••
العودة   منتدى وندر لاند > القصص والروايات > روايات مكتملة.


لا يجب قول لا لفّخامته

روايات مكتملة.


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-09-2020, 11:00 PM   #21
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي




حـّروفّ منّ نـدمّ



وسـطّ لمحـّات الـظّلام و غـّروب الشمّس الداّفئةّ مـّا بينّ طيـّات لنـدّن المـّعمرة ، فيّ تـّلك الغـّرفة
الصـّغيرة ذّاتّ الألوانّ البّاهتةّ و الجـدّرانّ المتآكلة كـّان هوّ يجـّلسّ بكلّ يـأسّ و أسى على حـّاله فيّ
زّاوية صّغيرةّ لا تكـّاد تـّرى ينـظرّ إلى رقّاص السـّاعة و هو يتـّقدمّ فيّ كلّ ثّانـيةّ معـّلنا العـدّ التنـّازليّ
لنهـاّية هـذاّ اليومّ و بـدأ يّوم آخرّ
روتينيّ ، كمّ يّشفقّ على نفـّسه الآن ؟ كـمّ هو يـّكره نفـّسه الآن كمّ هو يـّبغض يّحقدّ يمقـّت هـذاّ الوضـّع
الذّي فيهّ الآن أنّ تـّـرى يدّيكّ و هما بلاّ فـائدّة، تلكّ اليدّ السمراء العاملةّ التّي لطّالما جّرت خّلف الدّنيا
لتكّسب بّضعة دّنانير تطّعم
بهـّا فمّ صاحبّها المتشّقق من أعبـاّء و همـّومّ التي يحمّلها على كتفّيه ،
صـّاحّبها هو ذّلك الرجـّل الأسمـّر ، الذّي طغى شبحّ الكـّبر على ملامّحه و بالـّرغم من أنهّ لا يـزاّل فّي
نهـّاية الأربعينات إلاّ أنهّ يبدّوا ككهـّل قضت عليه الشيـّخوخة ،كـّان ينـّظر بعينّين بنّيتينّ شـّاردتينّ إلى
تلكّ الـورقة الجديدّة من التـّحاليّل التيّ قدّ سلمهاّ له الطـّبيب تـّوا و التّي تستـدّعى بقـّائه فّي المّستشفى
للقـّاء العـّلاجّ الضـّروري و اللاّزم ،هـذّه المرة لا مـّجال إلى الرفّض و لا حـتّى الهـّرب فقدّ أهلكه
المـّرض و أتعبته المقـّاومة و أنهكـّه التمثيـّل بـأنه بخيّر ،
هـذّه المـّرة ، إنهـّا المـّوت
جـّلس على الأّرض فّي تلك الـزاوية كعـّادته عندّ تلقّيه أخبـّارا شنيـّعة ثمّ وضـّع ذّراعه على وجهه و
نـّزلت دّمعة وحيدّة يتيمـّة ، دّمعة رجـّل مـّريضّ
دمـّعة شخصّ محتـّاجّ ، لّيس محتـّاجـّا إلى المـّال و لا حتـّى الذّهب .. إنهّ فقطّ بحـّاجة لتـلكّ اليدّ الحـّانية
التيّ تمسحّ على ظهره و تحّضنه بكـّل دفء لتقيه من هـذّا العالمّ القـّاسي و لتـّخبره بصـّوت رقيـّق
حـّنون أنّ كلّ شيء سيكون
بخيـّر، و أنهـّا هنـّا معه
أجـّل إنهـاّ تلك المـرأة التّي يحّن لها الكـّل عندّما مـّروره بصدّمات من هذه الدّنيـّا ، تـّلك المـرأة التيّ
لطـّالما سـّاندّته ،لطـّالمـّا وقفـّت بجـّانبه .. لطـّالما أحبـّته لكنهّ أبـّعدهاّ بكلّ قـّسوة عنهّ أبعدّها غـّير آبه
بـدّموعهـّا أوّ حّبهّا له الذيّ يسّكن كّيانها
يـّا تـّرى لوّ أسّرع إليهـّا الآن ، لوّ ركضّ حـّافيّا شـّوارعّ لندنّ لها فـّهل ستقّبل بهّ ؟
بالـّرغم من الجـّروحّ التي سببهـّا لهّا هل ستقبل به و هو الآن شخصّ عـّاجز على حـافة النهـّاية ؟
تنهـدّ و مسـّح دمـّعته بكـلّ ألمّ ، ثمّ وقفّ مستنـدّا على سـّريرّه لـّيحملّ ذلكّ الدّفتر الأخـّضرّ الصـّغيرّ ،
أمسكـّه بـأنـّامله المـّرتجفّة ليخـطّوا حـّروفـّا منّ نـدّم بينماّ شّفتيه تهمّسانّ بكـّلمة واحـدّة فقطّ
ـ أنـّا أسّف
دّخلت فـّلور إلى غـّرفة والدّها الذّي أصّبح لا يـّغادّرها إلا قـّليلا فـّلمحته يـّكتبّ شيئـّا فّي دفّتره الخـّاص
بالدّيونّ ، الذّي لا يـّقترب منه أحـدّ فوقفّت فّي مكانهـّا باستقـامة و قـّالت محدّثة إيـّاه
ـ أبّي لقدّ صـّار الفـّطور جـّاهـزا منـذّ فـّترة ، ألنّ تـّنزل ؟
رّفع عينيه البنيتين اللتينّ قدّ ظـّهرت من تحّتهمـّا هـّالات من السـّوادّ و قدّ كـّانت معـّالم المـّرضّ بـّادية
عليه ، نـظّرامطـّولا إلى ابنتهّ الكبـّرى و الشخّص الوحيدّ الذّي تبقى بجـّانبه بـّعد أنّ غـّادره الكـّل ، ثمّ
قـّال بـجّفاء
ـ لا أريدّ ، لدّي رحـّلة عـّمل يجّب عليّ أنّ أجـّهز لهـّا لذّلك أحضـّري الطـّعام إلى هنـا ثمّ و في المـّرة
القـّادمة أريدّك أن تسـتأذّني قـّبل الدّخول ، أفهمت ؟
قـطّبت فـّلور بانزعاج من مـزاجـّه المنعـدّم هـذه الأيـام ثمّ استـدّارت راحـّلة دون أن تـّقول لّه شيئـّا و
هي تتمتـّم مـّعلقة على كـّلامه لكن فجـأة عـادّت إليه ثمّ قـالت بقّلق
ـ أبيّ هل أنت بخير ؟
كـّح سيدّ جوناثـّان قـّليلا ثمّ مسحّ بيدّه على وجهه الـشـاحب جـدّا و أومـأ بـرأسه دّلالة على الإيجاب ،
ثمّ ابتسمّ بهدوء لوهلة و قال
ـ أنـّا بخيـّر بـّل أحّسن حـّالا ،
رمّقت فلور والدّها بطّرف عينهـّا ثمّ اتجّهت إلى الأسـّفل و لمّ يـّخبوّا عليهّ قـّلقهـّا الشديدّ ، فـابتسمّ هـذه
المـّرة بسّخرية علىّ حـّاله ، بالـّرغم منّ كـّل مـّا فـّعله لا زالتّ بجـّانبه كالغـّراء تمـاّما

/

ضبـّاب لندنّ قدّ قشـّع نـّورها تمـّاما كـّقلبهّ الذّي فقدّ الأمـّل ، يضـّع البيـّانو على الأرّض و بـأنامّله
الطـّويلة يّداعبّ مفـّاتيحه بـّلا هـّوادة بـّاحثّا عنّ كلـّماتّ تصّف حـّاله فيّ هـذّه اللحـظّة ،
تنهـدّ بحـزنّ ثمّ أغّلق عينيه و استلقى بـّجانب آلته ، لمـّاذا يّشعر بـّهذا الكـّم من الألم ؟ كـانّ ألافّ الإبر
تـّغرز فيّ قـّلبه ، مـّا سّره يـّا ترى ؟ صـّمت قـّليـّلا ثمّ همسّ بـّصوتهّ الهـادّئ اللطـّيف يحـّاكي نـّغمة النـّاي
فّي جمـّاله
ـ أشـّعر أنّ كـّل يّوم هو نفـّسه و هـذّا يحبطنيّ لكنني المـّلام ، لقدّ جـّربت كل شيء لأهـّرب لكنّ هـا أنـّا مجـدداّ
أطـّاردكّ مجـددا
مجـددا و مجـددا .. أنـّا وقعـّت فيّ حبـكّ
مجـددا و مجـددا .. حـّاولت ألا أخبـّرك
أشـّعر أنّ كل يّوم هو نـّفسه ، إنهّ يسحبّني للأسّفل مثـّقلا أنفــاسي لذا هـّا أنا مجددا أطـّاردك مجددا ،
لمـّاذا أنـّا أخبـرّك بـهذا ؟
مجـددا و مجـدداّ لقدّ وقـّعت فيّ حبكّ
تـّوقف عن العـّزف و على شـّفتيه ابتسـّامة حـّزينة ، إنسـدّل شـّعره الأشّقر على جـّبهته بعـّشوائية و
ارتجفت أصّابعه فلمّ يـّعد قـّادرا على الجـّلوس حتى ، فجـأةّ رنّ جـّرس منقـذاّ إيّاه من دّوامة أفكـّاره
التعيسة تـّلك فـّوقف و بّخـطّوات سـّريعة فتـّح البـّاب ليـّرى آخر ّشخصّ قدّ تـّوقعهّ
كـّانت تـّلك المـرأة شديدّة الأنـوثةّ بمـعطّفها الأسـود و شّفتيها الحـّمراوتين متوكزتين بينمـّا رموشها
الكـّثيفة قدّ زادّتها جـّمالاّ ، إنهـّا إليزابيثّ لبيرّ تلكّ المـرأة التـّي يكـّرهها فعـّبس غـّير قـّابل على
استقـّبالها و قـّال بـّبرود
ـ ما الأمـّر ؟
بـّعد فّترة كـّان يجـّلس ويـّليـّام بكـّل هدوء على الكـّرسيّ و بينّ يدّيه فنجـاّن شـّاي سّاخن ، أمـّامه كـّان
تـّقف إليـزابيثّ بـّحضورهـّا الطـّاغي و ابتسـّامتهـّا المشـّرقة ، بتنـّورتها الحمراء القصيـّرة و قميصها
الأبيّض العملي ، أمالت رأسها قـليلا
ناحية ويـليام و هي تقول بّرقة
ـ صـّوتكّ الحـّزين قدّ انسـّل إلى أعّماق قـّلبيّ ، يّا ترى من هيّ تلكّ النـجمة التي احتلت سمـّائكّ ويـّليام ؟
رفـّع حـّاجبه دّلالة على استنكاره لـحدّيثها الفـّارغ هـذّا ، و لما قـّد يحّب هو إحـدّاهن ؟ فـّحـّرك المـّلعقة
بـدونّ اهتمـّام و هو يـّردّ عليها
ـ دّعينا منّ المجـّاملات و الأحـّاديث التـاّفهة و لنـذّهب إلى المـّهم ، ما سّبب زيـّارتك ؟
زمـّت شّفتيها بـّطـّفولية و جـّلست أمـّامه واضّعة قـدّما على الأخرى بكلّ راحـّة ثمّ همسـّت و عينيهـّا
ثـّابتتينّ عليه
ـ لقدّ اشّتقت إلى صـدّيقيّ ،
ـ نحنّ لم نكنّ قطّ ،
قطـّبت و قدّ بدأ صّبرها يّنفذّ من احتـّقاره لهـّا فأخرجّت من حّقيبتهـّا علبة سيجـّارة ، لتضـّع واحدة بينّ
شفتيها مّظهرة عـدمّ استـلطّافها لطـّريقته الفـّظة تـّلك فـّقـّالت بـّطّريقةّ هادئة
ـ حسنـّا ، أريدّ منكّ أن تـّدّبر ليّ لقاءا مـّعه
ابتسمّ ويـّليام و نـّزع السيجارة الفاخرة بّرقة من بين أصّابعها ثمّ وضـّعها بكّل قسوة على الصحّيفة
مطفـئا إياها ليّقول بـبرودّ
ـ و لمـا يجّب علي بحق السماء أن ألبي لكّ طلّبك
تنهدت إليزابيث بضجّر ثـمّ اقتربت من ويليام و وضعت كلتا ذراعيها حول رقبته ، لتهمسّ بصوت مثـّير
ـ أذّكر أنكّ كنت معـجّبا بّي ويـّلي ، ما رأيكّ لو
قطّب ويليام و هو يستـمعّ لهمسها الذّي يصبحّ أكثر خفوتا شيئا فشيئـاّ و عندما أنهت حديثها دّفعها
جـّانبـّا ضـّاحكا بّسخرية شديدّة
ـ أنا كـّنت مـّعجبا بكّ ؟ أرجوكّ أخبريني فـذاكرتي لا تـّسعفني ، إليـزابيث جميـعنا نعلّم بـألاعيبكّ المـاكرة
لذّا لا أحدّ ستنطلّي عليه خدّعتكّ ، أخدعني مرة عار عليك أخدعني مرتين العار علي
زمت إليزابيث شفتيها بانزعاج و رمت نفسها على الأريكة لتقول بأسى
ـ أوه لماذا تنفكون ذكر ألاعيبي ؟ أنا بريئة
رسمّ ويليام على شـّفتيه ابتسامة سـّاخرة متهكمـّة ، أتـّظن أنهّ و بـّنبرتهاّ هـذّه سـّوف تنجحّ في
استمـّالته ؟ يـّالها من إمـرأة حـّمقاء ليـتّحدث باحتقـّار
ـ و هل يـّقول القـاتل عن نفسه قـّاتلا ؟ أخرجي من منزلي لا أريدّك ان تدنسيه بحضوركّ ،
زفرت بغّيض و حمـلت حقيبتهـّا لتخرجّ لولا أنها توقفت قـبّل أن تقوم بفتح البـّاب لتـّقول بلهجة تحذيرية،
ـ ألستّ واثقـا جدا ويـلي ؟ أناّ الآن أستطيّع أن أمحييك من الوجودّ ، القوة التي أمتلكهاّ و النفوذّ الذّي
أملكه لا يقدر بثمن ، تمـاماّ كمـّا عـّلمت بموقع عّّيشكّ استطيع أيضـا أنّ أضّع موقـّعـا لموتكّ
فتحّ ويليام البـّاب على مصارعيه ثمّ ابتسم بسخرية شديدة و دّفعها خـّارجـّا لتكـادّ أن تسقطّ لولا أنها
تماسكت في اللحظة الأخيرة ، قـّال ببرود
ـ على من تكذّبين إليزابيث ؟ أنـّا هو الـوحيدّ الذي لا تستطـّعي الاقتراب منه ،

/

يدّيه تّقبضّان على المقّودّ بكلّ راحّة بينمـّا عينيه الدّاكنتين تـّراقّبان الطـّريقّ بـّعدم اهتمام ، و المـطّر
يّهطـّل بـّقوة فيّ ذلكّ اليومّ المعتـّم من أّيام لندّن العـّديدّة ، فّي حينّ أنهّا تـّجلسّ بجـّانبه بهـدوءّ محـّاولة
التـّصّرف بلّباقة فـّلا زالّت ذّكريّات حـّفلة الخـطّوبة تـّداهمّ عقّلها و مـّواقفها المـّحرجةّ كـّالشّوك يّغرز فيّ
قّلبها ، تنـظرّ منّ خـّلال النـّافذة إلى المـّارة متـّسائلة يـّا ترى هل هـمّ يـّلعـّبون دّورا وهميّا فيّ حيـّاتهمّ
مثّلها ؟ و هلّ يتقـّاضون أجـّرا منّ أجلّه ؟
إنهـّا تـّعلم جيـدّا أنّ نـّايت لمّ يصطحّبها مـّعه رغّبة فيّ تـّمضية الـّوقت معّا أو لتـّعرف عّليها أكّثر فـّهو
أفّضل من ذّلك ، لكنّ السببّ الخّفي الذّي جـّعله يـأخذّها لا يـزالّ غّير مـّعروف بالنّسبة لهـّا حتى الآن
لذّلكّ انسّاقت خـّلف فـّضولهاّ و حـّاولت أن تـّفتحّ مجـّالا للحـدّيث مـّعه لـّعلّها تصّل إلى نقـّطة تـّوضحّ لها
لمـّا هـماّ ذّاهبين لزّيارة عـاّئلة لبيّر العـزيزة

