

كتب العجب الذي سمع بدفتره ثم أشار لهما بقلمه المعهود: إذا ، أنتما هنا لتمنعا كاوروا و ريو من الزواج... !
قال هاروكي بضجر و استياء : أنا مرافق لها لا غير.
ضرب جبهته بالقلم ضاحكا: هذا جنون فتى ليتبع فتاة.

لكنه بدأ باستكشاف حل لهذه المعظلة: كل ما تحتاجينه إيريكا هو تغيير رأيك، أو تحقيق أمنيتك... لكن، كما أفهم إيريكا... الخيار الأول أقل ضررا .

أومأت بالإيجاب بصمت....

فقال هو: إذا دعي الأيام تريك ما يجب أن تفعليه... عندها افعلي الأفضل.

أسلوبه الحاني و كلماته الهادئة كانت لها وقعا أخذتها لباب الشكر منه لنصيحته ...
فنهضت مرتاحة البال مسترخية الحال: سأنضم لليندا و كاوروا.

ابتعدت ليقول نيك بسخرية مبطنة: لا تستطيع التخلي عنها إذا..

تذكر جملته التي حملت المعنى ذاته: أصمت، لا تقل لي أنك ستستغل ما علمت ضدي..
قال بمكر: من يدري... كل له جانب شرير.

ثم ضحك عند رؤيته غضب هاروكي: الآن فقط أعلم سر شبهك بهيجي... و أخيرا علمت نهاية قصة ألئك المغفلان...

ابتسم هاروكي : أبي سينادي جدي بأبي قريبا، هذا إن لم يتغير شيئ بمجيئنا.

كانت كلماته تخرج طبيعيا حين قال ما هز هاروكي: و هل سأكون موجودا ذلك الحين...
بدأ بالتدوين ثانية:... لا أظن.

انكبت هاروكي و حاول إدراك الموقف: لم أقابلك و لم أسمع عنك الكثير، فيوري و ميواكوا سيكونان في أمركا مثلا...و جد إيريكا لا أعلم عنه شيئا البته...بإختصار، كل سيفترق عن الآخر، و أنت أيضا...

نظر له نيك ببرود: هل ترى تغير وجهك...يدل على شيئ واحد، أني سأكون في مقبرة...

لم يتمالك إخفاء غبنته: لست أنت فقط، بل هناك غيرك....مثلا، أمي...

توسعت عيناه بصدمة: ليندا..كيف؟

اكتفى بالحقيقة دون زيادة: ستموت حين ولادتها بي.

"أظن، أن من يجب أن يفصل بين والديه هو أنت.. "

هذه الجملة التي قادت يده لمسح دموع اجتمعت في عينيه: فكرت بهذا... لكن تغيير الأيام ليس شيئا يقودك للأفضل..فربما يحدث الأسوء.... مثلا ، أنا الآن في عرضة رؤيتكما تموتان.

رفع نيك يمناه لينزل رأس هيجي على كتفه : الموت يلاحق الجميع، و أنا ألاحق هدفا لموتي عوض المرض... كليندا التي وهبتك الحياة..

ارتفعت كف هاروكي لكف نيك البيضاء المواسية: أنت سيئ في التهدئة....نيك.






جالستان تحت الشجرة المعتادة بشرود أخرج حواسهما عن الإستجابة تقريبا... فكل.. تفكر بمصيبة حاطت أيامها، فليندا تفكر بما سيجري بعد مقتل فيونيسكي و اختراق مركز الشرطة و السجن ... رغم أن نتيجة التحقيقات لم تصلها بعد...

و كاوروا تفكر بكيف ستكون أيامها القادمة، فهل ستسطيع الإيقاع بمن سبب لها كل هذه المعاناة بمعونة ريو...
فمهما كان فإن ذاك هو كل ماتبقى لها بعد ممات أمها قبل عامين...

سمعت خشخشة إثر خطوات على العشب الأخضر..: مابكما سارحتين؟... هل تفكران بمعشوقيكما؟...

ابتسمتا بإستخفاف لها... و قالت ليندا بمرح هاربة من مخاوفها: ومن كانت تلاحق صديقها منذ قليل..

جلست بقربهما متنهدة بضجر: و مع ملاحقتي له لم يخبرني شيئا، فقط أثار غضبي و نعتني بالحمقاء...

كانت كلماتها تستفز أعصاب كاوروا التي جرتها من ياقتها تعض على شفتيها: و هو محق.... كل الخليقة فهمت أنها أنت سواك..

لم تستوعب شيئا بل أظهرت على ملامحها البلاهة...
قالت ليندا مع ضحكة خفيفة: إنه متيم بك أنت إيريكا...

أشارت بسبابتها لنفسها غير مدركة لما سمعته :...أنا!

رمتها كاوروا بعد إتمام هدف إبلاغها: إنه واضح للغاية ... لكن عقلك المختل لا يفهم ...

اتخذت بصمتها طريق التفكير...




كثرت الأخطاء بهذا اليوم ، و بانت اعتراضات الزبائن بهذا المكان ذو الهالات المتشنجة....
فكاوروا التي تسكب العصير كل ربع ساعة، كلما لاحظت عيني هاروكي المصوبة نحوها....
و ليندا التي تعيد طبخ الطبق اربع أو خمس مرات لإخفاقها...
و الهالة السوداء التي تحيط بهيجي منذ الصباح...
و دعونا نختزل الكلمات بالإفصاح عن شيئ واحد...

العمل كان فضيعا لأبعد الحدود....
فبين براثين الأحداث، قد حبست هذه العائلة....
و يبدوا أن الأيام سرت بظلمها لطفل لاذنب له...


فذا هو طالب الكلية العسكرية توجه للزقاق المسدود كعادته يستهدف الحديث معها حول ما يخططانه، إلا أنه تفاجأ بوجه شاحب يواجهه بحيرة: ما بك؟

أسرعت بخطواتها القصيرة نحوه: نيكولاس، لم يأت نيكولاس..!

دقق النظر حوله ليرى صدق مقولتها: ربما لن يأت اليوم... لا تخشي عليه.. إسأليه غدا عن سبب تغيبه.

كلماته لم تكن مقنعة أو مهدئة كما يجب: إن وجبته الوحيدة هي ما أعطيه له ، فكيف يغيب عن وجبته!

لم يكترث كثيرا بل توجه نحوها: عدم مجيئه له سبب وجيه، ركزي الآن على وضعنا...
تكتفت بذراعيها: إني أخاف السبب الوجيه الذي قلته...
أردفت بعد أن أبعدته جزئيا عن أفكارها:... و ماذا سنفعل برأيك؟... ننتظر اتصالهم...
...................................
غير هيجي مسيره اليومي ليكون مع ليندا و نيك من المتجهين لمنزل السيد جاك...

فالأمر يعنيهم و الخطر يحويهم...

اتخذ الجميع منحنى الصمت فقط...
ليس لأجل ظروف ليندا و هيجي، إنما يشغلهم سوء ماحدث... و هذا الصمت هو كبت مخاوفهم المقلقة..

بعد فترة ليست بالوجيزة توقفت أقدامهم أمام باب مكتوب على جانبه _ يوكي جاك_...
تقدمت ليندا و هما يتبعانها، فتحت الباب كما العادة: لقد عدت.

توجهت والدتها ترحب بهم... هرعت تعتنق ابنا لم تلده عناقا حارا لا يستطيع سوى مبادلتها العناق... فهو قد افتقدها بلا شك....

أفصحت عن شوقها اللامتناهي بلسانها: لا تعرف كم اشتقت لك بني... أجحفت بحقي بعدم مجيئك... حقا، أربيك لتصبح عاقا.

ابتسم بدفء بشكل جعل نيك يفتح فمه بصدمة...

مد يده ليضعها فوق وجنة المرأة التي تقابله بحنانها الذي ناله منذ طفولته بذلك الميتم: آسف عمتي، لديك حق العتاب و لا عذر لدي..

ابتعدت عنه و جعلت دموع الفرح هي المتحدثة مشيرة لهم بالدخول...

ونيك حاول أن يقتل فضوله سائلا ليندا الغير مكترثة: ليندا، هل هذا الثلج كان بهذا اللطف من قبل؟!

توقفت لحظة تستعيد مانسيته أو ما تناسته: الثلج يذوب تحت رعاية الشمس الدافئة... هناك شخصان هو أمامهما بحلته، أمي و ميواكو..

تركته ذاهبة خلفهم ليتبعهم بتسائلات أكبر، فبالرغم من دخوله بينهم إلا أنه لم يكن بوقت يسمح لأي منهم بالحديث عن نفسه....

اتخذ كل مكانا للجلوس و المناقشة المصيرية التي تحمل الكثير، ذهبت والدة ليندا لإحظار شيئا لهم...

بينما القاضي أخد دفة الحديث: حسنا، أظن أن الجميع يعلم سبب هذه الجلسة...

صمت الكل منتظرا للكلام المهم الذي بدأه سايكوا: لقد وجدنا فيونيسكي بالفجر مقتولا بزنزانته بطلقة في الرأس... و رأينا محاميه ميتا بوجهة انتحار في شقته السكنية قرب الساعة العاشرة... و كل شيئ متقن، فلا أثر بصمات و لا أثر سوى ماحصلناه في شقة المحامي...

قاطعه هيجي:... ما كان؟

أجابه المساعد نوي الجالس جواره: اسم مخاط على خرقة ...

ضيق نيك عينيه ببلاهة: و هل هذا يدلنا على شيئ؟

توجه سايكوا بتبيين النقطة المهمة: إن الخرقة هي من نوع القماش الذي يسخدم في أعمال السجناء و يحمل بصمات كلا من فيونيسكي و محاميه، و يبدوا أن الذي خاط الإسم هو فيونيسكي...

قالت ليندا: و ما الإسم؟

نظر لها مجيبا: العفريت ناوكي.
شهقت شهقة صامتة شدت هيجي للسؤال: هل هو اسم مألوف؟

أما نيك فقد ركز نظره لصاحب الكلمة سايكوا دون أن يقول شيئا...

أشارت بالنفي : لا... اسم مشابه لأحدهم فقط.
و كما أرادت أن ترمي فقط ترك موقفها بلحظات دون أي أثر ....

وضعت فناجين القهوة و بعض العصيرات و المشروبات الغازية و البسكويت : اتركوا مجال التحقيق لمكانه، خذوا قسطا من الراحة.

تشكر منها الجميع و أخذوا مايناسب سليقتهم و أتموا الحديث بمشاركتها....

يوكي.. والد ليندا: و الآن يجب علينا البحث عن هذا العفريت المسمى ناوكي...ذلك الرجل لم يخبرنا شيئا عنه...

عندها توجهت والدة ليندا لإبنتها: أليس هذا إسم والد صديقتك؟
أجابت أمها: أجل، و هذا ما أثار استغرابي، تشابه أسماء بغير محله.

لم يظهر هيجي أي رد فعل و لم يتحدث بشيئ البته... لكن أفكاره توسعت آفاقها....
فإن القرائن تدل على أن دائرة الخطر ذاته قد وقع بها صديقه، و قد تكون تلك الفتاة أوقعته بفخ لامفرص منه...




وقف ليطرق الباب بملل من ملاقاته، فهو يظمن تقريبا أن تقابلهم لا يعدوا على خير و دون مشاداة... و لا أعصاب لديه بتاتا....

دقائق و هو يطرق دون أن يتلقى ردا ، فتنهد ليعود أدراجه إلا أن الباب المجاور انفتح ليخرج منه المعني: ماذا هناك هيجي؟... هل كنت تبحث عني؟..
أجابه بغيظ مكتوم: نيك يريدك أن تذهب لمنزله.
أظهر التعجب مما لم يتوقعه: نيك؟!.. حسنا.

مشى هيجي خطواته نازلا ليسمع من شبيهه: منظرك الواقف تنتظر جوابي كان لقطة الموسم، للأسف لم تكن لدي كاميرا لتصويرك .

استغرب جواب والده الغير مهتم و هو يبتعد: جيد، اليوم لك .
لم يستطع هاروكي الوقوف مكانه دون أن يتبعه: أبي ، ما المشكلة؟
كلمة منفعلة خرجت دون أن يقدر على إعادتها لمنفذها... لكن هذا ماجره لسماع الجواب الغريب الثاني دون ملاحظة شيئ: مشاكل سطحية، سوف تحل قريبا.. لا تكترث ...
صمت و هو ينظر له نظرات لاهدف لها سوى القلق و شيئ عميق يجهله: ... و أنصحك أن تبتعد عني .


حتى لم يكن بمقدوره رد أنفاسه، ظل متيبسا يستوعب وظعية والده المنهدة... إنه حقا لا يعرف ما الذي قد يجعل والده بهذا الهدوء الدال على ضعفه....
دعه يعود مزعجا...





مصادفته لفتاة ذات شعر نيلي بعمر الرابعة أو الخامسة عشرة ربيعا لم تكن متوقعه... فمن يستطيع هذا المقطوع من شجرة أن يلتقي...؟!

كانت تحادث نيك بأريحية و مرح شقي و هي تضع بعض الورود بلون الأرجوان التي جلبتها في مزهرية زرقاء : هذه لليوم.. غدا سأجلب وردة الكاميليا....

ابتسم ساخرا من خلفها، و كان من الواضح تعلقه بها: روز... لقد أصبح بيتي، بيت لإعتناء الورود... تبقى قلب السقف زجاجيا...

رفعت وردة نحوه: الورود تشعرني بالحياة و التفائل...
أخذ الوردة ليضعها بين خصلاتها التي لا تتعدى عنقها: تفائلك يبهجني حقا، لذا فأنت و الوردة سيان ...

أشار هاروكي لها: من هذه؟

ربت على رأسها القصير: ابنة عمي...
أكملت الأخرى لتترك الطابع الذي تهرب منه نيك أن يستقر بهاروكي: و مخطوبته....
حملت بؤبؤتيه الكحليتان بريقا للأسى الذي شعر به: تشرفت بمعرفتك...
(( ربما لم يستطع إخبارها..))
قال نيك بمرح يقطع رزانته ليخرج الكآبة من صديقه: و قد التصقنا لأجل شركة...

ضمت شفتها بطفولية: ما تقصد أننا التصقنا... ؟
حاول تهدئتها كطفلة لتستشيظ غضبا: لا تفهميني خطأ صغيرتي، لقد أردت أن أفهمه أننا سنرث شركة العائلة مستقبلا...

تركته بعد أن أشاحت بوجهها لتجلس على أريكة بلون فضي: أنت لئيم... سأمنعك من الورد لأسبوع.
ضحك بخفة: سماع هذا مريح ...

ضربت الأرض بكلتا قدميها: و لن آتي أبدا..
قال بإستهزاء:لا روز، هذا كثير.

قالت بإمتعاض: اغرب عن وجهي.

ابتعدت خطواته حقا: حسنا، هاروكي اجلس... لحظات و سآتي.
توجه هاروكي للأرائك جالسا بجانب روز واضعا قدميه على الطاولة التي أمامه: لا تجلب شيئا، انا فقط أتيت لأعرف ماتريد مني.

أجابه نيك: إنما أتيت لتلبية الدعوة.

أراد هاروكي ردعه لكن خطوات نيك ذهبت حيث ترغب...

نظرت روز لجليسها: أنت مستغرب!
فهم أن ظنه كان خاطئا: نوعا ما...
قالت له ببرود أخذ مكان ذاك المرح و الطفولية: والدينا فرضا أمر الخطوبة هذه منذ العام الفائت...
وجهت ناظرها لحيث اتجه خاطبها: و منذ عرف عن مرضه و هو يأمرني بتركه، عديم القلب... هو لا يعلم شئيا عن أثر ما يقول... بقائي بجانبه هو لأجلي لاغير...و يتصرف كأن هذه آخر لحظات حياته..أف منه .

كلمات تنبع بصدق يحرق هاروكي ... خاصة و هو يتخيل مدى ألم نيك...
و في النهاية لم يشأ أن تكون صورة صديقه كشيئ لا مشاعر له...
أمسك بتلك الوردة التي تخللت شعرها: لا أستطيع تخيل عديم قلب يشبه فتاته بوردة جميلة كهذه... من الواضح أنه يهتم لأمرك.

ساد الصمت حتى سمع صوت تنحنح الآتي ساخرا: هاروكي أبعد يدك...
ضحك هاروكي مبتعدا: صدقني كنت أمتدحك.

اكتفت روز ببسمة رضا لنيك و نهضت لتآخذ منه ما أتى به....

مضى الوقت سريعا بالنسبة لهم و هم يتحدثون عن مواضيع مختلفة، حتى قطع نيك سرور روز: عزيزتي، وقت العودة.

رمت عليه علبة مناديل ورقية : تطردني لتكمل جلسة خاصة....ها.
قال و هو جالس على طبيعته يبتسم تلك الإبتسامة المقنعة: روز، دقائق ووالدك يتصل راميا كلماته الصارخة علي.

نهضت متجهة نحوه: حسنا، يبدوا أنك تحتاج التخلص مني اليوم..أسامحك على شرط، أن توصلني غدا للمدرسة.

نهض هو الآخر ليشيعها لباب منزله: رشوة جيدة، مظطر لقبولها.
أمالت رأسها بإنتصار: أراك غدا.
عرضت ابتسامة ودية على شفتيه: نامي جيدا دون عد الساعات.

رفعت يدها مقبوضه ليبادلها الحركة فيضربان قبضة الآخر قائلين: تصبح/ي على خير.
بينت روز ملامح قلق نسبي: انتبه لنفسك نيك، حقا لا أعلم لم...لكني أشعر بالسوء...غدا صباحا يجب أن تكون أمام منزلي...أتفهم؟

أغمض نيك جفنيه ليسترخي قليلا ثم أمسك معصمها ليخرج معها تاركين هاروكي واعيا لخصوصية هذا الحديث....

روز بتعجب من موقف نيك: ماذا هناك؟
أسندها بالحائط مواجها لها: روز، لا تدعي نفسك حبيسة حياة لافائدة منها.... لاتفكري بي و لا تقلقي علي...

