غريبٌ هو العنوان صح؟
حسنٌ, قد يكون غريبًا,لكن ليس بالنّسبة إلى مَن يعرف أنّ ق.ق.ج هي اختصار ل (قصّة قصيرة جدًّا)
القصّة القصيرة جدًّا هي فنٌّ حديث مُعاصِر
عِبارة عن جُمَل قلائل, يَختصر فيها الكاتب أحداثَه.
أُطلِقتْ تسميات ومصطلحات عديدة على هذا النّوع القصصيّ مثل:
القصّة الحديثة,القصّة الوَمْضة,القصّة اللّحظة , القصّة البرقيّة...الخ,
و مجموعة القصص القصيرة جدّا يمكن تسميَتُها:
مقطوعات قصيرة, بورتريهات, مقاطع قصصية...الخ
لكنّ أكثر تسمية راقَتْني هي: القصّة الوَمْضة, و عليها سأعتمِد.
يُرْتَكز في كتابَة القصّة الومضة على أربعة ركائز :
التّكثيف و التّركيز
أَي الاقتصاد في الكلمات, والاكتفاء بالقليل منها ممّا يَفي بالغرض,
إذْ يجب أن تكون القصّة مُكثّفة جدًّا وخالية من الزّوائد والحشو الوصفيّ, لتوصِلَ الموقف و ترصُدَ الحالة الإنسانيّة الصّادقة,
وقد أعجبتني المقولة التالية بهذا الصّدد:
"القصةُ الومضةُ تَبني رِهانَها الجَماليَّ على أنّ الكتابة هي فَنُّ الحذفِ لا فن الإضافة "
إذًا نستطيع اعتبارَها تدريبًا على الاقتصاد بالكلمات.
اقتِراحات لإنشاء لغة مكثَّفة :
* استعمال أفعال الحركة مثل لَجأَ -يتذكّر-مَشى, و التّقليل من استخدام أفعال الوصل و الأفعال النّاقصة مثل:يبدو-صار-كان
* تجنُّبُ استعمالِ الصِّفات والظُّروف -إلا ما كان ضرورياً لتطوير الحدث أو بناء الشّخصية.
* الاعتمادُ على الجمل القصيرة, والتّقليلُ من استخدام أدوات الربط
مثل : ثمّ-رغمَ -حيث أنّ...الخ
* استخدامُ الحوارِ بدل السَّرد.
و بعد كلّ شيء؛ فإنّ التّكثيف ليس حُجّة لتغييب البطل, فغياب البطل يُقرّب القصّة مِن جوِّ الخاطرة.
الإيحاء
و هو جعْلُ القارئ يعرف ما تتحدّثُ عنه القصّة,
من دون إعلامه ذلك بصورة مباشرة,لكن على الكاتب ألاّ يسلك بلغتِه التّنميقَ الأسلوبيَّ المُفتعل في سبيل الإيحاء.
المُفارَقة
هي طريقة يعتمِدُها الكاتب؛ تقومُ على إبراز التَّناقض بين طرفين كان مِن المفروض أن يكونا مُتّفقين,بحيث يكون هنالك
استنكارٌ لاختلافٍ وتفاوُتٍ بين أوضاع كان من شأنها أن تتَّفق وتتماثل,
فهي تقنيّة قصصيّة تبعث على الإثارة والتّشويق, وقد تفتِّق الضّحك السّاخِر!
الخاتمة المُدهِشة
تُشكِّلُ الخاتمة في القصّةِ الومضةِ الغايةَ والهدف،
ولذلك فهي تَختلف عن أساليب الخاتمةِ في القصّة القصيرة-
التي من الممكن أن تكون واضحة أو مُرَمَّزة، أو مفتوحة على احتمالات كثيرة.
القصّة الومضة هي بدون بداية في الغالب- و تُركِّزُ على النهاية ,لذلك شُبِّهَت بالرّصاصة التي يَنحصر عملُها الأساس
في إصابة الهدف بكلّ طاقتها الانفجاريّة.