هـّزت رأسهاّ نافية هـذّه الأفكـّار المـّزعجـّة محـّاولة أنّ تـّكسب بّعض الجـّرأة فـحسّب زيـّارتها الأخيرة
لقّصر لبيّر فـّهي لمّ تكنّ بذلكّ الشخصّ المحّبوب الذّي يبحـّث عنه الجـميـّع لذا يجـّب عليها أن تـّحسن
صّورتها أمامهمّ و تتـّصرفّ بـكلّ احتـّرافّفـّرفـّعت أصّبعها الصـّغير هـّامسة بـّنفسهـّا أول الأشياء يجبّ
عليها أنّ لا تـّسقطّ على رأسهـّا أو يّختل تـّوازنها ثمّ رّفعت السّبابة مـّركزة ثـّانيّا يجبّ أن تتحـدّث بلّباقة
و احتـّرام شّديدّين أمامّ جـدّ بيتر فـّهو يمّقتها ، ثـّالثـّا يجبّ أن تجـّعلهم يّصدقون أنهمّا بالفـّعل ثّنائيينّ و
رابـعـّا حسنـّا كلّ ما يجّب عليها فـّعله هو إحسان التـّصرف و حسّب هـذاّ فقط
لطـّالما كـّانت جيـّدة في إطـّاعة الأوامـّر إلا مـّؤخـرّا و هـذا يّفسر حـّقد والدّها عليهـّا فـّهي كـّانت تـّطيـعه
فيّ كلشيءّ لكنّ و بتـّمردها قدّ أعلنت الحـّرب لكنّ و بتذّكر والدّها ألا يملكّ نـاّيت أبّا ؟ لمّ يسّبق له و أن
تـّحدث عن والدّيه
. حسّنا ليسّ كما لو كـأنهّ تحدّث عنها بّخصوص أي شيءّ لكنّها مستـّغربة عدّم رؤيتها لهمّا ؟
لدّيها فـّضول لمـّعرفة من يكونـّان هـذّين الشّخصين الذّين ربيّا رجـّلا فـّولاذّيا كـّنايتّ ، فـاستجمعـّت
شجـّاعتها و أغّلقت عينيها بـّخوف قـّائلة مسـّرعة فيّ كلماتهاّ
ـ نـّايت أنا لم ألتقي بوالديكّ أبدا لذا أنا أتساءل أين يكونان و أّي من الأشخّاص هما ؟
انتـظرّت لكن لمّ يجّبها فاستدارت ببطء ناحيته ، كان ينصّت للموسيقى غـّير مبّاليّا بهّا .. تنهـدتّ و عـّادت
تنـظرّ إلى المـاّرة من جـديدّ ، إنّ أرادّت أن تـّعرفّ منّ يكون هو نـّايت يجّب عليها البحّث بنفسها لا أن
تسـأله هو ،
بـّعد بّرهة وجـدتّ أنهـّما قدّ وصـّلا إلى القصـّر ، فّهاهي البـّوابة تـّفتحّ أوتومـّاتكيّا بـّعد أن تـّعرفت على
مـّلامحّ نايتّ ليكملّا سيـّرهما وسطّ تلكّ الأشجـّار الطـّويلة و التي يتمّ الاعتنـّاء بهّا بشّكل ممتـّاز ،
دّار حـّول نـّافورة على شـكلّ وردّة جميـّلة تلتّف حـّولها فّرشـّات بالـّرغم من أنهماّ في فّصل الشتـّاء ،
حيـّن ركنهـّا و خـّرج حـّاملا معـطّفه على ظـّهره لتتـّبعه مـّاريّ .. تـّحدثّت بارتباك
ـ ناّيت هـّل جـدّك غـّير نظـّرته اتجاهي أمّ لا زالتّ نفسها ؟
تـّوقف ممـّا جـّعلها تـّرتطمّ به فـاستدار نـّاحيتها يـّرمقها بـّنظراتهّ الحـّادة ثمّ أمسكّ معّصمها و وضـّعه
بـذّراعهّ ليـّرسمّ ابتسـّامة بـّاردة على شـّفتيه مـّجيبا إيّاها
ـ و هل فـّعلت أنتّ شيئّا يستحقّ الثنـّاء ليّغير نـظرته ؟ علىّ أيّة حـّال دّعينـّا نمثّل بجدّية هـذّه المـّرة
صّمتت على مّضض ، لقدّ فـّعلت عدّة أشياء تستحـّق الثّناء فيّ حيـّاتها لكنّ الآن لا يتبـّادر إلى ذّهنها أيّ
شيءّفـزمتّ شّفتيها باستياء و سـّارت مـّعه ، دّخـّلا ليجـدّا أنفّسهما فيّ غـّرفة كبيّرة و واسـّعة مزينةّ
بـّنقـّوش ذّهبية فيّ جـدّرانها و يـّوجدّ أريكـّات منّ أجـّود الأنـّواع فيّ الـوسطّ مـعّ مـّائدة دّائرية و لمّ يكنّ
هنّاك أيّ أحدّ فـأكمـّلا طـّريقهماّ و فتـّح نـّايت بـّابّا ليجـدّ أنفسّهما فيّ غـّرفة الأكـّل حيّث يتـرأسّ الجـدّ
الطـّاولة التيّ وضـّع عليها أشّهى أنـّواع الطـّعام و بجـّانبه كـّايل المتـّململ بينمـّا خـّلفهما يوجدّ صـّف
من خـّادمات الـلواتي ينتـظرّن بّفارغ الصّبر أوامرّ من أسّيادهن فيّ حـّين أنّ رئيسّ الخـدّم يـّقف على
مبـعدة ثـّلاثة خـطّوات من السيدّ بيتر ،
عنـدّما فـّتح نـّايت البـّاب إتجـّهت جمـّيع الأنـظاّر نـّاحيته فانحنى الخـدّم احتـّراما لتنحنـّي مـّاري أيّضـّا
بّسرعة ، سـّار بـخـطّوات كـّسولة إلى مقـّعده و جـّلس
نـظرّت مـّاري من حّولها بـتوتر ثمّ وقفتّ بجـّانب نـّايت و عـّادت تنـّحني بّسرعة و هيّ تتـّحدثّ بـّطـّريقة
شديدّة الاحترام و التـهـذّيب
ـ مـّرحبـّا سيـديّ أرجـّوا أنّ لا تـّمانـّع انضمامي لكمّ
سـّحبها نـّايت من فـّستانهاّ فجـّلست بينمـّا قطـّب كايل مستنـكّرا فـّعل نـّايت ؟ مـّا الذّي يـّريده بجـّلبها إلى
هنا ؟ ما الذيّ يحـّاول إثبـّاته ؟ هـذاّ غـّريبّ و ليسّ من صـّفاتهرفـّعت مـّاري شـّوكة و الـّسكين بّعناية
متـّذّكرة طـّريقةّ ويّليام فيّ الشّرح ، يجبّ عليها أنّ لا تخـطأّ ثمّ غـّرزت سكينّ في شـّريحة اللـّحم ممـّا
جـّعل مـّرق يـّرشها قـّليلا على وجّهها ، فـّرمشّت قـّليلا و نـّظرت بـّنصّف عينهاّ إلى نايتّ لتجـدّه شّـاردّا
فابتسمت و عـّادت تنـظرّ بنفس الطـّريقة إلى الجـدّ و كـّايل لتجـدّ أنّهما يـّراقّبانها بـّبرودّ ، ضحكـّت و هي
تضـّع يدّها خـّلف رأسها قـّائلة
ـ إنّ الأكـّل لذّيذ جـداّ ها ها ،
قطـّب كـّايل مشـّمـّئزا، مـّلابسهـّا معـدّمة اللونّ من كـّثرة الاستعمال و لا تـّضع أّي مـّاكيـّاج على وجهها
كمـّا أنّ شـّعرها متشعث قـّليلا ، مـّا الذيّ رآهّ بهـّا ؟ بحقّ السمـّاء إنهاّ فّتاة أقّل من العـّادية ، فجـأة فـتحّ
البـّاب لتـّدخل إليـزابيثّ و بـّخـطّوات واثّقة جـلّست بجـّانب زوجـّها ثمّ تّحدثّت بـّلهجة لطـّيفة
ـ أعتـذّر على تـأخري جـديّ فـّجـّلسة التـّصوير قدّ استغـّرقت وقّتا أطـّول من المـّعتادّ
أومـأ الجـدّ بـأنهّ لا بـأس ليكـّمل الجميـّع أكـّلهم ، بـّعد فترة تـّوقفت مّاري عنّ محـّاولة تـّقليدّهم و لمّ تـّغب
عنها نـظرّات الاحتـّقار منّ قّبل أّسرة لبيّر فـّواضحّ جـدّا أنهّم لا يريدّونهـّا ، ارتشّفت العـّصير متمـّنية
وّجودّ ويليـّام فيّ هـذّه اللحـظّة ،أنّ تجـدّ شخصّا يـّواسيها
صحيحّ أن نـّايت هـّنا بجـاّنبها لكّنه لا يّبـّالي فعّلا ، أحيّانا تـّظنه لا يّهتم إنّ كانوا يّصدّقونهما أو لا ، لا
يّهتم بهـذّه المـّسرحية و لا بّها فجـأة تـّحدثت إليـزابيث ممّا جـّعلها تـّفيق من غـّيبوبتهـّا
ـ آوه أعـّذريني مـّاريانا لمّ أركّ ، كيّف حـّالك ؟
عـّلى من تـّكذب ؟ لقدّ رأتها و رمّقتها بـّحقدّ إذن لمـاذا هـذّه النبرة اللطـّيفة ؟ بينمـّا ردّ عليها نـّايت ببـرود
ـ مـّاري، اسمـها مـّاري
أّصدرت إليـزابيث صّوتا دلالة على استدّراكها خـطأهاّ لمّ يكن فـّعلا خـطأ بّقدر ماهو مـّتعمدّ ، لكنّ مـاري
ابتسمت بّمرح و ردّت
ـ أنـّا بخيرّ شكـّرا لّسؤالكّ ،
نـظر إليها كاّيل لثّواني قـّبل أن يـّقول بّسخرية
ـ أجـّلبتها لأنكّ خـّائف من زيّارة إليزابيث لها ؟ هـّل زوجتـّي بـّذلك الـّرعب ؟
كـّاد نايت أّن يـّرد عليه لّولا رّنين هـّاتفه ، رّفـعه و هو مقـطبّ الحـّاجبين ليّرى اسمّ فـرانسوا يـّعلوا
شـّاشته ، فـّوقفّ و انحنى بـّخفة لجـدّه ليّغـّادر مسـّرعا بينما ابتسمت ماري بـّسذاجـّة و بـّقيت فيّ مكانهاّ
، كانت تـّرغب فيّ الذهاب
خـّلفه لكنّ هـذا ليس بتصرف لائّق فـّأمسكّت بـطّرف الكـأسّ تـّلعب به حين تـّحدث سيد بيتر ببـّرود
ـ كمّ دّفع لك ؟
شحـّب وجـّه ماري منّ طـّلاقته فيّ الـسؤال و نـظرّت نـّاحيته غـّير مـّصدقة ، كّيف له أن يسّـأل هـكذا
بـّدون أيّ خـجلّ أي احتـرام و عينيه تـّوقدّان غـّضبا ، فـأجـّابت ماري متلعثمة
ـ أرجـوا المـّعذرة سيد بيتر ؟
أعـّاد سـّؤاله بـكلّ حـدّة و عـّصبية
ـ لقدّ قّلت و بـّوضوح كمّ دّفع لك نـّايت لـّتصبحي حّبيبته ؟ أنـّا أعلمّ ذوق حـفيدي جـيدا و منّ المـّستحيل
أن يـخـّتار إمـرأة مـّثلك كـزوجة له لذا أخبريني الآن ، هل تمـلكين ما تـّهددينه به أو هو من طـّلب منك
القـّيام بـّهذه التـمثيلية الـسخيفة ؟
وقفـّت مـاري بّصدمة ، ثمّ أجـّابته
ـ و لمـّا قدّ أهـدده ؟ مـّا صعـّب في تـّصديق بـأننيّ خـطيّبته ؟ يـّا سيدي أنتّ مخـطأ فعـّلاقتنا لّيس مّثل
مـّا تظـنه ..
ابتسمتّ إليـزابيثّ ببـرود و هي تـّشاهد تـوتر مـاّري و احمـّرار وجـّنتيها الـشديدّ ، لتـّدّخل مـّوضوع
النـّقاشّ بّنبرتها الهـادئة المثيرة
ـ جـديّ ، أرجوك لا تّخـاطبها بـهذه اللهـجةّ فـّربمـّا نحن لا نـّعلم ذوق نايت جيـدّا كمـّا أنني واثّقة أنّ لا
أحدّ قد يّقدر على إجبار نايت على فـّعل شيء ما
صمـّت جـدّ بـّغير رضى لّيس من أجلّ إليزابيثّ لكنّ لأنّ الـوقت غيّر مناسب لحديثّ مثل هـذا ، إنهّ
مستـغّرب كيف لم يّستطّع الحـّفاظ على ربـّاطة جـأشه لكنّ تّصرفّات نايت البـّاردة جـّعلت يّقوم بـّتصرف
مثّل هـذا ، إنه لا يـّريد أن يـّعيشّ كذبة من أجـّل إرضـّاء الغـّير إنهّ يـّريده أنّّ يّشعر بالسـّعادة ، إنهّ فقط
يّريد أن يكون حـفيده سّعيدا فـّهل هذه أمنية يّصعب تحقيقها ؟ بينماّ لم تّستطـّع مـّاريّ أن تـّتحمـّل أكثّر
فـّردّت عليه
ـ يـّا سيدّ بيتر أنـّا أعّلم أننّي لّست بالفّتاة المّثالية التيّ تـّرغب بهاّ كـّابنتك فيّ القـّانون لحـّفيدكّ لكنّ أنـّا
أحـّبه فـّعلا و منّ المستحـّيل أن أؤذي نـّايت إنّ كنت تـّريد أن تصّدق أو لا هـذا شّـأنكّ لكنّ أنّ تـّصف
عـّلاقتنا بـزيفّ و التـمثّيل فـهـذا مـّا لا أتحـّمله ،
قـطّب سيدّ بيتر و وقفّ يـنـظر إليها بـّحدة ، كـّيف تـّجـرأت أن تّرد عليه و هو رئيسّ هـذّه البّلاد بـأكملها ؟
ألا تـّعلم معّ من تتـحدث ؟ كـّاد أنّ يـّرد لولا أنهاّ قـاطعته بـّصدق
ـ أنـّا أعلمّ أنكمّ جـميعا لا تـّريدوننيّ لكن لو أنكّ تمنحني فـّرصة يـّا سيديّ فـأناّ أعـدّك أننيّ لن أخيبّ ظنكّ
، سّوف أفّعـل المسـتحيّل من أجـّل سـّعادته
صّمتت عنـدّما لمـحت نايتّ قـّادما فـّرمقت سيدّ بيتر بّحدة هي الآخرى ، لا تـّعلم لكنّ لأنه يشّكل تـّهديدا
.. لأنه يستطيّع أن يّبعد نايت عنها فـّهذا يجـّعلها ثّائرة بطّريقة لم يّسبقّ لها أنّ شّعرت بّها فـّأمسكـّت
بـّحقيبتها الصّغيرة بشدّة محـّاولة ان تستمد القليل من القوة ليّقول جـدّ ببـّرود
ـ حتى لو عنى ذلك تـّركه
إلا هـذاّ ، كلّ شيء إلا هـذا .. حينّ جلسّ نايت فيّ مقـّعده و قدّ لاحـظّ نـظرات مارّي المتوترة و مـّلامح
بيتر المحتقنة بّشتى أنواع الغـّضب ، أكلّ قطـّعة من فّاكهة المانجو و تحـدثّ
ـ هل هناك خطبّ ما ؟
أومـأّت ماري نـّفيا و على شّفتيها ابتسامة لـطّيفة محـّاربة دموعهـّا ، لما يّتم رفّضها منّ قّبل الكـّل ؟
والدّها و والدّتها أختهـّا و أصدّقائها ثمّ الآن عـّائلة خـطّيبها ، إنهّا ليسّت بّالفتاة السيئة فلمّا لا يمنحونهـّا
فّرصة ؟ لما لا ينـظرون إلى معـدّنها الحـّقيقي فـّخلف هـذّه الملابسّ فتاة تتـّوق للحصّول على عـّائلة و
الآن بـّعدما وجـدّت نايتّ يحـّاولون أخـذّه منهـّا ، إنهّ الـوحيدّ الذي وقفّ بجـّانبها و بالـرغم منّ بّروده
لكنـّه يبـقى الـوحيدّ و لنّ تـّبتعدّ عنه و لنّ تتـّركه إلا إذا طـّلب هو ذلكّ ، تحـدّث كـّايل بـّسخرية
ـ إلـيزابيثّ دعينـّا نـّرحل
وقفّت إليـزابيّث بـّكلّ ثّقة و احتضّت ذّراع زوجـّها ليّغـادرّا بينمـّا نـظرّات مـّاري تتـّبعهما ، تـّلك الثّقة
التي تتمتـّع بها إليزابيثّ تتمنى لو أنها تمـّتلكها لكـّانت حّياتها أسّهل الآن فهمسـّت
ـ يـّال تـّعـاسة ،
نـظرّ نـّايت بـّبرود إلى مقـّعد كايّل و إليزابيثّ الفـّارغين ، أحـّاولا أهانته تـّوا ؟ و ما الذي يّعنيه مغـّادرة
طـّاولة الطـّعام بينما يوجدّ ضيّف مهم بينهم ؟ فـاستـدار نـّاحية جـدّه الذيّ يّرتشف قهوته التركية بـّكل
آدابّ و قـّال بصّوت عّالي حـادّ جـّعل كـّايل و إليزابيثّ يـّقفان
ـ أفّهم من تـّصرفاتكمّ قـّليلة الـّلباقة و عديمة التـهذّيب هـذّه أن مـاري لمّ تنلّ إعجابكم، أليس كذلك ؟
رمقـته ماري بصدّمة في حـّين أكـّمل هو حـدّيثه بـّنبرة غـّاضبة جـّعلتهم يّدهشونّ فـّعلا فـّنادرا مـّا يّظهر
ملامح عدى البرود،
ـ لا بـأسّ فـالكـّل مـضطر لتحـّمل آخر و رأيكمّ لا يـّهمني تمـّاما كـّوجودكمّ و
استـدار إلى جـدّه و قد احتـدتّ عينيه بـّشكل خـطيّر ثمّ ابتسـمّ بسـّخرية، و اسّتقامّ ليّظهر طـّوله ليمسكّ
بـيدّ ماريّ و يـّقول بـّخبث
ـ إنّ كان الأمر لا يـّعجبكم فـّلما لا تـّحاولون مـّنعي ؟
يـّعلم تـّماما أنّهم لا يّستطيـّعان فعل شيءّ له لكنّ جـدّ بيتر يـّقدر ، فـّرد عـّليه كـّايل بـغّيض محـّاولا التكتمّ
عن مشـّاعره و إظهـّار صـّفات اللامبّالاة على وجـّهه
ـ و لمـّا قد نفـعل هـذا ؟ إنهـّا حيـّاتك أنتّ و لا دخـّل لناّ
رفـّع نايت حـّاجبه بسّخرية ، إنـّه يعلم تماماّ أن كايل يـّريده ان يكون لوحده في حـّرب النفوذّ هذه و
باتخاذه ماري خـطّيبة له فقدّ أفسدّ معـظم مخـططّاته و هو يـّظن أنه سّوف يكون دورّ ماري كـخطّيبته فقطّ
لا أكثّر و لا أقّل لكن ما لا يـّعلمه أنّ أفكـاّره أبّعد من هـذاّ و لمّ يجب كـّايل كعـّادته بّل سّحب مـّاري و
خـّرجا من غـّرفة الأكـّل وسطّ عدم رضى الكـّل مسـّرحيته أبّعد ممـّا يتـّوقع الجميـّع ، أبّعد منّ التـمثّيلية
و أبّعد من لـّعب أدوارّ سخـّيفة بالكـّاد تنطلي على أفّراد أسرته