قطبت حاجبيها : تريد إعادة هذه الكلمات التافهة، ما شأنك إن أردت التضحية بسعادتي.
شد علي يديه المسندتان جانبيها و سمح لدموع فراغ بالسيلان: أنا لست شخصا يستطيع التخلي عنك ،لو كانت الأيام تسمح لي بالعيش أكثر لرسختها لك...
أعطت لنفسها فرصة الجواب:أيها الغبي... مادمت تتنفس الآن فرسخ حياتك لإسعادي كما تدعي،مضت أيام عديدة و أنت لاتزال واقفا بجانبي......
تنهدت قبل تكمل إخراج ما بداخلها: لقد عشنا سويا بالفعل، و قبل هذه الخطوبة الرسمية أيضا، لذا أنا لست نادمة على قراري...أنا أريد أن تشعرني بأهمية وجودي لا أن تطالب كل يومين بمفارقتك... أنا أفضل أن أكون أرملتك.....

طفح الكيل ... لا مجال للكبت أكثر...
ليس لمن ترى وجوده سعادتها حتى و لو أيام معدودة....
ليس لمن تتخلى عن الواقع لأجل بقاءها بجانبه...
ليس لتلك التي تقف أمام عائلتها، أيامها، مجتمعها للبقاء قربه...
رفع يدها و قبلها قبل أن يبسطها فوق وجنته لتنشف قطرات دموعه: ضربتك هذه المرة قاضية ... كل يوم تجعلين إبعادك أصعب، لكن الآن... جعلته مستحيلا....
ترك يدها و وجهها لعنقه يخرج شيئا: احتفظي بها.

أقبضت يدها على ما وهبها: مازلت تتصرف كالفتيات، قلادة بشكل قلب!
مد يده: أعيديها، لا تستحقين عطيتي...
شدت عليها مبعدة يدها: الهدية لا ترد...إنها ملكي الآن.
باغتها بما لم تنتظر....
"روز أنا أعشقك..."





دخل على صديقه الذي وضح عليه التعمق في التفكير... بكل شيء...
فهاروكي بدأ يفكر بما يحصل لوالده، و الرابط بين ذهابه معهما لجده، و الآن دعوة نيك... فمن المؤكد أن نيك لم يدعوه لقضاء الوقت....

قطع شروده: لنذهب.
توجه للمتحدث: أين؟
قال له: لحيث أستطيع رؤية الحقيقة...
نهض هاروكي مستعدا: لا أعرف عما تتحدث...لكني على جمر لمعرفة ما يجري حول....




يتبع...




س: هل توقعتم أن يعلم نيك بعودة هاروكي و إيريكا عبر الزمن؟

س: هل لإختفاء نيكولاس رابطة بما يحدث أم أنه حادث عرضي؟
س: ماهو المكان الذي يعنيه نيك، و هل يعلم شيئا لا يعلمه غيره؟
س: هل سيظهر كل شيئ للجميع قريبا؟
س: هل نهاية نيك سعيدة أم حزينة؟
س: رأيكم بالبارت؟
ملاحظة: بدأت أفقد حماسي حقا...


.



.


 
 توقيع : ورده المودة

















إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم

فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم



التعديل الأخير تم بواسطة جلنار | Gulnar ; 03-04-2020 الساعة 10:30 PM

قديم 03-04-2020, 07:32 PM   #13
ورده المودة
في جوار ربها ، اللهم ارحمها واغفر لها وتجاوز عنها


الصورة الرمزية ورده المودة
ورده المودة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 104
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 المشاركات : 221 [ + ]
 التقييم :  277
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة


.

















.







- 12 -

....
... القلب يحقد ، الروح تحترق، العقل يعمل ........

ص
قاطع هاروكي الأجواء هاروضا كفيه بشدة حتى انغرست بباطنها: لا أهتم لكل ما تقولون...أنا أريد شيئا واحدا...
الإنتقام لنيك!

شهقت إيريكا و لم تجرأ على إبداء معارضتها الجلية له و هو بقمة غضبه....
فكيف له التدخل بهذا الماضي اللعين، ماضي بدأ يفوح براحة الشؤم....
و اختلطت سماؤه بنبض الموت...

أما هيجي فقد أعجبته هذه الجملة الجريئة فابتسم له: هذا ما يجب عليه أن تكون.

......................... .............

زادت من سرعة خطواتها علها تصل لمستوى خطواته الخفيفة المتصاعدة و حاولت ايقافه بكلماتها المستنكرة: ما الذي يجري لك هاروكي؟... لم تتجاهلني و تعاملني بهذه الحدة و كأني من قتله....

استوقف كلماتها توجهه نحوها كما أرادت...

لكن عينيه لم تكن تحمل سوى التوعد الذي دل قلبها للتشاؤم: ماذا إذن؟، بسبب أمنيتك الغبية جررتني لهذا المكان لأكون سبب موته... لو لم اكن هنا لما دافع عني... ربما قد رأى طفله الآتي على الأقل.... أنت و تلك الكاوروا و جدك تسببتم بمقتله... تفهمين؟!

ابتلع ريقه عندما لاحظ تلئلئ بؤبؤتيها منذرة بتساقط الدموع و أتم بصوت أخفظه ببرود: لو لم تكوني عزيزة علي لكنت أفكر بالإنتقام منك أيضا... لذا، رجاء إبتعدي عني هذه الفترة... أحتاج بعدك ....

لم تتمالك نفسها و استأنفت تذرف سيلا من الدموع المحترقة جراء ماسمعته منه و هي تخرج ما تراكم بقلبها: تبا لهذا الزمن و لحوادثه... تبا للأماني السخيفة.... تبا لي هاروكي...

حاولت الإمساك بذراعه مترجية إلا أن عينيه الحادتان جرتها للتراجع فجلست على ركبتيها تتحدث بهذيان بين شهقاتها: دعنا نعود هاروكي... دعنا نعود و نترك هذا المكان ... دعنا نعود و أحترق بشجار والدي.... دعنا نتمنى العودة و نجرب، ستكون الأمور بخير عندها... أليس كذلك؟... ذلك سيهدئك... أخبرني أنك موافق هاروكي....قل أنك ستعود...

قاطعها دون أي تأثر بها و بحالها بعدما انحنى أمامها: أنت... عودي لوحدك، لا أبالي بالزمان و المكان، و لا بحزن أو فرح....

وجه كفه نحو ذقنها ليوجه وجهها الهابط يأسا و تعاسة له لترى إيريكا جمودا لم تألفه في عينيه:.... لن أتزحزح قبل أن أنتقم و يبرد غليلي...
تمتمت بهمس خوفا و جسدها بدأ يرتعش هلعا من هذا الغريب الذي انتحل جسد صديقها: هاروكي...!

قطب حاجبيه بحدة: لاتنادني... ليس قبل أن أنتقم لكل قطرة دم سالت منه... و ليس قبل أن أنتقم لكل أنة علت من ثناياه...و لكل كحة صاحبتها تقطعات حديثه... و كل حرف ودعني بها... و لشوقه لروز و لصرخاتها...آهاتها... خسارة عمرها، هي عزيزة نيك،و زوجته و أم طفله و تتعذب في كل آناتها الآن... يجب أن أنتقم بيدي لما حصل... بعدها قد يكون لكي مناداتي يا ابنة العصابة....

نهض تاركا يدها ترفع لتغطي شفتيها محاولة قطع نوبة شهقاتها... و لتسيطر على صرخاتها.... لآلام دهر أبعد العز عنها و أراها خزي الذي بين يدي عاشقها.....من تراه جل آناتها...

..........................................

جسده الممتد يرتعش بشدة و يديه تلتمان و كأنهما تضمان شيئا غاليا و لسانه يتحرك بهمهمات لاتفهم و قطرات باردة نزلت من تحت جفنيه....
فتح مجاوره صاحب الملامح الرجولية عينيه ليرى حالة ابنه فنهض متخوفا ينادي بإسمه: هاروكي...هاروكي... بني أتسمعني؟.... يبدوا أنه يرى كابوسا...
تلمس يديه و جبينه ليلقاهما بحرارة الشمس فجأة... !

نطق عندها: حرارته مرتفعة كثيرا.

نهض ليأتي بكمادات قد تنفع لحالته، و هو غافل بل جاهل بتلك العينين اللتان ترقبانه....
وجه نظره للساعة فوق الطاولة ليرى أنها الثالثة و النصف فجرا..!
يالبطء الساعات هنا!...
تنهد و اتجه نحو جسده الملقى على السرير و عرف سبب وضعه الغريب.... فهو يحتظن قميصه المدمى بدم الغالي...

سمع صوت خطوات أبيه المقتربة ثم شعر ببرودة تلك الكمادة التي علت جبينه... رنت كلمات والده بأذنه ثانية مناديا: هاروكي... هاروكي....
شعر بتيبس و صداع لايقاوم بينما جسده الممتد استجاب لمناداة والده بتحرك طفيف و همس بإسمه: أبي...مات نيك.

صعق لسماعه نفسه يتحدث مع والده بينما هو أصبح كالمجسمة دون حراك... فكأنما الزمان يختار أحدهما ليكون واقعه....
(( ما الذي يجري؟!...))
أما ما صعقه لدرجة أوقضته كلمات أبيه: هل عرف نيك و مقتله؟... من أخبره عنه..؟

بدأ يلهث مستعيدا أنفاسه محدقا لعالمه الصغير و الفوضى العارمة التي تصنعها...
(( مقتل...! هل مات مقتولا من قبل؟!..لحظة، كان يتكلم عن مرضه الذي أودى به فقط...هذا يعني...ذاكرة أبي تغيرت!.. ))

..................................

كان الإقتراب من تلك البوابة ليس بالسهل بعد طيلة هذا الغياب، بدأ يحلق عائدا بذكرياته ثانية كما العادة التي اتخذها بهذه الأيام...
جرت ليندا قميصه لينتبه لها: ماذا؟
أشارت بصمت دون ترحيب لزاوية البوابة الخارجية: لها عدة أيام تأتي لإنتظارك.

خطى مبتعدا عنها صابا اهتمامه بتلك الواقفة وقفة الإنكسار مستندة على الحائط خلفها: صباح الخير، هل كنت تودين لقائي؟

شدت على حقيبتها الفيروزية التي علت كتفها: أجل، لي حديث معك.
أرخى عينيه و أمسك كفها متحركا: تعالي إذا....

تحاملت إيريكا على نفسها بإلقاء التحية على ليندا بينما عينيها تتبع هاروكي و روز: صباح الخير ليندا.
أجابتها بدورها: صباح الخير.... هل تشاجرتما؟
اتخذت الصمت يجيب لتتنهد ليندا : منذ موت نيك تغيرت طباعه... أتمنى أن تكون فترة عابرة.

أعادت إيريكا كلمات هاروكي فأجابت: ليس بسهولة...
كانت كلماته هي ما أعلمتها بحقيقة هذا الوضع المرير، فهي لم تكن تعلم بزواج نيك بتاتا سوى من كلماته المحترة...

تدخلت كاوروا بترحيب عالي الصوت كعادتها اليومية: مرحبا..

.....................................

استند متأوها : هذا مكان نيك المفضل.
بسماعها هذه الجملة بدأت تشق على رأتيها طريق الزفير و الشهيق لتتنفس الهواء الذي استنشقه عزيزها....

شدت بيديها على العشب حتى تقطع بعظه بين أناملها ، ثم بدأت عظمة لسانها بإطلاق صوتها الذي لازال مغبونا و مبحوحا لكثرة البكاء: لقد اعترف لي نيك بتوقه للحياة أكثر... بجانبي ، و لينتظر طفلي المقبل أيضا....
خصلاته أخفت ملامحه المبهمة لها : آسف لما حصل، كان بسببي.

أشارت بالنفي برأسها : لا تقل هذا ، هذه هي مخافة نيك... لقد قال أنه المسؤول بذهابه هناك و كاد أن يودي بحياتك...

قبضت كفها المرتفعة بجانب صدرها المختنق: لقد نوى للحظة أن يتركك لكنه لم يستطع.

رفعت رأسها ناحيته: لقد كان فرحا أنه تغلب على رغبته بالحياة بالإنسانية، فما فائدة حياته إن كانت سبب ممات إنسانيته.... لقد قال أنه اكتفى بما حصل... حياة لأجلي و موت لأجلك... كان سعيدا و مبتسما حين قال هذا....

اعتدل هاروكي رافعا شعره للخلف: هذه حقا قد تكون كلماته المجنونة.

ساد الصمت بالتفكير حتى قال هاروكي: كيف الوضع مع والديك؟
أجابته بنوع من التفاؤل: الحزن ثم الحزن، لكنهم بدأوا يحاولون التحمل بعد سماعهم خبر حملي... فهو بقية عائلته و كل ماترك قبل رحيله.

ابتسم بحزن لها: تتحدثين مثله... فتعيدين لي ذكراه جالسا مكانك يحدثني.

هطلت دموعها و هي تنظر نحوه: و رؤيتك تعيد ذكرى موته...

لم يتمالك نفسه أكثر... بعدما حاول اتخاذ الصلابة أمامها مزقت نياط قلبه فبدأ يجاريها البكاء بهدوء بينما هي بدأت تشم الأرض التي حملت أقرب ما كان لها و تركت عنان كلماتها الحارة على قلب هاروكي تخرج بالتوالي: لم يكن عدلا... نيك لم يكن عدلا، هل كنت ستتحمل حزني أيها الغبي؟.... كيف تطلب السماح لشيء كهذا.... كيف لي أن أسامحك.... تتركني لترتاح أنت.....

تحدثت و تحدثت حتى انهارت قواها و خارت.... فأمسكها هاروكي مهدئا: اهدئي روز... اهدئي... نيك لا يرتاح لفراقك أبدا... لقد تشنج لتفكيره بذلك فقط...

تستعيد أنفاسها بصعوبة و تحاول قطع سيل لؤلؤاتها التي تأبى التوقف: ما كان عليه تركي أنعيه هكذا الآن إذا؟

شدها و قربها نحوه : لاتنسي أنهم سرقوه الحياة و هو لم يشأ ذلك و لم يتمناه... كان يتوق للعودة إليك و هم سلبوا منه كل لحظاته دون رحمة.... و عليها سيدفعون الثمن، أعدك...

سقطتت يديها متهالكة بين يديه و بدأت بالحديث بهدوء: عدني أنني سأرى جثة قاتله...
أومأ الإيجاب بحزم: أعدك.
ابتسمت بين ملامح الحزن التي تسري في عروقها: المهم أن لاتموت آثار إنسانية زوجي أيضا.

عض على شفتيه: أعدك بذلك أيضا.
حاولت الجلوس بتثاقل : ماذا كان يفعل هنا؟
تألم مستحظرا نيك أمامه يتحدث بنضج و بيده قلم و دفتر ليتذكر وصيته و كلماته: يكتب....

أغمضت عينيها مستسلمة للنوم في كنفه ، تاركة بصمة التأييد لمخططاته...
فذاك الدفتر به أهم لحظات حياة نيك، التي إن صدق ظنه ستأخذه لحيث قاتله....

............................

التحقيقات مازالت جارية و الآثار لازالت خافية... فذا الميناء خاو من أقل أثر على وجود أحد... و معاملات المخدرات قد توقفت!

و دفتر السيد سايكوا ازدحم بذهاب و مجيئ لكل من له علاقة بهذا الملف...
و أهمهم من تفرغ للمجيئ توا.....

نهض سايكوا نحوه بادئا توبيخه: الآن تأتي.... ! لا الكلية و لا المركز، تركت الحياة بحلوها و مرها لغيرك....

أجابه بملامح خالية التعابير: آسف سيدي... لم أكن بوضع يسمح لي بالمجيئ...
تأفف عائدا لطاولته التي بدأ يحوم حولها: و أين الآخر؟
أجابه: واقف بالخارج مع نوي.
اكتفى بالأمر بجملة: لتدخله.
أجاب جسده دون اللسان و ثوان كليهما تحت حدود التأنيب: أنتما... تسمون نفسيكما شرطيين...؟!...أخبراني...

أجابه ذو الوجه الطفولي متهربا: لا، فنحن طلابك لغاية الآن...
صرخ بوجهه: أصمت ريو... أنا جدي و أتحدث معكما بجدية، من يختار هذا الطريق يجب أن يكون تجلده كالصخر... لا أن يتوقف عن العمل أسبوع.... فرصة لهروب قاتل صديقكما يابلهاء.... لقد جعلتما موت نيك دون جزاء و لم تكافحا لإمساك المجرم...

ترك هيجي لحظات التعمق قائلا: اليوم سيدي ستنطلق سفينة محملة بالبضائع المشبوهة من حدودنا متجهة لشيكاغوا...

قطع صرامته بإبتسامة لم تنزل من هيبته شيئا: إذا تحركتما.
حول ريو ملامحه لما تناسب موقفه: ببركة مساعدة أحدهم سيدي... و قد خاطرت بنفسي و بها بمجيئي...لكن لا خيار، فالمجرم يحاول الهرب اليوم...

"معلوماتكما دقيقة...و هل تعلمان أننا حصلنا على قاتل نيك؟"

فتح ريو فمه مدهوشا و أبدى هيجي استغرابه و تلهفه : و متى؟
سايكوا بلحن غامض: بالأمس وجد مقتولا غرقا بذات الميناء...!

لم يستطع ريو إمساك كلماته عن الخروج: ما الذي تفوهت به الآن؟
رمقه سايكوا بنظرة أربكته: آسف، لم أقصد...
رفع سايكوا جسده ليستقر جالسا فوق طاولته: أريد تقريرا عن ماتوصلتم له و عن كل تحركاتكم المتهورة ...

هيجي: ماتوصلتم له أيضا...
رفع سايكوا حاجبه بإعجاب له: مبتز!... لا بأس، في الأساس نيك كان تحت المراقبة لحمايته، و لكن فقد الشرطي الموكل بحراسته أثره لدى الميناء، لذا لم يستطع سوى كشف نفسه عله يعرف ما يحدث بعد سماعه تلك الضوضاء.... لكنه لم يستطع سوى إبعادهم عن هاروكي بعد ما أصاب نيك... و يبدوا أن لدى نيك معاومات عديدة لكن للأسف...