على الرّغم مِن الإيجاز في القصّة الومضة فإنّها ليست مجرَّد مقدّمة لقصّة أطوَل، ولابد أن يشعر القارئ بالرِّضا عن النهاية؛ فلا يتساءل وماذا بعد؟ مهمٌّ جدًّا في القصّة الومضة ألاّ يُترك القارئُ منتظِراً للمزيد.
“إنّ الـفـكـــرة الـنّـبـيلــة
غـالـبــًا لا تحـــتــاج للــفهـم
بـــل تحــتـــاج للإحــــســــاس”
كَـرَم
جلسَ على الرّصيف مادّاً يدَه إلى المارّة. في المرّة الأولى جَمع ديناراً.
في الثّانية جمع مائة دينار. في الثّالثة جمع ألف دينار. لَم يعدْ يجلس على الرّصيف. مضت سنوات طويلة.. شاهده المارّة يُسقِط في كفّ سائلٍ ألفَ دينار. صرخوا به: هذا كثير. قال: يومَ جمعتُ ديناراً أكلتُ به، ويوم جمعت مائة اكتَسيت، ويوم جمعتُ ألفاً تعلّمتُ.. فوقيت نفسي ذُلَّ السّؤال.
خيـانـة
سألَها: كم مرّة مارستِ خيانتي؟.
قالت: بعدد صفعاتك . وسألته: كم مرّة خُنتَني"؟.
قال: بعدد شكوكِك … أُغميَ عليهما معاً.
قـزمٌ وعِـملاق
قزمٌ يشكو إلى العِملاق قسْوةَ النّاسِ في التّعامل معه:سخرية, تهكُّم,غَمْز, لمْز.يُعانى من العُزلة...الإقصاء...الغُربة. طَمْأنه العملاق بأنه أيضاً يعانى ممّا يعانيه تماما بتمام, ولكنّ الفرق بينهماأنّ الناس يُظهِرون ضعفَ القزم فى وجهه... استِعلاءً عليه,أما مع العملاق فانّهم يُظهرون ضعفَهم فى وجهه ...خوفا منه.
العـميل وابنُـه
العميلُ أبلغَ الأعداءَعن موعدِ قدومِ المقاوِم إلى منزله. لَمْ يحضر المقاومُ فى الموعد المحدد,لأنّه استشعر الخطر.أطلقوا صوْبَ منزلِه صاروخين.كان المنزلُ خالياً من سكّانه .أصابَ أحدُ الصّاروخين شخصا كان يمُرّ قَدَراً.فارقَ الحياةَ فى الحال.تبيّنَ لهُم ...أنّه ابن العميلِ الوحيدُ .
بقلم سهام العبودي
تمثيلٌ إيمائيّ
ظلَّ مُنحنياً لوقتٍ طويلٍ في انتظار التصفيق.. قبْل أن تضيء الصّالةُ على جمهورٍ من العميان..!
تضحية
يقطع الحطَّابُ علاقة الشّجرة بالأرض، بهذه الطّريقة القاسية للانفصال، وبهذين الألمين – الفراق، والضّربة الحادَّة المُسدَّدة للفأس – نحصل على مقاعدِ الاجتماع العائلي للعشاء، ونتبادل الحميميَّة!
و بهذا يكون الموضوع قد وصل إلى نهايته
أدرجتُه في عيون بتاريخ
03-21-2014
وهو من إعدادي بالاستعانة ببعض المصادر الانترنتيّة.
بذلت ما بوسعي لتقديمه بطرح بسيط بعيد عن المصطلحات المعقّدة,
و هَأنَذي آتي به إلى هنا لتستمرّ الفائدة ,
بحلّة بهيّة من تحت أنامل ألكساندرا, و هل لي أن أشكرها-ليس فقط على التّصميم اللطيف
بل على الاستمتاع فيما خلف الكواليس أيضًا,
وهي تعمل و تطلعني خطوة خطوة,
عن جد هالتّصميم احتلّ مكانة خاصّة في قلبي لارتباطه بذكرى جميلة.
أنتظر ردودكم الرّاقية
“إنّ الـفـكـــرة الـنّـبـيلــة
غـالـبــًا لا تحـــتــاج للــفهـم
بـــل تحــتـــاج للإحــــســــاس”