/

لمّ يكن يّتوقع هـذّه التـّصرفات الخـّرقاءّ من ابنيه الذّي قدّ حـّاول تـّربيتهمّا على النـحوّ الصـّحيح ، حـّاول
أنّ لا يـجعّل المـّال يـّعمي قـّلوبهمّ و أنّ يجـّعلهم يتصـّفون بالخـّلق الحسّن و الأفكار العـظّيمة ، تلكّ
الأفكـّار التي تـّوصلهمّ إلى القـمةّ أولاّ و إلى محبّة النـّاس لهمّ ثـّانيـّا و إلى فـخّره هو ثـّالثّا لكنّ الآن و
هـاهي ابنته تـّجـّلس أمـّامه تـّمسك بين يدّيها هـّاتفها النـّقال الجـديدّ فيّ الأسـّواق تـّحدثّ حبيّبها بكـّل
لطـّف ،
إنهّا عـّكس مـّا تمنى فّابنه زيـّر نسّاء لا يـكفّيه زواجه من إمـرأة روسية و لا حـتى لـّعبه مـّع رفّيقاته
الـمتـزوجـّات بينمـّا أبنته قد أعماها شّهرة شّركتهم فـتـّرى صّفات الغـّرور تـّكسوها من أعلى رأسها
إلى أخمص قدّميها ، كمّ هو مـّخزي ، و الآن ما الذي قدّ يفـّعله ليصّلحهم ؟ فحـّاول الحـدّيث مـّع كلّير
ـ عـزيزتي ضـّعي الهـاّتف جـانبـّا أريدّ التـحدثّ معك فيّ مـوضوع مـّهم
أشـّارت له أن يـمنحـّها بـّضعة دّقائقّ فتنهـدّ بـأسى ، بالـّرغم من أن نايت رجـّل قـّاسيّ يّصفونه
بالشيـطّان لكنّ يعـتمدّ عليه ليسّ كـإبنه آرثر فإنّ أراد البحثّ عنه الآن لوجدّه في إحدى النـوادي اللـّيلة
مـّخمورا ، أنتظر و انتظر حتـّى تـّكمل كـّلامها لكنّها لم تـّفعل قـطّ فـّوقف بـّبرود و أمسكّ هـّاتفها لـّيرميه
فيّ حـّوض الأسمـّاك وسطّ دّهشتها ،
عـّاد يـجّلس مـكانه وضّعا قـّدما على الآخرى و بين يـّديه كوبّ شـّاي سـّاخن يـّدفيه فّي هـذاّ الجـو
المـمـطّر ، رمقّهـّا بـّغـّضب عـّارم و قد نسى جميـعّ خـططه فيّ جعلها تـّعترف بما فـّعلته بـنفسهـّا و قـّال
بـّعصبية
ـ أخبريني الآن ما لمـاذا هـّاجمت مـّاري ابنة سيد جـوناثان بتلكّ الـطّريقة و فـّورا ؟ ألا لا أريدّ أعـذارا
واهـيةّ بل أسبابا مقـنعة أفهمت ؟
صـمّتت كلير للحـّظات فيّ وضـعيتها و قدّ شـحبّ وجهها كمـّا لو كـان الدمّ بـأكمله قدّ سحب من جسمهـّا
لكنّ تـذّكرت مـّا قـّام بّه سيدّ جوناثان روبـّرت عـّندما أخرجّ أخيها الـوحيد من منـزله فقطّ لأنه لمّ يـّرد أن
يتزوجّ ابنته العـّاقة تـّلك لـّيغزوالـحقدّ وجههـّا فقـّالت بـّحدة
ـ ماذا فـّعلت ؟ لقدّ أعطّيتها مـّا تّستحقه تـلكّ الحـّقيرة فـّبسببهـّا قدّ طّرد آرثر منّ المنـزلّ ،
قـطبّ سيدّ روي محـّاولا الحـّفاظ على أعـّصابه ، بينمـّا أتتّ سيدّة ليكسي مـّسرعة و بين يدّيها منـّشفة
عنـدماّ سمعـّت أصواتهما العـّالية فقـّالت بـّتوتر خائفة
ـ ماذا ؟ ما الذي يجـّري الآن ؟ ما الذي حـدّث ؟
تـّجاهلها الـّسيد رويّ و هـو يـّرمق ابنته بـّغير رضى، و ردّ عـلى كلاماتها الوقحة في نـظره بـّعصبية و
صّوته يـّعلوا شيئا فشيئا
ـ كيفّ تّقولين أنها السّبب فيّ طـّرد آرثر ؟ أهيّ من طـّلبت منه مصّاحبة النـّساء أمّ أجبّرته على الزواجّ
من فـّلور ؟ أهيّ من كانتّ تدّفع بّالمشروب فيّ فمه كلّ ليلة ليعـّود مخـمورا ؟ أمّ هي من أقّنعته بـّتركّ
الشـّركة و التـّسول خـاّرجا رّفقة زمرة من الفـّاشلين ؟ بـأي حق تتهمينها ؟ إنهّ رجـّل فـّاسد نال ما
يستحقه
قطـّبت كلير و قد ثار غّضبها ، كيف له أن يـحتقر ابنه لهاته الدرجة ؟ فـّردت بّصوت غاضب أكثر من
والدها
ـ حقـّا ؟ إنك تـّعلم بـأنه شـّاب مستهتر قـّبلا فـلما لم تـّطرده مسبّقا قبل أن يـأتي ذلكّ السّافل إلى بيتنا ؟
احمر وجه سيد روي و احتقن بـّعصبية فلم يسهل عليه التنفسّ و أصّبحت ضّربات قلبه تـتبـاطأ لخرج من
دّرج دواءه و يّأكل حّبة ثم يـّرتاحّ قـليلا ، تنهـدّ بـأسى و أجاّبها
ـ لأننيّ تـأملت و بزواجه من فلور سوف يستقيم ، أنه سوف يصّبح رجـّلا يعتمد عليه لكنني أهمـّلت
مستقبل فلور و خنت ثقة صديقي الذي ائتمني على ابنته فـأقل شيء أفعله له هو جعل ذلك الفتى يّعلم
بّسوء تّصرفاته وقفت كلير بـّغيض و مرت من أمامه لتسّرع إلى غّرفتها في حين جلست سيدة ليكسي
بجانبه تـهدئه بـحنان كي لا يتطور الأمر و يّصاب بنوبة قـّلبية




 

رد مع اقتباس
قديم 03-09-2020, 11:01 PM   #22
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي





/

تـّوقفت تـّلك الشـّابة ذات الشـّعر الأصّهب المنـسدّل على ظهّرها أمـّام تـّلك الـشّقة الصـّغيرة ذات الـّرقم
406 ، تـّرن الجـرّس مـّرارا و تـّكرارا دونّ أن يـّرد عليهـّا أحـدّ و عنـدّما شّعرت باليـأسّ يتسـلّل إلى
قـّلبهـّا جـّلست على الأرضّ مستنـدّة على الجـدّار الذي خـّلفها و تـّضع قـدّما على الأخرى بـكلّ راحـّة ،
أمسكـّت بـّهاتفها النـّقال و نـظرّت إلى كمّ تـّشير السـّاعة ،
لقدّ أتّت منـذّ حـّوالي سـّاعة إلاّ ربـّع و لمّ تـفتحّ ماري مهمـّا طـّرقت أو رنتّ الجـّرس ، أظنّ أنه الـوقتّ
المنـّاسب لاستسـّلامها لكنهّا لم تـّستـطّع الـرحيل و هي لم تـّرها حـّتى يبـدوا أنّ و بّسببّ عدم تـّقبل
والدها لّزيّارة مـاري ذلكّ يـجّعلها لا تـّجدها في كل مـّرة تـّحاول أن تـّزورها، حسـّنا هي لنّ تـّرحل سـوف
تـّبقى و تنتـظـّرها حتى تـّحصل على استفسـّار منها،
كيـّف لها أن تتـزوج بـنايت آل لبيرّ و من أينّ قـدّ جـّلبت الـ 500 مـّليون دّولار و كيـّف أصّبحت خـطّيبته
و أينّ بالضبطّ قدّ تـعّرفت على ويليـّام و نايت فتصـدّيق أنهّ حبيبها صّعب خصوصـاّ و أن ماري فـتاة غير
اجتمـّاعية منـذّ أن كانت رّضيعة
أغلقت عينيها ثمّ فتحتهمـّا لتجدّ ويليـّام يّقف على مبـّعدة متـّر منها ينـظرّ إليها باستغـّراب و بينّ يديّه
مفتـّاحه قـّالت له فلور بّسخرية
ـ يـّا رجـّل هل تتـّعقبني أم مـاذا ؟
صـمتّ ويليام مفـكّرا للحـظات في كـّلامها ثمّ أومـأ نـّفيا و على شفتيه ابتسامته المشـهورةّ التي
يستعملها مع النـّساءّ ثمّ قـّال بمرحّ
ـ لمّ أركّ منذ مـدّة طّويلة آنسة روبرت ، كيـّف حـّالك ؟
وقفّت فلور و نـّفضت الغـّبار عن مـّلابسها بينما ملامح البرود تعلوا وجهها ، كمّ تـكرهه لقدّ خـدّعهما
هي و والدها و الآن يّرسم هذه الابتسامة البلهاء على شفتيه كما لو كـأنه بـّريء لمّ يّفعل شيئـّا لذاّ
ردّت بـّغيض
ـ كنت أفّضل حالا عنـدّما لمّ أركّ لكن الآن أشّعر بالغّثيان ، على كلّ حـّال ما الذي تـّفعله هنا ؟ أتريدّ
أن تـّملئ رأسّ أختي بالمـّزيد من ألاعـّيبك السخيفة ؟
رفّع حـّاجبه بـاستنكـّار من كلامهـّا ثمّ وضـّع المفتاح أمام أنـظارها و هو يـّقول بـّغيض
ـ أنـّا أعيشّ هنا و تلك هي شّقتي التي تـجّلسين بجـّانبها كمـّا أنني لا أظن أنّ الشّخص الذي يـحاول
ملء عقّل ماري بالألاعيب هو أنـّا ،
تـأففتّ فـلور و مرتّ بجـّانبه لتـّدفعه متـّعمدة بينما رمقها ويليام باستغراب ثمّ هز رأسه و تنهـدّ بكل قلة
حيلة ليتجه إلى شقته ، حيـنّ رن هـّاتف فلور فجـأة و يّعلوا الشـّاشة اسمّ والدّها ، ارتبكت لفترة عندما
انتابها شعور أنه يّعلم أين هي الآن لكنّها نفت هـذه الفكرة سـّريعا و ردّت عليه بـّهدوء
ـ أهـّلا والدّي، ما الأمـّر ؟
فيّ الطـّرف الآخر كـّان سيدّ جوناثانّ يكحّ باستمـّرار و قدّ أهلكه التـّعب بينما قدّ ازداد وجهه شـّحوبـّا
و هـّالات حول عينيه سّوادا و قدّ قـّال بـّنبرة خافتة متعبة
ـ فلورا أحضري لي رويّ فـّورا
ثمّ أغلّق السـماعة حينّ أهلكه التعبّ ، رّفعت فلور حاجبها مستنكرة فعلته هذه ثمّ تذمرّت بـّكره و هي
تغير وجهتها منّ البّقاء أمام شقة ماري حتى عودّتها إلى منـزلّ السيدّ غلوري رويّ الـرجّل البـّائسّ

/

بـّعد مرورّ أسبـّوع على زيـّارة مـّاريّ لقّصر لبيّر ، عـّادت الأوضـاعّ إلى طـّبيعتها كـّما لو كـأنّ زيـّارتها
لمّ تحـدّث قطّ حيثّ أنّ إليـزابيثّ لم تـهتمّ فعـّلا بـوجودّ هـذّه الدّخيلة و لا كـّايلّ مـّا دمـّت مجـردّ إمرأة مـّارة
فيّ حيـّاة نايتّ لنّّ تـّوجدّ أيّ مشـاكلّ