توقف ليؤيده ريو: أخبرنا هاروكي أن نيك سمع إسم ناوكي هناك...
هيجي بغيظ: لكن من المستحيل أن اسمه سيعاد في تلك المنطقة بأسرها بعد ما جرى....
اخترق المكان يوكي : عقدتم اجتماعا دوني...
سايكوا: لا تنس أنك الآن لست سوى أب شاهدة... ملفك أغلق و دورك الأساسي انتهى ...
"ماذا قلت؟..."
تدخل هيجي بجملة أعادت الأجواء لمجراها: يجب أن نركز على التحقيق في أمور اليوم... بعد البحث أكثر عن ناوكي ميشيل.

سايكوا: هل لديكم فكرة؟
ريو ببسمة نصر مشيرا لنفسه: بل لدينا عمل... أرجوا مراقبتي عن بعد فأنا قد اخترقت العصابة...

ضيق يوكي عينيه الثاقبة متطلعا نحو ماسمع: لأول مرة أرى لك حركة مفيدة...
ضحك سايكوا بخفة: كنت أود قولها ...
ضرب على الأرض منزعجا: لو كان هيجي لهاجمتموه ببوابل المدح و الثناء و أنا أتلقى السخرية...ليس عدلا.

هيجي محاولا إغاضته أكثر : و هل ارتابتك نوبة حسد ياصديقي؟... لك تعليمي الخاص منذ الليلة...
ابتسم الآخر ساخرا: الليلة سأكون بأهم تطبيق عملي لتجاربي...
سايكوا: لذا يجب أن تستعد و تخبر من ساعدك أيضا، فغياب أحدكما سيثير الشك.
وجه هيجي اهتمامه للتدقيق في ملامح صديقه المتغيرة: هل تفهم ريو؟
رفع بؤبؤته جانبا نحو المتحدث: تعريضها للخطر المجهول ليس ما أطمح له...
يوكي: فتاة إذا، ذلك يعيق بالفعل.
سايكوا: لكن لاخيار أمامنا.

..................................

وقفة الشابين كانت ملفتة خاصة بتلك الملامح الصارمة التي تدخل الرهبة في قلب كل ناظر لهم....

رفع أحدهما سبابته مشيرا لهم بالتقدم نحوهما ، و رأى استجابة أجسادهم لتلك الإشارة...: لنذهب.
أين؟...""
أجاب استفسارها الآخر: لمنزل أختي...
ليندا شاكة لغرابة الوضع: لم هناك بالضبط؟
حدق هاروكي بهما: لتضليل الحقيقة.
هيجي: دعونا نذهب الآن، فالوقت يسابقنا...

فهم الجميع السبب لغŒخفغŒ، فذاک هو المکان البعغŒد عن الشبهات... و الرقابة...

...............................

قفز واقفا و فرائصة ترتعد ارتعاد غضب ، و بعينيه احمرارا غطى بياضها: مستحيل، لا يجب أن يحصل هذا؟... يجب أن أقتله أنا...بيدي..!
أجلسه يوكي بوضعه يده على كتفه: اهدأ بني...ما حصل قد حصل، و نحن لم نكن نسمح لك بقتله....

أكمل العقيد مشبكا يديه بشكل يتوسط رجليه المتباعدتان: أحلامك طارت بعيدا يافتى...
وضع ريو كفه المقبوضة تحت كفه تاركا كلماته تخرج براحة لتهاجم هاروكي المشتعل: انتقامك ينتهي بقتل من مد السلاح!...مضحك.

جملة لم يتوقع سماع ردها بهمجية بلسانه المسرع: إخرس أنت، تتكلم لأنك لاتفهم...لأنك لاتستطيع تخيل صديقك مضرج الدماء بين يديك...
حول وجهه نحو البارد بغموض كالعادة ليخرج سهما لا يرد: ليت هذا يحصل لأحدكما لتفهما حرارة النار التي تكويني...

صدى ارتفع و صمت حل و حمرة فوق الخد اسقرت بعجل... لأول مرة تقابله تلك العينان بشرر متطاير و يد همت بالصفع، ليعي و قد وعى لأثر كلمته بعد أن تهاوت كلماته المدمجة بالحزن و الوجع، و الخوف من فقد غال و فزع: كررها لأحفر قبرك.

صدق من قال اتق غضب الحليم إذا غضب، فذا هو والده قد فاجأه بما لم يتوقع أحد...

أطبق برأسه منحنيا للجلوس: آسف، أنا لا أريد ذلك صدقا...يكفي ما ألم بي لأراه بعزيز ثانية..

ترددت أنفاسه المعتلية و عينه تطرف دون تحكم منه و يده مازالت ترتجف ممسكا لها بصعوبة و كأنها ستهدم سقفا فوق هذا الذي يقابله...
تدخل غير متوقع جعل قلبه يدق بأقوى ما يتصور حتى وصل صوت نبضه لأذنه، كل هذا ليد أحكمت كفها على كفه المرتعشة: اهدأ هيجي... هو ليس على مايرام، راع مشاعره.

نظر لها بجمود خاو من تأثر لكن يده بسطت لتعلن استعداده لإستيعاب جملة أخته المؤنبة بحدة و تقطيب جبين: هيجي، لاضيف يهان في منزلي...فهمت؟

أدار جسده خارجا ليترك كل شيئ لتستفسر منه: أين!
اكتفى بتجاهل صوتها لتتبعه ليندا بدورها: سأعيده الآن.
تنهد سايكوا بإنزعاج: جلستنا باتت عاطفية بشكل زائد عن اللزوم.

كان يلبس حذاءه الأبيض الرياضي حين وصلت له: هيجي ما الذي تفعله؟
" أخرج"
أزعجها ما رأت منه فوقفت تجواجهه قاطعة كل الحدود التي قيدتها الظروف: تهرب..؟
رفع حاجبه مدققا بحروفها دون اكتراث جدي: بالضبط...أترك الساحة التي بدت تخنقني.
دفعته حتى ألصقته بالحائط خلفه: هيجي يهرب... هل تريد مني أن أصدق أنك ضعفت أمام هذا الموقف.... هيجي الذي عرفته لم ينحني أمام عقبات تهد الجبال، كيف لك أن تسمح لنفسك بالتوقف الآن ..؟

أنزل يدها ببطء : هذا الموقف... بكل سهولة!.... هو عاشر نيك شهرا و يتصرف كأنه عاش معه الدهر... نحن أيضا جلسنا معه بل أكثر منه، تبا له.... يتمنى لي أن أشعر بحزنه على حساب من عرفت الدنيا بجانبه...هل أبدوا متلبد الشعور لينطق بتلك الكلمات... كانت كالسهم الذي اخترقني و للآن و لطيلة الدهر سينزف...
جعل قبضته تستقر يمناه :... هل ارتحت، سمعتي مالدي...اتركيني فقط.

" هل هذا كل شيئ؟..."
كانت تعرف عن خباياه التي تراكمت و مصاعبه التي تصاعدت ، لذا حاولت أن تستغل ثغرة ضعفه و قد أفلحت....

أحنى رأسه ليجعله يلامس كتفها و بدأ بالحديث: أشعر بالتعب، الألم، الضياع ... موت نيك، وضع ريو، الخطر المحدق بك و في النهاية انهيار ذاك الهاروكي... حزنه و كلماته تقطعني و تزيدني هما فوق هم... أشعر و كأن ظهري سينقصم و فؤادي يتقطع ... من هو حتى يجرني للجنون ليندا... من هو حتى يهد ركني ... هل تفهمين و تشعرين بما أشعر؟
رفعت كفها لتبسطها فوق رأسه و هي تشعر بقطرات باردة داخلت بينهما : أظن..أشعر.

............ ..................................

انتهت كلمات متصدر الجلسة ليدخل هيجي مع ليندا بصمت..: هل خططتما لما ستفعلونه؟
رفع ريو هاتفا محمولا من أول طراز رؤي له: سأكون على اتصال بهذا و مراقب أيضا... و عليه ستتبعوني حتى أصل لناوكي الذي سيتحرك بشخصه الليلة...
و بعدها ستضيقون النطاق و تحاصروهم و تبدأ الإشتباكات ربما... و كاوروا ستكون التمثيلية التي ستجعلهم يصدقون نيتنا معهم...

ابتسمت مقتربة من صديقتها المنعزلة : اتمنى لك حظا موفقا...رغم قلقي.
ردت لها مارأت بوجه شاحب: أتمنى أن نستطيع القضاء عليهم.

تنحنح سايكوا لافتا الأنظار له: على كل، الوضع خطر جدا للجميع لذا لا تفترقوا بتاتا.
نهضت ميواكو و هي تمسك ظهرها: تعبت الجلوس حقا، ما رأيكن فتيات أن نذهب للمشي قليلا...

غمزت لهن بطيبة: ... و لنخرج من هذا الوضع الكئيب.
كان هذا فرصة إيريكا للتنفس براحة من قيود عيني هاروكي المسلطتان عليها و من شعور الكبت الذي يداهمها فعرضت شفتاها قائلة بمرح: فكرة... لا شيئ لنفعله الآن .

جرت ليندا كاوروا للنهوض: و لتحظى فتاتنا ببعض الترفيه.
ريو بملل: متفائلات .
اتجهت ليندا نحو والدها الذي ينظر لهن بحنية: هل ترغب أن أجلب لك شيء أبي؟
أومأ لها بالسلب: لاشيئ، كن حذرات و مترقبات... و لو بودي لما خرجتن تحت هذا الظرف.
اتجهت لحركاتها العفوية لريو و هيجي صديقي طفولتها: ريو..؟
خلخل خصلاته الشقراء بأنامله المرهقة: كولا...

ميواكوا: ثلاجة بيت أختك تحويه عزيزي، انهض خطوات و احصل عليه بالمجان.
أومأت ليندا للأخير: و أنت هيجي؟
وسع نطاق نظرته لعمه، فرأى هدوء ملامحه رمز راحة له: لاشيئ...سلامتك.

نهض سايكوا خارجا: يجب علي العودة أيضا، هناك الكثير لليلة... على ما أرى.
أيده يوكي رافعا يده ليساعده سايكوا على الوقوف: سأساعدك.

بقي الثلاثة يلعنون لحظة وحدتهم الآن...
بدأها هاروكي بإعتذار: أعتذر عن كلماتي الجارحة .

أشاح هيجي برأسه رافعا صحيفة اليوم من الطاولة التي تقابله، و أخذ ريو على عاتقه تهدئة الوضع...: الكل يعلم مدى صعوبة ظروفك و لا تلام، لكنك تناسيت الجميع فعلا... هيجي و أنا، كاوروا التي تتعذب لوحدها للقبض على أبيها و كذا إيريكا... لا أعرف بم تفكر، لكن نيك لن يلقي لوم ماحصل على أحد لاعليك و لا على غيرك... لتعرف أنه كان زميلنا و شريك لحظاتنا في المدرسة و لو لم يرسب لعرضه المرضي لكان بكلية الأدب الآن و ما التقى بك... لقد عشنا معه حياته من مرضه، زواجه ، مقتل والديه و متاليا أخيه جين..و كل شيئ ... فنحن أحق بالحزن عليه و الغضب منك... و الآن انتقامك يجب أن يحقق هدفه و يرمي قاتله بحبل النهاية ...
اكتفى بالإيماء إيجابا ثم أخرج من جيبه ذاك الدفتر الصغير ليبدأ قراءته.....
إلا أن صرخة مألوفة جرته يتبع صديقه ريو خارجا بسرعة....
........................................

رفعها موجها وجهها نحوه و هو يضرب وجهها بكفيه: كاوروا....كاوروا...ما الذي يجري هنا؟!
بدأ هيجي يلم حاجيات تلك الحقيبة الرصاصية التي أهداها لليندا بآخر عيد ميلاد حضره: يبدوا أنهن اختطفن.
ضرب جبينه بخفة ضربات متوالية: كأنه يتحدى إنقاذهن...!
رفع ريو تلك الفتاة التي اتخذت الرمال فراشا و نهض عائدا بها لمنزل يوري: هيجي، اتصل للمعلم... قد ازدادت الأمور صعوبة!
........................................

ضمت رجليها بذراعيها الممتدتين و باتت تلعن نفسها و تلعن كل نفس يخرج متواليا مع آهاتها.... و يدين مواسية أحاطتها بكلمات مفعمة بمعاني الصدق: كاوروا ليس لك يد في ما حصل، المشاكل كلها ارتكزت على جر هذا الإختطاف.

رفعت عينيها اليائستين من معاني اللحظات التي تقضيها: ريو، لقد قال أن أبي سينتظر ذهابي لاستعادتهن... و قال أن نيكولاس يبلغني سلامه،إذا هو يعلم بكل شيئ.
ترتبت الأفكار ليصل لنتيجة واحدة...
«لقد تلاعب بهم...كما الدمية»

عض على شفتيه حتى كادت تشق: إذا نيكولاس بين يديه أيضا!.... ذاك السافل يريد إستدراجك كاوروا ...لن أسمح له.

تدخل هاروكي : من نيكولاس؟
أجابه ريو بإختصار لهذا الجواب الدخيل: طفل نلتقيه يوميا بجانب المطعم.
دخل هيجي و بيده كأسا شفافا تتحرك به موجات المياه ليقدمها لكاوروا التي أخذته بيديها تستشعر برودته.....
ثم جلس مستندا مشبكا كفيه بتفكير و حيرة...: السيد سايكوا طلب حظورنا... لمنزل عمي فهو هناك.
انتفضت كاوروا للحظة ... فهي ليست على استعداد لمواجهة عائلة ليندا و لا لمجابهة شعورها بالذنب لشيئ حطمها قبلهم....


................................................

طرقات هزت الحي حتى علت اعتراضات الجيران لصداه المزعج: اصمتوا جميعا....
فتح الباب البني ليدخل صافعا به متحدثا بإنفعال : ماذا جرى لميواكو؟
أجابته المرأة المتوترة من تصرفه: أنا مثلك لا أعلم الكثير.

اقتحم المجلس الذي حوى داعيه و مخبريه بما أفجعه حتى أتى فزعا تاركا عمله: ما الذي يجري؟... لم اختطفوها...
شزر يوكي و أبدى غيضه من تصرف هذا الشاب: ليست زوجتك فقط من اختطفت، ابنتي أيضا...فخذ مكانك و دعنا نتوصل لحل.

خصلتاته الخضراء تطايرت من حركاته اللاواعية: أجلس!.... إن أصاب زوجتي أي مكروه فلن أسامحكم...

خطى الواقف بزاوية له: اعتمد على الشرطة يا سيد... ستفعل ما بيدها لتعود زوجتك سالمة.
رفع نوي من ياقته متخليا عن كل سماته المألوفة: هذه الكلمات الخاوية من العمل لا تفيدني... أريدها الليلة معي.
اتجه ريو نحوه لينزل نوي من براثن يدي يوري: كلنا غاضبون... و نفكر بطريق سلامتها .
هيجي يشرب من فنجان قهوته: كن أكثر صلابة يوري.
ضحك عليه ريو بخفة و سخرية: أليس هذا الفنجان العشرون...
قطع اصطناعه المرح:... أنت مثله.

عاد ريو لمكانه بعدما أقنع يوري بالجلوس و رمق كاوروا بنظرة مطمئنة....
سايكوا: كل حين يجن جنون أحدكم... و الفكرة الأساسية تطير.
يوكي: و ما نفعل بعدما عرفنا أن كل حركاتنا مكشوفة...بل يدعون هذه الفتاة لاستلام صديقاتها!

نطق ريو ما جعل جليسته تشد يدها على بنطاله: أنا سأذهب و أحاول المماطلة ، و أكتشف سبب اختطاف الأطفال أيضا...

نوي: هل أنت مستعد للمخاطرة بنفسك في هذه اللعبة؟
ابتسم بجرأة مستهزئا بما سمعه: أتم الإستعداد...
نظرت له كاوروا نظرة قلق و استنكار: ليس وحدك.
شد على أناملها المرتعبة: بل وحدي... هاقد كشفنا و لا داعي لذهابك لعدم الشك... لاحاجة لإدخالك بهذا... سأكون بخير .

نظرت بأمل تسترجي العقيد الذي يقابلها جالسا جلسة اقتدار: سيدي، من الأفضل أن أذهب...أليس كذلك؟

نظر للشاب تارة و لها أخرى: الآن تغيرت الظروف، هو يحاول الحصول عليك لسبب أجهله... قد يريد بك سوءا لخيانتك له و الإيشاء به... هو سيكون كافيا للماطلة.
أظهرت الإنزعاج و أبدت إنفعالها: لا، سأذهب ... يجب أن أساعد ليندا و إيريكا و أنقذ ميواكوا...
أشار نوي بسبابته لريو: هو لن يفعل شيئ سوى مناقشة أبيك... نحن لا نظمن سلامتك، و لا نثق بقدرتك على إنهاء مساعدتك للقبض عليه.... لاتنسي أنه والدك...

أتم هاروكي بإستفزاز واضح: ... و أنت من صلبه...
قطبت جبينها رافعة حاجبيها بإستنكار نحو ريو: أتهزؤون بي؟

ترك كلماته اللطيفة جانبا ليحدثها بصرامة رجل: إبقي بعيدا عن الموضوع، سويعات و ستعدن صديقاتك.

رفعت قبضتيها ضاربة صدره ضربات عدة لم تحركه ساكنا: إفهم ريو.... لايجب أن تذهب وحدك... ألئك الوغاد قد...
قطعت كلماتها تجمع الدموع لبطيربت فوق رأسها المحني: أتفهم شعورك، لكن يجب أن تثقي بي.

وازنت نفسها حتى نهضت: سأذهب لأغسل وجهي، قد أهدأ قليلا...
ابتعدت،دون أن تعطيه فرصة التعليق على فعلها ليلاحظ يوري ملامح شكه بشك: ريو، هل تظن أنها صادقة بتغيير تصرفها فجأة...؟
تصرفه بالنهوض و الخروج من الغرفة كان جوابا بحد ذاته...
و كان محقا حيث أنها توجهت للمخرج فورا، تاركة مخططاتهم خلفها...
جرها من ذراعها نحوه: مالذي تفعلينه؟

رمقته بنظرة حقد : أتركني.
"مستحيل، لن تذهبي لأي مكان"
وضعت يدها الطليقة عند خصرها:تعاملني و كأني أعرف مكانه الآن؟
أجابها بلحنه الجدي: بل لم أنس أن من سيأخذنا له هو ذاك الوقح صاحب محل الإلكترونيات...
جرت يدها من بين أنامل كفه: إسمع، أنا حرة في ما أفعل، ضعه بحساب خيانتي لكم و الذهاب لإبلاغه عن حقيقة الخطر المحدق به...
بدا ساخرا بكلماته: حقا، و كأنه لايعلم...
تحول لما كان من غضب: أنت لست حرة باللعب بحياتك.

حاولت تنبيهه لهدفها ثانية: و كأنك لا تتلاعب بها، أنا لاطاقة لي بتحمل القلق عليك أنت أيضا.

اشتعلت عينيه حمرة حتى قام بما جمدها... تقدم،خطوة واثقة صارمة جعلتها تخطوا خطوتين للخلف ترهبا حتى ألصقتها بالجدار خلفها محنيا رأسه بجانب كتفها تحت ذهول منها و بدأ بهمس ما وسع حدقتيها: لن أسامحك لو وضعت قدمك خارج هذا المكان...تفهمين؟

خطوات مقترب منهما جعلته يبتعد قائلا: احرص على سلامتها نوي.
أنهى حروفه و خرج هو بدلا عنها لتلك الوجهة، تاركا وقع ظربات نبضاتها يفهمها غرابة تصرفه...
ها هو ذهب معلنا تفاديه بنفسه أمام والدها هي...لإنقاذها قبل الجميع...


عادت أدرجها متخذة الصمت طريقها و الإستماع تسليتها، تفاديا من هواجس لامفر منها....
رغم أن قلق الجميع هو ما كان ينصب به الحديث ببيان خطة تارة و كلمات قلق تارة أخرى...
و في النهاية ختمها سايكوا بالمجهول ناظرا لمساعده: و ما علينا إلا فعل مايريدون...
قال نوي: و إنقاذ الأطفال المحتجزون...
استفسر هاروكي دام الكلمات وصلت لهذا الحدث: ما الغرض من اختطافهم؟...بيع أعضاء!

سايكو: بل استغلالهم في التجارة أولا ثم بيعهم للعمل بعصابات أخرى، تربية لأسوء السبل هذا ما يقال...

نهض يوري متجها للمطبخ عله يجد قطرة ماء تبرد حرارة أعماقه: و الآن لاشيئ سوى الإنتظار...مزعج.
وقف هيجي بدوره قائلا لتوأم خلقته: تأتي معي.
فهم هاروكي طلبه فأجاب بشبح بسمة جريئة: لنذهب.

لحقهم سايكوا و يوكي بالخروج للمركز لإنتظار أي جديد من ريو ، فبقي الموكل بحراستها و هي القابعة بتردد فوق تلك الأريكة....

" هل تطمحين للدخول في المشاكل؟"
رمقت المستند بشموخ بالحائط الأبيض بنظرة ضعيفة الإرادة دون أن تلقي لجملته بالا....

...........................................

إذا...؟""
لابد من وجود دليل يدلنا على مكانهم...""
ابتسم بنصر رافعا ذاك الدفتر: مذكرات نيك.
سحب هيجي الدفتر يفتح صفحاته ليردف ابنه بإمتعاض: هيه، الدفتر بحوزتي.

رمي بعد لحظات الدفتر في حجره: لافائدة، كلماته الجياشة لاتدل على شيء.
اعوج فمه منتقدا: كلماته غريبة بحق، لكنه قال أن هذا الدفتر سيخبرني كل شيئ.

استوقف قدميه و قال لهاروكي: دعنا نجلس و نرتب أفكارنا إذا.
أيده هاروكي و دخل عبر ذاك الباب البني الشفاف.....

جلسا يقابلان بعضهما البعض ليشعر هاروكي بحكة واتته لجلستهما الغير معتاد عليها: هيجي، أنت تضايقني..
أجابه بغرور: شعور متبادل لأول مرة...لكن لاخيار، اليوم فقط نتحلى بالصبر.
فتح أول صفحة من الدفتر ليرى خط نيك قد خط جانب زاوية الصفحة..« كنز شريك دمي و عروقي، متبادل أنفاسي جين..»

ابتسم بحزن مفتقدا تلك الكلمات المملة: هل جين إسم أخيه؟
أومأ هيجي بالإيجاب: هو الناجي الوحيد من الحادث، لكنه مات في المشفى.

استوعب هاروكي سبب تركيز نيك على مقتل والديه دون هذا الأخ الذي لم يسمع عنه الكثير... لكنه تجاهل أفكاره الشخصية باحثا عن مايفيد...

انحنى بعد مدة لا بأس بها مادا الدفتر لزاوية تراها أعين هيجي : أخبرني... أليست هذه الجمل غريبة؟

انحنى الآخر ليقرأ ماشد هاروكي....
«و بين لحظات الصمت اصطدمت سفن هوجاء ، سبع أسوارها... صفر طلائها... البحر ساكن و النوم راهن حيث علا صوت الناقور لإصلاح مابدا من شوائب، سلاسل قيدت براءة اليوم و جرتها لعمق الجحيم... تحت رحمة أعين الشر ، تلك الأعين ذاتها التي قطعت أوتاد حياتي... و سوف أريها أن من يغوص في أعماق الألم سوف يمحوا آثارهم...»

نطق هيجي: أظن نعم...لكني فهمت نوعا ما.
قال الآخر:إلام توصلت؟
أشار بإصبعه لتلك السطور: السفن تابعة لشركة تصدير منتوجات غذائية، و أسوارها السبع هم الشركاء السبعة القائمين على الشركة و اللون الأصفر هو شعارهم...أما الباقي...
بدا في حيرة قال بها هاروكي: هو يقصد أن حركات مشبوهة حصلت بليلة ... و هو رأى فيونيسكي قاتل والديه يقيد طفلا و يجره لمكان ما....

اعتدل هيجي طالبا تفسيرا: و من أين فهمت الطفل؟!
حك ذقنه بإبتسامة هازئة: اعتدت تعابير نيك، البراءة التي يقصدها بين ظلمة الشر هي طفل...

أرخى عينيه الواثقتان نحو هيجي:... و الآن ، أين تكمن سفن تلك الشركة؟
.......................................

جالس بزاويته يكتفي بمراقبة حركاتها المملة و هي ترتجف لحظة و تمسح دموع أسى لحظاتها أخرى، و مع ذلك كانت تحاول أن تتحلى بمقاومة ماحولها بتصبر و تجلد ، و بدعاء يتلوه الجنان....

أزعجها في النهاية صوت مفاتيحه التي أصبح إيقاعها تسليته: كف عن إصدار هذا الصوت المقيت.

وقف بإستقامة متجها لها واقفا خلفها و منزلا رأسه بجانبها: مللت الجلوس، هل تتمشين معي؟

أجابت ببرود الجليد: لن أخرج.
وضع يديه منسدلتان أمام الأريكة بشكل طفولي: الوضع ممل...ممل، فعلا..
رمقها بنظرة جانبية: ما رأيك لو أخذتك لأبيك؟
ارتعشت لحظة لكنها استقرت على موقفها: لن أذهب لأي مكان حتى يعود ريو.

هز رأسه إيجابا بسخرية لما سمع: مطيعة...

شعرت كاوروا بتغير ملحوظ به حين وضع يده تحت ذقنه: لكنك عصيت و خنت ثقة ناوكي مما أثار غضبه.

تمالكت تصاعد أنفاسها و رفعت وجهها نحوه بثقة: لست من تدعي إذا...

خطى خطوات جعلته يقف أمامها عوضا عن الخلف واضعا يسراه بجيبه رافعا يمناه ة أمام عينه الباردة: جملة تناسبك أنتي، ألا توافقين؟....

ركزت بربؤتيها البنيتان عليه: و على ما تنوي؟
بدا يصطنع التفكير : امممممم، تحقيق أمنيتك ....
أخذ السواد الحالك مسيطرا على عالمها بعد ضربة كفه الجانبية على رقبتها ليتم جملته:.... و رغبة سيدي.



يتبع.....





س: مامفاجآت البارت بالنسبة لكم؟
س: هل سيستطيع هاروكي الإنتقام؟
س: هل سيصاب أحد ما أصاب نيك؟
س: ماقصة تيبس جسد هاروكي عند تحرك جسده النائم؟هل يعد ذلك خطرا؟
س: هل توقعتم أن لنوي جانب مخفي؟
س:توقعاتكم؟
س: انتقاداتكم؟




.



.


 
 توقيع : ورده المودة

















إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم

فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم



التعديل الأخير تم بواسطة جلنار | Gulnar ; 03-04-2020 الساعة 10:33 PM

قديم 03-04-2020, 07:32 PM   #14
ورده المودة
في جوار ربها ، اللهم ارحمها واغفر لها وتجاوز عنها


الصورة الرمزية ورده المودة
ورده المودة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 104
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 المشاركات : 221 [ + ]
 التقييم :  277
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة


.

















.







- 13-


... النبض والذكرى و الظلام...


...


شعرت كاوروا بتغير ملحوظ به حين وضع يده تحت ذقنه: لكنك عصيت و خنت ثقة ناوكي مما أثار غضبه.

تمالكت تصاعد أنفاسها و رفعت وجهها نحوه بثقة: لست من تدعي إذا...

خطى خطوات جعلته يقف أمامها عوضا عن الخلف واضعا يسراه بجيبه رافعا يمناه ة أمام عينه الباردة: جملة تناسبك أنتي، ألا توافقين؟....

ركزت بربؤتيها البنيتان عليه: و على ما تنوي؟
بدا يصطنع التفكير : امممممم، تحقيق أمنيتك ....
أخذ السواد الحالك مسيطرا على عالمها بعد ضربة كفه الجانبية على رقبتها ليتم جملته:.... و رغبة سيدي.




صرخ ذاك الرجل مفتول العظلات راميا بذاك الجريئ الذي أقدم على عض ذراعه: سحقا لك... يبدوا أنك تنوي الموت ياصغير.

أجابته شزر عينيه المتلئلئتان غضبا و حقدا و إصرارا على ثبات الموقف.....

أطلق ظحكة ساخرة: ماذا؟...أتنوي قتلي؟!، لست سوى بعوضة مزعجة.

فتح بعض المحيطون بالصبي أعينهم نتيجة شجى الصوت المزعج....
ليقول محافظا على ابتسامة النصر و الإعتزاز: و ها استيقظ ضيوف الشرف.

حاولت ذات الشعر الرمادي استيعاب نفسها بعد ذهاب الغباب الطاغي أمام ناظريها، رفعت رأسها بتثاقل لترى أنها في غرفة خشبية واسعة و حولها حوالي أربعين طفلا و صديقتيها ....
لم تكن تحتاج سؤالا لتفسير ماهي به، فكل شيئ واضح خاصة بذاك الحبل الذي يقيد يديها كأي رهينة هنا...

نظرت للواقف بتمعن لتشعر بقشعريرة في نفسها : أنت من جاء بنا إذا؟
لم يجبها فقد قطع اللحظات دخول شخص منتظر رؤيته، شخص تبحث عنه جل الأبصار الخفية و الظاهرة ليعتدل الواقف متراجعا للجانب فاسحا طريق رئيسه....
حدقت به ليندا بضجر واضح و ملامة مكتومة: سيد ناوكي ميشيل...!
ابتسم بخفة لطيفة تجعل مقابلها يشك في صحة نسبة أعماله و اقترب منها منحنيا: أهلا بك .
كانت إيريكا مستسلمة لدوار اعتراها لحركة المكان الغير موزونة و بدأت تنظر للمعني الذي يكون ببساطة جدها و سبب ذلها اليوم، ركزت على ملامحه لتحفظه عينيها الحقودتان....

ثم نظرت بأسى لتلك الحامل المنهكة التي أظهرت تعابير الإنزعاج بدورها وهي نائمة:ميواكوا..

نهض يرتب قميصه الأخضر الباهت قبل أن يخرج: فرحت بهذا اللقاء عزيزاتي... سيأتون لكم بالغداء بعد قليل.



مطبق جفنيه مسدلا خصلاته الشقراء فوقها بسلاسة، لم يأبه لصوت المحرك أو للممتثل يقود جانبه...
فهو سارح بين ثنايا الماضي، حيث محط آلامه التي حوت أمومة طفلة صغيرة ، تلك من تركت طابع الطفولة تضحية لهما...



بدأت صفحات ذكرياته معها تتقلب للوراء لتحظر أمامه...

حيث هو يبكي بصمت ناظرا للحقيبة الملقاة أمامه...
انحنى ليضم تلك الحقيبة بيديه الرثتان، استجمع جل شجاعته ليمد يمناه متقدما خطوة... كانت مبادرة للوصول لإمرأة شابة مقطبة الجبين متمتما بهمس راجيا منه جوابا حانيا : أمي...

إلا أنه شعر بألم إثر دفع رجل كان يقف بجانبها: ابتعد عنا ريو، لست شيئا يستحق مناداتها... حطمتنا و سلبت منا كل شيئ.. عائق ظهر فقط...

أنزلت الأم جسدها محتظنة ذاك الطفل ببرود لم يكفه شعور الضياع: ليتك لم تكن الوريث بني، لكان كل شيئ بخير عندها...

لم تتطرق لوداعه أو لكلمة محبة بل قالت ما لديها ثم اتخذت الإبتعاد...

جلس على عتبة بوابة شكلت متاهة عمره لاما جسده بين ذراعيه، لاعنا كل العوائل الثرية و كل ورقة نقدية...

على صوت رجل هادئ طالبه بالدخول إثر نسمات هواء باردة: ريو، أدخل الآن... الجو بارد سيقودك للمرض.

تجاهل الصوت و ظل يمعن النظر في طريق قاده لهذا المستقر و طريق أبعد مدعي الأبوة و الأمومة عنه، هو يدل كل السبل التي تعيده لقصره، بيته، كلمته العليا فوق خدمه، و ما سمعه توا إرثه....

لكنه فضل عزة نفسه و كرامته التي نزعت عن كرامة مزيفة أمامهما....

شعر بعينين ترمقانه ليلتفت نحوها بمقت، فأقرب الذل عيون الشامتين...
إلا أن تلك البؤبؤتين السوداء عكست بريقا،مائلا للزرقة معلنا خط منهمرا كما لديه...
فاكتفى بإعادة رأسه بين ركبتيه....


ضم،نفسه أكثر للبرد الذي يلفحه دون استسلام منه للدخول حتى شعر بيدين تحيطانه و تقرب جسده من حجر صغير...: هل رحلت أمك؟

صوت طفولي لفتاة لا تتعدى العاشرة، صوت أتى بكلمات أثارت بنفسه حقدا ليجيبها: لا أم لدي...

ابتعدت عنه تريه وجهها المعترض منكرا: لا تقل هذا، إن لم يكن لك أما فأنا سأكون أمك...

رفع حاجبا مستعجبا مما سمع: أمي..!
أومأت إيجابا تتخلله البراءة: أهم، أنا أمك الجديدة.

شعر بضحكات هستيرية ساخرة اعتلت من زاوية العينين الخفيتين: لحظة، قلتي أم....!
ظهر مقتربا منهما ليجلس بجانبه الأيسر عكس اتجاه الفتاة: شيء سخيف....

رمقته بعين غاضبة: لادخل لك أيها الجديد...سأكون أمه.
تنحنح مظهرا جانبا آخر بصوت مصطنع: و أنا والده...

استمر بالضحك جارا صمت ريو للضحك معه: مرحبا أبي...

نفخت وجهها مشيحة به لتخفيه بشعرها الحريري الفاحم: أحمقان.
رفع ريو كتفيه واضعا كفيه فوقهما: أنت الكبيرة، لذا أنت أمي...
نظر لذاك الذي يبدوا في السابعة:...و هذا يبدوا كأخي.

حول ذو الشعر الأسود ملامحه لإنزعاج: أخذتما هذه المهزلة جدية، أنا لن أكون بهذه السخافة ...
نهضت الفتاة لتحتظن المنتقد من خلفه: كفاك تكابرا، صغيري...
أبعد يديها منتزعا نفسه من حرج ماوقع به: من صغيرك يابلهاء!

وقفت بشموخ و يديها تصدت خصرها: لا تتحدث مع من أكبر منك بهذا الشكل ، من البلهاء برأيك؟

تغيرت أحواله ليبتسم من أعماقه لهما بادئا جولة حياته الجديدة: أنا ريو.. و أنتما...؟
انحنت نحوه حتى تساقطت خصلاتها فوق وجهه البريء: أمك ميواكو...

حك شعره ببلاهة: حسنا، تشرفنا أمي ميواكو...

انتبه لصمت شريك أيامه القادمة فمد يده مصافحا : تشرفت بك أيضا....
نظر له بشرود بتره كلمات آمرة من ميواكو: كن رجلا و بادله التحية أيها النزق.
كبت غيضه منها مادا يده بدوره: حسنا حسنا، هيجي...هو اسمي.

ابتسم حتى بانت ضروسه انتصارا بما كسب: واو، اسم رائع أخي.
اتسعت عينا مقابله و كأنه سمع أغرب شيء في حياته ثم أرخى ملامحه المتصلبه مستلسما لإبتسامة دافئة: لا بأس بالقليل من التسلية...مع عائلة...

باغتته ميواكو بإحتظان رقبته: ياااااه ابتسم صغيري، أخيرا....منذ أتيت كنت نزقا...
ابتعدت تنظر له بتلئلؤ عينيها فرحا:...لكنك جميل ببسمتك...

أشاح بوجهه للجهة الأخرى واضعا كفه فوق وجهها كرادع عن التحديق به: ندمت...أنسحب.