بالـّرغم منّ أننـّا أشخّـاص مخـّتلفون نـّعّيش بـطّرق مخـّتلفة و لنـّا شخصّيات متـّنوعة لكّن سيجدّ الحـّزن
طـٍّريقـّا نحو حيـّاتنـّا ، لتـجدّ أن مـعّظم البشـّر يتخبـطّون في مشـّاكل لا حًّصر لهـّا ، مشـّاكل بالنسبة لنـّا
نحنّ قدّ تكونّ بسيطة و لا تستـحّق
الاهتمـّام و للبعضّ إنهـّا كل شيء و بّسبب هذه المشكّلة لنّ يستـطّيع التقدّم أو حـتّى المضي قدّما فّي
حيّاته فكـّان ذلكّ الشـّاب ذو الشعـّر البني المـّصفف بشكل رائـّع ، و تلكّ السترة الجلدّية الجّميلة معّ
سـّروال الجيـّنز و حـذّاء تصميمه مشـّابه لسترة فكـّان رمـّزا للأنـّاقة و الجـّاذبية الخّاصة ، إنهّ ذّلك
الـبيسبـّول الشهيـّر سيدّ كـّايل آل لبيـّر الذّي قـّاد فـٍّريقه للنّصر
يجـّلس فّي مكـّتب فخمّ جـدّا ، و خـّلف هـذّا المـكّتب يـوجدّ ذلكّ الرجّل ذو شـّعر الأسودّ الحـّالك فابتسـّامتهّ
السـّاخرة فنـّظرته المليئة بالكبـّريـّاء و عينيهّ الزرقاوتينّ شديدتا الدّكنة ، يرتـدّي قميصـّا رمـادّي اللونّ
خـطّى بقلمه مسـّرعا على الـّورقة ليتشكّل إمـّضائه المميـّز، ثمّ سحّب الملّف الأخر ليّعطيه نـّظرة
تفحصيه بينمـّا لا يبـّدوا عليه الاهتمـّام بتغّير ملّامح كـّايلّ إلى السخطّ و الغـّضب، فقـّال الأخير بحدة
ـ يـا إبن العمة ، متى تعيرني القليل من وقتك ؟
ـ حينمـّا تستـأذّن لدّخول
رفع كايل حاجبه دلالة على استنكاره فوضع يده فوق مكتب نايت الزجاجي و طٍّرق بواسطة أصابعه
عليه فـتوقف نايت عن الكتابة بقلة صبر و عقد ذراعيه منتظرا ، فابتسم كايل واضعا قدما على الأخرى
بغرور
ـ كما ترى فنحن لم نتبادل الكلام منذ فترة و قد قادني اشتياقي الرهيب نحوك دون دراية لذا ، أخبرني يا
ابن العمة ، كيف حالك ؟
تنهد نايت ببرود ثم نزع نظارتيه و وضعهما جانبـّا ، يفضل استماع الى كلام ماري الفارغ بدل
استفزازات كايل ، فتجاهله كعادته حيث ان نظره لا يزال مركزا عليه ليكمل كايل حديثه
ـ إليزابيث ترسل تحياتها لكّ ،
رنّ هاتف نايت فـّامتدت يدّ كايل و التقطه قبلّ أن يقوم نايت برفع إصبعه حتى ، ابتسمّ كـايل مستفزا إياه
ثمّ نـظر إلى اسـمّ المتصـّل كان صديقه ويليـامّ و صـورته تعلو الشاشة ، رّفع السمـاعة ببرود و نظراته
تلاحق نايت ثمّ ردّ بابتسامة
ـ أهلاّ ويليـّام ،
قطّب ويـليام باستغراب ثم نـظر إلى شـاشة هاتفه متـأكدا أنه اتصل بنايت لا أحد غـّيره ، تنهد بخفوت و
تخلخلت أصابعه شعره الأشقر الذهبي ليقـول بـتعاسة
ـ أهلا كـّايل ، هل تقوم بإزعاجّ نايت مجددا ؟ كم مرة أخبرتكّ ان تتـركه و شـأنه ؟
ـ و لا مرة ، اسمـّع أنّا ضجّر لدّرجة الموتّ و أريدّ الذهاب إلى الحانة بـّرفقتكمـّا و لأنكـما لمّ تقيما لّي
حفّلة وداع العـزوبية فلا تستطيعان الرفّض
أجـّابه نايت بّسخرية لاذّعة و هو يـأخذّ الهاتف من بين يدّيه ،
ـ لا داعيّ ، جميـعنا نـّعلمّ انكّ فـعلت بدون حاجة لمساعدتنـّا ،
ضحكّ ويـليام في الطّرف الآخر و كـادّ أن يـّرد لولا أن نايت قطّع الاتصـّال و أطفـأ هاتفه ليـرميه جانبـّا
ثمّ يـأخذّ ملفـّا أخرا ليدّرسه ، قطّب كايّل بانزعاج و وقفّا مـغادّرا قـّائلا بـّصوت عالي
ـ أنا أنتـظرّك ، لا تتـأخر

/

شـّهر أكتوبرّ ، حّيث تهبّ ريـّاح لندّن فيّ كل الأرجـّاء فيهـطّل المـطّر بدّون توّقف و تتسـاقطّ حبـّات الثلجّ
الصـّغيرة تلكّ فيّ الأرضّ ، و لهـذّا كـّان يـّرتدّي معطّفه و يضـّع الوشـّاح حـّول رقّبته مـّانعـّا أيّ منفذّ
للهـواء بالمـّرور ، أنفه محمرّ و خدّيه كذّلك رّن الجـّرس عدّة مـّرات حتىّ فتحّت سيدّة فرانسيسّ بـّابهـّا
أخيـّرا و نـظّرت مطـّولا إلى ويـّليـام ، يرتجّف فيّ مكانه من شدّة البـّرودة فقـّالت باستغراب
ـ ويـّل ما الأمر ؟
ـ سيدّة فرانسيس التدّفئة لا تـّعمل و الشبكـّة كذّلك أيضـّا ، لذّا هلّ يمكنكّ مناداة سيد بول لكّي يّصلحها ؟
قطّبت سيدة فرانسيس ثمّ أومـأت بالنفيّ و هي تقـّول بلهجة جمعّ فيها كلّ الأسى و الشـّفقة ، كّيف لا و
الموضوع يّخص جـّارها الوسيمّّ ؟
ـ للأسف زوجي ليّس هنا و أنـّا ذاهبة إلى إجتمـّاع سيدّات الحيّ الآن كمـّا أن إصـّلاح التدفئة يستغـّرق
أيـّاما خصوصـّا لأن الأنابيبّ قديمة
طـأطأ رأسه بخذّلان فتحّسرت فرانسيسّ ثمّ أمسكّت مفتاح شّقتها و قدّمت إليهّ لتضع بين يديه البـّاردتين
و اللّتين تكادّ أن تتجمدّا ، قـّالت بابتسامة
ـ إبقى في شقتّي ريثّما يقومّ بول بإصلاحّ التدفئة ،
أبتسم ويليـام ، ابتسامته الجذابة المشهورة بين النـّساء و التيّ أطاحّت بالعدّيد ثمّ عـّانقها بـّخفة و هو
يّشكرها صـّادقّا بينمّا خّجلت سيدة فرانّسيس و ضّربته بحّقيبتها طّالبة منه الابتعـّاد ضـّاحكة
فدّخل إلى الشـّقة و جّلس على الأريكة ثمّ لفّ نفسه بذّلك الغطـّاء الموجودّ هناك ، من الجميل ان يمتلكّ
الإنسان جيران يـّراعونه و يسعون لراحتّه ، فجـأة أعطّـته سيدة فرانسيس كوبّ من القهوة الساخنة و
قاّلت مبتسمة
ـ ستـساعدّ على إعادة توازنّ حرارتكّ و إنّ لم تتحسن اتصل بي أو بماري فبالرغم من إنها بلهاء لكنها
ممرضة جيدة ،
ـ حسنا سيدة فرانسيس إنني ممتنّ لكّ و لا أريدّ أن أتعبك أكثر من هذا
ـ عـزيزي أنتّ بمثابة ابن لّي لذا لا تقل مثل هذه الامور مرة أخرى و الا سـأغّضب
ابتسم ويليام و لم يقّل شيئـا فـّربتت فرانسيس على شعره الأشّقر المتموجّ و رحـّلت مسرعة إلى
الاجتمـّاع ، بينمـّا استلقى ويليام و هو يضّع يده على عينيه بكل تعب مفـكّرا فـّيما حـدّث سّابقا زيـّارة
إليـزابيثّ تـّقلقه و ثـّورانّ فـلورا أيضّا فـّتنهـدّ بـّأسى ، لمـّا هو محـّاط بـّنسـّاء مخيفـّات مّثلهن ؟ يجـّب
عليه التـّصرف فـّورا قـّبل أنّ تتـطورّ الأمـّور إلى مـّا لايحمـدّ عـّقباه

/

فيّ تلك الطـّريق الطـّويلة التـّي عـّبرتهـّا بـّاحثة ، لمّ تـّكن تعلّم أنهـّا و خّلال تـّلك الفـّترة التـّي أمضتهـّا
مـّلبية طّلب والدّها بجّلب روبرتّ له ، لمّ تكّن تـّعلم أنّ مـا أحتاجه فعـّلا هو وجودّ ابنتيه بجـّانبه يّخففان
منّ ثقـّل المـّوت ، و من هـجّرانّ روحـّه
لجسدّه مـدّ يدّه إلى هـّاتفه محـّاولا الوصوّل إلى رقّم احدّيهما ، لكّن كّيف ؟ كيـّف و هـّاتين العينينّ قدّ
غشاهماّ الـظّلامّ و هـّاتين الشّفتينّ اللتـّان اعتـاّدتا على تلفتّ بوبرّ من الشتـّائمّ طـّوال الـّوقت همـّا الآنّ
تنـّاجّيان للفّظّ كلمة واحدّة فـقطّ ، واحدة فقطّ لا غـّير هـذّا الجـسدّ الذّي كـّان معه طوال رحّلته بّهذه الدّنيـّا
هوّ الآن على وشكّ تـّركه ، فصـعدّ إلى السـّريرّ بصـّعوبة و قدّ أهلكته المقـّاومة لا فـّائدة الآن ـ لا فـّائدة
فـّلا مجـّال للـهرب منّ المـّوت .
ابتسـمّ بـألمّ موجـّع ، ثـمّ و تـّدريجّيا تـّوقف عنّ المقـّاومة و تـّوقف عن انتـظاّر فّسكّنت أصـّابعه بالقـّرب
من قـّلبه و تسّربت البـرودّة إلى عـٍّروقه فانكسر ذّلك الأمل الذّي حـّمله للحظة مـّوته فيّ أنّ تّفهمه ابنتيه
، تتفهـّما سّبب قـّسوته و جفـّاءه بدّون أن يّضطر للكـّلام ـ تلكّ اللحـظة لمّ تـأتي أبدّا

آنتهـى ـ حـّروف منّ نـدمّ ـ حـّروف لمّ تـّقّل أبـداّ




 

رد مع اقتباس
قديم 03-09-2020, 11:02 PM   #23
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي




هـّجران الـروح لمـّولاها



كـّان يومّا ممطـّرا من أيـّام أكـّتوبر الجميـّلة ، فزّينت الأرّصفة بحّبات من ثـّلج نقـّية ببيـّاضهـّا و بجـّانبهّ ورّيقات ذّبلتّ لتنمـّوا
بمكـّانهـّا ورودّ أجمـّل و أشدّ عبقا ،تّقفّ فـّلور الابنة الكبـّرى أمـّام منـّزل السيدّ رويّ و تـّرن الجـّرس منذّ ثـّواني قّليلة حتى
تفتحه كلير غلوري التي ما إن رأتّ فلور أمامهّا حتى كّشرت بّغضّب و كـّادت أن تـّغلق البـّاب لولاّ يدّ الأخيرة التي منعتهـّا ،
قـّالت بلهجة محذرة و بـّاردة
ـ هلّ عمي روي موجود ؟
قطّبت كلير و رفّضت أن تخبرها بـأي شيء ، فقدّم سيدّ روي من الخّلف لينظر ناحية فلور باستغراب ؟
ألّيس جوناثان الآن يّرفضّ أنّ يكلمه ؟ مـّا سبب وجودّ ابنته هنا إذّن ؟ و لمّ تطّل فلور من تساؤلاته بلّ قـّالت بتهذيب
ـ عمي روي لقدّ أرسّل والدّي فيّ طّلبكّ لرؤيته وجها لوجهّ،
ـ مـاذا ؟ إذّن لمـّا لم يّرسل بذّلك عـبّر الهـّاتف ؟
ـ لا أعلمّ لمـّا لا تـسـأله بنفسكّ حين تّصل ؟
فكـّر معـّمقا فيّ السبّب الذّي قدّ يجـّعل السيدّ جوناثان يتـّحدث معه مـجددا ؟ فـّجون ذوّ كبـّرياء عـّالي و إنّ أراد سوف
يّرمي بّصداقتهم المتينـّة أدّراج الـّرياحّ من أجلّ كـّرامته و لنّ يكون السببّ جيـدّا لكنهّ دّخل لكيّ يـّحضّر أشيـّاءه وسطّ نـظرّات كلير
المعـتّرضة ، قـّالت بـحدة تـّكلم فّيها فـّلور اللامبّالية
ـ لمـاذاّ لا تتـّركوننّا و شـأننـّا ؟ أنتـمّ كّكلابّ بالـّرغم منّ أنّ أصّحابها يّطردونها إلا أنها تـّعود بذلّ لتـّلعب بأذّيالهم من
حـّولهم
رفـّعت فلورا نـظرّها إلى كلير ببّرود و قدّ بدا أنها تـّمسك أعّصابها كيّ لا تتـّهور لكنّ فيّ النهاية لم تسّتطعّ أن تـّبقى محافظة على
هدوءها لتمدّ يدّها ناحية رّقبة كلير و تـّدفعها إلى الجـدّار الذّي خلّفها بكل قـّوة ، اقتربت منها بغضبّ و النيّران مسـّعرة تـّجول بـّكل
قّطرة في دمّها لتـّتحدثّ بنبرة مخيّفة
ـ جرّبيّ أن تـّقولي هـذاّ مجدداّ لأريكّ ما الذي يّمكن للكـّلاب أن تـّفعل إنّ أرادت أن تـّنقلب على أّصحابها
ثمّ دّفعتها لتـّسقطّ أرضّا بإحتـّقار و كره حيّن أتى العـمّ روي مسّرعا و لمّ يلحـظ تـّلك المعـّركة التي حـدّثت تـّوا منّ أفكـّاره العـّميقة
اتجـّاه صـّديقه ، تـّبعته فـّلور ببـّرود و هي تـّرمق كليرّ بّسخرية شديدّة ، كـأنهّا تـّقول أينّ قّوتك التيكنتّ تتّسلحين بها ؟