ضحك ريو مادا سبابته نحو هيجي: انحرج هيجي...انحرج...

ضهرت بسمة خفيفة على وجهي مقابلانه و كأنها وصلا لا إراديا لمبتغى قلبيهما....

و بتلك الأيام تشكلت عائلة حقا، بأخوة تساند بعضها و بأم تسعى لسعادة أبناءها بين طيات براءة شكلت حقيقة...!

حتى باتت الحضن الدافئ عند منامهما و مستودع الآلام عند حزنهما و الإسم المنادى بأمي صدقا وسط أحلامهما....
إلا أن سخرية الأعين و الألسن بدلت لفظا للفظ يكن به حروف الأخوة...

و استمر ذلك حتى لحظة الإختطاف... لحظة جعلت مخاوف فقد حظن أم صغيرة يتبادر بذهنه اللاواعي .....

و في لحظاتها تمتمت شفتيه خوفا بإسمها: أختي....




" أنت خائف عليهما، أليس كذلك؟"

تنهد قبل الإجابة: بالطبيعة نعم.
أجابه بثقة ظاهرة تخبئ تزلزلا في دواخله: سيعودان بخير، لا تقلق ...

جر خصلة منه و تكلم ببرود واضح الغضب: أصدقني القول هاروكي، لم تتجاهل إيريكا؟...حتى أنك لا تتحدث عنها و هي مختطفة...
أطلق تأوها من ألم طفيف: لا شأن لك.

نظرات هيجي الثابتة جرته للنطق: حسنا، لا أستطيع التعامل معها بعد ما حصل لنيك... لأنها كانت مصرة على المجيئ ، و عليها دافع نيك عني و قتل...أشعر أنها سبب موته...

ضرب علبة عصير فارغة واجهت قدمه: أحمق، تلومها على شيئ لم تكن لها فكرة به...

رمشت جفونه إصغاء لجملته التي هزت قلبه مرتجفا ، فوالده على حق... هي لا تعلم شيئا عن مشاكل هذا الزمان و لا عن حقيقة جدها ... لكن، لكن...فقط لو لم تتمنى... فقط لو اعطت فرصة التبرير لأبيها...
حسنا، أنا أيضا تمنيت المجيئ معها...لأني أردت قربها، حمايتها...
أجل، حماية تحتاجها في غربة الأيام... بدلها اليوم بأخذ مأمنها الوحيد منها. ...
شعر بصداع فتوقف واضعا يده فوق جبينه مكشرا ليقول هيجي: هل بدأت تلوم نفسك؟

ظلمتها...""
ابتسم استهزاء لما وصلا له: وصلت لإجابتي...ظلمتها.

ظل يتحدث هيجي ليلاحظ هاروكي شدة التشابه و الإشتراك: حرمتها سعادتها بجانبنا، رغم أنها منذ كانت طفلة تجتمع معنا و تلعب و،ترتع...كنا ماضيها و حاظرها منذ كانت تأتي مع والدها للتبرع للميتم.... تأتي كل يوم بعد المدرسة مقلقة والديها.... ثم تحول مسارها لمسكني مع ريو..... و للحظة غيرة،سلبتها كل تلك اللحظات..... خطبتها دون استشارة رأيها حتى... و الآن أعاملها أشد جفاء من أي شخص أواجهه... حقا ظلمتها.

نوعا ما" نحن متشابهان"
إييه، من أين هذه النتيجة...؟! أنا ، و أنت...سخف""
و كأني أتطلع للشبه بك، لكن للأسف...""
الحظ هذا العام قد فارقني...""
لو تعلم فقط كم حالفك الحظ برؤيتي ...ستغير رأيك""
بماذا؟..بحظي العاثر...""
لن أناقشك هيجي... أنت حقا مزعج""
أنت من بدأ...""
أريد أن أعرف كيف ستتحمل ليندا العيش معك...""
وقف عن خطواته ليقول : ماذا قلت؟
انتبه للسانه الذي بدأ يخونه صريحا: قلت لا أعرف كيف ستوقع ليندا نفسها بيد شخص مثلك ، أنت لا تحتمل.

تجاهله ناظرا لتلك البناية الضخمة: وصلنا.
نظر هاوكي لها: هذه هي الشركة إذا.
(تبا، فقط لو كان هناك قطار سريع... لوصلنا بدقائق عوض ألم قدمي....لهم أجسام حديدية..آهل هذا الزمن..)




ترجل من السيارة أمام عدة سفن و السلاح الممتد نحوه دله لأي سفينة يتجه ....
جعل ثقته ظاهره بوضعه يدا في جيبه و ماشيا بإستقامة دون تردد، فالتضحية ليست مهمة بل القلب مهم... و ما دام العائق جانبا فلا توتر ...


توقف""
كلمة جعلته يقف منتظرا الخطوة القادمة...
أتى آحدهم حاملا حبلا ليربطه مقيدا: ماذا تفعلون؟
أجابه صاحب محل الإلكترونيات الذي اصطحبه: بعض الإحتياطات صديقي...

زفر بقوة : لكنك فتشتني و رأيت أن لاشيئ لدي..
قال الآخر بلحنه الساخر: ههههه، و هذا ما يثير الشكوك أيها الصغير... خاصة أنك أتيت،دون السيدة الصغيرة...

(السيدة الصغير!...هل يقصد كاوروا)

بالطبع لن أسلمها لكم بسهولة، ليس قبل الحديث مع السيد ميشيل...""
شده الرهائن التي حوت من يعرفهن: أختي..!
انتبهت له بطرف عينها دون أن تستطيع النطق لخرقة سدت فكها...

شعر بحرارة تشتعل و هو يرى أخته و صديقتيه تجران بحبل واحد ربط بينهم و بين عدة أطفال...
دقق النظر ليرى أحدهم يحاول الجلوس ممتنعا عن التقدم، و ما هو ملفت أن الحبل انقطع ليركض مبتعدا...
ترك أحد المسلحين مكانه ليتبع ذاك الصغير فاستغل هاروكي الموقف و دفع من كان يربط يديه متجها للطفل الذي اقترب ناحيته...

نيكولاس يلهث مسرعا: أنت...!
قال منبها بفخر: و من غيري ؟....
استطاع إمساكه ليتجه مختبئا خلف صناديق مكدسة: اسمع نيكولاس، أعتمد عليك في إيصال رسالتي للسيد سايكو...
قال بتوتر: السيد من؟
قال له: رئيس مركز شرطة العاصمة..قل له أننا خدعنا بالوقت، سوف يتحركون عصر اليوم لا منتصف الليل.
" و هل سيصدقني...؟"
أخرج ورقة من جيبه: إن رأى هذه سيصدقك.
"إذا، أعتمد عليك في حماية كاوروا..."
أومأ بالإيجاب فورا : أعدك...
انطلق نيكولاس يأقسى سرعة ليظهر أمام الرجال المتفرقون صارخا أحدهم: أمسكوه.
لكن ريو وقف متصديا بعصا حديدية قد وجدها مكان اختبائه...

((قال ذاك الصبي...أحمي كاوروا...!...لحسن الحظ لست مضطرا لحمايتها...))

فترة و قد حوصر و كانت كلمات من خلفه يتحدث بمرح يغيظه: أيها الشرطي الموقر ، نحتاج بعض الهدوء...

سقط مغمى عليه نتيجة ضربة مسدسه:... حتى يحين وقت المفاجأة.



أخذ نفس راحة برؤيته تلك الجدران التي تجره للأعلى...
((على الأقل لديهم مصعد.. ))

كان هيجي يخرج بطاقة مركز الشرطة التي استعارها من نوي أمام كل معارض حتى واجهه رجل بالثلاثين منحنيا: عفوا أيها الشاب، لكن المدير ليس هنا بالوقت الحاضر... لذا تفضل بالمجيئ بوقت لاحق.

لم يعره هاروكي اعتبارا بل تقدم ليفتح باب المكتب الأساسي الذي للحظ لم يكن مقفلا: ماذا تفعل يا سيد؟

تركه هيجي مقتحما الغرفة بادئا بالتوجه نحو طاولة المكتب الزيتونية: نحتاج لبعض التفتيش.

حاول الرجل إنهاء هذا الوضع: لكن لو علم السيد كوباياشي سوف...

قاطعه هاروكي و،هو يبحث بملفات ثم يلقي لها: أصمت، رئيسك مادام مختفيا فهو محط الإتهام.

لم يعطه هيجي فرصة إبداء تعجبه : هل تعلم أين ذهب رئيسك؟
أجابه متلبكا: لا أعرف...

فتح هيجي الدروج المكتبية حتى أخرج مابها ممعنا النظر بها: و لا فكرة...؟
أجابه: ربما ذهب للميناء الشرقي، فهناك سفن ستتحرك عصر اليوم .

تنبه هاروكي لشيئ مهم فاتجه للرجل ممسكا بياقة سترته: ماذا قلت؟...أي ساعة؟!




شعر بنار تستعر بكتفه ، فجلس للحظة ممسكا بمكان الدماء النازفة: سحقا، لقد أصابني.
نهض متمالكا نفسه: لم يبق الكثير لأصل للشارع العام، نيكولاس... لا تستسلم الآن...ليس الآن.

عاد لركضه و أنفاسه بدت تجره للسقوط لراحة عابرة، لكنه جر جسده بكل قواه لتحقيق هدف اعتمد عليه ريو به....

توقف لدى الشارع صارخا عل سيارة تقله، بدأ يسير تجاه الخط السريع عله يجد منقذا من ذاك الذي يتتبعه...
حتى بثق النور..
مضيئا بجانبه و مظهرا صوت أحدهم: ما بك يا صغير؟
انهار نيكولاس بجانب السيارة بعد جملة: مركز الشرطة أرجوك.

ارتجل العجوز رافعا جسد الطفل ليدخله: المستشفى أهم.

شدت كفه الصغيرة على قميص حامله: قلت مركز الشرطة...

أدخله ممتدا على الكرسي الخلفي ، ثم تحرك. ...
و عندها وصل متعقب الفريسة ليرى أنه قد حلق بعيدا عن يديه...فرمى سلاحه بغضب اجتاحه: تبا ..




كان يقود بسرعة جنونية و من جانبه يضرب النافذة بقبضته: ما هذا اليوم؟.... لم كل شيئ يجري بسرعة حارقة.... ؟!

أدار وجهه ناحية السائق: هيجي، أسرع أكثر ...لم تتبق سوى ساعة و نيف.

أخرج كلماته ذات الطابع الساخر: هي، إن الأخطار أبعد ما تكون عن حبيبة قلبك...لاداعي للقلق.

صرخ بوجهه منفعلا: أصمت و أتم قيادتك...
حاول أن يهدأ:... أنا أريد أن أنتقم لما فعلوه بنيك... و لن أسمح لهم بالهرب.

تنهد بجدية: هاروكي... أدع أن لا تفقد عزيزا آخر كما فقدته، لا تنس أنها رهينة بيد قاتل وحشي، قد يجعلها طعما أمام ناظريك.
رجف قلبه بذكر ذلك و اكتفى بالقول: أسرع.
لاحظ هيجي ارتعاش يديه متأثرا بما قال هو ، لكنه تغاضى عنه قائلا: إن أسرعت أكثر..سيجن يوري برؤية حطام سيارته.

تأفف مسندا وجهه بالنافذة: هذه السيارة ذات الطراز...

أمسك لسانه عن التتمة لشيء لا واقع له في هذه الأيام...
(( ...هذه السيارة ذات الطراز العتيق، لا أسف عليها..))


حاول أن يستسلم لوقت مستقطع بنوم يريحه إلا أن صورة عابرة لإيريكا الهامسة بإسمه أطار عقله مع الحواس فأكتفى بالنظر لما يمر أمامه.....





يخلخل أنامله في شعرها الأشقر متحدثا بلهجة لاتخلوا من المرح الجزئي بينما يده الأخرى تحت ذقنه: سيدي... ابنتك مثيرة للاهتمام حقا.

يقلب الأوراق ساهيا بعينه: هل أعجبتك؟
ظهرت بسمة حزن عليه: تذكرني بفتاة غالية كنت أعرفها....

رفع ظهره مبتعدا عنها:...هل تسلمها لي؟
رفع نظره عن الأوراق: لك ذلك بعد المهمة نوي، لنا عمل أهم الآن.

أخذ لحظات ينظر لرئيسه قبل أن ينهض واقفا بجانبه: لا تكن متصلبا سيدي...
رأى نظرات خالية من الحياة ليعي موقفه: ...إذا، ما يتوجب علي..

رفع ملفا أخضر ليضعه في يده: معلومات سرية.

أخذها معترضا : مرة أخرى... أريد التغيير.
رفع سلاحه ليحركه:... كالحركة سيدي.

ابتسم الآخر بغرور: تستحق بعض المتعة أيضا.
لاحظ نوي حركة طفيفة: سيد ناوكي، استيقظت أميرتنا النائمة.

اقترب الآخر منها ليحتظنها و يمسح على شعرها: أهلا بك ماستي الصغيرة.

حاولت استجماع وعيها و أفكارها ناطقة: أبي...
رفع وجهها نحوه: أنا هنا بنيتي.

أبعدت نفسها عنه مشمئزة : ابتعد أيها ال....
قاطعها بإبتسامة لا تهزها كلماتها: ماذا...نذل، قاتل، وحش... أهذا ما ستنعتين به والدك...ألا تعتبر هذه وقاحة؟

صفق نوي خفيفا: هي كذلك سيدي...
أطلقت شرار نظراتها نحوه ليصمت: حسنا، لا أتدخل بالمشاكل العائلية.

شعرت ببرودة تسري بجسدها ما أن بسط كفه على وجنتها، فهي منذ فترة لا تستشعر دفئا و لا أمنا بقربه: ابتعد.

قال لها : هل تريدين أن أعيد صديقاتك؟
حاولت استيعاب هدفه: ماتريد؟

عرف بقرب استسلامها و خضوعها لكلماته: صفقة بسيطة غاليتي.



نظراته الحادة تبين مدى إصراره و عزمه، رغم الألم الذي بدأ يفتك به و الحرارة المتصاعدة...

لكن جسده لم يكن ملك عقله، فالشعور بقوى خارت و برد سرى بجسده جعله أنينه يظهر ليقول العجوز الذي وضح قلقه: بني، هل أنت بخير؟

ثقلت حركة رئتيه ليبان شهيقه و زفيره واضحا: أيها الجد، مركز شرطة العاصمة هو مقصدي... لكن...

انتبه العجوز له بطرف عين : سآخذك لمشفى قريب منه، و سأخبرهم...
نظر له بإمتنان : اطلب السيد سايكوا رئيس المقر...

مد أمانة ريو له مستجمعا قواه المتبقية : أره هذه....
حاول أن يكمل كلماته إلا أنه انقطع عن وعيه قبل التتمة تاركا السائق بحيرة مما وقع به....!

لكنه ليس بوقت للتفكير ولا اتخاذ قرار حكيم...ما بيده شيئ واحد، تنفيذ طلب هذا الصغير...


لذا التف يمنة فور دخوله معالم المدينة نحو المقصد.....



رمى ما بيده لتتناثر قطعه الزجاجية على أرضية المكان: سايكوا، إن الوضع شديد الخطوره...أتفهم؟

حاول إبقاء رزانته و توازن تصرفه على حالها: إلى أن يبلغنا خبر من ريو... لا شيئ نقدم عليه.

حدقتيه لم تكن ثابتة لشدة توتره: ليس لك أن تستنزف قواك لحركات لاداعي لها، لن تعود إبنتك بهذا...

أراد إبداء صرخة بكلمات معترضة، إلا أن الكلام المنطقي لا رد له... فأكتفى بإطلاق تنهد للأسى الذي استولى عليه لفلذة كبده...

طرق الباب ليعلوا صوت سايكوا: ادخل.

دخل رجل عريض المنكبين طويل القامة بسيماء الشباب مؤديا الإحترام بضربة قدمه....

سايكوا مستفسرا: ما الأمر؟
نطق صوته الراكز مجيبا: سيدي، هناك شخص يطلب لقائك.

رفع يوكي يده نافيا: ليس الآن، دعه يأتي بوقت لاحق.
استنكر سايكوا تدخله: قد يكون له علاقة بريو...دعه يدخل.

لحظات و من طغى شعره و ذقنه المشيب ممتثلا أمامهما مقدما تلك الورقة كعلامة...
لم يستطع سايكوا كبت ضحكة خفيفة: ذاك الأحمق...
إلا أنه قال بجدية: هذه الورقة مدماة!

بدأ العجوز يتحدث : لقد أتيت بناء على طلب طفل مصاب.

أثار الوضوع اهتماما ليعيره الطرفين جزئا من الإهتمام، و يوكي ناطقا: طفل!

أكمل بثقة مهزوزه لغريب ما لديه: لقد كنت في مناطق الميناء الشرقي حيث صادفت صبيا حدود الحادية أو الثانية عشرة يشير لي بالتوقف، كان مصابا لذا توجهت به للمشفى القريب من هنا.

نهض يوكي آخذا الورقة من صديقه: مابها...لحظة، هذا...علامة كهذه، كيف سينجح بهذا الفشل الذريع...

قال له سايكوا: هذا ليس وقت مناقشة درجة امتحان... يجب أن نعرف مايريد ريو إبلاغنا عنه، فالهاتف لا نفع له ما دام مضطرا لجلب طفل.

رمى بالورقة عائدا لمنحناه: ظننته شيئا مهما.. حسنا، ما قال ذاك الصبي أيها السيد؟

بان عليه بعض الربكة: اغمي عليه قبل أن يقول شيئا.

رفع سايكوا سترته البنية من مقعده خارجا: لنذهب إليه...




الدعاء كان حليف أمانيهم المترجية لاسيقاظ هذا الصبي الذي طغت ملامحه تكشيرة ألم....
أسهوا بعضهم ببعض الجمل التي قد تكون مساندة حتى قاطعهم جملة هدت كل التوقعات...

ريو قال أن حركتهم ستكون اليوم...عصرا""
ذا صوت الصبي ظهر لينبأهم بما ينتظرون...

تلك الجملة الاب و من أطارت عقل أحدهم : ماذا قلت!
بات الإنزعاج واضحا على ملامح المسؤول عن القضية: لقد خدعنا.
كان واضحا توتره لأول مرة، فهناك ما لم يكن بالحسبان...


نظر له يوكي بحيرة: و الآن.. هل ستبقى واقفا هكذا؟

شد يديه على حديدة السرير الذي امتد عليه نيكولاس: سنتوجه لهم...فورا.



قارنت تلك الدقائق وصول الأب و الإبن الشابين و تخطيطهما للدخول ....
" أي سفينة تحملهم؟..."
نظر له هيجي بهدوء يشعره بالغباء: و هل أعرف أنا؟
عض على شفتيه حتى كادت تشق: ليس الوقت مناسب للحديث معك، دعنا نتحرك قبل أن نصل للشجار و ننسى كل شيئ.

أيده هيجي: أوافقك... كلانا معا أفضل... كل سيذب عن الآخر.
رفع هاروكي كفه المنقبضة:سنبحث عنهم إلى أن نجدهم... واحد .. اثنان...لننطلق...

توجها ركضا لإحدى السفن السبع ذات العلامة الصفر لتكون بعد وقت....
محط إطلاق النار و عدم الإستقرار...
حوصرا بمجموعة الرجال و مترأسهم كهل رافع حديدة ذات مترين من الطول: أقتلوهما ...
بصق هيجي أرضا: سنحظى ببعض المتعة.
قال من الصق ظهره بظهره: أنا اليمنة..أنت اليسرة .
و بدأ العراك الذي لم يحو سوى الركل و اللكم و التفادي ممزوجة بكلمات جزئية : هاروكي انتبه...
" ركز قبل أن ينتهي كرتك.."
" ألست ورقتي الرابحة؟"
اكتفى ببلع ريقه و لكم من يقابله: فهمت.



شردت بشروده ، و ملامحه المكتسية بالغموض بتلك الملامح المرتخية التي ذكرتها بأجمل مافقدت....
تنهبهت لنفسها معاتبة على ماعبر من تفكير..
(( مستحيل... لا يمكن أن أرى شبها بينهما...!))

" هل اكتفيت!"
نطقت ببلاهة له: ماذا؟
" هل اكتفيت من تحديقك بي؟ ..أم يجب أن أنتظر؟"

أجابته بحدة و ثقة: كنت شاردة بشيئ آخر.

تنهد مرحا و بدأ بتسلية: للوسامة متاعب حقا..

بدت تقلب عينيها بجهل مصطنع: أين الوسيم؟!

فاجأها: صديقك ذو الوجه الطفولي...أليس كذلك؟

(( حتى هنا تجد من يضايقك..!))
قالت: من؟
رمى بميداليته التي باتت ملتحمة بجسده لكثرة اللعب بها: ريو..

اهتزت أطرافها لسماع اسمه من هذا الشاب ذو الشعر النيلي، جعل قلبها ينذرها بشؤم هذا المبدأ...

و كان احساسها صائب، فذا هو اقترب ليوقفها ناطقا : ألم يأسرك الشوق لرؤيته؟

تبعته مرغمة لخارج تلك الغرفة لتستشعر بعليل الهواء بعدما كادت تختنق بتلك الجدان الخشبية...

لكنها لم تهتم و لا تستطيع التفكير بشيء كهذا وسط خضم الأحداث....
و حولها جند لا رجال مسلحة تحيط بكل زاوية تقفها ...

خاصة عندما باشرها وجهه النائم بجسد التف حول العمود الأوسط للسفينة...عمود علته الشراع...

تركها ممسكها لحظات مقتربا من وجهه المنحني : أيها الأبله، هل تظن أنك ستنجح بهذا التمثيل؟

شعرت بهالة غريبة تلفهما : ما الذي ترمي له نوي؟ إنه نائم...!

ظهر عليه ابتسامة الخبث ليخرج شيئا يلمع كالفضة انعكاسا ليفتحه واضعا له تحت ذقن ريو...
غرسه قليلا لتنساب الدماء و تشق طريقها مع شهقة كاوروا التي اخذتها لتجلس عنده بفزع: ريو!

فتح عينيه لينظر للواقف أمامه و لسانه يخاطبها: لاتقلقي، ليس بالشيئ المهم.
ثم أردف لمن رمقه بنظرة تنكره: سحقا لك نوي...
رفع نوي حاجبيه: ترحيب حار يافتى..
شعر ريو بشعلة تجره للانقضاض عليه: للاسف يدي مقيدتان تمنعاني عن احتضانك...
مد نوي يديه لخلف ريو : فك الحبل طراز جيد..أليس كذلك؟
فهمت كاوروا ما يجري ، فعلى مايبدوا فريو كان يحاول فك الحبال من يديه....

ظهر صوت ناوكي مقتربا: ما الذي شدك نوي؟
أشار لريو: عفريت صغير حاول فك الحبل فشددت عليه الوثاق.

أطلق كلمات استحسان: دقيق كعادتك.
وقفت كاوروا برؤيتها والدها لتعطيه جوابها : أبي، سأكون معك ...على شرط إطلاق سراح أصدقائي... و الأطفال أيضا.

لمعت عيناه بإستمتاع بدأه منذ اللحظة: ألا تظنين أنها اتفاقية ذو طرف واحد .

كان ريو ينظر لما أسرع استيعابه بسرعة... ظهور وجه نوي الآخر، وجود كاوروا و رغبتها بالإلتحاق بوالدها..، و استغلال الأب لصالحه . ....

خاطب الرئيس مرؤوسه نوي: اذهب للسفينة المجاورة و تفقد الوضع... سوف نتحرك بعد قليل.

تعجب بدوره: بعد قليل، ألم تكن منتصف الليل؟


أثبت بعض الدهاء: مراوغة..لا غير.
تحرك نوي طاعة للأوامر تاركا ساحة الخطر ... لساحة غموض يقودها هو.....

مد ناوكي سلاحا نحو ابنته و احتفظ بآخر ، لامست كفها برودة السلاح و ظلت عينيها تتحدث استفسارا ليقول هو: أثبتي رجحان عقلك بنيتي...

أشار على أحد الرجال بالإقتراب آخذا منه لاسلكيا بزر وسطه: مهمتك الأولى... إطلاق النار على هذا الفتى، أو التخلي عن صديقاتك بإنفجار بسيط....

صرخ ريو من فوره غير متمالك أعصابه للفكرة القذرة واتت هذا الرجل: يالك من.... إن كنت تنوي قتلي، فافعلها بنفسك...لا أن تجر كاوروا لطريقك القذر .
صفق ناوكي مستفزا كل عرق بجد ريو ليشعر بها تنبض كما القلب بضربات غير منتظمة: ذكائك لابإس به...فهمتني، أريد تربيتها ...فهي ابنتي في النهاية... و إن لم تسرع في القرار فسوف... تتحرك يدي ..

قرب يده من الزر لتقاطعه كاوروا: لا... انتظر..
رفع حاجبا و كأنه لم يعي مغزى انقطاعه و هو يسمعها تكمل: فرصة لأفكر قليلا...

كانت تستهدف المماطلة إلا أن جوابه كان يوقف قلبها عن خفقانه: لك ذلك....عشرين ثانية تكفي لاتخاذ القرار....
واحد....
اثنان....
ثلاثة....
اربعة.....
خمسه.....
ستة.....

..........
يعد و هي تدور بمتاهة عقلها اللامتناهية...
مدت سلاحها نحو الهدف، إلا أنها فضلت الموت قبل إطلاق رصاصة...

تذكرت كل لحظة جمعتها معه...
بداية بسرقة، نهاية بسند ظهر ضحى بنفسه ...
تذكرت ظهور خبايا قلبها و ثناءه، هطول دموعها و مواساته...

عادت أمامها كل لحظاته!
فكيف لها هذا القرار العصيب. ... كيف لها أن تمحوا جملته. ..
" أنا أقدس هذه اليد الآن....."


" لا تلوثي هذه اليد التي تسعد هذا الطفل..."

و ذاك الجالس يحاول أن يفك حبله بكل ما أوتي من قوة و هو يلعن نوي على تصرفه الأهوج... و كذا يحاول اكتشاف ما يؤرقه...
هناك شيئ مزعج حقا!...ما هو...ماهو.....؟

أما أعداد ناوكي بلغت منتهاها...:
ثمانية عشر.........

وضحت كاوروا قراراها بإدارة جسدها مع السلاح نحو صاحب الذنب الأكبر....
بادر ريو قائلا بسرعة:...غبية، إنه فارغ!

أجل...هذه هي النقطة التي أزعجته.... نقطة دعت رصاصة الهلاك تمدد جسدها بدم بدا يخرج من مستقره كالسيل...

خاتما سلسلة إفكارها التائهة بصدمة ريو الصارخ بإسمها: كاوروا...كاوروا.... هيييي كاوروا....!....تسمعينني....كاوروا!




قراءة ممتعة ،،،،،،،،،









س: هل سينجح ناوكي من الهرب؟
س: و هل ستكون لكاوروا نهاية كما نهاية نيك؟
س: هل سيصل سايكوا و رجاله بالوقت المناسب؟
س: ما سيفعل هاروكي و هيجي بعد هذه المعركة، هل سيقبض عليهم؟
س: هل أعجبكم البارت؟
س: أجمل مقطع؟
س: انتقادات؟


.



.


 
 توقيع : ورده المودة

















إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم

فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم



التعديل الأخير تم بواسطة جلنار | Gulnar ; 03-04-2020 الساعة 10:38 PM

قديم 03-04-2020, 07:34 PM   #15
ورده المودة
في جوار ربها ، اللهم ارحمها واغفر لها وتجاوز عنها


الصورة الرمزية ورده المودة
ورده المودة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 104
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 المشاركات : 221 [ + ]
 التقييم :  277
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة


.

















.






14
الموت ينادي..لكن أن يترك القلب مهجورا..
مُستحيل !!




وضحت كاوروا قراراها بإدارة جسدها مع السلاح نحو صاحب الذنب الأكبر....
بادر ريو قائلا بسرعة:...غبية، إنه فارغ!

أجل...هذه هي النقطة التي أزعجته.... نقطة دعت رصا
صة الهلاك تمدد جسدها بدم بدا يخرج من مستقره كالسيل...

خاتما سلسلة إفكارها التائهة بصدمة ريو الصارخ بإسمها: كاوروا...كاوروا.... هيييي كاوروا....!....تسمعينني....كاوروا!


لم غŒشعر بألم بکفغŒه التي غرقت بدمائها بحد الخنجر القابع بهما... المهم أن يفك نفسه .. المهم أن لا تظل تلك الفتاة بهذا الوضع الأليم ....

كانت بؤبؤتيه ثابتة نحوها بجزع لازمه، ينظر لدماءها التي اختارت طريقا طويلا في خروجها و تلك الرعشة التي امتلكت جسدها...

بالكاد رفعت جسدها المرمي واضعة كفها الأيمن فوق خاصرتها المصابة...
لتسمع صرخة متألم آخر قد طغى تغبنه على تجلده: لا تتحركي..

رسمت بسمة باهتة و هي تتحامل لإكمال جلستها و هي تحاول التكتم على أنين ألم و ملمح ضعف موجهة نبرتها المتقطعة له: أبي أرجوك توقف ...

نظراتها الخاوية من التعابير كانت مجهولة المنظر رغم توجيهه كلامه الساخر لها: أتوقف..!لم و مليارات الدولارات تتكدس أمامي؟!

غير مناط حديثه الذي بات يحرق كاوروا و يجرها للجنون: للأسف أنك بت تشبهين أمك في كل سكناتها، و اختياراتها... تلك المرأة التي كادت أن تشي بمن كرس نفسها في سبيل حبها و إرضاءها... لم تفهم كم كنت أعشقها و حاولت أن تحطمني..

قاطعته كاوروا بغضب دفين لمغزى تحاول إبعاده عن الإفتراض: أمي... هل قتلتها؟!
ابتسم ابتسامة شر تدل على نصره: تعرفين أنها ماتت مريضة، لم أفعل شيئا سوى إعطائها بعض الحبوب منتهي الصلاحية كعلاج لها...

رفع رأسه قليلا مردفا: لكن قتلها لم يكن محبذ لدي...كنت أطمح لإكمال سعادتي معها .
" أتأسف لمناداتك أبي طيلة هذه السنين .."
علت منها أنة وجع لم تسطع تمالكه حين تلقت ركلة من قدمه ....

بات دم ريو يغلي لقسوة هذا الكائن الذي بات يعذب ابنته جسديا ونفسيا... فهل هناك أقسى منه...

كان يستمتع بآهات أوجاعها المتعالية..


أخذ يسرع في فك الحبال قبل أن يفقدها: أنت لست بشرا، ابنتك تتأوه ألما بسبب طلقتك ...
بانت أسناناته تتضح لعرض الإبتسام و بات يكمل تعذيبها بتلك القدم الة فوق جرحها حتى انطلقت صرختها المدوية بمسامعه: هي صرحت أني لست كأب لها...أليس كذلك ماستي الصغيرة؟

عض ريو شفتيه حتى شقها و هو يرى عجزه جليا لإنقاذها، يرى الدماء التي اتخذت جسدها منيع نهر : أبعد قدمك عنها أيها القذر!

رفع ناوكي قدمه قائلا : حسنا، لا يجب أن أفوت متعة الألعاب النارية عنكما ....






صفق هاروكي بكفيه و كأنه،ينفض غبار نهاية العمل: انتهينا.
قال هيجي: مازلنا في البداية ، المختطفون ليسوا هنا و لا رئيسهم. .
تنهد هاروكي بملل: أعطني فرصة التبختر بإنتصاري .
ابتعد هيجي خطوات لينزل من السفينة التي باتت مكب نفايات ممتلئة بأجساد مرتمية: إتبعني .

تبعه هاروكي بعد أن تخلله شعور الأنس بهذا الطبع المألوف.. مترأس صارم... هذا هو والده على كل حال...
اتجها لسفينة أخرى ليبدآ بها جولة عراك أخرى بعد انتباه أحدهم لهما: هناك دخلاء!
اجتمعت دائرة من البشر حولهما قبل أن تعلوا أصوات الضربات و الأسلحة ليقطعهم بعد مدة صوت شاب مألوف: ما هذه الفوضى؟

بلع هاروكي ريقه ليهمس لمن جواره: أليس هذا ...؟
أكمل هيجي بحنق: نوي ..

ضحك نوي لحظات ثم تقدم نحوهما خطوات واثقة: كان يجب علي أن أعرف أن أحمقان مثلكما لن يتركا ساحة البطولة .

قال هيجي مقطبا حاجببه: ما الذي جاء بك؟... لا أظن أن السيد سايكوا هنا. .إذا...

أتم نوي مقصوده: هذا هو مكاني ...
رمقه هاروكي بإستحقار: لاتقل أنك سلمت كاوروا ...

توقفت تعابيره لحظة ثم رفع أصابعه مشيرا بصوت جهوري:واحد...اثنان...ثلاثة....
انقلبت الموازين فجأة بصدمة اجتازت عقول الجميع فها هو،نوي يعطي ظهره لظهر هاروكي و هيجي بإبتسامة مستفزة: جيد، لنبأ الجولة الحقيقية الآن.

صرخ أحد المواجهين لهم بغضب جم: أيها الخائن...
تحرك الثلاثة ببداية هيجي: بدأت أشعر بمفاصلي ترتعد حماسا و إثارة.
بدأ العراك فورا و قوة الثلاثة جابهت الجميع بتعاونها قبل طاقة أجسادها ، و هاروكي التائه بين خضم الأحداث ظل يعارك ملتفتا لنوي: أظن، بدأت أشعر بالصداع..!







أصوات دوي ذلك اللحن طغى الغوغاء التي أثارها تجمع الناس، و صرخة يوكي المظطرب أبعدت كل من بالواجهة: ابتعدوا عن الطريق، أفسحوا المجال للشرطة.... أنت ياصاحب السيارة الرمادية، قلت ابتعد ....
حتى أنه مد سلاحه ليطلق نحو،السماء محذرا فقال سايكوا بضحكة ساخرة: أوقف هذا الجنون، لم تتبق سوى عشر دقائق.
اعتدل يوكي بجلسته و،ملامحه التي ترسم مشاعره المكتظة لم تتغير: لو أذعنت للزواج و امتلكت ابنة في خطر لفهمت معنى عشر دقائق...

تأفف سايكوا قبل أن يرفع اللاسلكي الموصول بسيارته: إلى جميع القوات، لاتدعوا لهم مجالا للهرب، حاوطوا السفن بتغطية تامة... ...

نظر له يوكي نظرة ساخرة: تهرب جيد صديقي.
لم تتغير تعابيره الجادة بل استمر بالأوامر لقواته تاركا يوكي تابعا لإضطرابه.....





انحنى نوي رافعا سلاحين من ما رمي بالمعركة و رماها نحو هيجي و هاروكي: خذا، ستحتاجان لهما.

أخذ هاروكي السلاح بحيرة: لكن أنا...
استقام نوي واقفا رافعا سلاحه هو الآخر: ليس هذا وقت ال لكن، فهناك قنابل مزروعة في سفينة المختطفين ، و سيفجرها ناوكي بأي لحظة...

وسع هيجي حدقتيه متحركا بسرعة: مستحيل.
أوقفه نوي بإمساك ذراعه: السفينة رقم خمسة..

نظر له هاروكي نظرة استنكار: ألن تأتي معنا؟!

نظر نوي ليمناه حيث مسقر قلقه: لا، يجب أن أذهب لناوكي و أماطل ضغط زره ..بينما أنتما تخليان السفينة.

تحرك هاروكي مبتعدا: إذا هيا...
انقبض قلب نوي فجأة حتى كاد يفقد توازنه لولا أن أمسك بالسور جانبه: لا...
همس سمعه هيجي قبل أن تخطو رجلاه: ماذا؟

لم يجبه نوي بل بدأ يركض نحو وجهته طابعا الإستفسار لديهما، استفسار عن سبب فزعه... !