/


قـّصر آل لبيّر ، الذّي شيدّه الـزمن جمـّالا تلفه الورودّ من جميـّع الأنحـّاء و تعـّلوه أشجـّار ذّات نسيّم عليـلّ ، فّي أحدّى غـّرفه الكثيـّرة بالطـّابع الثـّانيّ
، كـّانت ذّات ديكور يـّختلف عن القّصًر اختلافـّا تامـّا و جـّو ، فالرياح عاتية تهب مزمجرة فتلطم نوافذّها فـّاتحة إياها و أبوابهـّا مغلقة إيـاها مصـّدرة
صوتاً مخفياً ترتعد له الفرائص ، بدء المطر ينهمر بغزارة ؛ و الأنواء تنطّفئ و تعـّود للانـّارة كمـّا لو كـأنها لـّعبة الغمضة ، برد قارص يزلزل الإقدام
ذّلك الـّجناحّ ذو الجـدّران الـسّوداء الـداّكنة و الفـّارغ الموحّش ، ذات السقف الخشبي الرائع والمرسوم باليد والذي يعطي بعدا أعمق ورقي محددا مقياس
هذه الغرفة وكذلك إحتوائها أنتيكات فرنسية وقطع أثاث مطبوعة بنقوش حيوانية و سـّرير واسـّع صّنع بواسطة خشب الماهوغني يشد الانتباه ،
السجاد التابستري جميـّل ينمي عن ذّوق رفيـّع ، مستلقـّيا على الـسّرير و فيّ حـّضنه حـّاسوبه المحـّمول بينمـّا يده التيّ زّينها بّساعة كبيـّرة من
المـّاركة المشهورة رولكّس تخـطّوا على لوحة التـّحكم بـّكل سهولة ، قطّب ثمّ تنهدّ و هو يـّفركّ رقّبته من التعبّ ، فجـأةّ فتحّ بابّ الجنـّاح
ليدّخل جـدّه فقـال نايت ببرود
ـ ما الأمر ؟
تقدّم الجدّ بيتر منه ثمّ جلّس على الـّسريرّ بجـّانب نايتّ اللامـّبالي و قال مباشرة محدُّثـا إيـاهّ و نبرة الصـّرامة تعـّلو كلاماته
ـ ماهي خـطّتكّ هذه المرة نـاّيت ؟ ما الذّي تريدّه بحق السماء ؟
احتدّت نـظراتهّ الموجهة نحو جدهّ بشـكّل مخيّف و ارتفـّع حـّاجباه دّلالة على النكـّران بينمـّا تـّقوسّت شفتيه بـّعبوس ، ليكمل بيتر حديثه
ـ أريدّ أن أعلمّ ما إنّ كنت استعملت تلك الفتاة كتمويه لكّي لا تـّلبي لي طّلبي ؟
تنهدّ نايت بغّيض عندّما علمّ الموضوعّ و أكمـّل الكـّتابة مجيـّبا جده
ـ و لماذا انت حانّق هكذا ؟ ألست أنت من تـريدّ زواجي بـأي طّريقة كـّانت ؟ لقدّ أخبرتني و بّكل وضوحّ سـّابقـّا و أنا أقّتبس منكّ
' أريدّ منكّ أن تتـّزوجّ مهما كـاّنت الفتاة أريدّك أن تـّعيشّ حيـّاتكّ '
هـزّ الجدّ بيتر رأسه بـّعدم رضي ثمّ أشـار على نايتّ بحنقّ و هو يقـّول يـائسـا
ـ لكن لا أراكّ متغـّيرا، عندما أردّت منك الـزواجّ ذّلك بـّقصدّ أن تتـغير و تصبّح إنسـّانا أن تشـّعر أكّثر و تحّب و تـّثق بالنـّاس
لا أن تبقى منغـّلقا على نفسكّ
لمّ يتحدّث نايتّ فـرمقه جده بـّاستنكـّار ثمّ وضـّع يدّه على كتفه و قـّال بتسـاؤل
ـ الا تـّحبهـا ؟ مـاري ؟
ابتسمّ بسخرية شديدّة ، يحّبها ؟ فتاة مثـّلها ؟ بلهـّاء و غـّبية ؟ حمقـاء لدّرجة الجـّنون ؟ تّصّف نفسها بالمتـّرصدة
و تعيشّ في عـّالم الأحلام ؟ تـّبحث عن فـّارسّ أحلامهـّا و تـّغّضب عندّ تـّقبيلها ؟ أي إمرأة هذه ؟ أجـّابه
ـ أجـّل ، أنـّا غـّارقّ فيّ حبّها تمـّاما و أريدّ الـزواجّ منهـّا
ـ أنـّا أنتـظّر إذّن ، و متى قدّ حددّت موعدّ الزفـّاف إذن ؟
ـ قـّريبـّا جداّ ، أقّرب مما تتصـّوره
صمتّ الجـدّ على مضضّ ، لا يـدّري لما لكـّن دائمـّا إذا كان موضوع الحـديّث نايتّ فإنهّ يّحّاول فّهم المـّعنى خلف كل كلمة يّتفوه بها
إلا أنّ محاولاته دائما ما تبوء بالفّشل بينما قـّال نايت ببّرود غير مهتم لشّرود بيتر
ـ لديّ رحـّلة عـملّ بـعدّ سـّاعة لذا أستـأذنكّ
وقف الجدّ بهدوء و خـّرج ، لقدّ طرده بـّطريقة مبّاشرة متى .. متى سيذوب هذا الجليدّ ؟ هز رأسه بـّأسى و هو
يهمس لنفسه
ـ أخـّاف أن يستمر للأبدّ

/

ظـّهرّت الشمـّس من خـّلف تـّلك الغـّيومّ ببطـّء كـأنهـّا خجّلة من تـأخّرهـّا و غيـّابهـّا الطـّويل فرّفعـّت هـّاتفهـّا و التقطت صـّورة
لهـذّا اليـّوم الغـّير عـّادي ثمّ نـظّرت إليهـّا ،وضـّعت يدّها على قـّلبهـّا الذّي يستمـّر بالخفقـّان ، متـألمّـّا و متـّنبـئـّا بمصيـّبة قـّادمة ،
فقـّادّهـّا قـّلبهـّا إلى حّيثمـّا يـّريدّ ، أو إلى أينمـّا هي تـّريدّ لكّن عقـّلهـّا يـأبى تـّركهـّا و كبـّريـّائهـّا المـّجروحّ يـّرفضّ إفـّلاتهـّا ،
قدّميها تسيران بخطى مضطربة و لا تّعلم لمـّا ، يدّيها ترتجّفان بشدّة غّير قادّرة على إمساكّ قلم و لا تّعلم لمـّا ، قّلبها يّنبض بّسرعة
كـأنهّ شهدّ الموتّ بينّ هاتينّ العينينّ و لا تّعلم لما فّوسط تّلك الضّجة فيّ هـذا الدّرس الذي تّعتمد عليه معظم علاماتها قدّ وقفتّ بإضّطراب
لا تدّرك ما الذي يجّب عليها فّعله ، أنفاسها تخنقهاّ و أفكاّرها ترعبها حينّ تقدمتّ منها كليّر مكتفة ذراعيها و ملامحهاّ يغزوها الاحتقار متـذّكرة
ما الذي فّعلته أختها فلور صّباحا بهاّ لتّقول بـسخريةّ و حقدّ
ـ ألمّ تسمـعّي الأخبار مـّاري ؟
رمقتها ماري باستنكار و رفّضت التحدث معها بـعدّ آخر موقفّ لها معهاّ لكنّ كليرّ آبت إلا الانتقام عندما لمحتّ ماري تخـّرج كتّابها لكيّ
تذاكر لهذا الامتحان المهمّ و قدّ خطـّرت فيّ بآلها فـكرّة قدّ تكونّ كذبة تفوهت بهاّ لحظة غّضب لكنهاّ حقيقّة،
ـ أنتّ تجلّسين هناّ لا مبّالية بينماّ والدّيك يّرافقّ الموتّ ،
تّوقفت ماري عن المـذاّكرة و قدّ شحبّ وجههاّ بشدّة ، كيّف لا و الموضوعّ يخصّ والدّها فـّعادتّ تّقف و هي الآن تّعلم
ما سّبب إضـّطرابّها و قـّالت بتوتر
ـ مـّا الذّي تـّقولينه أنت الآن ؟ والديّ ما بـه ؟
ابتسمتّ كلير بّخفوت و هي تتـذّكر مجيء فلور و طلّب سيدّ جوناثان لرؤية والدها ثمّ رفّعت كّتفيها بلا مبّالاة
ـ لقدّ آتت آختك و آخبرتنا أنه يّحتضر
نـظرّت إليها غّير مصدّقة فكّيف لوالدهاّ رجلّ القاسيّ أن يّصبح مّريضا بينّ ليلة و ضحـّاها ؟ لكنهاّ قدّ قالتّ أنه يحتـّضر ؟
ماذا إذاّ كـّانت صّادقة ؟ لكنّ الامتحـّان يترتبّ عليهّ نصّف عـّلامة هـذا الفّصل لا تّستطيّع المغـّادرة و من جـّهة آخرى ماذا
إذا كان حـّقا يّحتضر ؟ قد لا يتسنى لها رؤيته مجددا ؟
-

وضـّعت يدّها على قـّلبهـّا الذّي يستمـّر بالخفقـّان ، متـألمّـّا و متـّنبـئـّا بمصيـّبة قـّادمة ، فقـّادّهـّا قـّلبهـّا إلى حّيثمـّا يـّريدّ ،
أو إلى أينمـّا هي تـّريدّ لكّن عقـّلهـّا يـأبى تـّركهـّا و كبـّريـّائهـّا المـّجروحّ يـّرفضّ إفـّلاتهـّا ، فـو بغضون سـّاعة من الركض لمّ تـّدركـّها
، وجـدّت نفسهـّا تـّقف أمـّام ذلّك المنـّزل الذّي وعـّدت بـّعدم المجيء إليه ثـّانية ، تـّرددّت كثيـّرا قـّبل أن تـّقبل على تـّقدم خـطّوة واحدة
للأمـّام لولا سـّماعهـّا فجـأة لصّراخّ أختهـّا المتـألمّ لحدّ الوجـّع ، و بالـّرغم من سـّماعهـّا لصوتّ بـكـّاء فـّلور المـّرير و العـّالي إلاّ
أنّ قدّميهـّا لا زاّلتـّا تـّرفضـّان الدّخول ،هـذّا غـّريبّ فـّعلا ، فهبّت نسـّمة ريـّاحّ من خـّلفهـّا كـأنهـّا تحّثهـّا على الاستمـّرار لتعقدّ العـّزم
و شدّت بّقبضتها على فستـّانهـّا المتـّراقًّص مـّع نغمّات الّرياح لتخطوا خـطّوة فخطّوتين فـّثلاثّ لتجدّ نفسهـّا تفتحّ بــّاب منـّزلهـّا قدّيمـّا
مـدتّ يدّها المـّرتجّفة بّترددّ لكنهاّ أنـزلتها سّريعـّا مديّرة رأسها ، لا تّستطيّع سوف يّرفضونها مجـدداّ هي لن تـّقدر على تحملّ رّفض
الكّل لها حينّ انتقل إلى مسامعها صّوت صّرخة فلور المستغـّيثة و المتـّوجعة فـفتحتّ عينيها على وسعهماّ قّلقا و دفّعت كبرياءها جـّانبا ،
ذلك الكبّرياء الذّي لا طالّما حـذّرها نايت من رميه و الذيّ لطالما أنبهاّ لأجلّه قدّ رمته
فصـّعدت الـّسلم ركضـّا إلى حيّث استغاّثة أختها المـّتألمة، إلىّ حيثّ يـأمرهاّ قّلبها بالذّهاب ، إلى حيّث نـّادتها روحّ والدّها المـوجوعّة نـّظرت
من خـّلال عينيهـّا البنيتينّ الواسـّعتين إلى جّسم فـّلور المـّرتمي على جّثة والدّها و التّي تهـّزه باستمرار رافـّضة تـّركه بالـّرغم من محـّاولة
روي المستميتة لدّفعهـّا جـّانبـّا ،تقدّمت بـهدّوء إلى دّاخلّ غـّرفة والدّها ، التّي لمّ تدّخلهـّا منذّ سنينّ ، و كمّ انتابتها من مشـّاعـّر حّينهـّا
، مشـّاعرّ نسّتهـّا .. الدّفء ، الحـّنينّ ، الأبوّة ، العـّائلة
وقّفت أمـّام جسـدّ والدّها الممـّدد بـّلا حـّراكّ و شّفتيه قدّ انقّلبتا للـونّ الأّزرقّ ، ثمّ وضـّعت يدّها على كّتف السيدّ روي و قـّالت بـّعدم استدّراك
ـ ما الذّي يحدّث ؟
و بينّ سـّؤالهـّا البريء و الجـّانبي تسمـّع صـّوت فـّلور المبـّحوحّ الحـّزينّ و هي لا تـّزال تهـّز ذّراع والدّها بقـّوة واهية
ـ لقدّ أحضـّرت عمي روّي ، أرجوكّ أفق ، أبّي أعدّك أننّي لنّ أضـّع كـّوب القـّهوة على الطـّاولة و هو سـّاخن ، أعدّك أننيّ
سـّوف أتوقفّ عن إعـّادة كّلامكّ بسـّخرية من خـّلفكّ و أعدّك أنني سـأعيدّ مـّاري إلى المنـّزل و أعدّك أنني سـأبقى بجـّانبكّ
و لن أترككّ أبدّا ، لذّا فقطّ افتحّ عينيكّ هـّاتين من أجـّلي ، أرجوكّ لا تـّرحـّل
سـقطّت مـّاري على ركّبتيها و قدّ خّذلتها قدّميها بّذهول و صـدّمة قدّ ألجـّمت لّسانها ، ما الذيّ تقصدّه
فلور بّلا تّرحل ؟ أفعلا هو قّد ذهب ؟ لكنّ إلى أينّ ؟ ما الذّي تتفوه أختهاّ من تّفاهة ؟ إنهّ هنا أمامهمّا
فّلما تّصرخ هـكذاّ كما لو كـأنّ الحّياة قدّ انتهت ؟ بينماّ احتّضنها عمّ روي بّخفة و هو يّهمس بّنبرة خاّفتة
ـ لقدّ تّوفي
الذّهول قدّ سـّيطـّر على ذّهنهـّا ، فّي هذه اللحـّظة بالذّات أدركـّت أنّهـّا فقدّت فـّردّا أخـّر من عـّائلتهـّا دون أنّ يتسنى لهـّا وداعه
، دّون أن يتسنى لهـّا طّلب الغـّفران منه ، دّون أن يتسنى لهـاّ أنّ تـّشرحّ لهّ ، لقدّ تـّوفيّ هكـذّا ببسـّاطة ،
، لقدّ فقدّت فردّا من عـّائلتهـّا ، أمسكـّت بيدّيه و قـّبلتهـّا كـّانت تعّلم لوّ قدّمت مـّرارا لطّلب الغّفران لماّ
استطّاع رفّضها و لنّ يخّيب ظّنها بّه لكن لمّ تكنّ لدّيها تلكّ الشجـّاعة و هو يـّعلم ، إنهاّ لم تستطـّع أن
تواجّهه فـّلما رحّل هـكذا دونّ أن يّدّعها تجّلس في حّضنه و لو لمـّرة واحدّة ؟ أنّ تنـادّيه بـأبيّ و هو
يبتسمّ بكلّ لطّف ، أهـذّه أمنيّة كبّيرة ؟ أهيّ مستحيّلة ؟ أن تكونّ وسطّ عـّائلتها و أن تبتسمّ بكل سـّعادة أهي مستحـّيلة فّعلا ؟
حـّاولت فـّلور إسناده على الوسـّادة التّي خّلفه كيّ توقظه فتـّقدمّ عمّ رويّ و صـّفعهـّا بـأقصى قـّوة
يمتـّلكهـّا ، فنـّظرت إليهّ فـّلور لّوهلة بسيـّطة من الـّزمنّ ثمّ عـّادت تنـّظر إلى جسّدّ والدّها الممـدّد بـّلا
حـّركة ثمّ إلى أختهـّا التيّ قـّادها القدّر
مسحـّت دّموعهـّا بهـدّوء ظـّاهري و تمّتمّت بـّكلمات شـّكر بسيطّة لعمهـّا تـّشكـّره لإيقـّاظها من
غـّفوتهـّا ، أو منّ جـّنون الذّي أصـّابهـّا ، بـّعدهـّا تـّقدمـّت إلى أختهـّا الـّصغرى مـّاري و وضـّعت يدّيها
على كّتفيهـّا
إلتفتت إليهـّا مـّاري المـّنصدمةّ و بعينيها الكثير من التساؤلات ، لتجّتنب النـّظر إليهـّا فليسّ كمـّا لو أنها
تمتلكّ الإجـّابات بنفّسها ، فـّلم تستـطّع مـّاري التـّفوه بشيء ، كمـّا لو كـأن الدّموع قدّ جفـّت و قّلبها
قدّ تّوقف عن العـّمل ، كمـّا لو كـأن الكّلمات تلاّشت و العبّارات إختفت
إنهّ والدها من تـّوفى الآن ـ و هيّ لا تـزاّل على خّصام مّعه، هلّ من شيء يّستحّق الثـّراء أكّثر من هذا ؟ كيـّف لها ان
تـّطلب منه السمـّاح الآن ؟ إنهـّا النهـّاية
بعـدّ مرور يـّوم واحـدّ ،
تـّكلفّ العـمّ روي بكـّل شيء يخّص صدّيقه الوحيدّ و العـّزيز ، منّ جـّنازتهّ البسيطـّة المقّتصرة على أفردّ
العـّائلة فقطّ المكـّونة من ابنتيهّ و زوجـّته السـّابقة سيـّليـّا التّي و بعدّ اختفـّاء دّام أعوّاما عـّادت لظّهر
فّي فترة الظهيرة
مـّرتدّية فستـّانا أسودّ طويّل و قفـّازينّ مع قّبعة بنفسّ اللونّ أيضـّا ، تـّقف على مبعدة من الحضـّور و
مكـّتفية فقطّ بإلقـاء نظرة أخيـّرة على زوجها السـّابق من بـّعيد .
لمّ تحتمّل ماّري منـّظر والدّها و التـّراب يـّرمى عليهّ ، التـّراب الذّي خّلق منه هاهو الآن يـّعاد إلى أصـّله
فأغلقت عينيهـّا بشدّة
أمـّا فـّلور ، كـّانت تّقف على مقـّربة من والدّها تّرفع ذّلك التـّراب و تـّرميه عليهّ بدّون أّن يـّرف لهـّا جّفن
، أجـّل قـّلبهـّا لا يحتـّمل فقدّان فردّ أخر من عـّائلة روبرتّ ، أجّل قّلبها لم يعدّ يتحمل كل هذا البعدّ و
هذه اللعنة التي قيدّتهم فلم يصّبح شخص الا و اسم عائلته روبرت يبتعد أقصى مسافة عن إخوته آو
والديه ،
جـّلست مـّاري على الأرّض بـعدّ انتهاء كل لمـّراسمّ و مغـّادرة الجميـّع لتـجّلس فـلور بجـّانبها و هي
تحمـّل ذّلك الدّفتر الأخضّر الصـّغير بينّ يدّيهـّا ، وسطّ هذا الهـدّوء الذّي عـّم المقـّبرة تحدّثت ماري بنبـّرة
لطّيفة محـّاولة تـّخفيف عن أختهـّا التي أخذت كل شيء على عاتقها
ـ مضّى وقت طّويل منـذّ أنّ جلّسنا إلى جـّانب بّعضنا هـكذّا، لقدّ اشتـّقت إلى تـّلك الأيّام
أومـأت فلور بـّهدوء و التفتّ ماري ناحية أختها بّشرود، لمّ تطّلب منه أن يّسامحها بـّعد و هو لا يـّزال
غـّاضباّ منها ، ابتسمت و أشـّارت على الدّفتر لتقـّول بنـّبرة مبحـّوحة حزينة
ـ أتـّعلمين ما هــذّا يـا ماري ؟
أومـأت ماّري بالنفّي مسّتغربة فـأكملّت فـّلور كـّلامهـّا ،
ـ إنهّ سببّ الذّي دّفعــّني للابتعـّاد عنكّ ،
رمّشت مـّاري بّعينيهـّا البنّيتينّ اللتـّان و على وّسعهـّمـّا أّصبحتـّا غـّير قـّادرتين على الانفتـّاح ، ثمّ مـدّت
أصـّابعهـّا الطـّويلة و أمسكـت بذّلك الدّفتر الأخـّضر ، الّسبب الذّي دّفع فـّلور بـّعيدا عنهـّا ثمّ فتحتهّ ،
الـّصفحة الأولى كـتب عـّليه بخطّ واضحّ دّفتر الدّيون ، قـّالت بتسـاؤل
ـ الدّيون ؟ أهـذّا الدّفتر يخّص والدّنـّا ؟
أومـأتّ فـّلور بالإيجاب ثمّ قـّلبت الصفحـّة الأخـّرى ، لمّ يكنّ دّفترا لدّيونّ بـّل دّفتـّرا كـّتب فيهّ جميـّع
مـّشـّاعره و رحـّلاتهّ ، جميـّع مـّا لمّ يستـطّع التـّفوه به يـّومـّا ، مـّا لم يسمحّ له كبـّريـّاءه بقـّوله ، نـّظرت
إلى اسمهـّا المّزينّ على اليسـّار
ـ عندّما أتتّ تلكّ الطـّفلة الصّغيرة إلى منـّزليّ ، كمّ شـّعرت بالفـّرحة العـاّرمة لـرؤيتهـّا فقطّ ، كّنت أريدّ
منهـّا العـّودة و أريدّ منهـّا أن تـطّلب منيّ الـعودة لكّن يـّا بؤس سـّعادّتي عندّما أخّبرتي أنهـّا أتتّ لأخذّ
فـّلذة كبّدي الأخرى منّي ،
أنـّا أريدّ مسـاّمحتهـّا ، و أربت على رأسهـّا لأخبّرها أنّها لمّ تـخطـأ أبدّا و مـّا حدّث في المـّاضي كـّان
مـّجردّ غـّفوة لكّن لا أستطيـّع بالـّرغم من أن هـذّا القّلب سـّامحها لكّن الكلمـّات تـأبى بالخـروج
مـّررت عدّة صّفحـّات و دّموعهـّا قدّ بدأت في التجـّمع ، أمـّا فـّلور فـّتنهدّت بـأسى و أخذّت الدّفتر عنهـّا
لتكمـّل بّصوت عـّاليّ ،
ـ اليـّوم لكّن يـّكون اليـّوم الذّي سـأرحـّل فيهّ بّل إنهـّا بدّاية لنهـّايتي، تـّلك النهـّاية التّي كّنت فّي
انتظارها لتـأتي و توقّظني من سّباتي العمّيق و هـجّرانيّ لكّن و عنـدّما أتتّ وجدّت نفّسي أنهّ ما كـّان
أبدّا يجّب علي انتظارها،
تلكّ اللحـّظة التيّ توقظني من طّغيانّي و الحقدّ الذّي طغّى على قّلبي مـّا كان يجّب عليّ انتظارها ،
بّل السـّعي خّلفهّا و المحـّاولة جـّاهدا أيضـّا
فالآنّ و بعدّ أن أدّركني المـّرضّ فـأصبحّت أصـّابعي هـذّه التّي تطـّاولت على الكـّثير من النـّاس عـّاجزة
عنّ كـّتابة كّلمة فـّما بّالكنّ بجّملة ؟ أو رسـّالة ؟
وأنـّا الآنّ أريدّ أنّ أعتـذّر إلى كّل مـّن أخطـأت فّي حقّه يـّوما مـّا و بالأخصّ إلى ابنتـّاي ، أكثّر من أوجّعتهمّ و ألمتهّم ،
إلـّى فـّلور ، تلكّ الطّفلة الصـغّيرة التيّ لطـّالمـّا حمتنيّ و بالـّرغم من أننّي كنت طّاغيّا و لا أنفكّ شتمها
أو ضّربهـاّ في بعضّ الأحيـّان إلا أنهـّا كـّانت تـّنظر إلّي بّشفقة و رحمـّة ، و بالـّرغم من أننيّ حـّاولت
كثيـّرا إبعـّادهـّا لكّنها كـالغـّراّء ، غـّراء جميـّل
أعـّلم أنكّ يـّا فـّلور ، مستـاءة من أمكّ لأنهـّا تـّركتنيّ و أعّلم أنكّ حـّزينة لأننّي ظّلمت مـّاري بّشتى
الطـّرق و أعـّلم أنكّ تـفهمينّ جيدّا لمـاذّا فـّعلت كل هـذّا ، أنـّا أسّف فـّعلا ، فقدّ حـّاولت تـّزويجكّ من
آرثّر باعتقادي أنه الرجّل الصـّالح الذّي سيحميكّ منيّ و من الجميـّع لكننّي كنتّ مخطأ
أنـا أسفّ
إلى مـّاري ، ابنتي الثـاّنية .. أنـّا أعلمّ أن لا ذّنب لكّ فيمـّا حدّث بالمـّاضي و أنـّا أعلمّ أنكّ ما كـّنت