جاهلين انقباض قلبه بظلمة تنبئ بشر لم يضرب له حسابا..!





رمى بما قيده واقفا : الآن، لتبدأ بإعادة جملتك ناوكي ميشيل.
ضحك بتعال و صوت عال: اوووه، مثير للإعجاب...
تكتف بذراعيه مكملا سخريته: ماذا بعد؟... القنبلة بيدي، و اصدقائكم رهينتي... حركتك مرهونة بزر...لاغير.

بدا ريو متوترا لا يعرف حلا لما هو به: المشكلة أنك محق.

هستيريا الضحك واتت ناوكي بنوبة أشد من سابقاتها حتى أن بالكاد استطاع إيقاف نفسه من القهقهة و بينما هو كذلك انتبه لقبضة تقترب من وجهه ليبتعد باللحظة الأخيرة سامعا جملة ريو المفعمة بالثقة: لاتستهن بي.

انقلب سايكوا جديا و صارما: ترغب بالموت لامحاله.

أراد أن يجيب إلا أن صوت أنفاس متقطعة ناطقة بإسمه جعلته يتصلب مكانه....
استدار متجها لتلك الزاوية التي ارتطمت بها لحركة والدها الغبية، فجلس منتكسا بجانبها: كاوروا، أيتها الغبية... انظري لما فعلت بنفسك.

اكتفت بالنظر له فهو كل ما تستطيع ليرفعها ماسحا خطا أحمر استقر بذقنها: لم يكن لك لوم لو أطلقت علي، على الأقل لما شعرت بتقطع نياط قلبي هكذا دون رحمة...

قاطعته بكلمات راضية: أنا...إنسان.
ما كان منه عند سماع صوتها الخافت إلا أن ينزل وجهه ليلصقه بوجهها باكيا: لم ترحميني كاوروا، لم ترحمي...

ردة فعلها كانت معاناته لاغير، فذا فمها بدأ يقذف كتل الدماء و النزف صار في ازدياد ...
أمسك وجهها بيمناه المرتعشة خوفا عليها: كاوروا، أرجوك تحملي... قليلا حتى أنقذك، فرصة قليلة تكفي... قاومي كاوروا...
و هل الكلمات تفيها علاجا!...
احتك قلبه بنار اللظى حين احتكت كفها بخشب المركب ذاك..
بدأت صرخاته توهم بجنونه و آهاته بكلمات مشجيه أفادت صرعه!

"كاوروا...لا...كاوروا لا... لن يحدث شيء،مستحيل...!! قولي أنك بخير...افتحي عينيك و قولي أنك بخير...انظري لي، هذا أنا ريو...كلميني كاوروا...قلت لك كلميني...."

.
لم يخرجه ناوكي سوى لحالة الغيظ أكثر حين قال ببرود: ارتاحت بسرعة...هنيئا لها.
لم يستطع إيقاف دموعه أو شهقاته التابعة لها و لم يستطع قرار تركها لطموحه بلكمه... اكتفى بالإستقرار شاعرا بأنفاسها الضعيفة موجها كلمة غيضه الحاقدة: مريض...

استند على السور تاركا هبات النسيم تداعب خصلاته: عجيب... لايهم ما ترى، مازالت اللعبة في بدايتها...

نظر للسفينة التي تتقدمهم قليلا : قلبي يدق دقا لتتمتها...

رفع كفه بقرار جازم كاد يجر ريو للإستسلام بترك المضرجة بيديه ليمنعه إلا أن طلقة محمر العين مبعدا أداة التحكم ردعته...

لحظة فريدة أظهرت تعبير مقطب الجبين على وجهه: نوي...
أطلق نوي زفرة تلتها بصقة على الأرض : لقد وقعت بأسوء يد...تود تقطيعك إربا، منذ زمن و الآن... لا أستطيع كبح رغبتي بقتلك.

رفع كتفيه ببلاهة: أطلق إذا...

وجه فوهة المسدس نحو رأسه: كيف تجرأت بلمسها؟....إنها ابنتك.

فتح فمه ليجيب أحد أجوبته التي تستفز كل من يسمعها إلا أن طلقة أوقفته.....





أطفال منهكة، يائسة، و مضطربة لما سيواجههم...
البعض غفت عينيه متناسيا هم التواجد هنا و بعض مل البكاء الذي لا أثر سوى تلقي الضربات...
كانت ليندا تفكر بحال الطفل الناقص الذي هرب، فهل نجح بالهروب مبتعدا أم أن عديموا الإنسانية سلبوه حياته....
نظرت لميواكوا بأسف لحالها، فإن استمر الحال على ماهو عليه لا أحد يعلم العواقب لهذه الحامل هنا!..

أما الجالسة بزاوية متوحدة لم تستطع الإستقرار بأفكارها... والديها، هاروكي، و تغيرات هذا الماضي الذي ختم عليه ما لم تتخيل رؤيته....
تغاضت عن كل شيئ و انحصرت بالتفكير حول هاروكي الذي ادعي عشقه لها...!
فهي لم تسأله و لم تتحدث معه منذ مات نيك.... حافظ السر الذي حوى،مكانة الأخوة لديه، لذا هي متأكدة أنه سيأتي إن لم يأت بعد.... لا لهدف إنقاذها، بل للإنتقام للعزيز المفقود في المقبرة...

ابتسمت لسخف أفكارها بهذه المعمعة... حبه لها و إنقاذها...!

فاجأهم صوت الجلبة خارج هذه الجداران التي تحيطهم ليعلموا بحظور أمل لنجاتهم...
بدأت ليندا بضرب ظهرها بالجدار لتصدر صوتا يدل الحارج عليهم فتبعتها إيريكا مستحسنة الفكرة و تلاهم الأطفال تقليدا....

اختفت الأصوات ليضمحل الأمل الذي لم يدم لحظات...

و مع ذلك، المشاعر قد تخطئ بعض الأحيان فذا اقتلع الباب و ظهر مثيلين بوجه بطولي متكاتف...

رفعت إيريكا رأسها لتصعق كما لو تلقت صفعة تنبها بتواجده،منقذا لها....

شدت على كفيها المغلقين و أهبطت رأسها يأسا،من مشاعرها التي تهوى تخييب ظنها إلا أن ثوان لم تمض حتى لامست كفيها شعورا مألوف لها منذ الطفولة... و هل يعقل أن تنسى دفء كفيه؟!

قال بخفوت يشدها للنظر له: يا إلهي، تتصرفين و كأنه يحرم القلق عليك...مابالك؟!
فكها و أزاح الخرقة التي توسطت فكها مبتعدا للأطفال بصمت...

لاحظت إيريكا أن ليندا و ميواكوا بدأوا بفتح ايدي الأطفال و هي جامدة فخاطبها هاروكي محفزا: بسرعة... افتحي ايديهم فنحن نسابق الزمن.

لم تعي سر جملته المتوترة إلا أنها انصاعت لأمره و شرعت بالمساعدة. ...

خرج الجميع بقيادة هيجي و هاروكي اللذان كانا يبدوان على عجلة فعلا!

توقفت ميواكوا مبعدة يدها عن ممسكها تلتقط أنفاسها: دعني آخذ نفسي لحظة...
أدار هيجي رأسه لها: أختي، هذا ليس وقتك ... هناك قنبلة على وشك الإنفجار ..
توسعت حدقتيها و بلعت ريقها : قن...بلة!

جرتها إيريكا بإنفعال: أسرعي ميواكو، لا أرغب بالموت مقطعة الأشلاء.
نظر لها هاروكي بضحكة،خفيفة: من الجيد أن أحدهم احتفظ بروح المرح.

جعل هاروكي نفسه مسؤول،الحدث : اذهبوا الآن، أنا سأهتم بالأطفال...
قال هيجي:هل ستحفظ،كل وجوههم؟..لن استطيع التعامل معهم صدقني... دع كل منا ينتبه لقسم منهم، هذا سيكون أضمن.

أومأت ليندا بالموافقة: فكرة صائبة.
أسرع الجميع بجمع الأطفال و تقسيمهم، ثم خرجوا بأقصى ما يستطيعون...

أجلس هيجي ميواكوا جانب الرصيف على بعد مسافة آمنة: هل أنت بخير ميواكو؟
أشار له بوجه شاحب يبعد وجهة التصديق عنه: أجل .
جلست ليندا بجانبها واضعة يدها فوق بطنها: هل تشعرين بألم؟
أجابتها : ليس كثيرا .

حاولت إيريكا استفهام الوضع: مابها؟
أدارت ليندا وجهها لهم: الحركة أكثر،مضرة عليها و على الجنين، أنتم إذهبوا و أنا سأبقى معها.
لم يكن هيجي مطمئنا بالذهاب فأراد أن يغير الرأي لما يجول بخاطرهز لكن ...
قاطعته ليندا بصرامة و عينين جادتين: هل عمل الشرطي متوقف على حراستنا؟

ابتسم فاهما منظورها: فهمت...إعتن بها ريثما أعود.
قالت له ميواكو جملتها التائهة في بحر حنوها: كن حذرا.

ابتسم قائلا جملة تغيير جو: سأفعل، لاتقلقي أمي.

هاروكي بضجر: لا تقل لي أنني سأخسر فرصة الإنتقام ؟
تدخلت إيريكا بالتمسك به: دعني أشهد انتقامك.
تعمق في كلماتها المتهورة التي رد عليها هيجي: غباء، نحن نريد إنقاذ كاوروا و ريو لا أن نحمل عبئا معنا..
ليندا بتفاجؤ: كاوروا هنا..!
وجهت إيريكا قبضها نحو هيجي ليمسكها: لن تردعني، بالذات لأجلهما لا أستطيع تحمل البقاء هنا.

التقط هاروكي ماتقصده، فهي ترمي لقلقها على والديها فأومئ بالإعتراض: وجودك لن ينفع، سوف تستطيعين الإطمئنان عليهما لاحقا...

نظرت له برجاء بالغ: تفهم هاروكي، لو كنت مكاني ما كنت ستفعل؟
أغمض جفنيه بتفكير ثم فتحها ليبلغها رأيه الأخير: لن تتحركي من جواري.
أومئت بالإيجاب فرحة معانقة ذراعه بإمتنان: أنت رائع هاروكي.

إلا أن هيجي قرر العقلانية: هذا ليس وقت التأثرات العاطفية، و ليس وقتا مناسبا للرومنس أيضا، نحن نريد المحاربة، بل سنقتحم حربا حقيقية فلا مكان لك إيريكا.

تقدمت أمامهما دون التلفظ ليقول هاروكي: إنها عنيدة ..







أما في هذه اللحظات كان نوي متصدر المعركة من رأسها... و أمامه شخص راكع واضعا يده مكان رصاصة استقرت بفخذه: ما الذي ستربحه بوقوفك في صف الشرطة الحمقى؟
كانت عصبيته مجهولة السبب إلا أن كلماته تزيد الموقف غموضا: من قال أنني في صفهم، أنا في صف أختي التي ظلمتها و جررتها لتجرع كأس الموت غصة غصة، و الآن تتجرأ بالإطلاق على إيريكا كأنها سلعة ...!

قال ناوكي بإستخفاف : هل أنت غاضب لعدم حصولك عليها؟...
جملة تكفلت بطلقة في فخذه الآخر ليرتمي مستلقيا ممسكا بها يتأوه : ماذا تفعل أيها الأبله؟!

كلماته احتوت جمودا مرعبا لوهلة : هل تؤلمك؟...
نظر له ناوكي بغيظ منتظرا ما يأتي: هل قدميك تؤلمك؟

شدد على حروفه المهددة: تألمك يريحني، أكنت تظن أنك ستموت بسهولة؟...سيكون مماتك جنة لما ستقابله.


خطوات مقتربة أعلنت عن وصول صاحبها: ما الذي تفعله نوي؟!
لم يحرك ساكنا: لا تقلق، لن أقتله، فتلك له راحة...
اقترب هاروكي منه: هل هذا هو ناوكي؟

لم يأبه نوي للجواب لذا صمت ليفهم هاروكي الإيجاب: دعني أطلق عليه أيضا...
قال هيجي المقترب بدوره: أنا أيضا أود إفراغ غضبي عليه.

اعتلت ضحكات الجالس بتثاقل على ما يرى: لا أصدق أني أصبحت مهما لهذه الدرجة...تتسابقون على إصابتي...يا إلهي...

لم يستطع هاروكي الوقوف ساكنا وهو يقابل قاتل صديقه يستفزهم بضحاته المتعالية فاقترب جسده ليوجه له لكمة في معدته: أبق فمك مغلقا...
استحضر هاروكي صورة صديقه المدمى أمامه فبدأ يركل الماثل أمامه و يضربه بكل مايملك، إلا أن ابتسامة ناوكي لم تترك حيزها بوجهه....

استرد ناوكي أنفاسه ليرفع مسدسه صوب فتاة قابعة في بقعة خبئت مالم ينتبه له من صورة مريعة:حركة و ستكون ضحية.

خرجت لترى و كأنَّها في حيِّ مختلف ... بدأت تمشي و تمشي بخطى تائهة دون أن تعرف أينتوقف هاروكي ينظر لفتاته المنصدمة: أيها الوغد!..!

قدميها أخذتها خطوتين للخلف ، لم تشأ أن تحفظ ملامحه التي ظهرت أمامها لأول مرة ...لم تشأ أن تفهم أن من يكون جدها قد احتجزها رهينة لهربه...!
إلا أنها سقطت فوق شيئ رطب لم تحسب له حسابا، رفعت كفها لتشم رائحة الموت بلون أحمر قان...
ازداد ارتعاشها و توقف عقلها عن التفكير و بدأت تدير رأسها استكشافا لحقيقة هذه الدماء...
لكن يدين أعادت وجهها لجهته حيث هو يقف آمرا بحزم: لا تنظري..

كلماته كانت مفهومة، لكن عقلها الباطن أشار لها بسوء الواقعة لتدير وجهها فضولا خاصة بعد سماع حنين شخص مألوف لها....

أغلق هاروكي عينيها من فوره: قلت لاتنظري...

إلا أن عينيها سبقته بإستدراك الحدث فتعالت دقات قلبها لهول المنظر....
والدها يئن أنينا و هو يتمتم بخفوت مالا تفهمه الآذان بينما تتخلخل أصابعه شعرها المرتمي مصبوغا كما الجسد بذاك اللون المهيب...

جرها نحوه هامسا في أذنها ما قد يهدئها: لا تنسي أن هذا ماض لاغير...
ملئت دموعها كفيه لحظات قبل أن تخرج من العالم الإدراك بين يديه دون صراخ أو ردة فعل عنيفة و كأن اعتصار قلبها منعها من ذلك أيضا.....

تنهد ناظرا لمسبب مجزرة قلبيهما بازدراء واضح: صدق نوي، فالموت قليل عليك...
كان محتفظا بإبتسامته رغم شحوب وجهه لكثرة النزف رفع حاجبا و أهبط آخر مستخف بما حوله من بطولة ، أمسك بالسور خلفه و بدا ينهض متثاقلا: هل تظنون أن أمري انتهى؟...تمزحون..!

رفع يده و معها مسدسه الموجه نحوهم: لكل شيئ حل...

اعتلت نبرة النصر من نوي : إن كنت تقصد الفرار برمي نفسك في القارب الخلفي فاعلم أنني أفلته منذ ساعة.
قطب المعني حاجبيه و بلغ غضبه منتهاه: خائن..

لكن صرخة هجوم باغتت الوجوه و طبعت عليها الدهشة، فظهور أحدهم رافعا ذاك القضيب المعدني ليضرب نوي من الخلف....

حاول نوي بحركة سريعة أظهرته طيفا أن يتحاشى ماتوجه نحوه لكنه كاد يخفق و يصاب لولا ظهور شخص أخذ مكانه ليرتمي جالسا بألم بجانبه....

استغل نوي ذلك بإطلاق رصاصة نحو المهاجم فيسقط،جثة هامدة...
ثم انحنى نوي له قائلا بقلق: أأنت بخير هيجي؟
رسم على شفتيه بسمة واثقة: ضربة كهذه، لاتعتبر شيئا ... خاصة عندما أشعر بلذة انتصاري الأول.

دقق نوي على شيئ خارج عن نطاق الموجود : فهمت....

وقف بثبات مقابل ناوكي : يسرني أن أخبرك أن كل شيئ بلغ منتهاه سيدي الموقر.

عض شفته بإمتعاض:... لا، لست من يقع خاسرا.

اقترب منه بخطوات لاتزعزها مخافة منه أو مما يمده : سأثبت لك، واحد ...اثنان... ثلاثة...

قبض على ذراعيه ليديره صوب الميناء ناحية اليابسة: أنظر، لقد وصل ما يجب أن تخشاه.

ظهر صوت لحن الشرطة يعبر عن النهاية بعد ثمن باهن لايعلم ذروته...

ارتقى سايكو متقدما رجاله المتكاثفون في السفن: فتشوا كل مكان، لاتدعوا لهم مجال الهرب...

سلم نوي مسبب تلك المصائب لرئيسه لتنتهي مع مهمته صلابته الظاهرة و قدرته على تحمل المزيد...
توجه نحو الفتاة ذات الشعر الأشقر المضرجة بيد صديقها، جلس بضعف جوارهما و مد يده ليلمس ملمحها المتألم إلا أن يدا أوقفته بعنف قبضتها ليده...: لا تجرأ على لمسها ، أنت السبب فيما حصل لها .

استسلم لدموع دون أن يكفكفها: أنا أحق بإمساكها، أحق بالبكاء على نفسي لرؤيتها هكذا..
رمى ريو يده و اكتفى بالشد على كاوروا بيديه : ليس الآن، ابتعد نوي ...ابتعد فقط....






الجميع قد أخذ للمشفى، مريضا أو مرافقا أو عزيزا....
فالكل جرحى يطلبون الدواء
ميواكوا خضعت لفحوصات لها و لطفلها أمانا لها و لطفلها المرتقب و توجب عليها البقاء يومين أو ثلاثة تحت الرقابة لما مرت به تأزماتت نفسية...
و يوري حاضر يهدئها مطمئنا بحديثه عن مدى قلقه و كثرة مخاوفه...!
و ما كان منها إلا الضحك استهزاء به و فرحا بإهتمامه....