تدّركين مـّا تفعلينهّ لأنكّ صـّغيرة ، و أنـّا أسّف أيضـّا لأننيّ طردّتك من المنـّزل الذّي لمّ تعّرفي بهّ حبـّا و
لا دفء ، أنـّا أحبكّ يـا طـّفلتي الصـّغيرة ، أحبكّ جدّا لدّرجة جّعلتني أبعدّك عنّي كّيّ لا أؤلمك أكثر
أمـّا عن قّصة الـ 500 مليـّون تـّلك فـّلا وجودّ لهـّا بـّل هيّ مجرّد كذّبة منيّ كيّ ترضى فـّلور بالـزواجّ من
آرثّر و كّلانـّا أنا و سيدّ جورجّ غلوري نعّلم بهـذّا ، لذّا لنّ تـضطّرا لأنّ تّقلقّا بشـأن الدّّيون من الآن فّصـاعدّا ،
لقدّ اخترعت قّصة الـ 500 مليـّون دّولار لأننيّ رأيت فّي آرثر الـّرجل المنـّاسب الذّي سّوف يـّنقذّكنّ و
سـّوف يّقف بجـّانب فـّلورا ،
أنـّا أسّف لذّا مـّاري ، أعّلم أنّه لّيس لدّي الحّق فّي طّلب أيّ شيء منـكّ ، لكـّن أرجوكّ أعدّلي عن
هـذّا الـزواجّ و أتـركّي رجّل أل لبير و شـأنهّ ، أعّلم أنه هو الذّي دّفع المـّال و أعّلم أن مـّا تكّنينه لهّ ليّس
حبّـا ، لذّا أرجـّوكّ عّيشي حّياتكّ و لاّ تـّقبلّي بـأنّ تـكونّ خـادّمة
أنـاّ أسّف يـا ابنتـّاي فـّكل مـّا قّـاسيتنهّ كـّان بّسبب رجـّل أحبّ امرأة ،
رجـّل أحبّ امرأة و امرأة أحبتّ ذّلك الرجّل بـالرّغم من عـّيوبه ، لكّن بخيّانتنـّا لمّ نتعـّادل
ذّلك الرجّل كـّان والدّكم و تلكّ المرأة هيّ أمكمّ سيليّا ،فلمّ أعلّم قيمتهّا إلا بـعدّ رحّيلهـّا و بعدّ رحّيلهـّا تـّركتني
محّطّما مشتتـّا ، لمّ أدّرك معنى أنّ تفقدّ شخصّا يحّبك من أعمـّاقه قّلبه و يهتمّ بكّ قّبل الاهتمام بنفّسه ، لذّلك لا
تـّلوموهـّا على ماّ فعلت ، لقدّ كانت مجّروحة من رفّضي لحّبها بعدّ كل تلكّ السنينّ
أنـّا أسفّ لأنكنّ لم تّختبرنّ شعـّور العـّائلة
أنـا أسفّ لأننيّ لم أكّن لكّن أبـّا تستنـدّن عليهّ ، و أنـّا أسفّ لأننيّ أقول هـذّا الكـّلام بـّعد فوات الأوان
و أنـّا أسـّف على كلّ شيء
شـّعرت الفّتاتين بّصدمة عـّميقة من مشـّاعره ، لمّ تـكن لتـّظنا و لو لّيوم فّي حّياتهما أنّ هـذه هيّ
أحاّسيسّ والدّهما الحـّقيقية ، فـبدأّت دّموع فـّلورا بالسـّقوط و قدّ تـّهاوت جـدّران قّوتها من حـّولها فـّلم
تـّجدّ أي منجى سّوى حـضن أختهـّا الّصغرى لّيلمها بّكل حـّنان ، كلّتاهما قدّ عـّانتّا و قدّ حـّان وقـّت
وضـّع النقـاطّ على الـحرّوف لقدّ حان وقـّت لمّ شّمل عـّائلة آل لبيّر من جـديدّ بـّعد فـرّاق دامّ سنينـّا ،
بينمـّا وضـّع مـّاري يدّيها حول ظّهر فـّلور تّطـّب عليها بكّل خّفة عنـدّما هـمسّت بّصوت خـّافتّ و بـّعيدّ
ـ لكّن فـّلور لما قدّ يكتّب كلمـّات مثّل هذّه ؟ كـأنه كّان يـّعلم بـأن أجّله قدّ اقترب
تـّوقفت فـّلور عن النـّحيب كمـّا لو كـانّ كلمـّات ماريّ الـّهامسةّ قدّ أيقظتها من نـّوبة انهيارها الـوشيكة
فاعتدلت في جّلستها و رفعتّ يديها عاليا إلى السمـاء لتقول بنبرة لطيفة و رقيقة
ـ لأنه كـّان يـّعلم فّعـّلا ، والدّنا أصيبّ بسـّرطان الدّم اللوكيمـّيا منذّ ثـّلاثّ سنينّ قبّل رحّيلكّ بـّعامّ واحدّ
و أنـّا اكتّشفت ذّلك لهـذّا أردّت الـّوقوف بجـّانبه ، لأنّ والدّنا العـّنيدّ يرّفضّ تـّركنا جّانبه و لأنه والدّنا
السيدّ جونـّاثان روبـّرت فكّان عنيدّا جّدا لإخّبارنـّا ،
تلعثمت مـّاريّ في أحّرفهـّا ثمّ نـّظرت إلى قّبر والدّها ، لتقول بأسى
ـ لمـّا لم تـّخبريني بذّلك ؟
ـ لمّ أعلمّ كيّف أخّبرك ، فـأنتّ كنت مخّتفية لمدّة عامينّ و لمّ نستـطّع أن نـّعرف مكـّانكّ ثمّ أنتّ ظّهرت
فجأة في الآونة الأخيرة و لمّ أعلمّ حينهـّا كيّف قدّ انقـّل لكّ هذه الأخبـّار خصوصّا لأنّ والدّي يّرفضّ أن
نتقـابل نحن الاثنين
تنهـدّت فـّلور ثمّ مدّت يدّها ناحية مارّي ، أمسكتها الأخيرة بإحكـّام لتقّف و تـّلقي نـظرة أخيرة على
المكـّان ، ابتسمـّت بهـدوء و شدّت على يدّ فـّلور لتبتسمّ هي أيضـّا ، فقــالت ماري بّنبـّرة حـّاولت قدّر
الإمكان جعلها مرحـّة
ـ لا تـّقلق والدّي لقدّ تمّ لمّ شمـّل عـّائلة روبّـرت ، و سّّوف لنّ نفتـّرق أبدّا مهمـّا كانت الأسّباب و مهمـّا
طـّال الـزمـّان ،
صـّرخت فـّلور بّصّخب و هي تـّرفع يدّيهمـّا عـّاليـّا في السمـّاء ،
ـ إلى الأبدّ ،
كـّانت نـّظرات تلكّ المـرأة الصّهباء تـّلاحّقهمـّا باستمـّتاعّ و تـّنظر إلى حّركاتهمـّا الواهية فّي رفّع
معنوياتّ بعضهما بّعضـّا ، صّوتّهما و بـّفعل الريـّاح ينتقـّل إلى مسـّامعهـّا ليطمئنّ قـّلبها أخيـّرا على
ابنتيهـّا ،
ابتسمـّت هي أيضـّا بهدوء و أنـّزلت القـّبعة على رأسهـّا أكثّر لتـّغدوا مـّلامحها غـّير واضحة للعيـّان ثمّ
رّفـّعت مطريتها و غـّادرت المـكـّان ، لّيس للأبدّ لكنّ لأنّ يحينّ الوقت المنـّاسب للغـّفران ،

/

بـّعد مـّرور أّسبوع على وّفاة سيدّ جوناّثان روبـّرت ، كـّانت كلّير تـّجلس فّي مقـّهى عـادي تـّمسك بينّ
يدّيها كوبّ قّهوة تـّركية سـّاخنة و تتأمل المارة بمـّلل منتـظرّة وصـّول آخيها الذي أصّبح في الآونة
الأخيرة من صّعب رؤيته ، حـّين تـّقدم ذلك الشّاب ذو الـّشعر الّبني منهـّا و جلّس بـضجرّ أمامهـّا قـّائلا
ـ ما الأمرّ الطـارئ ؟
نـظرّت إليه كليّر ببـّرود ، لقدّ اتصلت به قـّائلة أنّه يوجدّ شـيء طارئ يجب عليها التحدث معه و هـاهو
الآن يـأتي لّيسـألها ما الأمرّ بـعد مرور أربعة أيامّ ؟ لقد أصبحّ آرثر فعلا مهمـّلا لكنها لم تهتم فـعلا فهذه
هي شخصيته لذلك ردتّ بابتسامة
ـ لقدّ توفي جون روبـّرت
قطبّ آرثر و نـظف أذنها كأنه لم ّيسمع الخـّبر جيـدا ثمّ رمش بـعينيه عدّة مرّات ، هل ذلك الـرجل قدّ
توفي ؟ لكن لطالما رآه بّصحة جيـدةّ ، هـز كـّتفيه بمللّ و أجّابها بـعدم اهتمام
ـ إذنّ ، أتـردين منيّ أن أعزي أبنتيه أم ماذا ؟
هـزت كلير رأسها نّفيا بـّقرف و مجـردّ كرة مصّافحة عائلة روبرت تصّيبها بالغّثيان ثمّ همـّست بـّحدة
ـ أجننت ؟ لا طـّبعا لكنّ بما أنّ ذلك الـعجوز قـدّ توفي أخيرا فـهو عقبةّ قد أزيلت من طـّريقنا و الآن نستـطيع أنّ تعذّب
ابنتيه و نقتلهما و لن يّقول أحدّ شيئا
صمتّ آرثر قليلا متـعجّبا من كـّلير بالـّرغم من أنهّ هو منّ طـّرد من المنـّزل و هوّ منّ حرمّ من النقـودّ و
جميـّع أملاكـّه إلاّ أنه لّيس غـاّضبـّا مثـّلها ، ابتسـمّ بسخـّرية حسنـّا غّضبها يّكفيّ لشخصّين أوّ أكثّر ،
قـّال ببـّرود
ـ إذّن ؟
زمـّت كليّر شّفتيها باستياء منه ثمّ وقفـّت و أنهـّت قّهوتها بّرشفة واحـدةّ لتمسكّ بـحّقيبتها و هي
تـّقول بـّغيضّ
ـ لا تـّهتمّ ، عـندماّ أجدّ خـطّة سـوفّ أعلمكّ
و سـّارت مسـّرعة ، رّفع آرثر كـّتفيه متجـّاهلا إيّاها و نـظرّاته مـّركزة على تـّلك النـّادلة الجـّميلة التّي
تصّب لهّ العـّصير




 

رد مع اقتباس
قديم 03-09-2020, 11:03 PM   #24
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي





نـزعّ نـظاّراته بّضجر و وضـّع يديّه فيّ جيّب سـّرواله بكلّ مـّلل بينمـّا عينيه الخّضراوتين تـجّولان فيّ المـكاّن حيـنّ لمـحّ وجـودّ مـديّر أعمـّاله
يّقف على مبـعدّة منه منتـظراّ إيـّاه ، تـّقدم منه بـخـطّوات كـّسولة راسمّا على شّفتيه ابتسـاّمة مـّرحة ، رفـّع أصبعيه و ضـّرب جـّبهة مـديّره لّيقول بّمشاكسة
ـ أينّ ذهب عـّقلك ؟
نـظرّ إليهّ مدير أعمـّاله بـّعدم استيـعـّاب ، كيّف لّويليـّام أن يكونّ هـنا أمامه بـّعد أن رّفض الـظهور عّلنا ؟ احتضـّنه بـّخفة و هو يـّرد عليه بّفرح
ـ يّا رجـّل لقدّ اشتقت إليكّ كثّيرا ،
ضحـكّ ويليـام و هو يـّربت على ظـّهره ، بالـّرغم من أنهّ يكره شّركته لضغـطهمّ الدائمّ عليه لكنّه يبقى المكانّ الوحيدّ الذي يشعر بالانتـماء إليه
، نغـماتّ الموسيقى تصّدح في الأرجـّاء و رنينّ النـّاي الـّرقيق مـّع أوتـّار الغـيتار الـذّهبية كلّ شيء هنا يجـّعله يّشعر أنهّ جـزء من هـذه العـّائلة
الـكبيرة ، تـّرك المـديّر و ملامحـّه المـّرحة قدّ غـزت وجهه بكلّ عنفوان و حـّرية
ـ إذنّ ما الأمـّر الطـّارئ الذّي لا يحتـملّ التـأجيـّل و الذيّ يجـّب علي حـّضوره شّخصيـّا ؟
ارتبك المـديّر و قدّ كان ذلكّ جـّاليا عليه فالتفت إلى الخـّلف حيثّ يّقف شـّاب ذو شـّعر بنيّ مصـّفف بـّعنايةّ فـّائقة و بنيةّ قوية يحمـّل غيتارّا
كـّان يـنـظرّ إليهـماّ بـبرودّ و نوع من الـّسخرية حين أشّار له المـديّر أن يـتقدمّ فـأطـاّع طّلبه ليّقف أمامهمـّا ، قـّال المـديّر بـّتوتر
ـ ويـّليام هـذا أوسكـار ... احمّ شـّريككّ فيّ الأغنيةّ القـّادمة
رّفع ويّليام حـّاجبه باستنكار و هو ينـظرّ إلى ذلك الـّشاب المـدّعو بأوسكار فـمنّ طـّريقة ملابّسه و جـّلوسه يبـدوا كـّمغني روكّ كيّف
له أن يّنتجّ أغنية قـّادمة معه ؟ قـّال ببّرود
ـ مستـحيلّ ، أخـّبر الـرئيسّ أنني أرفّض هـذا الإدّماجّ السّخيفّ
ابتسمّ المـديّر بتوترّ و رّفع عينيه إلى الأعـّلى محـّاولا أن لا يـنـظرّ إلى ويليام مبّاشرة كيّ لا يـزيدّ توتره و ردّ عليه
ـ حسنـاّ ذلكّ مستـحّيل نوعـّا مـّا لأنّ الـرئيسّ قدّ أعلنّ شّراكتهما لّصحافة ، صـّدقني لقدّ أخبرته أنكّ تـّرفضّ فـكرة الإشتـراكّ
مع أي شخصّ لكنه كـّان غـّاضبّا قـّليلا لأنكّ لم تـّكتبّ أغنية بـّعد و لقدّ أخبرك معـّجبيك أنّ ألبومك التـّالي سيـخرج بـّعد شـهرينّ
لكنكّ أستغرقت ثّلاثة أشهر و نـحنّ لم نـرى أي تـّطور بّعد لذا كمـّا ترى
زفـّر ويّليام بـّغيضّ ، كيّف له أن يّقرر مـّصيره هـكذا دون أنّ يكون له أيّ رأي في المـّوضوعّ ؟ بينمـّا تـّقدم منه أوسكار و وضـّع غيتاره
أمامّ ويّليام ليّقول بّنصف ابتسامة
ـ لست مـّوافقا على أن أكون شـّريككّ أيّضا فـأسلوبكّ لا يـّعجبني لكن مـّا دامّ أنّ الأمرّ قد وصّل إلى الصـّحافة فـأناّ لست مـسّتعدا أنّ أدخل فيّ
دوامة من الـنكـّران و الأسـّئلة اللانهـاّئية لذا لننتهي من الأمر فقـطّ
رمـّقه ويـليام ببـرودّ ثمّ رفـّع يده لـّصافحه ، مادامّ أن الأمر قـدّ وصل إلى الصـّحافة فما بيـدّه فـّعل شيء الآن سوى تـّقبل
أوسكـّار

/

فيّ إحدى تـّلك الأمـّاكن المـظلمـّة حيثّ لا يـّعرف الـنور طـّريقّا لها ، مسـتّودع كبيـّر مليء بـصّناديّق تـّحتوي على نفّس الـتّصميمّ
بالـّرغم منّ إخـّتلاف وجهة الصـنادّيق ، رسـمّ ذلكّ الـرجّل ذو الـّبذلة السـّوداء على شـّفتيه ابتسـّامة سـّاخرة بينمـّا يـدّه تـّقبضّ على رقـّبة
ذلكّ الشـّاب دونّ رحـمةّ ، همسّ بـأسى مصطـّنع
ـ يـاّل الأسـّف كـّانت سـّمعتكمّ مشـّرفة لكنّ لقدّ انتهت أمجـّادها ،
رمقـّه شـاّب بـّحقدّ و هو يحـّاول التمـلصّ من قـّبضته لكنّ فـّرانسوا لمّ يـّعطيه أيّ مجـّال للـهـّرب أوّ حتىّ التـّحرك فـّهاهو
قـدّ سددّ لكـمة جـعّلته يّفقد وعـّيه ، ثمّ رفـّع هـّاتفه و قـدّ علّت مـّلامحـه الـّبرود و الـصـّرامة حيـّن إنتـّقل إلى مسّامعه صـّوت سيدّه المـّبحوحّ و الهـادئ
ـ ما الذيّ اكتشـّفته فـّرانسوا ؟
ركـّل فـّرانسوا الشـّاب بـّسخريّة و رفـّع بيدّه اليسرى ورقة كبيّرة بهاّ مخـططّ لمشـّروع يبـدوا فيّ غاية الضـّخامة ،
ـ لقدّ كانّ شككّ فيّ محله سيدّي فـشّركة جـونسونّ حـّاولت أنّ تـّستغـّفل شـّراكتنا و تبيـّع نفسّ التصـّميم لنـّا و لمجمـّوعة فوتوشيـّبا
تنهـدّ نـّايت بـّبرودّ ثمّ رمـىّ ذلكّ الـملفّ أرضـّا لـتتخـّلل أصـاّبعه الـطّويلة شـّعره الـحّريري النـّاعم ، لقد ّضجـّر من هـذه المـّؤامـّرات
الفـّارغة و يـّا ليتها تـّنجحّ ؟ كلّها تـّبوء بالفـّشل قـّبل الـخطوةّ الأولى حتى ، هل أعـدائه فـّعلا بـّهذا الـّضعف ؟ قـّال ببـّرود
ـ فـٍّرانسـوا اهـتمّ بالأمـّر سـّوف أغـّادر ليّلة إلى لنـدّن و لحينّ عـّودتي أريدكّ أنّ تـّضع سيدّ جونسون الصـّغير بينّ قبضتكّ
أومـأ سيدّ فرانسوا بإحـترّام كمـّا لو كـأن نايتّ يراه و هـذاّ لشدّة وفـّاءه ثمّ أجـّاب بـّنبـرة خبيـّثة و مـّاكرة
ـ أوامـرّك مـطاّعة سيدّي

/



 

رد مع اقتباس
قديم 03-09-2020, 11:04 PM   #25
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي





هفـّواتّ الماّضي بينّ مستقبـّل الـغدّ




فيّ أحد المنـازلّ العـّديدة المـّوجودة بـّذلكّ الحـّي البسيطّ ، يّغلبّ لـون الـّرمادي على جـدّرانه بـدّاخله فيّ الطـّابقّ الثـاّني حيثّ تـّوجدّ تلكّ الصـّهباء
الجـّالسة بـكلّ هـدوء علىّ سـّرير والدّها تمسكّ بينّ يدّيها دّفتره الـّصغير ، منّ يـّراها لمّ يصـدقّ أنهاّ و قّبل أسّبوع كـّانت مـّنهارة تـّرفض تصـّديق
أنّ والدها قدّ توفي أمامهـّا حّقيبة سـّوداء متوسطّة الحـجمّ ذات قـفّل مميز قدّ جـّلبها الـّعم رويّ
أمـّا تـّلك الفتاة ذات الشـّعر البـّني الأشـّعث القّصير كـّانت تجـّلس فوقّ المنضـدّة و على شّفتيهـّا ابتسـامة لطّيفة، متبـّادلة شّتى أنواع الأحـّاديّث مـعّ
عمـّهمّّا روي، بنـّبرتهـّا المـّرحة و شّخصيتهـاّ السـّاذّجة
ـ لا أصدّق عميّ فحتى بـّعد كل هذه السنين لا تـّزال كمـّا أنتّ بلّ تـّغيرت لتصبحّ أكثّر وسّامة ، هلّ سيدّة ليكسيّ لازالت تصآب بالغّيرة من آجلك ؟
الكـّل يـّعلم أنهاّ تحـّاول نـّزع هـذاّ الجـّو الحـّزين من قـّلوبهماّ و كـّلاهما يـّعلمان أنهاّ الأكثّر حزنـّا بينهم ، فـهي لمّ تـّذرّف و لو دمعّة ابتسـمّ العـمّ
رويّ بـهدوء و جـّلسّ أخيـّرا على الكـّرسي بـّعد أن تـعّبت قدّميه من الـّوقوف ليكـّمل حـدّيثهما الجـّانبي الذّي يـّقطـّع صّمت المـّوحشّ
ـ أجـّل لا تـّزال لكّن إن كـّان أحدّ منـّا قدّ تـّغير كلّيا بهذه الـّغرفة هو أنتّ مـّاري ، بالكّاد تـّعرفت عليكّ عند الوهلة الأولى
ابتسمتّ ماريّ بغير استيعاب لكّلماته الغآمضة و هي بالكـآدّ قدّ عـرفت المعنى منّ خلفّها
ـ أنـّا ؟ لا أظن ذّلك ،
أجـّاب بمـّغزى و هو يـّرمقهـّا بنـّظرات لمّ تستطـّّع مـّاري تفسيرهـّا و لمّ تـّلمحها قطّ
ـ كـّليـّا ، أهـذّا لأنكّ أصبحـّت خطيبّة ذّلك الـرجّل الشهيـّر نـّايت آل لبير ؟
ضحكـّت مـّاري و هي تـّشير بيدّهـّا دلالة على أنه يمـّزح بـلا شكّ، ثمّ اقتربت منه أكثـّر و هـذّه عـّادتهـّا عندّ الارتبـّاك أو التـّوتر
ـ نـّايت ؟ لا هـذا مستـحّيل
ـ الجـّرائدّ تـّقول عنكمـّا سنـدّريـّلا و الأمـّير ، معـطّية بذّلك عـّنوان لقّصة حبّكمـّا لذّا أنـّا أظنكّ فـّعلا تـّغيرت بعدّما التـّقيته
مـّاري بـّتوتر : و كيـّف ذّلك ؟ أنـّا
ـ لقدّ أصبحـّت أكثـّر انفـتاحـّا يـا ماريّ و قدّ لا تـرينّ ذلك بّنفسكّ لكنّكّ تـّغيرت عن نفسكّ المـنـطّوية تـّلكّ ، كـّنت لا تتـجـرأين على فّتح حدّيث
مـّع أحد و ها أنت الآن مـّكونة الكثير من الأصدّقاء و قدّ حللت مشـّكلة والدّك مع الديونّ حتى لو كان الأمروهميـّا ، لذا أقول لكّ بلى أجدّك
قدّ تـّغيرت ، و الفّضل يـّعود إلى خطّيبكّ نايت
صمـّت روي و لمّ يـّقل شيئـّا بـّعد هـذّا، فـنـظّرت مـاّري إلى النـّافذة بـّشرودّ و هي تـفكّر أحقـّا قدّ تـّغيرت ؟ ربمـّا ، لا بل أكيـدّ فإبتسمت بـمرحّ
تـّاركة هذا الأمر جـّانبـّا
ـ فـلورا هل وجدّت ما تـبحّثين عنه ؟
هـزت رأسها دلالة على النفـّي ثمّ تـّوقفت عن النّبش في أغـّراّض والدّهما الـّراحـّل و استلقت على الـّسرير بـتـّعب، فجـأة رنّ الجـّرس فـّسـارعت
مـّاري بالقفـّز و الذّهاب لفتّحه محـّاولة التـّهرب من نـظرّات رويّ الخافتةّ ذات المعانيّ و الكّثير من التساؤلات
حّينهـّا رأتّ شّخصـّا لمّ تكّن لـتتـّوقع مـجيئه أبدّا ، نـّايت يّقف مستنـدّا على الجـدّار و ذّراعيه معـّقودتّين ، يـّرتدّي معـطّفا أسـّودّ تمـّاما مثّل شـّعره
الحريري المنسـدّل على جـّبهته الشـّاحبة و وشـّاحـاّ رمـّاديّا كعـّينيه اللتـّان تقـدّحان بـّرودّا و جمـّودا ، ابتسمـّت مـّاري بـّعدم استيعاب و قدّ انتـّقل
إلى مسـّامعهـّا صوّته الحـّاد و الغـّاضب
ـ أينّ إختفيت بّحق الله ؟ و لمـاذّا هـّاتفّك مـّغلقّ ؟ أتـّعلمينّ كمّ تـّطلب منيّ الـبحّث عنكّ من وقـّت ؟
سـألتهّ ببـّلاهة كمّ من وّقتّ فـرمّقها بـّحدةّ لتتدّاركّ سـّؤالهـّا الـغّبي و تتّراجـّع إلى الخـّلف مفسحة لّه بالمـّرور فـظّهـّر خـّلفه
ويـّليام المبتسمّ بطـّلته المّشرقة ، كانت عاجزةّ عنّ التعبيرّ فـنايتّ خطيّبها الوهميّ قدّ بحثّ عنها ، حيّنها شعـّرت بشيّء يّعصر قّلبها و كمـآ لو
كـأنّ قدّميها لمّ تعدّ تحملانّ وزنها و عندّما لاحـظّت فـلور تـأخر مـاري في المجيء صّاحت بّصوت عـّالي من الغـرّفة المـجاورة
ـ مـّاري ، من هنـّاك ؟
لمّ تستطعّ ماري أن تجّيبها و لو بـحرّف واحدّ فدّهشتها منّ قدوم نايت و ويليام إلى منزل والدها أكّثر من أيّ ، تّقدم ويـّليام و ألقى عليهـّا
الـّتحية بمرحّ لكّن لمّ يجدّ منها تـّجاوبـّا فقـّال نايت بسخرية
ـ أو تـّظنين أنكّ تستـطّعين الهـّروب من قـّبضتي ؟ حـّتى لو وصّلت إلى النّصف الآخر من العـّالم فـأنا سـأجدّك
دمـّعت عينيهـّا فجـأة فـّتـّوتر ويـّليام و تـّبادل نّظرات الاستـّغرابّ مـّع صدّيقه ، لكّن الأمرّ المفـاجئ أنهـّا مـّاري نفسهـّا الخّجولة التّي كّانت
انطوائية فيما مـّضى قدّ رمّت نفسهـّا بينّ ذّراعي نـّأيت ثمّ بدأت بالبكاء المـّرير
خـّرجتّ فـّلور من الغـّرفة مسـّرعة متـّعثرة في خـطّواتها و خّلفها السيدّ رويّ ، لكنهمـّا تّوقفـّا عندّما وقّعت أعينهـّما على منـّظر مـّاري كّيف
قّبضتها الصـّغيرة تشدّ على معطـّفه راّفضة تـّركه ، كيّف لدّموعهـّا المنهـّمرة أن تبـّلل صـّدره ، كيـّف هيّ تخبـأ رأسهـّا فّي حضّنه إنها صـّغيرتها
مـّاري فتحدّث نـّايت بحدّة محدّثـّا فـّلور و نبـّرة تهـدّيد شدّيد اللـهجةّ ،
ـ ما الذّي فعلته ؟
قطّبت فـّلور و رغـّبت في تلكّ اللحظة لو أنهـّا تـّنتـّزع أختها الصـّغرى من بينّ بـّراثنه بقّصوى شدّيدة ، فقـّالت محدّثة أيـاه بغّضب
ـ بل قّل ما الذّي فعلته أنت ؟ أيّن كـنت أنت عندّما أتممنا مـّراسمّ دّفنّ والدّنا ؟ هل كـّنت بـجّانبها ؟ دّعني أتذّكر ؟ أجّل بل لمّ تكّلف نفسكّ عناء
الحـّضور حتّى
ألجّم لسّان ويّليـّام من الصدّمة و ألتفت مستديرا ينـّظر إلى ناّيت ، مـّاري والدّها قدّ توفى ؟ فطّغت علّيه مّلامحّ الحّزن بينمـّا انسحّب عمّ رويّ
من المنـّزل تـّاركـّا شـؤون عـّائلة روبّرت خّلفه ، فقـّال ويّليـّام بهدوء
ـ أقدّم تعازي الشدّيدة و بالـّرغم من أنهّا متـأخرة ،
ابتّسمت فـّلور بّسخرية فرمّقها ويّليـّام باستنكّار ، هذه الفتـّاة تـّبدوا مـّتلبدة المشـّاعّر و لا تـّروقه على الإطلاق أبـّعد نـّايت مـّاري ممسكّا إيـاها
من كّتفيهـّا ثمّ نـّزل إلى مسـّتوى عينيها الزجاجيتين اللّتان قدّ عكّستا مـّدى الألمّ الذّي تمّر
به ثمّ قال ببـّرود و نبـّرته المبحوحة قدّ انطّلقت كالسّهم إلى قّلبهـّا
- لمـّا تّدعين الحـّزن ؟ لّيس كمّا لو كـأنكّ تحّبينه، ألسّت أنت من كّنت تتفادّينه ؟ يبدوا أنكّ قدّ صّرت ممثـلةّ بارعةّ لكنّ من الأفـّضل أن تّفصلي
عمـلكّ عنّ حيـآتكّ الواقّعية، دّعنا من هـذّا فـأنا قدّ أتيت لأخبركّ أنّ موعدّ الـّزفافّ فيّ نهاية هـذّا الشـّهر لذّا كوني على
صّـاح وّيليـّام محـّاولا تحـذّيره و عبوسه واضحّ للعيـآن
ـ نـّايت
بينمـّا تّوقفت ماري عن البكـّاء فـّورا كمـّا لو كـأنّ دموعهـّا قدّ جفّت، ماذا كانت تنتـظرّ منه بالضبطّ ؟ أنّ يربت على رأسها بدّفء و يّخبرها
بـأن كلّ شيء سوف يكون بخيّر ؟ هـذّا نايت قّلبه من جـّليد ، شّعرت حّينها بالخزّي و الشّفقة على حـّالها ،
ما الذّي كانت تّفعله ؟ لماذا عندّما رأته تسّاقطّت الجدٍّران من حولهـّا ؟ فقـّالت و العـّبرة تخنٌّق رّقبتها
ـ أنتّ محقّ كالعـادّة ، فـأنتّ تـّعلمّ كل شيء ، منّ أكون و معّ من أكون أو أيّن أكونّ ، أينّ أعيشّ و أينّ أذّهب و عـّائلتي لكنّ
.. لكّن
شدّت قّبضتها بـقوة واهّنة و صـّرخت بـّوجهه بينما دّموعها قدّ شكلّت خـطّا، خـطاّ منّ عينيها إلى أقّصى وجنّتيها
ـ كونكّ تـّعرف هـذّه الأشيـاء لا يعـّني أنكّ تـّعلم ما بّقلبي
ثمّ نـّظرت إليه بحـّزن و ركّضت إلى الأعـّلى، لتغّلق باب غـّرفتها بـأخرّ ذّرة طـّاقة تمتلكهـّا ثمّ بـدأت فيّ البكـّاء المـّرير، لقدّ ظنتّ و عندّما تخّلت
عنها عـّائلتها ، أنّ الشخّص الوحيدّ الذّي سيّفهمّها و يهونّ عنها هو نـّايت ، ظّنت أنه بالرّغم من برودّه و ردودّه السـّاخرة فخّلف هذا الجـّدار
إنسـّان مّثلها يبحّث عن الأمـّان و الحّب ، عن العـّائلة لكنّ ربمـّا فعلا غطّاء الكّتاب مثّل محتواه
بينمـّا رفّع نايت حاجبه دّلالة على استنكار تصّرفها ثمّ أخرجّ يده من جّيب معطّفه التيّ رفّضت ساّبقـّا أن تبـّادلّ ماري الحنانّ و وضـّع بطـّاقة جميـّلة
مـّزخرفة على الطـّاولة فـّرمقته فلور بحقدّ ليّقول ويّليام بـترددّ
ـ نقدّم لكّ تعـازيّنا الحـّارة لفّقدان والدّكمّ و لنحنّ شديدو الأسّف لأنناّ لمّ نسمّع بهـذّا سّـابقّا
نـّظرت إليه فلور من أخمصّ قدّميه إلى أعلى رأسه بّسخرية ثمّ كحّت قّليـّلا و هي تشّير على البـّاب ،
ـ منّزلنا يّـعذّر وجودّكما ، غـّادرا
استـدّار وّيليـّام ليّتجه بخطوات بطيئة نـّاحية المخـّرج و هو يّرددّ في نفسه كمّ يكّره أختهـّا الحقودّة هـذّه ، يّكرههاّ و لا يحّب التعـّامل معهـّا و
لولا الواجّب لما كـّان تحدّث معها أبدّا و لكنّ من الآن فصـّاعدا يبدوا أنهّ سيكونّ لدّيهما الكثّير من اللقـّاءات الغـّير سـّارة ، بينمـّا قـّال نايتّ ببرودّ
ـ و نحنّ لا يّشرفنا التواجدّ في منـّزلكّ
قطّبت فـّلور بعّصبية ثمّ أمسكـّت بالكـّرسي الذّي أمامهـّا و قدّ ارتفّع عن الأرّض قـّليلا لتـّقول بحـدّة و غّضب
ـ إننّي أحضّر اجتماعاتّ تّخص السيطرة على الغّضب لذّا إغّضابي قدّ لا يكونّ أفّضل شيء تّفعله ،
عـّاد ويّليـّام أدّراجه و أمسكّ نايت من ذّراعه لّيقوده خـّارجّا قّبل أن يّقول شيئا يزّيد من الطّين بله ، بينمـّا رمقّت فـّلور نايتّ
بكره و حقدّ .. لنّ تسمحّ لأحدّ أنّ يقفّ بينها و بينّ أختها بّعد الآن ، حتّى لو عنى الأمّـر القّيام بشتى أنـّواع الأسـّاليب و جميـّع الطّرق ملتوية
كّانت أو مبـّاشرة ، خبيثة أو بريئة
لاّ لن تسمـحّ له بـأخذّ ماري من بينّ يدّيها بـّعد فـراقّ دامّ أعوامـّا ، لنّ تسمحّ لشخصّ مثّله أنّ يـرتبطّ بّفتاة مثّل ماري

/

فّي قّصر آل لّبير المشـّهور
بغـّرفة الاستقّبـّال المـّوجودّة في جناحهما الخاّص كـّانت تّروح و تجيّء فّي مسيـّرة طّويلة من التـّفكيـّر و هي تقّضـمّ أظـّفرهـّا بغّيض غّير
آبـّهة بجّلسة التقّليم التـّي أقـّامت بها صـّباحا ، ما الذّي يجّب عليهـّا الآن فـّعله ؟ كّل شيء يبـدوا بـّعيدا عن متـّناول يدّها كمـّا لو كـّأن منّصبهـّا
الآن غـّير كـاّفيّ لتّلبية مـّطالبهـّا الصـّغيرة
زفّرت بـّقّلق و اتجـّهت إلى غـّرفة النـّوم ، عـّّبرتها و صـّوت كّعبهـّا يكّسر صّمت المكان فيّ كّل خـطّوة تخطّوهـّا ، تـّوقفت أمـّام مـّرآة كبيـّرة و
نـّظرت إلى نفسهـّا بواسطّة عينيهـّا العّشبيتينّ ، شّعرها الأسودّ المسترسل على ظّهرها بكّل أنوثة و فّسـّتان السـّهرة الأحمرّ المتنـّاسق معّ جسدّها ،
شّفتيها المثّيرتينّ بطـّعم الكـّرز و رموشّّها الطـّويلة السّاحرة ، بّشرتهاالسمـّراء الخـّالية من آي شـّائبة ، همستّ بخفوت
ـ أّليس هـذّا كـّافّيا ؟
دّخل كـآيل فّجـأة و رمـّى سّترته الجـّلدية على الأرضّ بلا مبـّالاة ثمّ استلقى على سّريرّ مغـّلقـّا عينيه بتعب ، قـّال مستاء
ـ ذلك الـعجوز الماكر ما إن يـّعلم بـأن قدمي قدّ وطـأتّ أرضّ شّركته حتى يّسرع فيّ طلّبي كما لو كـأنّ جميع الموظّفين غيّر مرئيين
لمّ تهتم فـعلا بتـذّمره فهذا هو كايّل إنّ سار خطّوتين بغير إرادّته قـّال تـّعبت لذلكّ نـظرّت إليه بـطرف رمّوشها ثمّ همست له بـكلّ هدوء
ـ هل نـآيت في الشّركة ؟
لمّ يجّبها كـّايلّ بّل وضـّع الوسادة على رأسهّ و جذّب الغطـّاء ليخلدّ إلى النـّوم غّير مبـالي بّغيرتها الشديدّة من نايت ، دومـّا ما تـسـأله عنه
و تحّثه على الذّهاب إلى العمـّل خوفّا من فقدّانه لنصّيب الأكبّر فيّ الأسهمّ لكّنه فعلا لا يهتمّ ، لدّيه كل مـّا يحـّتاجه من مـآل لكنّ لدّيه أيضّا هذه
الـّرغبة الجّامحة فيّ التّفوق على نـّايت لّيس لأجّل المـّال أو الأسّهم لكّن فقطّ لأنه يحتّاج إلى ذّلك

/

فيّ منـّزل متوسطّ الحجمّ ـ حّيثّ تّعيش عـّائلة غـّلوري بمجـدّها
يتـرأسّ طّاولة الأكـّل السيدّ رويّ بجـّانبه زوجـّته المـّحبوبة ليكّسي و أيّضـا ابنتهـّما الفـّاتنة كلّـير حّيث يّعمّ الصمـّت أيّضـا هذا المنـّزل و لّيس لّعدم
وجـّود أفّراده و إنمّا لتـّوتر الجـّو العـّارمّ منذّ رحّيل آرثـّر ـ بسمة ليكّسي و سندّ كليّر
تحدّثت ليكّسي بّقلق و هي خـّائفة من طّرح هـذّا المـّوضوع مجددّا على زوجـّها ،
ـ عـّزيزي مـّا رأيكّ أن نعـّيد آرثر ؟ أظّنه قدّ تّعلم دّرسه الآن لقدّ مرت فـّعلا فترة طـّويلة و أنا لا أحتـّمل بّعده عنّي
تّوقف روي عن الأكـّل و وضع الملعقة جـّانبـّا ثمّ قـال بغّضب مكبوت
ـ لقدّ توفيّ صديّقي منذّ ثّلاثة أيّام و أنت تتحدّثين عن إعـّادة ابنك ؟ لقدّ أوضحّ أن لا رغّبة له بالاعتذّار من جوناثان و أنا أوضحّـت لكّ أنني من
المستحّيل أن أدّخله إلى بيتي
تحدّثت كّليـّر بغضب هي الأخرى أيّضا
ـ ألمّ يمتّ جوناثان ؟ حسنا إذن لقدّ حلتّ المشكلة فمادام لا يوجدّ شخصّ ليعتذرّ إليه لا داعيّ فعـّلا لطّرده ، أليسّ كذلك أمي ؟
صـّاح رويّ بّصوته العـّاليّ و قّبضته تـّضرب الطـّاولة فتنـّاثرت قطّرات من الحسـّاء في الأرجـّاء
ـ أتّقولينّ أنه إن توفّي الشخصّ فلا داعيّ للاهتمام ؟ أينّ ذهبت أخلاقك ؟ إنيّ فـّعلا محتّار إن كـّنتم أبنائيّ حقـّا ؟ من أينّ
أتتكمّ هـذه القسوة ؟
صّرخت سيدة ليكّسي بحـّزن
ـ أترّيد أن تفعل مثله ؟ أتريدّ أن تّطرد آرثر مّثلما فعل هو معّ ماري ؟ أتريدّ أن تّبقى على خّلاف معه حتى ممـّاتك ؟
صمّت العمّ رويّ بـهدوء و لمّ يجدّ أي كّلامه يّقوله بعدّ جمّلة ليكّسي ، أجّل إنه مدّركّ لخطـئه لمّ يكن يجدّر به طّرده لكّن هل يعيدّه و هو
لمّ يتّعلم شيئا ؟ لمّ يّتعلم أنّ يّكون رجّلا نبيّلا يّقدر النسـّاء كمـّا يقدّر والدته ؟ أنّ يكّف عن الشّرب المستهتر والحّفلات الماجنة ؟ ما فائدة ان كان بجانبه
ما دامت هذه الّصفات تّعزوا حيّاته ؟
هو يحبّ ابنه و يّريده معهّ ، لكّن لّيس قّبل أن يّتعلم دّرسه أولا

/





 

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

شرح حديث

علف


الساعة الآن 08:49 PM