إيريكا موصولة بالمغدي لهبوط ضغط اعتراها جراء تلك الصدمة، قرينة ببعض المهدئات....
و بجانب سريرها اتخذ هاروكي مكانه...

هيجي تلقى علاج بالضمادات و بعض المسكنات البرهمية لورم انتفخ جراء الضربة التي استقرت بظهره....

ليندا لم تنج من كل أنواع الفحوصات للقلق الذي طغى قلب والدها....

أما ريو فحالته الهستيرية منعت الأطباء من الإقتراب منه!...فظل جالس على بلاط المشفى يترقب خروج الطبيب بما يسره من غرفة العمليات هذه...

تلك الغرفة التي شابهت آخر مضطجع لنيك....
و قد شاطره نوي تلهف السعادة بعد أن استأذن رئيسه سايكوا واقفا تاره، ماشيا أخرى.... و،جالس في دقائق معدودة....

و عن سايكوا، فوظيفته بدأت للتو،بادئا بها بإعتقال فرع منظمة إجرامية عالمية و استجوابهم ، و كأمر جزئي علاج ناوكي في زنزانة خاصة...

و هذا مئال بدايتنا، كل شيئ بخير إلا... قلوب ترتعش خوفا من ما تكتبه صفحات الأيام هذه، فهي صفحات تاريخ لنا و ساعات عمر من مضى....

و ما المشيب إلا ناتج تاريخ دونته حوادث البشر....


أه، و لا ننسى الساقط من القلم بطلنا الصغير نيكولاس، فهو هارب من مشفاه عند سماع الخبر ، آت بيد مكبلة بجبس و ضماد لأخته المرهونة بخطر...
تلك التي أهدته الكثير بطبق طعام،يسد جوعه و بقطرات ماء تشبع ظمأه، فقد أطعمت لحظاته وجودا طيبا و أروت روحه بقلب كان حانيا....

وصل لريو المنتكس بشرود غاضبا ليصفعه صفعة تحمر لها وجنته، إلا أنها لم تكن كفيلة بإيقاضه من عالم الظلمة الذي ساد على قلبه: أهذا ما وعدتني به ريو؟!.... هل تسمي نفسك رجلا و هناك،فتاة تحت كنفك،تصارع الموت...؟!

تدخل طبيب قد مر من مكانهم: أيها الفتى...لا تنس أن هذا مستشفى ،ليس مكان تصفية الأمور الشخصية...

توجه نيكولاس للجلوس على،مقعد يقابل ريو منظرا بدوره ما ينهي الفوضى العارمة كصراع داخله....

و في جانب من،جوانب هذا المشفى كما ذكرنا ، استيقظت فتاة بتوتر جلا ببؤبؤتيها الناظرتان نحو هاروكي: هل أمي بخير؟

اكتفى بإجابة صريحة: لا أعلم إيريكا، فهي في غرفة العمليات الآن.
جلست رغم معارضته و سحبت إبرة المغدي من يدها ، و نهذت متجاهلة الدم السائل على ذراعها: أريد الذهاب لأبي.
تقدمت و هو يتبعها حتى بلغت محله ، لاتعرف هل يسع الوصف « تقطع فؤاده» أم «توقف نبضه» كل هذا الحزن الطاغي عليه....

استندت على الحائط بجانبه فترة يسودها الصمت ثم تحدثت بصوت مغبون يوشك على الإنفجار بكاء: لن ترحل، أعدك بذلك.

تنهد طويلا قبل أن يتحدث بخفوت يدل على ضعفه: أرجوا ذلك، فأنا لدي الكثير مما لم أقله.
حاولت المواساة: خبئ حروفك لها، فهي لن تترك إبداء الإنزعاج منها و رغبة تحطيم رأسك الفارغ.

" أه، فهي يجب أن تعرف كم أعزها، يجب أن تعرف كم أتوق لسماع صوتها، رؤية حقيقتها، يجب أن تعرف كم أعد الساعات كل يوم حتى أراها...يجب أن.."
بتر جملته لتكملها إيريكا بحزن :..تعرف كم تعشقها.

لم تتمالك ضعفها أمام انهداد سورها و عمادها فجثت فوق ركبتيها تحتضنه باكية: ستعرف ريو، أقسم أنها ستعرف....

أسدلت ستار غبائها المستتم و بدأت تنطق بما يستهويه عقلها الآن:...آسفة، حقا أنا آسفة... آسفة لشكي بك أ...
أكملت كلماتها مع النبض دون أن تخرجها...
(( آسفة أبي، آسفة لشكي بحبك لها...آسفة لرغبتي لأخذها بعيدا عنك، يبدوا أني كنت أخطط لقتلك جنونا أبي...لا، بل صديقي ريو..))





خطت بتثاقل نحو مسير تلك الغرفة، فخوفها لايقل عن البقية على تلك المتوسدة هناك، تلك القابعة تناضل بين البقاء في عالمها المشين أو للرحيل تاركة حياتهم مساوية للجحيم، فهي لا تريد ترقب فقدها،كما فقدت نيك...ذاك الجار الذي اجتمع شمله مع شمل العائلة ...هي مازالت قابعة في شباك أخوته.، هي مازالت في عمق مصاب تفشل بتناسيه لتواليه المصيبة الأخرى....

وقفت بغية استرداد أنفاسها قبل المواجهة فتفاجأت بجسد صلب يصطدم بها لغرابة عالمه ، و الغريب أكثر كونه مقتحم عالمها هيجي....

لم يعرفا كيف التصرف، و ما المناسب طرحه حين لا تتخلل الإبتسامة وجهيهما، لكن هيجي لم يطل الحيرة : أين عمي؟

قالت: ذهب لينهي إجرائات إدخال إيريكا و البقية.
أشار لمسلكها: ذاهبة لغرفة العمليات ؟

أشادت بذلك: أهم، و أنت؟

أمسك كفها متقدما: أجل، ذاهب هناك .

ماهي إلا ثواني و بان لهم عالم الضياع ...
ترك هيجي ليندا و توجه لريو القابع بحظن إبنته: ريو.

أجابه ريو بطرف عينه دون أن ينبس ببنت شفة مما جعل هيجي يقرن ملامحه بأنه تائه في غمامة حزن لاتنجلي...

أما ليندا فاتجهت نحو الصبي المعزل و اتخذت مقعدها متوسطة له و لهاروكي: ماتفعل هنا صغيري؟
تجاهلها ليجيبها صوت ابنها: هو طفل كانت تهتم به إيريكا...كان مختطفا أيضا، و لولا شجاعته لكنا هالكين .

من عجائب اللحظة أنها تحوي الكثير من الجوانب و أنت لاترى إلا إحداها...
فذا هيجي قد جلس متربعا مقابل شريك أنفاسه و مد يده لتشد على كفيه الباردتان لفقدانها دفء المشاعر: ريو، ادع لها...عوض الكون ضعيفا.

رسم بسمة طفيفة ساخرا: أدعوا. ...؟!
أومأ إيجابا : الكل يدعوا لشفائها، أنا...هاروكي، نوي، ليندا، إيريكا... و حتى يوري و ميواكوا، الكل يعيش معك حزنك ريو...

شعر ريو بثقل انهد فوقه، نهض فورا يدير رأسه يمنة و يسره بتذكره ما أنساه العذاب: أختي!...أين أختي هيجي؟!...هل هي بخير؟

وقف رابتا على كتفه: لاتقلق، هي بخير تماما .

وجه طلبه له مباشرة: خذني لها .

فرحت إيريكا لكونه خرج عن التفكير قليلا، إلا أن فرحها تبدل لقلق عند رؤيتها له يتخبط و يسقط في مشيته، و كأن التفكير بميواكوا كان متسعا لأفكاره السلبية المتخوفة...
ظلت تنظر لإبتعاده بمساندة هيجي و ترى شابا يافعا أوصله يوم للمشيب...
فعالم المشيب ليس شعرا أبيض، بل قلبا أهلكه الدهر بغدره....




دخل هاما بإحتضانها و شم عبيرها، يقلب خصلاتها بكفه ليعي سلامتها، ظل حائر المنظر لا يستطيع مفارقتها حتى كاد يوري أن يسخر كعادته لولا ملاحظته حال ريو المحزن....
رفعت ذراعيها و بدت تربت على ظهره المنحني: كل شيئ بخير، صدقني ريو.
ابتعد عنها لحظة ليقول: حمدا لله أنك بخير.
ابتسمت له بحنانها المعتاد : آسفة لإقلاقك.

عاد ريو لإحتضانها كمن يطلب غوثها في ضياعه: خفت عليك أمي...خفت كثيرا.
انتبهت ميواكوا لما تلفظ ..((أمي..!))
تذكرت عالم ريو الحساس دوما... و تذكرت طفولتهم الثلاثة، و تذكرت آخر مرة سمعت هذا اللفظ....
نظرت لهيجي بإستفسار للحدث الذي أعاد هذه الكلمة لا إراديا و هو اكتفى بنظرة أسى...
فهذين الشابين احتفظا بأمومتها حقا، و عند فقدانهما عالم الإدراك يعودان بالتصريح بما اختزنه قلبيهما...
و هي أفضل من يعرف أنهما رغم فارق الطول منذ رأتهما، مازالا يعيشان تلك الطفولة...

أبعدت ريو قليلا و قالت له بجدية: ما الذي جرى ريو؟
بلع ريقه عند معرفته جهلها...ثم استدرك عدم بغية إقلاقها، فاكتفى بإبتسامة حزينة تحاول إخفاء حزنه: كاوروا، جرحت ...لذا أنا متوتر بعض الشيئ، لكن لاتقلقي...ليس سوى جرح طفيف.

فهمت الموضوع عندها من ذلك التلؤلؤ العميق بعينيه، فقبلت جبينه و قالت متغاضية: صغيري وقع بحب فتاة تؤرقه و تقلقه أخيرا... لاتقلق، ليست غبية لتترك اعتراف شاب مثلك...
تدخل يوري بتخلل يده شعيراته البنية: يارجل، تمالك أحاسيسك.... عندما تستفيق يجب أن تراك كالطود الشامخ، لا ورقة شجر يابسة.

استرخى بقرب أمه الصغير فترة ، ليؤنسها رغم أنها هي من آنسته ، ثم استأذن بالإنصراف ليتبعه هيجي بعد أن قال: لاتتعبي نفسك أمي...

خرج ليترك ريو الضاحك خلفه: مابالنا مع أولادنا الكبار..!
نظرت ميواكوا له بتأنيب: يوري، هما ليسا بخير أبدا... أنت لا تسطيع فهم هذه الكلمة لهما... هما اعتادا عليها ، و لم يتركا هذه العادة إلا لسخرية الآخرين ... عندما تسوء أمورهما تظهر حقيقة رؤيتهما لي.

أشار لها بسبابته نفيا: أسأت تدليلهما عزيزتي.
صمت لتظهر عليه علامات اللطف و الإستحسان: و أنت ميواكوا، هل ترينهما ابنيك؟
أجابته بمراوغة لكون تفكيرها معلقا عليهما: يوري، أنا خائفة عليهما كثيرا...خاصة ريو....عيناه الحمراوان تخيفني.
قال بخفوت: هكذا إذا...كنت أظنها مزحة طيلة الوقت.






كان ينظر لعيني ليندا الحنون الموجهتين لذاك الفتى و يجسد نفسه مكانه، كان تفكيرا جميلا...
أن تبعثر شعره و،تمسح دموع مقلتيه...
أن تبقى تهدأه بكلمات طالما افتقدها بصعابه...
و أن ترفع عينيها نحوه قائلة: هل أنت جائع؟
»»»»»»
لحظة، هذه الكلمة حقا موجهة له!
حاول الرجوع للواقع ليجيبها :ماذا؟!
أعادت مقولتها مع إضافة: هل أنت جائع؟...سأذهب لجلب شيئ لنيكولاس .
أجابها بفرح تغلل قلبه: عصير فقط.
أومأت إيجابا قبل نهوضها لتتركه متحلما بما أدركه توا....
جرعة من حنانها...
بالتأكيد هو لن يستطيع شرب العصير لانسداد شهيته بهذا الوقت، إلا أن الحصول على شيئ منها مباشرة أمر لا يتجاهل بالنسبة له....

ظهر صوت أنثوي يألفه ليخاطبه أخيرا بعد يوم عصيب: هاروكي، أقالت ليندا أن اسم الطفل نيكولاس؟!

نظر لها و لذهول ظهر عليها: أجل هو بعينه.
دققت كاوروا على ملامحه و على خصلاته الشقراء و عينيه العسليتان، فهذا هو من نادته سنين بخالها....
ذاك من تشاطره كل مالاتستطيع البوح له لسواه....
ذاك الرجل الرشيد ذو الفكر الناضج و الرأي السديد...
من كانت تلجأ لمشفاه طلبة حظنه الدافئ....

كلما لاحظت ملامح التشتت على منظره استغربت وصوله لطبيب حاذق ذو سمعة طيبة، و مال وفير...

نظرت لهاروكي مشيرة لصاحب استفسارها: أهو خالي نيكولاس؟!

اكتفى بقول: أظن.
ترقرقت عينيها دون أن يفهم هاروكي مغزى عودتها لهذا الحال، فهو ليس قارئ أفكار على كل حال....

فهي كانت تطلب مأمنها الخافي منه ، حظنه الذي يحويها في ظروفها الصعبة....
هي الآن تحتاجه أكثر مما سبق، لكن كيف و هو فتى يستنجد عطف أي أحد من حوله...
انحنت لتسقط ضعفا لولا يدي هاروكي الذي أمسكها بهلع: إيريكا...
أجلسها مكانه و جلس هو مكان ليندا السابق، سمع آهاتها أخيرا ....
سمع ماكتمته من مشاعر لا يتفهمها أحد هنا سواه: أنا خائفة ، و قلقة عليها... أشعر بالوحدة هنا، لا أحد يعي مايجوب داخلي و ما يشل تفكيري... إنها أمي التي تقبع هناك هاروكي...

ابتسم و قال بإصطناع سخرية: وحدة و أنا هنا، مزحة بالتأكيد.
أهبطت رأسها حياء و خجلا و حرجا منه: كفاك تصبرا هاروكي، جررتك معي لتعاني الأمرين...لا ألومك على...

وضع كفه مستلقية على شفتيها باترا جملتها: أنا ألوم نفسي....أنا ألوم نفسي على إهانتك التي لا أطيق سماعها من غيري و مع ذلك تجرأت و فعلتها... تجرأت على إحزانك رغم أن لا ذنب لك، أنت التي صبرت على ملامتي طيلة هذه الفترة .... و على أمنية أنا تمنيتها و لن أندم عليها...

أبعد يده لتستقر نحو قلبه:.... استجبت لهذا النبض و لازلت أستجيب، صدقيني.

احمرت وجنتيها و باتت ترميه بنظرات الإمتنان رغم خجلها: أشكرك ، على كل شيء.
ظهرت ليندا و بيد منها عصير هاروكي و بالأخرى ساندوشة همبرقر قد ابتاعتها من مكان قريب: هذا ما طلبتما.

قالت لإيريكا: ....إيريكا، لا تبدين بخير!

أجابت بنفي لما التقطته: لا، أنا بخير.
نفى هاروكي بدوره كلماتها : هي ليست على مايرام، فقد تهاوت حتى السقوط لولا أني أمسكت بها.

أنزلت ليندا جسدها لمستواهما و وضعت يدها فوق جبين إيريكا بعدما سلمت العصير لصاحبه : حرارتك مرتفعة أيضا..! أظنك صدمت بالفعل...

شدت على ركبتها ثم جعلت رأسها يستقر فوق قدميها: أنا أفهم شعورك عزيزتي.

ظلت الموازين مستقرة لثلاث ساعات تقريبا حتى ظهر صاحب اللباس الأخضر...
استقبله الجميع بتوتر و خاصة من كبت دواخله بصمت طيلة هذه الفترة دون أن يفكر أحد بعمق آلامه و تأنيب ضميره ، أمسك نوي بكتف الرجل الأربعيني: هل هي بخير؟

صمت لحظة مستغربا من الحشد المحيط به قبل أن يقول : لقد أديا
ت عملي، و الباقي يعتمد على جسدها و تحمله، لقد نزفت الكثير قبل إيصالها.

أمسك هيجي صديقه الذي لم يخرج من وضعه بعد بل كاد يغمى عليه لما تهادر على أسماعه: ريو...

التفت الطبيب لنوي مستفسرا بما لم يطرأ على بال أحدهم بسبب الإرتباك الحالي: هل لك صلة بالمريضة؟

جوابه كان صاعقة: خالها.

نظر كل من هاروكي و إيريكا لبعضهما بحيرة، فهل كانت شخصية نوي خفية لأهل هذا الزمان...؟!
أما الباقين ظلوا يستوعبون ما طرق أبواب فهمهم بحروف نطقها من..؟

نوي....!


س: هل انتهت قضية ناوكي أم أنها لازالت مستمرة؟
س: هل سيعود بطلينا لزمنهم بعد كل ماجرى؟
س: هل أجدت حبكة القضية البوليسية؟
س: أجمل مقطع؟
س: آرائكم.......



قراءة مُمتعة ،،
.



.


 
 توقيع : ورده المودة

















إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم

فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم



التعديل الأخير تم بواسطة جلنار | Gulnar ; 03-04-2020 الساعة 10:47 PM

موضوع مغلق


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
في كتاب الدهر حفرت صفحات عمري RoRo Uchiha مدونات الأعضاء 34 02-27-2023 07:42 PM
♥♫يتوقف الزمن..ولا يتوقف حبي لك♪♥ ♥♫Tiara.Flower♪♥ روايات الانمي_ روايات طويلة 5 12-31-2020 02:39 AM
متى ستظهر الحقيقة كاملة؟ [شظايا لعنة بعثرها الزمن] Inas Fallata روايات مكتملة. 21 03-24-2020 03:07 AM

شرح حديث

علف


الساعة الآن 07:50 AM